السبت، 27 يناير 2024

ج7.سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة للالباني من {4130 الي4883.}

 

ج7. سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة

المؤلف: أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني (المتوفى: 1420هـ)

 

وهذا موضوع؛ آفته البلخي هذا؛ قال الخطيب في "التاريخ" (8/ 44) :

"لم يكن ثقة؛ فإنه نسخة عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس؛ أكثرها موضوع".

ثم ساق له حديثاً آخر، من طريق أخرى عن ابن مسعود مرفوعاً. وقال:

"تفرد بروايته الحسين، وهو موضوع، ورجاله كلهم ثقات؛ سوى الحسين بن داود".

وأبو عبد الرحمن السلمي؛ صوفي متهم بوضع الأحاديث للصوفية.

4130 - (من قذف ذمياً حد له يوم القيامة بسياط من نار) .

موضوع

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (22/ 57/ 135) ، وابن عدي في "الكامل" (6/ 2177) عن مصعب بن سعيد: حدثنا محمد بن محصن، عن الأوزاعي، عن مكحول، عن واثلة مرفوعاً به. فقلت لمكحول: ما أشد ما يقال؟ قال: يقال له: يا ابن الكافر!

قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن محصن؛ وهو كذاب وضاع، وفي ترجمته ذكره ابن عدي مع أحاديث أخرى، قال في آخرها:

"وله أحاديث غير ما ذكرت؛ كلها مناكير موضوعة".

ومن طريق ابن عدي؛ أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/ 130) وقال:

"قال ابن حبان: محمد بن محصن يضع الحديث على الثقات، لا يحل ذكره إلا على وجه القدح فيه".

وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (6/ 280) ؛ إلا أنه قال:

"وهو متروك".

وفاته هو وغيره؛ إعلاله بالراوي عنه مصعب بن سعيد، ووقع في "المعجم" وغيره: "ابن سعد" وهو خطأ مطبعي فيما يظهر. والله أعلم، وهو أبو خيثمة المصيصي؛ قال ابن عدي (6/ 2362) :

"يحدث عن الثقات بالمناكير ويصحف عليهم".

ثم ساق له جملة من الأحاديث؛ وقال الذهبي عقبها:

"قلت: ومع ذلك كله سود السيوطي بهذا الحديث "جامعه الصغير"، مع أنه أقر ابن الجوزي على وضعه بسكوته عليه وعدم تعقبه إياه بشيء في "اللآلي" (2/ 200) ، خلافاً لعادته.

وأما ما في "فيض القدير": أن السيوطي تعقب ابن الجوزي في "مختصر الموضوعات" ساكتاً عليه؛ فأظن أن في العبارة تحريفاً؛ لأن التعقب والسكوت لا يجتمعان، فلعل الأصل: "وأقره المؤلف ... ".

وأما قوله في "التيسير" عقب الحديث:

"حم ق د ت، عن أبي هريرة".

فهو خطأ مطبعي يقيناً.

4131 - (ليس أحد منكم بأكسب من أحد، وكتب الله المصيبة والأجل، وقسم المعيشة والعمل، والناس يجرون فيه على منتهى، والرزق مقسوم وهو آت ابن آدم على أي سيرة سارها، ليس تقوى تقي بزائده ولا فجور فاجر بناقصه، بينه وبين الله ستر وهو طالبه) .

ضعيف جداً

رواه الحافظ ابن المظفر في "الفوائد المنتقاة" (2/ 218/ 1) ،

وأبو محمد الجوهري في "أربعة مجالس" (115/ 2) عن القاسم بن هاشم السمسار قال: حدثنا الخطاب بن عثمان قال: حدثنا يوسف بن السفر، عن الأوزاعي، عن عبد ة بن أبي لبابة، عن شقيق، عن ابن مسعود مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير يوسف هذا؛ وهو كذاب كما تقدم مراراً.

والسمسار هذا؛ صدوق؛ له ترجمة في "تاريخ بغداد" (12/ 429-430) .

وله متابع عند أبي نعيم في "الحلية" (6/ 116) وقال:

"غريب من حديث الأوزاعي وعبد ة، لم نكتبه إلا من حديث الخطاب".

وله متابع آخر؛ فقال ابن أبي الدنيا في "القناعة" (117/ 1) : حدثني محمد بن المغيرة الشهرزوري قال: حدثنا الخطاب بن عثمان به.

والشهرزوري هذا؛ قال ابن عدي في "الكامل" (ورقة 375/ 1) :

"يسرق الحديث، وهو عندي ممن يضع الحديث".

قلت: ولعله سرقه من السمسار أو متابعه الأول، وعلى كل حال فإنما آفة الحديث يوسف بن السفر كما تقدم.

(تنبيه) : ليس عند ابن أبي الدنيا وأبي نعيم: "والرزق مقسوم ... " إلخ وكذلك أورده السيوطي في "الجامع" من طريق أبي نعيم وحده! فأساء، ولم يتعقبه المناوي بشيء فقصر!

وروى أبو نعيم أيضاً (7/ 208) عن علي بن حميد: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله مرفوعاً:

"ليس أحد بأكسب من أحد، ولا عام بأمطر من عام، ولكن الله يصرفه حيث  يشاء، ويعطي المال من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب".

وقال:

"تفرد به علي بن حميد".

قلت: قال الذهبي:

"قال أبو زرعة: لا أعرفه، وذكره العقيلي، وروى له حديثاً منكراً".

ثم ساق له هذا الحديث، وقال:

"غريب جداً".

وللحديث طريق أخرى عن ابن مسعود عند الإسماعيلي في "المعجم" (84/ 1) ، وفيه سعيد بن محمد الوراق؛ وهو ضعيف، وليس فيه أيضاً: "والرزق مقسوم ... ".

4132 - (أين ذهبتم؟ ! إنما هي: (يا أيها الذين آمنوا [عليكم أنفسكم] لا يضركم من ضل) من الكفار (إذا اهتديتم)) .

منكر

أخرجه أحمد (4/ 201-202) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (22/ 317/ 799) من طريقين، عن مالك بن مغول: حدثنا علي بن مدرك، عن أبي عامر الأشعري:

كان رجل قتل منهم بأوطاس، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -:

"ياأبا عامر! ألا غيرت؟! ".

فتلا هذه الآية: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) ، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: فذكره.

والسياق لأحمد، وسقط منه ما بين المعكوفتين، واستدركته من "المجمع" (7/ 19) ، وقد سقط منه عزوه لأحمد مع أنه ساقه بلفظه، ثم قال عقبه:

"رواه الطبراني، ولفظه عن أبي عامر: أنه كان فيهم شيء، فاحتبس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما حسبك؟ " قال: قرأت هذه الآية ... " الحديث نحوه. فمن الظاهر أنه سقط من الطابع عزوه لأحمد، فصواب التخريج:

"رواه أحمد وهذا لفظه، ورواه الطبراني ... " إلخ. ثم قال الهيثمي:

"ورجالهما ثقات، إلا أني لم أجد لعلي بن مدرك سماعاً من أحد من الصحابة".

فتعقبه صاحبنا حمدي السلفي بقوله:

"قلت: بل ذكره ابن حبان في "ثقات التابعين" [5/ 165] وقال:

سمع أبا مسعود صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وأبو مسعود مات في خلافة علي، وأبو عامر مات في خلافة عبد الملك؛ فإذا كان سمع من أبي مسعود، فمن الممكن جداً أن يسمع من أبي عامر".

وأقول: هذا الاستنتاج إنما يصح لو كان الذي أقامه عليه صحيحاً؛ وهما أمران:

الأول: سماع علي بن مدرك من أبي مسعود، وهو البدري.

والآخر: وفاة أبي عامر في خلافة عبد الملك.

وكلا الأمرين غير صحيح.

أما الأول: فلأن ابن حبان نفسه قد ذكر في ترجمة علي بن مدرك أنه مات سنة (120) ، وعلي رضي الله عنه مات سنة (40) فيكون بين وفاة أبي مسعود وعلي بن مدرك ثمانون سنة أو أكثر، فمثله لا يمكن أن يسمع منه عادة؛ إلا لو كان

عمره سنة وفاة علي فوق العاشرة على الأقل فيكون معمراً، وهذا ما لم ينقل، فالسماع المذكور غير ثابت.

وأما الآخر: فلأن وفاة أبي عامر في خلافة عبد الملك ليس عليها دليل ينفع في مثل ما نحن فيه، بل أشار أبو أحمد الحاكم إلى عدم صحة ذلك بقوله:

"يقال: مات في خلافة عبد الملك".

فثبت أن الإسناد منقطع، وأنه لذلك لم يذكر في "التهذيب" أنه سمع من أحد من الصحابة مع حكايته قول ابن حبان المتقدم. والله أعلم.

ثم إن متن الحديث يخالف الأحاديث المتعلقة بتفسير الآية - كحديث أبي بكر الصديق المعروف في "السنن"، والمخرج في "الصحيحة" (1564) -؛ فإنها تدل على أن الآية عامة، فراجعها.

4133 - (لا تسبوا ماعزاً. يعني: بعد أن رجم) .

ضعيف

أخرجه البزار (3/ 276/ 2743) من طريق الوليد بن أبي ثور، عن سماك بن حرب، عن عبد الله بن جبير قال: حدثني أبو الفيل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. وقال:

"لا نعلم روى أبو الفيل إلا هذا، ولا له إلا هذا الإسناد، ولا رواه عن سماك إلا الوليد، وعبد الله بن جبير رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وروى عنه غير حديث، ولم يحدث عنه إلا سماك".

قلت: وهذا يعني في اصطلاحهم أنه مجهول، وهذا ما صرح به ابن أبي حاتم عن أبيه، وتبعه الذهبي في "الميزان"، والعسقلاني في "التقريب"، فَذِكْرُهُ في الصحابة وهم ظاهر، وقد ذكره الحافظ في (القسم الثالث) من "الإصابة" وقال "

"ذكره أبو علي بن السكن ثم قال: ليست له صحبة".

وأورده ابن حبان - على قاعدته المعروفة في المجهولين - في ثقات التابعين (5/ 21) وقال:

"يروي عن أبي الفيل، ولا أدري من أبو الفيل؟ غير أن عبد الله رأى رجلاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، روى عنه أهل الكوفة".

قلت: سماك بن حرب كوفي، فإن كان ابن حبان يعني غيره أيضاً فليس بمجهول، وهذا مما أستبعده.

ثم إن ما في "كشف الأستار" يخالف ما في "الثقات"، فلعله سقط من "الكشف" أو من أصله: "مسند البزار": "رجلاً من أصحاب".

والوليد بن أبي ثور؛ ضعيف؛ كما في "التقريب"، وهو الوليد بن عبد الله بن أبي ثور.

وبالجملة؛ فعلة الحديث الجهالة والضعف.

ثم رأيت الحديث في "كنى الدولابي" (1/ 48) من طريق الوليد أيضاً.

4134 - (من رابط ليلة حارساً من وراء المسلمين؛ كان له أجر من خلفه ممن صام وصلى) .

موضوع

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (ص 226 - مجمع البحرين) ، وابن حبان في "الضعفاء" (1/ 223) ، وأبو الفرج المقرىء في "الأربعين في فضل الجهاد" (رقم6) ، وابن الجوزي في "العلل" (2/ 91-92) من طريق الحارث بن عمير، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أجر الرباط؟ ... فذكره.

قلت: أورده ابن حبان في ترجمة الحارث هذا؛ وقال:

"كان ممن يروي عن الأثبات الأشياء الموضوعات".

ونقل ابن الجوزي عن ابن خزيمة أنه قال فيه:

"كذاب". وقال الحاكم:

"روى عن حميد الطويل وجعفر بن محمد أحاديث موضوعة".

قلت: ومع ذلك، فقد وثقه جمع من المتقدمين؛ كابن معين وغيره، وما تقدم جرح مفسر، فكأنهم لم يقفوا عليه، ومن أجل ذلك قالوا في "علم المصطلح": إن الجرح المفسر مقدم على التعديل، ولهذا قال الذهبي بعد أن نقل توثيق ابن معين إياه:

"وما أراه إلا بين الضعف؛ فإن ابن حبان قال في "الضعفاء": ... " فذكر ما تقدم عنه، وقال الحافظ في "التقريب":

"وثقه الجمهور، وفي أحاديثه مناكير، ضعفه بسببها الأزدي وابن حبان وغيرهما، فلعله تغير حفظه في الآخر".

وساق له ابن حبان حديثين آخرين، أحدهما الآتي بعده.

ومما سبق يظهر تساهل المنذري حين قال في "الترغيب" (2/ 151) :

"رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد جيد"!

ونحوه قول الهيثمي في "المجمع" (5/ 289) :

" ... ورجاله ثقات"!

4135 - (إذا اجتمع القوم في سفر؛ فليجمعوا نفقاتهم عند أحدهم؛ فإنه أطيب لنفوسهم، وأحسن لأخلاقهم) .

ضعيف

رواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (ص 266 - طبع القسطنطينية، وهي بدون أسانيد) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً.

وهكذا أورده السيوطي في "الجامع الكبير" وفي "الزوائد على الجامع الصغير"، فالله أعلم بحال إسناده إلى عمرو، ولكن قد نص السيوطي في مقدمة "الجامع الكبير": أن كل ما عزي للعقيلي في "الضعفاء"، وابن عدي في "الكامل"، والخطيب في "تاريخه"، ولابن عساكر أيضاً، أو الحاكم في "التاريخ"، والحكيم الترمذي في "النوادر"، والديلمي في "مسند الفردوس"؛ فهو ضعيف. فيستغنى بالعزو إليها أو إلى بعضها عن بيان ضعفه.

وقد رواه بعض الهلكى بإسناد آخر، فقال سعدان بن يزيد البزار: أخبرنا عبد الله ابن ضرار بن عمرو، عن أبيه، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك مرفوعاً بلفظ:

"إن من أحمد الأشياء إذا كان القوم سفراً ... " الحديث.

أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (2/ 798/ 886 و 923) .

وهذا إسناد واه جداً؛ آفته ضرار هذا؛ فإنه متروك الحديث؛ كما قال الذهبي في "المغني".

وابنه عبد الله؛ ضعيف، وكذلك شيخه يزيد الرقاشي.

4136 - (من يمن المرأة أن يكون بكرها جارية) .

موضوع

أخرجه ابن عدي في "الكامل" (6/ 302) من طريق شيخه محمد بن محمد بن الأشعث: حدثني موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ابن محمد: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده جعفر، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي مرفوعاً.

قلت: موضوع، المتهم به هذا الشيخ؛ فقد ساق له ابن عدي نحو خمسة وعشرين حديثاً من أصل قرابة ألف حديث بهذا الإسناد العلوي، وقال:

"وعامتها من المناكير، وكان متهماً". وقال الدارقطني:

"آية من آيات الله! وضع ذاك الكتاب. يعني العلويات".

وقد مضى له حديث آخر موضوع في المجلد الرابع رقم (1932) . وقال الذهبي في "الميزان":

"وساق له ابن عدي جملة موضوعات".

4137 - (أسقطت عائشة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سقطاً، فسماه عبد الله، فكناها أم عبد الله) .

باطل

أخرجه الخطيب في "الموضح" (1/ 321) من طريق داود بن المحبر: حدثنا محمد بن عروة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت:

أسقطت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث، وقال: فكناني ... قال محمد: فليس فينا امرأة اسمها عائشة إلا كنيت بأم عبد الله.

قلت: وهذا باطل، موضوع إسناداً ومتناً.

أما الإسناد؛ فلأن داود بن المحبر متهم؛ قال الذهبي في "المغني": "واه، قال ابن حبان: كان يضع الحديث، وأجمعوا على تركه".

وقد نسبه الدارقطني إلى سرقة الحديث.

وأما المتن؛ فلأنه مخالف لما صح عن عائشة من طريق أخرى، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت:

يا رسول الله! كل صواحبي لها كنية غيري، قال: "فاكتني بابنك عبد الله ابن الزبير" فكانت تدعى بأم عبد الله حتى ماتت [ولم تلد قط] .

رواه أحمد وغيره، وهو مخرج في "الصحيحة" (132) ، ولذا قال ابن القيم في "تحفة المودود":

"حديث لا يصح؛ لمخالفته لهذا الحديث الصحيح".

ونحوه قول الحافظ في "الإصابة":

"لم يثبت".

4138 - (إذا ركعت؛ فإن شئت قلت هكذا: وضعت يديك على ركبتيك، وإن شئت قلت هكذا، يعني: طبقت) .

منكر موقوف

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 245) قال: حدثنا وكيع قال: أخبرنا فطر (الأصل: قطن) ، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة (الأصل: حمزة) ، عن علي قال: فذكره موقوفاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله موثقون، وفي عاصم بن ضمرة وفطر - وهو ابن خليفة - كلام لا ينزل به حديثهما عن مرتبة الحسن؛ لكن أبو إسحاق - وهو السبيعي واسمه عمرو بن عبد الله - مدلس وقد عنعنه كما ترى، مع أنه كان اختلط بأخرة كما هو معروف عند العلماء، وصرح بذلك الحافظ في "التقريب". فالعجب منه كيف قال في "الفتح" (2/ 274) بعد أن عزاه لابن أبي شيبة في "المصنف":

"وإسناده حسن"!

وقلده ذاك السقاف الإمعة في كتاب أخرجه حديثاً، أسماه - معارضة لكتابي "صفة الصلاة" -: "صحيح صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - من التكبير إلى التسليم كأنك تنظر إليها"!! وهو في الحقيقة حري باسم: "صفة صلاة الشافعية ... "؛ لأن تقيلده فيه لهم جلي جداً عند العارفين بمذهبهم، ومن ذلك ما دل عليه هذا الحديث الواهي من عدم وجوب وضع الكفين على الركب، فإنه مذهب الشافعية كما في "المجموع" (3/ 410) مع أنه ثابت في بعض طرق حديث المسيء صلاته كما في "صفة الصلاة"، وهو مخرج في "الإرواء" (1/ 321-322) ، و "صحيح أبي داود" (747) ، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والذهبي، وابن الجارود (194) . وقد ذكر النووي نفسه في الموضع المشار إليه أن الحديث جاء لبيان أقل الواجبات، ومع ذلك لم يأخذوا بهذا الأمر منه، وتعصب لهم هذا المقلد الدعي وتجاهل هذا الأمر، فلم يذكره فيما ذكر من ألفاظ الحديث في أول كتابه (1) ، وتمسك بهذا الحديث الواهي ضرباً به لهذا الحديث الصحيح في الصدر، مقلداً لمن حسنه غافلاً عن علته الظاهرة سنداً؛ أو متغافلاً لو كان عالماً بها، وعن علته القائمة في متنه لو كان فقيهاً، ألا وهي إباحته للتطبيق مع تصريحه عقبه بسطر أنه منسوخ، فهو في الحقيقة يلعب على الحبلين - كما يقال -؛ فإنه ساق هذا الأثر ليضرب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالوضع على الركب، ثم ضرب

__________

(1) ثم رأيته قد ذكره (ص 154) مستدلا به على مد الظهر والعنق في الركوع، وصححه، فثبت أن تجاهل دلالته على وجوب الوضع المشار إليه تعصبا لمذهبه على أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -! وكفى بذلك ضلالا!!

عجزه لمخالفته لأمر النبي بالوضع على الركب في حديث سعد الصحيح، وتأوله (ص 148) بأنه ليس للوجوب، واستدل على ذلك بأمور يطول الكلام عليها منها هذا الأثر، ولما كان يعلم - إن شاء الله - أن حديث المسيء صلاته يبطل هذا التأويل تجاهله! ولو كان صادقاً في تأليفه "صحيحه" لأخذ به واستراح من هذا الأثر الواهي.

وقد روى عبد الرزاق في "مصنفه" (2/ 152-153) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق نفسه، عن علقمة والأسود: أنهما صليا وراء عمر ووضع يديه على ركبتيه قالا: وطبقنا، قال عمر: ما هذا؟ فأخبرناه بفعل عبد الله - يعني ابن مسعود - قال:

"ذاك شيء كان يفعل ثم ترك".

فهذا من صحيح حديث أبي إسحاق أولى من أثره الواهي عن علي.

وقد روى ابن أبي شيبة (1/ 245) بسند ضعيف عن علي قال:

"إذا ركعت فضع كفيك على ركبتيك ... ".

ومن ذلك أيضاً لما ذكر حديث مسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه في قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الظهر، وذكر منه ما كان يقرأ في الركعتين الأوليين، لم يذكر تمامه، ونصه:

"وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية".

أي في كل ركعة كما قال الشوكاني وغيره، وترجم له البيهقي في "سننه" بقوله (2/ 63) : "باب من استحب قراءة السورة بعد الفاتحة في الأخريين".

وإنما أسقط السقاف هذه الجملة من الحديث تقليداً منه لما عليه الشافعية؛ على الأصح من القولين عندهم كما في "المجموع" (3/ 386-387) ؛ مع أن الإمام الشافعي نص في "الأم" على الاستحباب (3/ 387) ، وذكر له البيهقي بعض الآثار عن أبي بكر رضي الله عنه وغيره، مما يدل على أن هذه القراءة سنة معروفة عند السلف رضي الله عنهم، ومع ذلك أسقط السقاف هذا الحديث من "صحيحه" المزعوم!

وكذلك فعل بحديث أبي هريرة في سجود النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة سجدة التلاوة إذا قرأ سورة (إذا السماء انشقت) ، مع أنه ثابت في "الصحيحين" كما قال النووي في "المجموع" (4/ 62-63) ، ومع ذلك مر عليه النووي في "شرح مسلم"، فلم يتكلم حوله بما فيه من شرعية سجود التلاوة في الصلاة في هذه السورة! بخلاف الحافظ رحمه الله كما يأتي، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (19/ 122) :

"هذا حديث صحيح، لا يختلف في صحة إسناده، وفيه السجود في (إذا السماء انشقت) في الفريضة، وهو مختلف فيه، وهذا الحديث حجة لمن قال به، وحجة على من خالفه".

ونقل الحافظ (2/ 556) عنه أنه قال:

"وأي عمل يدعى مع مخالفة النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين بعده؟ ".

يشير بذلك إلى الرد على مالك رحمه الله؟ وعلى من وافقه من الشافعية، ومنهم ذاك "الرويبضة" المحروم من اتباع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - على خلاف عنوان كتابه؛ الذي لم يورد فيه حديث أبي هريرة هذا فيما يسن أن يقرأ في صلاة العشاء (ص 137) ، بل إنه أبطله بجهالة بالغة، فقال في الصفحة التي بعدها:

"اعلم أنه لا يجوز للمصلي أن يقصد قراءة آيات فيها آية سجدة ليسجد في  الصلاة سجود التلاوة،لأنه بذلك يكون قد تعمد زيادة ركن في الصلاة؛ وهو السجود، وهذا يبطلها"!

ثم استثنى من ذلك قراءة سورة السجدة صباح الجمعة، ثم عقب على ذلك بأنه لا يجوز أن يقرأ سورة أخرى فيها آية سجود كسورة (اقرأ باسم ربك) ، ومن فعل ذلك بطلت صلاته!

4139 - (لقد رأيتني مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وحضرت الصلاة: صلاة العصر، وقد أتينا موضعاً يقال له: نخلة - أحسبه قال -: نريد أن نصلي، فقال لنا أبو طالب - ونظر إلينا -: يا ابن أخي! ماتصنعون؟ فقلنا: نصلي، فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام، فقال: إن الذي تدعو إليه لحسن، ولكن والله يا ابن أخي! لا تعلوني استي أبداً. فضحكت من قوله) .

ضعيف جداً

أخرجه الطيالسي (188) ، وأحمد (1/ 99) ، والبزار في مسنده "البحر الزخار" (2/ 319/ 751) والسياق له من طريق يحيى بن سلمة ابن كهيل عن أبيه قال: سمعت حبة العرني يقول:

رأيت علي بن أبي طالب يخطب، فضحك ضحكاً، فعجبنا من ضحكه، فلما نزل قلنا: يا أمير المؤمنين! لقد ضحكت ضحكاً على المنبر، فمم ضحكت؟ قال:

ذكرت أبا طالب، لقد رأيتني ... الحديث. وقال البزار:

"لا نعلمه يروى إلا عن علي، ولا رواه عن حبة إلا سلمة بن كهيل، وقد روى شعبة عن سلمة بن كهيل عن حبة عن علي قال:  أول صلاة صلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر. فرواه شعبة مختصراً".

قلت: يحيى هذا؛ قال الحافظ:

"متروك، وكان شيعياً".

وتناقض فيه ابن حبان؛ كما بينته في "تيسير الانتفاع"، ولا تغتر بقول الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 102) بعد أن ساقه بنحو ما تقدم بزيادة لأحمد:

"تعجباً لقول أبيه، ثم قال: اللهم! لا أعترف [أن] عبداً [لك] من هذه الأمة عبدك قبلي غير نبيك. (ثلاث مرات) ، لقد صليت قبل أن يصلي الناس سبعاً".

قال الهيثمي:

"رواه أحمد، وأبو يعلى باختصار، والبزار، والطبراني في "الأوسط"، وإسناده حسن".

قلت: لا يغرنك هذا التحسين؛ فإنه يعني رواية الطبراني، وهو من تسامحه أو تساهله في التعبير؛ فإن الحديث في "أوسط الطبراني" (2/ 444/ 1767 - ط) عن عمرو بن هاشم الجنبي، عن الأجلح، عن سلمة بن كهيل، عن حبة، عن علي قال:

اللهم! إنك تعلم أنه لم يعبد ك أحد من هذه الأمة بعد نبيها - صلى الله عليه وسلم - قبلي، ولقد عبد تك قبل أن يعبدك أحد من هذه الأمة بست سنين". وقال:

"لم يروه عن الأجلح إلا عمرو".

قلت: وهو ضعيف؛ قال الحافظ:

"لين الحديث، أفرط فيه ابن حبان". قلت: لكنه لم يتفرد به؛ فقال أبو يعلى في "المسند" (1/ 348/ 447) : حدثنا أبو هاشم الرفاعي: حدثنا محمد بن فضيل: حدثنا الأجلح به؛ إلا أنه قال:

"خمس سنين، أو سبع سنين".

وتابعه شعيب بن صفوان، عن الأجلح بلفظ:

"سبع سنين" بدون شك.

أخرجه الحاكم (3/ 112) ساكتاً عنه.

وشعيب بن صفوان؛ قال الحافظ:

"مقبول" ورمز له أنه من رجال مسلم، فالحديث محفوظ عن الأجلح، وهو صدوق شيعي عند الحافظ، وقال الذهبي في "المغني":

"شيعي لا بأس بحديثه، ولينه بعضهم، وقال الجوزجاني: الأجلح تغير".

قلت: فهو علة هذا المتن، أو حبة بن جوين؛ فإنه كان غالياً في التشيع مع كونه صدوقاً له أغلاط كما قال الحافظ. وقال الذهبي في "المغني" أيضاً:

"من الغلاة، حدث أن علياً كان معه بـ (صفين) ثلاثون (في "الميزان": ثمانون) بدرياً، قال السعدي: غير ثقة".

وقد أبطل الذهبي الحديث من حيث متنه متعقباً سكوت الحاكم عليه، فقال:

"قلت: وهذا باطل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أول ما أوحي إليه - آمن به حديجة، وأبو بكر، وبلال، وزيد؛ مع علي؛ قبله بساعات، أو بعده بساعات، وعبد وا الله مع نبيه، فأين السبع سنين؟! ولعل السمع أخطأ، فيكون أمير المؤمنين قال "عبد ت الله ولي سبع سنين" ولم يضبط الراوي ما سمع. ثم حبة شيعي جبل! قد قال ما يعلم بطلانه؛ من أن علياً شهد معه صفين ثمانون بدرياً! وذكره أبو إسحاق الجوزجاني فقال: هو غير ثقة. وقال الدارقطني وغيره: ضعيف. وشعيب والأجلح متكلم فيهما".

قلت: شعيب بريء منه؛ لأنه متابع من اثنين كما تقدم، ويغلب على الظن أن التهمة أو الخطأ ينصب على الأجلح؛ لأنه قد خالفه شعبة، فرواه عن سلمة به مختصراً جداً بلفظ:

أنا أول رجل صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

أخرجه أحمد (1/ 141) : حدثنا يزيد: أنبأنا شعبة به.

وقال الهيثمي (9/ 103) :

"رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير حبة العرني، وقد وثق". ومن طريق يزيد - وهو ابن هارون - رواه ابن سعد (3/ 21) .

قلت: فقول الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" (2/ 282) :

"إسناده صحيح".

ليس كما ينبغي، لا سيما وقد خولف يزيد - وهو ابن هارون -، فقال البزار (752) : حدثنا محمد بن المثنى قال: أخبرنا وهب بن جرير قال: أخبرنا شعبة بلفظ:

أول صلاة صلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر.

لكن خالفه موافقاً ليزيد جمع من الثقات، فقال ابن سعد: أخبرنا يزيد بن هارون وسليمان أبو داود الطيالسي، قالا: أخبرنا شعبة به. وقال ابن أبي شيبة (12/ 65/ 12134) : حدثنا شبابة قال: حدثنا شعبة به. فاللفظ الأول هو المحفوظ عن شعبة. وله فيه إسناد آخر أصح، فقال الطيالسي (93/ 678) :

حدثنا شعبة قال: أخبرني عمرو بن مرة قال: سمعت أبا حمزة، عن زيد بن أرقم قال:

"أول من صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي".

وأخرجه الترمذي (3735) ، والحاكم (3/ 136) ، وأحمد (4/ 368،370) ، وابن سعد أيضاً، والطبراني في "الأوائل" (79/ 53) ولفظه كالترمذي وغيره:

"أول من أسلم..". وزاد:

"قال عمرو بن مرة: فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي فأنكره، وقال: أول من أسلم أبو بكر الصديق". وقال:

"حديث حسن صحيح". وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد، وإنما الخلاف في هذا الحرف أن أبا بكر كان أول الرجال البالغين إسلاماً، وعلي بن أبي طالب تقدم إسلامه على البلوغ".

وأقره الذهبي.

قلت: وهذا في الرجال، وإلا؛ فخديجة رضي الله عنها أسبقهم إسلاماً كما في حديث ابن عباس الطويل في "المسند" (1/ 330-331) ، ومن طريقه الحاكم (3/ 137-139) ، وهو في فضل علي رضي الله عنه. وفيه:

"وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة".

وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي.  وقد انقلب حديث عمرو بن مرة هذا على بعض الرواة؛ فأخرجه الطبراني في "الأوسط" (3/ 22/ 2031) من طريق غالب بن عبد الله بن غالب السعدي، عن سفيان بن عيينة عن مسعر، عن عمرو بن مرة به إلا أنه قال:

"أول من صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر".

وقال الطبراني:

"لم يروه عن سفيان غير هذا الشيخ غالب، وخالف شعبة؛ لأن شعبة رواه عن عمرو ... بلفظ: أول من صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم -[علي] ".

وأقول: الشيخ غالب هذا؛ مجهول كما قال ابن حزم، ولم يعرفه الهيثمي (9/ 43) .

ثم إن حديث الترجمة مما أورده ذاك السقاف في كتابه الذي أسماه بـ "صحيح الصلاة"؛ على ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما صح عنه في بعض الأحاديث: "يسمونها بغير اسمها"! كما يدل على ذلك مجموعة من الأحاديث الصحيحة التي ضعفها أو أعرض عنها اتباعاً لهواه أو انتصاراً لمذهبه، وأحاديث أخرى احتج بها للغاية نفسها وهي ضعيفة، منها حديث الترجمة هذا، مقلداً تخريج الهيثمي المتقدم؛ لجهله بأن تحسينه المذكور فيه لا يعني الحديث نفسه، وإنما مختصره الذي في "أوسط الطبراني" كما تقدم بيانه، فكن منه على حذر. ومنها أحاديث أخرى كثيرة سيأتي بيان بعضها. فانظر الحديث (5816) و (6379) .

4140 - (إذا مات أحدكم فلا تحسبوه، وأسرعوا به إلى قبره، وليقرأ عند رأسه بفاتحة الكتاب، وعند رجليه بخاتمة البقرة في قبره) .

ضعيف جداً

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/ 444/ 13613) ، والبيهقي في "الشعب" (7/ 16/ 9294) من طريق يحيى بن عبد الله البابلتي: أخبرنا أيوب بن نهيك الحلبي - مولى آل سعد بن أبي وقاص - قال: سمعت عطاء بن أبي رباح: سمعت عبد الله بن عمر: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره. وقال البيهقي:

"لم يكتب إلا بهذا الإسناد فيما أعلم، وقد روينا القراءة المذكورة فيه عن ابن عمر موقوفاً عليه".

قلت: وقال الهيثمي في "المجمع" (3/ 44) :

"رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه يحيى بن عبد الله البابلتي، وهو ضعيف".

وأقول: لقد شغل بإعلاله بهذا الضعيف عن إعلاله بمن هو أشد ضعفاً منه، وهو شيخه أيوب بن نهيك؛ قال الذهبي في "المغني":

"تركوه".

وقد أشار إلى هذا الحافظ حين ساق له حديثاً آخر غير هذا في "اللسان" سيأتي برقم (5087) ، وذكره من مناكيره عقب عليه بقوله:

"ويحيى ضعيف، لكنه لا يحتمل هذا".

وهذا من دقة نقده رحمه الله تعالى.

وأما الأثر الذي أشار إليه البيهقي رحمه الله؛ فهو مع كونه موقوفاً ففيه عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج؛ وهو مجهول؛ كما حققته في "أحكام الجنائز" (ص 192) ، وقول الهيثمي في "المجمع" (3/ 44) :

"رواه الطبراني في "الكبير"، ورجاله موثقون".  فهو مما لا ينافيه، بل هو يشير إلى جهالته؛ لأن "موثقون" غير "ثقات" عند من يفهم الهيثمي واصطلاحه، وهو يعني أن بعض رواته توثيقه لين، وهو يقول هذا في الغالب فيما تفرد بتوثيقه ابن حبان، ولا يكون روى عنه إلا راو واحد، وهذا هو الواقع في عبد الرحمن هذا كما هو مبين هناك، وقد جهل هذه الحقيقة بعض أهل الأهواء؛ فقال الشيخ عبد الله الغماري في رسالته: "إتقان الصنعة" (ص 110) معقباً على قول الهيثمي "موثقون" ومعتمداً عليه:

"قلت: فإسناده حسن"!

وجعله من أدلة القائلين بوصول القراءة إلى الميت، ولا يخفى فساده! ثم أتبعه بحديث الترجمة ساكتاً عنه، متجاهلاً تضعيف الهيثمي لراويه البابلتي، وهو على علم به؛ لأنه منه نقل أثر ابن اللجلاج المذكور آنفاً. ثم ادعى اختلاف آخر الحديث عند الطبراني عنه عند البيهقي، وهو خلاف الواقع.

وقد ستر عليه ظله المقلد له: السقاف؛ فإنه لم يذكر الحديث بتمامه حتى لا يخالف شيخه! انظر ما أسماه بـ "صحيح صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 243) .

هذا أولاً.

وثانياً: إنه قال:

"قلت: وهو حديث حسن، وحسنه شيخنا ... قلت: بل هو حديث صحيح، احتج به ابن معين كما في "تهذيب الكمال" للمزي (22/ 537-538) والإمام أحمد وعلي بن موسى الحداد؛ كما روى ذلك الخلال. وفي معناه حديث آخر ضعيف الإسناد إلا أنه حسن بهذا الشاهد ... ". ثم ذكر حديث الترجمة إلى قوله: "فاتحة الكتاب" دون تتمته؛ حتى لا يظهر بمظهر المخالف لشيخه كما ذكرت آنفاً!  وأقول: في هذا الكلام غير قليل من الأضاليل والأكاذيب، وهاك البيان:

الأول: ما عزاه لـ "التهذيب"؛ فإنه ليس فيه ما زعمه من الاحتجاج؛ فإن نصه فيه:

"وقال عباس الدوري: سألت يحيى بن معين عن القراءة عند القبر؟ فقال: حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج ... "

قلت: فذكر الأثر. فليتأمل القارىء كيف حرف جواب ابن معين للسائل إلى الاحتجاج بما روى له بالإسناد لينظر فيه؟!

الثاني: ما عزاه لأحمد؛ منكر لسببين:

أحدهما: أن شيخ الخلال فيه الحسن بن أحمد الوراق؛ لا يعرف.

والآخر: أنه مخالف لما رواه أبو داود قال:

"سمعت أحمد سئل عن القراءة عند القبر؟ فقال: لا".

وهو مذهب جمهور السلف كأبي حنيفة ومالك، وقال هذا:

"ما علمت أحداً يفعل ذلك".

فكيف مع هذا كله يكون هذا العزو لأحمد، بل وأثر ابن عمر نفسه صحيحاً؟!

الثالث: ما عزاه لعلي بن موسى الحداد، يقال فيه ما قلنا في الذي قبله؛ لأن الراوي عنه هو الوراق المذكور آنفاً، بل وزيادة؛ وذلك؛ لأن الحداد هذا غير معروف في الرواة فضلاً عن العلماء، فكيف جاز لذاك السقاف أن يقرنه مع الإمامين ابن معين وأحمد، ولا يعرف إلا في رواية الخلال هذه؛ لولا الهوى والإضلال!

الرابع: قوله: "حديث حسن" يناقض قوله: "بل هو حديث صحيح"؛ لأن الأول - وهو قول شيخه الغماري كما تقدم - إنما يعني في اصطلاح العلماء أنه حسن لغيره، وهو حديث الترجمة، ولذلك ذكره عقبه، ولولا ذاك لقال: حسن الإسناد، كما لا يخفى على النقاد. وإذا كان الأمر كذلك، فاحتجاج ابن معين به وغيره لو صح عنهم - ولم يصح كما تقدم - لا يكون دليلاً على أنه صحيح؛ لأن الحسن يحتج به أيضاً عند العلماء.

فماذا يقول القراء الكرام فيمن يتكلف ما سبق في سبيل تقوية حديث واه جداً، مع مخالفته لما عليه جماهير العلماء من القول بكراهة قراءة القرآن عند القبور كما هو مشروح في الكتاب السابق: "أحكام الجنائز"؟! فليرجع إليه من شاء الزيادة.

4141 - (كان يصلي في السفر ركعتين، قالت عائشة: كان في حرب، وكان يخاف، هل تخافون أنتم؟!) .

باطل

أخرجه ابن جرير الطبري في "التفسير" (5/ 155) قال: حدثني أبو عاصم عمران بن محمد الأنصاري، قال: حدثنا عبد الكبير بن عبد المجيد، قال: حدثني عمر بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: سمعت أبي يقول: سمعت عائشة تقول في السفر:

أتموا صلاتكم. فقالوا: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[كان] يصلي في السفر ركعتين، فقالت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ... الحديث.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، ومتن منكر؛ بل باطل؛ عمران هذا؛ لم يوثقه غير ابن حبان، ولا وجدته عند غيره (8/ 499) . وقال:  "يروي عن مالك بن سعير بن الخمس، حدثنا عنه محمد بن أحمد بن علي الحواري بـ (الوصل) ".

وعمر بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق؛ لم أجد له ذكراً في شيء من كتب الرجال التي عندي، ولا ذكره ابن حجر في الرواة عن أبيه من "التهذيب" (6/ 11) ، وإنما ذكر ابنيه عبد الرحمن ومحمداً، الأمر الذي يدل على أنه غير معروف، مع أنه يحتمل أن "عمر" محرف "محمد"؛ لقرب الشبه بينهما. والله أعلم.

وأما بطلان متنه؛ فهو ظاهر جداً لمن عرف سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - واستمراره في قصر الصلاة في كل أسفاره، حتى في حجة الوداع؛ كما قال وهب بن حارثة رضي الله عنه:

"صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - آمن ما كان بمنى ركعتين".

رواه البخاري (1083) ، وغيره.

ولا أدل على ذلك من حديث يعلى بن أمية قال:

قلت: لعمر بن الخطاب: (ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) فقد أمن الناس؟ فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك؟ فقال:

"صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته".

رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1083) .

بل قد صح عن عائشة نفسها ما يؤكد بطلانه؛ فقد روى البيهقي في "سننه" (3/ 143) عن جماعة من الثقات قالوا: حدثنا وهب بن جرير: حدثنا شعبة، عن هشام  ابن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: أنها كانت تصلي في السفر أربعاً. فقلت لها: لو صليت ركعتين؟ فقالت: يا ابن أختي! إنه لا يشق علي.

وهذا إسناد صحيح كما قال الحافظ في "الفتح" (2/ 571) ، وأشار في أعلى الصحيفة المذكورة إلى بطلان حديث الترجمة، وهو واضح جداً لما ذكرته آنفاً، بخلاف هذا؛ فإنه يتعلق برأي لها، والعبرة بروايتها وليس برأيها.

وقد صح عنها أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في السفر ركعتين في غير ما حديث، كما صح عنها قولها: "فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر"، ومعناه في "الصحيحين"، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1082) .

وقد أنكر هذه الحقائق كلها ذاك السقاف المقلد الغماري فيما أسماه بـ "صحيح صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ... " وكان الأحرى به أن يسميه بـ "صحيح صلاة الشافعي" بل "الشافعية" لكثرة اعتماده عليهم، ولو فعل لما صدق، ولبيان ذلك مجال آخر، والغرض هنا أنه صرح (ص 275) أن قصر الصلاة في السفر رخصة جائزة، لا واجبة ولا مستحبة! واستدل بهذا الحديث الباطل؛ بل قال: "سنده حسن"! وهذا مما لا يقوله إلا جاهل لم يشم رائحة هذا العلم، أو مقلد مكابر متجاهل، كما أنه استدل بآية القصر المذكورة في حديث عمر، فلم يعرج عليه ولا دندن حوله، ولم يقبل صدقة الله المذكورة فيه، وأخشى ما أخشاه أن يكون ضعيفاً عنده لمخالفته لقوله المذكور، كما ضعف شيخه الغماري حديث "الصحيحين" عن عائشة الذي أشرت إليه آنفاً لتصريحه بفرضية القصر، وقد أشرت إلى ذلك في "تمام المنة" (319) ، ورددت عليه مفصلاً في المجلد السادس من "الصحيحة" (2814) ، وهو تحت الطبع، وسيكون بين يدي القراء قريباً إن شاء الله تعالى (1) .

4142 - (إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم، وإنهم لو أرسلوا إلى الناس لأفسدوا عليهم معايشهم، ولن يموت منهم أحد إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً، وإن من ورائهم ثلاث أمم: تاويل، وتاريس، ومنسك) .

منكر

أخرجه الطيالسي في "مسنده" (2282) ، ومن طريقه الطبراني كما في "نهاية ابن كثير" (1/ 185) : حدثنا المغيرة بن مسلم - وكان صدوقاً مسلماً - قال: حدثنا أبو إسحاق، عن وهب بن جابر، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً.

قلت: المغيرة هذا؛ هو القسملي، وهو صدوق كما قال الطيالسي، وقد تابعه زياد بن خيثمة؛ وهو ثقة، أخرجه من طريقه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 244/ 1/ 8762) ، وقال الهيثمي في "المجمع" (8/ 6) :

"رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، ورجاله ثقات"!

كذا قال، وفيه علتان:

الأولى: جهالة وهب بن جابر، ولم يوثقه غير ابن حبان (5/ 489) ، ولم يذكر له راوياً غير أبي إسحاق هذا؛ وهو السبيعي، ولذا قال الذهبي فيه:

"قال ابن المديني: "مجهول". قلت: لا يكاد يعرف، تفرد عنه أبو إسحاق".

قلت: ولذلك أشار في "الكاشف" إلى تليين توثيق ابن حبان إياه - وهو عمدة الهيثمي! - بقوله:

"وثق".

__________

(1) وقد طبع، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. (الناشر) . والعلة الأخرى: اختلاط أبي إسحاق، وقد اختلف عليه في إسناده، فراوه الثقتان المذكوران كما تقدم. وخالفهما زيد بن أبي أنيسة فقال: عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون الأودي، عن ابن مسعود مرفوعاً به.

أخرجه ابن حبان (1907 - موارد) .

قلت: وزيد بن أبي أنيسة ثقة من رجال الشيخين، وقد خالف في موضعين: أحدهما: جعله من مسند ابن مسعود، وهو عندهما من مسند ابن عمرو، والآخر: سمى تابعيه عمرو بن ميمون - وهو ثقة - وعندهما: وهب بن جابر المجهول.

ويغلب على الظن أن هذا الاضطراب إنما هو من تخاليط أبي إسحاق، حدث به في اختلاطه.

ثم تكشفت لي علة ثالثة؛ وهي الوقف والاختصار في المتن، فقال شعبة: عن أبي إسحاق، عن وهب بن جابر، عن عبد الله بن عمرو قال:

"إن من بعد يأجوج ومأجوج لثلاث أمم لا يعلم عدتهم إلا الله: تاويل، وتاريس، ومنسك".

أخرجه أبو عمرو الداني في "الفتن" (ق 141/ 1) من طريقين عن محمد ابن يحيى، عن أبيه، عن عاصم بن حكيم، عن شعبة به.

ولعل هذه الرواية أصح مما تقدم؛ لما هو معروف أن شعبة روى عن أبي إسحاق قبل اختلاطه، لكن في الطريق إليه محمد بن يحيى، عن أبيه، ولم أعرفهما الآن. والله أعلم.

وبالجملة؛ فمدار الحديث على أبي إسحاق، والأكثر على أن شيخه فيه وهب ابن جابر؛ وهو مجهول، فهو علة هذا الحديث. وقد سكت عنها الحافظ في

"تخريج الكشاف" (4/ 104/ 329) ! وقد عزاه أيضاً لـ "المستدرك" عن عبد الله ابن عمرو رفعه: "إن يأجوج ومأجوج ... " إلخ، وهو فيه (4/ 490 و 500-501) مختصراً ومطولاً، وابن جرير (17/ 70) من طريق شعبة وغيره عن أبي إسحاق، وقال الحاكم:

"صحيح على شرط الشيخين". ووافقه الذهبي، وقد ذهل عن جهالة وهب ابن جابر التي نقلتها عنه آنفاً، مع أنه ليس من رجال الشيخين.

وذكر له الحافظ شاهداً من رواية النسائي عن عمرو بن أوس، عن أبيه رفعه:

"إن يأجوج ومأجوج يجامعون ما شاؤوا، ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً".

وسكت عنه أيضاً! وكنت أود له أن يبدأ بذكر إسناد الحديث من حيث يمكن للباحث أن يكشف عن علته؛ إذ هو سكت عنها، لا سيما والحديث ليس في "سنن النسائي الصغرى" المتداولة بين الناس، وإنما هو في "السنن الكبرى" له (6/ 408) ومن طريق ابن عمرو بن أوس، عن أبيه، عن جده.

فابن عمرو هو العلة؛ إذ إنه لا يعرف، فقد أورده الحافظ في "باب من نسب إلى أبيه ... " وقال:

"يقال: اسمه عبد الرحمن. تقدم في ابن أوس".

وهناك لما رجعت إليه لم أجده. وكذلك لم يذكره في أصله في "التهذيب"، وإنما أورده فيه في الباب المشار إليه (12/ 305) مختصراً:

"ابن عمرو بن أوس: هو عبد الرحمن".

هكذا لم يحل به إلى الأسماء، وإنما إلى أول الباب المذكور، لكنه قال:

"ابن أبي أوس الثقفي، يقال: اسمه عبد الرحمن، ويقال: هو ابن عمرو بن أوس".

وهو خلاصة ما في "تهذيب المزي" (34/ 425) ، ولم يذكروا فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول، فهو علة هذا الإسناد. وقد عزاه الحافظ أيضاً في "الفتح" (13/ 109) لابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق ابن عمرو هذا بزيادة في متنه وسكت عنه أيضاً! وقد أشار الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (3/ 104) إلى هذا الحديث ونحوه بقوله:

"وروى ابن أبي حاتم عن أبيه في ذلك أحاديث غريبة لا تصح أسانيدها".

ولهذا؛ قال في "النهاية" (1/ 184) :

"يأجوج ومأجوج ناس من الناس، يشبهون الناس كأبناء جنسهم من الأتراك المخرومة عيونهم، الزلف أنوفهم، الصهب شعورهم، على أشكالهم وألوانهم، ومن زعم أن منهم الطويل الذي كالنخلة السحوق أو أطول، ومنهم القصير الذي هو كالشيء الحقير، ومنهم من له أذنان يتغطى بإحداهما، ويتوطى بالأخرى؛ فقد تكلف ما لا علم له به، وقال ما لا دليل عليه، وقد ورد في حديث: "إن أحدهم لا يموت حتى يرى من نسله ألف إنسان"، فالله أعلم بصحته".

وما أشار إليه رحمه الله من الاختلاف في الطول والقصر وغيره؛ قد جاء فيه حديث، لكن إسناده مما لا يفرح به، بل هو موضوع، كما يأتي بيانه في الذي يليه.

ثم وجدت لحديث الترجمة شاهداً آخر؛ فقال ابن جرير (17/ 69) : حدثني عصام بن رواد بن الجراح قال: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان بن سعيد الثوري قال: حدثنا

 

منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حراش قال: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ يخشى أن يكون من تخاليط رواد أبي عصام، فقد قال الحافظ فيه:

"صدوق اختلط بأخرة؛ فترك، وفي حديثه عن الثوري ضعف شديد".

قلت: وهذا من حديثه عنه كما ترى.

وابنه عصام؛ لينه الحاكم أبو أحمد، لكن قال أبو حاتم:

"صدوق".

وذكره ابن حبان في "الثقات" (8/ 221) ، فالعلة أبوه.

ثم رأيت له طريقاً أخرى عن حذيفة؛ عند الداني (ق 139/ 1) . وفيه من لم أعرفه.

ثم وقفت على تخريج الحديث من المعلقين على "موارد الظمآن" (6/ 172-173) ، فإذا فيه عجائب وغرائب؛ لأنهما لم يعربا عن رأيهما فيه صحة وضعفاً، فمن عادتهما تصدير الحديث بمرتبته وهنا صدراه بقولهما: "رجاله ثقات". ثم استمرا في الكلام فنقلا عن الحافظ أنه صححه وأقراه، فبهذا الاعتبار يمكن أن يقال عنهما: إنهما صححاه، لكنهما قبل ذلك أعلاه باختلاط أبي إسحاق!

وأغرب من ذلك كله أنهما قالا:

"ويشهد له حديث عبد الله بن عمر عند الطيالسي ... ".

وقد عرفت مما تقدم أنه من رواية أبي إسحاق المختلط، فجعلاه شاهداً لنفسه!

 

4143 - (يأجوج أمة، ومأجوج أمة، كل أمة أربع مئة ألف، لا يموت الرجل حتى ينظر إلى ألف ذكر بين يديه من صلبه، كل قد حمل السلاح. قلت: يا رسول الله! صفهم لنا. قال:

هم ثلاثة أصناف: صنف منهم أمثال الأرز. قلت: وما الأرز؟ قال: شجر بالشام، طول الشجرة عشرون ومئة ذراع في السماء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هؤلاء الذين لا يقوم لهم جبل ولا حديد.

وصنف منهم يفترش بأذنه، ويلتحف بالأخرى، لا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلا أكلوه، ومن مات منهم أكلوه، مقدمتهم بالشام، وساقتهم بخراسان، يشربون أنهار المشرق، وبحيرة طبرية) .

موضوع

أخرجه ابن عدي في "الكامل" (6/ 169) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 206) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 227/ 1/ 4012) ، والواحدي في "التفسير" (ق 193/ 1) ، والحافظ عبد الغني المقدسي في الثالث والتسعين من "جزئه" (43/ 2) من طريق يحيى بن سعيد العطار قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن حذيفة بن اليمان قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن يأجوج ومأجوج؟ قال: فذكره. وقال الطبراني:

"لم يروه عن الأعمش إلا محمد بن إسحاق، ولا عنه إلا يحيى بن سعيد العطار".

قلت: وهو ضعيف؛ كما قال الهيثمي (8/ 6) ، والحافظ في "التقريب".

واتهمه بعضهم، ولذلك قال في "الفتح" (13/ 106) :

"وهو ضعيف جداً".

لكن شيخه أسوأ منه، وهو محمد بن إسحاق - وهو العكاشي -، وفي ترجمته ساقه ابن عدي في أحاديث أخرى له قال عقبها:

"كلها مناكير موضوعة".

ووافقه ابن الجوزي، وقال:

"ومحمد بن إسحاق هو العكاشي؛ قال ابن معين: كذاب. وقال الدارقطني: يضع الحديث".

وقال الحافظ في "الفتح" عقب قوله المذكور آنفاً:

"ومحمد بن إسحاق؛ قال ابن عدي: ليس هو صاحب المغازي، بل هو العكاشي. قال: والحديث موضوع. وقال ابن أبي حاتم: منكر. قلت: لكن لبعضه شاهد صحيح، أخرجه ابن حبان من حديث ابن مسعود رفعه ... ".

قلت: فذكر الحديث الذي قبل هذا، وقد عرفت أنه لا يصح، وأن فيه ثلاث علل، فتذكر.

وأما تعقب السيوطي في "اللآلي" (1/ 174) حكم ابن الجوزي بقوله:

"قلت: أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه".

فهو مما لا يساوي شيئاً؛ فإنه يشير إلى أن ابن أبي حاتم التزم أن لا يورد في "تفسيره" موضوعاً، وهذا ليس على إطلاقه؛ فقد جاء فيه بعض الموضوعات كما نبهت على ذلك في غير ما موضع. أقول هذا تذكيراً وتنبيهاً، وإلا؛ فقد عرفت مما

نقلته آنفاً عن الحافظ عن ابن أبي حاتم أنه استنكر الحديث، وكيف لا؛ وهو القائل في ترجمته من "الجرح" (3/ 2/ 195) :

"سمعت أبي يقول: هو كذاب، ورأى في كتابي ما كتب إلي هاشم بن القاسم الحراني [من] أحاديثه، فقال: هذه الأحاديث كذب موضوعة".

ومنه تعلم أنه لا طائل تحت قول ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 237) :

"ورأيت بخط الشيخ تقي الدين القلقشندي على حاشية "الموضوعات" لابن الجوزي ما نصه: لم ينفرد به العكاشي إلا من حديث حذيفة، وقد رواه ابن حبان في "صحيحه" من حديث ابن مسعود رفعه..".

قلت: لا طائل تحته؛ لأنه تلخيص لكلام الحافظ والسيوطي، وقد عرفت الجواب عليه.

4144 - (جزاك الله - يا عائشة - خيراً، ما سررت مني كسروري منك) .

كذب موضوع

أخرجه البيهقي في "سننه" (7/ 422-423) ، والخطيب في "التاريخ" (13/ 252-253) ، ومن طريقه الحافظ المزي في "التهذيب" (28/ 319-320) من طريق محمد بن إسماعيل البخاري، قال: [حدثنا عمرو ابن محمد قال:] (1) حدثنا أبو عبيد ة معمر بن المثنى التيمي: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت:

كنت قاعدة أغزل، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخصف نعله، فجعل جبينه يعرق، وجعل عرقه يتولد نوراً، فبهت، فنظر إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال:

__________

(1) هذه الزيادة سقطت من " التاريخ "، واستدركتها من " البيهقي " و " الحلية " و " المزي "

"ما لك يا عائشة! بهت؟ "

قلت: جعل جبينك يعرق، وجعل عرقك يتولد نوراً، ولو رآك أبو كبير الهذلي لعلم أنك أحق بشعره. قال:

"وما يقول أبو كبير؟ ".

قالت: قلت: يقول:

ومبرأ من كل غبر حيضة وفساد مرضعة وداء مغيل

فإذا نظرت إلى أسرة وجهه برقت كبارق عارض المتهلل

قالت: فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبل بين عيني، وقال: فذكره.

ثم رواه الخطيب، وعنه المزي أيضاً من طريق أخرى عن البخاري: حدثنا عمرو ابن محمد بن جعفر به قال: بنحوه. وزاد:

"قال أبو ذر (يعني محمد بن محمد بن يوسف القاضي) : سألني أبو علي صالح بن محمد البغدادي عن حديث أبي عبيد ة معمر بن المثنى أن أحدثه به؟ فحدثته به، فقال: لو سمعت هذا عن غير أبيك عن محمد لأنكرته أشد الإنكار؛ لأني لم أعلم قط أن أبا عبيد ة حدث عن هشام بن عروة شيئاً، ولكنه حسن عندي حين صار مخرجه عن محمد بن إسماعيل".

وأقول: لقد أشار المزي رحمه الله إلى تضعيف هذا الحديث باستغرابه إياه، وحق له ذلك؛ فإن شيخ البخاري عمرو بن محمد بن جعفر نكرة لا يعرف، ليس له ذكر في شيء من كتب التراجم التي عندي، فمن الظاهر أنه غير معروف بالرواية، وإلا؛ لذكره البخاري في "تاريخه"، ثم ابن أبي حاتم في كتابه، أو على الأقل ابن حبان في "ثقاته"؛ الذي جمع فيه من الرواة ما فات من قبله، فهو

بحق مصدر فريد في معرفة بعض الرواة المجهولين أو المستورين! فهو إذن آفة هذا الحديث.

ثم إن متن الحديث لوائح الوضع عليه ظاهرة عندي؛ إذ من غير المعقول أن يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعائشة أو لغيرها من البشر الذين هداهم الله به، وله المنة بعد الله عليهم: "ما سررت مني كسروري منك"!

زد على ذلك قصة تولد النور من عرقه - صلى الله عليه وسلم - التي لا أصل لها في شيء من أحاديث خصائصه وشمائله - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى ولا في كتاب السيوطي "الخصائص الكبرى" الذي جمع فيه من الروايات ما صح وما لم يصح حتى الموضوعات!

ثم رأيت الحديث في "الحلية" (2/ 45-46) من طريق البخاري أيضاً، لكنه نسب الشيخ فقال: "عمرو بن محمد الزئبقي"، فرجعت إلى "أنساب السمعاني"، فوجدت عنده في هذه النسبة:

"أبو الحسن أحمد بن عمرو بن أحمد البصري الزئبقي من أهل البصرة، حدث عن عبد ة بن عبد الله الصفار وأبي يعلى المنقري وابنه (!) . روى عنه محمد ابن علي الكاغدي وأحمد بن محمد الأسفاطي البصريان، وأبو القاسم الطبراني، وأما ابن المذكور هو محمد بن أحمد بن عمرو الزئبقي، حدث عن يحيى بن أبي طالب، روى عنه القاضي أبو عمر بن أثياقا البصري".

فهل هو أبو الحسن هذا تحرف اسمه (محمد) إلى (أحمد) ؟ ذلك مما أستبعده؛ لأنه دون محمد في الطبقة. والله أعلم.

4145 - (نعم؛ فإنه دين مقضي. يعني: يستدين ويضحي) .

منكر

أخرجه الدارقطني في "السنن" (4/ 283/ 46) ، ومن طريقه

البيهقي (9/ 262) عن يعقوب بن محمد الزهري: حدثنا رفاعة بن هرير: حدثني أبي، عن عائشة رضي الله عنها قالت:

قلت: يا رسول الله! أستدين وأضحي؟ قال: فذكره. وقال الدارقطني عقبه:

"هذا إسناد ضعيف، وهرير هو ابن عبد الرحمن بن رافع بن خديج، ولم يسمع من عائشة، ولم يدركها".

وأقره البيهقي، وأقرهما النووي في "المجموع" (8/ 386) ؛ إلا أنه قال:

"وضعفاه؛ قالا: وهو مرسل".

وهذا في اصطلاح المتأخرين يوهم خلاف الواقع؛ لأن المرسل هو - عندهم - قول التابعي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وليس الأمر كذلك هنا كما ترى، فالصواب - أو الأولى - أن يقال: وهو منقطع.

ثم إن فيه علتين أخريين:

إحداهما: رفاعة بن هرير؛ قال البخاري في "التاريخ" (2/ 1/ 324) :

"سمع منه ابن أبي فديك، فيه نظر".

ونقله عنه العقيلي (2/ 65) ، ثم ابن عدي (3/ 161) ، وارتضياه.

وأورده ابن حبان في "ضعفائه"، وقال (1/ 304) :

"كان ممن يخطىء، وينفرد عن جده - يشير إلى حديثه الآتي بعده - بأشياء ليست محفوظة".

والأخرى: يعقوب هذا؛ قال الحافظ:

"صدوق؛ كثير الوهم والرواية عن الضعفاء".

قلت: من الواضح جداً أن هذا الحديث واه من حيث الرواية، ولكن يبدو لي أن معناه صحيح من حيث الدراية؛ فقد ثبت عن عائشة نفسها أنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

"من حمل من أمتي ديناً، ثم جهد في قضائه، فمات ولم يقضه؛ فأنا وليه".

وإسناده صحيح، كما هو مبين في "الصحيحة" (3017) .

فقوله: "فأنا وليه"؛ أي: أقضي عنه، فهو مثل قوله في حديث الترجمة "فإنه دين مقضي". يعني من المدين عند الاستطاعة، أو من ولي الأمر عند العجز، كما في هذا الحديث الصحيح، فإن لم يقع ذلك كما هو مشاهد اليوم، أدى الله عنه يوم القيامة كما في حديث البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً:

"من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ... " الحديث. وهو مخرج في "غاية المرام" (207/ 352) .

وفي حديث آخر من رواية ميمونة رضي الله عنها:

" ... إلا كان له من الله عون".

وهو مخرج في "الصحيحة" برقم (1029) من ثلاث طرق عنها، وسكت الحافظ عنه في "الفتح" (5/ 54) مشيراً إلى أنه قوي عنده.

والعون المذكور فيه يفسر بوجه من الوجوه الثلاثة التي فسرت بها حديث عائشة رضي الله عنها، وهكذا فالأحاديث يفسر بعضها بعضاً. ولذلك جاء عن بعض السلف أنه كان يستدين ابتغاء العون المذكور: ميمونة نفسها، ففي حديثها أنه كان يقال لها: ما لك وللدين ولك عنه مندوحة؟ فتذكر الحديث وتقول: فأنا ألتمس ذلك العون.

وجاء مثله عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه، وتقدم في "الصحيحة" برقم (1000) . وأما ما في رواية في حديث ميمونة بلفظ:

"إلا أداه الله عنه في الدنيا".

فقوله: "في الدنيا" ضعيف؛ في إسناده عمران بن حذيفة وهو مجهول، وقد وقع في "الترغيب" (3/ 33) : "عمران بن حصين"، وهو خطأ فاحش، انقلب اسم التابعي المجهول إلى اسم الصحابي المشهور، فطاحت العلة، وظهر الحديث بمظهر الصحة، وليس كذلك، بل هي زيادة منكرة؛ لتفرد هذا المجهول بها دون سائر طرق الحديث.

4146 - (إنا لا نعبد الشمس ولا القمر، ولكنا نعبد الله تبارك وتعالى) .

منكر

أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (2/ 65-66) من طريق يعقوب ابن محمد الزهري قال: حدثنا رفاعة بن الهرير قال: حدثني جدي، عن أبيه قال:

كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فنام عن الصبح حتى طلعت الشمس، ففزع الناس، فقال النبي عليه السلام: فذكره.

أورده في ترجمة رفاعة هذا، وروى عن البخاري أنه قال فيه:

"فيه نظر".

قلت: ويعقوب الزهري ضعيف؛ كما تقدم في الحديث الذي قبله.

وقال العقيلي عقب الحديث: "وفي النوم عن الصلاة أحاديث جيدة الأسانيد، من غير هذا الوجه، ولا يحفظ: "إنا لا نعبد شمساً ولا قمراً" إلا في هذا الحديث".

ويشير في أول كلامه إلى حديث أبي هريرة في قصة قفوله من غزوة خيبر ونومه هو وأصحابه عن صلاة الفجر، وقوله: "من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها.." رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في "الإرواء" (1/ 292) .

4147 - (كنس المساجد؛ مهور الحور العين) .

موضوع

رواه ابن الجوزي في "الموضوعات"، وفي "العلل المتناهية" من حديث عبد الواحد بن زيد، عن الحسن، عن أنس بن مالك مرفوعاً. قال المناوي:

"وحكم ابن الجوزي بوضعه، وقال: فيه مجاهيل، وعبد الواحد بن زيد متروك".

قلت: وهو من الأحاديث الساقطة من كتاب "اللآلىء المصنوعة" للسيوطي، ومحله منه "كتاب البعث"، وإنما فيه (ص 240 ج2 طبع الأدبية) حديث أبي قرصافة، ذكره شاهداً له؛ وقد سبق الكلام عليه برقم (1675) ، وأورده ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 383 - كتاب البعث أيضاً - الفصل الثاني) ، وذكر ما أعله به ابن الجوزي كما تقدم عن المناوي، وقال:

"وتعقب بأن له شاهداً من حديث أبي قرصافة ... "، ثم ذكره ولم يتكلم على إسناده بشيء، وهو مظلم كما سبق بيانه هناك! مع العلم بأن الحديث الضعيف لا يفيد الحديث الموضوع قوة؛ كما ذكر ذلك المناوي غير مرة.

وإن من عجائب السيوطي وتناقضه؛ أنه أورد هذا الحديث في "الجامع الصغير" برواية (ابن الجوزي - عن أنس) !

4148 - (كيف أنت إذا بقيت في قوم علموا ما جهل هؤلاء، وهمهم مثل هم هؤلاء؟!) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 242) عن الضحاك بن يسار: حدثنا القاسم بن مخيمرة، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال ليالي قدم من اليمن وسأله النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كيف تركت الناس بعدك؟ " قال: تركتهم لا هم لهم إلا هم البهائم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الضحاك بن يسار هذا؛ أورده العقيلي في "الضعفاء" (ص 192) . وابن عدي في "الكامل" (204/ 1) ؛ ورويا عن ابن معين أنه قال:

"ضعيف". وفي رواية لابن عدي عنه:

"يضعفه البصريون". ثم قال ابن عدي:

"لا أعرف له إلا الشيء اليسير".

وضعفه آخرون، وأما ابن حبان فذكره في "الثقات". وقال أبو حاتم:

"لا بأس به".

4149 - (كيف أنت صانع في (يوم يقوم الناس لرب العالمين) مقدار ثلاث مئة سنة من أيام الدنيا، لا يأتيهم خبر من السماء، ولا يؤمر فيهم بأمر؟ قال بشير الغفاري: المستعان الله. قال: إذا أنت أويت إلى فراشك فتعوذ بالله من كرب يوم القيامة وسوء الحساب) .

ضعيف

أخرجه ابن جرير في "التفسير" (30/ 59) ، وابن أبي حاتم، وابن مردويه من طريق عبد السلام بن عجلان قال: حدثنا أبو يزيد المدني، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لبشير الغفاري: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد السلام هذا؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 46) عن أبيه:

"يكتب حديثه".

وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (7/ 127) ، ولكنه قال فيه:

"يخطىء ويخالف".

فلا أدري من كان هذا وصفه أهو بالثقات أولى أم بالضعفاء؟! وكثيراً ما رأيت له من مثل هذا!

ثم إن قوله: "مقدار ثلاث مئة سنة" منكر؛ مخالف لبعض الأحاديث الصحيحة.

4150 - (الكافر يلجمه العرق يوم القيامة، حتى يقول: أرحني ولو إلى النار) .

ضعيف

أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (12/ 27) عن علي ابن عبد الملك الطائي: حدثنا بشر بن الوليد: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره.

قلت: إسناده ضعيف؛ مسلسل بالعلل:

الأولى: عنعنة أبي إسحاق - وهو السبيعي - واختلاطه.

الثانية: سوء حفظ شريك؛ وهو ابن عبد الله القاضي.

الثالثة: بشر بن الوليد وهو "الكندي" الفقيه؛ صدوق كان قد خرف.

الرابعة: علي بن عبد الملك الطائي؛ مجهول الحال، وفي ترجمته ذكر الحديث الخطيب، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

4151 - (كنت بين شر جارين، بين أبي لهب وعقبة بن أبي معيط، إن كانا ليأتيان بالفروث فيطرحانها على بابي؛ حتى إنهم ليأتون ببعض ما يطرحونه من الأذى فيطرحونه على بابي) .

موضوع

أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 201) قال: أخبرنا محمد ابن عمر: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً، وزاد:

"فيخرج به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول: يا بني عبد مناف! أي جوار هذا! ثم يلقيه بالطريق".

قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته محمد بن عمر - وهو الواقدي -؛ كذبه الإمام أحمد وغيره.

4152 - (يقول الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم! واحدة لك، وواحدة لي، وواحدة فيما بيني وبينك، فأما التي لي: فتعبد ني لا تشرك بي شيئاً، وأما التي لك: فما عملت من شيء، أو من عمل؛ وفيتكه، وأما التي فيما بيني وبينك: فمنك الدعاء، وعلي الإجابة) .

ضعيف

أخرجه البزار في "مسنده" (ص 7 - زوائده) عن صالح المري: حدثنا الحسن، عن أنس مرفوعاً، وقال البزار:

"تفرد به صالح المري".

قلت: وهو ابن بشير القاص الزاهد؛ وهو ضعيف كما في "التقريب". ومن

طريقه أخرجه أبو يعلى (2/ 734) إلا أنه زاد خصلة رابعة؛ فقال:

"وأما التي بينك وبين عبادي فارض له ما ترضى لنفسك".

وأعله الهيثمي في "المجمع" (1/ 51) بتدليس الحسن أيضاً؛ وهو البصري.

وذكره له شاهداً من حديث سلمان رضي الله عنه مرفوعاً نحوه؛ دون الخصلة الرابعة وقال:

"رواه الطبراني في "الكبير"، وفي إسناده حميد بن الربيع، وثقه غير واحد، لكنه مدلس، وفيه ضعف".

وقال في موضع آخر في "الأدعية" (10/ 149) :

"رواه البزار عن حميد بن الربيع، عن علي بن عاصم، وكلاهما ضعيف، وقد وثقا".

قلت: حميد بن الربيع؛ فيه خلاف كبير، وقد كذبه بعضهم، فلا يصلح للاستشهاد به. والله أعلم.

ثم لينظر إلى عزو الهيثمي في الموضع الآخر الحديث للبزار؛ فإني لم أره في "الأدعية" من "زوائده"، على الرغم من أنه أشار إلى كونه فيه عقب حديث أنس في الموضع المشار إليه منه. والله أعلم.

4153 - (عمل الجنة الصدق، وإذا صدق العبد بر، وإذا بر آمن، وإذا آمن دخل الجنة، وعمل النار الكذب، وإذا كذب فجر، وإذا فجر كفر، وإذا كفر دخل، يعني: النار) .

ضعيف

أخرجه أحمد (2/ 176) عن ابن لهيعة: حدثني حيي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحلبي، عن عبد الله بن عمرو: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: ما عمل الجنة؟ قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة.

4154 - (غير الضبع عندي أخوف عليكم من الضبع؛ أن الدنيا ستصب عليكم صباً، فيا ليت أمتي لا تلبس الذهب) .

ضعيف

أخرجه أحمد (5/ 268) ، والبزار (3008) من طريق شعبة، عن يزيد بن أبي زياد، عن زيد بن وهب، عن رجل: أن أعرابياً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أكلتنا الضبع. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم -؛ وهو ضعيف من قبل حفظه، وقد اضطرب في إسناده، فرواه شعبة عنه هكذا، ورواه زائدة وسفيان عنه، عن زيد بن وهب، عن أبي ذر، قال: قام أعرابي ... الحديث نحوه.

أخرجه أحمد (5/ 152-153،154-155،178) .

4155 - (الكرسي لؤلؤ، والقلم لؤلؤ، وطول القلم سبع مئة سنة، وطول الكرسي حيث لا يعلمه العالمون) .

موضوع

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 179-180) عن الحسن بن سفيان: حدثنا عبد الواحد بن غياث: حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن: حدثنا علاق، عن محمد بن علي ابن الحنفية، عن علي رضي الله عنه قال: فذكره مرفوعاً. وقال:

"حديث غريب، تفرد به عنبسة عن علاق، ويعرف بأبي مسلم".

قلت: كذا الأصل، ولعل الصواب: ابن أبي مسلم؛ فإنه كذلك في "التهذيب" وغيره، وقال: "ويقال: ابن مسلم".

قلت: وهو مجهول؛ لكن الراوي عنه عنبسة بن عبد الرحمن - وهو القرشي الأموي -؛ قال الحافظ:

"متروك، رماه أبو حاتم بالوضع".

(تنبيه) : الحديث عزاه السيوطي في "الجامع" لـ "الحسن بن سفيان، حل، عن محمد ابن الحنفية مرسلاً". وأنت ترى أنه في "الحلية" ومن طريق الحسن ابن سفيان، عن محمد ابن الحنفية، عن علي - وهو ابن أبي طالب -، فهو متصل وليس بمرسل، ولذلك نسبه شارحه المناوي إلى الذهول العجيب! ويؤيده أن أبا الشيخ أخرج الحديث في "العظمة" (ق 45/ 2 مصورة المكتب) من طريق غسان ابن مالك: حدثنا عنبسة به موصولاً.

وغسان هذا؛ وثقه أبو زرعة بروايته عنه، وقال أبو حاتم:

"ليس بقوي".

4156 - (الكشر لا يقطع الصلاة، ولكن تقطعها القرقرة) .

ضعيف

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (11/ 345) من طريق أحمد بن مهدي الأصبهاني: حدثنا ثابت بن محمد العابد: حدثنا سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً. وقال:

"تفرد بروايته أحمد بن مهدي، عن ثابت الزاهد، عن الثوري هكذا مرفوعاً. ورواه أبو أحمد الزبيري، عن الثوري موقوفاً".

ثم ساقه بإسناده إلى الزبيري به موقوفاً. وتابعه وكيع: أخبرنا سفيان به.

أخرجه الدارقطني في "سننه" (ص 63) وقال:

"رفعه ثابت بن محمد عن سفيان".

قلت: وثابت هذا؛ ضعيف لسوء حفظه، ولذلك قال الخطيب في تمام كلامه السابق:

"وهكذا رواه علي بن ثابت وعبد الله بن وهب عن الثوري موقوفاً، ورفعه لا يثبت".

4157 - (كيف أنت يا عويمر إذا قيل لك يوم القيامة: أعلمت أم جهلت؟ فإن قلت: علمت؛ قيل لك: فماذا علمت فيما علمت؟ وإن قلت: جهلت؛ قيل لك: فما كان عذرك فيما جهلت؛ ألا تعلمت؟) .

ضعيف

رواه الخطيب في "اقتضاء العلم العمل" (رقم5 - بتحقيقي) ، وأبو بكر الكلاباذي في "مفتاح المعاني" (217/ 1-2) ، وابن عساكر في "التاريخ" (19/ 78/ 1) عن الحكم بن موسى: حدثنا الوليد، عن شيخ من كلب يكنى بأبي محمد: أنه سمع مكحولاً يحدث أن أبا الدرداء قال: فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا سند ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: أنأنة مكحول؛ فإنه مدلس.

والثانية: جهالة أبي محمد الكلبي، وفي ترجمته أورده ابن عساكر، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وقال الذهبي ثم العسقلاني:

"أبو محمد الشامي. روى حديثاً عن بعض التابعين منكراً. قال الأزدي: كذاب".

قلت: فالظاهر أنه هذا.

4158 - (الكرم التقوى، والشرف التواضع، واليقين الغنى) .

ضعيف

رواه ابن أبي الدنيا في "اليقين" (2/ 2) عن إسماعيل بن عياش، عن أبي يسار المكي، عن يحيى بن أبي كثير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ومن طريقه رواه الشيخ إبراهيم الكوراني في "ذيل ثبته" (13/ 1) إلا أنه قال:

"أبي سنان المكي".

قلت: وهذا إسناد معضل ضعيف.

يحيى بن أبي كثير؛ أكثر حديثه عن التابعين.

وأبو يسار - أو سنان - المكي؛ لم أعرفه.

وإسماعيل بن عياش؛ ضعيف في روايته عن الحجازيين، وهذه منها.

4159 - (كان آخر ما تكلم به - صلى الله عليه وسلم -: جلال ربي الرفيع فقد بلغت، ثم قضى) .

ضعيف

أخرجه الحاكم (3/ 57) : أخبرنا أحمد بن كامل القاضي: حدثنا الحسين بن علي بن عبد الصمد البزاز الفارسي: حدثنا محمد بن عبد الأعلى: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ... إلخ. وقال:

"صحيح الإسناد؛ إلا أن هذا الفارسي واهم فيه على محمد بن عبد الأعلى".

ثم ساقه من طريق زهير وغيره عن سليمان التيمي به بلفظ:

"كان آخر وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حضره الموت: الصلاة الصلاة. (مرتين) ، وما ملكت أيمانكم، وما زال يغرغر بها في صدره وما يفيض بها لسانه".

وقال الحاكم:

"قد اتفقا على إخراج هذا الحديث". قال الذهبي:

"قلت: فلماذا أوردته؟! ". وأقول: إنما أورده الحاكم لسببين: أن هذا هو لفظ حديث أنس، وأما الذي قبله فوهم من الحسين بن علي بن عبد الصمد البزاز الفارسي.

قلت: ولم أجد له ترجمة.

ثم إن الحاكم قد وهم في قوله: إن الحديث متفق عليه. فليس هو في البخاري ولا في مسلم، وإنما رواه بعض أصحاب "السنن" كما يأتي بلفظ: "كانت عامة وصيته ... ". وله شاهد بلفظ:

"كان آخر كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم".

أخرجه أبو داود (2/ 336) ، وابن ماجه (2/ 155) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (25) ، وأحمد (2/ 29 رقم585) من طريق مغيرة، عن أم موسى، عن علي رضي الله عنه.

ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أم موسى؛ قال الدارقطني:

"حديثها مستقيم يعتبر به". وقال الذهبي:

"تفرد عنها مغيرة بن مقسم". وفي التقريب:

"مقبولة".

ثم المغيرة بن مقسم؛ كان يدلس.

ومن هذا تعلم أن قول الأستاذ أحمد محمد شاكر في تعليقه على "المسند": "إسناده صحيح"؛ غير صحيح، وغايته أن يكون حسناً أو صحيحاً لغيره؛ فإن ما قبله يقويه، وله شاهد آخر يأتي: "كان من آخر ... ".

4160 - (كان أعجب الشاة إليه مقدمها) .

ضعيف

أخرجه البيهقي في "السنن" (10/ 7) عن الأوزاعي، عن واصل ابن أبي جميل، عن مجاهد قال: فذكره مرفوعاً. وقال:

"هذا منقطع".

قلت: يعني مرسل. ثم قال:

"ورواه عمر بن موسى بن وجيه - وهو ضعيف -، عن واصل بن أبي جميل، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً به".

ثم ساق إليه إسناده به، وقال:

"ولا يصح وصله".

قلت: ولا مرسلاً؛ فإن واصل بن أبي جميل ليس بالمشهور، ولم يرو عنه غير الأوزاعي وابن وجيه هذا؛ وهو كذاب.

لكن أورده الهيثمي (5/ 36) من حديث عبد الله بن محمد مرفوعاً بلفظ:

"أحب"، وقال:

"رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه يحيى الحماني؛ وهو ضعيف".

ولينظر من عبد الله بن محمد هذا؟

4161 - (كان أحسن الناس صفة وأجملها، كان ربعة إلى الطول ما هو، بعيد ما بين المنكبين، أسيل الخدين، شديد سواد الشعر، أكحل العينين، أهدب [الأشفار] ، إذا وطىء بقدمه وطىء بكلها، ليس له أخمص، إذا وضع رداءه عن منكبيه فكأنه سبيكة فضة، وإذا ضحك يتلألأ) .

ضعيف بتمامه

أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (1/ 203) من طريق الزهري، قال: سئل أبو هريرة عن صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه بين الزهري وأبي هريرة. وقد جاء جله مفرقاً في أحاديث: فقوله:

"كان ربعة". متفق عليه من حديث أنس، وقد خرجته في "الصحيحة" (2053) .

وقوله: "بعيد ما بين المنكبين". متفق عليه أيضاً من حديث البراء بن عازب، وأخرجه الترمذي أيضاً في "الشمائل" (ص 13) ، والبيهقي في "الدلائل" (1/ 167) .

وقوله: "أهدب الأشفار". ثبت من حديث علي، وقد خرجته ثم برقم (2052) ، وأخرجه البيهقي (1/ 162) من حديث أبي هريرة أيضاً.

وقوله: "إذا وطىء بقدمه بكلها؛ ليس له أخمص".

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1155) ، والبيهقي (1/ 182) من طريق أخرى عن الزهري محمد بن مسلم، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:

"كان يطأ بقدميه جميعاً ليس له أخمص".

وإسناده صحيح.

وقوله: "أسيل الخدين". في حديث أبي هريرة المذكور في "الأدب المفرد"، وروي في حديث هند بن أبي هالة؛ وهو ضعيف كما بينته هناك أيضاً (2053) .

وقوله: "كأنه سبيكة فضة". يشهد له أحاديث:

الأول: حديث أبي هريرة: " ... كأنما صيغ من فضة".

وقد سبق تخريجه هناك أيضاً.

  الثاني: عن محرش الكعبي:

"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من الجعرانة ليلاً، فاعتمر، ثم رجع فأصبح كبائت بها، فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة".

أخرجه النسائي (2/ 30) ، وأحمد (3/ 426 و 4/ 69 و 5/ 380) ، والبيهقي (1/ 159) .

قلت: وإسناده صحيح.

الثالث: عن سراقة بن جعشم.

وقوله: "شديد سواد الشعر". فيه حديثان:

الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

"كان رسول الله أسود اللحية، حسن الثغر".

أخرجه البيهقي (1/ 164-165) ، وكذا البخاري في "الأدب المفرد".

قلت: وسنده صحيح.

الثاني: عن أنس:

"إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قد متع بالسواد، ولو عددت ما أقبل علي من شيبه في رأسه ولحيته ما كنت أزيدهن على إحدى عشرة شيبة، وإنما هذا الذي لون من الطيب الذي كان يطيب به شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي غير لونه".

أخرجه البيهقي (1/ 178) .

قلت: وسنده حسن.

4162 - (كان أحب التمر إليه العجوة) .

ضعيف جداً

أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 220) عن  عون بن عمارة: أخبرنا حفص بن جميع، عن ياسين الزيات، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ ياسين الزيات؛ قال البخاري:

"منكر الحديث". وقال النسائي وابن الجنيد:

"متروك". وقال ابن حبان:

"يروي الموضوعات".

4163 - (كان إذا أتاه رجل فرأى في وجهه بشراً أخذ بيده) .

ضعيف

أخرجه ابن سعد (1/ 378-379) من طريق شريك، عن يزيد ابن أبي زياد، عن عكرمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ...

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إرساله فيه ضعيفان: يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم -، وشريك - وهو ابن عبد الله القاضي -.

4164 - (كان إذا أتي بلبن قال: بركة أو بركتان) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (3321) ، وأحمد (6/ 145) من طريق جعفر بن برد الراسبي: حدثتني مولاتي أم سالم الراسبية قالت: سمعت عائشة تقول: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أم سالم هذه لا تعرف؛ قال الذهبي:

"تفرد عنها مولاها جعفر بن برد".

يعني: أنها مجهولة.

وجعفر بن برد؛ قال الدارقطني:

"مقل يعتبر به".

4165 - (كان إذا أراد أن يتحف الرجل بتحفة؛ سقاه من ماء زمزم) .

ضعيف

أخرجه أبو بكر بن سلمان الفقيه في "مجلس من الأمالي" (5/ 2) ، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 304) عن محمد بن حميد الرازي: حدثنا جرير، عن أبي داود الطيالسي، عن شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال أبو نعيم:

"حديث غريب".

يعني: ضعيف، وعلته الرازي هذا؛ فإنه ضعيف مع حفظه.

4166 - (كان إذا أراد أن يزوج امرأة من نسائه يأتيها من وراء الحجاب فيقول: يا بنية! إن فلاناً قد خطبك، فإن كرهتيه فقولي: لا؛ فإنه لا يستحي أحد أن يقول: لا، وإن أحببت فإن سكوتك إقرار) .

ضعيف

رواه الطبراني (1/ 5/ 1) ، وابن عدي (7/ 261-262) عن يزيد ابن عبد الملك، عن يزيد بن حصيفة، عن السائب بن يزيد عن عمر مرفوعاً.

قلت: وهذا سند ضعيف؛ من أجل يزيد هذا - وهو النوفلي -؛ قال الحافظ:

"لين الحديث".

وقد روي مرسلاً؛ أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 4/ 1) و (4/ 136 - ط) : حفص، عن ابن جريج، عن عطاء مرفوعاً.

وأخرجه عبد الرزاق (6/ 144) عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني به. فهو معضل.

ورواه ابن عساكر (4/ 289/ 1) عن بقية بن الوليد: أخبرنا إبراهيم - يعني: ابن أدهم -: حدثني أبي أدهم بن منصور، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به دون قوله: "فإن كرهتيه ... ".

قلت: وأدهم بن منصور؛ لم أجد له ترجمة، وسائر رجاله موثقون.

ورواه عبد الرزاق (6/ 141-142) ، والبيهقي (7/ 123) من طريق يحيى ابن أبي كثير، عن المهاجر بن عكرمة المخزومي قال: فذكره.

قلت: وهذا مرسل؛ المهاجر هذا؛ تابعي مجهول الحال.

وقد وصله أبو الأسباط، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وعن عكرمة، عن ابن عباس قالا: فذكره نحوه.

أخرجه البيهقي وقال:

"المحفوظ من حديث يحيى، مرسل".

قلت: وكل هذه الروايات ليس فيها قوله: "فإن كرهتيه فقولي: لا ... " إلخ، فدل على نكارته.

وحديث أبي هريرة قد جاء بإسناد آخر خير من هذا، ولذلك خرجته في "الصحيحة" (2973) .

4167 - (كان إذا أراد سفراً قال: اللهم بك أصول، وبك أجول، وبك أسير) .

ضعيف

أخرجه أحمد (1/ 90 و 191) ، والبزار (3126) ، وابن جرير الطبري في "التهذيب" (رقم7 - مسند علي) وصححه، عن أبي سلام عبد الملك ابن مسلم بن سلام، عن عمران بن ظبيان، عن حكيم بن سعد، عن علي رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات غير عمران بن ظبيان؛ فقال البخاري:

"فيه نظر". وقال أبو حاتم:

"يكتب حديثه".

وذكره العقيلي، وابن عدي في "الضعفاء".

وأما يعقوب بن سفيان؛ فقال: "ثقة"، وهو لازم تصحيح الطبري لإسناده، وتناقض فيه ابن حبان، فأورده في "الثقات" وفي "الضعفاء" أيضاً؛ وقال:

"فحش خطؤه حتى بطل الاحتجاج به". وقال الحافظ:

"ضعيف، ورمي بالتشيع".

والحديث عزاه السيوطي لأحمد، فقال المناوي:

"وكذا البزار - برقم (3126) لكن فيه "وبك أقاتل" مكان "وبك أسير" -، قال الهيثمي: "رجالهما ثقات" اهـ. فإشارة المصنف لحسنه تقصير، بل حقه الرمز لصحته".

كذا قال، وكأنه لم يرجع بنفسه إلى إسناد الحديث ليتعرف على رجاله، وليتبين له تساهل الهيثمي في توثيقهم، وفيهم عمران هذا الذي ضعفه الأئمة، ولم يوثقه غير يعقوب بن سفيان ثم ابن حبان على تناقضه فيه.

والحديث قد صح من حديث أنس رضي الله عنه نحوه؛ لكن في الغزو، وقال: "وبك أقاتل" مكان "وبك أسير". وهو لفظ البزار.

وهو مخرج في "الكلم الطيب" (126) ، وفي "صحيح أبي داود" (2366) .

4168 - (كان يدعو إذا استسقى: اللهم! أنزل في أرضنا بركتها، وزينتها، وسكنها، [وارزقنا وأنت خير الرازقين] ) .

ضعيف

ذكره الهيثمي من حديث سمرة بن جندب، وقال (2/ 215) :

"رواه الطبراني في "الكبير"، والبزار باختصار، وإسناده حسن أو صحيح".

كذا قال، وقد أخرجه البزار (ص 75 - زوائده) من طريق سويد بن إبراهيم، عن قتادة، ومن طريق سعيد بن بشير، عن مطر؛ كلاهما، عن الحسن، عن سمرة به دون الزيادة.

وسويد بن إبراهيم؛ صدوق سيىء الحفظ له أغلاط، وقد أفحش ابن حبان فيه القول؛ كما في "التقريب".

ونحوه مطر، وهو ابن طهمان الوراق.

وسعيد بن بشير؛ ضعيف.

ومدار الطريقين على الحسن - وهو البصري -؛ مدلس وقد عنعنه، مع اختلافهم في ثبوت سماعه من سمرة.

ثم قال البزار: حدثنا خالد بن يوسف: حدثني أبي: حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة: حدثنا خبيب بن سليمان، عن أبيه، عن سمرة بن جندب به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مسلسل بالعلل:

الأولى: سليمان - وهو ابن سمرة -؛ مجهول الحال.

الثانية: خبيب بن سليمان؛ مجهول.

الثالثة: جعفر بن سعد بن سمرة؛ ليس بالقوي.

الرابعة: يوسف - وهو ابن خالد السمتي -؛ قال الحافظ:

"تركوه وكذبه ابن معين، وكان من فقهاء الحنفية".

الخامسة: خالد بن يوسف؛ قال الذهبي في ترجمته من "الميزان":

"أما أبوه فهالك، وأما هو فضعيف".

وقال صاحب "الزوائد":

"ويوسف واهي الحديث، ولكن توبع".

قلت: فلينظر؛ هل يعني أنه توبع متابعة تامة أم قاصرة؟ وعلى كل حال فالحديث ضعيف؛ من الطريقين، لاحتمال أن يكون الحسن تلقاه من سليمان بن سمرة المجهول. وكأنه لذلك قال ابن حجر:

"إسناده ضعيف". كما نقله المناوي وأقره.

4169 - (كان إذا استلم الركن اليماني قبله ووضع خده عليه) .

ضعيف

رواه ابن خزيمة (2727) ، والحاكم (1/ 456) ، وأبو يعلى (4/ 472-473) ، وابن عدي (212/ 2) ، والبيهقي (5/ 76) ، عن عبد الله ابن مسلم بن هرمز، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال ابن عدي:

"ابن هرمز مقدار ما يرويه لا يتابع عليه". وقال البيهقي:

"تفرد به عبد الله بن مسلم بن هرمز، وهو ضعيف، والأخبار عن ابن عباس في تقبيل الحجر الأسود والسجود عليه، إلا أن يكون أراد بالركن اليماني الحجر الأسود؛ فإنه أيضاً يسمى بذلك؛ فيكون موافقاً لغيره".

قلت: كلا؛ فإن في هذا وضع الخد عليه، وهذا منكر لم يتابع عليه ابن هرمز؛

 ولم يرد في شيء من تلك الأخبار التي أشار إليها البيهقي، ولا يخفى أن السجود عليه شيء، ووضع الخد عليه شيء آخر. فتأمل.

وحديث السجود عليع؛ مخرج في "الإرواء" (1112) .

وأما الحاكم فقال: "صحيح الإسناد"!

ووقع في "تلخيص الذهبي":

"صحيح، وعبد الله بن مسلم بن هرمز هذا؛ ضعفه غير واحد، وقال أحمد: صالح الحديث".

قلت: هكذا وقع في المطبوعة: "صحيح ... " ثم تضعيف ابن هرمز، وهذا - فيما يبدو لي - ناقض ومنقوض، فلعله سقط من بينها لفظة: "قلت"، والصواب: "صحيح. قلت ... " كما هي الجادة عنده، وهذا هو المناسب للتضعيف المذكور، ولجزمه بضعف ابن هرمز في "الكاشف".

وقول أحمد فيه: "صالح الحديث" لو سلم به على إطلاقه؛ فلا يقبل عند مخالفته وروايته المنكر كهذا.

4170 - (كان إذا اشتدت الريح الشمال قال: اللهم! إني أعوذ بك من شر ما أرسلت - وفي رواية: أرسل فيها -) .

ضعيف

أخرجه البزار "كشف" (3117) والرواية له، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص 82) ، وابن السني في "عمل اليوم" (295) ، وابن عساكر (18/ 135/ 1) عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن يزيد بن الحكم بن أبي العاص، عن عثمان بن أبي العاص مرفوعاً.  قلت: هذا إسناد ضعيف؛ يزيد بن الحكم ترجمه ابن أبي حاتم (4/ 2/ 257) ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

وعبد الرحمن بن إسحاق - هو أبو شيبة الواسطي -؛ ضعيف اتفاقاً.

4171 - (كان إذا اشتكى اقتمح كفاً من شونيز، وشرب عليه ماء وعسلاً) .

موضوع

أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (1/ 342) عن أبي عمران سعيد بن ميسرة، عن أنس بن مالك: فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ سعيد بن ميسرة؛ قال ابن حبان:

"يروي الموضوعات". وقال الحاكم:

"روى عن أنس موضوعات".

وكذبه يحيى القطان.

4172 - (كان إذا أصابه رمد أو أحداً من أصحابه؛ دعا بهؤلاء الكلمات: اللهم متعني ببصري، واجعله الوارث مني، وأرني في العدو ثأري، وانصرني على من ظلمني) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن السني (559) ، والحاكم (4/ 413-314) عن يوسف بن عطية قال: جلست إلى يزيد الرقاشي فسمعته يقول: حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه: فذكره مرفوعاً.

قلت: سكت عليه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:

"قلت: فيه ضعيفان".

وأقول: أحدهما ضعيف جداً، وهو يوسف بن عطية، وهو الصفار البصري؛ قال الحافظ:

"متروك".

4173 - (كان إذا أصابه كرب أو غم يقول: حسبي الرب من العباد، حسبي الخالق من المخلوقين، حسبي الرزاق من المرزوقين، حسبي الذي هو حسبي، حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم) .

ضعيف

أخرجه ابن أبي الدنيا في "الفرج والشدة" (ص 15) عن خليل بن مرة، عن فقيه أهل الأردن، قال: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، مسلسل بالعلل:

فقيه أهل الأردن؛ مجهول لم يسم، والظاهر أنه تابعي، فهو إلى ذلك مرسل.

والخليل بن مرة؛ ضعيف.

 

(9/193)

 

 

4174 - (كان إذا اطلى حلق عانته بيده) .

ضعيف

رواه ابن سعد (1/ 442) ، وأبو القاسم الفضل بن جعفر المؤذن في "نسخة أبي مسهر" (3/ 1) عن سفيان، عن منصور قال: فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا معضل؛ رجاله ثقات.

ثم رواه ابن سعد من طريقين أخريين، عن منصور وحبيب بن أبي ثابت قالا: فذكره مرسلاً.

وعن إبراهيم؛ معضلاً.

 

(9/193)

 

 

وقد وصله كامل أبو العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أم سلمة:

"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اطلى وولي عانته بيده".

أخرجه ابن ماجه (3752) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 67) وقال:

"غريب من حديث حبيب، تفرد به كامل".

قلت: كلا؛ فقد تابعه أبو هاشم الرماني، عن حبيب بلفظ:

"كان إذا اطلى بدأ بعورته فطلاها بالنورة، وسائر جسده أهله".

أخرجه ابن ماجه أيضاً (3751) .

قلت: ورجاله ثقات، فهو صحيح الإسناد لولا أن حبيب بن أبي ثابت كان يدلس، بل قد قال أبو زرعة:

"لم يسمع من أم سلمة". وقال الحافظ في "التهذيب".

"أرسل عن أم سلمة".

4175 - (كان يدعو بهذه الدعوات إذا أصبح وإذا أمسى: اللهم إني أسألك من فجأة الخير، وأعوذ بك من فجأة الشر؛ فإن العبد لا يدري ما يفجأه إذا أصبح وإذا أمسى) .

ضعيف جداً

أخرجه أبو يعلى (2/ 852) ، وعنه ابن السني (37) عن يوسف بن عطية، عن ثابت، عن أنس مرفوعاً.

قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ لما عرفت آنفاً من حال ابن عطية قبل حديثين.

(تنبيه) : أورده السيوطي في "الجامع" بلفظ:

 

(9/194)

 

 

"كان إذا أصبح يدعو بهذه ... " والباقي مثله سواء؛ من رواية أبي يعلى وابن السني، وهو عندهما باللفظ المذكور أعلاه، فقدم السيوطي فيه وأخره سهواً.

4176 - (كان إذا أوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وقذ لذلك ساعة كهيئة السكران) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 197) عن عبيد الله ابن موسى العبسي قال: أخبرنا إسرائيل، عن جابر، عن عكرمة قال: فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فإنه مع إرساله؛ فيه جابر وهو ابن يزيد الجعفي، وهو ضعيف؛ بل اتهمه بعضهم.

 

(9/195)

 

 

4177 - (كان إذا بعث أميراً قال: اقصر الصلاة، وأقل من الكلام؛ فإن من الكلام سحراً) .

ضعيف جداً

رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 338) ، وعنه الخطيب (6/ 59-60) قال: حدثنا أبو محمد بن حيان: حدثنا حمدان بن الهيثم: حدثنا الهيثم ابن خالد البغدادي: حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي: حدثنا جميع بن ثوب، عن يزيد ابن خمير، عن أبي أمامة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته جميع بن ثوب؛ قال البخاري والدارقطني وغيرهما:

"منكر الحديث". وقال النسائي:

"متروك الحديث".

 

(9/195)

 

 

ومن طريقه؛ أخرجه الطبراني في "الكبير"، وقال المناوي:

"رمز المصنف لحسنه، وليس كما قال، فقد أعله الحافظ الهيثمي بأنه من رواية جميع بن ثوب؛ وهو متروك".

4178 - (كان إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم من أول النهار) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (2606) ، والدارمي (2/ 214) ، والترمذي (1/ 228) ، وابن ماجه (2236) ، وأحمد (3/ 416 و 417 و 431-432 و 4/ 384 و 390) عن عمارة بن حديد، عن صخر الغامدي مرفوعاً. وقال الترمذي: "حديث حسن".

قلت: كذا قال، ولعله يعني أنه حسن لغيره، وإلا؛ فعمارة هذا مجهول اتفاقاً؛ إلا ابن حبان فوثقه على قاعدته المعروفة في توثيق المجهولين، ولو مجهول العين كهذا.

ولم أجد للحديث شاهداً نقويه به. فالله أعلم.

 

(9/196)

 

 

4179 - (كان إذا تعار من الليل قال: رب اغفر وارحم، واهدني السبيل الأقوم) .

ضعيف

أخرجه ابن نصر في "قيام الليل" (ص 43) عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبي كثير مولى أم سلمة، عن أم سلمة مرفوعاً.

قلت: وهذا سند ضعيف؛ أبو كثير هذا؛ قال الترمذي:

"لا يعرف".

وعبد الرحمن بن إسحاق؛ إن كان المدني فهو حسن الحديث، وإن كان الواسطي فضعيف.

 

(9/196)

 

 

والحديث رواه حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن أم سلمة بلفظ.

"كان يقول ... " فذكره؛ دون التعار.

أخرجه أبو يعلى (12/ 6893) ، وأحمد (6/ 203-204 و 315) .

وهذا ضعيف أيضاً؛ الحسن - هو البصري -؛ مدلس وقد عنعنه.

وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان -؛ ضعيف.

4180 - (كان إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (1/ 12) عن رشدين بن سعد، عن عبد الرحمن ابن زياد بن أنعم، عن عتبة بن حميد، عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ... ، وقال:

"هذا حديث غريب، وإسناده ضعيف، ورشدين بن سعد وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي؛ يضعفان في الحديث".

 

(9/197)

 

 

4181 - (كان إذا توضأ صلى ركعتين، ثم خرج إلى الصلاة) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (1146) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة قالت: فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن أبا إسحاق كان اختلط، ولعل أبا الأحوص سمع منه هذا الحديث بعد اختلاطه؛ فإنه يبدو لي أنه اختصره اختصاراً مخلاً، بحيث يتبادر للذهن أن الركعتين المذكورتين هما سنة الوضوء؛ وهو ما فهمه المناوي فقال:

 

(9/197)

 

 

"وفيه ندب ركعتين سنة الوضوء، وأن الأفضل فعلهما في بيته قبل إتيان المسجد"!

وليس ذلك هو المراد، وإنما هما سنة الفجر، وقد أشار إلى ذلك ابن ماجه نفسه بإخراجه الحديث تحت: "باب ما جاء في الركعتين قبل الفجر".

ويدلك على ذلك سياق الحديث بتمامه عند مسلم (2/ 167) وغيره، عن زهير أبي خيثمة، عن أبي إسحاق قال:

سألت الأسود بن يزيد عما حدثته عائشة عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت:

"كان ينام أول الليل، ويحيي آخره، ثم إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته، ثم ينام، فإذا كان عند النداء الأول - قالت: - وثب - ولا والله ما قالت: قام -، فأفاض عليه الماء - ولا والله ما قالت: اغتسل، وأنا أعلم ما تريد -، وإن لم يكن جنباً توضأ وضوء الرجل للصلاة، ثم صلى الركعتين".

وزاد أحمد (6/ 214) من طريق إسرائيل عنه:

"ثم خرج إلى المسجد"، وللبخاري نحوه (1146) من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، لكنه لم يذكر الركعتين. وكذا رواه ابن حبان (2584) .

ولابن ماجه منه (1365) جملة النوم فقط.

فالحديث على هذا شاذ لا يصح. والله أعلم.

4182 - (كان إذا جاءه جبريل، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم؛ علم أنها سورة) .

ضعيف

أخرجه الحاكم في "المستدرك" (1/ 231) عن مثنى بن الصباح،

 

(9/198)

 

 

عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره، وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد". ورده الذهبي بقوله:

"قلت: مثنى؛ قال النسائي: متروك". وقال الحافظ:

"ضعيف، اختلط بآخره، وكان عابداً".

وقد خالفه سفيان بن عيينة فقال: عن عمرو بن دينار بلفظ:

"كان لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه (بسم الله الرحمن الرحيم) ".

وقال الذهبي:

"قلت: أما هذا؛ فثابت".

قلت: وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (754) .

4183 - (كان إذا جرى به الضحك وضع يده على فيه) .

ضعيف جداً

رواه الدولابي (1/ 53 و 89) عن جابر، عن يزيد بن مرة، عن جده مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ يزيد بن مرة؛ أورده ابن أبي حاتم (4/ 2/ 287) ونسبه الجعفي، وقال:

"روى عن عمر بن الخطاب، مرسل، وعن سلمة بن يزيد. روى عنه جابر الجعفي".

ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول.

وجده؛ لم أعرفه.

 

(9/199)

 

 

وجابر - هو ابن يزيد الجعفي -؛ ضعيف، بل اتهمه بعضهم.

والحديث ذكره السيوطي من رواية البغوي عن والد مرة. قال المناوي:

"الثقفي". وأظنه وهماً منه رحمه الله؛ وإنما هو الجعفي كما سبق.

4184 - (كان إذا حم؛ دعا بقربة من ماء، فأفرغها على قرنه، فاغتسل) .

ضعيف

أخرجه الأنصاري في "جزئه" (6/ 2) ، ومن طريقه الحاكم (4/ 403-404) عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن سمرة بن جندب رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. وقال الحاكم:

"هذا حديث صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي.

قلت: كذا قالا! والحسن مدلس وقد عنعنه، على اختلافهم في ثبوت سماعه من سمرة.

وإسماعيل بن مسلم - هو أبو إسحاق المكي -؛ وهو ضعيف.

 

(9/200)

 

 

4185 - (كان إذا خلا في بيته؛ ألين الناس، وأكرم الناس، ضحاكاً بساماً) .

ضعيف

أخرجه ابن سعد (1/ 365) ، والخرائطي (ص 11) ، وابن عدي (64/ 2) ، وتمام (235/ 1) من طريق حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ قال الحافظ:

"حارثة بن أبي الرجال؛ ضعيف". وقال الذهبي:

 

(9/200)

 

 

"ضعفه أحمد وابن معين. وقال النسائي: متروك. وقال البخاري: منكر الحديث، لم يعتد به أحد".

4186 - (كان إذا دخل الجبانة قال: السلام عليكم أيتها الأرواح الفانية، والأجداث البالية، والعظام النخرة، التي خرجت من الدنيا وهي بالله مؤمنة، اللهم! أدخل عليهم روحاً منك، وسلاماً منا) .

ضعيف

رواه الديلمي (2/ 218) عن ابن السني معلقاً - وهذا في "عمل اليوم والليلة" (586) -، وعبد الغني المقدسي في "السنن" (ق 94/ 1) من طريق إبراهيم بن أحمد بن عمرو الضحاك: حدثنا عبد الوهاب بن جابر (وفي نسخة من "العمل": حامد) التيمي: حدثنا حبان بن علي العنزي، عن الأعمش، عن أبي رزين، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ العنزي ضعيف مع فقهه وفضله.

واللذان دونه؛ لم أعرفهما. وقد صرح ابن رجب في "الأهوال" (ق 131/ 2) بأن عبد الوهاب لا يعرف، وحبان ضعيف.

والحديث ظاهر النكارة، لوصفه الأرواح بأنها فانية، وهذا خلاف ما عليه المسلمون جميعاً، ولذلك تأوله المناوي تأويلاً بعيداً فقال:

"أي: الأرواح التي أجسادها فانية".

وكأنه اغتر بهذا التأويل بعض الخطباء في هذا البلد، فأورد الحديث في جزء صغير ضمنه أحاديث انتقاها من "الجامع الصغير"، منها هذا الحديث، ولم يدر أن التأويل فرع التصحيح، وأن الحديث ليس بصحيح. والله المستعان.

وقد وجدت حديثاً آخر فيه هذا الوصف، في حديث أورده السيوطي من رواية

 

(9/201)

 

 

الديلمي في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (ص 150-151) فليراجعه من شاء.

وروى عبد الغني من طريق هشيم بن بشير، عن أبي محمد الأسدي، عن الحسن البصري قال:

"من دخل المقابر قال: اللهم رب هذه الأجساد البالية.... (إلخ) ؛ إلا أشفعوا له كل ميت منذ خلق الله الأرض".

وهذا مع كونه مقطوعاً، فإن أبا محمد الأسدي؛ الظاهر أنه الذي حدث عنه جرير؛ قال الذهبي فيه:

"مجهول".

4187 - (كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم! إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم، وإذا خرج قال: الحمد لله الذي أذاقني لذته، وأبقى في قوته، وأذهب عني أذاه) .

ضعيف

أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم (24) عن حبان ابن علي العنزي، عن إسماعيل بن رافع، عن دويد بن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف العنزي وإسماعيل بن رافع.

وأخرج البغوي (3/ 187 - دار طيبة) شطره الأول.

 

(9/202)

 

 

4188 - (كان إذا دخل الخلاء قال: يا ذا الجلال) .

ضعيف

أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم (18) عن زكريا ابن أبي زائدة، عن النخعي، عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لأن الظاهر أن النخعي هذا هو إبراهيم بن يزيد

 

(9/202)

 

 

النخعي، ولم يثبت سماعه من عائشة؛ كما في "التهذيب".

4189 - (كان إذا دخل الغائط قال: اللهم! إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم) .

ضعيف

أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم (17) عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن وقتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل عنعنة الحسن وقتادة، وضعف إسماعيل ابن مسلم - وهو أبو إسحاق البصري -.

والحديث رواه أبو داود في "مراسيله" عن الحسن مرسلاً.

ورواه ابن ماجه (299) عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعاً بلفظ:

"لا يعجز أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول: اللهم! إني أعوذ بك من الرجس ... " والباقي مثله.

وهذا إسناد واه، قال ابن حبان:

"إذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد والقاسم؛ فهو مما عملته أيديهم".

وروي الحديث عن بريدة وهو:

 

(9/203)

 

 

4190 - (كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم! إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم، وكان إذا خرج قال: غفرانك وإليك المصير) .

ضعيف جداً

رواع ابن عدي (101/ 1) عن حفص بن عمر بن ميمون:

 

(9/203)

 

 

حدثنا المنذر بن ثعلبة، عن علباء بن أحمر، عن علي. وعن عبد الله بن بريدة، عن أبيه مرفوعاً، وقال:

"قد جمع فيه صاحبيين: علياً وبريدة، وجميعاً غريبان في هذا الباب. وما أظن رواهما غير حفص بن عمر هذا، وعامة حديثه غير محفوظ".

قلت: وهو مختلف فيه؛ فقد قيل فيه: ثقة، لكن ضعفه الجمهور، وقال ابن معين والنسائي:

"ليس بثقة". وقال العقيلي:

"يحدث بالأباطيل". وقال الدارقطني:

"ضعيف". وقال في "العلل":

"متروك".

4191 - (كان إذا دخل المرفق لبس حذاءه وغطى رأسه) .

ضعيف

رواه ابن سعد (1/ 383) ، والبيهقي (1/ 96) عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن حبيب بن صالح قال: فذكره موفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إعضاله، فيه أبو بكر بن أبي مريم؛ وكان ضعيفاً لاختلاطه.

وقد روي الحديث من وجه آخر موصولاً بلفظ:

 

(9/204)

 

 

4192 - (كان إذا دخل الخلاء غطى رأسه، وإذا أتى أهله غطى رأسه) .

ضعيف

رواه أبو نعيم (7/ 138-139) ، والبيهقي (1/ 96) ، وأبو الحسن

 

(9/204)

 

 

النعالي في "حديثه" (124/ 2) عن محمد بن يونس بن موسى القرشي، عن خالد بن عبد الرحمن المخزومي: حدثنا سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

ومن هذا الوجه؛ رواه الخطيب في "تلخيص المتشابه في الرسم" (13/ 138/ 2) ، وابن عدي (316/ 2) وقال:

"ومحمد بن يونس الكديمي كان مع وضعه للحديث وادعائه مشايخاً لم يكتب عنهم يخلق لنفسه شيوخاً حتى يقول: حدثنا شاصويه بن عبيد ... ".

وقال البيهقي:

"والكديمي أظهر من أن يحتاج إلى أن يبين ضعفه".

قلت: وشيخه المخزومي قريب منه؛ فقد قال الحافظ:

"متروك".

وقد توبع؛ فقد قال أبو نعيم عقبه:

"تفرد به عن الثوري خالد وعلي بن حيان المخزومي". ثم ساقه من طريق إبراهيم بن راشد: حدثنا علي بن حيان الجزري: حدثنا سفيان الثوري به.

وعلي بن حيان هذا؛ لم أجد من ذكره.

وإبراهيم بن راشد؛ قال الذهبي:

"وثقه الخطيب، واتهمه ابن عدي".

وبالجملة؛ فالحديث لم يتفرد به الكديمي فهو بريء العهدة منه، والعلة من شيخه المتروك، وعلي بن حيان المجهول.

 

(9/205)

 

 

4193 - (كان إذا دعا لرجل أصابته، وأصابت ولده، وولد ولده) .

ضعيف

أخرجه أحمد (5/ 385-386) ، وابن أبي شيبة (12/ 44/ 1) ، وابن بشران في "الأمالي" (ق 170/ 1) عن أبي بكر بن عمرو بن عتبة، عن ابن لحذيفة، عن أبيه مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة ابن حذيفة.

وأبو بكر بن عمرو بن عتبة؛ هو الثقفي؛ قال ابن أبي حاتم (4/ 2/ 341) .

"روى عنه مسعر والمسعودي وعبد الله بن الوليد".

ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً؛ فهو مجهول الحال.

 

(9/206)

 

 

4194 - (كان إذا دنا من منبره يوم الجمعة سلم على من عنده من الجلوس، فإذا صعد المنبر استقبل الناس بوجهه، ثم سلم) .

ضعيف

رواه ابن عدي (296/ 2) ، والبيهقي (3/ 205) ، وابن عساكر (14/ 9/ 2) عن الوليد بن مسلم، عن عيسى بن عبد الله الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. وقال البيهقي:

"تفرد به عيسى بن عبد الله بن الحكم بن النعمان بن بشير أبو موسى الأنصاري، قال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه".

ومن طريقه؛ رواه الطبراني أيضاً في "الأوسط" (2/ 117/ 2) وقال:

"تفرد به الوليد".

قلت: وهو يدلس تدليس التسوية.

ومما تقدم تعلم خطأ العلامة صديق حسن خان في كتابه "الموعظة الحسنة"؛

 

(9/206)

 

 

فإنه جزم بنسبة ما تضمنه الحديث من شرعية تسليم الخطيب على الحاضرين لديه، ثم إذا صعد المنبر سلم أيضاً، وإنما صح عنه - صلى الله عليه وسلم - تسليمه عند جلوسه على المنبر، وذلك بمجموع طرقه وعمل الخلفاء به من بعده؛ كما بينته في "الصحيحة" (2076) ، وانظر تعليقي على هذا الخطأ في رسالتي "الأجوبة النافعة" (ص 50 - الطبعة الأولى) .

4195 - (ما رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه إلى السماء إلا قال: يا مصرف القلوب! ثبت قلبي على طاعتك) .

ضعيف

أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (300) عن صالح بن محمد بن زائدة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة رضي الله عنها قالت: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل صالح هذا؛ فإنه ضعيف؛ كما قال الحافظ.

 

(9/207)

 

 

4196 - (كان إذا رأى سهيلاً قال: لعن الله سهيلاً؛ فإنه كان عشاراً فمسخ) .

موضوع

رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (رقم 644) عن إسرائيل ابن يونس، عن جابر، عن أبي الطفيل، عن علي مرفوعاً.

قلت، وهذا إسناد موضوع؛ آفته جابر هذا - وهو الجعفي - وهو كذاب؛ كما سبق غير مرة، ومع ذلك فقد سود به السيوطي "الجامع الصغير"!

وقد روي بلفظ آخر، وهو:

 

(9/207)

 

 

"لعن الله سهيلاً (ثلاث مرات) ؛ فإنه كان يعشر الناس في الأرض؛ فمسخه الله شهاباً".

رواه الطبراني في "الكبير" (1/ 12/ 1) ، ومشرق بن عبد الله الفقيه في "حديثه" (65/ 1) عن سفيان، عن جابر به مرفوعاً.

والحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" وقال:

"لا يصح؛ مداره على جابر الجعفي وهو كذاب، ورواه وكيع عن الثوري موقوفاً، وهو الصحيح".

قلت: وعليه؛ فهو من الإسرائيليات؛ رفعه هذا الكذاب!

وقد تعقبه السيوطي في "اللآلي" (1/ 160) بأمرين:

الأول: أن جابراً وثقه شعبة وطائفة.

قلت: وقد كذبه آخرون من الأئمة؛ منهم ابن معين، وأحمد، وزائدة وحلف على ذلك، وغيرهم.والجرح مقدم على التعديل؛ فما فائدة التعقب بالتوثيق المذكور بعد الجرح المفسر؟!

الثاني: أن له طريقاً أخرى؛ ساقها من رواية أبي الشيخ في "العظمة" بسند له فيه جهالة، عن إسحاق بن سليمان، عن عمر بن قيس، عن يحيى بن عبد الله، عن أبي الطفيل مرفوعاً به.

قلت: وسكت عنه السيوطي فأساء؛ لأنه مع الجهالة التي أشرنا إليها؛ فإن عمر بن قيس - وهو أبو جعفر المعروف بـ "سندل" -؛ متفق على تضعيفه، وقال البخاري:

"منكر الحديث". وقال أحمد:

 

(9/208)

 

 

"أحاديثه بواطيل".

قلت: فمثله لا يستشهد به ولا كرامة.

وللحديث شاهد شر من هذه؛ أخرجه ابن السني أيضاً (رقم 646) عن عثمان ابن عبد الرحمن: حدثنا إبراهيم بن يزيد، عن عمرو بن دينار، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً نحوه.

وهذا إسناد موضوع؛ عثمان بن عبد الرحمن - هو الوقاصي -؛ وهو كذاب، وقد مضى مراراً.

وشيخه إبراهيم بن يزيد؛ الظاهر أنه الخوزي وهو ضعيف جداً؛ قال أحمد والنسائي:

"متروك". وقال ابن معين:

"ليس بثقة". وقال البخاري:

"سكتوا عنه".

ثم رأيته عند البزار (1/ 427/ 902) من طريق عبد الأعلى - وهو ابن عبد الأعلى السامي الثقة -: حدثنا إبراهيم بن يزيد به.

ثم رواه (903) من طريق مبشر بن عبيد، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر.

ومبشر؛ كذاب.

4197 - (كان إذا خرج من الغائط قال: الحمد لله الذي أحسن إلي في أوله، وآخره) .

موضوع

أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (23) عن عبد الله بن

 

(9/209)

 

 

محمد العدوي: حدثني عبد الله الداناج، عن أنس بن مالك مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته العدوي هذا؛ قال الحافظ:

"متروك، رماه وكيع بالوضع".

4198 - (كان إذا زوج أو تزوج نثر تمراً) .

موضوع

أخرجه البيهقي في "السنن" (7/ 287-288) عن عاصم بن سليمان: أخبرنا هشام بن عروة، عن أمه، عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً. وقال البيهقي:

"عاصم بن سليمان؛ بصري رماه عمرو بن علي بالكذب، ونسبه إلى وضع الحديث".

وقال الساجي وابن عدي:

"يضع الحديث". وقال الطيالسي:

"كذاب".

وروى البيهقي أيضاً من طريق الحسن بن عمرو: أخبرنا القاسم بن عطية، عن منصور بن صفية، عن أمه، عن عائشة رضي الله عنها:

"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج بعض نسائه فنثر عليه التمر". وقال:

"الحسن بن عمرو - وهو ابن سيف العبد ي -؛ بصري عنده غرائب".

قلت: بل هو شر من ذلك؛ فقد كذبه ابن المديني، وقال البخاري:

"كذاب". وقال الرازي:

 

(9/210)

 

 

"متروك".

وهذا هو الذي اعتمده الحافظ؛ أنه متروك.

4199 - (كان إذا سأل جعل باطن كفيه إليه (وفي رواية: إلى وجهه) ، وإذا استعاذ جعل ظاهرهما إليه) .

ضعيف بتمامه

أخرجه أحمد (4/ 56) من طريق ابن لهيعة، عن حبان بن واسع، عن خلاد بن السائب الأنصاري مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، فيه علتان:

الأولى: خلاد هذا؛ مختلف في صحبته؛ قال الحافظ في "التقريب":

"ثقة من الثالثة، ووهم من زعم أنه صحابي".

قلت: وهذا التوثيق من الحافظ اجتهاد منه، وكأن وجهه أنه تابعي روى عنه جماعة من الثقات، ولم يجرح، وإلا فهو لم يحك في "التهذيب" توثيقه عن أحد، بل نقل عن العجلي أنه قال:

"ما نعرفه".

والأخرى: سوء حفظ ابن لهيعة.

والحديث قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 168) :

"رواه أحمد مرسلاً، وإسناده حسن"!

(تنبيه) : عزاه السيوطي في "الجامع" لـ (حم - عن السائب بن خلاد) .

يعني والد الخلاد بن السائب، وعليه؛ فالحديث متصل، وهو وهم من السيوطي رحمه الله، سببه أنه رأى الحديث عند أحمد في "مسند السائب بن

 

(9/211)

 

 

خلاد" فتوهم أنه عنه، ولم يتنبه أن الراوي لم يقل في إسناده: "عن أبيه"، وإنما أوقفه على الخلاد بن السائب، ولذلك جزم الهيثمي بأنه مرسل كما رأيت، ولم يتنبه لهذا المناوي، فقال عقب عبارة الهيثمي السابقة:

"وفيه إيذان بضعف هذا المتصل، فتحيز المصنف له كأنه لاعتضاده"! .

كذا قال! وقد علمت أن المتصل لا أصل له عند أحمد. نعم؛ قد عزاه الهيثمي (10/ 169) للطبراني عن خلاد بن السائب، عن أبيه بالشطر الأول منه؛ وقال:

"وفيه حفص بن هاشم بن عتبة؛ وهو مجهول".

قلت: وهذا الشطر هو عند أحمد أيضاً؛ لكن من الطريق الأولى مرسلاً، والتي فيها ابن لهيعة. والظاهر أنه في طريق الطبراني أيضاً؛ فقد ذكر الذهبي في ترجمة حفص هذا أنه:

"روى عنه ابن لهيعة وحده".

وإذا صح هذا؛ فيكون ابن لهيعة قد اضطرب في إسناد الحديث؛ فتارة أرسله، وتارة وصله من طريق هذا المجهول. والله أعلم.

لكن هذا الشطر له شواهد؛ منها عند الطبراني في "الكبير" (3/ 150/ 1) عن ابن عباس مرفوعاً:

"كان إذا دعا جعل باطن كفه إلى وجهه".

وإسناده ضعيف، لا بأس به في الشواهد.

بل قد ثبت الأمر بذلك والنهي عن السؤال بظهور الأكف؛ كما تقدم تحقيقه في "الصحيحة" (595) .

 

(9/212)

 

 

وأما الشطر الثاني من الحديث؛ فلم أجد له شاهداً نعضده به.

نعم؛ روى حماد بن سلمة، عن بشر بن حرب، عن أبي سعيد الخدري قال:

"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقفاً بعرفة يدعو هكذا - ورفع يديه حيال ثندوتيه، وجعل بطون كفيه مما يلي الأرض -".

أخرجه أحمد (3/ 13) .

قلت: فهذا ضعيف الإسناد؛ لأن بشراً هذا قال الهيثمي:

"ضعيف". وقال الحافظ:

"صدوق فيه لين".

ومع ذلك فليس فيه ذكر الاستعاذة.

ولحماد فيه إسناد آخر، قال: عن هشام بن عروة، عن أبيه وعمرو بن دينار وطاوس وثابت، عن أنس مرفوعاً بلفظ:

"كان إذا دعا جعل ظاهر كفيه مما يلي وجهه، وباطنهما مما يلي الأرض".

وسوى حماد كفيه وفرق أصابعه.

أخرجه الضياء المقدسي في "المختارة" (ق 27/ 1) من طريق المحاملي: حدثنا أحمد بن علي الجواربي: حدثنا يزيد بن هارون: أنبأ حماد - يعني ابن سلمة - به.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم غير الجواربي انقلب اسمه على أحد الرواة الذين دون المحاملي؛ فإن نسخة "المختارة" جيدة بخط المؤلف نفسه، وإنما أرجح هذا؛ لأن علي بن أحمد الجواربي قد ترجمه الخطيب في "التاريخ" (11/ 314-315) ، ثم السمعاني في "الأنساب" (3/ 364-365)

 

(9/213)

 

 

وذكرا في شيوخه يزيد بن هارون، وفي الرواة عنه القاضي المحاملي، ووثقاه، مات سنة (255) .

فإذا صح هذا الإسناد، فإني أظن أن في الحديث اختصاراً بينته رواية الحسن ابن موسى: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت به بلفظ:

"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسقى، فأشار بظهر كفيه إلى السماء".

أخرجه مسلم (3/ 24) .

فبينت هذه الرواية أن ذلك كان في الاستسقاء، وليس في الاستعاذة، ولا في كل دعاء، وقد قالوا - كما في "المرقاة" (2/ 284) -:

"فعل هذا تفاؤلاً بتقلب الحال ظهراً لبطن، وذلك نحو صنيعه في تحويل الرداء".

وقال النووي في "شرحه":

"قال جماعة من أصحابنا وغيرهم: السنة في كل دعاء لرفع بلاء كالقحط ونحوه أن يرفع يديه ويجعل ظهر كفيه إلى السماء، وإذا دعا لسؤال شيء وتحصيله جعل بطن كفيه إلى السماء، احتجوا بهذا الحديث".

4200 - (كان إذا سجد رفع العمامة عن جبهته) .

ضعيف

رواه ابن سعد (1/ 455) : أخبرنا محمد بن معاوية النيسابوري: أخبرنا ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن صالح بن خيوان مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل؛ صالح بن خيوان - بالخاء المعجمة، ويقال: بالمهملة -؛ لم يوثقه غير العجلي. وقال الذهبي:

"ما روى عنه سوى بكر، قال عبد الحق: لا يحتج به".

 

(9/214)

 

 

والنيسابوري؛ قال الحافظ:

"متروك، مع معرفته، لأنه كان يتلقن، وقد أطلق عليه ابن معين الكذب".

قلت: وقد خولف في متنه؛ فقال بحر بن نصر: قرىء على ابن وهب: أخبرك ابن لهيعة وعمرو بن الحارث، عن بكر بن سوادة الجذامي به بلفظ:

"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رأى رجلاً يسجد بجبهته، وقد اعتم على جبهته، فحسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن جبهته".

أخرجه البيهقي (2/ 105) وقال:

"وفيما روى معاوية بن صالح، عن عياض بن عبد الله القرشي قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يسجد على كور عمامته فأومأ بيده: ارفع عمامتك. وأومأ إلى جبهته. وهذا المرسل شاهد لمرسل صالح".

كذا قال! وفيه نظر؛ لأنه يشترط في تقوية المرسل بمثله: أن يكون شيوخ مرسل كل منهما غير شيوخ الآخر، وهذا غير معروف هنا.

4201 - (كان إذا سلم من صلاته قال: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين)) .

ضعيف جداً

رواه عبد بن حميد في "مسنده" - وهو من ثلاثياته - (78/ 2) : حدثنا علي بن عاصم، عن أبي هارون العبد ي، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. وهو في "المنتخب من سنده" (105) من طريق سفيان، عن أبي هارون به نحوه. ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 303) : حدثنا هشيم، عن أبي هارون به. والطبراني في "الدعاء" (2/ 1091/ 651) عن سفيان به. ورواه أبو يعلى (1/ 311) من طريق حماد، عن أبي هارون قال:

 

(9/215)

 

 

قلنا لأبي سعيد: هل حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً كان يقوله بعدما يسلم؟ قال: نعم، "كان يقول: سبحان ربك رب العزة عما يصفون ... " فذكره.

وهذا إسناد ضعيف جداً، أبو هارون العبد ي - واسمه عمارة بن جوين -؛ قال الحافظ:

"متروك، ومنهم من كذبه".

أما قول الهيثمي (2/ 148) .

"رواه أبو يعلى ورجاله ثقات".

فهو وهم محض، لا أدري وجهه! ولا يقال: لعل الوجه أنه وقع عنده: "عن أبي هريرة" بدل "عن أبي هارون"؛ فإني أظنه خطأ من الطابع أو الناسخ، وليس من الهيثمي نفسه. والله أعلم.

والحديث لم يتكلم عليه المناوي بشيء سوى أنه قال:

"رمز المصنف لحسنه".

والظاهر أن المناوي لم يقف على إسناده، وإلا لتعقبه ببيان ضعفه الشديد؛ كما هي عادته في مثله.

وقد وجدت له شاهداً، ولكن واه لا يفرح به، يرويه محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال:

"كنا نعرف انصراف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة بقوله: سبحان ربك ... " إلخ.

أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 114/ 1) ، وفي "الدعاء" (652) .

وابن عمير هذا؛ قال البخاري:

 

(9/216)

 

 

"منكر الحديث". وقال النسائي:

"متروك".

ومما يؤكد نكارته؛ أن المحفوظ عن ابن عباس قوله:

"كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتكبير".

أخرجه الشيخان وغيرهما من طريق أبي سعيد عنه، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (920 و 921) .

وفي الطبراني حديث آخر بنحو حديث الترجمة، وقد خرجته فيما يأتي برقم (6529) المجلد الرابع عشر من هذه "السلسلة"، وبينت أن في إسناده كذاباً.

4202 - (كان إذا شرب الماء قال: الحمد لله الذي جعله عذباً فراتاً برحمته، ولم يجعله ملحاً أجاجاً بذنوبنا) .

ضعيف

رواه ابن أبي الدنيا في "الشكر" (1/ 8/ 2) ، وأبو نعيم (8/ 137) عن جابر، عن أبي جعفر مرفوعاً.

قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ جابر هذا هو الجعفي وهو متهم، وأبو جعفر هو الباقر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وهو تابعي ثقة، فالحديث مرسل. وعزاه السيوطي في "الجامع" لأبي نعيم في "الحلية" فقط، وهو قصور. وعزاه شارحه المناوي للطبراني أيضاً في "الدعاء".

ورواه ابن عبد الهادي في "أحاديث منتقاة" (338/ 1) عن ابن جريج، عن ابن خثيم مرفوعاً.

ورجاله ثقات، لكنه مرسل أيضاً، وابن جريج مدلس وقد عنعنه.

 

(9/217)

 

 

4203 - (كان إذا شرب في الإناء تنفس ثلاثة أنفاس، يحمد الله عز وجل في كل نفس، ويشكره في آخرهن) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" رقم (465) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 79/ 2) عن المعلى بن عرفان، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: فذكره.

قلت: هذا إسناد ضعيف جداً؛ معلى بن عرفان؛ قال البخاري:

"منكر الحديث". وقال النسائي:

"متروك الحديث".

ورواه ابن عدي في "الكامل" (129/ 1) عن داود بن محبر: حدثنا صالح المري، عن أبي عمران الجوني، عن أنس قال:

"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتنفس في شرابه ثلاثاً، ويذكر اسم الله في كل مرة". قال ابن عدي:

"وهذا من حديث أبي عمران الجوني، عن أنس عجب، ويرويه عنه صالح المري، ولا أعلم أتى به غير داود بن محبر".

قلت: وهو وضاع.

ورواه المعلى بإسناد آخر ولفظ آخر، وقد خرجته فيما سيأتي برقم (5929) .

 

(9/218)

 

 

4204 - (كان إذا شرب تنفس مرتين) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (1/ 345) ، وابن ماجه (3417) ، والطبراني في "الكبير" (150/ 1) ، وابن عدي في "الكامل" (135/ 2) ، والضياء في

 

(9/218)

 

 

"المختارة" (67/ 105/ 2) عن رشدين بن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الترمذي:

"هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث رشدين بن كريب".

قلت: وهو ضعيف.

والمحفوظ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يتنفس ثلاثاً. كما أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أنس، وهو مخرج في "الصحيحة" (387) .

4205 - (كان إذا اتبع الجنازة أكثر الصمات، وأكثر حديث نفسه، وكانوا يرون أنه إنما يحدث نفسه بأمر الميت، وما يرد عليه، وما هو مسؤول عنه) .

ضعيف

أخرجه ابن المبارك في "الزهد" رقم (243) قال: أخبرنا عبد العزيز ابن أبي رواد، قال: فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد معضل. وقد وصله ابن لهيعة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ:

"كان إذا شهد جنازة رأيت عليه كآبة، وأكثر حديث النفس".

أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 113/ 1) ، والجرجاني في "الفوائد" (ق 168/ 2) . لكن ابن لهيعة سيىء الحفظ.

ورواه الحاكم في "الكنى" عن عمران بن حصين كما في "الجامع الصغير"، ولم يتكلم عليه المناوي بشيء، وغالب الظن أن إسناده لا يصح.

 

(9/219)

 

 

4206 - (كان إذا غضب لم يجترىء عليه أحد إلا علي) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (ص 339 - الحرم المكي - زوائده) ،

 

(9/219)

 

 

وأبو نعيم (9/ 227) ، والحاكم (3/ 13) عن حسين الأشقر: حدثنا جعفر بن زياد الأحمر، عن مخول، عن منذر الثوري، عن أم سلمة مرفوعاً. وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد". ورده الذهبي بقوله:

"قلت: الأشقر وثق، وقد اتهمه ابن عدي، وجعفر تكلم فيه".

قلت: وفيه علة أخرى؛ وهي الانقطاع بين منذر الثوري - واسم أبيه يعلى - وأم سلمة، فقد أورده ابن حبان في "ثقات التابعين" (1/ 254 - طبع الهند) وقال:

"يروي عن أم سلمة إن كان سمع منها".

قلت: وجل روايته عن التابعين. والله أعلم.

4207 - (كان إذا غضبت أخذ بأنفها، وقال: يا عويشة قولي: اللهم رب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ اغفر ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من مضلات الفتن) .

ضعيف

رواه ابن عساكر (19/ 169/ 2) عن هشام بن عمار: أخبرنا عبد الرحمن ابن أبي الجون عن مؤذن لعمر، عن مسلم بن يسار، عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ...

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لأن مؤذن عمر - ولعله ابن عبد العزيز - مجهول لم يسم.

وعبد الرحمن بن أبي الجون؛ لم أعرفه أيضاً.

وقد روي من طريق أخرى عنها، فقال ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (449) : أخبرني محمد بن المهاجر: حدثنا إبراهيم بن مسعود: حدثنا جعفر بن عون: حدثنا أبو العميس، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال:

 

(9/220)

 

 

"كانت عائشة رضي الله عنها إذا غضبت عرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ... " الحديث مثله.

قلت: وهذا إسناد واه بمرة؛ محمد بن المهاجر هذا - هو الطالقاني - يعرف بأخي حنيف؛ قال الذهبي:

"كذبه صالح جزرة وغيره".

وله ترجمة في "تاريخ بغداد" (3/ 302-303) ، و "اللسان".

وإبراهيم بن مسعود؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 140) :

"كتبت عنه وهو صدوق".

ومن فوقه ثقات رجال الشيخين.

ثم إن ظاهر الإسناد الإرسال. والله أعلم.

وقد روي موصولاً من طريق أخرى بلفظ:

"كان إذا غضبت عائشة وضع يده على منكبها فقال: اللهم اغفر لها ذنبها، وأذهب غيظ قلبها، وأعذها من مضلات الفتن".

رواه ابن عساكر في "التاريخ" (18/ 153/ 1) ، وأبو منصور ابن عساكر في "الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين" (37/ 2) عن بقية، عن يزيد بن أيهم، عن يزيد بن شريح، عن عائشة مرفوعاً. وقال أبو منصور:

"هذا حديث حسن من حديث بقية بن الوليد".

كذا قال! ولعله يعني الحسن اللغوي، وإلا؛ فبقية معروف بالتدليس عن المجهولين والكذابين، وقد عنعنه.

واليزيدان فوقه؛ مقبولان عند الحافظ ابن حجر. والله أعلم.

 

(9/221)

 

 

4208 - (كان إذا فاتته الأربع قبل الظهر؛ صلاها بعد الركعتين بعد الظهر) .

منكر

أخرجه ابن ماجه (1/ 353) ، وابن عدي (271/ 1) ، وتمام (9/ 1) عن قيس بن الربيع، عن شعبة، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة مرفوعاً. وقال:

"لم يحدث به عن شعبة إلا قيس".

قلت: وهو سيىء الحفظ، وقد خولف في متنه، فقال الترمذي (2/ 291 - شاكر) : حدثنا عبد الوارث بن عبيد العتكي المروزي: أخبرنا عبد الله بن المبارك، عن خالد الحذاء به نحوه؛ دون قوله "بعد الركعتين". وقال:

"حديث حسن غريب، إنما نعرفه من حديث ابن المبارك من هذا الوجه. وقد رواه قيس بن الربيع، عن شعبة، عن خالد الحذاء نحو هذا، ولا نعلم أحداً رواه عن شعبة غير قيس بن الربيع".

قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه كما ذكرنا؛ لا سيما عند المخالفة، والظن أنه هو المخالف وليس شعبة؛ فإنه حافظ ضابط.

وعبد الوارث بن عبيد العتكي؛ ذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى عنه جمع، وقال الحافظ:

"صدوق".

قلت: ويشهد لحديثه ما أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/ 202) : حدثنا شريك، عن هلال الوزان، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: فذكره دون الركعتين أيضاً.

 

(9/222)

 

 

قلت: وهذا مرسل حسن الإسناد في الشواهد، فالحديث صحيح بغير الركعتين، وذكرهما منكر؛ لتفرد قيس بن الربيع بهما.

(تنبيه) : عزا السيوطي الحديث في "الجامع": لابن ماجه عن عائشة. فقال المناوي عقبه:

"وقال الترمذي: حسن غريب، ورمز المصنف لحسنه".

قلت: فأوهم أمرين لا حقيقة لهما:

الأول: أن الترمذي أخرج الحديث بلفظ ابن ماجه.

والآخر: أنه حسنه.

وقد عرفت أن الذي أخرجه الترمذي وحسنه ليس فيه الركعتان.

وأما رمز السيوطي لحسنه؛ فلا قيمة له؛ كما شرحته في مقدمة "صحيح الجامع الصغير" و "ضعيف الجامع الصغير"، فليراجع من شاء أحدهما.

وقد غفل عن التحقيق المتقدم المعلق على "زاد المعاد" (1/ 309) ؛ فقد قال بعد أن خرج الحديث برواية الترمذي وحسن إسناده ثم خرج الحديث برواية ابن ماجه: "وهو حسن بما قبله"!

4209 - (كان إذا فرغ من طعامه قال: اللهم لك الحمد، أطعمت وسقيت، وأشبعت وأرويت، فلك الحمد غير مكفور، ولا مودع، ولا يستغنى عنك) .

ضعيف

رواه أحمد (4/ 236) ، وابن عساكر (17/ 309/ 1) عن عبد الله بن عامر الأسلمي، عن أبي عبيد حاجب سليمان، عن نعيم بن سلامة، عن رجل من بني سليم كانت له صحبة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ...

 

(9/223)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل الأسلمي هذا؛ قال الحافظ:

"ضعيف".

وقد صح الحديث بلفظ آخر عن رجل خدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو مخرج في "الصحيحة" (71) .

4210 - (كان إذا قال بلال: قد قامت الصلاة؛ كبر) .

ضعيف

رواه أبو القاسم بن أبي القعنب في "حديث القاسم بن الأشيب" (8/ 2) عن عاصم بن علي قال: حدثنا حجاج بن فروخ الكواز، عن شهر بن حوشب، عن عبد الله بن أبي أوفى مرفوعاً.

ورواه ابن عدي (71/ 2) من طرق عن حجاج به، وقال:

"والحجاج هذا؛ لا أعرف له كبير رواية".

قلت: قال ابن معين: "ليس بشيء". وضعفه النسائي.

وشهر؛ سيىء الحفظ.

قلت: والحديث منكر عندي؛ لمنافاته ما استفاض عنه - صلى الله عليه وسلم - من الأمر بتسوية الصفوف قبل التكبير، ويبعد أن يكون ذلك والمؤذن يقيم الصلاة، وقد ثبت في "صحيح مسلم" وغيره: أن بلالاً رضي الله عنه كان لا يقيم حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه.

فإذا كبر حين قوله: "قد قامت الصلاة"؛ لم يبق هناك وقت لتسوية الصفوف وتعديلها، فثبت أن السنة التكبير بعد ذلك، والله أعلم.

 

(9/224)

 

 

4211 - (كان إذا لقي أصحابه لم يصافحهم حتى يسلم عليهم) .

منكر

أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 86/ 1) عن النضر بن منصور،

 

(9/224)

 

 

عن سهل الفزاري، عن أبيه، عن جندب مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ سهل هذا وأبوه؛ قال الذهبي:

"مجهولان، والحديث منكر".

والنضر بن منصور؛ قال البخاري:

"منكر الحديث". وقال النسائي:

"ليس بثقة".

والحديث قال المناوي:

"رمز المصنف لحسنه، وليس كما قال؛ فقد قال الحافظ الهيثمي: فيه من لم أعرفهم".

4212 - (كان إذا مر بالمقابر قال: سلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، والصالحين والصالحات، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) .

موضوع بهذا السياق

أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (583) عن محمد بن عمر الغربي: حدثنا عبد الله بن وهب، عن يزيد بن عياض، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته يزيد بن عياض؛ كذبه مالك وابن معين وغيرهما.

ومحمد بن عمر الغربي؛ لم أعرفه.

والحديث قد صح من حديث أبي هريرة وغيره مختصراً دون قوله: "والصالحين والصالحات"، وهي مخرجة في كتابي "أحكام الجنائز وبدعها" (ص 189-191) .

 

(9/225)

 

 

4213 - (كان إذا مشى أسرع، حتى يهرول الرجل وراءه فلا يدركه) .

ضعيف

أخرجه ابن سعد (1/ 379) عن طلحة بن زيد، عن الوضين بن عطاء، عن يزيد بن مرثد قال: فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد هالك؛ فإنه مع إرساله فيه طلحة بن زيد - وهو القرشي -؛ قال الحافظ.

"متروك؛ قال أحمد وعلي وأبو داود: كان يضع الحديث".

وروى ابن سعد أيضاً من طريق رشدين بن سعد: حدثني عمرو بن الحارث، عن أبي يونس مولى أبي هريرة، عن أبي هريرة قال:

"ما رأيت شيئاً أحسن من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كأن الشمس تجري في وجهه، وما رأيت أحداً أسرع في مشيه من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كأن الأرض تطوى له، إنا لنجهد وهو غير مكترث".

ورشدين بن سعد؛ ضعيف.

وانظر: "مختصر الشمائل" (رقم: 100) .

 

(9/226)

 

 

4214 - (كان إذا نزل منزلاً لم يرتحل حتى يصلي ركعتين أو صلاة يودع بها المنزل) .

ضعيف

رواه الطبراني في "الأوسط" (65/ 1 - من ترتيبه) ، وفي "جزء ما انتخبه الطبراني لابنه أبي ذر" (232/ 2) ، والحاكم (1/ 446) ، والبيهقي (5/ 253) عن أبي عاصم، عن عثمان بن سعد، عن أنس مرفوعاً. ورواه العقيلي من طريق أخرى (291) عن عثمان بن سعد الكاتب به؛ وقال:

 

(9/226)

 

 

"قال ابن معين: ليس بذاك. وقد روي هذا بإسناد أصلح من هذا".

كذا قال، والظاهر أنه يعني ما أخرجه أبو داود وغيره؛ من طريق أخرى عن أنس بفلظ:

" ... لم يرتحل حتى يصلي الظهر".

فهذا غير حديث الترجمة؛ بل هو مما يعله، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1088) .

وقال الحاكم عقب الحديث:

"صحيح على شرط البخاري"! ورده الذهبي بقوله:

"قلت: كذا قال، وعثمان ضعيف، ما احتج به (خ) ".

قلت: وكذلك جزم بضعفه الحافظ في "التقريب".

ثم رأيت الحديث تقدم تخريجه بنحوه في هذه "السلسلة" برقم (1047) .

4215 - (كان إذا نظر إلى البيت قال: اللهم زد بيتك هذا تشريفاً وتعظيماً وتكريماً وبراً ومهابة) .

موضوع

رواه الطبراني (1/ 312-313) ، وفي "الأوسط" (1/ 117/ 1) ، وعنه عبد الغني المقدسي في "السنن" (314/ 2) من طريق عمر بن يحيى الأيلي: حدثنا عاصم بن سليمان الكوزي، عن زيد بن أسلم، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد مرفوعاً. وقال الطبراني:

"لا يروى عن أبي سريحة إلا بهذاالإسناد، تفرد به عمر".

قلت: وعمر هذا؛ أشار ابن عدي إلى أنه يسرق الحديث.

 

(9/227)

 

 

وعاصم بن سليمان الكوزي شر منه بكثير؛ فإنه كان يضع الحديث؛ كما قال الفلاس وابن عدي والساجي، وبه أعل الحديث الهيثمي؛ إلا أنه قال فيه (3/ 238) :

"وهو متروك".

4216 - (كان إذا نظر إلى الهلال قال: اللهم اجعله هلال يمن ورشد، آمنت بالله الذي خلقك فعدلك، فتبارك الله أحسن الخالقين) .

موضوع

أخرجه ابن السني (637) عن أحمد بن عيسى الخشاب: حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن زهير بن محمد، عن يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن حرملة، عن أنس مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته الخشاب هذا؛ قال مسلمة وغيره:

"كذاب".

وزهير بن محمد؛ فيه ضعف.

 

(9/228)

 

 

4217 - (كان إذا هاجت ريح استقبلها بوجهه، وجثا على ركبتيه، ومد بيديه، وقال: اللهم! إني أسألك من خير هذه الريح وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به، اللهم! اجعلها رحمة، ولا تجعلها عذاباً، اللهم! اجعلها رياحاً، ولا تجعلها ريحاً) .

ضعيف جداً

أخرجه الطبراني في "معجمه" (3/ 125/ 2) عن الحسين ابن قيس، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الحسين بن قيس - هو الرحبي الملقب بـ (حنش) - وهو متروك كما في "التقريب".

 

(9/228)

 

 

واعلم أن هذا الحديث قد أنكره الإمام أبو جعفر الطحاوي من حيث المعنى؛ فإنه قال في "مشكل الآثار" (1/ 397-398) :

"قال أبو عبيد: القراءة التي سمعتها في الريح والرياح أن ما كان منها من الرحمة فإنه جمع، وما كان منها من العذاب فإنه على واحدة. قال: والأصل الذي اعتبرنا به هذه القراءة حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه كان إذا هاجت الريح قال: اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً"، فكان ما حكاه أبو عبيد من هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما لا أصل له، وقد كان الأولى به لجلالة قدره ولصدقه في روايته غير هذا الحديث أن لا يضيف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لا يعرفه أهل الحديث عنه.

ثم اعتبرنا في كتاب الله تعالى مما يدل على الواحد في هذا المعنى؛ فوجدنا الله تبارك وتعالى قد قال في كتابه العزيز: (هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان) [يونس: 22] ، فكانت الريح الطيبة من الله تعالى رحمة، والريح العاصف منه عز وجل عذاباً. ففي ذلك ما قد دل على انتفاء ما رواه أبو عبيد مما ذكره".

ثم ذكر بعض الأحاديث التي تشهد لما تضمنته الآية الكريمة، وترد على أبي عبيد رحمه الله، فانظر "تخريج الكلم الطيب" (153) وغيره.

ثم رأيت الحديث في كتاب "الأم" للإمام الشافعي بإسناد آخر عن عكرمة، فقال (1/ 224) : أخبرني من لا أتهم قال: حدثنا العلاء بن راشد، عن عكرمة به.

قلت: وهذا أيضاً ضعيف جداً؛ العلاء بن راشد؛ قال الحسيني في ترجمته:

"عن عكرمة، وعنه إبراهيم بن أبي يحيى، لا تقوم به حجة".

قال الحافظ في "التعجيل" عقبه:

 

(9/229)

 

 

"كذا قال، وعكرمة مشهور، وحال إبراهيم معروف، فانحصر".

كأنه يعني أن إبراهيم بن أبي يحيى - وهو شيخ الشافعي في هذا الإسناد - الذي لم يسمه؛ هو متهم عند غير الشافعي، فهو علة هذا الإسناد الذي لا يقوم به حجة، وليس العلاء هذا.

ومن طبقته ما في "تاريخ البخاري" (3/ 2/ 513) ، و "الجرح والتعديل" (3/ 1/ 355) ، و "ثقات ابن حبان" (8/ 502) :

"العلاء بن راشد الواسطي الجرمي، سمع حلام بن صالح الأزدي، سمع منه يزيد بن هارون".

قلت: فيحتمل أن يكون هو شيخ إبراهيم هذا. والله أعلم.

4218 - (كان إذا وجد الرجل راقداً على وجهه؛ ليس على عجزه شيء، ركضه برجله، وقال: هي أبغض الرقدة إلى الله عز وجل) .

ضعيف بتمامه

أخرجه أحمد (4/ 388) : حدثنا مكي بن إبراهيم: حدثنا ابن جريج قال: أخبرني إبراهيم بن ميسرة، عن عمرو بن الشريد: أنه سمعه يخبره عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

ثم قال (4/ 390) : حدثنا روح: حدثنا زكريا: حدثنا إبراهيم بن ميسرة: أنه سمع عمرو بن الشريد يقول: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على رجل ... الحديث نحوه.

قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ إلا أنه مرسل؛ فإن عمرو بن الشريد تابعي. وأما قول الهيثمي (8/ 101) :

"وعن عمرو بن الشريد يخبره، عن أبيه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح".

 

(9/230)

 

 

قلت: فهو وهم منه - والله أعلم -، وكأنه انتقل نظره عند النقل إلى السند الذي قبله وفيه "عمرو بن الشريد يحدث عن أبيه". فزاد فيه "عن أبيه" وصار بذلك إسناداً متصلاً، واغتر بصنيعه المناوي، فقال في شرحه على "الجامع":

"رمز المصنف لحسنه وهو تقصير أو قصور؛ فقد قال الحافظ الهيثمي: رجاله رجال الصحيح اهـ. فكان حقه أن يرمز لصحته"!

ومما يدلك على هذا الوهم؛ رواية أحمد الأخرى المتقدمة من طريق زكريا - وهو ابن أبي زائدة - عن عمرو بن الشريد: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ؛ فصرح أنه بلغه عنه - صلى الله عليه وسلم -؛ ولم يتلقه من أبيه.

ثم إن مكي بن إبراهيم قد خالفه في إسناده المذكور ومتنه؛ عيسى بن يونس: أنبأنا ابن جريج به؛ إلا أنه زاد: "عن أبيه الشريد بن سويد"، وذكر متناً آخر غير هذا ولفظه:

"قال: مر بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا جالس هكذا، وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري، واتكأت على ألية يدي، فقال: أتقعد قعدة المغضوب عليهم؟! ".

ثم إن حديث الترجمة قد صح من حديث أبي هريرة وطخفة بن قيس الغفاري دون قوله: "ليس على عجزه شيء". فهي زيادة منكرة. والله أعلم، وهما مخرجان في "المشكاة" (4718 و 4719) .

4219 - (كان أصبر الناس على أوزار الناس) .

ضعيف

رواه ابن سعد (1/ 378) عن إسماعيل بن عياش مرفوعاً.

قلت: وهذا معضل.

 

(9/231)

 

 

4220 - (كان أفلج الثنيتين، إذا تكلم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه) .

ضعيف جداً

أخرجه الترمذي في "الشمائل" (رقم 14) ، والبيهقي في "الدلائل" (1/ 163) ، والضياء المقدسي في "المختارة" (67/ 107/ 1) عن عبد العزيز بن أبي ثابت الزهري: حدثني إسماعيل بن إبراهيم ابن أخي موسى ابن عقبة، عن موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد العزيز هذا؛ قال الحافظ:

"متروك، احترقت كتبه؛ فحدث من حفظه فاشتد غلطه".

ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الأوسط"؛ كما في "المجمع" (8/ 279) ، و "مجمع البحرين" (ص 322 - نسخة الحرم) .

 

(9/232)

 

 

4221 - (كان أكثر دعائه يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك ةله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير) .

ضعيف

رواه أحمد (2/ 210) ، وأبو نعيم في "الحلية" (7/ 103-104) ، وابن عساكر في "حديث عبد الخلاق الهروي وغيره" (230/ 1) عن محمد بن أبي حميد الأنصاري: حدثنا عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل محمد بن أبي حميد هذا؛ قال الذهبي في "المغني" و "الميزان":

"ضعفوه". وقال الحافظ:

"ضعيف".

 

(9/232)

 

 

4222 - (كان شديد البطش) .

ضعيف جداً

رواه ابن سعد (1/ 419) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 60) عن إسرائيل، عن جابر، عن محمد بن علي مرفوعاً.

قلت: وهذا واه جداً؛ جابر هذا - هو ابن يزيد الجعفي -؛ وهو كذاب.

ومحمد بن علي - هو أبو جعفر الباقر -؛ ثقة فاضل تابعي.

 

(9/233)

 

 

4223 - (كان فراشه مسحاً) .

ضعيف جداً

أخرجه الترمذي في "الشمائل" (ص 188) عن عبد الله بن مهدي: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه قال:

سئلت عائشة: ما كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتك؟ قالت: من أدم حشوه من ليف، وسئلت حفصة: ما كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتك؟ قالت: مسحاً ثنيته ثنيتين فينام عليه، فلما كان ذات ليلة قلت: لو ثنيته أربع ثنيات لكان أوطأ له، فثنيناه له بأربع ثنيات، فلما أصبح قال:

"ما فرشتموا لي الليلة؟ " قالت:

قلنا: هو فراشك إلا أنا ثنيناه بأربع ثنيات؛ قلنا: هو أوطأ لك، قال:

"ردوه لحالته الأولى؛ فإنه منعتني وطأته صلاتي الليلة".

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإن والد جعفر محمد الباقر؛ لم يدرك عائشة ولا حفصة.

وعبد الله بن مهدي؛ لم أعرفه، وأظن أن فيه تصحيفاً.

ثم تبين لي أن الصواب فيه: عبد الله بن ميمون القداح؛ فإنهم ذكروا أنه

 

(9/233)

 

 

يروي عن جعفر بن محمد، وعنه زياد بن يحيى البصري من شيوخ الترمذي، ومن طريقه روى هذا الحديث.

وابن ميمون هذا؛ منكر الحديث، متروك؛ كما في "التقريب".

4224 - (كان فيه دعابة) .

ضعيف

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (8/ 308) من طريق ابن أبي الدنيا: حدثنا خالد بن زياد الزيات - وكان صالحاً -: حدثنا حماد بن خالد، عن شعبة، عن علي بن عاصم، عن خالد الحذاء، عن عكرمة قال: فذكره مرسلاً.

ثم رواه من طريق محمد بن الوليد بن أبان: حدثنا خالد بن عبد الله الزيات - بغدادي -: حدثنا حماد بن خالد به، إلا أنه قال: عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الخطيب:

"كذا قال: "عن ابن عباس"، والمحفوظ مرسل منا ذكرناه أولاً".

قلت: وهو ضعيف موصولاً ومرسلاً؛ لأن مدارهما على علي بن عاصم؛ وهو كما قال الحافظ:

"صدوق يخطىء ويصر".

وخالد بن زياد - وقيل: خالد بن عبد الله - الزيات -؛ لا يعرف إلا في هذه الرواية، وقول ابن أبي الدنيا فيه: "وكان صالحاً". ولم يذكر الخطيب في ترجمته غيرها.

ومحمد بن الوليد بن أبان؛ إن كان القلانسي البغدادي مولى بني هاشم؛ فهو كذاب؛ كما قال أبو عروبة.

 

(9/234)

 

 

وإن كان البغدادي المصري الراوي عن نعيم بن حماد؛ فقد قال الذهبي:

"ما علمت به بأساً".

4225 - (كان له سيف قائمته من فضة، وقبيعته من فضة، وكان يسمى ذا الفقار، وكانت له قوس تسمى السداد، وكانت له كنانة تسمى الجمع، وكانت له درع موشحة بالنحاس تسمى ذات الفضول، وكانت له حربة تسمى النبعاء، وكان له مجن يسمى الذقن، وكان له ترس أبيض يسمى الموجز، وكان له فرس أدهم يسمى السكب، وكان له سرج يسمى الداج، وكانت له بغلة شهباء يقال لها: دلدل، وكانت له ناقة تسمى القصواء، وكان له حمار يسمى يعفور، وكان له بساط يسمى الكز، وكانت له عنزة تسمى النمر، وكانت له ركوة تسمى الصادر، وكانت له امرأة تسمى المدلة، وكان له مقراض يسمى الجامع، وكان له قضيب شوحط يسمى الممشوق) .

موضوع

رواه الطبراني (3/ 113/ 2) عن عثمان بن عبد الرحمن، عن علي بن عروة، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء وعمرو بن دينار، عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ علي بن عروة؛ يضع الحديث.

وعثمان بن عبد الرحمن - وهو الوقاصي -؛ مثله.

وقال الهيثمي (5/ 272) :

"رواه الطبراني، وفيه علي بن عروة، وهو متروك".

 

(9/235)

 

 

4226 - (كان له فرس يقال لها: الظرب، وآخر يقال له: اللزاز) .

ضعيف

أخرجه البيهقي في "السنن" (10/ 25) عن أبي بن عباس، عن أخيه مصدق بن عباس، عن أبيه، قال: فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف؛ مصدق بن عباس؛ لم أعرفه.

وأخوه أبي بن عباس؛ ضعيف كما في "التقريب"، مع أنه من رجال البخاري كما يأتي، وقد اتفقوا على تضعيفه، منهم البخاري نفسه؛ فقد قال:

"ليس بالقوي"! فالعجب منه كيف أخرج له هذا الحديث؟!

وقد خالفه عبد المهيمن بن عباس بن سهل، عن أبيه، عن سهل بن سعد:

"أنه كان عند سعد أبي سهل ثلاثة أفراس للنبي - صلى الله عليه وسلم - ... (فذكرهما) والثالث: اللحيف".

وعبد المهيمن بن عباس؛ ضعيف أيضاً.

ورواه ابن عدي (30/ 1) عن أبي بن عباس بن سهل، عن أبيه، عن جده سهل مختصراً؛ لم يذكر إلا "اللحيف".

وهكذا مختصراً أخرجه البخاري في "الجهاد" من "صحيحه" (6/ 44 - فتح) وهو الحديث الوحيد الذي أخرجه لأبي هذا كما يؤخذ من "التهذيب".

ورواه الواقدي، عن أبي بن عباس به؛ مثل رواية عبد المهيمن المتقدمة وزاد:

"فأما اللزاز فأهداه له المقوقس. وأما اللحيف فأهداه له ربيعة بن أبي البراء، فأثابه عليه فرائض من نعم بني كلاب، وأما الظرب فأهداه له فروة بن عمير الجذامي".

أخرجه ابن سعد (1/ 490) .

والواقدي؛ كذاب.

 

(9/236)

 

 

4227 - (كان له فرس يقال له: المرتجز، وناقته القصواء، وبغلته دلدل، وحماره عفير، ودرعه الفضول، وسيفه ذو الفقار) .

ضعيف

أخرجه الحاكم (2/ 608) ، والبيهقي في "السنن" (10/ 26) عن حبان بن علي، عن إدريس الأودي، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن علي مرفوعاً.

سكت عنه الحاكم، وقال الذهبي:

"قلت: حبان ضعفوه".

قلت: وإدريس الأودي مجهول؛ كما في "التقريب" وغيره.

والجملة الأولى منه؛ لها شاهد من حديث ابن عباس مرفوعاً.

أخرجه الحاكم من طريق سليمان بن داود المنقري: حدثنا عبد الله بن إدريس قال: سمعت أبي يحدث، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير عنه. وقال:

"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي.

قلت: وهو من عجائبه؛ فإن المنقري هذا هو الشاذكوني الحافظ، وقد قال الذهبي نفسه في "الميزان":

"قال البخاري: فيه نظر، وكذبه ابن معين في حديث ذكر له ... ".

ولها طريق أخرى؛ فقال ابن سعد (1/ 490) : أخبرنا محمد بن عمر: أخبرنا الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس به.

والحسن؛ متروك، والواقدي؛ كذاب.

وروى البيهقي أيضاً عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال:

 

(9/237)

 

 

"كانت ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - تسمى العضباء، وبغلته الشهباء، وحماره يعفور، وجاريته خضرة".

قلت: وهذا إسناد مرسل، ورجاله ثقات.

4228 - (كان له قدح زجاج، فكان يشرب فيه) .

ضعيف

رواه ابن ماجه (2/ 338) ، وابن سعد (1/ 485) ، وأبو بكر الشافعي في "الفوائد" (10/ 275 - حرم) عن مندل، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس مرفوعاً. قال البوصيري في "زوائده" (ق 207/ 1) :

"وإسناده ضعيف؛ لضعف مندل، وتدليس ابن إسحاق".

ثم رواه ابن سعد من طريق مندل أيضاً، عن ابن جريج، عن عطاء مرسلاً.

 

(9/238)

 

 

4229 - (كان لا يأخذ بالقرف) .

ضعيف

رواه الحربي في "غريب الحديث" (5/ 72/ 1) عن الحسن قال: فذكره.

قلت: ورجاله ثقات؛ إلا أنه مرسل.

ووصله أبو نعيم في "الحلية" (6/ 310) عن محمد بن يونس الشامي: حدثنا قتيبة بن الركين الباهلي: حدثنا الربيع بن صبيح، عن ثابت، عن أنس مرفوعاً به؛ وزاد:

"ولا يقبل قول أحد على أحد". وقال:

"حديث غريب، لم نكتبه إلا من حديث قتيبة".

قلت: لم أجد له ترجمة.

 

(9/238)

 

 

ومحمد بن يونس الشامي - هو الكديمي -؛ متهم بالكذب.

والربيع بن صبيح؛ صدوق سيىء الحفظ.

4230 - (كان لا يأكل الثوم، ولا الكراث، ولا البصل؛ من أجل أن الملائكة تأتيه، ولأنه يكلم جبريل، عليهما السلام) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 332-333) ، والخطيب في "التاريخ" (2/ 265) من طريقين، عن أحمد بن زكريا بن يحيى النيسابوري: حدثنا محمد بن إسحاق البكري - حفظاً -: حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك، عن الزهري، عن أنس مرفوعاً. وقال الخطيب:

"تفرد به محمد بن إسحاق البكري بهذا الإسناد، وهو ضعيف، وهذا وهم، وفي "الموطأ": عن الزهري، عن سليمان بن يسار - مرسل - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ معنى هذا".

 

(9/239)

 

 

4231 - (كرامة الكتاب ختمه) .

موضوع

رواه أبو الحسين محمد بن الحسن الأصفهاني في "المنتقى من الجزء الثاني من الفوائد ... " (2/ 1) عن محمد بن مروان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً.

ومن هذا الوجه؛ رواه الثعالبي في "تفسيره" (3/ 12/ 1) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (5/ 1) ؛ إلا أنه قال: محمد بن مروان الكوفي قال: أخبرنا محمد بن السائب، عن أبي صالح مولى أم هانىء، عن ابن عباس.

قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته محمد بن مروان الكوفي - وهو السدي -؛ كذاب.

 

(9/239)

 

 

4232 - (كان لا يأكل من هدية حتى يأمر صاحبها أن يأكل منها؛ للشاة التي أهديت له بخيبر) .

ضعيف

أخرجه البزار في "مسنده" (ص 159 - زوائده) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 211-2) عن محمد بن إسحاق، عن عبد الملك بن أبي بكير، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن موسى بن طلحة، عن ابن الحوتكية، عن عمار بن ياسر قال: فذكره. وقال البزار:

"لا يروى عن عمار إلا بهذا الإسناد".

قلت: وهو ضعيف؛ ابن الحوتكية - واسمه يزيد -؛ مجهول؛ لم يرو عنه غير موسى بن طلحة هذا، ولم يوثقه غير ابن حبان، ولذا قال الذهبي:

"لا يعرف".

ومحمد بن إسحاق؛ مدلس، وقد عنعنه، فقول الهيثمي في "المجمع" (5/ 21) :

"رواه البزار والطبراني، ورجال الطبراني ثقات"!

قلت: كأنه اعتمد على توثيق ابن حبان المذكور! وغفل عن عنعنة ابن إسحاق، ولعل الحافظ اعتمد عليه حين قال في "الفتح" (9/ 664) :

"وسنده حسن".

 

(9/240)

 

 

4233 - (كل مؤذ في النار) .

موضوع

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (11/ 299) عن المفيد، عن الأشج، عن علي بن أبي طالب مرفوعاً.

 

(9/240)

 

 

قلت: وهذا إسناد باطل؛ الأشج هذا هو أبو الدنيا عثمان بن الخطاب البلوي المغربي؛ قال الذهبي:

"كذاب، طرقي، كان بعد الثلاثمائة، وادعى السماع من علي بن أبي طالب، حدث عنه محمد بن أحمد المفيد". وقال في "الأسماء":

"طير طرأ على أهل بغداد، وحدث بقلة حياء بعد الثلاثمائة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فافتضح بذلك، وكذبه النقادون".

قلت: والمفيد؛ أحد الضعفاء؛ كما قال الحافظ.

4234 - (كان أحب الصباغ إليه الخل) .

ضعيف جداً

أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 229) عن عون بن عمارة: أخبرنا حفص بن جميع، عن ياسين الزيات، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ ياسين الزيات؛ متروك؛ كما قال النسائي وغيره، بل قال ابن حبان:

"يروي الموضوعات".

واللذان دونه؛ ضعيفان.

والحديث عزاه السيوطي لأبي نعيم - يعني في "الطب" -، وزاد المناوي أبا الشيخ وقال:

"قال الحافظ العراقي: إسناده ضعيف".

قلت: وهو أسوأ حالاً من ذلك كما ذكرنا.

 

(9/241)

 

 

4235 - (كان أحب اللحم إليه الكتف) .

ضعيف جداً

أخرجه أبو الشيخ (ص 217) بإسناد الحديث الذي قبله.

 

(9/242)

 

 

4236 - (كان ربما اغتسل يوم الجمعة، وربما تركه أحياناً) .

موضوع

أخرجه الطبراني في "معجمه" (185/ 2) عن محمد بن معاوية النيسابوري: أخبرنا أبو المليح، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس قال: فذكره.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته النيسابوري هذا؛ كذاب.

 

(9/242)

 

 

4237 - (كان ربما يضع يده على لحيته في الصلاة من غير عبث) .

ضعيف

أخرجه البزار في "مسنده" (1/ 276/ 571) ، والبيهقي في "سننه" (2/ 265) من طريق ابن عدي - وهذا في "الكامل" (296/ 2) - عن إسماعيل بن حفص الأيلي: حدثنا الوليد - هو ابن مسلم -، عن عيسى بن عبد الله ابن الحكم بن النعمان بن بشير، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. وقال البزار:

"لا نعلم رواه عن نافع إلا عيسى".

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته عيسى هذا، وهو ضعيف؛ كما تقدم عن ابن عدي في الحديث (4194) .

وروى البيهقي (2/ 264) عن هشيم، عن حصين، عن عبد الملك، عن عمرو بن حريث مرفوعاً بلفظ:

"كان يضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، وربما مس لحيته وهو يصلي".

وقال:

"هكذا رواه هشيم بن بشير، ورواه شعبة كما أخبرنا ... ".

 

(9/242)

 

 

ثم ساق عنه، عن حصين، عن عبد الملك بن أخي عمرو بن حريث، عن رجل: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي، فربما تناول لحيته في صلاته". ثم قال:

"وروي عن مؤمل بن إسماعيل، عن شعبة، وذكر الرجل الذي لم يسمه وهو عمرو بن حريث، ورواه سليمان بن كثير، عن حصين، عن عمرو بن عبد الملك ابن حريث المخزومي بن أخي عمرو بن الحريث قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد روي من وجه آخر ضعيف، وقيل في أحدهما: من غير عبث".

قلت: وهذا إسناد ضعيف لا تقوم به حجة؛ لاضطراب سنده، ولأن مداره على عبد الملك بن أخي عمرو بن حريث، وهو مجهول، كما قال الحافظ في "التقريب".

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (5/ 96/ 379) من طريق عبد السلام، عن يزيد الدالاني، عن الحسن مرفوعاً مختصراً بلفظ:

"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمس لحيته في الصلاة".

قلت: وهذا مرسل ضعيف؛ الحسن هو البصري، ومراسيله كالريح.

ويزيد؛ هو ابن عبد الرحمن الدالاني، يكنى (أبو خالد) ، وهو بكنيته أشهر، قال الحافظ:

"صدوق يخطىء كثيراً، وكان يدلس".

فمن الغرائب اقتصار الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 85) على قوله:

"وهو مرسل"!

وقلده المعلق على "أبي يعلى" (5/ 97) ، ثم قلد هذا المعلق على "المقصد العلي" (1/ 140) !! وزاد ضغثاً على إبالة؛ فقال:

 

(9/243)

 

 

"وقد ذكره ابن القيسراني في "تذكرة الموضوعات" (217) ".

يشير إلى حديث "كان إذا اهتم أخذ بلحيته فنظر فيها".

وهو كما ترى حديث آخر، وليس فيه ذكر (الصلاة) ، وكنت قد خرجته في "الضعيفة" برقم (707) ، ثم قررت نقله إلى "الصحيحة"؛ لطريق أخرى وقفت عليها في "صحيح ابن حبان - الإحسان"، واستدركته على الهيثمي في "موارد الظمآن".

4238 - (كان لا يجيز على شهادة الإفطار إلا شهادة رجلين) .

موضوع

أخرجه البيهقي (4/ 212) عن حفص بن عمر الأبلي أبي إسماعيل، عن مسعر بن كدام وأبي عوانة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن طاوس قال:

شهدت المدينة، وبها ابن عمر وابن عباس، قال: فجاء رجل إلى واليها، فشهد عنده على رؤية الهلال هلال رمضان، فسأل ابن عمر وابن عباس عن شهادته فأمراه أن يجيزه، وقالا: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجاز شهادة رجل على رؤية هلال رمضان، قالا: فذكره. وقال:

"وهذا مما لا يحتج به؛ حفص بن عمر؛ ضعيف الحديث".

قلت: بل هو هالك؛ فقد كذبه أبو حاتم والساجي وغيرهما.

 

(9/244)

 

 

4239 - (كان لا يحدث بحديث إلا تبسم) .

ضعيف

أخرجه أحمد (5/ 198،199) عن بقية، عن حبيب بن عمر الأنصاري، عن أبي عبد الصمد، عن أم الدرداء قالت:

 

(9/244)

 

 

كان أبو الدرداء لا يحدث بحديث إلا تبسم فيه، فقلت له: إني أخشى أن يحمقك الناس، فقال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو عبد الصمد وحبيب بن عمر الأنصاري؛ مجهولان.

وبقية؛ مدلس وقد عنعنه.

4240 - (لا حمى في الإسلام، ولا مناجشة) .

ضعيف جداً

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (17/ 178/ 469) بسنده عن عصمة بن مالك الخطمي مرفوعاً.

وقد ذكرنا إسناده فيما تقدم (2366) ، وفيه متهم بالكذب، وآخر ضعيف جداً، وسبق بيانه هناك.

والجملة الأولى منه بظاهرها مخالف لقوله - صلى الله عليه وسلم -:

"لا حمى إلا لله ولرسوله".

رواه البخاري وغيره، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (2670) .

والجملة الأخرى يغني عنها قوله - صلى الله عليه وسلم -:

"لا تحاسدوا، ولا تناجشوا ... " الحديث. رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في "إرواء الغليل" (2450) .

 

(9/245)

 

 

4241 - (كان أحسن البشر قدماً) .

ضعيف

أخرجه ابن سعد (1/ 419) : أخبرنا الفضل بن دكين: أخبرنا يوسف بن صهيب، عن عبد الله بن بريدة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ ولكنه مرسل؛ فهو ضعيف.

 

(9/245)

 

 

4242 - (كان لا يبيت مالاً ولا يقيله) .

ضعيف

أخرجه البيهقي في "سننه" (6/ 357) عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد قال: فذكره. وقال:

"هذا مرسل".

قلت: ورجاله ثقات.

والحديث عزاه السيوطي للخطيب في "التاريخ" أيضاً، ولم أره في فهرسته.

 

(9/246)

 

 

4243 - (كان إذا خرج من بيته قال: باسم الله، التكلان على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله) .

ضعيف

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1197) ، وابن ماجه (3885) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" ص (173) ، والحاكم في "المستدرك" (1/ 519) عن عبد الله بن حسين بن عطاء، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره، وقال الحاكم:

"صحيح على شرط مسلم"! ووافقه الذهبي!

قلت: وذلك من أوهامهما؛ فإن ابن عطاء هذا مع كونه ليس من رجال مسلم؛ فهو ضعيف؛ كما جزم به الحافظ في "التقريب".

 

(9/246)

 

 

4244 - (كان إذا رجع من غزاة أو سفر أتى المسجد فصلى فيه ركعتين، ثم ثنى بفاطمة رضي الله عنها، ثم يأتي أزواجه) .

ضعيف

أخرجه الحاكم (3/ 155) عن يزيد بن سنان: حدثنا عقبة بن رويم قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني رضي الله عنه يقول: فذكره. وقال:

 

(9/246)

 

 

"صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله:

"قلت: يزيد بن سنان هو الرهاوي؛ ضعفه أحمد وغيره، وعقبة؛ نكرة لا يعرف".

قلت: يزيد؛ جزم الحافظ بضعفه في "التقريب".

وعقبة بن رويم؛ لم أجد من ذكره.

4245 - (كان إذا قرأ (ليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) قال: بلى، وإذا قرأ (ليس الله بأحكم الحاكمين) قال: بلى) .

ضعيف جداً

أخرجه الحاكم (2/ 510) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (ص 21) عن يزيد بن عياض، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي اليسع، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!

قلت: وهو عجيب كما قال المناوي؛ لأن يزيد بن عياض هذا كذبه مالك وغيره؛ كما في "التقريب"، وحكى ذلك الذهبي نفسه في ترجمته من "الميزان"، فأنى له الصحة؟!

 

(9/247)

 

 

4246 - (كان إذا أكل؛ أكل بثلاث أصابع ويستعين بالرابعة) .

موضوع

رواه أبو بكر الشافعي في "الفوائد" (99/ 1) عن القاسم بن عبد الله بن عمر، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر، عن أبيه رفعه.

قلت: وهذا سند موضوع؛ القاسم هذا؛ كذبه النسائي وأحمد وقال:

"كان يضع الحديث".

وعاصم بن عبيد الله؛ ضعيف.

 

(9/247)

 

 

والحديث عزاه الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (2/ 370) لـ "الغيلانيات" وقال:

"وفيه القاسم بن عبد الله العمري؛ هالك".

وقال الزبيدي عقبه في "شرح الإحياء" (7/ 117) :

"رواه أيضاً الطبراني في "الكبير" ولفظه:

(كان يأكل بثلاث أصابع، ويستعين بالرابعة) ".

قلت: لم يذكره الهيثمي في "المجمع" (5/ 25) إلا بلفظ:

" ... ويلعقهن إذا فرغ" مكان الاستعانة؛ وقال:

"رواه البزار والطبراني باختصار لعقهن، وفيه عاصم بن عبيد الله؛ وهو ضعيف".

قلت: هو عند البزار (3/ 332/ 2873) من طريق القاسم هذا الكذاب، فلا أدري هل هو عند الطبراني من طريقه أم لا؟ فإن الجزء الذي فيه مسند "عامر بن ربيعة" من "المعجم الكبير" لم يطبع بعد.

والحديث بلفظ اللعق صحيح؛ لأنه أخرجه مسلم وغيره من حديث كعب بن مالك، وهو مخرج في "الإرواء" (7/ 31/ 1969) .

4247 - (كان إذا خطب المرأة قال: اذكروا لها جفنة سعد بن عبادة) .

ضعيف

رواه ابن سعد (8/ 162) : أخبرنا محمد بن عمر: حدثنا عبد الله ابن جعفر، عن ابن أبي عون، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: فذكره مرفوعاً.

 

(9/248)

 

 

قلت: وهذا مرسل واه بمرة؛ محمد بن عمر - هو الواقدي -؛ متهم.

ثم أخرجه عنه أيضاً بإسناد آخر له عن قتادة مرسلاً أيضاً.

لكن رواه الطبراني في "الكبير" عن سهل بن سعد مرفوعاً نحوه. قال الهيثمي في "المجمع" (4/ 282) :

"وفيه عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد؛ وهو ضعيف".

4248 - (كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل سبع تمرات) .

ضعيف جداً

أخرجه البزار في "مسنده" (ص 73 - زوائده) ، والطبراني في "معجمه" (2/ 276/ 2039) عن عبد الله بن صالح العجلي: أخبرنا ناصح، عن سماك، عن جابر بن سمرة قال: فذكره مرفوعاً. وقال البزار:

"لا نعلمه يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد، وناصح؛ لين الحديث، وقد تركوه".

ويخالف هذا الحديث الواهي في العدد حديث أنس قال:

"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات".

أخرجه البخاري (953) ، وابن خزيمة (2/ 1429) ، وابن سعد (1/ 387) ، وابن أبي شيبة (2/ 160) ، وغيرهم؛ وزاد البخاري في رواية معلقة:

"ويأكلهن وتراً".

وقد وصله أحمد (3/ 126) بسند حسن، وصححه ابن خزيمة (1429) .

ووصله الحاكم (1/ 294) ، والبيهقي (3/ 283) عن عتبة بن حميد الضبي: حدثنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس قال: سمعت أنساً؛ فذكره بلفظ:

 

(9/249)

 

 

" ... تمرات؛ ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أقل من ذلك، أو أكثر من ذلك، وتراً". وقال الحاكم:

"صحيح على شرط مسلم"! وأقره الذهبي!

قلت: وعتبة هذا؛ لم يخرج له مسلم، وهو صدوق له أوهام، فالحديث حسن على أقل الدرجات.

وخالفه علي بن عاصم فقال: أنبأنا عبيد الله بن أبي بكر ... فذكره موقوفاً بلفظ:

"قال: وكان أنس يأكل قبل أن يخرج ثلاثاً، فإذا أراد أن يزداد أكل خمساً، فإذا أراد أن يزداد أكل وتراً".

أخرجه أحمد (3/ 232) .

لكن علي بن عاصم؛ ضعيف؛ لخطئه وإصراره عليه.

وحديث البخاري عن أنس؛ رواه ابن ماجه (1755) من حديث ابن عمر مرفوعاً بلفظ:

" ... حتى يغدي أصحابه من صدقة الفطر".

وإسناده ضعيف؛ فيه ضعفاء على التسلسل، وهو بهذا اللفظ منكر عندي. والله أعلم.

4249 - (كان لا يفارقه في الحضر ولا في السفر خمسة: المرأة، والمكحلة، والمشط، والسواك، والمدرى) .

ضعيف

رواه العقيلي في "الضعفاء" (42) ، وابن عدي (19/ 1) ،

 

(9/250)

 

 

والبيهقي في "الشعب" (2/ 270/ 1) عن أيوب بن واقد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً. وقال العقيلي:

"ولا يتابع عليه" يعني أيوب بن واقد هذا، وروى عن أحمد أنه قال: ضعيف الحديث. وعن ابن معين: أنه ليس بثقة. وعن البخاري: أن حديثه ليس بالمعروف، منكر الحديث. ثم قال العقيلي:

"ولا يحفظ هذا المتن بإسناد جيد".

قلت: وقد تابعه أبو أمية إسماعيل بن يعلى: حدثنا هشام بن عروة به. أخرجه ابن عدي في "الكامل" (13/ 2) وقال:

"لا أعلم يرويه عن هشام غير أبي أمية بن يعلى وعبيد (كذا) بن واقد، وهو أيضاً في جملة الضعفاء".

قلت: وهو ضعيف جداً كالذي قبله، ومن طريقه رواه الطبراني في "الأوسط"؛ كما في "المجمع" (5/ 171) .

وتابعهما يعقوب بن الوليد، عن هشام بن عروة به.

أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 304) وقال:

"قال أبي: هذا حديث موضوع، ويعقوب بن الوليد كان يكذب".

وروي الحديث عن أبي سعيد وأم سعد الأنصارية بسندين ضعيفين؛ كما نقله المناوي عن الحافظ العراقي.

4250 - (كان لا يكل طهوره إلى أحد، ولا صدقته التي يتصدق بها، يكون هو الذي يتولاها بنفسه) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن ماجه (1/ 148) ، والأصبهاني في "الترغيب"

 

(9/251)

 

 

(206/ 2) عن مطهر بن الهيثم: حدثنا علقمة بن أبي جمرة الضبعي، عن أبيه أبي جمرة، عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته ابن الهيثم هذا؛ قال الحافظ:

"متروك".

وعلقمة بن أبي جمرة الضبعي؛ مجهول.

4251 - (كان لا يكون ذاكرون إلا كان معهم، ولا مصلون إلا كان أكثرهم صلاة) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 112) ، وعنه الخطيب في "التاريخ" (10/ 94) : حدثنا محمد بن عمر بن سلم: حدثنا عبد الله بن محمد البلخي - وما سمعته إلا منه -: حدثنا محمد بن أحمد بن ماهان: حدثنا عبد الصمد ابن حسان: حدثنا سفيان الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. وقال أبو نعيم:

"تفرد به عن الثوري عبد الصمد".

قلت: وهو صدوق، كما قال الذهبي في "الميزان".

لكن الراوي عنه ابن ماهان؛ لم أعرفه.

ومحمد بن عمر بن سلم هو الجعابي الحافظ؛ قال الذهبي في "المغني في الضعفاء":

"مشهور محقق، لكنه رقيق الدين، تالف".

 

(9/252)

 

 

4252 - (كان لا يلهيه عن صلاة المغرب طعام أو غيره) .

ضعيف

أخرجه الدارقطني (ص 96) عن طلحة بن زيد: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته طلحة بن زيد - وهو القرشي أبو مسكين الرقي -؛ قال الحافظ:

"متروك، قال أحمد وعلي وأبو داود: كان يضع الحديث".

لكن تابعه الزعفراني؛ فقال أبو كريب: حدثنا محمد بن ميمون الزعفراني، عن جعفر بن محمد به؛ إلا أنه قال:

"لم يكن يؤخر صلاة لطعام، ولا لغيره".

أخرجه الدارقطني.

وتابعه معلى بن منصور: حدثنا محمد بن ميمون به.

أخرجه البيهقي (3/ 74) ، وأبو داود (2/ 139) ولفظه:

"قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تؤخر الصلاة لطعام ولا لغيره".

قلت: ومحمد بن ميمون الزعفراني؛ قال الذهبي في "الضعفاء":

"واه، وهاه ابن حبان". وقال الحافظ:

"صدوق، له أوهام".

 

(9/253)

 

 

4253 - (كان لا ينام ليلة ولا يبيت حتى يستن) .

ضعيف

رواه ابن عساكر (16/ 137/ 2) عن عكرمة بن مصعب من بني عبد الدار، عن المحرر بن أبي هريرة قال: دخل علي أبي وأنبأنا بالشام فقربنا إليه

 

(9/253)

 

 

عشاء عند غروب الشمس فقال: عندكم سواك، قال: قلت: نعم؛ وما تصنع بالسواك هذه الساعة؟ قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عكرمة بن مصعب مجهول؛ كما قال الحافظ الذهبي في "الميزان"، وأقره الحافظ في "اللسان".

4254 - (كان لا ينفخ في طعام، ولا شراب، ولا يتنفس في الإناء) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (2/ 308،337) عن شريك، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:

"لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفخ ... ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ شريك - هو ابن عبد الله القاضي - ضعيف لسوء حفظه.

وعبد الكريم؛ إن كان ابن أبي المخارق أبا أمية البصري؛ فضعيف. وإن كان ابن مالك أبا سعيد الحراني؛ فثقة.

وأخرج الطبراني في "الكبير" (3/ 138/ 2) عن سعيد بن سليمان: أخبرنا اليمان بن المغيرة، عن عكرمة به؛ دون ذكر الطعام والنفس.

واليمان وسعيد - وهو النشيطي البصري -؛ ضعيفان.

وأخرجه في "الأوسط" (ص 379 - زوائده - نسخة الحرم) عن حفص بن سليمان، عن سماك بن حرب، عن عكرمة به. دون التنفس، وقال:

"لم يروه عن سماك إلا حفص".

قلت: وهو أبو عمرو البزاز القارىء الكوفي الغاضري؛ قال الحافظ:

"متروك الحديث؛ مع إمامته في القراءة".

 

(9/254)

 

 

4255 - (كان لا يواجه أحداً في وجهه بشيء يكرهه) .

ضعيف

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (437) ، وأبو داود (2/ 193،288) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 70) ، وأحمد (3/ 133،154،160) ، وأبو عبد الرحمن السلمي في "آداب الصحبة" (11) ، والبيهقي في "الدلائل" (1/ 236) وفي "الشعب" (2/ 247/ 2) ، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (257/ 1) عن حماد بن زيد: حدثنا سلم العلوي قال: سمعت أنس بن مالك قال: فذكره؛ وزاد: "لو أمرتم هذا أن يغسل عنه هذه الصفرة! ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سلم العلوي؛ ضعفه الجمهور، وقال الحافظ:

"ضعيف".

 

(9/255)

 

 

4256 - (كان لا يولي والياً حتى يعممه ويرخي لها عذبة من جانب الأيمن بحذ والأذن) .

ضعيف جداً

رواه الدولابي (1/ 199) ، وتمام في "الفوائد" (265/ 1) عن جميع بن ثوب، عن أبي سفيان الرعيني، عن أبي أمامة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو سفيان الرعيني؛ لم أجد له ترجمة، والدولابي ساق حديثه (في من يكنى بأبي سفيان) ولم يسمه!

وجميع بن ثوب؛ قال البخاري والدارقطني وغيرهما:

"منكر الحديث". وقال النسائي:

"متروك الحديث".

 

(9/255)

 

 

4257 - (كان يأكل الخربز بالرطب، ويقول: هما الأطيبان) .

ضعيف

أخرجه الطيالسي في "مسنده" (1667 - ترتيبه) : حدثنا زمعة،

 

(9/255)

 

 

عن محمد بن سليمان، عن بعض أهل جابر، عن جابر بن عبد الله مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، لجهالة بعض أهل جابر.

وروى الحاكم (4/ 106) عن طلحة بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً بلفظ:

"كان يسمي التمر واللبن: الأطيبان". وقال:

"صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله:

"قلت: طلحة؛ ضعيف".

قلت: بل هو شر من ذلك؛ ففي "التقريب":

"متروك، قال أحمد وعلي وأبو داود: كان يضع الحديث".

وللشطر الأول من الحديث شاهد قوي من حديث أنس، وهو مخرج في الكتاب الآخر (58) .

4258 - (كان يأكل الرطب، ويلقي النوى على القنع. والقنع: الطبق) .

ضعيف جداً

أخرجه الحاكم (4/ 120) عن العباس بن الفضل الأزرق: حدثنا مهدي بن ميمون، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس مرفوعاً. وقال:

"صحيح على شرط الشيخين"! ووافقه الذهبي! وأقرهما المناوي!

قلت: وهو من أوهامهم الفاحشة؛ فإن الأزرق هذا - مع كونه لم يخرج له الشيخان ولا غيرهما من الستة؛ فإنه - واه جداً؛ قال الذهبي نفسه في "الضعفاء" وغيره:

 

(9/256)

 

 

"قال البخاري: ذهب حديثه". وقال الحافظ:

"ضعيف، وقد كذبه ابن معين".

4259 - (كان يأمر بالهدية صلة بين الناس ويقول: لو قد أسلم الناس تهادوا من غير جوع) .

ضعيف

رواه الطبراني (1/ 66/ 2) ، وعنه ابن عساكر (4/ 212/ 1) عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سعيد بن بشير؛ قال الحافظ:

"ضعيف".

 

(9/257)

 

 

4260 - (كان يأمر من أسلم أن يختتن، وإن كان ابن ثمانين سنة) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الكبير" من حديث قتادة أبي هشام قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لي: "يا قتادة! اغتسل بماء وسدر واحلق عنك شعر الكفر، وكان ... ".

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 283) :

"ورجاله ثقات".

قلت: قد وقفت على إسناده، فإنه ساقه الحافظ ابن حجر في ترجمة قتادة أبي هشام من "الإصابة" من رواية ابن شاهين والطبراني معاً من طريق أحمد بن عبد الملك بن واقد، عن قتادة بن الفضل بن عبد الله الرهاوي: أخبرني أبي، عن عمه هشام بن قتادة، عن قتادة به.

وهذا إسناد لا تقوم به حجة؛ فإن هشام بن قتادة لا يعرف إلا بهذا الإسناد؛ كما أشار إلى ذلك ابن أبي حاتم (4/ 2/ 68) ، وأما ابن حبان فذكره على

 

(9/257)

 

 

قاعدته في "الثقات" (1/ 280) ؛ ولم يذكر له راوياً سوى الفضل هذا.

والفضل بن عبد الله الرهاوي؛ لم أجد له ترجمة، والظاهر أنه في "ثقات ابن حبان"!

وابنه قتادة بن الفضل؛ ترجمه ابن أبي حاتم برواية ثلاثة عنه، ولم يزد فيه على قوله: قال أبي: شيخ. وذكره ابن حبان في "الثقات".

والجملة الأولى من الحديث لها شواهد في "سنن أبي داود" وغيره؛ فانظر "صحيح أبي داود" (الطهارة) .

4261 - (كان يتبع الحرير من الثياب؛ فينزعه) .

ضعيف

أخرجه أحمد (2/ 320) ، والبخاري في "كنى التاريخ" (36/ 314) عن أبي هانىء: أن أبا سعيد الغفاري أخبره: أنه سمع أبا هريرة يقول: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو سعيد - ويقال: أبو سعد -؛ مجهول الحال؛ قال الذهبي:

"ما حدث عنه سوى أبي هانىء الخولاني". يعني أنه مجهول العين.

لكن أفاد الحافظ في "التعجيل" نقلاً عن "تاريخ ابن يونس": أنه روى عنه خلاد بن سليمان الحضرمي أيضاً؛ فهو مجهول الحال، وبيض له ابن أبي حاتم (4/ 2/ 379) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5/ 582) ، وله عنده حديث آخر، أخرجه في "صحيحه" (1142 - موارد) بلفظ:

"لا تمنعوا فضل الماء، ولا تمنعوا الكلأ؛ فيهزل المال، ويجوع العيال".

 

(9/258)

 

 

ومن هذا الوجه أخرجه أحمد أيضاً (2/ 420-421) ، وقال الهيثمي (4/ 124) :

"رواه أحمد، ورجاله ثقات". وقال في حديث الترجمة (5/ 140) :

"رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح؛ خلا أبا سعيد الغفاري، وقد وثقه ابن حبان".

وأقول: قد عرفت أنه مجهول العين، أو مجهول الحال إن صح أنه روى عنه خلاد الحضرمي، فمثله لا تطمئن النفس لحديثه، وبخاصة حديثه هذا الثاني؛ فإن في متنه نكارة، وهو قوله: "فيهزل المال، ويجوع العيال"؛ فقد جاء الحديث من طرق عن أبي هريرة دون هذه الزيادة، ومع ذلك سكت عنها الحافظ في "الفتح" (5/ 32) ! ثم هو عندهم بلفظ:

"لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ".

أخرجه الشيخان، وأصحاب "السنن"، وابن حبان (4933) ، وأحمد (2/ 244،273،309،360،463،482،494،500) ، وكذا عبد الرزاق في "المصنف" (8/ 105/ 14494) .

قلت: فاجتماع هؤلاء الثقات وهؤلاء الحفاظ على رواية الحديث دون الزيادة، لأكبر دليل على نكارتها، بل وعلى شذوذها لو كان راويها ثقة؛ كما لا يخفى على أهل هذه الصناعة. فاسترواح المعلق على "الإحسان" (11/ 332) إلى تقويته بسكوته عليه بعد تخريجه إياه (11/ 330) باللفظ الصحيح؛ ليس كما ينبغي.

(تنبيه) : وقعت كنية الغفاري في مصادر الحديثين: "أبو سعيد"؛ إلا "كنى البخاري" فهي فيه "أبو سعيد" بسكون العين، وكذلك وقع في "الجرح"

 

(9/259)

 

 

و "الثقات"، وهو الثابت في بعض النسخ المعتمدة من "المسند" المخطوطة؛ كما حققه الحافظ في "التعجيل" فراجعه إن شئت.

4262 - (كان يتتبع الطيب في رباع النساء) .

ضعيف

أخرجه الطيالسي في "مسنده" (2422 - ترتيبه) : حدثنا أبو بشر، عن ثابت، عن أنس مرفوعاً.

وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 103) من طريق أخرى عنه فقال: ... أخبرنا أبو بشر المزلق صاحب البصري.

قلت: وهذا سند ضعيف؛ أبو بشر هذا؛ أظنه الذي في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 347) :

"أبو بشر صاحب القرى (1) ، سمع زيد بن ثوب وأبا الزاهرية. روى يزيد بن هارون عن أصبغ بن زيد عنه. قال أبي: لا أعرفه. وقال ابن معين: لا شيء".

__________

(1) ووقع في " التعجيل " " صاحب القرى ". فلعل ما في أبي الشيخ " صاحب البصري " محرف أيضا.

 

(9/260)

 

 

4263 - (كان يتختم في يمينه، ثم إنه حوله في يساره) .

ضعيف

رواه أبوالشيخ في "الأخلاق" (ص 133) عن سلمة بن عثمان البري: أخبرنا سليمان أبو محمد القافلائي، عن عبد الله بن عطاء، عن نافع، عن ابن عمر به.

وهذا سند ضعيف؛ فيه علل:

1- ابن عطاء؛ قال في "التقريب":

"صدوق يخطىء ويدلس".

 

(9/260)

 

 

2- وسليمان أبو محمد؛ كذا الأصل والصواب (ابن محمد) كما في "الأنساب" وغيره، وهو متروك الحديث؛ كما قال الذهبي.

3- وسلمة بن عثمان الربي؛ لم أجد له ترجمة، وأبوه عثمان؛ معروف بالضعف.

4264 - (كان يجل العباس إجلال الولد والده، خاصة خص الله العباس بها من بين الناس) .

ضعيف

أخرجه الحاكم (3/ 324- 325) عن عبد الله بن عمرو بن أبي أمية: حدثنا ابن أبي الزناد، عن محمد بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال:

"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!

قلت: ابن أبي أمية هذا؛ لا يعرف حاله، قال ابن أبي حاتم (2/ 2/ 120) :

"سألت أبي عنه؟ فقال: هذا شيخ أدركته بالبصرة، خرج إلى الكوفة في بدو قدومنا البصرة، فلم نكتب عنه، ولا أخبر أمره".

ثم روى الحاكم (3/ 334) عن داود بن عطاء المدني، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر: أنه قال:

استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن المطلب، فقال: اللهم! هذا عم نبيك العباس، نتوجه إليك به؛ فاسقنا. فما برحوا حتى سقاهم الله، قال: فخطب عمر الناس فقال: أيها الناس! إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده؛ يعظمه، ويفخمه، ويبر قسمه، فاقتدوا أيها الناس برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عمه العباس، واتخذوه وسيلة إلى عز وجل فيما نزل بكم".

 

(9/261)

 

 

سكت عنه الحاكم، وكأنه لضعفه الشديد؛ فقد تعقبه الذهبي بقوله:

"داود؛ متروك".

4265 - (كان يحب من الفاكهة العنب والبطيخ) .

ضعيف

رواه الضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (99/ 1) عن رشدين، عن معاوية بن يحيى، عن أمية بن يزيد القرشي مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد معضل ضعيف؛ أمية بن يزيد القرشي؛ من أتباع التابعين، قال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 302) :

"روى عن أبي المصبح ومكحول. روى عنه أيوب بن سويد وبقية بن الوليد وابن المبارك".

ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

ومعاوية بن يحيى - وهو أبو مطيع الأطرابلسي -؛ ضعيف.

ورشدين - وهو ابن سعد -؛ ضعيف.

والحديث عزاه السيوطي لأبي نعيم في "الطب" عن معاوية بن يزيد العبسي. وقال المناوي:

"الذي رأيته في أصول صحاح "أمية" (يعني مكان "معاوية") ، ولم أره في الصحابة: قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف".

قلت: هو معضل ضعيف لما شرحنا، وأمية ليس صحابياً؛ بل هو تابع تابعي كما بينا.

 

(9/262)

 

 

4266 - (كان يحب هذه السورة (سبح اسم ربك الأعلى)) .

ضعيف جداً

أخرجه أحمد (1/ 96) ، والطبري في "التهذيب" (مسند

 

(9/262)

 

 

علي 222/ 27) عن ثوير بن أبي فاختة، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته ثوير هذا؛ فإنه متروك؛ كما قال الهيثمي (7/ 136) وغيره.

ومن عجائب الطبري التي عرفناها حديثاً في كتابه المذكور؛ أنه يصحح إسناد هذا الحديث ثم يعله بقوله:

"ثوير بن أبي فاختة عندهم ممن لا يحتج بحديثه"!

4267 - (كان يدير كور العمامة على رأسه، ويغرزها من ورائه، ويرسل لها شيئاً بين كتفيه) .

منكر

أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 123) ، وابن حبان في "الضعفاء" (3/ 153) ، والبيهقي في "الشعب" (5/ 174/ 6252) من طريق أبي معشر البراء قال: حدثنا خالد الحذاء قال: حدثنا أبو عبد السلام قال: قلت لابن عمر: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتم؟ قال: فذكره. وقال ابن حبان:

"أبو عبد السلام، يروي عن ابن عمر ما لا يشبه حديث الأثبات؛ لا يجوز الاحتجاج به".

ثم ساق له هذا الحديث.

وكذلك رواه البخاري في "الكنى" (52/ 57) في ترجمة أبي عبد السلام هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وتبعه ابن أبي حاتم (4/ 2/ 406) وقال عن أبيه:

"هو مجهول".

 

(9/263)

 

 

ومثله قول الذهبي؛ وتبعه العسقلاني:

"لا يعرف".

لكن الجملة الأخيرة منه - وهو إرسال العمامة بين كتفيه -؛ صحيحة؛ لأن لها شواهد تقويها من حديث ابن عمر وغيره من طرق كنت خرجتها في "الصحيحة" تحت الحديث (717) ، وكان منها طريق أبي عبد السلام هذه معتمداً فيها على الهيثمي حيث قال فيها:

"رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال الصحيح؛ خلا أبا عبد السلام؛ وهو ثقة".

ولم يكن في حوزتي يومئذ، ولا في متناول يدي "المعجم الأوسط" للطبراني لأرجع إليه، عى قاعدة "ومن ورد البحر استقل السواقيا"، ثم من الله علي فأكرمني بالحصول على نسخة مصورة منه، بفضل أحد الإخوة السعوديين جزاه الله خيراً، لكن فيها نقص بعض الورقات، ومع ذلك فقد رقمت أحاديثه مستعيناً بصهر لنا جزاه الله خيراً، ثم وضعت له ثلاثة فهارس:

1- أسماء الصحابة رواة الأحاديث المرفوعة.

2- أسماء الصحابة رواة الآثار الموقوفة.

3- أسماء شيوخ الطبراني.

فبها يتيسر لي استخراج الحديث للوقوف على إسناده، مستعيناً بكتاب الهيثمي الآخر: "مجمع البحرين في زوائد المعجمين"؛ فإنه يسوق زوائدهما بأسانيدهما، فيستغنى به عن "المعجم الصغير" و "الأوسط" في أكثر الأحيان، فرجعت إلى هذا "المجمع" لأقف فيه على شيخ الطبراني كخطوة أولى للرجوع إلى

 

(9/264)

 

 

"الأوسط"، ففوجئت بأنه ليس فيه، فاضطررت إلى تتبع أحاديث ابن عمر كلها في "الأوسط" بواسطة الفهرس الأول، فلا أدري إذا كان في الورقات الساقطة من المصورة، أو أنه سقط من نظرنا، أو أن الهيثمي وهم عزوه إلى "الأوسط"؛ وهذا مما لا أستبعده؛ فقد عزاه السيوطي في "الجامع الصغير" لـ (طب) ؛ أي: "معجم الطبراني الكبير"، وقال المناوي في "شرحه" عقبه:

"قال الهيثمي عقب عزوه للطبراني: ورجاله رجال الصحيح؛ إلا أبا عبد السلام؛ وهو ثقة".

قلت: فيحتمل أن يكون قوله في "مجمع الزوائد": "في الأوسط" سبق قلم من الناسخ أو المؤلف، ولكني - مع الأسف - لم أستطع أيضاً من التحقق من وجوده في "المعجم الكبير"؛ لأن "مسند ابن عمر" المطبوع في المجلد الثاني عشر منه لم ينته به مسنده، وقد أشار محققه الفاضل في آخره بأن تمامه في المجلد الذي يليه، أي الثالث عشر، وهذا لم يطبع بعد.

فلهذا كله لم أستطع يومئذ إلا الاعتماد على توثيق الهيثمي لأبي عبد السلام، والاستشهاد به لحديث آخر لابن عمر كما سبقت الإشارة إليه.

ثم قدر الله تعالى ويسر لي بفضله وكرمه الوقوف على إسناد الحديث في المصادر الثلاثة المذكورة أعلاه من طريق خالد الحذاء عن أبي عبد السلام، فانكشف لي وهم الهيثمي في توثيقه إياه، فبادرت إلى تخريجه هنا، والكشف عن علته، وهي جهالة أبي عبد السلام، وسبب وهم الهيثمي، وهو هناك راوياً آخر بهذه الكنية والطبقة، أورده ابن حبان في "الثقات" (5/ 563) وقال:

"يروي عن ثوبان، روى عنه ابن جابر".

وكذا في "كنى البخاري" (52/ 156) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

 

(9/265)

 

 

قلت: حديث هذا في "سنن أبي داود" وغيره برواية ابن جابر هذا عنه بلفظ:

"يوشك الأمم أن تداعى عليكم ... "، وقد توبع، لذلك خرجته في "الصحيحة" (958) ،وإلا فهو مجهول كالراوي عن ابن عمر، وظاهر كلام الحافظ في "التهذيب" أنهما واحد؛ لأنه جعله الذي جهله أبو حاتم.

وهناك أبو عبد السلام ثالث يسمى صالح بن رستم، يروي عنه ابن جابر أيضاً، فرق الحافظ بينه وبين الذي قبله، وعلى ذلك جرى البخاري وغيره كابن حبان، فقد ذكر أيضاً صالحاً هذا في "الثقات" (6/ 456) ، وفي ترجمته خرج ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (8/ 193) حديث الأمم، المشار إليه آنفاً.

والمقصود أن الهيثمي لما وثق أبا عبد السلام هذا؛ توهم أنه هو الذي وثقه ابن حبان، وفاته أنه الذي ذكره في "الضعفاء" وساق له الحديث نفسه. على أن توثيق ابن حبان المذكور مما لا ينبغي الاعتداد به؛ لأنه تفرد به، ومن المعلوم تساهله في التوثيق.

وجملة القول: إن الحديث علته جهالة أبي عبد السلام هذا، ولهذا لم يحسن السيوطي بسكوته عنه في "الفتاوى" (1/ 98) ، وبخاصة أنه استدل به على طول عمامته صلي الله عليع وسلم فقال:

"وهذا يدل على أنها عدة أذرع، والظاهر أنها كانت نحو العشرة، أوفوقها بيسير".

وهذا غير صحيح. والله أعلم.

ثم رأيت في "مصنف ابن أبي شيبة" (8/ 423/ 5007) عن سلمة بن وردان قال:

 

(9/266)

 

 

"رأيت على أنس عمامة سوداء على غير قلنسوة، وقد أرخاها خلفه نحواً من ذراع".

وهذا أقرب وأشبه، وسنده حسن.

4268 - (كان يستاك بفضل وضوئه) .

ضعيف جداً

أخرجه الدارقطني في "الأفراد" (ج 3 رقم 10) ، وعنه الخطيب (11/ 16) ، وابن عساكر (2/ 243/ 2) من طريق إسحاق بن إبراهيم - شاذان -: حدثنا سعيد بن الصلت، عن الأعمش، عن مسلم الأعور، عن أنس بن مالك قال: فذكره. وقال الدارقطني:

"حديث غريب من حديث الأعمش، عن مسلم بن كيسان الأعور الملائي أبي عبد الله الضبي، عن أنس بن مالك، تفرد به سعيد بن الصلت عنه، وتفرد به إسحاق بن إبراهيم - شاذان - عن سعيد".

قلت: ومسلم بن كيسان؛ ضعيف جداً.

وقد روي الحديث عنه بلفظ:

"كان يتوضأ بفضل سواكه".

وسيأتي تخريجه برقم (6421) مع الجمع بينهما.

 

(9/267)

 

 

4269 - (كان يستحب إذا أفطر أن يفطر على لبن، فإن لم يجد فتمر، فإن لم يجد حسا حسوات من ماء) .

ضعيف

رواه ابن عساكر (2/ 381/ 1) ، والضياء في "المختارة" (1/ 495)

 

(9/267)

 

 

عن أبي يعقوب إسحاق بن الضيف: حدثنا عبد الرزاق: أبنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس مرفوعاً.

ثم رواه من طريق أحمد، عن عبد الرزاق به. إلا أنه قال: "رطبات" بدل "لبن".

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إسحاق بن الضيف صدوق يخطىء؛ كما قال الحافظ:

قلت: وقد أخطأ في ذكر "اللبن" بدل "الرطبات"؛ بدليل مخالفته للإمام أحمد، فروايته منكرة، والمحفوظ رواية أحمد.

4270 - (كان يستحب الصلاة في الحيطان) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (334) ، وتمام في "الفوائد" (11/ 194/ 1) عن الحسن بن أبي جعفر، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل مرفوعاً. وقال الترمذي:

"حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث الحسن بن أبي جعفر، والحسن بن أبي جعفر قد ضعفه يحيى بن سعيد وغيره".

 

(9/268)

 

 

4271 - (كان يستفتح دعاءه بـ: سبحان ربي الأعلى الوهاب) .

ضعيف

رواه أحمد (4/ 54) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (12/ 16-17) ، وعبد بن حميد في "المنتخب" (49 /1) ، وابن الأعرابي في "معجمه" (45/ 1) ، والحاكم (1/ 498) عن عمر بن راشد، عن إياس بن سلمة، عن أبيه مرفوعاً. ورواه ابن عساكر (7/ 246/ 2) من طريق أحمد، وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي على ما في النسخة المطبوعة من

 

(9/268)

 

 

"التخليص". والظاهر أنها خطأ؛ فقد قال المناوي بعد أن حكى تصحيح الحاكم إياه:

"ورده الذهبي بأن عمر ضعيف".

وهذا هو اللائق بالذهبي؛ فقد ترجمه في "الميزان" ترجمة طويلة، ونقل فيها أقوال الأئمة في تضعيفه، وقال بين يديها:

"ضعفوه".

ثم ساق له أحاديث أنكرت عليه؛ منها هذا الحديث.

4272 - (كان يستمطر في أول مطرة ينزع ثيابه كلها إلا الإزار) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 377) عن الربيع بن صبيح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس مرفوعاً. وقال:

"غريب بهذا اللفظ، تفرد به الرقاشي".

قلت: وهو ضعيف.

والربيع بن صبيح؛ صدوق سيىء الحفظ.

 

(9/269)

 

 

4273 - (كان يسجد على مسح) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 135/ 2) : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني أبو موسى الهروي: أخبرنا أبو عبيد ة الحداد: أخبرنا حسين وحازم ابن إبراهيم، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال:

"حسين، يعني: العلم".

قلت: وهو ثقة، وكذلك سائر الرواة؛ غير أن سماك بن حرب قال الحافظ:

 

(9/269)

 

 

"صدوق، روايته عن عكرمة خاصة مضطربة".

فالحديث من أجله ضعيف.

وأبو موسى الهروي؛ اسمه إسحاق بن إبراهيم مترجم في "اللسان".

4274 - (وجهنا - صلى الله عليه وسلم - في سرية فأمرنا أن نقرأ إذا أمسينا وإذا أصبحنا: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً ... ) الآية، فقرأنا، فغنمنا وسلمنا) .

ضعيف

أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (27-28/ 75) ، وأبو نعيم في "المعرفة" (2/ 153-154/ 726) من طريق يزيد بن يوسف بن عمرو: حدثنا خالد بن نزار: حدثنا سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ على ضعف يسير في خالد بن نزار، غير يزيد ابن يوسف بن عمرو، فإني لم أجد له ترجمة، وأستبعد أن يكون (يزيد بن يوسف الرحبي الدمشقي) ؛ فإنه في طبقة (خالد بن نزار) هذا، ولم يذكر في الرواة عنه. ومع ذلك فالحافظ ذكر الحديث في ترجمة (إبراهيم بن الحارث التيمي) والد (محمد بن إبراهيم) هذا، وقال:

"أخرجه ابن منده من طريق لا بأس بها عن محمد بن إبراهيم التيمي.. الحديث". وقال عقبه:

"فإن ثبت هذا فإبراهيم عاش بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -".

قلت: يشير إلى أن قوله في السند "عن أبيه" لا يعني جده الحارث بن خالد؛ كما قال بعضهم. والله أعلم.

 

(9/270)

 

 

4275 - (كان يصوم عاشوراء ويأمر به) .

ضعيف جداً

أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (رقم 1069) ، والبزار "كشف" (1044) دون الأمر به، عن جابر، عن سعد بن عبيد ة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ جابر - هو ابن يزيد الجعفي - وهو ضعيف متهم.

والحديث إن صح، فهو منسوخ؛ لصريح حديث عائشة قالت:

"كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه، فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض شهر رمضان قال: من شاء صامه، ومن شاء تركه".

أخرجه الشيخان وغيرهما.

 

(9/271)

 

 

4276 - (كان يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله) .

ضعيف مرفوعاً

أخرجه الحاكم (4/ 229) ، والبيهقي في "السنن" (9/ 268) عن عبد الله بن يزيد المقرىء: حدثنا سعيد بن أبي أيوب: حدثني أبو عقيل زهرة بن معبد، عن جده عبد الله بن هشام - وكان قد أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو صغير، فمسح رأسه ودعا له - قال: فذكره مرفوعاً. وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي.

قلت: وهو كما قالا، لكن فيه علة خفية؛ وهي الوقف؛ فإنه ليس في رواية البيهقي التصريح بالرفع، بل قال بعد قوله: "ودعا له":

"قال: وكان يضحي....".

 

(9/271)

 

 

وهذا ظاهره أن القائل هو زهرة بن معبد، وأن اسم "كان" يعود إلى عبد الله ابن هشام، بخلاف رواية الحاكم فإنها صريحة في الرفع؛ فإن لفظه:

"ودعا له، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحي ... ".

وهي شاذة عندي؛ لأن في طريقها عند الحاكم السري بن خزيمة، وهو غير معروف عندي، وقد خالفه الترقفي عند البيهقي، وكذا علي بن عبد الله المدني عند البخاري في "الأحكام" (13/ 171 - فتح) فرواه عن المقرىء مثل رواية البيهقي تماماً، وقال الحافظ:

"وهذا الأثر الموقوف صحيح بالسند المذكور إلى عبد الله، وإنما ذكره البخاري مع أن من دعاته أنه يحذف الموقوفات غالباً؛ لأن المتن قصير".

قلت: ومما يؤيد الوقف أن عبد الله بن وهب قد تابعه عن سعيد به؛ دون ذكر الأضحية.

أخرجه البخاري في "الشركة" (6/ 102) ، و"الدعوات" (11/ 126) .

4277 - (كان يعجبه التهجد من الليل) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 86/ 1) عن أبي بلال الأشعري: أخبرنا قيس بن الربيع، عن الأسود عن جندب مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف قيس بن الربيع وأبي بلال الأشعري.

وأعله الهيثمي - وتبعه المناوي - بالأشعري وحده!

 

(9/272)

 

 

4278 - (كان تعجبه الفاغية) .

ضعيف

أخرجه أحمد (3/ 152-153) ، وأبو الشيخ (ص 231) عن سليمان بن كثير: حدثنا عبد الحميد، عن أنس مرفوعاً.

 

(9/272)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الحميد هذا - هو ابن قدامة -؛ قال البخاري:

"لا يتابع على حديثه".

وذكره العقيلي في "الضعفاء"، وساق له هذا الحديث.

وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (1/ 166) وقال:

"يروي عن أنس بن مالك، عداده في أهل البصرة، روى عنه سليمان بن كثير".

وهو عمدة قول الهيثمي: "ورجاله ثقات" فيما نقله المناوي عنه وأقره!! واغتر بذلك السيوطي فرمز لحسنه!

4279 - (كان يعجبه أن يتوضأ من مخضب لي صفر) .

ضعيف

أخرجه ابن سعد (1/ 369) عن عبيد الله بن عمر، عن محمد بن إبراهيم، عن زينب بنت جحش مرفوعاً.

قلت: ورجاله ثقات غير محمد بن إبراهيم هذا فلم أعرفه. ويحتمل أنه انقلب على الناسخ أو الطابع، والصواب "إبراهيم بن محمد" وهو: إبراهيم بن محمد ابن عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي؛ فقد جاء في "التهذيب" أن البخاري قال في "تاريخه": رأى زينب بنت جحش. وعن ابن حبان أنه أشار إلى تضعيف هذه الرؤية؛ بل قال: "وليس يصح ذلك عندي".

ثم تأكدت من القلب المذكور حين رجعت إلى "تاريخ البخاري" (1/ 1/ 320) إذ رأيته يقول:

"حجازي، رأى زينب بنت جحش، قال لي إسماعيل بن أبي أويس: حدثني الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر، عن إبراهيم بن محمد بن جحش

 

(9/273)

 

 

الأسدي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ في مخضب صفر في بيت زينب بنت جحش".

وإبراهيم هذا؛ روى عنه رجلان آخران، ولم يوثقه غير ابن حبان، وقال الحافظ:

"صدوق".

لكن الظاهر أنه لم يسمع هذا الحديث من زينب، أما على قول ابن حبان فظاهر، وأما على قول البخاري فلأنه لا يلزم من ثبوت الرؤية ثبوت السماع منها، لا سيما على مذهب البخاري؛ الذي لا يثبت السماع بمجرد المعاصرة بل لا بد عنده من ثبوت التلاقي، ولا يثبت هذا بمجرد الرؤية، كما لا يخفى. ويؤكد ذلك أن رواية البخاري ظاهرها الإرسال.

ثم إن لفظه يختلف عن لفظ ابن سعد؛ إذ ليس فيه إلا مجرد التوضؤ في المخضب، وذلك لا يستلزم أن ذلك كان يعجبه.

فلهذا كله؛ لم تطمئن النفس لثبوت هذا الحديث. والله أعلم.

4280 - (كان يعجبه أن يدعى الرجل بأحب أسمائه إليه، وأحب كناه) .

ضعيف

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (819) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 172/ 2) عن محمد بن عثمان القرشي قال: حدثنا ذيال ابن عبيد بن حنظلة: حدثني جدي حنظلة بن حذيم قال: فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ القرشي هو محمد بن عثمان بن سيار البصري ثم الواسطي؛ لم يوثقه أحد، بل قال الدارقطني:

"مجهول".

 

(9/274)

 

 

قلت: وفي طبقته محمد بن عثمان الواسطي، وثقه ابن حبان، وقد شاركه في الرواية عن بعض شيوخه، وفي كونه واسطياً، وقد يروي عنه بعض من روى عن هذا، كما روى عنه أبو عوانة، فيحتمل أن يكونا واحداً، كما بينته في "الصحيحة" (2953) ، فإذا ثبت هذا فالحديث حسن. والله أعلم.

ثم رأيت الهيثمي ذكر الحديث في "المجمع" (8/ 56) وقال:

"رواه الطبراني، ورجاله ثقات".

فكأنه يجزم بالاحتمال المذكور. فالله أعلم.

4281 - (كان يعجبه أن يدعو ثلاثاً، ويستغفر ثلاثاً) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (1/ 239) ، وابن حبان (2410) من طريق أبي يعلى - وهذا في "مسنده" (5277) -، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (362) ، وأحمد (1/ 394،397) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 72/ 2) وفي "الدعاء" (2/ 807-808) ، وعنه أبو نعيم في "الحلية" (4/ 347-348) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن مسعود به مرفوعاً.

قلت: ورجاله ثقات؛ غير أن أبا إسحاق - واسمه عمرو بن عبد الله السبيعي - كان اختلط، ثم هو إلى ذلك مدلس وقد عنعنه.

وفي رواية لأحمد عنه، عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود به.

فجعل عبد الرحمن بن يزيد؛ مكان عمرو بن ميمون، ولعل هذا من اختلاط أبي إسحاق.

 

(9/275)

 

 

هذا؛ وقد تجاهل المعلق على "مسند أبي يعلى" (13/ 51) ، وعلى "الإحسان" (3/ 203) عنعنة أبي إسحاق واختلاطه، وصححا إسناده! بل ادعى الأول أن إسرائيل قديم السماع من جده! وهذا مما لم أر أحداً صرح به من الحفاظ، بل هو خلاف ما نقله الحافظ العراقي في شرح "المقدمة" (ص 394) عن أحمد: "إسرائيل عن أبي إسحاق فيه لين، سمع منه بأخرة". ونحوه في رواية ابنه عبد الله في "العلل" (1/ 202) . وأظن أنه استلزم ذلك من إخراج الشيخين لحديثه عن جده، وذلك غير لازم، كما لا يخفى على أهل العلم؛ لاحتمال أن اختلاطه لم يصلهما، أو وصلهما ولكن كان عندهما خفيفاً، كمثل الذهبي فإنه قال: "شاخ ونسي ولم يختلط". أو غير ذلك من الاحتمال.

ثم إنه قد خالفه وزهير؛ فروياه عن أبي إسحاق دون قوله: "ويستغفر ثلاثاً".

أخرجه الطبراني في "الدعاء" أيضاً (رقم 52 و 53) .

قلت: فهذا الاضطراب في المتن والإسناد، مما لا يحتمل ممن رمي بالاختلاط، ومثله من كان سيىء الحفظ، بل إن ذلك مما يؤكد ما رمي به.

نعم؛ برواية سفيان - وهو الثوري - تزول شبهة الاختلاط؛ فإنه ممن سمع منه قديماً بالاتفاق، وتترجح روايته على رواية إسرائيل، ولا سيما وقد تابعه زهير، ولكن تبقى العلة الأخرى وهي العنعنة، فإن وجد تصريحه بالتحديث أو السماع صحت جملة الدعاء. والله أعلم.

4282 - (كان يعمل عمل البيت، وأكثر ما يعمل الخياطة) .

ضعيف

أخرجه ابن سعد (1/ 366) ، والأصبهاني في "الترغيب" (ق 81/ 1-2) عن الحجاج بن فرافصة، عن عقيل، عن ابن شهاب: أن عائشة قالت:

 

(9/276)

 

 

فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد منقطع ضعيف؛ ابن شهاب لم يدرك عائشة.

والحجاج بن فرافصة؛ ضعيف.

والمحفوظ عن السيدة عائشة بلفظ:

"كان يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويعمل ما تعمل الرجال في بيوتهم".

أخرجه ابن سعد أيضاً، وأحمد، وغيرهما، وهو مخرج في "المشكاة" (5822) .

4283 - (كان يغسل مقعدته ثلاثاً) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن ماجه (356) ، وأحمد (6/ 210) عن شريك؛ عن جابر، عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن عائشة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مسلسل بالضعفاء؛ زيد العمي فمن دونه، وأشدهم ضعفاً جابر - وهو ابن يزيد الجعفي -؛ فإنه قد اتهم بالكذب.

لكن ذكر المناوي في "الفيض" عن مغلطاي أنه قال:

"رواه الطبراني في "الأوسط" بسند أصح من هذا".

قلت: ليس فيه (ثلاثاً) ، وهو عنده (5/ 122/ 4853) من طريق إبراهيم بن مرثد العدوي، عن إسحاق بن سويد العدوي، عن معاذة العدوية: أن عائشة قالت:

"يا معشر النساء! مرن أزواجكن أن يغسلوا عنهم أثو البول والغائط؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغسل عنه أثر البول والغائط، وأنا أستحي أن أقوله لهم".

وسنده حسن. وتابعه قتادة، عن معاذة به؛ عند الترمذي وغيره وصححه.

 

(9/277)

 

 

انظر "الإرواء" (42) .

4284 - (كان يقبل وهو محرم) .

ضعيف

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (4/ 171) عن أبي حنيفة، عن زياد بن علاقة، عن عمرو بن ميمون، عن عائشة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات؛ لكن تكلم الأئمة في حفظ أبي حنيفة وضعفوه، كما سبق بيانه تحت الحديث (397 و 458) .

والمحفوظ من حديث عائشة مرفوعاً بلفظ:

" ... وهو صائم".

وهو مخرج في "الصحيحة" (219-221) ، و "الإرواء" (616) .

 

(9/278)

 

 

4285 - (كان يقلس له يوم الفطر) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (1/ 391-392) عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عامر، عن قيس بن سعد قال:

"ما كان شيء على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا وقد رأيته، إلا شيء واحد، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ".

قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة؛ فإن رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين، وجرى على ظاهره البوصيري في "الزوائد" فقال (81/ 2) :

"إسناده صحيح، رجاله ثقات"!

وخفي عليه أن أبا إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي - كان اختلط، وإسرائيل - وهو حفيده؛ فإنه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق - سمع من جده بعد الاختلاط، ولذلك قال أحمد:

 

(9/278)

 

 

"إسرائيل عن أبي إسحاق فيه لين، سمع منه بأخرة".

قلت: ثم هو إلى ذلك مدلس، وضعفه بذلك غير ما واحد من المتقدمين والمتأخرين، فيخشى أن يكون تلقاه عن بعض الضعفاء ثم دلسه؛ فإن الحديث رواه إسرائيل أيضاً، عن جابر، عن عامر به.

أخرجه أبو الحسن بن سلمة القطان في "زوائده على ابن ماجه" (1/ 392) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (2/ 209) ، وأحمد (3/ 422) .

وتابعه شيبان، عن جابر به.

أخرجه القطان، والطحاوي.

وتابعهما شريك، عن جابر به.

أخرجه الطحاوي.

فرجع الحديث إلى أنه من رواية جابر، وهو ابن يزيد الجعفي، وهو ضعيف، بل كذبه بعضهم، ورماه آخرون بالتدليس، وبه أعله الطحاوي فقال:

"وما لم يذكر فيه سماعه ممن يحدث به عنه، أو ما يدل على ذلك فليس بالقوي عند من يميل إليه، فكيف عند من ينحرف عنه".

ثم روى بسنده الصحيح عن سفيان الثوري قال:

"كل ما قال لك فيه جابر: "سمعت" أو "حدثني" أو "أخبرني" فاشدد به يديك، وما كان سوى ذلك ففيه ما فيه".

نعم؛ قد روي الحديث من طريق أخرى؛ عن شريك، عن مغيرة، عن عامر قال:

"شهد عياض الأشعري عيداً بالأنبار، فقال: ما لي لا أراكم تقلسون كما كان يقلس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

 

(9/279)

 

 

أخرجه ابن ماجه، والطحاوي وأعله بالإرسال، فقال:

"ففي هذا الحديث رد الشعبي إياه إلى عياض الأشعري، وعياض هذا رجل من التابعين، فعاد الحديث به إلى أن صار منقطعاً، وكان أولى مما رواه جابر عن الشعبي؛ لأن مغيرة عن الشعبي أثبت من جابر عن الشعبي".

وبمثله أعله أبو حاتم الرازي أيضاً؛ فقال ابنه في "العلل" (1/ 209) :

"سألت أبي عن حديث عامر، عن قيس بن سعد ... أي شيء معناه؟ بعضهم يقول هذا: عن عامر، عن عياض الأشعري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أيهما أصح، وما معنى الحديث؟ فأجاب أبي؛ فقال:

معنى التقليس: أن الحبش كانوا يلعبون يوم الفطر بعد الصلاة بالحراب.

واختلفت الرواية عن الشعبي في عياض الأشعري، وقيس بن سعد، رواه جابر الجعفي، عن الشعبي، عن قيس بن سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ورواه آخر ثقة - نسيت اسمه -، عن الشعبي، عن عياض، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعياض الأشعري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل، ليست له صحبة".

قلت: والراوي الثقة الذي نسي أبو حاتم اسمه، إنما هو شريك كما تقدم - وهو ابن عبد الله القاضي -، وهو ثقة فعلاً، إلا أنه سيىء الحفظ معروف بذلك، فهي علة أخرى في الحديث علاوة على الإرسال، على أن الحافظ قد جزم في "التقريب" بأن عياضاً هذا صحابي، ولم يذكر له مستنداً يعتد به، اللهم إلا قوله:

"جاء عنه حديث يقتضي التصريح بصحبته، ذكره البغوي في "معجمه"، وفي إسناده لين".

وليس يخفى أن لا يثبت الصحبة بمثل هذا الإسناد واللين. والله أعلم.

 

(9/280)

 

 

4286 - (كان يكتحل كل ليلة، ويحتجم كل شهر، ويشرب الدواء كل سنة) .

موضوع

أخرجه ابن عدي (ق 186/ 1) عن سيف بن محمد بن أخت سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته سيف هذا؛ قال الحافظ:

"كذبوه". وقال الذهبي في "المغني":

"قال أحمد: كذاب يضع الحديث".

 

(9/281)

 

 

4287 - (كان يكره العطسة الشديدة في المسجد) .

ضعيف

أخرجه البيهقي (2/ 290) عن يحيى بن يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن أبيه، عن داود بن فراهيج، عن أبي هريرة مرفوعاً به. وقال:

"قال أبو أحمد (يعني ابن عدي) : يحيى بن يزيد ووالده ضعيفان".

 

(9/281)

 

 

4288 - (كان يكره أن يأكل الضب) .

ضعيف

أخرجه الخطيب (12/ 318) عن مسعر، عن حماد، عن إبراهيم، عن عائشة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إبراهيم هو ابن يزيد النخعي؛ لم يثبت سماعه من عائشة كما في "التهذيب".

والخطيب أورده من طريق علان بن الحسن بن عمويه الواسطي؛ وفي ترجمته، ولم يزد فيها على أن ساق له هذا الحديث، فهو مجهول.

وقد خالفه سفيان عن حماد؛ فساقه عنها بلفظ:

 

(9/281)

 

 

أهدي لنا ضب، فقدمته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يأكل منه، فقلت: يا رسول الله! ألا تطعمه السؤال؟ فقال: "إنا لا نطعمهم مما لا نأكل".

أخرجه البيهقي (9/ 326) ، وأشار إلى تضعيفه بقوله:

"إن ثبت".

ثم روى عن زهير، عن أبي إسحاق قال:

"كنت عند عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود فجاء ابن له - أراه القاسم -، قال: أصبت اليوم من حاجتك شيئاً؟ فقال بعض القوم: ما حاجته؟ قال: ما رأيت غلاماً آكل لضب منه، فقال بعض القوم: أو ليس بحرام؟ فسأل قال: وما حرمه؟ قال: ألم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكرهه؟ قال: أو ليس الرجل يكره الشيء وليس بحرام؟ قال: قال عبد الله: إن محرم الحلال كمستحل الحرام".

ورواه الطبراني (3/ 16/ 1) مختصراً.

قلت: وهذا مرسل أيضاً ومن مجهول؛ وهو بعض القوم، ولكن عبد الرحمن ابن عبد الله بن مسعود قد سلم به، ولكنه مرسل على كل حال، ولا يشهد لما قبله؛ لأن الإرسال والانقطاع في طبقة واحدة. والله أعلم.

4289 - (كان يكره الصوت عند القتال) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (1/ 414) ، وعنه البيهقي (9/ 153) ، والحاكم (2/ 116) من طريق مطر، عن قتادة، عن أبي بردة، عن أبيه مرفوعاً. وقال الحاكم:

"صحيح على شرط الشيخين"! ووافقه الذهبي.

قلت: مطر؛ لم يخرج له البخاري إلا تعليقاً، وقال الذهبي في "الميزان":

"من رجال مسلم، حسن الحديث".

 

(9/282)

 

 

لكن قال الحافظ في "التقريب":

"صدوق كثير الخطأ".

قلت: وقد خالفه هشام بن أبي عبد الله الدستوائي فقال: عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عباد قال:

"كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يكرهون الصوت عند القتال".

أخرجه الثلاثة المذكورون. وقال الحاكم:

"وهو أولى بالمحفوظ".

وهو كما قال.

4290 - (كان يكره ريح الحناء) .

ضعيف

أخرجه النسائي (2/ 280) ، وأحمد (6/ 117) عن كريمة بنت همام قالت: سمعت عائشة سألتها امرأة عن الخضاب بالحناء؟ قالت: لا بأس به، ولكن أكره هذا؛ لأن حبي - صلى الله عليه وسلم - كان ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ كريمة هذه مجهولة الحال؛ لم يوثقها أحد.

 

(9/283)

 

 

4291 - (كان يكره سورة الدم ثلاثاً، ثم ياشر بعد الثلاث بغير إزار) .

ضعيف

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (11/ 223) عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة قالت: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سعيد بن بشير؛ قال الحافظ:

"ضعيف".

والحسن؛ هو البصري.

 

(9/283)

 

 

وأمه اسمها خيرة مولاة أم سلمة؛ مقبولة عند الحافظ، ولم يوثقها غير ابن حبان.

والحديث قال الهيثمي (1/ 282) :

"رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه سعيد بن بشير، وثقه شعبة، واختلف في الاحتجاج به".

4292 - (كان يكره من الشاة سبعاً: الذكر، والأنثيين، والمثانة، والحياء، والمرارة، والغدة، والدم، وكان أحب الشاة إليه مقدمها) .

ضعيف

رواه عبد الرزاق في "المصنف" (4/ 8771) ، وأبو محمد الجوهري في "الفوائدالمنتقاة" (10/ 2) ، والبيهقي في "سننه" (10/ 7) عن واصل بن أبي جميل، عن مجاهد بن جبر مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ واصل هذا؛ مجهول كما قال أحمد، ثم هو إلى ذلك مرسل.

وقد وصله البيهقي، وابن عدي (241/ 1) ، وابن عساكر (17/ 360/ 1) من طريق فهر بن بشر: حدثنا عمر بن موسى، عن واصل بن أبي جميل، عن مجاهد، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال ابن عدي:

"عمر بن موسى يضع الحديث". وقال ابن عساكر:

"وصل هذا الحديث غريب، وقد رواه الأوزاعي عن واصل فأرسله".

ثم ساقه مرسلاً كما تقدم.

وقد روي موصولاً من وجه آخر، يرويه يحيى الحماني: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً به

 

(9/284)

 

 

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (ص 382 - زوائده) .

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ متروك.

ويحيى الحماني؛ فيه ضعف.

4293 - (لأشفعن يوم القيامة لمن كان في قلبه جناح بعوضة إيمان) .

ضعيف جداً

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (12/ 379) عن الفضل بن علي بن الحارث بن محمود الهروي سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة: سمعت أبا حسان عيسى بن عبد الله العثماني يقول: ذهب بي أبي إلى البصرة إلى بني سهم إلى امرأة يقال لها: آمنة بنت أنس بن مالك: فسمعت أبي يقول لها: يا آمنة! مالك ممن؟ قالت: من بني ضمضم، ثم قالت: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أورده في ترجمة الهروي هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

وأعله الذهبي بالعثماني هذا فقال:

"متهم بالكذب، قال المستغفري: يكفيه في الفضيحة أنه ادعى السماع من آمنة بنت أنس بن مالك لصلبه! ".

 

(9/285)

 

 

4294 - (لله أفرح بتوبة عبد هـ من رجل أضل راحلته بفلاة من الأرض، فطلبها، فلم يقدر عليها، فتسجى للموت، فبينما هو كذلك إذ سمع وجبة الراحلة حين بركت، فكشف عن وجهه، فإذا هو براحلته) .

ضعيف بهذا اللفظ

أخرجه ابن ماجه (4249) ، وأحمد (3/ 83) ، وأبو

 

(9/285)

 

 

يعلى (1/ 356) عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، عطية - وهو ابن سعد العوفي -؛ ضعيف مدلس.

وفضيل بن مرزوق؛ فيه ضعف؛ واحتج به مسلم.

والحديث في "الصحيحين" وغيرهما من حديث أنس بن مالك وعبد الله ابن مسعود؛ ليس فيه ذكر التسجي والوجبة؛ فهو منكر بهذا اللفظ.

4295 - (لأن أمتع بسوط في سبيل الله؛ أحب إلي من أن أعتق ولد الزنا) .

ضعيف

أخرجه الحاكم (2/ 215) عن سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة بن الزبير قال:

"بلغ عائشة رضي الله عنها أن أبا هريرة يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (فذكره) ، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

"ولد الزنا شر الثلاثة"، و "إن الميت يعذب ببكاء الحي"، فقالت عائشة: رحم الله أبا هريرة! أساء سمعاً فأساء إصابة، أما قوله: "لأن أمتع بسوط في سبيل الله أحب إلي من أن أعتق ولد الزنا"، إنها لما نزلت (فلا اقتحم العقبة. وما أدراك ما العقبة) قيل: يا رسول الله! ما عندنا ما نعتق إلا أن أحدنا له جارية سوداء تخدمه وتسعى عليه، فلو أمرناهن فزنين فجئن بالأولاد فأعتقناهم!؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

"لأن أمتع بسوط في سبيل الله أحب إلي من أن آمر بالزنا ثم أعتق الولد".

وأما قوله: "ولد الزنا شر ثلاثة"، فلم يكن الحديث على هذا، إنما كان

 

(9/286)

 

 

رجل من المنافقين يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "من يعذرني من فلان؟ " قيل: يا رسول الله مع ما به، ولد زنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هو شر الثلاثة، والله عز وجل يقول: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) ".

وأما قوله: "إن الميت ليعذب ببكاء الحي"، فلم يكن الحديث على هذا، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بدار رجل من اليهود قد مات وأهله يبكون عليه فقال: "إنهم يبكون عليه، وإنه ليعذب، والله عز وجل يقول: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) ". وقال الحاكم:

"صحيح على شرط مسلم"! ورده الذهبي بقوله:

"كذا قال، وسلمة لم يحتج به (م) وقد وثق، وضعفه ابن راهويه".

قلت: وقال الحافظ في "التقريب":

"صدوق كثير الخطأ".

قلت: وابن إسحاق مدلس وقد عنعنه، فإنى للحديث الصحة بل الحسن؟!

وقد روي من طريق أخرى عن الزهري، فقال الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (56/ 1 - زوائده) : حدثنا عبد العزيز بن أبان قال: حدثنا معمر بن أبان ابن حمران قال: أخبرني الزهري به نحوه.

وابن أبان هذا؛ متروك؛ فلا يستشهد به.

4296 - (لأنا في فتنة السراء أخوف عليكم من فتنة الضراء، إنكم ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم، وإن الدنيا حلوة خضرة) .

ضعيف

أخرجه أبو يعلى (1/ 223) ، والبزار (ص 323 - زوائده) ، وأبو نعيم

 

(9/287)

 

 

في "الحلية" (1/ 93) عن مغيرة الضبي، عن رجل من بني عامر قال: حدثنا مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة الرجل العامري.

لكن قوله: "وإن الدنيا حلوة خضرة"، له شواهد كثيرة صحيحة، قد خرجت بعضها في "الصحيحة" (911 و 1592) .

4297 - (لئن بقيت لآمرن بصيام يوم قبله أو يوم بعده. يوم عاشوراء) .

منكر بهذا التمام

أخرجه البيهقي في "السنن" (4/ 287) عن ابن أبي ليلى، عن داود بن علي، عن أبيه، عن جده مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ داود هو ابن علي بن عبد الله بن عباس، وهو مقبول عند الحافظ.

وابن أبي ليلى - وهو محمد بن عبد الرحمن -؛ ضعيف سيىء الحفظ.

وقد روي عنه بلفظ:

"صوموا يوماً قبله، ويوماً بعده" ليس فيه: "لئن بقيت ... "، وهو مخرج في "حجاب المرأة المسلمة" (ص 89) .

وذكر اليوم الذي بعده منكر فيه؛ مخالف لحديث ابن عباس الصحيح بلفظ:

"لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع".

أخرجه مسلم، والبيهقي، وغيرهما.

 

(9/288)

 

 

4298 - (لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليسلطن الله شراركم على خياركم، فيدعو خياركم، فلا يستجاب لهم) .

ضعيف

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (13/ 92) من طريق الدارقطني، عن محمود بن محمد أبي يزيد الظفري الأنصاري: حدثنا أيوب بن النجار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً به. وقال:

"قال الدارقطني: تفرد به محمود عن أيوب بن النجار عن يحيى، ومحمود لم يكن بالقوي".

وللحديث علة أخرى؛ وهي الانقطاع؛ فقد ذكروا عن أيوب بن النجار أنه قال:

"لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثاً واحداً: احتج آدم وموسى".

والحديث قال الهيثمي (7/ 266) :

"رواه الطبراني في "الأوسط"، والبزار (3306) ، وفيه حبان بن علي؛ وهو متروك، وقد وثقه ابن معين في رواية، وضعفه في غيرها".

 

(9/289)

 

 

4299 - (لتتركن المدينة على أحسن ما كانت، حتى يدخل الكلب فيغذي على بعض سواري المدينة أو على المنبر) .

منكر بذكر جملة الكلب

أخرجه مالك (3/ 85-86 رواية يحيى) عنه، عن ابن حماس، عن عمه، عن أبي هريرة مرفوعاً؛ وزاد: فقالوا: يا رسول الله! فلمن تكون الثمار ذلك الزمان؟ قال:

"للعوافي: الطير والسباع".

كذا قال فيه يحيى: "ابن حماس" لم يسمه، وسماه بعض الرواة عن

 

(9/289)

 

 

مالك، فقال أحمد بن أبي كثير: عن مالك، عن يوسف بن يونس بن حماس به.

أخرجه ابن حبان (257/ 1040) .

وخالفه عبد الله بن مسلمة عند الحاكم (4/ 426) ، وسعيد بن أبي مريم عند ابن عبد البر في "التمهيد" (24/ 122) ، فقالا: عن مالك، عن يونس بن يوسف بن حماس، فقلب اسمه، فجعله "يونس بن يوسف" مكان "يوسف بن يونس".

وثمة وجوه أخرى من الاختلاف على مالك؛ ذكرها ابن عبد البر، وعقب عليها بقوله:

"وهذا الاضطراب يدل على أن ذلك جاء من قبل مالك، ورواية يحيى في ذلك حسنة؛ لأنه سلم من التخليط في الاسم، وأظن أن مالكاً لما اضطرب حفظه في اسم هذا الرجل رجع إلى إسقاط اسمه فقال: "ابن حماس"، ويحيى من آخر من عرض عليه "الموطأ" وشهد وفاته".

وأقول: يونس بن يوسف بن حماس، عليه أكثر الرواة، وهو من رجال مسلم، ووثقة ابن حبان (7/ 648) ، ولكنه لم يسم جده، وفرق بينه وبين مقلوبه: "يوسف بن يونس بن حماس" فترجم له أيضاً (7/ 633) قال:

"يروي عن أبيه عن أبي هريرة. روى عنه مالك".

وهو هذا يقيناً، لكن قوله: "أبيه" خطأ؛ لا أدري أهو منه أم من النساخ؛ فإنه مخالف لما في "التاريخ" (4/ 2/ 374) وهو عمدته في الغالب، كما هو معلوم، كمت هو مخالف لكل المصادر التي أخرجت هذا الحديث، ومنها كتاب ابن حبان نفسه: "الصحيح"؛ كما تقدم عن "الموارد".

 

(9/290)

 

 

هذا؛ وقد وهم المزي في "التهذيب" (32/ 561) ، وتبعه العسقلاني؛ فقالا في ترجمة يونس هذا:

"ذكره ابن حبان في "الثقات" فيمن اسمه يوسف، قال: وهو الذي يخطىء فيه عبد الله بن يوسف التنيسي عن مالك فيقول: يونس بن يوسف".

فأقول: الذي في "الثقات" المطبوع:

"يوسف بن سفيان". وليس "يونس بن يوسف" كما ذكرا! وإني لأستبعد جداً أن يكون ما في "المطبوع" خطأ من الناسخ أو الطابع؛ لأنه مطابق لما في "ترتيب الثقات" للحافظ الهيثمي، ولأنه موافق أيضاً لقول البخاري:

"وقال لنا عبد الله بن يوسف: عن مالك عن يوسف بن سنان، والأول أصح".

يعني: يوسف بن يونس بن حماس.

فيوسف؛ متفق عليه بينهما في رواية التنيسي، وكذلك حكاه عنه ابن عبد البر في "التمهيد"، فهذا يبين خطأ "التهذيب" على ابن حبان، ويؤكد ذلك أن ابن حبان قد ترجم ليونس بن يوسف - كما تقدم - كالبخاري، وهذا مما خفي على المزي، وتبعه العسقلاني، فلم يذكرا ذلك عنه!

ومجمل القول: أنه قد اضطرب الرواة على مالك اضطراباً كثيراً، وأن الصواب منه: أنه يونس بن يوسف بن حماس كما تقدم وأنه ثقة. وإنما علة الحديث عنه الذي لم يسم في كل الروايات عن مالك، فهو غير معروف.

وعليه؛ فقول الحاكم عقب الحديث:

"صحيح الإسناد، على شرط مسلم". ليس بصحيح وإن وافقه الذهبي، وبخاصة قوله: "على شرط مسلم"؛ فشخص مثل (العم) هذا لا يعرف عينه؛

 

(9/291)

 

 

كيف يكون على شرط مسلم؟!

نعم؛ الحديث صحيح دون جملة الكلب؛ فقد أخرجه الشيخان من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة نحوه، وهو مخرج في "الصحيحة" (683) ، وله فيه (1634) شاهد من حديث محجن بن الأدرع الأسلمي، وكلاهما ليس فيهما تلك الجملة، فهي منكرة.

4300 - (لتخرجن الظعينة من المدينة حتى تدخل الحيرة، لا تخاف أحداً) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 309) عن سليمان بن داود المنقري: حدثنا أبو بكر بن عياش: حدثنا عبد الملك بن عمير قال: سمعت جابر بن سمرة السوائي يقول: فذكره مرفوعاً. وقال:

"لم يروه عن عبد الملك إلا أبو بكر".

قلت: وهما من رجال البخاري، لكن سليمان بن داود المنقري - وهو الشاذكوني -؛ متروك.

وقد روي الحديث من طريق عباد بن حبيش، عن عدي بن حاتم مرفوعاً به نحوه.

أخرجه أحمد (4/ 378-379) ، والترمذي (2956) وقال:

"حسن غريب".

وأقول: عباد هذا؛ لم يوثقه غير ابن حبان، ولم يرو عنه غير سماك بن حرب، وجهله ابن القطان.

وقد خالفه في لفظه محل بن خليفة، عن عدي مرفوعاً بلفظ:

 

(9/292)

 

 

"فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالبيت لا تخاف أحداً إلا الله، قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله".

أخرجه البخاري في "علامات النبوة" (6/ 478،479 - فتح) .

وتابعه ابن حذيفة، عن عدي به.

أخرجه أحمد (4/ 257،378،379) .

4301 - ( ... ... ... ... ... ... ... ... ... ) (1) .

__________

(1) كان هنا الحديث: " لتنتهكن الأصابع بالطهور. . . " وقد نقله الشيخ رحمه الله إلى " الصحيحة " (3489) .

 

(9/293)

 

 

4302 - (لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، وليكونن أئمة مضلون، وليخرجن على إثر ذلك الدجالون الثلاثة) .

ضعيف

أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4/ 528) عن محمد بن سنان القزاز: حدثنا عمرو بن يونس بن القاسم اليمامي: حدثنا جهضم بن عبد الله القيسي عن عبد الأعلى بن عامر، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن ابن عمر قال:

"كنت في الحطيم مع حذيفة فذكر حديثاً، ثم قال: (فذكره) . وقال: قلت: يا أبا عبد الله! قد سمعت هذا الذي تقول من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم". وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله:

"قلت: بل منكر؛ فعبد الأعلى ضعفه أحمد وأبو زرعة، وأما جهضم فثقة، ومحمد بن سنان كذبه أبو داود".

 

(9/293)

 

 

قلت: وفي "التقريب" أنه ضعيف. والله أعلم.

وللجملة الأولى من الحديث طريقان آخران عن حذيفة:

الأول: عند البخاري في "التاريخ" (4/ 2/ 233) .

والآخر: عند الحاكم أيضاً (4/ 469) وصححه، ووافقه الذهبي.

ولها شاهد من حديث أبي أمامة بسند صحيح؛ مخرج في "الترغيب" (1/ 197) .

4303 - (لدرهم أعطيه في عقل؛ أحب إلي من خمسة في غيره) .

ضعيف

أخرجه البيهقي في "الشعب" (2/ 451/ 2) عن الوليد: حدثنا عبد الصمد بن عبد الأعلى السلاقى (كذا) ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الصمد هذا؛ قال الذهبي:

"فيه جهالة، قل ما روى".

 

(9/294)

 

 

4304 - (لذكر الله بالغداة والعشي خير من حطم السيوف في سبيل الله) .

موضوع

أخرجه ابن عدي (124/ 2) ، والديلمي عن الحسن بن علي العدوي: حدثنا خراش، عن أنس رفعه. وقال ابن عدي:

"والعدوي هذا؛ كنا نتهمه بوضع الحديث، وهو ظاهر الأمر في الكذب".

قلت: وهذا الحديث مما سود به السيوطي "الزيادة على الجامع الصغير"؛ فإنه عزاه فيه للديلمي، مع أنه أورده من طريقه في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (ص 148) وقال:

 

(9/294)

 

 

"قال في "الميزان": خراش عن أنس عدم، ما أتى به غير أبي سعيد العدوي الكذاب، زعم أنه لقيه سنة بضع وعشرين ومئتين. قال ابن حبان: لا يحل كتب حديثه إلا للاعتبار".

4305 - (لسان القاضي بين حجرتين حتى يصير إلى الجنة أو النار) .

ضعيف

رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 9) تعليقاً عن علي بن متويه: حدثنا إبراهيم بن سعدويه: حدثنا علي الطنافسي عن سهل أبي الحسن: حدثنا يوسف بن أسباط، عن سفيان عن المختار بن فلفل، عن أنس مرفوعاً.

أورده في ترجمة ابن متويه؛ وهو علي بن محمد بن الحسن الأنصاري؛ يعرف بعلي بن متويه، وقال:

"توفي سنة ثلاث وثمانين ومئتين". ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

وقد وصله أبو محمد الأردبيلي في "الفوائد" (ق 184/ 1) عن يوسف به مختصراً.

ويوسف بن أسباط؛ ضعيف لسوء حفظه.

ورواه الرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 447) من طريق أبي الحسن علي بن محمد، لكن يبدو أنه وقع في سند "التاريخ" سقط أو تحريف.

 

(9/295)

 

 

4306 - (لست أدخل داراً فيها نوح ولا كلب أسود) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 208/ 1) عن يحيى ابن عبد الله البابلتي: أخبرنا أيوب بن نهيك قال: سمعت عطاء يقول: سمعت ابن

 

(9/295)

 

 

عمر يقول: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول - وعاد أبا سلمة وهو وجع، فسمع قول أم سلمة وهي تبكي، فنكل نبي الله عن الدخول حين سمعها تبكيه بكتاب الله تقول: (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) ، فدخل ثم سلم، ثم قال -: "أخلف الله عليك يا أم سلمة"، فلما خرج ومعه أبو بكر قال له: رأيتك يا رسول الله كرهت الدخول لأنهم ينوحون؟ قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أيوب بن نهيك؛ منكر الحديث؛ كما قال أبو زرعة. وضعفه أبو حاتم وغيره.

وقريب منه يحيى بن عبد الله البابلتي؛ قال في "التقريب":

"ضعيف".

وأشار الذهبي في ترجمة ابن نهيك إلى أنه أسوأ حالاً من البابلتي؛ فإنه ساق في ترجمته بهذا الإسناد حديثاً آخر مما أنكر عليه وقال:

"ويحيى؛ ضعيف، لكنه لا يحتمل هذا".

4307 - (لسقط أقدمه بين يدي؛ أحب إلي من فارس أخلفه ورائي) (1) .

ضعيف

رواه العقيلي في "الضعفاء" (457) ، وتمام الرازي في "الفوائد" (134/ 1-2) عن يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد، عن عمر بن الخطاب رفعه. وقال العقيلي:

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - بخطه فوق هذا المتن كملاحظة لنفسه: " راجع علوم الحديث " (186) ".

 

(9/296)

 

 

"يزيد بن عبد الملك لا يتابع على حديثه إلا من وجه لا يصح، قال أحمد: عنده مناكير، وقال أحمد بن صالح: ليس حديثه بشيء، وقال يحيى: ليس حديثه بذاك". وقال الحافظ في "التقريب":

"ضعيف".

وعبد العزيز الأويسي - راويه عنه -؛ ثقة من شيوخ البخاري، وقد خالفه خالد بن مخلد فقال: حدثنا يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن يزيد بن رومان، عن أبي هريرة مرفوعاً به.

رواه ابن ماجه (1607) .

قلت: والأول أصح؛ فإن ابن مخلد هذا؛ وإن كان من رجال الشيخين ففيه كلام من قبل حفظه.

4308 - (لشبر في الجنة خير من الأرض وما عليها: الدنيا وما فيها) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (4329) عن حجاج، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عطية - وهو العوفي -؛ ضعيف.

وحجاج - وهو ابن أرطاة -؛ مدلس وقد عنعنه.

وقد روي من حديث ابن مسعود، فقال أبو نعيم في "الحلية" (4/ 108) : حدثنا محمد بن عمر بن سلم: حدثنا عمر بن أيوب بن مالك - وما سمعته إلا منه -: حدثنا الحسن بن حماد الضبي: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، عنه مرفوعاً. وقال:

"غريب من حديث الأعمش، لم نكتبه إلا عن هذا الشيخ".

 

(9/297)

 

 

قلت: ولم أجد له ترجمة، ومثله عمر بن أيوب بن مالك؛ إلا أنه يحتمل أنه عمر بن أيوب بن إسماعيل بن مالك أبو حفص السقطي، نسب إلى جده الأعلى، فإن يكنه؛ فهو ثقة، مترجم في "تاريخ بغداد" (11/ 219) .

4309 - (لعثرة في كد حلال على عيل محجوب؛ أفضل عند الله من ضرب بسيف حولاً كاملاً لا يجف دماً مع إمام عادل) .

ضعيف جداً

رواه أبو الطيب الحوراني في "جزئه" (67/ 2) عن عبد الله ابن موسى المدني القرشي: أخبرنا عباد بن صهيب، عن سليمان الأعمش، عن عمر ابن عبد العزيز، عن الحسن بن أبي الحسن، عن عثمان بن عفان مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عباد بن صهيب؛ قال الذهبي:

"أحد المتروكين".

وعبد الله بن موسى المدني القرشي - وهو أبو محمد التيمي -؛ صدوق كثير الخطأ. ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (4/ 414 - المدينة) وإليه وحده عزاه السيوطي في "الجامع الصغير"، وزاد في "الجامع الكبير": "الديلمي، وتمام".

وبيض المناوي لإسناده، فلم يتكلم عليه بشيء في كل من كتابيه: "فيض القدير" و "التيسير".

 

(9/298)

 

 

4310 - (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلعن القاشرة والمقشورة، والواشمة والموتشمة، والواصلة والمتصلة) .

ضعيف

أخرجه أحمد في "مسنده" (6/ 250) عن أم نهار بنت رفاع قالت: حدثتني آمنة بنت عبد الله: أنها شهدت عائشة فقالت: فذكرته.

 

(9/298)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ آمنة بنت عبد الله؛ لا يعرف حالها؛ كما في "تعجيل المنفعة".

وأم نهار؛ لم أعرفها، ولم يذكرها في "التعجيل" وهي على شرطه!

وإنما خرجته هنا من أجل الجملة الأولى، وإلا؛ فسائره في "الصحيحين" من حديث ابن مسعود.

4311 - (لعن الذين يشققون الكلام تشقيق الشعر) .

ضعيف جداً

أخرجه أحمد في "مسنده" (4/ 98) عن سفيان، عن جابر ابن عمرو بن يحيى، عن معاوية قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ جابر بن عمرو بن يحيى؛ لم أعرفه، ويغلب على الظن أن فيه تحريفاً؛ وأن الصواب جابر عن عمرو بن يحيى؛ فإن سفيان - وهو الثوري - كثير الرواية عن جابر - وهو ابن يزيد الجعفي -، وهو ضعيف؛ بل متهم.

وعمرو بن يحيى؛ هو: إما أبو أمية المكي، وإما: ابن عمارة المازني المدني، وكلاهما لم يدرك معاوية، فهو منقطع.

ثم تأكدت من صحة ظني المذكور بعد أن رجعت إلى "المجمع"، فإذا به يقول (8/ 116) :

"رواه أحمد، وفيه جابر؛ وهو ضعيف".

 

(9/299)

 

 

4312 - (لعن الله المسوفات، قيل: وما المسوفات؟ قال: التي يدعوها زوجها إلى فراشها فتقول: سوف، حتى تغلبه عيناه) .

ضعيف

أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" (1/ 213) ، وعنه ابن الجوزي في "العلل" (2/ 140) ، والطبراني في "الأوسط" (1/ 466/ 2/ 4554) ،

 

(9/299)

 

 

وابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 409) من طريقين عن جعفر بن ميسرة الأشجعي، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً. وقال الطبراني:

"لا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد".

قلت: وهو ضعيف جداً؛ آفته جعفر هذا؛ قال البخاري:

"ضعيف، منكر الحديث". وقال أبو حاتم:

"منكر الحديث جداً".

قلت: ولذلك قال ابنه عقب الحديث:

"قال أبي: هذا الحديث باطل". وقال ابن حبان:

"عنده مناكير كثيرة لا تشبه حديث الثقات".

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 296) :

"رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير" من طريق جعفر بن ميسرة الأشجعي عن أبيه، وميسرة (1) ضعيف، ولم أر لأبيه من ابن عمر سماعاً".

قلت: وقد روي الحديث عن أبي هريرة بإسناد لا يفرح به، فقال يحيى بن العلاء الرازي، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عنه قال:

"لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسوفة، والمفسلة، فأما المسوفة فالتي إذا أرادها زوجها قالت: سوف، الآن. وأما المفسلة فالتي إذا أرادها زوجها قالت: إني حائض، وليست بحائض".

أخرجه أبو يعلى (11/ 354/ 6467) .

__________

(1) كذا الأصل، وكذلك هو في نقل المناوي عنه، وتبعه المعلق على " العلل المتناهية "! والظاهر أنه سبق قلم من الهيثمي؛ أراد أن يقول: جعفر، فقال ميسرة. ويؤيده أن ميسرة هذا ثقة من رجال الشيخين.

 

(9/300)

 

 

قلت: ويحيى بن العلاء؛ كذاب؛ كما تقدم مراراً.

ورواه محمد بن حميد الرازي: حدثنا مهران بن أبي عمر: حدثنا سفيان الثوري، عن الأسود بن قيس، عن أبي حازم، عن أبي هريرة به دون الشطر الثاني منه.

أخرجه الخطيب (11/ 220) .

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مهران هذا؛ صدوق، له أوهام، سيىء الحفظ؛ كما قال الحافظ.

والرازي؛ حافظ ضعيف.

وخالفه يحيى فقال: حدثنا سفيان قال: حدثني رجل يقال له: محمد قال: سمعت عكرمة قال:

"لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - المشوفات أو المسوفات".

أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (1/ 1/ 269) .

ومحمد هذا؛ مجهول لا يعرف، أورده البخاري في "باب من أفناء الناس"، يعني: الذين لا ينسبون ولا يعرفون، وساق له هذا الحديث، وهو على ذلك مرسل.

(تنبيه) : قد عرفت أن حديث أبي هريرة في إسناده ضعيفان، فمن الوهم الفاحش الذي لا نجد له مسوغاً سوى مجرد الوهم والغفلة من المعلق على "مسند أبي يعلى" الذي قال: "إسناده صحيح"!! وبخاصة ما يتعلق بحال الرازي، حتى قال فيه الذهبي في "الضعفاء":

"ضعيف؛ لا من قبل الحفظ، قال يعقوب بن شيبة: "كثير المناكير"، وقال

 

(9/301)

 

 

البخاري: "فيه نظر"، وقال أبو زرعة: "يكذب"، وقال النسائي: "ليس بثقة"، وقال صالح جزرة: "ما رأيت أحذق بالكذب منه ومن ابن الشاذكوني" ".

4313 - (لقد أكل الطعام، ومشى في الأسواق. يعني: الدجال) .

ضعيف

أخرجه أحمد (4/ 444) ، والبزار (3382) ، والطبراني (18/ 155/ 339) ، والحميدي (2/ 832) ، والآجري في "الشريعة" (ص 374) عن سفيان بن عيينة، عن ابن جدعان، عن الحسن، عن عمران بن حصين مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لعنعنة الحسن وهو البصري، وضعف ابن جدعان وهو علي بن زيد.

وقد خولف سفيان في إسناده؛ فقال الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 214/ 2/ 3320) ، والآجري أيضاً: حدثنا موسى بن هارون: أخبرنا محمد بن عباد المكي: حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن جدعان، عن الحسن، عن ابن مغفل: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. وقال الطبراني:

"هكذا رواه محمد بن عباد عن سفيان قال: "عن ابن مغفل"، ورواه الحميدي وعلي بن المديني وغيرهم عن سفيان عن علي بن زيد عن الحسن عن عمران بن حصين".

قلت: ومحمد بن عباد هذا؛ فيه كلام من قبل حفظه، أشار إلى ذلك الحافظ بقوله في "التقريب":

"صدوق يخطىء".

فمثله لا يحتج به، ولا تقبل مخالفته للحافظين المذكورين: الحميدي وابن المديني.

 

(9/302)

 

 

(تنبيه) : هكذا وقع في المصدرين المذكورين: "ابن مغفل" وهو عبد الله بن مغفل، وهكذا وقع مصرحاً باسمه في "المطالب العالية" (4/ 361/ 4545) معزواً لأبي يعلى، وليس هو في "مسنده" المطبوع، ووقع في "مجمع البحرين" (2/ 90/ 2) و "مجمع الزوائد" (8/ 2) : "معقل بن يسار"، وهو خطأ لا أدري ممن هو! وقال الهيثمي عقبه:

"رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال الصحيح غير علي بن زيد بن جدعان وهو لين؛ وثقه العجلي وغيره، وضعفه جماعة".

وقال في حديث عمران:

"رواه أحمد والطبراني، وفي إسناد أحمد علي بن زيد، وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح، وفي إسناد الطبراني محمد بن منصور النحوي الأهوازي، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح"!

كذا قال! وهو سهو منه رحمه الله، فطريق الطبراني هو من طريق ابن جدعان أيضاً كما علمت، وسبب الوهم أنه انتقل نظره إلى إسناد حديث آخر قبله في "المعجم الكبير" (رقم 338) ، وفيه عنعنة البصري أيضاً! وقد غفل عن هذا التحقيق الشيخ التويجري في كتابه "إتحاف الجماعة" (2/ 52) ، فإنه نقل كلام الهيثمي على الحديثين ثم أتبعه بقوله:

"وقد رواه الآجري في "كتاب الشريعة"، ولكنه قال: "عن ابن مغفل" ولعل ذلك غلط من بعض الكتاب"!!

كذا قال! والعكس هو الصواب كما عرفت، وإنما أتي من عدم رجوعه إلى الأصول، ووقوفه عند التقليد.

 

(9/303)

 

 

واعلم أن الحديث قد وقع في كتاب "الفتن" للداني (ق 177/ 1) في آخر حديث هشام بن عامر مرفوعاً بلفظ:

"ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة فتنة أكبر من الدجال، [قد أكل الطعام، ومشى في الأسواق] ".

فأقول: ظني أن هذه الزيادة مدرجة في هذا الحديث؛ لأنه قد أخرجه جماعة من الأئمة دونها، منهم مسلم (8/ 207) ، والحاكم (4/ 528) ، وأحمد (4/ 19-21) ، وأبو يعلى (3/ 125-126) ، والداني أيضاً (ق 176/ 2) من طرق عن هشام به دونها، ولست أدري إذا كانت من بعض الرواة عنده أو النساخ. والله أعلم.

4314 - (لقد بارك الله لرجل في حاجة أكثر الدعاء فيها، أعطيها أو منعها) (1) .

ضعيف

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (3/ 299) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 50/ 1135) عن أبي قلابة الرقاشي: حدثنا محمد بن إبراهيم المدني: حدثنا محمد بن مسعر - قال أبو قلابة: وقد رأيته أنا، وكان ابن عيينة يعظمه شديداً - قال: حدثنا داود العطار، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. قال: فحدثت به المنكدر بن محمد فقلت: أسمعت هذا من أبيك؟ قال: لا، ولكن دخلت مع أبي وأبي حازم على عمر بن عبد العزيز، فقال عمر لأبي: يا أبا بكر! ما لي أراك كأنك مهموم؟ قال: فقال له أبو حازم: الدين

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - بخطه فوق هذا المتن: " كان بعد هذا الحديث: " لقد تاب توبة. . . "، فنقل إلى " الصحيحة " (3238) .

 

(9/304)

 

 

علي. فقال له عمر: ففتح لك فيه الدعاء؟ قال: نعم، قال: فقد بارك الله لك فيه.

أورده الخطيب في ترجمة محمد بن مسعر هذا - وهو أبو سفيان التميمي البصري - وهو غير محمد بن مسعر بن كدام الهلالي. وذكر أنه جالس ابن عيينة كثيراً وحفظ كلامه، وكان ابن عيينة يكرمه ويقدمه، وأنه كان من خيار خلق الله.

لكن أبو قلابة - واسمه عبد الملك بن محمد -؛ صدوق تغير حفظه لما سكن بغداد.

4315 - (إياكم ونساء الغزاة؛ فإن حرمتهن عليكم كحرمة أمهاتكم) .

منكر

أخرجه ابن عدي (3/ 366) ، والبزار (2/ 216/ 1552) - الشطر الأول منه - من طريق يونس بن محمد - هو المؤدب -: حدثنا سعيد بن زربي، عن الحسن، عن أنس مرفوعاً. وقال البزار:

"تفرد به عن الحسن: سعيد بن زربي، وليس بالقوي"!

كذا قال! وهو أسوأ من ذلك؛ فقد قال البخاري ومسلم وأبو حاتم:

"عنده عجائب". زاد أبو حاتم: "من مناكير". وقال ابن حبان (1/ 318) :

"كان يروي الموضوعات عن الأثبات على قلة روايته".

 

(9/305)

 

 

4316 - (لقد طهر الله أهل هذه الجزيرة من الشرك إن لم تضلهم النجوم) .

ضعيف

رواه ابن خزيمة، والطبراني في "الكبير" عن العباس؛ كما في "الزيادة على الجامع الصغير". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 54) :

 

(9/305)

 

 

"رواه البزار وأبو يعلى والطبراني في "الأوسط"، ورجال أبي يعلى ثقات".

قلت: قال أبو يعلى (4/ 1584) : حدثنا موسى بن محمد بن حيان: أخبرنا عبد الصمد: أخبرنا عمر بن إبراهيم، عن قتادة، عن الحسن، عن العباس بن عبد المطلب به.

وهذا إسناد رجاله ثقات معروفون؛ غير أن ابن حيان هذا لم يوثقه غير ابن حبان؛ وقال مع ذلك:

"ربما خالف". وقال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 160) :

"ترك أبو زرعة حديثه، ولم يقرأ علينا، كان أخرجه قديماً في (فوائده) ".

ثم إن الحسن البصري لم يسمع من العباس.

لكن وصله قيس، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن العباس به.

أخرجه أبو يعلى أيضاً (4/ 1583) قال: حدثنا قيس به. كذا وقع في نسختنا المصورة منه، والظاهر أنه سقط بقية السند الذي بين أبي يعلى وقيس.

وظني أن قيساً هذا هو ابن الربيع؛ وهو ضعيف لسوء حفظه، فلا يحتج بزيادته، فالحديث ضعيف لانقطاعه. والله أعلم.

4317 - (لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين. قالوا: يا رسول الله! كيف للأحياء؟ قال: أجود وأجود) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه رقم (1446) عن كثير بن زيد، عن إسحاق بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه قال: فذكره مرفوعاً.

 

(9/306)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إسحاق بن عبد الله مستور؛ كما قال الحافظ.

وكثير بن زيد؛ صدوق يخطىء.

4318 - (لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى، قال: فتذاكروا أمر الساعة، فردوا أمرهم إلى إبراهيم، فقال: لا علم لي بها. فردوا الأمر إلى موسى، فقال: لا علم لي بها. فردوا الأمر إلى عيسى، فقال: أما وجبتها؟ فلا يعلمها أحد إلا الله، ذلك؛ وفيما عهد إلي ربي عز وجل أن الدجال خارج. قال: ومعي قضيبان، فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص، قال: فيهلكه الله. حتى إن الحجر والشجر ليقول: يا مسلم! إن تحتي كافراً، فتعال فاقتله. قال: فيهلكهم الله، ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم. قال: فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، فيطؤون بلادهم، لا يأتون على شيء إلا أهلكوه، ولا يمرون على ماء إلا شربوه، ثم يرجع الناس إلي فيشكونهم، فأدعو الله عليهم، فيهلكهم الله ويميتهم حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم. قال: فينزل الله عز وجل المطر، فتجرف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر، ثم تنسف الجبال، وتمد الأرض مد الأديم، قال: ففيما عهد إلي ربي عز وجل: أن ذلك إذا كان كذلك، فإن الساعة كالحامل المتم التي لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادها؛ ليلاً أو نهاراً!) .

ضعيف بهذا السياق

أخرجه ابن ماجه رقم (4081) ، والحاكم في

 

(9/307)

 

 

"المستدرك" (4/ 488-489) ، والإمام أحمد في "مسنده" (1/ 375) عن مؤثر بن عفازة، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً. وقال الحاكم:

"هذا حديث صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي، ثم البوصيري.

قلت: وفيه نظر؛ لأن مؤثر بن عفازة؛ لم يوثقه غير ابن حبان، ولذلك قال الحافظ:

"مقبول". يعني عند المتابعة، ولم أجد له متابعاً، فالحديث ضعيف غير مقبول بهذا السياق، وبعضه في "مسلم".

4319 - (لكم أن لا تحشروا، ولا تعشروا، ولا خير في دين ليس فيه ركوع) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (3026) ، وأحمد (4/ 218) عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص:

أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم، فاشترطوا عليه أن لا يحشروا ولا يعشروا ولا يجبوا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: ورجاله ثقات؛ غير أن الحسن - وهو البصري - مدلس وقد عنعنه.

 

(9/308)

 

 

4320 - (لكل شيء آفة، وآفة الدين ولاة السوء) .

ضعيف جداً

أورده السيوطي في "الجامع" برواية الحارث، عن ابن مسعود. وقال المناوي:

"فيه مبارك بن حسان؛ قال الذهبي: قال الأزدي: يرمى بالكذب".

قلت: في "منتخب ابن قدامة" (10/ 207/ 1) :

 

(9/308)

 

 

"وقال مهنا: سألت أحمد عن علي بن علقمة عن ابن مسعود: لكل شيء آفة وآفة الدين سواسه؟ قال: هذا حديث منكر".

4321 - (لكل شيء حصاد؛ وحصاد أمتي ما بين الستين إلى السبعين) .

ضعيف

رواه ابن عساكر (13/ 168/ 2) عن أبي حفص عمر بن عبيد الله ابن خراسان: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أبي ثابت البزاز: أخبرنا عبد الحميد بن هندي: أخبرنا المعافا بن سليمان: أخبرنا محمد بن سلمة، عن الفزاري، عن قتادة، عن أنس بن مالك مرفوعاً.

وهذا سند ضعيف؛ عبد الحميد بن هندي والراوي عنه أبو إسحاق؛ لم أجد لهما ترجمة. وأما أبو حفص فأورده ابن عساكر، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

 

(9/309)

 

 

4322 - (لكل شيء حلية، وحلية القرآن الصوت الحسن) (1) .

ضعيف

رواه البزار (2330 - كشف) ، وابن عدي (209/ 1) عن عبد الله ابن محرر، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً. ومن هذا الطريق رواه ابن عبد الهادي في "هداية الإنسان" (198/ 2) وقال ابن عدي:

"وعبد الله بن محرر؛ ضعيف".

قلت: بل هو متروك؛ كما قال الحافظ في "التقريب".

وروي من طريق الفضل بن حرب البجلي: حدثنا عبد الرحمن بن بديل، عن أبيه، عن أنس مرفوعاً به.

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - بخطه فوق هذا المتن ملاحظة مختصرة: " راجع " المختارة "؛ ليس في بديل عن أنس، فراجع قتادة عنه ".

 

(9/309)

 

 

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (7/ 268) ، والسلفي في "الطيوريات" (84/ 1) .

قلت: والفضل هذا؛ مجهول لا يعرف.

وروى عن إسماعيل بن عمرو: حدثنا محمد بن مروان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً.

ومحمد بن مروان هذا؛ هو السدي الأصغر؛ متهم بالكذب.

4323 - (لكل شيء صفوة، وصفوة الصلاة التكبيرة الأولى) .

ضعيف

رواه العقيلي في "الضعفاء" (89) عن سعيد بن سويد: حدثنا الحسن ابن السكن، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال:

"لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به".

يعني الحسن هذا، وقد ضعفه أحمد وأبو داود.

وقال البزار (ص 60) : سمعت عمرو بن علي يقول: سمعت الحسن بن السكن يحدث، عن الأعمش به. وقال:

"ذكره عمرو بن علي على سبيل الإنكار على الحسن، فحفظته عنه، ولم يكن يرضى هذا الشيخ".

ورواه الحسن بن عمارة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الله بن أبي أوفى مرفوعاً به.

أخرجه ابن عدي (82/ 2) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 67) وقال:

"غريب من حديث حبيب والحسن، لم نكتبه إلا من هذا الوجه".

 

(9/310)

 

 

قلت: وهو ضعيف جداً؛ حبيب؛ مدلس.

والحسن بن عمارة؛ متروك.

والحديث أورده السيوطي في "الزيادة" من رواية البيهقي في "الشعب" عن أبي هريرة مرفوعاً به؛ إلا أنه زاد:

".... وصفوة الإيمان الصلاة ... ".

وما أظن إلا أن الطريق واحد.

4324 - (كل بني أم ينتمون إلى عصبة؛ إلا ولد فاطمة، فأنا وليهم، وأنا عصبتهم) (1) .

ضعيف

أخرجه أبو يعلى (12/ 6741) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 124/ 1) عن جرير، عن شيبة بن نعامة، عن فاطمة بنت حسين، عن فاطمة الكبرى مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فاطمة بنت حسين لم تدرك فاطمة الكبرى رضي الله عنهما.

وشيبة بن نعامة؛ ضعيف، تناقض فيه ابن حبان.

وذكر له الطبراني شاهداً فقال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي: أخبرنا بشر بن مهران: أخبرنا شريك بن عبد الله، عن شبيب بن غرقدة، عن المستظل بن حصين، عن عمر مرفوعاً نحوه.

لكن الغلابي هذا؛ كذاب.

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " انظر: (802، 4104) ".

 

(9/311)

 

 

وبشر بن مهران؛ ترك أبو حاتم حديثه. وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" وقال:

"يروي عنه البصريون الغرائب".

وشريك بن عبد الله - وهو القاضي -؛ سيىء الحفظ.

والمستظل بن حصين؛ ذكره ابن أبي حاتم (4/ 1/ 429) من رواية شبيب المذكور فقط، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

وله شاهد آخر، أخرجه الحاكم (3/ 164) عن القاسم بن أبي شيبة: حدثنا يحيى بن العلاء، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر مرفوعاً. وقال:

"صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله:

"قلت: ليس بصحيح؛ فإن يحيى، قال أحمد: كان يضع الحديث، والقاسم متروك".

4325 - (لكل صائم عند فطره دعوة مستجابة) .

ضعيف

رواه ابن عدي (314/ 2) عن محمد بن إسحاق البلخي: حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس: حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. قال: فكان ابن عمر إذا أفطر قال: يا واسع المغفرة! فاغفر لي. وقال:

"البلخي هذا؛ حديثه لا يشبه حديث أهل الصدق".

قلت: وكذبه صالح جزرة وغيره.

وفي الباب ما هو أقوى منه، فراجع "الترغيب" (2/ 63) ، و"الإرواء" (921) .

 

(9/312)

 

 

والحديث أورده السيوطي في "الجامع" بزيادة:

"أعطيها في الدنيا، أو ذخر له في الآخرة"، وقال:

"رواه الحكيم عن ابن عمر".

وتعقبه المناوي؛ بأن الحكيم قال عقبه:

"إن نصر بن دعبل رفعه، والباقين وقفوه على ابن عمر".

وأنه أشار إلى تفرد نصر برفعه.

قلت: وابن دعبل هذا؛ لم أعرفه.

4326 - (لكل نبي حرم، وحرمي المدينة) .

ضعيف

أخرجه أحمد (1/ 318) ، وعنه الضياء في "المختارة" (62/ 277/ 1) عن شهر، قال ابن عباس: فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ شهر - وهو ابن حوشب -؛ سيىء الحفظ، ولذلك قال الحافظ في "التقريب":

"صدوق، كثير الإرسال والأوهام".

وعليه؛ فقول المناوي تبعاً للهيثمي (3/ 301) :

"رواه أحمد وإسناده حسن"؛ غير حسن.

بل هو عندي منكر في شطره الأول؛ ففي كون المدينة حرمها النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث كثيرة، وليس في شيء منها قوله: "لكل نبي حرم"؛ فهو منكر. والله أعلم.

 

(9/313)

 

 

4327 - (لكل نبي خليل في أمته، وإن خليلي عثمان بن عفان) .

موضوع

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 202) عن إسحاق بن نجيح، عن عطاء الخراساني، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال:

"غريب من حديث عطاء، لم نكتبه إلا من هذا الوجه".

قلت: وهو موضوع؛ آفته إسحاق بن نجيح هذا؛ قال الحافظ:

"كذبوه".

قلت: وهذا من كذبه المفضوح؛ لمخالفته للحديث الصحيح:

".... ولو كنت متخذاً خليلاً، لاتخذت أبا بكر خليلاً ... ".

وهو متفق عليه.

والعجب من السيوطي كيف يخفى عليه وضع هذا الحديث فيورده في كتابه "الجامع الصغير"؛ الذي ذكر في مقدمته: أنه صانه عما تفرد به كذاب أو وضاع! والعجب من ابن الجوزي أيضاً؛ فإنه أورد الحديث في كتابه "العلل"، وقال:

"حديث لا يصح، وإسحاق بن نجيح؛ قال أحمد: من أكذب الناس ... " (1) .

وكان حقه أن يورده في كتابه الآخر "الموضوعات"!

__________

(1) نقله المناوي

 

(9/314)

 

 

4328 - (للجار حق) .

ضعيف جداً

أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص 41) عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن إسماعيل بن مجمع، عن عبد الكريم، عن عبد الرحمن بن عثمان، عن سعيد بن زيد مرفوعاً.

 

(9/314)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إسماعيل بن مجمع: هو إسماعيل بن زيد بن مجمع، نسب إلى جده الأعلى، وقال ابن الجنيد:

"ليس بشيء، ضعيف جداً". وقال ابن معين:

"ضعيف". وقال ابن عدي:

"لا يعرف".

وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع؛ ضعيف؛ كما في "التقريب".

ومن طريقه رواه البزار أيضاً؛ كما في "المجمع" (8/ 164) ، وقال:

"وهو ضعيف".

قلت: ثم رأيت الحديث في "مسند البزار" (2/ 381/ 1900) من طريق إبراهيم المذكور، عن عبد الكريم، عن عبد الرحمن بن عوف بن سهل، عن سعيد ابن زيد. كذا وقع في مطبوعة الشيخ الأعظمي، وحار في ذلك فلم يعلق عليه بشيء يجدي. وكذلك وقع في النسخة المصورة التي عندي؛ إلا أن فيها:

"عبد الرحمن بن عمرو عن سهل". ووقع في مطبوعة "مختصر الزوائد" لابن حجر (2/ 251/ 1805) :

"عبد الرحمن بن عمرو بن سهل".

وهذا هو الصواب إن شاء الله تعالى؛ فإن عبد الرحمن هذا ممن روى عن سعيد ابن زيد في "صحيح البخاري"؛ كما في ترجمة (سعيد) من "تهذيب المزي"، وفي "مسند أحمد" أيضاً (1/ 188،189) .

ومنه يتبين أن قوله في إسناد الخرائطي (عبد الرحمن بن عثمان) خطأ؛ صوابه (عبد الرحمن بن عمرو) . والله أعلم.

ثم إن ذكر (إسماعيل بن مجمع) في إسناده أظنه خطأ؛ فإنه لم يقع له ذكر

 

(9/315)

 

 

في "المسند"، وأيضاً فقد ذكروا لإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع رواية عن عبد الكريم، وهو ابن مالك الجزري، فذكر (إسماعيل) بينهما غير محفوظ عندي. والله أعلم.

4329 - (للجنة ثمانية أبواب، سبعة مغلقة، وباب مفتوح للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 79/ 2) ، والحاكم (4/ 461) عن شريك بن عبد الله، عن عثمان بن أبي زرعة، عن أبي صادق، عن عبد الرحمن ابن يزيد، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً.

قلت: سكت عنه الحاكم والذهبي، ولعل ذلك لضعف شريك - وهو القاضي -؛ فإنه سيىء الحفظ.

وأما قول المنذري (4/ 73) ، ثم الهيثمي (10/ 198) :

"رواه أبو يعلى والطبراني بإسناد جيد".

فهو من تساهلهما الذي عرفا به، اللهم إلا أن يكون إسناد أبي يعلى سالماً من شريك، وهذا ما أستبعده، ولم أقف على إسناده؛ فإن النسخة التي في حوزتي فيها خرم. والله أعلم.

ثم رأيت الحديث في مطبوعة "مسند أبي يعلى" (8/ 429/ 5012) ، فإذا هو من طريق شريك!

 

(9/316)

 

 

4330 - (للرجال حواري، وللنساء حوارية، فحواري الرجال الزبير، وحوارية النساء عائشة) .

موضوع

رواه الحافظ ابن عساكر (6/ 183/ 2) من طريق الزبير بن بكار

 

(9/316)

 

 

قال: وحدثني محمد بن الحسن، عن حاتم بن إسماعيل، عن مصعب بن ثابت، عن عطاء أو أبي زياد، عن يزيد بن أبي حبيب مرفوعاً مرسلاً.

قلت: وهذا مع إرساله موضوع؛ آفته محمد بن الحسن - وهو ابن زبالة المخزومي المدني -؛ قال الحافظ:

"كذبوه".

وتقدم نحوه بإسناد مرسل رقم (2655) .

4331 - (إن الحمرة من زينة الشيطان، وإن الشيطان يحب الحمرة) .

ضعيف

أخرجه عبد الرزاق (19965) عن معمر: أخبرني يحيى بن أبي كثير: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد إليه (يعني: عبد الله بن عمرو بن العاص) حين رآهما عليه (يعني:الثوبين المعصفرين) وقال: فذكره.

ثم روى (19975) عن معمر، عن رجل، عن الحسن: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره.

قلت: وهذا ضعيف من الوجهين؛ لأنهما مرسلان.

وقد وصله بعضهم من طريق أبي بكر الهذلي، عن الحسن، عن رافع بن يزيد الثقفي رفعه.

وأبو بكر الهذلي؛ متروك الحديث؛ كما في "التقريب".

والحديث شطره الأول في "ضعيف الجامع" برقم (2793) .

 

(9/317)

 

 

4332 - (نهى أن تترك القمامة في الحجرة؛ فإنها مجلس الشيطان، وأن يترك المنديل الذي يمسح نه من الطعام في البيت، وأن يجلس على الولايا أو يضطجع عليها) .

ضعيف جداً

أخرجه عبد الرزاق (19825) عن حرام بن عثمان، عن ابن جابر، عن جابر مرفوعاً.

قلت: وهذا ضعيف جداً؛ حرام؛ متروك، حتى قال الشافعي وغيره:

"الرواية عن حرام حرام".

 

(9/318)

 

 

4333 - (للمصلي ثلاث خصال: تتناثر الرحمة عليه من قدمه إلى أعنان السماء، وتحف به الملائكة من قرنه إلى أعنان السماء، وينادي المنادي: من يناجي ما انفتل) .

ضعيف

رواه عبد الرزاق في "كتاب الصلاة" (29/ 2) عن ابن عيينة، عن رجل من أهل البصرة، عن الحسن قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إرسال الحسن - وهو البصري - إياه، فالراوي عنه مجهول لم يسم.

 

(9/318)

 

 

4334 - (لا تسألوا الآيات؛ فقد سألها قوم صالح، فكانت (يعني: الناقة) ترد من هذا الفج، وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم، فعقروها، وكانت تشرب ماءهم يوماً، ويشربون لبنها يوماً، فعقروها، فأخذتهم صيحة أهمد الله من تحت أديم السماء منهم؛ إلا رجلاً واحداً كان في حرم الله عز وجل، قيل: من هو يا رسول الله؟ قال: هو أبو رغال، فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه) .

ضعيف

أخرجه أحمد (3/ 296) : حدثنا عبد الرزاق: حدثنا معمر، عن عبد الله

 

(9/318)

 

 

ابن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر قال:

لما مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجر قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أن أبا الزبير مدلس وقد عنعنه، ومعلوم أن المدلس لا يقبل حديثه إذا لم يصرح بالتحديث كما هو الواقع هنا، ومع أن الحديث لم يخرجه مسلم في "صحيحه" وهو على شرطه؛ كما قال الحافظ ابن كثير (2/ 227) ؛ فقد قال الذهبي في ترجمة أبي الزبير هذا:

"وفي "صحيح مسلم" عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع عن جابر، ولا هي من طريق الليث عنه، ففي القلب منها شيء".

ثم ساق بعضها، فكيف لا يكون في النفس شيء من أحاديثه التي لم يتحقق فيها الشرط الذي ذكره وهي ليست في "صحيح مسلم" كهذا؟!

والحديث أورده الهيثمي في غزوة تبوك بلفظ البزار (6/ 194) وفي "التفسير" (7/ 38) بلفظ الطبراني، وقال:

"رواه البزار والطبراني في "الأوسط" وأحمد بنحوه، ورجال أحمد رجال الصحيح".

وكثير من الناس يتوهمون من مثل هذا التعبير الذي يطلقه الهيثمي كثيراً على كثير من الأحاديث أنه في معنى قوله: "صحيح الإسناد"، وليس كذلك كما شرحته في غير هذا المكان، وهذا ما وقع فيه أحد أفاضل المؤلفين في العصر الحاضر في رسالته "حجر ثمود ليس حجراً محجوراً" (ص 6) .

4335 - (لم ترع، لم ترع، ولو أردت ذلك؛ لم يسلطك الله علي) ز

ضعيف

أخرجه أحمد (3/ 471) عن شعبة: سمعت أبا إسرائيل قال: سمعت جعدة قال:

 

(9/319)

 

 

أُتِيَ النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل، فقالوا: هذا أراد أن يقتلك، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو إسرائيل هذا؛ لم يرو عنه غير شعبة. ولا وثقه أحد غير ابن حبان، ولذلك لم يوثقه الحافظ، بل قال:

"مقبول". يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث، ولم أجد له متابعاً، فهو على اللين.

ومن طريقه أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"، كما في "تحفة الأشراف" (3/ 436) .

4336 - (لم يزل أمر بني إسرائيل معتدلاً حتى نشأ فيهم المولدون، أبناء سبايا الأمم، فقالوا بالرأي، فضلوا وأضلوا) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (56) : حدثنا سويد بن سعيد: حدثنا ابن أبي الرجال، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن عبد ة بن أبي لبابة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ كما قال البوصيري، وعلته الانقطاع؛ فإن عبد ة ابن أبي لبابة لم يلحق ابن عمرو، كما قال المزي في "تحفة الأشراف" (6/ 360) .

وسويد هذا؛ قال الحافظ:

"صدوق في نفسه؛ إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول".

 

(9/320)

 

 

وشيخه ابن أبي الرجال - اسمه عبد الرحمن -؛ وهو صدوق، وتوهم بعض الطلبة - تقليداً منه للبوصيري - أنه أخو حارثة الضعيف!

ورواه قيس بن الربيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو به.

أخرجه البزار (ص 28 - زوائده، 1/ 96/ 166 - كشف الأستار) وقال:

"لا نعلم أحداً قال عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن عمرو؛ إلا قيس، ورواه غيره مرسلاً".

قلت: قيس بن الربيع؛ ضعيف لسوء حفظه، والمحفوظ كما نقل الحافظ (13/ 285) عن البزار عن هشام بن عروة بهذا الإسناد مرفوعاً، إنما هو بلفظ:

"إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا".

أخرجه الشيخان وغيرهما، وقد خرجته في "الروض النضير" (579) .

والحديث رواه الدارمي (1/ 50) ، والبيهقي في "معرفة السنن" (ص 41 - هند، 1/ 109 - العلمية) مقطوعاً، وكذلك ابن عبد البر في "جامع البيان العلم وفضله" (2/ 136) من قول عروة.

لكن رواه يعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/ 20) بسند صحيح عنه مرفوعاً. فهو مرسل صحيح.

وعزاه الحافظ للحميدي في "النوادر"، والبيهقي في "المدخل" عنه.

قلت: وكذا الخطيب في "التاريخ" (13/ 413) . وزاد: "قال سفيان (هو ابن عيينة) : لم يزل أمر الناس معتدلاً حتى غير ذلك أبو حنيفة بالكوفة، وعثمان

 

(9/321)

 

 

البتي بالبصرة، وربيعة بن أبي عبد الرحمن بالمدينة، فنظرنا فوجدناهم من أبناء سبايا الأمم".

قلت: وهذا رواه ابن ماجه أيضاً من طريق أخرى عن سفيان عقب حديث الترجمة؛ كما ذكر المزي في "التحفة" (13/ 223) ، ولم يقع في النسخة المطبوعة من "ابن ماجه". ورواه ابن عبد البر (2/ 147-148) من طريق أخرى عن الحميدي، وزاد:

"وهو - يعني: أبا حنيفة - أمه سندية، وأبوه نبطي".

4337 - (لم يسلط على قتل الدجال إلا عيسى ابن مريم عليه السلام) .

ضعيف جداً

أخرجه الطيالسي في "مسنده" (2504) : حدثنا موسى بن مطير، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ موسى بن مطير؛ قال الذهبي:

"واه؛ كذبه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم والنسائي وجماعة: متروك".

قلت: والأحاديث في قتل عيسى عليه السلام للدجال ثابتة صحيحة، عن غير ما واحد من الصحابة في "صحيح مسلم" وغيره، فانظر على سبيل المثال في "صحيح الجامع": "يقتل ابن مريم الدجال بباب لد"، ففي ذلك غنية عن هذا. ثم أخرجت هذا الحديث الصحيح في رسالة خاصة في قصة الدجال وقتله (1) .

__________

(1) وقد طبع الكتاب حديثا بحمد لله. (الناشر) .

 

(9/322)

 

 

4338 - (لم يلق ابن آدم شيئاً قط خلقه الله أشد عليه من الموت، ثم إن الموت لأهون مما بعده) .

 

(9/322)

 

 

ضعيف

أخرجه أحمد (3/ 154) عن سكين قال: ذكر أبي، عن أنس بن مالك مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سكين هذا - هو ابن عبد العزيز بن قيس العبد ي -؛ قال الحافظ:

"صدوق، يروي عن الضعفاء، وأبوه مقبول".

قلت: أبوه؛ قال أبو حاتم، وتبعه الذهبي:

"مجهول". يعني مجهول الحال.

وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (1/ 165) على قاعدته في توثيق المجهولين، واغتر به الهيثمي كعادته، فقال كما في "الفيض"، وأقره:

"رجاله موثقون". وقال في مكان آخر:

"إسناده جيد".

قلت: وكذا قال المنذري من قبله (4/ 195) ، فقد أورد الحديث عن عبد العزيز العطار عن أنس رضي الله عنه - لا أعلم إلا رفعه - قال: فذكره بزيادة:

"وإنهم ليلقون من هول ذلك اليوم شدة حتى يلجمهم العرق، حتى إن السفن لو أجريت فيه لجرت". وقال:

"رواه أحمد مرفوعاً باختصار، والطبراني في "الأوسط" على الشك هكذا، واللفظ له، وإسنادهما جيد"! وقال الهيثمي (10/ 334) :

"رواه الطبراني في "الأوسط" وإسناده جيد، ورواه أحمد باختصار عنه، ولم يشك في رفعه، وإسناده جيد"!

 

(9/323)

 

 

قلت: وهو في "المعجم الأوسط" (2/ 580-581/ 1997) من طريق سكين أيضاً. ووقع فيه (مسكين) !

وله عن أبيه حديث آخر، سيأتي تخريجه برقم (5960) بتخريج جمع من الأئمة، منهم ابن خزيمة، وقال فيه وفي أبيه:

"وقد تبرأت من عهدتهما"!

4339 - (لم يمت نبي حتى يؤمه رجل من قومه) .

ضعيف

أخرجه الحاكم (1/ 244) عن عبد الله بن عمر أبي أمية: حدثنا فليح بن سليمان، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه مرفوعاً. وقال:

"صحيح على شرط الشيخين"! ووافقه الذهبي!

قلت: وفيه أمران:

الأول: أن فليحاً وإن كان من رجال الشيخين، فقد أورده الذهبي في "المغني في الضعفاء والمتروكين" وقال:

"قال ابن معين وأبو حاتم والنسائي: ليس بالقوي". وقال الحافظ:

"صدوق كثير الخطأ".

والآخر: عبد الله بن عمر بن أبي أمية؛ لم أجد له ترجمة، لكن أخرجه الدارقطني في "سننه" (ص 105) من وجه آخر عنه؛ إلا أنه قال: عبد الله بن أبي أمية؛ لم يذكر بينهما عمر، وقال:

"ابن أبي أمية؛ ليس بقوي".

 

(9/324)

 

 

وهكذا أورده في "الميزان" و "اللسان" من رواية الدارقطني مع قوله المذكور، فإما أن يكون عمر سقط من رواية الدارقطني، أو أنها زيادة من بعض نساخ "المستدرك". والله أعلم.

4340 - (لما أسلم عمر أتاني جبريل فقال: قد استبشر أهل السماء بإسلام عمر) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن ماجه (1/ 51) ، وابن حبان (2182) ، وابن شاهين في "السنة" (رقم 33 - منسوختي) ، والحاكم (3/ 84) عن عبد الله بن خراش: حدثنا العوام بن حوشب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعاً؛ وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله:

"قلت: عبد الله ضعفه الدارقطني".

قلت: وكذبه محمد بن عمار الموصلي، وقال البخاري:

"منكر الحديث". وقال الساجي:

"ضعيف الحديث جداً، ليس بشيء، كان يضع الحديث".

 

(9/325)

 

 

4341 - (لن تخلو الأرض من أربعين رجلاً مثل خليل الرحمن، فبهم يسقون، وبهم ينصرون، ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه آخر) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4259 - بترقيمي) : حدثنا علي ابن سعيد: حدثنا إسحاق بن رزيق الراسبي: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس مرفوعاً. قال سعيد:

 

(9/325)

 

 

وسمعت قتادة يقول: لسنا نشك أن الحسن منهم.

وقال:

"لم يروه عن قتادة إلا سعيد، ولا عنه إلا عبد الوهاب، تفرد به إسحاق".

قلت: ولم أجد له ترجمة في شيء من كتب الرجال، حتى ولا في "تاريخ البخاري"، و "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم.

على أن الراوي عنه علي بن سعيد - وهو الرازي -؛ فيه ضعف؛ أورده الذهبي في "المغني في الضعفاء" وقال:

"قال الدارقطني: ليس بذاك، تفرد بأشياء".

فلا أدري وجه تقوية الهيثمي إياه بقوله (10/ 63) :

"رواه الطبراني في "الأوسط" وإسناده حسن".

ثم تنبهت لعلة أخرى، وهي أن عبد الوهاب بن عطاء مختلف فيه، وقد أورده الذهبي في "الضعفاء" وقال:

"ضعفه أحمد، وقواه غيره".

وقد رواه عنه بعضهم بإسناد آخر له عن أبي هريرة نحوه بلفظ:

"ثلاثين" بدل "أربعين".

وقد مضى تخريجه وبيان علته برقم (1392) .

ثم أستدرك فأقول:

ثم وجدت إسحاق بن رزيق الراسبي في كتاب "الثقات" لابن حبان؛ بعد أن تم طبعه في الهند، أورده في تبع أتباع التابعين (8/ 121) فقال:

 

(9/326)

 

 

"إسحاق بن رزيق الرسعني من رأس العين، يروي عن أبي نعيم، وكان راوياً لإبراهيم بن خالد، حدثنا عنه أبو عروبة، مات سنة تسع وخمسين ومائتين".

قلت: فالظاهر أن (الراسبي) محرف عن (الرسعني) ، وأنه هو الراوي لهذا الحديث بهذا الإسناد، فإن كان ثقة - فإن ابن حبان قاعدته معروفة في التوثيق - وكان قد حفظه، فتكون العلة إما من شيخه أو تلميذه، وقد عرفت حالهما. والله أعلم.

4342 - (لن يغلب عسر يسرين، إن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً) .

ضعيف

أخرجه الحاكم (2/ 528) عن إسحاق بن إبراهيم الصنعاني: أنبأ عبد الرزاق: أنبأ معمر، عن أيوب، عن الحسن: في قول الله عز وجل: (إن مع العسر يسراً) قال:

خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً مسروراً فرحاً، وهو يضحك وهو يقول: فذكره.

وقال هو والذهبي:

"مرسل".

قلت: ورجاله ثقات؛ لولا أن الصنعاني - وهو الدبري - سمع من عبد الرزاق في حالة الاختلاط كما قال ابن الصلاح، لكنه لم يتفرد به؛ فقد رواه ابن جرير عن ابن ثور عن معمر به، قال ابن كثير:

"وكذا رواه من حديث عوف الأعرابي ويونس بن عبيد عن الحسن مرسلاً. وقال سعيد: عن قتادة: ذكر لنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر أصحابه بهذه الآية، فقال: لن يغلب عسر يسرين".

 

(9/327)

 

 

قلت: فعلة الحديث الإرسال، كذلك أخرجه ابن جرير في "التفسير" (30/ 151) من مرسل الحسن وقتادة، ولا يقوي أحدهما الآخر؛ لاحتمال أن يكونا تلقياه من شيخ واحد، واحتمال أن يكون تابعياً مثلهما، واحتمال أن يكون ضعيفاً أو مجهولاً، وهو السبب في عدم الاحتجاج بالحديث المرسل وجعلهم إياه من أقسام الحديث الضعيف كما هو مقرر في "علم المصطلح".

ومن هنا يتبين جهل الشيخ الصابوني بهذا العلم وافتئاته عليه؛ حين زعم أنه اقتصر في كتابه "مختصر تفسير ابن كثير" على الأحاديث الصحيحة، فرددت ذلك عليه بأمثلة كنت ذكرتها في مقدمة "الأحاديث الصحيحة"، وبينت جهله، والأمثلة في ازدياد، وهذا منها، وليس - قطعاً - الأخير منها مع الأسف!

4343 - (لن ينهق الحمار حتى يرى شيطاناً، فإذا كان ذلك فاذكروا الله، وصلوا علي) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (309) : عن معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع: حدثنا أبي محمد، عن أبيه عبيد الله عن أبي رافع مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ معمر وأبوه محمد؛ قال البخاري في كل منهما:

"منكر الحديث". وقال أبو حاتم في الأب:

"منكر الحديث جداً".

قلت: وذكر الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه من منكراتهما؛ فقد صح الحديث عن أبي هريرة بدونها في "الصحيحين" وغيرهما.

 

(9/328)

 

 

4344 - (له أجران: أجر السر، وأجر العلانية) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (3/ 281) ، وابن ماجه (2/ 556) ، وابن حبان (655) و (2516) عن سعيد بن سنان أبي سنان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي صالح، عن أبي هريرة:

أن رجلاً قال: يا رسول الله! إن الرجل يعمل العمل ويسره، فإذا اطلع عليه؛ سره، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وقال الترمذي:

"حديث غريب، قد روى الأعمش وغيره عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي صالح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً".

قلت: سعيد بن سنان؛ فيه ضعف من قبل حفظه، كما يفيده قول الحافظ فيه:

"صدوق، له أوهام".

فلا يحتج بمثله عند المخالفة، فقد خالفه الأعمش وغيره فرووه مرسلاً كما تقدم عن الترمذي، وممن أرسله سفيان الثوري كما ذكر أبو نعيم، فقد أخرج الحديث في "الحلية" (8/ 250) من طريق يوسف بن أسباط، عن سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، [عن أبي صالح] ، عن أبي ذر قال:

"قلت: يا رسول الله ... " الحديث. فقال أبو نعيم:

"لم يقل أحد: عن أبي صالح عن أبي ذر؛ غير يوسف عن الثوري. فرواه يحيى بن ناجية فقال: عن أبي مسعود الأنصاري. ورواه قبيصة عنه فقال: عن المغيرة بن شعبة. ورواه أبو سنان عن حبيب عن أبي صالح عن أبي هريرة. والمحفوظ عن الثوري عن حبيب عن أبي صالح مرسلاً".

قلت: ومع اتفاق الأعمش والثوري على إرسال الحديث؛ فهي علة أخرى فيه، وأما ردها من قبل المعلق على "الموارد" (2/ 397) بقوله:

 

(9/329)

 

 

"نقول: وهذه ليست بعلة يعل بها الحديث ما دام من وصله ثقة"!

قلت: وهذا من الأدلة الكثيرة على أن الرجل لم يهضم بعد هذا العلم الشريف، ولم يفقه بعد ما هو الحديث الشاذ، فلعله يراجع نفسه، فقد رأيت له مثل هذه الدعوى المخالفة لأصول الحديث أكثر من مرة، فانظر مثلاً الحديث الآتي (6483) .

(تنبيه) : إخراج ابن حبان هذا الحديث في "صحيحه" من الأدلة الكثيرة على تساهله في تصحيح الأحاديث، وعلى عدم التزامه للشروط التي اشترطها في مقدمته، فإنه قال:

"والخامس: المعتري خبره عن التدليس"!

فإن حبيباً هذا؛ وصفه ابن حبان نفسه بالتدليس في "ثقاته" (4/ 137) ! فتساهله ليس محصوراً في توثيق المجهولين كما يظن بعضهم؛ فاقتضى التنبيه. ثم بدا لي أنه لعله يعني من كان مشهوراً بالتدليس. انظر "الصحيحة" (3413) .

4345 - (لو أقسمت لبررت: لا يدخل الجنة قبل سابق أمتي إلا بضعة عشر رجلاً، منهم إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباط اثني عشر، وموسى، وعيسى ابن مريم بنت عمران عليهم السلام) .

ضعيف

رواه الفسوي في "المعرفة" (2/ 343-344) ، وابن عساكر (2/ 178/ 2 و 19/ 272/ 2) عن بقية بن الوليد، عن صفوان بن عمرو: حدثني عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي وعبد الله بن بسر، عن عتبة بن عبد الثمالي مرفوعاً.

 

(9/330)

 

 

قلت: وهذا سند ضعيف؛ بقية مدلس وقد عنعنه.

ومن طريقه رواه الطبراني دون الاستثناء؛ كما في "المجمع" (10/ 69) وأعله بما ذكرنا، ووقع فيه: "عبد الله بن عبد "، وكذلك وقع في رواية ابن منده للحديث كما في ترجمة عبد الله هذا من "الإصابة".

4346 - (لن يبتلى عبد بشيء أشد عليه من الشرك بالله، ولن يبتلى عبد بشيء بعد الشرك بالله أشد عليه من ذهاب بصره، ولن يبتلى عبد بذهاب بصره فيصبر؛ إلا غفر له) .

ضعيف جداً

أخرجه البزار (ص 83 - زوائده) عن جابر، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ جابر - هو ابن يزيد الجعفي -؛ ضعيف متهم.

وفي فضل الصبر على ذهاب البصر أحاديث كثيرة؛ ليس فيها هذا الذي في حديث الجعفي!

 

(9/331)

 

 

4347 - (لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أشرفت إلى أهل الأرض لملأت الأرض ريح مسك، ولأذهبت ضوء الشمس والقمر) .

ضعيف

أخرجه البزار (ص 318) و (رقم 3528) - بنحوه مع بعض الاختلاف -، والمروزي في "زوائد الزهد" (226) ، وابن عدي (55/ 2) ، وابن عساكر (7/ 136/ 2) عن سيار بن حاتم قال: حدثنا جعفر بن سليمان والحارث ابن نبهان، عن مالك بن دينار، عن شهر بن حوشب، عن سعيد بن عامر بن حذيم مرفوعاً.

 

(9/331)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ شهر بن حوشب؛ ضعيف لسوء حفظه.

وسيار بن حاتم؛ فيه ضعف، وقال الحافظ في "التقريب":

"صدوق، له أوهام".

ومن طريقه أخرجه أحمد في "الزهد" (ص 185) : حدثنا سيار به؛ إلا أنه لم ذيكر في إسناده شهراً ولا الحارث بن نبهان، فلا أدري أهكذا الرواية عنده، أم سقط ذلك من الناسخ أو الطابع. وفيه عنده قصة مطولة بين سعيد بن عامر وعمر ابن الخطاب. وبنحو ذلك ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 124) وقال:

"رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات، وله طرق في صفة الجنة".

كذا قال! وفي المكان الذي أشار إليه لم يذكر له طريقاً - فضلاً عن طرق - أخرى، ولا هو أطلق التوثيق كما فعل هنا؛ فإنه ساق الحديث دون القصة ثم قال (10/ 417) :

"رواه الطبراني مطولاً أطول من هذا، وتقدم في صدقة التطوع، ورواه البزار باختصار كثير، وفيهما الحسن بن عنبسة الوراق، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم ضعف".

كذا قال؛ وهو أقرب إلى الصواب من إطلاقه التوثيق هناك، وفيه إشارة إلى أن في طريق الطبراني - أيضاً - الوراق المذكور، وهو معروف، وإنما لم يعرفه الهيثمي؛ لأنه سقط منه أثناء النقل اسم ابنه فهو حماد بن الحسن بن عنبسة الوراق، كما وقع عند البزار وغيره، على أنه قد تابعه الإمام أحمد كما سبق.

4348 - (لو أن رجلاً في حجره دراهم يقسمها، وآخر يذكر الله؛ كان الذاكر لله أفضل) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (433) عن عمر بن موسى

 

(9/332)

 

 

الحادي: حدثنا أبو هلال: حدثنا جابر أبو الوازع، عن أبي بردة، عن أبي موسى مرفوعاً. وقال:

"لا يروى عن أبي موسى؛ إلا بهذا الإسناد، تفرد به عمر".

قلت: وهو إسناد ضعيف؛ لأن عمر بن موسى الحادي - بمهملتين - قال الذهبي في "المغني في الضعفاء":

"هو عم الكديمي، قال ابن عدي: ضعيف يسرق الحديث".

وأبو هلال؛ هو محمد بن سليم الراسبي؛ صدوق فيه لين.

وأبو الوازع؛ هو جابر بن عمرو الراسبي؛ صدوق يهم.

قلت: وأما قول المنذري في "الترغيب" (2/ 231) عقب الحديث:

"وفي رواية: "ما صدقة - أفضل من ذكر الله". رواهما الطبراني، ورواتهما حديثهم حسن".

فأقول: فيه مؤاخذتان:

الأولى: أنه أوهم أن الرواية الأخرى هي من حديث أبي موسى أيضاً، وليس كذلك، بل هي من حديث ابن عباس، كما صرح بذلك الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 74) .

والأخرى: قوله: "ورواتهما حديثهم حسن". فليس مسلماً على إطلاقه؛ لما عرفت من ضعف الحادي - أحد رواته - وأنه يسرق الحديث، نعم قد ذكره ابن حبان في "ثقاته"، ولكنه - مع تساهله في التوثيق - قد قال فيه: "إنما أخطأ". فمثله مما لا يعتد به مع جرح ابن عدي إياه بسرقة الحديث. وقد ضعفه ابن نقطة أيضاً بقوله:

 

(9/333)

 

 

"هو معدود في الضعفاء".

وكأنه لذلك لم يجزم الهيثمي بتوثيق رجاله، فقال:

"ورجاله وثقوا".

وعهدي به أنه لا يقول هذا القول إلا إذا كان توثيق أحد رجاله غير موثوق به، وفي الغالب يكون مما تفرد بتوثيقه ابن حبان كما هو الشأن هنا. وهذه الحقيقة مما فات المناوي؛ فإنه في كثير من الأحيان يستلزم من مثل قول الهيثمي المذكور التحسين بل التصحيح؛ غافلاً عما ذكرنا، وعما هو أهم من ذلك، وهو أنه لا يلزم من ثقة رجال الإسناد - ولو جزم بذلك - سلامته من علة قادحة كالانقطاع والتدليس وغيره؛ كما شرحناه في غير هذا الموضع، فتأمل قوله في حديث أبي موسى هذا:

"قال الهيثمي: رجاله وثقوا. اهـ. ومن ثم رمز المصنف لحسنه، لكن صحح بعضهم وقفه"!

فإنه استلزم منه التحسين، ولذلك سلم برمز السيوطي لحسنه ولم يرده بما ذكرنا، وإنما بأن الصحيح وقفه! وهذا في الحقيقة علة أخرى في الحديث يزداد به وهنا. ثم قال المناوي في حديث ابن عباس:

"رمز المصنف لحسنه، وهو كما قال بل أعلى؛ فقد قال الهيثمي: رجاله موثقون"!!

كذا قال! وفيه نظر كبير؛ فإنه من رواية محمد بن الليث أبي الصباح الهدادي: حدثنا أبو همام الدلال: أخبرنا داود بن عبد الرحمن العطار، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً به.

 

(9/334)

 

 

أخرجه في "المعجم الأوسط" (2/ 167/ 1) رقم (7548 - بترقيمي) .

قلت: محمد بن الليث هذا؛ لم يوثقه غير ابن حبان فأورده في "الثقات" (9/ 135) وقال:

"من أهل البصرة، يروي عن أبي عاصم، حدثنا عنه ابن الطهراني، يخطىء ويخالف".

وتبعه الحافظ في "اللسان" بقوله:

"وهذا وجدت له خبراً موضوعاً، رواه بسنده الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفتتح القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم".

قلت: ذكره في ترجمة محمد بن الليث عقب قول الذهبي فيها:

" ... عن مسلم الزنجي، لا يدرى من هو؟ وأتى بخبر موضوع".

فهو إذن متهم، فيكون حديثه في منتهى الضعف، فلا يصلح شاهداً لحديث الترجمة. والله أعلم.

4349 - (لو أن مقمعاً من حديد وضع في الأرض فاجتمع له الثقلان ما أقلوه من الأرض) .

ضعيف

أخرجه الحاكم (4/ 600) ، وأحمد (3/ 29) ، وأبو يعلى (1/ 385) ، وابن أبي الدنيا في "صفة النار" (ق 4/ 1) ، عن دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد مرفوعاً. وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!

 

(9/335)

 

 

قلت: دراج صاحب مناكير، وقد تعقبه الذهبي بهذا في غير ما حديث كما تقدم مراراً.

ثم أخرجوا بهذا الإسناد عن أبي سعيد مرفوعاً.

4350 - (لو ضرب الجبل بقمع من حديد لتفتت ثم عاد كما كان) .

ضعيف

أخرجه الحاكم (4/ 601) ، وأحمد (3/ 83) ، وأبو يعلى (1/ 384) ، وابن أبي الدنيا أيضاً (4/ 1) .

والحديثان جمعهما السيوطي في سياق واحد في "الجامع"، وفرق بينهما المنذري في "الترغيب" (4/ 232) فأصاب، لكنه أقر الحاكم على تصحيحه إياهما!!

4350/ م - (تزوج أم سلمة في شوال، وجمعها إليه في شوال) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (1991) ، والطبراني في الكبير (3/ 260/ 3347) ، ومن طريقه المزي في "التحفة" (5/ 302-303) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة: حدثنا أسود بن عامر: حدثنا زهير، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه، عن عبد الملك بن الحارث بن هشام، عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ...

قال البوصيري في "الزوائد" (1/ 119 - بيروت) :

"هذا إسناد ضعيف؛ لتدليس محمد بن إسحاق. وانفرد ابن ماجه بإخراج هذا الحديث عن الحارث بن هشام، وليس له شيء في الخمسة الأصول. هكذا رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده"، وله شاهد في "صحيح مسلم" وغيره

 

(9/336)

 

 

من حديث عائشة. قال المزي في "الأطراف": ورواه محمد بن يزيد المستملي عن أسود بن عامر بإسناده إلا أنه قال "عبد الرحمن" بدل "عبد الملك"، وهو أولى بالصواب".

قلت: وفي هذا الكلام أمور:

أولاً: محمد بن يزيد هذا؛ متروك كما قال الخطيب، وقال ابن عدي:

"يسرق الحديث ويزيد فيه ويضع".

قلت: فكيف يكون ما رواه أولى بالصواب من رواية أبي بكر بن أبي شيبة الثقة الحافظ؟!

ثانياً: لقد جاء من طريق أخرى ما يؤكد صواب ابن أبي شيبة: فقال ابن سعد في "الطبقات" (8/ 94-95) : أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس: حدثنا زهير: حدثنا محمد بن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عبد الملك بن أبي بكر بن الحارث بن هشام المخزومي، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج ... إلخ.

وهذه متابعة قوية لابن أبي شيبة من أحمد بن عبد الله بن يونس؛ فإنه ثقة حافظ من شيوخ الشيخين، وفيها بيان أن عبد الملك هذا هو ابن أبي بكر بن الحارث ... نسب إلى جده الحارث في رواية ابن أبي شيبة فحصل الإشكال، وتوهم أن الحديث متصل من مسند الحارث بن هشام المخزومي، وبناء عليه جزم المزي وغيره أن الراوي له عنه إنما هو ابنه عبد الرحمن، وليس عبد الملك؛ لأنهم لا يعلمون له ولداً يسمى عبد الملك، مع أنه كذلك جاء مسمى في رواية ابن أبي شيبة وابن سعد، لكن خفي عليهم أن عبد الملك هذا ليس ابناً للحارث من

 

(9/337)

 

 

صلبه، وإنما هو حفيده؛ فإنه عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ... المخزومي، وهو تابعي معروف ثقة من رجال الشيخين كما في "التهذيب" وغيره، وقد روى عن أبيه أبي بكر وغيره، وأبو بكر مترجم في الكنى وهو تابعي أيضاً ثقة من رجالهما، فالحديث إذن حديثه؛ وليس حديث جده الحارث بن هشام كما توهموا.

ويؤكد ذلك أنني وجدت له أصلاً في "الموطأ" (2/ 65) عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين تزوج أم سلمة وأصبحت عنده قال لها:

"ليس بك على أهلك هوان ... " الحديث، وقد جاء مسنداً بذكر أم سلمة فيه، وهو مخرج في "الإرواء" (2019) ، و "الصحيحة" (1271) .

ورواية مالك هذه تكشف لنا أن عبد الله بن أبي بكر هو ابن محمد بن عمرو ابن حزم الأنصاري في حديث الترجمة، لكن فيه أنه رواه عن أبيه عن عبد الملك، ولا بأس من ذلك؛ فقد ذكروا في ترجمة عبد الله بن أبي بكر أنه يروي عن أبيه وغيره، وعنه ابن إسحاق وغيره،توفي أبو بكر سنة (120) ، وتوفي شيخه في هذا الحديث عبد الملك في خلافة هشام بن عبد الملك، وكانت نحو عشرين سنة، وتوفي سنة (125) ، فتكون روايته عنه من رواية الأقران بعضهم عن بعض.

والخلاصة: أن الحديث من رواية أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مرسلاً، وليس هو من حديث جده الحارث بن هشام؛ كما توهم المزي؛ وتبعه المعلقون عليه، ومن قبلهم البوصيري!

 

(9/338)

 

 

ثالثاً: وأما إعلاله إياه بعنعنة ابن إسحاق؛ فمدفوع بتصريحه بالتحديث في رواية ابن سعد كما تقدم.

وبالجملة؛ فعلة الحديث الإرسال، فإذا ثبت أن أبا بكر بن عبد الرحمن تلقاه من أم سلمة، فالحديث صحيح ينقل إلى الكتاب الآخر. والله أعلم.

4351 - (البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي) .

ضعيف

رواه أبو سعيد بن الأعرابي في "معجمه" (ق 121/ 2) ، والجرجاني في "الأمالي" (ق 117/ 2) من طريق جعفر بن عنبسة بن عمرو اليشكري: حدثنا عمر بن حفص المكي: حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ظاهر الضعف، وله علل:

الأولى: عنعنة ابن جريج.

الثانية: عمر بن حفص المكي؛ قال الذهبي في "الميزان" - وتبعه الحافظ في "اللسان" -:

"لا يدرى من ذا، والخبر منكر".

يريد حديثاً آخر له رواه بإسناده المذكور؛ عن ابن عباس قال:

"لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يجهر بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) حتى مات".

الثالثة: جعفر هذا؛ قال ابن القطان:

"لا يعرف".

وأشار البيهقي إلى أنه مجهول. ولعله يعني جهالة الحال؛ فإنه قد روى عنه

 

(9/339)

 

 

جمع كما في "الميزان".

وإذا عرفت ضعف هذا الحديث؛ فقد أخطأ فيه بعض الكبار وغيرهم؛ فقال القرطبي في "الجامع" (2/ 159) :

"قد روى ابن جريج ... " إلخ.

فجزم برواية ابن جريج؛ وفي الطريق إليه من عرفت من المجهولين.

ثم نقل ذلك عنه ابن كثير في "تفسيره" (1/ 192-193) ساكتاً عليه؛ فما أحسن؛ لأنه اغتر به من لا علم له بهذا الفن ممن اختصر كتابه، مثل الشيخ الصابوني، فأورده في "مختصره" (1/ 138) وقد زعم في مقدمته:

أنه اقتصر فيه على الأحاديث الصحيحة، وحذف الأحاديث الضعيفة! وهو في ذلك كاذب، كما كنت بينت ذلك بالأمثلة في مقدمة المجلد الرابع من "الصحيحة" (ص:هـ - م) ، وهذا الحديث مثال آخر على إفكه وكذبه وادعائه ما لا علم له به.

ويؤسفني أن أقول:

لقد علمت فيما بعد أنه سبقه إلى هذه الدعوى الكاذبة بعض من يدعي السلفية، بل ويزعم أنه "مؤسس الدعوة السلفية"! ثم قيد ذلك بعد أن بينا له خطأه في بعض رسائلي بقوله: "بحلب"! ثم رفع هذا الزعم كله في بعض ما كتب بعد، ألا وهو الشيخ محمد نسيب الرفاعي؛ فإنه أورد أيضاً هذا الحديث في "مختصره لتفسير ابن كثير"، مع تصريحه في مقدمة الطبعة الأولى منه أنه ضرب صفحاً عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة ... معتمداً في ذلك - أولاً - على ما اعتمد ابن كثير نفسه صحته، ثم على ما أعلم صحته من الأحاديث الواردة مما لم يشر إليه المفسر رحمه الله.

 

(9/340)

 

 

ثم أكد ذلك في مقدمته للطبعة الثانية منه فقال:

" ... ملتزماً أن لا أختار إلا الصحيح المتفق على صحته، أو الصحيح الذي انفرد به البخاري ومسلم، والصحيح المروي في باقي الصحاح".

ثم زاد - ضغثاً على إبالة - أنه وضع فهرساً للأحاديث في آخر كل مجلد مع درجاتها! ووضع بجانب هذا الحديث علامة الصحة رجماً بالغيب، وغير مبال بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال علي ما لم أقل؛ فليتبوأ مقعده من النار".

وكم له في كتابه المذكور من هذا النوع من الأحاديث الضعيفة؛ بل والموضوعة كحديث "فاتحة الكتاب شفاء من كل سم"، وقد صح بصحته أيضاً! وقد سبق تخريجه وبيان علته برقم (3997) ، وانظر من الأحاديث الموضوعة التي صححها بجهله البالغ واحتج بها على بعض المنحرفين الحديث الآتي برقم (5655) .

ثم إنني رأيت الحديث في "سنن البيهقي" (2/ 9-10) من طريق ابن الأعرابي وغيره، عن جعفر بن عنبسة به، وقال عقبه:

"تفرد به عمر بن حفص المكي، وهو ضعيف لا يحتج به، وروي بإسناد آخر ضعيف عن عبد الله بن حبشي كذلك مرفوعاً. ولا يحتج بمثله. والله أعلم".

4352 - (لو ترك أحد لأحد؛ ترك ابن المقعدين) .

ضعيف

رواه الطبراني في "الأوسط" (72/ 1 - من ترتيبه) : حدثنا محمد ابن علي الأحمر: حدثنا أبو كامل الجحدري: حدثنا عبد الله بن جعفر: أخبرني عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال:

كان بمكة مقعدان لهما ابن شاب، فكان إذا أصبح نقلهما فأتى بهما المسجد، فكان يكتسب عليهما يومه، فإذا كان المساء احتملهما فأقبل بهما، فافتقده رسول

 

(9/341)

 

 

الله - صلى الله عليه وسلم - فسأل عنه، فقال: مات ابنهما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. قال الطبراني:

"لم يروه عن ابن دينار إلا ابن جعفر، تفرد به أبو كامل".

ومن طريقه رواه ابن عدي (215/ 2) وقال:

"حديث غير محفوظ، وعبد الله بن جعفر والد علي بن المديني عامة حديثه لا يتابعه أحد عليه، وهو مع ضعفه يكتب حديثه".

قلت: وأخرجه البيهقي في "السنن" (4/ 66) من طريق أخرى عن أبي كامل به. ومن طريق داود بن رشيد: حدثنا عبد الله بن جعفر به.

قلت: فلم يتفرد به أبو كامل كما ادعى الطبراني، ولا لوم عليه؛ فذاك هو الذي أحاط به علمه.

4353 - (لو تعلم البهائم من الموت ما يعلم ابن آدم؛ ما أكلتم منها سميناً) .

ضعيف جداً

رواه ابن الأعرابي في "المعجم" (24/ 1) ، وعنه القضاعي (115/ 2 - خط) ، (2/ 314/ 1434) : أخبرنا محمد بن صالح: أخبرنا محمد بن إسماعيل الجعفري: أخبرنا عبد الله بن سلمة، عن أبيه، عن أم صبية الجهنية مرفوعاً.

قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ الجعفري هذا؛ قال أبو حاتم:

"منكر الحديث يتكلمون فيه".

وعبد الله بن سلمة - وهو المزي؛ كما ذكر ابن أبي حاتم (3/ 2/ 189) في

 

(9/342)

 

 

ترجمة الجعفري -؛ لم أعرفه، ومثله أبوه. لكن قال المناوي بعد أن عزاه - تبعاً لأصله - للبيهقي في "الشعب"، والقضاعي:

"وفيه عبد الله بن سلمة بن أسلم؛ ضعفه الدارقطني، ورواه الديلمي عن أبي سعيد".

قلت: ابن أسلم هذا؛ ترجماه في "الميزان" و "اللسان"، ولم يذكرا أنه روى عن أبيه، وقالا:

"قال أبو نعيم: متروك".

ثم تبينت حال (عبد الله بن سلمة) ، وأنه ليس ابن أسلم هذا، وإنما هو الراوي عن الزهري، وعنه محمد بن إسماعيل الجعفري. كذا ذكره ابن أبي حاتم (2/ 2/ 70) ، وهو الراوي لهذا الحديث عنه كما رأيت، ثم قال ابن أبي حاتم:

"سئل أبو زرعة عنه؟ فقال: منكر الحديث".

ونقله الذهبي عن أبي زرعة، وقال:

"وقال مرة: متروك".

وأقره الحافظ في "اللسان".

وقد روي الحديث بإسناد آخر واه، في قصة كلام الغزالة، ويأتي تخريجها برقم (3738) (1) .

ورواه نعيم بن حماد في "زوائد الزهد" (152) : أنبأنا الحسن بن صالح: أنه بلغه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره.

__________

(1) كذا أصل الشيخ، ولم نهتد للصواب. (الناشر)

 

(9/343)

 

 

4354 - (لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، يظهر النفاق، وترفع الأمانة، وتقبض الرحمة، ويتهم الأمين، ويؤتمن غير الأمين، أناخ بكم الشرف الجون، الفتن كأمثال الليل المظلم) .

ضعيف بتمامه

أخرجه ابن حبان (1871) ، والحاكم (4/ 579) عن خالد ابن عبد الله الزيادي، عن أبي عثمان الأصبحي، عن أبي هريرة مرفوعاً.

وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي.

قلت: ورجاله ثقات غير الزيادي؛ ويقال: الزبادي، بالباء المنقوطة بواحدة؛ كما في "الأنساب"، أورده ابن أبي حاتم (1/ 2/ 340) برواية ثقتين عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ولعله في "ثقات ابن حبان"، فليراجع.

وبالجملة؛ فهو مجهول الحال عندي. والله أعلم.

والشطر الأول من الحديث متفق عليه من حديث أنس، وهو مخرج في "تخريج فقه السيرة" (ص 479) ، ثم في "الصحيحة" (3194) .

وقد رويت فيه زيادات أخرى منها:

" ... ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى، لا تدرون؛ تنجون أو لا تنجون".

أخرجه البزار (ص 313) ، والحاكم (4/ 320) من طريق يزيد بن حميد، عن سليمان بن مرثد، [عن أبي الدرداء] . وقال:

"صحيح الإسناد".ووافقه الذهبي.

قلت: رجاله ثقات غير سليمان بن مرثد؛ قال الذهبي:

 

(9/344)

 

 

"لا يعرف له سماع من عائشة وأبي الدرداء، وعنه أبو التياح فقط".

وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (1/ 93) ! ولا اعتداد بذلك، ولهذا أورده الذهبي في "الضعفاء"، ومع ذلك وافق الحاكم على تصحيحه، فما أكثر تناقضه!!

ومن هذه الطريق أخرجه البزار (ص 313) ؛ إلا أنه قال: عن سليمان بن مرثد عن ابنة أبي الدرداء، عن أبي الدرداء. وهكذا رواه الطبراني كما في "المجمع" (10/ 230) وقال:

"ورجاله الطبراني رجال الصحيح"!

ومنها زيادة: " ... ولما ساغ لكم الطعام ولا الشراب، ولما نمتم على الفرش، ولهجرتم النساء، ولخرجتم إلى الصعدات؛ تجأرون وتبكون، ولوددت أن الله خلقني شجرة تعض".

أخرجه الحاكم (4/ 579) عن يونس بن خباب قال: سمعت مجاهداً يحدث، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: فذكره موقوفاً عليه. وقال:

"صحيح على شرط الشيخين". ورده الذهبي بقوله:

"قلت: منقطع، ثم يونس رافضي لم يخرجا له".

قلت: وهو إلى رفضه متكلم فيه، ولذلك أورده الذهبي في "المغني" وقال:

"رافضي بغيض، كذبه القطان، وضعفه النسائي وغيره، وزعم أن عثمان قتل ابنتي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه". وقال الحافظ في "التقريب":

"صدوق يخطىء، ورمي بالرفض".

 

(9/345)

 

 

وقد روي بعضه مرفوعاً عن أبي ذر، من طريق جعفر بن سليمان، عن رجل قد سماه، عن شهر بن حوشب، عن عائذ الله عنه بلفظ:

"وما استقللتم على الفرش، ولا تمتعتم من الأزواج، ولا شبعتم من الطعام، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل".

أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" (ص 146) .

قلت: وشهر؛ ضعيف. والرجل؛ لم يسم.

4355 - (لو تعلمون ما في المسألة؛ ما مشى أحد إلى أحد يسأله شيئاً) .

ضعيف

أخرجه النسائي (1/ 362) ، عن عبد الله بن خليفة، عن عائذ بن عمرو:

أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله، فأعطاه، فلما وضع رجله على أسكفة الباب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الله بن خليفة - ويقال: خليفة بن عبد الله البصري -؛ قال الحافظ:

"مجهول، ما روى عنه إلا بسطام بن مسلم، ووهم من زعم أن شعبة روى عنه".

يشير بذلك إلى الذهبي، وبناء على زعمه المذكور قال فيه: "صدوق".

 

(9/346)

 

 

4356 - (لو تعلمون من الدنيا ما أعلم؛ لاستراحت أنفسكم منها) .

 

(9/346)

 

 

ضعيف.

رواه ابن شمعون الواعظ في "الأمالي" (179/ 2) ، والحاكم (3/ 628-629) عن موسى بن عبيد ة، عن عبد الله بن عبيد ة، عن عروة بن الزبير، - وزاد الحاكم: عن أبيه -، مرفوعاً. ولعل هذه الزيادة خطأ مطبعي أو من الناسخ؛ فقد رواه البيهقي في "الشعب" عن عروة أيضاً؛ مرسلاً، كما في "الجامع الصغير".

قلت: وإسناده ضعيف على كل حال؛ فإن موسى بن عبيد؛ ضعيف.

وعبد الله بن عبيد ة أخوه؛ مختلف فيه، وجزم الحافظ بأنه ثقة.

4357 - (لو عرفتم الله حق معرفته؛ لعلمتم العلم الذي ليس معه به جهل، ولو عرفتم الله حق معرفته؛ لزالت الجبال بدعائكم، وما أوتي أحد من اليقين شيئاً إلا ما لم يؤت منه أكثر مما أوتي، فقال معاذ ابن جبل: ولا أنت يا رسول الله! فقال: ولا أنا. قال معاذ: فقد بلغنا أن عيسى ابن مريم عليه السلام كان يمشي على الماء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ولو ازداد يقيناً لمشى على الهواء) .

منكر، ضعيف الإسناد

أخرجه البيهقي في "الزهد الكبير" (ق 117/ 2) وقال: هذا منقطع، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 156-157) من طريق وهيب المكي وقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف لإعضاله؛ فإن وهيباً هذا هو ابن الورد المكي، وهو من كبار الطبقة السابعة عند ابن حجر في "التقريب"، فبينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - مفاوز.

قلت: وهو عندي منكر المتن بهذا السياق؛ فإن فيه أن عيسى لم يكن يقينه

 

(9/347)

 

 

من القوة بحيث يمكنه أن يمشي على الهواء، بينما حكوا أن هذا كان لبعض الأولياء، فينتج من ذلك أن هذا البعض كان أقوى يقيناً من عيسى عليه السلام!! ولا يخفى ما في هذا من الضلال البين، ويلزم من ذلك أحد أمرين ولا بد: إن كان هذا الذي حكوا صحيحاً، فالحديث غير صحيح، وإن كان هذا الحديث صحيحاً؛ فالذي حكوا غير صحيح ولا بد. فتأمل.

ثم إن الحديث عزاه في "الجامع الصغير" للترمذي الحكيم، ورمز له بالضعف وقد مضى بلفظ: "لو خفتم الله ... " إلا أنه أسنده من حديث معاذ، وروايتنا هذه تدل على أنه معضل، فلا أدري آلعزو خطأ أم كذلك وقع في الترمذي مسنداً؟ وأيا ما كان؛ فالحديث ضعيف.

ثم ترجح لدي الأمر الثاني للرواية الآتية:

"لو عرفتم الله حق معرفته لمشيتم على البحور، ولزالت بدعائكم الجبال" (1) .

قال العراقي في "تخريج الإحياء" (4/ 84) :

"رواه أبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" بسند ضعيف من حديث معاذ بن جبل".

قلت: وكأنه قطعة من الحديث الذي قبله. لكن هذا موصول، وذلك منقطع ومعضل.

ثم رأيت العراقي أعاد الحديث في مكان آخر (4/ 230) وقال:

"رواه الإمام محمد بن نصر في "كتاب تعظيم قدرالصلاة" من حديث معاذ ابن جبل بإسناد فيه لين".

قلت: وكذلك رواه أبو نعيم، وهو الحديث الذي قبله، ورواه الحكيم الترمذي

__________

(1) كتب الشيخ بخطه إزاء هذا السطر: " ضعيف السند ".

 

(9/348)

 

 

مختصراً؛ كما في "الجامع الصغير".

4358 - (لو رأيتم الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره، وما من أهل بيت إلا وملك الموت يتعاهدهم في كل يوم مرة، فمن وجده قد انقضى أجله قبض روحه، فإذا بكى أهله وجزعوا قال: لم تبكون، ولم تجزعون؟ فوالله! ما نقصت لكم عمراً، ولا حبست لكم رزقاً، وما لي من ذنب. ولي إليكم عودة ثم عودة) .

ضعيف

رواه القضاعي (115/ 2-116/ 1) عن بشر بن خالد العسكري قال: أنبأنا عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد قال: أخبرنا مالك، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد؛ قال الذهبي:

"لا يعرف، وله رواية عن أبيه، وقال ابن عدي: يحدث بالمناكير".

وروى القضاعي أيضاً من طريق نوفل بن سليمان الهنائي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً؛ بالجملة الأولى منه.

ونوفل هذا؛ ضعفه الدارقطني وغيره.

وعزاها السيوطي في "الجامع" للبيهقي في "الشعب" عن أنس، وقال المناوي:

"ثم قال البيهقي: قال أبو بكر - يعني ابن خذيمة -: لم أكتب عن هذا الرجل - يعني: أحمد بن يحيى المعدل - غير هذا الحديث".

قلت: ولم أعرفه.

 

(9/349)

 

 

4359 - (لقد رأيتني يوم أحد وما في الأرض قربي مخلوق غير جبريل عن يميني، وطلحة عن يساري) .

 

(9/349)

 

 

ضعيف جداً

أخرجه الحاكم (3/ 378) عن صالح بن موسى الطلحي، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

لما وضعت الحرب أوزارها؛ افتخر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وطلحة ساكت، وسماك بن خرشة أبو دجانة ساكت لا ينطق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: سكت عنه الحاكم والذهبي، وكأنه لظهور ضعفه؛ فإن صالح بن موسى الطلحي؛ متروك.

4360 - (لو كان المؤمن في حجر [ضب] لقيض الله له من يؤذيه) .

ضعيف

أخرجه البزار (3359) ، وابن شاهين في "الترغيب" (298/ 1) ، والطبراني في "الأوسط"، والقضاعي (ق 116/ 1) ، وابن عساكر (11/ 227/ 2،19/ 24/ 1) عن أبي بكر بن شيبة المدني قال: حدثنا أبو قتادة بن يعقوب بن عبد الله بن ثعلبة بن صعير العدوي، عن ابن أخي ابن شهاب، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال ابن عساكر:

"قال الدارقطني: غريب من حديث الزهري عن أنس، تفرد به عنه ابن أخيه، لم يروه غير أبي قتادة، تفرد به أبو بكر عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبي (كذا) شيبة".

قلت: رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي قتادة بن يعقوب بن عبد الله بن ثعلبة؛ فإني لم أجد له ترجمة، وقد ذكره الحافظ المزي في شيوخ ابن شيبة المذكور. وقال ابن عساكر أيضاً:

"قال الحاكم: غريب من حديث الزهري".

وأخرج له القضاعي شاهداً من حديث علي مرفوعاً به؛ إلا أنه قال: "فأرة"

 

(9/350)

 

 

بدل "ضب". يرويه من طريق عيسى بن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً لا يصلح للاستشهاد به؛ عيسى هذا؛ قال الدارقطني:

"متروك الحديث". وقال ابن حبان:

"يروي عن آبائه أشياء موضوعة".

ثم تناقض ابن حبان؛ فذكره في "الثقات".

وذكره السيوطي في "الجامع الصغير" بلفظ:

"لو كان المؤمن على قصبة في البحر لقيض الله له من يؤذيه". وقال:

"رواه ابن أبي شيبة عن " هكذا؛ لم يذكر صحابيه.

4361 - (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم؛ لطوله الله عز وجل حتى يملك رجل من أهل بيتي، يملك جبل الديلم والقسطنطينية) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (2/ 179) عن قيس، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لأن قيساً - وهو ابن الربيع -؛ قال الحافظ:

"صدوق تغير لما كبر، أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به".

 

(9/351)

 

 

4362 - (لولا عباد لله ركع، وصبية رضع، وبهائم رتع؛ لصب عليكم العذاب صباً، ثم لرض رضاً) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (ص 499 - حرم) ، والدولابي في

 

(9/351)

 

 

"الكنى" (1/ 43) ، وابن عدي (235/ 1 و 332/ 1) ، والبيهقي (3/ 345) عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار المؤذن، عن مالك بن عبيد ة الديلي، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. وقال الطبراني:

"لا يروى عن ابن عبيد ة الديلي إلا بهذا الإسناد".

قلت: وهو ضعيف؛ مالك بن عبيد ة؛ قال ابن عدي:

"قال ابن معين: لا أعرفه".

وعبد الرحمن بن سعد؛ ضعيف، كما في "التقريب".

ثم روى أبو يعلى (11/ 6402) ، والطبراني، والبيهقي، وكذا البزار (ص 312 - زوائده) عن إبراهيم بن خثيم بن عراك بن مالك، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:

"مهلاً عن الله مهلاً؛ فإنه لولا شباب خشع، وبهائم رتع ... " الحديث مثله ثم قوله: "ثم لرض رضاً". وقال البيهقي:

"إبراهيم بن خثيم؛ غير قوي".

وتعقبه ابن التركماني بقوله:

"وأهل هذا الشأن أغلظوا فيه القول؛ فقال النسائي: متروك. وقال أبو الفتح الأزدي: كذاب. وقال الجوزجاني: اختلط بآخره".

قلت: وقول النسائي المذكور هو الذي اعتمده الذهبي، فلم يذكر غيره في "المغني".

4363 - (لولا القصاص؛ لأوجعتك بهذا السواك) .

ضعيف

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (184) ، وابن سعد في

 

(9/352)

 

 

"الطبقات" (1/ 382) ، وابن أبي الدنيا في "الأهوال" (99/ 2) ، وأبو يعلى (4/ 1640،1648،1652) ، والطبراني في "الكبير" (23/ 375/ 888) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 378) ، والخطيب (2/ 140) ، عن داود بن أبي عبد الله عن ابن جدعان عن جدته، عن أم سلمة:

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل وصيفة له، فأبطأت، فقال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ جدة ابن جدعان لا تعرف. وابن جدعان هو عبد الرحمن بن محمد؛ كما وقع في رواية "الأدب"، وفي رواية لأبي يعلى؛ إلا أنه وقع فيه مقلوباً: محمد بن عبد الرحمن! وهو ابن زيد بن جدعان؛ وثقه النسائي وابن حبان، وروى عنه جمع، لكن جدته هذه لا تعرف، بل قال الذهبي في عبد الرحمن عن جدته:

"لا يعرفان، تفرد عنه داود".

وداود بن أبي عبد الله؛ مجهول الحال لم يوثقه غير ابن حبان، وقد تفرد به كما قال أبو نعيم.

ومما تقدم تعلم تساهل المنذري ثم الهيثمي في تجويد إسناد أبي يعلى! كما أشرت إلى ذلك في "ضعيف الترغيب" (3/ 164/ 51) ؛ ووقع فيه معزواً لأحمد وهو خطأ، وعزاه في مكان آخر (4/ 401) لأبي يعلى، وهو الصواب.

4364 - (لولا أن أشق على أمتي؛ لأمرتهم أن يستاكوا بالأسحار) .

ضعيف

أخرجه ابن عدي (112/ 1) عن ابن لهيعة، عن حيي بن عبد الله المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة.

 

(9/353)

 

 

4365 - (لولا أن السؤال يكذبون؛ ما أفلح من ردهم) .

ضعيف جداً

رواه العقيلي في "الضعفاء" (51) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (5/ 179) ، والثقفي في "الثقفيات" (ج2 رقم 2) ، عن بشر بن الحسين، عن الزبير بن عدي، عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال:

"قال البخاري: بشر بن الحسين الأصبهاني؛ فيه نظر". ثم ساق العقيلي له أحاديث أخرى؛ ثم قال:

"وله غير حديث من هذا النحو؛ مناكير كلها".

ثم رواه العقيلي (ص 212) ، والقضاعي (115/ 1) عن عبد الله بن عبد الملك ابن كرز بن جابر، عن يزيد بن بكار (وقال القضاعي: ابن رومان) ، عن عروة، عن عائشة مرفوعاً به. وقال العقيلي:

"لا يتابع عليه" يعني: ابن كرز هذا؛ وقال فيه:

"منكر الحديث". وقال ابن حبان:

"لا يشبه حديثه حديث الثقات، يروي العجائب". ثم قال العقيلي:

"وفيه رواية من غير هذا الوجه بإسناد لين".

قلت: وكأنه يعني الذي قبله.

ثم رواه العقيلي (252-253) عن عبد الأعلى بن حسين بن ذكوان المعلم، عن أبيه، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. وقال:

"عبد الأعلى بن الحسين؛ منكر الحديث غير محفوظ، ولا يصح في هذا الباب شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -".

والحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 155-156) من رواية

 

(9/354)

 

 

العقيلي عن عبد الأعلى هذا، وعن عبد الله بن عبد الملك الذي قبله، ومن رواية ابن عدي (240/ 2) من حديث أبي أمامة وفيه عمر بن موسى، وعن هياج بن بسطام، عن جعفر بن الزبير، عن أبي أمامة. ثم قال ابن الجوزي:

"وهياج وجعفر؛ متروكان، ولا يصح في هذا الباب شيء".

وتعقبه السيوطي في "اللآلىء" (2/ 75) بأن عبد الأعلى ذكره ابن حبان في "الثقات"، وحديث عائشة أخرجه البيهقي في "الشعب"، ولحديث أبي أمامة طريق آخر أخرجه الطبراني من طريق إبراهيم بن طهمان عن جعفر بن الزبير، وجاء أيضاً من حديث أبي هريرة أخرجه ابن صرصري في "أماليه"، ومن حديث أنس أخرجه العقيلي.

وتعقبه ابن عراق بقوله (264/ 1) :

"لا يصلحان شاهداً؛ فإن في الأول عمر بن صبح، وفي الثاني بشر بن الحسين".

قلت: وقد عرفت حال بشر آنفاً، وأما ابن صبح فقال ابن عراق (34/ 1) :

"كذاب اعترف بالوضع".

قلت: وقال ابن عدي في عمر بن موسى - وهو الوجيهي -:

"هو في عداد من يضع الحديث متناً وإسناداً".

وهو أخرجه (240/ 2) من طريق بقية عنه.

وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف جداً من جميع طرقه، وبعضها أشد ضعفاً من بعض.

 

(9/355)

 

 

4366 - (ليأتين على الناس زمان يكذب فيه الصادق، ويصدق فيه الكاذب، ويخون فيه الأمين، ويؤتمن فيه الخؤون، ويشهد فيه المرء وإن لم يستشهد، ويحلف وإن لم يستحلف، ويكون أسعد الناس في الدنيا لكع بن لكع؛ لا يؤمن بالله ورسوله) .

ضعيف

أخرجه البخاري في "التاريخ" (4/ 2/ 278-279) عن عبد الله ابن صالح: أخبرنا الليث قال: حدثني يحيى بن سليم بن زيد مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن مصعب بن أبي أمية قال: حدثتني أم سلمة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يحيى بن سليم؛ قال الحافظ:

"مجهول".

وعبد الله بن صالح؛ فيه ضعف.

ومن طريقه رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"؛ كما في "فيض القدير" للمناوي وقال:

"رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمي: فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وهو ضعيف وقد وثق".

 

(9/356)

 

 

4367 - (ليبعثن الله من مدينة بالشام يقال لها: حمص سبعين ألفاً يوم القيامة؛ لا حساب عليهم، فيما بين الزيتون والحائط في البرث الأحمر) .

ضعيف

رواه أحمد (1/ 19) ، والبزار (3537) ، وابن عساكر (5/ 146/ 2) عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني، عن راشد بن سعد، عن حمزة

 

(9/356)

 

 

ابن عبد كلال قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: فذكره مرفوعاً. وقال ابن عساكر:

"خالفه غيره في الإسناد فقال: عن راشد، عن أبي راشد، عن معدي كرب ابن عبد بن كلال".

ثم ساقه بإسناده من طريق الطبراني، وهذا في "مسند الشاميين" (ص 368) ، والحاكم (3/ 88-89) عن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي: حدثني عمرو بن الحارث الزبيدي: حدثني عبد الله بن سالم الأشعري: حدثني محمد بن الوليد بن عامر الزبيدي: حدثنا راشد بن سعد: أن أبا راشد حدثهم: أن معدي كرب بن عبد كلال به؛ وفيه قصة. وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله:

"قلت: بل منكر، وإسحاق هو ابن زبريق؛ كذبه محمد بن عوف الطائي، وقال أبو داود: ليس بشيء. وقال النسائي: ليس بثقة".

قلت: وأبو بكر بن أبي مريم في الطريق الأولى؛ ضعيف لاختلاطه.

وحمزة بن عبد كلال؛ قال الذهبي:

"ليس بعمدة، ويجهل".

وفي الطريق الأخرى: أبو راشد؛ أيضاً قال الحافظ:

"لا يعرف".

قلت: ومع ذلك قال الحافظ في هذا الطريق:

"وهو أشبه".

فلا أدري هل تنبه أن فيها ابن زبريق أم لا؟ وقد قال فيه في "التقريب":

 

(9/357)

 

 

"صدوق يهم كثيراً، وأطلق محمد بن عوف أن يكذب".

ثم رأيت له طريقاً ثالثة: أخرجها الطبراني في "مسند الشاميين" (ص 328 و 330) قال: حدثنا عمرو بن إسحاق: حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش: حدثني أبي، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن أبي راشد الحبراني، عن ابن عمر قال:

سافرنا مع عمر بن الخطاب ...

قلت: فذكر الحديث؛ وفيه القصة.

وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن إسماعيل؛ ضعيف.

وعمرو بن إسحاق - وهو ابن إبراهيم بن العلاء بن زبريق الحمصي -؛ لم أجد له ترجمة، ولا في "تاريخ دمشق" لابن عساكر؛ وقد اضطرب في إسناده، فرواه مرة هكذا، ومرة رواه عن أبيه إسحاق بن إبراهيم، عن عمرو بن الحارث بإسناده المتقدم، ولعل هذا هو الأرجح؛ لأنه قد توبع عليه في رواية الحاكم السابقة.

4368 - (ليت شعري كيف أمتي بعدي حين تتبختر رجالهم، وتمرح نساؤهم، وليت شعري حين يصيرون صنفين: صنفاً ناصبي نحورهم في سبيل الله، وصنفاً عمالاً لغير الله) .

ضعيف جداً

رواه ابن عساكر (7/ 98/ 1) عن عبيد الله زحر: حدثني سعد بن سعود، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً.

قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ ابن زحر هذا؛ متروك، وسعد بن مسعود؛ ترجمه ابن عساكر، وذكر أنه كان رجلاً صالحاً ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

 

(9/358)

 

 

4369 - (ليجيئن أقوام يوم القيامة ليست في وجوههم مزعة من لحم قد أحلقوها) .

موضوع

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (194/ 1) ، والخطيب (7/ 39) عن غياث بن إبراهيم، عن أشعب الطامع بن أبي حميدة، قال: أتيت سالم بن عبد الله أسأله، فأشرف علي من خوخة، فقال: ويلك يا أشعب! لا تسل؛ فإن أبي يحدثني، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته غياث هذا؛ فإنه كذاب وضاع، وهو الذي حدث المهدي بخبر: "لا سبق إلا في نصل أو حافر"؛ فزاد فيه: "أو جناح"، فوصله المهدي، ثم لما خرج قال: أشهد أن قفاك قفا كذاب.

وأشعب الطامع؛ هو صاحب النوادر، وقل ما روى، قال الأزدي:

"لا يكتب حديثه".

والحديث أورده السيوطي في "الجامع"، فقال المناوي:

"رمز (السيوطي) لحسنه".

قلت: وكأن المناوي لم يقف على إسناده، وإلا؛ فحال غياث مكشوف!

 

(9/359)

 

 

4370 - (ليخش أحدكم أن يؤخذ عند أدنى ذنوبه في نفسه) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 224) عن محمد بن عيينة بن مالك: حدثنا ابن المبارك: حدثنا محمد بن النضر الحارثي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره. وقال:

"لا أعلم رواه بهذا اللفظ عن محمد بن النضر إلا ابن المبارك، وكان محمد

 

(9/359)

 

 

ابن النضر وضرباؤه من المتعبد ين لم يكن من شأنهم الرواية، كانوا إذا أوصوا إنساناً أو وعظوه ذكروا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إرسالاً".

وأقول: فهو مجهول الحال في الرواية، وهو من طبقة شيوخ شيوخ الإمام أحمد، ويروي عن الأوزاعي وطبقته، وعلته فحديثه معضل، وليس مرسلاً كما توهم السيوطي في "الجامع الصغير".

4371 - (ليدخلن بشفاعة عثمان بن عفان سبعون ألفاً - كلهم قد استوجبوا النار - الجنة بغير حساب) .

ضعيف

أخرجه ابن عساكر (11/ 105/ 2) عن عبد الرحمن بن نافع: أخبرنا محمد بن يزيد مولى قريش، عن محمد بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً.

ومن طريق الحسين بن عبيد الله العجلي: أخبرنا مروان بن معاوية الفزاري، عن سليمان، عن عكرمة، عن ابن عباس.

قلت: والعجلي هذا؛ قال الدارقطني:

"كان يضع الحديث".

ومحمد بن يزيد القرشي؛ لم أعرفه.

ومثله عبد الرحمن بن نافع، ويحتمل أنه ابن نافع بن جبير الزهري، قال الدارقطني:

"مجهول".

والحديث أورده السيوطي في "الجامع" من رواية ابن عساكر؛ ساكتاً عليه كعادته، فتعقبه المناوي بقوله:

 

(9/360)

 

 

"قضية تصرف المصنف أن ابن عساكر خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، بل قال: روي بإسناد غريب عن ابن عباس رفعه، وهو منكر. اهـ، وأقره عليه الذهبي في اختصاره (لتاريخه) ".

قلت: ولينظر أين قال ابن عساكر هذا؟ فإني لم أره عقب الحديث ولا قبله.

ثم روى من طريق سعيد بن سالم المكي: أخبرنا عتبة بن يقظان، عن سيار أبي الحكم، عن أبي سفيان النهشلي، عن الحسن مرسلاً بلفظ:

"ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي نحو ربيعة ومضر"، قيل: من هو يا رسول الله؟ قال: "عثمان بن عفان".

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إرساله، فيه أبو سفيان النهشلي؛ لم أعرفه.

وعتبة بن يقظان؛ ضعيف.

وسعيد بن سالم المكي؛ قريب منه.

4372 - (ليدركن المسيح من هذه الأمة أقواماً إنهم لمثلكم أو خير - ثلاث مرات -، ولن يخزي الله أمة أنا أولها والمسيح آخرها) .

ضعيف

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 147/ 1) : حدثنا عيسى، عن صفوان بن عمرو السكسكي، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير قال: لما اشتد حزن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من أصيب مع زيد يوم مؤتة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

وأخرجه الحاكم (3/ 41) من طريق أخرى عن عيسى بن يونس به؛ إلا أنه قال:

 

(9/361)

 

 

"عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه".

فجعله من مسند أبيه جبير بن نفير وقال: "الدجال" بدل "المسيح" ثم قال:

"صحيح على شرط الشيخين"، وتعقبه الذهبي بقوله:

"قلت: ذا مرسل، سمعه عيسى بن يونس عن صفوان، وهو خبر منكر".

ووجه كونه مرسلاً؛ أن جبير بن نفير لا صحبة له، وهو مخضرم.

4373 - (ليس الخلف أن يعد الرجل ومن نيته أن يجيء، ولكن الخلف [أن يعد الرجل] ومن نيته أن لا يجيء) (1) .

ضعيف

رواه الضياء المقدسي في "جزء من حديثه" (142/ 1) عن موسى ابن إسحاق: حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار: حدثنا معن بن عيسى، عن إبراهيم بن طهمان قال: حدثني علي بن عبد الأعلى، عن زيد بن أرقم مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير علي بن عبد الأعلى - وهو الثعلبي -؛ قال الحافظ:

"صدوق، ربما وهم، من السادسة".

فليس له رواية عن الصحابة، فهو منقطع.

وموسى بن إسحاق؛ هو الأنصاري الخطمي، قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 135) :

"كتبت عنه، وهو ثقة صدوق".

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن ملاحظة لنفسه: " راجع (ع) وليس هو في نسخة مكتبتي المصورة ".

 

(9/362)

 

 

4374 - (ليس بمؤمن مستكمل الإيمان من لم يعد البلاء نعمة، والرخاء مصيبة. قال: لأن البلاء لا يتبعه إلا الرخاء، وكذلك الرخاء لا يتبعه إلا المصيبة، وليس بمؤمن مستكمل الإيمان من لم يكن في غم ما لم يكن في صلاة. قالوا: ولم يا رسول الله؟ قال: لأن المصلي يناجي ربه، وإذا كان في غير صلاة إنما يناجي ابن آدم) .

موضوع

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (104/ 1) ، والأصبهاني في "الترغيب" (74/ 2) عن عبد العزيز بن يحيى المديني: أخبرنا عبد الله بن وهب، عن سليمان بن عيسى، عن سفيان الثوري، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته إما سليمان بن عيسى - وهو السجزي -؛ قال الذهبي:

"هالك؛ قال الجوزجاني: كذاب مصرح. وقال أبو حاتم: كذاب. وقال ابن عدي: يضع الحديث".

وإما عبد العزيز بن يحيى المديني؛ فإنه مثله، قال الذهبي:

"كذبه إبراهيم بن المنذر الحزامي. وقال أبو حاتم: ضعيف. وأما الحاكم فقال: صدوق لم يتهم في روايته عن مالك. كذا قال بسلامة باطن! قال البخاري: يضع الحديث. وقال ابن أبي حاتم: سمع منه أبي ثم ترك حديثه".

وبه أعله المناوي آثراً قول البخاري المذكور فيه، ثم قال متعقباً على السيوطي:

"فكان ينبغي للمصنف حذفه من كتابه".

قلت: وكم فيه من أحاديث كثيرة كان ينبغي عليه حذفها، كما يتبين ذلك

 

(9/363)

 

 

لمن تتبعها في كتابي "ضعيف الجامع الصغير وزيادته"، وقد يسر الله إتمامه تأليفاً وطبعاً.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

4375 - (ليس عدوك الذي إن قتلته كان لك نوراً، وإن قتلك دخلت الجنة، ولكن أعدى عدوك ولدك الذي خرج من صلبك، ثم أعدى عدو لك مالك الذي ملكت يمينك) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 294/ 3445) ، وفي "مسند الشاميين" (ص 332) بإسناد الحديث المتقدم برقم (1510) . وفيه علل منها الانقطاع بين شريح وأبي مالك الأشعري. وهي العلة القادحة؛ فقد جاء الحديث من رواية سعيد بن أبي هلال، عن أبي مالك الأشجعي مرفوعاً به، دون قوله:

"ولدك ... " إلخ. وقال مكان ذلك:

"نفسك التي بين جنبيك".

أخرجه ابن بشران في مجلس من "الأمالي" (ق 132/ 1-2) من طريقين عن الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد به.

قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين، لكن له علتان:

الأولى: الانقطاع بين أبي مالك الأشجعي وبين ابن أبي هلال؛ فإنهم لم يذكورا له رواية عن الصحابة. وأشار إلى ذلك الحافظ في "التقريب" بجعله إياه من الطبقة السادسة.

الثانية: أن الإمام أحمد نسبه إلى الاختلاط.

 

(9/364)

 

 

4376 - (ليس على الرجل جناح أن يتزوج بقليل أو كثير من ماله؛ إذا تراضوا وأشهدوا) .

ضعيف جداً

أخرجه البيهقي (7/ 239) عن أبي هارون، عن أبي سعيد رفعه. وقال:

"أبو هارون العبد ي؛ غير محتج به".

قلت: بل هو متروك، ومنهم من كذبه؛ كما قال الحافظ.

 

(9/365)

 

 

4377 - (ليس على الرجل المسلم زكاة في كرمه، ولا في زرعه؛ إذا كان أقل من خمسة أوسق) .

ضعيف

أخرجه الحاكم (1/ 401) ، وعنه البيهقي (4/ 128) من طريق سعيد بن أبي مريم: حدثنا محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله مرفوعاً به.

وتابعه داود بن عمرو الضبي: حدثنا محمد بن مسلم الطائفي بلفظ:

"لا صدقة في الزرع، ولا في الكرم، ولا في النخل؛ إلا ما بلغ خمسة أوسق، وذلك مئة فرق".

أخرجه البيهقي.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ لكن الطائفي متكلم فيه، وقد أورده الذهبي في "المغني في الضعفاء"، وقال:

"وثقه ابن معين وغيره، وضعفه أحمد". وقال الحافظ:

"صدوق يخطىء".

 

(9/365)

 

 

قلت: ولفظة "الزرع" لم أرها في حديث ثابت، فأخشى أن يكون الطائفي لم يحفظها، وإلا؛ فالحديث بدونها محفوظ من حديث جابر وغيره، عند مسلم (3/ 66-67) وغيره. والله أعلم.

4378 - (ليس على المعتكف صيام؛ إلا أن يجعله على نفسه) .

ضعيف

أخرجه الدارقطني (ص 247) عن محمد بن إسحاق السوسي، والحاكم (1/ 439) ، ومن طريقه البيهقي (4/ 318-319) عن أبي الحسن أحمد بن محبوب الرملي - كلاهما - عن عبد الله بن محمد بن نصر الرملي: حدثنا محمد بن أبي عمر العدني: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن أبي سهل عم مالك، عن طاوس، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الدارقطني:

"رفعه هذا الشيخ، وغيره لا يرفعه". وقال البيهقي:

"تفرد به عبد الله بن محمد بن نصر الرملي هذا، وقد رواه أبو بكر الحميدي عن عبد العزيز بن محمد ... " فذكره بإسناده المذكور عن ابن عباس موقوفاً عليه، وقال:

"هذا هو الصحيح موقوف، ورفعه وهم، وكذلك رواه عمرو بن زرارة، عن عبد العزيز موقوفاً مختصراً".

قلت: وابن نصر الرملي هذا؛ قال ابن القطان:

"لا أعرفه، وذكره ابن أبي حاتم فقال: يروي عن الوليد بن [محمد] الموقري، روى عنه موسى بن سهل [الرملي] . لم يزد على هذا". ذكره الزيلعي في "نصب الراية" (2/ 490) .

قلت: وابن نصر هذا؛ مما فات ذكره على الذهبي ثم العسقلاني في كتابيهما،

 

(9/366)

 

 

ولم أجد له ذكراً في غير "الجرح والتعديل" (2/ 2/ 161) وقد عرفت ما عنده مما نقلته آنفاً عن الزيلعي، وذلك معناه أنه مجهول عنده، فكان ينبغي عليهما أن لا يغفلاه، ولعل ذلك هو السبب أو على الأقل من أسباب متابعة الذهبي في "التلخيص" الحاكم على تصحيحه لهذا الإسناد!!

(تنبيه) : ظاهر قول الدارقطني المتقدم: "رفعه هذا الشيخ" أنه يعني شيخه محمد بن إسحاق السوسي، وهو ما جزم به المناوي، ويرده متابعة أحمد بن محبوب الرملي إياه عند الحاكم، فلعله أراد شيخ شيخه ابن نصر الرملي. ثم نقل المناوي عن ابن حجر أنه قال:

"الصواب موقوف".

4379 - (لا تصلح قبلتان في أرض واحدة، وليس على المسلمين جزية) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (2/ 43،46) ، والترمذي (633) ، والطحاوي في "المشكل" (4/ 16) ، وأحمد (1/ 223،285) عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الترمذي:

"قد روي عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً".

وأقول: هو ضعيف مرسلاً وموصولاً؛ لأن مداره على قابوس هذا وفيه ضعف؛ قال الذهبي في "المغني":

"قال النسائي وغيره: ليس بالقوي". وقال الحافظ:

"فيه لين".

 

(9/367)

 

 

4380 - (ليس على مقهور يمين) .

موضوع

أخرجه الدارقطني (ص 497) : أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن المقري: أخبرنا الحسين بن إدريس، عن خالد بن الهياج: أخبرنا أبي، عن عنبسة بن عبد الرحمن، عن العلاء، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع وعن أبي أمامة قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: وهذا موضوع؛ عنبسة بن عبد الرحمن؛ قال الحافظ:

"متروك، رماه أبو حاتم بالوضع".

والهياج - وهو ابن بسطام -؛ قال الحافظ:

"ضعيف، روى عنه ابنه خالد منكرات شديدة".

ومحمد بن الحسن المقري - وهو النقاش -؛ متهم بالكذب.

قلت: ومن هذا البيان تعرف تساهل مؤلف "الخلاصة" في قوله (183/ 2) :

"رواه الدارقطني من رواية واثلة بن الأسقع وأبي أمامة بإسناد ضعيف".

 

(9/368)

 

 

4381 - (ليس في الإبل العوامل صدقة) .

ضعيف جداً

رواه ابن عدي (322/ 2) ، والدارقطني (203-204) ، والبيهقي (4/ 116) عن محمد بن حمزة الرقي، عن غالب القطان، عن عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. وقال الدارقطني:

"كذا قال: "غالب القطان"، وهو عندي غالب بن عبيد الله".

قلت: يعني العقيلي الجزري؛ وهو متروك.

 

(9/368)

 

 

وأما ابن عدي؛ فأورده في ترجمة غالب بن حبيب اليشكري، وذكر في آخرها أن الضعف على أحاديثه بين.

قلت: وهو متروك أيضاً؛ قال البخاري: منكر الحديث، فسواء كان هذا أو ذاك فالحديث ضعيف جداً.

ومحمد بن حمزة الرقي؛ قال الذهبي:

"منكر الحديث". وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" وقال:

"يروى عن الخليل أنه ضعيف".

وروى زهير: حدثنا أبو إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي مرفوعاً به؛ إلا أنه قال: "البقر" مكان "الإبل".

أخرجه الدارقطني والبيهقي.

وأبو إسحاق - هو السبيعي - مدلس وكان اختلط؛ وقد روي عنه موقوفاً.

وروى البيهقي عن أبي الزبير: أنه سمع جابر بن عبد الله قال:

"ليس على مثير الأرض زكاة".

وإسناده موقوف صحيح؛ كما قال البيهقي.

وقد روي مرفوعاً من حديث ابن عباس بلفظ:

"ليس في البقر العوامل صدقة، ولكن في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسن أو مسنة".

أخرجه الطبراني (3/ 104/ 2) ، وابن عدي (190/ 1) ، والدارقطني (ص 204) عن سوار بن مصعب، عن ليث، عن مجاهد وطاوس عنه.

 

(9/369)

 

 

لكن سوار متروك؛ كما قال النسائي وغيره.

وليث - وهو ابن أبي سليم -؛ ضعيف لاختلاطه.

4382 - (ليس الأعمى من يعمى بصره، ولكن الأعمى من تعمى بصيرته) .

ضعيف جداً

رواه الخطيب في "حديثه عن شيوخه" (41/ 2) عن يعلى ابن الأشدق قال: حدثنا عبد الله بن جراد مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ يعلى هذا؛ قال البخاري:

"لا يكتب حديثه". وقال ابن حبان:

"وضعوا له أحاديث، فحدث بها ولم يدر". وقال أبو زرعة:

"ليس بشيء، لا يصدق".

والحديث رواه الحكيم والبيهقي في "الشعب" عن ابن جراد؛ كما في "الجامع"، وزاد المناوي: والعسكري والديلمي. وأعله بابن الأشدق.

 

(9/370)

 

 

4383 - (إن في المال لحقاً سوى الزكاة، ثم تلا هذه الآية التي في (البقرة) : (ليس البر أن تولوا وجوهكم) الآية) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (1/ 128) ، والدارمي (1/ 385) ، وابن عدي (193/ 1) عن جمع، عن شريك، عن أبي حمزة، عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس مرفوعاً. وقال الترمذي:

"إسناده ليس بذاك، وأبو حمزة ميمون الأعور؛ يضعف. وروى بيان وإسماعيل بن سالم عن الشعبي قوله، وهو أصح".

 

(9/370)

 

 

قلت: ميمون ضعيف؛ كما أفاده الترمذي، وجزم به في "التقريب".

وشريك - وهو ابن عبد الله القاضي -؛ سيىء الحفظ.

وقد اختلف عليه في متنه؛ فرواه الجمع المشار إليه كما ذكرنا، وخالفهم يحيى ابن آدم فرواه عنه بلفظ:

"ليس في المال حق سوى الزكاة".

أخرجه ابن ماجه (1789) .

ورواية الجماعة أولى. ويؤيده أن الطبري أخرجه (3/ 343/ 3530) من طريق سويد بن عبد الله، عن أبي حمزة بلفظ الجماعة.

وسويد هذا؛ مجهول؛ كما قال الدارقطني.

وجملة القول؛ أن الحديث بلفظيه ضعيف، والراجح مع ذلك الأول، والصحيح أنه من قول الشعبي. والله أعلم.

4384 - (ليس على من نام ساجداً وضوء حتى يضطجع، فإذا اضطجع استرخت مفاصله) .

ضعيف

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 39/ 1) ، وعنه أحمد وابنه عبد الله (1/ 256) ، وأبو يعلى (4/ 2487) : حدثنا عبد السلام بن حرب، عن يزيد الدالاني، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد - هو ابن عبد الرحمن أبو خالد الدالاني -؛ قال الحافظ:

"صدوق يخطىء كثيراً، وكان يدلس".

 

(9/371)

 

 

ومن هذا الوجه أخرجه أبو داود وقال:

"حديث منكر، لم يروه إلا يزيد الدالاني عن قتادة".

ونحوه ما في كتابه "مسائل الإمام أحمد" (ص 305) :

"أن الإمام أحمد سئل عن هذا الحديث؟ فقال: ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة. ورأيته لا يعبأ بهذا الحديث".

وراجع "ضعيف أبي داود" (25) ، فقد بسطت القول فيه في تخريجه من أصحاب "السنن" وغيرهم، وبيان ما أعل به غير ضعف الدالاني، ومن ضعفه من الأئمة غير من ذكرنا: كالبخاري، والترمذي، والدارقطني، والبيهقي، حتى نقل إمام الحرمين - ثم النووي - اتفاق أهل الحديث على تضعيفه، ولم يشذ عنهم غير ابن جرير الطبري، فلا تعبأ به بعد أن عرفت علته بل علله!

ومن عجائب بعض الحنفية، وتغييرهم للحقائق العلمية التي لا يشك فيها كل من تجرد عن الهوى من أهل العلم؛ فإن هذا الحديث مع ظهور ضعفه، واتفاق أئمة الحديث العارفين بعلله على ضعفه؛ ذهب الشيخ القاري - عفا الله عنا وعنه - إلى تقويته بأسلوب لا نرضاه لمثله فإنه:

أولاً: ساق الحديث برواية البيهقي، ثم برواية أبي داود والترمذي. فأوهم شيئين:

1- أنهم سكتوا عن الحديث ولم يضعفوه، والواقع خلافه؛ فإنهم جميعاً ضعفوه.

2- أن طريق أبي داود والترمذي غير طريق البيهقي، والواقع أنها واحدة مختصرة مدارها عندهم جميعاً على الدالاني!

 

(9/372)

 

 

والإيهام المذكور لم يأت من سياق اللفظين المشار إليهما فقط، بل جاء ذلك أو تأكد بما يشبه التصريح؛ فإنه بعد أن عقبهما بحديث عمرو بن شعيب ... وحديث حذيفة الآتيين قال ما نصه:

"وهذه الأحاديث وإن كانت بانفرادها لا تخلو عن ضعف؛ إلا أنها إن تعاضدت لم ينزله عن درجة الحسن" (1) .

ثانياً: أوهم أن طريق حديث عمرو وطريق حديث حذيفة ضعفهما يسير بسبب سوء الحفظ؛ فإن مثل هذا الضعف هو الذي يفيد في التعاضد، كما هو مشروح في "علم مصطلح الحديث"، وليس الأمر كذلك؛ فإن حديث عمرو فيه كذاب وضاع، فقد ساقه الزيلعي في "نصب الراية" (1/ 45) - بكل أمانة وإخلاص - من رواية ابن عدي، عن مهدي بن هلال: حدثنا يعقوب بن عطاء بن أبي رباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. بلفظ:

"ليس على من نام قائماً أو قاعداً وضوء حتى يضطجع جنبه على الأرض".

ومهدي بن هلال هذا؛ هو أبو عبد الله البصري؛ قال الذهبي في "الميزان":

"كذبه يحيى بن سعيد، وابن معين. وقال الدارقطني وغيره: متروك. وقال ابن معين أيضاً: يضع الحديث، وساق له ابن عدي أحاديث، هذا أحدها وقال: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وقال ابن المديني: كان يتهم بالكذب". وقال ابن معين أيضاً:

"هو من المعروفين بالكذب ووضع الحديث". وكذبه أحمد أيضاً. وقال أبو داود والنسائي:

"كذاب"؛ كما في "اللسان".

__________

(1) " فتح باب العناية بشرح كتاب النقاية " للشيخ القاري (1 / 67 - 68) ، تحقيق أبي غدة.

 

(9/373)

 

 

قلت: فهل يعتضد حديث في الدنيا برواية مثل هذا الكذاب إياه؛ لولا التعصب المذهبي؟!

على أن شيخه يعقوب بن عطاء ضعيف أيضاً، لكنه أحسن حالاً من الراوي عنه، فليست الآفة منه، وإنما من ذاك الكذاب.

وأما حديث حذيفة؛ فهو ضعيف الإسناد جداً؛ فقد رواه ابن عدي، ومن طريقه البيهقي (1/ 120) ، عن قزعة بن سويد: حدثني بحر بن كنيز السقاء، عن ميمون الخياط، عن أبي عياض، عن حذيفة بن اليمان قال:

كنت في مسجد المدينة جالساً أخفق، فاحتضنني رجل من خلفي، فالتفت فإذا أنا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله! هل وجب علي وضوء؟ قال: "لا؛ حتى تضع جنبك". وقال البيهقي:

"ينفرد به بحر بن كنيز السقا عن ميمون الخياط، وهو ضعيف، ولا يحتج بروايته".

قلت: هو ممن اتفقت الأئمة على تضعيفه، بل هو ضعيف جداً؛ فقد قال ابن معين والنسائي:

"لا يكتب حديثه". أي: ولو للاستشهاد، وزاد النسائي:

"ليس بثقة". وقال أبو داود والدارقطني وابن البرقي:

"متروك". وقال ابن حبان:

"كان ممن فحش خطؤه وكثر وهمه حتى استحق الترك".

قلت: فمثله لا يستشهد به لشدة ضعفه.

وقريب منه قزعة بن سويد؛ فقد ضعفه الجمهور، وقال أحمد: "هو شبه المتروك". لكن مفهوم كلام البيهقي المتقدم يشعر بأنه قد توبع، فالعلة من شيخه

 

(9/374)

 

 

بحر. والله أعلم.

فتأمل هذا التخريج، وانظر كيف يبعد التقليد صاحبه عن التحقيق، وأسأل الله تعالى لي ولك أن يعصمنا من التعصب المذهبي، ويوفقنا وإياك لاتباع الحق مع من كان، وأن ندور معه حيث دار.

ومن الإيهامات المضللة؛ قول المعلق على الكتاب - أبو غدة -:

"ثم أعله (يعني:البيهقي) بما يوجب ضعفه عنده".

فإنه أوهم القارىء أن هذا التضعيف هو مما تفرد به دون سائر أئمة الحديث، وهو خلاف الواقع كما عرفته من الاتفاق الذي نقله النووي. ثم أكد الإيهام بقوله:

"ورده الإمام ابن التركماني في "الجوهر النقي على سنن البيهقي" فقال ... ".

ووجه التأكيد أن الخلاف في تضعيف الحديث وتقويته محصور بين البيهقي المضعف وابن التركماني المقوي! والحقيقة قائمة بين أئمة الحديث الذين اتفقوا على تضعيف هذا الحديث من جهة، وبين متعصبة الحنفية من جهة أخرى؛ كابن التركماني هذا، والقاري، وأمثالهم. وإنما قلت: متعصبة الحنفية؛ لأن الزيلعي مع كونه حنفي المذهب فقد كان بحثه في هذا الحديث علمياً نزيهاً مجرداً عن التأثر بشيء من العصبية المذهبية؛ فقد نقل أقوال المحدثين في تضعيف الحديث، وبيان علله دون أي تحامل أو تباعد عن الحق. جزاه الله خيراً.

4385 - (ليس في الصوم رياء) .

ضعيف

رواه أبو عبيد في "الغريب" (57/ 2) : حدثنيه شبابة، عن ليث، عن عقيل، عن ابن شهاب رفعه.

 

(9/375)

 

 

قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير أن ابن شهاب تابعي صغير، فهو مرسل أو معضل.

والحديث يرويه عنه هناد، والبيهقي في "الشعب"، ووصله ابن عساكر عن أنس؛ كما في "الجامع".

4386 - (ليس في القطرة ولا القطرتين من الدم وضوء؛ إلا أن يكون دماً سائلاً) .

ضعيف جداً

رواه الدارقطني (57) من طريق الحسن بن علي الرزاز: أخبرنا محمد بن الفضل، عن أبيه، عن ميمون بن مهران، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال:

"خالفه حجاج بن نصير".

ثم ساقه عنه، عن سفيان بن زياد أبي سهل: أخبرنا حجاج بن نصير: أخبرنا محمد ابن الفضل بن عطية: حدثني أبي، عن ميمون بن مهران، عن أبي هريرة به. وقال:

"محمد بن الفضل بن عطية؛ ضعيف، وسفيان بن زياد وحجاج بن نصير؛ ضعيفان".

وقال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الكبرى" (13/ 2) :

"إسناده متروك؛ فيه محمد بن الفضل بن عطية وغيره".

قلت: ومدار الطريقين عليه كما رأيت، فلا تغتر بما نقله المناوي عن الكمال ابن الهمام الحنفي أنه قال:

 

(9/376)

 

 

"رواه الدارقطني من طريقين في أحدهما محمد بن الفضل، وفي الآخر حجاج بن نصير، وقد ضعفا"!

4387 - ( ... ... ... ... ... ... ... ... ... ) (1) .

__________

(1) كان هنا الحديث: " ليس في الأرض من الجنة إلا. . . " وقد خرجه الشيخ - رحمه الله - في " الصحيحة " (برقم: 3111) . (الناشر) .

 

(9/377)

 

 

4388 - (ليس للحامل المتوفى عنها زوجها نفقة) .

ضعيف

أخرجه الدارقطني (ص 434) عن حرب بن أبي العالية، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم، ولكن أبا الزبير مدلس، فلا يحتج بحديثه إلا ما بين فيه السماع، أو كان من رواية الليث بن سعد عنه، وهذا ليس منه، وبهذا أعله عبد الحق في "أحكامه"، وزاد أن حرب بن أبي العالية أيضاً لا يحتج به.

قلت: وفيه نظر؛ فقد قال الذهبي في "المغني":

"ضعف بلا حجة". وقال الحافظ:

"صدوق، يهم".

 

(9/377)

 

 

4389 - (ليس للمرأة أن تنطلق للحج إلا بإذن زوجها، ولا يحل للمرأة أن تسافر ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم تحرم عليه) .

ضعيف بتمامه

أخرجه الدارقطني (ص 257) ، والبيهقي (5/ 223-224) من طريقين عن حسان بن إبراهيم في امرأة لها مال تستأذن زوجها في الحج فلا

 

(9/377)

 

 

يأذن لها، قال: قال إبراهيم الصائغ: قال نافع: قال عبد الله بن عمر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره. وتعقبه ابن التركماني بقوله:

"قلت: هذا الحديث في اتصاله نظر، وقال البيهقي في "كتاب المعرفة": تفرد به حسان بن إبراهيم. وفي "الضعفاء" للنسائي: حسان ليس بالقوي. وقال العقيلي: في حديثه وهم. وفي "الضعفاء" لابن الجوزي: إبراهيم بن ميمون الصائغ لا يحتج به، قاله أبو حاتم".

وأقول: وفي هذا التعقب ما لا يخفى من التعصب والبعد عن التحقيق العلمي، وذلك من وجوه:

الأول: نظره في اتصاله، مما لا وجه له، وهو يشير بذلك إلى قول حسان: قال إبراهيم. وقول هذا: قال نافع، يعني أنهما لم يصرحا بالسماع!

ومن المعلوم عند المشتغلين بهذا الفن أن ذلك إنما يضر إذا كان من معروف بالتدليس، وحسان وإبراهيم لم يتهما به؛ فلا وجه إذن للنظر في اتصاله!

الثاني: قوله: "إبراهيم لا يحتج به، قاله أبو حاتم".

والجواب من وجهين:

1- أنه قد وثقه ابن معين والنسائي وابن حبان، وقال أبو زرعة:

"لا بأس به". وقال أحمد:

"ما أقرب حديثه". فلا يجوز إهدار توثيق هؤلاء الأئمة إياه، والاعتماد على قول أبي حاتم المذكور، وبيانه في الوجه الآتي:

2- أن أبا حاتم معروف بتشدده في التجريح، فلا يقبل ذلك منه مع مخالفته

 

(9/378)

 

 

لمن ذكرنا، لا سيما إذا كان لم يبين السبب، فهو جرح مبهم مردود، ولذلك قال الحافظ فيه:

"صدوق".

الثالث: قوله: "حسان بن إبراهيم: قال النسائي: ليس بالقوي ... ".

قلت: هذا وثقه جمع أيضاً، لكن تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، فقال ابن عدي:

"قد حدث بأفراد كثيرة، وهو عندي من أهل الصدق؛ إلا أنه يغلط في الشيء ولا يتعمد". وعن أحمد أنه أنكر عليه بعض حديثه. وقال العقيلي:

"في حديثه وهم". وقال ابن حبان:

"ربما أخطأ". ولخص ذلك الحافظ بقوله:

"صدوق يخطىء".

قلت: فمثله يكون حديثه مرشحاً للتحسين، ولذلك سكت عليه الحافظ في "الفتح" (4/ 62) ، وساقه مساق المسلم به، وأجاب عنه بأنه محمول على حج التطوع، وهذا معناه أنه صالح للاحتجاج به عنده. وإلا لما تأوله كما هو ظاهر، وكان يمكن أن يكون الأمر كذلك عندي لولا أن عبيد الله روى عن نافع به مرفوعاً بلفظ:

"لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا مع ذي محرم".

أخرجه البخاري في "تقصير الصلاة"، ومسلم في "الحج"، والطحاوي (1/ 375) ، وأحمد (2/ 13،19،142-143،143) من طرق عنه.

وتابعه الضحاك، عن نافع به ولفظه:

 

(9/379)

 

 

"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث إلا ومعها ذو محرم".

أخرجه مسلم (1338) .

فهذا هو المحفوظ عن نافع عن ابن عمر؛ ليس فيه الشطر الأول من حديث الترجمة، فهي زيادة من حسان المتكلم فيه، فلا تقبل والحالة هذه. هذا ما عندي، والله أعلم.

4390 - (ليس للنساء في اتباع الجنائز أجر) .

ضعيف

رواه الثعلبي (3/ 196/ 2) عن أبي عتبة: حدثنا بقية: حدثنا أبو عامر: حدثنا عطاء بن أبي رباح: أنه كان عند عبد الله بن عمر وهو يقول: فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا سند ضعيف؛ أبو عتبة - واسمه أحمد بن الفرج -؛ ضعيف.

وأبو عامر؛ لم أعرفه، والظاهر أنه من شيوخ بقية المجهولين. وقد توبع:

فقد رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 81/ 2 من ترتيبه) عن صهيب بن محمد بن عباد بن صهيب: حدثنا عباد بن صهيب، عن الحسن بن ذكوان، عن سليمان بن الربيع، عن عطاء به. وقال:

"لم يروه عن عطاء إلا سليمان، تفرد به الحسن بن ذكوان".

قلت: هو صدوق يخطىء، ومع ذلك فقد كان يدلس.

لكن عباد بن صهيب؛ متروك؛ كما قال النسائي والبخاري وغيرهما.

وحفيده صهيب بن محمد بن صهيب (1) ؛ لم أجد له ترجمة.

وسليمان بن الربيع؛ لعله الذي روى عن ملى لأنس عن أنس، وعنه زيد بن الحباب بحديث ساقه في "اللسان" وقال:

__________

(1) كذا، ولعله " عباد ".

 

(9/380)

 

 

"قال أبو حاتم: هذا حديث منكر".

قلت: فتبين أن هذه المتابعة لا تسمن ولا تغني من جوع؛ لجهالة المتابع هذا، ووهاء الراوي عنه.

وتابعه أيضاً عفير بن معدان اليحصبي، عن عطاء بن أبي رباح به.

أخرجه أبو أمية الطرسوسي في "مسنده" (201/ 2) .

وعفير هذا؛ قال الذهبي في "المغني":

"ضعفوه، وقال أبو حاتم: لا يشتغل بحديثه".

وأبو أمية الطرسوسي؛ اسمه محمد بن إبراهيم؛ قال الحافظ:

"صاحب حديث، يهم".

ويغني عن الحديث قول أو عطية:

"نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يعزم علينا".

أخرجه البخاري وغيره.

فإن معناه أنه لا أجر لهن في اتباعها؛ فتأمل.

وروي من حديث ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "نصيب" بدل "أجر".

أخرجه البزار (ص 87 - زوائده) ، والطبراني.

قلت: وسنده ضعيف جداً.

4391 - (ما من الصلوات صلاة أفضل من صلاة الفجر يوم الجمعة في الجماعة، وما أحسب من شهدها منكم إلا مغفوراً له) .

ضعيف جداً

أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 20) ، والرافعي في "تاريخ

 

(9/381)

 

 

قزوين" (4/ 116) عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبيد الله بن زحر؛ متروك، ونحوه علي بن يزيد، وهو الألهاني.

4392 - (ليس من ليلة إلا والبحر يشرف فيها ثلاث مرات على الأرض، يستأذن الله في أن ينتضح عليهم، فيكفه الله عز وجل) .

ضعيف

أخرجه أحمد (1/ 43) : حدثنا يزيد: أنبأنا العوام: حدثني شيخ كان مرابطاً بالساحل، قال: لقيت أبا صالح مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: حدثنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة الشيخ الذي لم يسم، وأبي صالح مولى عمر؛ فإنه لا يعرف إلا بهذا الإسناد.

وأما العوام - فهو ابن حوشب -؛ ثقة اتفاقاً، ومن رجال الشيخين، ونقل المناوي عن ابن الجوزي أنه قال:

"والعوام؛ ضعيف".

فالظاهر أنه توهم أنه غير ابن حوشب وهو خطأ؛ فإن ابن حوشب هو الذي يروي عنه يزيد - وهو ابن هارون - من شيوخ الإمام أحمد المشهورين الثقات الأثبات.

ثم رأيت الحديث في "العلل المتناهية" لابن الجوزي (1/ 40-41) رواه من طريق الإمام أحمد، ثم قال:

 

(9/382)

 

 

"العوام؛ ضعيف، والشيخ؛ مجهول".

وبهذا الشيخ المجهول أعله الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (4/ 240) و "البداية" (1/ 23) ، وقد عزاه لأحمد وإسحاق بن راهويه، وفي سنده: العوام ابن حوشب، وهو مما يؤكد ما ذكرنا من وهم ابن الجوزي. ومن رواية إسحاق ساقه ابن حجر مطولاً في "المطالب العالية" (2/ 176) ، وبيض له هو والمعلق عليه الأعظمي!!

والحديث أورده ابن تيمية في "بيان تلبيس الجهمية" (2/ 214-215) من رواية أحمد في "المسند" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

"ما من ليلة إلا والبحر يستأذن ربه أن يغرق بني آدم، فينهاه ربه، ولولا ذلك لأغرقهم".

وكأنه رواه من حفظه بالمعنى.

وذكره ابن القيم أيضاً من روايته في "مدارج السالكين" (1/ 432-433) بلفظ:

"ما من يوم إلا والبحر يستأذن ربه أن يغرق بني آدم، والملائكة تستأذنه أن تعالجه وتهلكه، والرب تعالى يقول: دعوا عبد ي فأنا أعلم به" الحديث بطوله، وفي آخره: "أهل ذكري أهل مجالستي وأهل شكري ... ".

ونقله الشيخ إسماعيل الأنصاري في تعليقه على "الوابل الصيب" (ص 142) دون أي تحقيق أو تعليق، وفي اعتقادي أن عزوه لأحمد في "المسند" بهذا الطول خطأ، وعليه لوائح الإسرائيليات. والله أعلم.

 

(9/383)

 

 

4393 - (ليس منا من وسع الله عليه، ثم قتر على عياله) .

ضعيف

رواه القضاعي (98/ 1) عن أيوب بن سليمان قال: أخبرنا يحيى بن سعيد الفارسي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الفارسي هذا؛ قال ابن عدي:

"روى عن الثقات البواطيل".

وأيوب بن سليمان - هو أبو اليسع -؛ قال الأزدي:

"غير حجة". وقال ابن القطان:

"مجهول".

والحديث عزاه السيوطي للديلمي في "مسند الفردوس" عن جبير بن مطعم، وقال المناوي:

"وفيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير؛ مجمع على ضعفه".

 

(9/384)

 

 

4394 - (ليس في صلاة الخوف سهو) .

ضعيف

رواه المخلص في "الفوائد المنتقاة" (9/ 219/ 2) عن الوليد بن مسلم، عن شريك، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله مرفوعاً.

ومن هذا الوجه رواه الطبراني (3/ 59/ 2) إلا أنه قال: "الوليد بن الفضل"، ولعل هذا هو الصواب؛ فإنهم لم يذكروا ابن مسلم في الرواة عن شريك.

والوليد بن الفضل؛ قال ابن حبان:

"يروي الموضوعات، لا يجوز الاحتجاج به بحال".

وله شاهد من حديث ابن عمر؛ أخرجه خيثمة الأطرابلسي في "الفوائد"

 

(9/384)

 

 

كما في "المنتخب منها" (1/ 189/ 1) : حدثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج بن سليمان الحجازي - بحمص -: حدثنا بقية بن الوليد قال: حدثنا عبد الحميد بن السري الغنوي، عن عبيد الله بن عمرو، عن نافع عنه مرفوعاً. ورواه ابن الأعرابي في "المعجم" (15/ 2) عن كثير بن عبيد: أخبرنا بقية بن الوليد، عن عبد الحميد بن السري به. ومن هذا الوجه علقه الرافعي في "تاريخه" (4/ 144) وابن عدي (249/ 2) ، وقال ابن عدي:

"لا أعرف لعبد الحميد هذا غير هذا الحديث". وقال الدارقطني بعد أن أخرجه في "سننه" (ص 185) عن أبي عتبة:

"تفرد به عبد الحميد بن السري؛ وهو ضعيف".

وقال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 14) عن أبيه:

"وهو مجهول، روى عن عبيد الله بن عمر حديثاً موضوعاً".

يشير إلى هذا.

4394/ م - (ليس منا من وطىء حبلى) .

ضعيف

أخرجه الطحاوي في "المشكل" (2/ 137-138) ، وأحمد (1/ 256) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 147/ 2) عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان:

الأولى: الحكم - وهو ابن عتيبة الكندي مولاهم - لم يسمع من مقسم إلا خمسة أحاديث ليس هذا منها.

والأحرى: عنعنة الحجاج - وهو ابن أرطأة -؛ فإنه مدلس.

 

(9/385)

 

 

4395 - (ليغسل موتاكم المأمونون) .

موضوع

أخرجه ابن ماجه (1/ 446) ، وأبو أحمد الحاكم في "الكنى" (70) عن بقية بن الوليد، عن مبشر بن عبيد، عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع. قال الحاكم:

"هذا حديث منكر، لاأعلم لمبشر بن عبيد متابعاً فيه". وقال البوصيري (91/ 1) :

"بقية؛ مدلس، وقد رواه بالعنعنة. وشيخه؛ قال فيه أحمد بن حنبل: أحاديثه كذب موضوعة. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال الدارقطني: متروك الحديث، يضع الحديث، ويكذب".

 

(9/386)

 

 

4396 - (ليكونن في ولد العباس ملوك يلون أمر أمتي، يعز الله عز وجل بهم الدين) .

موضوع

أخرجه الدارقطني في "الأفراد" (ج2 رقم28 - منسوختي) : حدثنا أبو القاسم نصر بن محمد بن عبد العزيز بن شيرزاذ الباقرحي: حدثنا علي بن أحمد ابن إبراهيم السواق: حدثنا عمر بن راشد الجاري: حدثنا عبد الله بن محمد بن صالح مولى التوأمة، عن أبي، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. وقال:

"غريب من حديث عمرو بن دينار عن جابر، وهو أيضاً غريب من حديث محمد بن صالح مولى التوأمة، تفرد به عنه ابنه، ولم يروه عنه غير عمر بن راشد الجاري، ولم نكتبه إلا عن هذا الشيخ".

قلت: ترجمه الخطيب (12/ 299-300) برواية جمع غير الدارقطني عنه،

 

(9/386)

 

 

وقال: إنه مات سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

وعلي بن أحمد بن إبراهيم السواق؛ لم أعرفه، إلا أن يكون هو علي بن أحمد ابن سريج السواق الرقي الذي في "الأنساب" وغيره، وعليه فإبراهيم أو سريج أحد أجداد أبيه. ترجمه الخطيب (11/ 315) برواية جمع من الثقات عنه، وقال:

"وما علمت من حاله إلا خيراً. مات سنة إحدى وستين ومئتين".

وعمر بن راشد الجاري؛ قال أبو حاتم:

"وجدت حديثه كذباً وزوراً، والعجب من يعقوب بن سفيان كيف روى عنه؟! لأني في ذلك الوقت وأنا شاب علمت أن تلك الأحاديث موضوعة، فلم تطب نفسي أن أسمعها، فكيف يخفى على يعقوب ذلك؟! ".

وقال الحاكم وأبو نعيم:

"يروي عن مالك أحاديث موضوعة".

قلت: فهو آفة الحديث.

وعبد الله بن محمد بن صالح مولى التوأمة وأبوه؛ لم أعرفهما.

4397 - (كم من ذي طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره، منهم عمار بن ياسر) .

ضعيف جداً

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (356) عن يحيى بن إبراهيم الأسلمي: حدثنا عيسى بن قرطاس: حدثني عمرو بن صليع قال: سمعت عائشة تقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره. وقال:

"لا يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد، تفرد به عيسى".

قلت: وهو ضعيف جداً؛ قال الحافظ في "التقريب":

"متروك، وقد كذبه الساجي".

 

(9/387)

 

 

ويحيى بن إبراهيم الأسلمي؛ لم أعرفه.

والحديث قال في "المجمع" (9/ 294) :

"رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عيسى بن قرطاس؛ وهو متروك".

ورواه الأصبهاني في "الترغيب" (297/ 2) عن ابن قرطاس.

4398 - (إن ذكر الله شفاء، وإن ذكر الناس داء) .

ضعيف

أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (172/ 2) ، وكذا البيهقي في "الشعب" (1/ 383) من طريق ابن أبي الدنيا، عن أبي عقيل، عن عبد الله بن يزيد، عن مكحول مرسلاً.

قلت: وهذا مع إرساله ضعيف؛ من قبل عبد الله بن يزيد - وهو الدمشقي -؛ قال الحافظ:

"ضعيف، ومنهم من قال: هو ابن ربيعة بن يزيد الماضي".

قلت: وقال عنه هناك:

"مجهول". وقال البيهقي:

"هذا مرسل، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله".

قلت: وهو الأشبه.

 

(9/388)

 

 

4399 - (إن العبد إذا قام في الصلاة فإنه بين عيني (وفي رواية: يدي) الرحمن عز وجل، فإذا التفت قال له الرب: ابن آدم! إلى من تلتفت؟! تلتفت إلى من هو خير لك مني، ابن آدم! أقبل إلي؛ أنا خير لك ممن تلتفت إليه) .

ضعيف جداً

رواه البزار في "مسنده" (ص 57 - زوائده) ، وابن أبي الدنيا

 

(9/388)

 

 

في "التهجد" (2/ 60/ 2) ، والعقيلي (1/ 70-71) ، والأصبهاني في "الترغيب" (234/ 2) عن إبراهيم الخوزي، عن عطاء بن أبي رباح قال: سمعت أبا هريرة يقول: فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ إبراهيم بن يزيد الخوزي؛ متروك، وقول الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 80) :

"ضعيف"؛ فيه تقصير.

ورواه تمام (265/ 1) من طريق أبي عمرو ناشب بن عمرو الشيباني: حدثنا مقاتل بن حيان، عن زيد العمي، عن أنس بن مالك مرفوعاً نحوه.

وهذا سند ضعيف جداً أيضاً؛ ناشب بن عمرو؛ قال البخاري:

"منكر الحديث".

وزيد العمي؛ ضعيف.

وله طريقان آخران، أحدهما عن أبي هريرة:

الأول: عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: قال أنس بن مالك: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

"يا بني! إياك والالتفات في الصلاة؛ فإن الالتفات في الصلاة هلكة؛ فإن كان لا بد ففي التطوع، لا في الفريضة". وقال الترمذي:

"هذا حديث حسن غريب"!

والآخر: يرويه أبو عبيد ة الناجي، عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:

"إياك والالتفات في الصلاة؛ فإنها هلكة".

 

(9/389)

 

 

أخرجه العقيلي في ترجمة أبي عبيد ة هذا واسمه بكر بن الأسود؛ وروى عن البخاري أنه قال:

"هو كذاب". وكذا روى عن ابن معين. ثم قال العقيلي عقب الحديث:

"لا يتابع على هذا الحديث بهذا اللفظ، وللنهي عن الالتفات في الصلاة أحاديث صالحة الأسانيد، بألفاظ مختلفة".

4400 - (رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي) .

ضعيف

أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (226/ 1) ، عن قران بن تمام، عن يونس، عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

"من صام يوماً من رجب عدل له بصوم سنتين، ومن صام النصف من رجب عدل له بصوم ثلاثين سنة". وقال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله.

وقران بن تمام؛ صدوق ربما أخطأ.

 

(9/390)

 

 

4401 - (اطلب العافية لغيرك، ترزقها في نفسك) .

ضعيف جداً

أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (283/ 1) عن محمد بن كثير الفهري: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته الفهري هذا؛ قال الحافظ:

"متروك".

وابن لهيعة؛ ضعيف.

 

(9/390)

 

 

4402 - (الشحيح لا يدخل الجنة) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (487) : حدثنا علي بن سعيد: حدثنا نصر بن مرزوق المصري: حدثنا يحيى بن مسلمة القعنبي: حدثنا عبد الله بن محمد الضبعي، عن جويرية بن أسماء، عن نافع قال: سمع ابن عمر رجلاً يقول: الشحيح أعذر من الظالم، فقال له ابن عمر: كذبت سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره. وقال:

"لم يروه عن نافع إلا جويرية، ولا عنه إلا عبد الله، تفرد به يحيى، وهو أخو عبد الله بن مسلمة القعنبي، وله أخ اسمه إسماعيل".

قلت: رجاله ثقات؛ غير يحيى بن مسلمة القعنبي؛ قال العقيلي:

"حدث بمناكير".

 

(9/391)

 

 

4403 - (إذا خرج الحاج حاجاً بنفقة طيبة، ووضع رجليه في الغرز، فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك، زادك وراحلتك حلال، وحجك مبرور غير مأزور، وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى: لبيك، ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك غير مبرور) .

ضعيف جداً

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (492) : حدثنا محمد بن الفضل السقطي: حدثنا سعيد بن سليمان، عن سليمان بن داود اليمامي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال:

"لم يروه عن يحيى إلا سليمان".

 

(9/391)

 

 

قلت: وهو ضعيف جداً؛ قال في "الميزان":

"قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث. وقد مر لنا أن البخاري قال: من قلت فيه: منكر الحديث؛ فلا تحل رواية حديثه. وقال ابن حبان: ضعيف. وقال آخر: متروك".

4404 - (ليلة القدر ليلة بلجة، لا حارة ولا باردة، ولا سحاب فيها، ولا مطر، ولا ريح، ولا يرمى فيها بنجم، ومن علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها) (1) .

ضعيف بتمامه

أخرجه أبو موسى المديني في "جزء من الأمالي" (63/ 1) : حدثنا الوليد بن عبد الرحمن الرملي: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن: حدثنا بشر بن عون، عن بكار بن تميم، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ بكار بن تميم وبشر بن عون؛ قال أبو حاتم:

"مجهولان". بل قال ابن حبان:

"بشر، عن بكار، عن مكحول، عن واثلة؛ نسخة نحو مئة حديث؛ كلها موضوعة".

ومن طريقهما أخرجه الطبراني في "الكبير"؛ كما في "مجمع الزوائد" (3/ 179) .

لكن للحديث شاهد من حديث عبادة بن الصامت مرفوعاً بلفظ:

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا متن الحديث ما نصه: " يتلخص من تخريجه أن حديث جابر المذكور في آخره صحيح لغيره ".

 

(9/392)

 

 

"إن أمارة ليلة القدر أنها صافية بلجة، كأن فيها قمراً ساطعاً، ساكنة ساجية، لا برد فيها ولا حر، ولا يحل لكوكب أن يرمى به فيها حتى تصبح، وإن أمارتها أن الشمس صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع؛ مثل القمر ليلة البدر، ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ".

أخرجه أحمد (5/ 324) ، وابن نصر في "قيام الليل" (ص 108) عن بقية: حدثني بحير بن سعد، عن خالد بن معدان عنه.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، صرح بقية فيه بالتحديث، فهو صحيح إن كان ابن معدان سمع من عبادة، وذلك مما نفاه أبو حاتم، وبين وفاتيهما نحو سبعين سنة.

وقد وصله معاوية بن يحيى، عن الزهري، عن محمد بن عبادة بن الصامت، عن أبيه مرفوعاً.

أخرجه الخطيب في "التلخيص" (ق 47/ 1-2) .

ومحمد بن عبادة هذا؛ أورده ابن حبان في "الثقات" (1/ 240) هكذا:

"محمد بن الوليد بن عبادة بن الصامت الأنصاري، يروي عن عبادة، عداده في أهل الشام. روى عنه عيسى بن سنان".

وهكذا أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 112) إلا أنه قال:

"أبيه" بدل: "عبادة".

قلت: ولعله الصواب، كما في هذا الحديث من رواية الزهري عنه. لكن معاوية بن يحيى - وهو الصدفي -؛ ضعيف لا يحتج به.

 

(9/393)

 

 

ويشهد لبعضه حديث زمعة، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ:

"ليلة القدر ليلة سمحة طلقة، لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء".

أخرجه الطيالسي (2680) ، وعنه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 26) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (3/ 331-332) ، وكذا الضياء في "المختارة" (64/ 43/ 2) ، وابن نصر في "قيام الليل" (ص 108) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (223/ 2) ، والبزار في "مسنده" (1/ 485/ 1034) ، والعقيلي في "الضعفاء" (ص 166) ، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب" (ق 221/ 2 - المدينة) كلهم عن زمعة به.

قلت: وزمعة بن صالح وسلمة؛ فيهما ضعف، لكن لا بأس بهما في الشواهد.

وله شاهد آخر من مراسيل الحسن البصري مرفوعاً بلفظ:

"ليلة القدر ليلة بلجة سمحة، تطلع الشمس ليس لها شعاع".

أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 77) .

قلت: وإسناده صحيح مرسل.

وجملة الشعاع؛ قد صحت من حديث أبي بن كعب مرفوعاً.

أخرجه مسلم (3/ 174) وغيره، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1247) .

وفي الباب عن جابر في حديث له:

"وهي طلقة بلجة لا حارة ولا باردة؛ [كأن فيها قمراً يفضح كواكبها] ، لا

 

(9/394)

 

 

يخرج شيطانها حتى يضيء فجرها".

أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (3/ 330-331) ، وعنه ابن حبان (5/ 477/ 3680) من طريق الفضيل بن سليمان: حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الزبير، عن جابر.

قلت: وهذا ضعيف أيضاً؛ أبو الزبير مدلس وقد عنعنه.

والفضيل بن سليمان؛ مع كونه من رجال الشيخين فله خطأ كثير؛ كما قال الحافظ.

والزيادة بين المعكوفتين؛ تفرد بها أحد شيخي ابن خزيمة محمد بن زياد الزيادي؛ وهو صدوق يخطىء.

4405 - (لينظرن أحدكم ما الذي يتمنى؛ فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (3605) من طريق عمرو بن عون: حدثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. وقال:

"حديث حسن".

قلت: يعني لغيره؛ فإنه مرسل ضعيف؛ عمر بن أبي سلمة - وهو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري -؛ قال الذهبي في "المغني":

"ضعفه ابن معين، وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي". وقال الحافظ:

"صدوق يخطىء".

وأبوه أبو سلمة بن عبد الرحمن تابعي ثقة، فالحديث لو صح إسناده إليه

 

(9/395)

 

 

مرسل، ولا أدري كيف لم يشر الترمذي إلى إرساله، مع أنه قد رواه غير واحد موصولاً، فقال أحمد (2/ 387) : حدثنا عفان: حدثنا أبو عوانة: حدثنا عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً به نحوه. وقال أيضاً (2/ 357) : حدثنا إسحاق (بن عيسى) : حدثنا أبو عوانة به موصولاً. وأخرجه أبو يعلى (10/ 5907) .

قلت: فقد ثبت عن أبي عوانة موصولاً بذكر أبي هريرة فيه، فالعلة ضعف عمر بن أبي سلمة، والله أعلم.

وقد اغتر بسكوت الترمذي عن إعلاله بالإرسال السيوطي ثم المناوي؛ فإن الأول عزاه في "الجامع" للترمذي عن أبي سلمة؛ دون أن يصرح بأنه مرسل كما هي عادته، فعلق عليه الثاني بقوله:

"أبو سلمة في الصحب الكثير، فكان ينبغي تمييزه! رمز المصنف لصحته"!

ومن التخريج السابق تعلم ما في كلامهما من الوهم، وأن الحديث ضعيف وأبا سلمة تابعي ليس صحابياً. والله الموفق.

4406 - (ليس البر في حسن اللباس والزي. ولكن البر في السكينة والوقار) .

ضعيف

رواه أبو محمد الضراب في "كتاب ذم الرياء في الأعمال" (1/ 278/ 2 و 295-296) من طريق هارون بن عمران قال: حدثنا سليمان بن أبي داود، عن عطاء، عن أبي سعيد، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حجة الوداع: إن الله حرم الجنة على كل مراء. قال: فذكره.

قلت: وهذا سند ضعيف؛ سليمان هذا؛ مجهول، وقد أورده في "الميزان"

 

(9/396)

 

 

عقب ترجمة "سليمان بن داود الحراني، بومة" فقال: "لعله: بومة"، ثم قال:

"قال ابن القطان: سليمان؛ لا يعرف".

قلت: وبومة؛ قال البخاري:

"منكر الحديث".

وهارون بن عمران؛ هو الموصلي؛ أورده ابن أبي حاتم (4/ 2/ 93) من رواية علي بن حرب الموصلي فقط، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

4407 - (ماء زمزم شفاء من كل داء) .

ضعيف

أخرجه الديلمي (4/ 63) من طريق الحسن بن أبي جعفر: حدثني محمد بن عبد الرحمن، عن صفية مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحسن بن أبي جعفر - وهو الجفري -؛ ضعيف الحديث مع عبادته وفضله؛ كما في "التقريب".

وشيخه محمد بن عبد الرحمن؛ لم أعرفه. وكذلك صفية؛ فإنها لم تنسب، ولعله لذلك قال الحافظ:

"وسنده ضعيف جداً"، كما نقله المناوي.

 

(9/397)

 

 

4408 - (ما آتى الله عالماً علماً إلا أخذ الله عليه الميثاق أن لا يكتمه) .

ضعيف جداً

أخرجه الديلمي (4/ 38-39) عن أبي نعيم معلقاً، عن سهل ابن سليمان الرازي، عن عبد الملك بن عطية، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رفعه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته سهل بن سليمان - وهو الأسود -؛ أورده الذهبي في "الضعفاء" وقال:

 

(9/397)

 

 

"قال أحمد: تركوا حديثه".

وعبد الملك بن عطية؛ قال الأزدي:

"ليس حديثه بالقائم".

والحديث عزاه السيوطي لابن نظيف في "جزئه"، وابن الجوزي في "العلل" عن أبي هريرة، فتعقبه المناوي بقوله:

"قضية تصرف المصنف أن ابن الجوزي خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، بل بين أن فيه موسى البلقاوي؛ قال أبو زرعة: كان يكذب. و [قال] ابن حبان: كان يضع الأحاديث على الثقات. هكذا قال. ثم ظاهر عدول المصنف لذينك، أنه لم يره مخرجاً لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز، وهو عجب؛ فقد خرجه أبو نعيم والديلمي باللفظ المزبور عن أبي هريرة المذكور".

قلت: وسكت المناوي عن إسناده؛ فما أحسن، بل أوهم أنه من طريق البلقاوي الكذاب! وليس كذلك.

وقد أخرجه الخلعي في "الفوائد" (107/ 2) ، وابن نظيف في "فوائده" (95/ 2) من طريق موسى بن محمد: أخبرنا زيد بن ميسور، عن الزهري به.

وابن ميسور هذا؛ لم أعرفه.

وموسى بن محمد؛ هو البلقاوي الكذاب.

4409 - (ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) ، فقال رجل: ومن أشرك؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إلا من أشرك) .

ضعيف

أخرجه أحمد (5/ 275) ، والطبراني في "الأوسط" (300،459) ،

 

(9/398)

 

 

وابن أبي الدنيا في "حسن الظن" (190-191) عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن أبي عبد الرحمن الجبلاني، عن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو عبد الرحمن الجبلاني؛ مجهول الحال، كما يؤخذ من "التعجيل".

وابن لهيعة؛ ضعيف.

4410 - (أمرنا أن نستغفر بالأسحار سبعين مرة) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2/ 309/ 1/ 9639) عن الحسن ابن أبي جعفر، عن محمد بن جحادة، عن مرزوق مولى أنس، عن أنس بن مالك قال: فذكره. وقال:

"لم يروه عن محمد بن حجادة إلا الحسن".

قلت: وهو ضعيف الحديث مع عبادته وفضله.

ومرزوق مولى أنس؛ لم أجد له ترجمة.

والحديث أشار إلى تضعيفه شيخ الإسلام ابن تيمية في "الكلم الطيب" (46) ، وكنت علقت عليه بقولي:

"لا أعرفه، وما إخاله يصح".

فها قد صدق ظني بعد أن وقفت على مخرجه، والحمد لله على توفيقه.

ثم وجدت للحسن بن أبي جعفر متابعاً، فرواه الطبراني في كتابه "الدعاء" (201/ 2) من طريق أبي النعمان عارم: حدثنا سعيد بن زيد: حدثنا محمد بن جحادة: حدثني رجل، عن أنس به.

 

(9/399)

 

 

قلت: وسعيد بن زيد هو أخو حماد؛ قال الحافظ:

"صدوق له أوهام".

فانحصرت العلة في الرجل الذي لم يسم، وسمي مرزوقاً في الرواية الأولى. والله أعلم.

(تنبيه) : وقع الحديث في "الكلم الطيب" من حديث أنس بلفظ:

"أمرنا أن نستغفر بالليل سبعين استغفارة".

ولم يخرجه، فقد وقفت على من خرجه - والحمد لله - ومنه تبين أن اللفظ المذكور خطأ من وجوه لا تخفى على القراء إن شاء الله تبارك وتعالى.

ثم رأيته باللفظ المذكور في "تفسير أبي محمد البستي" (ق 234/ 2) من طريق وكيع: أخبرنا أصحابنا، عن علي بن زيد، عن أنس به؛ إلا أنه قال: "بالأسحار" مكان: "الليل".

والمحفوظ من حديث أنس: ما رواه جمع من الثقات، عن قتادة، عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

"إني لأتوب في اليوم سبعين مرة".

أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (322/ 432) ، وابن حبان في "صحيحه" (2457 - موارد) ، وأبو يعلى (5/ 2934،2989) ، والبزار (4/ 80-81) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (3/ 201/ 2418) وفي "الدعاء" (3/ 1621-1622) من طرق - كما ذكرت - منها: شعبة - عند البزار، عن قتادة به.

قلت: وإسناده صحيح مع التحفظ من عنعنة قتادة، لكن الحديث صحيح يقيناً؛ فإن له شواهد من حديث أبي هريرة وأبي موسى الأشعري.

 

(9/400)

 

 

1- أما حديث أبي هريرة؛ فيرويه الزهري قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال: قال أبو هريرة: فذكره؛ إلا أنه قال:

"أكثر من سبعين مرة".

أخرجه البخاري (6307 - فتح) ، والنسائي (435-437 و 439) ، وابن حبان أيضاً (2456 - موارد) ، وابن السني في "عمله" (361) ، وأحمد (2/ 282،341) ، والطبراني في "الدعاء" (1838) ، والبغوي في "شرح السنة" (5/ 69/ 1285) ، وكذا الترمذي (9/ 13/ 3255) من طرق عنه. وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح، ويروى عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إني لأستغفر الله في اليوم مئة مرة".

قلت: وليس عنده ولا الثلاثة الذين قبله لفظة "أكثر"، ولعل هذا أصح، للرواية الثانية التي علقها الترمذي بلفظ:

"مئة مرة".

وعليه أكثر الرواة عن الزهري، وقد استوعب الطرق إليه الإمام النسائي والطبراني.

وله شواهد خرجت بعضها في "الصحيحة" (556 و 1452) ، وهي رواية محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.

أخرجه ابن أبي شيبة (10/ 297/ 9491) ، وأحمد (2/ 450) ، والبغوي (1286) ، وابن السني (359) من طريق النسائي (434) .

2- وأما حديث أبي موسى؛ فقال ابن ماجه (3816) : حدثنا علي بن محمد: حدثنا وكيع، عن مغيرة بن أبي الحر، عن سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، عن جده مرفوعاً بلفظ:

 

(9/401)

 

 

"إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم سبعين مرة".

قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير المغيرة هذا، وهو صدوق ربما وهم؛ كما في "التقريب".

وعلي بن محمد، وهو الطنافسي؛ ثقة، لكن خالفه في بعض متنه الإمام أحمد؛ فقال في "مسنده" (4/ 410) : حدثنا وكيع به؛ إلا أنه قال:

"في كل يوم مئة مرة".

وقد تابعه أبو نعيم: حدثنا المغيرة به بلفظ:

"ما أصبحت غداة قط؛ إلا استغفرت الله فيها مئة مرة".

أخرجه النسائي (441) .

قلت: وسنده صحيح أيضاً، فلعل الاختلاف المذكور في العدد هو من المغيرة نفسه لما عرفت من ترجمته، والرواة عنه ثقات.

ولعل عدد المئة أرجح؛ لمتابعة أبي إسحاق، عن أبي بردة به.

أخرجه النسائي (440) .

وقد خولف المغيرة في إسناده أيضاً، فرواه ثابت وحميد بن هلال وعمرو بن مرة، عن أبي بردة، عن الأغر مرفوعاً بلفظ: "مئة".

أخرجه مسلم (8/ 72) ، والنسائي (442-446) ، وغيرهما كأبي داود؛ وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1356) .

(فائدة) : في هذه الأحاديث وغيرها مما فيه الأمر بالاستغفار والتوبة؛ رد على من قال من الفقهاء بكراهة قول الرجل: "أستغفر الله وأتوب إليه"، واختار أن

 

(9/402)

 

 

يقول: "أستغفر الله وأسأله التوبة"؛ لأن التوبة من الذنب هي تركه، فإذا قال "أتوب إليه"؛ فقد وعد الله أن لا يعود إلى ذلك الذنب، فإذا عاد إليه كان كمن وعد الله ثم أخلفه.

وقد رد عليهم الإمام الطحاوي فقال:

"قيل لهم: إن ذلك وإن كان كما ذكرتم؛ فإنا لم نبح لهم أن يقولوا: نتوب إلى الله عز وجل؛ على أنهم معتقدون للرجوع إلى ما تابوا منه، ولكنا أبحنا لهم ذلك على أنهم يريدون ترك ما وقعوا فيه من الذنب ولا يريدون العود في شيء منه، فإذا قالوا ذلك واعتقدوا هذا بقلوبهم كانوا في ذلك مأجورين، فمن عاد منهم بعد ذلك في شيء من تلك الذنوب كان ذلك ذنباً أصابه، ولم يحبط ذلك أجره المكتوب له بقوله الذي تقدم منه واعتقاده معه ما اعتقد.

فأما من قال: أتوب إلى الله عز وجل، وهو معتقد أنه يعود إلى ما تاب منه؛ فهو بذلك القول فاسق معاقب عليه؛ لأنه كذب على الله فيما قال.

وأما إذا قال وهو معتقد لترك الذنب الذي كان وقع فيه وعازم أن لا يعود إليه أبداً؛ فهو صادق في قوله، مثاب على صدقه إن شاء الله تعالى". انظر "شرح معاني الآثار" (2/ 366-368) .

4411 - (ما أحببت من عيش الدنيا إلا الطيب والنساء) .

ضعيف

أخرجه ابن سعد (1/ 398) عن أبي بشر صاحب البصري، عن يونس، عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله؛ فإن الحسن هو البصري.

وأبو بشر صاحب البصري؛ لم أعرفه.

 

(9/403)

 

 

ثم أخرجه من طريق أبي المليح، عن ميمون قال:

"ما نال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عيش الدنيا إلا ... ".

وهذا مرسل صحيح الإسناد؛ ميمون هو ابن مهران الجزري الرقي الفقيه؛ ثقة من رجال مسلم.

وأبو المليح؛ اسمه الحسن بن عمر الرقي؛ ثقة من رجال البخاري.

(تنبيه) : حديث الترجمة عزاه السيوطي في "الجامع" لابن سعد عن ميمون مرسلاً، والصواب عن الحسن مرسلاً، ولفظ ميمون ليس من كلامه عليه السلام كما ترى، ثم إن اسم (ميمون) تحرف على المناوي إلى (ميمونة) ، وبناء عليه قال على سبيل البيان: بنت الوليد بن الحارث الأنصارية ... !

4412 - (ما أحدث عبد أخاً في الله؛ إلا أحدث الله له درجة في الجنة) (1) .

ضعيف جداً

أخرجه الديلمي (4/ 39) من طريق ابن أبي الدنيا في "كتاب الإخوان": حدثنا سويد بن سعيد: حدثنا بقية، عن الأحوص بن حكيم، عن أبي إسماعيل العبد ي، عن أنس رفعه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالضعفاء:

الأول: أبو إسماعيل العبد ي؛ قال الدارقطني:

"متروك".

الثاني: الأحوص بن حكيم؛ ضعيف الحفظ.

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن ملاحظة لنفسه: " انظر في معجمي القديم: من آخى في الله ".

 

(9/404)

 

 

الثالث: بقية؛ مدلس وقد عنعنه.

الرابع: سويد بن سعيد؛ صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، وأفحش فيه ابن معين القول.

ومع هذه العلل الكثيرة، والضعف الشديد في إسناد الحديث؛ لم يتكلم المناوي عنها بشيء، وإنما قال:

"قال الحافظ العراقي: إسناده ضعيف، ويعضده خبر ابن أبي الدنيا أيضاً: من آخى أخاً في الله عز وجل؛ رفعه الله درجة في الجنة لا ينالها بشيء من عمله".

4413 - (ما أحسن عبد الصدقة؛ إلا أحسن الله له الخلافة على تركته) .

ضعيف

أخرجه ابن شاهين في "الترغيب" (ق 306/ 2) ، وابن عدي (315/ 2) عن محمد بن عبد الرحمن بن مجبر: حدثني أبي: حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً. وقال ابن عدي:

"هذا عن مالك باطل".

قلت: وآفته محمد بن عبد الرحمن هذا؛ اتهمه ابن عدي، وقال الخطيب:

"كذاب". وقال الأمير في "الإكمال" (1/ 200) :

"غير مأمون".

وقد جاء مرسلاً، فقال ابن المبارك في "الزهد" (646) ، وعنه القضاعي (67/ 2) : أخبرنا حيوة بن شريح، عن عقيل، عن ابن شهاب مرفوعاً.

وهذا إسناد صحيح مرسل.

 

(9/405)

 

 

وقد روي موصولاً، أخرجه الديلمي (4/ 38) عن عبد الله بن صالح: حدثني ليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أنس رفعه.

قلت: وعبد الله بن صالح؛ فيه ضعف، فلا يحتج به.

4414 - (ما أحل الله حلالاً أحب إليه من النكاح، ولا أحل حلالاً أكره إليه من الطلاق) (1) .

موضوع

أخرجه الديلمي (4/ 39) عن مقاتل بن سليمان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رفعه.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته مقاتل بن سليمان - وهو البلخي المفسر -؛ قال الذهبي في "الضعفاء":

"قال وكيع وغيره: كذاب". وقال الحافظ في "التقريب":

"كذبوه، وهجروه، ورمي بالتجسيم":

قلت: وهذا الحديث من الأحاديث التي يلهج بها كثير من كتاب هذا العصر؛ الذين يكادون يطبقون على الميل إلى تحريم الطلاق إلا لضرورة! تجاوباً منهم مع رغبات بعض الحكام الذين يتأثرون بسبب ضعف إيمانهم وجهلهم بإسلامهم بالحملات التي يوجهها الكفار على الدين الإسلامي وتشريعاته، وخصوصاً منها الطلاق، فيشرعون من عند أنفسهم قوانين تمنع من إيقاع الطلاق إلا بقيود وشروط ابتدعوها ما أنزل الله بها من سلطان، مع علمهم بأن بعض الدول الكافرة قد رجعت مضطرة إلى تشريع الطلاق بينهم؛ مصداقاً لقوله تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) .

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " أعيد برقم (6290) بفوائد جديدة "

 

(9/406)

 

 

تالله إنها لإحدى الكبر أن يكفر بعض المسلمين بشريعتهم بتأثير الكفار عليهم وتضليلهم إياهم، وأن يؤمن بعض هؤلاء ولو اتباعاً لصالحهم بما كفر به أولئك. فما أشبه هؤلاء وهؤلاء بمن قال الله فيهم: (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً) !

وهذا الحديث من الأحاديث التي كان الأستاذ الفاضل مصطفى الزرقا قدمها إلي راغباً تخريجها له بتاريخ (15/ 6/ 71 هـ = 12/ 3/ 52م) .

وقد روي الحديث عن معاذ مرفوعاً بلفظ العتاق مكان النكاح.

أخرجه الدارقطني (ص 439) ، والبيهقي (7/ 361) من طريق إسماعيل بن عياش، عن حميد بن مالك اللخمي، عن مكحول، عن معاذ مرفوعاً:

"يا معاذ! ما خلق الله شيئاً على وجه الأرض أحب إليه من العتاق، ولا خلق الله شيئاً على وجه الأرض أبغض إليه من الطلاق، فإذا قال الرجل لمملوكه: أنت حر إن شاء الله؛ فهو حر، ولا استثناء له، وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، فله استثناؤه، ولا طلاق عليه".

ثم أخرجاه من طريق حميد بن الربيع: أخبرنا يزيد بن هارون: أخبرنا إسماعيل بن عياش ... فذكره نحوه، قال حميد: قال لي يزيد بن هارون: وأي حديث لو كان حميد بن مالك معروفاً، قلت: هو جد أبي. قال يزيد:سررتني، الآن صار حديثاً. وقال البيهقي:

"ليس فيه كبير سرور؛فحميد بن ربيع بن حميد بن مالك الكوفي الخزاز ضعيف جداً، نسبه يحيى بن معين وغيره إلى الكذب، وحميد بن مالك مجهول، ومكحول عن معاذ بن جبل منقطع، وقد قيل: عن حميد، عن مكحول، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه. وقيل: عنه، عن مكحول،

 

(9/407)

 

 

عن مالك بن يخامر، عن معاذ، وليس بمحفوظ. والله أعلم".

قلت: وحميد بن مالك الذي جهله البيهقي؛ قد ضعفه يحيى وأبو زرعة وغيرهما، ولذلك جزم بضعفه عبد الحق في "أحكامه" (ق 146/ 2) ، وابن القيم في "تهذيب السنن" (3/ 91-92) .

وروي الشطر الثاني من الحديث عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ:

"ما أحل الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق".

أخرجه الحاكم. وأخرجه أبو داود عن محارب بن دثار مرسلاً وهو الصواب؛ كما حققته في "إرواء الغليل" (252 و 2100) .

4415 - (ما اختلط حبي بقلب عبد فأحبني؛ إلا حرم الله جسده على النار) .

موضوع

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 255) ، وعنه الديلمي (4/ 33) من طريق إسماعيل بن يحيى: حدثنا مسعر، عن عطية قال:

كنت مع ابن عمر جالساً، فقال رجل: لوددت أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له ابن عمر: فكنت تصنع ماذا؟ قال: كنت والله أؤمن به، وأقبل ما بين عينيه، وأطيعه، فقال له ابن عمر: ألا أبشرك؟ قال: بلى يا أبا عبد الرحمن! فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره.

قلت: وهذا موضوع؛ إسماعيل هذا - هو التيمي -؛ كذاب. وتردد المناوي بين أن يكون هذا هو التيمي، أو ابن كهيل، والأول كذاب، والآخر متروك.

قلت: ولا وجه لهذا التردد، فإن الذي يروي عن مسعر إنما هو التيمي.

وعطية - هو العوفي -؛ ضعيف.

 

(9/408)

 

 

4416 - (ما أذن الله عز وجل لعبد في الدعاء؛ حتى أذن له في الإجابة) .

موضوع

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 263) عن عبد الرحمن بن خالد بن نجيح: حدثنا حبيب: حدثنا محمد بن عمران، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أنس مرفوعاً وقال:

"حديث غريب من حديث ربيعة، تفرد به حبيب كاتب مالك عن محمد عنه".

قلت: وحبيب - وهو ابن أبي حبيب المصري -؛ متروك، كذبه أبو داود وجماعة؛ كما قال الحافظ.

وعبد الرحمن بن خالد بن نجيح؛ قال الدارقطني:

"متروك الحديث".

وروى الطبري في "تفسيره" (3/ 482/ 2910) عن الليث بن سعد، عن ابن صالح، عمن حدثه: أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

"ما أعطي أحد الدعاء ومنع الإجابة؛ لأن الله يقول: (ادعوني أستجب لكم) ".

وهذا إسناد معضل ضعيف؛ لجهالة شيخ ابن صالح، وهذا اسمه عبد الله، وفيه ضعف.

وروى العقيلي في "الضعفاء" (78) عن الحسن بن محمد البلخي، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك مرفوعاً بلفظ:

 

(9/409)

 

 

"ما كان الله ليفتح لعبد باب الدعاء، ويغلق عنه باب الإجابة؛ الله أكرم من ذلك". وقال:

"الحسن هذا منكر الحديث، والحديث غير محفوظ، ولا يتابع عليه، ليس له أصل". وقال ابن حبان:

"يروي الموضوعات، لا تحل الرواية عنه".

ثم غفل؛ فذكره في "الثقات"!

4417 - (ما أرسل على عاد من الريح إلا قدر خاتمي هذا) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 131) عن محمود بن ميمون البنا: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال:

"غريب من حديث الثوري، تفرد به محمود".

قلت: ولم أجد له ترجمة.

وروى ابن أبي حاتم من طريق ابن فضيل، عن مسلم، عن مجاهد، عن ابن عمر مرفوعاً به نحوه؛ ولفظه:

"ما فتح الله على عاد من الريح التي هلكوا بها إلا مثل موضع الخاتم، فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم فجعلتهم بين السماء والأرض، فلما رأى ذلك أهل الحاضر من عاد الريح وما فيها قالوا: هذا عارض ممطرنا، فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة".

سكت عليه ابن كثير في "تفسيره" (4/ 412) ، وكأنه لظهور ضعفه الشديد؛ فإن مسلماً هذا؛ هو ابن كيسان الأعور؛ قال الذهبي في "المغني":

"تركوه".

 

(9/410)

 

 

ومن طريقه أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 161/ 1 و 205/ 2) ، وابن أبي الدنيا في "العقوبات" (ق 67/ 2) ، وعبد الغني المقدسي في "الجواهر" (247/ 1) .

4418 - (ما ازداد عبد من السلطان دخولاً إلا ازداد من الله بعداً) .

ضعيف

رواه أبو بكر الشافعي في "مسند موسى بن جعفر بن محمد الهاشمي" (72/ 1) عن موسى بن إبراهيم: حدثنا موسى بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ موسى بن إبراهيم هذا - هو المروزي -؛ متروك.

وقد روي مرسلاً من طريق أبي معاوية، عن ليث، عن الحسن بن مسلم، عن عبيد بن عمير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ، وزاد:

"ولا كثر أتباعه إلا كثرت شيطاينه، ولا كثر ماله إلا اشتد حسابه".

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 274) .

قلت: وهو مع إرساله منقطع؛ فإن الحسن بن مسلم - وهو ابن يناق المكي -؛ لم يدرك عبيد بن عمير؛ كما في "التهذيب".

وليث - وهو ابن أبي سليم -؛ ضعيف؛ لاختلاطه.

 

(9/411)

 

 

4419 - (ما أزين الحلم لأهله) .

ضعيف

رواه ابن شاهين في "الترغيب" (293/ 2) عن يحيى بن سعيد العطار الحمصي: حدثنا بشر بن إبراهيم، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ بشر بن إبراهيم هو الأنصاري المفلوج، قال ابن عدي وابن حبان:

 

(9/411)

 

 

"يضع الحديث".

ويحيى بن سعيد العطار الحمصي؛ ضعيف.

وروي من طريق خالد بن إسماعيل الأنصاري: حدثنا مالك بن أنس، عن حميد، عن أنس مرفوعاً.

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 340-341) وقال:

"غريب من حديث مالك وحميد، لم نكتبه إلا من حديث صالح بن زياد السوسي".

قلت: هو ثقة، وإنما العلة من الأنصاري؛ فإنه مجهول.

4420 - (ما استرذل الله عبد اً إلا حظر عليه العلم والأدب) .

موضوع

رواه ابن عدي (93/ 1) : حدثنا الحسن قال: حدثنا عثمان بن عبد الله الطحان: حدثنا أبو خالد الأحمر: حدثنا ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال:

"هذا الحديث بهذا الإسناد موضوع". ذكره في ترجمة الحسن هذا - وهو ابن علي العدوي -، قال:

"يضع الحديث ويسرق الحديث، ويلزقه على قوم آخرين، وشيخه عثمان بن عبد الله! مجهول".

والحديث أورده السيوطي في "الجامع" من رواية ابن النجار عن أبي هريرة. وقال المناوي:

"وكذا القضاعي في "الشهاب". وذكر في "الميزان" أنه خبر باطل، وأعاده

 

(9/412)

 

 

في ترجمة أحمد بن محمد الدمشقي وقال: له مناكير وبواطيل، ثم ساق منها هذا، وقال بعض شراح "الشهاب": غريب جداً".

قلت: وهو في ترجمة أحمد المذكور قال: حدثنا بكر بن محمد: حدثنا ابن عيينة عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة به.

ثم رأيته في "مسند الشهاب" للقضاعي (68/ 1) عن أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة قال: أخبرنا بكر بن محمد قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً.

ورواه عبد ان في "الصحابة"، وأبو موسى في "الذيل" عن بشير بن النهاس مرفوعاً به؛ دون قوله: "والأدب".

ذكره في "الجامع الصغير"، وقال شارحه:

"يروى عنه حديث منكر".

وأخرجه الديلمي (4/ 32) عن ابن عباس موقوفاً عليه.

وفيه محمد بن الحسين بن الحسن المروزي شيخ الحاكم؛ لم أجد له ترجمة.

ثم رأيت السيوطي قد أورد الحديث في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (ص 34) من رواية ابن النجار، وهذا من طريق ابن حمزة المذكور، فتأمل كم هو متناقض!

4421 - (ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيراً له من زوجة صالحة؛ إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله) .

ضعيف

رواه ابن ماجه (1/ 571) ، وابن عساكر (12/ 284/ 2) ، والضياء في "موافقات هشام بن عمار" (56-57) عن هشام بن عمار: أخبرنا صدقة بن خالد: حدثنا

 

(9/413)

 

 

عثمان بن أبي عاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن أبي عاتكة؛ قال في "التقريب":

"ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني".

قلت: والألهاني؛ ضعيف أيضاً، وأما قول البوصيري في "الزوائد" (166/ 2) :

"فيه علي بن زيد بن جدعان؛ وهو ضعيف".

فهو وهم منه رحمه الله؛ ابن جدعان اسم أبيه "زيد"، وأما هذا؛ فهو "يزيد"، وكلاهما ضعيف.

وروى شريك، عن جابر، عن عطاء، عن أبي هريرة مرفوعاً نحوه مختصراً.

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 163/ 1) وقال:

"لم يروه عن جابر إلا شريك".

قلت: وهو ابن عبد الله القاضي؛ وهو ضعيف لسوء حفظه.

لكن جابر - وهو ابن يزيد الجعفي -؛ أشد ضعفاً منه؛ فقد اتهمه بعضهم.

والمحفوظ عن أبي هريرة بلفظ:

"خير النساء التي تسره إذا نظر ... " الحديث، وهو مخرج في "الصحيحة" (1838) .

4422 - (ما أصابني شيء منها - يعني: الشاة المسمومة - إلا وهو مكتوب علي؛ وآدم في طينته) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (2/ 365) عن بقية: حدثنا أبو بكر العنسي، عن يزيد بن أبي حبيب ومحمد بن يزيد المصريين قالا: حدثنا نافع، عن ابن عمر قال:

 

(9/414)

 

 

قالت أم سلمة: يا رسول الله! لا يزال يصيبك كل عام وجع من الشاة المسمومة التي أكلت؟! قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير أبي بكر العنسي؛ قال ابن عدي:

"مجهول، له أحاديث مناكير". قال الحافظ:

"قلت: أحسب أنه أبو بكر بن أبي مريم".

قلت: وكأنه لذلك قال البوصيري في "الزوائد" (217/ 1) :

"فيه أبو بكر العنسي؛ وهو ضعيف".

قلت: فهو علة الحديث. وأما قول المناوي:

"رمز المصنف لحسنه، وفيه بقية بن الوليد".

فليس بشيء؛ لأن بقية إنما يخشى من تدليسه، وقد صرح بالتحديث، فالعلة من شيخه.

4423 - (ما أصبنا من دنياكم إلا النساء) .

ضعيف

رواه الطبراني (3/ 197/ 2) عن ابن أبي فديك: أخبرنا زكريا بن إبراهيم ابن عبد الله بن مطيع، عن أبيه قال: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ زكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع؛ قال الذهبي:

"ليس بالمشهور".

وأبوه إبراهيم؛ لم أجد من ذكره.

 

(9/415)

 

 

4424 - (ما أصيب عبد بعد ذهاب دينه بأشد من ذهاب بصره، وما ذهب بصر عبد فصبر؛ إلا دخل الجنة) .

ضعيف جداً

رواه المحاملي في "الأمالي" (7/ 153/ 3) ، وعنه الخطيب (1/ 394) قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الطرسوسي: حدثنا إسحاق بن منصور السلولي: أخبرنا إسرائيل، عن جابر، عن ابن بريدة، عن أبيه مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ جابر هو ابن يزيد الجعفي؛ ضعيف متهم.

والطرسوسي؛ ضعيف الحفظ، وبه وحده أعله المناوي! فقصر.

 

(9/416)

 

 

4425 - (ما إكثاركم علي في حد من حدود الله عز وجل وقع على أمة من إماء الله؟ والذي نفسي بيده! لو كانت فاطمة ابنة رسول الله نزلت بالذي نزلت به؛ لقطع محمد يدها) .

ضعيف بهذا السياق

أخرجه ابن ماجه (2/ 113) ، والحاكم (4/ 379-380) ، والبيهقي (8/ 281) ، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن ركانة، عن أمه عائشة بنت مسعود بن الأسود، عن أبيها قال:

لما سرقت المرأة تلك القطيفة من بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أعظمنا ذلك، وكانت امرأة من قريش، فجئنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - نكلمه، وقلنا: نحن نفديها بأربعين أوقية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

"تطهر خير لها"، فلما سمعنا لين قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أتينا أسامة، فقلنا: كلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك؛ قام خطيباً فقال: فذكره. وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!

وأقول: كلا؛ فإن ابن إسحاق مدلس؛ وقد عنعنه.

 

(9/416)

 

 

نعم؛ الحديث في "الصحيحين" وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها نحوه (1) ، ليس فيه الطرف الأول منه، ولذلك خرجته هنا.

وقد اضطرب في إسناده ومتنه ابن إسحاق، فرواه هكذا عنه غير واحد.

ورواه يزيد بن أبي حبيب عنه عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة أن خالته أخت مسعود بن العجماء حديثه: أن أباها قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المخزومية التي سرقت قطيفة: نفديها بأربعين أوقية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأن تطهر خير لها"، فأمر بها فقطعت يدها، وهي من بني عبد الأشهل، أو من بني عبد الأسد.

أخرجه أحمد (5/ 409 و 6/ 329) .

قلت: فاختصر متنه كما ترى، وجعل إسناده عن أخت مسعود بن العجماء؛ مكان أمه عائشة، والاضطراب مما يدل على عدم حفظ الراوي وقلة ضبطه.

ومن هذا؛ تعلم تساهل الحافظ أو خطأه في قوله في "الفتح" (12/ 89) - بعد أن ذكر الطرف الأول من الرواية الأولى من قول أبي عائشة، وعزاه لابن ماجه والحاكم -:

"وسنده حسن، وقد صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث في رواية الحاكم".

فإن الحاكم إنما صرح ابن إسحاق عنده بالتحديث في رواية أخرى عنده من طريقه؛ قال: فحدثني عبد الله بن أبي بكر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك كان يرحمها ويصلها.

قلت: فهذه الرواية مرسلة خلاف الرواية الأولى، ثم هل سياقها مثل سياق الأولى، أم هي مختصرة مثل رواية أحمد التي خالفت الأولى في إسنادها كما بينا؟!

__________

(1) وله ألفاظ خَرَّجت بعضها في " الإرواء " (2319 و 2405)

 

(9/417)

 

 

4426 - (ما الموت فيما بعده إلا كنطحة عنز) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (462) عن بشر بن سيحان: حدثنا بكار بن عاصم الليثي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال:

"لم يروه عن محمد بن عمرو إلا بكار، تفرد به بشر".

قلت: ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال:

"ربما أغرب".

وبكار بن عاصم الليثي؛ لم أعرفه، ولا يبعد أن يكون الذي أورده الطوسي في "أصحاب الصادق رضي الله عنه" (ص 158) :

"بكار بن عاصم مولى لعبد القيس". ولم يزد!

ثم روى الطبراني عن سكين بن عبد العزيز العطار قال " ذكر أبي، عن أنس ابن مالك - لا أعلمه إلا رفعه - قال: فذكره بلفظ:

"لم يلق ابن آدم شيئاً منذ خلقه الله عز وجل أشد عليه من الموت، ثم إن الموت أهون مما بعده، وإنهم ليلقون من هول ذلك اليوم شدة حتى يلجمهم العرق، حتى لو أن السفن لو أجريت فيه لجرت". وقال:

"لم يروه عن عبد العزيز إلا ابنه".

قلت: وهو صدوق يروي عن الضعفاء؛ كما في "التقريب".

وأبوه عبد العزيز بن قيس العبد ي؛ قال أبو حاتم:

"مجهول". وذكره ابن حبان في "الثقات".

 

(9/418)

 

 

4427 - (ما أنت محدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم؛ إلا كان على بعضهم فتنة) .

منكر

رواه القاضي عبد الجبار الخولاني في "تاريخ داريا" (ص 86) ، وابن عساكر (11/ 47/ 2) عن عثمان بن داود، عن الضحاك، عن ابن عباس مرفوعاً. وقال:

"قال العقيلي: عثمان بن داود مجهول بنقل الحديث، لا يتابع على حديثه (يعني هذا) ولا يعرف إلا به". وقال الذهبي:

"لا يدرى من هو، والخبر منكر".

ورواه الهروي (122/ 1) معلقاً من قول ابن مسعود. وقد وصله ابن وهب في "المسند" (8/ 164/ 1) ومقدمة "صحيح مسلم" (5) : عن يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: أن عبد الله بن مسعود قال: فذكره.

قلت: وهذا رجاله ثقات، لكنه منقطع بين عبيد الله وعبد الله بن مسعود.

 

(9/419)

 

 

4428 - (ما أهدى مسلم لأخيه هدية أفضل من كلمة حكمة تزيده هدىً، أو ترده عن ردى) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم فيما علقه عنه الديلمي (4/ 40) ، وابن بشران في "الأمالي" (18/ 7/ 2) من طريق إسماعيل بن عياش، عن عمارة بن غزية، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن عبد الله بن عمرو رفعه:

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: الانقطاع بين عبيد الله بن أبي جعفر وابن عمرو؛ فإنه ولد سنة (60)

 

(9/419)

 

 

ومات ابن عمرو بعدها ببضع سنين، وصحح ابن حبان أن وفاته كانت ليالي الحرة، وكانت سنة (63) .

الأخرى: إسماعيل بن عياش؛ ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذه منها؛ لأن عمارة بن غزية مدني.

وروى أبو القاسم زيد بن عبد الله الهاشمي المعروف بـ (رفاعة) في "الأربعين" (ق 3/ 1) عن الحسن بن سلام السواق: أخبرنا أبو غسان، عن ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس، عن ابن عباس مرفوعاً به، وزاد:

"وإنها لتعدل إحياء نفس، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً".

قلت: وهذا موضوع؛ آفته رفاعة هذا؛ قال الذهبي:

"اتهم بوضع "أربعين" في الآداب، قاله النباتي.

قلت: هو أبو الخير بن رفاعة، لا صحبه الله بخير، سمع منه تلك "الأربعين" الباطلة أبو الفتح سلم بن أيوب الرازي بالري بعد الأربع مئة ... "

ثم ساق له حديثاً آخر من تلك "الأربعين"، ثم قال:

"وهذا كذب".

4429 - (ما بال أحدكم يؤذي أخاه في الأمر، وإن كان حقاً!) .

ضعيف

أخرجه ابن سعد (4/ 24-25) : أخبرنا يزيد بن هارون، عن داود ابن أبي هند، عن العباس بن عبد الرحمن:

أن رجلاً من المهاجرين لقي العباس بن عبد المطلب فقال: يا أبا الفضل أرأيت عبد المطلب بن هاشم والغيطلة كاهنة بني سهم جمعهما الله جميعاً في النار؟ فصفح عنه. ثم لقيه الثانية، فقال له مثل ذلك، فصفح عنه، ثم لقيه الثالثة،

 

(9/420)

 

 

فقال له مثل ذلك، فرفع العباس يده فوجأ أنفه فكسره، فانطلق الرجل كما هو إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رآه قال: ما هذا؟ قال: العباس، فأرسل إليه فجاءه، فقال: "ما أردت إلى رجل من المهاجرين؟ " فقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! والله لقد علمت أن عبد المطلب في النار، ولكنه لقيني، فقال: يا أبا الفضل! أرأيت عبد المطلب بن هاشم والغيطلة كاهنة بني سهم جمعهما الله جميعاً في النار؟ فصفحت عنه مراراً، ثم والله ما ملكت نفسي، وما إياه أراد، ولكنه أرادني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل، لكن وصل حديث الترجمة منه الديلمي (4/ 53) من طريق الروياني: حدثنا محمد بن بشار: حدثنا يزيد بن هارون به؛ إلا أنه قال: عن العباس بن عبد الرحمن، عن العباس بن عبد المطلب رفعه.

ومداره مرسلاً وموصولاً على العباس بن عبد الرحمن، وهو ابن ميناء الأشجعي؛ لم يوثقه أحد، ولم يرو عنه غير داود بن أبي هند، فهو مجهول.

4430 - (ما بال أقوام يتحدثون، فإذا رأوا الرجل من أهل بيتي قطعوا حديثهم؟ والله! لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبهم لله ولقرابتهم مني) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (1/ 63) عن أبي سبرة النخعي، عن محمد بن كعب القرظي، عن العباس بن عبد المطلب قال:

كنا نلقى النفر من قريش وهم يتحدثون، فيقطعون حديثهم، فذكرنا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن كعب؛ قال يعقوب بن شيبة:

 

(9/421)

 

 

"ولد في آخر خلافة علي سنة أربعين، ولم يسمع من العباس".

وأبو سبرة النخعي؛ قال ابن معين:

"لا أعرفه"، وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" (5/ 569) .

ورواه يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن العباس بن عبد المطلب قال: فذكره بنحوه؛ دون الشطر الأول من الحديث.

أخرجه أحمد (1/ 207) ، والحاكم (3/ 333) وقال:

"يزيد بن أبي زياد وإن لم يخرجاه؛ فإنه أحد أركان الحديث في الكوفيين".

قلت: ولكنه ضعيف؛ كبر فتغير، صار يتلقن، كما في "التقريب"، وهو الهاشمي مولاهم، وكأنه لضعفه اضطرب في إسناده، فرواه إسماعيل بن أبي خالد عنه هكذا، ورواه جرير بن عبد الحميد، عنه، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد المطلب بن ربيعة قال:

"دخل العباس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ... " الحديث نحوه.

أخرجه الحاكم، وأحمد.

وتابعه ابن فضيل، عن يزيد به. أخرجه ابن أبي شيبة (12/ 108/ 12259) دون الشطر الأول.

وتابعه أبو عوانة عن يزيد بن أبي زياد به.

أخرجه الترمذي (3762) وقال:

"حديث حسن صحيح".

كذا قال! وهو من تساهله الذي عرف به؛ فقد علمت حال يزيد بن أبي زياد.

ورواه أبو الضحى مسلم بن صبيح قال: قال العباس ... فذكره مختصراً جداً.

 

(9/422)

 

 

أخرجه ابن أبي شيبة (12/ 109/ 12261) .

قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ ولكنه مرسل.

وبالجملة؛ فيبدو من مجموع الطرق أن للقصة أصلاً، ولكنه لم يتحرر لي ما قاله - صلى الله عليه وسلم - فيها إلا جملة واحدة عند الترمذي، فراجع تعليقي على "المشكاة" (6147) ، فلم يصب الدويش في تصحيحها.

4431 - (ما بال أقوام يلعبون بحدود الله، يقول أحدهم: قد طلقتك، قد راجعتك، قد طلقتك) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (1/ 622) ، وابن حبان (1322) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 303) ، والبيهقي (7/ 322) ، والطيالسي (1601 - ترتيبه) من طرق عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى مرفوعاً. وقال البوصيري في "الزوائد" (127/ 1) :

"هذا إسناد حسن؛ من أجل مؤمل بن إسماعيل أبي عبد الرحمن".

قلت: قد تابعه جمع كما أشرنا إليه بقولنا: "من طرق"، فالحديث صحيح لولا أن فيه عنعنة أبي إسحاق، وهو عمرو بن عبد الله السبيعي؛ فإنه مدلس.

 

(9/423)

 

 

4432 - (ما بر أباه من شد إليه الطرف) .

ضعيف جداً

رواه ابن عدي (200/ 2) عن صالح بن موسى، عن معاوية ابن إسحاق، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ صالح بن موسى - هو ابن إسحاق بن طلحة

 

(9/423)

 

 

التيمي -، وهو متروك؛ كما قال الحافظ وغيره.

4433 - (ما بعث الله نبياً إلا شاباً) .

موقوف ضعيف

أخرجه الضياء في "المختارة" (59/ 158/ 2) من طريق قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس.

 

(9/424)

 

 

4434 - (ما بعث الله نبياً إلا عاش نصف عمر الذي قبله) .

ضعيف جداً

رواه البزار (2341 - كشف) ، والبخاري في "التاريخ" (4/ 1/ 244) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 68) ، وعنه الديلمي (4/ 28) ، وابن عدي (279/ 2) ، عن عبيد بن إسحاق العطار: حدثنا كامل بن العلاء أبو العلاء التميمي، عن حبيب بن أبي ثابت، عن يحيى بن جعدة، عن زيد بن أرقم مرفوعاً. وقال ابن عدي:

"كامل هذا؛ أرجو أنه لا بأس به".

قلت: إنما علة الحديث من العطار الراوي عنه؛ فإنه ضعيف جداً؛ قال البخاري:

"منكر الحديث". وقال النسائي والأزدي:

"متروك الحديث". وضعفه غيرهما.

وأما أبو حاتم فرضيه كما قال الذهبي.

وقال الحافظ:

"ولفظ أبي حاتم: ما رأينا إلا خيراً، وما كان بذاك الثبت، في حديثه بعض الإنكار". وقال ابن الجارود:

"يعرف بعطار المطلقات، والأحاديث التي بها باطلة".

 

(9/424)

 

 

ثم وجدت له شاهداً من حديث فاطمة، يرويه محمد بن عبد الله بن عمرو ابن عثمان: أن أمه فاطمة بنت الحسين حدثته: أن عائشة كانت تقول:

إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في مرضه الذي قبض فيه لفاطمة: "يا بنية! أجبي علي، فأجبت عليه، فناجاها ساعة ... " الحديث، وفيه:

"فأخبرني: إن جبريل كان يعارضني القرآن في كل عام مرة، وإنه عارضني العام مرتين، وأخبرني أنه أخبر بأنه لم يكن نبي كان بعده نبي إلا عاش نصف عمر الذي كان قبله، وأخبرني أن عيسى عليه السلام عاش عشرين ومئة سنة، ولا أراني إلا ذاهباً على ستين، فأبكاني ذلك ... " الحديث.

قلت: وهذا إسناد فيه ضعف؛ محمد بن عبد الله هذا؛ قال الذهبي:

"وثقه النسائي، وقال مرة: ليس بالقوي. وقال البخاري: لا يكاد يتابع في حديثه".

ولذلك قال الحافظ ابن كثير في "البداية" (2/ 95) :

"حديث غريب، قال الحافظ ابن عساكر: والصحيح أن عيسى لم يبلغ هذا العمر".

وكذلك أشار إلى تضعيف الحديث الحافظ ابن حجر بقوله في "الفتح" (6/ 384) :

"واختلف في عمره حين رفع، فقيل: ابن ثلاث وثلاثين، وقيل: مئة وعشرين"!

وذكر الحافظ ابن كثير أن الحديث أخرجه الحاكم في "مستدركه"، ويعقوب

 

(9/425)

 

 

ابن سفيان الفسوي في "تاريخه" من الوجه المذكور، ولم أره الآن في مظانه من "المستدرك". وقال الهيثمي في "المجمع" (9/ 23) :

"رواه الطبراني بإسناد ضعيف، وروى البزار بعضه، وفي رجاله ضعف".

وذكر في مكان آخر ما يخالفه، فقال (8/ 206) :

"وعن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن عيسى ابن مريم مكث في بني إسرائيل أربعين سنة. رواه أبو يعلى عن الحسين بن علي ابن الأسود؛ ضعفه الأزدي، ووثقه ابن حبان، ويحيى بن جعدة؛ لم يدرك فاطمة".

وأعله ابن عساكر بالانقطاع؛ كما ذكر ابن كثير.

ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى عن عائشة؛ يرويه ابن لهيعة، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الله بن عبد الله بن الأسود، عن عروة عنها به في قصة دخوله - صلى الله عليه وسلم - على السيدة فاطمة ومناجاته إياها فبكت، ثم ضحكت.

أخرجه البزار في "مسنده" (1/ 398/ 846) .

وابن لهيعة؛ ضعيف صاحب تخاليط، ومنها ذكره هذا الحديث وأنه سبب بكائها؛ فإن القصة في "الصحيحين" عن عائشة دون الحديث، فانظر "صحيح الأدب المفرد" (742/ 947) ، وهو وشيك الصدور إن شاء الله تعالى (1) .

4435 - (ما تصدق الناس بصدقة مثل علم ينشر) .

ضعيف جداً

رواه ابن النجار (10/ 110/ 2) ، وعفيف الدين أبو المعالي في "فضل العلم" (113/ 2) عن عون بن عمارة، عن أبي بكر الهذلي، عن

__________

(1) وقد طبع بحمد الله. (الناشر) .

 

(9/426)

 

 

الحسن، عن سمرة مرفوعاً.

ورواه ابن عدي (168/ 1) من طريق حجاج بن نصير: حدثنا أبو بكر به؛ إلا أنه قال: "أفضل من قول". وقال:

"أبو بكر الهذلي في حديثه ما لا يحتمل ولا يتابع عليه".

قلت: وقال الحافظ في "التقريب":

"متروك الحديث".

وحجاج بن نصير؛ ضعيف كان يقبل التلقين.

وتابعه عون بن عمارة كما سبق، وهو ضعيف أيضاً، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الكبير"؛ كما في "مجمع الزوائد" (1/ 166) وبه أعله، وإعلاله بالهذلي أولى كما لا يخفى.

والحديث أشار المنذري في "الترغيب" (1/ 71) إلى تضعيفه. ونبهت في تعليقي عليه على وهم وقع للمناوي فيه.

4436 - (ما حسن الله عز وجل خلق امرىء ولا خلقه فتطعمه النار أبداً) .

ضعيف

رواه تمام (109/ 2) ، عن محمد بن زكريا الغلابي: حدثنا العباس بن بكار الضبي: حدثنا أبو بكر - يعني: الهذلي -، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً.

قلت: والغلابي؛ وضاع.

 

(9/427)

 

 

ورواه ابن حجر في "المسلسلات" (133/ 1-2) ، والكازروني في "المسلسلات" (107/ 1) من طريق أخرى مسلسلاً بقول كل راو: "قرأت على فلان وهو متكىء"، عن علي بن عاصم عن الليث بن سعد، عن علي بن زيد، عن بكر بن الفرات، عن أنس بن مالك مرفوعاً.

وعلي بن عاصم؛ ضعيف؛ لخطئه وإصراره عليه، وقد أرسله غيره فقال ابن الأعرابي "معجمه" (207/ 2) : أخبرنا الهجري (يعني: عبد الرحمن بن محمد الوليد أبو الحسن) : أخبرنا أبو الوليد: أخبرنا الليث بن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة، عن بكر بن أبي الفرات قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

ورواه ابن عدي (93/ 1) : حدثنا الحسن: حدثنا لؤلؤ بن عبد الله وكامل بن طلحة قالا: حدثنا الليث بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً به، وقال:

"باطل بهذا الإسناد، وعندنا نسخة الليث عن نافع عن ابن عمر، عن غير واحد عن الليث، وما فيه شيء من هذا، والحسن - وهو ابن علي العدوي -؛ يضع الحديث".

وله طريق آخر عن أبي هريرة؛ رواه الطبراني في "الأوسط"، وابن عساكر (5/ 201/ 1) عن هشام بن عمار: حدثنا عبد الله بن يزيد البكري: حدثنا أبو غسان المدني قال: سمعت داود بن فراهيج يقول: سمعت أبا هريرة يقول: فذكره مرفوعاً.

قلت: وداود هذا؛ ضعفه ابن معين وغيره، ووثقه بعضهم، وقال ابن عدي:

"لا أرى بمقدار ما يرويه بأساً، وله حديث فيه نكرة".

ثم ساق هذا من طريقين عن أبي غسان به.

 

(9/428)

 

 

والبكري؛ ضعفه أبو حاتم وقال:

"ذاهب الحديث".

وروى الخطيب (12/ 287) عن أحمد بن الحصين: حدثنا رجل من أهل خراسان، عن محمد بن عبد الله العقيلي، عن الحسن بن علي مرفوعاً به.

وهذا إسناد ضعيف؛ العقيلي هذا؛ لم أعرفه.

والخراساني؛ لم يسم.

وأخرج الخطيب أيضاً (3/ 226) عن أبي سعيد العدوي: حدثنا خراش: حدثنا مولاي أنس بن مالك مرفوعاً به.

وهذا موضوع؛ آفته العدوي؛ وهو الحسن بن علي المتقدم.

وخراش؛ قال الذهبي:

"ساقط عدم، ما أتى به غير أبي سعيد العدوي الكذاب".

ثم روى بهذا الإسناد.

"ما ضاق مجلس بمتحابين".

4437 - (ما خففت عن خادمك من عمله؛ فهو أجر لك في موازينك يوم القيامة) .

ضعيف

قال في "الجامع": "رواه أبو يعلى وابن حبان والبيهقي في "الشعب" من حديث عمرو بن حريث" وقال الهيثمي (4/ 239) :

"رواه أبو يعلى، وعمرو هذا؛ قال ابن معين: لم ير النبي - صلى الله عليه وسلم -. فإن كان كذلك فالحديث مرسل ورجاله رجال الصحيح".

 

(9/429)

 

 

وفي "التقريب": "عمرو بن حريث؛ مصري مختلف في صحبته، أخرج حديثه أبو يعلى وصححه ابن حبان، وقال ابن معين وغيره: تابعي وحديثه مرسل".

قلت: فهو إذن ضعيف؛ لإرساله ولعدم تيقننا بصحبته.

والحديث أخرجه ابن حبان (1204) من طريق أبي يعلى، وهذا في "مسنده" (1/ 408خ) و (3/ 50-51 ط) في "مسند عمرو بن حريث رجل آخر ذكره أبو خيثمة". من طريق أبي هاني: حدثني عمرو بن حريث به. ذكره.

يعني أنه غير عمرو بن حريث الصحابي الذي أسند له - قبل ذاك - أحاديث صريحة في رؤيته للنبي - صلى الله عليه وسلم - وسماعه منه، بخلاف ذاك؛ فإنه ساق له هذا الحديث، وآخر في الاستيصاء بالقبط خيراً، وليس فيها ما يدل على صحبته، بل قد صرح البخاري وابن أبي حاتم بأن حديثه مرسل، خلافاً لما يشعر به صنيع أبي يعلى، بتخريجه إياه في "المسند"، وتبعه على ذلك تلميذه ابن حبان فأخرج هذين الحديثين في "صحيحه" من طريق شيخه أبي يعلى، وذلك من أوهامهما، وبخاصة ابن حبان؛ فإنه فرق بين عمرو بن حريث هذا وهو مدني مصري؛ فذكره في "التابعين" من "ثقاته" (5/ 179) ، وبين عمرو بن حريث الأول وهو مخزومي؛ فذكره في "الصحابة" (3/ 272) !

4438 - (ما خلق الله من شيء؛ إلا وقد خلق له ما يغلبه، وخلق رحمته تغلب غضبه) .

منكر

أخرجه البزار (3255) ، والحاكم (4/ 249) ، والديلمي (4/ 35) عن أبي الشيخ معلقاً - ثلاثتهم -، عن عبد الرحيم بن كردم بن أرطبان بن غنم بن

 

(9/430)

 

 

عون، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله:

"هذا منكر، وابن كردم إن كان غير مضعف، فليس بحجة".

قلت: لأنه مجهول الحال، وهذا هو الصواب فيه، وكلام الذهبي فيه غير مستقر، فبينما تراه هنا يقول: "فليس بحجة" - وهذا بالطبع لا ينافي جهالة حاله - إذا بنا نراه ينفي هذه الجهالة في "الميزان"؛ فيقول بعد أن ذكر أنه روى عنه جماعة سماهم ابن أبي حاتم:

"فهذا شيخ ليس بواه، ولا هو مجهول الحال، ولا هو بالثبت"!

ثم نراه مع غموض مرماه في هذا الكلام، لا يستقر عليه في كتابه "الضعفاء"؛ فقد قال فيه:

"مجهول".

فإن نحن حملنا قوله هذا على الجهالة الحالية، نافاه قوله الذي قبله: "ولا هو مجهول الحال"! وإن حملناه على الجهالة العينية كان أشد تناقضاً، وكان بعيداً عن الصواب؛ لأنه روى عنه جماعة كما تقدم عنه!

ولذلك كان الصواب ما جزمناه به؛ أنه مجهول الحال، وهو الذي يجنح إليه تأويل الحافظ في "اللسان" لقول أبي الحسن بن القطان في قول أبي حاتم فيه: "مجهول"؛ قال أبو الحسن:

"فانظر كيف عرفه برواية جماعة عنه، ثم قال فيه: مجهول. وهذا منه صواب".

 

(9/431)

 

 

قال الحافظ: "يعني مجهول الحال". ثم قال الحافظ:

"وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: كان يخطىء. وقال أبو أحمد الحاكم: لا يتابع على حديثه".

وهذا معناه أنه معروف عندهما بالخطأ والتفرد المنبىء عن الضعف، والله أعلم.

4439 - (ما خلا يهودي بمسلم؛ إلا حدث نفسه بقتله) (1) .

ضعيف

رواه ابن الأعرابي في "معجمه" (236/ 2) : أخبرنا موسى (يعني: ابن جعفر أبو القاسم الخراز) : أخبرنا علي بن الجعد، عن الأشجعي، عن يحيى بن عبيد الله، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً. ورواه ابن مردويه في "تفسيره" من وجهين آخرين عن يحيى به، كما في "تفسير ابن كثير" وقال:

"وهذا حديث غريب جداً".

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً أو موضوع؛ آفته يحيى بن عبيد الله، وهو ابن عبد الله بن موهب؛ قال الحافظ:

"متروك، وأفحش الحاكم فرماه بالوضع".

وأخرجه الخطيب (8/ 316) من طريق خالد بن يزيد بن وهب بن جرير: حدثني أبي يزيد بن وهب: حدثني أبي وهب بن جرير بن حازم، عن أبيه جرير ابن حازم، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة به. وقال:

"غريب جداً من حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة، ومن حديث جرير ابن حازم عن ابن سيرين، لم أكتبه إلا من حديث خالد بن يزيد عن وهب بن جرير".

__________

(1) كتب الشيخ رحمه الله فوق هذا المتن بخطه كملاحظة له: " فقه السيرة (344) ".

 

(9/432)

 

 

قلت: ذكره في ترجمة خالد بن يزيد هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وفي "الميزان" ذكره في: "خالد بن بريد.." بالباء الموحدة والراء؛ وقال:

"عن أبيه، أتى بخبر منكر، وقيل: ابن يزيد".

وأظنه يعني هذا.

وأبوه؛ لم أجد له ترجمة.

4440 - (ما خيب الله امرأ قام في جوف الليل فافتتح سورة البقرة وآل عمران) .

ضعيف

رواه الطبراني في "الأوسط" (61/ 2 من ترتيبه) ، ومن طريقه أبو نعيم (8/ 129) ، عن بشر بن يحيى المروزي: حدثنا فضيل بن عياض، عن ليث بن أبي سليم، عن الشعبي، عن مسروق عن ابن مسعود مرفوعاً. وقال:

"لم يروه عن الشعبي إلا ليث ولا عنه إلا فضيل، تفرد به بشر".

قلت: لم يزد ابن أبي حاتم في ترجمته على قوله (1/ 1/ 370) :

"سمع منه أبي بالري وهو حاج، وسمعته يقول: كان صاحب رأي".

ومن فوقه ثقات رجال الشيخين غير ليث وهو ضعيف؛ وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (2/ 254) . وأما المنذري فقال في "الترغيب" (1/ 219) :

"وفي إسناده بقية"! وهو وهم كما ترى.

(تنبيه) : زاد أبو نعيم: "ونعم كنز المؤمن البقرة وآل عمران".

 

(9/433)

 

 

4441 - (ما دعا أحد بشيء في هذا الملتزم؛ إلا استجيب له) .

موضوع

أخرجه الديلمي (4/ 47) من طريق محمد بن الحسن بن راشد الأنصاري: سمعت أبا بكر محمد بن إدريس: سمعت عبد الله بن الزبير

 

(9/433)

 

 

قلت: وهذا موضوع؛ المتهم به الأنصاري هذا؛ كما في "الميزان" و "اللسان".

4442 - (ماذا في الأمرين من الشفاء: الصبر والثفاء) .

ضعيف

أخرجه البيهقي (9/ 346) من طريق الحسن بن ثوبان الهمذاني، عن قيس بن رافع الأشجعي مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد رجاله موثقون؛ إلا أنه مرسل؛ الأشجعي هذا تابعي وثقه ابن حبان والحاكم، قال الحافظ:

"وهم من ذكره في الصحابة".

 

(9/434)

 

 

4443 - (ما ذكر لي رجل من العرب إلا رأيته دون ما ذكر لي؛ إلا ما كان من زيد؛ فإنه لم يبلغ كل ما فيه) .

موضوع

أخرجه ابن سعد (1/ 321) : أخبرنا محمد بن عمر الأسلمي قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن عمير الطائي - وكان يتيم الزهري -. قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي: أخبرنا عبادة الطائي، عن أشياخهم قالوا: فذكره مرفوعاً. وفيه قصة.

قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته محمد بن عمر؛ وهو الواقدي كذاب.

وابن أبي سبرة وابن السائب؛ متروكان.

وأبو عمير الطائي؛ لم أعرفه، ومثله عبادة الطائي، ولعلهما واحد، وقع في الطريق الأولى مكنياً، وفي الأخرى مسمى، وبهذه الكنية عزاه في "الجامع" لابن سعد، لكن وقع في "شرحه" مسمى "عمير الطائي" فالله أعلم. وقال المناوي:

"لم أره في الصحابة".

 

(9/434)

 

 

وأقول: الظاهر أنه ليس صحابياً، وحسبه أن يكون من أتباعهم، بل أتباع أتباعهم؛ لأنه وصف في السند بأنه يتيم الزهري، فإذا كان الزهري تابعياً صغيراً، فيتيمه لا يكون إلا تابع تابعي كما هو الظاهر.

ثم إن الحديث على ظلمة إسناده فهو من مسند "الأشياخ" وليس من مسند "الطائي"؛ كما توهم السيوطي.

4444 - (ما زان الله العباد بزينة أفضل من زهادة الدنيا وعفاف في بطنه وفرجه) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 177) ، وعنه الديلمي معلقاً (4/ 45) من طريق عبد الله بن المبارك، عن الحجاج بن أرطأة، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً. وقال أبو نعيم:

"غريب من حديث الحجاج بن أرطأة وابن المبارك؛ لم نكتبه إلا من هذا الوجه".

قلت: وهو ضعيف؛ لعنعنة الحجاج؛ فإنه مدلس.

ومن دون ابن المبارك؛ لم أعرفهم.

قلت: وقد روي مرسلاً، أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" (144/ 2) من طريق عقبة بن سالم البجلي، عن العلاء بن سليمان، عن أبي جعفر محمد بن علي مرفوعاً.

ومع إرساله؛ فالعلاء منكر الحديث؛ كما قال ابن عدي وغيره.

وعقبة بن سالم البجلي؛ لم أجد من ترجمه.

 

(9/435)

 

 

4445 - (ما زوجت عثمان أم كلثوم إلا بوحي من السماء) .

ضعيف

أخرجه البخاري في "التاريخ" (2/ 1/ 281) ، والطبراني في "الأوسط" (336) ، والخطيب (12/ 364) عن عبد الكريم بن روح، عن أبيه عن جده عنبسة بن سعيد، عن جدته أم عياش مرفوعاً. وقال:

"لا يروى عن أم عياس إلا بهذا الإسناد، تفرد به عبد الكريم".

قلت: وهو ضعيف، وأبوه روح بن عنبسة، وجده عنبسة بن سعيد بن أبي عياش؛ مجهولان كما في "التقريب".

 

(9/436)

 

 

4446 - (ما زويت الدنيا عن أحد إلا كانت خيرة له) .

ضعيف جداً

أخرجه الديلمي (4/ 50) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 407) عن أحمد بن عمار بن نصير - أخو هشام بن عمار -: حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر رفعه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته ابن عمار هذا؛ قال الدارقطني:

"متروك".

 

(9/436)

 

 

4447 - (ما ساء عمل قوم إلا زخرفوا مساجدهم) .

ضعيف

رواه ابن ماجه (1/ 250) ، وأبو يعلى في "مسنده" (1/) ، ومن طريقه الرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 29) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/ 152) عن جبارة بن المغلس: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحمن، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عمر بن الخطاب مرفوعاً. وقال أبو نعيم:

"غريب من حديث عمرو وأبي إسحاق تفرد به عنه عبد الكريم".

 

(9/436)

 

 

قلت: قال ابن حبان:

"مستقيم الحديث"، لكن أبو إسحاق - وهو السبيعي -؛ مدلس مختلط.

وجبارة بن المغلس؛ ضعيف كما في "التقريب"، وبه فقط أعله البوصيري في "الزوائد" وقال (50/ 1) : "وقد اتهم".

وأخرج أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (56/ 2) عن علي بن معبد قال: حدثنا إسحاق بن أبي يحيى الكعبي، عن معتمر بن سليمان، عن ليث بن أبي سليم، عن أبي حصين. عن ابن عباس قال:

"ما كثرت ذنوب قوم إلا زخرفت مساجدهم، وما زخرفت مساجدها إلا عند خروج الدجال".

وهذا مع وقفه ضعيف؛ لاختلاط ليث بن أبي سليم.

وروى عن عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد قال: حدثنا جدي قال: حدثنا سفيان، عن مالك بن مغول، عن أبي حصين قال: يقال:

"إذا ساء عمل الأمة زينوا مساجدهم".

قلت: وهذا مع كونه مقطوعاً؛ فإن عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد؛ لم أعرفه.

4448 - (ما سبحت ولا سبح الأنبياء قبلي بأفضل من: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) .

ضعيف

أخرجه الديلمي (4/ 34) عن أبي القاسم عبد الرحمن بن إبراهيم المؤدب: حدثنا عبد الرحمن بن حمدان الجلاب: حدثنا موسى بن إسحاق: حدثنا أبي: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رفعه.

 

(9/437)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن حمدان الجلاب، وابن إبراهيم المؤدب؛ لم أعرفهما.

وموسى بن إسحاق؛ هو ابن موسى الأنصاري الخطمي، ثقة صدوق كما قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 135) ، وله ترجمة جيدة في "تاريخ بغداد" (13/ 52-54) .

وأبوه؛ ثقة من شيوخ مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين.

4449 - (ما شئت أن أرى جبريل متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول: يا واحد، يا ماجد! لا تزل عني نعمة أنعمت بها علي؛ إلا رأيته) .

ضعيف

رواه ابن عساكر (14/ 371/ 2) عن الفضل بن محمد بن الفضل ابن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي: حدثني أبي: حدثني محمد بن جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي مرفوعاً.

أورده في ترجمة محمد بن أحمد بن يحيى الحجوري الدمشقي، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وإنما ساق عنه هذا الحديث بسنده عن الفضل.

والفضل هذا؛ لعله ابن محمد بن الفضل أبو القاسم التاجر النيسابوري؛ قال الحاكم:

"أصيب بعقله في أواخر عمره. توفي سنة خمس وثمانين وثلاث مئة".

وأبوه؛ لعله محمد بن الفضل بن العباس، قال الذهبي:

"لا أعرفه".

 

(9/438)

 

 

4450 - (ما شد سليمان طرفه إلى السماء تخشعاً حيث أعطاه الله عز وجل ما أعطاه) .

ضعيف

رواه أبو سعيد الأشج في "حديثه" (221/ 1) : حدثنا ابن إدريس،

 

(9/438)

 

 

عن عبد الرحمن بن زياد، عمن سمع عبد الله بن عمرو يقول مرفوعاً. ورواه ابن عساكر (7/ 294/ 1) من طريق أبي سعيد.

ثم رواه من طريق أخرى؛ عن عبد الرحمن بن زياد، عن سلامان (كذا) ابن عامر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

ثم رواه من طريق إسماعيل بن عياش، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن سلامان بن عامر، عن مسلم بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وهو الإفريقي؛ قال الحافظ:

"ضعيف في حفظه".

قلت: وقد اضطرب في إسناده كما ترى، لكن إسماعيل بن عياش في الطريق الأخيرة ضعيف هنا.

4451 - (ما صام من ظل يأكل لحوم الناس) (1) .

ضعيف

رواه الطيالسي (1/ 188) ، وعنه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 309) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (3/ 4) ، والضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (98/ 2) ، عن الربيع بن صبيح، عن يزيد بن أبان، عن أنس مرفوعاً. وفيه عند الطيالسي قصة.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف يزيد بن أبان.

والربيع بن صبيح؛ صدوق سيىء الحفظ.

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - ملاحظة لنفسه فوق هذا المتن: " إتحاف (4 / 247) ، منثور (6 / 96) ". (الناشر) .

 

(9/439)

 

 

4452 - (ما صبر أهل بيت على جهد ثلاثاً؛ إلا أتاهم الله برزق) .

ضعيف

رواه أبو يعلى في "مسنده" (4/ 1370) ، وابن شاهين في "الترغيب" (ق 322/ 1) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" كما في "اللآلىء" (2/ 73) من طرق عن عبد ة بن سليمان، عن أبي رجاء الجزري، عن فرات بن سليمان، عن ميمون ابن مهران، عن ابن عمر مرفوعاً. وقال البيهقي:

"إسناده ضعيف".

قلت: وعلته أبو رجاء الجزري - واسمه محرز بن عبد الله -؛ فإنه وإن كان ثقة عند أبي داود وابن حبان أيضاً؛ إلا أن هذا قد وصفه بالتدليس فقال:

"يعتبر بحديثه ما بين فيه السماع عن مكحول وغيره".

قلت: ولم يبين السماع - كما ترى -، فهو العلة.

وهذا لا ينافي قول الهيثمي في "المجمع" (10/ 256) :

"رواه أبو يعلى، ورجاله وثقوا".

وذلك؛ لأن ثقة رجال السند لا تستلزم صحته كما نبهنا على ذلك مراراً؛ خلافاً لغفلة بعضهم عن ذلك؛ كالمناوي وغيره كما يأتي.

(تنبيه هام) : لقد تناقض ابن حبان في الجزري هذا، فأورده في "الضعفاء" أيضاً (3/ 158) بكنيته هذه: أبي رجاء الجزري، وقال:

"شيخ يروي عن فرات بن السائب وأهل الجزيرة المناكير الكثيرة التي لا يتابع عليها، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد، وهو الذي روى عن فرات بن السائب عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر ... "!

قلت: فذكر الحديث، وساق إسناده فقال: أخبرناه محمد بن المسيب قال:

 

(9/440)

 

 

حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا عبد ة بن سليمان، عن أبي رجاء، عن فرات ابن السائب به.

ومع هذا التناقض ففيه أمران:

الأول: قوله في الإسناد: "فرات بن السائب"؛ شاذ مخالف للطرق المشار إليها عن عبد ة؛ فإن فيها: "فرات بن سليمان" كما رأيت، ومن تلك الطرق رواية ابن شاهين: حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي: حدثنا أبو سعيد الأشج به.

وإبراهيم هذا؛ قال في "الميزان" وأقره في "اللسان":

"لا بأس به".

وتابعه محمد بن عبد الله بن نمير، وهو ثقة من رجال الشيخين، فقال أبو يعلى: حدثنا ابن نمير: أخبرنا عبد ة به.

وتابعهما أبو الخطاب زياد بن يحيى، وهو ثقة من رجالهما أيضاً، وهو في رواية البيهقي.

فاجتماع هؤلاء الثقات الثلاثة على أنه فرات بن سليمان يدل على شذوذ وخطأ من قال في رواية ابن حبان "فرات بن السائب"، ولعل ذلك من شيخه محمد بن المسيب؛ فإنه وإن كان مذكوراً في "تذكرة الحفاظ"، فإنه لم يحك فيه توثيقاً صريحاً. والله أعلم.

والأمر الآخر: أنه إن كان راوي هذا الحديث فرات بن السائب فلا يجوز تعصيب الجناية في هذا الحديث بمن دونه؛ لأن الفرات هذا شديد الضعف عند ابن حبان؛ فقد قال في ترجمته من "الضعفاء" (2/ 207) :

"كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، ويأتي بالمعضلات عن الثقات، لا

 

(9/441)

 

 

يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه، ولا كتابة حديثه إلا على سبيل الاختبار".

ثم روى عن ابن معين أنه قال فيه:

"ليس حديثه بشيء".

والخلاصة: أن ابن حبان أخطأ مرتين:

الأولى: تفريقه بين الجزري المسمى، والجزري المكني، وهما واحد!

والأخرى: إعلاله الحديث بالجزري المكني، وحقه أن يعله بشيخه فرات بن السائب كما وقع عنده.

ومن الغريب أن لا يتنبه لهذا الخطأ رجلان:

الأول: الذهبي؛ فإنه أورد الجزري المكني في "ميزانه"، وساق تحته كلام ابن حبان في تخريحه مع الحديث ونسبته الفرات إلى السائب! فكأنه نسي أنه أورد في "الكاشف": محرز بن عبد الله أبو رجاء الجزري؛ وقال فيه: "ثقة". وقد تنبه لذلك الحافظ ابن حجر في "التجريد" الذي وضعه في آخر "اللسان":

"أبو رجاء الجزري، اسمه محرز بن عبد الله الأموي مولاهم، عن مكحول، وعنه أبو معاوية والمحاربي؛ وثقه أبو حاتم".

والرجل الآخر: المناوي؛ فإنه تعقب السيوطي وقد عزاه للحكيم الترمذي فقط بأن فيه أبا رجاء الجزري، ونقل خلاصة كلام الذهبي في "الميزان"، وزاد عليه أن فيه فرات بن السائب ونقل تضعيفه عن جمع، ثم قال:

"وقضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجاً لأشهر من الحكيم ممن وضع لهم الرموز، مع أن أبا يعلى والبيهقي خرجاه باللفظ المذكور عن ابن عمر، قال الهيثمي: "ورجاله وثقوا"، فعدول المصنف للحكيم واقتصاره عليه مع وجوده لذينك وصحة سندهما من ضيق العطن"!

 

(9/442)

 

 

أقول: من الواضح أن المناوي لم يقف على إسناد أبي يعلى والبيهقي، وإلا لما فرق بين إسنادهما وإسناد الحكيم؛ فإنه عندهما من طريق أبي رجاء الجزري أيضاً، وهو علة الحديث عنده! ثم زاد ضغثاً على إبالة، فصحح إسنادهما اعتماداً على قول الهيثمي المذكور! وقد نبهنا قريباً على أنه لا يعني الصحة.

ثم رجع المناوي إلى الصواب في "التيسير" فقال:

"إسناده ضعيف"، ولم يزد.

وجملة القول؛ أن علة الحديث إنما هي عنعنة الجزري هذا، ولولاها لكان الحديث عندي جيداً، والله سبحانه وتعالى أعلم.

4453 - (ما صلت امرأة صلاة أحب إلى الله من صلاتها في أشد بيتها ظلمة) .

ضعيف

أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" رقم (1691) ، والبيهقي في "السنن" (3/ 131) ، والديلمي (4/ 43) عن إبراهيم بن مسلم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: وهذا سند ضعيف؛ الهجري؛ قال الحافظ:

"لين الحديث، رفع موقوفات".

قلت: وهذا من تلك الأحاديث الموقوفة التي رفعها في بعض الأوقات؛ فقد رواه جعفر بن عون عنه به موقوفاً على ابن مسعود. أخرجه البيهقي.

وتابعه زائدة، عن إبراهيم به. أخرجه الطبراني (3/ 36/ 1) .

ورواه أبو عمرو الشيباني عن ابن مسعود موقوفاً. أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 384) ، وسنده صحيح.

 

(9/443)

 

 

وقد صح الحديث من طريق أخرى؛ عن أبي الأحوص به مرفوعاً بلفظ آخر، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (579) .

ثم وجدت للحديث شاهداً من رواية عبد الله بن جعفر: أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "إن أحب صلاة تصليها المرأة إلى الله أن تصلي في أشد مكان من بيتها ظلمة".

أخرجه ابن خزيمة (1692) وأشار إلى تضعيفه بقوله:

"وفي القلب منه رحمه الله".

يعني عبد الله بن جعفر هذا؛ وهو أبو جعفر المديني والد علي بن المديني، وقد ضعفوه، ومنهم ابنه علي هذا، وكفى بذلك دليلاً على شدة ضعفه، ولهذا قال النسائي:

"متروك الحديث".

قلت: فمثله لا يستشهد به، لا سيما والأرجح في حديث ابن مسعود الوقف، وقد كنت ملت إلى تحسينه بمجموع الطريقين فيما علقته على "صحيح ابن خزيمة"، والآن تبين لي خلافه لاضطراب الهجري في رفعه، وقصور الطريق الأخرى عن الشهادة له، والله أعلم.

4454 - (ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار) .

ضعيف (1) .

أخرجه أحمد (3/ 224) عن إسماعيل بن عياش، عن عمارة بن غزية الأنصاري: أنه سمع حميد بن عبيد مولى بني المعلى يقول: سمعت ثابتاً البناني يحدث عن أنس بن مالك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لجبريل عليه السلام:

"ما لي لم أر ميكائيل ضاحكاً قط؟ " قال: فذكره.

__________

(1) ثم وجد له الشيخ - رحمه الله - طريقا أخرى وشاهداً، فخرجه في " الصحيحة " (2511) .

 

(9/444)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: جهالة حميد هذا؛ قال في "التعجيل":

"لا يدرى من هو؟ ".

والأخرى: إسماعيل بن عياش؛ في روايته عن المدنيين ضعف، وهذا منها.

4455 - (ما ضحى مؤمن [ملبياً] حتى تغرب الشمس؛ إلا غربت بذنوبه حتى يعود كما ولدته أمه) .

ضعيف

رواه العسكري في "تصحيفات المحدثين" (1/ 316) ، والخطيب في "الموضح" (1/ 91-93) ، والضياء في "المختارة" (45/ 1) من طريق الطبراني بسنده، عن عاصم بن عبيد الله بن عاصم، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه مرفوعاً. وقال الضياء:

"عاصم بن عبيد الله؛ قد تكلم فيه غير واحد من العلماء، وقد صحح الترمذي حديثه في التزويج على نعلين، وقال ابن عدي: وهو مع ضعفه يكتب حديثه".

وقال الحافظ في "التقريب":

"ضعيف".

وقد اضطرب في إسناده؛ فرواه مرة هكذا، ومرة قال: عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن جابر بن عبد الله به نحوه.

أخرجه ابن ماجه (2/ 217) ، وتمام في "الفوائد" (266/ 1) (رقم 2597 - نسختي) ، وابن عدي (210/ 2) .

 

(9/445)

 

 

4456 - (ما ضرب على مؤمن عرق قط؛ إلا حط الله عنه به خطيئة، وكتب له حسنة، ورفع له درجة) .

ضعيف

رواه ابن أبي الدنيا في "الكفارات" (84/ 2) ، والدولابي (2/ 167) ، وابن شاهين في "الترغيب" (313/ 2) ، والطبراني في "الأوسط" (67/ 1 من ترتيبه) ، والحاكم (1/ 347) ، والديلمي (4/ 36-37) عن عمران، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن سالم، عن عائشة مرفوعاً. وقال الطبراني:

"لا يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد، تفرد به عمران".

قلت: وهو عمران بن زيد أبو يحيى الملائي؛ وهو لين؛ كما قال الحافظ في "التقريب"، وأورده الذهبي في "الضعفاء" وقال:

"لينه ابن معين". وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 358) عن أبيه:

"هذا إسناد مضطرب، وعمران كوفي ليس بالقوي، يكتب حديثه".

وإذا عرفت ما تقدم من أقوال الأئمة يتبين لك تساهل المنذري (4/ 150/ 40) ، ومتابعة الهيثمي إياه (2/ 304) ، بقولهما:

"رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن"!

ونحوه قول الحافظ في "الفتح" (10/ 105) :

" ... وسنده جيد"!

والحديث في "الصحيحين" من طرق عن عائشة بألفاظ؛ ليس فيها هذا اللفظ، وقد ذكر طائفة منها المنذري (4/ 148/ 28) . وانظر إن شئت "صحيح مسلم" (8/ 14-15) .

 

(9/446)

 

 

4457 - (ما طهر الله كفا فيها خاتم من حديد) .

ضعيف جداً

رواه البزار (2993) ، والبخاري في "التاريخ" (4/ 1/ 252) ، والطبراني في "الأوسط" (407 - حرم) ، وعنه ابن منده في "المعرفة" (2/ 160/ 2) عن عباد بن كثير الرملي، عن شمسية بنت نبهان، عن مولاها مسلم بن عبد الرحمن قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبايع النساء يوم الفتح على الصفا، فجاءت امرأة كأن يدها يد الرجل فأبىأن يبايعها حتى ذهبت فغيرت يدها بصفرة، وأتاه رجل في يده خاتم من حديد، فقال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، شمسية بنت نبهان؛ لا تعرف.

وعباد بن كثير الرملي؛ وثقه بعضهم، لكن قال البخاري:

"فيه نظر". وقال النسائي:

"ليس بثقة". وقال الحاكم:

"روى أحاديث موضوعة".

 

(9/447)

 

 

4458 - (ما ظهر أهل بدعة قط؛ إلا أظهر الله فيهم حجته على لسان من شاء من خلقه) .

ضعيف جداً

أخرجه الديلمي (4/ 36) عن سليم بن مسلم، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس رفعه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته سليم هذا؛ قال ابن معين:

"جهمي خبيث". وقال النسائي:

"متروك الحديث". وقال أحمد:

"لا يساوي حديثه شيئاً".

 

(9/447)

 

 

4459 - (ما عال من اقتصد) .

ضعيف

رواه أحمد (1/ 447) ، والهيثم بن كليب في "مسنده" (79/ 2) ، والقضاعي (66/ 2) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 280/ 1) عن سكين بن أبي الفرات العبد ي - هو ابن عبد العزيز -: أخبرنا إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله مرفوعاً. ومن هذا الوجه رواه الطبراني (3/ 64/ 2) .

قلت: وهذا سند ضعيف؛ من أجل الهجري هذا؛ فإنه لين الحديث.

ثم رواه الطبراني (3/ 171/ 2) ، وابن عدي (115/ 1) ، والبيهقي عن خالد ابن يزيد عن أبي روق، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا ضعيف أيضاً لانقطاعه؛ فإن الضحاك لم يلق ابن عباس.

وخالد بن يزيد؛ هو ابن عبد الرحمن بن أبي مالك الدمشقي؛ قال الحافظ:

"ضعيف مع كونه فقيهاً، وقد اتهمه ابن معين".

 

(9/448)

 

 

4460 - (ماعام بأمطر من عام، ولا هبت جنوب إلا سال واد) .

ضعيف

أخرجه البيهقي (3/ 363) ، عن إبراهيم بن مكتوم: حدثنا أبو عتاب سهل بن حماد: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير إبراهيم بن مكتوم - وهو بصري -؛ ذكره ابن أبي حاتم (1/ 1/ 139) من رواية موسى بن إسحاق الأنصاري فقط عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

وأعله البيهقي بالوقف فقال:

"كذا روي مرفوعاً بهذا الإسناد، والصحيح موقوف".

 

(9/448)

 

 

ثم ساقه من طريق أخرى عن الركين، عن أبيه، عنه قال:

"ما عام بأكثر مطراً من عام، ولكن الله يحوله كيف يشاء".

وعن ابن عباس نحوه.

وروى الطبراني في "الكبير" (127/ 2) عن سعد بن عبد الحميد بن جعفر: أخبرنا علي بن ثابت، عن عبد الحميد بن جعفر، عن الفضل بن عطاء، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ:

"ما حركت الجنوب بعده من مطر وادي إلا أسالته".

كذا وقع فيه! وهو غير واضح المعنى، ولفظه في "مجمع الزوائد" (2/ 216-217) :

" ... قعرة من قعر واد ... ". وقال:

"والفضل بن عطاء؛ لم أجد من ترجم له".

وعلي بن ثابت؛ هو الجزري، صدوق ربما أخطأ.

4461 - (ما عبد الله عز وجل بمثل الفقه في الدين، ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد، ولكل شيء عماد، وعماد هذا الدين الفقه) .

موضوع

رواه الدارقطني (322) ، وأبو نعيم (2/ 192) ، وأبو مطيع المصري في "مجلس من الأمالي" (53-54) عن يزيد بن عياض، عن صفوان بن سليم، عن سليمان بن يسار، عن أبي هريرة مرفوعاً.

ومن هذا الوجه رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (10/ 2/ 2) ، والآجري كما في "الكواكب الدراري" (1/ 29/ 1) ، والخطيب (5/ 436-437) ، وكذا الرافعي

 

(9/449)

 

 

في "تاريخ قزوين" (3/ 472 و 4/ 78) الفقرة الأولى فقط، وقال أبو نعيم:

"تفرد به يزيد بن عياض".

قلت: كذبه مالك وغيره؛ كما في "التقريب".

والفقرة الأولى منه أخرجها أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (1/ 79) من طريق يوسف بن خالد السمتي: حدثنا مسلمة بن قعنب عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً.

ويوسف هذا ضعيف جداً؛ قال الحافظ:

"تركوه، وكذبه ابن معين".

وأخرجها ابن حبان في "الثقات" (2/ 87) عن وكيع، عن ياسين، عن عبد القوي، عن مكحول مرسلاً.

قلت: وياسين؛ هو ابن معاذ الزيات؛ متروك أيضاً.

ورواها الرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 145) من طريق يزيد بن جعدبة، عن صفوان بن سليم، عن سليمان بن يسار، عن أبي هريرة به.

وابن جعدبة هذا؛ أورده البخاري في "التاريخ"، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"؛ ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.

4462 - (ما في السماء ملك إلا وهو يوقر عمر، ولا في الأرض شيطان إلا وهو يفرق من عمر) .

موضوع

رواه ابن شاهين في "السنة" (رقم 37 - منسوختي) ، وابن عدي (325/ 1) ، وابن عساكر (13/ 3/ 2) عن موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس مرفوعاً. أورده ابن عدي في ترجمة موسى هذا - وهو الصنعاني - في جملة أحاديث له؛ ثم قال:

 

(9/450)

 

 

"لا أعلم له أحاديث غير ما ذكرت، وكلها بواطيل".

وفي ترجمته من "الميزان":

"ليس بثقة؛ فإن ابن حبان قال فيه: دجال، وضع على ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس كتاباً في التفسير. وقال ابن عدي: منكر الحديث".

قلت: ومع هذا فقد سود السيوطي بهذا الحديث كتابه "الجامع الصغير"، وتعقبه المناوي بما سبق عن ابن عدي وابن حبان، وقد اقتصر السيوطي في عزوه على ابن عدي فقط؛ مع أن سياق الحديث لابن عساكر! وهو عند ابن عدي بتقديم الجملة الأخرى على الأولى.

4463 - (ما قبض الله عالماً إلا كان ثغرة في الإسلام لا تسد ثلمته إلى يوم القيامة) .

موضوع

أخرجه الديلمي (4/ 35) من طريق سعيد بن سنان، عن حدير بن كريب، عن كثير بن مرة، عن ابن عمر رفعه.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته سعيد بن سنان - وهو أبو مهدي الحمصي -؛ قال الحافظ:

"متروك، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع".

والحديث عزاه السيوطي للسجزي في "الإبانة"، والموهبي في "العلم" عن ابن عمر. فقال المناوي:

"ورواه عنه أيضاً أبو نعيم، وسنده ضعيف، لكن له شواهد".

كذا قال! ولا أعلم له شاهداً واحداً في معناه على كثرة الأحاديث الواردة في فضل العلماء، ثم إن اقتصاره على التضعيف فقط لإسناده قصور بين، بعد أن عرفت أن راويه متهم!

 

(9/451)

 

 

4464 - (ما كان بين عثمان ورقية، وبين لوط من هاجر) (1) .

موضوع

رواه ابن عساكر (11/ 80/ 1 و 14/ 316/ 2) عن عثمان بن خالد: حدثني عبد الله بن عمر بن وهيب مولى زيد بن ثابت، عن أبيه، عن خارجة بن زيد بن ثابت مرفوعاً.

قلت: وهذا سند ضعيف؛ عثمان هذا هو العثماني الأموي، قال البخاري:

"ضعيف عنده مناكير". وقال أبو حاتم:

"منكر الحديث".

وقال الحاكم وأبو نعيم:

"حدث عن مالك وغيره بأحاديث موضوعة".

قلت: وهذا من موضوعاته الظاهرة الوضع؛ كما لا يخفى.

ومن طريقه رواه الطبراني في "الكبير" (2) كما في "مجمع الزوائد" (9/ 81) وقال:

"وهو متروك".

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - بخطه فوق هذا المتن: " انظر: صحبهما الله ".

قلت: يشير إلى حديث رواه ابن أبي عاصم في " السنة " (1311) . (الناشر) .

(2) قال الطبراني في " معجمه " (5 / 140) - بعد روايته -: " يعني أنهما أول من هاجر إلى أرض الحبشة ". (الناشر) .

 

(9/452)

 

 

4465 - (ما كانت نبوة قط إلا تبعتها خلافة، ولا كانت خلافة قط إلا تبعتها ملك، ولا كانت صدقة [قط] إلا كان مكساً) .

ضعيف

رواه ابن عساكر (9/ 485/ 2) عن ابن طهمان، وهذا في "مشيخته"

 

(9/452)

 

 

(1/ 240/ 2) عن عباد بن إسحاق، عن عبد الملك بن عبد الله بن أسيد، عن أبي ليلى الحارثي، عن سهل بن أبي خيثمة عن عبد الرحمن بن سهل مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو ليلى هذا - وهو الخراساني -؛ مجهول.

ومثله ابن أسيد؛ فقد أورده ابن أبي حاتم (2/ 2/ 354-355) من رواية عباد هذا، ولم يزد!

وعباد؛ اسمه عبد الرحمن بن إسحاق، وهو صدوق.

4466 - (ما لقي الشيطان عمر منذ أسلم إلا خر لوجهه) .

منكر

رواه ابن عساكر (13/ 3/ 2) عن الفضل بن موفق: أخبرنا إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، عن الأوزاعي، عن سالم عن سديسة، عن حفصة مرفوعاً.

قلت: وهذا سند ضعيف؛ علته الفضل هذا؛ قال أبو حاتم:

"كان شيخاً صالحاً، ضعيف الحديث".

والحديث بهذا اللفظ منكر، والصحيح فيه ما أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث سعد بن أبي وقاص: "يا ابن الخطاب! ما لقيك الشيطان قط سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك".

 

(9/453)

 

 

4467 - (ما مطر قوم قط إلا برحمته، ولا قحطوا إلا بسخطه) .

ضعيف جداً

أخرجه تمام في "الفوائد" (255/ 2) عن جميع، عن أبي راشد التنوخي، عن أبي أمامة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ جميع هو ابن ثوب السلمي؛ قال البخاري:

"منكر الحديث". وكذا قال الدارقطني وغيره. وقال النسائي:

 

(9/453)

 

 

"متروك الحديث".

4468 - (ما من أحد من أصحابي يموت بأرض؛ إلا بعث قائداً ونوراً لهم يوم القيامة) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (3864) ، وابن عساكر (2/ 1/ 192-194) والرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 36) ، والبغوي في "التفسير" (7/ 327) وفي "شرح السنة" (14/ 72) من طرق عن عبد الله بن مسلم أبي طيبة، عن عبد الله ابن بريدة، عن أبيه مرفوعاً، وضعفه المنذري بقوله:

"حديث غريب".

قلت: وعلته أبو طيبة هذا؛ قال الحافظ:

"صدوق يهم".

ولم يوثقه غير ابن حبان؛ ومع ذلك فقد قال فيه:

"يخطىء ويخالف".

قلت: ومع ذلك أخرج له في "صحيحه"!

 

(9/454)

 

 

4469 - (ما من أصحابي أحد إلا ولو شئت لأخذت عليه في بعض خلقه؛ غير أبي عبيد ة بن الجراح) .

ضعيف

أخرجه الحاكم في "المستدرك" (3/ 266) عن المبارك بن فضالة، عن الحسن مرفوعاً. وقال:

"هذا مرسل غريب، ورواته ثقات".

كذا قال! وابن فضالة؛ مدلس وقد عنعنه.

 

(9/454)

 

 

4470 - (ما من أحد من الناس أعظم أجراً من وزير صالح مع إمام يطيعه، يأمره بذات الله عز وجل) .

ضعيف

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (4/ 16) ، والأصبهاني في "الترغيب" (225/ 1) عن فرج بن فضالة، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن فضالة ضعيف؛ كما جزم به الحافظ.

 

(9/455)

 

 

4471 - (ما من أحد يؤمر على عشرة فصاعداً لا يقسط فيهم؛ إلا جاء يوم القيامة في الأصفاد والأغلال) .

ضعيف

أخرجه الحاكم (4/ 89) عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن بشر بن سعيد، عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال:

"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!

وأقول: بشر بن سعيد هذا؛ لا يعرف، ويحتمل أنه الذي في "الجرح والتعديل" (1/ 1/ 358) :

"بشر بن سعيد الكندي. روى عن أبي أمامة. روى عنه معاوية بن صالح".

فإن يكن هو؛ فهو مجهول.

 

(9/455)

 

 

4472 - (ما من أحد يحدث في هذه الأمة حدثاً لم يكن فيموت حتى يصيبه ذلك) .

ضعيف

رواه الطبراني في "الكبير" (3/ 105/ 1-2) ، و"الأوسط" (3547) ، وابن عساكر (2/ 283/ 1-2) عن خلف بن عمرو العكبري: أخبرنا الحميدي: أخبرنا سلمة بن سيسن الخياط المكي: حدثني بشر بن عبيد - وكان شيخاً

 

(9/455)

 

 

قديماً - قال: كنا مع طاوس عند المقام فسمعنا ضوضاة؛ فسمعت طاوساً يقول: ما هذا؟ فقالوا: قوم أخذهم ابن هشام في سبب فطوقهم، فسمعت طاوساً يحدث عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره.

قال بشر بن عبيد: فأنا رأيت ابن هشام حين عزل وأتاه عمال المدينة طوقوه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ بشر بن عبيد أورده ابن حبان في "الثقات" فقال (1/ 29) :

"يروي عن طاوس. روى عنه سليمان (كذا) بن سيسن الخياط".

وليس بشر هذا بشر بن عبيد أبا علي الدارسي؛ هذا أعلى طبقة من ذاك، ثم ذاك ضعيف جداً، وهذا في عداد المجهولين ولعله لا يعرف إلا في هذا الإسناد، وتساهل ابن حبان في التوثيق معروف؛ كما نبهنا عليه مراراً.

وسلمة بن سيسن؛ لم أعرفه، ووقع في "الثقات": "سليمان" كما سبق، وفي "المجمع": "رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح؛ غير سلمة بن سيسن، ووثقه ابن حبان".

4473 - (ما من أحد يدخله الله الجنة إلا زوجه الله عز وجل ثنتين وسبعين زوجة، ثنتين من الحور العين، وسبعين من ميراثه من أهل النار، ما منهن واحدة إلا ولها قبل شهي، وله ذكر لا ينثني) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن ماجه (2/ 593) ، ومحمد بن سليمان الربعي في "جزء من حديثه" (218/ 2) ، وابن عدي (113/ 2) عن خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ خالد بن يزيد هذا؛ ضعيف، واتهمه بعضهم بالكذب، وساق له الذهبي من مناكيره هذا الحديث.

 

(9/456)

 

 

4474 - (ما أصر من استغفر؛ وإن عاد في اليوم سبعين مرة) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الدعاء" (3/ 1608/ 1797) : حدثنا محمد بن الفضل السقطي: حدثنا سعيد بن سليمان: حدثنا أبو شيبة، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: وهذا إسناد جيد؛ رجاله ثقات معروفون من رجال "التهذيب" غير محمد بن الفضل السقطي، ترجمه الخطيب في "التاريخ" (3/ 153) برواية جمع من الثقات غير الطبراني وبعضهم من الحفاظ، ثم قال:

"وكان ثقة، وذكره الدارقطني فقال: "صدوق" مات سنة (288) ". وقد روى له الطبراني في "معجمه الأوسط" أربعين حديثاً.

وسعيد بن سليمان؛ هو الواسطي الثقة الحافظ من رجال الشيخين، لقبه (سعدويه) .

وأبو شيبة؛ هو سعيد بن عبد الرحمن الزبيدي الكوفي قاضي الري، وثقه ابن معين وأبو داود وابن حبان (6/ 365) وقول البخاري فيه: "لا يتابع في حديثه" ليس جرحاً مبيناً، وقد يعني به حديثاً معيناً فلا يضره، فقول الحافظ فيه: "مقبول"، تقصير ظاهر.

وابن أبي مليكة؛ اسمه عبد الله بن عبيد الله، ثقة فقيه من رجال الشيخين.

ثم شككت في كون أبي شيبة هذا هو سعيد بن عبد الرحمن المذكور، وذلك لأنهم وإن ذكروا له رواية عن ابن أبي مليكة؛ فإنهم لم يذكروا في الرواة عنه سعيد ابن سليمان الواسطي، بل ذكره الحافظ المزي في الرواة عن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان الكوفي قاضي واسط، فترجح عندي أنه هو صاحب هذا الحديث لغرابته، وكأنه لذلك سكت عنه السخاوي في "المقاصد الحسنة" (359/ 930) ولم يحسنه

 

(9/457)

 

 

على الأقل، وتبعه على ذلك في "كشف الخفاء".

وعلى ذلك فإسناد الحديث ضعيف جداً؛ لأن إبراهيم هذا شديد الضعف متروك الحديث؛ كما قال النسائي وغيره، فهو لا يصلح شاهداً لحديث أبي بكر الصديق مرفوعاً بهذا اللفظ؛ أخرجه أبو داود والترمذي وضعفه. وفي إسناده مجهول العين كما بينته في "ضعيف أبي داود" (267) رداً على ابن كثير في قوله: "فهو حديث حسن"، وتجرأ الشيخ الرفاعي في "مختصر تفسير ابن كثير" كعادته فصححه بغير علم.

ثم رأيت الحديث في "مسند الفردوس" للديلمي (3/ 208) من طريق الفضل ابن العباس الحلبي: حدثنا سعدويه: حدثنا أبو شيبة به بلفظ:

"لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار".

فهذا اللفظ غير اللفظ الأول، مما يدل على ضعف أبي شيبة وأنه كان لا يحفظ ما يرويه.

ثم وجدت في بعض الأصول والتخرجات القديمة التي عندي أن أبا شيبة هذا هو الخراساني؛ وسيأتي مخرجاً برقم (4810) .

4475 - (ما من إمام يعفو عند الغضب؛ إلا عفا الله عنه يوم القيامة) .

ضعيف

رواه ابن أبي الدنيا في "كتاب الأشراف" (76/ 1) عن فرج بن فضالة، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول مرفوعاً مرسلاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إرساله فيه ضعف الفرج بن فضالة.

والعلاء بن الحارث؛ كان اختلط.

 

(9/458)

 

 

4476 - (ما من امرىء مؤمن ولا مؤمنة يمرض؛ إلا جعله الله كفارة لما مضى من ذنوبه) .

ضعيف جداً

أخرجه البزار في "مسنده" (ص 82 - زوائده) : حدثنا يوسف ابن خالد: حدثنا أبي: حدثنا موسى بن عقبة: حدثني عبد الله بن سلمان الأغر، عن أبيه: أن عبد الله بن عمرو قال: فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ يوسف بن خالد وهو السمتي؛ قال الحافظ:

"تركوه، وكذبه ابن معين". وقال الحافظ في "مختصر الزوائد" (1/ 334) :

"ضعيف جداً".

فقول الهيثمي (2/ 303) :

"رواه البزار، وفيه يوسف بن خالد السمتي، وهو ضعيف".

فيه تساهل ظاهر. وأقره الشيخ الأعظمي في تعليقه على "المختصر"!

وأبوه خالد؛ ليس بالمشهور.

 

(9/459)

 

 

4477 - (ما من أمير يؤمر على عشرة؛ إلا سئل عنهم يوم القيامة) .

ضعيف

أخرجه الطبراني (3/ 150/ 1) ، وابن عدي (135/ 2) عن رشدين ابن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف رشدين هذا، كما جزم به الهيثمي (5/ 208) والعسقلاني.

 

(9/459)

 

 

4478 - (ما من أهل بيت تروح عليهم ثلاثة من الغنم؛ إلا باتت الملائكة تصلي عليهم حتى تصبح) .

موضوع

رواه ابن سعد (1/ 496) : أخبرنا محمد بن عمر: حدثني خالد

 

(9/459)

 

 

ابن إلياس، عن أبي ثفال، عن خالد مرفوعاً. ومن هذا الوجه أخرجه الديلمي (4/ 22) .

ومحمد بن عمر؛ هو الواقدي كذاب.

وخالد بن إلياس؛ متروك الحديث.

4479 - (ما من أهل بيت عندهم شاة؛ إلا وفي بيتهم بركة) .

موضوع

رواه ابن سعد (1/ 496) : أخبرنا محمد بن عمر: أخبرنا خالد بن إلياس، عن صالح بن نبهان، عن أبيه، عن أبي الهيثم بن التيهان مرفوعاً. ومن هذا الوجه رواه ابن منده في "المعرفة" (2/ 268/ 2) .

قلت: وهذا إسناد موضوع؛ لما ذكرنا في الذي قبله.

وصالح بن نبهان؛ مولى التوأمة؛ ضعيف لاختلاطه.

 

(9/460)

 

 

4480 - (ما من هل بيت واصلوا؛ إلا أجرى الله عليهم الرزق وكانوا في كنف الله عز وجل) .

ضعيف جداً

رواه الطبراني (3/ 116/ 2) عن هشام بن عمار: أخبرنا إسماعيل ابن عياش: أخبرنا سفيان الثوري، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الوصافي هذا؛ متروك؛ كما قال النسائي وغيره، وقال ابن حبان:

"يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات حتى يسبق إلى القلب أنه

 

(9/460)

 

 

المتعمد له، فاستحق الترك".

وابن عياش؛ ضعيف في غير الشاميين، وهذا منه.

وهشام بن عمار؛ فيه ضعف أيضاً.

4481 - (ما من بقعة يذكر الله عليها بصلاة أو بذكر؛ إلا استبشرت بذلك إلى منتهى سبع أرضين، وفخرت على ما حولها من البقاع، وما من عبد يقوم بفلاة من الأرض يريد الصلاة؛ إلا تزخرفت له الأرض) .

ضعيف

أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1016) ، وأبو الشيخ في "العظمة" (12/ 31/ 1) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 16) من طريق موسى بن عبيد ة: حدثني يزيد الرقاشي، عن أنس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف موسى بن عبيد ة وشيخه الرقاشي، وأعله الهيثمي (10/ 79) بالأول منهما فقط! وأشار المنذري إلى تضعيف الحديث.

وقد وجدت له طريقاً آخر موقوفاً، يرويه عبد المؤمن بن خلف: حدثنا ابن أبي سفيان: حدثنا سليمان بن داود الموصلي: حدثنا عيسى بن موسى، عن أنس به.

أخرجه الضياء المقدسي في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (12/ 2) .

قلت: وهذا إسناد مظلم؛ لم أعرف أحداً منهم؛ إلا أن سليمان بن داود الموصلي يحتمل أنه الجزري الرقي؛ فإنه من هذه الطبقة، فإن يكنه فهو متروك.

(تنبيه) : ليس عند أبي الشيخ: "وما من عبد يقوم ... " إلخ، وقد عزاه السيوطي إليه بتمامه نحوه، فلعله في مكان آخر منه.

 

(9/461)

 

 

ثم ذكر له الهيثمي شاهداً من حديث ابن عباس مرفوعاً بتقديم الجملة الأخرى على الأولى؛ وقال:

"رواه الطبراني؛ وفيه أحمد بن بكر البالسي؛ وهو ضعيف جداً".

قلت: وشيخه عنده (3/ 123/ 1) محمد بن مصعب القرقساني؛ صدوق كثير الغلط.

وروى ابن المبارك في "الزهد" (340) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 197) عن عطاء الخراساني قال:

"ما من عبد يسجد سجدة في بقعة من بقاع الأرض؛ إلا شهدت له بها يوم القيامة، وبكت عليه يوم يموت".

وهذا مقطوع، والخراساني؛ فيه ضعف.

4482 - (ما من رجل يصاب بشيء في جسده، فيتصدق به؛ إلا رفعه الله به درجة، وحط عنه به خطيئةً) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (1393) ، وابن ماجه (2/ 154) ، وأحمد (6/ 448) من طريق أبي السفر قال:

دق رجل من قريش سن رجل من الأنصار، فاستعدى عليه معاوية، فقال لمعاوية: يا أمير المؤمنين! إن هذا دق سني، قال معاوية: إنا سنرضيك، وألح الآخر على معاوية، فأبرمه، فلم يرضه، فقال له معاوية: شأنك بصاحبك، وأبو الدرداء جالس عنده، فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (فذكره) ، قال الأنصاري: أأنت سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: سمعته أذناي، ووعاه قلبي، قال: فإني أذرها له، قال معاوية: لا جرم لا أخيبك، فأمر له بمال". والسياق للترمذي وقال:

 

(9/462)

 

 

"حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ولا أعرف لأبي السفر سماعاً من أبي الدرداء، واسمه سعيد بن أحمد، ويقال: ابن يحمد الثوري".

قلت: وهو ثقة من رجال الشيخين، ولكنه لم يسمع من أبي الدرداء؛ كما قال الترمذي، بل قال الحافظ:

"وما أظنه أدركه؛ فإن أبا الدرداء قديم الموت".

وروى عمران بن ظبيان، عن عدي بن ثابت قال:

هشم رجل فم رجل على عهد معاوية،فأعطي ديته، فأبى أن يقبل حتى أعطي ثلاثاً، فقال رجل: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من تصدق بدم أو دونه كان كفارة له من يوم ولد إلى يوم تصدق".

أخرجه ابن جرير في "التفسير" (6/ 169) ، وأبو يعلى في "مسنده" (12/ 284/ 6869) من طريقين عن عمران بن ظبيان به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، ومتن منكر؛ رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمران بن ظبيان، وهو الحنفي الكوفي؛ مختلف فيه؛ فقال البخاري في "التاريخ" (3/ 2/ 424) :

"روى عنه الثوري وابن عيينة في الكوفيين، فيه نظر". وقال ابن أبي حاتم عن أبيه (3/ 1/ 300) :

"يكتب حديثه". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (2/ 124) :

"كان ممن يخطىء، لم يفحش خطؤه حتى يبطل الاحتجاج به، ولكن لا يحتج بما انفرد به من الأخبار". وقال يعقوب بن سفيان في "المعرفة" (2/ 98) :

"ثقة من كبراء أهل الكوفة، يميل إلى التشيع". وقال في مكان آخر (2/ 190) :

 

(9/463)

 

 

"لا بأس به". وقال الذهبي في "المغني":

"فيه لين". وقال الحافظ:

"ضعيف، رمي بالتشيع، تناقض فيه ابن حبان"!

كذا قال! وهو يعني أن ابن حبان أورده في "الثقات" أيضاً، وهذا وهم من الحافظ تبع فيه المزي في "تهذيب الكمال" (22/ 335) ؛ فإنه قال: "وذكره ابن حبان في (الثقات) " كما تبعه من جاء بعده، وكذا المعلق على "التهذيب"، والمعلق على "مسند أبي يعلى"! والحقيقة أنه لم يتناقض؛ لأن الذي ذكره في "الثقات" (7/ 239) هو غير هذا؛ فإنه قال:

"عمران بن ظبيان أبو حفص المدني، مولى أسلم. روى عنه أهل المدينة. وهو خال إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى. مات سنة سبع وخمسين ومئة".

قلت: فهذا غير ذاك؛ كما هو ظاهر من كونه مدنياً، وخال إبراهيم بن أبي يحيى، وغير ذلك مما هو مشروح في "تيسير الانتفاع".

وأزيد هنا فأقول:

إن الكوفي متأخر الوفاة عن هذا؛ فقد ذكر يعقوب بن سفيان (2/ 620) أن سماع سفيان منه سنة ثنتين وتسعين. والله أعلم.

ومنه يتبين خطأ آخر للحافظ، وهو أنه نسب سنة الوفاة المتقدمة لعمران الكوفي! ولم يقع ذلك للحافظ المزي، وأما المعلق فقد استدركها عليه عازياً لـ "ثقات ابن حبان"!!

وشيء آخر لعله خطأ ثالث، وهو أنه نقل تضعيف ابن حبان مخالفاً للسياق المتقدم، فقال:

 

(9/464)

 

 

"قال ابن حبان في "الضعفاء" أيضاً: فحش خطؤه حتى بطل الاحتجاج به"!

وإنما تحفظت بقولي: "لعله خطأ ثالث"؛ لأني لست على يقين من صحة المنقول عن مطبوعة "الضعفاء"، فأخشى أن يكون وقع فيها شيء من الخطأ أو في أصلها. والله أعلم.

ثم رأيت المنذري قد أورد الحديث في "الترغيب" (3/ 207) من رواية أبي يعلى، وتبعه الهيثمي (6/ 302) وقالا:

"ورواته رواة الصحيح غير عمران بن ظبيان"، وزاد الهيثمي:

"وقد وثقه ابن حبان، وفيه ضعف".

وبين هذا المنذري في آخر "الترغيب" (4/ 289) فقال:

"قال البخاري: فيه نظر. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. ووثقه ابن حبان".

وهكذا تتابعوا جميعاً على نسبة توثيقه لابن حبان، حتى ألقي في البال، لعله سقطت ترجمته من مطبوعة "الثقات"؛ فإنه من المستبعد جداً تتابع هؤلاء الحفاظ على هذا الخطأ الظاهر، فاللهم هداك!

هذا؛ وقد رأيت الدولابي قد أورد في كنى (أبي حفص) (1/ 151) :

"عمر خال ابن أبي يحيى، مدني". ولم يزد.

وهكذا فيه (عمر) مكان (عمران) ، ولم يذكره بأي الاسمين أبو أحمد الحاكم في كتابه "الكنى والأسماء"، ولا الذهبي في "المقتنى". والله أعلم.

وقد صح الحديث مختصراً، فخرجته في "الصحيحة" (2273) من طرق.

 

(9/465)

 

 

4483 - (ما من رجل يدعو الله بدعاء؛ إلا استجيب له؛ فإما أن يعجل له في الدنيا، وإما أن يدخر له في الآخرة، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل. قالوا: يا رسول الله! وكيف يستعجل؟ قال: يقول: دعوت ربي فما استجاب لي) (1) .

ضعيف بهذا السياق

أخرجه الترمذي رقم (3602) عن الليث بن أبي سليم، عن زياد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره. وقال الترمذي:

"هذا حديث غريب من هذا الوجه".

قلت: وعلته الليث بن أبي سليم؛ فإنه ضعيف مختلط.

ثم أخرجه هو (3603) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (711) ، والحاكم (1/ 497) ، وأحمد (2/ 448) عن عبيد الله بن وهب، عن أبي هريرة به مختصراً، وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!

كذا قالا! وعبيد الله هذا؛ قال الذهبي نفسه في "الميزان":

"قال أحمد بن حنبل: أحاديثه مناكير، لا يعرف. وذكره ابن حبان في (الثقات) ". وكذلك قال الشافعي:

"لا نعرفه". فلا يعتد بتوثيق ابن حبان إياه؛ لما عرف من تساهله في ذلك.

__________

(1) قال الشيخ - رحمه الله - في " ضعيف الجامع " (ص: 747) معلقا عليه: " إنما أوردته هنا لأجل جملة الذنوب / وإلا؛ فسائره محفوظ، فانظر: " الصحيح " (5678، 5714) ".

 

(9/466)

 

 

لكن الشطر الثاني من الحديث له طريق آخر صحيح عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:

"لا يزال يستجاب للبعد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله! ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء".

أخرجه مسلم (8/ 87) عن أبي إدريس الخولاني عنه.

وأخرجه هو، والبخاري (4/ 194) من طريق أبي عبيد مولى ابن أزهر عنه مختصراً بلفظ:

"يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: قد دعوت ربي فلم يستجيب لي".

وقال الترمذي (3384) :

"حديث حسن صحيح".

والشطر الأول منه؛ له شاهد من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً نحوه؛ إلا أنه قال في الثالثة:

"وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر".

أخرجه أحمد (3/ 18) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (710) ، والحاكم (1/ 493) وقال:

"صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي.

وهو كما قالا.

 

(9/467)

 

 

وأخرجه الترمذي (3568) من طريق أخرى عن عبادة بن الصامت مرفوعاً نحو حديث أبي سعيد؛ إلا أنه لم يذكر الثانية وقال:

"حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه".

قلت: وسنده حسن.

4484 - (ما من رجل يغبار وجهه في سبيل الله؛ إلا آمنه الله من دخان النار يوم القيامة، وما من رجل تغبار قدماه في سبيل الله؛ إلا آمن الله قدميه من النار يوم القيامة) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن عدي (59/ 1) عن جميع بن ثوب: حدثني خالد ابن معدان، عن أبي أمامة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته جميع هذا؛ فإنه متروك؛ كما تقدم مراراً.

 

(9/468)

 

 

4485 - (ما من شيء أقطع لظهر إبليس من عالم يخرج في قبيلة) .

موضوع

أخرجه الديلمي (4/ 21) عن موسى بن عمير، عن مكحول، عن واثلة مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته موسى بن عمير هذا؛ وهو القرشي مولاهم الأعمى؛ قال الحافظ:

"متروك، وقد كذبه أبو حاتم".

 

(9/468)

 

 

4486 - (ما من صباح ولا رواح إلا وبقاع الأرض تنادي بعضها بعضاً: يا جارة! هل مر بك اليوم رجل صالح صلى عليك أو ذكر الله؟ فإن قالت: نعم؛ رأت لها بذلك عليها فضلاً) .

ضعيف

رواه الطبراني في "الأوسط" (21/ 1 من ترتيبه) وعنه أبو نعيم في "الحلية" (6/ 174-175) حدثنا أحمد بن القاسم: أخبرنا إسماعيل بن عيسى القناديلي: حدثنا صالح المري، عن جعفر بن زيد وميمون بن سياه، عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال أبو نعيم:

"غريب من حديث صالح، تفرد به إسماعيل".

قلت: ولم أجد له ترجمة.

وصالح المري؛ ضعيف.

 

(9/469)

 

 

4487 - (ما من صدقة أحب إلى الله عز وجل من قول الحق) .

ضعيف

أخرجه البيهقي (2/ 453/ 2) عن نمير بن زياد: حدثنا إبراهيم بن يزيد، عن عمرو بن دينار، عن أبي هريرة مرفوعاً.

وقال: قيل: عن إبراهيم، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال أبو علي: وليس بمحفوظ.

قلت: وإبراهيم بن يزيد؛ هو الخوزي؛ متروك الحديث.

ثم روى البيهقي (2/ 453/ 1) عن المغيرة بن سقلاب، عن معقل بن عبيد الله، عن عمرو، عن جابر مرفوعاً بلفظ:

"ما من صدقة أفضل من قول". وقال:

 

(9/469)

 

 

"لم يتابع معقل بن عبيد الله عليه، ولا أعلم أحداً رواه عنه غير المغيرة بن سقلاب، وهو حراني؛ لا بأس به".

ومن طريقه أخرجه ابن عدي (387/ 1) وقال:

"وهو منكر الحديث، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه".

وكذلك ضعفه الدارقطني، وقال علي بن ميمون الرقي:

"لا يساوي بعرة". وقال أبو حاتم:

"صالح الحديث". وقال أبو زرعة:

"لا بأس به". وقال أبو جعفر الفيلي:

"لم يكن مؤتمناً".

وأورده الذهبي في طالضعفاء والمتروكين" وقال:

"تركه ابن حبان وغيره".

ومعقل بن عبيد الله؛ من رجال مسلم، وقال الحافظ فيه:

"صدوق يخطىء".

ورواه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 301) عن سفيان بن عيينة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

فهو معضل.

وروى ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 291) عن أبي بكر الهذلي، عن الحسن، عن سمرة مرفوعاً بلفظ: " ... أفضل من صدقة اللسان. قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: الشفاعة يحقن بها الدم، وتجر بها المنفعة إلى أحد، وتدفع بها الغرامة عن أحد"، وقال عن أبيه:

 

(9/470)

 

 

"حديث منكر".

قلت: وأبو بكر الهذلي؛ متروك الحديث.

4488 - (ما من عالم أتى باب سلطان طوعاً؛ إلا كان شريكه في كل لون يعذب به في نار جهنم) .

ضعيف

أخرجه الديلمي (4/ 25) عن إبراهيم بن رستم، عن أبي بكر الفلسطيني، عن برد، عن مكحول، عن معاذ بن جبل مرفوعاً.

قلت: وهذا سند ضعيف؛ مكحول لم يسمع من معاذ.

وأبو بكر الفلسطيني؛ لم أعرفه.

وإبراهيم بن رستم؛ مختلف فيه.

 

(9/471)

 

 

4489 - (ما من عبد ابتلي في الدنيا بذنب، فالله أكرم وأعظم عفواً من أن يسأل عن ذلك الذنب يوم القيامة) .

ضعيف

أخرجه ابن عساكر (10/ 379-380 - طبع المجمع) عن سوادة بن أبي العالية: حدثنا أبو غانم قال:

بينما نحن عند الحسن إذ جاء بلال بن أبي بردة، فاستأذن على الحسن، فقال: ما لي ولبلال؟! ثلاث مرات، قال: ائذن له، قال: فدخل بلال على الحسن، ولم يدخل من معه من الناس، فقعد مع الحسن على مجلسه، فسأله، ثم أخذ يد الحسن، فوضعها في حجره، وقال بلال: يا أبا سعيد! ألا أحدثك بحديث حدثني به أبي أبو بردة عن أبي موسى الأشعري، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: فذكره.

 

(9/471)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ بلال بن أبي بردة؛ لم يوثقه غير ابن حبان، وكان قاضياً على البصرة، غير محمود في حكمه.

وأبو غانم؛ اسمه يونس بن نافع؛ قال السليماني:

"منكر الحديث". وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال:

"يخطىء".

وسوادة بن أبي العالية؛ ترجمه ابن أبي حاتم (2/ 1/ 293) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

4490 - (ما من عبد مؤمن يخرج من عينيه من الدموع مثل رأس الذباب من خشية الله تعالى فتصيب حر وجهه؛ فتمسه النار أبداً) .

ضعيف

رواه ابن ماجه (2/ 549) وأبو حاتم في "الزهد" (3/ 1) ، وابن أبي الدنيا في "كتاب الرقة والبكاء" (1/ 2) ، والطبراني (3/ 49/ 2) عن محمد بن أبي حميد، عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبيه، عن ابن مسعود مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، محمد - ويلقب بحماد - ضعيف؛ كما قال الحافظ، وكذا البوصيري في "زوائده" (258/ 2) .

 

(9/472)

 

 

4491 - (ما من عبد مسلم إلا له بابان في السماء، باب ينزل منه رزقه، وباب يدخل منه عمله وكلامه، فإن فقداه بكيا عليه) .

ضعيف

أخرجه أبو يعلى (3/ 1022 و 7/ 4133) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 327) عن موسى بن عبيد ة، عن يزيد الرقاشي، عن أنس مرفوعاً.

 

(9/472)

 

 

ومن هذا الطريق أخرجه الترمذي (3252) ، والبغوي في "التفسير" (7/ 232) ، وإسحاق بن إبراهيم البستي في "تفسيره"، والواحدي في "تفسيره" (4/ 47/ 2) نحوه وزادا:

"فذلك قوله: (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) ".

وقال الترمذي:

"حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، وموسى بن عبيد ة ويزيد ابن أبان الرقاشي؛ يضعفان في الحديث".

وأخرجه الخطيب أيضاً (11/ 212) وزاد:

"ثم ذكر أنهم لم يكونوا يعلمون على الأرض عملاً صالحاً فتبكي عليهم، ولم يكن يصعد إلى السماء من كلامهم، ولا مر عليهم كلام طيب، ولا عمل صالح فتفقدهم، فتبكي عليهم".

وفيه عنده عمر بن مدرك أبو حفص الرازي؛ قال ابن معين:

"كذاب".

لكنها عند أبي يعلى من غير طريق الرازي هذا.

4492 - ( ... ... ... ... ... ... ... ...) (1) .

__________

(1) كان هنا الحديث: " ما من عبد يحب أن يرتفع في الدنيا درجة. . . "، وهو المتقدم في المجلد الأول برقم (344) ، فحذفناه لتكراره.

 

(9/473)

 

 

4493 - (ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام) .

ضعيف

أخرجه أبو بكر الشافعي في "مجلسان" (6/ 1) ، وابن جميع في

 

(9/473)

 

 

"معجمه" (351) ، وأبو العباس الأصم في "الثاني من حديثه" (ق 143/ 2 ورقم 43 - منسوختي) ، ومن طريقه الخطيب في "التاريخ" (6/ 137) ، وتمام في "الفوائد" (2/ 19/ 1) ، وعنه ابن عساكر (3/ 209/ 2 و 8/ 517/ 1) ، والديلمي (4/ 11) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (12/ 590) عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد الرحمن بن زيد؛ متروك كما تقدم مراراً، وساق الذهبي في ترجمته هذا الحديث في جملة ما أنكر عليه.

وقد توبع عليه، لكن في الطريق من لا يحتج به، فقال ابن أبي الدنيا في "كتاب القبور" - باب معرفة الموتى بزيارة الأحياء (1) : حدثنا محمد بن قدامة الجوهري: حدثنا معن بن عيسى القزاز: أخبرنا هشام بن سعد: حدثنا زيد بن أسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

"إذا مر الرجل بقبر أخيه يعرفه فسلم عليه؛ رد عليه السلام وعرفه، وإذا مر بقبر لا يعرفه فسلم عليه؛ رد عليه السلام".

قلت: وهذا مع كونه موقوفاً على أبي هريرة؛ فإنه منقطع وضعيف.

أما الانقطاع؛ فلأن زيد بن أسلم لم يسمع منه؛ كما قال ابن معين.

وأما الضعف؛ فهو من الجوهري هذا؛ قال ابن معين:

"ليس بشيء". وقال أبو داود:

"ضعيف، لم أكتب عنه شيئاً قط".

قلت: ولهذا أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال في "الميزان":

__________

(1) كتاب " الروح " لابن القيم (ص 5)

 

(9/474)

 

 

"وقد وهم الخطيب وغيره في خلط ترجمته بترجمة محمد بن قدامة بن أعين المصيصي الثقة". وقال الحافظ ابن حجر في "التهذيب":

"وميزه ابن أبي حاتم وغيره، وهو الصواب".

ثم استدل على ذلك بدليل قوي فليراجعه من شاء، وقال في "التقريب":

"فيه لين، ووهم من خلطه بالذي قبله".

يعني المصيصي الثقة.

قلت: وللحديث شاهد من حديث ابن عباس صححه البعض، فوجب تحرير القول فيه بعد أن يسر الله لي الوقوف على إسناده في مخطوطة المحمودية في المدينة النبوية، فقال الحافظ ابن عبد البر في "شرح الموطأ" (1/ 147/ 1) : أخبرنا أبو عبد الله عبيد بن محمد - قراءة مني عليه سنة تسعين وثلاث مئة في ربيع الأول - قال: أملت علينا فاطمة بنت الريان المخزومي المستملي - في دارها بمصر في شوال سنة اثنتين وأربعين وثلاث مئة - قالت: أخبرنا الربيع بن سليمان المؤذن - صاحب الشافعي -: أخبرنا بشر بن بكر، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

قلت: وهذا إسناد غريب؛ الربيع بن سليمان فمن فوقه؛ ثقات معروفون من رجال "التهذيب"، وأما من دونه فلم أعرفهما، لا شيخ ابن عبد البر، ولا المملية فاطمة بنت الريان، وظني أنها تفردت - بل شذت - بروايتها الحديث عن الربيع بن سليمان بهذا الإسناد الصحيح له عن ابن عباس؛ فإن المحفوظ عنه إنما هو الإسناد الأول.

كذلك رواه الحافظ الثقة أبو العباس الأصم السابق الذكر، قال: حدثنا الربيع بن

 

(9/475)

 

 

سليمان: حدثنا بشر بن بكر، عن عبد الرحمن بن زيد بإسناده المتقدم عن أبي هريرة. وكذلك هو عند تمام من طريقين أخريين عن الربيع به.

ومن هذا التحقيق يتبين أن قول عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه" (80/ 1) :

"إسناده صحيح".

غير صحيح، وإن تبعه العراقي في "تخريج الإحياء" (4/ 419 - حلبي) ، وأقره المناوي! وأما الحافظ ابن رجب الحنبلي؛ فقد رده بقوله في "أهوال القبور" (ق 83/ 2) :

"يشير إلى أن رواته كلهم ثقات، وهو كذلك؛ إلا أنه غريب، بل منكر".

ثم ساق حديث أبي هريرة مرفوعاً في شهداء أحد: "أشهد أنكم أحياء عند الله، فزوروهم وسلموا عليهم، فوالذي نفسي بيده! لا يسلم عليهم أحد إلا ردوا عليه إلى يوم القيامة". وأعله بالاضطراب والإرسال، وسأخرج ذلك فيما يأتي (5221) .

(تنبيه) : سقط من إسناد ابن جميع والذهبي اسم عطاء بن يسار، فقال الذهبي عقبه:

"غريب، ومع ضعفه، ففيه انقطاع؛ ما علمنا زيداً سمع أبا هريرة".

4494 - (ما من ساعة من ليل ولا نهار؛ إلا والسماء تمطر فيها؛ يصرفه الله حيث يشاء) .

ضعيف

أخرجه الشافعي (526) : أخبرني من لا أتهم: حدثني عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب بن حنطب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه مع إرساله فيه شيخ الشافعي الذي لم يسم،

 

(9/476)

 

 

ولا يبعد أن يكون إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي المدني، وهو متهم عند غير الإمام الشافعي.

4495 - (ما أنا أخرجتكم من قبل نفسي، ولا أنا تركته، ولكن الله أخرجكم وتركه؛ إنما أنا عبد مأمور، ما أمرت به فعلت؛ إن أتبع إلا ما يوحى إلي) .

ضعيف

أخرجه الإمام الطبراني في "الكبير" (174/ 2) عن محمد بن حماد بن عمرو الأزدي: أخبرنا حسين الأشقر: أخبرنا أبو عبد الرحمن المسعودي، عن كثير النواء، عن ميمون أبي عبد الله، عن ابن عباس، قال: لما أخرج أهل المسجد وترك علي؛ قال الناس في ذلك، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مسلسل بالضعفاء، ميمون أبي عبد الله إلى حسين الأشقر؛ كلهم ضعفاء.

والأشقر؛ شيعي.

والأزدي؛ لم أعرفه.

وقال الهيثمي في "المجمع" (9/ 115) :

"رواه الطبراني، وفيه جماعه اختلف فيهم".

وقد روي الشطر الأول منه من وجه آخر، رواه محمد بن سليمان الأسدي (لوين) : حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن علي، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه قال:

كان قوم عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاء علي، فلما دخل علي خرجوا، فلما خرجوا

 

(9/477)

 

 

تلاوموا، فقال بعضهم لبعض: والله! ما أخرجنا، فارجعوا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فذكره نحوه؛ دون قوله: "إنما ... ".

أخرجه النسائي في "الخصائص" (ص 9) ، والبزار (ص 268 - زوائده) ، وأبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" (138/ 167) ، والفسوي في "التاريخ" (2/ 211) ، وعنه الخطيب (5/ 293) ، وأعله البزار بقوله:

"هكذا رواه محمد بن سليمان عن سفيان،وغيره إنما يرويه عن سفيان عن عمرو عن محمد بن علي مرسلاً".

وكذلك أعله الإمام أحمد؛ فروى الخطيب عن أبي بكر المروذي قال: وذكر (يعني أحمد بن حنبل) لويناً فقال: قد حدث حديثاً منكراً عن ابن عيينة ما له أصل. قلت: أيش هو؟ قال: عن عمرو بن دينار ... فذكره. قال الخطيب (1) :

"قلت: أظن أبا عبد الله أنكر على لوين روايته متصلاً؛ فإن الحديث محفوظ عن سفيان بن عيينة، غير أنه مرسل عن إبراهيم بن سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -".

ثم رواه من طريق ابن وهب والحميدي، عن سفيان به مرسلاً. فهو المحفوظ.

4496 - (ما من صباح يصبح العباد إلا ومناد ينادي: سبحان الملك القدوس) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (3564) ، وأبو يعلى (1/ 197) ، وابن السني (59) عن موسى بن عبيد ة، عن محمد بن ثابت، عن أبي حكيم مولى الزبير، عن الزبير بن العوام قال: فذكره مرفوعاً. وضعفه الترمذي بقوله:

"حديث غريب".

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - هنا بخطه كملاحظة له: " انظر الحديث الآتي (4953) ".

 

(9/478)

 

 

قلت: وعلته أبو حكيم هذا؛ فإنه مجهول.

وموسى بن عبيد ة؛ ضعيف.

وشيخه محمد بن ثابت؛ مجهول أيضاً كما قال في "التقريب" تبعاً لابن معين وغيره، وليس هو محمد بن ثابت بن شرحبيل الذي روى عن أبي هريرة كما جزم هو في "التهذيب"، ولا هو محمد بن ثابت البناني الضعيف كما أشعر به الحافظ نفسه في حديث آخر لموسى بن عبيد ة يأتي برقم (5556) .

4497 - (ما من مصل إلا وملك عن يمينه وملك عن يساره، فإن أتمها عرجا بها، وإن لم يتمها ضربا بها وجهه) .

ضعيف

أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (ق 235/ 2) ،والديلمي (4/ 15) عن ابن شاهين معلقاً، عن الوليد بن عطاء: حدثنا عبد الله بن عبد العزيز: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب رفعه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله موثقون غير عبد الله بن عبد العزيز؛ وهو الزهري الليثي المدني؛ قال الذهبي في "الضعفاء":

"ضعفوه". وقال الحافظ:

"ضعيف، واختلط بآخره".

 

(9/479)

 

 

4498 - (مانع الحديث أهله؛ كمحدثه غير أهله) .

ضعيف جداً

أخرجه الديلمي (4/ 64) عن يحيى بن عثمان، عن إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود رفعه.

 

(9/479)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته يحيى بن عثمان - وهو البصري صاحب الدستوائي -؛ قال ابن معين والبخاري:

"منكر الحديث". وقال النسائي:

"ليس بثقة".

وتناقض فيه ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"، ثم أعاده في "الضعفاء" فقال:

"منكر الحديث جداً، لا يجوز الاحتجاج به".

وإبراهيم الهجري؛ لين الحديث،، رفع موقوفات؛ كما في "التقريب".

4499 - (ما هذه؟! ألقها، وعليكم بهذه وأشباهها، ورماح القنا؛ فإنهما يزيد الله لكم بهما في الدين، ويمكن لكم في البلاد) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن ماجه (2/ 188) ، والطيالسي (1/ 241) عن أشعث بن سعيد عن عبد الله بن بسر (الأصل: بشر! وهو خطأ) ، عن أبي راشد الحبراني، عن علي قال:

كان بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوس عربية، فرأى رجلاً بيده قوس فارسية، فقال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ كما سبق بيانه برقم (3052) ، وغفل عن ذلك البوصيري فقال (174/ 2) :

"هذا إسناد ضعيف؛ عبد الله بن بسر الحبراني؛ ضعفه يحيى بن القطان وابن معين وأبو حاتم والترمذي والنسائي والدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات" فما أجاد".

قلت: وأشعث؛ أشد ضعفاً، فإعلاله به أولى.

 

(9/480)

 

 

4500 - (مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون الجعل يتقوون به على عدوهم؛ كمثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها) .

ضعيف

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5/ 347) ، وأبو حزم بن يعقوب الحنبلي في "الفروسية" (1/ 6/ 1) عن إسماعيل بن عياش، عن معدان بن حدير الحضرمي، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي، عن أبيه مرفوعاً.

ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي (9/ 27) عن أبي داود، وهذا في "المراسيل" (247/ 332) عن سعيد بن منصور، وهذا في "السنن" (2361) ، والديلمي (4/ 59) عن عبد الجبار بن عاصم كلاهما عن إسماعيل به، وعلقه البخاري في "التاريخ" (4/ 2/ 38) على معدان بن حدير الحضرمي.

وهذا إسناد مرسل ضعيف؛ جبير بن نفير؛ تابعي كبير.

ومعدان؛ لم يوثقه أحد، ولم يرو عنه غير ابن عياش وابن أخيه معاوية بن صالح بن حدير.

وقد روي موصولاً بلفظ آخر وهو:

"مثل الذي يحج من أمتي عن أمتي كمثل أم موسى كانت ترضعه وتأخذ الكرى من فرعون".

رواه ابن عدي (10/ 1) : حدثنا الفضل بن محمد بن سعيد الجندي: حدثنا أبو أيوب سليمان بن أيوب الحمصي: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن معاذ بن جبل مرفوعاً.وقال:

"وهذا الحديث وإن كان مستقيم الإسناد فإنه منكر المتن، ولا أعلم رواه عن ابن عياش غير سليمان بن أيوب الحمصي هذا، ولم نكتبه إلا عن الجندي".

وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 219) من طريق ابن عدي، وقال:

 

(9/481)

 

 

"والخطأ فيه من ابن عياش".

قال ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (286/ 2) :

"هذا الحديث لم يتعقبه السيوطي، وتعقبه الذهبي في "تلخيصه" فقال: هذا إسناد صالح ومتن غريب لا يليق إيراده في الموضوعات".

وقد روى هذا اللفظ الثاني الديلمي بإسناده على وجه آخر، من طريق ابن أبي حاتم: حدثنا أيوب بن سلمان بن عبد الحميد النهراني: حدثنا محمد بن مخلد: حدثنا مبشر بن إسماعيل، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عوف بن مالك مرفوعاً به.

قلت: ورجاله ثقات غير أيوب النهراني؛ فلم أعرفه، لا هو ولا هذه النسبة، ولعل الأصل (البهرائي) نسبة إلى بهراء، وهي قبيلة نزل أكثرها مدينة حمص من الشام، كما في "الأنساب" وغيره، فلعل الرجل شامي مترجم في "تاريخ دمشق" لابن عساكر.

وفي الإسناد علة وهي الانقطاع بين عبد الرحمن بن جبير وعوف بن مالك؛ فإنهم لم يذكروا له رواية عنه، وإنما لأبيه، وبين وفاتيهما خمس وأربعون سنة. وعليه؛ يلزم أن يكون عبد الرحمن بن جبير مات وله من العمر ستون سنة تقريباً حتى يمكنه السماع منه، وهذا مما لم يذكروه، وقد أشار السيوطي إلى الانقطاع في "الجامع الكبير" على خلاف عادته؛ بقوله:

"الديلمي عن جبير بن نفير عن عوف بن مالك".

كذا في نسختنا المصورة عن المخطوطة، وأنا أظن أنه سقط منها "عبد الرحمن ابن"؛ لأنه لا معنى لذكر أبيه جبير بن نفير وقد سمع من عوف بخلاف ابنه عبد الرحمن، فذكره مناسب للإشارة إلى ما ذكرته. والله سبحانه وتعالى أعلم.

ثم وقفت له على لفظ ثالث؛ فقال ابن كثير في "تفسيره" (3/ 148) : جاء

 

(9/482)

 

 

في الحديث:

"مثل الصانع الذي يحتسب في صنعته الخير؛ كمثل أم موسى..".

كذا قال، ولم يذكر صحابيه ولا من رواه، ومع ذلك تجرأ الرفاعي - كعادته - جرأة سوف يحاسبه الله تعالى عليها حساباً عسيراً إلا أن يعفو، فأورده في "مختصره"، وتبعه بلديه الصابوني في "مختصره" أيضاً (2/ 475) ، وقد التزما أن لا يذكرا في كتابيهما من أحاديث "تفسير ابن كثير" إلا الصحيح! وزاد الأول - كعادته أيضاً - أنه صرح بصحته في "فهرسه" (3/ 7) ! هداهما الله تعالى.

(تنبيه) : لقد أورد الغزالي حديث الترجمة في "الإحياء" (1/ 262) دون عزو أو تخريج كعادته، فقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء":

"أخرجه ابن عدي من حديث معاذ، وقال: مستقيم الإسناد، منكر المتن".

وأقره العلامة الزبيدي في "شرح الإحياء" (4/ 433) ! وهو وهم عجيب، وخلط غريب، لا أدري كيف وقع ذلك لهما؛ فإن هذا المتن لم يخرجه ابن عدي مطلقاً، وإنما أخرجه بلفظ:

"مثل الذي يحج ... ".

وهو الذي قال فيه ابن عدي - كما عزاه العراقي إليه -:

"مستقيم الإسناد، منكر المتن"!

وإنما روى حديث الترجمة: "مثل الذي يغزو.." سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وغيرهما عن جبير بن نفير مرسلاً كما تقدم، فكأنه اختلط على العراقي أحدهما بالآخر، وغفل عن ذلك الزبيدي، فاقتضى التنبيه. والله ولي التوفيق.

__________

انتهى بحمد الله وفضله المجلد التاسع من " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة "

ويليه إن شاء الله تعالى المجلد العاشر، وأوله الحديث:

4501 - (مثل المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه. . .)

" سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ".

 

(9/483)

 

 

بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

المقدمة

إنَّ الحمدَ لله، نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا وسيئاتِ أعمالنا، مَنْ يهده اللهُ فلا مُضِل له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنً محمداً عبدُهُ ورسولُه.

أما بعدُ؛ فهذا هو المجلد العاشرُ من "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعةِ، وأثرها السيئ في الأمة "، يَخْرُج إلى عالم المطبوعاتِ ليرى النورَ بعد عشراتِ السنين، يخرجُ إلى قُرَّائهِ ومنتظريهِ وراغبيه بمئات الأحاديث الضَّعيفة والموضوعةِ في مجالات الشريعة المختلفة؛ من العقائد، والآدابِ والأخلاقِ، والأحكامِ، وغير ذلكَ ممَّا سيَراه كل محبٍّ للعلمِ وأهلِهِ، يخرجُ ليلحقَ بأمثاله من المجلدات السابقة؛ ليكونَ المسلمُ على بينة مِنْ أَمْرِ دينه، فلا ينْسِبُ إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم - ما لم يَقُلْهُ، فيقع تحتَ وعيد قولِهِ - صلى الله عليه وسلم -ِ: "كفَى بالمرءِ إثماَّ أن يُحَدِّثَ بكلِّ ما سَمعَ "، أو تحت وعيد قولِهِ الآخر: "من كذبَ عليَّ مُتَعَمًداَّ ة فليتبوأْ مقعَدَهُ مِنَ النار"، وحتى لا يقع المسلمُ في الضلالِ والبدعةِ، ويصرفَ جهدَهُ ووقتَهُ فيما لم يشرعْهُ الله ورسولُه، والمسكين يحسَبُ أنه يُحْسِنُ صُنْعاً!!

وسيرى القارئُ الكريمُ تحتَ أحاديث هذا المجلد- كسابقه- الكثيرَ والكثيرَ منَ الأبحاثِ والتحقيقات الحديثيَّة، والردود العلميةِ القوية، والفوائدِ والتنبيهات الخفيًة؛ كل في مكأنه ومناسبتِهِ، وخُذَْ أمثلةَّ على ذلك الأحاديث: (4512، 4528، 4537، 4546، 4589، 4596، 4615، 4641، 4714، 4761، 4813، 4835/م، 4838، 4848، 4849، 4850، 4854، 4855، 4858، 4859، 4866، 4891، 4894، 4921، 4922، 4932، 4946، 4961، ملأ 49، 4979، 4992) ، هذا بالإضَافَة إلى الرَّدِّ على الشيعَةِ، وبيانِ ضلالِهِم وكَذِبِهِم وافترائِهِم على أَهْلِ السُّنَّة بما لا تَراهُ في غيرِ هذا الكتاب.

__________

 

[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]

هذه ملاحظات على المجلد العاشر وقفت عليها في موقع ثمرات المطابع - جزاهم الله خيرا - وأحببت إضافتها هنا تنبيها للقارئ

أسامة بن الزهراء - فريق عمل الموسوعة الشاملة

___________

الملاحظات:

- سبق التنبيه على أهم الإشكالات الواردة على كتب الشيخ المطبوعة بعد وفاته رحمه الله وغفر له ومن ذلك:

- أن الشيخ لم يراجع المراجعة النهائية ومن له عناية بكتب الشيخ عرف أهمية هذا العمل بالنسبة لكتبه.

- أن الشيخ لم يحكم على مجموعة من الأحاديث فجاء الناشر بمجموعة من طلاب العلم - حسب وصفه لهم - فوضعوا لها الحكم المناسب عليها من خلال دراسة الشيخ لطرقه وتحقيقه، وليت الناشر سماهم إذن لأحسن الإحالة لو كانت على مليء، وليته أضاف الحكم بين قوسين معكوفتين ليعرف القارئ أن هذه الزيادات على كلام المؤلف رحمه الله تعالى وقد أشار الناشر إلى أرقام هذه الأحاديث (10/1/4) وقد بلغت 22 حديثاً.

- وبالطبع خلا هذا المجلد من مقدمات المؤلف المعهودة بطولها وما فيها من فوائد ودراسات وقضايا وردود.

- إلا أن جهد الناشر في العناية بالكتاب، يظهر في التعليقات المختلفة التي تدل على مقابلة الكتاب على كثير من أصوله ونحوها من وجوه العناية الأخرى المشكورة.

- أورد الشيخ جملة من أحاديث فضائل علي منها 4876، 4881، ثم سرد جملة أحاديث بعنوان (أحاديث في فضائل علي من كتاب المراجعات) ، وهي من حديث 4882 إلى حديث 4913 فبلغت 31 حديثا هي من الأحاديث الأربعين التي أوردها صاحب المراجعات في فضائل علي وقد تتبعها الشيخ رحمه الله حديثاً حديثاُ انظر 10/2/573. وقد قال الشيخ (10/1/11) (وقد خطر في البال أن أتتبع أحاديثه التي من هذا النوع وأجمعها في كتاب نصحاً للمسلمين وتحذيراً لهم من عمل المدلسين المغرضين، وعسى أن يكون ذلك قريباً) ولعل ما فعله الشيخ في هذا السياق الطويل يمثل وفاء بوعده هذا.

- كما أورد جملة أخرى من أحاديث فضائل آل البيت تتبع فيها صاحب المراجعات، والخميني في كشف الأسرار والحلي في منهاج الكرامة، وهو بذلك يقدم فائدة عظيمة في نقد أحاديث هذه الكتب خاصة، وأحاديث فضائل علي وآل البيت الكرام رضي الله عنهم أجمعين (انظر الأحاديث 4914-4969) وتداخل معها أحاديث في فضائل علي، كما يستفاد من دراسة هذه الأحاديث معرفة منزلة علماء الشيعة في علم الحديث وتدليس كثير منهم في كتاباتهم لترويج الباطل (ومن الأمثلة على ذلك انظر 10/2/584 -589 فهو من أعجب الأمثلة على الكذب والتدليس وانظر أيضاً 10/2/590، 10/2/617) وفي الكتاب أحاديث يستدل بها الشيعة على بغض بعض الصحابة وأمهات المؤمنين مثل 4964-4967، أوردها المؤلف ناقدا لها.

 

(10/3)

 

 

وبطبيعة الحال؛ فإنً هذا المجلد- كالمجلد التاسع- لم يراجعْهُ الشيخُ المراجعةَ الأخيرة لتهيئته للطباعة، ولو فعل لزاد وأفاد، ومن ذلك- بلَ أهمه- أننا وجَدْنَا عدداً من الأحاديث لم يُثَبِّتْ عليها الشيخُ- رحمه الله- الحكمَ المختصرَ قبل التخريجِ- كعادته-، فَوَضَعْنَا الحكمَ المناسِبَ عليها من خلالِ دراسةِ الشيخِ لطُرقهِ وتحقيقه، مع الرجوع إلى بعض إخواننا طلابِ العلْمِ في ذلك، وإليكَ أرقامُ هذه الأحاديث كاملة: (4503، 4508، 4526، 4531، 4532، 4533، 4550، 4560، 4578، 4692، 4728، 4749، 4754، 4757، 4758، 4813، 4827، 4829، 4835، 4850، 4860، 4883) .

وهناكَ حديثان قُمْنَا بحذْفِهما؛ نظراً لرجوعِ الشيخِ- رحمه اللَهُ- عن تضعيفهما وتخريجه إيَّاهما في "الصحيحة"، وأَمْرِه هو بنقلهما؛ وهما: (4604، 4793) ، وقد أَشَرْنَا إلى ذلكَ في الحاشية.

وقد وجدنا- أيضاً- حديثين أخذا الرقم المكررَ قبلَهما، فَفَصَلْنا اللاحقَ عن السًابقِ بوضع [/م] بعد الرقم المكرر، ولم نُعَذلِ الأرقامَ؛ لأنَّ الشيخَ- رحمه الله-

كانَ يُحِيلُ عليها في كُتُبِه الأخرى، فتيسيراً على الباحث تركناها كما هي، وهما: (4613، 4835) .

وأخيراً؛ لا يفُوتنا التَّوَجَهُ بالشُّكْرِ إلى كل مَنْ كانتْ له يَدٌ في إنجازِ هذا العمل العظيم في جميع مراحِلِهِ؛ بما فيه عَمَلُ الفهارس العلميةِ المختلفةِ على نحو ما كانتْ تُصْنَعُ في حياةِ الشيخ- رحمه الله-؛ فجزاهم الله خيراً، وشَكَرَ لهم.

وصلَّى الله على نبينا محمد وآلهِ وصحبهِ وسلّم تسليماً كثيرا، والحمدُ لله رب العالمين.

12 محرم 1422 هـ الناشر

 

(10/4)

 

 

4501 - (مثل المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه؛ كمثل البنيان يشد بعضه بعضاً) .

ضعيف

أخرجه الخطيب (6/ 371) عن داود بن عبد الحميد: حدثنا ثابت ابن أبي صفية أبو حمزة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ثابت وداود.

 

(10/5)

 

 

4502 - (مثل المؤمن؛ كمثل العطار؛ إن جالسته نفعك، وإن ماشيته نفعك، وإن شاركته نفعك) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 205/ 1) ، والرامهرمزي في "الأمثال" (53/ 1-2) عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ليث - وهو ابن أبي سليم - كان اختلط، وهذا من تخاليطه؛ فإن الحديث محفوظ من حديث أبي موسى وغيره بغير هذا اللفظ والمعنى، فانظر "الترغيب" (4/ 57) .

 

(10/5)

 

 

4503 - (مثل أهل بيتي؛ مثل سفينة نوح؛ من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق) .

ضعيف

روي من حديث عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وأبي ذر، وأبي سعيد الخدري، وأنس بن مالك.

1- أما حديث ابن عباس: فيرويه الحسن بن أبي جعفر عن أبي الصهباء عن سعيد بن جبير عنه.

 

(10/5)

 

 

أخرجه البزار (2615 - كشف الأستار) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 160/ 1) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/ 306) . وقال:

"غريب من حديث سعيد، لم نكتبه إلا من هذا الوجه". وقال البزار:

"لا نعلم رواه إلا الحسن، وليس بالقوي، وكان من العباد". وقال الهيثمي في "المجمع" (9/ 168) :

"رواه البزار، والطبراني، وفيه الحسن بن أبي جعفر؛ وهو متروك".

قلت: وهو ممن قال البخاري فيه:

"منكر الحديث".

ذكره في "الميزان" وساق له من مناكيره هذا الحديث.

وشيخه أبو الصهباء - وهو الكوفي - لم يوثقه غير ابن حبان.

2- أم حديث ابن الزبير: فيرويه ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه.

أخرجه البزار (2612) .

وعبد الله بن لهيعة ضعيف؛ لسوء حفظه.

3- وأما حديث أبي ذر: فله عنه طريقان:

الأولى: عن الحسن بن أبي جعفر عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عنه.

أخرجه الفسوي في "معرفة التاريخ" (1/ 538) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 37/ 2636) ، وكذا البزار (3/ 222/ 2614) . وقال:

 

(10/6)

 

 

"تفرد به ابن أبي جعفر".

قلت: وهو متروك؛ كما تقدم.

وعلي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف.

والأخرى: عن عبد الله بن داهر الرازي: حدثنا عبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش عن أبي إسحاق عن حنش بن المعتمر أنه سمع أبا ذر الغفاري به.

أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (ص 78) . وقال:

"لم يروه عن الأعمش إلا عبد الله بن عبد القدوس".

قلت: هو - مع رفضه - ضعفه الجمهور؛ قال الذهبي في "الميزان":

"قال ابن عدي: عامة ما يرويه في فضائل أهل البيت. قال يحيى: ليس بشيء، رافضي خبيث. وقال النسائي وغيره: ليس بثقة. وقال الدارقطني: ضعيف".

قلت: والراوي عنه - عبد الله بن داهر الرازي - شر منه؛ قال ابن عدي:

"عامة ما يرويه في فضائل علي، وهو متهم في ذلك". قال الذهبي عقبه:

"قلت: قد أغنى الله علياً عن أن تقرر مناقبه بالأكاذيب والأباطيل".

والحديث؛ قال الهيثمي:

"رواه البزار، والطبراني في "الثلاثة"، وفي إسناد البزار: الحسن بن أبي جعفر الجفري، وفي إسناد الطبراني: عبد الله بن داهر، وهما متروكان"!

قلت: لكنهما قد توبعا؛ فقد رواه المفضل بن صالح عن أبي إسحاق به.

 

(10/7)

 

 

أخرجه الحاكم (2/ 343 و 3/ 150) . وقال:

"صحيح على شرط مسلم"!

ورده الذهبي بقوله:

"قلت: مفضل خرج له الترمذي فقط، ضعفوه". وقال في الموضع الآخر:

"مفضل واه".

قلت: يعني: ضعيف جداً؛ فقد قال فيه البخاري:

"منكر الحديث". وقال ابن عدي:

"أنكر ما رأيت له: حديث الحسن بن علي".

قلت: سقط نصه من "الميزان". ولفظه في "منتخب كامل ابن عدي" (396/ 1-2) :

عن الحسن بن علي قال: أتاني جابر بن عبد الله وأنا في الكتاب، فقال: اكشف لي عن بطنك، فكشفت له عن بطني، فألصق بطنه ببطني، ثم قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقرئك منه السلام.

قلت: وهذا عندي موضوع ظاهر الوضع، وهو الذي قال ابن عدي: إنه أنكر ما رأى له. فتعقبه الذهبي بقوله:

"وحديث سفينة نوح أنكر وأنكر"!

قلت: فمتابعته مما لا يستشهد بها.

على أن فوقه أبا إسحاق - وهو السبيعي -؛ وهو مدلس مختلط.

 

(10/8)

 

 

وحنش بن المعتمر؛ فيه ضعف، بل قال فيه ابن حبان:

"لا يشبه حديثه حديث الثقات".

ورواه الفسوي من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل حدثه حنش به.

ثم رأيت للحديث طريقاً ثالثاً: يرويه عبد الكريم بن هلال القرشي قال: أخبرني أسلم المكي: حدثنا أبو الطفيل:

أنه رأى أبا ذر قائماً على هذا الباب وهو ينادي: ألا من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا جندب، ألا وأنا أبو ذر، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره.

4- وأما حديث أبي سعيد الخدري: فيرويه عبد العزيز بن محمد بن ربيعة الكلابي: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد المقرىء عن أبي سلمة الصائغ عن عطية عنه.

أخرجه الطبراني في "الصغير" (ص 170) . وقال:

"لم يروه عن أبي سلمة إلا ابن أبي حماد، تفرد به عبد العزيز بن محمد بن ربيعة".

قلت: ولم أجد من ترجمه.

وكذا اللذان فوقه.

وعطية - وهو العوفي - ضعيف. وقال الهيثمي:

"رواه الطبراني في "الصغير" و "الأوسط"، وفيه جماعة لم أعرفهم".

 

(10/9)

 

 

5- وأما حديث أنس: فيرويه أبان بن أبي عياش عنه.

أخرجه الخطيب (12/ 91) .

قلت: وأبان هذا متروك متهم بالكذب.

وبهذا التخريج والتحقيق؛ يتبين للناقد البصير أن أكثر طرق الحديث شديدة الضعف، لا يتقوى الحديث بمجموعها.

ويبدو أن الشيخ صالح المقبلي لم يكن تفرغ لتتبعها وإمعان النظر فيها؛ وإلا لم يقل في كتابه "العلم الشامخ" (ص 520) :

"أخرجه الحاكم في "المستدرك" عن أبي ذر. وكذلك الخطيب وابن جرير والطبراني عن ابن عباس وأبي ذر أيضاً، والبزار من حديث ابن الزبير. وحكم الذهبي بأنه "منكر" غير مقبول؛ لأن هذا المحمل من مدارك الأهواء"!!

فأقول: نعم! وللتعليل نفسه؛ لا يمكن القول بصحته لمجموع طرقه؛ لأن الشرط في ذلك أن لا يكون الضعف شديداً، كما هو مقرر في علم الحديث، وليس الأمر كذلك كما سبق بيانه. وظني أن الشيخ - رحمه الله - لو تتبع الطرق كما فعلنا؛ لم يخالف الذهبي في إنكاره للحديث. والله أعلم.

ومما يؤيد قول المقبلي - أن المحمل من مدارك الأهواء -: أن هذا الحديث عزاه الشيخ عبد الحسين الموسوي الشيعي في كتابه "المراجعات" (ص 23 - طبع دار الصادق) للحاكم من حديث أبي ذر المتقدم (3) ، موهماً القراء أن صحيح بقوله:

"أخرجه الحاكم بالإسناد إلى أبي ذر (ص 151) من الجزء الثالث من صحيحة (!) المستدرك"!

وهو- كعادته - لا يتكلم على أسانيد أحاديثه التي تدعم مذهبه، بل إنه

 

(10/10)

 

 

يسوقها كلها المسلمات المصححات من الأحاديث؛ إن لم يشعر القارىء بصحتها كما فعل هنا بقوله:

"صحيحة المستدرك"! فضلاً عن أنه لا يحكي عن أئمة الحديث ما في أسانيدها من طعن، ومتونها من نكارة.

وقد خطر في البال أن أتتبع أحاديثه التي من هذا النوع وأجمعها في كتاب؛ نصحاً للمسلمين، وتحذيراً لهم من عمل المدلسين المغرضين، وعسى أن يكون ذلك قريباً.

ثم رأيت الخميني قد زاد على عبد الحسين في الافتراء؛ فزعم (ص 171) من كتابه "كشف الأسرار" أن الحديث من الأحاديث المسلمة المتواترة!!

ويعني بقوله: "المسلمة"؛ أي: عند أهل السنة!

ثم كذب مرة أخرى كعادته، فقال:

"وقد ورد في ذلك أحد عشر حديثاً عن طريق أهل السنة"!

ثم لم يسق إلا حديث ابن عباس الذي فيه المتروك؛ كما تقدم!

4504 - (مثل بلعم بن باعوراء في بني إسرائيل؛ كمثل أمية بن أبي الصلت في هذه الأمة) .

ضعيف

أخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (10/ 1/ 274 - طبع المجمع) عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب مرسلاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه - مع إرساله - فيه عنعنة محمد بن إسحاق؛ فإنه كان يدلس.

 

(10/11)

 

 

4505 - (إنما مثل منى كالرحم، هي ضيقة، فإذا حملت؛ وسعها الله) .

ضعيف

رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 121/ 2) عن علي بن عيسى الهذلي: حدثنا يزيد بن عبد الله القرشي: حدثنا جويرية مولاة أبي الطفيل: سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي الدرداء قال:

قلنا: يا رسول الله! إن أمر منى لعجب؛ هي ضيقة؛ فإذا نزلها الناس اتسعت؟! فقال صلي الله عليع وسلم ... فذكره. وقال:

"لا يروى عن أبي الدرداء إلا بهذا الإسناد".

قلت: وهو إسناد مظلم؛ من دون أبي الطفيل لم أعرفهم.

وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 265) :

"رواه الطبراني في "الصغير"، و "الأوسط"، وفيه من لم أعرفه".

قلت: ولم أره في النسخة المطبوعة من "الصغير"!

 

(10/12)

 

 

4506 - (مجالس الذكر تنزل عليهم السكينة، وتحف بهم الملائكة، وتغاشهم الرحمة، ويذكرهم الله على عرشه) .

موضوع بهذا اللفظ

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 118) ، والخطيب في "التاريخ" (3/ 128) عن الجارود بن يزيد عن عمر بن ذر عن مجاهد عن أبي هريرة وأبي سعيد مرفوعاً. وقال أبو نعيم:

"غريب من حديث عمر، تفرد به عنه الجارود بن يزيد النيسابوري".

 

(10/12)

 

 

قلت: وهو كذاب؛ كما قال أبو حاتم. وقال العقيلي:

"يكذب ويضع الحديث".

4507 - (مجالسة العلماء عبادة) .

ضعيف جداً

رواه أبو عبد الله الجمال القرشي في "جزء من فوائده" (3/ 1) ، والديلمي (4/ 73) عن مسلم بن كيسان عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلم بن كيسان؛ قال الذهبي في "الضعفاء":

"تركوه". وقال الحافظ:

"ضعيف".

 

(10/13)

 

 

4508 - (مداراة الناس صدقة) .

ضعيف

روي من حديث جابر، وأنس بن مالك، والمقدام بن معدي كرب، وأبي هريرة.

1- أما حديث جابر: فيرويه المسيب بن واضح: أخبرنا يوسف بن أسباط: أخبرنا سفيان عن محمد بن المنكدر عنه.

أخرجه ابن حبان (2075) ، وابن السني (320) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/ 246) ، والخطيب في "التاريخ" (8/ 246) ، وكذا أبو بكر المقرىء في "الفوائد" (1/ 2/ 1) ، وأبو عروبة الحراني في "حديثه" (3/ 1) ، وأبو سعيد بن الأعرابي في "معجمه" (89/ 2) ، وابن عدي (92/ 1) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (10/ 1) . وقال أبو نعيم:

 

(10/13)

 

 

"تفرد به يوسف عن سفيان". وقال ابن عدي - في ترجمة يوسف -:

"يعرف بالمسيب بن واضح عن يوسف عن سفيان بهذا الإسناد، وقد سرقه منه جماعة من الضعفاء؛ رووه عن يوسف، ولا يرويه غير يوسف عن الثوري".

قلت: يوسف هذا صدوق، ولكنهم ضعفوه؛ لأنه كان يخطىء، وقد دفن كتبه.

وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 285) عن أبيه:

"حديث باطل لا أصل له، ويوسف بن أسباط دفن كتبه".

قلت: وقد تابعه يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر.

أخرجه ابن عدي في "الكامل" (7/ 2613) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 28/ 1/ 459 - بترقيمي) من طريقين عنه.

وهذا إسناد ضعيف جداً؛ قال الهيثمي في "المجمع" (8/ 17) :

"ويوسف هذا متروك. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به". وقال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 136) :

"يروي عن أبيه ما ليس من حديثه من المناكير التي لا يشك عوام أصحاب الحديث أنها مقلوبة".

وقال الحافظ في "الفتح" (10/ 228) - بعد أن عزاه لابن عدي والطبراني -:

"ويوسف بن محمد ضعفوه. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. وأخرجه ابن أبي عاصم في "آداب الحكماء" بسند أحسن منه"! قلت: وكأنه يعني السند الذي قبله من رواية المسيب بن واضح؛ لأنه أشهر

 

(10/14)

 

 

أسانيده، وقد عرفت أن أبا حاتم قد أبطله. وإن كان يعني غيره؛ فلا فائدة منه أيضاً؛ كما تقدم عن ابن عدي؛ أنه سرقه منه جماعة من الضعفاء.

والمسيب بن واضح ضعفوه أيضاً؛ قال الذهبي في "المغني":

"قال أبو حاتم: صدوق يخطىء كثيراً. وضعفه الدارقطني".

لكنه قد توبع في "طبقات الأصبهانيين" (359/ 718) ، و"أخبار أصبهان" (2/ 9) .

2- وأما حديث أنس: فيرويه الحسين بن داود بن معاذ البلخي: حدثنا يزيد ابن هارون عن حميد عنه.

أخرجه ابن عليك النيسابوري في "الفوائد" (3/ 2) .

قلت: وهذا موضوع؛ آفته البلخي هذا؛ قال الذهبي في "المغني":

"ليس بثقة ولا مأمون، متهم".

3- وأما حديث المقدام: فيرويه بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عنه.

أخرجه تمام في "الفوائد" (140/ 1) .

قلت: وبقية مدلس؛ وقد عنعنه.

4- وأما حديث أبي هريرة: فيرويه زكريا بن يحيى: أنبأ أبو معاذ أحمد بن محمد البصري: حدثنا سفيان بن سعيد الثوري عن الأعرج عنه به مرفوعاً؛ وزاد:

"وتقربوا إلى الله بمحبة المساكين والدنو منهم؛ فإن الرحمة نازلة عليهم، والسكينة في قلوبهم، وأبغضوا أهل المعاصي وتباعدوا عنهم؛ فإن المقت والسخط

 

(10/15)

 

 

حولهم حتى يتوبوا، فإذا تابوا تاب الله عليهم، والتائب حبيب الله، فهم إخوانكم، ولا تعيروهم بذنب، فمن عير مسلماً بذنب قد تاب إلى الله منه؛ لم يمت حتى يركبه".

أخرجه أبو صالح الحرمي في "الفوائد العوالي" (ق 174/ 2) .

قلت: وإسناده مظلط؛ من دون الثوري لم أعرفهما.

وزكريا بن يحيى؛ يحتمل أنه أبو يحيى المصري الوقار؛ كذبه صالح جزرة، وقال:

"كان من الكذابين الكبار".

4509 - (مكان الكي التكميد، ومكان العلاق السعوط، ومكان النفخ اللدود) .

ضعيف

أخرجه أحمد (6/ 170) عن إبراهيم عن عائشة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه بين إبراهيم - وهو ابن يزيد النخعي - وعائشة.

ورجاله ثقات.

 

(10/16)

 

 

4510 - (مكتوب في التوراة: كما تدين تدان، وكما تزرع تحصد) .

لاأصل له مرفوعاً

رواه الخطيب في "اقتضاء العلم العمل" (رقم 164 - بتحقيقي) من طريق أبي حاتم الرازي قال: حدثني سويد - هو ابن سعيد -: حدثنا أبو عون الحكم بن سنان عن مالك بن دينار قال ... فذكره.

 

(10/16)

 

 

قلت: وهذا - مع كونه مقطوعاً -؛ فلا يصح إسناده؛ لأن الحكم بن سنان ضعيف.

ونحوه سويد بن سعيد.

والحديث؛ أورده السيوطي في "الجامع الصغير" من رواية الديلمي عن فضالة ابن عبيد مرفوعاً! وتعقبه المناوي بقوله:

"ظاهر صنيع المصنف أن الديلمي أسنده في "مسند الفردوس"! وليس كذلك، بل ذكره بغير سند، وبيض له ولده. وروى الإمام أحمد في "الزهد" بسند عن مالك بن دينار قال ... " فذكره مقطوعاً كما سبق.

4511 - (مكة أم القرى، ومرو أم خراسان) .

ضعيف

أخرجه ابن عدي (109/ 1) عن سمرة بن حجر الأنباري: حدثنا حسام ابن مصك عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعاً.

قلت: وحسام هذا؛ قال الحافظ:

"ضعيف؛ يكاد يترك".

وسمرة بن حجر الأنباري؛ لم أعرفه (1) .

__________

(1) له ترجمة في تاريخ بغداد (9 / 228) . (الناشر)

 

(10/17)

 

 

4512 - (مكة مناخ، لا تباع رباعها، ولا تؤجر بيوتها) .

ضعيف

أخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" (2/ 223) ، وأبو عبد الله القطان في "حديثه" (ق 181/ 2) ، والدارقطني في "السنن" (313) ، وعنه الديلمي (4/ 69) ، والحاكم (2/ 53) ، والبيهقي (6/ 35) من طريق إسماعيل بن

 

(10/17)

 

 

إبراهيم بن مهاجر عن أبيه عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً.

وقال الدارقطني:

"إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ضعيف، ولم يروه غيره". وقال البيهقي:

"إسماعيل ضعيف، وأبوه غير قوي، واختلف عليه: فروي عنه هكذا.وروي عنه عن أبيه عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً ببعض معناه".

قلت: وشذ الحاكم فقال:

"صحيح الإسناد"!

فرده الذهبي بقوله:

"قلت: إسماعيل ضعفوه".

ومن طريقه: أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 25) ، ونقل تضعيفه عن ابن معيد. وعن البخاري أنه قال:

"في حديثه نظر". وقال مرة:

"منكر الحديث".

فهو عند البخاري شديد الضعف.

وقد روي من طريق أخرى؛ فقال أبو حنيفة: عن عبيد الله بن أبي زياد (وفي رواية عنه: ابن أبي يزيد) عن أبي نجيح عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً به.

أخرجه الدارقطني، والحاكم، والبيهقي. وقال الدارقطني:

"كذا رواه أبو حنيفة مرفوعاً. ووهم أيضاً في قوله: عبيد الله بن أبي يزيد! وإنما هو ابن أبي زياد القداح، والصحيح أنه موقوف".

 

(10/18)

 

 

ثم أخرجه هو، والبيهقي: من طريقين آخرين عن ابن أبي زياد به موقوفاً.

قلت: وهو ضعيف مرفوعاً وموقوفاً:

أما الرفع؛ لتفرد أبي حنيفة به.

وأما الوقف؛ فلأن ابن أبي زياد ليس بالقوي كما في "التقريب". وقال الذهبي في "التلخيص":

"قلت: عبيد الله لين".

(تنبيه) : لفظ الحديث عند الطحاوي:

"لا يحل بيع بيوت مكة، ولا إجارتها".

واختار الطحاوي خلافه، وهو مذهب أبي يوسف: أنه لا بأس ببيع أرض مكة وإجارتها، وأنها في ذلك كسائر البلاد.

4513 - (ملك موكل بالقرآن، فمن قرأه - من أعجمي أو عربي - فلم يقومه؛ قومه الملك، ثم رفعه قواماً) .

موضوع

أخرجه الديلمي (4/ 65) عن الحاكم معلقاً بسنده عن المعلى عن سليمان التيمي عن أنس رفعه.

قلت: وهذا موضوع؛ المعلى: هو ابن هلال الطحان الكوفي؛ قال الحافظ:

"اتفق النقاد على تكذيبه".

والحديث؛ أورده السيوطي في "الجامع" من رواية الشيرازي في "الألقاب" عن أنس. قال المناوي:

 

(10/19)

 

 

"وظاهر صنيع المؤلف أنه لا يوجد مخرجاً لأشهر من الشيرازي؛ مع أن الحاكم والديلمي خرجاه"!

كذا قال! وظاهر كلامه أن الحاكم أخرجه في "المستدرك"، ولم أره فيه!

4514 - (من أشراط الساعة: أن يمر الرجل في المسجد، لا يصلي فيه ركعتين، وأن لا يسلم الرجل إلا على من يعرف، وأن يبرد الصبي الشيخ) .

ضعيف

أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (2/ 283/ 1326) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (36/ 2) من طريق الحسن بن بشر البجلي: أخبرنا الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه قال:

لقي ابن مسعود رجلاً، فقال: السلام عليك يا ابن مسعود! فقال ابن مسعود: صدق الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -! سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته الحكم بن عبد الملك القرشي؛ قال الحافظ:

"ضعيف".

وخالفه منصور فقال: عن سالم بن أبي الجعد قال ... فذكره، لم يقل في إسناده: عن أبيه، ولم يذكر في متنه:

"وأن لا يسلم ... ".

أخرجه الطبراني أيضاً.

ثم أخرجه من طريق عمر بن المغيرة عن ميمون أبي حمزة عن إبراهيم عن علقمة قال:

 

(10/20)

 

 

لقي ابن مسعود أعرابي ... الحديث مثله؛ إلا أنه قال:

"وحتى تتخذ المساجد طرقاً".

لكن ميمون أبو حمزة ضعيف.

وعمر بن المغيرة؛ قال البخاري:

"منكر الحديث مجهول".

ثم تبين أنه قد تقدم برقم (1530) (1) .

4515 - (من اقتراب الساعة: هلاك العرب) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (3925) عن محمد بن أبي رزين عن أمه قالت:

كانت أم الحرير إذا مات أحد من العرب اشتد عليها، فقيل لها: إنا نراك إذا مات الرجل من العرب اشتد عليك؟ قالت: سمعت مولاي يقول ... فذكره مرفوعاً. وقال - مضعفاً -:

"حديث غريب".

قلت: وعلته أم الحرير - بالتصغي -؛ لا تعرف؛ كما قال الحافظ الذهبي والعسقلاني.

ومثلها أم محمد بن أبي رزين، وإن لم أجد من صرح بذلك.

وروى البزار (3330) ، وأحمد (2/ 513) عن أبي بكر عن داود عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:

"أول الناس هلاكاً العرب، ثم أهل فارس".

__________

(1) وقال الشيخ - رحمه الله - في آخر تخريجه هناك: " وإنما أوردته هنا من أجل الجملة الأخيرة منه في الإبراد، وأما سائره فثابت في أحاديث، فانظر الكتاب الآخر (647، 648، 649) ". (الناشر)

 

(10/21)

 

 

وهذا إسناد ضعيف؛ داود - وهو ابن يزيد بن عبد الرحمن الأودي - ضعيف.

وأبوه فيه جهالة.

4516 - (من الجفاء: أن أذكر عند الرجل، فلا يصلي علي) .

ضعيف

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3121) عن محمد بن مسلم وابن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قلت: وهذا إسناد صحيح مرسل.

ومحمد بن علي: هو أبو جعفر الباقر.

 

(10/22)

 

 

4517 - (من الصدقة: أن يعلم الرجل العلم؛ فيعمل به ويعلمه) .

ضعيف

رواه أبو خيثمة زهير بن حرب في "كتاب العلم" (رقم:138) : أخبرنا معاذ: أخبرنا أشعث عن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لأن الحسن - وهو البصري - تابعي يرسل كثيراً. ورجاله ثقات.

وأشعث: هو ابن عبد الله الحداني.

والحديث؛ أخرجه الآجري أيضاً في "أخلاق العلماء" (ص 27) ، وابن عبد البر في "الجامع" (1/ 123) عن الحسن مرسلاً.

 

(10/22)

 

 

4518 - (من المروءة: أن ينصت الأخ لأخيه إذا حدثه، ومن حسن المماشاة: أن يقف الأخ لأخيه إذا انقطع شسع نعله) .

موضوع

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (6/ 394) عن أبي يعقوب إسحاق

 

(10/22)

 

 

ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن موسى المؤذن: حدثنا خراش بن عبد الله قال: حدثني مولاي أنس بن مالك مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته خراش بن عبد الله، وهو ساقط عدم؛ كما قال الذهبي.

وإسحاق بن يعقوب غير معروف، وفي ترجمته ساقه الخطيب، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

وبه يرد أيضاً على قول الذهبي في ترجمة خراش:

"ما أتى به غير أبي سعيد العدوي الكذاب"!

ويستدرك به على تعقب الحافظ عليه بقوله:

"بل روى عنه أيضاً حفيده خراش"!

فقد روى عنه يعقوب بن إسحاق أيضاً.

والحديث؛ روى الشطر الأول منه ابن قدامة في "المتاحبين في الله" (ق 111/ 1) .

4519 - (من بركة المرأة: تكبيرها بالبنات؛ ألم تسمع الله يقول: (يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور) ، فبدأ بالإناث قبل الذكور) .

موضوع

رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص 72) ، والخطيب (14/ 417-418) ، وابن عساكر (13/ 398/ 1) ، وأبو نعيم في "جزء حديث

 

(10/23)

 

 

الكديمي وغيره" (33/ 2) عن مسلم بن إبراهيم: حدثنا حكيم بن حزام عن العلاء بن كثير عن مكحول عن واثلة بن الأسقع مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ حكيم بن حزام هذا؛ قال البخاري:

"منكر الحديث". وقال أبو حاتم:

"متروك الحديث". وقال الساجي:

"يحدث بأحاديث بواطيل".

والحديث؛ أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من رواية الخرائطي.

وتعقبه السيوطي في "اللآلىء" (2/ 97) بأن له شاهداً من حديث عائشة مرفوعاً نحوه؛ رواه أبو الشيخ!

وأقول: فيه متهمان، فلا يصلح للشهادة.

4520 - (من تمام النعمة: دخول الجنة، والفوز من النار) .

ضعيف (1)

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (725) ، والترمذي (3524) ، وابن أبي شيبة (10/ 269/ 9405) ، وأحمد (5/ 235) ، والطبراني في "الكبير" (20/ 55-56) عن أبي الورد عن اللجلاج عن معاذ بن جبل قال:

سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يدعو يقول: اللهم! إني أسألك تمام النعمة، فقال:

"أي شيء تمام النعمة؟ ". قال: دعوة دعوت بها، أرجو بها الخير، قال:

"فإن من تمام ... " (الحديث) .

__________

(1) تقدم تخريجه برقم (3416) ، وما هنا فيه زيادة وفائدة. (الناشر)

 

(10/24)

 

 

وسمع رجلاً وهو يقول: ذا الجلال والإكرام! فقال:

"قد استجيب لك، فسل".

وسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً وهو يقول: اللهم! إني أسألك الصبر، قال:

"سألت الله البلاء؛ فاسأله العافية".

قلت: وهذا إسناد فيه ضعف؛ أبو الورد: هو ابن ثمامة بن حزن القشيري؛ لم يوثقه أحد، وقال الحافظ:

"مقبول"؛ يعني: عند المتابعة.

ومع ذلك سكت عليه في "الفتح" (11/ 224-225) ؛ وقد ذكره دليلاً لمن قال: إن الاسم الأعظم: "ذو الجلال والإكرام"! وما أراه يجوز له السكوت عليه؛ فقد ذكر في الاسم الأعظم أربعة عشر قولاً؛ هذا أحدها، فيحسن في مثل هذا الخلاف أن يبين قيمة أدلة الأقوال من حيث الثبوت؛ لأن ذلك يساعد من لا علم عنده بالحديث على الترجيح.

4521 - (من حسن عبادة المرء: حسن ظنه) .

ضعيف

رواه ابن عدي (161/ 1) ، والخطيب (5/ 377) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 141) عن سليمان بن الفضل الزيدي: حدثنا ابن المبارك عن همام عن قتادة عن أنس مرفوعاً. وقال ابن عدي:

"سليمان؛ ليس بمستقيم الحديث، وقد رأيت له غير حديث منكر، والحديث بهذا الإسناد لا أصل له".

 

(10/25)

 

 

4522 - (من سعادة المرء: أن يشبه أباه) .

ضعيف

قال القضاعي في "مسند الشهاب" (22/ 1) : روى أبو عبد الله الحافظ (يعني: الحاكم) في "كتاب فضائل الشافعي" قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد الصاغاني قال: أخبرنا أبو رجاء محمد بن حمدويه قال: أخبرنا عبيد الله بن عمر قال: أخبرنا أبو غسان القاضي أيوب بن يونس عن أبيه عن إياس بن معاوية عن أنس بن مالك قال:

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم في فسطاط؛ إذ جاءه السائب بن عبد يزيد ومعه ابنه، فنظر إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون إياس بن معاوية؛ لم أجد من ذكرهم؛ سوى أبي علي الحسن بن محمد الصاغاني؛ فأورده السمعاني في مادة "الصاغاني" هذه؛ وقال:

"سمع أحمد بن محمد بن عمرو الضبعي. روى عنه الحاكم أبو عبد الله الحافظ".

ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً؛ فهو مجهول.

 

(10/26)

 

 

4523 - (من سنن المرسلين: الحلم، والحياء، والحجامة، والتعطر، وكثرة الأزواج) .

ضعيف

رواه ابن عدي (272/ 2) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 458/ 2) عن قدامة بن محمد عن إسماعيل بن شيبة عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً. وقال ابن عدي:

 

(10/26)

 

 

"حديث غير محفوظ بهذا الإسناد". وقال البيهقي:

"تفرد به قدامة بن محمد الخشرمي عن إسماعيل، وليسا بالقويين، وأصح ما روي فيه ... ".

ثم ذكر حديث أبي أيوب المتقدم بلفظ: "أربع ... " وهو ضعيف أيضاً، مخرج في "الإرواء" (75) ، وفي "المشكاة" (382) .

4524 - (من شكر النعمة: إفشاؤها) .

ضعيف

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (19580) عن معمر عن قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله. ورجاله ثقات.

 

(10/27)

 

 

4525 - (إن من كرامة المؤمن على الله: نقاء ثوبه، ورضاه باليسير) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (202/ 2) عن كثير بن عبيد الحمصي: أخبرنا بقية بن الوليد عن أبي توبة النميري عن عباد بن كثير عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عباد بن كثير - وهو الثقفي البصري - متروك. قال أحمد:

"روى أحاديث كذب"؛ كما في "التقريب".

وأبو توبة النميري: اسمه جرول بن جيفل الحراني؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 551) :

 

(10/27)

 

 

"قال أبي: لا بأس به، وقال أبو زرعة: كان صدوقاً، ما كان به بأس". وقال الذهبي في "الميزان":

"صدوق، وقال ابن المديني: روى مناكير".

قلت: لعل تلك المناكير ممن فوقه أو ممن دونه، كما هو الشأن هنا؛ ففوقه عباد المتروك.

وتحته بقية بن الوليد؛ وهو مدلس، وقد عنعنه.

وقال الهيثمي في "المجمع" (5/ 132) :

"رواه الطبراني، وفيه عباد بن كثير، وثقه ابن معين، وضعفه غيره. وجرول ابن جيفل؛ ثقة، وقال ابن المديني: له مناكير، وبقية رجاله ثقات"!

كذا قال! وكان عليه أن ينبه على تدليس بقية وعنعنته.

قلت: ومن هذا التخريج والتحقيق؛ تعلم أن قول ابن حجر الهيتمي في رسالته "أحكام اللباس" (ق 2/ 2) :

"حديث حسن"!

أنه غير حسن! ولعل السبب اغتراره بتخريج الهيثمي السابق، وتقليده إياه في ذلك الاختلاف الذي حكاه في عباد، وهو اختلاف لا قيمة له؛ فقد قال ابن حبان:

"كان يحيى بن معين يوثقه، وهو عندي لا شيء في الحديث". وقال الحاكم - على تساهله المعروف -:

"روى أحاديث موضوعة".

 

(10/28)

 

 

وهذا كله جار على أنه عباد بن كثير الرملي الفلسطيني، وهو محتمل؛ لأنهم ذكروا في الرواة عنه أبا توبة النميري.

وأنا جريت على أنه عباد بن كثير الثقفي البصري كما تقدم؛ لأنهم ذكروا في شيوخه عبد الله بن طاوس، وهذا الحديث من روايته عنه كما ترى. والله أعلم.

4526 - (مكتوب في التوراة: من سره أن تطول أيام حياته، أو يزاد في رزقه؛ فليصل رحمه) (1) .

ضعيف

رواه الحاكم (4/ 160) ، والبزار (2/ 374/ 1880) ، والباطرقاني في "جزء من حديثه" (165/ 1) ، وابن عساكر (9/ 70/ 2 و 15/ 380/ 2) عن سعيد ابن بشير عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!! مع أنه القائل في "الضعفاء" (165/ 1) :

"سعيد بن بشير؛ وثقه شعبة، وفيه لين". وقال الحافظ في "التقريب":

"ضعيف".

ومن ذلك؛ تلعم تساهل المنذري في قوله في "الترغيب" (3/ 223) :

"رواه البزار بإسناد لا بأس به، والحاكم وصححه"!

__________

(1) قال الشيخ - رحمه الله - في حاشيته على " ضعيف الجامع " (ص 762) : " قلت: بل هذا من قول نبينا صلى الله عليه وسلم؛ ثبت ذلك عنه من طرق، فانظر " صحيح الجامع " (5956، 6291) (الناشر)

 

(10/29)

 

 

4527 - (من ابتلي فصبر، وأعطي فشكر، وظلم فاستغفر، وظلم فغفر؛ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) .

ضعيف جداً

رواه ابن بشران في "الأمالي" (18/ 4/ 2) عن محمد بن المعلى عن زياد بن خيثمة عن أبي داود، عن عبد الله بن سخبرة مرفوعاً.

 

(10/29)

 

 

ومن هذا الوجه: رواه أبو بكر الذكواني في "اثنا عشر مجلساً" (19/ 2) ، والمخلص في "الفوائد المنتقاة" (3/ 150/ 2) ، والخرائطي في "فضيلة الشكر" (130/ 2) ، وابن أبي الدنيا في "الشكر" (1/ 25/ 2) وفي "الصبر" (43/ 2) إلا أنه قال: عن عبد الله بن سخبرة عن سخبرة.

وكذا رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 225-226) ، والواحدي في "الوسيط" (1/ 250/ 1) .

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو داود: هو الأعمى؛ متروك.

وقد أخرج الترمذي (2650) حديثاً آخر عن محمد بن المعلى بهذا الإسناد بلفظ:

"من طلب العلم؛ كان كفارة لما مضى". وقال:

"حديث ضعيف الإسناد؛ أبو داود يضعف، ولا نعرف لعبد الله بن سخبرة كبير شيء، ولا لأبيه، واسم أبي داود: نفيع الأعمى، تكلم فيه قتادة وغير واحد من أهل العلم".

قلت: وقال الحافظ في "التقريب":

"متروك، وقد كذبه ابن معين".

قلت: فمن الغريب ما نقله المناوي عن الحافظ، فقد قال - عقب قول السيوطي: "رواه الطبراني والبيهقي في (الشعب) " -:

"رمز المصنف لحسنه، وأصله قول الحافظ في "الفتح": خرجه الطبراني بسند حسن"!

 

(10/30)

 

 

ووجه الاستغراب: أنني لا أظنه عند الطبراني إلا من الوجه المتقدم الواهي، ويؤيدني أن الحافظ المنذري في "الترغيب" (4/ 45) أشار إلى تضعيفه؛ وقال:

"رواه الطبراني"!

4528 - (من أتى الجمعة والإمام يخطب؛ كانت له ظهراً) .

ضعيف

رواه ابن عساكر (8/ 141/ 2) عن أبي الفتح صدقة بن محمد بن محمد بن محمد بن خالد بن معتوق الهمداني - من أهل عين ثرما -: أخبرنا أبو الجهم بن طلاب: أخبرنا يوسف بن عمر: أخبرنا سعيد بن المغيرة: أخبرنا أبو إسحاق الفزاري عن الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً.

أورده في ترجمة أبي الفتح هذا، ولم يذكر فيه أكثر من هذا الحديث.

وأبو الجهم بن طلاب وشيخه يوسف بن عمر؛ لم أجد لهما ترجمة.

وبقية الرجال ثقات.

وأبو إسحاق الفزاري: اسمه إبراهيم بن محمد بن الحارث.

والحديث؛ أورده السيوطي في "الجامع الصغير" من رواية ابن عساكر هذه. ولم يتعقبه المناوي بشيء، بل شرحه شرحاً يوهم صحة الحديث، فقال:

"أي فاتته الجمعة؛ فلا يصح ما صلاه جمعة؛ بل ظهراً؛ لفوات شرطها من سماعه للخطبة، وهذا إذا لم يتم العدد إلا به"!

ولا دليل في السنة على شرطية سماع الخطبة، ولا على اشتراط عدد أكثر من عدد صلاة الجماعة؛ فتنبه!

 

(10/31)

 

 

4529 - (من أتى امرأة في حيضها؛ فليتصدق بدينار، ومن أتاها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل؛ فبنصف دينار. كل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (149/ 1) : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري: أنبأنا عبد الرزاق: أنبأنا محمد بن راشد وابن جريج قالا: أنبأنا عبد الكريم عن مقسم عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الكريم هذا: هو ابن أبي المخارق أبو أمية؛ وهو مجمع على ضعفه، وقيل: إنه عبد الكريم بن مالك الجزري الثقة! والراجح الأول؛ كما حققته في "صحيح أبي داود" (258) .

واعلم أنه قد اضطرب في هذا الحديث اضطراباً كثيراً: متناً وسنداً، وقد بينت شيئاً منه في الكتاب المذكور، وفي "ضعيف أبي داود" رقم (41-43) ، وبينت أن الصحيح في متنه:

أن عليه أن يتصدق بدينار أو نصف دينار على التخيير، وبدون التفصيل المذكور في هذا الحديث. والله أعلم.

 

(10/32)

 

 

4530 - (من اتبع جنازة؛ فليحمل بجوانب السرير كلها؛ فإنه من السنة) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (1/ 451) ، والطيالسي (1/ 165) عن عبيد بن نسطاس، عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله بن مسعود ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ قال البوصيري (ق 92/ 2) :

"هذا إسناد موقوف، رجاله ثقات، وحكمه الرفع؛ إلا أنه منقطع؛ فإن أبا

 

(10/32)

 

 

عبيدة - واسمه عامر، وقيل: اسمه كنيته - لم يسمع من أبيه شيئاً، قاله أبو حاتم، وأبو زرعة، وعمرو بن مرة، وغيرهم".

4531 - (من اتبع كتاب الله؛ هداه الله من الضلالة، ووقاه سوء الحساب يوم القيامة، وذلك أن الله يقول: (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى)) .

ضعيف جداً

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (161/ 2) : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة: حدثني أبي، قال: وجدت في كتاب أبي بخطه عن عمران بن أبي عمران عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عمران بن أبي عمران هذا؛ الظاهر أنه الرملي؛ قال الذهبي:

"أتى بخبر كذب عن بقية بن الوليد؛ فهو آفته".

ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة؛ متكلم فيه.

والحديث؛ عزاه في "الدر المنثور" (5/ 311) لابن أبي شيبة أيضاً، وأبي نعيم في "الحلية"، وابن مردويه عن ابن عباس مرفوعاً. قال:

"وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، ومحمد بن نصر، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم - وصححه -، والبيهقي في "شعب الإيمان" من طرق، عن ابن عباس قال:

أجار الله تابع القرآن من أن يضل في الدنيا، أو أن يشقى في الآخرة. ثم قرأ:

 

(10/33)

 

 

(فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) ؛ لا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة".

قلت: وهو عند الحاكم (2/ 381) من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:

من قرأ القرآن واتبع ما فيه؛ هداه الله ... الحديث مثل حديث الترجمة. وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي.

والظاهر أن هذا هو أصل الحديث؛ موقوف على ابن عباس؛ رفعه ذلك المتهم.

ويؤيد ذلك: مجيئه من طرق عن ابن عباس موقوفاً.

4532 - (من أتته هدية وعنده قوم جلوس؛ فهم شركاؤه فيها) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (133/ 2) عن يحيى بن سعيد الواسطي: أخبرنا يحيى بن العلاء عن طلحة بن عبيد الله عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره مرفوعاً.

 

(10/34)

 

 

4533 - (من اتخذ من الخدم غير ما ينكح، ثم بغين؛ فعليه مثل آثامهن من غير أن ينقص من آثتمهن شيء) .

ضعيف

أخرجه البزار في "مسنده" (ص 151 "زوائده" لابن حجر) ... عن عطاء بن يسار عن سلمان: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وقال صاحب "الزوائد":

 

(10/34)

 

 

"فيه انقطاع". يعني: بين عطاء وسلمان.

وفيه راويان آخران مجهولان؛ كما نقله المناوي عن عبد الحق الإشبيلي. وقد سقط تمام الإسناد من "الزوائد"؛ فلم أتمكن من دراسته، فراجع "المناوي".

ثم وقفت على إسناد البزار في كتاب "الوهم والإيهام" لابن القطان الفاسي، ومنه بدا لي أن ما نقله المناوي عن عبد الحق فيه نظر؛ لأنه ذكر فيه (2/ 120/ 1) أن عبد الحق ذكر الحديث من طريق البزار عن عطاء بن يسار ... فتعقبه بقوله:

"كذا أورده غير مبرز من إسناده إلا عطاء، ورأيت في بعضها تنبيهاً في (الحاشية) معزواً إلى أبي محمد، معناه: أنه لا يعلم سماع عطاء من سلمان! كأنه لم يهمه من أمر إسناده غير ذلك! والحديث لا يصح ولو صح سماعه منه؛ لأنه عند البزار هكذا: حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا سعيد بن محمد قال: حدثنا علي بن غراب عن سعيد بن الحر عن سلمة بن كلثوم عن عطاء ... فذكره.

أما سعيد بن الحر؛ فلا أعرف له وجوداً إلا هنا.

وسلمة بن كلـ ... ".

قلت: محل النقط لم يظهر في المصورة (1) ، فربما كان فيه كلامه على علي بن غراب، وهو ممن اختلف فيه. وفي "التقريب":

"صدوق، وكان يدلس ويتشيع، وأفرط ابن حبان في تضعيفه". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 298) :

__________

(1) انظر مطبوع " بيان الوهم والإيهام " (5 / 88) . (الناشر) .

 

(10/35)

 

 

"رواه البزار عن عطاء بن يسار عن سلمان؛ ولم يدركه، وفيه من لم أعرفهم".

قلت: ولم أره في "كشف الأستار"! والله أعلم.

4534 - (من اجتنب من الرجال أربعاً؛ فتحت له أبواب الجنة، يدخل من أيها شاء: الدماء، والأموال، والفروج، والأشربة. ومن النساء: إذا صلت خمسها، وصامت شهرها، وأحصنت فرجها، وأطاعت زوجها؛ فتحت لها أبواب الجنة الثمانية؛ تدخل من أيها شاءت) (1) .

ضعيف جداً

رواه ابن عدي (141/ 1) ، والسهمي في "تاريخ جرجان" (291) عن رواد بن الجراح عن الثوري عن الزبير بن عدي قال: سمعت أنس بن مالك مرفوعاً. وقال ابن عدي:

"هذا هو الحديث الذي قال أحمد: حديث منكر ونهى ابن زنجويه أن يحدث به".

قلت: وهو من مناكير رواد بن الجراح هذا؛ قال الحافظ في "التقريب":

"صدوق، اختلط بآخره فترك، وفي حديثه عن الثوري ضعف شديد".

ومن طريقه: أخرج البزار الشطر الأول منه؛ كما في "المناوي".

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " البزار ". وهو في " الكشف " برقم (3336) . (الناشر)

 

(10/36)

 

 

4535 - (من أحب أن يسبق الدائب المجتهد؛ فليكف عن الذنوب) .

ضعيف جداً

رواه أبو سعيد النقاش في "الثاني من الأمالي" (47/ 2) ، وأبو

 

(10/36)

 

 

نعيم في "الحلية" (10/ 400) عن يوسف بن ميمون عن عطاء عن عائشة مرفوعاً. وقالا:

"تفرد به يوسف".

قلت: وهو الصباغ، وهو ضعيف جداً؛ قال البخاري في "التاريخ الكبير" (4/ 2/ 384) ، وأبو حاتم في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 230) :

"منكر الحديث جداً".

4536 - (من أحب قوماً على أعمالهم؛ حشر يوم القيامة في زمرتهم، فحوسب بحسابهم، وإن لم يعمل أعمالهم) .

موضوع بهذا اللفظ

أخرجه ابن عدي (11/ 2) ، والخطيب (5/ 196) عن إسماعيل بن يحيى عن سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته إسماعيل بن يحيى - وهو التيمي -؛ كذاب، كما قال غير واحد من الأئمة. وقال الدارقطني:

"كان يكذب على مالك والثوري وغيرهما". وقال ابن عدي:

"حدث عن الثقات بالبواطيل، وهذا الحديث لا يرويه عن الثوري غيره".

قلت: ومنه تعلم أن الحافظ السخاوي لم يعطه حقه من الجرح حين قال في "المقاصد" (ص 379) :

"وفي سنده إسماعيل بن يحيى التيمي، ضعيف"!

ومن العجيب: أن المناوي أقره على ذلك كما يأتي؛ فلعلهما لم يستحضرا - حين حررا ذلك - ترجمته؛ فرقا له، فاقتصرا على هذا الجرح الناعم!

 

(10/37)

 

 

وفي "الجامع الصغير" بلفظ:

"من أحب قوماً؛ حشره الله في زمرتهم".

رواه الطبراني في "الكبير"، والضياء عن أبي قرصافة.

وذكره الهيثمي (10/ 281) من رواية الطبراني، وقال:

"وفيه من لم أعرفه".

وقد نقله عنه المناوي، وأتبعه بقوله:

"فقال السخاوي: فيه إسماعيل بن يحيى التيمي، ضعيف"!

وأنا أستبعد جداً أن يكون عند الطبراني من طريق إسماعيل هذا، ثم يخفى حاله على الهيثمي، أو يغض الطرف عنه فلا يعله به؛ وهو كذاب كما سبق، وإنما يعله بمن لم يعرفه! هذا أبعد ما يكون عن أهل العلم.

ويؤيده إخراج الضياء إياه في "الأحاديث المختارة"، فهل يعقل أن يكون في إسناده هذا الكذاب؟!

فالذي يغلب على الظن: أن السخاوي لم تكن عبارته محررة في الكلام على الحديث واختلاف ألفاظه، فاغتر المناوي بظاهر كلامه؛ فقد قال السخاوي - تحت حديث "المرء مع من أحب" -:

"وفي لفظ آخر عن أبي قرصافة: "من أحب قوماً ووالاهم؛ حشره الله فيهم".

وفي آخر عن جابر: "من أحب قوماً على أعمالهم؛ حشر معهم يوم القيامة". وفي لفظ: "حشر في زمرتهم". وفي سنده إسماعيل بن يحيى التيمي؛ ضعيف".

أقول: ففهم المناوي - والله أعلم - من قول السخاوي:

 

(10/38)

 

 

"وفي سنده"؛ أنه يعني الحديث بجميع ألفاظه المذكورة! والظاهر أنه يعني حديث جابر وحده. والله أعلم.

وأما حديث: "المرء مع من أحب"؛ فهو متفق عليه من حديث أنس بن مالك، وهو مخرج في "الروض النضير" (104،106،360،361،370،1028) ، و"تخريج فقه السيرة" (214) .

4537 - (من أحسن الصلاة حيث يراه الناس، وأساء حين يخلو؛ فتلك استهانة يستهين بها ربه) .

ضعيف

رواه عبد الرزاق في "المصنف" (2/ 369-370) ، وأبو يعلى في "مسنده" (3/ 1269) ، والجرجاني في "الفوائد" (158/ 1) ، وأبو محمد الضراب في "ذم الرياء في الأعمال" (279/ 1) ، والبيهقي في "السنن" (2/ 290) عن إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً.

ثم رواه أبو محمد (1/ 280-281) من طريق أخرى عن إبراهيم به موقوفاً. قال المنذري في "الترغيب" (1/ 33) :

"الموقوف أشبه".

قلت: وهو ضعيف موقوفاً ومرفوعاً؛ فإن مداره على إبراهيم بن مسلم الهجري؛ وهو ضعيف.

ثم وجدت له متابعاً: أخرجه أبو القاسم الحسيني في "الأمالي" (11/ 1) عن عبد الله بن محمد بن المغيرة قال: حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي البختري عن أبي الأحوص به.

 

(10/39)

 

 

لكن عبد الله بن محمد بن المغيرة - وهو الكوفي نزيل مصر - شديد الضعف؛ قال ابن يونس:

"منكر الحديث". وقال ابن عدي:

"عامة ما يرويه لا يتابع عليه".

وساق له الذهبي عدة أحايث مما أنكر عليه، ثم قال:

"قلت: وهذه موضوعات".

والحديث؛ أورده ابن كثير في "تفسيره" بسند أبي يعلى، وسكت عنه، فتوهم الشيخ الرفاعي (2/ 601) أن ذلك تصحيح منه للحديث، فذكره في "مختصره"! وليته سكت إذ أورده كما فعل بلديه (2/ 441) ! إذن لكان الخطأ أيسر، فكيف به وقد صرح بتصحيحه في "فهرسه"؟! فإلى الله المشتكى من هذا الزمان ومدعي العلم فيه!!

4538 - (من أحيا سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة) .

ضعيف

روي من حديث أنس، وله عنه طرق:

الأولى: عن ابن لأنس بن مالك - واختلف في اسمه -، فقال بقية: عن عاصم بن سعيد: حدثني ابن لأنس بن مالك عن أبيه مرفوعاً به.

أخرجه أبو عبد الله الرازي في "مشيخته" (3/ 1) ، وابن بطة في "الإبانة" (1/ 131/ 1) ، وأبو محمد الجوهري في "مجلسان من الأمالي" (66/ 2) ، واللالكائي في "شرح السنة" (1/ 10/ 2) ، والهروي في "ذم الكلام" (4/ 82/ 2) عن بقية به.

 

(10/40)

 

 

إلا أن بعضهم قال: حدثني معبد بن خالد عن أنس.

وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 114) عن بقية عن عاصم قال: حدثني سعيد بن خالد عن خالد بن أنس عن أنس. ثم قال:

"لا يتابع عليه. وخالد بن أنس لا يعرف. وعاصم بن سعيد مجهول أيضاً". وقال:

"وفي هذا الباب أسانيد لينة من غير هذا الوجه".

ثم رواه (327) من طريق نعيم بن حماد: حدثنا بقية عن عياض بن سعيد المازني قال: حدثني سعيد بن خالد بن أنس بن مالك عن أنس بن مالك به. وقال:

"عياض مجهول، حديثه غير محفوظ، وقد روي بإسناد أصلح من هذا من غير هذا الوجه".

قلت: ولعله يعني الطريق التالية عن ابن جدعان.

وبالجملة؛ فهذه الطريق الأولى مدارها على بقية، وهو مدلس، وقد عنعنه في كل الطرق عنه. ثم هو - إلى ذلك - اضطرب في إسناده على وجوه:

فهو تارة يسمي شيخه عاصماً، وتارة عياضاً.

وتارة لا يسمي ابن أنس، وتارة يسميه. وإذا سماه؛ فتارة يسميه معبد اً، وتارة سعيداً.

الثانية: عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن أنس مرفوعاً في حديث طويل له.

 

(10/41)

 

 

أخرجه ابن نصر في "الصلاة" (160/ 1) ، والطبراني في "الأوسط" (39/ 1- ترتبيه) ، ومن طريقه الهروي.

قلت: وابن جدعان ضعيف.

الثالثة: عن يحيى بن عنبسة: حدثنا حميد الطويل عن أنس.

أخرجه الهروي أيضاً.

ويحيى بن عنبسة دجال وضاع؛ كما قال ابن حبان والدارقطني.

الرابعة: عن العلاء أبي محمد الثقفي عنه.

أخرجه الهروي.

والعلاء هذا: هو ابن زيد - ويقال: زيدل -؛ متروك، ورماه أبو الوليد بالكذب.

الخامسة: عن أحمد بن محمد بن غالب - غلام خليل -: حدثنا دينار، عنه. أخرجه عفيف الدين في "فضل العلم" (124/ 2) .

قلت: ودينار هذا هو أبو مكيس الحبشي؛ قال الذهبي:

"ذاك التالف المتهم. قال ابن حبان: يروي عن أنس أشياء موضوعة".

وغلام خليل من الوضاعين المشهورين.

4539 - (من أخاف مؤمناً؛ كان حقاً على الله أن لا يؤمنه من أفزاع يوم القيامة) .

ضعيف

رواه الطبراني في "الأوسط" (412) عن محمد بن حفص الوصابي عن محمد بن حمير عن سلمة (كذا) عن سلمة بن العيار عن عاصم ابن محمد عن زيد بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن عبد الله بن عمر مرفوعاً. وقال:

 

(10/42)

 

 

"لم يروه عن سلمة إلا محمد بن حمير".

قلت: هو ثقة.

لكن الراوي عنه محمد بن حفص الوصابي ضعيف؛ كما قال ابن منده. وقال ابن أبي حاتم:

"أردت السماع منه؛ فقيل لي:ليس يصدق، فتركته". وقال ابن حبان في "الثقات":

"يغرب".

وسلمة شيخ ابن حمير؛ لم أعرفه! ويغلب على ظني أنه محرف من: (سليمان) ؛ وهو ابن سليم الكناني الكلبي أبو سلمة الشامي.

أو لعله سقط من الأصل: (أبي) أداة الكنية، فالصواب: "عن أبي سلمة"؛ ولعل هذا هو الأرجح، وهو ثقة. والله أعلم.

والحديث؛ قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 254) :

"رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه محمد بن حفص الوصابي، وهو ضعيف".

وقد روي الحديث عن ابن عمرو بنحوه، وسبق تخريجه برقم (2279) .

4540 - (من أخذ بسنتي فهو مني، ومن رغب عن سنتي فليس مني) .

ضعيف جداً

رواه أبو جعفر الرزاز البختري في "جزء من الأمالي" (198/ 2-99/ 1) ، وعبد الغني المقدسي في "السنن" (63/ 2) عن جويبر عن طلحة بن السحاح قال:

 

(10/43)

 

 

كتب عبيد الله بن معمر القرشي إلى عبد الله بن عمر وهو أمير فارس على جند: إنا قد استقررنا ولا نخاف عدونا، وقد أتى علينا سبع سنين، وقد ولدنا الأولاد؛ فكم صلاتنا؟ فكتب إليه عبد الله: إن صلاتكم ركعتين، فأعاد عليه الكتاب، فكتب إليه ابن عمر: إن صلاتكم ركعتين. فأعاد إليه الكتاب؟ فكتب إليه ابن عمر: إني كتبت إليك بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسمعته يقول ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته جويبر - وهو ابن سعيد -؛ قال الذهبي في "المغني":

"قال الدارقطني وغيره: متروك". وقال الحافظ:

"ضعيف جداً".

وطلحة بن السحاح؛ قال الجورقاني:

"لا يعرف".

وعبيد الله بن معمر القرشي؛ لم أعرفه.

4541 - (من ازداد علماً ولم يزدد هدىً؛ لم يزدد من الله إلا بعداً) .

ضعيف جداً

رواه أبو سعد عبد الرحمن بن حمدان البصري في "جزء من الأمالي" (148) : أخبرنا أبو بكر عمر بن إبراهيم بن مردويه الكرجي: خبرنا أبو سعيد أبان بن جعفر النجيرمي: خبرنا أحمد بن سعيد الثقفي: خبرنا سفيان ابن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن أنس مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته أبان هذا؛ قال الذهبي في "ذيل الضعفاء":

"كذاب، كان بالبصرة".

 

(10/44)

 

 

وأفاد الحافظ في "اللسان" أن (أبان) مصحف، وأن الصواب (أباء) بهمزة لا بنون. وقد أورده كذلك الذهبي نفسه في "الميزان"، وقال:

"تالف متأخر".

وضبطه ابن ماكولا بتشديد الباء مقصوراً، وقال:

"وذكره الخطيب بالتخفيف، ووهم في ذلك".

وأحمد بن سعيد الثقفي مجهول.

والحديث؛ أورده السيوطي في "الجامع" من رواية الديلمي عن علي. وأفاد المناوي أن الحافظ العراقي قال:

"سنده ضعيف"!

وهذا فيه تساهل؛ فإن حقه أن يقال: "ضعيف جداً"؛ لأن فيه موسى بن إبراهيم؛ قال الدارقطني:

"متروك".

وكذبه يحيى كما في "الميزان"، وساق له حديثين، قال:

"إنهما من بلاياه"!

4542 - (من استجد ثوباً فقال حين بلغ ترقوته: الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمل به في حياتي، ثم عمد إلى الثوب الذي أخلق، فتصدق به؛ كان في ذمة الله، وفي جوار الله، وفي كنف الله حياً وميتاً) .

ضعيف

رواه أحمد (1/ 44) ، وأبو بكر بن النقور في "الجزء الأول من الفوائد"

 

(10/45)

 

 

عن أصبغ: حدثنا أبو العلاء الشامي قال:

لبس أبو أمامة ثوباً جديداً، فلما بلغ ترقوته قال: الحمد لله ... ثم قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول ... فذكره مرفوعاً. وقال ابن النقور:

"أصبغ بن زيد الجهني الوراق؛ كان من أهل واسط، يكتب المصاحف، مات سنة تسع وخمسين ومئة، عن أبي العلاء الشامي؛ وهو مجهول، ويقال: إن هذا الحديث غير ثابت".

ثم رواه من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة:

أن عمر بن الخطاب دعا بثياب له جدد فلبسها، فلا أحسبها بلغت تراقيه حتى قال: الحمد لله ... فذكر الحديث بتمامه مرفوعاً نحوه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبيد الله بن زحر، وعلي بن يزيد الألهاني؛ ضعيفان، وأحدهما أشد ضعفاً من الآخر.

وأبو العلاء مجهول؛ كما قال ابن النقور.

وأصبغ صدوق.

4543 - (من استحل بدرهم؛ فقد استحل. يعني: النكاح) .

ضعيف

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4/ 186) ، وأبو يعلى (2/ 241-242) ، والبيهقي (7/ 238) عن وكيع: حدثنا يحيى بن عبد الرحمن ابن أبي لبيبة عن أبيه عن جده مرفوعاً.

ولم يقل ابن أبي شيبة: عن أبيه.

 

(10/46)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يحيى هذا؛ قال ابن معين:

"ليس بشيء". وقال أبو حاتم:

"ليس بقوي".

وأبوه عبد الرحمن بن أبي لبيبة، وجده أبو لبيبة؛ لم أجد من ترجمهما.

وكأنه لذلك قال الطحاوي في "أحكام القرآن":

"هذا الإسناد لا يقطع به أهل الرواية".

ذكره ابن التركماني.

ثم تبينت أنه يحيى بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة - ويقال: (ابن لبيبة) -؛ ينسب تارة إلى جده الأدنى، وتارة إلى جده الأعلى، في بحث أجريته في حديث آخر ليحيى هذا؛ سيأتي في المجلد الثالث عشر برقم (6354) .

4544 - (من استطاب بثلاثة أحجار ليس فيهن رجيع؛ كن له طهوراً) .

ضعيف بهذا اللفظ

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 186/ 1-2) عن إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عمارة بن خزيمة عن أبيه خزيمة بن ثابت مرفوعاً به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات؛ إلا أن إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن الحجازيين، وهذه منها.

وقد أخرجه الطبراني وغيره من طرق أخرى عن هشام بن عروة به، دون قوله:

 

(10/47)

 

 

"كن له طهوراً"؛ بلفظ:

"الاستطابة (وفي رواية: الاستنجاء) بثلاثة أحجار ليس فيهن رجيع".

وهو الصحيح، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (31) .

4545 - (من استعمل رجلاً على عصابة، وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه؛ فقد خان الله ورسوله، وخان جماعة المسلمين) .

ضعيف

رواه العقيلي في "الضعفاء" (90) و (1/ 248 - ط) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (2/ 126/ 1462) ، وابن عدي (95/ 1) و (2/ 352 - ط) عن حسين ابن قيس عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. وقال العقيلي:

"لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به، ويروى من كلام عمر بن الخطاب".

وروى عن أحمد أنه قال في حسين هذا:

"متروك الحديث، ضعيف الحديث". وعن ابن معين:

"ليس بشيء". وقال الحافظ في "التقريب":

"متروك". وقال الذهبي في "المغني":

"ضعفوه، لقبه حنش".

ومن طريقه: أخرجه الحاكم (4/ 92-93) . وقال:

"صحيح الإسناد"!

وسقط الحديث من "تلخيص الذهبي"؛ فلم ندر موقفه من هذا التصحيح، وإن كان خطأ بيناً. ولذلك تعقبه المنذري بقوله في "الترغيب" (3/ 142) :

"حسين هذا: هو حنش، واه".

 

(10/48)

 

 

ثم رأيت في تعليق الشيخ الفاضل سعد آل حميد على "مختصر استدراك الذهبي" (5/ 2511) :

"هذا الحديث بكامله ليس في "التلخيص" المطبوع. وفي المخطوط قال: "قلت: حسين ضعيف ... ".

وتعقبه في حديث آخر بقوله:

"قال الدارقطني: متروك"، وسيأتي برقم (6652) .

وقد وجدت له طريقاً آخر: يرويه ابن لهيعة: حدثنا يزيد بن أبي حبيب عن عكرمة به.

أخرجه البيهقي (10/ 118) .

قلت: فهذه متابعة قوية لحسين بن قيس، ترد قول العقيلي المتقدم: أنه لا يتابع عليه.

لكن ابن لهيعة سيىء الحفظ، فلعله لذلك نفى المتابعة! ولكن ذلك ينافي المعهود منهم من إثبات المتابعة، ولو كان في الطريق إليها ضعف.

وتابعه أبو محمد الجزري - وهو حمزة النصيبي - عن عمرو بن دينار عن ابن عباس به.

أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 114/ 1) .

وحمزة هذا: هو ابن حمزة الجعفي؛ متروك؛ كما في "التقريب".

وقد روي أتم منه من حديث حذيفة، وسيأتي برقم (7146) .

 

(10/49)

 

 

4546 - (من استغفر في دبر كل صلاة ثلاث مرات فقال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه؛ غفر له ذنوبه وإن كان قد فر من الزحف) (1) .

ضعيف جداً

رواه ابن السني (134) ، وابن عدي (89/ 1) قالا: أخبرنا أبو يعلى (2) : حدثنا عمرو بن الحصين: حدثنا سعيد بن راشد عن الحسن بن ذكوان عن أبي إسحاق عن البراء مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ سعيد بن راشد، وعمرو بن الحصين؛ متروكان.

نعم؛ قد صح الحديث بنحوه عن ابن مسعود وغيره؛ دون قوله:

" ... في دبر كل صلاة". ولذلك خرجته في "الصحيحة" (2727) .

ومن جهالات مدعي العلم والتتلمذ على الشيوخ: أنه قوى حديث الترجمة بحديث زيد مثل حديث ابن مسعود المشار إليه؛ غير عارف أنه شاهد قاصر، ليس فيه ما في المشهود له من الاستغفار دبر الصلاةت. انظر ما أسماه بـ "صحيح صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -.."، مما يذكرنا بقوله - صلى الله عليه وسلم -:

"يسمونها بغير اسمها"؛ لأنها في الحقيقة: صلاة الشافعية!

والحديث؛ أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 189/ 2/ 7898 - بترقيمي و 8/ 360/ 7734 - ط) ، و"المعجم الصغير" أيضاً من طريق أخرى عن أبي إسحاق به.

وفيه راويان؛ أحدهما لا يعرف.

والآخر؛ قال البخاري فيه:

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " راجع (ع) ، " الجامع " ". (الناشر) .

(2) كتب الشيخ - رحمه الله - فوقه: " ليس في نسختنا من " مسنده " ". (الناشر) .

 

(10/50)

 

 

"فيه نظر". وقال أبو حاتم:

"منكر الحديث".

وقد تكلمت عليه في "الروض النضير" (161) .

4547 - (من استغفر الله عز وجل في كل يوم سبعين مرة؛ لم يكتب في يومه من الغافلين. ومن استغفر الله عز وجل في كل ليلة سبعين مرة؛ لم يكتب في ليلته من الغافلين) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن السني (360) عن أحمد بن الحارث الواقدي (كذا ولعله: الغنوي) : حدثتنا ساكنة بنت الجعد الغنوية قالت: سمعت أم عقيل الغنوية تقول: سمعت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تقول ... فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته أحمد بن الحارث هذا - وهو الغساني، ويعرف بالغنوي -؛ فإنه متروك، وقد مضت ترجمته تحت الحديث (152) .

واللتان فوقه؛ لم أجد من ترجمهما (1) .

__________

(1) ساكنة لها ترجمة في " تكملة الإكمال " (3 / 114) لمحمد عبد الغني. (الناشر)

 

(10/51)

 

 

4548 - (من استلحق شيئاً ليس منه؛ حته الله حت الورق) .

ضعيف

رواه الهيثم بن كليب في "مسنده" (21/ 2) ، وعنه الضياء (1/ 322) : حدثنا شعيب بن الليث: أخبرنا ابن كاسب - إملاءً -: أخبرنا عبد الله بن عبد الله: أنبأنا يعقوب بن عبد الله بن جعدة بن هبيرة قال:

قلت: لسعيد بن المسيب: إن ههنا رجلاً جميلاً يزعم أنه من قومك. فقال: أمعروف هو؟ فقلت: لا. قال: سمعت سعداً يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره.

 

(10/51)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يعقوب بن عبد الله بن جعدة بن هبيرة؛ أورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4/ 2/ 209) من رواية عثمان بن عبد الرحمن الحراني أيضاً عنه؛ لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول الحال.

وعبد الله بن عبد الله - وهو الأموي - لين الحديث؛ كما في "التقريب".

4549 - (من استمع إلى قينة؛ صب في أذنيه الآنك يوم القيامة) .

باطل

رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" - كما في "الجامع الصغير" - عن أنس. ولم يتكلم المناوي عليه بشيء، وكأنه لم يقف على إسناده، وكذلك أنا لم أقف عليه حتى الآن.

ثم راجعت له ترجمة محمد بن المنكدر أحد رواته - كما يأتي - في "تاريخ دمشق" لابن عساكر، وهي حافلة (16/ 18-34) ؛ فلم أره فيها.

لكن في "المنتخب" لابن قدامة (10/ 197/ 1) : أن أبا عبد الله سئل عن حديث ابن المبارك عن مالك عن ابن المنكدر عن أنس مرفوعاً ... فذكره، وقيل له: رواه رجل بحلب، وأحسنوا الثناء عليه؟ فقال: هذا باطل.

قلت: وفيه إشارة قوية إلى أن علة الحديث: الرجل الحلبي الذي لم يسم.

ولعله اختلط عليه بحديث آخر؛ هو قوله - صلى الله عليه وسلم -:

"من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون؛ صب في أذنه الآنك يوم القيامة".

أخرجه البخاري وغيره، وهو مخرج في "غاية المرام" (422) .

ومما تقدم؛ تعلم خطأ ما نقله ابن حجر الهيتمي في "كف الرعاع" (ص 27) عن بعض فقهاء الشافعية: أن الحديث صحيح!

 

(10/52)

 

 

4550 - (من اشتاق إلى الجنة؛ سابق إلى الخيرات. ومن أشفق من النار؛ لها عن الشهوات. ومن ترقب الموت؛ صبر عن اللذات. ومن زهد في الدنيا؛ هانت عليه المصيبات) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 10) ، والخطيب في "التاريخ" (6/ 301) ، وتمام في "الفوائد" (ج1 رقم 41) ، وأبو القاسم الحلبي في "حديثه" (2/ 1) ، وأبو عبد الله الرازي في "المشيخة" (167/ 1) ، والقضاعي في "مسنده" (28/ 2) ، وأبو الحسين الأبنوسي في "الفوائد" (26/ 1-2) ، والشيخ علي العبد ي في "جزئه" (156/ 2) ، وأبو القاسم بن عساكر في "التاريخ" (4/ 329/ 1 و 8/ 332/ 2) ، وابنه القاسم في "تعزية المسلم" (2/ 217/ 1) ، وأبوه أيضاً (4/ 210/ 2) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (1/ 485) من طرق عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي مرفوعاً به.

ومنهم من لم يذكر أبا إسحاق في إسناده.

قلت: وهو إسناد ضعيف جداً؛ الحارث: هو الأعور؛ وهو ضعيف متهم.

ووجدت له طريقاً آخر: يرويه سعد بن سعيد: حدثنا سفيان الثوري عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن علي مرفوعاً به.

أخرجه ابن عدي (ق 174/ 2) ، والسهمي في "تاريخ جرجان" (177) وقال ابن عدي:

"سعد بن سعيد الجرجاني كان رجلاً صالحاً، حدث عن الثوري وغيره بما لا يتابع عليه، ولم يكن ذلك عن تعمد منه، بل لغفلة كانت تدخل عليه، وهكذا الصالحون".

 

(10/53)

 

 

قلت: وقد مضى له حديث موضوع برقم (2416) ، وسيأتي له آخر برقم (6588) بلفظ:

"قال الله: أيها الشاب ... ".

4551 - (من أصيب بمصيبة، فذكر مصيبته، فأحدث استرجاعاً - وإن تقادم عهدها -؛ كتب الله له من الأجر مثله يوم أصيب) .

ضعيف جداً

رواه ابن ماجه (1600) ، ومن طريقه محمد بن طولون في "الأربعين" (27/ 2) ، والدولابي (2/ 128) وفي "الذرية الطاهرة" (14/ 2) عن هشام ابن زياد عن أبيه (1) عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها مرفوعاً. وقال ابن طولون:

"انفرد به ابن ماجه. ومن طريقه: أخرجه الحافظ تقي الدين بن فهد في "عمدة المنتحل وبلغة المرتحل"، ولم يتكلم عليه، فسألت عنه شيخنا الجمال بن المبرد فقال: حديث حسن غريب، وكأنه قال بتحسينه تبعاً لما اختاره البغوي في "مصابيحه" من أن الحسان ما رواه أصحاب "السنن". وهو مردود؛ إذ بها غير الحسن؛ ومنه هذا؛ فإن في سنده هشام بن زياد؛ ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة وغيرهم؛ اللهم! إلا أن يدعى أنه حسن باعتبار الشواهد. والله أعلم"!

قلت: ولا أعلم له شاهداً بهذا اللفظ أو المعنى، فالحديث ضعيف جداً؛ لأن هشام بن زياد - وهو أبو المقدام - متروك؛ كما قال الحافظ في "التقريب".

وقد أخرجه أحمد (1/ 201) ، وأبو يعلى (12/ 148-149) ، ومن طريقه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (553) ، وكذا ابن عساكر في "تاريخ دمشق"

__________

(1) وقع في رواية ابن ماجه: (عن أمِّه) ؛ وكذا في رواية أحمد الآتي ذكرها قريباً. (الناشر)

 

(10/54)

 

 

(5/ 12) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (1/ 156/ 1/ 2923) كلهم من طريق هشام بن زياد به إلا أن أحمد قال في روايته:

هشام بن أبي هشام ... وقال الطبراني:

"لا يروى إلا بهذا الإسناد، تفرد به هشام أبو المقدام".

وهذا يؤكد أنه المتروك. أقول هذا؛ لأن هناك هشام بن أبي هشام الحنفي، روى عن زيد العمي. وعنه معمر بن بكار السعدي، وهذا وشيخه هشام هذا مجهولان كما في "الجرح".

وكنت توهمت من كلام الحافظ في "التعجيل" أن هذا هو راوي هذا الحديث! والآن تبينت أنه أبو المقدام: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) .

ولفظ الحديث عند أحمد، والآخرين المذكورين معه:

"ما من مسلم ولا مسلمة تصيبه مصيبة ... " والباقي نحوه. وقال الهيثمي في "مجمعه" (2/ 331) :

"رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه هشام بن زياد أبو المقدام، وهو ضعيف".

ثم رأيت الحديث قد أخرجه البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 321-322) ، والعقيلي في "الضعفاء" (1/ 64) من طريق إبراهيم بن محمد الثقفي عن هشام ابن أبي هشام عن أمه عن عائشة مرفوعاً. وقال البخاري:

"وهشام هذا: هو أبو المقدام، لم يصح حديثه".

قلت: وإبراهيم هذا؛ لا يعرف إلا في هذا الحديث من رواية سعيد بن أبي أيوب عنه. ولذلك قال ابن أبي حاتم (1/ 127) عن أبيه:

 

(10/55)

 

 

"هو مجهول".

وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات" (6/ 10) !

قلت: ومخالفته للثقات الذين رووه عن هشام.. عن الحسين رضي الله عنه، فجعله هو عن عائشة.

وثمة مخالفة أخرى، وهي أنه أسقط الواسطة بين عائشة وهشام في رواية له عند البخاري والعقيلي، وهي أمه.

ولولا أن الثقات المشار إليهم اختلفوا على هشام أيضاً، فقال بعضهم: "عن أبيه"، وبعضهم: "عن أمه"؛ لولا هذا لقلت: إن قوله هو: "عن أمه" اختلاف ثالث.

وكل من الأب والأم مجهول؛ لذلك لم أر من الفائدة تسويد الورقة في سبيل محاولة المراجحة بينهما!

(تنبيه) : لقد زعم المعلق على "مسند أبي يعلى" أنه يشهد للحديث: حديث أم سلمة - عند مسلم وغيره، يعني: بلفظ -:

"ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول ما أمره الله: (إنا لله وإن إليه راجعون) ، اللهم! أجرني في مصيبني، وأخلف لي خيراً منها؛ إلا أخلف الله له خيراً منها"!!

قلت: واعتبار هذا شاهداً لحديث الترجمة: من قلة الفقه؛ لأن هذا في فضل الاسترجاع، وذاك في فضل إحداث الاسترجاع، وشتان ما بينهما!

وأيضاً؛ فهذا في الدعاء والإخلاف، وذاك في الإحداث والأجر!!

وحديث أم سلمة مخرج في "أحكام الجنائز" (ص 23) .

 

(10/56)

 

 

4552 - (من أصيب في جسده بشيء فتركه لله؛ كان كفارة له) .

ضعيف

رواه أحمد (5/ 412) ، وابن عساكر (16/ 137/ 2) عن مجالد عن عامر عن المحرر بن أبي هريرة عن رجل من الأنصار مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مجالد: هو ابن سعيد، وليس بالقوي.

 

(10/57)

 

 

4553 - (من أطاع الله فقد ذكر الله، وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن. ومن عصى الله فقد نسي الله، وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن) .

ضعيف

أخرجه نعيم بن حماد في "زوائد الزهد - لابن المبارك" (70) : أنبأنا سعيد بن أبي أيوب قال: أخبرنا أبو هانىء الخولاني أنه سمع خالد بن أبي عمران يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

وتابعه (1) سعيد بن منصور: حدثنا عبد الله بن المبارك - عن سعيد به.

أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (687) .

قلت: وعزاه السيوطي في "الجامع" للطبراني في "الكبير" عن واقد. فقال المناوي:

"يحتمل أنه ابن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري؛ تابعي ثقة؛ فليحرر. قال الهيثمي: وفيه الهيثم بن جماز، وهو متروك. اهـ. وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه".

__________

(1) المتابع هو ابن المبارك، من طريق سعيد بن منصور - عنه -. (الناشر)

 

(10/57)

 

 

وأقول: الاحتمال الذي ذكره غير وارد؛ لأن الصواب أن الحديث من رواية واقد مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

كذلك رواه ابن منده في "المعرفة" (2/ 210/ 1 و 267/ 2) من طريق الهيثم بن جماز عن الحارث بن غسان عن زاذان عنه.

والحارث هذا مجهول.

4554 - (من أطعم مسلماً جائعاً؛ أطعمه الله من ثمار الجنة) .

ضعيف جداً

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 134) وفي "أخبار أصبهان" (2/ 267- 268) عن خالد بن يزيد: حدثنا فضيل بن عياض عن أبي هارون العبد ي عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. وقال:

"غريب من حديث الفضيل وأبي هارون، تفرد به خالد".

قلت: ولم أعرف من هو؟

وأبو هارون العبد ي - واسمه عمارة بن جوين - متروك.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" (1) عن سلمان مرفوعاً بلفظ:

"من أطعم مريضاً شهوته؛ أطعمه ... ". قال المناوي:

"وفيه عبد الرحمن بن حماد، قال أبو حاتم: منكر الحديث. ذكره الهيثمي وأعاده في موضع آخر، وقال: فيه أبو خالد عمرو بن خالد، وهو كذاب متروك".

ثم رأيت للحديث طريقاً أخرى عن أبي سعيد مرفوعاً به، وزاد:

"ومن سقى مؤمناً على ظمأ؛ سقاه الله من الرحيق المختوم يوم القيامة، ومن كسا مؤمناً عارياً؛ كساه الله من خضر الجنة".

__________

(1) برقم (6107) . (الناشر)

 

(10/58)

 

 

أخرجه ابن شاهين في "الترغيب" (305/ 2) عن عبد الوهاب: حدثنا هشام بن حسان عن الجارود عن عطية عنه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عطية: هو العوفي؛ ضعيف مدلس.

والجارود لم أعرفه.

ومن دونه ثقات.

وعبد الوهاب: هو ابن عطاء.

4555 - (من أعان مجاهداً في سبيل الله، أو غارماً في عسرته، أو مكاتباً في رقبته؛ أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) .

ضعيف

رواه أحمد في "المسند" (3/ 487) ، وابن أبي شيبة (7/ 159/ 1) ، وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (57/ 1) عن عبيد الله بن عمرو وزهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله بن سهل بن حنيف عن أبيه مرفوعاً.

قلت: وهذا سند ضعيف؛ رجاله كلهم ثقات معروفون؛ غير عبد الله بن سهل هذا؛ فقال الهيثمي (5/ 283) :

"لم أعرفه. وعبد الله بن محمد بن عقيل حديثه حسن". وقال الحسيني في ترجمته:

"ليس بمشهور". قال الحافظ في "التعجيل":

"قلت: صحح حديثه الحاكم، ولم أره في "ثقات ابن حبان"؛ وهو على شرطه"!

 

(10/59)

 

 

قلت: ولا يغتر بتصحيح الحاكم المذكور؛ لتساهله في ذلك؛ كما هو به مشهور.

ومما يدلك على ما نقول: أن الحاكم أخرج هذا الحديث نفسه في "المستدرك" (2/ 217) من طريق عمرو بن ثابت: حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل به. وقال:

"صحيح الإسناد"! فرده الذهبي بقوله:

"قلت: بل عمرو رافضي متروك".

فمن يصحح لهذا المتروك؛ فبالأحرى أن يصحح لمن هو مجهول!

أقول هذا؛ لكيلا يسبق لذهن القارىء أن ابن سهل هذا صار ثقة لمجرد تصحيح الحاكم لحديثه.

والحقيقة: أنه في عداد المجهولين، وهو علة الحديث، ليس هو عمراً؛ كما أوهم صنيع الذهبي؛ فقد تابعه ثقتان عند أحمد كما سبق!

ثم رأيته في "المستدرك" أيضاً (2/ 89) من طريق زهير بن محمد عن ابن عقيل؛ أورده شاهداً للحديث المتقدم:

"من أظل رأس غاز ... ".

4556 - (من اعتقل رمحاً في سبيل الله؛ عقله الله من الذنوب يوم القيامة) .

موضوع

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 202) عن بقية بن الوليد عن مسلمة بن علي عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال:

"غريب من حديث عثمان عن أبيه، لم نكتبه إلا من حديث بقية".

قلت: وهو مدلس.

 

(10/60)

 

 

وشيخه مسلمة بن علي - وهو الخشني -؛ متهم بالوضع، كما تقدم في أحاديث (141 و 145 و 150 و 151 و 476) .

وعثمان بن عطاء - وهو ابن أبي مسلم الخراساني -؛ ضعيف.

وأبوه مدلس.

4557 - (من أفطر يوماً من رمضان، فمات قبل أن يقضيه؛ فعليه بكل يوم مد لمسكين) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (10/ 246) من طريق الطبراني وغيره عن عبثر بن القاسم عن أشعث بن سوار عن محمد عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً، وقال:

"قال الطبراني: لم يروه عن أشعث إلا عبثر".

قلت: وهو ثقة.

لكن أشعث ضعيف، ولذلك أخرج له مسلم متابعة.

وقد تابعه شريك عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن نافع به؛ إلا أنه قال:

"نصف صاع من بر".

أخرجه البيهقي (4/ 254) . وقال:

"هذا خطأ من وجهين:

أحدهما: رفعه الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو من قول ابن عمر.

 

(10/61)

 

 

والآخر: قوله: "نصف صاع"، وإنما قال ابن عمر: "مداً من حنطة".

وروي من وجه آخر عن ابن أبي ليلى؛ ليس فيه ذكر الصاع".

قلت: ثم ساقه من طريق أخرى عن عبثر به نحوه، بلفظ:

"يطعم عنه كل يوم مسكين"، لم يذكر المد.

وشريك - وهو ابن عبد الله القاضي - سيىء الحفظ أيضاً.

فقد قال: إن الحديث يتقوى بمتابعته لأشعث بن سوار؟!

والجواب: أن مدار روايتهما على محمد بن أبي ليلى، وهو ضعيف أيضاً؛ لسوء حفظه. وقول أبي نعيم عقب كلامه السابق:

"ومحمد الذي يروي عنه أشعث هذا الحديث: محمد بن سيرين. وقيل: محمد بن أبي ليلى".

فهذا التمريض ليس في محله؛ لتصريح شريك في روايته بأنه ابن أبي ليلى؛ مع عدم وجود ما ينافيه. فتنبه!

وقد روى البيهقي من طريق جويرية بن أسماء عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول:

من أفطر في رمضان أياماً وهو مريض ثم مات قبل أن يقضي؛ فليطعم عنه مكان كل يوم أفطره من تلك الأيام مسكيناً مداً من حنطة، فإن أدركه رمضان عام قابل قبل أن يصومه، فأطاق صوم الذي أدرك؛ فليطعم عما مضى كل يوم مسكيناً مداً من حنطة، وليصم الذي استقبل.

قلت: وسنده صحيح. وقال البيهقي:

 

(10/62)

 

 

"هذا هو الصحيح، موقوف على ابن عمر. وقد رواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن نافع؛ فأخطأ فيه".

ثم ساقه من طريقه كما تقدم.

ثم روى (4/ 253) عن أبي هريرة موقوفاً نحو حديث ابن عمر الموقوف، ثم قال:

"وروى هذا الحديث إبراهيم بن نافع الجلاب عن عمر بن موسى بن وجيه عن الحكم عن مجاهد عن أبي هريرة مرفوعاً. وليس بشيء؛ إبراهيم وعمر متروكان".

4558 - (من أكثر ذكر الله أحبه الله) .

موضوع

رواه ابن شاهين في "الترغيب" (284/ 2) عن نعيم بن مورع: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ نعيم هذا؛ قال البخاري:

"منكر الحديث". وقال الحاكم، وأبو سعيد النقاش:

"روى عن هشام أحاديث موضوعة".

ومن طريقه: رواه الديلمي؛ كما في "الجامع الصغير" و "شرحه".

 

(10/63)

 

 

4559 - (من أكرم أخاه المسلم؛ فإنما يكرم الله تبارك وتعالى) .

ضعيف

رواه البغوي في "حديث عيسى الشاشي" (112/ 2) ، وأبو الحسن القزويني في "الأمالي" (6/ 1 - مجموع 22) ، والخطيب في "تلخيص المتشابه" (27/ 1) ، والأصبهاني في "الترغيب" (26/ 2) عن بقية بن الوليد عن يحيى بن مسلم، عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً.

 

(10/63)

 

 

ويحيى بن مسلم من شيوخ بقية المجهولين.

ورواه أبو موسى المديني في "اللطائف" (48/ 2) من طريق الطبراني، وهذا في "الأوسط" (262 - حرم) عن بحر بن كنيز السقاء قال: سمعت أبا الزبير به. قال الطبراني:

"لم يروه عن أبي الزبير إلا بحر".

ومن طريقه: رواه ابن عدي (39/ 2) . وقال:

"والضعف على حديثه بين، وهو إلى الضعف منه أقرب إلى غيره". وقال الذهبي في "المغني":

"تركوه". وقال الحافظ:

"ضعيف". وقال ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (270/ 1) :

"أخرجه الأصبهاني في "ترغيبه". وقال الذهبي في "الميزان": باطل". ثم أقره.

وأما السيوطي؛ فإنه أورده في "الجامع الصغير" من رواية الطبراني!

4560 - (من أكل الطين؛ فقد أعان على نفسه) .

موضوع

روي من حديث سلمان، وأبي هريرة، وابن عباس، ومحمد الباقر مرسلاً.

1- أما حديث سلمان: فرواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 57) من طريق الطبراني: حدثنا محمد بن نوح العسكري: حدثنا يحيى بن يزيد الأهوازي: حدثنا أبو همام محمد بن الزبرقان عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان مرفوعاً.

 

(10/64)

 

 

وأخرجه الخطيب في "التاريخ" (4/ 362) من طريق أخرى عن العسكري به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات؛ غير يحيى بن يزيد الأهوازي؛ قال الذهبي:

"لا يعرف، والحديث لم يصح". يعني: هذا.

وقد ساقه الحافظ من طريق "معجم الطبراني الكبير": حدثنا محمد بن نوح الجنديسابوري به.

وابن نوح هذا؛ ترجمه الخطيب (3/ 324) ، وقال عن الدارقطني:

"كان ثقة مأموناً". مات سنة (321) .

2- وأما حديث أبي هريرة: فيرويه بقية عن عبد الملك بن مهران عن سهيل ابن أبي صالح عن أبيه عنه.

أخرجه ابن عدي (5/ 1944) ، وعنه البيهقي (10/ 11-12) . وقال ابن عدي:

"لا أعلم يرويه عن سهيل بن أبي صالح غير عبد الملك هذا، وهو مجهول".

قلت: وذكره ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 5) من طريق سهل بن عبد الله المروزي عن عبد الملك بن مهران به وقال:

"قال أبي: هذا حديث باطل، وسهل بن عبد الله وعبد الملك بن مهران مجهولان".

قلت: ومن طريق سهل: رواه العقيلي في "الضعفاء" (3/ 34-35) .

3- وأما حديث ابن عباس: فيرويه سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي أبو أيوب: حدثنا عبد الله بن مروان - زعم أنه دمشقي - عن ابن جريج عن عطاء عنه.

 

(10/65)

 

 

أخرجه البيهقي (10/ 11) وقال:

"عبد الله بن مروان مجهول". وقال ابن عدي:

"أحاديثه فيها نظر". وقال ابن حبان:

"يلزق المتون الصحاح بطرق أخر، لا يحل الاحتجاج به".

4- يرويه شيخ من أهل البصرة - يكنى أبا الفضل الأشج - عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلاً.

رواه ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 22) ، وقال عن أبيه:

"هذا حديث كذب، والشيخ لا أعرفه".

وبالجملة؛ فالحديث من جميع طرقه ضعيف، لا يصح شيء منها، كما قال البيهقي. بل أورده ابن الجوزي في "الموضوعات"، فما أبعد عن الصواب. وسلفه في ذلك قول أبي حاتم المذكور آنفاً:

"كذب"!

وروى البيهقي أنه ذكر لعبد الله بن المبارك حديث: "إن أكل الطين حرام"؟ فأنكره، وقال:

"لو علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاله؛ لحملته على الرأس والعين، والسمع والطاعة".

4561 - (من أكل من هذا اللحم شيئاً؛ فليغسل يده من ريح وضره، لا يؤذي من حذاءه) .

ضعيف جداً

أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1340) عن الوازع عن سالم عن أبيه مرفوعاً.

 

(10/66)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الوازع - وهو ابن نافع الجزري - متروك؛ كما قال النسائي. وقال البخاري:

"منكر الحديث".

4562 - (من ألطف مؤمناً، أو خف له شيء من حوائجه - صغر ذلك أو كبر -؛ كان حقاً على الله أن يخدمه من خدم الجنة) .

ضعيف جداً

رواه البزار (ص 252-253) ، وابن عدي (388/ 2) ، وكذا ابن الضريس في "الثالث من حديثه" (153/ 2) من طريق المعلى بن ميمون المجاشعي: حدثنا يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعاً.

والمعلى متروك؛ كما قال النسائي، والدارقطني. وقال ابن عدي:

"إنه حديث منكر".

ويزيد الرقاشي ضعيف.

وتابعه - عنه -: الحجاج الخصاف أبو يونس.

أخرجه أبو المعلى (7/ 132) ، وأبو نعيم (3/ 54) . وقال:

"لم نكتبه إلا من هذا الوجه".

قلت: وهو ضعيف أيضاً؛ أبو يونس هذا مجهول. قاله العقيلي (3/ 486) في ترجمة (قرة بن العلاء السعدي) . وأقره الحافظ في "اللسان"!

وكان عليه أن يذكره في بابه من حرف (الحاء) ، وإنما أورده في "الكنى" (6/ 455) ؛ وأحال إلى ترجمة (قرة) !

 

(10/67)

 

 

4563 - (من أمسك بركاب أخيه المسلم - لا يرجوه ولا يخافه -؛ غفر له) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (ص 262 - حرم) وفي "الكبير" (3/ 92/ 2) من طريق حفص بن عمر المازني: أخبرنا جعفر بن سليمان: حدثني أبي سليمان بن علي عن أبيه علي عن ابن عباس مرفوعاً.

ومن طريق الطبراني: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 212) . وقال:

"ما كتبناه إلا من حديث حفص بن عمر المازني".

قلت: هو مجهول لا يعرف؛ كما في "اللسان".

وجعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس؛ لم أجد له ترجمة، وقد ذكروه في الرواة عن أبيه سليمان، وهو علة الحديث.

فقد توبع عليه المازني؛ فقد أخرجه الدولابي في "الكنى" (2/ 99) من طريق أبي محمد عبد الله بن حرب قال: حدثنا حسين المقرىء عن جعفر بن سليمان به.

لكني لم أعرف أبا محمد هذا، ولا شيخه المقرىء، وانظر الحديث (6586) .

 

(10/68)

 

 

4564 - (من أنعم الله عليه بنعمة، فأراد بقاءها؛ فليكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله)) .

موضوع

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (442) عن خالد بن نجيح: أخبرني ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر مرفوعاً. وقال:

"لم يروه عن ابن لهيعة إلا خالد".

قلت: قال أبو حاتم:

 

(10/68)

 

 

"كذاب، يفتعل الأحاديث ويضعها في كتب ابن أبي مريم وأبي صالح، وهذه الأحاديث التي أنكرت على أبي صالح؛ يتوهم أنها من فعله. يعني: أدخلها عليه".

4565 - (من أنعم الله عليه بنعمة؛ فليحمد الله، ومن استبطأ الرزق؛ فليستغفر الله، ومن حزبه أمر؛ فليقل: لا حول ولا قوة إلا بالله) .

ضعيف

رواه الإسماعيلي في "المعجم" (47/ 2-48/ 1) ، وابن الجوزي في "صفة الصفوة" (1/ 255/ 2) من طريق الخطيب - وهذا في "تاريخ بغداد" (3/ 179-180) - بسنده عن الخليل بن خالد الثقفي قال: حدثنا عيسى بن جعفر القاضي قال: حدثنا ابن أبي حازم قال:

كنت عند جعفر بن محمد؛ إذ جاء آذنه فقال: سفيان الثوري بالباب؟ فقال: ائذن له. فدخل، فقال جعفر: يا سفيان! إنك رجل يطلبك السلطان؛ وأنا أتقي السلطان، قم فاخرج غير مطرود. فقال سفيان: حدثني حتى أسمع وأقوم. فقال جعفر: حدثني أبي عن جدي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. فلما قام سفيان؛ قال جعفر: خذها يا سفيان! ثلاث وأي ثلاث؟!

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من دون ابن أبي حازم؛ لم أجد من ترجمهما.

لكنهما قد توبعا، فرواه البيهقي في "الشعب" من طريق سعيد بن داود الزبيدي عن ابن أبي حازم به وقال:

"تفرد به الزبيدي (1) ، والمحفوظ أنه من قول جعفر، وقد روي من وجه آخر ضعيف".

__________

(1) كذا في الأصل! وأنا أظنه محرفاً، والصواب (الزبيري) ؛ بفتح الزاي المعجمة وسكون النون؛ فإنه هو الذي يسمى سعيد بن داود، وضعفه أبو زرعة.

 

(10/69)

 

 

نقلته من المناوي في "الفيض"، وقال:

"والزبيدي هذا أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال: ضعفه أبو زرعة وغيره".

قلت: واتهمه بعضهم بالكذب والوضع، ولكنه لم يتفرد به كما سبق.

ولعل الوجه الآخر الذي أشار إليه البيهقي: هو ما رواه غسان بن سليمان: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الجزري عن سفيان عن إبراهيم بن أدهم عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب مرفوعاً به.

أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 348) ، والضياء في "مشايخ الإجازة" (3/ 274) .

قلت: والجزري هذا متهم أيضاً؛ قال ابن حبان:

"يأتي عن الثوري بالأوابد؛ حتى لا يشك من كتب الحديث أنه عملها".

4566 - (من باع الخمر؛ فليشقص الخنازير) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (2/ 103) ، والدارمي (2/ 114) ، وابن نصر في "الصلاة" (ق 133/ 2) ، وأحمد (4/ 253) ، وابن أبي شيبة (6/ 445/ 1660) ، والحميدي (335/ 760) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/ 379/ 884) و "الأوسط" (9/ 242/ 8527) ، والبيهقي في "السنن" (6/ 12) ، والخطيب في "التلخيص" (120/ 2) ، وابن عساكر (11/ 297/ 1) عن طعمة بن عمرو الجعفري عن عمرو بن بيان التغلبي عن عروة بن المغيرة الثقفي عن أبيه مرفوعاً. وقال الدارمي:

"إنما هو عمرو بن دينار"!

 

(10/70)

 

 

قلت: كذا قال! وهو يعني أن الذي في إسناد الحديث: (عمرو بن بيان) خطأ، والصواب: (عمرو بن دينار) !

وكأنه قال ذلك لما لم يعلم أن في الرواة من يسمى: (عمرو) بفتح العين المهملة (ابن بيان) ! ولا أنا وجدته أيضاً، وإنما ذكروه في كتب الرجال كلها على أنه: (عمر ابن بيان) بضم العين المهملة، وذكروا أنه يروي عن عروة بن المغيرة، وعنه طعمة بن عمرو الجعفري هذا، والأجلح بن عبد الله الكندي، وقال فيه أبو حاتم:

"معروف".

وذكره ابن حبان في "الثقات"؛ فهو مجهول الحال. وإليه أشار الحافظ بقوله:

"مقبول". يعني: عند المتابعة؛ وإلا فلين الحديث.

ثم رأيت الحديث في "كتاب العلل" للإمام أحمد، رواية ابنه عبد الله عنه قال (1383) :

"سألته عن حديث طعمة الجعفري عن عمر بن بيان التغلبي ... (فذكره) ؛ قلت: من عمر بن بيان؟ فقال: لا أعرفه".

قلت: فهو علة الحديث. وقول الدارمي:

"إنما هو عمرو بن دينار"! الظاهر أنه يعني: عمرو بن دينار البصري قهرمان آل الزبير، وليس عمرو بن دينار المكي؛ فإن هذا ثقة، وذاك ضعيف! على أنني لم أر من تابعه عليه. والله أعلم.

(تنبيه) : (عمر) هذا؛ هكذا وقع في بعض المصادر المذكورة للحديث. ووقع في بعضها: (عمرو) ، ولعل ذلك مما يؤكد جهالته. والله أعلم.

 

(10/71)

 

 

4567 - (من بر والديه؛ طوبى له، زاد الله في عمره) .

ضعيف

رواه ابن وهب في "الجامع" (ص 16-17) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (ص 16) ، وأبو يعلى في "المفاريد" (1/ 3/ 1) و "المسند" (1494) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 162-163) ، والحاكم (4/ 154) ، والواحدي (153/ 2) عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ الجهني عن أبيه مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته زبان؛ قال الحافظ:

"ضعيف الحديث، مع صلاحه وعبادته".

 

(10/72)

 

 

4568 - (من بلغ حداً في غير حدً؛ فهو من المعتدين) .

ضعيف

أخرجه البيهقي (8/ 327) ، وأبو نعيم في "الحلية" (7/ 266) من طريق محمد بن حصين الأصبحي: حدثنا عمر بن علي المقدمي: حدثنا مسعر عن خاله الوليد بن عبد الرحمن عن النعمان بن بشير مرفوعاً. وقال أبو نعيم:

"تفرد به عمر بن علي عن مسعر".

قلت: وهما ثقتان من رجال الشيخين.

وكذلك الوليد بن عبد الرحمن، ثقة؛ وهو ابن أبي مالك: هانىء الهمداني أبو العباس الدمشقي؛ قال ابن حبان في "الثقات":

"روى عن جماعة من الصحابة، ومات سنة ست".

ذكره في "التهذيب". ولما ذكر شيوخه من التابعين؛ لم يذكر له شيخاً من الصحابة، وأنا - شخصياً - لم أره في "ثقات التابعين" لابن حبان من النسخة

 

(10/72)

 

 

المطبوعة؛ فالله أعلم! ففي اتصال هذا الإسناد نظر، وقد أشار إلى ذلك البيهقي كما يأتي.

ثم إن محمد بن حصين الأصبحي ترجمه ابن أبي حاتم (1) (3/ 2/ 235) برواية جمع آخر عنه غير المقدمي، ولكنه لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول الحال.

وقد خالفه أبو داود فقال: حدثنا مسعر عن الوليد عن الضحاك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

أخرجه البيهقي.

وأبو داود هذا: هو الحفري؛ اسمه عمر بن سعد بن عبيد، وهو ثقة من رجال مسلم، فروايته أصح من رواية الأصبحي. ولذلك قال البيهقي:

"والمحفوظ في هذا الحديث: مرسل".

قلت: ففيه إشارة إلى أن الضحاك هذا تابعي. وفي التابعين جمع كلهم يسمى الضحاك، فلم يتبين عندي المراد منهم هنا! والله أعلم.

4569 - (من تأنى؛ أصاب أو كاد، ومن عجل؛ أخطأ أو كاد) .

ضعيف

رواه الطبراني في "الأوسط" (262) ، وعنه أبو بكر بن أبي علي المعدل في "سبع مجالس من الأمالي" (13/ 1) : حدثنا بكر بن سهل: حدثنا إبراهيم بن أبي الفياض الرقي: حدثنا أشهب بن عبد العزيز عن ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن

__________

(1) لم ينسب في " الجرح " أصبحيا،ثم هو تلميذ للمقدمي، لا شيخ؛ فهو آخر، والله أعلم. (الناشر)

 

(10/73)

 

 

عقبة بن عامر مرفوعاً. وقال الطبراني:

"لم يروه عن عقبة إلا مشرح، ولا عنه إلا ابن لهيعة، ولا عنه إلا أشهب، تفرد به إبراهيم".

قلت: وفيه ضعف؛ قال أبو سعيد بن يونس:

"روى عن أشهب مناكير".

وابن لهيعة ضعيف.

ومثله بكر بن سهل.

لكن تابعه أبو الطاهر بن السرح: عند ابن عدي (212/ 1) ، والقضاعي (150/ 2 - النسخة المشرقية) . وأخرجه أيضاً (ق 29/ 2 - النسخة المغربية) من طريق ابن أبي الفياض.

4570 - (من تأهل في بلد؛ فليصل صلاة المقيم) (1) .

ضعيف

رواه أحمد (1/ 62) ، والحميدي في "مسنده" (36) ، والضياء في "المختارة" (1/ 136) - من طريق أحمد وأبي يعلى - عن عكرمة بن إبراهيم الباهلي: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن أبيه:

أن عثمان بن عفان صلى بمنى أربع ركعات، فأنكره الناس عليه، فقال: يا أيها الناس! إني تأهلت بمكة منذ قدمت، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الباهلي هذا؛ قال يحيى وأبو داود:

"ليس بشيء". وقال النسائي:

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " بمعناه الحديث (6926) ". (الناشر) .

 

(10/74)

 

 

"ضعيف". وفي رواية عنه:

"ليس بثقة".

وابن أبي ذباب ثقة؛ وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن سعد بن أبي ذباب الدوسي.

هكذا ساق نسبه ابن أبي حاتم (2/ 2/ 94) ، وقال:

"وروى عن أبيه عن عثمان رضي الله عنه: مرسل".

أي: منقطع، وكأنه يشير إلى هذا الحديث، وقد صرح بانقطاعه الحافظ كما يأتي.

وأبوه عبد الرحمن بن الحارث؛ مع إشارة ابن أبي حاتم إلى أنه لم يسمع من عثمان، فإني لم أره قد أفرده بترجمة؛ كأنه من المجهولين عنده، فلم يفرده اكتفاءً منه بتلك الإشارة. والله أعلم.

والحديث؛ قال الحافظ في "الفتح":

"لا يصح؛ لأنه منقطع، وفي رواته من لا يحتج به. ويرده قول عروة: إن عائشة تأولت ما تأول عثمان، ولا جائز أن تتأهل، فدل على وهاء هذا الخبز. والمنقول أه كان يرى القصر مختصاً بمن كان شاخصاً سائراً، وأما من أقام بمكان أثناء سفره؛ فله حكم المقيم فيتم". نقله المناوي.

وأقول: وهذا يشبه قول من يقول: إن الجمع بين الصلاتين خاص بمن كان سائراً خلافاً للنازل! وهذا وذاك خلاف السنة الثابتة؛ كما هو مبين في "التعليقات الجياد على زاد المعاد".

 

(10/75)

 

 

4571 - (من تبتل فليس منا) .

ضعيف

رواه عبد الرزاق (20570 - ط) عن معمر عن خالد الحذاء عن أبي قلابة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد رجلاً من أصحابه، فأقام عليه ثلاثاً، ثم إن الرجل جاء، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -:

"أين كنت؟ ". قال: رأيت عيينة - يعني: عيناً -؛ فتبتلت عندها هذه الثلاث، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا مرسل صحيح الإسناد؛ فهو ضعيف لإرساله.

 

(10/76)

 

 

4572 - (من تخطى الحرمتين الاثنتين؛ فخطوا وسطه بالسيف) .

منكر

أخرجه العقيلي (2/ 201) ، وابن عدي (3/ 175 و 4/ 221) ، وعنه البيهقي في "الشعب" (4/ 379) عن هشام بن عمار: حدثنا رفدة بن قضاعة: حدثنا صالح بن راشد القرشي قال:

أتي الحجاج بن يوسف برجل قد اغتصب أخيه نفسها، فقال: احبسوه، وسلوا من ههنا من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فسألوا عبد الله بن أبي مطرف؟ فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... (فذكره) ، وكتبوا إلى عبد الله بن عباس يسألونه عن ذلك؟ فكتب إليهم بمثل قول عبد الله بن أبي مطرف. وقال ابن عدي:

"لا أعرفه إلا من حديث رفدة، قال البخاري: لا يتابع في حديثه". وفي رواية عنه:

"في حديثه بعض المناكير". وقال النسائي:

"ليس بالقوي".

 

(10/76)

 

 

قلت: وشيخه صالح بن راشد القرشي مثله أو نحوه؛ قال الذهبي:

"شامي لا يعرف، وحديثه منكر، قال البخاري: لم يصح".

قلت: وفي ترجمته ساق العقيلي هذا الحديث، وصرح أنه الذي عناه البخاري بقوله:

"لم يصح حديثه".

وقال الهيثمي في "المجمع" (6/ 269) :

"رواه الطبراني، وفيه رفدة بن قضاعة؛ وثقة هشام بن عمار، وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات"!

قلت: توثيق هشام لا يعتد به؛ مع مخالفته لمن ذكر من الأئمة الذين جرحوه، ولغيرهم ممن ترى كلامهم في "التهذيب". ولذا قال في "التقريب":

"ضعيف". وقال الذهبي في "الكاشف":

"واه".

على أن الهيثمي وهم عن العلة الثانية؛ وهي جهالة صالح بن راشد، وكأنه اعتمد على ابن حبان حيث أورده في "الثقات" (4/ 375) ! وهو من تساهله؛ لأنه - مع مخالفته للبخاري - لم يذكر له راوياً غير (رفدة) الواهي!

وقد خولف في إسناده: ففي "اللسان": أم الأزدي ذكر أنه روى الليث بن الحارث عن عبد الملك بن الوليد عن عمر بن عبد الجبار عن صالح بن راشد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه:

"من فجر بذات محرم منه؛ فقد تخطى حرمتين في حرمه، فخطوا وسطه بالسيف".

 

(10/77)

 

 

قلت: والليث بن الحارث، وعمر بن عبد الجبار؛ لم أعرفهما.

وعبد الملك بن الوليد مختلف فيه.

وأعله ابن أبي حاتم بعلة أخرى؛ وهي الوقف، فقال (1/ 456) :

"قال أبي: كذا رواه هشام. وروي عن عبد الله بن مطرف بن الشخير هذا الكلام قوله، فلا أدري هذا هو أو غيره! وقال عبد الله بن مطرف بن الشخير: إن الحجاج أتي برجل.. الحديث. وهذا الصحيح".

قال الحافظ في "الفتح" (12/ 118) - عقب قوله: "لا أدري ... " -:

"يشير إلى تجويز أن يكون الراوي غلط في قوله: "عبد الله بن مطرف"، وفي قوله: "سمعت"، وإنما هو (مطرف بن عبد الله) ، ولا صحبة له. وقال ابن عبد البر: يقولون: إن الراوي غلط فيه. وأثر مطرف الذي أشار إليه أبو حاتم: أخرجه ابن أبي شيبة من طريق بكر بن عبد الله المزي (!) قال: أتي الحجاج برجل قد وقع على ابنته وعنده مطرف بن عبد الله بن الشخير وأبو بردة، فقال أحدهما: اضرب عنقه، فضربت عنقه. قلت: والراوي عن صالح بن راشد ضعيف؛ وهو رفدة - بكسر الراء وسكون الفاء -، ويوضح ضعفه قوله: "فكتبوا إلى ابن عباس". وابن عباس مات قبل أن يلي الحجاج الإمارة بأكثر من خمس سنين، ولكن له طريق أخرى إلى ابن عباس، أخرجها الطحاوي؛ وضعف راويها".

قلت: قوله في السطر الأول: "عبد الله بن مطرف" خطأ! مطبعي أو قلمي؛ والصواب: (عبد الله بن أبي مطرف) بزيادة أداة الكنية.

وقوله: "المزي" خطأ أيضاً! وصوابه: (المزني) .

وروايته في "مصنف ابن أبي شيبة" (10/ 105) .

 

(10/78)

 

 

4573 - (من ترك الصلاة؛ لقي الله وهو عليه غضبان) .

ضعيف

أخرجه البزار (ص 41) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 135/ 2) ، ومن طريقه الضياء في "المختارة" (65/ 85/ 1) عن محمد بن عبد الله المخرمي: حدثنا سهل ابن محمود: حدثنا صالح بن عمر عن حاتم بن أبي صغيرة عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال:

لما قام بصري؛ قيل: نداويك وتدع الصلاة أياماً؟ قال: لا؛ إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ... فذكره. والسياق للبزار. وقال:

"لا نعلمه يروى مرفوعاً إلا بهذا الإسناد، وقد أوقفه بعضهم".

قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله ثلاث علل:

الأولى: ضعف سماك في روايته عن عكرمة؛ قال الحافظ:

"صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة".

الثانية: جهالة حال سهل بن محمود؛ فقد ترجمه ابن أبي حاتم (2/ 1/ 204) برواية اثنين آخرين، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

الثالثة: الوقف؛ كما أشار إليه البزار.

والحدبيث؛ عزاه المنذري (1/ 195) - وتبعه الهيثمي (1/ 295) - للبزار والطبراني، فقال الأول:

"وإسناده حسن"!

قلت: وهذا تساهل ظاهر منه! وقال الآخر:

 

(10/79)

 

 

"وفيه سهل بن محمود، ذكره ابن أبي حاتم، وقال: روى عنه أحمد بن إبراهيم الدورقي وسعدان بن يزيد. قلت: وروى عنه محمد بن عبد الله المخرمي، ولم يتكلم فيه أحد، وبقية رجاله رجال (الصحيح) "!

كذا قال! والمخرمي ليس من رجال "الصحيح"، وإنما روى له - من الستة - النسائي فقط.

4574 - (من تزين بعمل الآخرة - وهو لا يريدها ولا يطلبها -؛ لعن في السماوات والأرض) .

موضوع

رواه الطبراني في "الأوسط" (484) عن إسماعيل بن يحيى التيمي عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال:

"تفرد به إسماعيل".

قلت: وهو كذاب مشهور، وبه أعله الهيثمي (10/ 220) .

واقتصر المنذري في "الترغيب" (1/ 32) على الإشارة إلى ضعفه!

 

(10/80)

 

 

4575 - (من تعذرت عليه التجارة؛ فعليه بعمان) .

ضعيف

أخرجه تمام في "الفوائد" (3/ 40/ 1) : حدثنا أبي رحمه الله: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أيوب الرازي: حدثنا أبو عون محمد بن عون الزيادي: حدثنا حماد ابن يزيد المقرىء: حدثنا مخلد بن عقبة بن شرحبيل الجعفي عن جده شرحبيل - وقد لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - - قال ... فذكره مرفوعاً.

ورواه الخطيب في "الموضح" (1/ 54) من طريق أخرى عن أبي عون به.

 

(10/80)

 

 

وكذلك رواه الضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (88/ 2) من طريق أبي بكر الشافعي: حدثنا سعيد بن عثمان الأهوازي أبو سهل: حدثنا أبو عون به.

وتابعه عمار بن هارون: أخبرنا حماد بن يزيد به.

أخرجه ابن قانع في "المعجم"، ترجمة شرحبيل بن السمط.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مخلد بن عقبة؛ قال الغلابي في "الوشي":

"لا أعرف حال عقبة ولا مخلد".

وحماد بن يزيد المقرىء؛ ترجمه ابن أبي حاتم (4/ 1/ 49) برواية جمع عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

وذكره ابن حبان في "الثقات" (6/ 219 و 8/ 205) وهو صدوق، كما بينت ذلك في "تيسير انتفاع الخلان بكتاب ثقات ابن حبان".

فالعلة ممن فوقه.

4576 - (من تقحم في الدنيا؛ فهو يتقحم في النار) .

ضعيف

أخرجه البيهقي في "الشعب" (7/ 342/ 10513) من حديث أبي هريرة مرفوعاً. ذكره السيوطي في "الجامع الصغير". فتعقبه المناوي بقوله:

"قضية كلام المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسلمه، والأمر بخلافه؛ فإنه تعقبه بما نصه: قال أبو حازم (1) : تفرد به حفص بن عمر المهرقاني عن يحيى ابن سعيد"!

__________

(1) هو شيخ البيهقي (أبو حازم العبدري الحافظ) ، وقد رواه عنه مع شيخين آخرين له.

 

(10/81)

 

 

أقول: لا يظهر التعقب بمجرد ذكر التفرد المطلق، فيبدو لي أن البيهقي أشار بذلك إلى أنه تفرد مصحوب مع المخالفة لمن هو أوثق منه؛ فإن المهرقاني هذا - وإن كان صدوقاً لا بأس به -؛ فقد خالفه في لفظه جبل الضبط والحفظ: الإمام أحمد، فقال في "مسنده" (2/ 435) : حدثنا يحيى عن ابن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:

"الذي يطعن نفسه؛ إنما يطعنها في النار. والذي يتقحم فيها يتقحم في النار. والذي يخنق نفسه يخنقها في النار".

قلت: فهذا هو نص الحديث الذي ضبطه الإمام أحمد رحمه الله تعالى بإسناده الحسن.

ويحيى شيخه فيه: هو ابن سعيد القطان، وهو شيخ المهرقاني كما رأيت.

والتقحم المذكور فيه؛ إنما هو التقحم في نار الدنيا، وليست الدنيا نفسها كما في رواية المهرقاني! ولعل أصل حديثه: "نار الدنيا"؛ فسقط من حفظه لفظ: "نار"، وقانا الله تعالى شر نار الدنيا والآخرة!

ثم رأيت الحديث قد أخرجه أبو عثمان البجيرمي في "الفوائد" (ق 36/ 2) من طريق محمد بن عمار بن عطية: أخبرنا حفص بن عمر المهرقاني: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ الترجمة.

ومحمد بن عمار بن عطية - وهو السكري الرازي -؛ قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 43) :

"روى عن أبي هارون البكاء وسهل بن عثمان العسكري".

ولم يذكر له راوياً، ولا جرحاً ولا تعديلاً؛ فهو مجهول.

 

(10/82)

 

 

فلعله هو علة الحديث، رواه عن المهرقاني بإسنادين له: مرة عن أبي هريرة - كما رواه البيهقي -، ومرة عن ابن عمر - كما رواه البجيرمي -، والله أعلم.

4577 - (أيما رجل باع عقرة من غير حاجة؛ بعث الله له تالفاً يتلفها) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 143/ 2) عن علي بن عثمان اللاحقي: حدثنا حفص بن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي: حدثنا محمد بن أبي المليح الهذلي عن عبد الله بن يعلى الليثي - قاضي البصرة -:

أن معقل بن يسار باع داراً بمئة ألف، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وقال:

"لم يروه عن حفص إلا علي".

قلت: وهو ثقة صاحب حديث؛ كما قال الذهبي.

لكن شيخه حفص بن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي؛ لم أجد له ترجمة.

ومثله عبد الله بن يعلى الليثي.

وقد أشار إلى ذلك الهيثمي بقوله (4/ 111) :

"رواه الطبراني في "الأوسط"؛ وفيه جماعة لم أعرفهم، منهم: عبد الله بن يعلى الليثي"!

قلت: لكن محمد بن أبي المليح - وهو ابن أسامة الهذلي -؛ أورده الذهبي في "الميزان"؛ وقال:

 

(10/83)

 

 

"قال محمد بن المثنى: ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن يحدثان عنه بشيء قط". زاد في "اللسان":

"وذكره ابن حبان في "الثقات". وذكره الساجي، والعقيلي في (الضعفاء) ".

والحديث؛ أورده السيوطي من رواية الطبراني في "الأوسط" عن معقل بن يسار أيضاً، لكن بلفظ:

"من باع عقر دار من غير ضرورة؛ سلط الله على ثمنها تالفاً يتلفه".

فالله أعلم: هل هذا لفظ آخر للطبراني عنه، أم هو لغيره؟! وهذا هو الذي أظنه.

وذكره الهيثمي من حديث عمران بن حصين مرفوعاً؛ بلفظ:

"ما من عبد يبيع تالداً؛ إلا سلط الله عليه تالفاً". وقال:

"رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه بشير بن سريج، وهو ضعيف".

قلت: ومن طريقه: رواه الروياني أيضاً في "مسنده" (18/ 32/ 1) عنه عن قبيصة بن الجعد السلمي عن أبي المليح الهذلي عن عبد الملك بن يعلى عن عمران ابن حصين به.

لكنه لم ينفرد به؛ فقد روى البخاري في "التاريخ" (3/ 1/ 437) ، والروياني من طريق عبد الصمد (1) : أخبرنا محمد بن أبي المليح الهذلي: حدثني رجل من الحي: أن يعلى بن سهيل مر بعمران بن حصين، فقال له: يا يعلى! ألم أنبَّأ أنك بعت دارك بمئة ألف؟ قال: بلى، قد بعتها بمئة ألف. قال ... فذكره - واللفظ للروياني -.

__________

(1) وعن عبد الصمد - به - رواه الإمام أحمد في " المسند " (4 / 445) ، ولكن بلفظ: " عقدة مال ". (الناشر) .

 

(10/84)

 

 

ولفظ البخاري من هذه الطريق: حدثنا محمد بن أبي المليح: حدثني عبد الملك بن يعلى عن أبيه عن عمران بن حصين به.

وأخشى أن يكون في الأصل سقط.

ثم روى الروياني، والضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (137/ 1) من طريق موسى بن أيوب بن عياض الليثي: أخبرنا أبي عن عبد الملك بن يعلى - قاضي البصرة - عن محمد بن عمران بن حصين: حدثني أبي به.

وموسى بن أيوب وأبوه مجهولان؛ كما قال ابن أبي حاتم (4/ 1/ 134) عن أبيه.

وروى الدولابي في "الكنى" (2/ 71) عن فضالة بن حصين قال: حدثني عبد الوارث بن أبي محمد عن يعلى بن عبد الملك البصري الليثي قال: قال لي عمران بن حصين: يا يعلى! ... فذكره نحوه.

وفضالة ضعيف؛ قال البخاري وأبو حاتم:

"مضطرب الحديث".

وضعفه جماعة.

وعبد الوارث بن أبي محمد؛ لم أعرفه.

ثم روى الدولابي (2/ 23) عن أبي عامر موسى بن عامر عن عاصم بن الحدثان قال: قال عمران ... فذكره.

قلت: وعاصم هذا؛ أشار الحافظ في ترجمة موسى بن عمران من "اللسان" إلى أنه مجهول.

وموسى بن عامر من شيوخ أبي داود؛ صدوق له أوهام.

 

(10/85)

 

 

وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف لاضطراب الرواة في إسناده، وجهالة الكثير منهم. والله أعلم.

نعم؛ قد ثبت بلفظ آخر من حديث سعيد بن حريث وغيره؛ فراجعه في "الصحيحة" (2327) .

4578 - (من توضأ فأحسن الوضوء، ثم قال ثلاث مرات: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبد هـ ورسوله؛ فتح له من الجنة ثمانية أبواب، يدخل من أيها شاء) .

ضعيف بهذا السياق

رواه ابن ماجه (1/ 174) ، وأحمد (3/ 265) ، والدولابي في "الكنى" (2/ 118) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 180) عن زيد العمي عن أنس بن مالك مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من أجل زيد العمي؛ فإنه ضعيف، كما جزم به الحافظ.

والحديث صحيح دون قوله:

"ثلاث مرات"؛ فقد رواه كذلك عمر بن الخطاب؛ وعقبة بن عامر؛ فراجع له "صحيح أبي داود" (841) ، و "تخريج الترغيب" (1/ 104-105) .

 

(10/86)

 

 

4579 - (من توضأ في موضع بوله، فأصابه الوسواس؛ فلا يلومن إلا نفسه) .

ضعيف

رواه ابن عدي (211/ 2) عن منصور بن عمار: حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً.

 

(10/86)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة.

ونحوه منصور بن عمار؛ وهو الواعظ المشهور.

4580 - (من مشى مع قوم يرى أنه شاهد وليس بشاهد؛ فهو شاهد زور، ومن أعان على خصومة بغير علم؛ كان في سخط الله حتى ينزع) .

ضعيف

أخرجه البيهقي في "السنن" (6/ 82) عن رجاء أبي يحيى - صاحب السقط - قال: سمعت يحيى بن أبي كثير يحدث عن أيوب السختياني عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاء - وهو ابن صبيح الحرشي البصري - أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال:

"ضعفه ابن معين". وقال الحافظ:

"ضعيف".

والشطر الثاني منه؛ أورده السيوطي في "الجامع" من رواية البيهقي في "الشعب" بلفظ:

"من جادل في خصومة ... " والباقي مثله. وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (3/ 102) :

"رواه ابن أبي الدنيا، والأصبهاني في "الترغيب" من حديث أبي هريرة، وفيه رجاء أبو يحيى، ضعفه الجمهور".

قلت: وقد صح من حديث ابن عمر مرفوعاً في حديث له:

 

(10/87)

 

 

" ... ومن خاصم في باطل وهو يعلم؛ لم يزل ... ".

وهو مخرج في "الصحيحة" برقم (437) .

4581 - (من جمع بين الصلاتين من غير عذر؛ فقد أتى باباً من أبواب الكبائر) .

ضعيف جداً

أخرجه الترمذي (1/ 356 - شاكر) ، وأبو يعلى (2751) ، والحاكم (1/ 275) ، والعقيلي (90) ، والطبراني (3/ 125/ 2) ، والبزار (4581 - كشف) ، وعبد الغني المقدسي في "السنن" (71/ 2) عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً.

ومن هذا الوجه: رواه الخطيب في "الموضح" (2/ 20) ؛ وقال:

"حنش: هو حسين بن قيس أبو علي الرحبي، وهو ضعيف".

ولهذا قال ابن عبد البر في "التمهيد" (3/ 19/ 2) :

"وهو حديث ضعيف". وقال العقيلي:

"لا أصل له، وقد روي عن ابن عباس بإسناد جيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء".

قلت: وقال الحافظ في الحنش هذا:

"متروك". ولذلك لما قال الحاكم عقب الحديث:

"حنش بن قيس الرحبي يقال له: أبو علي، من أهل اليمن، سكن الكوفة، ثقة"! رده الذهبي بقوله:

"قلت: بل ضعفوه".

 

(10/88)

 

 

(تنبيه) : حديث ابن عباس الذي ذكره العقيلي؛ قد صح موصولاً في "صحيح مسلم" وغيره، وهو مخرج في "الإرواء" (3/ 34) ، و "صحيح أبي داود" (1096) .

4582 - (من جهز غازياً في سبيل الله حتى يستقل؛ كان له مثل أجره حتى يموت أو يرجع) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (2758) من طريق الوليد بن أبي الوليد عن عثمان بن عبد الله بن سراقة عن عمر بن الخطاب مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن سراقة هذا - وهو ابن بنت عمر بن الخطاب - لم يثبت سماعه من عمر.

والوليد بن أبي الوليد وثقه أبو زرعة، وكذا ابن حبان؛ إلا أنه قال:

"ربما خالف؛ على قلة روايته".

قلت: ولعله لذلك قال الحافظ:

"لين الحديث".

 

(10/89)

 

 

4583 - (من حاول أمراً بمعصية؛ كان ذلك أفوت لما رجا، وأقرب لمجيء ما اتقى) .

ضعيف

رواه تمام في "الفوائد" (31-32) ، ومن طريقه الضياء في "المختارة" (105/ 1-2) : أنبا أبو زرعة محمد بن سعيد بن أحمد القرشي - يعرف بابن التمار -: حدثنا علي بن عمرو بن عبد الله المخزومي: حدثنا معاوية بن عبد الرحمن: حدثنا حريز بن عثمان: حدثنا عبد الله بن بسر المازني مرفوعاً.

 

(10/89)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من دون حريز لم أعرفهم.

وأخرجه القضاعي (44/ 1) عن مقدام بن داود قال: أخبرنا علي بن معبد قال: أخبرنا بقية بن الوليد عن الحكم بن عبد الله قال: أخبرنا الزهري مرفوعاً.

وأخرجه هو، وأبو نعيم (6/ 339) من طريق عبد الوهاب بن نافع الشلبي قال: أنبأنا مالك بن أنس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس رفعه.

قلت: وعبد الوهاب هذا؛ اتهمه الذهبي فقال:

"وهاه الدارقطني وغيره، ألصق بمالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً: "لا تكرهوا مرضاكم على الطعام؛ فإن الله يطعمهم ... " (1) .

قلت: وهذا الحديث؛ أخرجه الخطيب في "الرواة عن مالك"، والدارقطني أيضاً؛ وقال بعده:

"عبد الوهاب واه جداً".

والحكم بن عبد الله: هو الأيلي؛ كذاب؛ كما قال أبو حاتم. وقال أحمد:

"أحاديثه كلها موضوعة".

4584 - (من حج عن أبيه وأمه؛ فقد قضى عنه حجته، وكان له فضل عشر حجج) .

باطل

أخرجه الدارقطني في "سننه" (ص 272) عن عثمان بن عبد الرحمن عن محمد بن عمرو البصري عن عطاء عن جابر بن عبد الله مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عثمان بن عبد الرحمن: هو الطرائفي؛ كما يأتي في

__________

(1) حسنه الشيخ - رحمه الله - في " الصحيحة " (727) من غير حديث ابن عمر، فلتنظر. (الناشر)

 

(10/90)

 

 

رواية ابن أبي حاتم، وهو صدوق في نفسه، وإنما ضعف لكثرة روايته عن الضعفاء.

ومحمد بن عمرو البصري؛ الظاهر أن أبو سهل الأنصاري البصري، وبه جزم بعضهم، وهو ضعيف كما في "التقريب"، وكان يحيى بن سعيد يضعفه جداً كما في "الجرح والتعديل" (4/ 1/ 32) بروايتين له عنه.

لكني لم أجد من ذكر في شيوخه عطاء، ولا في الرواة عنه عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي! وكأنه لذلك جزم أبو حاتم بأنه ليس هو محمد بن عمرو؛ وإنما محمد بن عمر المحرم. فقال ابنه في "العلل" (1/ 278) :

"سألت أبي عن حديث رواه عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي قال: حدثني محمد بن عمرو ... (فذكره) ؟ قال أبي: ليس هذا محمد بن عمرو، إنما هذا هو محمد بن عمر؛ الذي يعرف بالمحرم، وكان واهي الحديث، وهذا عندي حديث باطل".

4585 - (من حج هذا البيت أو اعتمر؛ فليكن آخر عهده بالبيت [الطواف] ) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (946) ، وأحمد (3/ 416-417) ، وابن نافع في "المعجم" عن الحجاج بن أرطأة عن عبد الملك بن المغيرة عن عبد الرحمن بن البيلماني عن عمرو بن أوس عن الحارث بن عبد الله بن أوس قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره.

فقال له عمر: خررت من يديك! سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تخبرنا به؟! وقال الترمذي:

"حديث غريب".

 

(10/91)

 

 

قلت: أي ضعيف، وذلك لأن عبد الرحمن البيلماني ضعيف.

والحجاج بن أرطأة مدلس؛ وقد عنعنه.

وقد صح الحديث عن ابن أوس دون ذكر الاعتمار: فرواه الوليد بن عبد الرحمن عن الحارث بن عبد الله بن أوس قال:

أتيت عمر بن الخطاب، فسألته عن المرأة تطوف بالبيت يوم النحر ثم تحيض؟ قال: ليكن آخر عهدها بالبيت. قال: فقال الحارث: كذلك أفتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكيما أخالف؟!

أخرجه أبو داود (1/ 313) ، والنسائي في "الكبرى" - كما في "تحفة المزي" (3/ 6) -، وأحمد (3/ 416) ، وابن أبي خيثمة في "التاريخ" (ص 45 - مصورة الجامعة الإسلامية) ، والطحاوي في "شرح المعاني" (1/ 221) .

قلت: وإسناده صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم.

والوليد هذا: هو الجرشي.

وصححه الحافظ في "الإصابة".

واقتصر المنذري في "مختصر السنن" (2/ 430) على تحسينه؛ وهو قصور! وصرح بأن إسناد الترمذي المتقدم ضعيف.

واعلم أن ظاهر الحديث: وجوب طواف الوداع على الحائض أيضاً، وأنه يجب عليها الانتظار حتى تطهر فتطوف! لكن قد جاءت أحاديث صحيحة بالترخيص لها بالانصراف؛ ما دام أنها طافت قبل ذلك طواف الإفاضة. ولذلك قال الخطابي في "معالم السنن":

 

(10/92)

 

 

"قلت: وهذا على سبيل الاختيار في الحائض؛ إذا كان في الزمان نفس، وفي الوقت مهلة، فأما إذا أعجلها السير؛ كان لها أن تنفر من غير وداع؛ بدليل خبر صفية. وممن قال: إنه لا وداع على الحائض: مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وهو قول أصحاب الرأي وكذلك قال سفيان".

قلت: ومن تلك الأحاديث التي أشرنا إليها: حديث ابن عباس قال:

أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت؛ إلا أنه خفف عن المرأة الحائض.

أخرجه مسلم (4/ 93) . وفي رواية له عنه مرفوعاً:

"لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت".

ورواه الطحاوي (1/ 423) بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر أيضاً، وزاد:

إلا الحيض؛ رخص لهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وصححه الترمذي (944) وغيره.

ورواه ابن حبان في "الصحيحة" (3888) بلفظ:

"من حج البيت؛ فليكن آخر عهده بالبيت؛ إلا الحيض، رخص لهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ثم رأيت حديث الترجمة؛ قد أخرجه ابن أبي خيثمة في "التاريخ" (ص 40-41) من طريق الحجاج به، دون قوله:

"أو اعتمر"؛ فهو الصواب.

قوله: (أربت عن يديك) ؛ أي: سقطت آرابك من اليدين خاصة؛ كما في "النهاية".

و (الآراب) : الأعضاء.

 

(10/93)

 

 

(تنبيه) : عزا السيوطي حديث الترجمة لأصحاب "السنن الثلاثة"! وليس هو عند أبي داود والنسائي بهذا اللفظ، وإنما بلفظ آخر؛ ليس فيه ذكر العمرة، ولا هو بهذا المعموم: "من...."! وهو مخرج في "صحيح أبي داود" برقم (1749) .

4586 - (من حج فلم يرفث ولم يفسق؛ غفر له ما تقدم من ذنبه) .

شاذ بهذا اللفظ

أخرجه الترمذي (1/ 155) : حدثنا ابن أبي عمر: حدثنا سفيان عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح"!

قلت: جرى الترمذي على ظاهر إسناده، فحكم له بالصحة؛ فإن رجاله كلهم ثقات على شرط الشيخين؛ غير ابن أبي عمر - واسمه محمد بن يحيى -؛ فإنه على شرط مسلم وحده. وقد خولف في لفظ الحديث؛ فهو العلة. وقد قال فيه الحافظ:

"صدوق، صنف "المسند"، وكان لازم ابن عيينة، لكن قال أبو حاتم: كانت فيه غفلة".

قلت: وقد خالفه الإمام أحمد فقال (2/ 248) : حدثنا سفيان عن منصور ... بلفظ:

" ... رجع كيوم ولدته أمه".

وهذا هو المحفوظ عن منصور؛ فقد رواه جمع من الثقات الحفاظ عن منصور به.

أخرجه البخاري (1/ 455) ، ومسلم (4/ 107) ، والدارمي (2/ 31) ، وابن ماجه (2889) ، وأحمد أيضاً (2/ 410،484،494) ، والطبري (3721،3722،3724) .

 

(10/94)

 

 

وتابعه سيار أبو الحكم قال: سمعت أبا حازم به.

أخرجه البخاري (1/ 386) ، ومسلم أيضاً، وأحمد (2/ 229) ، والطبري (3718،3719،3728) .

وتابعه الأعمش عن أبي حازم به.

أخرجه الطبري (3723) ، وابن عدي في "الكامل" (6/ 102) ، وزاد في أوله زيادة منكرة بلفظ:

قال - ونظر إلى البيت -: "من حج ... ".

وسنده واه.

وتابعه هلال بن يساف عن أبي حازم به.

أخرجه الطبري أيضاً (3726،3727) .

فهؤلاء ثلاثة من الثقات تابعوا منصوراً على اللفظ الثاني الذي رواه عنه الحفاظ؛ فدل ذلك دلالة قاطعة على شذوذ ابن أبي عمر في روايته باللفظ الأول عن سفيان، وصواب رواية أحمد عنه؛ وهو المراد.

4587 - (من حضر إماماً؛ فليقل حقاً أو ليسكت) .

ضعيف

رواه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (4/ 42) : حدثني القاسم بن هاشم: حدثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي: حدثنا وهيب بن خالد: حدثنا أبو واقد الليثي عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً.

ورواه أبو بكر الشافعي في "الفوائد" (6/ 63/ 1) ، وعنه ابن عساكر (8/ 108/ 1) عن سهل بن بكار: أخبرنا وهيب به.

 

(10/95)

 

 

ورواه ابن عدي (199/ 1) من طريق آخر عن أحمد بن إسحاق به. وقال:

"وأبو واقد صالح بن محمد؛ من الضعفاء الذين يكتب حديثهم". وقال الحافظ:

"ضعيف".

ورواه موسى بن إسماعيل عن وهيب عن أيوب عن نافع به.

ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 431) ؛ وقال:

"فسمعت أبي يقول: هذا خطأ؛ إنما هو وهيب عن أبي واقد عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -".

4588 - (من حضر معصبة فكرهها؛ فكأنما غاب عنها، ومن غاب عنها وأحبها؛ فكأنما حضرها) .

ضعيف

رواه ابن حبان في "الثقات" (2/ 303) : حدثنا عمرو بن محمد بن سهل بن عسكر: حدثنا سعيد بن أبي مريم: حدثنا نافع بن زيد عن يحيى بن أبي سليمان عن المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً.

وهذا سند ضعيف؛ من أجل يحيى بن أبي سليمان -؛ فإنه وإن وثقه ابن حبان، وفي ترجمته ساق له هذا الحديث، ووثقه الحاكم -؛ فقد قال البخاري:

"منكر الحديث". وقال أبو حاتم:

"ليس بالقوي، يكتب حديثه".

ومن طريقه: أخرجه الهروي في "ذم الكلام" (2/ 39/ 1-2) ، وابن أبي الدنيا في "الأمر بالمعروف" (61/ 2) . وقال الحافظ:

 

(10/96)

 

 

"لين الحديث" (1) .

4589 - (من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من السنة، كنت له شفيعاً يوم القيامة) .

موضوع

رواه الحسن بن سفيان في "الأربعين"، وعنه المقدسي في آخر "أربعينه" (61/ 2) ، وتمام في "الفوائد" (209/ 2) ، وابن عدي (15/ 2) ، وأبو عبد الله الصاعدي في "الأربعين" (1/ 2) ، والخطيب في "شرف أصحاب الحديث" (1/ 32/ 1) ، وأبو القاسم القشيري في "أربعينه" (151/ 1) ، وابن عبد البر في "الجامع" (1/ 44) ، والقاسم بن عساكر في "الأربعين البلدانية" (4/ 1) ، ومحمد ابن طولون في "الأربعين" (6/ 1) عن إسحاق بن نجيح عن ابن جريج عن عطاء ابن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعاً. وقال ابن عدي:

"إسحاق بن نجيح بين الأمر في الضعفاء، وهو ممن يضع الحديث". وقال ابن نصر المقدسي:

"تفرد به إسحاق بن نجيح الملطي".

وتعقبه ابن طولون بقوله:

"رواه ابن عدي من حديث خالد بن يزيد العمري عن ابن جريج به، ثم قال:

"روى هذا الحديث - مع خالد بن يزيد - إسحاق بن نجيح الملطي، وهو شر منه". وإسحاق هذا؛ قال أحمد: هو أكذب الناس. وقال يحيى: هو معروف

__________

(1) والحديث قد ورد بنحوه من حديث العرس بن عميرة، وعدي بن عدي في " سنن أبي داود " (4345 - 4346) ؛ وهو مخرج في " المشكاة " (5141) محسناً. (الناشر) .

 

(10/97)

 

 

بالكذب ووضع الحديث. وقال الحافظ أبو نعيم: رواية ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس متصلة صحيحة على شرط الأئمة، لكن الراوي عن ابن جريج إسحاق ابن نجيح متروك الحديث"!

قلت: وهذا تعقب شكلي لا طائل تحته؛ فإن خالداً هذا كذاب أيضاً، كذبه أبو حاتم ويحيى. وقال ابن حبان:

"يروي الموضوعات عن الأثبات".

وتابعه بقية عن عبد الملك بن عبد العزيز (وهو ابن جريج) ؛ بلفظ:

"من حمل من أمتي أربعين حديثاً؛ بعثه الله يوم القيامة فقيهاً عالماً".

أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 200-201) ، والسلفي في "الطيوريات" (89/ 1-2) ، والقاسم بن عساكر في "أربعينه" (4/ 2) عن عبد الله ابن محمد بن سعيد الإصطخري: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الشرقي - بإصطخر -: أخبرنا محمد بن عمرو بن حنان: أخبرنا بقية بن الوليد. وقال القاسم:

"عبد الله بن محمد بن سعيد الإصطخري أكثر من روى عنه مجهولون لا يعرفون، وأحاديثه مقلوبة، قال البرقاني: أظنهم تكلموا فيه. وشيخه مجهول. ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن حنان أبو عبد الله الكلبي من أهل حمص؛ ثقة. وبقية تكلموا فيه".

قلت: ذكر ابن حبان أنه كان مدلساً، يدلس عن الثقات ما أخذه عن مثل المجاشع بن عمرو، والسري بن عبد الحميد، وعمر بن موسى التميمي، وأشباههم من المتروكين.

 

(10/98)

 

 

ثم روى ابن عبد البر من طريق يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد بن حجر العسقلاني: حدثنا أبو أحمد حميد بن مخلد بن زنجويه: أخبرنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال: حدثنا مالك بن أنس عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر مرفوعاً نحوه. وقال:

"هذا أحسن إسناد جاء به هذا الحديث، ولكنه غير محفوظ ولا معروف من حديث مالك، ومن رواه عن مالك فقد أخطأ عليه، وأضاف ما ليس من روايته عليه"!

كذا قال، وأقره ابن طولون! وهو بحاجة إلى تحرير؛ فإن ظاهره تعصيب الخطأ بيحيى بن عبد الله بن بكير؛ فإنه مع كونه من شيوخ البخاري ومسلم؛ فقد تكلموا في سماعه من مالك، كما قال الحافظ في "التقريب".

لكن في الطريق إليه يعقوب العسقلاني؛ قال الذهبي:

"كذاب".

ثم ساق له هذا الحديث بهذا الإسناد.

وساق له الحافظ في "اللسان" حديثاً آخر موقوفاً على ابن عمر، وقال:

"هذا من أباطيل يعقوب". ثم قال:

"وقد وجدت له حكاية يشبه أن تكون من وضعه". ثم ذكرها بسنده منه إليه؛ فهو الآفة.

ثم رواه القاسم بن عساكر من طريق أبي نصر محمد بن علي بن عبد الله بن أحمد بن ودعان الموصلي: أنبأنا أبو سعيد الآملي المقرىء: أخبرنا أبو محمد عبد الله

 

(10/99)

 

 

ابن أحمد القاضي عن أبيه: حدثنا أبو علي الحسن بن الصباح البزار: حدثنا سفيان ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عمر؛ بلفظ:

"من نقل عني إلى من لم يلحقني من أمتي أربعين حديثاً؛ كتب في زمرة العلماء، وحشر في جملة الشهداء". وقال:

"أبو نصر بن ودعان غير ثقة عند أهل الحديث، نسبه قوم إلى الكذب، وآخرون إلى وضع الأحاديث، وسمعت أبي رحمه الله يصفه بالكذب والوضع. وأساء الثناء عليه الحافظ أبو طاهر السلفي، وصنف جزءاً لطيفاً في الطعن في "أربعين ابن ودعان" - وهو عندي -. وأبو سعيد الآملي غير معروف. وأبو محمد عبد الله بن أحمد القاضي غير مشهور. وأبوه كذلك. والحديث مركب على إسناد صحيح".

وابن ودعان هذا مترجم في "الميزان"، ووصفه بأنه:

"صاحب تلك "الأربعين الودعانية الموضوعة"، ذمه أبو طاهر السلفي وأدركه وسمع منه، وقال: هالك متهم بالكذب. وكتابه في "الأربعين" سرقه من عمه أبي الفتح، وقيل: سرقه من زيد بن رفاعة وحذف منه الخطبة ... وابن رفاعة وضعها أيضاً، ولفق كلمات من دقائق الحكماء، ومن قول لقمان، وطول الأحاديث".

وزيد بن رفاعة هذا يكنى بأبي الخير، وله ترجمة أيضاً في "الميزان"، و "أربعينه" محفوظة في المكتبة الظاهرية.

وقد أخرج الحديث فيه (3/ 1) ، وعنه القاسم بن عساكر في "أربعين السلفي" (6/ 2) : حدثني علي بن شعيب البزاز - بالرقة -: أخبرنا إسماعيل بن

 

(10/100)

 

 

إبراهيم الأسدي: أخبرنا عباد بن إسحاق: أخبرنا عبد الرحمن بن معاوية عن الحارث مولى سباع عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً بلفظ الترجمة؛ إلا أنه قال:

"أدخلته يوم القيامة في شفاعتي". وقال ابن عساكر:

"أبو الخير متهم بوضع الحديث، كذاب، ذكره أبو بكر الخطيب في "التاريخ" فقال: كان كذاباً وقال: سمعت أبا القاسم هبة الله بن الحسن الطبري ذكر زيد بن رفاعة فقال: رأيته بالري، وأساء القول فيه. وشيخه علي بن شعيب مجهول. وإسماعيل بن إبراهيم الأسدي غير معروف. وعباد بن إسحاق مجهول. وعبد الرحمن بن معاوية أبو الحويرث الزرقي سئل مالك عنه فقال: ليس بثقة. وقال أبو حاتم الرازي: ليس بثقة، يكتب حديثه ولا يحتج به".

واللفظ الثاني المتقدم من حديث بقية قد روي من حديث أنس أيضاً، وله عنه طريقان:

الأولى: عن سليمان بن سلمة الخبائزي: حدثنا نصر بن الليث عن عمر بن شاكر عنه.

أخرجه ابن عدي (5/ 56) ، وتمام (206/ 2) .

قلت: عمر هذا ضعيف؛ وفي ترجمته أورده ابن عدي؛ فما أصاب؛ لأن الخبائزي متهم بالكذب! لذلك قال الذهبي في آخر ترجمة عمر:

"هذا من وضع سليمان، فينبغي أن يكون في ترجمته".

والأخرى: عن معلى بن هلال عن أبان عنه.

أخرجه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث" (1/ 32/ 1) عن محمد بن أبان قال: حدثنا معلى.

 

(10/101)

 

 

قلت: وأبان: هو ابن أبي عياش؛ متروك.

ومعلى بن هلال؛ قال أحمد:

"متروك الحديث، حديثه موضوع كذب". وقال الحافظ:

"اتفق النقاد على تكذيبه".

ومحمد بن أبان: هو الغنوي أو الغيري؛ مجهول الحال.

وخالفه أبو إسحاق الحجازي فقال: عن المعلى عن السدي عن أنس.

أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 206) ، وابن عبد البر (1/ 43) عن بقية عنه.

وأبو إسحاق هذا؛ قال الذهبي:

"روى عن موسى بن أبي عائشة مناكير. قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به". ثم ذكر له حديثاً طويلاً موضوعاً.

وقد جمع اللفظين المذكورين في سياق واحد بعض المتروكين، فقال عبد الملك ابن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده وعن أبي الدرداء مرفوعاً بلفظ:

"من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من أمر دينها؛ بعثه الله فقيهاً، وكنت له يوم القيامة شافعاً وشهيداً".

أخرجه أبو بكر الشافعي في "الفوائد" (4/ 37/ 2) ، وأبو عبد الله بن منده في "الأمالي" (36/ 2) ، والسلفي في "الأربعين" (9/ 2) ، والقاسم بن عساكر (6/ 1) عن الفضل بن غانم عنه. وقال ابن عساكر:

 

(10/102)

 

 

"الفضل بن غانم البغدادي قاضي الري. قال أحمد بن حنبل: من يقبل عن ذاك حديثاً؟! يعني من يكتب عنه؟!

وعبد الملك بن هارون بن عنترة؛ ضعفه أحمد بن حنبل. وقال يحيى بن معين: كذاب. وقال أبو حاتم: متروك الحديث، ذاهب الحديث".

وقال الحافظ ابن حجر في "الأربعين العوالي" (رقم 45) - بعدما أخرجه من طريق السلفي -:

"هذا حديث مشهور، وله طرق كثيرة، وهو غريب من هذا الوجه، تفرد به عبد الملك. وأخرجه ابن حبان في "كتاب الضعفاء" له من طريق عبد الملك بن هارون هذا، واتهمه به، وقال: لا يحل كتب حديثه إلا للاعتبار. وضعفه غيره، وباقي رجاله ثقات".

وعبد الملك؛ قال السعدي:

"دجال كذاب". وقال صالح بن محمد:

"عامة حديثه كذب، وأبوه هارون ثقة". وقال الحاكم في "المدخل":

"روى عن أبيه أحاديث موضوعة".

وفي الباب طرق أخرى عند ابن عبد البر وغيره؛ لا تخلو كلها من مجروح، وقال ابن عبد البر في آخرها:

"قال أبو علي بن السكن: وليس يروى هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه ثابت". وقال النووي في مقدمة "أربعينه":

"واتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف، وإن كثرت طرقه".

 

(10/103)

 

 

يعني: أن كثرة طرقه لم ينجبر بها ضعفه، وما ذلك إلا لشدة ضعفها واختلاف ألفاظها.

والحق: أن الحديث عندي موضوع، وإن اشتهر عند العلماء، وعملوا من أجله كتب "الأربعين"، ولو كان صحيحاً؛ لما قيض الله لروايته والتفرد به تلك الكثرة من الكذابين والوضاعين!

4590 - (من حمل أخاه على شسع؛ كأنما حمله على دابة في سبيل الله) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (ص 663) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 189) عن الهذيل بن إبراهيم: أخبرنا عثمان بن عبد الرحمن عن مكحول عن أبي الدرداء مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته عثمان بن عبد الرحمن - وهو الوقاصي -؛ كذاب. والهذيل؛ قال ابن حبان في "الثقات":

"حدثنا عنه أبو يعلى، يعتبر حديثه إذا روى عن الثقات؛ فإنه يروي عن عثمان بن عبد الرحمن ومجاشع بن يوسف وصالح بن بيان الساحلي".

وقد روي من حديث أنس مرفوعاً به؛ إلا أنه قال:

" ... على فرس؛ شاك السلاح في سبيل الله".

أخرجه الخطيب (5/ 231) عن محمد بن حبان بن عمرو الباهلي: حدثنا أبو معمر الضرير العابد: حدثنا عبد الواحد بن زيد عن الحسن عن أنس.

أورده في ترجمة ابن حبان هذا، وروى عن عبد الله بن إبراهيم الأبندوني قال:

 

(10/104)

 

 

"كان لا بأس به إن شاء الله". وعن عبد الغني بن سعيد الحافظ:

"يحدث بمناكير". وقال الصوري:

"ضعيف".

وأبو معمر الضرير العابد؛ لم أعرفه، ولا أورده الدولابي في "الكنى"! وقال المناوي:

"مجهول".

فلا أدري؛ أقاله اجتهاداً من عند نفسه، أم نقله عن غيره؟! وهذا فيه بعد، والأول هو الأقرب، والتعبير حينئذ موهم للآخر؛ فتأمل!

وعبد الواحد بن زيد ضعيف جداً؛ قال البخاري:

"تركوه". وقال النسائي:

"ليس بثقة".

(تنبيه) : أورد السيوطي الحديث في "الجامع الصغير" من رواية الخطيب في "التاريخ" عن أنس! وهذا من أوهامه رحمه الله؛ فإن لفظ الخطيب عنه مخالف لهذا كما تقدم!

وأما في "الجامع الكبير"؛ فإنه ذكره على الصواب.

4591 - (من ختم القرآن أول النهار؛ صلت عليه الملائكة حتى يمسي، ومن ختمه آخر النهار؛ صلت عليه الملائكة حتى يصبح) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 26) عن هشام بن عبيد الله عن

 

(10/105)

 

 

محمد - يعني: ابن جابر - عن ليث عن طلحة بن مصرف عن مصعب بن سعد عن سعد مرفوعاً، وقال:

"غريب من حديث طلحة، تفرد به هشام عن محمد".

قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علل:

الأولى: ليث - وهو ابن أبي سليم - كان اختلط.

الثانية: محمد بن جابر - وهو الحنفي اليمامي -؛ قال الحافظ:

"صدوق، ذهبت كتبه فساء حفظه، وخلط كثيراً، وعمي فصار يلقن، ورجحه أبو حاتم على ابن لهيعة".

الثالثة: هشام بن عبيد الله - وهو الرازي -؛ أورده الذهبي في "المغني"، وقال:

"قال ابن حبان: كثرت مخالفته للأثبات فبطل الاحتجاج به. ثم روى له حديثين أراهما موضوعين.. وأما أبو حاتم فقال: صدوق ... ".

والحديثان اللذان أشار إليهما؛ قد تقدما في سياق واحد برقم (192) ؛ فراجع إن شئت.

4592 - (من خصى عبد هـ خصيناه) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (2/ 246) ، والنسائي (2/ 241 و 243) ، والحاكم (4/ 367-368) ، والبيهقي (8/ 35) ، والطيالسي (1/ 293) ، وأحمد (4/ 18) من طريق الحسن عن سمرة مرفوعاً. وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!

 

(10/106)

 

 

قلت: الحسن البصري مدلس، وقد عنعنه؛ مع اختلافهم في ثبوت سماعه من سمرة، والراجح أنه سمع منه في الجملة؛ فلا يقبل منه إلا ما صرح بالسماع. ولذلك قال البيهقي:

"وأكثر أهل العلم بالحديث رغبوا عن رواية الحسن عن سمرة، وذهب بعضهم إلى أنه لم يسمع منه غير حديث العقيقة".

وقد ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 459) من رواية معاذ بن خالد العسقلاني عن زهير بن محمد عن يزيد بن زياد عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي مرفوعاً به. وقال:

"قال أبي: هذا حديث منكر".

وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته يزيد بن زياد - وهو القرشي الدمشقي -؛ قال الحافظ:

"متروك".

ومن دونه؛ ضعيفان.

وأبو إسحاق - وهو السبيعي - مدلس، مع اختلاطه.

والحارث - وهو الأعور - ضعيف؛ بل اتهمه بعضهم.

4593 - (من دعا على من ظلمه؛ فقد انتصر) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (3547) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (12/ 33/ 2) ، وابن عدي (337/ 2) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 349 و 2/ 89) ، وأبو بكر الكلاباذي في "مفتاح المعاني" (149/ 2) من حديث أبي الأحوص عن

 

(10/107)

 

 

أبي حمزة عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة مرفوعاً. وقال الترمذي:

"حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث أبي حمزة، وقد تكلم بعض أهل العلم في أبي حمزة من قبل حفظه، وهو ميمون الأعور".

وذكر ابن عدي نحوه، وقال:

"وأبو حمزة ميمون القصاب؛ أحاديثه التي يرويها - خاصة عن إبراهيم - مما لا يتابع عليه". وقال الحافظ:

"ضعيف".

4594 - (من ذكر الله، ففاضت عيناه من خشية الله حتى يصيب الأرض من دموعه؛ لم يعذبه الله تعالى يوم القيامة) .

ضعيف

أخرجه الحاكم (4/ 260) عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال:

"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!

قلت: وهذا تساهل واضح؛ خصوصاً من الذهبي؛ فقد أورد الذهبي أبا جعفر هذا في "الضعفاء"؛ وقال:

"قال أبو زرعة: يهم كثيراً. وقال أحمد: ليس بقوي. وقال مرة: صالح الحديث. وقال الفلاس: سيىء الحفظ. وقال آخر: ثقة". وقال الحافظ:

"صدوق سيىء الحفظ".

قلت: فمثله لا يحسن حديثه؛ فكيف يصحح؟!

 

(10/108)

 

 

4595 - (من ذهب بصره في الدنيا؛ كان له نوراً يوم القيامة إن كان صالحاً) .

موضوع

أخرجه ابن عدي (33/ 2) عن بشر بن إبراهيم الأنصاري عن الأوزاعي عن حميد بن عطاء عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً.

ساقه في ترجمة بشر هذا مع أحاديث أخرى؛ ثم قال:

"وهي بواطيل". وقال:

"بشر؛ منكر الحديث عن الثقات والأئمة، وهو ممن يضع الحديث على الثقات".

 

(10/109)

 

 

4596 - (من رفع رأسه قبل الإمام أو وضع؛ فلا صلاة له) .

منكر

رواه ابن الضريس في "أحاديثه" (3/ 1) عن محمد بن جابر عن عبد الله بن بدر عن علي بن شيبان عن أبيه قال:

صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فرفع رجل رأسه قبل النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فلما انصرف قال ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير محمد بن جابر - وهو الحنفي اليمامي -؛ ضعيف؛ لسوء حفظه واختلاطه؛ كما تقدم قريباً.

ومن طريقه: رواه مسدد - كما في "إتحاف السادة المهرة" (1/ 65/ 1) للبوصيري -؛ وقال:

"وهو ضعيف".

 

(10/109)

 

 

وكذلك رواه بقي بن مخلد في "مسنده" كما في ترجمة شيبان - وهو ابن محرز اليمامي من "الإصابة" (2/ 160) للحافظ -، وقال:

"وقد أخرج ابن ماجه هذا الحديث من هذا الوجه، لكن قال: عن عبد الله بن بدر عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه ... وهو المعروف. ووالده (1) (علي) صحابي".

قلت: وقوله: "هذا الحديث" خطأ واضح؛ فإنه لم يخرجه ابن ماجه، وإنما أخرج بالإسناد الذي ذكره عن علي بن شيبان حديثاً آخر فيه:

.. فرأى رجلاً فرداً يصلي خلف الصف، قال: فوقف عليه نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حين انصرف، قال:

"استقبل صلاتك، لا صلاة للذي خلف الصف".

وكذا رواه جماعة من الحفاظ من الوجه المذكور، من طريق ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر ... وهو مخرج في "الإرواء" (2/ 328-329) .

وملازم بن عمرو ثقة. فروايته هذه مما يؤكد ضعف محمد بن جابر، وخطأه في روايته لحديث الترجمة سنداً ومتناً، فهو حديث منكر.

والخطأ الذي وقع فيه الحافظ؛ قلده عليه الشيخ الأعظمي رحمه الله في تعليقه على " المطالب العالية" (1/ 115) ، فقد نقله عنه وأقره! وزاد ضغثاً على إبالة؛ فإنه نقله مع الخطأ المطبعي المشار إليه آنفاً! ومع ذلك؛ فقد طبع الناشرون لـ "المطالب" بتحقيقه على طرته: "تحقيق الأستاذ المحدث الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي"!

__________

(1) الأصل: (وولده) ، وهو خطأ مطبعي ظاهر.

 

(10/110)

 

 

وأنا أرى أن نسبة ذلك إليه فيها نظر؛ لكثرة الأوهام العلمية والأخطاء المطبعية الواقعة فيه، وغيرها.

وقد نبهت في هذه "السلسلة" وغيرها على الشيء الكثير منها. والله الموفق لا رب سواه، ولا معبود - بحق - غيره.

وقد أورد حديث الترجمة الشيخ أبو عبد الله بن بطة في كتابه "الشرح والإبانة عن أصول السنة والديانة" (ص 207) رقم (394/ تحقيق صهري رضا نعسان) ، وقال رضا في تخريجه:

"رواه أبو عوانة في "مسنده" 15/ 138"!

ولم أدر هذا الرقم؛ رقم المطبوع منه أو المخطوط؟! وعلمي أن المطبوع منه خمس مجلدات، وقد راجعته في مظانه منها؛ فلم أجده! فالله أعلم.

4597 - (من ركع عشر ركعات بين المغرب والعشاء، بني له قصر في الجنة. فقال عمر بن الخطاب: إذا تكثر قصورنا أو بيوتنا يا رسول الله؟! فقال: الله أكثر وأفضل؛ أو قال: وأطيب) (1) .

ضعيف

رواه عبد الله بن المبارك في "الزهد" (114/ 2 من الكواكب 575؛ رقم 1264 - ط) ، وعنه ابن نصر في "قيام الليل": أنبأنا يحيى بن أيوب: حدثني محمد بن أبي الحجاج أنه سمع عبد الكريم بن الحارث يحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره.

قلت: وهذا مرسل ضعيف؛ محمد بن أبي الحجاج لم أعرفه، ويحتمل أن تكون أداة الكنية: "أبي" مقحمة من بعض الرواة، فيكون حينئذ محمد بن

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " نصر " (33) ". (الناشر) .

 

(10/111)

 

 

الحجاج - وهو اللخمي الواسطي - فقد ذكروا في الرواة عنه يحيى بن أيوب العابد.

ثم بدا لي أنه ليس به؛ فإن العابد هذا لم يذكر في شيوخ ابن المبارك، وإنما ذكورا فيهم يحيى بن أيوب الغافقي المصري! ثم إن العابد متأخر الوفاة عن ابن المبارك بنحو (43) سنة.

4598 - (من زارني بالمدينة محتسباً؛ كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة) .

ضعيف

رواه السهمي في "تاريخ جرجان" (391) : حدثنا أبو بكر الصرامي: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف القطان: حدثنا عباد بن موسى الختلي: حدثنا ابن أبي فديك عن سليمان بن يزيد الكعبي عن أنس بن مالك مرفوعاً.

وهذا إسناد ضعيف؛ سليمان هذا؛ قال أبو حاتم:

"منكر الحديث ليس بالقوي". وقال ابن حبان:

"لا يجوز الاحتجاج به".

وموسى بن يوسف القطان؛ لم أجد من ترجمه.

وأبو بكر الصرامي: اسمه محمد بن أحمد بن إسماعيل؛ ترجمه السهمي وقال:

"إنه توفي سنة (358) "؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

لكن ذكره الحافظ في "التلخيص" (2/ 467) من رواية ابن أبي الدنيا في "كتاب القبور" قال: أخبرنا سعيد بن عثمان الجرجاني: أخبرنا ابن أبي فديك به.

فانحصرت العلة في الكعبي. وبه أعله الحافظ فقال:

 

(10/112)

 

 

"ضعفه ابن حبان، والدارقطني".

وللحديث طريق أخرى من حديث ابن عمر، تأتي برقم (5732) .

4599 - (من زنى أمة لم يرها تزني؛ جلده الله يوم القيامة بسوط من نار) .

ضعيف

أخرجه أحمد (5/ 155) من طريق عبيد الله بن أبي جعفر عن الحمصي عن أبي طالب عن أبي ذر مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو طالب والراوي عنه مجهولان. وقال في "كنى التعجيل":

"قلت: كذا رأيته في "المسند". ووقع في "الكنى" لأبي أحمد - تبعاً للبخاري -: "الجهضمي"؛ ولم يذكر له اسماً ولا حالاً، ولا لأبي طالب. وفي "الثقات" لابن حبان: "أبو طالب الضبعي. عن ابن عباس. وعنه قتادة". فما أدري هو هذا أو غيره؟ ".

قلت: أبو طالب الضبعي من رجال "المسند" (5/ 254-255) . فكان على الحافظ أن يفرده بترجمة، أو أن يشير إلى ذلك على الأقل.

ثم إن صاحب الترجمة؛ أورده ابن أبي حاتم أيضاً (4/ 2/ 397) من رواية الحمصي عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

والحديث في "كنى التاريخ" للبخاري (45) .

وسائر رجال الحديث ثقات رجال الشيخين.

فقد أبعد المناوي النجعة حين أعله بعبيد الله بن أبي جعفر فقط؛ دون من فوقه!!

 

(10/113)

 

 

4600 - (من زهد في الدنيا؛ علمه الله تعالى بلا تعلم، وهداه الله بلا هداية، وجعله بصيراً، وكشف عنه العمى) .

موضوع

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 72) عن علي بن حفص العبسي: حدثنا نصير بن حمزة عن أبيه عن جعفر بن محمد عن محمد بن علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد مظلم؛ من دون أهل البيت رضي الله عنهم لم أعرف أحداً منهم. وقال المناوي:

"ورواه أيضاً الديلمي، وفيه ضعيف"!

قلت: ولم أعرف الضعيف الذي أشار إليه! فلعل في سند " الحلية" تحريفاً.

والحديث عندي موضوع؛ عليه لوائح الوضع بادية، وظني أنه من وضع بعض الصوفية؛ الذين يظنون أن لطلب العلم طريقاً غير طريق التلقي والطلب له من أهله الذين تلقوه خلفاً عن سلف، وهو طريق الخلوة والتقوى فقط بزعمهم! وربما استدل بعض جهالهم بمثل قوله تعالى: (واتقوا الله ويعلمكم الله) !

ولم يدر المسكين أن الآية لا تعني ترك الأخذ بأسباب التعلم؛ قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (3/ 406) :

"وعد من الله تعالى بأن من اتقاه علمه، أي: يجعل في قلبه نوراً يفهم به ما يلقى إليه، وقد يجعل الله في قلبه ابتداءً فرقاناً، أي: فيصلاً يفصل به بين الحق والباطل، ومنه قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً) ".

 

(10/114)

 

 

4601 - (من سب العرب؛ فأولئك هم المشركون) .

موضوع

أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (4/ 217) ، وابن عدي في "الكامل" (390/ 2) ، والخطيب في "التاريخ" (10/ 295) ، والبيهقي في "الشعب" (1/ 2/ 104/ 2) من طريق معمر بن محمد بن معمر البلخي: حدثنا مكي بن إبراهيم: حدثنا مطرف بن معقل عن ثابت عن أنس بن مالم عن عمر بن الخطاب مرفوعاً. وقال الأولان:

"والحديث عن ثابت عن أنس عن عمر منكر". وقال البيهقي:

"منكر بهذا الإسناد". وقال الذهبي في ترجمة مطرف بن معقل:

"له حديث موضوع". ثم ساقه.

لكن الحافظ في "اللسان" أفاد أن مطرفاً هذا ثقة؛ كما قال ابن معين وغيره، وأن آفة الحديث من غيره.

وكأنه يشير إلى معمر هذا؛ فقد أورده الذهبي في "الميزان"؛ وقال:

"وهو صدوق إن شاء الله، وله ما ينكر. قال النسائي: أنكروا عليه حديثه عن مكي عن مطرف (فذكره) ، وثق".

قلت: وتعصيب الآفة به أولى من تعصيبها بمطرف؛ لما علمت من ثقة هذا.

وأما معمر، فلم يوثقه أحد غير ابن حبان، ولذلك أشار الذهبي إلى تليين توثيقه بقوله:

"وثق".

 

(10/115)

 

 

4602 - (من سره أن يكون أقوى الناس؛ فليتوكل على الله) .

ضعيف جداً

رواه ابن أبي الدنيا في "التوكل على الله عز وجل" (4/ 2) عن عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن محمد بن كعب عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد الرحيم بن زيد العمي متروك متهم؛ قال الحافظ:

"كذبه ابن معين".

ورواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 363) عن أبي المقدام عن محمد بن كعب القرظي به؛ إلا أنه قال:

" ... أغنى الناس".

قلت: وأبو المقدام: اسمه هشام بن زياد المدني؛ متروك أيضاً.

ومن طريقه: رواه الحاكم، والبيهقي، وأبو يعلى، وإسحاق، وعبد بن حميد، والطبراني، كما في "فيض القدير".

 

(10/116)

 

 

4603 - (من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين؛ فلينظر إلى أم رومان) .

ضعيف

أخرجه ابن سعد (8/ 276-277) ، وابن منده في "المعرفة" (2/ 353/ 2) ، والسهمي في "تاريخ جرجان" (157) عن علي بن زيد عن القاسم بن محمد قال:

لما دليت أو رومان في قبرها؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه - مه إرساله - فيه ضعف علي بن زيد؛ وهو ابن جدعان.

 

(10/116)

 

 

4604 - (...........................................) (1) .

__________

(1) كان هنا الحديث: " من سرَّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة. . . "؛ وقد نقله الشيخ - رحمه الله - إلى " الصحيحة " برقم (4003) . (الناشر) .

 

(10/117)

 

 

4605 - (من سعى بالناس؛ فهو لغير رشدة، وفيه شيء منه) (2) .

ضعيف

أخرجه الحاكم (4/ 103-104) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 295/ 1) ، وابن عساكر (3/ 488-489) عن مرحوم بن عبد العزيز العطار: حدثنا سهل بن عطية قال:

كنت عند بلال بن أبي بردة بالطف، فجاء الرعل، فشكا إليه أن أهل الطف لا يؤدون الزكاة، فبعث بلال رجلاً يسأل عما يقولون، فوجد الرجل يطعن في نسبه، فرجع إلى بلال فأخبره، فكبر بلال، وقال: حدثني أبي، عن أبي موسى رضي الله عنه قال ... فذكره مرفوعاً. وقال الحاكم.

"هذا حديث عن بلال بن أبي بردة؛ له أسانيد، هذا أمثلها"! وقال الذهبي:

"قلت: ما صححه، ولم يصح".

أقول: وعلته سهل هذا؛ فإنه لا يعرف، أورده ابن أبي حاتم (2/ 1/ 203) من رواية مرحوم هذا عنه عن أبي الوليد مولى لقريش؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وكذلك صنع البخاري في "التاريخ" (2/ 2/ 102) وقال:

"قاله لي ابن المثنى: أخبرنا مرحوم سمع سهلاً الأعرابي عن أبي الوليد مولى لقريش سمع بلال بن أبي بردة ... فذكر الحديث بلفظ:

__________

(2) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " راجع ابن عساكر (10 / 378) ". (الناشر)

 

(10/117)

 

 

"لا يبغي على الناس إلا ولد بغي، أو فيه عرق منه".

قلت: فكشفت هذه الرواية أن في إسناد الحاكم سقطاً؛ هو أبو الوليد هذا، ولا يعرف أيضاً، كما في "الميزان" و "اللسان" وغيرهما.

فقد رواه الطبراني في "الكبير" بلفظ "التاريخ" - كما في "الجامع الصغير" -، فقال المناوي:

"قال الهيثمي: فيه أبو الوليد القرشي مجهول، وبقية رجاله ثقات. وقال ابن الجوزي: فيه سهل الأعرابي. قال ابن حبان: منكر الرواية، لا يقبل ما انفرد به"!

قلت: في هذا النقل عن ابن حبان نظر؛ فقد قال الحافظ في "اللسان":

"سهل بن عطية؛ قال ابن طاهر: منكر الرواية. وقد ذكره قبله ابن حبان في (الثقات) ".

وهذا التوثيق من ابن حبان هو مستند الهيثمي في قوله السابق:

"وبقية رجاله ثقات"! وهو ينافي ما نقله ابن الجوزي عن ابن حبان أنه قال: "منكر الرواية ... ".

قلت: ثم تبين لي أن كلاً من النقلين صحيح، وأن ذلك مما تناقض فيه ابن حبان؛ فإنه أورده في "الثقات" (8/ 289) قائلاً:

"سهل بن عطية، أعرابي، يروي عن أبي الوليد مولى لقريش. روى عنه مرحوم بن عبد العزيز العطار"!

وأورده في "الضعفاء" (1/ 349) قائلاً:

"سهل الأعرابي، شيخ من أهل البصرة، قليل الحديث، منكر الرواية، وليس

 

(10/118)

 

 

بالمحل الذي يقبل ما انفرد؛ لغلبة المناكير على روايته. روى عنه مرحوم بن عبد العزيز العطار. وروى عن سهل الأعرابي عن بلال ... " فذكر الحديث بلفظ "التاريخ"، ولم يذكر في إسناده أبا الوليد، فدل على أن عدم وروده في رواية الحاكم ليس سقطاً منه، وإنما الرواية عنده هكذا وفق رواية ابن حبان.

والظاهر أن هذا الاختلاف؛ إنما هو من سهل نفسه، وذلك مما يشعر بعدم ضبطه وحفظه، فتوهم ابن حبان أن سهلاً الراوي عن بلال مباشرة؛ هو غير سهل ابن عطية الذي روى عن أبي الوليد سمع بلالاً! وهو هو كما جزم به الحافظ في ترجمة ابن عطية من "اللسان".

وقد روي من طريق أخرى عن بلال بن أبي بردة عن أبيه عن جده أبي موسى مرفوعاً بلفظ:

"لا يبغي على الناس إلا من يركب مع البغايا، ومن لم يبال ما قال وقيل فيه؛ فهو لبغية (الأصل: لبغيه) ، أو يشترك فيه شيطان".

أخرجه أبو الشيخ في "التوبيخ" (239/ 219) : حدثنا علي بن إسحاق: حدثنا إبراهيم بن يوسف المقدسي: أخبرنا عمرو بن بكر: أخبرنا عكرمة بن إبراهيم الأزدي عن بلال بن أبي بردة به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، وله علل:

الأولى: عكرمة هذا؛ قال الذهبي في "الضعفاء".

"مجمع على ضعفه".

الثانية: عمرو بن بكر - وهو السكسكي -؛ قال الذهبي أيضاً:

"واه. قال ابن عدي: له مناكير".

 

(10/119)

 

 

قلت: حاله أسوأ مما قال ابن عدي، كما تدل عليه ترجمته في "التهذيب" وغيره. وقال الذهبي في آخر ترجمته من "الميزان":

"قلت: أحاديثه شبه موضوعة".

فهو متروك؛ كما قال الحافظ في "التقريب".

الثالثة: إبراهيم بن يوسف المقدسي؛ لم أعرفه، ولم يترجمه الحافظ ابن عساكر في "تاريخ دمشق". والله أعلم.

وأما علي بن إسحاق؛ فهو المعروف بالوزير، ترجم له أبو الشيخ في "طبقاته" (346/ 470) ، وقال:

"حسن الحديث".

وله ترجمة في "أخبار أصبهان" (2/ 11-12) .

ثم وجدت له متابعاً آخر؛ أخرجه ابن عساكر (3/ 489 - المصورة) من طريق الحسن بن خالد البصري: حدثنا محمد بن ثابت قال:

جاء رجل إلى بلال بن أبي بردة ... الحديث نحوه بلفظ:

"لا يسعى بالناس إلا ولد زنى".

ومحمد بن ثابت ضعيف.

والحسن بن خالد البصري لم أعرفه.

4606 - (من سلم على قوم؛ فضلهم بعشر حسنات؛ وإن ردوا عليه) .

ضعيف

رواه العقيلي في "الضعفاء" (432) ، وابن عدي في "الكامل" (6/ 2035) ، وابن عساكر (16/ 166/ 2) عن مرجى بن وداع الراسبي عن غالب

 

(10/120)

 

 

القطان قال: كنا في حلقة أعرابي فقال: حدثني أبي عن جدي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. وقال العقيلي:

"مرجى بن وداع الراسبي؛ قال ابن معين: ضعيف".

قلت: وقال أبو حاتم:

"لا بأس به".

وابن عدي أورده في ترجمة شيخ المرجى: غالب القطان، وقال:

"الضعف على أحاديثه بين"!

وهذا خطأ منه؛ فالرجل ثقة، كما سبق بيانه تحت الحديث (1379) .

ثم أعاده في ترجمة المرجى (6/ 2438) ؛ وضعفه تبعاً ليحيى فأصاب؛ فهو العلة وليس غالباً.

وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (209) عن أبي عوانة عن غالب القطان: حدثني رجل على باب الحسن - قد كنت أحفظ اسمه - قال: سلم علينا ثم جلس، قال: ما تدخلون حتى يؤذن لكم؟ قال: قلنا: لا. قال: حدثني أبي عن جدي به.

والأعرابي وأبوه مجهولان.

4607 - (من سمى المدينة يثرب؛ فليستغفر الله عز وجل، هي طابة، هي طابة) .

ضعيف

أخرجه أحمد (4/ 285) ، وأبو يعلى (96/ 2 - المصورة الثانية) عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء مرفوعاً.

 

(10/121)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد هذا هو الهاشمي مولاهم الكوفي؛ قال الحافظ:

"ضعيف، كبر فتغير، صار يتلقن".

4608 - (من سود مع قوم؛ فهو منهم. ومن روع مسلماً لرضا سلطان؛ جيء به معه يوم القيامة) .

ضعيف

رواه أبو محمد المخلدي في "الفوائد" (289/ 2) ، والخطيب (10/ 41) عن الحارث بن النعمان قال: سمعت الحسن يحدث عن أنس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحارث هذا - وهو ابن أخت سعيد بن جبير - ضعيف؛ كما قال الحافظ.

والحسن مدلس؛ وقد عنعنه.

 

(10/122)

 

 

4609 - (من شدد سلطانه بمعصية الله؛ أوهن الله كبده يوم القيامة) .

ضعيف

أخرجه أحمد (6/ 6) عن ابن لهيعة: حدثنا يزيد بن أبي حبيب أن قيس بن سعد بن عبادة قال ... فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن لهيعة ضعيف؛ لسوء حفظه.

ثم إني أخشى أن يكون منقطعاً؛ فإن ابن أبي حبيب ولد سنة ثلاث وخمسين، ومات قيس بن سعد سنة ستين تقريباً!

 

(10/122)

 

 

4610 - (من شهد شهادة ليستباح بها مال امرىء مسلم، أو يسفك بها دم؛ فقد أوجب النار) .

ضعيف جداً

رواه الطبراني (3/ 125/ 2) ، والبزار (1356 - كشف) عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً.

 

(10/122)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ حنش هذا متروك، كما تقدم مراراً.

4611 - (من صام ثلاثة أيام من شهر حرام: الخميس والجمعة والسبت؛ كتب له عبادة سنتين) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 106/ 1 - زوائده) ، وتمام في "الفوائد" (8/ 127) ، وعنه ابن عساكر (6/ 230) ، وأبو عمر بن منده في "أحاديثه" (20/ 2) ، وأبو محمد الخلال في "فضل رجب" (14/ 2) ، والخطيب في "الموضح" (1/ 67) ، وأبو الغنائم الدجاجي في "حديث ابن شاه" (2/ 2) ، وابن الجوزي في "مسلسلاته" (الحديث 53) ، وعبد الغني المقدسي في "الفوائد" (15/ 2-3) كلهم عن يعقوب بن موسى المدني عن مسلمة بن راشد عن راشد أبي محمد عن أنس مرفوعاً به - واللفظ للطبراني -. وقال الآخرون:

"تسع مئة سنة" بدل: "سنتين"! إلا الدجاجي فقال:

"كتب الله له مئة رحمة".

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مسلمة بن راشد - وهو الحماني -؛ قال أبو حاتم الرازي:

"مضطرب الحديث". وقال الأزدي:

"لا يحتج به".

قلت: ووالده راشد أبو محمد - راوي الحديث عن أنس -؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 2/ 484) عن أبيه:

"صالح الحديث".

 

(10/123)

 

 

وقد ذكر نحو هذا الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 191) .

وأما ما نقله المناوي عنه أنه قال:

"ويعقوب مجهول، ومسلمة؛ إن كان الخشني فهو ضعيف، وإن كان غيره فلم أعرفه"!

أقول: فلعل هذا في مكان آخر من "المجمع" غير المكان الذي أشرت إليه؛ فإنه قد صرح فيه بأنه ابن راشد الحماني؛ الذي ضعفه أبو حاتم والأزدي كما تقدم. والله أعلم.

4612 - (من صام رمضان، وشوالاً، والأربعاء، والخميس، والجمعة؛ دخل الجنة) .

ضعيف

أخرجه أحمد (3/ 416) عن هلال بن خباب عن عكرمة بن خالد قال: حدثني عريف من عرفاء قريش: حدثني أبي أنه سمع من فلق في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة العريف القرشي.

وهلال صدوق تغير بآخره، كما في "التقريب".

والحديث؛ أورده الهيثمي في "المجمع" (3/ 190) دون قوله: "والجمعة"! وقال:

"رواه أحمد، وفيه من لم يسم، وبقية رجاله ثقات".

وكذلك أورده السيوطي في "الجامع" من رواية أحمد عن رجل، لكن بلفظ:

"وستاً من شوال" بدل قوله "وشوالاً"!

 

(10/124)

 

 

فلا أدري: أهذا الاختلاف نسخ "المسند"، أم سهو من الناقل؟!

4613 - (دخلت أمة الجنة بقضها وقضيضها؛ كانوا لا يكتوون، ولا يسترقون، وعلى ربهم يتوكلون) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن الأعرابي في "المعجم" (ق 46/ 1 - خط) و (1/ 450/ 470 - ط) : أخبرنا محمد: أخبرنا شعيب بن حرب: أخبرنا عثمان بن واقد: أخبرنا سعيد بن أبي سعيد مولى المهري عن أبي هريرة مرفوعاً.

ومن هذا الوجه: أخرجه ابن حبان (1409 - موارد) ، وتمام في "الفوائد" (ق 82/ 1 - خط) و (3/ 245/ 1025 - ترتيب الفوائد) من طرق أخرى عن محمد ابن عيسى بن حيان: حدثنا شعيب بن حرب به.

وهذا إسناد ضعيف جداً؛ ابن حبان هذا - وهو المدائني البغدادي -؛ قال الدارقطني والحاكم:

"متروك".

وأما البرقاني؛ فوثقه. وكذا ابن حبان (9/ 143) !

ولم يعبأ بذلك الذهبي؛ فإنه لما أورده في "المغني"؛ لم يحك هذا التوثيق، وإنما ذكر ترك الدارقطني والحاكم له. وزاد فيه وفي "الميزان":

"وقال آخر: كان مغفلاً".

لكنه قد توبع؛ فقال الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 210/ 1/ 8249) : حدثنا موسى بن هارون: حدثنا الحسن بن الحكم العرني: أخبرنا شعيب بن حرب به. وقال:

 

(10/125)

 

 

"لم يروه عن سعيد مولى المهري إلا عثمان بن واقد، تفرد به شعيب بن حرب".

قلت: هو ثقة من رجال البخاري، والعلة ممن فوقه، أو دونه - وهو الحسن بن الحكم العرني -، وهو غير معروف؛ إلا أنه يغلب على ظني أنه الحسن بن الحسين العرني؛ فإنه من هذه الطبقة وكوفي، روى عن شريك القاضي الكوفي وغيره. قال الذهبي في "الميزان":

"قال أبو حاتم: لم يكن بصدوق عندهم. وقال ابن عدي: لا يشبه حديثه حديث الثقات. وقال ابن حبان: يأتي عن الأثبات بالملزقات ويروي المقلوبات".

فأقول: وعلى هذا؛ فيكون اسم "الحكم" والد "الحسن" قد تحرف من "الحسين"، وهذا ممكن لبعض الشبه بين الاسمين كما ترى، كما أن نسبته "العرني" قد تحرفت في "مجمع البحرين" إلى ما يشبه نسبة "القطراني"!

وإنما قلت: "يشبه" لأن ما بعد الراء غير ظاهر في مصورة "المجمع" التي عندي.

فإذا صح ما ذكرت من التحريف فهو السبب - والله أعلم - في خفاء حاله على الهيثمي؛ فقال في "مجمع الزوائد" (5/ 109) :

"رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه من لم أعرفه"!

يشير إلى الحسن هذا. والله أعلم.

وأما العلة من فوق؛ فقد كشف عنها ابن حبان نفسه في "ثقاته" (6/ 363) ؛ فقال في ترجمة سعيد بن أبي سعيد المهري:

"كنيته أبو السميط. روى عن أبيه وإسحاق مولى زائدة. روى عنه أسامة بن زيد وحرملة بن عمران".

 

(10/126)

 

 

قلت: وكذا في "تاريخ البخاري" (2/ 1/ 474/ 1586) . ثم قال ابن حبان:

"وليس هذا بسعيد بن أبي سعيد المقبري، ذاك أدخلناه في التابعين، وهذا في أتباع التابعين".

وهذا يعني أنه منقطع بين سعيد هذا وأبي هريرة، فهذه علة أخرى غير ضعف الراوي عن شعيب، فيتعجب من ابن حبان كيف أورد حديثه هذا في "صحيحه"؟! ومن شروط الصحيح عنده - كغيره من المحدثين - الاتصال وعدم الانقطاع!

وهذا من الأدلة الكثيرة على أنه لم يتمكن من الوفاء بالشروط التي وضعها لكتابه "الصحيح" وبينها في مقدمته، ومقدمة كتابه الآخر "الثقات". ولتفصيل هذا مجال آخر؛ أرجو أن أوفق لبيانه إن شاء الله تعالى.

(تنبيه) : كنت خرجت حديثاً آخر لسعيد هذا في "الصحيحة" (1228) ؛ لكنه من روايته عن أبيه أبي سعيد، فهو متصل، ومن مخرجيه هناك ابن حبان، فلعل هذا - أعني: ابن حبان - لم يتنبه لعدم ورود أبي سعيد في حديث الترجمة، فتوهم أنه متصل أيضاً! والله أعلم.

ونستفيد من إسناده فائدة قد تكون هامة، وهي أن لسعيد هذا راوياً آخر عنه؛ وهو عثمان بن واقد، فيضم إلى أسامة بن زيد وحرملة بن عمران؛ اللذين ذكرهما البخاري وابن حبان في الرواة عنه كما سبق، ولعلهما لم يذكراه معهما لعدم صحة الإسناد إليه كما تقدم. والله أعلم.

هذا؛ وقد أشار ابن عبد البر في "التمهيد" (5/ 266 و 273) إلى تليينه، وهو حري بذلك؛ لانقطاعه على الأقل.

 

(10/127)

 

 

وخفيت هذه العلة على المعلق على "الإحسان" (2/ 505) ؛ وأعله فقط بابن حيان، وفاتته متابعة الحسن بن الحسين - أو الحكم - العرني! ثم استدرك فقال:

"لكن يشهد له حديث ابن عباس في البخاري (5752) .. ومسلم (220) .. وحديث عمران عند مسلم (218) "!

قلت: وهذا الاستدراك يوهم خلاف الواقع؛ فإنه ليس في الحديثين اللذين أشار إليهما قوله:

"أمة بقضها وقضيضها"! فكان ينبغي التنبيه عليه؛ دفعاً للإيهام.

4613 / م - (إن للرحم حقاً، ولكن وهبت لك الذهب؛ لحسن ثنائك على الله عز وجل) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 306/ 2/ 9602 - بترقيمي) قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق بن الزبير: حدثنا عبد الله بن محمد أبو عبد الرحمن الأذرمي: حدثنا هشيم عن حميد عن أنس:

أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بأعرابي وهو يدعو في صلاته؛ وهو يقول:

يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون، ولا تغيره الحوادث، ولا يخشى الدوائر! بعلم مثاقيل الجبال، ومكاييل البحار، وعدد قطر الأمطار، وعدد ورق الأشجار، وعدد ما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار، لا تواري منه سماء سماء، ولا أرض أرضاً، ولا بحر ما في قعره، ولا جبل ما في وعره! اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم ألقاك فيه.

 

(10/128)

 

 

فوكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأعرابي رجلاً فقال:

"إذا صلى فأتني به".

فلما صلى أتاه، وقد كان أهدي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب من بعض المعادن، فلما أتاه الأعرابي وهب له الذهب، وقال:

"ممن أنت يا أعرابي؟! ".

قال: من بني عامر بن صعصعة يا رسول الله! قال:

"أتدري لم وهبت لك الذهب؟ ". قال:

للرحم بيننا وبينك يا رسول الله! فقال ... فذكر الحديث. وقال:

"لم يروه عن حميد إلا هشيم، تفرد به الأذرمي".

قلت: وهو ثقة، ومن فوقه كذلك، بل هما من رجال الشيخين.

لكن هشيم مدلس، وقد عنعنه.

فهذه علة الحديث.

ودون ذلك علة أخرى، وهي شيخ الطبراني يعقوب بن إسحاق بن الزبير، وهو الحلبي؛ كما صرح بذلك في أول ترجمته - أعني: الطبراني - في الحديث الأول من عشرة أحاديث ساقها له؛ هذا عاشرها، وثامنها - وهو في فضل (قل هو الله أحد) -؛ أخرجه في "الصغير" أيضاً (234 - هندية) . وقال الهيثمي في تخريجه (7/ 146) :

"رواه الطبراني في "الصغير" و "الأوسط" عن شيخه يعقوب بن إسحاق بن الزبير الحلبي؛ ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات".

 

(10/129)

 

 

وأما في حديث الترجمة؛ فلم يتعرض للحلبي بذكر، بل سكت عنه، فقال (10/ 158) :

"رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال "الصحيح"؛ غير عبد الله بن محمد أبي عبد الرحمن الأذرمي، وهو ثقة"!

فأوهم بسكوته عن الشيخ الحلبي أنه ثقة، فاغتر به الشيخ الغماري المغربي، فجود إسناده في رسالته "إتقان الصنعة في معنى البدعة" (ص 27) ، وقلده ظله السقاف، بل وصرح بأنه صحيح في كتابه الذي أسماه: "صحيح صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -.." (ص 236) ! وكل ذلك ناشىء من التقليد الأعمى واتباع الهوى، نسأل الله السلامة!

والشيخ الحلبي المذكور؛ يبدو أنه من شيوخ الطبراني المغمورين غير المشهورين، فلم يذكر له الطبراني إلا عشرة أحاديث كما تقدم، وكأنه لذلك لم يذكره الحافظ المزي في الرواة عن شيخه الأذرمي في ترجمة هذا من "تهذيب الكمال"، ولا وجدت له ذكراً في شيء من كتب الرجال! والله أعلم.

4614 - (من صام يوماً تطوعاً، لم يطلع عليه أحد؛ لم يرض الله له بثواب دون الجنة) .

موضوع

أخرجه الخطيب (1/ 278) عن عصام بن الوضاح عن سليمان بن عمرو عن أبي حازم عن سهل بن سعد مرفوعاً.

وقال عصام بن الوضاح: حدثنا سليمان - يعني: ابن عمرو - عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير اليزني (الأصل: البرقي؛ وهو خطأ) عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... بمثله.

 

(10/130)

 

 

قلت: وهذا موضوع؛ آفته سليمان بن عمرو هذا؛ وهو أبو داود النخعي الكذاب؛ قال ابن عدي:

"أجمعوا على أنه يضع الحديث".

وعصام بن الوضاح - وهو السرخسي -؛ قال ابن حبان:

"لا يجوز أن يحتج به إذا انفرد، روى عن مالك وغيره المناكير".

وله طريق أخرى عن أبي هريرة؛ يرويه حاتم بن زياد العسكري عن بشر بن مهران عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عنه به، وزاد:

"ومن صلى علي عشرة؛ كتب له براءة من النار".

أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 360) .

قلت: وبشر بن مهران؛ قال ابن أبي حاتم:

"ترك أبي حديثه".

وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"؛ وقال (8/ 140) :

"روى عنه البصريون الغرائب"!

وحاتم بن زياد لم أجد له ترجمة.

4615 - (من صدع رأسه في سبيل الله فاحتسب؛ غفر له ما كان قبل ذلك من ذنب) .

ضعيف

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 153/ 2) ، وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (43/ 1) ، وأحمد بن الفرات في "جزئه" (36/ 2) ،

 

(10/131)

 

 

والبزار في "مسنده" (ص 82 - زوائده) ، وابن عدي (230/ 2) ، والطبراني في "الكبير" (1) (13/ 27/ 53) ، والخطيب في "التاريخ" (12/ 100) ، والبيهقي في "الشعب" (7/ 175/ 9899) كلهم عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. وقال ابن عدي:

"والإفريقي عامة حديثه لا يتابع عليه".

قلت: وقال الحافظ في "التقريب":

"ضعيف في حفظه، وكان رجلاً صالحاً". وقال الذهبي في "المغني":

"مشهور جليل، ضعفه ابن معين والنسائي. وقال الدارقطني: ليس بالقوي. ووهاه أحمد".

قلت: فتحسين المنذري (4/ 153) والهيثمي لإسناده - كما نقله المناوي - مما لا يخفى بعده على العارفين بهذه الصناعة! واغتر بهما المعلقون الثلاثة على الترغيب (4/ 192) !

4616 - (من صلى قبل الظهر أربعاً؛ غفر له ذنوبه يومه ذلك) .

ضعيف جداً

رواه الخطيب (10/ 248) ، وابن عساكر (9/ 410-411) من طريق أبي سعد أحمد بن محمد الماليني قال: سمعت أبا العباس أحمد بن محمد ابن ثابت يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن عمر (وفي ابن عساكر: عمرو) بن غالب يقول: سمعت أبا الحسن علي بن عيسى بن فيروز الكلوذاني يقول: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: سمعت أبا سليمان الداراني يقول: سمعت علي بن الحسن بن أبي الربيع الزاهد يقول: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول:

__________

(1) القطعة المطبوعة - منفردة - ووقع في أصل الشيخ - رحمه الله -: " الأوسط " بدل: " الكبير ". (الناشر)

 

(10/132)

 

 

سمعت ابن عجلان يذكر عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أنس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، أورداه في ترجمة أبي سليمان الداراني هذا - واسمه عبد الرحمن بن أحمد بن عطية -، وقال الخطيب:

"ولا أحفظ له حديثاً مسنداً غير هذا".

قلت: سبق له حديث آخر بلفظ: "علماء حكماء ... " برقم (2614) ، وتكلمنا هناك على ترجمته بشيء من التفصيل؛ وخلاصتها أنه مجهول الحال عندنا.

وشيخه علي بن الحسن بن أبي الربيع الزاهد؛ لم أجد له ترجمة.

وعلي بن عيسى الكلوذاني؛ أورده الخطيب في "تاريخه" (12/ 13) ، وساق له حديثاً آخر، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

والراوي عنه محمد بن عمر بن غالب: هو الجعفي كما صرح به الخطيب في ترجمة شيخه الكلوذاني، وهو - أعني: الجعفي - من شيوخ أبي نعيم؛ كذبه ابن أبي الفوارس؛ كما في "الميزان" و "لسانه".

4617 - (من صلى ما بين صلاة المغرب إلى صلاة العشاء؛ فإنها صلاة الأوابين) .

ضعيف

رواه ابن المبارك في "الزهد" (10/ 14) ، وعنه ابن نصر في "القيام" (ص 33) : أنبأنا حيوة بن شريح قال: حدثني أبو صخر أنه سمع محمد بن المنكدر يحدث مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله.

ورجاله ثقات؛ على ضعف يسير في أبي صخر - واسمه حميد بن زياد الخراط -.

 

(10/133)

 

 

4618 - (من صنع إلى أحد من أهل بيتي يداً؛ كافيته يوم القيامة) .

موضوع

رواه ابن عساكر (13/ 173/ 1) عن محمد بن أحمد الشطوي: أخبرنا محمد بن يحيى بن ضريس: حدثني عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته عيسى هذا؛ قال الدارقطني:

"متروك الحديث". وقال ابن حبان:

"يروي عن آبائه أشياء موضوعة، فمن ذلك ... ".

قلت: فساق له موضوعات؛ هذا أحدها.

 

(10/134)

 

 

4619 - (من صنع إلى أحد من ولد عبد المطلب يداً، فلم يكافئه بها في الدنيا؛ فعلي مكافأته غداً إذا لقيني) .

ضعيف

رواه الخطيب في "التاريخ" (10/ 103) ، والضياء في "المختارة" (1/ 115 - مخطوط، رقم 218 - بتحقيقي) من طريق الطبراني بسنده عن يوسف بن نافع ابن عبد الله بن أشرس المدني: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن أبان ابن عثمان قال: سمعت عثمان يقول ... فذكره مرفوعاً. وقال الضياء:

"قال الطبراني: تفرد به يوسف بن نافع". قال الضياء:

"يوسف بن نافع؛ ذكره ابن أبي حاتم؛ ولم يذكر فيه جرحاً".

قلت: فهو مجهول.

ثم إنه لم يتفرد به، فقد تابعه النضر بن طاهر: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد به.

 

(10/134)

 

 

أخرجه أبو الحسن الأزدي في "المجلس الأول من المجالس الخمسة" (1/ 2) ، وقال:

"لم يرو هذا الحديث عن عثمان - فيما علمت - إلا من هذا الطريق"!

كذا قال! والنضر بن طاهر؛ ضعيف جداً، كما قال ابن عدي.

ولقد أبعد النجعة الحافظ الهيثمي، فقال في "المجمع" (9/ 173) :

"رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد، وهو ضعيف"!

وذلك أن عبد الرحمن هذا لا يصح إطلاق الضعف عليه؛ لأنه قد وثقه جماعة، وصحح له الترمذي، وهو - كما قال الذهبي - حسن الحال في الرواية.

فإعلال الحديث بيوسف - الراوي عنه - أولى.

4620 - (من طلب العلم؛ تكفل الله برزقه) .

موضوع

أخرجه أبو محمد الأردبيلي في "الفوائد" (187/ 2) ، وابن حمكان في "فوائده" (1/ 160/ 2) ، والخطيب في "تاريخه" (3/ 180) ، والقضاعي (32/ 1) ، وابن عساكر (11/ 426/ 2) ، والضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (136/ 2) عن يونس بن عطاء، عن سفيان الثوري عن أبيه عن جده عن زياد بن الحارث الصدائي مرفوعاً. وقال الخطيب:

"غريب من حديث الثوري عن أبيه عن جده، لا أعلم رواه إلا يونس بن عطاء؛ غير أن أحمد بن يحيى بن زكير المصري قد حدث به عن إسحاق بن إبراهيم بن موسى عن أبي زفر سعيد بن يزيد - قرابة حجاج الأعور - عن أبي ناشزة، عن الثوري. ولعل أبا ناشزة هو يونس بن عطاء. فالله أعلم".

قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته يونس بن عطاء - وهو الصدائي -؛ قال ابن حبان:

 

(10/135)

 

 

"لا يجوز الاحتجاج بخبره". وقال الحاكم - كذا أبو نعيم -:

"روى عن حميد الطويل الموضوعات".

وذكر جد الثوري فيه غريب؛ قال الذهبي:

"لا أعرف لجد الثوري ذكراً إلا في هذا الخبر".

وزعم الحافظ في "اللسان":

"أن الضمير في قوله: "عن جده" ليونس لا الثوري؛ فإن يونس المذكور: هو ابن عطاء بن عثمان بن ربيعة بن زياد بن الحارث الصدائي"!

قلت: وهذه الدعوى والدليل كما ترى؛ فإن كون يونس هو ابن عطاء بن عثمان ... لا يدل على الزعم المذكور بوجه من الوجوه؛ فإن الضمير في "جده" هو بلا ريب نفس الضمير في "أبيه"، وليس هو بداهة إلا لسفيان الثوري. والله أعلم.

ثم إن الاحتمال الذي ذكره الخطيب في أبي ناشزة وأنه هو يونس بن عطاء وارد؛ فإن الإسناد إليه مظلم؛ فإن رجاله لم يترجم لهم؛ سوى ابن زكير؛ فهو في "اللسان"؛ وقال:

"قال الدارقطني: ليس بشيء في الحديث".

فيحتمل أن يكون هو الذي ذكر يونس بهذه الكنية: "أبي ناشزة" تدليساً! ولذلك قالا في "الميزان" و "اللسان":

"أبو ناشزة - كذا بالراء المهملة - لا يعرف".

4621 - (من عد غداً من أجله؛ فقد أساء صحبة الموت) .

ضعيف

رواه النعالي في "حديثه" (132/ 2) - وعنه الخطيب (3/ 89) -: حدثنا

 

(10/136)

 

 

أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي - إملاء -: حدثني أبي: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسين بن يزيد النوفلي عن إسماعيل ابن مسلم عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه مرفوعاً. وقال الخطيب:

"من دون جعفر بن محمد مجهولون".

والحديث؛ عزاه السيوطي للبيهقي في "الشعب" عن أنس. فقال المناوي متعقباً:

"وقضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسلمه؛ وليس كذلك؛ بل إنما ذكره مقروناً ببيان حاله، فقال عقبه: هذا إسناد مجهول، وروي من وجه آخر ضعيف. انتهى بنصه".

(تنبيه) : أبو جعفر بن بابويه القمي؛ قال الخطيب:

"نزل بغداد، وحدث بها عن أبيه. وكان من شيوخ الشيعة ومشهوري الرافضة. حدثنا عنه محمد بن طلحة النعالي".

ثم ساق له هذا الحديث مشيراً إلى أنه مجهول، ولم يذكر له وفاة، ولا راوياً غير النعالي. وكذلك صنع السمعاني في مادة "القمي".

وقد ساق له عبد الحسين الشيعي في "مراجعاته" (ص 210-217) أربعين حديثاً في فضل علي رضي الله عنه، فيها - أو في جلها - التصريح بأنه الخليفة من بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -! يشهد القلب بأنها مصنوعة موضوعة، فهو المتهم بها إن سلم ممن فوقه، وما إخالها سالمة؛ فإن في بعضها الأصبغ بن نباتة؛ وهو متروك رمي بالرفض! انظر الحديث (5،13) .

وفي أحدها (رقم 14) عباية بن ربعي، وهو من رواة حديث: "علي قسيم النار"؛ وسيأتي برقم (4924) .

 

(10/137)

 

 

4622 - (من عفا عن دم؛ لم يكن له ثواب إلا الجنة) .

ضعيف

أخرجه الخطيب (4/ 29) من طريق أبي عوانة يعقوب بن إسحاق: حدثنا أحمد بن إسحاق البغدادي: أخبرنا أحمد بن أبي الطيب - ثقة -: حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً. وقال أبو عوانة:

"هذا غريب، لا آمن أن يكون له علة".

قلت: أورده الخطيب في ترجمة البغدادي هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

والحديث؛ رواه ابن منده عن جابر بن عبد الله الراسبي مرفوعاً نحوه. وقال:

"هذا حديث غريب، إن كان محفوظاً".

ذكره المناوي، ولم يذكر علته، ولا إسناده لينظر فيه!

 

(10/138)

 

 

4623 - (من علم أن الليل يأويه إلى أهله؛ فليشهد الجمعة) .

ضعيف جداً

أخرجه البيهقي (3/ 176) عن المعارك بن عباد عن عبد الله ابن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال:

"تفرد به معارك بن عباد عن عبد الله بن سعيد، وقد قال أحمد بن حنبل رحمه الله: معارك لا أعرفه. وعبد الله بن سعيد: هو أبو عباد، منكر الحديث متروك". قال:

"والحديث ضعيف بمرة، ذكرناه ليعرف إسناده".

 

(10/138)

 

 

4624 - (من غدا أو راح وهو في تعليم دينه؛ فهو في الجنة) .

موضوع

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 251) عن إسماعيل بن يحيى:

 

(10/138)

 

 

حدثنا مسعر عن عطية عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً، وقال:

"غريب من حديث مسعر وعطية، رواه عنه سفيان بن عيينة موقوفاً".

قلت: والموقوف أشبه؛ فإن إسماعيل بن يحيى هذا الذي رفعه - وهو التيمي - كان يضع الحديث.

4625 - (من غسل ميتاً؛ فليبدأ بعصره) .

ضعيف جداً

أخرجه البيهقي (3/ 388) عن أبي المنذر يوسف بن عطية: حدثنا جنيد أبو حازم التيمي عن عبد الملك بن [أبي] بشير عن ابن سيرين قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وقال:

"هذا مرسل، وراويه ضعيف".

قلت: يشير إلى أبي المنذر يوسف بن عطية، وهو غير يوسف بن عطية أبي سهل الصفار، وكلاهما متروك، وأبو المنذر أكذب من الصفار؛ كما قال عمرو بن علي الفلاس.

 

(10/139)

 

 

4626 - (من قاد أعمى أربعين خطوة؛ غفر له ما تقدم من ذنبه. وفي رواية: وجبت له الجنة) .

ضعيف

روي من حديث عبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عباس.

1- أما حديث ابن عمر؛ فله عنه ثلاث طرق:

الأولى: عن معلى بن مهدي: حدثنا سنان [بن البختري]- شيخ من أهل المدينة - عن محمد بن أبي حميد - وقال بعضهم: عبيد الله بن أبي حميد

 

(10/139)

 

 

شيخ من أهل المدينة - الأنصاري عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً.

أخرجه تمام الرازي في "الفوائد" (105/ 2) ، والحسين (الفلاكي) في "الجزء من فوائده" (89/ 2) ، والخطيب في "التاريخ" (9/ 214) ، وعنه ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 174) . وقال:

"قوله: "عبيد الله بن أبي حميد" تدليس، وإنما هو: محمد بن أبي حميد. قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة".

قلت: وهو الملقب بـ: "حماد"؛ قال الذهبي في "المغني":

"ضعفوه".

وسنان هذا لم أعرفه.

ومعلى بن مهدي؛ قال الذهبي في "المغني":

"قال أبو حاتم: يأتي أحياناً بالمناكير". وحكى الحافظ في "اللسان" عن العقيلي أنه قال:

"إنه عندهم يكذب".

الثانية: عن محمد بن عبد الملك عن محمد بن المنكدر عن ابن عمر به.

أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 390) ، وابن السماك في "حديثه" (2/ 92/ 1) ، وابن عدي (234/ 1) ، ومن طريقه ابن الجوزي (2/ 174) . ثم قال (2/ 177) :

"محمد بن عبد الملك؛ قال أحمد: قد رأيته؛ كان يضع الحديث ويكذب. وكذلك قال أبو حاتم الرازي. وقال النسائي والدارقطني: متروك".

 

(10/140)

 

 

قلت: وقد رواه عن ابن المنكدر عن جابر أيضاً كما يأتي. وقد قال فيه البخاري في "الضعفاء الصغير" (ص 35) :

"منكر الحديث".

وقد تابعه سلم بن سالم عن علي بن عروة عن محمد بن المنكدر بالرواية الثانية.

أخرجه أبو يعلى (5613) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 197/ 2) ، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 158) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 445/ 2) ، والخطيب في "التاريخ" (5/ 105) ، وعنه ابن الجوزي (2/ 174-175) ، وابن النجار في "ذيل التاريخ" (10/ 93/ 1) ، وابن عساكر في "التاريخ" (12/ 239/ 1) - من طريق أبي يعلى -. وقال البيهقي - بعد أن ساقه من الوجه الأول أيضاً -:

"علي بن عروة ضعيف، وما قبله إسناده ضعيف"!!

قلت: وهذا تساهل كبير في التجريح؛ فعلي بن عروة؛ قال ابن معين:

"ليس بشيء". وقال ابن حبان:

"يضع الحديث".

وأما سلم بن سالم؛ فكان ابن المنادي يكذبه. وقال يحيى:

"ليس حديثه بشيء". وقال السعدي: "غير ثقة".

وقد تابعه - عند ابن الجوزي -: أصرم بن حوشب، وهو كذاب خبيث؛ كما قال يحيى.

وأما الوجه الذي قبله؛ فقد عرفت أن فيه وضاعاً.

 

(10/141)

 

 

وتابعه أيضاً محمد بن عبد الرحمن القشيري: حدثنا ثور بن يزيد عن محمد ابن المنكدر به.

أخرجه ابن عدي (48/ 1) ، ومن طريقه البيهقي في "الشعب". وقال ابن عدي:

"لا يرويه عن محمد بن المنكدر غير ثور، ولا عن ثور غير محمد".

وهو كذاب مشهور؛ كما قال الذهبي في "المغني".

وقوله: "لا يرويه عن محمد بن المنكدر غير ثور"!

غفلة منه عن رواية محمد بن عبد الملك عن محمد بن المنكدر؛ وقد أخرجها هو نفسه كما تقدم.

وتابعه أبو المغيرة: حدثنا ثور بن يزيد به.

أخرجه البيهقي عن أبي حامد بن بلال البزار: حدثنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر: حدثنا أبو المغيرة به. وقال:

"كذا وجدته في أصل سماعه".

قلت: ولعل هذا من سوء حفظ أبي الأزهر؛ فقد قال الحافظ:

"صدوق، كان يحفظ، ثم كبر، فصار كتابه أثبت من حفظه".

الثالثة: عن محمد بن عبد الرحمن بن بحير: حدثنا خالد بن نزار: حدثنا سفيان الثوري عن عمرو عن أبي وائل عن ابن عمر باللفظ الأول.

أخرجه ابن الجوزي. وقال:

 

(10/142)

 

 

"محمد بن عبد الرحمن بن بحير؛ قال ابن عدي: روى عن الثقات المناكير، وعن أبيه عن مالك البواطيل".

قلت: وقال الخطيب:

"كذاب".

2- وأما حديث جابر؛ فيرويه محمد بن عبد الملك الأنصاري أيضاً عن محمد بن المنكدر عنه مرفوعاً بالرواية الثانية.

أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 390) . وقال:

"لا يتابع عليه إلا من جهة هي أوهى".

يعني: الأنصاري هذا، وقد عرفت مما سبق أنه متهم بالوضع.

وله عند ابن الجوزي (2/ 176) طريق أخرى؛ وفيها أبو البختري وهب بن وهب، وهو من المشهورين بالوضع.

3- وأما حديث أنس؛ فيرويه يوسف بن عطية الصفار: حدثنا سليمان التيمي عنه.

أخرجه البيهقي. وقال:

"يوسف بن عطية ضعيف"!

كذا قال! والحق أنه شديد الضعف؛ كما يفيده قول الحافظ وغيره:

"متروك".

وقد تابعه - عند ابن الجوزي -: المعلى بن هلال ويغنم بن سالم؛ وكلاهما كذاب.

 

(10/143)

 

 

4- وأما حديث ابن عباس؛ فيرويه عبد الله بن أبان بن عثمان بن حذيفة بن أوس الثقفي: حدثنا سفيان الثوري: حدثني عمرو بن دينار عنه.

أخرجه ابن عدي (222/ 2) ، وعنه ابن الجوزي (2/ 175) . وقال ابن عدي:

"وهذا باطل بهذا الإسناد، وعبد الله بن أبان ليس بالمعروف، حدث عن الثقات بالمناكير".

وجملة القول؛ أن الحديث - كما قال ابن الجوزي - موضوع؛ وذلك غير بعيد بالنظر إلى هذه الطرق.

لكنه قد تعقب بطريقين آخرين ذكرهما ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 138) ؛ ليس فيهما متهم.

فالحديث - على كل حال - ضعيف لا تقوم به حجة. والله أعلم.

(تنبيه) : قد ذكره ابن الجوزي من حديث عبد الله أيضاً! وذلك تصحيف؛ فإنه رواه من طريق الخطيب المشار إليها آنفاً في (ص 141) ، وهي عن ابن عمر، وليس عن ابن عمرو! فاقتضى التنبيه.

4627 - (من قتل حية؛ فكأنما قتل رجلاً مشركاً قد حل دمه) .

ضعيف

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 172/ 2) ، وأحمد (1/ 395 و 421) ، والهيثم بن كليب في "مسنده" (79/ 2 و 81/ 1) ، وأبو يعلى في "مسنده" (256/ 1) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 64/ 1) ، وأبو بكر الكلاباذي في "مفتاح المعاني" (86/ 2) من طريق محمد بن زيد العبد ي - قاضي خراسان - عن أبي الأعين، عن أبي الأحوص الجشمي أنه سمع ابن مسعود مرفوعاً به.

 

(10/144)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ علته أبو الأعين هذا؛ قال الذهبي في "الميزان":

"ضعفه يحيى بن معين، وابن حبان، وقال: هو الذي روى عن أبي الأحوص ... (فذكره) ، وجاء عنه بهذا السند أحاديث أخر، ما للكثير منها أصل يرجع إليه".

وقد وجدت له طريقاً أخرى مختصراً، يرويه فضالة بن الفضل التميمي قال: نبأنا أبو داود الحفري عن الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله مرفوعاً بلفظ:

" ... فكأنما قتل كافراً".

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 234) . وقال:

"هكذا روى فضالة بن الفضل عن أبي داود مرفوعاً. ورواه سلم بن جنادة عن أبي داود موقوفاً.. لم يذكر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -".

قلت: كل من فضالة وسلم بن جنادة ثقة ربما خالف؛ كما في "التقريب"، فلا مجال للترجيح بالأحفظية؛ إلا أن ابن جنادة قد توبع:

فقال ابن أبي شيبة في "المصنف": حدثنا أبو داود الحفري عمر بن سعد عن سفيان به موقوفاً. وقال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: قال عبد الله ... فذكره موقوفاً.

وهذان إسنادان صحيحان؛ فترجح الوقف بالأحفظية والأكثرية.

(تنبيه) : أورد السيوطي الحديث من رواية الخطيب عن ابن مسعود بلفظ:

"من قتل حية أو عقرباً؛ فكأنما قتل كافراً".

 

(10/145)

 

 

فزاد فيه: "أو عقرباً"! وليست هذه الزيادة في "تاريخ الخطيب" من النسخة المطبوعة كما رأيت.

وقد عزاه في "الجامع الكبير" (2/ 279/ 1) إلى أبي معاذ عبد الرحمن بن محمد السجزي في "معجمه"، وابن النجار أيضاً! فلعلها عندهما أو عند أحدهما دون الخطيب، فعزاه إليهم جميعاً من باب التسامح المعروف في التخريج، فلما نقل الحديث إلى "الجامع الصغير" واختصر التخريج بعزوه للخطيب وحده دونهما؛ لم يتنبه إلى أن هذه الزيادة ليست عنده، فوقع في الوهم! والله أعلم.

وقد وجدت هذه الزيادة في بعض الطرق الموقوفة من حديث ابن مسعود: فأخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 45/ 2 - خط) و (9/ 410/ 9745 - ط) من طريق المسعودي عن القاسم قال: قال عبد الله ... فذكره. وقال:

"لم يقل المسعودي: (عن أبيه) ".

ثم رواه من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله قال ... فذكره موقوفاً. وقال:

"لم يرفعه إسرائيل، ورفعه شريك".

قلت: ثم ساقه عن شريك عن أبي إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله مرفوعاً بلفظ:

"اقتلوا الحيات؛ فمن خاف ثأرهن فليس مني".

قلت: وهذا لفظ آخر كما ترى، وهو صحيح لما له من الشواهد، وقد أشرت إلى بعضها في تخريجه في "المشكاة" (4140) .

 

(10/146)

 

 

ورواه البزار (1229 - كشف) من طريق يزيد بن هارون: أبنا شريك عن أبي إسحاق به مثل سياق الطبراني؛ لكن مرفوعاً بلفظ:

"من قتل حية؛ فكأنما قتل كافراً". وقال:

"لا نعلم روى أبو إسحاق عن القاسم عن أبيه عن ابن مسعود إلا هذا".

قلت: وأبو إسحاق - وهو السبيعي - مدلس مختلط.

وشريك - وهو القاضي - سيىء الحفظ.

والخلاصة؛ أن حديث الترجمة ضعيف؛ للاختلاف في رفعه ووقفه، والراجح الوقف. ولا يرجح الرفع حديث شريك؛ لما عرفت من الضعف والاختلاف عليه في لفظه. والراجح فيه الأمر بقتل الحيات. والله أعلم.

4628 - (من قتل حية؛ فله سبع حسنات، ومن قتل وزغاً؛ فله حسنة، ومن ترك حية مخافة عاقبتها؛ فليس منا) .

ضعيف

أخرجه ابن حبان (1081) ، وأحمد (1/ 420) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 80/ 1 - خط) و (10/ 258/ 10492 - ط) عن المسيب بن رافع عن ابن مسعود مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات؛ إلا أن المسيب بن رافع لم يلق ابن مسعود كما قال أبو حاتم. وكذلك نفى سماعه منه أبو زرعة.

وأعله ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 322-323) عن أبيه بالوقف، وهو ضعيف مرفوعاً وموقوفاً؛ إلا الجملة الأخيرة؛ فقد جاءت من غير هذه الطريق عن ابن مسعود، ولها شواهد كما سبقت الإشارة إليه في الحديث الذي قبله.

 

(10/147)

 

 

4629 - (من قتل وزغة؛ محي عنه سبع خطيئات) .

ضعيف

رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 130/ 1) : حدثنا مقدام بن داود: حدثنا أصبغ بن الفرج: حدثنا ابن وهب: أخبرني أبو صخر عن عبد الكريم عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة مرفوعاً. وقال:

"لم يروه عن عطاء إلا عبد الكريم بن أبي المخارق، تفرد به أبو صخر".

قلت: واسمه حميد بن زياد، وهو صدوق يهم.

لكن ابن أبي المخارق ضعيف.

وقد رواه مسعر عنه عن عطاء قال ... فذكره مقطوعاً موقوفاً عليه؛ لم يذكر عائشة ولم يرفعه.

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 171/ 2) .

 

(10/148)

 

 

4630 - (من قدم من نسكه شيئاً أو أخره؛ فلا شيء عليه) .

ضعيف

أخرجه البيهقي (5/ 143-144) عن العلاء بن المسيب عن رجل - يقال له: الحسن - سمع ابن عباس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله موثقون؛ غير الحسن هذا - وهو الكوفي -؛ أورده ابن أبي حاتم (1/ 2/ 45) من رواية العلاء من المسيب هذا وليث بن أبي سليم عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

ومن عجائب ابن حبان: أنه أورده في كتاب "الثقات" من رواية ليث فقط عنه؛ ثم قال:

"لا أدري من هو؟! ولا ابن من هو؟! "!

 

(10/148)

 

 

قلت: والحديث أصله في "صحيح البخاري" من طريق عكرمة عن ابن عباس:

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل في حجة الوداع، فقيل: يا رسول الله! ذبحت قبل أن أرمي؟ فأومى بيده وقال:

"لا حرج". وقال رجل: حلقت قبل أن أذبح؟ فأومى بيده وقال:

"لا حرج". فما سئل يومئذ عن شيء من التقديم ولا التأخير؛ إلا أومى بيده وقال:

"لا حرج".

قلت: فكأن الحسن الكوفي روى هذا الحديث بالمعنى، فأخطأ في سياق لفظه. والله أعلم.

4631 - (من قرأ خواتيم الحشر من ليل أو نهار، فقبض في ذلك اليوم أو الليلة؛ فقد أوجب الجنة) .

ضعيف جداً

رواه ابن عدي (167/ 1) ، والثعلبي (3/ 189/ 2) ، والخطيب (12/ 444) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 26) عن أبي عثمان - يعني: المؤذن -: حدثنا محمد بن زياد قال: سمعت أبا أمامة يقول ... فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو عثمان هذا: اسمه سليم بن عثمان الفوزي الحمصي؛ قال الذهبي في "المغني":

"متهم واه".

قلت: وقد تفرد به؛ كما قال البيهقي في "الشعب" - فيما نقله المناوي عنه -.

 

(10/149)

 

 

وروى الثعلبي أيضاً عن محمد بن يونس الكديمي: حدثنا عمرو بن عاصم: حدثنا أبو الأشهب عن يزيد بن أبان عن أنس مرفوعاً به نحوه؛ إلا أنه قال في آخره:

"غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر".

ويزيد بن أبان ضعيف.

والكديمي وضاع.

وفي رواية من طريق أبي الأشهب بلفظ:

"فمات من ليلته مات شهيداً".

وقد قال الخفاجي في "حاشيته على البيضاوي" (8/ 183) - وقد أورده باللفظ الذي قبله -:

"رواه الثعلبي عن أنس، ولم يقل ابن حجر: إنه موضوع كغيره من الأحاديث الموضوعة في فضائل السور"!

قلت: لكن تلميذ ابن حجر الشيخ زكريا الأنصاري قال في "تعليقه على البيضاوي" (141/ 1) :

"موضوع".

ومن علم حجة على من لم يعلم!

4632 - (من قرأ سورة الدخان في ليلة الجمعة؛ غفر له) .

ضعيف جداً

رواه الواحدي في "تفسيره" (4/ 46/ 1) عن سلام بن سليم: أخبرنا هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أبي بن كعب مرفوعاً.

 

(10/150)

 

 

قلت: وهذا موضوع؛ آفته سلام - بتشديد اللام - ابن سليم - وهو الطويل المدائني -؛ وهو متروك، اتهمه بالوضع الحاكم وغيره.

وهارون بن كثير؛ قال الذهبي:

"مجهول. وزيد عن أبيه نكرة".

وقد روي من حديث أبي هريرة مرفوعاً؛ وإسناده ضعيف جداً، كما بينته في "المشكاة" (2150) .

وروي بلفظ:

" ... ليلة؛ بات يستغفر له سبعون ألف ملك حتى يصبح".

وهو موضوع، وسيأتي برقم (6734) .

4633 - (من قرأ سورة البقرة؛ توج بتاج في الجنة) .

موضوع

أخرجه البيهقي في "الشعب" عن محمد بن أحمد بن مهدي أبي عمارة المستملي عن محمد بن الضوء بن الصلصال [عن أبيه] عن الصلصال مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته ابن الضوء هذا؛ قال الخطيب (5/ 375) :

"ومحمد بن الضوء ليس بمحل لأن يؤخذ عنه العلم؛ لأنه كان كذاباً، وكان أحد المتهتكين المشتهرين بشرب الخمور، والمجاهرة بالفجور". وقال الجورقاني في "الموضوعات":

"محمد بن الضوء كذاب".

 

(10/151)

 

 

ومحمد بن أحمد بن مهدي أبو عمارة؛ قال الخطيب أيضاً (1/ 360) :

"في حديثه مناكير وغرائب. قال الدارقطني: ضعيف جداً".

(تنبيه) : نقلت إسناد الحديث من "فيض القدير" للمناوي، وفصلت القول في حاله لسببين اثنين:

الأول: أنه وقع فيه محرفاً تحريفاً فاحشاً، بحيث إنه لم يعد بالإمكان معرفة حال رجاله؛ إلا بعد دراسته دراسة دقيقة كما فعلنا.

والآخر: أن المناوي لم يكشف عن علته الحقيقة، ولعل ذلك لأن الإسناد تحرف عليه هو نفسه، وليس على الطابع لكتابه، وإليك صورة النص فيه:

" (هب) عن علي بن أحمد بن عبيد بن أبي عمارة المستملي عن محمد بن النضر بن الصلصال (عن الصلصال) بفتح الصاد ابن الدلهمس - بفتح الدال واللام وسكون الهاء وفتح الميم -. وأحمد بن عبيد، قال ابن عدي: ثقة له مناكير"!!

ثم طبع كتاب "الشعب"؛ والحديث فيه (2/ 455/ 2384) ، فوجدت التصحيح مطابقاً لما فيه والحمد لله. وروى عقبه بالإسناد نفسه مرفوعاً:

"اقرؤوا سورة البقرة في بيوتكم ولا تجعلوها قبوراً".

وهذا صحيح من حديث أبي هريرة وابن مسعود، فانظر "الصحيحة" (1521) .وقد أضاف السيوطي إلى هذه الفقرة حديث الترجمة في "الجامع الصغير"، وذكر الحديث دون الفقرة في مكان آخر. وكنت ذكرته شاهداً في "أحكام الجنائز" قبل تخريجه هنا؛ فليحذف.

 

(10/152)

 

 

4634 - (من قرأ (قل هو الله أحد) ثلاث مرات؛ فكأنما قرأ القرآن أجمع) .

ضعيف جداُ

1- أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 46) عن أحمد بن الحارث الغساني قال: حدثتنا ساكنة بنت الجعد قالت: سمعت رجاء الغنوي يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وقال:

"أحمد بن الحارث؛ قال البخاري: فيه نظر". قال:

"ولا يعرف لرجاء الغنوي رواية. فأما الرواية في (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن؛ فثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير هذا الوجه".

وعزا المناوي هذا القول الأخير للحافظ في "اللسان"! وإنما هو للعقيلي؛ نقله عنه في "اللسان".

وقال أبو حاتم في الغساني هذا:

"متروك الحديث".

ثم وجدت له طرقاً أخرى:

2- أخرجه الخلال في "فضائل (قل هو الله أحد) " (ق 193/ 1) من طريق محمد بن علي بن الوليد السلمي: حدثنا محمد بن عبد الأعلى: حدثنا معتمر بن سليمان عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ:

"من قرأ (قل هو الله أحد) ؛ فكأنما قرأ ثلث القرآن، ومن قرأ (قل هو الله أحد) مرتين؛ فكأنما قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأ (قل هو الله أحد) ثلاث مرات؛ فكأنما قرأ جميع ما أنزل الله عز وجل".

 

(10/153)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته السلمي هذا؛ قال الإسماعيلي:

"بصري منكر الحديث".

وساق له البيهقي حديث الضب بإسناد نظيف، ثم قال:

"الحمل فيه على السلمي هذا". قال الذهبي:

"صدق - والله - البيهقي؛ فإنه خبر باطل".

3- ثم روى (ق 194/ 1) من طريق أحمد بن القاسم الأكفاني: حدثنا إبراهيم ابن إسحاق عن عمرو بن ثابت عن سماك بن حرب الضبي عن النعمان بن بشير مرفوعاً مثله؛ إلا أنه قال:

"فكأنما قرأ القرآن ارتجالاً".

قلت: وهذا ضعيف أيضاً؛ فإن عمرو بن ثابت ضعيف رافضي، ومنهم من تركه.

ومن دونه؛ لم أعرفهما.

4- وأخرج أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1023) عن عبيس بن ميمون: أخبرنا يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعاً بلفظ:

"أما يستطيع أحدكم أن يقرأ في الليلة (قل هو الله أحد) ؟! فإنها تعدل القرآن كله".

ويزيد الرقاشي ضعيف.

وعبيس بن ميمون مثله في الضعف أو أشد؛ فقد قال أحمد والبخاري:

 

(10/154)

 

 

"منكر الحديث". وقال الفلاس:

"متروك". وقال ابن حبان:

"يروي عن الثقات الموضوعات توهماً".

ثم رواه أبو يعلى (3/ 1017) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن يزيد الرقاشي به؛ إلا أنه قال:

" ... (قل هو الله أحد) ثلاث مرات في ليلة؛ فإنها تعدل ثلث القرآن".

قلت: هكذا وقع هنا: " ... سعيد بن أبي عروبة عن يزيد الرقاشي"!

وقد ذكره الهيثمي في "المجمع" (7/ 147) من رواية أبي يعلى باللفظين المذكورين، وقال في كل منهما:

"وفيه عبيس بن ميمون، وهو متروك".

فلعله سقط ذكره من إسناد اللفظ الثاني من نسختنا من "أبي يعلى"؛ فإنها نسخة سيئة.

ثم إن الرقاشي - أو الراوي عنه - قد اضطرب في متنه كما ترى؛ ففي اللفظ الأول جعل قراءة (قل هو الله أحد) مرة تعدل القرآن كله. وعكس ذلك في اللفظ الآخر، فجعل قراءتها ثلاثاً تعدل ثلث القرآن!!

(تنبيه) : قد عرفت مما سبق أن طرق الحديث ضعيفة كلها، بل هي شديدة الضعف؛ بحيث لا يمكن أن يقال: إن بعضها يقوي بعضاً، لا سيما والمحفوظ في الأحاديث الصحيحة:

" (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن"؛ دون تثليث قراءتها، فلا أدري كيف

 

(10/155)

 

 

جزم شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه لفظ من ألفاظ الحديث - يعني: الصحيح -؟! انظر كتابه: "جواب أهل الإيمان في أن (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن"، وهو مطبوع في مصر والشام وغيرها، وهو في أول المجلد السابع عشر من "مجموعة الفتاوى".

4635 - (من قرأ (قل هو الله أحد) مئة مرة؛ غفر الله له خطيئته خمسين عاماً؛ ما اجتنب خصالاً أربعاً: الدماء، والأموال، والفروج، والأشربة) .

ضعيف

رواه ابن عساكر (15/ 118/ 1) عن عثمان بن مطر عن الخليل بن مرة عن شعبة (1) بن عمرو عن أنس بن مالك مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الخليل بن مرة وعثمان بن مطر (2) ؛ كلاهما ضعيف.

وقد روي الحديث من طريق أخرى عن أنس به، وزاد:

" ... في خلاء لا يجيز بها أحد".

ولكنه موضوع؛ فيه كذاب؛ كما بينه السيوطي في "ذيل الموضوعات" (ص 28-29) .

__________

(1) كذا في " تاريخ ابن عساكر "! وفي " الكامل " لابن عدي: (سعيد) ؛ وكذا في ترجمة (الخليل بن مرة) من " تهذيب المزي "! (الناشر) .

(2) لكن (عثمان بن مطر) قد تابعه الليث بن سعد: عند ابن عدي في " الكامل "؛ فبقيت العهدة على (الخليل) ؛ وفي ترجمته أورد ابن عدي الحديث! (الناشر) .

 

(10/156)

 

 

4636 - (من قرأ (يس) يريد بها الله؛ غفر الله له، وأعطي من الأجر كأنما قرأ القرآن اثنتي عشرة مرة. وأيما مريض قرىء عنده سورة (يس) ؛ نزل عليه بعدد كل حرف عشرة أملاك، يقومون بين يديه صفوفاً؛ فيصلون ويستغفرون له، ويشهدون قبضه وغسله، ويتبعون جنازته ويصلون عليه، ويشهدون دفنه. وأيما مريض قرأ سورة (يس) وهو في سكرات الموت؛ لم يقبض ملك الموت روحه حتى يجيئه رضوان خازن الجانا بشربة من الجنة؛ فيشربها وهو على فراشه، فيموت وهو ريان، ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء؛ حتى يدخل الجنة وهو ريان) .

موضوع

رواه الثعلبي (3/ 161/ 1) عن إسماعيل بن إبراهيم: حدثنا يوسف بن عطية عن هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أبي بن كعب مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ لوائح الوضع والصنع عليه ظاهرة؛ وآفته يوسف بن عطية - وهو الباهلي الكوفي -؛ فإنه متهم؛ قال عمرو بن علي الفلاس:

"هو أكذب من يوسف بن عطية البصري". وقال الدارقطني:

"هما متروكان".

ومن فوقه مجهول؛ كما سبق قريباً (4632) .

ونحوه في الوضع؛ ما في "علل ابن أبي حاتم" قال (2/ 67) :

"سألت أبي عن حديث رواه سويد أبو حاتم عن سليمان التيمي عن أبي عثمان أن أبا هريرة قال:

 

(10/157)

 

 

من قرأ (يس) مرة؛ فكأنما قرأ القرآن عشر مرار.

وقال أبو سعيد:

من قرأ (يس) [مرة] ؛ فكأنما قرأ القرآن مرتين.

قال أبو هريرة: حدث أنت بما سمعت، وأحدث أن بما سمعت؟! قال أبي: هذا حديث منكر".

قلت: بل هو باطل ظاهر البطلان؛ إذ كيف يعقل أن يكون جزء الشيء الفاضل أفضل أو مثل الشيء مرتين؛ فضلاً عن العشر؟! فإن من قرأ القرآن مرتين؛ فقد قرأ (يس) مرتين، فكيف يكون قراءتها مرة أفضل من قراءتها مرتين؛ مع قراءة القرآن مرتين؟!

وآفة هذا الحديث الذي علقه ابن أبي حاتم: سويد هذا - وهو ابن إبراهيم الحناط البصري -؛ قال الحافظ:

"صدوق، سيىء الحفظ، له أغلاط، وقد أفحش ابن حبان فيه القول".

قلت: وهذا إذا كان ليس فيمن دونه من هو شر منه.

ومن طريقه: رواه البيهقي في "الشعب"، كما يستفاد من كلام المناوي عليه في "فيض القدير". ثم رأيته في "شعب الإيمان" (2/ 481/ 2466) .

والشطر الأول من حديث أبي هريرة؛ أخرجه الترمذي من حديث أنس نحوه، وفيه كذاب؛ كما حققته فيما تقدم برقم (169) .

ثم رأيت حديث أبي هريرة قد رواه سعيد بن منصور في "سننه" (2/ 283/ 75) ، ومن طريقه البيهقي في "الشعب" (2/ 479/ 2459) : أخبرنا إسماعيل بن عياش عن

 

(10/158)

 

 

أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي عن حسان بن عطية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره.

ورجاله ثقات، لكنه مرسل أو معضل؛ فإن حساناً هذا أكثر روايته عن التابعين. وروي بلفظ:

"من قرأ (يس) ابتغاء وجه الله؛ غفر له"؛ وسيأتي (6623) .

4637 - (من قعد على فراش مغيبة؛ قيض الله له يوم القيامة ثعباناً) .

ضعيف

أخرجه أحمد (5/ 300) : حدثنا [أبو] سعيد مولى بني هاشم: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا عبيد الله بن أبي جعفر عن ابن أبي قتادة عن أبيه مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير ابن لهيعة؛ فإنه ضعيف؛ لسوء حفظه.

والحديث؛ أورده ابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 296-297) من طريق هشام ابن عمار عن الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة به. وقال عن أبيه:

"هذا حديث باطل"!

كذا قال! ولم يظهر لي وجه بطلانه.

وقد أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 335/ 2) وفي "الأوسط" (1/ 183/ 2) عن ابن لهيعة به. وقال الهيثمي (6/ 258) :

"رواه الطبراني في "الكبير" و "الأوسط"، وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه ضعف"!

 

(10/159)

 

 

قلت: ففاته عزوه لأحمد! وهو في ذلك تابع للمنذري في "ترغيبه" (3/ 195) ، وقال:

" (المغيبة) - بضم الميم وكسر الغين المعجمة، وبسكونها أيضاً مع كسر الياء -: هي التي غاب عنها زوجها".

ثم ذكر له شاهداً من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً بلفظ:

"مثل الذي يجلس على فراش المغيبة؛ مثل الذي ينهشه أسود من أساود يوم القيامة" (1) . وقالا:

"رواه الطبراني، ورواته ثقات". وقال المنذري:

" (الأساود) : الحيات، واحدها أسود".

قلت: لم أقف على إسناده؛ لأن مسند ابن عمرو من "المعجم الكبير" لم يطبع منه إلا قطعة، وليس فيها هذا الحديث.

ولكني وقفت عليه عند غيره، فقد جاء في "المطالب العالية" (1/ 66/ 1 - المسندة) : قال أبو يعلى: حدثنا سفيان بن وكيع: حدثنا شريك عن الأعمش عن خيثمة عن عبد الله بن عمرو ... رفعه.

وهذا إسناد واه؛ سفيان هذا اتهم بالكذب. وقال الحافظ في "التقريب":

"كان صدوقاً؛ إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح فلم يقبل، فسقط حديثه".

__________

(1) ثم حسنه الشيخ - رحمه الله - مرفوعاً في " صحيح الترغيب والترهيب " (2 / 616 / رقم 2405) . (الناشر) .

 

(10/160)

 

 

ورواه أبو الشيخ في "الأمثال" من طريق أبي يعلى عنه (218) .

لكنه رواه من طريق أخرى، فقال (رقم 222) : حدثنا يحيى بن عبد الله السكوني: حدثنا أبو كريب: حدثنا عبد الرحمن بن شريك: حدثني أبي به.

وهذه متابعة ضعيفة؛ عبد الرحمن بن شريك؛ قال الذهبي في "المغني":

"وثق. وقال أبو حاتم: واه". وقال الحافظ:

"صدوق يخطىء".

وشيخ أبي الشيخ (يحيى بن عبد الله السكوني) ؛ لم أجد من ذكره، حتى ولا المزي في الرواة عن أبي كريب محمد بن العلاء!

وشريك: هو ابن عبد الله القاضي، وهو - مع فضله - قد ضعف بسبب سوء حفظه. ورفعه لهذا الحديث مما يدل على ذلك؛ فقد خالفه ابن عيينة؛ فرواه عن الأعمش به موقوفاً على عبد الله بن عمرو بن العاص.

أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (7/ 139/ 12547) عنه.

وهذا إسناد صحيح.

فتبين أن الصواب في حديث ابن عمرو الوقف. وبالله التوفيق.

ثم رأيت في "المطالب العالية" (1/ 30/ 2 - المسندة) أنه رواه مسدد: حدثنا يحيى عن الأعمش: أنبأني خيثمة بن عبد الرحمن قال ... فذكره، أوقفه على خيثمة.

فهذا مما يؤكد خطأ رفعه، ويبين - من جهة أخرى - خطأ قول المعلق على "أمثال أبي الشيخ" - على حديثه المرفوع عن ابن عمرو -:

"والحديث رواه مسدد (المطالب العالية 1/ 210 برقم 748) "!

 

(10/161)

 

 

فهذا يوهم أنه عند (مسدد) مرفوع! والواقع أنه مقطوع موقوف على خيثمة في المكان الذي أشار إليه، كما في أصله "المسندة" كما سبق.

وكذلك أخطأ في قوله - عطفاً على قوله المذكور -:

"ورواه لا ذكر لأبي يعلى في الصفحة المشار إليها، لا في هذا الحديث ولا في غيره، فما أكثر تخاليطه! والله المستعان.

4638 - (من كان عليه دين يهمه قضاؤه - أو هم بقضائه -؛ لم يزل معه من الله حارس) .

ضعيف

رواه الطبراني (1/ 145/ 2) وفي "الأوسط" (3759) عن مسلم بن إبراهيم: حدثنا طلحة بن شجاع الأزدي: حدثتني ورقاء بنت هراب (1) :

أن عمر بن الخطاب كان إذا خرج من منزله؛ مر على أمهات المؤمنين؛ فسلم عليهن قبل أن يأتي مجلسه، فإذا انصرف إلى منزله مر عليهن، فكان كلما مر؛ وجد على باب عائشة رجلاً جالساً، فقال له: ما لي أراك ههنا جالساً؟! قال: حق لي أطلب به أم المؤمنين. فدخل عليها عمر، فقال لها: يا أم المؤمنين! ما لك في سبعة آلاف كفاية في كل سنة؟ قالت: بلى، ولكن علي منها حقوق، وقد سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره، قالت: فأنا أحب أن لا يزال معي من الله حارس. وقال:

"لم يروه عن ورقاء إلا طلحة - وهو [شيخ] بصري -، تفرد به مسلم"!

وأقول: كلا؛ فقد تابعه أبو سعيد مولى بني هاشم في "مسند أحمد" (6/ 255) ... المرفوع منه فقط.

__________

(1) وقع اسمها في " الكبير ": " ورقاء بنت هدابة ". (الناشر) .

 

(10/162)

 

 

والإسناد ضعيف؛ لأن ورقاء هذه لا تعرف؛ كما في "التعجيل".

ومثلها طلحة بن شجاع؛ كما في "اللسان".

وقد روي الحديث بإسناد آخر منقطع عن عائشة بلفظ آخر، وهو أقرب إلى الصحة؛ لما له من الشواهد، وقد خرجته في "الترغيب" (3/ 33) .

4639 - (من كان في قلبه مودة لأخيه، لم يطلعه عليها؛ فقد خانه) .

ضعيف

رواه ابن قدامة في "المتحابين في الله" (112/ 2) من طريق أبي بكر الشافعي: حدثنا زياد بن أيوب: حدثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن: حدثنا أبو كعب الشامي عن مكحول قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله.

وأبو كعب الشامي لم أعرفه.

وعبد الحميد بن عبد الرحمن: هو الحماني؛ وفيه ضعف.

 

(10/163)

 

 

4640 - (من كان له صبي فليتصب له) .

ضعيف

رواه أبو علي الأهوازي الحسن بن علي - وهو متهم - في "عقد أهل الإيمان" (4/ 191-192) عن محمد بن زكريا الغلابي قال: أخبرنا العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية المنقري قال: أخبرنا العلاء بن جرير العنبري عن أبيه عن الأحنف بن قيس قال:

دخلت على معاوية بن أبي سفيان وهو مستلق على قفاه، وعلى صدره صبي أو صبية تناغيه، فقلت: أمط عنك هذا يا أمير المؤمنين! فقال: يا أحنف! سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا موضوع؛ الغلابي وضاع.

 

(10/163)

 

 

والعلاء بن الفضل ضعيف.

والعلاء بن جرير العنبري وأبوه لم أجدهما.

وأبو علي الأهوازي نفسه متهم.

لكن عزاه السيوطي في "الجامع" لابن عساكر، فلما تكلم عليه المناوي؛ تبين أنه من رواية محمد بن عاصم - مجهول - ... عن أبي سفيان القتبي عن معاوية. وقال ابن عساكر:

"غريب جداً"، كما في "الجامع الكبير".

ومثل هذا الحديث: ما رواه الدينوري في "المنتقى من المجالسة" (78/ 2 - نسخة حلب) ، ومن طريقه ابن عساكر (8/ 411) : حدثنا إبراهيم بن دازيل الهمذاني: أنبأنا أبو حذيفة عن الثوري عن أبيه عن إبراهيم التيمي قال: كان عمر ابن الخطاب يقول:

ينبغي للرجل أن يكون في أهله مثل الصبي، فإذا التمس ما عنده وجد رجلاً. قال الثوري رحمه الله:

وبلغنا عن زيد بن ثابت أنه كان من أفكه الناس في أهله، وأزمتهم إذا جلس مع القوم.

ورواه البيهقي (6/ 292) ، وعنه ابن عساكر من طريق ثابت بن عبيد قال:

كان زيد بن ثابت ... فذكره.

4641 - (من كان له مال يبلغه بيت ربه، أو يجب فيه زكاة - فلم يفعل -؛ سأل الرجعة عند الموت) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (3313) ، وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند"

 

(10/164)

 

 

(78/ 2) ، والطبراني في "الكبير" (3/ 170/ 2) ، والواحدي في "تفسيره" (4/ 148/ 1) - دون ذكر الحج - عن يحيى بن أبي حية عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الترمذي:

"يحيى بن أبي حية ليس بالقوي في الحديث". وقال الحافظ في "التقريب":

"ضعفوه لكثرة تدليسه".

والضحاك بن مزاحم لم يسمع من ابن عباس.

وقد وجدت له طريقاً أخرى، ولكنها واهية جداً؛ لأنه يرويه محمد بن عبد الله بن إبراهيم الأشناني: حدثنا أحمد بن حنبل: حدثنا محمد بن جعفر: أنبأنا شعبة عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه مرفوعاً بلفظ:

"من كان موسراً ولم يحج، وعنده مال تجب فيه الزكاة، ولم تشغله حاجة ظاهرة، ولا مرض حابس، ولا سلطان جائر؛ فليمت على أي دين شاء؛ يهودياً أو نصرانياً".

أخرجه أبو الحسن النعالي في "حديثه" (ق 132/ 2) .

وهذا إسناد موضوع على الإمام أحمد؛ آفته الأشناني هذا؛ قال الدارقطني:

"كان دجالاً". وقال الخطيب:

"كان يضع الحديث".

على أن النعالي هذا شيخ رافضي يتتبع المناكير، مات سنة (413) .

وجملة الحج التي وردت فيه؛ قد رويت من طرق أخرى، قد أعلها كلها ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 209-210) . وناقشه في ذلك السيوطي في

 

(10/165)

 

 

"اللآلىء" (2/ 117-119) بما يستخلص منه خطأ حكمه على الحديث بالوضع، وتكلمت على بعض طرقه في "المشكاة" (2521) ، و "الترغيب" (2/ 134) ؛ وبينت عللها.

وإنما ثبت ذلك من قول عمر بن الخطاب موقوفاً عليه:

أخرجه العدني في "الإيمان" (ق 239/ 1) ، والبيهقي في "السنن" (4/ 334) عن ابن جريج: أخبرني عبد الله بن نعيم أن الضحاك بن عبد الرحمن الأشعري أخبره أن عبد الرحمن بن غنم أخبره أنه سمع عمر بن الخطاب يقول:

ليمت يهودياً أو نصرانياً (يقولها ثلاث مرات) ؛ رجل مات ولم يحج، وجد لذلك سعة، وخليت سبيله.

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات؛ غير عبد الله بن نعيم؛ ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد روى عنه جمع آخر من الثقات، ووثقه ابن نمير. ولم يعرفه ابن معين فقال:

"مظلم"! يعني: أنه ليس بمشهور؛ كما قال البناني.

ثم روى العدني: حدثنا هشام عن ابن جريج قال: أخبرني سليمان - مولى لنا - عن عبد الله بن المسيب بن أبي السائب أنه سمعه يقول: سمعت عمر بن الخطاب يقول ... فذكره نحوه.

وهذا إسناد رجاله ثقات "الصحيح"؛ غير سليمان هذا؛ فلم أعرفه، وفي شيوخ ابن جريج ممن يسمى سليمان كثرة، ولا يبعد أن يكون هو سليمان بن موسى الأموي مولاهم الدمشقي، صدوق في حديثه بعض لين.

فإن كان هو؛ فالسند حسن أيضاً. والله أعلم.

 

(10/166)

 

 

4642 - (من كان يحب الله عز وجل ورسوله؛ فليحب أسامة) .

ضعيف

أخرجه أحمد (6/ 156) عن الشعبي قال: قالت عائشة:

لا ينبغي لأحد أن يبغض أسامة بعد ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره.

قلت: وإسناده ضعيف؛ رجاله ثقات؛ إلا أنه منقطع؛ فإن الشعبي لم يسمع من عائشة؛ كما قال الحاكم. وقال ابن معين:

"الشعبي عن عائشة: مرسل".

 

(10/167)

 

 

4643 - (من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به) .

ضعيف

رواه العقيلي في "الضعفاء" (336) ، والطبراني في "الأوسط" (502) ، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 74) ، وأبو الغنائم النرسي في "انتخاب الحافظ الصوري على أبي عبد الله العلوي" (132/ 1) ، والقضاعي (30/ 2) عن إبراهيم بن الأشعث - صاحب الفضيل بن عياض -: حدثنا عيسى بن موسى - يعني: غنجاراً - عن عمر ابن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. وقال العقيلي:

"عيسى مجهول، وعمر لا أدري من هو: ابن راشد أو غيره؟! والحديث غير محفوظ". ثم قال:

"إن كان هذا عمر بن راشد؛ فهو ضعيف، وإن كان غيره؛ فمجهول. أول الحديث معروف من قول عمر بن الخطاب (1) ، وآخره يروى بإسناد جيد بغير هذا الإسناد".

__________

(1) والموقوف؛ أخرجه الطبراني في " الأوسط " (2259) . (الناشر)

 

(10/167)

 

 

وقوله: إن عيسى هذا مجهول!! مردود؛ فإنه معروف مشهور؛ وثقه ابن حبان والحاكم وغيرهما. وقال مسلمة بن قاسم في "الصلاة":

"كان ثقة جليلاً مشهوراً بخراسان، وهو قديم، لم يقع في التواريخ".

وإنما أنكروا عليه روايته عن المتروكين والمجهولين، وقد لخص الحافظ أقوال العلماء فيه: فقال:

"صدوق ربما أخطأ، وربما دلس، مكثر من الحديث عن المتروكين".

وعمر: هو ابن راشد، كذلك وقع منسوباً في رواية الطبراني والنرسي، وهو اليمامي. وفي ترجمته ساق الذهبي هذا الحديث.

وقال - في إبراهيم بن الأشعث -:

"قال أبو حاتم: كنا نظن به الخير؛ فقد جاء بمثل هذا الحديث. وذكر حديثاً ساقطاً"؛ غير هذا.

فهو علة هذا الحديث، أو عمر بن راشد؛ فقد صرح العقيلي والطبراني بسماع غنجار منه؛ فبرئت ذمته من الحديث.

ثم رأيت الحديث رواه ابن عدي (241/ 2) في ترجمة ابن راشد هذا؛ من طريق إبراهيم المذكور.

ورواه الدولابي (2/ 138-139) من طريق أبي نعيم عمر بن صبح عن يحيى به. وقال:

"قال أبو عبد الرحمن - يعني: النسائي -: هذا حديث منكر، وعمر بن صبح ليس بثقة".

 

(10/168)

 

 

قلت: وروي الحديث عن أبي هريرة بأتم منه، وسيأتي برقم (6032) .

4644 - (من كثرت صلاته بالليل؛ حسن وجهه بالنهار) (1) .

موضوع

أخرجه ابن ماجه (1/ 400) ، وابن نصر في "قيام الليل" (ص 148) ، وابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 74) ، والخطيب في "التاريخ" (1/ 341 و 13/ 126) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (2/ 110) عن ثابت بن موسى عن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعاً. وقال ابن أبي حاتم:

"قال أبي: فذكرت لابن نمير؟ فقال: الشيخ لا بأس به، والحديث منكر. قال أبي: الحديث موضوع".

قلت: ويشير بقوله: "الشيخ" إلى ثابت بن موسى، وهو مختلف فيه؛ فقال ابن معين:

"كذاب". وقال أبو حاتم:

"ضعيف".

ووثقه مطين. وقال العقيلي:

"كان ضريراً عابداً، وحديثه (يعني: هذا) باطل لا أصل له، ولا يتابعه عليه ثقة". وقال ابن حبان:

"كان يخطىء كثيراً، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد، وهو الذي روى عن شريك ... " فذكر الحديث. قال:

"وهذا قول شريك، قاله عقب حديث الأعمش عن أبي سفيان عن جابر: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم ثلاث عقد ... " الحديث، فأدرج ثابت

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " مسند الشهاب ". (الناشر) .

 

(10/169)

 

 

قول شريك في الخبر، ثم سرق هذا من شريك جماعة ضعفاء".

وقد ساق ابن الجوزي بعض تلك الطرق المسروقة، وبين عللها؛ وأنها تدور على كذابين وضعاف ومجاهيل.

ومنها: ما أخرجه من طريق ابن عدي - وهذا ساقه في كتابه "الكامل" تحت باب "ما سرقه العدوي الحسن بن علي بن صالح بن زكريا من الحديث، وألزقه على قوم آخرين" -: حدثنا العدوي: حدثنا الحسن بن علي بن راشد: حدثنا شريك به. وقال:

"هذا حديث ثابت بن موسى عن شريك. على أن قوماً ضعفاء قد سرقوه منه فحدثوا به عن شريك، وليس فيهم أشهر وأصدق من الحسن بن علي بن راشد؛ هذا الذي ألزقه العدوي عليه".

والعدوي هذا من الكذابين الذين يضعون الحديث.

ومنها: ما أخرجه ابن الجوزي أيضاً من طريق الخطيب - وهذا في "التاريخ" (7/ 390) - عن أبي صخر محمد بن مالك بن الحسن بن مالك بن الحكم بن سنان السعدي المروزي: حدثنا صعصعة بن الحسين الرقي - بمرو -: حدثنا محمد بن ضرار بن ريحان بن جميل: حدثنا أبي حدثنا أبو العتاهية إسماعيل ابن القاسم: حدثنا الأعمش به.

قلت: وهذا إسناد مظلم؛ قال ابن الجوزي - وأقره الحافظ في "اللسان" -:

"محمد بن ضرار وأبوه مجهولان".

قلت: وأبو العتاهية - الشاعر المشهور -؛ قال الذهبي:

"ما علمت أحداً يحتج بأبي العتاهية".

 

(10/170)

 

 

وصعصعة بن الحسين الرقي لم أجد له ترجمة، وقد أورده الحافظ في "اللسان" قائلاً:

"يأتي ذكره في ترجمة محمد بن حماد بن عنبسة".

ثم لم أجد هذه الترجمة فيه أصلاً (1) !

ومحمد بن مالك لم أعرفه.

وقد تناقض في هذا الحديث السيوطي أشد التناقض، وذلك أنه ساق له في "اللآلىء" (2/ 33-35) طرقاً أخرى، زيادة على طرق ابن الجوزي، محاولاً بذلك تقوية الحديث - كما هي عادته - بكثرة الطرق، دون أن يحقق القول فيها، أو - على الأقل - تخليص الحديث من الوضع.

وكأن ذلك هو عمدته في إيراده الحديث من رواية ابن ماجه في كتابه "الجامع الصغير"، الذي ادعى في مقدمته: أنه صانه عما تفرد به كذاب أو وضاع! ومع ذلك؛ وجدته قد جزم بوضع الحديث في رسالته "أعذب المناهل في حديث: (من قال: أنبأنا عالم؛ فهو جاهل) " من كتابه "الحاوي للفتاوي" (2/ 146-149) ؛ فإنه - بعد أن بين ضعف إسناد حديث الجاهل هذا من أجل أنه من رواية ليث بن أبي سليم المختلط، وأريد بطلانه من جهة المعنى - أورد على نفسه سؤالاً فقال:

"فإن قلت: كيف حكم على الحديث بالإبطال، وليث لم يتهم بكذب؟ قلت: الموضوع قسمان:

قسم تعمد واضعه وضعه، وهذا شأن الكذابين.

__________

(1) هي فيه، لكن وقع اسم أبيه هنا مقلوبا، والوصواب: " محمد بن عنبسة بن حماد ". (الناشر) .

 

(10/171)

 

 

وقسم وقع غلطاً لا عن قصد، وهذا شأن المخلطين والمضطربين [في] الحديث، كما حكم الحفاظ بالوضع على الحديث الذي أخرجه ابن ماجه في "سننه" وهو: "من كثرت صلاته ... "؛ فإنهم أطبقوا على أنه موضوع، وواضعه لم يتعمد وضعه، وقصته في ذلك مشهورة".

ولذلك تعجب المناوي من صنيع السيوطي هذا؛ فقال:

"ومن العجب العجاب أن المؤلف قال في كتابه "أعذب المناهل": إن الحفاظ حكموا على هذا الحديث بالوضع، وأطبقوا على أنه موضوع. هذه عبارته، فكيف يورده في كتاب ادعى أنه صانه عما تفرد به وضاع؟ ‍‍‍‍‍‍! ".

4645 - (من كذب بالقدر؛ فقد كذب بما أنزل علي) .

ضعيف جداً

أخرجه العقيلي في ترجمة (سوار بن عبد الله بن قدامة) من "الضعفاء" (ص 174) قال: حدثنا أحمد بن عمرو قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا عبد الأعلى بن القاسم قال: حدثني سوار بن عبد الله العنبري عن كليب بن وائل عن ابن عمر مرفوعاً. وقال:

"سوار؛ قال سفيان (يعني: الثوري) : ليس بشيء. وقد روي في الإيمان بالقدر أحاديث صحاح. وأما هذا اللفظ؛ فلا يحفظ إلا عن هذا الشيخ"!

كذا قال! وخالفه ابن عدي فأورده في ترجمة سوار بن مصعب من "الكامل" فقال (ق 189/ 2-190/ 1) : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز: حدثنا العلاء ابن موسى: حدثنا سوار بن مصعب عن كليب بن وائل به. وقال:

"هذا الحديث يرويه عن كليب سوار بن مصعب، وعامة ما يرويه غير محفوظ، وهو ضعيف كما ذكروه".

 

(10/172)

 

 

قلت: والعلاء بن موسى صدوق؛ كما في "التاريخ" (12/ 240-241) ، وكناه بأبي الجهم.

وتابعه أبو الربيع الزهراني - كما ذكر الذهبي في ترجمة ابن مصعب في "الميزان" - وساق له هذا الحديث في جملة ما أنكر عليه.

وتبعه على ذلك الحافظ في "اللسان"، وجزم بأن عزو الحديث في كتاب العقيلي "الضعفاء" لرواية سوار بن عبد الله وهم من بعض الرواة عنده.

وأشار الحافظ في ترجمة (ابن عبد الله) إلى هذا الحديث إشارة سريعة، لا يمكن فهم المراد منها إلا ممن وقف على كلامه حوله في ترجمة (ابن مصعب) ! فقال معللاً الوهم المذكور:

"لعله وقع في الرواية: "سوار" غير منسوب، ونسبه بعضهم فأخطأ؛ وإلا فهذا الحديث رويناه في "جزء أبي الجهم" عن سوار بن مصعب عن كليب؛ كما سيأتي قريباً، وهو المعروف بالرواية عن كليب".

والحديث؛ أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 205) . وقال:

"رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه محمد بن الحسين القصاص؛ ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات".

قلت: ومحمد بن الحسين القصاص (1) ؛ هو محمد بن الحسين الذي في طريق

__________

(1) لعله: (محمد بن الحُصَين) - بالصاد المهملة -؛ كما في " أوسط الطبراني " (8298) ، و" ضعفاء العقيلي " (2 / 542) ، وكذا وقع في حديث آخر في " الصحيحة " (1 / 555 / رقم 273) .

ووقع - بالسين المهملة - في " مجمع البحرين " (8 / 23) . (الناشر)

 

(10/173)

 

 

العقيلي المتقدمة، وقد بحثت عنه فلم أجد من ذكره! فالظاهر أن الوهم المذكور منه. والله أعلم.

(تنبيه) : نقل المناوي عن ابن الجوزي أنه قال (ولعله في كتابه "العلل") :

"حديث لا يصح، وفيه سوار بن عبد الله، قال أحمد والنسائي [و] يحيى: متروك. اهـ"!

وأقره المناوي!

قلت: وقد اختلط عليهما سوار بن مصعب بسوار بن عبد الله العنبري؛ فابن مصعب هو المتروك، وهو الذي قال فيه أحمد:

"متروك الحديث". وسئل عنه ابن معين؟ فقال:

"ضعيف ليس بشيء". وقال النسائي:

"متروك".

وأما العنبري؛ فلم نقف على من جرحه سوى الثوري؛ كما تقدم في نقل العقيلي عنه.

وقد خالفه جمع فوثقوه؛ فذكره ابن حبان في "الثقات"، وكذا ابن شاهين، وقال ابن المديني:

"ثقة"؛ كما في "اللسان".

وكذلك وثقه النسائي؛ كما في "تاريخ بغداد" (9/ 212) ، وقال ابن عدي:

"أرجو أنه لا بأس به". وقال الذهبي - عقب جرح الثوري إياه -:

 

(10/174)

 

 

"كان من نبلاء القضاة، روى عنه ابن علية وبشر بن المفضل، ومات سنة ست وخمسين ومئة، وكان ورعاً".

قلت: فالرجل ثقة فاضل، فالجرح المشار إليه مردود؛ لأنه جرح مبهم؛ مع ما فيه من مخالفة لتوثيق أولئك الأئمة.

ويدور في البال أنه لا يبعد أن الثوري أراد سوار بن مصعب، ففهم الراوي أنه أراد العنبري؛ وهماً منه، على النحو الذي وقع في سند الحديث. والله أعلم.

4646 - (من كذب علي؛ فهو في النار) .

ضعيف بهذا اللفظ

أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (1/ 165) ، وأحمد (1/ 46-47) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 58) - عن أحمد وعن غيره - عن دجين أبي الغصن - بصري - قال:

قدمت المدينة، فلقيت أسلم مولى عمر بن الخطاب، فقلت: حدثني عن عمر، فقال: لا أستطيع، أخاف أن أزيد أو أنقص، كنا إذا قلنا لعمر: حدثنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أخاف أن أزيد حرفاً أو أنقص؛ إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ دجين هذا اتفقوا على تضعيفه، وقد نسبه بعضهم إلى التلقين؛ فروى البخاري في "التاريخ الصغير" (181) بسند صحيح عن عبد الرحمن بن مهدي قال:

قال لنا دجين أول مرة: حدثني مولى لعمر بن عبد العزيز لم يدرك عمر بن الخطاب، فتركه، فما زالوا يلقنونه حتى قال: أسلم مولى عمر بن الخطاب! قال البخاري:

 

(10/175)

 

 

"ولا يعتد به، كان يتوهم، ولا يدرى ما هو؟ ".

وفي رواية لابن الجوزي من طريق أخرى عن عمر رضي الله عنه مرفوعاً بلفظ:

"من كذب علي متعمداً؛ فليتبوأ مقعده من النار".

وهذا هو المحفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في "الصحيحين"، و"السنن"، و"المسانيد"، و"الفوائد"؛ من طرق كثيرة عن جمع كبير من الصحابة، وقد خرج السيوطي أكثرها في "الجامع الصغير".

4647 - (من كف غضبه؛ ستر الله عورته، ومن كظم غيظه - ولو شاء أن يمضيه أمضاه -؛ ملأ الله قلبه يوم القيامة رضاً، ومن مشى مع أخيه في حاجته حتى يثبتها له؛ أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام) .

ضعيف (1) .

رواه نصر المقدسي في "الأربعين" (رقم 31) عن محمد بن صالح ابن فيروز بن كعب التميمي: أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. وقال نصر:

"حديث غريب، تفرد به محمد بن صالح التميمي؛ وليس هو بمشهور، وفي حديثه نكارة". وقال الذهبي:

"ليس بثقة". ثم ساق له ثلاثة أحاديث بهذا السند؛ أبطل أحدها، وقال في الآخرين:

"موضوعان".

__________

(1) ذكر الشيخ - رحمه الله - طريقاً حسناً ثبت به الحديث؛ فانظر " الصحيحة " (906) ! (الناشر) .

 

(10/176)

 

 

ورواه الطبراني (3/ 209/ 2) من طريق سكين بن [أبي] سراج: أخبرنا عمرو بن دينار عن ابن عمر به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ سكين هذا؛ اتهمه ابن حبان، فقال:

"يروي الموضوعات".

وقد ثبت الشطر الأول منه بلفظ:

"من كف غضبه؛ كف الله عنه عذابه"؛ فراجعه في "الصحيحة" (2360) (1) .

4648 - (من كفن ميتاً؛ كان له بكل شعرة منه حسنة) .

ضعيف

أخرجه الخطيب (4/ 44) عن أحمد بن أيوب البغدادي: حدثنا سليمان بن داود: حدثنا الصلت بن الحجاج: حدثنا أبو العلاء الخفاف عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. وقال:

"تفرد به أبو العلاء خالد بن طهمان الخفاف عن نافع، وعنه الصلت، ولم أكتبه إلا من هذا الوجه".

قلت: وهذا إسناد ضعيف، أورده الخطيب في ترجمة أحمد هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وفي "اللسان":

"مجهول، قاله مسلمة في (الصلة) ".

والصلت بن الحجاج؛ قال ابن عدي:

"عامة حديثه منكر".

__________

(1) ولينظر رقم (1916) - فيما سبق من هذه " السلسلة " -. (الناشر)

 

(10/177)

 

 

وخالد بن طهمان صدوق مختلط.

ونقل المناوي عن "الميزان" أنه قال:

"الظاهر أن هذا حديث موضوع".

فلينظر أين قال هذا؟!

ثم رأيته ذكر هذا في ترجمة أبي العلاء من "كنى الميزان"، فقال:

"أبو العلاء عن نافع. غمزه ابن حبان، فقال: روى عن نافع ما ليس من حديثه، من ذلك ... (فذكر هذا الحديث، وقال:) ؛ قال ابن حبان: لا يجوز الرواية عنه. قلت: والظاهر أن هذا حديث موضوع".

أقول: فالظاهر من صنيع ابن حبان - ثم الذهبي -: أن أبا العلاء هذا هو عندهما غير خالد بن طهمان الخفاف، بدليل أن ابن حبان قد ذكر الخفاف في "الثقات" وقال:

"يخطىء ويهم". وترجم له الذهبي في "أسماء الميزان" ترجمة خاصة!

لكن الأرجح أنهما واحد، كما يفيده تصريح الخطيب السابق، وهو عمدة في هذا الشأن. والله أعلم.

4649 - (من لبس ثوباً جديداً فقال: الحمد لله الذي كساني ما أواري عورتي، وأتجمل به في حياتي، ثم عمد إلى الثوب الذي أخلق، - أو قال: ألقى - فتصدق به؛ كان في كنف الله، وفي حفظ الله، وفي ستر الله حياً وميتاً. قالها ثلاثاً) .

ضعيف

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12/ 45/ 1) ، وعنه ابن ماجه

 

(10/178)

 

 

(2/ 368) ، وابن السني في "عمله" (90/ 267) : أخبرنا يزيد بن هارون: أخبرنا أصبغ بن زيد: أخبرنا أبو العلاء عن أبي أمامة قال:

لبس عمر بن الخطاب ثوباً جديداً، فقال: الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمل به في حياتي. ثم قال ... فذكر الحديث.

ومن طريق يزيد: أخرجه الترمذي (3555) ، وضعفه بقوله:

"حديث غريب".

قلت: وعلته أبو العلاء هذا - وهو الشامي -؛ مجهول.

وله طريق أخرى عند الحاكم (4/ 193) ، وابن أبي الدنيا في "الشكر" (ص 16) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 241/ 1-2) ، والطبراني في "الدعاء" (2/ 937) عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ قال ابن حبان - في ابن زحر -:

"يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبر: عبيد الله، وعلي بن يزيد، والقاسم أبو عبد الرحمن؛ لم يكن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم".

4650 - (من لبس ثوب شهرة؛ أغرض الله عنه حتى يضعه متى ما وضعه) .

ضعيف

رواه ابن ماجه (2/ 379) ، وابن حبان في "الثقات" (9/ 230) ، والعقيلي في "الضعفاء" (445) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/ 190-191) عن وكيع بن محرز الشامي عن عثمان بن الجهم عن زر بن حبيش عن أبي ذر مرفوعاً وقال العقيلي:

 

(10/179)

 

 

"وكيع بن محرز الشامي؛ قال البخاري: عنده عجائب".

قلت: لكن قال نصر بن علي الجهضمي - وهو من الرواة عنه -:

"لا بأس به".

وكذا قال أبو زرعة، وأبو حاتم.

وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الحافظ في "التقريب":

"صدوق له أوهام".

قلت: فهو حسن الحديث إذا لم يخالف.

وبقية رجال الإسناد ثقات؛ غير عثمان بن الجهم؛ وهو مجهول؛ قال الذهبي:

"روى عنه وكيع بن المحرز فقط".

فهو علة هذا الحديث، وإن وثقه ابن حبان؛ لما عرف من تساهله في التوثيق. ومنه يتبين أن قول البوصيري في "زوائده" (218/ 1) :

"إسناده حسن"!

غير حسن (1) . والله أعلم.

__________

(1) لكن استروح الشيخ - رحمه الله - في " الجلباب " (ص 214) إلى تحسينه لغيره؛ فإنه - بعد أن تعقب البوصيري - بهذا الكلام - استثنى فقال:

". . . إلا إن كان يريد أنه حسن لغيره؛ فسائغ. ولعله - لذلك أورده المقدسي في " الأحاديث المختارة "، والله أعلم ".

ويؤيد هذا: أن له شاهداً من حديث الحسن والحسين رضي الله عنهما: عند الطبراني في " الكبير " (3 / 134 / 2906) بإسناد فيه ضعف، والله أعلم. (الناشر) .

 

(10/180)

 

 

4651 - (من لقي العدو، فصبر حتى يقتل أو يغلب؛ لم يفتن في قبره) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 205/ 2) ، والحاكم (2/ 119) عن أبي مطيع معاوية بن يحيى عن نصر بن علقمة عن أخيه محفوظ بن علقمة عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعاً. وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله:

"قلت: معاوية ضعيف" (1) . وقال الحافظ في "التقريب":

"صدوق له أوهام، وغلط من خلطه بالذي قبله (يعني: الصدفي) ؛ فقد قال ابن معين وأبو حاتم وغيرهما: الطرابلسي أقوى من الصدفي. وعكس الدارقطني".

__________

(1) ورجح الشيخ - رحمه الله - في مواضع من كتبه تحسين حديثه؛ فانظر - مثالاً - " ظلال الجنة بتخريج كتاب السنة " (رقم 778) ! (الناشر)

 

(10/181)

 

 

4652 - (من لم يؤمن بالقدر خيره وشره؛ فأنا منه بريء) .

ضعيف

رواه أبو يعلى في "مسنده" (4/ 1516) ، وابن عدي في "الكامل" (32/ 1) عن معتمر: حدثني أشرس بن أبي الحسن (2) عن يزيد الرقاشي عن صالح بن شريح عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال ابن عدي:

"أشرس هذا؛ لا أعرف له من الرواية إلا أقل من عشرة أحاديث، وأرجو أنه لا بأس به".

__________

(2) في مطبوعتي " أبي يعلى " (11 / 288 - 289 / 6404 - دارني) و (6 / 44 / 6373 - إرشاد الحق) : زيادة: (سيف) بين (أشرس) و (يزيد) ! ولا يعرف من سيف هذا؟! (الناشر)

 

(10/181)

 

 

قلت: ويزيد الرقاشي ضعيف.

وصالح بن شريح؛ ترجمه ابن أبي حاتم (2/ 1/ 405) بروايته عن أبي عبيدة ابن الجراح وغيره، ورواية محمد بن زياد الألهاني عنه. وقال:

"سألت أبا زرعة عنه؟ فقال: مجهول".

قلت: ووقع في "مسند أبي يعلى": (صالح بن سرج) ! وبناء على ذلك قال الهيثمي (7/ 206) :

"رواه أبو يعلى، وفيه صالح بن سرج، وكان خارجياً"!

قلت: وما أظنه إلا تصحيفاً؛ فإن صالح بن سرج الخارجي دون صالح بن شريج في الطبقة؛ فإنه من أتباع التابعين، يروي عن عمران بن حطان التابعي الخارجي.

وأما ابن شريج؛ فهو تابعي كما رأيت.

4653 - (من لم يترك ولداً ولا والداً؛ فورثته كلالة) .

ضعيف

أخرجه البيهقي في "سننه" (1) (6/ 224) عن عمار بن رزيق عن أبي إسحاق عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال:

جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) قال ... فذكره. وقال:

__________

(1) وقد أخرجه أبو داود في " المراسيل " (رقم: 371 - المسندة) ، ومن طريقه البيهقي.

وأخرجه موصولا - عن أبي هريرة -: الحاكم (4 / 336) من طريق الحِمَّاني عن يحيى بن آدم عن عمار. . . به. والحماني متهم. (الناشر)

 

(10/182)

 

 

"قال أبو داود (يعني: السجستاني) : وروى عمار عن أبي إسحاق عن البراء في الكلالة؟ قال: "تكفيك آية الصيف". قال البيهقي:

"هذا هو المشهور، وحديث أبي إسحاق عن أبي سلمة منقطع، وليس بمعروف".

قلت: يعني: أنه مرسل؛ لأن أبا سلمة بن عبد الرحمن تابعي.

وأبو إسحاق - وهو السبيعي - مدلس؛ وقد عنعنه، وكان اختلط.

وقد أخرجه الشيخان، وأبو داود (2888 و 2889) ، وأحمد (4/ 293 و 295 و 301) من طرق عن أبي إسحاق مختصراً نحو رواية عمار التي علقها البيهقي. وزاد أبو داود من طريق أبي بكر بن عياش:

فقلت: لأبي إسحاق: هو من مات ولم يدع ولداً ولا والداً؟ قال: كذلك ظنوا أنه كذلك.

قلت: فهذا مما يعل رفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في رواية أبي سلمة.

وقد صح عن الشعبي أنه قال:

سئل أبو بكر عن الكلالة؟ فقال: إني سأقول فيها برأيي؛ فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان، أراه ما خلا الوالد والولد.

فلما استخلف عمر قال: إنى لأستحيي الله أن أرد شيئاً قاله أبو بكر.

أخرجه الدارمي (2/ 365-366) ، والبيهقي.

وروى هذا الأخير عن السميط بن عمير أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:

أتى علي زمان ما أدري ما الكلالة؟! وإذا الكلالة من لا أب له ولا ولد.

وإسناده صحيح.

 

(10/183)

 

 

4654 - (من لم يحلق عانته، ويقلم أظفاره، ويجز شاربه؛ فليس منا) .

ضعيف

أخرجه أحمد (5/ 410) عن ابن لهيعة: حدثنا يزيد بن عمرو المعافري عن رجل من بني غفار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة.

والرجل الغفاري لم يسم فهو مجهول، وليس فيه التصريح بأنه صحابي، حتى يقال: إن الصحابة كلهم عدول؛ فلا يضر عدم تسميته! وكون يزيد بن عمرو - وهو المعافري المصري - من التابعين؛ لا يلزم منه أن يكون شيخه تابعياً مثله أو أكبر منه، وهذا مثله كثير في الأحاديث؛ كما لا يخفى على من تعانى هذا الفن الشريف.

نعم؛ قد صح الشطر الأخير من الحديث؛ بلفظ:

"من لم يأخذ من شاربه فليس منا".

وهو مخرج في "المشكاة" (4438) ، و"الروض النضير" (313) .

(تنبيه) : لقد رأيت هذا الحديث في رسالة "حكم اللحية في الإسلام" للشيخ محمد الحامد رحمه الله (ص 28) معزواً للطبراني عن واثلة!!

ولا أصل له عند الطبراني ولا عند غيره عن واثلة؛ ولم يذكره السيوطي في "جامعيه" إلا من رواية أحمد عن الرجل. وكذلك فعله قبله الهيثمي في "المجمع" (5/ 167) . وقال:

".. وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات"!

 

(10/184)

 

 

كذا قال! وقد عرفت أنه فيه الرجل الذي لم يسم.

4655 - (من لم يخلل أصابعه بالماء؛ خللت بالنار يوم القيامة) .

ضعيف

رواه أبو موسى المديني في "جزء من الأمالي" (62/ 2) عن الهيثم ابن حميد عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن واثلة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ لكن مكحولاً مدلس، وقد عنعنه.

والعلاء بن الحارث - وهو الحضرمي الدمشقي - كان اختلط، ولست أدري إذا كان ذكره في هذا الإسناد محفوظاً! فقد أورد الهيثمي هذا الحديث في "مجمع الزوائد" (1/ 236) ؛ وقال:

"رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه العلاء بن كثير الليثي، وهو مجمع على ضعفه".

قلت: والليثي هذا هو من طبقة الحضرمي، وكلاهما روى عن مكحول. فالله أعلم.

والحديث؛ أشار المنذري في "الترغيب" (1/ 103) إلى ضعفه.

 

(10/185)

 

 

4656 - (من لم يدرك الركعة؛ لم يدرك الصلاة) .

ضعيف

أخرجه البيهقي (2/ 89-90) عن شعبة: حدثنا عبد العزيز بن محمد المكي عن رجل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الرجل لم يسم، وليس في السياق ما يدل على أنه الصحابة؛ لما سبق ذكره قبل حديث.

 

(10/185)

 

 

وعبد العزيز بن محمد المكي لم أجد من ذكره، ولا أورده الحافظ المزي في جملة شيوخ شعبة الذين استقصاهم في "التهذيب" كعادته. والله أعلم.

وقد رواه البيهقي من طريق أخرى عن شعبة عن عبد العزيز بن رفيع عن رجل به، بلفظ:

"إذا جئتم والإمام راكع فاركعوا، وإن كان ساجداً فاسجدوا، ولا تعتدوا بالسجود إذا لم يكن معه الركوع".

وعبد العزيز بن رفيع مكي من شيوخ شعبة الثقات المعروفين؛ فلعل بعض الرواة في الطريق الأولى وهم فسمى أباه محمداً، وإنما هو رفيع!

والحديث بلفظ ابن رفيع صحيح؛ له شواهد من حديث أبي هريرة وغيره، وهو مخرج في "الأحاديث الصحيحة" (1188) وغيره.

وأما لفظ ابن محمد المكي؛ فكأنه مقلوب الحديث الصحيح:

"من أدرك من الصلاة ركعة؛ فقد أدرك الصلاة".

أخرجه الستة وغيرهم، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1026) .

4657 - (من لم يطهره ماء البحر؛ فلا طهره الله) (1) .

ضعيف جداً

أخرجه الدارقطني (ص 13) ، والبيهقي (1/ 4) عن محمد بن حميد الرازي: أخبرنا إبراهيم بن المختار: أخبرنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن سعيد بن ثوبان عن أبي هند [الفراسي] عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال الدارقطني:

"إسناده حسن"!

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " معرفة السنن (ص 63) ". (الناشر)

 

(10/186)

 

 

قلت: وهذا منه عجيب؛ فإن الرازي هذا - مع حفظه - ضعيف، بل اتهمه أبو زرعة وغيره بالكذب.

وإبراهيم بن المختار؛ قال الحافظ:

"صدوق ضعيف الحفظ".

وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز - وهو الأموي؛ مع كونه من رجال الشيخين - مضعف؛ قال الحافظ:

"صدوق يخطىء".

وسعيد بن ثوبان لا يعرف، لم يزد ابن أبي حاتم في ترجمته على قوله (2/ 1/ 9) :

"روى عن أبي بكر بن أبي مريم"!

وأبو هند الفراسي؛ لم أجد من ذكره.

4658 - (من مات على غير وصية؛ لم يؤذن له في الكلام إلى يوم القيامة؛ قالوا: يا رسول الله! أو يتكلمون قبل يوم القيامة؟! قال: نعم؛ ويزور بعضهم بعضاً) .

ضعيف

رواه أبو عمر بن منده في "أحاديثه" (20/ 1) عن أحمد بن بكرويه البالسي: حدثنا زيد بن الحباب: حدثنا أبو محمد الكوفي عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو محمد الكوفي؛ أورده الذهبي ثم العسقلاني - في كنى "الميزان" و "اللسان" -، وقالا:

"وعنه زيد بن الحباب: بخبر باطل".

 

(10/187)

 

 

وكأنهما يشيران إلى هذا.

وأحمد بن بكرويه البالسي؛ قال ابن عدي:

"روى مناكير عن الثقات". وقال الأزدي:

"كان يضع الحديث". وقال الحافظ:

"وله حديث موضوع بسند صحيح".

يعني: أنه هو الذي وضعه وركب عليه الإسناد الصحيح.

وروي الحديث عن قيس بن قبيصة مرفوعاً بلفظ:

"من لم يوص؛ لم يؤذن له في الكلام مع الموتى". قيل: يا رسول الله! وهل يتكلمون؟ قال:

"نعم، ويتزاورون".

ذكره الحافظ في "الإصابة" (3/ 247) من رواية أبي موسى المديني من طريق عبد الله الألهاني عنه وقال:

"سنده ضعيف".

قلت: وعبد الله الألهاني لم أعرفه.

ورواه أيضاً أبو الشيخ في "الوصايا" عن قيس؛ كما في "الجامع الصغير" و "الكبير" أيضاً.

ثم رأيت الحافظ ابن رجب قد أورد الحديث في "أهوال القبور" (ق 95/ 1) ؛ وقال:

 

(10/188)

 

 

"لا يصح، قال أبو أحمد الحاكم: هذا حديث منكر، وأبو محمد هذا رجل مجهول".

قلت: وهذه فائدة كان على الذهبي والعسقلاني أن يذكراها!

4659 - (من مات غدوة؛ فلا يقيلن إلا في قبره، ومن مات عشية؛ فلا يبيتن إلا في قبره) .

ضعيف

رواه ابن عدي (67/ 1) عن الحكم بن ظهير عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً. وقال:

"لم يحدث به عن ليث غير الحكم بن ظهير، وعامة أحاديثه غير محفوظة".

قلت: وهو متروك، واتهمه ابن معين كما في "التقريب".

ثم رواه ابن عدي (75/ 2) عن حماد بن أبي حنيفة عن ليث عن مجاهد مرفوعاً به. وقال:

"وهذا اختلاف على ليث، وليث ليس ممن يعتمد عليه في الحديث". قال:

"وحماد بن أبي حنيفة لا أعلم له رواية مستوية فأذكرها".

ومن الطريق الأولى: أخرجه الطبراني؛ كما في "فيض القدير".

 

(10/189)

 

 

4660 - (من مات محرماً؛ حشر ملبياً) .

ضعيف

أخرجه الخطيب (3/ 338) عن الحسين بن الضحاك الخليع عن الأمين (بن هارون الرشيد) : حدثني أبي عن أبيه المنصور عن أبيه عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه مرفوعاً.

 

(10/189)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من دون أبي المنصور - واسمه محمد بن علي بن عبد الله - غير معروفين برواية الحديث، وبعضهم لم تثبت عدالته، كالأمين - واسمه محمد -؛ قال الحافظ في "اللسان":

"وسيرة الأمين مشهورة في محبة اللهو والخلاعة، واتباع هوى النفس، إلى أن جره ذلك إلى الهلاك، وكان قتله سنة ثمان وتسعين ومئة".

وساق له هذا الحديث الغريب.

والحسين بن الضحاك؛ قال الخطيب (2/ 55) :

"شاعر ماجن مطبوع، حسن الافتنان في ضروب الشعر وأنواعه ... مات سنة خمسين ومئتين".

4661 - (من مات مريضاً مات شهيداً، ووقي فتنة القبر، وغدي وريح عليه برزقه من الجنة) (1) .

موضوع

أخرجه ابن ماجه (1/ 491) ، وابن عدي (325/ 1) ، وأبو بكر القطيعي في "قطعة من حديثه" (69/ 1) ، والحاكم في "علوم الحديث" (178) ، وابن عساكر في "التاريخ" (17/ 208/ 1) عن حجاج بن محمد عن ابن جريج: أخبرني إبراهيم بن محمد بن أبي عطاء عن موسى بن وردان عن أبي هريرة مرفوعاً.

ومن هذا الوجه: أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/ 216-217) . وقال:

"لا يصح، مداره على إبراهيم - وهو ابن أبي يحيى -، وقد كانوا يدلسونه لأنه ليس بثقة، وهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، قال مالك

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن بخطه: " عد (132 / 1) ".

 

(10/190)

 

 

ويحيى بن سعيد وابن معين: هو كذاب، وقال أحمد: قد ترك الناس حديثه، وقال الدارقطني: متروك".

وقد تابع حجاجاً: عبد الرزاق: أنبأنا ابن جريج به.

أخرجه ابن ماجه، وابن الجوزي.

والقداح عن ابن جريج به.

أخرجه أحمد في "الزهد" (20/ 97/ 2) ، وابن الجوزي.

وخالفهم الحسن بن زياد اللؤلؤي فقال: حدثنا ابن جريج عن موسى بن وردان به، فأسقط من السند إبراهيم بن محمد.

أخرجه ابن عدي (89/ 2) . وقال:

"وهذا الحديث يرويه ابن جريج عن إبراهيم بن أبي يحيى عن موسى بن وردان، ويقول: إبراهيم بن أبي عطاء، هكذا يسميه، فإذا روى ابن جريج عن موسى هذا الحديث يكون قد دلسه. والحسن بن زياد ليس صنعته الحديث، وهو ضعيف، وكان يكذب على ابن جريج".

قلت: وكذبه ابن معين مطلقاً، وكذا أبو داود.

وخالفهم جميعاً: الحسن بن قتيبة فقال: حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن محمد بن عمرو عن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة به.

أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (ص 66 - زوائده) : حدثنا الحسن ابن قتيبة به.

ومن طريق الحارث: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 200-201) ، وقال:

 

(10/191)

 

 

"غريب من حديث عبد العزيز عن محمد، ما كتبناه عالياً إلا من حديث الحسن".

قلت: وهو متروك؛ كما قال الدارقطني، وقال الذهبي:

"هو هالك".

وخالفه حفص بن عمر البصري؛ فقال: عن عبد العزيز بن أبي رواد عن طلق عن جابر بن عبد الله مرفوعاً بلفظ:

"من مات غريباً أو غريقاً؛ مات شهيداً".

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 203) . وقال:

"غريب من حديث عبد العزيز عن طلق، لم نكتبه إلا من حديث الباوردي عن حفص".

قلت: وهو ابن عمر بن ميمون العدني أبو إسماعيل؛ الملقب بالفرخ، فهو الذي ذكروا له رواية عن عبد العزيز بن أبي رواد، وهو متروك كما قال الدارقطني.

وجملة القول؛ أن الحديث ليس في شيء من طرقه ما يشد من عضده، ولذلك؛ فإن ابن الجوزي ما جانف الصواب حين حكم عليه بالوضع، لا سيما وقد قال:

"قال أحمد بن حنبل: إنما هو: "من مات مرابطاً"، ليس هذا الحديث بشيء".

ثم روى بإسناده عن إبراهيم بن أبي يحيى الذي في الطريق الأولى؛ قال:

حدثت ابن جريج بهذا الحديث: "من مات مرابطاً ... "؛ فروى عني: "من مات مريضاً ... "، وما هكذا حدثته!

 

(10/192)

 

 

وعقب عليه ابن الجوزي بقوله:

"قلت: ابن جريج هو الصادق".

قلت: وصدق - رحمه الله -؛ فإنه لا يجوز تصديق المتهم في طعنه في الصادق الحافظ كما هو الظاهر.

ومن العجيب: قول ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 364) بعد أن أشار إلى طرقه المتقدمة - أو أكثرها -:

"والحق أنه ليس بموضوع، وإنما وهم راويه في لفظة منه"!!

ثم ذكر قول إبراهيم الآنف الذكر، ثم قال:

"فالحديث إذاً من نوع المعلل أو المصحف".

قلت: ولا يخفى على الناقد البصير أن هذا التحقيق صوري شكلي؛ فإن جزمه بأنه مصحف، معناه أنه موضوع بهذا اللفظ، فما قيمة التحقيق المذكور؟!

تنبيهان:

الأول: قوله في الطريق الأخيرة: "أو غريقاً"! هكذا وقع في "الحلية".

وفي "اللآلىء المصنوعة" (2/ 414) - نقلاً عنها -:

"أو مريضاً". ولعله الأصل. والله أعلم.

والآخر: حديث: "من مات مرابطاً ... " الحديث نحو لفظ الترجمة.

أخرجه أحمد (2/ 404) من طريق ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي هريرة به.

 

(10/193)

 

 

وابن لهيعة - وإن كان سيىء الحفظ -؛ فقد تابعه زهرة بن معبد عن أبيه عن أبي هريرة به.

أخرجه ابن ماجه (2/ 174-175) ، وأبو عوانة في "صحيحه" (8/ 4/ 2) .

قلت: وهذا إسناد لا بأس به في المتابعات.

وأما قول المنذري في "الترغيب" (2/ 151) - وتبعه البوصيري في "الزوائد" (172/ 1) -:

"إسناده صحيح"!!

ففيه نظر بينته في "التعليق الرغيب".

لكن الحديث صحيح بما له من الشواهد، وقد أشرت إليها في المصدر المذكور.

4662 - (من مات من أمتي يعمل عمل قوم لوط؛ نقله الله إليهم حتى يحشر معهم) .

ضعيف جداً

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (11/ 160) عن مسلم بن عيسى: حدثنا أبي: حدثنا حماد بن زيد عن سهيل (!) عن أنس مرفوعاً.

أورده في ترجمة عيسى بن مسلم وحماد بن زيد وإسماعيل بن عياش أحاديث منكرة".

قلت: لكن ابنه مسلم بن عيسى شر منه؛ فقد قال الدارقطني:

"متروك".

 

(10/194)

 

 

واتهمه الذهبي بوضع حديث.

وأما قول السيوطي في "الفتاوي" (2/ 202) :

"وله شاهد أخرجه ابن عساكر عن وكيع قال: سمعنا في حديث: "من مات وهو يعمل عمل قوم لوط؛ سار به قبره حتى يصير معهم، ويحشر معهم يوم القيامة" ... "!

فأقول: هذا مردود من وجهين:

الأول: أن الشاهد لا يقوي الحديث الذي اشتد ضعف سنده؛ كهذا.

والأخر: أنه مقطوع ليس بمرفوع؛ فكيف يصلح شاهداً؟!

4663 - (من مثل بذي حياة؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) .

ضعيف

رواه محمد بن محمد البزار في "حديث أبي عمرو الدقاق" (1/ 178/ 1) عن عطية بن بقية قال: حدثني أبي: حدثنا معان بن رفاعة السلامي قال: حدثني الأصم عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمر رفعه.

وأخرجه الطبراني (3/ 190/ 1) من طريق أخرى عن بقية عن معان بن رفاعة به؛ إلا أنه قال:

" ... بأخيه فعليه ... ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ بقية مدلس وقد عنعنه. وتصريحه بالتحديث في الطريق الأولى مما لا يعتمد عليه؛ لأن عطية بن بقية تفرد به، وقد كانت فيه

 

(10/195)

 

 

غفلة؛ كما قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 381) .

ثم إن مدار الطريقين على الأصم؛ ولم أعرفه (1) .

ومعان لين الحديث كثير الإرسال؛ كما في "التقريب".

4664 - (من مشى إلى رجل من أمتي ليقتله؛ فليقل هكذا، فالقاتل في النار، والمقتول في الجنة) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (2/ 204) ، وأحمد (2/ 96) عن عون بن أبي جحيفة عن عبد الرحمن بن سميرة قال:

"كنت آخذاً بيد ابن عمر في طريق من طرق المدينة؛ إذ أتى على رأس منصوب فقال: شقي قاتل هذا! فلما مضى قال: وما أرى هذا إلا قد شقي؛ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره.

ثم أخرجه أحمد (2/ 100) ، والبخاري في "التاريخ" (3/ 1/ 291) من هذا الوجه؛ بلفظ:

"أيعجز أحدكم - إذا جاءه من يريد قتله - أن يكون كابني آدم؟ ‍‍! القاتل في النار ... " إلخ.

قلت: وإسناده ضعيف؛ لجهالة ابن سميرة؛ فإنهم لم يذكروا له راوياً غير عون ابن أبي جحيفة، ومع ذلك ذكره ابن حبان في "الثقات" (1/ 154) !

__________

(1) الأصم هذا: هو يزيد بن هرمز؛ كما صرّح به الطبراني بعد تخريجه للحديث في " المعجم الكبير " (12 / 211 / 13091) ! (الناشر) .

 

(10/196)

 

 

4665 - (من وافق موته عند انقضاء رمضان؛ دخل الجنة، ومن وافق موته عند انقضاء عرفة؛ دخل الجنة، ومن وافق موته عند انقضاء صدقة؛ دخل الجنة) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 23) ، والقاسم بن عساكر في "التعزية" (2/ 223/ 2) عن نضر بن حماد: حدثنا همام: حدثنا محمد بن جحادة عن طلحة بن مصرف قال: سمعت خيثمة بن عبد الرحمن يحدث عن ابن مسعود مرفوعاً. وقال أبو نعيم:

"غريب من حديث طلحة، لم نكتبه إلا من حديث نضر".

قلت: وهو ضعيف؛ كما في "التقريب".

 

(10/197)

 

 

4666 - (من يتزود في الدنيا؛ ينفعه في الآخرة) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/ 231/ 1) ، وابو بكر المقرىء في "الفوائد" (1/ 101/ 1) ، وأبو الحسن الحربي في "الفوائد المنتقاة" (3/ 153/ 1) ، والبيهقي في "الزهد" (52/ 1 و 86/ 2) ، والسلفي في "الحادي عشر من المشيخة البغدادية" (41/ 2) ، وأحمد بن عيسى المقدسي في "فضائل جرير" (2/ 236/ 2) ، وابن عساكر في "التاريخ" (4/ 3/ 1 و 16/ 198/ 1) عن هشام بن عمار: حدثنا مروان ابن معاوية: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير هشام بن عمار؛ فهو - مع كونه من شيوخ البخاري - متكلم في ضبطه وحفظه؛ قال الذهبي في "المغني":

 

(10/197)

 

 

"ثقة مكثر، له ما ينكر. قال أبو حاتم: صدوق قد تغير، وكان كلما لقن تلقن. وقال أبو داود: حدث بأرجح من أربع مائة حديث لا أصل لها". وقال الحافظ:

"صدوق، مقرىء، كبر فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح".

قلت: ويظهر من كلام أبي حاتم الآتي: أن هذا الحديث من تلك الأحاديث التي أشار إليها أبو داود مما لا أصل له؛ فقد قال ابنه في "العلل" (2/ 135) :

"سألت أبي عن حديث رواه هشام بن عمار ... (فذكره) ؟ فقال أبي:

هذا حديث باطل؛ إنما يروى عن قيس قوله. قلت: ممن هو؟ قال: من هشام ابن عمار، كان هشام بأخرة يلقنونه أشياء فيلقن، فأرى هذا منه".

 

(10/198)

 

 

4667 - (مناولة المسكين تقي ميتة السوء) .

ضعيف

أخرجه البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 180) ، وابن سعد (3/ 488) ، والطبراني (1/ 330/ 1-2 و 331/ 1) ، وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 356) ، وعنه الديلمي (4/ 74) ، والبيهقي في "الشعب" (22 - باب: ق 172/ 2) عن ابن أبي فديك قال: حدثنا محمد بن عثمان عن أبيه قال: قال حارثة بن النعمان: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة محمد بن عثمان وأبيه.

وفي ترجمة الأول أورده البخاري، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

وكذلك صنع ابن أبي حاتم (4/ 1/ 24) .

 

(10/198)

 

 

4668 - (موت العالم ثلمة في الإسلام؛ لا تسد ما اختلف الليل والنهار) .

موضوع

أخرجه البزار في "مسنده" (ص 31) ، والديلمي (4/ 64) من طريق محمد بن عبد الملك عن الزهري عن نافع عن ابن عمر. وعن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن عبد الملك - وهو الأنصاري -؛ قال الحاكم:

"روى عن نافع وابن المنكدر الموضوعات". وقال أحمد:

"كذاب، خرقنا حديثه". وقال البزار عقبه:

"يروي أحاديث لم يتابع عليها، وهذا منها".

وأقره الهيثمي في "المجمع" (1/ 201) .

وقد روي الشطر الأول منه بزيادة من حدبيث أبي الدرداء، وسيأتي تخريجه برقم (4838) .

 

(10/199)

 

 

4669 - (المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة) .

ضعيف

رواه الباطرقاني في "جزء من حديثه" (156/ 2) ، والديلمي (4/ 80) - عن ابن لال معلقاً - عن شريك عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً.

ومن هذا الوجه: رواه ابن عدي (193/ 1) . وقال:

"لا يروى بهذا اللفظ إلا عن شريك؛ وإنما رواه الناس عن الأعمش بلفظ آخر

 

(10/199)

 

 

وهو: "الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم! أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين" ... ".

قلت: وشريك ضعيف؛ لسوء حفظه.

ورواه أبو حفص الكتاني في "حديثه" (133/ 2) عن أبي حفص الأبار قال: أخبرنا منصور عن هلال بن يساف عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال ... فذكره موقوفاً عليه.

وأبو حفص هذا: هو عمر بن عبد الرحمن؛ قال الحافظ:

"صدوق، وكان يحفظ".

قلت: وبقية رجال الإسناد كلهم ثقات، فهو صحيح موقوفاً على علي.

وكأن البغوي لم يقف عليه؛ فقد عزاه في "شرح السنة" (1/ 60/ 2) لبعض أهل العلم ‍

ثم وجدت الأثر في "مصنف ابن أبي شيبة" (1/ 96/ 1) : حدثنا وكيع قال: حدثنا مسور، عن منصور به؛ إلا أنه قال: عن أبي عبد الرحمن - أو هلال عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن - به.

4670 - (المؤمن [منفعة] ؛ إن ماشيته نفعك، وإن شاورته نفعك، وإن شاركته نفعك، وكل شيء من أمره منفعة) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 129) من طريق ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً. وقال:

"غريب بهذا اللفظ، تفرد به ليث عن مجاهد، وهو ثابت صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه" ‍!

 

(10/200)

 

 

قلت: كذا قال! وليث ضعيف مختلط. ولست أدري ما هو اللفظ الآخر الذي أشار إليه أبو نعيم وصححه؟!

4671 - (المؤمن هين لين، تخاله من اللين أحمق) .

ضعيف

أخرجه المخلص في "بعض الخامس من الفوائد" (254/ 1) ، والثقفي في "الثقفيات" (ج 10/ رقم 24) ، والبيهقي في "الشعب" (6/ 272/ 8127) ، والديلمي (4/ 76) من طريق يزيد بن عياض عن الأعرج عن أبي هريرة رفعه.

قلت: وهذا إسناد موضوع؛ يزيد بن عياض كذبه مالك وغيره. وقال البيهقي:

"تفرد به يزيد بن عياض، وليس بقوي، وروي من وجه صحيح مرسلاً"!

كذا قال! وفي ترجمته ليزيد تساهل ظاهر!

وأما المرسل الذي أشار إليه؛ فقد أخرجه عقب هذا من طريق سعيد بن عبد العزيز عن مكحول قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

"المؤمنون هينون لينون؛ كالجمل الأنف: إن قيد انقاد، وإن أنيخ على صخرة استناخ".

وهو - كما ترى - شاهد قاصر لحديث الترجمة؛ ليس فيه:

"تخاله من اللين أحمق"، وقد روي موصولاً، وتكلمت عليه في "الصحيحة" (936) .

ثم رواه البيهقي (8130) من طريق يحيى بن سعيد قال: قال ابن عباس مرفوعاً بلفظ:

 

(10/201)

 

 

"المؤمن لين، حتى يقال من لينه: أحمق".

وهذا معضل.

4672 - (المؤمن لا يثرب على شيء أصابه في الدنيا، إنما يثرب على الكافر) .

ضعيف جداً

أخرجه الطبراني في "معجمه الكبير" (80/ 2) عن الكلبي: حدثني الشعبي عن الحارث عن عبد الله بن مسعود:

أن أبا بكر خرج لم يخرجه إلا الجوع، وأن عمر خرج لم يخرجه إلا الجوع، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج عليهما، وأنهما أخبراه أنه لم يخرجهما إلا الجوع. فقال:

"انطلقوا بنا إلى منزل رجل من الأنصار"، يقال له: أبو الهيثم بن التيهان؛ فإذا هو ليس في المنزل؛ ذهب يستسقي. قال: فرحبت المرأة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبصاحبيه، وبسطت لهم شيئاً، فجلسوا عليه. فسألها النبي - صلى الله عليه وسلم -:

"أين انطلق أبو الهيثم؟ ". قالت: ذهب يستعذب لنا. فلم يلبثوا أن جاء بقربة فيها ماء، فعلقها، وأراد أن يذبح لهم شاة، فكأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره ذاك لهم، قال: فذبح لهم عناقاً، ثم انطلق فجاء بكبائس من النخل، فأكلوا من ذلك اللحم والبر والرطب، وشربوا من الماء. فقال أحدهما - إما أبو بكر وإما عمر -: هذا من النعيم الذي يسأل عنه؟! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الكلبي: اسمه محمد بن السائب بن بشر، النسابة المفسر؛ قال الحافظ:

"متهم بالكذب، ورمي بالرفض".

 

(10/202)

 

 

4673 - (المؤمن يسير المؤنة) .

ضعيف

أخرجه الخطيب (5/ 315) عن محمد بن سهل بن الحسن العطار: حدثنا مضارب بن نزيل الكلبي: حدثنا أبي: حدثنا الفريابي محمد بن يوسف: حدثنا إبراهيم بن أدهم عن محمد بن عجلان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً.

أورده في ترجمة محمد بن سهل هذا، وروى عن الدارقطني أنه قال فيه:

"كان ممن يضع الحديث". وفي رواية عنه:

"متروك". وعن أبي محمد الحسن بن محمد الخلال:

"كان يضع الحديث".

وقال السيوطي: "رواه أبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي في "الشعب" عن أبي هريرة".

أما أبو نعيم؛ فرواه في "الحلية" (8/ 46) ، وعنه الديلمي (4/ 78) من هذا الوجه. وقال ابن الجوزي:

"موضوع، ومحمد بن سهل كان يضع الحديث". قال المناوي:

"وتعقبه المؤلف (السيوطي) بأن له طريقاً آخر عند البيهقي، وهو ما ذكره هنا بقوله: (هب) . رواه عن علي بن أحمد بن عبد ان عن أحمد بن عبيد الصفار عن أبي حكيم الأنصاري عن حرملة بن يحيى عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن يعقوب عن عقبة عن المغيرة بن الأخنس عن أبي هريرة".

 

(10/203)

 

 

قلت: وسكت على هذا الإسناد المناوي.

وأبو حكيم الأنصاري لم أعرفه.

والحديث؛ أورده في "كشف الخفاء" وقال:

"هو موضوع كما قاله الصغاني؛ لكن معناه صحيح"!

قلت: الطريق الثاني يمنع الحكم عليه بالوضع. والله أعلم.

وعلي بن أحمد بن عبد ان، وشيخه أحمد بن عبيد الصفار؛ ثقتان مترجمان في "تاريخ بغداد" (11/ 229) و (4/ 261) .

وأما يعقوب عن عقبة عن المغيرة بن الأخنس؛ فلم أعرفهم! ويغلب على الظن أن فيه تحريفاً، وأن الصواب: يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس؛ فإنه من هذه الطبقة، وهو ثقة، لكنهم لم يذكروا له رواية عن الصحابة؛ فإن كان هو هذا؛ فالحديث منقطع أيضاً. والله أعلم.

ثم تيقنت مما ظننته فقد رأيت الحديث قد أخرجه الضياء المقدسي في "المنتقى من حديث الأمير أبي أحمد وغيره" (ق 268/ 1) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (2/ 2 /2) من طريقين آخرين عن ابن لهيعة عن عقيل بن خالد عن يعقوب ابن عتبة بن المغيرة بن الأخنس عن أبي هريرة مرفوعاً.

فللحديث من هذه الطريق علتان:

الأولى: الانقطاع.

والأخرى: جهالة أبي حكيم.

 

(10/204)

 

 

4674 - (المرأة ترث من دية زوجها وماله، وهو يرث من ديتها ومالها؛ ما لم يقتل أحدهما صاحبه، فإذا قتل أحدهما صاحبه عمداً لم يرث من ديته وماله شيئاً، وإن قتل أحدهما صاحبه خطأ؛ ورث من ماله، ولم يرث من ديته) .

موضوع

أخرجه ابن ماجه (2736) عن محمد بن سعيد - وقال محمد بن يحيى (وهو أحد شيخي ابن ماجه) : عن عمر بن سعيد - عن عمرو بن شعيب: حدثني أبي عن جدي عبد الله بن عمرو:

أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام يوم فتح مكة، فقال ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته محمد بن سعيد؛ وهو المصلوب في الزندقة، وهو كذاب وضاع، وهو عمر بن سعيد نفسه في رواية محمد بن يحيى.

 

(10/205)

 

 

4675 - (المزر كله حرام: أبيضه، وأحمره، وأسوده، وأخضره) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 112/ 2) عن مياح بن سريع عن مجاهد:

أن رجلاً كوفياً سأل ابن عباس عن نبيذ الجر؟ فوضع ابن عباس إصبعيه في أذنيه؛ وقال: صمتا إن كذبت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سمعته يقول ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مياح هذا؛ قال الذهبي:

"مجهول، وله مناكير".

لكن يشهد لطرفه الأول - على الأقل -: ما روى وهيب عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما:

 

(10/205)

 

 

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر الخمر، فقال رجل: يا رسول الله! إنا نتخذ شراباً من هذا المزر؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:

"كل مسكر حرام".

أخرجه الطبراني (3/ 103/ 1) .

قلت: وإسناده صحيح.

4676 - (المستشار مؤتمن؛ فإن شاء أشار، وإن شاء سكت؛ فإن أشار فليشر بما لو نزل به فعله) .

ضعيف جداً (1)

أخرجه القضاعي في "مسنده" (2/ 1) ، والخطابي في "العزلة" (ص 50) عن إبراهيم بن مهدي قال: حدثنا الحسن بن محمد بن محمد البلخي عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن سمرة بن جندب مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ الحسن بن محمد البلخي؛ قال ابن عدي:

"كل أحاديثه مناكير". وقال ابن حبان:

"يروي الموضوعات، لا تحل الرواية عنه".

لكن رواه الطبراني في "الأوسط" من حديث علي مرفوعاً، بلفظ:

"المستشار مؤتمن؛ فإذا استشير فليشر بما هو صانع لنفسه". وقال الهيثمي (8/ 96) :

"رواه عن شيخه أحمد بن زهير عن عبد الرحمن بن عتبة (2) البصري؛ ولم

__________

(1) صحت منه جملة " المستشار مؤمن "؛ فانظر الصحيحة " (تحت 1641) . (الناشر) .

(2) صوابه: " عتيبة " كما في " الإكمال " (6 / 124) . (الناشر) .

 

(10/206)

 

 

أعرفهما، وبقية رجاله ثقات".

قلت: وأحمد بن زهير: هو أحمد بن يحيى بن زهير التستري الحافظ؛ ثقة، ينسب إلى جده! فسبحان ربي لا يضل ولا ينسى!

4677 - (المسلمون إخوة، لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى) .

موضوع

رواه الطبراني (1/ 174/ 2) : حدثنا أبو عبيدة عبد الوارث بن إبراهيم العسكري: أخبرنا عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة: أخبرنا عبيد بن حنين الطائي قال: سمعت محمد بن حبيب بن خراش العصري يحدث عن أبيه مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته ابن جبلة هذا؛ قال الذهبي:

"كذاب. قال أبو حاتم: كان يكذب، فضرب على حديثه. وقال الدارقطني: متروك يضع الحديث".

 

(10/207)

 

 

4678 - (المصيبة تبيض وجه صاحبها يوم تسود الوجوه) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 66/ 2) عن سليمان بن مرقاع الجندعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن ابن عباس مرفوعاً. وقال:

"لم يرو شعيب عن ابن عباس حديثاً غير هذا". قال الهيثمي عقبه:

"قلت: وقد روى عنه غير هذا من قوله وفتواه".

قلت: والجندعي منكر الحديث؛ كما قال العقيلي. وبه أعله الهيثمي في "المجمع" (2/ 291) :

ولذا أشار المنذري في "الترغيب" (4/ 148) إلى تضعيف الحديث.

 

(10/207)

 

 

4679 - (المعتكف يعود المريض، ويشهد الجنازة، فإذا خرج من المسجد؛ قنع رأسه حتى يرجع) .

موضوع

رواه السيوطي في "أربعين حديثاً في الطيلسان" (54/ 2 رقم الحديث 29) من طريق عنبسة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عبد الخالق عن أنس مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته عنبسة هذا؛ قال أبو حاتم:

"كان يضع الحديث".

وعبد الله بن عبد الخالق لم أعرفه.

وقد أخرجه ابن ماجه (1/ 540) من هذه الطريق دون الخروج؛ وقال: (عبد الخالق) مكان: (عبد الله) ؛ ولم ينسبه. وقال الذهبي:

"لا يدرى من ذا! ".

وفي الباب عن عائشة بلفظ:

إن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعود المريض وهو معتكف.

أخرجه أبو داود (2472) عن الليث بن أبي سليم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عنها.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف الليث بن أبي سليم، وكان قد اختلط.

ويعارضه ما روى الزهري عن عروة عنها قالت:

السنة على المعتكف: أن لا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة ...

أخرجه أبو داود (2473) ، والبيهقي (4/ 315،321) من طريقين عنه.

 

(10/208)

 

 

وهذا إسناد صحيح.

ولعل الرواية الأخرى عن الليث عند أبي داود بلفظ:

كان يمر بالمريض وهو معتكف، فيمر كما هو، ولا يعرج يسأل عنه.

قلت: لعلها تلتقي مع رواية الزهري هذه؛ فإنها كالصريحة بأنه لا يعود المريض.

4680 - (المعروف باب من أبواب الجنة، وهو يدفع مصارع السوء) .

موضوع

أخرجه أبو الشيخ في "الثواب"، وابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 422 و 2/ 319) من طريق محمد بن القاسم الأسدي عن عنبسة عن زيد بن أسلم عن أبيه عن [ابن] عمر مرفوعاً. وقال ابن أبي حاتم:

"هذا حديث منكر، وعنبسة ضعيف الحديث".

قلت: بل هو وضاع؛ كما سبق في الحديث الذي قبله.

ومحمد بن القاسم؛ كذبه أحمد والدارقطني، كما نقله المناوي عن الذهبي في "الضعفاء".

 

(10/209)

 

 

4681 - (المعك طرف من الظلم) .

ضعيف

رواه الطبراني (1/ 173/ 1) ، وعنه أبو نعيم (4/ 345-346) : حدثنا العباس بن حمدان الحنفي الأصبهاني: أخبرنا علي بن موسى بن عبيد الحارثي الكوفي: أخبرنا عبيد الله بن موسى: أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حبشي ابن جنادة مرفوعاً. وقال أبو نعيم:

 

(10/209)

 

 

"غريب من حديث أبي إسحاق، تفرد به عبيد الله".

قلت: وهو ثقة. لكن الراوي عنه - علي بن موسى - لم أعرفه.

وأبو إسحاق: هو السبيعي، وهو مدلس مختلط.

4682 - (المنافق لا يصلي الضحى، ولا يقرأ: (قل يا أيها الكافرون)) .

موضوع

أخرجه الديلمي (4/ 81) عن ظفر بن الليث: حدثنا زياد بن صالح: حدثنا عمرو بن إسماعيل عن يعلى بن الأشدق عن عبد الله بن جراد رفعه.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته أحد هؤلاء الأربعة:

الأول: يعلى بن الأشدق؛ قال ابن عدي:

"روى عن عمه عبد الله بن جراد، وزعم أن له صحبه، فذكر أحاديث كثيرة منكرة، وهو وعمه غير معروفين". وقال البخاري:

"لا يكتب حديثه". وقال ابن حبان:

"وضعوا له أحاديث؛ فحدث بها ولم يدر". وقال أبو زرعة:

"ليس بشيء، لا يصدق".

الثاني: عمرو بن إسماعيل؛ الظاهر أنه الهمداني؛ قال الذهبي:

"عن أبي إسحاق السبيعي بخبر باطل في علي عليه السلام وهو: "مثل علي كشجرة أنا أصلها، وعلي فرعها، والحسن والحسين ثمرها، والشيعة ورقها" ... ".

 

(10/210)

 

 

الثالث: زياد بن صالح؛ لم أعرفه.

الرابع: ظفر بن الليث؛ قال الذهبي:

"لا أعرفه، أتى بخبر باطل"، ثم ساق له خبراً في التوحيد، وأنه لا رياء فيه.

4683 - (المنافق يملك عينيه: يبكي كما يشاء) .

ضعيف جداً

رواه أبو بكر الشافعي في "الفوائد" (1/ 26) ، وأبو نعيم في "صفة النفاق" (32/ 1) ، والديلمي (4/ 81) عن إسحاق بن محمد الفروي عن عيسى بن عبد الله - يعني: ابن محمد بن علي - عن أبيه عن جده عن أبي جده عن علي مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عيسى هذا؛ قال أبو نعيم:

"روى عن آبائه أحاديث مناكير، لا يكتب حديثه، لا شيء". وقال ابن عدي:

"حدث عن آبائه بأحاديث غير محفوظة، بأحاديث مناكير".

 

(10/211)

 

 

4684 - (المهدي رجل من ولدي، وجهه كالكوكب الدري، اللون لون عربي، والجسم جسم إسرائيلي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، يرضى خلافته أهل السماء وأهل الأرض والطير في الجو، يملك عشرين سنةً) .

باطل

أخرجه الديلمي (4/ 84-85) - عن أبي نعيم والروياني معلقاً - عن محمد بن إبراهيم بن كثير الأنطاكي عن رواد بن الجراح عن سفيان عن منصور عن ربعي عن حذيفة رفعه.

 

(10/211)

 

 

قلت: وهذا موضوع؛ آفته الأنطاكي هذا؛ قال الذهبي:

"روى عن رواد بن الجراح خبراً باطلاً أو منكراً في ذكر المهدي (يعني: هذا) . قال عبد الرحمن بن حمدان الجلاب: هذا باطل، ومحمد الصوري (يعني: الأنطاكي) لم يسمع من رواد، وكان هذا غالياً في التشيع". قال الحافظ في "اللسان":

"وهذا الكلام - برمته - منقول من "كتاب الأباطيل" للجورقاني. ومحمد بن إبراهيم؛ قد ذكره ابن حبان في (الثقات) ".

قلت: فإن ثبت أنه ثقة؛ فالعلة من رواد بن الجراح؛ فإنه - وإن كان صدوقاً؛ فقد كان - اختلط بآخره فترك؛ كما في "التقريب"، فيكون الحديث من تخاليطه.

4685 - (الموت كفارة لكل مسلم) .

موضوع

وله طريقان عن أنس:

الأولى: عن أبي بكر محمد بن أحمد المفيد قال: نبأنا أحمد ابن عبد الرحمن السقطي قال: نبأنا يزيد بن هارون قال: أنبأنا عاصم الأحول عنه مرفوعاً.

أخرجه أبو المظفر الجوهري في "العوالي الحسان" (ق 161/ 1) ، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 121) و "الفوائد" (5/ 217/ 1-2) ، وعنه الخطيب في "التاريخ" (1/ 247) ، وكذا الديلمي (4/ 88) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (3/ 218) ، وابن عساكر في "التاريخ" (14/ 361/ 1-2) ، وابنه القاسم في "التعزية" (2/ 216/ 1) ، والحافظ في "اللسان" (1/ 211) .

وهذا إسناد مجهول؛ أورده الخطيب في ترجمة أبي بكر المفيد، وقال:

 

(10/212)

 

 

"روى مناكير عن مشايخ مجهولين، منهم أحمد بن عبد الرحمن السقطي، روى عنه جزءاً عن يزيد بن هارون. والسقطي هذا مجهول، ولا أعلم أحداً من البغداديين وغيرهم عرفه ولا روى عنه سوى المفيد، وأكثر أحاديث السقطي عن يزيد صحاح ومشاهير؛ إلا هذا الحديث، وهو إنما يحفظ من رواية مفرج بن شجاع الموصلي عن يزيد". وقال الذهبي في ترجمة السقطي:

"شيخ لا يعرف إلا من جهة المفيد، روى عن يزيد خبراً موضوعاً".

قلت: يشير إلى هذا. وقال في المفيد:

"وهو متهم".

ووافقه الحافظ. وقال ابن الجوزي:

"حديث لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن أبا بكر المفيد ضعيف جداً، والسقطي مجهول".

وأما رواية مفرج بن شجاع؛ فقال أبو علي الصواف في "الفوائد" (3/ 167/ 2) : حدثنا بشر بن موسى: حدثنا مفرج بن شجاع: حدثنا يزيد بن هارون به. ومن طريق الصواف: أخرجه أبو نعيم في "فوائده".

وأخرجه ابن شاذان في "مشيخته الصغرى" (53/ 1) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (7/ 1/ 1) ، والخطيب أيضاً، وعنه ابن الجوزي. وقالا:

"قال الأزدي: مفرج بن شجاع واهي الحديث. ومفرج في عداد المجهولين، والحديث عن يزيد شاذ، مع أنه قد روي عن نصر بن علي الجهضمي أيضاً عن يزيد، وليس بثابت عنه. ورواه إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله التيمي عن

 

(10/213)

 

 

الحسن بن صالح عن عاصم الأحول. وإسماعيل كان كذاباً. ورواه أصرم بن غياث النيسابوري عن عاصم الأحول. وأصرم لا تقوم به حجة".

قلت: وقد وصل رواية أصرم: أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 231) ؛ لكن وقع فيه حفص بن غياث!

والظاهر أنه تحريف من بعض الناسخين أو الطابع.

وأما أصرم بن غياث؛ فقال أحمد والبخاري والرازي والدارقطني:

"منكر الحديث".

وتابعه حفص بن عبد الرحمن عن عاصم الأحول به.

أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (125 و 438) من طريق داود بن المحبر عن خضر بن جميل قال: حدثنا حفص ... وقال:

"خضر وحفص مجهولان، وحديثهم غير محفوظ، قد روي بغير هذا الإسناد من وجه لين".

قلت: وداود بن المحبر متروك متهم بالوضع.

وقوله: "خضر" تصحيف، والصواب أنه "نضر"؛ كما قال الحافظ.

والطريق الأخرى: يرويه الحسن بن عمرو بن شفيق: أخبرنا أصرم بن عتاب عن حميد قال: سمعت أنس بن مالك يقول ... فذكره موقوفاً عليه.

أخرجه القاسم بن عساكر.

وأصرم بن عتاب لم أعرفه؛ بل الظاهر أن (عتاب) محرف من (غياث) ، وقد عرفت أنه منكر الحديث.

 

(10/214)

 

 

وبالجملة؛ فالحديث ضعيف جداً من جميع طرقه. قال الحافظ:

"قلت: وقد جمع شيخنا الحافظ أبو الفضل بن العراقي طرقه في جزء، والذي يصح في ذلك حديث حفصة بنت سيرين عن أنس رضي الله عنه بلفظ: "الطاعون كفارة لكل مسلم". أخرجه البخاري".

4686 - (ناموا؛ فإذا انتبهتم فأحسنوا) .

ضعيف

رواه أبو سعيد بن الأعرابي (88/ 1) ، والهيثم بن كليب في "المسند" (49/ 1-2) ، والبزار (79 - زوائده) ، والجرجاني في "الفوائد" (148/ 1-2) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 36/ 2) عن يحيى بن المنذر الحجري: حدثنا إسرائيل عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عن مسروق عن عبد الله مرفوعاً. وقال البزار:

"تفرد به يحيى بن المنذر، وهو ضعيف".

قلت: وهو الكندي؛ قال الذهبي:

"ضعفه الدارقطني وغيره. وقال العقيلي: في حديثه نظر".

 

(10/215)

 

 

4687 - (نبات الشعر في الأنف أمان من الجذام) .

موضوع

روي من حديث عائشة، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس، وأبي هريرة، ومجاهد موقوفاً عليه.

1- أما حديث عائشة؛ فيرويه أبو الربيع السمان: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً.

أخرجه البغوي في "حديث كامل بن طلحة الجحدري" (2/ 1) ، وأبو يعلى (7/ 4368) ، والطبراني في "الأوسط" (390 - حرم) ، وابن عدي (24/ 1) ، والسهمي

 

(10/215)

 

 

في "تاريخ جرجان" (149) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 169) وغيرهم عن أبي الربيع السمان: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عنها مرفوعاً. وقال الطبراني:

"لم يروه عن هشام إلا أبو الربيع"!

كذا قال! وذلك على ما أحاط به علمه؛ وإلا فقد قال ابن عدي:

"قال لنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز (يعني: الحافظ البغوي) : "وهذا الحديث عندي باطل".

قلت: وذلك لأن أبا الربيع متروك؛ كما في "التقريب". ثم قال:

"وهذا الحديث قد سرقه من أبي الربيع السمان جماعة ضعفاء، منهم: نعيم ابن مورع، ويعقوب بن الوليد الأزدي، ويحيى بن هاشم الغساني، وغيرهم".

قلت: رواية نعيم؛ وصلها العقيلي في "الضعفاء" (436) ، والبزار (3030) ، وابن الجوزي (1/ 169،170) من طريقين عنه: حدثنا هشام بن عروة به.

ونعيم هذا - وهو ابن مورع بن توبة العنبري - متروك؛ قال البخاري:

"منكر الحديث". وقال الحاكم، وأبو سعيد النقاش:

"روى عن هشام أحاديث موضوعة".

ورواية الغساني؛ وصلها ابن الأعرابي في "المعجم" (32/ 1) ، والخطيب في "التاريخ" (12/ 437 و 13/ 141) ، وابن عساكر في "التاريخ" (2/ 93/ 2) ، وابن الجوزي (1/ 169،170) .

والغساني؛ قال الذهبي:

 

(10/216)

 

 

"كذبه يحيى بن معين. وقال النسائي وغيره: متروك. وقال ابن عدي: كان يضع الحديث ويسرقه. ومن بلاياه ... ".

قلت: فساق له أحاديث، هذا أحدها!

وأما رواية يعقوب بن الوليد؛ فلم أجد الآن من وصلها. وقد كذبه أحمد وغيره.

2- وأما حديث جابر؛ فيرويه شيخ بن أبي خالد الصوفي البصري: حدثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عنه.

أخرجه ابن عدي (198/ 1) مع أحاديث أخرى لشيخ هذا، ثم قال:

"ليس بمعروف، وهذه الأحاديث بواطيل كلها".

وذكر له ابن الجوزي طريقاً أخرى فيها حمزة النصيبي؛ قال ابن عدي:

"كان يضع الحديث".

3- وأما حديث ابن عباس؛ فيرويه فهر بن بشر: حدثنا عمر بن موسى عن الزهري عن الأعمش عنه مرفوعاً.

أخرجه ابن عدي (240/ 2) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 116) .

وعمر بن موسى هذا: هو الوجيهي؛ كما قال ابن الجوزي (1/ 170) ، وهو ممن يضع الحديث متناً وإسناداً؛ كما قال ابن عدي.

وفهر بن بشر؛ قال ابن القطان:

"لا يعرف".

 

(10/217)

 

 

4- وأما حديث أبي هريرة؛ فيرويه أبو صالح: حدثنا رشدين عن عقيل عن ابن شهاب عن أبي سلمة عنه.

أخرجه ابن عدي (136/ 1) : حدثنا علي بن الحسن بن هارون البلدي: حدثنا إسحاق بن سيار: حدثنا أبو صالح به. وقال:

"وهذا الحديث منكر بهذا الإسناد، ولم أكتبه إلا عن علي بن الحسن هذا".

قلت: وهو مستور؛ قال ابن يونس:

"هو من أهل بلد (بلدة قرب الموصل) ، قدم علينا مصر، وكتبنا عنه، حدث عن علي بن حرب الموصلي".

كذا في "أنساب السمعاني" (2/ 307 - هندية) .

وإسحاق بن سيار؛ الظاهر أنه أبو يعقوب النصيبي؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 223) :

"أدركناه، وكتب إلي ببعض حديثه، وكان صدوقاً ثقة".

وأبو صالح: اسمه عبد الله بن صالح؛ من شيوخ البخاري؛ قال الحافظ:

"صدوق، كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة".

قلت: ومن غفلته: أن خالد بن نجيح - جار له - كان يضع الحديث على شيخ أبي صالح، ويكتبه بخط عبد الله، ويرميه في داره بين كتبه، فيتوهم عبد الله أنه خطه فيحدث به؛ كما قال ابن حبان. ومن هنا وقعت المناكير في حديثه؛ وإلا فهو صدوق في نفسه.

ورشدين: هو ابن سعد المصري؛ وهو ضعيف؛ بل قال النسائي:

 

(10/218)

 

 

"متروك".

وقدم أحمد وأبو حاتم ابن لهيعة عليه!

5- وأما أثر مجاهد؛ فرواه الفريابي محمد بن يوسف عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال ... فذكره.

أخرجه ابن عدي (366/ 2) ، وابن أبي حاتم في "العلل" (2/ 347/ 2564) وقال:

"ثم رجع عنه الفريابي: وقال: قال لي يحيى بن معين: هذا حديث كذب. وجعل يستعظم زلته فيه؛ وقال: لولا أن الفريابي شيخ صالح؛ ولكني أظنه يحمل عليه فيه"!

كذا الأصل! وفي الجملة الأخيرة منه شيء. وقال ابن عدي - عن ابن معين -:

"وهذا حديث باطل لا أصل له".

رواه من طريق عباس عنه.

وقد رأيته في كتاب "التاريخ والعلل" ليحيى بن معين (ق 22/ 1 - رواية عباس الدوري عنه) .

وجملة القول في هذا الحديث؛ أن طرقه كلها واهية جداً، وبعضها أشد ضعفاً من بعض، ولذلك جزم ببطلانه جماعة من الأئمة؛ كابن معين، والبغوي، وابن عدي، وجزم ابن الجوزي بوضعه، وتبعه الحافظ الذهبي حين قال:

"إنه من بلايا الغساني".

وأما قول السيوطي في "اللآلىء" (1/ 123) - متعقباً على ابن الجوزي -:

 

(10/219)

 

 

"قلت: الأشبه أنه ضعيف، لا موضوع، وأصلح طرقه رشدين، وطريق أبي الربيع السمان، روى له الترمذي وابن ماجه ... "!

قلت: قد رويا له؛ فماذا؟! بل نفرض أنهما وثقاه؛ فما قيمة ذلك إذا اتفق العلماء على ضعفه؛ كما قال ابن عبد البر، واتهمه بعضهم بالكذب. ولذلك قال الحافظ:

"متروك"؛ كما سبق.

هذا على الفرض المذكور، فكيف وهما لم يوثقاه؟! فكيف وهما قد خرجا لكثير من المتروكين، بعضهم متهم بالوضع؛ كما هو معروف عند العارفين بهذا الشأن؟!

وأما طريق رشدين؛ فمع كونه هو نفسه ضعيفاً؛ ففي الطريق إليه ما عرفت من العلل، خاصة أبا صالح الذي كانت توضع الأحاديث على شيوخه، فيرويها عنهم دون أن يشعر بذلك!

ثم إن حكم السيوطي على الحديث بالضعف فقط - خلافاً لأولئك الأئمة -، إنما هو موقوف منه عند ظاهر حال الراوي، يعني: أنه نقد الحديث بالنظر إلى سنده فقط! وأما أهل التحقيق؛ فإنهم ينظرون في هذه الحالة إلى متن الحديث أيضاً، فينقدونه بما يظهر لهم من نكارة في معناه.

وهذا مما لا يلتفت إليه السيوطي إلا نادراً، ولذلك فهو ليس معدوداً عند أهل العلم من النقاد، وإنما من الحفاظ فقط، ولذلك وقعت الأحاديث الموضوعة في كتبه، وبعضها موضوعة السند أيضاً، كما يتبين ذلك لمن تتبع هذه "السلسلة" من الأحاديث الضعيفة والموضوعة.

 

(10/220)

 

 

ألا ترى إلى أثر مجاهد المتقدم؛ فإنه - مع كونه موقوفاً عليه، ورجاله ثقات رجال الشيخين - حكم ابن معين وابن عدي ببطلان متنه، ونسبوا الوهم فيه إلى الفريابي الثقة، وما ذلك إلا تبرئة منهم لمجاهد أن يروي مجرد رواية لمثل هذا الحديث الباطل، فمن باب أولى أن يبرئوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتلفظ به!

وأما على طريقة السيوطي التي لا تتعدى الإسناد في النقد؛ فهو يلزمه أن يقول: إن مجاهداً قد قال هذا الحديث موقوفاً عليه! ولعل هذا هو السبب في عدم إيراده هذا الأثر في جملة الطرق التي استدركها على ابن الجوزي، وذلك لما أرى أن نقد ابن معين وغيره إياه يخالف طريقته في الجمود على نقد السند فقط!

وخلاصة القول؛ أن الحديث من جميع طرقه موضوع المتن. والله أعلم.

4688 - (نحن - ولد عبد المطلب - سادة أهل الجنة: أنا، وحمزة، وعلي، وجعفر، والحسن، والحسين، والمهدي) .

موضوع

أخرجه ابن ماجه (2/ 519) ، والحاكم (3/ 211) كلاهما عن سعد ابن عبد الحميد بن جعفر عن علي (وقال الحاكم: عبد الله) بن زياد اليمامي عن عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك مرفوعاً. وقال الحاكم:

"صحيح على شرط مسلم"! ورده الذهبي بقوله:

"قلت: ذا موضوع".

قلت: وآفته علي، والصواب: عبد الله كما في رواية الحاكم، كما جزم به في "التهذيب"، وهو مع أنه ليس من رجال مسلم؛ فقد قال فيه البخاري:

"منكر الحديث، ليس بشيء".

 

(10/221)

 

 

وسعد بن عبد الحميد؛ لم يرو له مسلم أيضاً، وهو صدوق له أغاليط.

وللحديث طريق أخرى لا يفرح بها: أخرجها الخطيب في "التاريخ" (9/ 434) ، والديلمي (4/ 105) كلاهما عن أبي نعيم بسنده عن عبد الله بن الحسن بن إبراهيم الأنباري: حدثنا عبد الملك بن قريب - يعني: الأصمعي - قال: سمعت كدام بن مسعر بن كدام يحدث عن أبيه عن قتادة عن أنس به. وقال الخطيب:

"هذا الحديث منكر جداً، وهو غير ثابت، وفي إسناده غير واحد من المجهولين".

أورده في ترجمة الأنباري هذا، ولم يذكر فيها سوى هذا الحديث، فكأنه أحد المجهولين الذين أشار إليهم.

وفي ترجمته قال الذهبي:

"عن الأصمعي بخبر باطل في المهدي".

يعني: هذا. وأقره الحافظ في "اللسان"، وقال:

"رواه الخطيب في "تاريخه" ... " إلخ.

وكدام بن مسعر؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 2/ 174) :

"روى عنه يحيى بن سعيد القطان وعبد الله بن داود الخريبي".

ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فكأنه من أولئك المجهولين عند الخطيب.

4689 - (نطفة الرجل بيضاء غليظة، ونطفة المرأة صفراء رقيقة، فأيهما غلبت صاحبتها فالشبه له، وإن اجتمعتا جميعاً؛ كان منها ومنه) (1) .

ضعيف بهذا التمام

أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (222/ 1) عن إبراهيم

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن بخطه: " ك (3 / 481) ". (الناشر)

 

(10/222)

 

 

ابن طهمان عن مسلم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

أتى نفر من اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن أخبرنا بما نسأله فإنه نبي. فقالوا: من أين يكون الشبه يا محمد؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ إن كان مسلم هو ابن عمران البطين.

وأما إن كان ابن كيسان الملائي الأعور؛ فهو ضعيف؛ لم يخرج له البخاري ولا مسلم شيئاً.

وكلاهما يروي عن مجاهد، ولم يذكرهما المزي في شيوخ إبراهيم بن طهمان؛ فلم يتبين لي أيهما المراد الآن؟!

ثم رجعت إلى "مشيخة إبراهيم بن طهمان" (1) لعلي أجد فيه ما يساعدني على التحديد، فلم أجد في "مشيخته" من اسمه "مسلم" مطلقاً.

ولذلك؛ فإني أتوقف عن الحكم على هذا الإسناد بصحة أو ضعف، حتى يتبين لي هوية مسلم هذا.

وللحديث طريق أخرى عن ابن عباس؛ يرويه عبد الحميد: حدثنا شهر: قال ابن عباس:

حضرت عصابة من اليهود نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً؛ فقالوا ... الحديث نحوه، دون قوله:

"وإن اجتمعتا جميعاً؛ كان منها ومنه".

__________

(1) مخطوط محفوظ في " المكتبة الظاهرية " بدمشق في جزأين صغيرين

 

(10/223)

 

 

أخرجه أحمد (1/ 278) .

وإسناده حسن في الشواهد والمتابعات.

والحديث صحيح بلا ريب؛ دون الزيادة التي في الطريق الأولى؛ فإني لم أجد لها شاهداً يقويها، فلعل ذلك يمكننا من ترجيح أن (مسلماً) الذي في طريقها هو (ابن كيسان) الضعيف!

وأما الحديث بدونها؛ فقد أخرجه أبو الشيخ (221/ 2) ، وأحمد (1/ 465) من طريق أبي كدينة عن عطاء بن السائب عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود به؛ دون الزيادة.

ورجاله ثقات.

وأخرجه مسلم، وأبو عوانة في "صحيحيهما" من حديث أنس مرفوعاً؛ دون الزيادة أيضاً، وقد سبق تخريجه برقم (1342) من "الصحيحة".

وأخرجه مسلم أيضاً (1/ 173-276) ، وأبو عوانة (1/ 293-294) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 275-276) ، والحاكم (1/ 481) - فوهم! - من حديث ثوبان؛ دونها.

4690 - (نظر الرجل إلى أخيه المسلم حباً له وشوقاً إليه؛ خير له من اعتكاف سنة في مسجدي هذا) .

ضعيف

أخرجه الديلمي (4/ 103) معلقاً قال: قال ابن لال: حدثنا محمد ابن معاذ بن فهد: حدثنا إبراهيم بن زهير الحلواني: حدثنا يحيى بن يزيد: حدثنا ابن المبارك عن محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر رفعه.

 

(10/224)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ من دون ابن المبارك لم أعرفهم؛ غير ابن فهد - وهو الشعراني أبو بكر النهاوندي الحافظ -؛ قال الذهبي:

"واه، روى عن إبراهيم بن ديزل، بقي إلى سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة".

والحديث؛ أورده السيوطي من رواية الحكيم عن ابن عمرو. وقال المناوي:

"وهو من رواية عمرو بن شعيب؛ عن أبيه؛ عن جدة"!

فلم يصنع شيئاً، بل لعله أوهم ما لا يقصد؛ فإن هذا السند حسن؛ إذا كان من دون عمرو ثقة، فهل الواقع كذلك؟ هذا هو الذي كان يجب عليه أن يبينه إن كان ذلك في طوقه!

ثم روى الديلمي (4/ 105) من طريق محمد بن عبد ة عن أبي إسحاق الطالقاني عن بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ:

"النظر إلى وجه الإخوان على الشوق؛ أحب إلي من ألف ركعة تطوعاً".

قلت: وهذا آفته محمد بن عبد ة؛ وهو أبو عبيد الله البصري القاضي، وهو من المتروكين، كما قال البرقاني وغيره. وقال ابن عدي:

"كذاب".

4691 - (نعلان أجاهد فيهما؛ خير من أن أعتق ولد الزنى) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (2531) ، والحاكم (4/ 41) ، وأحمد (6/ 463) ، وابن راهويه في "مسنده" (4/ 253/ 1) عن أبي يزيد الضني عن ميمونة بنت سعد مولاة النبي - صلى الله عليه وسلم -:

أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن ولد الزنى؛ فقال ... فذكره.

 

(10/225)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ غير الضني هذا؛ فإنه مجهول كما قال الحافظ، تبعاً للبخاري وغيره. وقال عبد الغني بن سعيد:

"منكر الحديث".

وبهذا الإسناد عنها:

أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن رجل قبل امرأته وهما صائمان؟ قال:

"قد أفطرا".

أخرجه ابن راهويه وغيره.

وهو باطل مخالف لهديه - صلى الله عليه وسلم -.

4692 - (نعم الحي الأسد والأشعريون؛ لا يفرون في القتال، ولا يغلون، هم مني، وأنا منهم) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (2/ 330) ، وابن الأعرابي في "معجمه" (211/ 2) ، والدولابي في "الكنى" (1/ 41-42) ، وابن أبي خيثمة في "التاريخ" (114) ، والحاكم (2/ 138-139) ، وأحمد (4/ 129،164) ، وعنه ابن منده في "المعرفة" (2/ 35 و 36) عن عبد الله بن ملاذ عن نمير بن أوس عن مالك بن مسروح عن عامر بن أبي عامر الأشعري عن أبيه مرفوعاً. قال:

فحديث بذلك معاوية، فقال: ليس هكذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! قال:

"هم مني وإلي". فقلت: ليس هكذا حدثني أبي، ولكنه حدثني قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:

"هم مني، وأنا منهم". قال: فأنت أعلم بحديث أبيك! وقال الترمذي:

 

(10/226)

 

 

"حديث حسن غريب"! وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!

وهذا عجيب؛ فإن عبد الله بن ملاذ لم يوثقه أحد؛ بل أورده الذهبي نفسه في "الميزان"؛ وقال:

"قال ابن المديني: مجهول". ولذلك جزم الحافظ في "التقريب" بأنه:

"مجهول".

4693 - (نعم تحفة المؤمن التمر) .

ضعيف

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (8/ 289) عن إسماعيل بن محمد ابن إسماعيل الكاتب: حدثنا أبو محمد حبان بن محمد بن إسماعيل الواسطي: حدثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد بن أبي مسرة: حدثنا أحمد بن محمد الأزرقي: حدثنا عبد العزيز عن محمد بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أمه فاطمة أنها قالت قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل؛ فاطمة هذه: هي بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، فهي فاطمة الصغرى، وليست الكبرى؛ كما أوهم السيوطي بإطلاقه عزو الحديث إليها في "الجامع الصغير"!

وحبان هذا؛ لم يذكر له الخطيب راوياً عنه سوى إسماعيل الكاتب، فهو مجهول.

وكان يلزم الذهبي والعسقلاني أن يذكراه في كتابيهما "الميزان" و "اللسان"، لا سيما والراوي عنه إسماعيل بن محمد بن إسماعيل - وهو أبو القاسم المعروف بابن زنجي - قد ترجمه الخطيب أيضاً (6/ 308) ، وقال:

 

(10/227)

 

 

"سمعت أبا القاسم الأزهري ذكر أبا القاسم الزنجي، فقال: لا يساوي شيئاً"!

4694 - (نوروا بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر) .

ضعيف بهذا اللفظ

أخرجه القضاعي (59/ 1) من طريق علي بن داود القنطري قال: أخبرنا آدم بن أبي إياس: أخبرنا شعبة عن أبي داود عن زيد بن أسلم عن عمرو بن لبيد عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

وأخرجه الخطيب (13/ 45) من طريق موسى بن عبد الله بن موسى القراطيسي أبي عمران البغدادي: حدثنا آدم بن أبي إياس: حدثنا شعبة عن داود به. وقال:

"كذا قال، وإنما يحفظ هذا من رواية بقية بن الوليد عن شعبة عن داود. وأما آدم فيرويه عن شعبة عن أبي داود عن زيد بن أسلم".

ذكره في ترجمة القراطيسي هذا، ولم يذكر فيها سوى هذا الحديث، فهو مجهول. وقد خالفه علي بن داود القنطري - كما رأيت -؛ فقال: "أبي داود"، وهو - أعني: القنطري - صدوق. ولذلك كانت روايته هي المحفوظة كما سبق عن الخطيب.

وعليه؛ فالحديث بهذا اللفظ والسند ضعيف؛ لأن أبا داود هذا؛ قال الذهبي:

"شيخ لشعبة، واسطي مجهول".

والحديث محفوظ عن رافع بلفظ:

"أسفروا بالفجر ... ".

وهو مخرج في "المشكاة" (614) ، و"الإرواء" (258) .

 

(10/228)

 

 

4695 - (نوروا بيوتكم ما استطعتم؛ فإن البيت الذي يقرأ فيه القرآن؛ يتسع على أهله، ويكثر خيره، وتحضره الملائكة، وتهجره الشياطين، وإن البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن؛ يضيق على أهله، ويقل خيره، وتهجره الملائكة، وتحضره الشياطين) .

ضعيف

أخرجه الديلمي (4/ 92-93) عن أبي نعيم - معلقاً - عن عمرو ابن أبي قيس عن [عبد الرحمن بن عبد الله بن] عبد ربه أبي سفيان عن عمر بن نبهان عن الحسن عن أنس وأبي هريرة قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علل:

الأولى: عنعنة الحسن - وهو البصري -؛ فإنه مدلس.

الثانية: عمر بن نبهان - وهو العبد ي البصري -؛ أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال:

"ضعفه أبو حاتم وغيره". وقال الحافظ:

"ضعيف".

وعمرو بن أبي قيس صدوق له أوهام.

والحديث؛ أورده السيوطي من رواية البيهقي في "الشعب" عن أنس وحده مختصراً؛ بلفظ:

"نوروا منازلكم بالصلاة وقراءة القرآن". وقال المناوي:

"وفيه كثير؛ قال ابن حبان: هو ابن عبد الله، يروي عن أنس، ويضع عليه.

 

(10/229)

 

 

وقال أبو حاتم: لا يروي عن أنس حديثاً له أصل. وقال أبو زرعة: واهي الحديث".

قلت: إسناد الديلمي سالم من مثله، فلو عزاه إليه كان أولى!

4696 - (نوم الصائم عبادة، وسكوته تسبيح، ودعاؤه مستجاب، وعمله متقبل) .

ضعيف

رواه أبو محمد بن صاعد في "مسند ابن أبي أوفى" (120/ 2) ، والديلمي (4/ 93) ، والواحدي في "الوسيط" (1/ 65/ 1) عن سليمان بن عمرو عن عبد الملك بن عمير عن ابن أبي أوفى مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ سليمان بن عمرو: هو أبو داود النخعي، وهو كذاب.

وقد تابعه أبو معاذ معروف بن حسان عن زياد الأعلم عن عبد الملك بن عمير به. إلا أنه قال:

"مضاعف" بدل: "متقبل".

أخرجه ابن شاهين في "الترغيب" (ق 283/ 1) ، وابن الحمامي في "جزء منتخب من مسموعاته" (ق 35/ 2) ، والسلفي في "أحاديث منتخبة" (133/ 1) .

قلت: ومعروف هذا؛ أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال:

"قال ابن عدي: منكر الحديث".

وقد وجدت له شاهداً من حديث ابن مسعود مرفوعاً به، دون الجملة الأخيرة منه.

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 83) من طريق جعفر بن أحمد بن بهرام

 

(10/230)

 

 

قال: حدثنا علي بن الحسن عن أبي طيبة عن كرز بن وبرة عن الربيع بن خثيم عنه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ كرز بن وبرة رجل صالح، لا أعرف حاله في الحديث، ترجم له أبو نعيم في "الحلية" (5/ 79-83) ؛ وأظن أن له ترجمة مطولة في "تاريخ جرجان" للسهمي؛ فليراجع (1) .

وأبو طيبة: اسمه عبد الله بن مسلم المروزي: ضعيف.

ومن دونه؛ لم أعرفهما.

وقد روي بلفظ:

"نوم الصائم عبادة، ونفسه تسبيح".

رواه الجرجاني (328) : أخبرنا أبو ذر إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الضبابي - بالكوفة في بني كاهل، عند مسجد الأعمش -: حدثنا جعفر بن محمد النيسابوري: حدثنا علي بن سلمة العامري: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: حدثني أبي عن أبيه مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد مظلم؛ فإنه - مع إعضاله - واه؛ محمد بن جعفر تكلم فيه.

ومن دونه - بإستثناء أبي ذر -؛ لم أعرفهما.

4697 - (نوم على علم؛ خير من صلاة على جهل) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (4/ 385) ، وعنه الديلمي (4/ 93) عن عبد الرحمن بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن يحيى الصوفي قال: أخبرنا محمد بن

__________

(1) ذكر الشيخ - رحمه الله - في " الصحيحة " (2 / 637) ؛ وأفاد أنه وثقه ابن حبان (9 / 27) ، وروى عنه جمع من الثقات، ذكرهم ابن أبي حاتم (7 / 170) .

 

(10/231)

 

 

يحيى الضرير (وفي الديلمي: بن الضريس) ، قال: حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه، عن إسماعيل عن الأعمش عن أبي البختري عن سلمان مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد مظلم؛ من دون الأعمش لم أعرفهم.

وأحمد بن يحيى الصوفي؛ الظاهر أنه أبو عبد الله المعروف بابن الجلاء، ترجمه الخطيب في "التاريخ" (5/ 213) بما يدل على أنه من كبار مشايخ الصوفية، وأصحاب الشطحات منهم، فقد سئل عن الذين يدخلون البادية بلا زاد، يزعمون أنهم متوكلون فيموتون؟ فقال:

"هذا فعل رجال الحق، فإن ماتوا؛ فالدية على القاتل"!!

وإسماعيل؛ يحتمل أنه ابن أبان الغنوي الخياط الكوفي؛ فإنه يروي عن الأعمش، فإن يكن هو؛ فهو متروك كذاب.

وهناك راو آخر يدعى إسماعيل الكندي، روى عن الأعمش؛ قال في "اللسان":

"منكر الحديث. قاله الأزدي".

فيحتمل أن يكون هو هذا، كما يحتمل أن يكون هو الخياط نفسه.

وأما المناوي؛ فأعله بقوله:

"وفيه أبو البختري، قال الذهبي في "الضعفاء": قال دحيم: كذاب" ‍‍!

قلت: وهذا وهم فاحش؛ فإن أبا البختري الكذاب - واسمه وهب بن وهب - متأخر عن هذا، يروي عن هشام بن عروة وطبقته.

وأما هذا؛ فتابعي روى عن سلمان وغيره، واسمه سعيد بن فيروز، وقد أورده الذهبي في كنى "الميزان" - عقب الأول -، وقال:

 

(10/232)

 

 

"صدوق. قال شعبة: لم يدرك علياً. قلت: اسمه سعيد بن فيروز، وقد أشار أبو أحمد الحاكم في "الكنى" إلى تليين رواياته، وما ذاك إلا لكونه يرسل عن علي والكبار.. فما كان من حديثه سماعاً عو حسن، وما كان "عن" فهو ضعيف".

4698 - (النائم في سبيل الله؛ كالصائم لا يفطر، والقائم لا يفتر) .

ضعيف

أخرجه الديلمي (4/ 111) عن مجاعة بن ثابت: حدثنا ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن خناس عن عمرو بن حريث رفعه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ من دون عمرو لم أعرفهم.

سوى ابن لهيعة؛ فإنه سيىء الحفظ.

ومن طريقه: أخرجه الضياء في "المنتقى من مسموعاته بمرو" (ق 79/ 2) من طريق عثمان بن صالح عنه به؛ إلا أنه وقع فيه: عبد الرحمن بن حساس مولى آل عمر بن الخطاب (ولم أعرفه أيضاً) عن عمرو بن حريث مختصراً بلفظ:

"النائم الطاهر؛ كالصائم القائم". وقال:

"قال علي بن عبد العزيز (يعني: البغوي) : وهذا عمرو بن حريث المصري، وليس هو عمرو بن حريث المخزومي، وليس للمصري صحبة".

قلت: فالحديث - على ضعف إسناده - مرسل أيضاً.

وعزاه السيوطي للحكيم الترمذي عن عمرو بن حريث باللفظ الثاني المختصر. ونقل المناوي عن الحافظ العراقي أنه قال:

"سنده ضعيف".

 

(10/233)

 

 

4699 - (النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي) .

ضعيف

أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" (205/ 2) ، والروياني في "مسنده" (19/ 206/ 1،207/ 2) ، وابن السماك في "جزء من حديثه" (67/ 2) ، والكديمي في "حديثه" (32/ 1) ، والخطيب في "الموضح" (2/ 219) ، وابن عساكر في "التاريخ" (11/ 223/ 2) عن موسى بن عبيدة عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه مرفوعاً.

ومن هذا الوجه: رواه الطبراني في "الكبير" - كما في "مجمع الزوائد" (9/ 174) -، وقال:

"وموسى بن عبيدة متروك".

وروي من حديث علي مرفوعاً أتم منه، ولفظه:

".. فإذا ذهبت النجوم؛ ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي؛ ذهب أهل الأرض".

أخرجه عبد الرحمن بن عثمان التميمي في "مسند علي" (1/ 2) من طريق المأمون عن الرشيد قال: حدثني المهدي عن المنصور قال: حدثني أبي عن جدي قال: سمعت عبد الله بن عباس: قال علي بن أبي طالب مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم مسلسل بالملوك العباسيين؛ من دون المنصور - واسمه عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس -؛ لا يعرف حالهم في الحديث.

ثم رواه التميمي (2/ 2) من طريق محمد بن يونس بن موسى البصري أبي العباس: حدثنا عمرو بن الحباب السلمي: حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي مرفوعاً نحوه.

 

(10/234)

 

 

قلت: وهذا موضوع؛ محمد بن يونس - وهو الكديمي - كذاب.

وعبد الملك بن هارون كذبه يحيى. وقال ابن حبان:

"يضع الحديث".

وروى محمد بن المغيرة اليشكري: حدثنا القاسم بن الحكم العرني: حدثنا عبد الله بن عمرو بن مرة: حدثني محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن أبيه مرفوعاً نحوه.

أخرجه الحاكم (3/ 457) في "معرفة الصحابة" ساكتاً عليه، وكذا الذهبي!

وأقول: إسناده ضعيف مسلسل بالعلل:

الأولى: عبد الله بن عمرو بن مرة؛ قال الحافظ:

"صدوق يخطىء".

والثانية: العرني؛ صدوق فيه لين.

والثالثة: محمد بن المغيرة اليشكري؛ قال السليماني:

"فيه نظر".

وقد خالفه حفص بن عمر المهرقاني: حدثنا القاسم بن الحكم العرني به، دون ذكر أهل البيت.

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (3/ 67-68) من طريق الطبراني. وقال - أعني: الطبراني -:

"لم يروه عن ابن سوقة إلا عبد الله بن عمرو بن مرة، تفرد به القاسم بن الحكم".

 

(10/235)

 

 

قلت: وقد علمت أنه صدوق فيه لين.

والمهرقاني ثقة من شيوخ النسائي وأبي زرعة وغيرهما.

والحديث - دون ذكر أهل البيت - صحيح؛ فإن له شاهداً من حديث أبي موسى الأشعري: عند مسلم وغيره، وهو مخرج في "الروض النضير" (875) .

وقد رواه بدونها: القاسم بن غصن - وهو ضعيف - عن محمد بن سوقة عن علي بن أبي طلحة مولى ابن عباس عن ابن عباس مرفوعاً نحوه.

أخرجه الخطيب في "الفوائد الصحاح" (ج2 رقم 13 - منسوختي) . وقال:

"حديث غريب من حديث أبي بكر محمد بن سوقة العجلي عن علي بن أبي طلحة، تفرد بروايته عنه هكذا القاسم بن غصن. وتابعه الصباح بن محارب عن ابن سوقة. وخالفهما عبد الله بن المبارك؛ فرواه عن ابن سوقة عن علي بن أبي طلحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر فيه ابن عباس. وابن سوقة كوفي ثقة عزيز الحديث، والحافظ من الرواة يجمعون حديثه".

قلت: فهذا اختلاف شديد على ابن سوقة.

وقد وجدت عنه اختلافاً آخر؛ فقال عبيد بن كثير العامري: حدثنا يحيى بن محمد بن عبد الله الدارمي: حدثنا عبد الرزاق: أنبأ ابن عيينة عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً به، وفيه الزيادة.

أخرجه الحاكم (2/ 448) وقال:

"صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله:

"قلت: أظنه موضوعاً، وعبيد متروك، والآفة منه".

 

(10/236)

 

 

قلت: وشيخه يحيى بن محمد بن عبد الله الدارمي؛ لم أعرفه، ولم يورده السمعاني في مادة "الدارمي" من "الأنساب".

وبالجملة؛ فهذه الزيادة لم تثبت في شيء من طرق الحديث، وليس فيها ما يشد من عضدها، مع عدم ورودها في الحديث المشار إليه. والله أعلم.

4700 - (النخل والشجر بركة على أهله، وعلى عقبهم بعدهم إذا كانوا لله شاكرين) .

ضعيف جداً

أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 132/ 1) عن محمد بن جامع العطار: أخبرنا فضالة بن حصين: حدثني رجل من أهل المدينة - يكنى أبا عبد الله -: حدثني عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده الحسن بن علي رضي الله عنهم مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل:

الأولى: جهالة أبي عبد الله المدني هذا؛ فإني لم أعرفه، ولا رأيت أحداً ذكره.

الثانية: فضالة بن حصين متفق على تضعيفه؛ بل اتهمه ابن عدي بوضع حديث في الطيب لينفق العطر.

الثالثة: محمد بن جامع العطار ضعيف أيضاً. وقال ابن عبد البر:

"متروك الحديث".

قلت: وبه - وحده - أعله الهيثمي، وتبعه المناوي؛ فقصرا! قال في "مجمع الزوائد" (4/ 68-69) :

"رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه محمد بن جامع العطار، وهو ضعيف"!

 

(10/237)

 

 

4701 - (النظر إلى الكعبة عبادة) .

ضعيف

أخرجه الديلمي (4/ 117) ، عن أبي الشيخ معلقاً: حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا: حدثنا سعيد بن يحيى: حدثنا زافر عن أبي عثمان عن يحيى ابن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن عائشة رفعه.

قلت: وهذا سند ضعيف؛ زافر - وهو ابن سليمان أبو سليمان القهستاني - صدوق كثير الأوهام؛ كما في "التقريب".

وسعيد بن يحيى: هو الطويل الأصبهاني؛ قال أبو حاتم:

"لا أعرفه"! وعرفه أبو نعيم فقال في "التاريخ":

"يعرف بـ (سعدويه) ، صدوق".

وذكره ابن حبان في "الثقات".

وأبو عثمان؛ لم أعرفه.

ورواه الأزرقي في "تاريخ مكة" (256) من قول بن خباب ومجاهد.

وعن ابن عباس موقوفاً عليه بلفظ:

" ... محض الإيمان".

وكذلك رواه عبد الله بن أحمد في "الزهد" (ص 362) من قول عبد الرحمن ابن الأسود.

وسنده حسن.

ثم رواه الديلمي بإسناده المذكور عن عائشة بلفظ:

 

(10/238)

 

 

النظر في ثلاثة أشياء عبادة: النظر في وجه الأبوين، وفي المصحف، وفي المحز! كذا!

وبه:

"النظر في كتاب الله عبادة".

4702 - (النظر إلى علي عبادة) .

موضوع

روي من حديث عبد الله بن مسعود، وعمران بن حصين، وعائشة، وأبي بكر الصديق، وأبي هريرة، وأنس بن مالك، ومعاذ بن جبل، وعثمان بن عفان، وغيرهم.

1- أما حديث ابن مسعود؛ فيرويه هارون بن حاتم قال: حدثنا يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عنه مرفوعاً.

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5/ 58) .

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم - على ضعف في الرملي -؛ غير هارون بن حاتم؛ فإنه متهم، سمع منه أبو زرعة وأبو حاتم، وامتنعا من الرواية عنه، سئل عنه أبو حاتم؟ فقال:

"أسأل الله السلامة". قال الذهبي:

"ومن مناكيره ... (فساق هذا الحديث وقال:) وهذا باطل".

وذكر في ترجمة الرملي أن أحمد كان يثني عليه. وقال النسائي:

"ليس بالقوي". وقال ابن معين:

"ضعيف".

 

(10/239)

 

 

ثم ساق له أحاديث أنكرت عليه، هذا أحدها، ثم قال:

"قلت: لعله من وضع هارون".

قلت: كلا؛ فقد تابعه عبد الله بن محمد بن سالم - وهو ثقة -: حدثنا يحيى بن عيسى الرملي به.

أخرجه الحاكم (3/ 141) : حدثناه ابن قانع: حدثنا صالح بن مقاتل: حدثنا محمد ابن عبيد بن عتبة عنه.

ذكره شاهداً لحديث عمران الآتي؛ وصححهما!

وتناقض الذهبي؛ فقال عقب حديث عمران:

"قلت: ذا موضوع، وشاهده صحيح"!

كذا قال! ولما ساق الحاكم الشاهد المشار إليه من طريق ابن قانع؛ قال الذهبي:

"قلت: ذا موضوع"!

فأقول: إن كان يعني أن في إسناده وضاعاً - كما هو ظاهر كلامه -؛ فليس بصواب؛ لأنه لا وضاع فيه.

نعم؛ صالح بن مقاتل؛ قال الذهبي في "الميزان":

"قال الدارقطني: ليس بالقوي، من شيوخ ابن قانع".

وإن كان يعني أنه موضوع متناً؛ فبينا فيه قوله المتقدم:

"ذا موضوع، وشاهده صحيح"!

وهذا ظاهر لا يخفى على أحد إن شاء الله تعالى.

 

(10/240)

 

 

وبالجملة؛ فالسند إلى هذه المتابعة ضعيف أيضاً.

وله متابع آخر؛ وهو أحمد بن بديل اليامي: أخبرنا يحيى بن عيسى به.

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 60/ 1) : حدثنا محمد بن عثمان ابن أبي شيبة: أخبرنا أحمد بن محمد اليامي ...

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 119) :

"وأحمد بن بديل اليامي؛ وثقه ابن حبان وقال: مستقيم الحديث. وقال ابن أبي حاتم: فيه ضعف، وبقية رجاله رجال (الصحيح) ".

وأقول: محمد بن أبي شيبة ليس من رجال "الصحيح"، ثم هو متكلم فيه، لكن الراجح أنه ثقة؛ كما بينته في مقدمة رسالة "المسائل"، يسر الله نشرها.

قلت: وبالجملة؛ فعلة هذه الطريق يحيى بن عيسى، فقد أورده العقيلي في "الضعفاء" (465) - وروى تضعيفه عن ابن معين -. وابن عدي في "الكامل" (421/ 1) . وقال:

"وعامة رواياته مما لا يتابع عليه".

ثم روى تضعيفه عن ابن معين أيضاً؛ من طريق الحافظ الدارمي عثمان بن سعيد قال:

"قلت: ليحيى بن معين: فيحيى بن عيسى الرملي؛ ما تعرفه؟ قال: نعم، ما هو بشيء. قال عثمان: هو كما قال يحيى: هو ضعيف" (1) .

__________

(1) قلت: هذا كالنص من الإمام الدارمي على أن قول ابن معين في الرواي: " ما هو بشيء " ومثله: " ليس بشيء " معناه عنده أنه ضعيف، فلا تغتر بما ذكره أبو الحسنات في " الرفع والتكميل " (ص 99 - 100) بما يخالف هذا؛ فإنه من تكلفات المتأخرين وآرائهم.

 

(10/241)

 

 

وضعفه جماعة آخرون. وأما العجلي فقال:

"ثقة، وكان فيه تشيع"!

وذكره ابن حبان في "الثقات"! وقال مسلمة:

"لا بأس به، وفيه ضعف". وقال أحمد:

"ما أقرب حديثه". ولخص هذه الكلمات الحافظ ابن حجر في "التقريب" على عادته فيه، فقال:

"صدوق يخطىء، ورمي بالتشيع". وقال الذهبي في "الضعفاء":

"صدوق يهم. ضعفه ابن معين. وقال النسائي: ليس بالقوي".

قلت: فمثله لا يحتج به، لا سيما فيما يؤيد تشيعه.

نعم؛ ذكر السيوطي له متابعين اثنين في "اللآلىء" (1/ 343) :

الأول: منصور بن أبي الأسود عن الأعمش به.

أخرجه الشيرازي في "الألقاب" من طريق أحمد بن الحجاج بن الصلت: حدثنا محمد بن مبارك عنه.

قلت: وأخرجه ابن عساكر أيضاً (12/ 151/ 2) .

وسكت عليه السيوطي! وليس بجيد؛ فإن ابن الصلت هذا اتهمه الذهبي بوضع حديث بإسناد "الصحاح"؛ فلا قيمة لهذه المتابعة.

والآخر: عاصم بن عمر البجلي عن الأعمش به.

أخرجه أبو نعيم في "فضائل الصحابة": حدثنا محمد بن الحسين بن أبي

 

(10/242)

 

 

الحسين: حدثنا أحمد بن جعفر بن أصرم: حدثنا علي بن المثنى: حدثنا عاصم بن عمر البجلي ...

قلت: سكت عليه السيوطي أيضاً! وهو إسناد مظلم، لم أعرف أحداً منه؛ البجلي فمن دونه؛ غير علي بن المثنى:

فإن كان الطهوي؛ فقد ذكره ابن حبان في "الثقات"، وأشار ابن عدي إلى ضعفه.

وإن كان الموصلي والد أبي يعلى الحافظ؛ فهو مجهول.

وذكر الحاكم متابعاً للأعمش فقال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يحيى القاري: حدثنا المسيب بن زهير الضبي: حدثنا عاصم بن علي: حدثنا المسعودي عن عمرو بن مرة عن إبراهيم يه.

قلت: سكت عليه هو والذهبي! وفيه علل:

الأولى: اختلاط المسعودي، واسمه عبد الرحمن بن عبد الله.

الثانية: عاصم بن علي؛ وإن كان من رجال البخاري؛ فقد تكلم فيه بعضهم، فضعفه ابن معين والنسائي وغيرهما. وقال الحافظ في "التقريب":

"صدوق ربما وهم".

الثالثة: المسيب بن زهير الضبي: هو المسيب بن زهير بن مسلم أبو مسلم التاجر، ترجمه الخطيب (13/ 141) ، وذكر أن وفاته سنة خمس وثمانين ومئتين، ولم يحك فيه جرحاً ولا تعديلاً.

ثم وجدت له متابعاً ثالثاً عن الأعمش، فقال: حماد بن المبارك: أخبرنا أبو نعيم: أخبرنا الثوري عن الأعمش به.

 

(10/243)

 

 

أخرجه أبو القاسم إسماعيل الحلبي في "حديثه" (113/ 2) ، وعنه ابن عساكر (12/ 152/ 1) .

وحماد هذا مجهول لا يعرف.

2- وأما حديث عمران؛ فله عنه طريقان:

الأولى: عن إبراهيم بن إسحاق الجعفي: حدثنا عبد الله بن عبد ربه العجلي: حدثنا شعبة عن قتادة عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري عنه به.

أخرجه الحاكم، وابن منده في "المعرفة" (2/ 83/ 2) ، وأبو بكر بن خلاد في "الثاني من حديثه" (114/ 2) ، وأبو بكر الشافعي في "حديثه" (4/ 1) . وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد، وشواهده عن عبد الله بن مسعود صحيحة"!

كذا قال! ورده الذهبي في الشطر الأول من كلامه، فقال:

"قلت: ذا موضوع، وشاهده صحيح"!

وأقول: لا صحة لهذا ولا لذاك.

وأما هذا؛ فلجهالة عبد الله بن عبد ربه العجلي؛ فإني لم أجد من ذكره.

ومثله إبراهيم بن إسحاق الجعفي.

وأعله ابن الجوزي بأنه من رواية محمد بن يونس عنه: عند ابن مردويه، ومحمد بن يونس: هو الكديمي كذبوه.

فأقول: وعنه أخرجه من ذكرنا؛ غير الحاكم؛ فإنه رواه عن علي بن عبد العزيز بن معاوية عن إبراهيم بن إسحاق به.

 

(10/244)

 

 

وعلي هذا لم أعرفه أيضاً.

والطريق الأخرى: عن عمران بن خالد بن طليق أبي نجيد الضرير عن أبيه عن جده قال:

رأيت عمران بن حصين يحد النظر إلى علي بن أبي طالب، فقيل له؟! فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

أخرجه ابن السماك في "الفوائد المنتقاة" (2/ 4/ 2) ، وأبو بكر الأبهري في "جزء من الفوائد" (144/ 1-2) ، وابن منده أيضاً في "المعرفة"، والسلفي في "الطيوريات" (116/ 2) .

وهذه الطريق علقها ابن الجوزي (1/ 363) ، وقال:

"وخالد بن طليق ضعفوه".

وخرجه السيوطي في "اللآلىء" (1/ 345) من رواية الطبراني فقط.

قلت: وبه أعله الهيثمي أيضاً (9/ 119) !

وإعلاله بابنه عمران أولى؛ لأنه أشد من أبيه ضعفاً، حتى قال أحمد:

"متروك الحديث".

وذكر له الذهبي هذا الحديث، وقال:

"وهذا باطل في نقدي". وتعقبه الحافظ بقوله:

"وقال العلائي: الحكم عليه بالبطلان فيه بعد، ولكنه كما قال الخطيب: غريب".

 

(10/245)

 

 

3- وأما حديث عائشة؛ فيرويه عبادة بن صهيب قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عنها.

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (2/ 182-183) . وقال:

"غريب من حديث هشام بن عروة، ولم نكتبه إلا من حديث عبادة".

قلت: وهو كذاب هالك؛ كما قال الذهبي في "الضعفاء".

لكن روي من غير طريقه، فقال الدينوري في "المجالسة" (27/ 7/ 1) - وعنه ابن عساكر (12/ 151/ 2) -: حدثنا علي بن سعيد قال: حدثنا محمد بن عبد الله القاضي قال: حدثنا أبو أسامة عن هشام به.

ومحمد بن عبد الله القاضي لم أعرفه.

ومن طبقته: محمد بن عبد الله بن نمير الهمذاني الخارفي الثقة الثبت، وأستبعد جداً أن يكون هو هذا، وإن كانوا ذكروه في الرواة عن أبي أسامة؛ لأنهم لم يصفوه بـ "القاضي".

وعلي بن سعيد: هو الرازي؛ قال الدارقطني:

"ليس بذاك، تفرد بأشياء".

ولا أستبعد أن تكون الآفة من الدينوري نفسه؛ وهو أحمد بن مروان أبو بكر القاضي المالكي؛ فإنه كان متهماً عند الدارقطني بوضع الحديث.

وروى أبو القاسم الحلبي في "حديثه" (113/ 2) - وعنه ابن عساكر (12/ 151/ 2) -: أخبرنا أبو علي الحسين بن عبد الغفار بن عمرو الأزدي: أخبرنا دحيم: أخبرنا شعيب بن إسحاق عن هشام بن عروة به.

 

(10/246)

 

 

وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير الحسين هذا؛ قال الدارقطني:

"متروك". وقال ابن عدي:

"روى عن جماعة لم يحتمل سنه لقاءهم، وله مناكير".

قلت: فهو آفة هذه الطريق.

4- وأما حديث أبي بكر الصديق؛ فيرويه القاضي محمد بن عبد الله الجعفي قال: حدثني أبو الحسين محمد بن أحمد بن مخزوم - وحدي - قال: حدثني محمد بن الحسن الرقي - وحدي - قال: حدثني مؤمل بن إهاب - وحدي - قال: حدثني عبد الرزاق - وحدي - قال: حدثني معمر - وحدي - قال: حدثني الزهري - وحدي - عن عروة عن عائشة عنه.

أخرجه ابن النجار في "ذيل التاريخ" (10/ 127/ 1) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 358) ، وابن حجر في "المسلسلات" (108/ 2) ، وقال ابن الجوزي:

"موضوع، سرقه أحد الكوفيين الغلاة، والله أعلم هل هو الجعفي أو شيخه؟! ".

قلت: الجعفي هذا؛ أظنه محمد بن عبد الله بن الحسين أبا عبد الله الجعفي القاضي الكوفي المعروف بابن الهرواني، ترجمه الخطيب ترجمة جيدة؛ وقال (5/ 472) :

"وكان ثقةً فاضلاً جليلاً، يقرىء القرآن، ويفتي في الفقه على مذهب أبي حنيفة، توفي سنة (402) وله خمس وتسعون سنة".

فهو بريء العهدة من هذا الحديث، فالحمل فيه على شيخه أبي الحسين محمد بن أحمد بن مخزوم؛ فإنه مترجم في "الميزان" بما يدينه، فقال:

 

(10/247)

 

 

"قال حمزة السهمي: سألت أبا محمد بن غلام الزهري عنه؟ فقال: ضعيف. وسألت أبا الحسن التمار عنه؟ فقال: كان يكذب، مات بعد الثلاثين والثلاث مئة".

فهو آفة هذه الطريق. والموفق الله.

وقد ذكر له ابن الجوزي طريقاً أخرى عن الزهري به.

وفيها الحسن بن علي بن زكريا العدوي؛ وهو كذاب وضاع.

وقد ركب هذا الكذاب عدة أسانيد لهذا الحديث؛ كما يأتي.

5- وأما حديث أبي هريرة؛ فيرويه الحسن بن علي العدوي المذكور - بثلاثة أسانيد له افتعلها - عن الأعمش عن أبي صالح عنه.

أخرجها ابن عدي (92/ 2) - مع إسناد رابع له عن أنس -؛ ثم قال:

"وهذه الأحاديث بهذه الأسانيد باطلة، والحسن بن علي يضع الحديث".

وله طريق أخرى عن أبي هريرة: عند ابن عساكر (12/ 151/ 2) .

6- وأما حديث أنس؛ فيرويه مطر بن أبي مطر عنه.

أخرجه ابن عدي (335/ 1) . وقال:

"مطر هذا؛ إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق".

قلت: وهو مطر بن ميمون؛ قال الحاكم وأبو نعيم:

"روى عن أنس الموضوعات". وقال ابن الجوزي (1/ 362) :

"قال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات؛ لا تحل الرواية عنه".

وذكر له طريقين آخرين عن أنس، في أحدهما: العدوي الكذاب كما تقدم.

 

(10/248)

 

 

وفي الآخر: محمد بن القاسم الأسدي؛ قال الدارقطني:

"يكذب". وقال أحمد:

"أحاديثه موضوعة".

7- وأما حديث معاذ؛ فيرويه محمد بن إسماعيل بن موسى الرازي قال: نبأنا محمد بن أيوب قال: نبأنا هوذة بن خليفة قال: نبأنا ابن جريج عن أبي صالح عن أبي هريرة قال:

رأيت معاذ بن جبل يديم النظر إلى علي بن أبي طالب، فقلت: ما لك تديم النظر إلى علي كأنك لم تره؟! فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فذكره.

أخرجه الخطيب (2/ 51) ، وعنه ابن الجوزي (1/ 359) . وقال:

"محمد بن أيوب؛ لا يعرف أنه سمع من هوذة ولا روى عنه. قال ابن حبان: يروي الموضوع، لا يحل الاحتجاج به". وفي "الميزان":

"قال أبو حاتم: كذاب".

وأما الخطيب؛ فأعله بالراوي عنه، فقال:

"وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل، لا أعلم جاء به إلا محمد بن إسماعيل الرازي، وكان غير ثقة، على أنا لا نعلم أن محمد بن أيوب روى عن هوذة بن خليفة شيئاً قط، ولا سمع منه".

وتبعه الذهبي؛ فقال في ترجمة ابن إسماعيل هذا:

"المتهم بوضعه: الرازي".

 

(10/249)

 

 

وقد وجدت له طريقاً أخرى عن أبي صالح عن معاذ به.

أخرجه أبو بكر بن خلاد في "الثاني من حديثه" (114/ 2) : أخبرنا محمد بن يونس: أخبرنا عبد الحميد بن يحيى: أخبرنا سوار بن مصعب عن الكلبي عنه.

والكلبي: اسمه محمد بن السائب بن بشر، متهم بالكذب.

وسوار بن مصعب متروك.

ومحمد بن يونس هو الكديمي الوضاع المتقدم.

8- وأما حديث عثمان؛ فيرويه محمد بن غسان الأنصاري عن يونس مولى الرشيد عن المأمون: سمعت الرشيد يقول: سمعت المهدي يقول: سمعت المنصور يقول: سمعت أبي يقول: سمعت جدي يقول: سمعت ابن عباس يقول عن عثمان مرفوعاً به.

أخرجه أبو الحسين الأبنوسي في "الفوائد" (23/ 1) ، وعنه ابن عساكر (12/ 151/ 2) ، وابن الجوزي (1/ 358) ، وأعله بقوله (1/ 362) :

"رواته مجاهيل".

وهم من دون جد المنصور.

9- وفي الباب: عند ابن الجوزي عن جابر؛ وفيه العدوي الكذاب المتقدم.

10- وثوبان؛ وفيه يحيى بن سلمة بن كهيل؛ وهو متروك؛ كما قال النسائي والدارقطني.

وجملة القول؛ أن الحديث - مع هذه الطرق الكثيرة - لم تطمئن النفس لصحته؛ لأن أكثرها من رواية الكذابين والوضاعين، وسائرها من رواية المتروكين

 

(10/250)

 

 

والمجهولين الذين لا يبعد أن يكونوا ممن يسرقون الحديث، ويركبون له الأسانيد الصحيحة. ولذلك فما أبعد ابن الجوزي عن الصواب حين حكم عليه بالوضع. والله سبحانه وتعالى أعلم.

4703 - (النميمة والشتيمة والحمية في النار، ولا يجتمعن في صدر مؤمن) (1) .

ضعيف

رواه الطبراني في "الكبير" (3/ 208-209) ، وأبو أمية الطرسوسي في "مسند ابن عمر" (202/ 1) عن محمد بن يزيد بن سنان قال: حدثنا يزيد قال: قال عطاء: أخبرني عبد الله بن عمر مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن يزيد بن سنان، وأبوه يزيد؛ ضعيفان، والأب أشد ضعفاً من الابن.

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " سيأتي بأوسع مما هنا، برقم (6666) " (الناشر) .

 

(10/251)

 

 

4704 - (النية الحسنة تدخل صاحبها الجنة، والخلق الحسن يدخل صاحبه الجنة، والجوار الحسن يدخل صاحبه الجنة. فقال رجل: وإن كان رجل سوء؟ قال: نعم؛ على رغم أنفك) .

موضوع

أخرجه الديلمي (4/ 112-113) عن محمد بن عبد الرحيم بن حبيب: حدثنا أبي: حدثنا إسماعيل بن يحيى عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً به.

قلت: وهذا موضوع؛ إسماعيل بن يحيى: هو أبو يحيى التيمي؛ كذاب وضاع؛ كما تقدم مراراً.

 

(10/251)

 

 

ومحمد بن عبد الرحيم بن حبيب؛ لم أجد من ترجمه.

وأما أبوه عبد الرحيم؛ فالظاهر أنه ابن حبيب الفاريابي. وبه حزم المناوي؛ قال ابن حبان:

"لعله وضع أكثر من خمس مئة حديث على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وقال أبو نعيم:

"روى عن ابن عيينة وبقية: الموضوعات".

قلت: فهو الذي اختلق هذا الحديث، أو شيخه.

ومثله في البطلان: ما أخرجه الخطيب (12/ 448) من طريق القاسم بن نصر الطباخ: حدثنا سليمان بن محمد بن الفضل: أخبرنا أبو معمر: حدثنا إسماعيل عن قرة عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً؛ بلفظ:

"النية الصادقة معلقة بالعرش، فإذا صدق العبد نيته؛ تحرك العرش؛ فيغفر له".

أورده في ترجمة القاسم هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وقال الذهبي في "الميزان":

"لا يعرف، أتى بخبر باطل عجيب". ثم ساق هذا الحديث.

وأقره الحافظ في "اللسان".

قلت: وإسماعيل الذي رواه عن قرة؛ لا أستبعد أن يكون هو ابن يحيى التيمي الكذاب؛ الذي في إسناد الحديث الذي قبله. والله أعلم.

4705 - (نهى أن يصافح المشركون، أو ينكوا، أو يرحب بهم) .

موضوع

أخرجه أبو نعيم (9/ 236) عن بقية: حدثني محمد القشيري عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً. وقال:

 

(10/252)

 

 

"غريب من حديث أبي الزبير، تفرد به بقية عن القشيري".

قلت: وهو ابن عبد الرحمن القشيري الكوفي؛ قال الذهبي:

"وفيه جهالة، وهو متهم، ليس بثقة؛ قال ابن عدي: منكر الحديث. وقال أبو الفتح الأزدي: كذاب متروك الحديث".

4706 - (نهى أن تكسر سكة المسلمين الجائزة بينهم؛ إلا من بأس) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (3449) ، وابن ماجه (2263) ، والحاكم (2/ 31) ، وأحمد (3/ 419) ، وابن عدي (355/ 1-2) عن معتمر بن سليمان قال: سمعت محمد بن فضاء يحدث، عن أبيه، عن علقمة بن عبد الله عن أبيه مرفوعاً:

وأخرجه الكشي في "جزء الأنصاري" (ق 8/ 1) ، ومن طريقه الحاكم أيضاً، والبيهقي (6/ 33) عن محمد بن عبد الله الأنصاري: حدثنا محمد بن فضاء به، وزاد: أن يكسر درهماً فيجعل فضة، أو يكسر الدينار فيجعل ذهباً.

وسكت الحاكم عن إسناده، وكذا الذهبي!

وأما الحافظ السخاوي؛ فقد ذكر في "الفتاوى الحديثية" (1/ 2) أن الحاكم صححه، ولذلك فقد تعقبه بقوله:

"وسكت عليه أبو داود، فهو عنده صالح للاحتجاج، وهو عجيب منهما؛ لأن مداره على محمد بن فضاء ... ".

قلت: وهو متفق على ضعفه. ولذلك قال الحافظ في "التقريب":

"ضعيف".

وأبوه فضاء - وهو ابن خالد الجهضمي البصري - مجهول.

 

(10/253)

 

 

4707 - (نهى أن يتخلى رجل تحت شجرة مثمرة، ونهى أن يتخلى الرجل على ضفة نهر جار) .

ضعيف جداً

رواه العقيلي في "الضعفاء" (355) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/ 93) ، عن الفرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر مرفوعاً. وقال العقيلي:

"الفرات بن السائب؛ قال البخاري: تركوه، منكر الحديث. وقال أحمد: هو قريب من محمد بن زياد الطحان في ميمون؛ يتهم بما يتهم به ذاك. وقال ابن معين: ليس بشيء". ثم قال:

"فيه رواية من غير هذا الوجه يقارب هذه الرواية".

قلت: وقال البخاري في "التاريخ الصغير" (185) :

"سكتوا عنه"، وهذا كناية عن شدة ضعفه. وقال النسائي في "الضعفاء" (25) :

"متروك الحديث".

ومن طريقه: رواه ابن عدي (264/ 2) . وقال:

"وعامة أحاديثه - خاصة عن ميمون بن مهران - مناكير".

أقول: ولعل الرواية التي تقارب هذا الحديث - كما أشار العقيلي - إنما هي حديث ابن عباس مرفوعاً بلفظ:

"اتقوا الملاعن الثلاثة: أن يقعد أحدكم في ظل يستظل به، أو في طريق، أو في نقع ماء".

وهو حديث حسن، مخرج في "الإرواء" (62) .

 

(10/254)

 

 

ثم روى ابن عدي (241/ 1) عن فهر بن بشر: حدثنا عمر بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً بالشطر الأول منه. وقال:

"عمر بن موسى الوجيهي يضع الحديث".

4708 - (نهى أن يستوفز الرجل في صلاته) .

ضعيف

أخرجه الحاكم (1/ 271) عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب مرفوعاً. وقال:

"صحيح على شرط البخاري"! ووافقه الذهبي!

وأقول: كلا؛ فإن البخاري لم يرو عن الحسن عن سمرة معنعناً؛ لأنه مدلس، فما لم يصرح بالتحديث؛ فليس بحجة.

ورواه سعيد بن بشير عن قتادة بلفظ:

أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نعتدل في الجلوس، وأن لا نستوفز.

أخرجه أحمد (5/ 10) .

وسعيد بن بشير فيه كلام؛ كما قال الهيثمي (2/ 86) ، وقال:

"رواه البزار، والطبراني في "الأوسط" من طريقه"!

ففاته أنه في "المسند"!

 

(10/255)

 

 

4709 - (نهى أن يسمى كلب وكليب) .

ضعيف

رواه العقيلي في "الضعفاء" (299) ، والطبراني (1/ 58/ 1) عن علي ابن غراب عن صالح بن حيان عن ابن بريدة عن أبيه مرفوعاً. وقال العقيلي:

 

(10/255)

 

 

"لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به".

يعني: علي بن غراب. [وكان قد قال:] "حدثنا عبد الله بن أحمد قال: سألت أبي عن علي بن غراب المحاربي؟ قال: ليس لي به خبرة، سمعت منه مجلساً واحداً، كان يدلس، ما أراه إلا صدوقاً". وفي "التقريب":

"صدوق يدلس، أفرط ابن حبان في تضعيفه".

قلت: وبقية رجال الإسناد ثقات؛ فلولا تدليس علي بن غراب؛ لقلت بصحته.

4710 - (نهى أن يشار إلى المطر) .

ضعيف

أخرجه البيهقي (3/ 363) عن الكديمي: حدثنا أبو عاصم النبيل: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن - يعني: ابن أبي خسين - قال - يعني: أبا عاصم -: وأفادنيه ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً. وقال:

"وقد روي من وجه آخر ضعيف".

قلت: والكديمي: اسمه محمد بن يونس بن موسى، وكان يضع الحديث؛ كما قال ابن حبان وغيره.

وقد خالفه محمد بن بشار؛ فقال: حدثني أبو عاصم عن ابن جريج عن ابن أبي حسين: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

أخرجه البيهقي أيضاً. وقال:

"هذا هو المحفوظ مرسلاً".

قلت: ورجاله ثقات. فعلة الحديث الإرسال.

 

(10/256)

 

 

4711 - (نهى أن يضحى ليلاً) .

موضوع

أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 122/ 2) عن سليمان بن سلمة الخبائزي: أخبرنا بقية بن الوليد: حدثني أبو محمد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته الخبائزي هذا؛ فإنه كان يكذب؛ كما قال ابن الجنيد.

وذكر له الذهبي أحاديث أنكرت عليه؛ وقال:

"إنها من بلاياه"! وقال في أحدها:

"هذا موضوع".

وأبو محمد لم أعرفه، والظاهر أنه من شيوخ بقية المجهولين.

 

(10/257)

 

 

4712 - (كان ينهانا أن نعجم النوى طبخاً) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (2/ 132) ، وأحمد (6/ 292) عن ثابت بن عمارة: حدثتني ريطة عن كبشة بنت أبي مريم قالت:

"سألت أم سلمة: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عنه؟ قالت ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ كبشة وريطة - وهي بنت حريث - لا تعرفان.

وثابت بن عمارة صدوق فيه لين.

 

(10/257)

 

 

4713 - (نهى أن يقال للمسلم: صرورة) .

ضعيف

أخرجه الدارقطني (ص 286) ، والبيهقي (5/ 164-165) عن عمر

 

(10/257)

 

 

ابن قيس عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. وقال البيهقي:

"عمر بن قيس ليس بالقوي".

قلت: وهو المعروف بـ (سندل) ، وهو متروك؛ كما في "التقريب".

ثم أخرج البيهقي، وأبو داود أيضاً (1/ 273) ، وأحمد (1/ 312) عن عمر بن عطاء عن عكرمة ... بلفظ:

"لا صرورة في الإسلام".

وعمر بن عطاء - وهو ابن وراز - ضعيف؛ كما قال الحافظ.

وأخرج الدارقطني، والبيهقي من طريق معاوية بن هشام: حدثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس - أراه رفعه - قال:

"لا يقولن أحدكم: إني صرورة". وقال البيهقي:

"قال سليمان بن أحمد (يعني: الطبراني) : لم يرفعه عن سفيان إلا معاوية".

قلت: وهو صدوق له أوهام؛ كما في "التقريب". وهو - مع شكه في رفعه، كما يفيده قوله: "أراه رفعه"؛ فيبدو من صنيع البيهقي أنه - قد خولف في رفعه؛ فقد قال البيهقي:

"ورواه ابن جريج عن عمرو عن عكرمة من قوله، ونفى أن يكون ذلك عن ابن عباس أن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (قال:) وقد رواه سفيان بن عيينة عن عمرو عن عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً. فالله أعلم".

4714 - (نهى أن يكون الإمام مؤذناً) .

ضعيف

أخرجه الغطريف في "جزئه" (61/ 1) ، وابن عدي (14/ 2) ، وعنه

 

(10/258)

 

 

البيهقي في "السنن" (1/ 433) عن إسماعيل بن عمرو البجلي: حدثنا جعفر بن زياد عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعاً. وقال البيهقي:

"إسناده ضعيف بمرة؛ إسماعيل بن عمرو بن نجيح أبي إسحاق الكوفي حدث بأحاديث لم يتابع عليها، وجعفر بن زياد ضعيف". وقال ابن عدي:

"إسماعيل لا يتابعه عليه أحد، وهو ضعيف"!

كذا قال! وقد وجدت له متابعاً؛ فقال أبو محمد الخلدي في "جزء من فوائده" (49/ 1) : أخبرنا القاسم (يعني: ابن محمد الدلال) : حدثنا أبو عبد الله عن محمد بن سوقة به.

والقاسم هذا؛ ضعفه الدارقطني.

وذكره ابن حبان في "الثقات".

وأخرج له الحاكم في "المستدرك"؛ كما قال الحافظ في "اللسان".

قلت: فهذه متابعة لا بأس بها لإسماعيل.

وأبو عبد الله: كنية جعفر بن زياد الذي في الإسناد الأول.

وإطلاق البيهقي الضعف عليه فيه نظر عندي؛ فإني لم أره لأحد من أئمة الجرح والتعديل قبله! بل قال فيه أحمد، وأبو حاتم:

"صالح الحديث". وقال أبو زرعة، وأبو داود:

"صدوق".

 

(10/259)

 

 

ووثقه ابن معين في رواية جماعة عنه، وكذا الفسوي، وعثمان بن أبي شيبة، والعجلي.

وأما في التجريح؛ فلم أجد ما يمكن إدخاله فيه إلا روايتين:

الأولى: قول عثمان الدارمي: سئل يحيى عنه؟ فقال بيده؛ لم يثبته، ولم يضعفه.

وهذا؛ الجواب عنه واضح، وهو أنه ليس جرحاً ولا توثيقاً، وإنما هو التوقف، فيقدم عليه رواية الجماعة المتقدمة عنه الصريحة في التوثيق.

والأخرى: إيراد ابن حبان إياه في "الضعفاء"، وقوله فيه:

"كثير الرواية عن الضعفاء، وإذا روى عن الثقات تفرد عنهم بأشياء، في القلب منها بشيء".

قلت: وهذا جرح مبهم؛ فإنه بعد ثبوت العدالة، فلا يضر مجرد التفرد، وإنما يضر المخالفة لمن هو أوثق، فمن من الثقات لم يتفرد ببعض الأحاديث؟!

وأما إكثاره من الرواية عن الضعفاء فلا لوم عليه في ذلك؛ فإنه (لا تزر وازرة وزر أخرى) ، وليس هو متفرداً بالرواية عنهم، كما لا يخفى على أولي النهى.

نعم؛ قد قال غير واحد من الأئمة بأنه كان يتشبع، وهذا ليس جرحاً في الرواية، كما هو مقرر في علم مصطلح الحديث؛ لأن العبرة فيها إنما هو الضبط والصدق، وهذا قد ثبت لجعفر بما سبق من شهادة العلماء فيه.

ولذلك؛ فإني أرى - بعد ثبوت تلك المتابعة لإسماعيل - أن الحديث حسن. والله تعالى أعلم.

 

(10/260)

 

 

ثم تبينت أن المتابعة غير ثابتة، والسبب أنه سقط من قلمي - في المسودة التي فيها هذا الإسناد - الرجل الذي بين القاسم الدلال وأبي عبد الله، وهو آفة هذه الطريق! والصواب هكذا: أخبرنا القاسم: حدثنا إبراهيم الضبي: حدثنا أبو عبد الله ...

وإبراهيم هذا: هو ابن محمد بن ميمون، كما في حديث آخر ساقه عن القاسم عنه (ق 46/ 2) .

وابن ميمون هذا؛ قال الذهبي:

"من أجلاد الشيعة، لا أعرفه، روى حديثاً موضوعاً".

ثم ساق حديثاً في فضل علي وأنه سيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين.

فهو متهم. وقال الحافظ العراقي:

"ليس بثقة".

قلت: فمثله لا يستشهد به ولا كرامة! فيبقى الحديث على الضعف. والله تعالى أعلم.

4715 - (نهى أن ينفخ في الطعام والشراب والثمرة) .

ضعيف بهذا التمام

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 135/ 2) عن محمد بن جابر عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال ... فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ محمد بن جابر هذا - وهو الحنفي اليمامي -؛ قال الحافظ:

 

(10/261)

 

 

"صدوق، ذهبت كتبه، فساء حفظه، وخلط كثيراً، وعمي، فصار يلقن، ورجحه أبو حاتم على ابن لهيعة".

قلت: ومما يدل على سوء حفظه: زيادته في هذا الحديث قوله:

و"الثمرة".

فقد رواه عبد الكريم الجزرى عن عكرمة به؛ دونها.

أخرجه أحمد (1/ 309،357) .

قلت: وإسناده صحيح.

4716 - (نهى عن أكل الرخمة) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن عدي (121/ 2) ، وعنه البيهقي (9/ 317) عن وارث بن الفضل: حدثنا خلف بن أيوب: حدثنا خارجة بن مصعب عن عبد المجيد بن سهيل عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. وقال البيهقي:

"لم أكتبه إلا بهذا الإسناد، وليس بالقوي".

قلت: بل هو ضعيف جداً؛ فإن خارجة هذا - وهو أبو الحجاج السرخسي -؛ قال الحافظ:

"متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: إن ابن معين كذبه".

وخلف بن أيوب؛ ضعفه ابن معين.

ووارث بن الفضل؛ لم أجد من ترجمه.

 

(10/262)

 

 

4717 - (نهى عن الذبيحة أن تفرس قبل أن تموت) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الكبير" (12/ 248/ 13013) ، والبيهقي

 

(10/262)

 

 

(9/ 280) ، والضياء المقدسي في "المختارة" (62/ 273/ 2) عن شهر بن حوشب عن ابن عباس مرفوعاً. وقال البيهقي:

"هذا إسناد ضعيف".

قلت: لسوء حفظ شهر بن حوشب.

(تفرس) : تدق عنقها.

4718 - (نهى عن السواك بعود الريحان والرمان؛ وقال: إنه يحرك عرق الجذام) .

ضعيف

رواه أبو نعيم في "الطب النبوي" (1/ 2 - نسخة الشيخ السفرجلاني) عن الحكم بن موسى: حدثنا عيسى بن يونس: حدثنا أبو بكر بن أبي مريم عن ضمرة ابن حبيب قال ... فذكره.

وكذا رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (ص 36 من زوائده) عن أبي بكر به.

قلت: وهو - مع إرساله - ضعيف الإسناد؛ فإن ابن أبي مريم كان اختلط.

 

(10/263)

 

 

4719 - (نهى عن السوم قبل طلوع الشمس، وعن ذبح ذوات الدر) .

ضعيف

رواه ابن ماجه (2/ 22) ، والحاكم (4/ 234) ، وابن عدي (133/ 2) ، والخطابي في "غريب الحديث" (135/ 1) ، والضياء في "المختارة" (1/ 225) عن الربيع بن حبيب - أخي عائذ بن حبيب - عن نوفل بن عبد الملك عن أبيه عن علي بن أبي طالب مرفوعاً. وقال الضياء:

 

(10/263)

 

 

"الربيع بن حبيب أبو سلمة؛ وثقه أحمد ويحيى. وقال أبو حاتم الرازي: ليس بقوي، وأحاديثه عن نوفل مناكير".

قلت: ونوفل بن عبد الملك؛ قال أبو حاتم:

"مجهول". وقال ابن معين:

"ليس بشيء".

لكن الشطر الثاني من الحديث؛ يشهد له حديث ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي الهيثم بن التيهان:

"إياك واللبون! اذبح لنا عناقاً".

أخرجه الحاكم أيضاً. وقال:

"صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي.

وله شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعاً.

أخرجه مسلم (6/ 116-117) ، وابن ماجه (2/ 284-285) ، وكذا الترمذي في "الشمائل" (119 - بتحقيقي) و "السنن". وقال:

"حسن صحيح غريب".

وشاهد آخر من حديث أبي بكر بن أبي قحافة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

"إياك والحلوب - أو قال: ذات الدر -".

أخرجه ابن ماجه أيضاً.

وفيه يحيى بن عبيد الله - وهو التيمي المدني - متروك؛ كما في "التقريب"، فلا يستشهد به.

 

(10/264)

 

 

(تنبيه) : تحرف لفظ: (السوم) في هذا الحديث على الحافظ المنذري إلى لفظ: (النوم) ! فأورده لذلك في باب "الترغيب في البكور في طلب الرزق" من كتابه "الترغيب والترهيب" (3/ 5) !

ونبه على ذلك الحافظ الناجي في "عجالة الإملاء" (ق 158/ 2) .

4720 - (نهى عن الصرف؛ قبل موته بشهرين) .

ضعيف

أخرجه البزار في "مسنده" (ص 131 - زوائده) عن بحر بن كنيز عن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه مرفوعاً. وقال:

"لا نعلمه بهذا اللفظ إلا عن أبي بكرة، وبحر: هو جد عمرو بن علي؛ لين الحديث". وقال الحافظ في "التقريب":

"ضعيف".

وكذا قال الهيثمي في "المجمع" (4/ 116) بعد ما عزاه للبزار وحده.

وأما السيوطي في "الجامع" فعزاه لـ (طب) أيضاً؛ يعني "المعجم الكبير" للطبراني. والله أعلم.

 

(10/265)

 

 

4721 - (نهى عن الصلاة في السراويل) .

ضعيف

أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (ص 91) ، والخطيب في "التاريخ" (5/ 138) عن الحسين بن وردان عن أبي الزبير عن جابر رفعه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: عنعنة أبي الزبير؛ فإنه كان مدلساً.

 

(10/265)

 

 

والأخرى: الحسين بن وردان؛ قال العقيلي عقبه:

"لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به". وقال الذهبي فيه:

"لا يعرف، وحديثه هذا منكر. قال أبو حاتم: ليس بالقوي. قلت: والحديث يروى نحوه من حديث بريدة".

قلت: حديث بريدة فيه زيادة:

وليس عليه رداء.

وهو حسن، مخرج في "صحيح أبي داود" (646) .

4722 - (نهى عن لبس الحرير، وعن لبس الذهب إلا مقطعاً، وعن ركوب [جلود] النمور، وعن الشرب في آنية [الذهب و] الفضة، وعن جمع بين حج وعمرة) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (1/ 283) ، والنسائي (2/ 286) - الفقرة الثانية منه -، والطحاوي في "مشكل الآثار" (4/ 263-264) - الفقرة الثالثة -، وأحمد (4/ 92 و 95 و 99) - والسياق له -، والطبراني في "المعجم الكبير" (19/ 352-354) عن قتادة عن أبي شيخ الهنائي قال:

كنت في ملأ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند معاوية، فقال معاوية: أنشدكم الله؛ أتعلمون أن رسول الله نهى عن لبس الحرير؟! قالوا: اللهم نعم ... قال: وأنا أشهد ... فذكر الحديث على هذه الوتيرة من المناشدة في كل فقرة، وجوابهم بـ: اللهم نعم ... ؛ إلا الفقرة الأخيرة ففيه:

قالوا: أما هذا فلا. قال: أما إنها معهن [ولكنكم نسيتم] .

 

(10/266)

 

 

ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي شيخ الهنائي، واسمه خيوان - بالمعجمة؛ وقيل: بالمهملة - بن خالد؛ وثقه ابن سعد وابن حبان والعجلي، وروى عنه جمع من الثقات. ولذلك قال الحافظ:

"وهو ثقة".

وأما قول ابن قيم الجوزية:

"إنه مجهول"! فمردود عليه؛ لمخالفته لمن ذكرنا من الأئمة.

وكأنه ذهب إلى ذلك؛ لمخالفة الفقرة الأخيرة للأحاديث المتواترة في إقراره - صلى الله عليه وسلم - الجمع بين الحج والعمرة من القارنين الذين ساقوا الهدي، والمتمتعين بالعمرة إلى الحج! ولذلك قال ابن القيم رحمه الله تعالى في "زاد المعاد" (1/ 264) :

"ونحن نشهد الله أن هذا وهم من معاوية، أو كذب عليه، فلم ينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك قط. وأبو شيخ لا يحتج به، فضلاً عن أن يقدم على الثقات الحفاظ الأعلام، وإن روى عنه قتادة ويحيى بن أبي كثير. واسمه خيوان بن خالد - بالخاء المعجمة - وهو مجهول"!!

أقول: لو أنه اقتصر على التوهيم أو التكذيب المذكورين؛ لكان أقرب إلى الصواب من التجهيل للثقة، المستلزم لرد أقوال أولئك الأئمة بدون حجة! وكان يمكنه الخلاص من ذلك لو أنه أمعن النظر في هذا الإسناد وفي غيره عن أبي شيخ إذن لوجد فيه علتين، تغنيانه من كل ما ذكر من التوهيم والتجهيل!

الأولى: عنعنة قتادة؛ فإنه مذكور بالتدليس، ومعلوم أن المدلس لا يحتج به بحديثه إذا عنعن، لا سيما عندما يضيق الدرب على الباحث؛ فلا يجد في الحديث المنكر علة ظاهرة غير العنعنة.

 

(10/267)

 

 

والأخرى: مخالفة يحيى بن أبي كثير لقتادة في إسناده، فقال يحيى: حدثني أبو شيخ الهنائي عن أخيه حمان:

أن معاوية - عام حج - جمع نفراً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة ... فذكره باختصار بعض فقراته.

أخرجه النسائي، والطحاوي، وأحمد (4/ 96) ، والطبراني (19/ 354-356) .

وحمان هذا لا يدرى من هو؟! كما قال الذهبي؛ فهو علة الحديث، وليس جهالة أبي شيخ. والله أعلم.

وإنما يستنكر من هذا الحديث: النهي الأخير منه؛ لما ذكرنا من مخالفته للأحاديث المتواترة.

وأما سائر الحديث؛ فثابت من طرق وأحاديث أخرى.

أما النهي عن لبس الحرير والشرب في آنية الذهب والفضة؛ فأشهر من أن يذكر.

وأما النهي عن لبس الذهب إلا مقطعاً، وركوب النمار؛ فرواه ميمون القناد عن أبي قلابة عن معاوية به.

أخرجه النسائي، وأحمد (4/ 93) .

ورجاله ثقات؛ غير ميمون القناد؛ فهو مقبول عند الحافظ.

وروى أبو المعتمر عن ابن سيرين عن معاوية مرفوعاً؛ بلفظ:

"لا تركبوا الخز ولا النمار".

أخرجه أبو داود (2/ 186) ، وأحمد (4/ 93) .

 

(10/268)

 

 

وإسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير أبي المعتمر هذا؛ واسمه يزيد بن طهمان؛ وهو ثقة.

وروى بقية عن بحير عن خالد أنه قال:

وفد المقدام بن معدي كرب إلى معاوية بن أبي سفيان، فقال: ... معاوية.. فأنشدك بالله؛ هل سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن لبس الحرير؟ قال: نعم. قال: فأنشدك الله؛ هل سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن لبس الذهب؟ قال: نعم. قال: فأنشدك الله؛ هل تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها؟ قال: نعم.

أخرجه أبو داود (2/ 186) ، والنسائي (2/ 192) ، وأحمد (4/ 132-133) - الفقرة الأخيرة منه بلفظ -:

"نهى عن الحرير والذهب، وعن مياثر النمور ... "، وفيه مرفوعاً:

"هذا مني (يعني: الحسن) ، وحسين من علي (1) ".

وإسناده جيد، صرح بقية فيه بالتحديث.

وفي الباب: عن علي، ووالد أبي المليح، فراجع الحديث (1011) من "الصحيحة".

(تنبيه) : أورد السيوطي الحديث بتمامه في "الجامع الصغير"، وزاد في آخره: ونهى عن تشييد البناء. وقال:

__________

(1) هذه الرواية عند أبي داود. أما أحمد ففرّقه في موضعين. وأما النسائي؛ فلم يرو الزيادة. (الناشر)

 

(10/269)

 

 

"رواه الطبراني في "الكبير" عن معاوية".

وأوردها الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 70) بلفظ:

"عن معاوية بن أبي سفيان قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن الركوب على جلود السباع، وعن تشييد البناء - قلت: روى النسائي منه النهي عن جلود السباع -: رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه يزيد بن سفيان أبو المهزم؛ قال أحمد: ما أقرب حديثه! وقال [النسائي] : متروك. وضعفه الناس".

قلت: وقال الحافظ:

"متروك".

4723 - (نهى عن العمرة قبل الحج) .

منكر

أخرجه أبو داود (1/ 283) عن أبي عيسى الخراساني عن عبد الله ابن القاسم عن سعيد بن المسيب:

أن رجلاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فشهد عنده أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي قبض فيه ينهى عن ...

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الله بن القاسم - وهو التيمي البصري - روى عنه ثقتان آخران، ولم يوثقه غير ابن حبان. وقال ابن القطان:

"مجهول".

ونحوه أبو عيسى الخراساني؛ إلا أنه روى عنه جمع أكثر. ولما قال ابن القطان:

"لا يعرف حاله"! تعقبه الذهبي في "الميزان" بقوله:

"قلت: ذا ثقة، روى عنه حيوة بن شريح، و ... ووثقه ابن حبان".

 

(10/270)

 

 

وأما الحافظ؛ فقال في كل منهما:

"مقبول". يعني: عند المتابعة؛ وإلا فلين الحديث.

على أن الإسناد صورته صورة المرسل؛ للخلاف المعروف في سماع سعيد بن المسيب من عمر، وقد كان صغيراً في عهده.

والحديث عندي منكر؛ فالأحاديث في اعتماره - صلى الله عليه وسلم - قبل الحج كثيرة؛ في "الصحيحين" وغيرهما.

بل روى أحمد (2/ 46-47) ، وأبو داود (1/ 311) عن ابن جريج قال: قال عكرمة بن خالد:

سألت عبد الله بن عمر عن العمرة قبل الحج؟ فقال ابن عمر: لا بأس على أحد يعتمر قبل أن يحج. قال عكرمة: قال عبد الله: اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يحج.

ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ إلا أن ابن جريج مدلس.

لكن رواه ابن إسحاق: حدثني عكرمة بن خالد بن العاص المخزومي قال:

قدمت المدينة في نفر من أهل مكة نريد العمرة منها، فلقيت عبد الله بن عمر، فقلت: إنا قوم من أهل مكة، قدمنا المدينة ولم نحج قط، أفنعتمر منها؟ قال: نعم، وما يمنعكم من ذلك؟! فقد اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمره كلها قبل حجته، واعتمرنا.

أخرجه أحمد (2/ 158) .

قلت: وإسناده جيد.

 

(10/271)

 

 

4724 - (نهى عن المراثي) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (1/ 483) ، والحاكم (1/ 383) ، والطيالسي (1/ 158) ، وأحمد (4/ 356،383) ، والخطابي في "غريب الحديث" (141/ 1) عن إبراهيم الهجري عن عبد الله بن أبي أوفى مرفوعاً. وقال الحاكم:

"غريب صحيح، إبراهيم بن مسلم الهجري ليس بالمتروك؛ إلا أن الشيخين لم يحتجا به"!

قلت: ولكنه ليس بالثقة أيضاً؛ ففي "التقريب":

"لين الحديث". بل قال البوصيري في "الزوائد" (100/ 2) :

"ضعيف جداً".

(فائدة) : قال الخطابي:

"المراثي: النياحة، وما يدخل في معناها من تأبين الميت؛ على ما جرى عليه مذاهب أهل الجاهلية من قول المراثي، ونصب النوائح على قبور موتاهم. وأما المراثي التي فيها ثناء على الميت، ودعاء له؛ فغير مكروه، وقد رثى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير واحد من الصحابة بمراثي رواها العلماء، ولم يكرهوا إنشادها، وهي أكثر من أن تحصى".

ثم أخرج الحديث من طريق الدبري عن عبد الرزاق عن ابن جريج قال: حدثت عن عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي مرفوعاً بلفظ:

نهى عن مزابي القبور! وقال الخطابي:

"ما أراه محفوظاً، والمحفوظ الأول، صحفه بعض الرواة".

 

(10/272)

 

 

4725 - (حرم سبعة أشياء: النوح، والشعر، والتصاوير، والتبرج، وجلود السباع، والذهب، والحرير) .

ضعيف

أخرجه أحمد (4/ 101) ، والبخاري في "التاريخ" (4/ 1/ 234) ، والدولابي في "الأسماء" (2/ 50) ، وأبو يعلى في "مسنده" (7374) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (19/ 373-374/ 876-878) ، ومن طريقه المزي في "التهذيب" (5/ 581-582) ، والطبراني أيضاً في "مسند الشاميين" (1422) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (50/ 279-280) من طريق عبد الله بن دينار ومحمد بن مهاجر عن أبي حريز مولى معاوية قال:

خطب الناس معاوية بحمص، فذكر في خطبته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم ... فذكره. والسياق لأحمد.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي حريز هذا؛ وهو مجهول؛ كما قال الدارقطني والحافظ. وقال الذهبي في "الميزان":

"لا يعرف".

ولم يعرج على كلام هؤلاء الحفاظ المعلق على "مسند أبي يعلى"؛ اغتراراً منه بذكر ابن حبان إياه في "الثقات" (5/ 579) ! كأنه عرف هو ما لم يعرفوا، وهي عادة له معروفة، لذلك تكثر أخطاؤه ومخالفته، مغتراً بما عنده من علم ضحل!

وإن من جهله: أنه لم يلتفت مطلقاً إلى اضطرابه في متنه، ففي رواية - كما ترى - يقول: (سبعة) ، وفي أخرى: (تسعة) ، وفي ثالثة قال:

(حرم عشرة أشياء لا أحفظ عددهن) . وهذه عند ابن عساكر. ومرة بذكر: (الحرير) مكان: (الخز) !

 

(10/273)

 

 

والحديث؛ روى منه ابن ماجه (1580) النهي عن النوح فقط، وهذا له شواهد كثيرة، وكذلك بقية السبعة، إلا الشعر؛ فإني لم أجد له شاهداً في النهي عنه؛ ولذلك خرجته هنا.

والحديث أورده السيوطي في "الجامع الصغير" من رواية (حم - عن معاوية) باختلاف يسير في أوله عما هنا؛ إلا أنه زاد:

"والخز"!

ولا ذكر لها في "المسند"، وبها يصير العدد ثمانية!

(تنبيه) : من أوهام العلماء؛ قول الهيثمي في تخريج الحديث (8/ 120) :

"رواه الطبراني بإسنادين، رجال أحدهما ثقات"!

قأقول: قد تبين من تحقيقنا أن مدار الإسنادين على (أبي حريز) ؛ وأنه مجهول.

وابن حبان لم يعرفه إلا من الإسناد الأول؛ وهو (عبد الله بن دينار) ؛ وهو الحمصي البهراني، وهو ضعيف، كما قال الحافظ. وابن حبان يقول فيه:

"عزيز الحديث جداً"! ومع ذلك يورده في "الثقات" مع شيخه!!

4726 - (نهى عن بيع المحفلات، فقال: من ابتاعهن فهو بالخيار إذا حلبهن) .

ضعيف

أخرجه البزار (ص 130) و (1274 - كشف) عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن أنس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحسن: هو البصري؛ مدلس.

وإسماعيل بن مسلم: هو أبو إسحاق المكي البصري، وهو ضعيف.

وقال المناوي في "فيض القدير":

 

(10/274)

 

 

"رمز المصنف لصحته، وليس بصحيح؛ فقد قال الهيثمي: فيه إسماعيل بن مسلم المكي؛ وهو ضعيف".

لكن الحديث قد صح من حديث أبي هريرة مرفوعاً نحوه بزيادة:

" ... ثلاثة أيام؛ إن شاء أمسكها، وإن شاء رد معها صاعاً من تمر" (1) .

أخرجه مسلم (5/ 6) وغيره، وهو مخرج في "أحاديث البيوع"، وراجع لفقه هذه الزيادة "فتح الباري" (4/ 362-363) ، وانظر "الصحيحة" (3236) .

4727 - (نهى عن حلق القفا إلا للحجامة) (2) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (406) ، وابن عدي (177/ 1) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/ 339) عن سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب مرفوعاً. وقال الطبراني:

"لم يروه عن قتادة إلا سعيد".

وكذا قال ابن عدي؛ وزاد في أوله:

"هذا متن منكر".

قلت: وسعيد بن بشير ضعيف.

والحسن - وهو البصري - مدلس.

وقد وجدت له طريقاً أخرى من حديث أبي هريرة مرفوعاً به.

رواه أبو موسى المديني في "اللطائف" (19/ 2) عن محمد بن نهار قال:

__________

(1) وأوله: " من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار. . . ". (الناشر) .

(2) كتب الشيخ بخطه فوق هذا المتن: " كأنه تقدم ". انظره برقم (3496) . (الناشر) .

 

(10/275)

 

 

سمعت الرياشي يقول: سمعت الأصمعي يقول: كنت عند مالك بن أنس فدخل الأوزاعي فقال له مالك: حديثاً نرويه عن يحيى بن أبي كثير في حلق القفا. فقال الأوزاعي: حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال:

"هذا حديث غريب بهذا الإسناد، لم يروه إلا محمد بن نهار؛ وليس بالقوي، وقد روي بإسناد آخر مثله عن الأوزاعي".

ومحمد بن نهار، ضعفه الدارقطني أيضاً، وأخرج له هذا الحديث في "غرائب مالك"؛ وقال:

"هذا باطل، لا يصح عن مالك، ولا عن الأوزاعي، ومحمد بن نهار ضعيف".

قلت: ثم ساقه من طريق أبي سعيد الحسن بن علي العدوي: حدثنا عثمان ابن عمرو الدباغ: حدثنا ابن علاثة: حدثنا الأوزاعي به.

قلت: والعدوي هذا كذاب.

ثم رأيت ابن أبي حاتم قد أورد الحديث في "العلل" (2/ 316) من طريق سعيد ابن بشير ... وقال:

"قال أبي: هذا حديث كذب بهذا الإسناد، يمكن أن يكون دخل لهم حديث في حديث ... ".

4728 - (نهى عن صيام رجب كله) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن ماجه (1743) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 93/ 1) عن داود بن عطاء: حدثني زيد بن عبد الحميد بن زيد بن الخطاب عن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده مرفوعاً.

 

(10/276)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ داود بن عطاء؛ قال البخاري وغيره:

"منكر الحديث". وقال الدارقطني:

"متروك".

وزيد بن عبد الحميد، وسليمان بن علي؛ من المقبولين عند الحافظ.

4729 - (نهى عن ضرب الدف، ولعب الصنج، وصوت الزمارة) .

ضعيف جداً

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (13/ 300-301) عن إسماعيل ابن عياش عن عبد الله بن ميمون عن مطر بن [أبي] سالم قال: قال علي بن أبي طالب ... فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ مطر هذا مجهول، كما في "الميزان".

وعبد الله بن ميمون؛ الظاهر أنه داود القداح المخزومي المكي؛ قال الحافظ:

"منكر الحديث، متروك".

وإسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين، وهذا منه.

 

(10/277)

 

 

4730 - (نهى عن قتل كل ذي روح؛ إلا أن يؤذي) .

ضعيف جداً

أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 170/ 2) عن عمر أبي يحيى عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علل:

الأولى: الانقطاع؛ فإن الضحاك لم يسمع من ابن عباس.

الثانية: جويبر - وهو ابن سعيد - ضعيف جداً؛ كما في "التقريب".

 

(10/277)

 

 

الثالثة: عمر أبو يحيى؛ لم أعرفه.

وقال الهيثمي (4/ 42) :

"رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه جويبر بن سعيد، وهو ضعيف"!

كذا قال! وفيه نظر من وجوه لا تخفى على البصير.

4731 - (نهى عن قسمة الضرار) .

ضعيف

أخرجه ابن منده في "المعرفة" (2/ 202/ 2) ، والبيهقي (10/ 134) عن سليمان بن موسى عن نضير مولى معاوية قال ... فذكره مرفوعاً. وقال البيهقي:

"وهذا مرسل".

قلت: ومع إرساله؛ فهو ضعيف؛ لجهالة نضير هذا - وهو بإعجام الضاد على ما في "الجرح والتعديل" (4/ 1/ 510) مصغراً، ويقال بالإهمال -، ذكره من رواية سليمان هذا ولم يزد!

 

(10/278)

 

 

4732 - (نهى عن كل مسكر ومفتر) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (2/ 130) ، والبيهقي (8/ 296) ، وأحمد (6/ 309) ، والضياء في "المختارة" (10/ 105/ 1) عن شهر بن حوشب عن أم سلمة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ شهر بن حوشب؛ قال الحافظ:

"صدوق؛ كثير الإرسال والأوهام".

قلت: ومما يدل على وهمه في هذا الحديث؛ تفرده فيه بقوله:

"ومفتر".

 

(10/278)

 

 

فإنه قد ثبت عن جمع من الصحابة في "صحيح مسلم" (6/ 100) وغيره، بألفاظ متقاربة، وطرق متكاثرة، لم يرد فيها هذا الذي تفرد به شهر، فدل على أنه منكر.

ومن ذلك تعلم خطأ من صحح إسناده، ففي "فيض القدير":

"رمز المصنف لصحته، وهو كذلك؛ فقد قال الزين العراقي: إسناده صحيح"!

وكأن هذا هو مستند قول الشيخ محمد بن إبراهيم - مفتي المملكة السعودية سابقاً رحمه الله -: إن سنده صحيح! في فتوى له مفيدة في "تحريم القات": النبات المشهور مضغه في اليمن، نشرتها مجلة "الحج" الغراء، في "الجزء الرابع" من السنة (14) (ص 278) .

ومن تلك الأحاديث الشاهدة المشار إليها آنفاً: ما أخرجه النسائي (5682) من طريق أبان بن صمعة قال: حدثتني والدتي عن عائشة:

أنها سئلت عن الأشربة؟ فقالت:

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن كل مسكر.

وأبان هذا ثقة؛ لكنه كان اختلط، ووالدته لم أعرفها، وقد ذكرها المزي فيمن روى عنها ابنها، ولكني لم أره مترجم لها؛ لا هو ولا غيره ممن جاء بعده.

لكن هذا القدر من الحديث صحيح؛ لما ذكرنا آنفاً.

4733 - (هاجروا تورثوا أبناءكم مجداً) .

ضعيف

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 94) ، وعنه الديلمي (4/ 113) عن يعقوب بن داود عن ابن تليد عن القاسم عن عائشة مرفوعاً.

 

(10/279)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ابن تليد، ويعقوب؛ لم أعرفهما.

4734 - (هاجروا من الدنيا وما فيها) .

ضعيف جداً

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (2/ 260) ، وعنه الديلمي (4/ 113) عن سعيد بن عثمان التنوخي قال: حدثنا ابن أبي السري قال: حدثنا عبد ة ابن سليمان عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة مرفوعاً. وقال أبو نعيم:

"كذا رواه التنوخي عن ابن أبي السري، فإن كان محفوظاً؛ فهو غريب. وصوابه ما رواه سليمان التيمي وأبو عوانة عن قتادة بإسناده: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" ... ".

قلت: التنوخي؛ ضعفه الدارقطني.

وابن أبي السري؛ أخوان: محمد، وحسين:

فإن كان الأول؛ فهو موثق.

وإن كان الآخر؛ فهو مكذب، وهذا هو الأقرب. والله أعلم.

 

(10/280)

 

 

4735 - (هذا أسبغ الوضوء، وهو وضوئي، ووضوء خليل الله إبراهيم، ومن توضأ هكذا (يعني: ثلاثاً ثلاثاً) ؛ ثم قال عند فراغه: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبد هـ ورسوله؛ فتح له ثمانية أبواب الجنة، يدخل من أيها شاء) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن ماجه (1/ 162-163) عن عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن معاوية بن قرة عن ابن عمر قال:

 

(10/280)

 

 

توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدة واحدة، فقال:

"هذا وضوء من لا يقبل الله منه صلاة إلا به". ثم توضأ ثنتين، فقال:

"هذا وضوء القدر من الوضوء"، وتوضأ ثلاثاً ثلاثاً، وقال ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد الرحيم بن زيد العمي متروك.

وأبوه زيد العمي ضعيف.

وقد رواه سلام الطويل عن زيد العمي به؛ دون قوله:

"ثم قال عند فراغه ... ".

أخرجه الطيالسي (1/ 53) ، والدارقطني (ص 29-30) ، والبيهقي (1/ 80) . قلت: وسلام الطويل متروك أيضاً. وقال البيهقي:

"وهكذا روي عن عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه. وخالفهما غيرهما؛ وليسوا في الرواية بأقوياء".

قلت: وتابعهما محمد بن الفضل عن زيد العمي به، دون الزيادة.

أخرجه الدارقطني.

ومحمد بن الفضل - وهو ابن عطية - متروك أيضاً.

وخالفهم أبو إسرائيل فقال: عن زيد العمي عن نافع عن ابن عمر به؛ دون الزيادة أيضاً.

أخرجه الدارقطني، وأحمد (2/ 98) .

وأبو إسرائيل - واسمه إسماعيل بن خليفة - ضعيف؛ لسوء حفظه.

 

(10/281)

 

 

فقول الهيثمي (1/ 230) :

"رواه أحمد، وفيه زيد العمي، وهو ضعيف، وقد وثق، وبقية رجاله رجال (الصحيح) "!

أقول: فهذا وهم منه رحمه الله؛ فإن أبا إسرائيل ليس من رجال "الصحيح"، ولعله توهم أنه إسرائيل، وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، أو لعله وقع كذلك في نسخته من "المسند"؛ فإنه من رجال "الشيخين"! والله أعلم.

وجملة القول؛ أن هذه الزيادة قد تفرد بها عبد الرحيم العمي دون أولئك الثلاثة: سلام الطويل ومحمد بن الفضل وأبي إسرائيل، وهم - مع ضعفهم الشديد - باستثناء الثالث؛ فما اتفقوا عليه أقرب إلى الصواب مما تفرد به عبد الرحيم.

وما اتفق عليه هذا مع سلام وابن الفضل - أن زيداً العمي رواه عن معاوية بن قرة عن ابن عمر - أقرب إلى الصحة من رواية أبي إسرائيل عن العمي عن نافع عن ابن عمر.

وعليه؛ ففي الإسناد علة أخرى؛ وهي الانقطاع بين معاوية بن قرة وابن عمر. وقد أشار إلى ذلك الحاكم في "المستدرك" (1/ 150) ، وصرح بذلك بعض المتقدمين. وناقشهم في ذلك العلامة أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" (8/ 113) . والله أعلم.

وقد خالفهم جميعاً في إسناده: عبد الله بن عرادة الشيباني فقال: عن زيد ابن الحواري عن معاوية بن قرة عن عبيد بن عمير عن أبي كعب مرفوعاً به، دون الزيادة.

أخرجه ابن ماجه.

 

(10/282)

 

 

والشيباني هذا ضعيف أيضاً.

4736 - (هذا قبر أبي رغال؛ وهو أبو ثقيف، وكان من ثمود، وكان بهذا الحرم يدفع عنه، فلما أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان، فدفن فيه، وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب، وإن أنتم نبشتم عنه أصبتموه. قال: فابتدره الناس معه الغصن) .

ضعيف

رواه أبو داود (2/ 52) ، والبيهقي في "الدلائل" (ج2) و (6/ 297 - ط) ، والديلمي (2/ 115) ، والذهبي في "الميزان" من طريق ابن إسحاق عن إسماعيل بن أمية عن بجير بن أبي بجير قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول ... فذكره مرفوعاً.

ثم رواه البيهقي من طريق روح بن القاسم عن إسماعيل بن أمية به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ بجير بن أبي بجير؛ قال الذهبي:

"لم يعرفه ابن أبي حاتم بشيء. وروى عباس عن ابن معين قال: لم أسمع أحداً حدث عنه غير إسماعيل بن أمية. وصدق".

وهذا معناه أنه مجهول. وبه صرح الحافظ في "التقريب". ثم قال الذهبي:

"قلت: له حديث واحد انفرد ابن إسحاق به، أخبرناه ... " ثم ساقه بإسناده!

قلت: وخفيت عليه متابعة روح بن القاسم لابن إسحاق التي ذكرنا، ولولاها لكان تفرده علة أخرى في الحديث لعدم تصريحه بالتحديث.

وقد أعله المنذري في "مختصر السنن" (4/ 272) به! فلم يحسن من وجهين:

الأول: أنه قد توبع؛ كما عرفت.

 

(10/283)

 

 

والآخر: أن العلة من شيخ شيخه بجير بن أبي بجير، كما أشار إليه الذهبي، وصرح الحافظ في "التقريب" أنه مجهول.

ثم وقفت على علة أخرى له، فقال عبد الرزاق في "مصنفه" (11/ 454/ 20989) : أخبرنا معمر عن إسماعيل بن أمية قال:

مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقبر فقال ...

قلت: وهذا معضل.

4737 - (هذه إدام هذه. يشير إلى كسرة خبز وتمرة) .

ضعيف

أخرجه البخاري في "التاريخ" (4/ 2/ 371-372) ، وأبو داود (2/ 147) ، والترمذي في "الشمائل" (184- حمص) ، وأبو زرعة في "التاريخ" (ق 97/ 2) (1) ، والحربي في "الغريب" (5/ 198) عن يزيد الأعور عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال:

رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ كسرة من خبز شعير، فوضع عليها تمرة وقال ... (فذكره) ؛ فأكلها.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد الأعور - وهو ابن أبي أمية - مجهول؛ كما في "التقريب".

__________

(1) كذا قرأناها في أصل الشيخ، وكونها (ق 47 / 2) ليس بعيداً. (الناشر)

 

(10/284)

 

 

4738 - (هذه الحشوش محتضرة، فإذا دخل أحدكم الخلاء؛ فليقل: بسم الله) (2) .

ضعيف

أخرجه ابن السني (8 رقم 19) من طريق قطن بن نسير (وفي الأصل: يسير! وهو خطأ) : حدثنا عدي بن أبي عمارة الدارع قال: سمعت قتادة

__________

(2) كتب الشيخ - رحمه الله - هنا: " قد خُرج بعد برقم (5042) ، ولعله أتم ". (الناشر) .

 

(10/284)

 

 

عن أنس مرفوعاً.

وهذا إسناد ضعيف؛ عدي هذا؛ قال في "الميزان":

"قال العقيلي: في حديثه اضطراب، وعنه قطن بن نسير". زاد في "اللسان":

"وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: روى عنه القاسم بن عيسى الطائي والبصريون. قلت: ومن أغلاطه أنه روى عن قتادة عن أنس: في القول عند دخول الخلاء، وإنما رواه قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم. وقيل: عن النضر بن أنس عن أبيه. والأول أصح".

قلت: وقد تقدم حديث زيد بلفظ: "إن هذه الحشوش ... " فراجعه.

وقد غلط هذا الراوي في متن الحديث أيضاً؛ حيث قال:

"فليقل: بسم الله"، وإنما هو:

"أعوذ بالله من الخبث والخبائث"؛ كما رواه الثقات عن قتادة. فانظره هناك في "الصحيحة" (1070) .

4739 - (هاشم والمطلب كهاتين - وضم أصابعه، وشبك بين أصابعه -، لعن الله من فرق بينهما، ربونا صغاراً، وحملناهم كباراً) .

ضعيف

أخرجه البيهقي (6/ 365-366) عن زيد بن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله، ورجاله ثقات.

وزيد: هو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو الذي ينسب إليه الزيدية.

 

(10/285)

 

 

وقد صح الحديث موصولاً من حديث جبير بن مطعم مرفوعاً - دون الشطر الثاني منه -: عند البخاري وغيره، وهو مخرج في "الإرواء" (1242) .

4740 - (هدية الله إلى المؤمن: السائل على بابه) .

موضوع

أخرجه الديلمي (4/ 114) عن سليمان بن سلمة: حدثنا سعيد ابن موسى الأزدي عن مالك عن نافع عن ابن عمر رفعه.

ومن طريق أبي نعيم عن أحمد بن سعيد بن فرضح: حدثنا عبد الله بن محمد الدمياطي: حدثنا موسى بن محمد المقدسي: حدثنا مالك به.

قلت: وهذا موضوع من الوجهين:

أما الأول: فآفته:

أ- إما سعيد بن موسى الأزدي؛ اتهمه ابن حبان بالوضع، ثم ساق له هذا الحديث من طريق سليمان بن سلمة الخبائزي.

وساق له الذهبي حديثاً آخر طويلاً موضوعاً.

ب- وإما سليمان بن سلمة - وهو الخبائزي -؛ قال ابن الجنيد:

"كان يكذب". وقال أبو حاتم:

"متروك لا يشتغل به". وساق له الذهبي هذا الحديث، وقال:

"قال الخطيب: سعيد مجهول، والخبائزي مشهور بالضعف. قلت: هذا موضوع على مالك".

وأما الآخر: فآفته ابن فرضح؛ قال الدارقطني:

 

(10/286)

 

 

"روى أحاديث في ثواب المجاهدين والمرابطين والشهداء موضوعة، كلها كذب، لا تحل روايتها، والحمل فيها عليه، فهو المتهم بها؛ فإنه كان يركب الأسانيد ويضع عليها أحاديث". قال الحافظ في "اللسان":

"ورأيت له تصانيف؛ منها كتاب "الاحتراف"، ذكر فيه أحاديث وآثاراً في فضائل التجارة؛ لا أصل لها". ثم ساق له واحداً منها.

4741 - (هل من أحد يمشي على الماء إلا ابتلت قدماه؟! قالوا: لا يا رسول الله! قال: كذلك صاحب الدنيا؛ لا يسلم من الذنوب) .

ضعيف

رواه البيهقي في "الزهد" (2/ 32/ 1-2) عن سيار بن حاتم: حدثنا هلال بن حق: حدثنا سعيد الجريري والحسن بن ذكوان عن الحسن عن أنس.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سيار بن حاتم؛ قال العقيلي:

"أحدايثه مناكير. ضعفه ابن المديني". وقال أبو أحمد الحاكم:

"في حديثه بعض المناكير".

ولم يوثقه غير ابن حبان. ومع ذلك قال الذهبي:

"صالح الحديث، وثقه ابن حبان"! وقال الحافظ:

"صدوق، له أوهام"!

قلت: وقد خولف في إسناده؛ فقال ابن أبي الدنيا في "ذم الدنيا" (19/ 2) : حدثني إسحاق بن إسماعيل قال: حدثنا روح بن عبادة عن عوف عن الحسن قال: بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره بلفظ:

 

(10/287)

 

 

"إنما مثل الدنيا كمثل الماشي في الماء، فهل يستطيع الذي يمشي في الماء أن لا تبتل قدماه؟! ".

قلت: وهذا مرسل، وسنده صحيح، رجاله رجال الشيخين؛ غير إسحاق - وهو الطالقاني - ثقة.

فالصواب في الحديث الإرسال.

وقد أشار المنذري (4/ 104) إلى تضعيفه، وعزاه للبيهقي في "الزهد".

4742 - (هلك المتقذرون) .

ضعيف

أخرجه البخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 292-293) ، والخطيب في "التلخيص" (ق 180/ 1) عن إبراهيم بن شعيب (وقال الخطيب: شعيث) عن عبد الله بن سعيد عن أبيه عن عائشة مرفوعاً.

وروى الخطيب عن ابن معين أنه قال في إبراهيم هذا:

"ليس بشيء".

وكذا في "الميزان". وزاد في "اللسان":

أن ابن حبان ذكره في "الثقات".

ولك يذكر فيه ابن أبي حاتم (1/ 1/ 105) جرحاً ولا تعديلاً.

وقد وجدت له متابعاً قوياً: يرويه أحمد بن أبي عون: حدثنا عمرو الناقد: حدثنا وكيع: حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً به.

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/ 379) وقال:

 

(10/288)

 

 

"تفرد به عبد الله بن سعيد عن أبيه".

قلت: وهما ثقتان من رجال الشيخين.

ومن دونه ثقات؛ غير أحمد بن أبي عون؛ فإني لم أعرفه.

فقد خالفه وكيع إبراهيم بن شعيث في إسناده، فجعله من مسند أبي هريرة، وليس من مسند عائشة. ولا شك أن روايته هي الأرجح؛ بل الصواب؛ لولا أن في الطريق من لم نعرفه. والله أعلم.

4743 - (هن أغلب) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (948) ، وأحمد (6/ 294) عن أسامة بن زيد عن محمد بن قيس عن أبيه (وقال أحمد: أمه) عن أم سلمة قالت:

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في حجرة أم سلمة، فمر بين يديه عبد الله - أو عمر - ابن أبي سلمة، فقال بيده، فرجع، فمرت زينب بنت أم سلمة، فقال بيده هكذا، فمضت! فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سواء كان عن أبي محمد: قيس أو أمه؛ فإنهما لا يعرفان، كما قال البوصيري.

 

(10/289)

 

 

4744 - (الهدية تذهب بالسمع والبصر) .

ضعيف جداً

رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (12/ 1) عن الفضل عن أبان عن أنس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبان - وهو ابن أبي عياش - متروك.

 

(10/289)

 

 

ومثله الفضل - وهو ابن المختار -؛ قال أبو حاتم:

"أحاديثه منكرة، يحدث بالأباطيل".

ومن طريقه: أخرجه الطبراني في "الكبير"؛ لكن جعله من مسند عصمة بن مالك؛ كما في "المناوي" نقلاً عن الهيثمي.

ورواه يحيى بن العلاء البجلي: أخبرنا الضحاك بن عثمان قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يحدث عن أبي هريرة مرفوعاً به.

أخرجه عبد الرحمن بن نصر الدمشقي في "الفوائد" (2/ 228/ 1) .

لكن البجلي كذاب.

4745 - (الهدية تعور عين الحكيم) .

موضوع

أخرجه الديلمي (4/ 120-121) عن عبد الله بن عبد العزيز عن الثوري عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس رفعه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته عبد الوهاب بن مجاهد؛ قال الحافظ:

"متروك. وكذبه الثوري".

وعبد الله بن عبد العزيز؛ الظاهر أنه ابن أبي رواد؛ قال أبو حاتم وغيره:

"أحاديثه منكرة". وقال ابن الجنيد:

"لا يساوي شيئاً، يحدث بأحاديث كذب".

وضعفه غيرهما.

 

(10/290)

 

 

4746 - (وأي وضوء أفضل من الغسل؟!) .

ضعيف مرفوعاً

أخرجه الطبراني (3/ 199/ 2) ، والحاكم (1/ 153-154) عن محمد بن عبد الله بن بزيع: حدثنا عبد الأعلى: حدثنا عبيد الله (1) بن عمر عن نافع عن ابن عمر:

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الوضوء بعد الغسل؟ فقال ... فذكره. وقال الحاكم:

"محمد بن عبد الله بن بزيع ثقة، وقد أوقفه غيره"!

قال الذهبي عقبه:

"قلت: وهو الصواب".

قلت: لم أقف على من تابعه في روايته عن عبد الأعلى ... ولو موقوفاً، حتى أتمكن من الترجيح في هذه الطريق.

وأما من غيرها؛ فقد وجدته موقوفاً من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه كان يقول:

وأي وضوء أتم من الغسل إذا اجتنب الفرج؟!

أخرجه البيهقي (1/ 178) .

قلت: وإسناده صحيح.

__________

(1) كذا في نسخة " المستدرك "، وفي رواية أخرى: " عبد الله " مكبّراً، وهي التي اعتمدها المحقق، مع أن النسخة الأولى مطابقة لما في " تلخيص المستدرك "، والأخرى موافقة لما في " مصنف عبد الرزاق " كما يأتي.

 

(10/291)

 

 

وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1038) : أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم قال:

كان أبي يغتسل ثم يتوضأ؛ فأقول: أما يجزيك الغسل؟! وأي وضوء أتم من الغسل؟! قال: وأي وضوء أتم من الغسل للجنب؟ ولكنه يخيل إلي أنه يخرج من ذكري الشيء، فأمسه، فأتوضأ لذلك.

ورأيته عنده من الطريق الأولى موقوفاً أيضاً، فقال عبد الرزاق (1039) : عن ابن جريج قال: أخبرني نافع عن ابن عمر كان يقول:

"إذا لم تمس فرجك بعد أن تقضي غسلك؛ فأي وضوء أسبغ من الغسل؟!

قلت: وعبد الله بن عمر - وهو العمري - المكبر ضعيف.

وأما عبيد الله بن عمر المصغر؛ فهو ثقة، وقد اختلفت نسخ "المستدرك" فيه، فوقع في بعضها مصغراً، وفي بعضها مكبراً، ولعل هذا هو الأرجح؛ لمطابقته لرواية "المصنف". وهذا مما يوهن في صحته مرفوعاً، ويؤكد ذلك رواية ابن جريج عن نافع موقوفاً.

وكذلك رواه غنيم بن قيس عن ابن عمر:

سئل عن الوضوء بعد الغسل؟ فقال: وأي وضوء أعم من الغسل؟!

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 68) .

قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم.

 

(10/292)

 

 

وبالجملة؛ فالحديث لا يصح مرفوعاً:

أما على اعتبار أن الذي رفعه هو عبد الله المكبر؛ فواضح.

وأما على اعتبار أنه المصغر؛ فالعلة الشذوذ والمخالفة لرواية ابن جريج عن نافع، ولرواية الزهري عن سالم؛ كلاهما عن ابن عمر، ولرواية غنيم بن قيس عنه. وبذلك تأكدنا من صحة قول الذهبي المتقدم:

"وقفه هو الصواب".

4747 - (وددت أن (تبارك) الملك في قلب كل مؤمن) .

ضعيف جداً

أخرجه السراج في "حديثه" (ق 188/ 1 و 198/ 2) ، وعنه أبو محمد المخلدي في "الفوائد" (267/ 1) ، وكذا القزويني الرافعي في "تاريخ قزوين" (4/ 201) ، والحاكم (1/ 565) ، وابن عساكر في "التاريخ" (8/ 451/ 1) من طريق حفص بن عمر: حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الحاكم:

"هذا إسناد صحيح"! وأقره المنذري في "الترغيب" (2/ 223) !

وأما الذهبي فره بقوله:

"قلت: حفص واه".

قلت: وهو ابن ميمون العدني الملقب بالفرخ. وقال الحافظ:

"ضعيف".

لكن تابعه إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه به.

 

(10/293)

 

 

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 129/ 1) .

وإبراهيم بن الحكم ضعيف أيضاً؛ كما في "التقريب".

لكن ضعفه البخاري جداً؛ بقوله:

"سكتوا عنه". وقال النسائي وغيره:

"ليس بثقة".

فلا يستشهد به. والله أعلم.

وأبوه الحكم بن أبان صدوق عابد، وله أوهام.

4748 - (وزن حبر العلماء بدم الشهداء، فرجح عليهم) .

موضوع

أخرجه الخطيب في "التاريخ" (2/ 193) عن محمد بن الحسن العسكري: أخبرنا العباس بن يزيد البحراني قال: أخبرنا إسماعيل بن علية: قال أيوب عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً.

قلت: هذا موضوع؛ آفته العسكري؛ ساقه الخطيب في ترجمته، وقال:

"وكان غير ثقة، يروي الموضوعات عن الثقات".

ثم ساق له حديثاً آخر، لوائح الوضع عليه ظاهرة كهذا. ثم قال:

"رجال هذين الحديثين كلهم ثقات؛ غير محمد بن الحسن، ونرى الحديثين مما صنعت يداه". وقال الذهبي:

"اتهمه الخطيب بأنه يضع الحديث. قلت: وهو الذي انفرد برواية كتاب "الحيدة"، رواه عنه أبو عمرو بن السماك. ورأيت له حديثاً رجال إسناده ثقات

 

(10/294)

 

 

سواه - وهو كذب - في فضل عائشة رضي الله عنها. ويغلب على ظني أنه هو الذي وضع كتاب "الحيدة"؛ فإني لأستبعد وقوعه جداً". قال الحافظ في "اللسان":

"ووجه استبعاد المصنف كتاب "الحيدة": أنه يشتمل على مناظرات أقيمت فيها الحجة لتصحيح مذهب أهل السنة عند المأمون، والحجة [في] قول صاحبها، فلو كان الأمر كذلك؛ ما كان المأمون يرجع إلى مذهب الجهمية، ويحمل الناس عليه، ويعاقب على تركه، ويهدد بالقتل وغيره، كما هو معروف في أخباره في كتب المحنة". وقال أيضاً في حق المترجم:

"قال ابن السمعاني: كان يضع الحديث".

4749 - (وفروا اللحى، وخذوا من الشوارب، وانتفوا الآرباط، واحذروا الفلقتين) .

ضعيف جداً

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (404) عن بشر بن الوليد: أخبرنا سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال:

"لم يروه عن يحيى إلا سليمان".

قلت: وهو متروك.

وبشر بن الوليد صدوق؛ لكنه كان قد خرف؛ كما قال صالح جزرة.

والحديث؛ أورده الهيثمي في "المجمع" (5/ 168) بهذا اللفظ، وقال:

"رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه سليمان بن داود اليمامي؛ وهو ضعيف".

ومن رواية الطبراني: أورده السيوطي في "الجامع"، لكن بلفظ:

 

(10/295)

 

 

"وقصوا الأظافير"! بدل: "واحذروا الفلقتين".

فلا أدري أهو وهم من السيوطي، أم رواية الطبراني؟! والله أعلم.

والشطر الأول من الحديث صحيح، ورد من طريق العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:

"جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى: خالفوا المجوس".

أخرجه مسلم (1/ 153) .

وقد سبق تحت الحديث (2107) .

4750 - (وقت العشاء؛ إذا ملأ الليل بطن كل واد) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1/ 17/ 2) عن قطن بن نسير: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن عن عائشة قالت:

سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن وقت العشاء؟ قال: "إذا ... " الحديث. وقال:

"لم يروه عن محمد إلا جعفر".

قلت: وهما ثقتان على شرط مسلم، وكذلك من دونهما؛ إلا أنه إنما أخرج لمحمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - متابعة.

وعلى ضعف في قطن بن نسير من قبل حفظه، وقد خولف كما يأتي.

ويحيى بن عبد الرحمن: هو ابن حاطب بن بلتعة المدني.

وقد أخرجه الديلمي (4/ 130) معلقاً على أبي نعيم: حدثنا محمد بن

 

(10/296)

 

 

حميد: حدثنا عبد الله بن صالح: حدثنا الصلت بن مسعود: حدثنا جعفر بن سليمان: حدثنا عمرو بن علقمة: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه مرفوعاً!

هكذا وقع إسناده فيه، وأظن أن فيه تحريفاً في موضعين:

الأول: قوله: محمد بن عبد الرحمن بن حاطب! والصواب: يحيى بن عبد الرحمن ... ؛ كما تقدم عند الطبراني؛ وليس في الرواة: محمد بن عبد الرحمن ابن حاطب.

والآخر: عمرو بن علقمة! صوابه: محمد بن عمرو بن علقمة.

وعبد الله بن صالح؛ فيه ضعف.

ومثله - بل أدنى منه -: محمد بن حميد؛ وهو الرازي.

والحديث؛ قال الهيثمي (1/ 313) :

"رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال (الصحيح) "!

وخولف جعفر بن سليمان الضبعي في إسناده؛ فقال الإمام أحمد في "مسنده" (5/ 365) : حدثنا يزيد: حدثنا محمد - يعني: ابن عمرو - عن عبد العزيز بن عمرو بن ضمرة الفزاري عن رجل من جهينة قال:

سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: متى أصلي العشاء الآخرة؟ قال: "إذا ... " الحديث.

ويزيد هذا: هو ابن هارون، وهو ثقة من رجال الشيخين.

قلت: وهذا اختلاف شديد في السند والمتن كما هو ظاهر؛ ولذلك لم ينشرح الصدر لتقوية الحديث بهذه الطرق. والله أعلم.

 

(10/297)

 

 

4751 - (وقروا من تعلمون منه العلم، ووقروا من تعلمون العلم) .

موضوع

أخرجه الديلمي (4/ 121) عن محمد بن عبد الملك الأنصاري عن نافع عن ابن عمر رفعه.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته الأنصاري هذا؛ قال أحمد:

"كان أعمى يضع الحديث". وقال الحاكم:

"روى عن نافع وابن المنكدر الموضوعات".

 

(10/298)

 

 

4752 - (ولد الملاعنة عصبته عصبة أمه) .

ضعيف

أخرجه الحاكم (4/ 341) ، والبيهقي (6/ 259) عن حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن رجل من أهل الشام أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير الرجل الشامي؛ فلم أعرفه، وهو إما تابعي كبير؛ فيكون مرسلاً، وإما صحابي؛ فيكون مسنداً.

وعلى الأول؛ فهو ضعيف.

وعلى الآخر صحيح؛ لأن الجهالة في الصحابة لا تضر. ولكن ليس لدينا ما يرجح أحدهما على الآخر، بل ظاهر رواية سفيان الثوري عن داود بن أبي هند: حدثني عبد الله بن عبيد الأنصاري قال:

كتبت إلى أخ لي من بني زريق: لمن قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بولد الملاعنة؟ فقال: قضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمه؛ قال:

 

(10/298)

 

 

"هي بمنزلة أبيه ومنزلة أمه".

أخرجه البيهقي.

قلت: فقوله: (أخ لي) ظاهر أنه تابعي مثله. ولعله لذلك قال البيهقي:

"وهذا منقطع"؛ أي: مرسل.

4753 - (وما لي لا أغضب وأنا آمر بالأمر فلا أتبع) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (2/ 230) ، وأحمد (4/ 286) عن أبي بكر بن عياش: حدثنا أبو إسحاق عن البراء بن عازب قال:

خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، قال: فأحرمنا بالحج، فلما قدمنا مكة؛ قال:

"اجعلوا حجكم عمرة". قال: فقال الناس: يا رسول الله! قد أحرمنا بالحج؛ فكيف نجعلها عمرة؟! قال:

"انظروا ما آمركم به فافعلوا". فردوا عليه القول! فغضب، ثم انطلق حتى دخل على عائشة غضبان، فرأت الغضب في وجهه، فقالت: من أغضبك أغضبه الله؟! قال ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لعنعنة أبي إسحاق واختلاطه؛ قال البوصيري في "زوائده" (183/ 2) :

"رجاله ثقات؛ إلا أن فيه أبا إسحاق - واسمه عمرو بن عبد الله - اختلط بآخره. ولم [يتبين] حال أبي بكر بن عياش؛ هل روى عنه قبل الاختلاط أو بعده؟ فيوقف حديثه حتى يتبين حاله. رواه النسائي في "عمل اليوم والليلة" عن أبي بكر بن عياش به".

 

(10/299)

 

 

4754 - (وهبت لخالتي غلاماً، ونهيت أن تجعله حجاماً) .

ضعيف

أخرجه البخاري في "التاريخ" (3/ 2/ 298) عن محمد بن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن رجل من بني سهم عن علي بن ماجدة سمع عمر رضي الله عنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره.

ومن طريق أخرى عن ابن إسحاق عن العلاء عن أبي ماجدة عن عمر به وقال:

"لم يصح إسناده".

ومن هذا الوجه: أخرجه أحمد (1/ 17) ، وأبو داود (3430-3432) .

وصرح ابن إسحاق بالتحديث عندهما، وأسقط أبو داود الرجل السهمي من إسناده؛ كما في رواية البخاري الثانية.

وعلة الحديث: الاضطراب في إسناده.

وجهالة علي بن ماجدة؛ قال الحافظ فيه:

"مجهول". وقال الذهبي:

"ذكره البخاري في "الضعفاء" ... ".

والحديث؛ رواه الطبراني من حديث جابر مرفوعاً نحوه؛ قال الهيثمي (4/ 93) :

"رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي، وهو متروك".

قلت: ولم أره في ترجمة جابر بن عبد الله، ولا في ترجمة غيره ممن يسنى جابراً من "المعجم الكبير"؛ فلعله أورده في ترجمة أخرى لمناسبة ما؛ فإنه قد يفعل ذلك أحياناً (1) .

__________

(1) نعم؛ رواه فيه (24 / 439) في مسند فاختة بنت عمرو رضي الله عنها. (الناشر)

 

(10/300)

 

 

4755 - (ويح الفراخ فراخ آل محمد؛ من خليفة مستخلف مسرف) .

ضعيف

أخرجه الديلمي (4/ 133) من طريق أبي نعيم عن المقدمي: حدثنا عبد الله بن جعفر عن موسى بن عبيدة عن إياس بن سلمة عن سلمة بن الأكوع رفعه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف موسى بن عبيدة.

وعبد الله بن جعفر؛ الظاهر أنه ابن المديني، وهو ضعيف أيضاً.

 

(10/301)

 

 

4756 - (ويل للعالم من الجاهل، وويل للجاهل من العالم) .

ضعيف

أخرجه الديلمي (4/ 135) عن محمد بن مصعب عن المبارك بن فضالة عن الحسن عن أنس رفعه.

قلت: وهذا سند ضعيف؛ المبارك بن فضالة مدلس؛ وقد عنعنه.

ومحمد بن مصعب - وهو القرقساني - فيه ضعف من قبل حفظه.

 

(10/301)

 

 

4757 - (ويل للمالك من المملوك، وويل للمملوك من المالك، وويل للغني من الفقير، وويل للفقير من الغني، وويل للشديد من الضعيف، وويل للضعيف من الشديد) .

ضعيف

رواه أبو يعلى (7/ 4009) ، وأبو محمد الأردبيلي في "الفوائد" (183/ 1) ، وابن بشران في "الأمالي" (25/ 91/ 2) ، وأبو نعيم في "الحلية" (5/ 55) ، وأبو طاهر القرشي في "حديث أبي عبد الله بن مروان الأنصاري" (1/ 2) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 416/ 2) من طرق عن أبي شهاب الحناط عبد ربه بن نافع عن الأعمش عن أنس مرفوعاً.

 

(10/301)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه بين الأعمش وأنس؛ فإنه لم يثبت له منه سماع، كما في "التهذيب".

وأبو شهاب عبد ربه؛ وإن كان من رجال الشيخين؛ فقد قال الحافظ:

"صدوق يهم".

والحديث؛ قال الهيثمي:

"رواه البزار عن شيخه محمد بن الليث (1) ، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يخطىء ويخالف. وبقية رجاله رجال "الصحيح". ورواه أبو يعلى وغيره". كما في "فيض القدير"!

لكن قال الحافظ:

"وهذا الذي قال فيه ابن حبان ما قال؛ وجدت له خبراً موضوعاً، رواه بسند "الصحيح" عن ابن عمر ... ". وقال الذهبي:

"لا يدرى من هو، وأتى بخبر موضوع ... قال السليماني: فيه نظر".

4758 - (ويل للمتألين من أمتي الذين يقولون: فلان في الجنة، وفلان في النار) .

ضعيف

رواه البخاري في "التاريخ" (1/ 2/ 191) ، وابن بطة في "الإبانة" (6/ 60/ 1) بسند صحيح عن ليث عن زيد عن جعفر العبد ي مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ ليث: هو ابن أبي سليم، كان قد اختلط.

__________

(1) وأخرجه من طريق أخرى عن حذيفة (3441) .

 

(10/302)

 

 

وزيد: هو ابن أرطأة الدمشقي؛ ثقة عابد، وهو تابعي صغير.

وجعفر العبد ي: هو ابن زيد؛ قال ابن أبي حاتم (1/ 1/ 480) :

"روى عن أنس. روى عن صالح المري، وسلام بن مسكين، وحماد بن زيد. قال أبي: ثقة".

قلت: فالحديث مرسل؛ فهو علة أخرى نبه السيوطي عليها؛ فإنه قال في "الجامع الصغير":

"تخ - عن جعفر العبد ي مرسلاً".

4759 - (ويل لمن استطال على مسلم، فانتقص حقه، ويل له - ثلاثاً -) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 143) ، وعنه الديلمي (4/ 133) من طريق محمد بن محمد بن عبد الله: حدثنا شعيب بن حرب: حدثنا سفيان عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رفعه. وقال أبو نعيم:

"غريب من حديث الثوري، تفرد به شعيب، وبشر بن إبراهيم الأنصاري".

قلت: الأنصاري هذا ممن يضع الحديث؛ وهو ليس في هذا الإسناد، وإنما ذكره أبو نعيم متابعاً لشعيب.

وأما شعيب الذي في الإسناد؛ فهو ثقة.

لكن الرواي عنه محمد بن محمد بن عبد الله؛ لم أجد له ترجمة؛ فهو آفة هذا الإسناد. والله أعلم.

 

(10/303)

 

 

4760 - (الورع: الذي يقف عند الشبهة) .

موضوع

رواه ابن أبي الدنيا في "الورع" (162/ 1) ، وعنه الأصبهاني في "الترغيب" (327/ 2) : حدثنا القاسم بن هاشم قال: حدثنا الخطاب بن عثمان الفوزي قال: حدثنا عبيد الله بن القاسم الأسدي قال: حدثني العلاء بن ثعلبة الأسدي عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع قال:

قلت: يا رسول الله! من الورع؟ قال: "الذي ... " فذكره.

قلت: وهذا إسناد موضوع؛ العلاء بن ثعلبة مجهول.

وعبيد الله؛ كذا وقع في هذه الرواية؛ وإنما هو عبيد بن القاسم الأسدي؛ وهو كذاب.

والحديث؛ أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 294) مطولاً، وقال:

"رواه أبو يعلى، والطبراني، وفيه عبيد بن القاسم، وهو متروك".

 

(10/304)

 

 

4761 - (الورود الدخول؛ لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمنين برداً وسلاماً [كما كانت] على إبراهيم، حتى إن للنار - أو قال: لجهنم - ضجيجاً من بردهم، ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثياً) .

ضعيف

رواه البيهقي في "الشعب" (1/ 336/ 370) ، وعبد الغني المقدسي في "جزء ذكر النار" (225/ 2) عن أبي صالح غالب بن سليمان عن كثير بن زياد البرساني عن أبي سمية قال:

اختلفنا ههنا بالبصرة في الورود؛ فقال قوم: لا يدخلها مؤمن. وقال قوم:

 

(10/304)

 

 

يدخلونها ثم ينجي الله الذين اتقوا. فأتيت جابر بن عبد الله، فسألته فقلت له: اختلفنا فيه بالبصرة، فقال قوم: لا يدخلها مؤمن. وقال آخرون: يدخلونها جميعاً ثم ينجي الله الذين اتقوا. فأهوى بأصبعيه إلى أذنيه، وقال: صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره.

ومن هذا الوجه: رواه عبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (119/ 1-2) ، وأحمد (3/ 328-329) . وقال في "الترغيب" (4/ 212) :

"رواه أحمد، ورواته الثقات، والبيهقي بإسناد حسنه"!

ورواه الحاكم (4/ 587) ؛ لكنه قال - بدل (أبي سمية) -: (منية الأزدية عن عبد الرحمن بن شبية) ، ولم يذكر جابراً، مع أن عبد الرحمن هذا تابعي كـ (مُنية) ؛ وهي مجهولة. ومع ذلك قال:

"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!!

فلعل في إسناده زيادة ونقصاً.

ورجال إسناد الحديث ثقات معروفون؛ غير أبي سمية؛ فأورده ابن أبي حاتم (4/ 2/ 388) بهذه الرواية؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وقال الذهبي في "الميزان":

"مجهول".

وأما ابن حبان فأورده في "الثقات" (1/ 302) من هذه الرواية أيضاً - وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (3/ 132) - بعدما عزاه لأحمد -:

"غريب".

 

(10/305)

 

 

ومع هذه الجهالة والغرابة؛ تجرأ الشيخ الرفاعي، فقال بغير علم - كعادته - في فهرس "مختصره" (2/ 622) :

"صحيح"!

وأما قول البيهقي عقب الحديث:

"هذا إسناد حسن، ذكره البخاري في "التاريخ"، وشاهده الحديث الثابت عن أبي الزبير عن جابر عن أم مبشر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله"!

قلت: فهو مردود من الناحيتين: السند، والشهادة:

أما السند: فقد عرفت أن فيه جهالة، وذكر البخاري إياه في "التاريخ" لا يعطيه قوة، والأمر أوضح من أن يحتاج إلى بيان.

وأما الشهادة: فهي قاصرة؛ لأن حديث أم مبشر ليس فيه إلا ما يفهم منه أن الورود بمعنى الدخول، لا شيء غير ذلك. انظر "صحيح مسلم" (7/ 196) .

4762 - (الوضوء شطر الإيمان، والسواك شطر الوضوء) .

ضعيف

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 170) : حدثنا وكيع: حدثنا عبد الرحمن ابن عمرو الأوزاعي عن حسان بن عطية قال ... فذكره موقوفاً عليه لم يرفعه، لكن تمامه يشعر بأنه مرفوع؛ فإنه قال:

"ولولا أن أشق على أمتي؛ لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة (1) ، ركعتان يستاك فيهما العبد؛ أفضل من سبعين ركعة لا يستاك فيها".

قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين، ولكنه مرسل.

__________

(1) وقد صحَّت هذه الفقرة؛ انظر " صحيح الترغيب " (رقم: 205) .

 

(10/306)

 

 

والشطر الأول منه؛ قد جاء موصولاً من حديث أبي مالك الأشعري مرفوعاً بلفظ:

"الطهور شطر الإيمان".

أخرجه مسلم وغيره، وهو مخرج في "تخريج مشكلة الفقر" (59) .

4763 - (الوضوء قبل الطعام حسنة، وبعد الطعام حسنتان) .

موضوع

أخرجه الديلمي (4/ 143) عن الحاكم بسنده عن عيسى بن إبراهيم: حدثنا الحكم بن عبد الله عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عائشة قالت ... فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته الحكم بن عبد الله؛ وهو كذاب هالك.

وعيسى بن إبراهيم - وهو ابن طهمان الهاشمي - متروك.

ونحو هذا الحديث: ما أخرجه الطبراني في "الأوسط" عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ:

"الوضوء قبل الطعام وبعده؛ مما ينفي الفقر، وهو من سنن المرسلين". قال الهيثمي (5/ 24) :

"وفيه نهشل بن سعيد، وهو متروك".

وكذا قال الحافظ، وزاد:

"وكذبه إسحاق بن راهويه".

وروى الدولابي (2/ 99) عن معاذ بن رفاعة قال: سمعت أبا محمد عبد الرحمن ابن إبراهيم قال:

 

(10/307)

 

 

الوضوء قبل الطعام وبعد الطعام؛ يورث الغني، وينفي الفقر.

وأبو محمد هذا؛ لم أعرفه، وهو تابعي؛ فإن معاذ بن رفاعة تابعي صغير.

4764 - (الولد ثمرة القلب، وإنه مجبنة، مبخلة، محزنة) .

ضعيف

أخرجه أبو يعلى (1/ 290) ، والبزار (1892 - كشف) عن ابن أبي ليلى عن العوفي عن أبي سعيد مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ العوفي هو عطية بن سعد، وهو ضعيف مدلس.

وابن أبي ليلى: اسمه محمد بن عبد الرحمن، وهو سيىء الحفظ.

والحديث؛ إنما أوردته من أجل قوله:

"ثمرة القلب"؛ وإلا فسائره له شواهد؛ فانظر "صحيح الجامع الصغير" (1985 و 1986) ، وأوردت حديث الترجمة في "ضعيف الجامع الصغير" (6178) .

 

(10/308)

 

 

4765 - (الولد من ريحان الجنة) .

ضعيف

رواه ابن عدي (211/ 2) عن الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة مرفوعاً. وقال:

"حديث غير محفوظ".

قلت: وعلته شيئان:

الأول: ضعف ابن لهيعة.

والآخر: العنعنة في سلسلة السند؛ فإن الوليد بن مسلم كان يدلس تدليس التسوية.

 

(10/308)

 

 

والحديث؛ عزاه السيوطي للحكيم الترمذي عن خولة بنت حكيم؛ وقد مضى من رواية الترمذي وغيره عنها بلفظ:

".. وإنكم لمن ريحان الله".

انظر الحديث (3214) .

4766 - (لا أشتري شيئاً ليس عندي ثمنه) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (2/ 85) ، وأحمد (1/ 235) ، والضياء في "المختارة" (65/ 52/ 1) عن وكيع: حدثنا شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال:

قدمت عير المدينة، فاشترى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فربح أواقي، فقسمها في أرامل عبد المطلب، وقال ... فذكره.

وقال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وقتيبة بن سعيد عن شريك عن سماك عن عكرمة رفعه.

قلت: لم يذكر ابن عباس في إسناده؛ فأرسله.

وهو ضعيف موصولاً ومرسلاً؛ لأن مداره على شريك؛ وهو ابن عبد الله القاضي؛ وهو ضعيف لسوء حفظه.

وقد أخرجه الحاكم (2/ 24) ، والطبراني (3/ 134/ 1) عن سعيد بن سليمان الواسطي: حدثنا شريك به موصولاً. وقال الحاكم:

"صحيح"! ووافقه الذهبي!

وقد أشار البخاري إلى ضعف الحديث بقوله في "الصحيح":

 

(10/309)

 

 

"باب من اشترى بالدين وليس عنده ثمنه، أو ليس بحضرته". قال الحافظ في "شرحه" (5/ 41) :

"أي: فهو جائز. وكأنه يشير إلى ضعف ما جاء عن ابن عباس مرفوعاً: "لا أشتري ما ليس عندي ثمنه". تفرد به شريك عن سماك، واختلف في وصله وإرساله".

4767 - (لا أعافي أحداً قتل بعد أخذه الدية) .

ضعيف

أخرجه الطيالسي (1/ 296) : حدثنا حماد بن سلمة عن مطر الوراق عن رجل عن جابر مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ مطر الوراق؛ فيه ضعف.

والرجل لم يسم.

لكن رواه أبو داود (2/ 245) ، وأحمد (3/ 363) من طريقين آخرين عن حماد ابن سلمة به؛ إلا أنه زاد فقال: عن رجل أحسبه الحسن.

والحسن هذا: هو البصري، فإن كان الوراق قد حفظه؛ فهو مدلس؛ وقد عنعنه.

 

(10/310)

 

 

4768 - (لا اعتكاف إلا بصيام) .

ضعيف

أخرجه الدارقطني (ص 247) ، والحاكم (1/ 441) ، وعنه البيهقي (4/ 317) عن سويد بن عبد العزيز: حدثنا سفيان بن حسين عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعاً. وقال الدارقطني:

"تفرد به سويد عن سفيان بن حسين". وقال الحاكم مشيراً إلى تضعيفه:

"لم يحتج الشيخان بسفيان بن حسين".

 

(10/310)

 

 

يعني: في روايته عن الزهري خاصة، وإلا؛ فهو حجة عندهما وعند الآخرين في روايته عن غيره. وقال البيهقي:

"وهذا وهم من سفيان بن حسين، أو من سويد بن عبد العزيز. وسويد بن عبد العزيز الدمشقي ضعيف بمرة، لا يقبل منه ما تفرد به". وقال فيه الحافظ في "التقريب":

"لين الحديث".

قلت: والمحفوظ عن عائشة بلفظ:

... والسنة فيمن اعتكف أن يصوم.

أخرجه أبو داود (1/ 387) ، والبيهقي (4/ 320) من طريقين آخرين عن الزهري عن عروة بن الزبير عنها.

وهذا إسناد صحيح.

وأخرجه الدارقطني من طريق ابن جريج: أخبرني الزهري - عن الاعتكاف وكيف سنته - عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير عنها.

وسنده صحيح أيضاً.

4769 - (لا بأس بالحديث قدمت فيه أو أخرت؛ إن أصبت معناه) .

موضوع

رواه ابن عساكر (17/ 358/ 1) عن الأحوص بن المفضل: حدثنا أبي قال: وحدثني أبو نعيم النخعي: أخبرنا العلاء بن كثير أبو سعيد الشامي عن مكحول قال:

خرجنا إلى واثلة بن الأسقع؛ فقلنا: يا أبا الأسقع! حدثنا بحديث غض، لا

 

(10/311)

 

 

تقدم فيه ولا تؤخر؛ حتى كأنا نسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! فغضب الشيخ أو أجلس فقال: ما منكم من أحد قام في ليلته هذه بشيء من القرآن؟ فقلنا: ما منا إلا من قد قام بما رزقه الله من ذلك. قال: فكان أحدكم حالفاً ما قدم حرفاً حرفاً من كتاب الله ولا أخره؟! إنا قد كنا أمسكنا عن الأحاديث على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى سمعناه يقول ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، بل موضوع؛ آفته العلاء بن كثير هذا؛ قال الحافظ:

"متروك؛ رماه ابن حبان بالوضع". وقال أبو زرعة:

"ضعيف الحديث، واهي الحديث، يحدث عن مكحول عن واثلة بمناكير". وقال البخاري وغيره:

"منكر الحديث".

وقد خالفه العلاء بن الحارث، فرواه عن مكحول به موقوفاً على واثلة مختصراً.

أخرجه الدارمي (1/ 93) ، والخطيب في "الكفاية" (ص 204) .

قلت: وهذا هو الصواب، موقوف، ورفعه باطل.

والعلاء بن الحارث ثقة فقيه، لكنه كان اختلط.

4770 - (لا بأس بتعليق التعويذ من القرآن قبل نزول البلاء، وبعد نزول البلاء) .

ضعيف

أخرجه الديلمي (4/ 204) عن أبي نعيم بسنده عن هاشم بن عمرو البيروتي: حدثني سليمان بن أبي كريمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعاً.

 

(10/312)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ سليمان بن أبي كريمة؛ ضعفه أبو حاتم. وقال ابن عدي:

"عامة أحاديثه مناكير".

وعمرو البيروتي: هو ابن هاشم؛ قال الحافظ:

"صدوق يخطىء".

وابنه هاشم بن عمرو؛ لم أجد له ترجمة.

4771 - (لا تأذن امرأة في بيت زوجها إلا بإذنه، ولا تقوم من فراشها فتصلي تطوعاً إلا بإذنه) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 149/ 1) عن عبد الله بن الأجلح عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم - ضعيف.

لكن الشطر الأول من الحديث صحيح؛ له شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعاً به، في حديث أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (2121) ، وهو عند ابن حبان في "صحيحه" (1966 - موارد) مقتصراً على هذا الشطر.

 

(10/313)

 

 

4772 - (لا تبتئسي على حميمك؛ فإن ذلك من حسناته) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (1/ 443) : حدثنا هشام بن عمار: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا الأوزاعي عن عطاء عن عائشة:

 

(10/313)

 

 

أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها، وعندها حميم لها يخنقه الموت، فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما بها قال لها ... فذكره. وقال البوصيري في "زوائده" (90/ 2) :

"هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، والوليد - وإن كان يدلس -؛ فقد صرح بالتحديث، فزالت تهمة تدليسه"!

كذا قال! وكأنه ذهل عن كون تدليس الوليد بن مسلم ليس من هذا النوع الذي تزول شبهة تدليسه لمجرد تصريحه هو فقط بالتحديث عن شيخه؛ فإنه كان يدلس تدليس التسوية كما قال الحافظ في "التقريب"؛ اعتماداً منه على من تقدمه من الأئمة؛ منهم الدارقطني، قال:

"كان الوليد يرسل؛ يروي عن الأوزاعي أحاديث، [هي] عند الأوزاعي عن شيوخ ضعفاء؛ قد أدركهم الأوزاعي، فيسقط أسماء الضعفاء، ويجعلها عن الأوزاعي عن نافع، وعن عطاء". وقال الهيثم بن خارجة:

"قلت للوليد: قد أفسدت حديث الأوزاعي عن الزهري! قال: كيف؟ قلت: تروي عن الأوزاعي عن نافع، وعن الأوزاعي عن الزهري، وغيرك يدخل بين الأوزاعي وبين نافع: عبد الله بن عامر، وبينه وبين الزهري: إبراهيم بن مرة وقرة وغيرهما؛ فما يحملك على هذا؟ قال: أنبل الأوزاعي عن هؤلاء! قلت: فإذا روى الأوزاعي عن هؤلاء وهؤلاء - وهم ضعفاء - أحاديث مناكير، فأسقطتهم أنت وصيرتها من رواية الأوزاعي عن الثقات؛ ضعف الأوزاعي! قال: فلم يلتفت إلى قولي"!

قلت: فهذا هو تدليس الوليد؛ أنه يسقط شيخ شيخه الأوزاعي الذي بينه وبين شيخ شيخ الأوزاعي، وهو هنا عطاء، فحتى يكون الحديث سالماً من شبهة تدليسه؛ فلا بد من التصريح بالتحديث بين الأوزاعي وعطاء، وهذا غير موجود في إسناد هذا الحديث، فهو ضعيف غير صحيح.

 

(10/314)

 

 

ثم إن الراوي عن الوليد - هشام بن عمار -؛ فيه ضعف أيضاً؛ قال الحافظ:

"صدوق، مقرىء، كبر فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح".

4773 - (لا تجار أخاك ولا تشاره) .

ضعيف

رواه الخطابي في "الغريب" (65/ 2) : حدثنيه عبد العزيز بن محمد: أخبرنا ابن الجنيد: أخبرنا عبد الوارث: أخبرنا عبد الله عن أبي بكر بن أبي مريم عن حريث بن عمرو يرفعه. وقال:

"قوله: لا تجار: هو من الجراء في الخيل، وهو أن يتجارى الرجلان للمسابقة، يقول: لا تطاوله ولا تغالبه. وقوله: لا تشاره؛ أي: لا تلاجه، يقال: قد استشرى الرجل: إذا لج في الأمر".

قلت: وإسناده ضعيف منقطع، أبو بكر بن أبي مريم؛ قال الحافظ:

"ضعيف، وكان قد سرق بيته فاختلط، من السابعة".

والحديث؛ عزاه السيوطي لابن أبي الدنيا في "ذم الغيبة" عن حريث؛ وزاد:

"ولا تماره". قال المناوي:

"حريث - مصغر حارث - المخزومي، له صحبة".

 

(10/315)

 

 

4774 - (لا تجوزوا الوقت إلا بإحرام) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 153) عن عبد السلام بن حرب عن خصيف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ خصيف - وهو ابن عبد الرحمن الجزري - ضعيف

 

(10/315)

 

 

لسوء حفظه؛ قال الذهبي في "المغني":

"ضعفه أحمد وغيره".

4775 - (لا تزوجن عجوزاً ولا عاقراً؛ فإني مكاثر) .

ضعيف

رواه الحربي في "غريب الحديث" (5/ 175/ 1) ، والخطيب (4/ 44) ، والواحدي في "الوسيط" (3/ 115/ 2) عن عمرو بن الوليد قال: سمعت معاوية ابن يحيى يحدث عن يزيد بن جابر عن جبير بن نفير عن عياض بن غنم الأشعري مرفوعاً:

"يا عياض بن غنم الأشعري! لا ... " الحديث.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ معاوية بن يحيى؛ اثنان كلاهما دمشقي: أحدهما أبو روح الصدفي، والآخر أبو مطيع الطرابلسي، وكلاهما ضعيف.

ثم تبين أنه الأول منهما؛ فقد أخرجه الحاكم (3/ 290) من الوجه المذكور عنه مصرحاً بأنه الصدفي. وقال:

"صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله:

"قلت: معاوية ضعيف".

 

(10/316)

 

 

4776 - (لا تسأل الرجل فيم يضرب امرأته، ولا تسأله عمن يعتمد من إخوانه ولا يعتمدهم، ولا تنم إلا على وتر) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (1/ 612) ، وابن نصر (ص 117) ، والحاكم (4/ 175) ، وأحمد (1/ 20) عن أبي عوانة: حدثنا داود بن عبد الله الأودي عن عبد الرحمن المسلي عن الأشعث بن قيس قال:

 

(10/316)

 

 

تضيفت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقام في بعض الليل امرأته فضربها، ثم ناداني: يا أشعث! قلت: لبيك! قال: احفظ عني ثلاثاً حفظتهن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. والسياق للحاكم. وقال:

"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!

كذا قال! مع أنه قال في ترجمة المسلي هذا من "الميزان":

"لا يعرف إلا في هذا الحديث، تفرد عنه داود بن عبد الله الأودي".

(تنبيه) : لم ترد الفقرة الثانية عند ابن نصر، وأشار إليها الراوي عند ابن ماجه وأحمد بقوله:

ونسيت الثالثة.

4777 - (لا تسأل المرأة زوجها الطلاق في غير كنهه فتجد ريح الجنة، وإن ريحها من مسيرة أربعين عاماً) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (1/ 632) ، وعنه الضياء في "المختارة" (63/ 10/ 1) عن جعفر بن يحيى بن ثوبان عن عمه عمارة بن ثوبان عن عطاء عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ كما قال البوصيري في "زوائده" (124/ 4 و 128/ 2) ؛ وعلته جعفر هذا وعمه؛ قال الذهبي:

"قال ابن المديني، مجهول. قلت: وعمه لين".

(الكنه) : جوهر الشيء وغايته.

 

(10/317)

 

 

4778 - (لا تسبوا الأئمة، وادعوا لهم بالصلاح؛ فإن صلاحهم لكم صلاح) .

ضعيف جداً

رواه أبو سعد عبد الرحمن بن حمدان البصري في "جزء من الأمالي" (143/ 1) عن محمد بن عبيد البخاري قال: أخبرنا موسى بن عمير عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعاً.

ورواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 194/ 1-2) : حدثنا أحمد: أخبرنا عبد الملك بن عبد ربه الطائي: أخبرنا موسى بن عمير به. وقال:

"لم يروه عن مكحول إلا موسى، تفرد به عبد الملك".

قلت: قال الذهبي:

"منكر الحديث، وله عن الوليد بن مسلم خبر موضوع".

قلت: لكنه لم يتفرد به كما تشهد رواية "الأمالي" عن محمد بن عبيد البخاري.

لكنى لم أجد لابن عبيد هذا ترجمة!

وموسى بن عمير: هم الأعمى القرشي؛ وهو ضعيف جداً. وفي "التقريب":

"متروك، وقد كذبه أبو حاتم".

والحديث؛ قال الهيثمي في "المجمع" (5/ 248-249) :

"رواه الطبراني في "الأوسط" و "الكبير" عن شيخه الحسين بن محمد بن مصعب الأشناني؛ ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات"!

 

(10/318)

 

 

فهذا الكلام لا ينطبق على إسناد "الأوسط" من ناحيتين:

الأولى: أن شيخ الطبراني فيه ليس هو الحسين؛ بل أحمد، ولم أعرفه (1) .

وقد تابعه أبو الفضل العباس بن أحمد الوشا عند الخطيب (12/ 151) . وقال:

"كان أحد الشيوخ الصالحين".

الثانية: أن بقية رجاله ليسوا كلهم ثقات كما علمت؛ فلعل الهيثمي يعني بهذا الكلام إسناد "الكبير"، وإني لأستبعد أن يكون من طريق غير طريق موسى ابن عمير! والله أعلم.

ثم تأكدت مما استبعدته بعد أن طبع "المعجم الكبير" للطبراني، فوجدت الحديث قد أخرجه فيه (8/ 158/ 7609) عن شيخه الأشناني فقال: حدثنا الحسين بن محمد بن مصعب الأشناني - بالكوفة -: حدثنا محمد بن عبيد المحاربي: حدثنا موسى بن عمير عن مكحول عن أبي أمامة به مرفوعاً.

وبهذا الإسناد: أخرجه في "مسند الشاميين" أيضاً (ص 656) .

وقد كشف لنا هذا الإسناد عن الحقائق الآتية:

الأولى: أن (البخاري) في سند أبي سعد البصري محرف من (المحاربي) ! وحينئذ؛ فمحمد بن عبيد المحاربي ثقة من رجال "التهذيب"؛ فهو متابع قوي للطائي.

الثانية: أن شيخ الطبراني في "معجمه الكبير" هو غير شيخه في "معجمه الأوسط"؛ خلافاً لما يوهمه كلام الهيثمي.

__________

(1) قد نقل الشيخ - رحمه الله - توثيقه في " الإرواء " (6 / 239) . (الناشر)

 

(10/319)

 

 

الثالثة: أن مدار إسناد الحديث - عند جميع مخرجيه - إنما هو على موسى بن عمير، وقد عرفت أنه شديد الضعف.

4779 - (لا تسبوا أهل الشام؛ فإن فيهم الأبدال) .

ضعيف

أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (1/ 321-322 ط) عن الوليد ابن مسلم، ومن طريق الطبراني بسنده عن زيد بن أبي الزرقاء قالا: أخبرنا ابن لهيعة: حدثني عياش بن عباس عن عبد الله بن زرير قال: قال علي بن أبي طالب: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

"تكون في آخر الزمان فتنة؛ يخلص الناس فيها كما يخلص الذهب في المعدن - قال علي: وما أدري يومئذ ما المعدن؟ -؛ فلا تسبوا أهل الشام، ولكن سبوا شرارهم؛ فإن منهم الأبدال".

وليس في رواية الطبراني: قال علي: وما أدري يومئذ ما المعدن؟

وقال ابن عساكر:

"قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث إلا زيد بن أبي الزرقاء". هذا وهم من الطبراني؛ فقد رواه الوليد بن مسلم أيضاً عن ابن لهيعة كما تقدم. ورواه الحارث بن يزيد المصري عن عبد الله بن زرير الغافقي المصري فوقفه على علي، ولم يرفعه".

ثم أخرجه ابن عساكر، وكذا الحاكم (4/ 553) من طريقين عن الحارث بن يزيد موقوفاً. وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي.

قلت: وهو كما قالا موقوفاً.

 

(10/320)

 

 

وأما المرفوع؛ ففيه ابن لهيعة كما تقدم؛ وهو ضعيف.

وبه أعله الهيثمي؛ فقال في "المجمع" (7/ 317) :

"رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه ابن لهيعة، وهو لين، وبقية رجاله ثقات".

ثم أخرجه ابن عساكر (1/ 323 ط) و (4/ 47/ 1 خط) عن الفرج بن فضالة: أخبرنا عروة بن رويم اللخمي عن رجاء بن حيوة عن الحارث بن حرمل عن علي بن أبي طالب قال ... فذكره موقوفاً عليه بلفظ الترجمة.

والحارث هذا؛ ترجمه ابن أبي حاتم (1/ 2/ 72) برواية رجاء بن حيوة فقط، وزاد عليه ابن عساكر جمعاً آخر، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.

(تنبيه) : لما عزاه السيوطي لـ "أوسط الطبراني" عن علي؛ قال المناوي:

"قال الهيثمي: فيه عمرو بن واقد؛ ضعفه الجمهور، وبقية رجاله رجال (الصحيح) "!

قلت: وهذا وهم من المناوي رحمه الله؛ فإن الهيثمي إنما قال ذلك في حديث شهر بن حوشب قال:

لما فتحت مصر؛ سبوا أهل الشام، فأخرج عوف بن مالك رأسه من برنس ثم قال: يا أهل مصر! لا تسبوا أهل الشام؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "فيهم الأبدال، فبهم تنصرون، وبهم ترزقون". قال:

"رواه الطبراني، وفيه عمرو بن واقد، وقد ضعفه جمهور الأئمة، ووثقه محمد ابن المبارك الصوري، وشهر اختلفوا فيه، وبقية رجاله ثقات".

وقد أخرجه ابن عساكر أيضاً (1/ 277) من طريق الطبراني.

 

(10/321)

 

 

4780 - (لا تسبوا مضر؛ فإنه كان قد أسلم) .

ضعيف

رواه ابن سعد (1/ 58) بسند صحيح عن عبد الله بن خالد مرفوعاً.

قلت: وهذا ضعيف معضل؛ عبد الله بن خالد: هو الواصبي؛ قال ابن أبي حاتم (2/ 2/ 46) :

"روى عن عبد الله بن الحارث بن هشام عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. روى عنه سعيد بن أبي أيوب"، ولم يزد!

وقال في ترجمة عبد الله بن الحارث هذا:

"المخزومي. روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، مرسل".

فيتلخص مما سبق أن عبد الله بن خالد هذا من أتباع التابعين؛ وأنه مجهول.

وقد روي مسنداً: أورده السيوطي في "الفتاوي" (2/ 433) عن عثمان بن فائد عن يحيى بن طلحة بن عبيد الله عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق مرفوعاً بلفظ:

"لا تسبوا ربيعة ومضر؛ فإنهما كانا مسلمين".

أخرجه أبو بكر محمد بن خلف المعروف بـ "وكيع" في "كتاب الغرر من الأخبار".

قلت: وعثمان بن فائد ضعيف؛ كما في "التقريب".

 

(10/322)

 

 

4781 - (لا تستضيئوا بنار أهل الشرك، ولا تنقشوا في خواتيمكم عربياً) .

ضعيف

رواه الطبري (ج7/ رقم 7685/ صفحة 140) قال: حدثنا أبو كريب

 

(10/322)

 

 

ويعقوب بن إبراهيم قالا: حدثنا هشيم قال: أخبرنا العوام بن حوشب عن الأزهر ابن راشد، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. [ثم قال] . قال: فلم ندر ما ذلك، حتى أتوا الحسن فسألوه؟ فقال: نعم.

أما قوله: "لاتنقشوا في خواتيمكم عربياً"، فإنه يقول: لا تنقشوا في خواتيمكم محمداً. وأما قوله: "ولا تستضيئوا بنار أهل الشرك"؛ فإنه يعني به المشركين، يقول: لا تستشيروهم في شيء من أموركم. قال: قال الحسن: وتصديق ذلك في كتاب الله، ثم تلا هذه الآية: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم) .

وأخرج المرفوع منه: النسائي (2/ 290) ، وأحمد (3/ 99) عن هشيم به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات؛ غير أزهر بن راشد - وهو البصري -؛ قال أبو حاتم:

"مجهول". وهو الذي اعتمده الحافظ. وقال ابن حبان:

"كان فاحش الوهم".

4782 - (لا تسرف، لا تسرف. يعني: في الوضوء) .

موضوع

أخرجه ابن ماجه (1/ 164) عن بقية عن محمد بن الفضل عن أبيه عن سالم عن ابن عمر قال:

رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يتوضأ، فقال ... فذكره.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته محمد بن الفضل - وهو ابن عطية - كذاب.

وأبوه ضعيف.

 

(10/323)

 

 

وبقية مدلس؛ وقد عنعنه.

وقال البوصيري في "الزوائد" (32/ 2) :

"هذا إسناد ضعيف؛ الفضل بن عطية ضعيف. وابنه كذاب. وبقية مدلس".

وروى ابن ماجه، وأحمد أيضاً (2/ 221) من طريق ابن لهيعة عن حيي بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو:

أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بسعد وهو يتوضأ، فقال:

"ما هذا السرف؟! ". فقال: أفي الوضوء إسراف؟! قال:

"نعم؛ وإن كنت في نهر جار".

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة:

ونحوه حيي بن عبد الله المعافري؛ قال الحافظ في "التقريب":

"صدوق يهم".

وبهما أعله البوصيري في "الزوائد" أيضاً.

ثم تبين لي ضعف هذا الإعلال، وأن الحديث حسن الإسناد، وفي تحقيق أودعته في الكتاب الآخر: "الصحيحة"، المجلد السابع منه رقم (3292) .

4783 - (لا تسكن الكفور؛ فإن ساكن الكفور كساكن القبور. ولا تأمرن على عشرة؛ فإنه من تأمر على عشرة جاء يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه؛ فكه الحق أو أوبقه الجور) .

موضوع الشطر الثاني

رواه ابن عدي (175/ 1) ، وعنه البيهقي في "الشعب"

 

(10/324)

 

 

(2/ 426/ 1-2) عن أبي مهدي سعيد بن سنان: حدثني راشد بن سعد عن ثوبان مولى رسول الله مرفوعاً. وقال ابن عدي:

"أبو مهدي؛ عامة ما يرويه غير محفوظ".

قلت: وهو متروك، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع؛ كما في "التقريب".

لكن تابعه على الشطر الأول من الحديث: صفوان بن عمرو قال: سمعت راشد بن سعد يقول: سمعت ثوبان يقول ... فذكره مرفوعاً.

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (579،580) ، والبيهقي أيضاً من طريق بقية قال: حدثني صفوان ...

قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات، وقد صرح فيه بقية بالتحديث، فأمنا شبهة تدليسه.

ولهذا؛ لا ينبغي الاغترار بإيراد ابن الجوزي للحديث في "الموضوعات" (2/ 70-71) ؛ فإنه إنما أورده من الطريق الأولى الواهية التي فيها الشطر الثاني، وحق له ذلك؛ إلا أنه فاته هذه الطريق للشطر الأول السالمة من العلة! وسبحان من أحاط بكل شيء علماً، ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء، لا إله إلا هو!

4784 - (لا تشموا الخبز كما تشم السباع) (1) .

ضعيف

أخرجه الديلمي (4/ 148) من طريق عمر بن أبي حسان: حدثنا محمد بن بشار: حدثنا يحيى: حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة رفعه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله موثقون؛ غير عمر بن أبي حسان؛ فلم أجد

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " انظر " التنكيل " (1 / 478) ". (الناشر)

 

(10/325)

 

 

له ترجمة! وفي "الجرح والتعديل" (3/ 1/ 105) :

"عمر بن حسان البرجمي. روى عن ... روى عنه ... ".

كذا في الأصل بياض! فمن المحتمل أن يكون هو.

وروى ابن عدي (392/ 1) عن المسيب بن واضح: حدثنا ابن المبارك عن سفيان عن فرات عن أبي حازم عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:

أنه كره شم الطعام، وقال:

"إنما يشم السباع". وقال:

"لا أعلم يرويه غير المسيب".

قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه؛ حتى تركه جماعة.

ونسبه أبو داود إلى أنه يضع الحديث.

والحديث؛ أورده السيوطي في "الجامع" بلفظ الترجمة؛ إلا أنه قال:

"الطعام" بدل: "الخبز". وقال:

"رواه الطبراني في "الكبير"، والبيهقي في "الشعب" عن أم سلمة"! فتعقبه المناوي بقوله:

"قال البيهقي عقب تخريجه: إسناده ضعيف. اهـ. فحذف المصنف ذلك من كلامه غير صواب.

وقال الهيثمي عقب عزوه للطبراني: فيه عباد بن كثير الثقفي؛ وكان كذاباً متعمداً. هكذا جزم به".

 

(10/326)

 

 

4785 - (لا تصحبن أحداً لا يرى لك من الفضل كما ترى له) .

ضعيف جداً

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (10/ 25) ، وعنه الديلمي (4/ 199) عن أبي خزيمة بكار بن شعيب عن ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل ابن سعد رفعه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أبو خزيمة هذا؛ قال ابن حبان:

"يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم، لا يجوز الاحتجاج به".

ثم ساق له هذا الحديث منكراً له عليه.

وهو منكر جداً؛ كما قال الحافظ في "اللسان" (1) .

ثم روى الديلمي (4/ 202) من طريق سليمان بن عمرو النخعي عن إسحاق ابن عبد الله عن أنس رفعه:

"لا خير للمرء في صحبة من لا يرى [لك] مثلماً ترى له".

قلت: والنخعي هذا كذاب وضاع.

__________

(1) انظر ما تقدم (596) ! (الناشر) .

 

(10/327)

 

 

4786 - (لا تطرحوا الدر في أفواه الكلاب) .

ضعيف جداً

رواه المخلص في "الفوائد المنتقاة" (6/ 73/ 2) ، وأبو الحسين الأبنوسي في "الفوائد" (10/ 1) ، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (ص 173) ، وفي "الأمثال" (97/ 1-2) ، والخطيب في "التاريخ" (9/ 350 و 11/ 310) ، والديلمي (4/ 155-156) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (1/ 299) عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، عن محمد بن جحادة عن أنس بن مالك مرفوعاً.

 

(10/327)

 

 

قلت: وهذا موضوع؛ آفته ابن عقبة هذا؛ قال أبو حاتم:

"يفتعل الحديث". وقال ابن معين:

"كذاب، خبيث، عدو الله".

وأما قول المناوي:

"وفيه يحيى بن عقبة بن [أبي] العيزار؛ كذاب يضع، لكن شاهده ما قبله، فهما يتعاضدان"!

فأقول: إن كان يعني بالشاهد الذي قبله؛ هو ما ذكره السيوطي في "الجامع" من رواية ابن النجار بهذا اللفظ؛ إلا أنه قال: "الخنازير" بدل: "الكلاب": فهو غفلة عن ابن الخطيب أخرجه بهذا اللفظ أيضاً في إحدى روايتيه، والطريق واحد!

وإن كان يعني به ما ذكره المناوي نفسه شاهداً للفظ ابن النجار؛ فإنه قال عقبه:

"حديث ضعيف جداً، بل أورده ابن الجوزي في "الموضوعات"، لكن له شاهد عند ابن ماجه عن أنس بلفظ: "واضع العلم عند غير أهله؛ كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب" ... "!

قلت: فإن كان يعني هذا الشاهد؛ فهو غفلة أيضاً منه عما ذكره هو نفسه في غير موضع من "فيضه" أن الشاهد لا يفيد قوة في الضعيف جداً أو الموضوع. وهذا إذا كان الشاهد نفسه صالحاً للشهادة؛ فكيف إذا كان هالكاً كالمشهود له؟! وقد خرجت حديث ابن ماجه في "تخريج المشكاة" (218) ؛ وبينت هناك أنه ضعيف جداً؛ فراجعه إن شئت.

 

(10/328)

 

 

4787 - (لا تفقع أصابعك وأنت في الصلاة) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (1/ 306) عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الحارث: هو ابن عبد الله الأعور؛ قال البوصيري في "زوائده" (ق 62/ 1) :

"وهو ضعيف، وقد اتهمه بعضهم".

وفي الباب: ما رواه زبان بن فائد أن سهل بن معاذ حدثه عن أبيه معاذ صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً بلفظ:

"الضاحك في الصلاة، والملتفت، والمفقع أصابعه؛ بمنزلة واحدة".

أخرجه أحمد (3/ 438) ، والبيهقي (2/ 289) . وقال:

"معاذ: هو ابن أنس الجهني، وزبان بن فائد غير قوي".

ثم روى ابن ماجه (1/ 289-290) بسنده المتقدم عن علي مرفوعاً:

"لا تقع بين السجدتين". وفي رواية:

"لا تقع إقعاء الكلب".

والإقعاء بين السجدتين ثابت في السنة العملية؛ كما بينته في "صفة الصلاة" (ص 162 - الطبعة السابعة) .

وقد جاءت أحاديث يدل مجموعها على ثبوت النهي عن إقعاء كإقعاء الكلب؛ كما في الرواية الثانية؛ ومنها حديث أبي هريرة المخرج في "صفة الصلاة"

 

(10/329)

 

 

(ص 167) ؛ فيحتمل على الإقعاء المشابه لإقعاء الكلب، فلا يشمل الإقعاء الثابت بين السجدتين؛ وهو الانتصاب على العقبين؛ لأنه ليس كإقعاء الكلب؛ فتنبه!

4788 - (نهى عن قتل الضفدع؛ وقال: نقيقها تسبيح) .

ضعيف

رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 128/ 2) ، وابن شاذان في "مشيخته الصغرى"، وأبو الشيخ في "العظمة" (5/ 1226) ، وابن عدي (292/ 2) ، وابن عساكر (1/ 270 - مصورة المدينة) - قالا: "عبد الله"، لم يقولا: "ابن عمرو" - عن المسيب بن واضح: حدثنا حجاج بن محمد عن شعبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. وقال الطبراني:

"لم يروه عن شعبة مرفوعاً إلا الحجاج، تفرد به المسيب".

قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه. ولفظ ابن عدي:

"لا تقتلوا الضفادع؛ فإن ... ".

وقد عزاه بهذا اللفظ السيوطي للنسائي، ولم أره في "الصغرى" له! فلعله في "الكبرى"؛ لكن لم يذكره المزي في "التحفة".

وله شاهد من حديث عبد الرحمن بن عثمان قال:

ذكر طبيب عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دواء عمل فيه الضفدع، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل الضفدع.

أخرجه النسائي (2/ 202) ، وأحمد (3/ 453 و 499) ، وابن عساكر (10/ 23/ 1) عن سعيد بن خالد عن سعيد بن المسيب عنه.

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير سعيد بن خالد

 

(10/330)

 

 

- وهو القارظي الكتاني -؛ وهو ثقة؛ كما قال النسائي وغيره.

وروي بلفظ آخر، وهو:

"لا تقتلوا الضفادع؛ فإنها من أكثر من خلقه الله ذكراً، وأمر بقتل الوزغ في الحل والحرم".

رواه الضياء في "المنتقي من مسموعاته بمرو" (33/ 2) عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً.

قلت: وسليمان بن أرقم متروك.

ثم رأيت الحديث في "العلل" لابن أبي حاتم (2/ 330/ 2510) ؛ وذكر الاختلاف في إسناده، وذكر عن أبي زرعة أن الأصح: حديث شعبة عن قتادة عن زرارة عن أبي الحكم عن عبد الله بن عمرو.

وأبو الحكم: هو عبد الرحمن بن أبي نعم.

قلت: وهو عنده موقوف غير مرفوع، ولعله الصواب، أخطأ المسيب فرفعه.

ثم وقفت على الحديث في "مصنف عبد الرزاق" (4/ 452/ 8418) : عن ابن التيمي عن سعيد عن قتادة قال: سمعت زرارة يحدث عن ابن أبي نعم عن عبد الله بن عمر (كذا) موقوفاً.

4789 - (لا تقوم الساعة حتى يرفع الركن والقرآن) (1) .

ضعيف

أخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" (255) ، والديلمي (4/ 171) عن ابن لهيعة: حدثنا أبو زرعة عمرو بن جابر عن عبد الله بن عمرو رفعه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة وشيخه أبي زرعة.

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " ذكره السيوطي عن ابن عمر! ". (الناشر)

 

(10/331)

 

 

4790 - (لا تقوم الساعة حتى تكون أدنى مسالح المسلمين بـ (بولاء) . يا علي! يا علي! يا علي! إنكم ستقاتلون بني الأصفر، ويقاتلهم الذين من بعدكم، حتى تخرج إليهم روقة الإسلام: أهل الحجاز؛ الذين لا يخافون في الله لومة لائم، فيفتتحون القسطنطينية بالتسبيح والتكبير، فيصيبون غنائم لم يصيبوا مثلها، حتى يقتسموا بالأترسة، ويأتي آت فيقول: إن المسيح قد خرج في بلادكم، ألا وهي كذبة، فالآخذ نادم، والتارك نادم) .

موضوع

أخرجه ابن ماجه (2/ 521) عن أبي يعقوب الحنيني عن كثير ابن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده مرفوعاً.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته كثير هذا؛ قال البوصيري في "زوائده" (ق 250/ 2) :

"كذبه الشافعي وأبو داود. وقال ابن حبان: روى عن أبيه عن جده نسخة موضوعة، لا يحل ذكرها في الكتب ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب".

وأبو يعقوب الحنيني - واسمه إسحاق بن إبراهيم - ضعيف.

لكن تابعه إسماعيل بن أبي أويس: حدثنا كثير بن عبد الله ...

أخرجه الحاكم (4/ 483) ساكتاً عليه! وتعقبه الذهبي بقوله:

"قلت: كثير واه".

 

(10/332)

 

 

4791 - (لا تقوم الساعة حتى يكون الزهد رواية، والورع تصنعاً) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 119) - وعنه الديلمي (4/ 160) -: حدثت عن محمد بن العباس بن أيوب الأخرم قال: حدثنا إسماعيل بن بشر بن

 

(10/332)

 

 

منصور السلمي قال: حدثنا يحيى القرشي ثم الزبيري عن أبي رجاء الجنديسابوري عن حسان بن أبي سنان عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال أبو نعيم:

"غريب من حديث الحسن، لم يروه عنه مرفوعاً - فيما أعلم - إلا حسان".

قلت: وهو غير مشهور بالرواية، ولم يوثقه أحد غير ابن حبان؛ وقال:

"يروي عن أهل البصرة الحكايات، لا أحفظ له مسنداً".

والحسن: هو البصري؛ مدلس؛ وقد عنعنه.

ويحيى: هو ابن سليمان القرشي؛ قال أبو نعيم في حديث آخر له في "الحلية" (3/ 345-346) :

"فيه مقال".

ثم هو منقطع بين أبي نعيم والأخرم.

4792 - (لا تكثر همك؛ ما قدر يكن، وما ترزق يأتك) .

ضعيف

يرويه عياش بن عباس القتباني عن مالك بن عقبة. وقد اختلف عليه في إسناده على وجوه:

الأول: عن يحيى بن أيوب عن عياش بن عباس عن مالك بن عقبة عن ابن مسعود مرفوعاً به.

أخرجه أبو القاسم الحرفي في "عشر مجالس من الأمالي" (222/ 1) ، والبيهقي في "الشعب" - كما في "فيض القدير" - وقال:

"قال العلائي: حديث غريب، فيه يحيى بن أيوب؛ احتجا به، وفيه مقال لجمع".

 

(10/333)

 

 

الثاني: عن سعيد بن أبي أيوب عن عياش عن مالك بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لابن مسعود ... فذكره.

أخرجه اللالكائي في "السنة" (1/ 137/ 2) من طريق أبي عبد الرحمن المقري قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب ...

وخالفه أبو مطيع معاوية بن يحيى فقال: عن سعيد بن أبي أيوب عن عياش عن جعفر بن عبد الله بن الحكم عن مالك بن عبد الله المعافري به ... فأدخل - بين عياش ومالك -: جعفر بن عبد الله.

أخرجه ابن أبي خيثمة، وابن أبي عاصم في "الوحدان"، والبغوي. وقال:

"لم يروه غير أبي مطيع، وهو متروك الحديث".

ذكره في "الإصابة".

الثالث: عن ابن لهيعة عن عياش عن مالك بن عبادة قال:

مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعبد الله بن مسعود، وهو حزين، فقال ... فذكره.

أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (ق 300/ 2) ، وابن عساكر في "التاريخ" (4/ 292/ 2) .

وأخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" من طريق القتباني فقال: عن مالك ابن عبادة الغافقي. كما في "الإصابة".

الرابع: عن نافع بن يزيد: حدثني عياش بن عباس أن عبد الرحمن بن مالك المعافري حدثه أن جعفر بن عبد الله بن الحكم حدثه عن خالد بن نافع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لابن مسعود ... فذكره.

 

(10/334)

 

 

أخرجه الديلمي (4/ 167) من طريق السلمي معلقاً عليه.

قلت: وهذا اضطراب شديد، والظاهر أنه من الرواة عن عياش بن عباس؛ فإن هذا ثقة من رجال مسلم، وليس له رواية عن الصحابة، وإنما رأى عبد الله بن الحارث بن جزء منهم، فلا بد من إجراء عملية تصفية بين هؤلاء الرواة عنه:

أما الرواية الرابعة؛ فهي ساقطة الاعتبار؛ لأنها من طريق السلمي؛ وهو أبو عبد الرحمن الصوفي المتهم بالوضع، وهي شديدة الاضطراب؛ فقد قلبت اسم شيخ مالك إلى عبد الرحمن بن مالك! وجعلته من مسند خالد بن نافع، ولم أعرفه!

وأما الرواية الأولى؛ ففيها يحيى بن أيوب، وقد عرفت أن فيه مقالاً. وفي "التقريب":

"صدوق ربما أخطأ".

وقد سمى والد مالك: عقبة، وجعله من مسند ابن مسعود!

وأما الرواية الثانية؛ فهي أصح الروايات عندي؛ لسلامتها من الطعن، وسمى والد مالك: عبد الله، وهو المعافري؛ كما في رواية أبي مطيع؛ على شدة ضعفه.

وقد ترجمه الحافظ في "الإصابة" لمالك بن عبد الله المعافري. وقال:

"قال ابن يونس: ذكر فيمن شهد فتح مصر، وله رواية عن أبي ذر، روى عنه أبو قبيل. وقال أبو عمر: روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ... " فذكر هذا الحديث؛ ثم خرجه الحافظ، وقد نقلته عنه فيما تقدم.

 

(10/335)

 

 

وعلى هذا؛ فالإسناد منقطع بين عياش ومالك بن عبد الله هذا؛ لما سبقت الإشارة إليه من عدم ثبوت سماعه من الصحابة.

وفي "الجرح والتعديل" (4/ 1/ 213) ، و "ثقات ابن حبان" (1/ 243 - ط) :

"مالك بن عبد العافري. يروي المراسيل. روى عنه جعفر بن عبد الله بن الحكم".

وهذا مطابق للرواية الثانية التي رجحناها على الأخريات؛ إلا أن فيها: "عبد الله"؛ على الإضافة.

والموضوع - بعد - بحاجة إلى مزيد من البحث والتحقيق، فعسى الله أن يتفضل بذلك علينا فيما بعد.

والخلاصة: أن الحديث ضعيف؛ لأن مداره على مالك هذا، فإن كان الصحابي فهو منقطع. وإن كان تابعياً فهو مجهول. والله أعلم.

4793 - (...............................) (1) .

__________

(1) كان هنا الحديث (4793) : " لا تكرهوا البنات. . . "؛ وقد نقله الشيخ - رحمه الله - إلى " الصحيحة " (3206) . (الناشر)

 

(10/336)

 

 

4794 - (لا تكون زاهداً؛ حتى تكون تواضعاً) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (2/ 102) من طريق الطبراني، وابن عدي (415/ 2) كلاهما عن خليفة بن خياط قال: حدثنا يعقوب بن عبد الله (وقال الطبراني: ابن يوسف) عن فرقد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله مرفوعاً. وقال ابن عدي:

"ويعقوب هذا بصري ليس بالمعروف، ولا أعلم روى عنه غير خليفة بن خياط، ولا أعرف ليعقوب غيره؛ عن فرقد ولا عن غيره". وقال أبو نعيم:

 

(10/336)

 

 

"لا أعلم أحداً رفعه من حديث علقمة إلا فرقداً، وهو السبخي البصري".

قلت: وهو ضعيف.

وقد تحرف على الهيثمي (ابن يوسف) إلى: (أبو يوسف) ؛ فقال في "مجمع الزوائد" (10/ 285) :

"رواه الطبراني، وفيه يعقوب أبو يوسف، وهو كذاب"!

قلت: ويعقوب أبو يوسف الكذاب: هو الأعشى الذي روى عن الأعمش؛ قال فيه الأزدي:

"كذاب، رجل سوء".

ولا علاقة له في هذا الحديث، وإنما هو يعقوب بن عبد الله؛ كما في رواية ابن عدي؛ وفي ترجمته أورد الذهبي حديثه هذا. وقال:

"لا يدرى من هو؟ ".

أويعقوب بن يوسف كما في رواية "الحلية". وهكذا وقع فيما نقله المناوي عن الهيثمي - والله أعلم -؛ فإني لم أره في "المعجم الكبير" للطبراني، وفي النسخة خرم (1) .

وله طريق أخرى: يرويه عبد الله بن سلمة عن عقبة بن شداد بن أمية قال: سمعت عبد الله بن مسعود رفعه.

أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (327) . وقال:

"ليس يعرف عقبة إلا بهذا. وعبد الله بن سلمة منكر الحديث".

__________

(1) هو فيه (10048) : " يعقوب بن يوسف "! (الناشر)

 

(10/337)

 

 

4795 - (لا تلومونا على حب زيد) .

ضعيف

أخرجه الحاكم (3/ 215) عن قيس بن أبي حازم قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

سكت عليه الحاكم؛ لأنه مرسل غير مسند، ورجاله ثقات.

 

(10/338)

 

 

4796 - (لا تمسح يدك بثوب من لا تكسوه) .

ضعيف جداً

رواه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 44) ، والخطيب (3/ 197 و 12/ 343) من طريق محمد بن محمد بن عمر الواقدي: حدثنا أبي عن الفضل بن الربيع عن المنصور أبي جعفر عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة مرفوعاً.

أورده أبو نعيم في ترجمة أبي جعفر هذا. وقال:

"روى أحاديث"؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً! وهو مجهول الحال في الرواية، من الملوك العباسيين.

لكن محمد بن عمر الواقدي متروك.

 

(10/338)

 

 

4797 - (لا توله والدة عن ولدها) .

ضعيف

أخرجه الديلمي (4/ 211) عن أبي عتبة عن مبشر بن عبيد عن قتادة عن أنس رفعه.

قلت: وهذا موضوع؛ آفته مبشر بن عبيد - وهو أبو حفص الحمصي -؛ قال الحافظ:

"متروك، ورماه أحمد بالوضع".

 

(10/338)

 

 

وأبو عتبة: اسمه أحمد بن الفرج؛ قال الذهبي:

"هو وسط، ضعفه محمد بن عوف الطائي. وقال ابن عدي: لا يحتج به. وقال ابن أبي حاتم: محله الصدق".

لكن الحديث ذكره السيوطي من رواية البيهقي في "السنن" عن أبي بكر. فقال المناوي:

"قال الحافظ ابن حجر: سنده ضعيف. ورواه أبو عبيدة في "غريب الحديث" مرسلاً من مراسيل الزهري، ورواية ضعيفة (!) ".

4798 - (لا تيأسا من الخير ما تهزهزت رؤوسكما؛ فإن كل مولود يولد أحمر، ليس عليه قشرة؛ ثم يرزقه الله ويعطيه) .

ضعيف

رواه ابن ماجه (2/ 541) ، وابن حبان (1088) ، وأحمد (3/ 469) ، وابن سعد (6/ 33) والبخاري في "الأدب المفرد" (453) (1) بسند صحيح عن الأعمش عن سلام بن شرحبيل عن حبة بن خالد وسواء بن خالد قالا: قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يبني بناءً له، فأعناه عليه حتى فرغ منه، فعلمنا، فكان فيما علمنا ... فذكره.

ومن هذا الوجه: رواه الطبراني (1/ 171/ 2) ، والواحدي في "تفسيره" (63-64) .

قلت: وسلام بن شرحبيل؛ قال الذهبي:

"ما روى عنه سوى الأعمش، وثق".

__________

(1) لم يروِ البخاري منه حديث الترجمة، بل روى القصة فحسب! (الناشر)

 

(10/339)

 

 

يشير إلى تضعيف توثيقه؛ فإنه ما وثقه غير ابن حبان. ولهذا لم يوثقه الحافظ؛ بل قال فيه:

"مقبول"؛ يعني: عند المتابعة.

ولهذا؛ فقد تساهل البوصيري في قوله في "الزوائد" (256/ 1) :

"إسناده صحيح، ورجاله ثقات"!

4799 - (لا حمى في الأراك) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (2/ 49) ، والدارمي (2/ 269) عن فرج بن سعيد: حدثني عمي ثابت بن سعيد عن أبيه عن جده أبيض بن حمال:

أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حمى الأراك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. فقال: أراكة في حظاري؟! فقال النبي عليه السلام ... فذكره أيضاً.

قال فرج: يعني بـ (حظاري) : الأرض التي فيها الزرع المحاط عليها.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة ثابت بن سعيد وأبيه.

وروى أبو داود أيضاً (2/ 48) ، والترمذي (1380) ، والبيهقي (6/ 149) من طريق سمي بن قيس عن شمير بن عبد المدان عن أبيض بن حمال:

أنه وفد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... قال: وسألته عما يحمى من الأراك؟ قال:

"ما لم تنله خفاف الإبل".

قلت: وإسناده ضعيف أيضاً؛ لجهالة سمي وشمير. ولذلك قال الترمذي:

"غريب".

 

(10/340)

 

 

وهو بظاهره يخالف عموم الحديث الأول.

وروى أبو داود (2/ 42) بإسناده الأول عن أبيض بن حمال:

أنه كلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصدقة حين وفد عليه، فقال:

"يا أخا سبأ! لا بد من صدقة ... " الحديث.

ورواه النسائي في "الكبرى" - رواية ابن الأحمر - كما في "النكت الظراف على الأطراف" للحافظ ابن حجر (1/ 8) .

4800 - (لا خير في الإمارة لرجل مسلم) .

ضعيف

أخرجه أحمد (4/ 168-169) عن ابن لهيعة: حدثنا بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم، عن حبان بن بح الصدائي صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:

إن قومي كفروا، فأخبرت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جهز إليهم جيشاً، فأتيته، فقلت: إن قومي على الإسلام، فقال:

"أكذلك؟ ". فقلت: نعم. قال: فاتبعته ليلتي إلى الصباح، فأذنت بالصلاة لما أصبحت، وأعطاني إناء توضأت منه، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أصابعه في الإناء، فانفجر عيوناً، فقال:

"من أراد منكم أن يتوضأ فليتوضأ". فتوضأت وصليت، وأمرني عليهم، وأعطاني صدقتهم، فقام رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: فلان ظلمني، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. ثم جاء رجل يسأل صدقة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

"إن الصدقة صداع في الرأس، وحريق في البطن، أو داء". فأعطيته صحيفتي أو صحيفة إمرتي وصدقتي. فقال:

 

(10/341)

 

 

"ما شأنك؟! ". فقلت: كيف أقبلها وقد سمعت منك ما سمعت؟! فقال:

"هو ما سمعت".

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لسوء حفظ ابن لهيعة.

4801 - (لا زكاة في حجر) .

ضعيف

رواه ابن عدي (242/ 2) ، وعنه البيهقي (4/ 146) عن بقية عن عمر الكلاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً. وقال ابن عدي:

"عمر بن أبي عمر الكلاعي ليس بالمعروف، منكر الحديث عن الثقات، وهذا الحديث غير محفوظ بهذا الإسناد، ولا أعلم يرويه عنه غير بقية".

قلت: وهو مدلس. لكنه لم يتفرد به، فقد قال البيهقي عقبه:

"ورواه أيضاً عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عن عمرو بن شعيب مرفوعاً. ورواه محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده موقوفاً. ورواة هذا الحديث عن عمرو؛ كلهم ضعيف".

 

(10/342)

 

 

4802 - (لا شفعة إلا في دار أو عقار) .

ضعيف جداً

أخرجه البيهقي (6/ 109) من طريق أبي أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة: حدثنا الضحاك بن حجوة بن الضحاك المنبجي: حدثنا أبو حنيفة عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة مرفوعاً.

وفي رواية له عن ابن أبي أسامة عن الضحاك عن عبد الله بن واقد عن أبي حنيفة به. وقال:

"وهو الصواب، والإسناد ضعيف".

 

(10/342)

 

 

قلت: وذلك لسوء حفظ أبي حنيفة.

لكن عبد الله بن واقد - الراوي عنه - متروك؛ كما في "التقريب"، فهو آفته.

بل هو الضحاك بن حجوة؛ فقد قال الدارقطني:

"كان يضع الحديث". وقال ابن عدي:

"هو أبو عبد الله المنبجي، كل رواياته مناكير؛ إما متناً، وإما سنداً".

(تنبيه) : قال المناوي - بعد أن نقل تضعيف البيهقي المذكور للحديث -:

"وأقره الذهبي عليه. ورواه البزار عن جابر، قال ابن حجر: بسند جيد"!

فأقول: لم أر حديث جابر المشار إليه في "زوائد البزار"، ولا في "مجمع الزوائد"! فالله أعلم.

4803 - (لا شفعة لشريك على شريك إذا سبقه بالشراء، ولا لصغير، ولا لغائب) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن ماجه (2/ 99-100) ، والبيهقي (6/ 108) عن محمد بن الحارث عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر مرفوعاً.

وأورده البيهقي تحت: "باب رواية ألفاظ منكرة يذكرها بعض الفقهاء في مسائل الشفعة". وقال:

"محمد بن الحارث البصري متروك، ومحمد بن عبد الرحمن البيلماني ضعيف؛ ضعفهما يحيى بن معين وغيره من أئمة أهل الحديث"!

قلت: لو عكس لأصاب؛ فإن ابن الحارث لم يصل به الأمر إلى الترك، وإنما

 

(10/343)

 

 

هو ابن البيلماني، ولذلك قال الحافظ في ابن الحارث.

"ضعيف". وفي ابن البيلماني:

"ضعيف. وقد اتهمه ابن عدي وابن حبان".

والحديث؛ قال ابن أبي حاتم في "العلل" (1/ 479) :

"سئل أبو زرعة عنه؟ فقال: هذا حديث منكر. ولم يقرأ علينا في كتاب الشفعة، وضربنا عليه".

4804 - (من يسوق إبلنا هذه؟ فقام رجل. فقال: ما اسمك؟ قال: فلان. قال: اجلس. ثم قام آخر فقال: أنا. فقال: ما اسمك؟ قال: فلان. قال: اجلس. ثم قام آخر فقال: أنا. فقال: ما اسمك؟ قال: ناجية، قال: لها فسقها) .

ضعيف

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (812) ، والحاكم (4/ 276) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (22/ 353/ 886) من طريق سلم بن قتيبة: حدثنا حمل بن بشير بن أبي حدرد: حدثني عمي عن أبي حدرد رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. والسياق للحاكم، وقال:

"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!

وأقول: حمل هذا مجهول، ولم يرو عنه إلا ابن قتيبة هذا، ولم يوثقه غير ابن حبان (6/ 244) . ولذا قال الذهبي نفسه في كتابه " الميزان":

"لا يعرف".

وعمه؛ لم أعرفه!

 

(10/344)

 

 

وظاهر كلام الهيثمي أنه عرفه كالراوي عنه؛ فقد قال في "المجمع" (8/ 47) :

"رواه الطبراني من طريق حمل بن بشير عن عمه، ولم أر فيهما جرحاً ولا تعديلاً".

قلت: فمفهومه أنه رآهما - كما رأيت أنا حملاً -؛ لكنه لم ير فيهما جرحاً ولا تعديلاً! وعليه ففيه نظر من ناحيتين:

الأولى: أنه لا يستقيم كلامه في خصوص (حمل) ؛ فقد ذكره ابن حبان كما تقدم، ومن عادته أنه يعتد بتوثيقه؛ إلا أن يكون لم يره فيه، وهذا مما أستبعده؛ لأنه ذكره في كتابه "ترتيب ثقات ابن حبان"! فالله أعلم.

والأخرى: أن عم حمل؛ قد أورده الحافظ ابن حجر في آخر "التهذيب"، باب المبهمات، فقال (12/ 366) :

"لعل اسم عمه عبد الله بن أبي حدرد".

ثم إنه أورده كذلك في "التقريب"، لكنه جزم به مسقطاً حرف الترجي (لعل) ! وهذا مما أستبعده جداً؛ لأن عبد الله بن أبي حدرد قد أوردوه في "الصحابة"، مثل ابن أبي حاتم وابن حبان (3/ 231) ، ومن قبلهما البخاري في "التاريخ" (3/ 1/ 75) ؛ وظاهر صنيعه أنه هو أبو حدرد نفسه!

وطول ترجمته الحافظ في "الإصابة" (2/ 294-296) ، وفيها اختلاف واضطراب؛ من الصعب استخلاص الصواب منه بيسر! لكن المهم أننا لم نر أحداً ذكر راوياً آخر شارك هذا الصحابي في اسمه واسم أبيه، وهو عم حمل هذا، فهو إذن مجهول. والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

(10/345)

 

 

4805 - (لا صلاة لملتفت) .

ضعيف

رواه الطبراني في "الكبير" (69/ 219/ 1) : حدثنا عبد ان بن أحمد قال: حدثنا محمد بن جامع العطار قال: حدثنا سلم بن قتيبة: حدثنا الصلت ابن يحيى عن ابن أبي مليكة عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه مرفوعاً.

ثم رواه - وعنه أبو نعيم في "الحلية" (7/ 243-244) - من طريق محمد بن بشار عن سلم بن قتيبة عن الصلت بن طريف عن رجل عن ابن أبي مليكة به وقال أبو نعيم:

"لم نكتبه من حديث مسعر متصلاً إلا من حديث أبي قتيبة الشعيري".

قلت: وهو سلم بن قتيبة؛ وهو ثقة من رجال البخاري.

لكن الصلت بن طريف؛ قال الذهبي:

"مستور. قال الدارقطني: والحديث مضطرب (يعني: هذا) . وقال ابن القطان: والصلت لا يعرف حاله".

وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"!

وخالف محمد بن جامع العطار في روايته عن سلم عنه، فقال: الصلت بن يحيى! وأسقط الرجل بينه وبين ابن أبي مليكة؛ كما في الرواية الأولى.

ولعله الاضطراب - أو من الاضطراب - الذي أشار إليه الدارقطني فيما نقلته عنه آنفاً.

والصلت بن يحيى؛ قال الأزدي:

"ضعيف لا يصح حديثه".

 

(10/346)

 

 

والعطار ضعيف.

وله شاهد من حديث أبي الدرادء مرفوعاً به؛ قال الهيثمي (2/ 80) :

"رواه الطبراني في الكبير، وفيه عطاء بن عجلان؛ وهو ضعيف"!

قلت: بل هو شر من ذلك؛ قال الحافظ:

"متروك؛ بل أطلق عليه ابن معين والفلاس وغيرهما الكذب".

قلت: ولذلك؛ فحديثه لا يصلح للاستشهاد به؛ لشدة ضعفه.

ثم ذكره من حديثه بلفظ:

"من قام في الصلاة فالتفت؛ رد الله عليه صلاته". وقال:

"رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه يوسف بن عطية، وهو ضعيف"!

قلت: بل هو متروك أيضاً؛ كما في "التقريب".

4806 - (لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا صلاة لمن لا يصلي على النبي، ولا صلاة لمن لم يحب الأنصار) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (1/ 158) عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل ابن سعد الساعدي عن أبيه عن جده مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ قال البوصيري (31/ 2) :

".. لا تفاقهم على ضعف عبد المهيمن".

قلت: وضعفه البخاري جداً؛ فقال:

 

(10/347)

 

 

"منكر الحديث". وقال النسائي:

"ليس بثقة".

لكن ذكر البوصيري أنه تابعه عليه ابن أخي عبد المهيمن: عند الطبراني في "المعجم الكبير"، وسكت عليه.

وأقول: أخو عبد المهيمن: اسمه أبي؛ وهو ضعيف أيضاً.

أما ابنه فلم أعرفه! ثم بدا لي أن لفظة (ابن) مقحمة؛ والصواب حذفها؛ فالمتابع هو أبي بن عباس نفسه، كذلك هو عند الطبراني (5699) .

وأخرجه ابن السماك في "الفوائد المنتقاة" (ق 96/ 1) ، وابن شاهين في "الترغيب" من طريق أخرى عن عبد المهيمن به؛ إلا أنه قال:

" ... ولا يؤمن بالله إلا من يؤمن بي، ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار" بدل قوله:

"ولا صلاة لمن لا يصلي ... ".

وأما الجملة الأولى والثانية منه؛ فهما ثابتتان في أحاديث أخرى.

والحديث؛ أخرجه الحاكم (4/ 60) من طريق عبيد الله بن سعيد بن كثير بن عفير: حدثنا أبي: حدثنا سليمان بن بلال، عن أبي ثفال المري قال: سمعت رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان يقول: حدثتني جدتي أسماء بنت سعيد بن زيد بن عمرو أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد واه جداً؛ آفته عبيد الله بن سعيد؛ قال ابن حبان:

"لا يشبه حديثه حديث الثقات".

وغمزه ابن عدي.

 

(10/348)

 

 

وذكره سماع أسماء بنت سعيد منه - صلى الله عليه وسلم - منكر جداً! فالحديث رواه غير واحد عن أبي ثفال به عنها عن أبيها قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكر بعضه. أخرجه الترمذي (25،26) ، وغيره.

4807 - (لا طلاق إلا لعدة، ولا عتق إلا لوجه الله تعالى) .

ضعيف

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 103/ 2) : حدثنا أحمد ابن سعيد بن فرقد الجدي: أخبرنا أبو حمة محمد بن يوسف: أخبرنا عبد الله بن محمد ابن عبد الله بن زيد قال: سمعت محمد بن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن جده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ... فذكره هكذا ولم يرفعه!

وأقول: لعل الرفع سقط من الناسخ؛ فقد أورده الهيثمي في "المجمع" (4/ 336) مرفوعاً. وقال:

"رواه الطبراني، وفيه أحمد بن سعيد بن فرقد، وهو ضعيف".

قلت: اتهمه الذهبي بوضع حديث الطير.

وعبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد، وشيخه محمد بن عبد الله بن طاوس؛ كلاهما:

"مقبول" عند الحافظ.

 

(10/349)

 

 

4808 - (لا عدوى، ولا طيرة، وهامة. فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله! أرأيت البعير يكون به الجرب فتجرب الإبل؟! قال: ذلك القدر، فمن أجرب الأول؟!) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (2/ 363) ، وأحمد (2/ 24-25) عن أبي جناب

 

(10/349)

 

 

عن أبيه ابن عمر مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف أبي جناب - واسمه يحيى بن أبي حية -؛ كما قال البوصيري في "الزوائد" (ق 215/ 1) .

قلت: وأبوه مجهول.

والحديث صحيح دون قوله: "ذلك القدر"؛ فإن له شاهداً من حديث أبي هريرة في "الصحيحين" وغيرهما، وقد سبق برقم (782) من "الصحيحة".

ولقوله: "لا عدوى ولا طيرة" طريق أخرى عن ابن عمر في "الصحيحين" أيضاً؛ ومضى برقم (788) من "الصحيحة".

4809 - (لا قليل من أذى الجار) .

ضعيف جداً

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (10/ 27) : حدثنا سليمان بن أحمد: حدثنا أحمد بن رشدين: حدثنا أحمد بن أبي الحواري: حدثنا الوليد: حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة عن أم سلمة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته أحمد بن رشدين - وهو أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين المصري -؛ قال ابن عدي:

"كذبوه، وأنكرت عليه أشياء".

ذكره في "الميزان"، وساق له حديثاً آخر، قال:

"إنه من أباطيله".

وسليمان بن أحمد: هو الطبراني. وقد عزاه إليه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8/ 170) . وقال:

 

(10/350)

 

 

"ورجاله ثقات"! كذا قال! وكأنه اعتمد في ذلك على توثيق مسلمة لابن رشدين، ولم يوثقه غيره؛ وكأنه لم يتبين له جرحه!

4810 - (لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار) .

منكر

رواه القاضي أبو الحسين بن المهتدي في "المشيخة" (2/ 198/ 1) ، والقضاعي (72/ 2) ، والديلمي (4/ 208) عن سعيد بن سليمان عن أبي شيبة الخراساني عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو شيبة الخراساني نكرة لا يعرف؛ قال الذهبي في "كنى الميزان":

"أتى بخبر منكر، رواه سعدويه ... " ثم ذكر هذا الخبر.

وسعدويه: لقب سعيد بن سليمان الضبي الواسطي الحافظ، الذي في سند هذا الحديث.

ورواه البيهقي في "الشعب" (5/ 456/ 7268) بسند آخر عن ابن عباس موقوفاً.

ورجاله ثقات؛ لكنه منقطع بين قيس بن سعد (وهو المكي) قال: قال ابن عباس.

ثم أخرج الديلمي من طريق عبد الله بن محمد الخطيب الدربيسي (لم أقرأ هذه اللفظة من وراء القارئة إلا هكذا) (1) : أخبرنا ابن حانة: حدثنا البغوي: حدثنا

__________

(1) هو: عبد الله بن محمد الخطيب الصَّرِيفيني؛ ثقة مترجم في " السير " (18 / 330) . (الناشر)

 

(10/351)

 

 

خلف بن هشام: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس رفعه مثله.

قلت: وابن حانة؛ لم أعرفه، ولم يقرأ معي إلا هكذا (1) !

وعبد الله بن محمد الخطيب؛ لم أعرفه أيضاً! ويحتمل أنه الذي في "تاريخ بغداد" (10/ 126) :

"عبد الله بن محمد أبو بكر الخطيب، من أهل سر من رأى. حدث عن أحمد ابن صالح الوزان. روى عنه علي بن أحمد بن محمد بن يوسف السامري القاضي".

ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، فهو مجهول.

وكأن الحافظ السخاوي - لوعورة هذا الإسناد - قال في "المقاصد الحسنة" (ص 467) :

"وينظر سنده"!

وعلق عليه الشيخ عبد الله محمد الصديق الغماري بقوله:

"نظرت سنده، فوجدت فيه راوياً مجهولاً".

قلت: ولم يسمه، ولعله يعني الخطيب المذكور أو شيخه! والله أعلم.

وأورده السيوطي في "الجامع الصغير" بلفظ:

"ما كبيرة بكبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة بصغيرة مع الإصرار". وقال:

"رواه ابن عساكر عن عائشة". زاد في "الجامع الكبير":

__________

(1) هو: أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن حَبَابَة البزّاز؛ ثقة مترجم في " السير " (16 / 548) . (الناشر)

 

(10/352)

 

 

"وفيه إسحاق بن بشر، متروك". وقال المناوي:

"إسناده ضعيف، لكن الحديث شواهد"!

كذا قال! وهو مردود من ناحيتين:

الأولى: أن إسناده أسوأ حالاً مما ذكر؛ فقد قال الحافظ السخاوي:

"ورواه إسحاق بن بشر أبو حذيفة في "المبتدأ" عن الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. وإسحاق حديثه منكر".

قلت: بل هو أسوأ حالاً؛ فقد كذبه موسى بن هارون وأبو زرعة. وقال الدارقطني:

"هو في عداد من يضع الحديث".

والأخرى: أن الشواهد إنما تعطي الحديث قوة، إذا كان الضعف فيها من جهة سوء الحفظ في رواتها، مع ثبوت عدالتهم وصدقهم.

وليس الشأن كذلك في هذه الشواهد التي أشار إليها، وقد خرجتها لك، ولا سيما إسناد عائشة؛ ففيه ذاك الكذاب!

قلت: وقد تقدم تخريج حديث ابن عباس من رواية الطبراني في "الدعاء" بنحوه، برقم (4474) ؛ وهنا فوائد ليست هناك (1) .

4811 - (لا وباء مع السيف، ولا نجاء مع الجراد) .

ضعيف جداً

رواه ابن شاهين في "الفوائد" (114/ 1) عن سلم بن سالم: حدثنا أبو المغيرة - يعني: الجوزجاني؛ وهو محمد بن مالك - عن البراء بن عازب رفعه.

__________

(1) وخرَّجه الشيخ - رحمه الله - فيما سيأتي برقم (5551) من حديث أبي هريرة. (الناشر)

 

(10/353)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته سلم بن سالم - وهو البلخي الزاهد -؛ وهو متهم، كما سبق بيانه في الحديث (233) .

ومحمد بن مالك صدوق يخطىء، كما في "التقريب".

4812 - (اغزوا قزوين؛ فإنه من أعلى أبواب الجنة) .

ضعيف

أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (2/ 1) من طريق عبد الرحمن ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة: حدثنا أبو نعيم: حدثنا بشير بن سلمان قال: حدثني رجل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وقال:

"هذا الحديث - على إرساله -؛ قال أبو زرعة: ليس في قزوين حديث أصح منه. وبشير بن سلمان: هو أبو إسماعيل الهندي (كذا) الكوفي، يروي عن مجاهد وعكرمة ... وقد أخرج عنه مسلم ... ويروى هذا الحديث عن بشير بن سلمان عن أبي السري عن رجل - نسي أبو السري اسمه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ومن هذه الطريق رواه الخطيب البغدادي".

 

(10/354)

 

 

4813 - (شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحر في جباهنا وأكفنا، فلم يشكنا) .

منكر بهذا التمام

أخرجه البيهقي (2/ 107) من طريق معلى بن أسد: حدثنا وهيب بن خالد عن محمد بن جحادة عن سليمان بن أبي هند عن خباب بن الأرت به.

وأخرجه البخاري في "التاريخ" (2/ 2/ 41) من طريق حبان: أخبرنا وهيب به مختصراً دون قوله:

 

(10/354)

 

 

في جباهنا وأكفنا.

قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير سليمان هذا؛ فهو مجهول الحال؛ قال ابن أبي حاتم (2/ 1/ 148) :

"روى عن سالم بن عبد الله. روى عنه إسماعيل بن سميع، ومحمد بن جحادة".

قلت: فهو - إلى جهالته - لم يصرح بسماعه من خباب، فلم يثبت أنه تابعي؛ فالانقطاع محتمل.

فإن قيل: فقد جاء الحديث من رواية زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب عن خباب بن الأرت به حرفياً؛ إلا أنه قال:

"الرمضاء" بدل: "الحر".

أخرجه البيهقي (2/ 105) !

فأقول: نعم، ولكنه معلول بعلتين:

الأولى: التدليس.

والأخرى: الاختلاط.

أما الأولى؛ فمن زكريا بن أبي زائدة؛ فإنه - وإن كان ثقة ومن رجال الشيخين -؛ فقد قال الحافظ:

"كان تدلس، وسماعه من أبي إسحاق متأخر".

والأخرى؛ من أبي إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي -؛ فإنه كان

 

(10/355)

 

 

اختلط بآخره كما في "التقريب"، وقد سمع منه زكريا بن أبي زائدة بعد اختلاطه؛ كما يشير إلى ذلك قول الحافظ المتقدم.

وإذا عرفت هذا؛ فقول النووي - رحمه الله - في "المجموع" (3/ 396) :

"إسناده جيد"!

فهو غير جيد؛ لا سيما وله علة أخرى وهي المخالفة؛ فقد روى الحديث جماعة من الثقات عن أبي إسحاق، فلم يذكروا فيه الزيادة السابقة:

في جباهنا وأكفنا.

فإليك تخريج أحاديثهم:

الأول: شعبة قال: حدثنا أبو إسحاق عن سعيد بن وهب به.

أخرجه الطيالسي (1/ 70/ 273) ، وأحمد (5/ 108،110) ، وأبو عوانة في "صحيحه" (1/ 345) .

الثاني: سفيان الثوري: حدثنا أبو إسحاق به.

أخرجه أبو عوانة، والطحاوي في "شرح المعاني" (1/ 109) .

وشعبة والثوري؛ سمعا من أبي إسحاق قبل الاختلاط، فروايتهما عنه هي العمدة.

الثالث: زهير - وهو ابن معاوية -: حدثنا أبو إسحاق به.

قال زهير: قلت لأبي إسحاق: أفي الظهر؟ قال: نعم. قلت: أفي تعجيلها؟ قال: نعم.

 

(10/356)

 

 

أخرجه مسلم (2/ 109) ، والنسائي (1/ 86) ، والبيهقي (1/ 438) .

الرابع: أبو الأحوص سلام بن سليم عن أبي إسحاق به.

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 323) ، وعنه مسلم.

الخامس: زياد بن خيثمة عن أبي إسحاق به؛ وزاد:

قال أبو إسحاق: كان يعجل الظهر؛ فيشتد عليهم الحر.

أخرجه الطحاوي.

السادس: يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق قال: حدثني سعيد بن وهب به؛ وزاد:

وقال: "إذا زالت الشمس فصلوا".

أخرجه البيهقي، والطحاوي؛ إلا أنه لم يسق لفظه.

ورجاله ثقات؛ فهو إسناد صحيح؛ لولا أن يونس بن أبي إسحاق سمع من جده أبي إسحاق بعد الاختلاط.

السابع: الأعمش قال: حدثنا أبو إسحاق عن حارثة بن مضرب - أو من هو مثله من أصحابه -: قال خباب ... فذكره.

أخرجه الطحاوي، وابن ماجه (1/ 231) ؛ إلا أنه لم يذكر قوله:

أو من هو مثله من أصحابه.

وإني لأظن أنه يعني - بهذا القول - سعيد بن وهب الذي في الطرق السابقة.

وبالجملة؛ فهذه الطرق كلها تؤكد أن ذكر الجباه والأكف - في حديث خباب -

 

(10/357)

 

 

منكر غير معروف ولا ثابت.

ويؤيد ذلك: حديث معاوية بن هشام عن سفيان عن زيد بن جبيرة عن خشف بن مالك عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال ... فذكره مثل حديث زكريا عن خباب.

أخرجه ابن ماجه.

لكن زيد بن جبيرة متروك؛ فلا يستشهد به.

والخلاصة: أن ذكر الجباه والأكف في الحديث لا يصح.

وبذلك تضعف حجة الرافعي وغيره من الشافعية الذين استدلوا بالحديث على أن السجود على حائل دون الجبهة لا يجزىء! وأما قول النووي عقب الحديث:

"وقد اعترض بعضهم على أصحابنا في احتجاجهم بهذا الحديث لوجوب كشف الجبهة، وقال: هذا ورد في الإبراد! وهذا الاعتراض ضعيف؛ لأنهم شكوا حر الرمضاء في جباههم وأكفهم، ولو كان الكشف غير واجب لقيل لهم: استروها، فلما لم يقل ذلك؛ دل على أنه لا بد من كشفها"!!

فأقول: هذا التضعيف هو الضعيف، بل هو باطل! وبيانه من وجوه:

الأول: أنه مبني على ثبوت ذكر الجبهة في الحديث؛ وهو غير ثابت؛ كما عرفته من التحقيق السابق، فسقط الاستدلال به من أصله.

الثاني: أن الحديث لو كان الاستدلال به على ما ذكروا؛ للزمهم القول بوجوب السجود على الكفين دون حائل أيضاً؛ لأنهما قد ذكرا فيه مع الجبهة كما سبق!

 

(10/358)

 

 

وهم لا يقولون بذلك، على ما هو الصحيح عندهم، وهو المنصوص في عامة كتب الشافعي كما قال النووي (3/ 404) . فثبت أن الحديث لا يدل على الوجوب المزعوم، وهذا على فرض ثبوته، فكيف وهو غير ثابت؟!

الثالث: أنه ثبت عن أنس أنه قال:

كنا إذا صلينا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر مكان السجود.

أخرجه الشيخان، والبيهقي (2/ 106) - واللفظ له -.

وأما حمل الشافعية هذا الحديث على الثوب المنفصل عن المصلي - كما فعل البيهقي والنووي -؛ فهو ضعيف مخالف لظاهر قوله:

طرف الثوب! لأن المتبادر منه أنه الثوب المتصل به؛ لا سيما وهم في المسجد وليس فيه قرش، مع أن الغالب من حالهم قلة الثياب، وأنه ليس لأحدهم إلا ثوبه المتصل به.

الرابع: قال الحسن البصري:

كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يسجدون وأيديهم في ثيابهم، ويسجد الرجل منهم على عمامته.

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 266) ، والبيهقي (2/ 106) .

قلت: وهذا إسناد صحيح.

وقول البيهقي:

"يحتمل أن يكون أراد: يسجد الرجل منهم على عمامته وجبهته"!!

 

(10/359)

 

 

رده ابن التركماني بقوله:

"قلت: هذه الزيادة من غير دليل: إذ لا ذكر للجبهة".

وجملة القول؛ أنه لا دليل على عدم جواز السجود على حائل متصل؛ لا سيما والأدلة كثيرة جداً على جواز السجود على حائل منفصل، كالبساط والحصير ونحو ذلك؛ مما يفصل بين الجبهة والأرض، والتفرقة بين الحائل المتصل والحائل المنفصل من الثياب - مع أنه لا دليل عليه في النقل -؛ فهو مع ذلك مما لا يشهد النظر السليم بصحته؛ لأنه إن كان الغرض إنما هو مباشرة الأرض بالسجود مبالغة في الخضوع لله تعالى؛ فهو غير حاصل بالحائل المنفصل أيضاً.

فإن قيل: إذا لم تثبت الزيادة المذكورة في الحديث؛ فما هو المقصود من الحديث بعد إسقاط الزيادة منه؟

والجواب: ما جاء في "النهاية" لابن الأثير - بعد أن ذكر الحديث -:

"أي: شكوا إليه حر الشمس وما يصيب أقدامهم منه إذا خرجوا إلى صلاة الظهر، وسألوه تأخيرها قليلاً (فلم يشكهم) ؛ أي: لم يجبهم إلى ذلك، ولم يزل شكواهم، يقال: أشكيت الرجل: إذا أزلت شكواه، وإذا حملته على الشكوى. وهذا الحديث يذكر في مواقيت الصلاة؛ لأجل قول أبي إسحاق - أحد رواته - وقيل له: في تعجيلها؟ فقال: نعم.

والفقهاء يذكرونه في السجود؛ فإنهم كانوا يضعون أطراف ثيابهم تحت جباههم في السجود من شدة الحر، فنهوا عن ذلك"!!

كذا قال! ورده أبو الحسن السندي بقوله:

"قلت: وهذا التأويل بعيد، والثابت أنهم كانوا يسجدون على طرف الثوب. وقال القرطبي: يحتمل أن يكون هذا قبل أن يأمرهم بالإبراد، ويحتمل أنهم طلبوا

 

(10/360)

 

 

منه زيادة تأخير الظهر على وقت الإبراد، فلم يجبهم إلى ذلك. وقيل: معناه: فلم يشكنا؛ أي: لم يحوجنا إلى الشكوى، ورخص لنا في الإبراد. وعلى هذا يظهر التوفيق بين الأحاديث".

4814 - (لا يبولن أحدكم في الماء الناقع) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن ماجه (1/ 143) عن ابن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ ابن أبي فروة: اسمه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة؛ قال الحافظ:

"متروك".

 

(10/361)

 

 

4815 - (لا يجمع الله في جوف رجل غباراً في سبيل الله ودخان جهنم. ومن اغبرت قدماه في سبيل الله؛ حرم الله سائر جسده على النار. ومن صام يوماً في سبيل الله؛ باعد الله عنه النار مسيرة ألف سنة للراكب المستعجل. ومن جرح جراحة في سبيل الله؛ ختم له بخاتم الشهداء؛ له نور يوم القيامة، لونها مثل لون الزعفران، وريحها مثل ريح المسك، يعرفه بها الأولون والآخرون، يقولون: فلان عليه طابع الشهداء. ومن قاتل في سبيل الله فواق ناقة؛ وجبت له الجنة) (1) .

ضعيف بهذا التمام

أخرجه أحمد (6/ 443 - 444) عن خالد بن دريك عن أبي الدرداء مرفوعاً.

قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله ثقات؛ إلا أنه منقطع بين خالد بن دريك

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " راجع الترغيب " ". (الناشر)

 

(10/361)

 

 

وأبي الدرداء، فقد جزم المزي والحافظ بأن ابن دريك لم يدرك ابن عمر؛ مع أنه توفي سنة (73) ، وبالأحرى أن يدرك أبا الدرداء الذي توفي قبيل وفاة عثمان التي كانت سنة (35) ، فالحديث من أجل هذا منقطع ضعيف.

ولذلك أعل المنذري (2/ 167) ، والهيثمي (5/ 285) الحديث بالانقطاع.

وقد وهما في الجملة الثانية منه فقالا:

"ومن اغبرت قدماه في سبيل الله؛ باعد الله منه النار يوم القيامة مسيرة ألف عام للراكب المستعجل"! ولم يذكرا قضية الصيام، وجعلا الفضل الوارد فيه لمن اغبرت قدماه!

واعلم أن بعض هذه الجمل المذكورة في الحديث صحت في أحاديث متفرقة:

فالجملة الأولى؛ صحت من حديث أبي هريرة: عند النسائي (2/ 55) ، وغيره.

والجملة الثانية؛ في "صحيح البخاري" (2/ 312 و 6/ 23) من حديث عبد الرحمن بن جبر.

والجملة الأخيرة؛ صحت عن معاذ عند أبي داود (1/ 399) ، والترمذي (3/ 15) .

وله عند الترمذي شاهد من حديث أبي هريرة - وحسنه -.

4816 - (والذي نفسي بيده! لا يدخل الجنة إلا رحيم. قالوا: كلنا رحماء؟! قال: ليس برحمة أحدكم خويصته، حتى يرحم الناس) .

ضعيف

أخرجه المروزي في "زوائد الزهد" (990) : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثنا يونس عن الحسن قال: قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قال إسماعيل: قال يونس بيده؛ كأنه يريد العامة.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ لكنه مرسل؛ لأن الحسن:

 

(10/362)

 

 

هو البصري؛ وهو كثير الإرسال والتدليس.

والحديث؛ أورد منه السيوطي قوله:

"لا يدخل الجنة إلا رحيم". وقال:

"هب - عن أنس".

ولم يتكلم عليه المناوي بشيء! ولعله عند البيهقي في "الشعب" من طريق الحسن عن أنس، فإذا كان كذلك؛ فهو معلول بالانقطاع؛ كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

4817 - (لا يعدل بالرعة) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (2519) عن عبد الله بن جعفر المخرمي عن محمد ابن عبد الرحمن بن نبيه عن محمد بن المنكدر عن جابر قال:

ذكر رجل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بعبادة واجتهاد، وذكر عنده آخر برعة. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. وقال:

"حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه".

قلت: ابن نبيه هذا مجهول العين، كما يشير إلى ذلك قول الذهبي:

"ما روى عنه سوى عبد الله بن جعفر المخرمي".

 

(10/363)

 

 

4818 - (لا تغتسلن أحدكم في فلاة أو سطح لا يواريه شيء، ولا يقولن أحدكم: إني لا أرى أحداً؛ فإنه إن كان لا يرى؛ فإنه يرى) .

ضعيف جداً

رواه ابن عدي (82/ 2) عن عبد الرحمن بن عثمان: حدثنا الحسن

 

(10/363)

 

 

ابن عمارة: حدثنا المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة بن عبد الله عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً.

قلت: وهذا سند ضعيف جداً؛ وفيه ثلاث علل:

1- أبو عبيدة؛ لم يسمع من أبيه ابن مسعود.

2- الحسن بن عمارة؛ قال الحافظ:

"متروك". بل قال الإمام أحمد:

"كان منكر الحديث، وأحاديثه موضوعة".

3- عبد الرحمن بن عثمان - وهو البكراوي - ضعيف.

لكن تابعه عبد الحميد أبو يحيى الحماني: حدثنا الحسن بن عمارة به.

أخرجه ابن ماجه (615) .

فالعلة ممن فوقه.

4819 - (لا يقولن أحدكم: إني صمت رمضان كله، قمته كله) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (1/ 379) ، والنسائي (1/ 300) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (214/ 1) ، وكذا ابن حبان (915) ، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (2/ 16/ 1) ، وأحمد (5/ 39،40،41،48،52) من طريقين عن الحسن عن أبي بكرة مرفوعاً. قال:

فلا أدري؛ أكره التزكية، أو قال:

"لا بد من نومة أو رقدة"؟!

 

(10/364)

 

 

قلت: ورجاله ثقات؛ إلا أن الحسن - وهو البصري - مدلس، وقد عنعنه عندهم جميعاً.

وللحديث شاهد من رواية ناشب بن عمرو: حدثنا مقاتل بن حيان عن الضحاك ابن مزاحم عن ابن عمرو مرفوعاً به، وزاد:

"وصنعت في رمضان كذا وكذا؛ فإن رمضان اسم من أسماء الله عز وجل العظام، ولكن قولوا: (شهر رمضان) ؛ كما قال ربكم عز وجل في كتابه".

أخرجه تمام الرازي في "الفوائد" (39/ 2) .

ولكنه واه جداً؛ ناشب بن عمرو؛ قال البخاري:

"منكر الحديث". وقال الدارقطني:

"ضعيف".

4820 - (لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يؤمهم غيره) .

ضعيف جداً

أخرجه الترمذي (3674) عن عيسى بن ميمون الأنصاري عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعاً. وقال مضعفاً:

"حديث غريب".

قلت: وعلته عيسى بن ميمون هذا؛ قال الحافظ:

"ضعيف".

قلت: وهو أسوأ من ذلك؛ فقد قال الذهبي في "المغني":

"قال عبد الرحمن بن مهدي: استعديت عليه، وقلت: ما هذه الأحاديث التي

 

(10/365)

 

 

تروي عن القاسم عن عائشة؟! فقال: لا أعود. قال البخاري: منكر الحديث".

وقد وجدت للحديث طريقاً أخرى مثل هذه في الوهاء: يرويه يوسف بن خالد: حدثنا موسى المكي عن موسى بن طلحة عن عائشة بنت سعد عن عائشة به.

أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (ق 217/ 2) ، وعنه ابن عساكر في "التاريخ" (9/ 331/ 2) : حدثنا زكريا بن يحيى الرقاشي: حدثنا يوسف بن خالد ...

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ ليوسف بن خالد - وهو السمتي -؛ قال الحافظ:

"تركوه. وكذبه ابن معين".

والحديث؛ أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 318) من طريق أخرى عن عيسى بن ميمون.

وقد روي من حديث عتبة بن غزوان نحوه مرفوعاً.

أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1055) .

لكن إسناده ضعيف جداً؛ كما بينته في التعليق عليه؛ فليراجع.

4821 - (يا أيها الناس! انهوا نساءكم عن لبس الزينة والتبختر في المسجد؛ فإن بني إسرائيل لم يلعنوا حتى لبس نساؤهم الزينة، وتبخترن في المساجد) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (4001) عن موسى بن عبيدة عن داود بن مدرك عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت:

بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس في المسجد؛ إذ دخلت امرأة من مزينة تَرْفُلُ في

 

(10/366)

 

 

زينة لها في المسجد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ له علتان:

الأولى: جهالة داود بن مدرك؛ قال الذهبي في "الميزان":

"نكرة لا يعرف". وقال الحافظ:

"مجهول".

والأخرى: ضعف موسى بن عبيدة.

4822 - (يا سراقة! ألا أدلك على أعظم الصدقة - أو: من أعظم الصدقة -؟! قال: بلى يا رسول الله! قال: ابنتك مردودة إليك، ليس لها كاسب غيرك) .

ضعيف

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (81) ، وابن ماجه (3667) ، وأحمد (4/ 175) عن موسى بن علي قال: سمعت أبي يقول: [بلغني] عن سراقة بن مالك يقول أنه حدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات؛ لكنه منقطع بين علي أبي موسى وسراقة؛ فإنه ذكره بلاغاً عند أحمد، وسنده إليه قوي.

ويؤيده أن البخاري رواه (80) : حدثنا عبد الله بن صالح: حدثني موسى بن علي عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لسراقة ... فذكره؛ أرسله.

 

(10/367)

 

 

4823 - (إن من أمتي من يعظم للنار؛ حتى يكون أحد زواياها) .

منكر

وهو قطعة من حديث رواه داود بن أبي هند: حدثنا عبد الله بن قيس قال:

 

(10/367)

 

 

كنت عند أبي برزة ذات ليلة؛ فدخل علينا الحارث بن أقيش؛ فحدثنا الحارث ليلتئذ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره.

أخرجه ابن ماجه (4323) ؛ وزاد في أوله:

"إن من أمتي من يدخل الجنة بشفاعته أكثر من مضر، وإن من ... ".

وهذه الزيادة: أخرجها الطبراني في "المعجم الكبير" (3363) ؛ كلاهما من طريق أبي بكر بن أبي شيبة: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن داود به.

وأخرجه الحاكم (1/ 71 و 4/ 593) ، وأحمد (4/ 212) ، وابن خزيمة في "التوحيد" (ص 204) ، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (5/ 312-313) ، وأبو يعلى (3/ 153-154/ 1581) ، والطبراني أيضاً (3360-3366) ، والمزي في "التهذيب" (5/ 213-214) من طرق أخرى عن داود به.

وخالفهم جميعاً: محمد بن أبي عدي فقال: عن داود عن عبد الله بن قيس عن الحارث بن أقيش قال:

كنا عند أبي برزة ليلة، فحدث ليلتئذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ... فذكره بالزيادة مع زيادة أخرى؛ نصها:

"ما من مسلمين يموت لهما أربعة أفراط؛ إلا أدخلها الجنة بفضل رحمته".

قالوا: يا رسول الله! وثلاثة؟ قال: "وثلاثة". قالوا: واثنان؟ [قال: "واثنان"] .

وهذه الزيادة ثابتة في رواية بعض الجماعة الذين أشرت إليهم.

وقد خالفهم محمد بن أبي عدي فجعله من مسند أبي برزة، وهي رواية شاذة! والصواب أنه من رواية الحارث بن أقيش.

 

(10/368)

 

 

وما بين المعكوفتين سقطت من مطبوعة "المسند"؛ وهي ثابتة في "المجمع" (3/ 8) برواية أحمد. وقال:

"ورجاله ثقات"! وكذا قال في رواية عبد الله، وعزاها لأبي يعلى أيضاً! وقال الحاكم:

"صحيح على شرط مسلم"! ووافقه الذهبي!

وصححه أيضاً ابن حجر في ترجمة الحارث من "الإصابة"!

ومن قبله المنذري في "الترغيب" (3/ 91 و 4/ 239) !

وتبعهم البوصيري - على تناقض في كلامه -؛ فإنه قال في "زوائد ابن ماجه" (4/ 262) - مع تصحيح بعض الأخطاء من النسخة المخطوطة -:

"هذا إسناد فيه مقال؛ عبد الله بن قيس النخعي؛ ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: أحسبه الذي روى عنه أبو إسحاق عن ابن عباس قوله. وقال: لم يرو عنه غير داود بن أبي هند، وليس إسناده بالصافي. انتهى. وباقي رجال الإسناد ثقات؛ رواه الإمام أحمد في "مسنده" بإسناد جيد"!

فأقول: قد عرفت - من تخريجنا المتقدم - أن الحديث عند أحمد وغيره من طريق عبد الله بن قيس، فقوله في إسناد ابن ماجه:

"فيه مقال"؛ يناقض تجويده لإسناد أحمد؛ كما هو ظاهر.

ثم إن ما نسبه لابن حبان أنه قال: "لم يرو عنه ... " إلخ؛ خطأ؛ لأمرين:

الأول: أنه ليس في "ثقاته"، وهذا نصه فيه (5/ 42) :

"يروي عن ابن مسعود، والحارث بن أقيش. عداده في أهل البصرة. روى

 

(10/369)

 

 

عنه داود بن أبي هند، وأبو حرب. وأحسبه الذي روى عنه أبو إسحاق السبيعي عن ابن عباس قوله".

وهكذا نقله عنه الحافظ ابن حجر في "التهذيب".

والآخر: أن هذا القول إنما هو لابن المديني؛ فقد عزاه إليه الحافظ عقب النقل المشار إليه؛ فقال:

"وقد قال علي بن المديني: عبد الله بن قيس الذي روى عنه داود بن أبي هند؛ مجهول لم يرو عنه غير داود، ليس إسناده بالصافي".

فظهر أنه اختلط على البوصيري كلام ابن المديني بكلام ابن حبان!

ثم إن تصريح ابن المديني بجهالة ابن قيس هذا: هو الذي تنباه الحافظ في "التقريب" بقوله:

"مجهول". وأشار إليه الذهبي بقوله في "الميزان":

"تفرد عنه داود بن أبي هند، ولعله الذي قبله".

يعني: الذي تقدم في كلام ابن حبان، فقال الذهبي:

"عبد الله بن قيس عن ابن عباس، لا يدرى من هو؟ تفرد عنه أبو إسحاق".

قلت: وقال الحافظ فيه أيضاً:

"مجهول؛ ولعله الذي قبله".

قلت: فالعجب منهما؛ كيف غفلا عن هذه الجهالة هما وغيرهما ممن سبقذكره؛ فصححوا الحديث؟! وبخاصة منهم الذهبي الذي وافق الحاكم على

 

(10/370)

 

 

تصحيحه على شرط مسلم، وابن قيس هذا ليس من رجاله، وإنما هو من رجال ابن ماجه؛ كما رمزوا له!

هذا؛ ولعله مما يوهن من شأن هذا الراوي، ويبين أنه ليس في موضع الثقة؛ أنه روى الزيادة الأخرى بلفظ:

"يموت لهما أربعة ... "!

فإنه منكر بهذا اللفظ؛ فإن الأحاديث التي في معناه ليس فيها ذكر: "أربعة"؛ وإنما لفظ: "ثلاثة"؛ مثل حديث أنس:

"ما من مسلم يموت له ثلاثة لم يبلغوا الحنث ... " الحديث.

رواه البخاري وسواه.

وفي معناه أحاديث أخرى، رواها ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/ 352-355) ، وخرج بعضها المنذري في "ترغيبه"، والهيثمي في "مجمعه"؛ فليراجعها من شاء.

وأما الزيادة الأولى التي ذكر فيها (الشفاعة) ؛ فهي صحيحة بغير هذه الرواية، وقد خرجتها من حديث أبي أمامة وعبد الله بن أبي الجدعاء وغيرهما في الكتاب الآخر: "الصحيحة" برقم (2178) ؛ فلا داعي للإعادة.

4824 - (يا عثمان! هذا جبريل يقول عن الله عز وجل: إني قد زوجتك أم كلثوم؛ على مثل ما زوجتك رقية، وعلى مثل صحبتها) (1) .

ضعيف

رواه ابن ماجه (110) ، وابن منده في "المعرفة" (2/ 295/ 2) عن محمد بن عثمان بن خالد: أخبرنا أبي: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه الأعرج عن أبي هريرة:

__________

(1) كتب الشيخ - فوق هذا المتن: " كان قبله حديث فنقل إلى " الصحيحة " برقم (4863) . (الناشر)

 

(10/371)

 

 

أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقي عثمان بن عفان عند باب المسجد، فقال ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً، رجاله موثقون؛ غير عثمان بن خالد - وهو الأموي العثماني - متروك، كما قال الحافظ.

ثم رواه ابن منده، والحاكم (4/ 49) من طريق عبد الله بن صالح: أخبرنا ابن لهيعة عن عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان:

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رآه لهفان مهموماً، فقال له:

"ما لي أراك لهفان مهموماً؟! ". فقلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! وهل دخل على أحد ما دخل علي؟ ماتت ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كانت تحتي، وانقطع ظهري، وانقطع الصهر بيني وبينك! فبينما هو يحاروه؛ إذ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره؛ وزاد: فزوجه إياها. وقال:

"تفرد به ابن لهيعة عن عقيل".

قلت: وابن لهيعة ضعيف.

ومثله عبد الله بن صالح.

4825 - (يخرج من خراسان رايات سود، لا يردها شيء حتى تنصب بإيلياء) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (2270) ، وأحمد (2/ 365) عن رشدين بن سعد عن يونس عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال الترمذي:

"حديث غريب". زاد في بعض النسخ:

 

(10/372)

 

 

"حسن غريب"!

والأول أليق بحال رشدين بن سعد؛ فإنه ضعيف.

4826 - (يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي. يعني: سلطانه) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (2/ 519) ، والفسوي في "المعرفة" (2/ 497) عن ابن لهيعة عن أبي زرعة عمرو بن جابر الحضرمي عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة وأبي زرعة الحضرمي؛ كما قال البوصيري (250/ 1) .

قلت: وأما الفسوي؛ فذكر الحضرمي في ثقات التابعين المصريين! خلافاً للنسائي وغيره؛ فقال:

"ليس بثقة". وقال ابن حبان:

"لا يحتج بخبره". وقال الحافظ:

"ضعيف".

 

(10/373)

 

 

4827 - (يدعى أحدهم، فيعطى كتابه بيمينه، ويمد له في جسمه ستون ذراعاً، ويبيض وجهه، ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤ يتلألأ، فينطلق إلى أصحابه، فيرونه من بعيد، فيقولون: اللهم! ائتنا بهذا، وبارك لنا في هذا، حتى يأتيهم، فيقول: أبشروا، لكل رجل منكم مثل هذا.

 

(10/373)

 

 

وأما الكافر؛ فيسود وجهه، ويمد له في جسمه ستون ذراعاً على صورة آدم، فيلبس تاجاً، فيراه أصحابه، فيقولون: نعوذ بالله من شر هذا، اللهم! لا تأتنا هذا، قال: فيأتيهم فيقولون: اللهم! أخزه، فيقول: أبعدكم الله؛ فإن لكل رجل منكم مثل هذا) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (2/ 193) ، وأبو يعلى (4/ 1459) ، وعنه ابن حبان (2588 - موارد) ، وأبو نعيم في "الحلية" (9/ 16) ، والحاكم (2/ 242-243) من طريق إسماعيل السدي عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:

في قوله عز وجل: (يوم ندعو كل أناس بإمامهم) قال ... فذكره. وقال الترمذي:

"حديث حسن غريب، والسدي: اسمه إسماعيل بن عبد الرحمن"! وقال الحاكم:

"صحيح على شرط مسلم"! ووافقه الذهبي!

قلت: والد إسماعيل - وهو عبد الرحمن بن أبي كريمة - ليس من رجال مسلم، ثم هو مجهول الحال، كما في "التقريب". وقد قال الذهبي نفسه في "الميزان":

"ما روى عنه سوى ولده".

قلت: ونحوه في "تهذيب الحافظ"، فحقه - إذن - أن يقول فيه:

"مجهول العين"! فلتأمل.

 

(10/374)

 

 

تنبيهان:

الأول: مع ما سبق من الإشارة إلى أن الحديث عند المذكورين من طرق عن (إسماعيل السدي) ؛ فإني أرى من الفائدة أن ألفت النظر إلى خلاف وقع في شيخ أبي يعلى فيه في المصورة التي عزوت إليها، وكذا في نسخة أخرى (ق 279/ 2) ، ومثلها النسخة المطبوعة (11/ 3-5- تحقيق الأخ حسين الداراني) ؛ ففيها كلها قال أبو يعلى:

"حدثنا الحارث بن سريج ... "! ووقع في رواية ابن حبان إياه عنه في "الموارد" (2588) :

"حدثنا سريج بن يونس ... "، وكذا في "الإحسان" (16/ 346) !

وكلا الشيخين قالا: "حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ... "! وإذا رجعنا إلى ترجمة كل منهما؛ وجدنا أنهما يرويان عن عبد الرحمن بن مهدي، وعنهما أبو يعلى؛ فلا أدري هل الخلاف ناشىء من النساخ، أو أن لأبي يعلى فيه شيخين؟! وهذا مما أستبعده.

فإن كان الصواب من هذا الاختلاف (الحارث بن سريج) ؛ فيكون إسناد أبي يعلى ضعيفاً إلى عبد الرحمن السدي؛ لأن الحارث هذا؛ قال ابن عدي:

"ضعيف، يسرق الحديث".

ومع هذا الجرح المفسر من هذا الحافظ، والمؤيد بقول ابن معين في رواية:

"ليس بشيء". وقول النسائي:

"ليس بثقة".

 

(10/375)

 

 

لم يعبأ بذلك كله المعلق على "الموارد" (11/ 5) ؛ فزعم أنه حسن الحديث؛ اعتماداً منه على توثيق ابن معين إياه في رواية، وابن حبان (8/ 183) ؛ جاهلاً أو متجاهلاً قاعدة: "الجرح المفسر مقدم على التعديل"! وله من مثل هذه المخالفة الشيء الكثير. ويأتي ذكر أحدها قريباً.

والتنبيه الآخر: أن عبد الرحمن أبا إسماعيل - وهو السدي -؛ قد ذكر فيه ثلاثة أقوال في اسم والده، فقيل: هو (ابن أبي كريمة) ، وقيل: هو (ابن نهشل) ، وقيل: إن أبا كريمة كنية عبد الرحمن بن نهشل! ثم قال:

"وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأخرج له في "صحيحه" أحاديث (1) ؛ من رواية ابنه عنه عن أبي هريرة"!

قلت: ومع ذلك؛ فلم يورده ابن حبان في "الثقات" على وجه من تلك الوجوه الثلاثة، وإنما على وجه رابع! فقال في (التابعين) منه (5/ 108) :

"عبد الرحمن بن أبي ذئب السدي.. عنه ابنه إسماعيل".

قلت: فكأنه - لهذا الاضطراب في اسم أبيه - لم ينسبه البخاري في "التاريخ"، وتبعه ابن أبي حاتم في "كتابه"، ولم يذكروا جميعاً له راوياً غير ابنه؛ فهو مجهول كما تقدم.

وأما المعلق على "مسند أبي يعلى" (11/ 5) ؛ فقال:

"إسناده حسن، الحارث بن سريج بينا أنه حسن الحديث عند رقم (1103) ، وعبد الرحمن بن أبي كريمة لم أر فيه جرحاً، ووثقه ابن حبان"!!

__________

(1) قلت: لم أر له في " الإحسان " إلا هذا، وإلا حديثا آخر في سماع الميت قوع النعال (7/388/3118) ! وهذا له فيه إسناد آخر حسن، ومتنه مطوّل، وهو في " الموارد " (781) .

 

(10/376)

 

 

4828 - (يدور المعروف على يدي مئة رجل، آخرهم فيه كأولهم) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن شاهين في "الترغيب" (315/ 1) ، والديلمي (4/ 331) معلقاً على أبي الشيخ عن سويد بن سعيد: حدثنا عبد الرحيم بن زيد عن أبيه عن أنس بن مالك رفعه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عبد الرحيم بن زيد - وهو العمي - متروك.

وأبوه ضعيف.

وسويد بن سعيد ضعيف أيضاً.

 

(10/377)

 

 

4829 - (يرحمنا الله وأخا عاد. يعني: هوداً عليه السلام) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (2/ 435) عن زيد بن الحباب: حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير زيد بن الحباب؛ فإنه من رجال مسلم وحده، وفيه ضعف؛ قال الحافظ:

"صدوق، يخطىء في حديث الثوري".

قلت: وقد خولف في إسناده ومتنه؛ فقال حمزة بن حبيب الزيات: عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن عباس عن أبي بن كعب قال:

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دعا بدأ بنفسه وقال:

"رحمة الله علينا وعلى موسى، لو صبر لرأى من صاحبه العجب، ولكنه قال: (إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني ... ) "؛ طولها حمزة.

 

(10/377)

 

 

أخرجه أحمد (5/ 121) ، وأبو داود (2/ 167) - والسياق له -، والحاكم (2/ 574) . وقال:

"صحيح على شرط الشيخين"! وأقره الذهبي!

وإنما هو على شرط مسلم وحده؛ فإن البخاري لم يخرج لحمزة شيئاً.

وأخرجه الترمذي (3382) دون قوله:

وقال: "رحمة الله ... ". وقال:

"حديث حسن غريب صحيح".

وهكذا أخرجه مسلم (7/ 105-106) من طريق رقبة عن أبي إسحاق به في قصة الخضر مع موسى عليهما السلام؛ مع الزيادة مختصراً، لكن بلفظ:

"رحمة الله علينا وعلى أخي - كذا -، رحمة الله علينا".

كذا وقع هنا: "كذا"! ولم يتكلم عليه النووي بشيء.ولعلها زيادة من بعض النساخ، كتبت في الهامش، ثم نقلها آخر إلى المتن، وهو يعني أن الأصل هكذا ليس فيه تسمية أخيه؛ وهو بلا شك موسى، فإن قبل الحديث بسطرين ما نصه:

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند هذا المكان: "رحمة الله علينا وعلى موسى، لولا أنه عجل لرأى العجب، ولكنه أخذته من صاحبه ذمامة، قال: (إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذراً) ، ولو صبر لرأى العجب".

قلت: وبعد هذا مباشرة قال:

"وكان إذا ذكر أحداً من الأنبياء بدأ بنفسه:

"رحمة الله علينا وعلى أخي - كذا -، رحمة الله علينا".

 

(10/378)

 

 

ثم بدا لي أنه يحتمل أن قوله: "كذا: رحمة الله علينا"؛ إنما هو من أحد الرواة، كأنه يقول: كذا في الحديث: "رحمة الله علينا"؛ يعني: أنه بضمير الجمع، ولعل هذا هو الأرجح. والله أعلم.

وجملة القول؛ أن حمزة ورقبة خالفا زيد بن الحباب في إسناد الحديث وفي متنه.

أما الإسناد؛ فجعلاه من مسند أبي بن كعب لا ابن عباس، وإنما هذا رواه عنه، فقصر ابن الحباب؛ فجعله من مسند ابن عباس، فوهم!

وأما المتن؛ فقد ذكرا موسى مكان أخي عاد، وهذا هو المحفوظ. والله أعلم.

ثم رأيت عبد بن حميد قد ساق الحديث في "منتخب المسند" وجوده؛ فقال (ق 27/ 2) : حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق ... مثل رواية مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - وكنا عنده -؛ فقال القوم:

إن نوفاً الشامي يزعم أن الذي ذهب يطلب العلم ليس موسى بني إسرائيل؟! قال: وكان ابن عباس متكئاً، فاستوى جالساً فقال: كذلك يا سعيد بن جبير؟! قلت: أنا سمعته يقول ذلك. قال ابن عباس: كذب نوف! حدثني أبي بن كعب أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:

"رحمة الله علينا وعلى موسى، لولا أنه عجل، واستحيى وأخذته ذمامة من صاحبه، فقال له: (إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني) ؛ لرأى من صاحبه عجباً".

قال: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكر نبياً من الأنبياء؛ بدأ بنفسه فقال:

"رحمة الله علينا وعلى صالح، رحمة الله علينا وعلى أخي عاد". ثم قال:

 

(10/379)

 

 

"إن موسى عليه السلام بينما هو يخطب ... " الحديث بطوله في قصته مع الخضر عليه السلام.

وهي في "الصحيحين" من طريق عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير به، وليس فيها قوله:

"وكان إذا ذكر نبياً ... "؛ هو عند مسلم دون التصريح باسم صالح ودون ذكر عاد، كما تقدم من رواية رقبة.

وقد تابعه - عنده - محمد بن يوسف، قرنه مع عبيد الله بن موسى، ولكنه لم يسق لفظهما، بل أحال فيه على لفظ رقبة فقال: نحو حديثه.

قلت: وإسناد عبد بن حميد صحيح؛ إن كان أبو إسحاق سمعه من سعيد ابن جبير؛ فإنه مدلس، وهو - وإن كان قد اختلط -؛ فإن من المحتمل أن يكون رقبة - وهو ابن مصقلة - سمعه منه قبل الاختلاط؛ فإنه قديم الوفاة، مات سنة (129) ، وهي السنة توفي فيها أبو إسحاق نفسه، وقد وجدت الحافظ في بعض تخريجاته قد أثبت سماع الأعمش من أبي إسحاق قبل الاختلاط، مع أنه توفي بعد رقبة بنحو عشرين سنة؛ لأنه مات سنة (147) .

كما أنهم اتفقوا على سماع سفيان الثوري وشعبة منه قبل الاختلاط، مع أن وفاة الأول سنة (161) ، وشعبة سنة (160) . والله أعلم.

ثم رأيت الحديث في "مسند أحمد" (5/ 122) من طريق قيس عن أبي إسحاق مختصراً بلفظ:

كان إذا ذكر الأنبياء بدأ بنفسه فقال:

 

(10/380)

 

 

"رحمة الله علينا وعلى هود وعلى صالح".

وقيس هو ابن الربيع، وهو - وإن كان ضعيفاً -؛ فلا بأس به في المتابعات والشواهد.

وبالجملة؛ فذكر هود وصالح في الحديث محفوظ عن أبي إسحاق، وإنما الشأن التثبت فيما إذا كان أبو إسحاق سمعه من سعيد بن جبير. والله أعلم.

4830 - (يشمت العاطس ثلاثاً؛ فإن زاد؛ فإن شئت فشمته، وإن شئت فكف) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (2/ 318) ، وأبو بكر الشافعي في "الفوائد" (6/ 181) ، وابن السني (248) عن يزيد بن عبد الرحمن عن يحيى بن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن حميدة - أو عبيدة - بنت عبيد بن رفاعة الزرقي عن أبيها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف؛ عبيد بن رفاعة الزرقي؛ ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ووثقه العجلي.

وحميدة - أبو عبيدة - بنت عبيد مقبولة عند الحافظ.

ويزيد بن عبد الرحمن - وهو أبو يزيد الدالاني - ضعيف.

 

(10/381)

 

 

4831 - (يكون في هذه الأمة أربع فتن، في آخرها الفناء) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (2/ 200) عن رجل عن عبد الله مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة الرجل الذي لم يسم.

 

(10/381)

 

 

4832 - (يوزن يوم القيامة مداد العلماء مع دم الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء) .

موضوع

رواه السهمي في "تاريخ جرجان" (52،181) عن أحمد بن بهرام: حدثنا سهل بن عبد الكريم عن يعقوب القمي عن هارون بن عنترة عن الشعبي قال:

خطبنا النعمان بن بشير - وكان آخر من بقي من الصحابة - فقال ... فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ يعقوب - وهو ابن عبد الله القمي - صدوق يهم.

وسهل بن عبد الكريم وأحمد بن بهرام؛ ترجمهما السهمي، ولم يذكر فيهما جرحاً ولا تعديلاً.

ورواه إسماعيل بن أبي زياد عن أبي يونس القشيري عن سماك بن حرب عن أبي الدرداء مرفوعاً.

أخرجه ابن عبد البر في "الجامع" (1/ 30-31) .

ورواه إسماعيل أيضاً عن عبد الله بن عقبة - هو ابن لهيعة - عن أبي قبيل عن زيد بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو به.

أخرجه الديلمي (4/ 348) .

قلت: وإسماعيل بن أبي زياد: هو الكوفي قاضي الموصل؛ قال الحافظ:

"متروك، كذبوه".

 

(10/382)

 

 

وأخرجه الديلمي أيضاً عن الأوزاعي: حدثنا إسحاق بن القاسم: حدثني أبي: حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر رفعه.

وإسحاق بن القاسم وأبوه؛ لم أعرفهما.

وبالجملة؛ فالحديث ضعيف من جميع طرقه.

ونقل المناوي عن الذهبي أنه قال في "الميزان":

"متنه موضوع".

وهو الذي يميل إليه القلب. والله أعلم.

4833 - (يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم؛ فلا يجدون أحداً أعلم من عالم المدينة) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (2/ 113-114) ، وابن حبان (2308) ، والحاكم (1/ 91) ، والبيهقي في "سننه" (1/ 386) ، وأحمد (2/ 299) ، وأبو نصر المري في "أخبار مالك بن أنس" (1/ 2) ، وأبو الحسن علي بن المفضل المقدسي في "الأربعين" (8/ 1-2) ، والرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 175) كلهم عن سفيان ابن عيينة عن ابن جريج عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال الترمذي:

"حديث حسن"! وقال الحاكم:

"صحيح على شرط مسلم"! ووافقه الذهبي!

قلت: وهو كما قالا؛ لولا عنعنة ابن جريج وأبي الزبير؛ فإنهما مدلسان، لا سيما الأول منهما؛ فإنه سيىء التدليس كما هو مشروح في ترجمته.

 

(10/383)

 

 

وقد أعله أحمد بالوقف، فقد ذكر ابن قدامة في "المنتخب" عنه أنه قال:

"وأوقفه سفيان مرة، فلم يجز به أبا هريرة".

وأخرج له المقدسي شاهداً من حديث زهير بن محمد أبي منذر التميمي: حدثنا عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى مرفوعاً.

لكن زهير هذا - وهو الخراساني - كثير الغلط. والله أعلم.

وسعيد بن أبي هند؛ قال الحافظ:

"ثقة، أرسل عن أبي موسى".

4834 - ((يومئذ تحدث أخبارها) ؛ أتدرون ما أخبارها؟ فإن أخبارها: أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها؛ أن تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (2/ 69) ، وابن حبان (2586) ، والحاكم (2/ 532) عن يحيى بن أبي سليمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً. وقال الترمذي:

"حديث حسن غريب"! وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله:

"قلت: يحيى هذا منكر الحديث. قاله البخاري". وقال الحافظ:

"لين الحديث".

 

(10/384)

 

 

4 - (اليسر يمن، والعسر شؤم) .

ضعيف جداً

أخرجه الديلمي (4/ 351) عن أشعث بن بزار عن علي بن

 

(10/384)

 

 

زيد عن سعيد بن جبير قال:

كنت ما أحب هذه الكلمة الامنول (كذا) حتى حدثني الثقة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ أشعث هذا؛ قال البخاري:

"منكر الحديث". وقال النسائي:

"متروك الحديث".

4835/ م - (إن هاتين الصلاتين حولنا عن وقتهما في هذا المكان (يعني: المزدلفة) : المغرب والعشاء، فلا يقدم الناس جمعاً حتى يعتموا، وصلاة الفجر هذه الساعة) .

ضعيف

أخرجه البخاري (3/ 417) : حدثنا عبد الله بن رجاء: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال:

خرجت مع عبد الله رضي الله عنه إلى مكة، ثم قدمنا جمعاً، فصلى الصلاتين، كل صلاة وحدها بأذان وإقامة، والعشاء بينهما، ثم صلى الفجر حين طلع الفجر، قائل يقول: طلع الفجر، وقائل يقول: لم يطلع الفجر، ثم قال ... (فذكره) . ثم وقف حتى أسفر، ثم قال: لو أن أمير المؤمنين أفاض الآن أصاب السنة، فما أدري أقوله كان أسرع، أم دفع عثمان رضي الله عنه؟! فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يوم النحر.

قلت: وهذا الحديث - مع كونه في "الصحيح" -؛ ففي ثبوته عندي شك كبير، وذلك لأمرين:

 

(10/385)

 

 

الأول: أن أبا إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي؛ مع كونه ثقة -؛ فإنه كان اختلط؛ كما صرح بذلك غير واحد من المتقدمين والمتأخرين، منهم الحافظ ابن حجر في "التقريب".

والآخر: أنه اضطرب في متنه على وجوه:

1- هذا؛ فإنه جعل الصلوات المحولة عن أوقاتها ثلاث صلوات: المغرب والعشاء والفجر.

2- لم يذكر صلاة العشاء معها: في رواية أحمد (1/ 449) : حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا إسرائيل ... بلفظ:

أما المغرب؛ فإن الناس لا يأتون ههنا حتى يعتموا. وأما الفجر؛ فهذا الحين ... وهكذا رواه أحمد بن خالد الوهبي: حدثنا إسرائيل به.

أخرجه البيهقي (5/ 121) . وقال:

"رواه البخاري عن عبد الله بن رجاء عن إسرائيل. قال الإمام أحمد (1) : ولم أثبت عنهما قوله: تحولان عن وقتهما".

3- أنه أوقف التحويل؛ فجعله من قول ابن مسعود، فقال البخاري (3/ 412) : حدثنا عمرو بن خالد: حدثنا زهير ... بلفظ:

فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريباً من ذلك، فأمر رجلاً فأذن وأقام، ثم صلى المغرب، وصلى بعدها ركعتين، ثم دعا بعشائه فنعشى، ثم أمر - أرى -

__________

(1) هو البيهقي نفسه صاحب " السنن "؛ واسمه: أحمد بن الحسين بن علي أبو بكر البيهقي. (الناشر)

 

(10/386)

 

 

رجلاً فأذن وأقام - قال عمرو: لا أعلم الشك إلا من زهير -، ثم صلى العشاء ركعتين، فلما طلع الفجر قال:

إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي هذه الساعة؛ إلا هذه الصلاة في هذا المكان من هذا اليوم. قال عبد الله: هما صلاتان يحولان عن وقتهما: صلاة المغرب بعدما يأتي الناس المزدلفة، والفجر حين يبزغ الفجر. قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله.

وأخرجه الطحاوي في "معاني الآثار" (1/ 105) من طريق أخرى عن عمرو ابن خالد.

وتابعه عبد الرحمن بن عمرو البجلي: حدثنا زهير ...

أخرجه البيهقي. وقال:

"رواه البخاري في "الصحيح" عن عمرو بن خالد عن زهير، وجعل زهير لفظ التحويل من قول عبد الله".

قلت: وقد خالفه إسرائيل فرفعه؛ كما تقدم من رواية البخاري.

وقد أخرجه الطحاوي أيضاً، وأحمد (1/ 418) .

4- لم يذكر الركعتين بعد صلاة المغرب إسرائيل، وذكرهما زهير كما تقدم. وفي رواية للطحاوي (1/ 409) عن إسرائيل بلفظ:

فلما أتى جمعاً صلى الصلاتين، كل واحدة منهما بأذان وإقامة، ولم يصل بينهما.

وقال الحافظ (3/ 413) :

 

(10/387)

 

 

"وقع عند الإسماعيلي من رواية شبابة عن ابن أبي ذئب (يعني: عن أبي إسحاق) في هذا الحديث:

ولم يتطوع قبل كل واحدة منهما ولا بعدها.

قلت: وكذلك لم يذكرهما جرير بن حازم، فقال: سمعت أبا إسحاق ... :

فصلى بنا ابن مسعود المغرب، ثم دعا بعشائه ثم تعشى، ثم قام فصلى العشاء الآخرة، ثم رقد ... الحديث.

أخرجه أحمد (1/ 410) .

قلت: والمحفوظ عندي عن أبي إسحاق: عدم ذكر الركعتين بعد المغرب؛ لتفرد زهير بهما دون الجماعة: إسرائيل وابن أبي ذئب وجرير بن حازم؛ فإن رواية الجماعة أحفظ وأضبط من رواية الفرد. هذا إن سلم من أبي إسحاق نفسه؛ لما عرفت من اختلاطه.

(تنبيه) : قال الحافظ في ترجمة أبي إسحاق في "مقدمة الفتح" (2/ 154) :

"أحد الأعلام الأثبات قبل اختلاطه، ولم أر في "البخاري" من الرواية عنه إلا عن القدماء من أصحابه؛ كالثوري وشعبة، لا عن المتأخرين؛ كابن عيينة وغيره"!

كذا قال! ويرد عليه هذا الحديث؛ فإنه - عند البخاري - من رواية إسرائيل وزهير عنه.

وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي؛ فهو حفيد أبي إسحاق، وذلك معناه أنه سمع منه بعد الاختلاط. وقد أشار إلى ذلك الإمام أحمد بقوله:

 

(10/388)

 

 

"إسرائيل عن أبي إسحاق؛ فيه لين، سمع منه بأخرة".

وزهير - وهو ابن معاوية بن حديج -؛ قد قال فيه أحمد مثل ما تقدم عنه في إسرائيل. وقال أبو زرعة:

"ثقة؛ إلا أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط".

وهذا هو الذي اعتمده الحافظ نفسه، فقال في "التقريب":

"ثقة ثبت؛ إلا أن سماعه عن أبي إسحاق بأخرة" (1) .

هذا؛ ولعل الإمام مسلماً لم يخرج حديث أبي إسحاق هذا؛ للاضطراب الذي بينته عنه؛ إنما أخرجه (4/ 76) مختصراً من طريق الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال:

ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة إلا لميقاتها؛ إلا صلاتين: صلاة المغرب والعشاء بجمع، وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها.

وهو رواية البخاري (3/ 417) ، وأحمد (3637) ، والطحاوي (1/ 97-98) وغيرهم.

وجملة القول؛ أن حديث الترجمة لم يصح عندي؛ لأن مداره على أبي إسحاق السبيعي، وهو مختلط، وكل من رواه عنه بهذا اللفظ سمع منه بعد الاختلاط، ولم أره من رواية أحد ممن سمع منه قبل الاختلاط؛ اللهم إلا مختصراً جداً وموقوفاً:

__________

(1) وخفي هذا التحقيق على الشيخ التهانوي في كتابه " علوم الحديث " (ص 422) ؛ فنقل كلام الحافظ في " الفتح " معتمدا عليه محتجا به على أن رواية البخاري عن المختلط إنما هي من قبل إختلاطه! وانطلى الأمر على المعلِّق عليه الشيخ أبو غدة؛ فمشّاه كعادته وسّلم به!

 

(10/389)

 

 

فقال الطحاوي (1/ 409) : حدثنا يونس قال: حدثنا سفيان عن أبي إسحاق الهمذاني عن عبد الرحمن بن يزيد قال:

كان ابن مسعود يجعل العشاء بالمزدلفة بين الصلاتين.

ثم استدركت فقلت: كلا؛ فإن يونس هذا: هو ابن عبد الأعلى المصري، لم يسمع من سفيان الثوري - الذي سمع من أبي إسحاق قبل الاختلاط -؛ وإنما سمع من سفيان بن عيينة، وهذا سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط؛ كما ذكرته عن الحافظ في التنبيه السابق.

فإلى أن يأتي الحديث من طريق أحد ممن سمع منه قبل الاختلاط - وباللفظ المذكور أعلاه -؛ فالحديث ضعيف. والله تعالى أعلم.

ولو صح الحديث؛ فظاهره يدل على أن صلاة المغرب في وقتها المعتاد - أي: قبل وقت العشاء - لا يجوز؛ لأنها قد حولت عن وقتها، وكذلك صلاة الصبح لا تصح إلا في أول وقتها، فلو أسفر بها قليلاً أو كثيراً لم تجز، فهل من قائل بذلك؟ هذا موع نظر وبحث! والله أعلم.

واعلم أن الداعي لكتابة هذا البحث؛ إنما هو سؤال وجهه بعض الطلاب إلي في ندوة علمية؛ كنت أقمتها في دار الحديث في المدينة النبوية؛ في موسم حج سنة (1391) ، حضرها بعض أساتذة الجامعة الإسلامية، وجماعة من طلابها، وطلاب الدار المذكورة وغيرهم، وجهت فيها أسئلة مختلفة حول مناسك الحج، منها سؤال عن الركعتين اللتين صلاهما ابن مسعود بعد صلاة المغرب في المزدلفة؛ كما في حديث البخاري هذا؟ فلم أجب عليه، واعتذرت بأني بحاجة إلى التثبت من صحة نسبة الحديث إلى البخاري، أو كلاماً نحو هذا.

 

(10/390)

 

 

ثم زارني في هذا الشهر - رجب الفرد - سنة (1393) أخ سلفي عراقي، وقدم إلي ثلاثة أشرطة تسجيل، في بعضها تسجيل للندوة المشار إليها، والمسائل والمناقشات التي جرت فيها، منها السؤال المشار إليه؛ فتذكرت ما كنت نسيت، فبادرت أولاً إلى الكشف عن الحديث في "البخاري"؛ فوجدته. ثم نظرت في إسناده؛ فرأيت فيه أبا إسحاق السبيعي، وهو معروف عندي أنه مختلط. ثم تابعت البحث والتحقيق؛ فكان من ذلك هذا المقال الذي بين يديك، والله تعالى ولي التوفيق.

ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى عن عبد الرحمن بن يزيد؛ ترجح عدم ثبوت الركعتين عن ابن مسعود؛ وهو ما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال:

حججت مع عبد الله، فلما أتى (جمعاً) ؛ أذن وأقام، فصلى المغرب ثلاثاً، ثم تعشى، ثم أذن وأقام، فصلى العشاء ركعتين.

قلت: فلم يذكر الركعتين بعد المغرب.

وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

فهذا يؤيد رواية الجماعة المحفوظة عن أبي إسحاق؛ لأنه قد تابعه عليها إبراهيم هذا - وهو ابن يزيد النخعي -؛ وهو ثقة فقيه محتج به عند الجميع.

4836 - (من أكل من أجور بيوت مكة؛ فكأنما يجرجر في بطنه نار جهنم) .

ضعيف

أخرجه السهمي في "تاريخ جرجان" (212) عن عبد الرحمن بن

 

(10/391)

 

 

الوليد الجرجاني: حدثنا عبد الله بن موسى العبسي عن النعمان بن ثابت عن عبيد الله بن أبي زياد المكي عن أبي نجيح عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، أورده السهمي في ترجمة عبد الرحمن هذا، وذكر أنه روى عنه ابن جرير الطبري ومحمد بن الفضل النجار الآملي؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

والنعمان بن ثابت: هو أبو حنيفة النعمان الإمام، وحاله في الحديث معروف عند أئمة الحديث، كما بسطته في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (1/ 661-667) .

وعبيد الله بن أبي زياد المكي - وهو أبو الحصين القداح - ليس بالقوي، كما قال الحافظ في "التقريب". والعهدة عليه في هذا الحديث؛ لأن أبا حنيفة قد توبع فيه عنه؛ كما تقدم برقم (2186) .

والحديث؛ عزاه السيوطي في "الجامع الكبير" (2/ 227/ 1) للديلمي وحده!

4837 - (كان إذا سافر فأقبل الليل؛ قال: يا أرض! ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك، وشر ما فيك، وشر ما خلق فيك، ومن شر ما يدب عليك، وأعوذ بالله من أسد وأسود، ومن الحية والعقرب، ومن ساكن البلد، ومن والد وما ولد) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (2603) ، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (563) ، وابن خزيمة (2572) ، والبغوي في "شرح السنة" (5/ 146-147) ، وأحمد (2/ 132 و 3/ 124) عن شريح بن عبيد الحضرمي أنه سمع الزبير بن الوليد يحدث عن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال ... فذكره.

 

(10/392)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ الزبير بن الوليد مجهول، كما يشير إلى ذلك قول الذهبي في "الميزان":

"تفرد عنه شريح بن عبيد".

قلت: وأما ابن حبان؛ فوثقه على قاعدته في توثيق المجهولين!

ولذلك لم يتابعه الحافظ في "التقريب"؛ فقال فيه:

"مقبول"!

قلت: ويعني أنه مقبول عند المتابعة؛ وإلا فهو لين الحديث؛ كما نص عليه في المقدمة.

فقوله في "تخريج الأذكار":

"حسن"! كما نقله ابن علان (5/ 164) ؛ مما لا وجه له عندي؛ إلا أن يكون توسطاً منه بين ما يقتضيه جهالة المذكور من الضعف، وبين تصحيح الحاكم إياه في "المستدرك" (2/ 100) !

ولا يخفى ما فيه، وإن تابعه الذهبي على التصحيح؛ فإنه مناف أيضاً لتجهيله لراويه كما سبقث الإشارة إليه، ولقول النسائي عقبه:

"الزبير بن الولي شامي، ما أعرف له غير هذا الحديث".

(تنبيه) : قال المعلق على "شرح السنة" - بعد أن خرج الحديث -:

"وله شاهد من حديث عائشة عند ابن السني (168) ، وسنده ضعيف"!!

وهذا وهم محض؛ فهذا الشاهد متن آخر؛ أوله:

 

(10/393)

 

 

كان إذا أشرف على أرض يريد دخولها؛ قال: "اللهم؛ إني أسألك من خير هذه الأرض ... " الحديث.

4838 - (موت العالم مصيبة لا تجبر، وثلمة لا تسد، ونجم طمس، موت قبيلة أيسر من موت عالم) .

ضعيف جداً

أخرجه البيهقي في "الشعب" (2/ 263/ 1699) ، وابن عبد البر في "الجامع" - معلقاً -، وعبد الغني المقدسي في "العلم" (10/ 1) من طريق أبي نعيم بسنده عن خالد بن يزيد بن أبي مالك عن عثمان بن أيمن (1) عن أبي الدرداء مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ عثمان بن أيمن؛ لم أعرفه.

وخالد بن يزيد بن أبي مالك؛ قال الحافظ ابن حجر في "التقريب":

"ضعيف؛ مع كونه فقيهاً، وقد اتهمه ابن معين".

وقال الهيثمي في "المجمع" (1/ 202) :

"رواه الطبراني في "الكبير"؛ وفيه (عثمان بن أيمن) ؛ ولم أر من ذكره، وكذلك إسماعيل بن صالح"!

قلت: ليس هو عند البيهقي وغيره، وأخشى أن يكون محرفاً من (صفوان بن صالح) الذي عند البيهقي! وأستغرب من الهيثمي غفلته عن العلة الكبرى، وهي (خالد بن يزيد) .

__________

(1) كذا في المصادر التي وقفت عليها، وجعله المعّلق على " الجامع " (1/170) (عثمان بن أبي سودة) ! ولا وجه له

 

(10/394)

 

 

وأسوأ منه: ما فعله المعلقون الثلاثة على "الترغيب" للمنذري؛ فإن هذا ساقه بتمامه، وأوله:

"من غدا يريد العلم يتعلمه لله ... " الحديث، وفي آخره حديث الترجمة، ثم عزاه لأصحاب "السنن" وابن حبان. وقال:

"وليس عندهم: "موت العالم ... " إلى آخره. ورواه البيهقي - واللفظ له - من رواية.. خالد بن يزيد بن أبي مالك عن عثمان بن أيمن عنه"!

فماذا فعل الثلاثة المشار إليهم؟ لم يزيدوا على قولهم في التعليق عليه:

"سبق تخريجه برقم (106) "!

وهناك صدروا الحديث بقولهم:

"حسن"! لكن الحديث هناك من طريق آخر عن أبي الدرداء، وليس فيه: "موت العالم ... "! فأوهموا أنه بهذه الزيادة حسن أيضاً، وهو ضعيف جداً لما سبق!!

وزادوا - ضغثاً على إبالة - أنهم في تخريجهم الحديث هناك؛ عزوه للبيهقي في "الآداب" (1045،1046) ، وفي "الأربعين الصغرى" (3) ، وفي "الشعب" (1696،1697) .

قلت: وهو في هذه المواطن الثلاثة من الطريق الأخرى الخالية من الزيادة!

ولو أنهم تابعوا البحث، وكان يهمهم التحقيق حقاً وصبروا؛ لوجدوا الحديث بها في "الشعب" بعد حديث واحد - أي: برقم (1699) - كما تقدم مني، ولكنهم في الحقيقة لا تحقيق عندهم ولا علم! والله المستعان.

 

(10/395)

 

 

وللحديث طريق أخرى واهية؛ تقدمت برقم (4668) .

4839 - (قضى في ابن الملاعنة أن لا يدعى لأب، [ولا ترمى هي به، ولا يرمى ولدها] ، ومن رواها أو رمى ولدها؛ فإنه يجلد الحد، وقضى أن لا قوت لها ولا سكنى؛ من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق، ولا متوفى عنها) .

ضعيف

أخرجه أبو داود (1/ 353-354) ، وعنه البيهقي (7/ 409-410) ، وأحمد (1/ 238-239 و 245) من طريق عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس قال ... فذكره مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ عباد بن منصور؛ قال الحافظ:

"صدوق، وكان يدلس، وتغير بآخره".

وقصة الملاعنة؛ قد رواها هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس ... ولم يذكر فيه هذا الذي ذكره عباد عن عكرمة.

أخرجها البخاري (6/ 4) عنه.

ثم رواه (6/ 180) من طريق القاسم بن محمد عن ابن عباس به مثل رواية هشام.

فدل ذلك على نكارة ما رواه عباد عن عكرمة. والله أعلم.

وقد وجدت لبعضه شاهداً يرويه محمد بن إسحاق قال: وذكر عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال:

 

(10/396)

 

 

قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ولد المتلاعنين أنه يرث أمه، ومن قفاها به جلد ثمانين، ومن دعاه ولد زنى جلد ثمانين.

أخرجه أحمد (2/ 216) .

وابن إسحاق مدلس، ولم يصرح بالتحديث، بل علقه بصيغة (قال) ؛ التي تشبه العنعنة.

وفي حديث سهل في قصة المتلاعنين:

وكانت حاملاً، فأنكر حملها، وكان ابنها يدعى إليها، ثم جرت السنة في الميراث: أن يرثها، وترث منه ما فرض الله لها.

أخرجه البخاري (6/ 4) ، وأبو داود (1/ 352) من طريق فليح عن الزهري عنه. وفليح - وهو ابن سليمان -؛ فيه ضعف من قبل حفظه.

وقد خالفه ابن جريج فقال: قال ابن شهاب ... فذكره مرسلاً؛ لم يذكر سهلاً. أخرجه البخاري (6/ 179) .

وهذا أصح. والله أعلم.

4840 - (من أمر بمعروف، ونهى عن منكر؛ فهو خليفة الله في الأرض، وخليفة كتاب الله عز وجل، وخليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) .

ضعيف

أخرجه عبد الغني المقدسي في "كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" (ق 91/ 1) عن بقية عن عبد الله بن نعيم عن بعض المشيخة يرفعه.

وهذا إسناد ضعيف مرسل؛ وذلك أن بقية - وهو ابن الوليد - مدلس؛ وقد عنعنه.

 

(10/397)

 

 

وعبد الله بن نعيم - وهو القيسي الشامي -؛ قال الحافظ:

"لين الحديث. من السادسة".

وبعض المشيخة مجهول لم يسم، والظاهر أنه من التابعين.

ثم أخرجه هو (96/ 1) ، وابن عدي (280/ 1) عن كادح بن جعفر عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن جابر الصيرفي عن عبادة بن الصامت مرفوعاً به.

وهذا إسناد ضعيف؛ ابن لهيعة ضعيف؛ لسوء حفظه.

ومسلم بن جابر الصيرفي لم أعرفه.

وأما ابن عدي؛ فأعله بعلة أخرى؛ فقال:

"كادح؛ عامة ما يرويه غير محفوظ، ولا يتابع عليه في إسناده، ولا في متنه"!

قلت: وكادح؛ قد وثقه غير واحد، فإعلاله بمن فوقه أولى. والله أعلم.

4841 - (لا قود في المأمومة، ولا الجائفة، ولا المنقلة) .

منكر (1)

أخرجه ابن ماجه (2637) ، وأبو يعلى في "مسنده" (4/ 1580) عن رشدين بن سعد عن معاوية بن صالح عن معاذ بن محمد الأنصاري عن ابن صهبان عن العباس بن عبد المطلب مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: ابن صهبان؛ قال الحافظ في "التقريب":

__________

(1) وحسنّه الشيخ - رحمه الله - في " الصحيحة " (2190) و " صحيح ابن ماجه " (2149) (الناشر)

 

(10/398)

 

 

"اسمه عقبة فيما أظن، فإن كان؛ فروايته منقطعة؛ وإلا فمجهول".

الثانية: معاذ بن محمد الأنصاري؛ قال ابن المديني:

"مجهول".

الثالثة: رشدين بن سعد ضعيف.

وبه أعله البوصيري! وفيه نظر؛ فقد تابعه عبد الله بن لهيعة: عند أبي يعلى؛ فالعلة القادحة من اللذين قبلهما.

ثم إن الحديث منكر؛ فقد ثبت مرفوعاً:

أن في المأمومة والجائفة ثلث الدية.

وهو مخرج في "الإرواء" (2287،2293،2294) من حديث عبد الله بن عمرو وغيره. وفيه:

"والمنقلة خمس عشرة من الإبل".

وسنده حسن.

4842 - (يا علي! إن فيك من عيسى عليه الصلاة والسلام مثلاً: أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزلة التي ليس بها) (1) .

ضعيف

أخرجه أبو يعلى (ق 33/ 1) ، وعبد الله بن أحمد (1/ 160) ، والحاكم (3/ 123) من طريق الحكم بن عبد الملك عن الحارث بن حصيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجذ عن علي رضي الله عنه قال:

__________

(1) قدِّر للشيخ - رحمه الله - تخريج هذا الحديث مرة أخرى برقم (4904) بفائدة أوسع (الناشر)

 

(10/399)

 

 

دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ... فذكره، وزادوا - غير أبي يعلى -:

وقال علي رضي الله عنه: ألا وإنه يهلك في محب مطر يقرظني بما ليس في، ومبغض مفتر يحمله شنآني على أن يبهتني، ألا وإني لست بنبي، ولا يوحى إلي، ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ما استطعت، فما أمرتكم به من طاعة الله تعالى فحق عليكم طاعتي فيما أحببتم أو كرهتم، وما أمرتكم بمعصية أنا وغيري؛ فلا طاعة لأحد في معصية الله عز وجل، وإنما الطاعة في المعروف".

والسياق للحاكم - وهو أتم -. وقال:

"صحيح الإسناد"! ورده الذهبي بقوله:

"قلت: الحكم؛ وهاه ابن معين".

قلت: وربيعة بن ناجذ؛ قال الذهبي:

"لا يكاد يعرف". وقول الحافظ فيه:

"ثقة"!

إنما عمدته توثيق ابن حبان والعجلي إياه، ولا يخفى ما فيه؛ مع أنهم لم يذكروا له راوياً غير أبي صادق هذا.

والحديث؛ قال الهيثمي في "المجمع" (9/ 133) :

"رواه عبد الله، والبزار - باختصار -، وأبو يعلى - أتم منه -، وفي إسناد عبد الله وأبي يعلى: الحكم بن عبد الملك؛ وهو ضعيف، وفي إسناد البزار: محمد بن كثير القرشي الكوفي؛ وهو ضعيف".

 

(10/400)

 

 

4843 - (قال جبريل: يا محمد! (قل هو الله أحد) : ليس له عروق فتتشعب إليه. (الله الصمد) : ليس بالأجوف، لا يأكل ولا يشرب. (لم يلد ولم يولد) : ليس له ولد ولا والد ينسب إليه. (ولم يكن له كفواً أحد) : ليس من خلقه شيء يعدل [مكانه] ، يمسك السماوات والأرض إن زالتا. هذه السورة ليس فيها ذكر جنة ولا نار، [ولا دنيا ولا آخرة، ولا حلال ولا حرام] ؛ انتسب الله عز وجل إليها؛ فهي له خالصة، [من قرأها ثلاث مرات؛ عدل بقراءة الوحي كله ومن قرأها ثلاثين مرة؛ لم يفضله أحد من أهل الدنيا يومئذ؛ إلا من زاد على ما قال، ومن قرأها مئتي مرة؛ أسكن من الفردوس سكناً يرضاه، ومن قرأها حين يدخل منزله ثلاث مرات؛ نفت عنه الفقر، ونفعت الجار. وبات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها ويرددها حتى أصبح] ) .

موضوع

أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (15/ 2) عن سلمة بن شبيب: حدثنا يحيى بن عبد الله الحراني عن ضرار عن أبان عن أنس قال:

أتت يهود خيبر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا أبا القاسم! خلق الله الملائكة من نور الحجاب، وآدم من حمأ مسنون، وإبليس من لهب النار، والسماء من دخان، والأرض من زبد الماء، فأخبرنا عن ربك عز وجل؟ فلم يجبهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه جبريل عليه السلام، فقال ... الحديث دون الزيادات؛ فهي من "الدر المنثور" للسيوطي (6/ 410) .

وقد ساق الحديث - بهذا التمام - معزواً لرواية أبي الشيخ في "العظمة"، وأبي بكر السمرقندي في "فضائل (قل هو الله أحد) " عن أنس.

 

(10/401)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ بل موضوع؛ أبان: هو ابن أبي عياش، وهو متروك؛ بل كذبه شعبة وأحمد وابن معين.

وضرار؛ الظاهر أنه ابن عمرو الملطي، ضعيف؛ بل قال البخاري:

"فيه نظر".

ويحيى بن عبد الله الحراني - وهو البابلتي - ضعيف.

4844 - (إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم، وتشعر اليوم على ماء كذا وكذا، فلبست قميصاً ونسيت، فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي. وكان قد بعث ببدنه من المدينة، وأقام بالمدينة) (1) .

منكر

أخرجه الطحاوي (1/ 370،439) ، وأحمد (3/ 400) عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن عطاء بن أبي لبيبة عن عبد الملك بن جابر عن جابر بن عبد الله قال:

كنت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالساً؛ فقد قميصه من جيبه، حتى أخرجه من رجليه، فنظر القوم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! فقال ... فذكره.

قلت: وإسناده رجاله ثقات؛ على خلاف في ابن أبي لبيبة؛ فقال البخاري:

"فيه نظر". وقال أبو حاتم:

"شيخ؛ يحول من (كتاب الضعفاء) ". وقال النسائي وابن سعد:

"ثقة".

وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الأزدي:

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " يأتي برقم (5966) وهنا بعض الفوائد ". (الناشر)

 

(10/402)

 

 

"لا يصح حديثه". وقال الحاكم أبو أحمد:

"ليس بالقوي عندهم". وقال ابن عبد البر:

"ليس عندهم بذاك، وترك مالك الرواية عنه، وهو جاره".

هذا كل ما قيل فيه من التعديل والجرح، وقد لخص ذلك الحافظ في "التقريب" بقوله:

"صدوق فيه لين". وقال الذهبي في "المغني":

"وثقه النسائي. وقال خ: فيه نظر. وقواه أبو حاتم".

قلت: فهو ممن يتردد النظر بين تحسين حديثه أو الاستشهاد به، فإذا وجد في حديثه أقل مخالفة لما رواه الثقات؛ تعرض للوهن والسقوط.

وقد وجدت حديثين يخالفان بعض ما جاء فيه:

الأول: حديث يعلى بن أمية في الرجل الذي أهل بالعمرة وعليه جبة، فقال له - صلى الله عليه وسلم -:

"انزع عنك الجبة ... " الحديث. متفق عليه، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1596-1599) .

فأمره - صلى الله عليه وسلم - بنزع الجبة، ولم يأمره بشقها. وبهذا الحديث احتج الطحاوي على ترجيحه على حديث جابر هذا، وقال:

"إن إسناده أحسن من إسناده"؛ وأيده من طريق النظر.

ثم روى بسند صحيح عن قتادة قال:

 

(10/403)

 

 

قلت لعطاء: إنما كنا نرى أن يشقها؟! فقال عطاء: إن الله لا يحب الفساد.

ونقل ابن عبد البر في "التمهيد" (2/ 294) أن الحديث ضعيف عند أهل العلم، وهو عندهم - مع ضعفه - مردود بالثابت من حديث عائشة الآتي.

والآخر: حديث عائشة قالت:

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهدي من المدينة، فأفتل قلائد هديه، ثم لا يجتنب شيئاً مما يجتنب المحرم. متفق عليه، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" أيضاً (1541،1553) .

فهذا خلاف حديث جابر صراحة، وإليه ذهب فقهاء الأمصار، وهو أن من أرسل هدياً لا يصير بذلك محرماً، ولا يمسك عما يمسك عنه المحرم؛ خلافاً لبعض السلف. قال الحافظ (3/ 430) :

"ومن حجتهم: ما رواه الطحاوي وغيره (فذكر حديث جابر هذا. وقال) ؛ وهذا لا حجة فيه لضعف إسناده"!

قلت: ولا يخفى ما في الجزم بالضعف بعد أن عرفت الخلاف في راويه ابن أبي لبيبة! فهذا في طرف، وشيخه الهيثمي في طرف آخر؛ حيث قال (3/ 227) :

"رواه أحمد والبزار باختصار، ورجال أحمد ثقات"!

قلت: فهذا التوثيق المطلق في طرف آخر! والحق التفصيل الذي أوضحته لك.

هذا؛ لعل لفظ البزار المختصر الذي يشير إليه الهيثمي؛ هو ما أخرجه أحمد أيضاً (3/ 294) من طريق داود بن قيس عن عبد الرحمن بن عطاء أنه سمع ابني جابر يحدثان عن أبيهما قال:

 

(10/404)

 

 

بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - جالس مع أصحابه؛ شق قميصه حتى خرج منه، فقيل له؟ فقال:

"واعدتهم يقلدون هدياً اليوم؛ فنسيت" (1) .

قلت: وداود بن قيس - وهو الفراء - ثقة من رجال مسلم.

وجابر؛ له ثلاثة من الولد يروون عنه: عبد الرحمن وعقيل ومحمد، ولم يذكر أحدهم في شيوخ ابن أبي لبيبة، وإنما ذكروا فيهم عبد الملك بن جابر - وهو ابن عتيك؛ المتقدم في رواية حاتم بن إسماعيل -؛ فهذا يدل على أن ابن أبي لبيبة كان يضطرب في إسناده.

ومما يؤكد ذلك: أنه ورد عنه على وجه آخر، فقال زيد بن أسلم: عن عبد الرحمن بن عطاء عن نفر من بني سلمة قالوا:

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - جالساً؛ فشق ثوبه، فقال:

"إني واعدت هدياً يشعر اليوم".

أخرجه أحمد (5/ 426) : حدثنا وكيع: حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم.

فهذه علة أخرى تدل على ضعف الحديث؛ وهي اضطراب الراوي في إسناده على وجوه ثلاثة:

الأولى: عن عبد الملك بن جابر بن عتيك عن جابر بن عبد الله.

الثانية: عن ابني جابر يحدثان عن أبيهما.

__________

(1) هو في " مسند البزار " (2/20/1107 - كشف) بنحوه من الطريق ذاتها. (الناشر)

 

(10/405)

 

 

الثالثة: عن نفر من بني سلمة قالوا ...

وعلى هذه الرواية؛ فهو مرسل أو منقطع؛ لأن النفر من بني سلمة إن كانوا من التابعين فهو مرسل؛ لأن ابن أبي لبيبة لم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة؛ ولا يبعد أن يكون عنى بهم ابني جابر كما في الرواية الثانية.

وإن كانوا من الصحابة؛ فهو منقطع لما ذكرنا، وهذا الاحتمال هو الذي يناسب إيراد الإمام أحمد للحديث من هذا الوجه أيضاً في "المسند".

ومع ذلك؛ فقد أشكل علي في هذا الإسناد أمور:

أولاً: أنهم لم يذكروا في الرواة عن عبد الرحمن بن عطاء هذا: زيد بن أسلم، وزيد أكبر منه؛ فإنه تابعي معروف؛ وإنما ذكروا فيه هشام بن سعد.

ثانياً: أن الهيثمي أورده هكذا: "وعن عطاء بن يسار عن نفر من بني سلمة قالوا ... (الحديث) ؛ رواه أحمد، ورجاله رجال (الصحيح) "!

فأشكل علي قوله: "عطاء بن يسار"؛ فإن هذا ليس في "المسند"، وإنما فيه "عبد الرحمن بن عطاء"، فقلت في نفسي: لعل هذا محرف، والصواب: "عبد الرحمن بن عطاء"؛ فرجعت إلى ترجمة زيد بن أسلم؛ فوجدت في شيوخه راويين كل منهما اسمه عبد الرحمن؛ أحدهما: ابن وعلة، والآخر: ابن أبي سعيد الخدري، فرجعت إلى ترجمة كل منهما؛ فلم أجد في شيوخهما من يسمى عطاءً، لا عطاء بن يسار ولا غيره!

وهنا انتهى بحثي حول هذا الإسناد، وهو بحاجة بعد إلى مزيد من البحث والتحقيق، فمن بدا له شيء. فليلحقه به. وجزاه الله خيراً.

 

(10/406)

 

 

ثم وجدت حديثاً آخر مخالفاً لحديث الترجمة، ومطابقاً لظاهر حديث يعلى ابن أمية، وهو حديث أو سلمة قالت:

كانت ليلتي التي يصير إلي فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مساء يوم النحر، فصار إلي، ودخل علي وهب بن زمعة ومعه رجل من آل أبي أمية متقمصين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

"انزع عنك القميص". قال: فنزعه من رأسه، ونزع صاحبه قميصه من رأسه، ثم قال:

لم يا رسول الله؟! قال:

"إن هذا يوم رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا؛ يعني: من كل ما حرمتم منه؛ إلا النساء، فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت؛ صرتم حرماً لهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة قبل أن تطوفوا به".

أخرجه أبو داود وغيره بسند حسن. ومن ضعفه فما حقق، وقد تكلمت عليه مفصلاً في "صحيح أبي داود" (1745) .

4845 - (يا سلمان! كل طعام وشراب وقعت فيه دابة ليس لها دم، فماتت فيه؛ فهو حلال أكله وشربه ووضوؤه) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن عدي (ق 182/ 2) ، والدارقطني (ص 14) من طريق بقية بن الوليد عن سعيد بن أبي سعيد الزبيدي عن بشر بن منصور عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن سلمان مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً وفيه علل:

 

(10/407)

 

 

الأولى: ابن جدعان؛ فإنه ضعيف؛ لسوء حفظه.

الثانية: سعيد بن أبي سعيد الزبيدي. وبه أعله مخرجه ابن عدي؛ فقال:

"عامة أحاديثه ليست بمحفوظة". وقال الذهبي:

"لا يعرف، وأحاديثه ساقطة". ثم ساق له هذا الحديث.

الثالثة: بقية بن الوليد. وبه أعله مخرجه الدارقطني؛ فقال عقبه:

"تفرد به بقية عن سعيد بن أبي سعيد الزبيدي؛ وهو ضعيف".

قلت: وذلك لكثرة تدليسه.

فإن قيل: قد صرح بالتحديث في رواية للدارقطني؟

قلت: هي من رواية أحمد بن أبي الأخيل الحمصي: حدثني أبي: أخبرنا بقية: حدثني سعيد بن أبي سعيد ...

فأبو الأخيل هذا: اسمه خالد بن عمرو السلفي؛ قال الحافظ:

"ضعيف، وكذبه جعفر الفريابي".

واعلم أن الدافع على تخريج هذا الحديث والكشف عن علله: أنني رأيت الشيخ علي القاري قد مال إلى تقوية الحديث بأسباب واهية، ومدافعات باطلة، فلا بد من سوق كلامه، ثم الكشف عن الخلل الذي فيه، فقال في "فتح باب العناية" (1/ 116) :

"رواه الدارقطني وقال: لم يرفعه إلا بقية عن سعيد بن أبي سعيد الزبيدي، وهو ضعيف. انتهى. وأعله ابن عدي بجهالة سعيد. ودفعا بأن بقية هذا: هو أبو

 

(10/408)

 

 

الوليد روى عنه الأئمة ... وروى له الجماعة إلا البخاري. وأما سعيد بن أبي سعد هذا؛ فذكره الخطيب قال: واسم أبيه عبد الجبار، وكان ثقة، فانتفت الجهالة، والحديث - مع هذا - لا ينزل عن الحسن"!

كذا قال! والرد عليه من وجوه:

الأول: أن بقية لم يحتج به مسلم، وإنما روى له في الشواهد؛ كما قال المنذري في آخر "الترغيب والترهيب". ونحوه قول الخزرجي:

"متابعة".

الثاني: أن رواية الأئمة عن راو ما؛ لا يعتبر توثيقاً له؛ إلا إذا سلم من قادح، والأمر هنا ليس كذلك؛ فقد قال الذهبي:

"قال غير واحد من الأئمة: بقية ثقة إذا روى عن الثقات. وقال النسائي وغيره: إذا قال: "نبأ" و "أنا" فهو ثقة. وقال غير واحد: كان مدلساً".

قلت: والشيخ القاري على علم بهذا كله، وأن علة بقية التدليس، فكان حقه أن لا يسود أسطراً في ذكر من روى عن بقية من الأئمة؛ موهماً أنه ثقة طعن فيه بغير حق، وأن يتوجه إلى الجواب عن عنعنته بمثل ذلك السؤال الذي ذكرته مع الجواب عنه، على نحو ما فعله هو في حديث ابن عمر:

"من ضحك في الصلاة قهقهة؛ فليعد الوضوء والصلاة". فقال (ص 76-77) :

"وأما الطعن فيه بأن بقية مدلس؛ فكأنه سمعه من بعض الضعفاء وحذف اسمه؛ فمدفوع بأنه صرح فيه بالتحديث، والمدلس الصدوق إذا صرح بالتحديث تزول تهمة التدليس، وبقية من هذا القبيل"!

 

(10/409)

 

 

قلت: وهذا الدفع مدفوع ومردود؛ لأن تصريحه في حديث ابن عمر بالتحديث مما لا يطمئن القلب إليه؛ ذلك لأنه من رواية ابنه عطية بن بقية عن أبيه: حدثنا ... وعطية كانت فيه غفلة، كما قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 381) . وقال ابن حبان:

"يخطىء ويغرب، يعتبر حديثه إذا روى عن أبيه غير الأشياء المدلسة".

قلت: ومن كان فيه غفلة ومن عادته أن "يخطىء ويغرب"؛ فلا شك أنه لا يحتج به، فلا يثبت تصريح بقية بالتحديث بمثل روايته، وإنما يستشهد بها، فإن جاء له شاهد قويت؛ وإلا فلا؛ ولا شاهد هنا. فجزم القاري بأن بقية صرح فيه بالتحديث فيه غفلة عن حال عطية بن بقية! فتنبه.

الثالث: قوله: "وأما سعيد بن أبي سعد فذكره الخطيب قال: واسم أبيه عبد الجبار؛ وكان ثقة"!

فهو وهم فاحش منه عفا الله عنا وعنه؛ فإن هذا التوثيق لم يذكره أحد في ترجمة سعيد بن عبد الجبار الزبيدي، وإنما ذكروه في ترجمة سعيد بن عبد الجبار ابن يزيد القرشي؛ وهو ثقة من رجال مسلم؛ ففي ترجمته من "التهذيب" جاء قوله:

"وقال أبو بكر الخطيب: كان ثقة". وهذه الترجمة قبل ترجمة سعيد بن عبد الجبار الزبيدي. فكأن القاري انتقل بصره من هذه إلى تلك، فوقع في هذا الخطأ.

على أن سعيد بن عبد الجبار الزبيدي: هو غير سعيد بن أبي سعيد الزبيدي؛ قال الحافظ:

"فرق بينهما ابن عدي، فقال في الثاني: حديثه غير محفوظ، وليس هو

 

(10/410)

 

 

بالكثير. وقال أبو أحمد الحاكم: يرمى بالكذب". وقال ابن عدي في الأول:

"وعامة حديثه مما لا يتابع عليه".

قلت: وعلى هذا التفريق؛ جرى الذهبي في "الميزان".

فلو صح عن الخطيب أنه وثق سعيد بن عبد الجبار الزبيدي؛ فليس هو راوي هذا الحديث. والله أعلم.

4846 - (كان يمتشط بمشط من عاج) .

منكر

أخرجه البيهقي (1/ 26) عن بقية بن الوليد عن عمرو بن خالد عن قتادة عن أنس مرفوعاً. وقال:

"قال عثمان (يعني: ابن سعيد الدارمي) : هذا منكر". قال البيهقي:

"رواية بقية عن شيوخه المجهولين ضعيفة".

قلت: يشير إلى أن عمرو بن خالد هذا مجهول.

وأنا أظن أنه عمرو بن خالد القرشي أبو خالد الكوفي نزيل واسط؛ وهو مشهور بالكذب والوضع.

والحديث؛ أورده القاري في "فتح باب العناية" (1/ 127) مستدلاً به على طهارة عظام السباع، مكتفياً بعزوه للبيهقي؛ ساكتاً عن بيان علته القادحة! وتبعه على ذلك محققه أبو غدة في المكان المشار إليه منه، وفي (1/ 130) !!

 

(10/411)

 

 

4847 - (إنما حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الميتة لحمها، وأما الجلد والشعر والصوف؛ فلا بأس به) .

 

(10/411)

 

 

ضعيف.

أخرجه الدارقطني (ص 18) ، وعنه البيهقي (1/ 24-25) عن الوليد ابن مسلم عن أخيه عبد الجبار بن مسلم عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال ... فذكره. وقال الدارقطني:

"عبد الجبار ضعيف". وأقره البيهقي، ثم ابن التركماني بسكوته عليه؛ وعدم تعقبه للبيهقي كما هي عادته كلما وجد سبيلاً إليه!

وأما القاري؛ فإنه قال في "فتحه" (1/ 130) :

"فإن قيل: عبد الجبار ضعفه الدارقطني؟ فالجواب: أن ابن حبان وثقه، فلا ينزل حديثه عن الحسن"!

قلت: وهذا مردود؛ لأن توثيق ابن حبان غير موثوق به في مثل هذا؛ فإنه يوثق المجهولين الذين لم يرو عنهم إلا الواحد أو الاثنان، وفيهم من يقول هو نفسه في "الثقات":

"لا أعرفه"! وتارة يزيد فيقول:

"ولا أعرف أباه"! كما هو مشروح في غير هذا المكان.

وعبد الجبار هذا من أولئك المجهولين الذين لم يرو عنهم إلا الواحد؛ فقد قال الحافظ في "اللسان":

"لم يرو عنه غير الوليد". ولذلك قال الذهبي فيه:

"لا أعرفه"! مع أنه حكى تضعيف الدارقطني إياه.

وقد خالفه أبو بكر الهذلي، فرواه عن الزهري به موقوفاً على ابن عباس.

أخرجه الدارقطني، والبيهقي. وقالا:

 

(10/412)

 

 

"أبو بكر الهذلي ضعيف".

4848 - (لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ، ولا بأس بصوفها وشعرها وقرونها إذا غسل بالماء) .

ضعيف بهذا التمام

أخرجه الدارقطني (ص 18) ، وعنه البيهقي (1/ 24) من طريق يوسف بن السفر: أخبرنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن قال: سمعت أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... فذكره. وقالا:

"يوسف بن السفر متروك، ولم يأت به غيره".

قلت: وهو متهم بالكذب، حتى الحاكم - مع تساهله - قال فيه:

"روى عن النقاش أحاديث موضوعة". وقال البيهقي:

"هو في عداد من يضع الحديث".

قلت: وهذا أمر معروف عند المشتغلين بهذا العلم الشريف.

ومع ذلك؛ فإن الشيخ القاري في "فتحه" (1/ 130) تجاهل عن ذلك كله، بل قال - عقبه؛ وقبله الحديثان السابقان -:

"فهذه عدة أحاديث - ولو كانت ضعيفة - حسن المتن، فكيف ولها شاهد في "الصحيحين"؟! "!

وقلده في ذلك كله المعلق عليه أبو غدة، بل أيده بقوله تعليقاً على آخر كلامه بقوله:

"تقدم ذكره في (ص 123) من حديث ابن عباس"!!

 

(10/413)

 

 

وحديث ابن عباس هناك؛ لفظه:

تصدق على مولاة لميمونة بشاة، فماتت، فمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:

"هلا أخذتم إهابها فدبغتموه - زاد مسلم: - فانتفعتم به؟! ". فقالوا: إنها ميتة! قال:

"إنما حرم أكلها".

قلت: فهذا لا يصلح شاهداً إلا للشطر الأول من الحديث.

وأما الشطر الآخر؛ فليس فيه ما يشهد له مطلقاً، بل لو قال قائل: إن فيه ما يشهد عليه لما أبعد؛ لأنه لم يقل: فانتفعتم بصوفها وشعرها وقرونها؟!

فتأمل ما يفعل التقليد والتعصب المذهبي بأهله؛ من الإبعاد عن الحق والعدل، والإيهام بخلاف الواقع؛ وإلا فبالله عليك قل لي: من الذي يفهم من قولهم:

"فكيف ولها شاهد في "الصحيحين"؟ " أنه يعني أنه شاهد للشطر الأول من هذا الحديث الثالث وبعض الحديث الذي قبله؟!

وأما الحديث الأول؛ فهو في الامتشاط فقط!

4849 - (يا عمار! إنما يغسل الثوب من خمس: من الغائط، والبول، والقيء، والدم، والمني.

يا عمار! ما نخامتك، ودموع عينيك، والماء الذي في ركوتك إلا سواء) .

ضعيف جداً

أخرجه البزار (1/ 131/ 248) ، والدارقطني في "سننه" (ص 47) ، وكذا أبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 309) من طريق أبي إسحاق

 

(10/414)

 

 

الضرير إبراهيم بن زكريا: أخبرنا ثابت بن حماد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن عمار بن ياسر قال:

أتى علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا على بئر؛ أدلو ماءً في ركوة لي، فقال:

"يا عمار! ما تصنع؟ ". قلت: يا رسول الله! بأبي وأمي؛ أغسل ثوبي من نخامة أصابته. فقال ... فذكره. وقال الدارقطني:

"لم يروه غير ثابت بن حماد، وهو ضعيف جداً. وإبراهيم وثابت ضعيفان"!

قلت: إبراهيم بن زكريا بريء الذمة منه؛ لأنه قد توبع، فقال أبو يعلى في "مسنده" (2/ 454) ، والعقيلي في "الضعفاء" (1/ 176) - والسياق للأول -: حدثنا محمد بن أبي بكر: أخبرنا ثابت بن حماد أبو زيد ... به.

وكذلك الطبراني في "الأوسط" (ج1 ق 11/ 1 - زوائد المعجمين) ، وعنه ابن منده في "المعرفة" (2/ 74/ 2) ، وابن عدي في "الكامل" (47/ 1) ، وغيرهم. وقال هو والطبراني:

"لا يروى عن عمار إلا بهذا الإسناد، تفرد به ثابت".

ولذلك قال البيهقي في "السنن" (1/ 14) - بعد أن ذكره معلقاً -:

"فهذا باطل لا أصل له، وإنما رواه ثابت بن حماد عن علي بن زيد عن ابن المسيب عن عمار. وعلي بن زيد غير محتج به، وثابت بن حماد متهم به".

وأقره ابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" (4/ 1) . وقال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام" (ق 27/ 1) .

"ثابت بن حماد؛ أحاديثه مناكير ومقلوبات".

 

(10/415)

 

 

وكذلك أقر البيهقي على حكمه السابق: الحافظ السيوطي في "ذيل الأحاديث الموضوعة" (ص 99) ؛ وزاد:

"وقال العقيلي: هذا الحديث غير محفوظ، وثابت مجهول. وفي "اللسان": نقل أبو الخطاب الحنبلي عن اللالكائي: أن أهل النقل اتفقوا على ترك ثابت بن حماد. وقال ابن تيمية - فيما نقله عنه ابن عبد الهادي في "التنقيح" -: هذا الحديث كذب عند أهل المعرفة".

قلت: وقول ابن تيمية المذكور ليس في نسخة "التنقيح" المطبوعة! والله أعلم.

وفي معناه قول ابن تيمية في "رسالة الصيام" (ص 42 - الطبعة الثانية - بتحقيقي) :

"ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها، ولا رواه أحد من أهل العلم الحديث بإسناد يحتج به".

وأما تعقب الزيلعي في "نصب الراية" (1/ 211) قول الأئمة المتقدمين بتفرد ثابت بن حماد بقوله:

"قلت: وجدت له متابعاً عند الطبراني في "معجمه الكبير" من حديث حماد بن سلمة عن علي بن زيد به سنداً ومتناً. وبقية الإسناد: حدثنا الحسين ابن إسحاق التستري: حدثنا علي بن بحر: حدثنا إبراهيم بن زكريا العجلي: حدثنا حماد ابن سلمة به"!

قلت: فقد تعقبه الحافظ ابن حجر بقوله في "التلخيص" (1/ 33) :

"لكن إبراهيم ضعيف، وقد غلط فيه؛ إنما يرويه ثابت بن حماد".

 

(10/416)

 

 

قلت: ولذلك قال ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/ 73) :

"ولا يغتر برواية البزار والطبراني له من طريق إبراهيم بن زكريا العجلي عن حماد بن سلمة؛ فإبراهيم ضعيف ... " إلخ كلام الحافظ المذكور.

قلت: ومن الواضح أن إبراهيم هذا وهم في اسم ثابت بن حماد، فانقلب عليه فقال: "حماد بن سلمة"! وذلك مما يدل على ضعفه وقلة ضبطه. لكنه قد رواه على الصواب في رواية الدارقطني وأبي نعيم المتقدمة، فهي المعتمدة.

وإذا عرفت هذا التحقيق، وإجماع أهل الاختصاص في هذا العلم الشريف؛ يتبين لك تعصب الشيخ علي القاري ومجانفته في البحث العلمي في كتابه "فتح باب العناية" (1/ 242) في قوله عقب هذا الحديث:

"وفي سنده ضعيف، وهو ثابت بن حماد، لكن له متابع عند الطبراني، رواه في "الكبير" من حديث حماد بن سلمة عن علي بن زيد سنداً ومتناً، فبطل جزم البيهقي ببطلان الحديث بسبب أنه لم يروه عن علي بن زيد سوى ثابت. ودفع قوله في علي هذا - أنه غير محتج به - بأن مسلماً روى له مقروناً بغيره. وقال العجلي: لا بأس به، وروى له الحاكم في "المستدرك"، وقال الترمذي: صدوق"!!

وتفصيل الرد عليه من وجوه:

الأول: قوله: "وفي سنده ضعيف، وهو ثابت بن حماد"!

قلت: بل هو ضعيف جداً، كما قال الإمام الدارقطني. ونحوه قول البيهقي:

"وهو متهم به". واتفاق أهل النقل على تركه.

 

(10/417)

 

 

فالاقتصار على تضعيفه فقط؛ مخالفة صريحة لهم بدون حجة.

الثاني: قوله: "تابعه حماد بن سلمة"!

قلت: هذه متابعة باطلة لا أصل لها؛ لأنها وهم من إبراهيم بن زكريا العجلي، خالف فيه الثقات، لا سيما وقد وافقهم في رواية الدارقطني وأبي نعيم عنه كما تقدم فقال: ثابت بن حماد؛ فعاد الحديث إلى أنه تفرد به هذا المتروك!

الثالث: قوله: "فبطل جزم البيهقي ببطلان الحديث ... "!

قلت: فقوله هذا هو الباطل؛ لأنه بناه على ما دفعه به من المتابعة المزعومة، وما بني على باطل فهو الباطل؛ لا سيما وليس البيهقي منفرداً بجزمه المذكور؛ كما عرفت مما سبق من البيان.

الرابع: قوله: "ودفع قوله في علي هذا.. بأن مسلماً روى له مقروناً ... "!

قلت: وهذا مدفوع لسببين:

أولاً: أنه لا يجوز للباحث المنصف أن يأخذ من ترجمة الراوي الأقوال التي تعدله - لهوى في نفسه -، ويعرض عن الأقوال الأخرى التي تجرحه، ولا العكس أيضاً، وإنما ينبغي أن يلخص من مجموع تلك الأقوال كلها ما يمكن أن يأخذ من مجموعها على ما يساعد عليه علم مصطلح الحديث مما هو مفصل فيه، وهذا مما لم يفعله الشيخ القاري مع الأسف؛ فإن علياً هذا قد جرحه جماهير الأئمة جرحاً مفسراً؛ بأنه ضعيف لا يحتج به لسوء حفظه؛ كالإمام أحمد وابن معين وغيرهم ممن ذكرهم الحافظ في "التهذيب". فالإعراض عن أقوالهم إلى أقوال معدليه - الذين زعمهم القاري - مخالف لعلم المصطلح الذي يقول: (الجرح المفسر مقدم على التعديل) ، لا سيما إذا كان الجارحون من مثل الإمام أحمد

 

(10/418)

 

 

وابن معين وغيرهما. ولذلك نجد الحافظ لخص ترجمة علي هذا في "التقريب" بقوله:

"ضعيف".

ثانياً: أن الأقوال التي ذكرها القاري لا تنهض على دفع قول البيهقي: "غير محتج به"؛ لأنها لا تعني أنه يحتج به. وإليك البيان:

1- أما قرن مسلم إياه بغيره؛ فهو على القاري وليس له؛ لأنه لو كان حجة عنده لم يقرنه بغيره؛ كما هو ظاهر.

2- وأما قول العجلي: "لا بأس به"؛ فهذا أحد قوليه فيه. وقال مرة:

"يكتب حديثه وليس بالقوي".

فهذا موافق لقول الذين ضعفوه من الجمهور، فالأخذ به أولى من الأخذ بقوله الأول المخالف لهم؛ كما لا يخفى على أولي النهى.

3- وأما رواية الحاكم له في "المستدرك"! فكان على الشيخ القاري أن يستحي من الاستدلال به؛ لما عرف من تساهله في المتون والرواة، وكم من حديث أخرجه من طريق بعض الضعفاء مصححاً، ورده الذهبي عليه! ومن هؤلاء ابن جدعان هذا، فراجع لذلك فهرس الرواة من كتابي "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (المجلد الأول) إن شئت.

4- وأما قوله: "وقال الترمذي: صدوق"!

فهذا نقل مبتور؛ فإن تمام كلام الترمذي - كما في "التهذيب" -:

" ... إلا أنه ربما رفع الشيء الذي يوقفه غيره".

قلت: فأنت إذا نظرت إلى هذا الاستثناء مع المستثنى منه؛ كانت النتيجة

 

(10/419)

 

 

على خلاف ما يستفاد من المستثني من بداهة، وهي أن الرجل صدوق سيىء الحفظ، فالترمذي حينئذ - بقوله هذا - أقرب إلى أن يصنف في جملة الجمهور المضعف له؛ من أن يصنف في زمرة المعدلين.

وهب أنه من المعدلين؛ فهو من المعروفين بالتساهل في التعديل والتصحيح، حنى صحح لـ (كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف) ؛ فقال الذهبي معترضاً عليه:

"فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي".

وجملة القول؛ أن هذا الحديث ضعيف لا يحتج به لو أن ثابت بن حماد توبع عليه؛ فكيف وقد تفرد به؟! ولذلك لم يسع ابن التركماني الحنفي - على تعصبه أيضاً - إلا التسليم بضعفه، ولم يتكلف تكلف القاري في محاولة تقويته؛ مع التحامل على البيهقي. والله المستعان.

وبعد كتابة ما تقدم؛ رأيت الهيثمي قد أورد الحديث في "مجمع الزوائد" (1/ 283) من رواية الطبراني في "الأوسط" و "الكبير"، وأبي يعلى. ثم قال:

"وله عند البزار قال: رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا على بئر ... " فذكره نحوه. وقال:

"ومدار طرقه عند الجميع على ثابت بن حماد، وهو ضعيف جداً".

قلت: فكأنه لم يعتد بطريق البزار والطبراني في "الكبير" التي وقع فيها اسم ثابت بن حماد مقلوباً إلى حماد بن سلمة؛ لبطلانها على ما سبق تحقيقه؛ فلم يتعرض لها بذكر مطلقاً، فأصاب رحمه الله تعالى.

(تنبيه) : وقع توثيق ثابت بن حماد في إسناد البزار، فظن بعضهم أنه من البزار، وليس كذلك! فقال: حدثنا يوسف بن موسى: حدثنا إبراهيم بن زكريا: حدثنا ثابت بن حماد - وكان ثقة - عن علي بن زيد.. إلخ.

 

(10/420)

 

 

فقال الشيخ الأعظمي رحمه الله - متعقباً قول الهيثمي المذكور في ثابت بن حماد: "وهو ضعيف جداً" -؛ قال الشيخ:

"وأنت ترى أن البزار وثقه"!

وأقول: ليس الأمر كما قال؛ بل الظاهر أن التوثيق من قول إبراهيم بن زكريا، وهو وإن كان وثقه ابن حبان (8/ 70) ؛ فقد ضعفه العقيلي بقوله - وذكر أنه (العجلي البصري) -:

"صاحب مناكير وأغاليط".

وقد فرق بينه وبين (إبراهيم بن زكريا الواسطي) ؛ وقال فيه:

"مجهول".

وكذلك فرق بينهما آخرون؛ منهم ابن حبان، فأورد الواسطي هذا في "ضعفائه". وقال الحافظ في "اللسان":

"وهو الصواب".

وإذا عرفت أن التوثيق المذكور هو من ذاك الضعيف - إبراهيم بن زكريا العجلي -؛ فلا غرابة بعد ذلك أن لا يلتفت أحد إلى هذا التوثيق، ولا يذكروه في ترجمته.

4850 - (لا بأس ببول ما أكل لحمه) .

ضعيف جداً

روي من حديث البراء بن عازب، وجابر بن عبد الله، وعلي ابن أبي طالب.

1- أما حديث البراء؛ فيرويه سوار بن مصعب عن مطرف بن طريف عن أبي الجهم عنه.

 

(10/421)

 

 

أخرجه الدارقطني في "سننه" (ص 47) ، وابن حزم في "المحلى" (1/ 181) . وقال:

"هذا خبر باطل موضوع؛ لأن سوار بن مصعب متروك عند جميع أهل النقل، متفق على ترك الرواية عنه، يروي الموضوعات". وقال الدارقطني:

"وسوار متروك، وقد اختلف عنه، فقيل عنه: ما أكل لحمه فلا بأس بسؤره".

ثم ساقه هو، والبيهقي (1/ 252) من طريق أخرى عن سوار به. وقال البيهقي:

"وسوار بن مصعب متروك".

وقد خالفه في إسناده من هو مثله أو شر منه؛ فرواه عن جابر وهو:

2- أما حديث جابر؛ فيرويه عمرو بن الحصين: أخبرنا يحيى بن العلاء عن مطرف عن محارب بن دثار عنه مرفوعاً بلفظ:

"ما أكل لحمه؛ فلا بأس ببوله".

أخرجه الدارقطني، وتمام في "الفوائد" (164/ 1-2) ، وابن الديباجي في "الفوائد" (2/ 82/ 2) . وقال الدارقطني:

"لا يثبت؛ عمرو بن الحصين ويحيى بن العلاء ضعيفان".

وعلقه البيهقي عنهما. وقال:

"وهما ضعيفان، ولا يصح شيء من ذلك".

قلت: بل هما متروكان متهمان بالوضع.

وقال ابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" (5/ 2) :

 

(10/422)

 

 

"وإسناده ضعيف؛ عمرو بن الحصين - وهو العقيلي - واه بإجماعهم. ويحيى ابن العلاء أحاديثه موضوعة. وقاله ابن عدي. وقال أحمد: كذاب يضع الحديث".

3- وأما حديث علي؛ فيرويه إسحاق بن محمد بن أبان النخعي: حدثني محمد بن موسى بن عبد الرحمن النخعي عن أبيه قال:

كنت على باب المهدي ومحمد بن زيد بن علي، فقال محمد بن زيد: حدثني أبي عن أبيه عن جده عنه مرفوعاً؛ بلفظ:

"لا بأس ببول الحمار؛ وكل ما أكل لحمه".

أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (5/ 288) ، ومن طريقه أورده السيوطي في "اللآلىء المصنوعة" (2/ 2) . وقال:

"موضوع، والمتهم به إسحاق. وموسى وابنه مجهولان".

وكذا قال ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 66) .

قلت: وإسحاق هذا؛ قال الذهبي:

"كذاب مارق من الغلاة.. كان خبيث المذهب يقول: إن علياً هو الله ... ولم يذكره في "الضعفاء" أئمة الجرح في كتبهم، وأحسنوا؛ فإن هذا زنديق....".

(تنبيه) : استدل بحديثي الترجمة - عن البراء وجابر - الشيخ علي القاري في "الفتح" (1/ 253-254) لمذهب الإمام محمد بن الحسن في طهارة بول ما يؤكل لحمه، وعزاهما لأحمد والدارقطني! فأساء بذلك مرتين:

الأولى: عزوه لأحمد، وهو خطأ محض؛ فليس هو في "مسنده"؛ لا عن البراء ولا عن جابر. ولو كان فيه لأورده الهيثمي في "المجمع"؛ فإنه من اختصاصه!

 

(10/423)

 

 

ومن المعلوم في اصطلاح القوم: أن العزو لأحمد مطلقاً إنما يراد به "مسنده".

والأخرى: سكوته عليهما؛ فأوهم ثبوت حديثهما، ولو بدعوى أن أحدهما يقوي الآخر، كما هي عادته!

ومن ذلك تعلم أن الشيخ أبا غدة حين علق عليهما بقوله:

"وقد ضعف الدارقطني كلاً من الحديثين"!

فإنه لم يصنع شيئاً؛ لأن ذلك يبقي الطريق مفتوحاً لمتعصب ما أن يقول: فأحدهما يقوي الآخر! فكان عليه أن يسد الطريق عليه بأن يبين أن ضعفهما شديد جداً، فلا يقوي أحدهما الآخر. ولكن أنى له ذلك، وليس من شأنه التحقيق في هذا العلم الشريف، وإنما هو حطاب جماع كغيره من المقلدين!! ولذلك تراه يمر على كثير من الأحاديث المنكرة - في تعليقه على هذا الكتاب وغيره - دون أن ينبه على نكارتها وضعفها؛ ولعلك تذكر بعض الأمثلة القريبة على ذلك!!

4851 - (ناكح اليد ملعون) .

ضعيف

وهو طرف من حديث أخرجه أبو الشيخ ابن حيان في "مجلس من حديثه" (62/ 1-2) ، وابن بشران في "الأمالي" (86/ 1-2) من طرق عن عبد الرحمن بن زياد الإفريقي عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً بلفظ:

"سبعة لعنهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ويقال لهم: ادخلوا النار مع الداخلين: الفاعل، والمفعول به في عمل قوم لوط، وناكح البهيمة، وناكح يده، والجامع بين المرأة وابنتها، والزاني بحليلة جاره، والمؤذي جاره حتى يلعنه، والناكح للمرأة في دبرها؛ إلا أن يتوب".

 

(10/424)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف عبد الرحمن بن زياد الإفريقي؛ وقد مضى غير مرة.

وقد روي من حديث أنس أيضاً، لكنه ضعيف أيضاً. وقال الحافظ ابن كثير في أول تفسير سورة "المؤمنون":

"هذا حديث غريب، وإسناده فيه من لا يعرف لجهالته".

قلت: وقد خرجته في "إرواء الغليل" برقم (2401) .

ومن هذا التخريج؛ يتبين لك أن قول الشيخ علي القاري في "المصنوع في معرفة الحديث الموضوع" - وقد ساق حديث الترجمة برقم (378) -:

"لا أصل له. صرح به الرهاوي"!! وقال المعلق عليه الشيخ أبو غدة:

"وقد وقع ذكره حديثاً نبوياً مستشهداً به من الإمام الكمال ابن الهمام في كتابه العظيم "فتح القدير" (2/ 64) ، وهو من كبار فحول العلماء المحققين في المنقول والمعقول والاستدلال، ولكنه وقع منه الاستشهاد بهذا الحديث على المتابعة لمن استشهد به من الفقهاء والعلماء الذين ينظر في كتبهم، فأورده متابعة دون أن يبحث عنه. وكثيراً ما يقع للعالم هذا؛ إذ لا ينشط للكشف والتمحيص لما يستشهد به، فيذكره أو ينفيه على الاسترسال والمتابعة. إذن: فالاعتماد على من تفرغ وبحث ومحص، لا على من تابع ونقل واسترسل".

فأقول: وهذا كلام صحيح، وهو من الأدلة الكثيرة على أن أبا غدة نفسه ليس من قبيل "من تفرغ وبحث ومحص"، بل هو جماع حطاب، يجمع من هنا وهناك نقولاً ليجعل بها الرسالة الصغيرة كتاباً ضخماً لملء الفراغ! ولذا؛ فهو ممن لا ينبغي أن يعتمد عليه في هذا العلم؛ فإنك تراه يتابع القاري على قوله في هذا

 

(10/425)

 

 

الحديث: "لا أصل له ... "! مع أنه قد روي من حديث ابن عمرو، ومن حديث أنس، كما رأيت.

ويغني عنه في الاستدلال على تحريم نكاح اليد؛ عموم قوله تعالى:

(والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) . وقد استدل بها الإمام الشافعي ومن وافقه على التحريم، كما قال ابن كثير، وهو قول أكثر العلماء؛ كما قال البغوي في "تفسيره"، وحكاه العلامة الآلوسي (5/ 486) عن جمهور الأئمة، وقال:

"وهو عندهم داخل في ما (وراء ذلك) ".

وانتصر له بكلام قوي متين، وإن عز عليه أيضاً مخرج الحديث؛ فقال:

"ومن الناس من استدل على تحريمه بشيء آخر، نحو ما ذكره المشايخ من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ناكح اليد ملعون" ... "!

وأما ما رواه عبد الرزاق في "المصنف" (7/ 391/ 13590) ، وابن أبي شيبة (4/ 379) عن أبي يحيى قال:

سئل ابن عباس عن رجل يعبث بذكره حتى ينزل؟ فقال ابن عباس: إن نكاح الأمة خير من هذا، وهذا خير من الزنى!

فهذا لا يصح؛ وعلته أبو يحيى هذا - واسمه مصدع المعرقب (1) -؛ قال ابن حبان في "الضعفاء" (3/ 39) :

__________

(1) وقد حسّن له الشيخ - رحمه الله - في " الصحيحة " (3209) ، وهو من رجال مسلم متابعةً! (الناشر)

 

(10/426)

 

 

"كان ممن يخالف الأثبات في الروايات، وينفرد عن الثقات بألفاظ الزيادات مما يوجب ترك ما انفرد منها، والاعتبار بما وافقهم فيها".

وسائر رجال إسناده ثقات. وقد أسقطه منه بعض الرواة عند البيهقي؛ فأعله بالانقطاع، فقال (7/ 199) :

"هذا مرسل، موقوف".

ومثله: ما أخرجه - عقبه - من طريق الأجلح عن أبي الزبير عن ابن عباس رضي الله عنهما:

أن غلاماً أتاه، فجعل القوم يقومون والغلام جالس، فقال له بعض القوم: قم يا غلام! فقال ابن عباس: دعوه، شيء ما أجلسه! فلما خلا قال: يا ابن عباس! إني غلام شاب أجد غلمة شديدة، فأدلك ذكري حتى أنزل؟ فقال ابن عباس: خير من الزنى، ونكاح الأمة خير منه.

قلت: وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه.

والأجلح مختلف فيه.

ثم روى عبد الرزاق من طريق إبراهيم بن أبي بكر عن رجل عن ابن عباس أنه قال:

وما هو إلا أن يعرك أحدكم زبه؛ حتى ينزل ماءً.

وهذا ضعيف ظاهر الضعف؛ لجهالة الرجل الذي لم يسم.

وقريب منه إبراهيم هذا؛ قال الحافظ:

"مستور".

 

(10/427)

 

 

واعلم أنه لو صح ما تقدم عن ابن عباس؛ فإنه لا ينبغي أن يؤخذ منه إلا إباحة الاستمناء عند خشية الزنى لغلبة الشهوة.

وأنا أنصح من أصيب بها من الشباب أن يعالجوها بالصوم؛ فإنه له وجاء. كما صح عنه - صلى الله عليه وسلم -.

4852 - (لا يدخل ولد الزنى ولا شيء من نسله - إلى سبعة آباء - الجنة) .

موضوع

أخرجه عبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (ق 157/ 1) : حدثنا عبد الرحمن بن سعد - وهو الرازي -: حدثنا عمرو بن أبي قيس عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن محمد بن عبد الرحمن بن [أبي] ذباب عن أبي هريرة مرفوعاً به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ إبراهيم بن مهاجر - وهو البجلي - ضعيف؛ لسوء حفظه. وقال الحافظ في "التقريب":

"صدوق لين الحفظ".

وفي ترجمته ساق له الذهبي هذا الحديث؛ مشيراً إلى أنه من منكراته!

والأولى عندي: إعلاله بشيخ شيخه: ابن أبي ذباب؛ فقد قال الحافظ في "التقريب":

"شيخ لمجاهد، مجهول".

وسائر رجاله ثقات؛ على ضعف يسير في عمرو بن أبي قيس؛ وهو الرازي.

وعبد الرحمن بن سعد: هو ابن عبد الله بن سعد بن عثمان الدشتكي الرازي المقري.

 

(10/428)

 

 

والحديث؛ أورده ابن الجوزي في "الموضوعات". وقال:

"لا يصح؛ ابن مهاجر ضعيف".

قلت: أما الطرف الأول من الحديث - "لا يدخل ولد الزنى الجنة" -: فلا سبيل إلى الحكم عليه بالوضع، كما ذهب إليه الحافظ ابن حجر في "القول المسدد"، وتبعه السيوطي في "اللآلىء" (2/ 105-106) ، وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (2/ 228-229) ، وذلك لأن له طرقاً أخرى، قد ملت من أجلها إلى تحسينه؛ كما تراه مخرجاً في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (673) .

ولذلك؛ فقد أخطأ الشيخ علي القاري في قوله - في كتابه "المصنوع في معرفة الحديث الموضوع" في هذا الحديث -:

"لا أصل له"! ومر عليه محقق الكتاب الشيخ أبو غدة، فلم يعلق عليه بشيء!

ووجه الخطأ: أن هذا يقول - "لا أصل له" -؛ إنما يراد به عند المتأخرين أنه لا إسناد له! فكيف يقال هذا؛ والحديث له عدة أسانيد؛ أحدها عند البخاري في "التاريخ الصغير"؟!

ثم إن هذا الطرف من الحديث ليس على ظاهره؛ لمخالفته لقوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) ، ولذلك تأولوه على وجوه؛ ذكرت بعضها في الموضع المشار إليه من "الصحيحة".

قلت: ولعل الطرف الآخر من الحديث أصله من الإسرائيليات، فرفعه بعض الضعفاء قصداً أو سهواً؛ فقد ذكر السيوطي أن عبد الرزاق روى عن ابن التيمي قال: حدثني الربعي - وكان عندنا مثل وهب عندكم - أنه قرأ في بعض الكتب:

 

(10/429)

 

 

إن ولد الزنى لا يدخل الجنة إلى سبعة آباء!

4853 - (من حاز شيئاً عشر سنين؛ فهو له) .

ضعيف

أخرجه عبد الله بن وهب في "موطئه": عن عبد الجبار بن عمر الأيلي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب يرفع الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وقال عبد الجبار: وحدثني عبد العزيز بن المطلب عن زيد بن أسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله.

ذكره الشيخ أبو الفيض أحمد الغماري في كتابه "مسالك الدلالة في تخريج أحاديث "الرسالة" لابن أبي زيد القيرواني" (ص 331 - مطبعة دار العهد الجديد) ؛ كما نقله إلي كتابة - بتاريخ 23/ 1/ 1395 هـ - أحد الطلاب في كلية الشريعة - قسم الدراسات العليا الشرعية في مكة المكرمة؛ نقلاً عن الشيخ حماد الأنصاري المدرس، كتب يطلب إعطاءه حكمي على هذا الحديث؛ لأنه في صدد البحث في مسألة "وضع اليد المدة الطويلة"! وجواباً عليه أقول:

إنه حديث ضعيف عندي؛ لأنه مرسل من الوجهين، وكل من المرسلين مدني؛ فلا يقوي أحدهما الآخر؛ لاحتمال أن يكون شيخهما تابعياً واحداً.

على أن مدار الإسناد إليهما على عبد الجبار بن عمر الأيلي؛ وهو ضعيف؛ كما جزم به الحافظ، تبعاً لجمع من الأئمة؛ بل إن بعضهم ضعفه جداً، فقال محمد بن يحيى الذهلي:

"ضعيف جداً". وقال النسائي:

"ليس بثقة". وقال الدارقطني:

 

(10/430)

 

 

"متروك".

على أن عبد الجبار هذا قد روى عن شيخه ربيعة ما يعود على الحديث بالنقض؛ فقال: قال ربيعة:

إذا كان الرجل حاضراً، وماله في يد غيره، فمضت له عشر سنين وهو على ذلك؛ كان المال للذي هو في يده بحيازته إياه عشر سنين؛ إلا أن يأتي الآخر ببينة على أنه أكرى أو أسكن أو أعار عارية، أو صنع شيئاً من هذا، وإلا فلا شيء له".

نقله من سبق عن الغماري.

فأقول: إذا كان المدار على البينة ولو بعد عشر سنين؛ فالأمر كذلك قبلها، فما فائدة التحديد بالعشر؟! فتأمل!

4854 - (اجمعوا له العالمين - أو قال: العابدين - من المؤمنين، اجعلوه شورى بينكم، ولا تقضوا فيه برأي واحد) .

ضعيف منكر

أخرجه ابن عبد البر في "الجامع" (2/ 59) من طريق إبراهيم ابن أبي الفياض البرقي قال: حدثنا سليمان بن بزيع (1) الإسكندراني قال: حدثنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب قال:

قلت: يا رسول الله! الأمر ينزل بنا؛ لم ينزل فيه قرآن، ولم تمض منك فيه سنة؟ قال ... فذكره. وقال:

"هذا حديث لا يعرف من حديث مالك بهذا الإسناد، ولا أصل له في

__________

(1) الأصل في موضعين منه: (بديع) ! هو خطأ مطبعي.

 

(10/431)

 

 

حديث مالك عندهم ولا في حديث غيره. وإبراهيم البرقي وسليمان بن بزيع ليسا بالقويين، ولا ممن يحتج به، ولا يعول عليه".

قلت: وسليمان بن بزيع؛ قال أبو سعيد بن يونس:

"منكر الحديث"؛ كما في "الميزان".

وساق له في "اللسان" هذا الحديث من طريق ابن عبد البر، ونقل كلامه، ثم قال:

"قلت: وقال الدارقطني في "غرائب مالك": لا يصح؛ تفرد به إبراهيم بن أبي الفياض عن سليمان، ومن دون مالك ضعيف. وساقه الخطيب في كتاب "الرواة عن مالك" من طريق إبراهيم عن سليمان وقال: لا يثبت عن مالك".

قلت: وإبراهيم بن أبي الفياض؛ قال أبو سعيد بن يونس:

"روى عن أشهب مناكير، توفي سنة (245) ".

ومن طريقه: أخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (2/ 391) أيضاً.

قلت: وفي قول ابن عبد البر المتقدم: "ولا في حديث غيره" - يعني: مالكاً - نظر! فقد تقدم نحوه من حديث غيره مختصراً بإسناد معضل، فانظر الحديث (رقم 882) :

"لا تعجلوا بالبلية قبل نزولها ... ".

بل رواه بتمامه نحو حديث الترجمة: الطبراني في "المعجم الأوسط" (جـ2/ ص 172/ 1618) من طريق أخرى بسند رجاله ثقات عن الوليد بن صالح عن محمد ابن الحنيفة عن علي قال:

 

(10/432)

 

 

قلت: يا رسول الله! إن نزل بنا أمر ليس فيه بيان: أمر ولا نهي؛ فما تأمرنا؟ قال:

"تشاورون الفقهاء والعابدين، ولا تمضوا فيه رأي خاصة". وقال الطبراني:

"لم يرو هذا الحديث عن الوليد بن صالح إلا نوح".

قلت: الوليد مجهول؛ لم يرو عنه سوى نوح بن قيس.

ومع ذلك؛ ذكره ابن حبان في "الثقات" (5/ 491 و 7/ 551) !

وهو مما يستدرك على الحافظ ابن حجر؛ فإنه لم يورده في "لسان الميزان" خلافاً لعادته الغالبة! ولما أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"؛ قال (1/ 179) :

"رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله موثقون من أهل (الصحيح) "!

قلت: وفيه نظر من وجهين:

الأول: أن الوليد بن صالح؛ توهم الهيثمي أنه الوليد بن صالح النخاس الضبي أبو محمد الجزري، وهو ثقة من رجال الشيخين! وليس به؛ وإنما هو الوليد ابن صالح الذي روى عنه نوح بن قيس؛ كما ذكر ذلك ابن حبان نفسه في "الثقات" كما تقدم؛ وكذلك فعل قبله الإمام البخاري في "التاريخ"، وابن أبي حاتم في "الجرح".

والآخر: أنه مجهول لا يعرف؛ كما تقدم. وتوثيق ابن حبان إياه مما لا يعتد به في مثل الوليد بن صالح هذا.

وقد اغتر بكلام الهيثمي هذا: الدكتور عبد المجيد السوسوه الشرفي في كتابه "الاجتهاد الجماعي في التشريع الإسلامي" (ص 50) ؛ فإنه نقله وسكت عليه!

 

(10/433)

 

 

ولا غرابة في ذلك؛ فإنه يبدو من تخريجه لأحاديث الكتاب أنه لا معرفة عنده بعلم الحديث ونقد الأسانيد، كما هي السمة الغالبة على جماهير الكتاب الإسلاميين الذين يكتبون في الأحكام الشرعية.

ومما يؤيد ذلك: أمور كثيرة لا مجال للبحث فيها الآن؛ فأكتفي بمثالين فقط:

الأول: أن هذا الحديث الذي عزاه للطبراني - نقلاً عن الهيثمي بالجزء والصفحة -؛ ذكره بلفظ حديث الترجمة، وهو مخالف للفظ الحافظ الطبراني كما تقدم.

والآخر: أنه أورد حديث:

"عليكم بالسواد الأعظم". وقال أيضاً (ص 95) :

"قال الهيثمي:

"رواه الطبراني، ورجاله ثقات، مجمع الزوائد، كتاب الخلافة، باب لزوم الجماعة (5/ 219) ""!

قلت: إنما قال الهيثمي (5/ 217-218) - وقد ساقه موقوفاً عقب حديث سأذكره قريباً -:

"رواه عبد الله بن أحمد، والبزار، والطبراني، ورجالهم ثقات".

قلت: والسياق لعبد الله بن أحمد (4/ 278،375) .

وفي سنده يحيى بن عبد ربه مولى بني هاشم؛ وهو متهم، وكذا وقع في "المسند": (عبد ربه) !

والصواب (عبد ويه) ، كما جزم به الحافظ في "التعجيل"، وله فيه ترجمة مبسطة. وقال الذهبي في "الميزان":

 

(10/434)

 

 

"قال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال مرة: كذاب".

قلت: ومنه يتبين لنا خطأ الهيثمي من جهة، وخطأ الدكتور عبد المجيد الشرفي عليه من جهة أخرى.

أما الأول: ففي عزوه الحديث للبزار؛ فإنه ليس فيه هذه الجملة:

"عليكم بالسواد الأعظم" ولا ما بعدها؛ على ما يأتي؛ فإن لفظ الحديث من رواية المولى المذكور:

"من لم يشكر القليل؛ لم يشكر الكثير ... " الحديث، وفيه:

"والتحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب". قال:

فقال أبو أمامة الباهلي:

عليكم بالسواد الأعظم. قال: فقال رجل: ما السواد الأعظم؟ فنادى أبو أمامة: هذه الآية التي في سورة النور (فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم) .

فهذه الزيادة كلها ليست عند البزار، ولا أظنها كذلك عند الطبراني؛ فإن (مسند (1) النعمان بن بشير) لم يطبع منه بعد!

وإذ قد عزاه للبزار - وهو عنده بهذا الاختصار "البحر الزخار" (8/ 226/ 3282) -؛ فقد كان الأولى أن يعزوه للإمام أحمد أيضاً؛ فإنه رواه في "المسند" في المكانين المشار إليهما عند ابنه عبد الله!

ومن المفارقات العجيبة، والموافقات الغريبة: أن الحافظ المنذري في

__________

(1) في أصل الشيخ - رحمه الله -: " معجم ". (الناشر)

 

(10/435)

 

 

"الترغيب" (2/ 56) وافق الهيثمي في عزو الحديث لعبد الله بن أحمد دون أبيه، لكنه في الوقت نفسه فارقه في متنه؛ فإنه ساقه بلفظ أحمد دون ابنه!!

هذا ما يتعلق بخطأ الهيثمي.

وأما ما يتعلق بخطأ الدكتور عبد المجيد عليه؛ فهو من ناحيتين:

الأولى: أنه عزا الحديث إليه مرفوعاً، وهو عنده موقوف كما رأيت.

والأخرى: أنه عزاه للطبراني، وهو عنده معزو لعبد الله بن أحمد، والبزار أيضاً، وقد عرفت ما في ذلك من الخطأ!

على أن هذا الموقوف قد روي مرفوعاً من غير هذه الطريق بأسانيد واهية، تراها مخرجة في "ظلال الجنة" تحت رقم (80) (1) .

وخطؤه هذا يجرني إلى الكشف عن بعض أخطائه في الفقه الذي عنون له: "الاجتهاد الجماعي في التشريع الإسلامي" كما تقدم، وقد استعان فيه بالنقل عن بعض العلماء والكتاب والدكاترة المعاصرين الذين سبقوه بالدندنة حول هذا الموضوع، مثل الشيخ عبد الوهاب خلاف، والدكتور يوسف القرضاوي، والزحيلي، وأمثالهم، وقد كنت قديماً قرأت لبعضهم بعض المقالات في هذا المجال، والذي يهمني الآن - بمناسبة حديث الترجمة - الأمور التالية:

أولاً: عرف الدكتور الشرفي الاجتهاد الجماعي في الكتاب بقوله (ص 46) :

__________

(1) وإنما صح بلفظ: " لا تجتمع أمتي على ضلالة "، وهو مخرج هناك. وقد عزاه الدكتور للطبراني. وقال أيضا - تقليدا للهيثمي -:

" ورجاله ثقات "!

 

(10/436)

 

 

"استفراغ أغلب الفقهاء الجهد لتحصيل ظن بحكم شرعي بطريق الاستنباط، واتفاقهم جميعاً أو أغلبهم على الحكم بعد التشاور"!

وعزاه لجمع من الأصوليين المتأخرين، ونقل عن السبكي:

أن الفقيه عندهم هو المجتهد، والفقه هو الاجتهاد (ص 45) !

فأقول: هذا شيء جميل ومهم لو كان ممكناً تحقيقه، وأما وقد جاء بقيدين - أحدهما أبعد عن الإمكان من الآخر -؛ فإن قوله: "أغلب الفقهاء"! كيف يمكن اليوم معرفتهم مع تفريقهم في البلاد الإسلامية الشاسعة؟! ثم كيف يمكن جمعهم في مكان واحد حتى يتشاوروا في الحكم؟!

على أن قوله: "واتفاقهم جميعاً"؛ فهذا أبعد عن التحقيق من الذي قبله، خاصة في هذا الزمن الذي قل فيه المجتهدون اجتهاداً فردياً مع توفر شروط الاجتهاد؛ التي تكلم عنها كلاماً جيداً الدكتور الشرفي (ص 63-70) ! ولعله لذلك أتبعه بقوله معطوفاً عليه: "أو أغلبهم"! فهذا الاجتهاد الجماعي أشبه ما يكون بالاجتهاد الفردي المجمع عليه في تعريف علماء الأصول، وأصعب تحقيقاً.

ثانياً: لو أمكن تحقيق مثل هذا الاجتهاد؛ لكان - في زعمي - البحث فيه سابقاً لأوانه، وذلك لعدم وجود خليفة للمسلمين يأخذ بحكمهم إذا اتفقوا، وهذا - مع الأسف الشديد - شرط مفقود في زمننا هذا!

ثالثاً: لماذا الاهتمام ببذل الجهود لتحقيق "الاجتهاد الجماعي"، والاهتمام البالغ بالدعوة إليه؛ مع أنه فرع يبنى على الكتاب والسنة؛ لأنهما الأصلان في الشريعة الإسلامية اتفاقاً؟! ومن المعلوم أن القرآن الكريم تفسره السنة (1) ، والسنة قد

__________

(1) انظر كتاب الدكتور: " الاجتهاد الجماعي " (ص 64) .

 

(10/437)

 

 

دخل فيها ما ليس منها من الأحاديث المنكرة والواهية، مما هو معلوم أيضاً عند العلماء كافة! وقد نقل الدكتور نفسه - تحت الشرط الثالث من شروط صحة الاجتهاد: (معرفة السنة) (ص 65) - عن الشوكاني أنه قال:

"والحق الذي لا شك فيه ولا شبهة أن المجتهد لا بد أن يكون عالماً بما اشتملت عليه المسانيد والمستخرجات، والكتب التي التزم مصنفوها الصحة ... وأن يكون له تمييز بين الصحيح منها والحسن والضعيف، ولو بالبحث في كتب الجرح والتعديل وكتب العلل؛ ومجاميع السنة التي صنفها أهل الفن؛ كالأمهات الستة، وما يلحق بها".

قلت: فلماذا لا يهتم هؤلاء العلماء والكتاب بالدعوة إلى إقامة مؤتمر يجتمع فيه ما أمكن من المحدثين المعروفين بتخصصهم في علم الحديث الشريف، وقدرتهم على تمييز صحيحه من ضعيفه؛ لأن هؤلاء - وإن اختلفوا في بعض الأحاديث، كما هو الشأن في (الاجتهاد الجماعي) -؛ فلا شك أنهم سيتفقون على أكثر الأحاديث تصحيحاً أو تضعيفاً؟! وهذا شرط أساسي للاجتهاد، فيمكن - والحالة هذه - أن يؤخذ برأي الأكثر؛ لأنه - بلا شك، كما قال الدكتور نفسه في غير ما موضع من بحثه - أن رأي الاثنين خير من رأي الواحد أو أقوى منه.

وأنا أستغرب جداً ألا أرى أحداً من هؤلاء الباحثين والكاتبين يشير - أدنى إشارة على الأقل - إلى هذا الأصل المجمع عليه بين المسلمين، وانشغالهم بالفرع عن الأصل! وهذا إن دل على شيء - كما يقولون اليوم -؛ فإنما يدل على إهمال جماهير الكتاب في العصر الحاضر - حول المسائل الشرعية قديمها وحديثها - الاهتمام في استدلالهم بالسنة بما صح منها دون ما ضعف، فأحسنهم حالاً هو الذي يذكر الحديث ويخرجه بأن يقول: رواه فلان وفلان، دون أن يبين مرتبته من

 

(10/438)

 

 

الصحة! والسبب واضح؛ وهو أنهم (لا يعلمون) ، ولكن هذا ليس عذراً لهم؛ لأن بإمكانهم أن يستعينوا بأهل الاختصاص من المعروفين بتخصصهم في علم الحديث، والعارفين بصحيحه وضعيفه، سواء كانوا من الأئمة السابقين كالإمام أحمد والبخاري ومسلم ونحوهم، أو من الحفاظ اللاحقين كالحافظ الزيلعي والذهبي والعراقي والعسقلاني وأمثالهم.

كما ذكر الدكتور الباحث؛ في الذين يقترح حضورهم في مؤتمر (الاجتهاد الجماعي) ، فقد ذكر (ص 74) :

"بأنه لا يشترط في كل فرد منهم أن يكون عالماً بالشرع، فيكون منهم الاقتصادي والعسكري والسياسي والاجتماعي ونحوه (1) ... فهذه المجموعة يتشاورون مع بعضهم؛ كل في حدود اختصاصه ومجاله، ثم يصدرون حكماً يعتمدونه"!

قلت: فأولى بهؤلاء الكتاب والباحثين في العصر الحاضر أن يلتزموا ما هو أهم من حضور الاقتصادي والسياسي في المؤتمر المنشود، ألا وهو استحضارهم لأهل الاختصاص في الحديث، والاعتماد عليهم في تصحيحهم وتضعيفهم، وليس الإعراض عن ثمرة علم الحديث بالاكتفاء بما أشرت إليه آنفاً من تخريجهم للحديث دون بيان المرتبة! وقد أشار الدكتور عبد المجيد (ص 65) إلى شيء من هذا بقوله:

__________

(1) تأمل كيف ذكر هؤلاء المتخصصين، ولم يذكر المتخصصين في الحديث الذين هم الأصل في الفقه!! كما أشار إلى ذلك الإمام الشافعي بقوله للإمام أحمد:

" أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث الصحيح؛ فأعلموني به أي شيء يكون: كوفيا أو بصريا أو شاميا؛ حتى أذهب إليه إذا كان صحيحاً ". انظر تخريجه في " صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - " (ص 51) .

 

(10/439)

 

 

"ويلزم المجتهد أن يكون على علم بمصطلح الحديث ورجاله، ولا يجب أن يكون في درجة أهل الفن - فن الحديث - أنفسهم، وإنما يكفيه أن يعتمد على ما انتهى إليه أهل هذا الفن"!

فأنت ترى أنه أعرض عن ذكر حضورهم مع ذكرهم من الاقتصاديين وغيرهم، فجعلهم دونهم في شرطية الحضور، مع أنهم هم العمدة قبل كل ما أشرنا إليهم؛ وغيرهم ممن ذكرهم معهم؛ فإن في حضورهم ما يكشف عن علل بعض الأحاديث التي لا يعرفها - أو على الأقل: لا ينتبه لها - إلا المختصون في الحديث.

ولا أذهب بالقراء بعيداً؛ فهذا هم المثال بين أيديهم؛ لقد استدل الدكتور الشرفي بحديث الترجمة؛ وحديث: "السواد الأعظم"، وهما واهيان كما تقدم.

قد يقال: إنه اعتمد على الهيثمي في تخريجه.

لكن خفي على الدكتور أن ذلك لا يعني أن كلاً من الحديثين صحيح، على أخطاء وقعت له وللدكتور سبق بيانها.

ومثله كثير ممن يتوهم من مثل هذا التخريج تصحيح الحديث؛ وليس كذلك، كما بينته في غير ما موضع من كتبي، فانظر مثلاً مقدمة "صحيح الترغيب والترهيب" من المجلد الأول؛ وقد سبق أن طبع مرتين، وهو تحت الطبع مجدداً، مع إضافات كثيرة وفوائد غزيرة مع بقية المجلدات، وسيكون ذلك بين القراء قريباً، إن شاء الله (1) .

على أن الدكتور غفل عن دلالة قوله في الحديث:

__________

(1) وقد صدر - ولله الحمد - في خمسة مجلدات: ثلاثة في " الصحيح "، واثنان في " الضعيف ". (الناشر)

 

(10/440)

 

 

"لا تقضوا فيه برأي واحد"؛ أنه منكر لمخالفته للإجماع العملي الذي سار عليه العلماء والقضاة من الإفتاء والقضاء برأي العالم الواحد في القرون الأولى المشهود لها بالخيرية! والآثار في ذلك كثيرة شهيرة،ذكر الكثير الطيب منها الإمام ابن قيم الجوزية في شرحه لكتاب عمر إلى القاضي شريح في كتابه العظيم "إعلام الموقعين عن رب العالمين".

بل أن الحديث هذا يبطل الاجتهاد الجماعي من حيث لا يدري الدكتور ولا يشعر، مع أنه اشترط في غير ما موضع أن يكون أعضاء (الاجتهاد الجماعي) الذين لهم حق الترجيح مجتهدين،ولو اجتهاداً جزئياً على الأقل! انظر (ص 106،107،127) .

على أنني أرى أن هذا الشرط - مع كونه شرطاً أساسياً للاجتهاد- يستلزم معرفة السنة، وتمييز صحيحها من ضعيفها كما قدمنا، والتفقه فيها؛ ولكن أكثر هؤلاء الدكاترة والكتاب - مع الأسف - لا عناية عندهم بشيء من هذا.

وأضرب على ذلك مثلاً في مسألة اتفق الأئمة الأربعة وغيرهم على تحريمها، ألا وهي الغناء وآلات الطرب، يحضرني الآن منهم ثلاثة من المشهورين في العصر الحاضر بأنهم من العلماء:

أولهم: الشيخ محمد أبو زهرة؛ حيث قال:

"إذا لم يكن في الغناء ما يثير الغريزة الجنسية؛ فإننا لا نجد موجباً لتحريمه"!

وثانيهم: الشيخ محمد الغزالي - وقد توفي قبل شهور غفر الله له -؛ فإنه جرى على منوال أبي زهرة هذا، بل وتوسع في ذلك كثيراً، واستدل بأحاديث ضعيفة، وضعف الأحاديث الصحيحة في التحريم وغيره مما اتفق العلماء على صحتها،

 

(10/441)

 

 

وبعضها في "الصحيحين"؛ حتى إنه لم يخجل أن يصرح بأنه يستمع لأغاني أم كلثوم وفيروز، لكن بنية حسنة!!!

ثالثهم: الشيخ يوسف القرضاوي؛ الذي لم يتورع بأن يحكم على حديث البخاري في تحريم آلات الطرب بأنه موضوع؛ تقليداً منه لابن حزم، مع اتفاق علماء الحديث قديماً وحديثاً على تصحيحه، والرد على ابن حزم بأدلة قوية لا مرَّد لها (1) ، هذا مع أنه يردد كثيراً في بحثه في الاجتهاد الجماعي: أن رأي الاثنين أقوى من رأي الواحد، فما باله خالف هذا، وأعرض عن الحجج الصحيحة، وتبنى تحليل ما حرم الله على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟!

لذلك أقول: إن تحمس هؤلاء للاجتهاد الجماعي - وهم لا يحسنون الاجتهاد الفردي - سابق لأوانه، وسيكون شره أكثر من خيره!!

ولذلك؛ فإني أنصح هؤلاء بأن يتمرسوا على الاجتهاد الفردي؛ تمهيداً لما يدعون إليه من الاجتهاد الجماعي، علماً بأن الأول أسهل من الآخر بكثير؛ فإنهم سيجدون فيه ما قيل في المسألة، وما استدل لكل قول فيها، بخلاف الاجتهاد الجماعي؛ فإنه يصرحون بأن مجاله ما حدث من المسائل التي لم يتكلم فيها العلماء السابقون؛ وذلك بدراسة الكتاب والسنة - على ما وصفنا - وأقوال السلف؛ فإنها نبراس يستضيء به من أراد فهم الكتاب والسنة على الوجه الصحيح. ولهذا قال الإمام محمد بن الحسن - رحمه الله -:

"من كان عالماً بالكتاب والسن، وبقول أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبما

__________

(1) ونجد الرد على هؤلاء، وغيرهم ممن جروا على سننهم في كتابي الجديد " تحريم آلات الطرب "؛ وقد طبع بحمد الله وتوفيقه.

 

(10/442)

 

 

استحسن فقهاء المسلمين؛ وسعه أن يجتهد رأيه فيما ابتلي به، ويقضي به ويمضيه في صلاته وصيامه وحجه، وجميع ما أمر به ونهي عنه، فإذا اجتهد ونظر وقاس على ما أشبه ولم يأل، وسعه العمل بذلك، وإن أخطأ الذي ينبغي أن يقول به"؛ كما في "إعلام الموقعين" (1/ 75) .

ونحوه قول الإمام الشافعي:

"ولا يكون لأحد أن يقيس حتى يكون عالماً بما مضى قبل من السنن وأقاويل السلف، وإجماع الناس واختلافهم". نقله الدكتور عبد المجيد (ص 72) عن الشافعي في "الرسالة".

وقد صرح الدكتور تحت عنوان: (شرط عضو الاجتهاد الجماعي) (ص 73) ؛ واستنكر الرأي الذي ذهب القائل به إلى عدم اشتراط شروط الاجتهاد في أعضاء الاجتهاد الجماعي؛ فقال:

"إذ كيف يجتهد وينظر في الأدلة ويستنبط الأحكام من ليس مجتهداً؟! "! قال:

"وقد أشار الشيخ عبد الوهاب خلاف إلى هذا؛ فقال: ولا يسوغ الاجتهاد بالرأي لجماعة؛ إلا إذا توفرت في كل فرد من أفرادها شرائط الاجتهاد ومؤهلاته".

وختاماً أقول: لقد كرروا الشكوى من الاجتهادات الفردية، التي يقوم بها من ليس أهلاً للاجتهاد، وهم على حق في ذلك، وقد قدمت بعض الأمثلة في ذلك قريباً، كما أنهم أبدوا تخوفهم من مثل ذلك أن يقع في الاجتهاد الجماعي، بل لقد أبدى بعضهم خوفه من تسلط بعض الدول الإسلامية، أو سلطات كبرى على "المجمع" وتعيين أعضائه، بل ذكر أن شيئاً من ذلك وقع في بعض المجامع الفقيهة وهي اليوم ثلاثة:

 

(10/443)

 

 

1- مجمع البحوث الإسلامية؛ بالقاهرة.

2- مجمع الفقه الإسلامي؛ بمكة المكرمة.

3- مجمع الفقه الإسلامي؛ بجدة.

فقال الدكتور عبد المجيد في أحد هذه المجامع (ص 140) :

"إلا أن الشيخ مصطفى الرزقا يرى أن هذا المجمع "لا تدل قرائن الحال على جديته في تنفيذ الفكرة على الصورة الصحيحة المنشودة".

ويعيب الدكتور توفيق الشاوي على هذا المجمع: أن الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي احتفظت لها بسلطات كبرى على المجمع وتعيين أعضائه، وحصرت حق المجمع في أن لا يعين أو يختار من أعضائه إلا فيما لا يزيد عن ربع عدد الأعضاء الذين يمثلون دولهم، وهذا جعل المراقبين يعتقدون أن الدول الأعضاء تحرص على فرض سيطرتها على المجمع، وتوجيه قراراته لصالح سياساتها، من خلال جعل الأعضاء المعينين من قبلها يصدرون ما تملي عليهم تلك الدول ... وكان ينبغي أن يتم اختيار الأعضاء عبر لجنة تحضيرية من العلماء يمثلون كل الدول، ولا يخضعون لأي نظام سياسي"!!

وهذا الذي خافوه إذا توحدت هذه المجامع - كما يريدون - سيقع فيه من الضرر أكثر مما وقع من بعض الاجتهادات الفردية،ذلك؛ لأن هذه الاجتهادات لا تصبح قانوناً عاماً بالنسبة لكافة المسلمين، كما يريد دعاة الاجتهاد الجماعي أن يجعلوه قانوناً عاماً!!

وليت شعري؛ ما الذي يشجع هؤلاء على الدعوة إلى إقامة مؤتمر الاجتهاد الجماعي وفرضه على الحكومات الإسلامية، وهم يعلمون أن أكثرها قد عطلت

 

(10/444)

 

 

نصوصاً كثيرة ليست من مواطن النزاع؟! هذه النصوص التي تعنى بإقامة الحدود الشرعية على القاتل والزاني ونحو ذلك، فعطلوا صراحة قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) ! فهل يظنون أن مؤتمرهم سيكون له من الواقع في نفوس هؤلاء المعطلين أكثر من نصوص القرآن الكريم؟! وصدق الله العظيم إذ يقول:

(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ؛ سواء كانوا حكاماً أو محكومين!!

ثم هل يملك هؤلاء الدعاة أن يحضر مؤتمرهم بعض الرافضة والإباضية والخوارج، وغيرهم ممن يسعى حثيثاً إلى تغيير الأحكام الشرعية، وجعلها متوائمة مع الحضارة الغربية التي غزت قلوبهم؟! والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

4855 - (الحزم؛ تستشير أهل الرأي ثم تطيعهم) .

ضعيف

رواه الحربي في "الغريب" (5/ 89/ 2) عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن يوسف بن يعقوب عن أبي الصباح:

أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما الحزم؟ قال: "تستشير ... ".

قلت: وهذا إسناد مظلم؛ أبو الصباح: لم أعرفه.

وكذا يوسف بن يعقوب.

وعبد الرحمن بن أبي بكر؛ لعله ابن عبيد الله بن أبي مليكة، وهو ضعيف.

ورواه ابن وهب في "الجامع" (ص 46) : حدثني إبراهيم بن نشيط عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين قال:

 

(10/445)

 

 

سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحزم؟ فقال:

"تستشير الرجل ذا الرأي، ثم تمضي إلى ما أمرك به".

وأخرجه البيهقي (10/ 112) من طريق أبي داود في "مراسيله" عن ثور بن يزيد عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين به.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه معضل أو مرسل؛ فإن ابن أبي حسين هذا - وهو المكي النوفلي - تابعي صغير، روى عن أبي الطفيل، ونافع بن جبير، وغيرهما من التابعين.

ولثور فيه إسناد آخر؛ يرويه المعافى بن عمران عنه عن خالد بن معدان قال:

قال رجل: يا رسول الله! ما الحزم؟ ... الحديث.

أخرجه البيهقي أيضاً من طريق أبي داود في "المراسيل".

قلت: وإسناده شامي مرسل، ورجاله ثقات.

وقد روي الحديث عن علي بن أبي طالب قال:

سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العزم؟ قال:

"مشارة أهل الرأي؛ ثم اتباعهم".

رواه ابن مردويه؛ يعني في "التفسير"؛ كما في "الدر المنثور" للسيوطي (2/ 90) ؛ تبعاً لابن كثير في "تفسيره" (1/ 420) ، وسكتا عن إسناده؛ وما أراه يصح، وليتهما ساقاه لننظر فيه، ونكشف عن علته!

والحديث دليل لمن يقول اليوم بأن الشورى ملزمة للأمير بالأخذ بما أشاروا عليه: ويقول آخرون بأنها معلمة فقط، وهو الذي نراه موافقاً لما كان عليه السلف:

 

(10/446)

 

 

فروى البيهقي (10/ 112) عن زيد بن حباب عن عمر بن عثمان بن عبد الله ابن سعيد - وكان اسمه الصرم، فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعيداً - قال: حدثني جدي قال:

كان عثمان رضي الله عنه إذا جلس على المقاعد؛ جاءه الخصمان فقال لأحدهما: اذهب ادع علياً، وقال للآخر: اذهب فادع طلحة والزبير، ونفراً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يقول لهما: تكلما. ثم يقبل على القوم فيقول: ما تقولون؟ فإن ما يوافق رأيه أمضاه، وإلا؛ نظر فيه بعد، فيقومان وقد سلماً.

وعمر هذا؛ أورده ابن أبي حاتم (3/ 1/ 124) ؛ إلا أنه سمى جده الأدنى: (عبد الرحمن) فقال:

"روى عن أبيه. روى عنه زيد بن الحباب، ونسبه فقال: حدثنا عمر بن عثمان ابن عبد الرحمن بن سعيد المخزومي"؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

وفيه الليث بن هارون أبو عتبة العكلي؛ الراوي عن زيد بن حباب، ولم أجد له ترجمة الآن.

ثم روى البيهقي تحت: "باب: ما يقضي به القاضي ويفتي به المفتي؛ فإنه غير جائز له أن يقلد أحداً من أهل دهره؛ ولا أن يحكم أو يفتي بالاستحسان"؛ روى (10/ 115) عن مسلمة بن مخلد:

أنه قام على زيد بن ثابت فقال: ابن عم! أكرهنا على القضاء؟ فقال زيد: اقض بكتاب الله عز وجل؛ فإن لم ين في كتاب الله؛ ففي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن لم يكن في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فادع أهل الرأي ثم اجتهد، واختر لنفسك ولا حرج.

وإسناده صحيح.

 

(10/447)

 

 

ولا ينافي هذا ما رواه في الباب نفسه - بإسناد أيضاً - عن عمر:

أنه كان إذا أعياه الأمر أن يجد في القرآن والسنة؛ نظر هل كان لأبي بكر رضي الله عنه فيه قضاء، فإن وجد أبا بكر رضي الله عنه قد قضى فيه بقضاء؛ قضى به؛ وإلا دعا رؤوس المسلمين وعلماءهم فاستشارهم، فإذا اجتمعوا على الأمر قضى بينهم.

فإنه محمول على أنه حصلت له القناعة بإجماعهم أو بقضاء أبي بكر، لا أنه حكم بخلاف اجتهاده؛ فإن هذا غير جائز؛ كما أشار إلى ذلك البيهقي في ترجمته بالباب.

وعلى ذلك يحمل أيضاً متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - ناساً من أصحابه رأوا الخروج لقتال المشركين بأحد، وكان رأيه - صلى الله عليه وسلم - أن يقيم بالمدينة فيقاتلهم فيها، فرأى - صلى الله عليه وسلم - أن الحكمة تقتضي متابعتهم على رأيهم، ومن الدليل على ذلك أنهم لما ندموا وقالوا: يا رسول الله! أقم فالرأي رأيك! خالفهم ولم يتابعهم على قولهم وخرج.

والقصة معروفة في كتب السيرة، وراجع لها - إن شئت - "البداية" (4/ 11) .

4856 - (إنا لنكشر في وجوه أقوام ونضحك إليهم، وإن قلوبنا لتلعنهم) .

ليس بحديث (1)

وبيض له العجلوني (625) ، وإنما هو من قول أبي الدرداء موقوفاً عليه، وعلقه البخاري بصيغة التمريض فقال - في "باب المداراة مع الناس" من "كتاب الأدب" -:

__________

(1) تقدم (216) ! (الناشر)

 

(10/448)

 

 

"ويذكر عن أبي الدرداء: إنا ... "؛ فذكره دون قوله: "ونضحك إليهم". وقال الحافظ في "الفتح" (10/ 438) :

"وصله ابن أبي الدنيا، وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث"، والدينوري في "المجالسة" من طريق أبي الزاهرية عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء فذكر مثله؛ وزاد:

"ونضحك إليهم"، وذكره بلفظ اللعن. ولم يذكر الدينوري في إسناده جبير بن نفير. ورويناه في "فوائد أبي بكر المقري" من طريق كامل أبي العلاء. عن أبي صالح عن أبي الدرداء قال: إنا لنكشر أقواماً ... فذكره مثله؛ وهو منقطع. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" من طريق خلف بن حوشب قال: قال أبو الدرداء ... فذكر اللفظ المعلق سواءً، وهو منقطع أيضاً. والكشر - بالشين المعجمة وفتح أوله - ظهور الأسنان، وأكثر ما يطلق عند الضحك، والاسم الكشرة؛ كالعشرة".

قلت: الطريق الأولى؛ أخرجها أيضاً أبو الشيخ في "طبقات الأصبهانيين" (ص 272 - 273 - مخطوطة الظاهرية) من طريق الأحوص بن حكيم عن أبي الزاهرية به. وهو في "الحلية" (1/ 222) موقوفاً كما ذكره الحافظ.

وأوهم السخاوي في "المقاصد" (ص 99) أنه مرفوع، فقال:

"حديث: "إنا لنكشر ... "؛ وهو في ترجمة (أبي الدرداء) من "الحلية" ... "! والعجلوني أورده بلفظ: "إنا لنبش ... ".

وأورده الميداني في "مجمع الأمثال" (1/ 59/ 274) باللفظ الأول، فعلق عليه محققه محمد محيي الدين بقوله:

"كذا! وأظنه: إنا لنبش"!!

 

(10/449)

 

 

4857 - (تياسروا في الصداق؛ إن الرجل يعطي المرأة حتى يبقى ذلك في نفسه عليها حسيكة، وحتى يقول: ما جئتك حتى سقت إليك علق القربة) (1) .

ضعيف

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6/ 174/ 10398) : أخبرنا ابن جريج قال: حدثني ابن أبي الحسين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات رجال الشيخين، ولكنه معضل أو مرسل؛ فإن ابن أبي الحسين - واسمه عبد الله بن عبد الرحمن المكي - مشهور بالرواية عن التابعين؛ أمثال نافع بن جبير بن مطعم ومجاهد وعكرمة وغيرهم، ولم يذكروا له رواية عن أحد من الصحابة؛ سوى أبي الطفيل عامر بن واثلة، وهو من صغارهم، ولد عام أحد، وهو آخر من مات من الصحابة.

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - فوق هذا المتن: " كلفت إليك علق القربة: عبد 10399 "!

يشير إلى أنه ورد موقوفا على عمر: عند عبد الرزاق بالرقم المذكور. (الناشر)

 

(10/450)

 

 

4858 - (لما نزل عليه الوحى بـ (حراء) ؛ مكث أياماً لا يرى جبريل، فحزن حزناً شديداً، حتى كان يغدو إلى ثبير مرة، وإلى حراء مرة، يريد أن يلقي نفسه منه، فبينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذلك عامداً لبعض تلك الجبال؛ إلى أن سمع صوتاً من السماء، فوقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صعقاً للصوت، ثم رفع رأسه فإذا جبريل على كرسي بين السماء والأرض متربعاً عليه يقول: يا محمد! أنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقاً، وأنا جبريل. قال: فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أقر الله عينه، وربط

 

(10/450)

 

 

جأشه. ثم تتابع الوحي بعد وحمي) (1) .

باطل

أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 196) : أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن ابن عباس:

أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل عليه ...

قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته: إما محمد بن عمر - وهو الواقدي -؛ فإنه متهم بالوضع. وقال الحافظ في "التقريب":

"متروك مع سعة علمه". وقد تقدمت كلمات الأئمة فيه أكثر من مرة.

وإما إبراهيم بن محمد بن أبي موسى - وهو ابن أبي يحيى، واسمه سمعان الأسلمي مولاهم أبو إسحاق المدني -، وهو متروك أيضاً مثل الواقدي أو أشد؛ قال فيه الحافظ أيضاً:

"متروك".

وحكى في "التهذيب" أقوال الأئمة الطاعنين فيه، وهي تكاد تكون مجمعة على تكذيبه، ومنها قول الحربي:

"رغب المحدثون عن حديثه، روى عنه الواقدي ما يشبه الوضع، ولكن الواقدي تالف".

وقوله في الإسناد: "ابن أبي موسى" أظنه محرفاً من "ابن أبي يحيى".

ويحتمل أنه من تدليس الواقدي نفسه؛ فقد دلس بغير ذلك، قال عبد الغني ابن سعيد المصري:

__________

(1) تقدم الحديث برقم (1051) ، وما هنا فيه فوائد زوائد. (الناشر)

 

(10/451)

 

 

"هو إبراهيم بن محمد بن أبي عطاء الذي حدث عنه ابن جريج، وهو عبد الوهاب الذي يحدث عنه مروان بن معاوية، وهو أبو الذئب الذي يحدث عنه ابن جريج".

واعلم أن هذه القصة الباطلة قد وقعت في حديث عائشة في حكايتها رضي الله عنها قصة بدء نزول الوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، مدرجة فيه عند بعض مخرجيه، ووقعت في "صحيح البخاري" عن الزهري بلاغاً؛ فقد أخرجه (13/ 297-303) من طريق عقيل ومعمر عن ابن شهاب الزهري عن عروة عنها؛ وجاء في آخر الحديث:

"وفتر الوحي فترة؛ حتى حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - - فيما بلغنا - حزناً غدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ... " الحديث نحو رواية الواقدي.

وظاهر سياق الحديث في "البخاري" أن هذه الزيادة من رواية عقيل ومعمر كليهما! لكن حقق الحافظ أنها خاصة برواية معمر؛ بدليل أن البخاري قد ساق في أول "الصحيح" رواية عقيل، وليس فيها هذه الزيادة.

وأقوى منه: أن طريق عقيل أخرجها أبو نعيم في "مستخرجه" من طريق يحيى بن بكير - شيخ البخاري في أول الكتاب - بدونها، وأخرجه مقروناً - كما هنا - برواية معمر، وبين أن اللفظ لمعمر.

وكذلك صرح الإسماعيلي أن الزيادة في رواية معمر.

وأخرجه أحمد، ومسلم، والإسماعيلي، وأبو نعيم من طريق جمع من أصحاب الليث بدونها. قال الحافظ:

"ثم إن القائل: "فيما بلغنا" هو الزهري، ومعنى الكلام: أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه القصة، وهو من بلاغات الزهري،

 

(10/452)

 

 

وليس موصولاً. ووقع عند ابن مردويه في "التفسير" من طريق محمد بن كثير عن معمر بإسقاط قوله: "فيما بلغنا"، ولفظه: "فترة حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - منها حزناً غدا منه ... " إلى آخره، فصار كله مدرجاً على رواية الزهري عن عروة عن عائشة. والأول هو المعتمد".

قلت: يعني: أنه ليس بموصول، ويؤيده أمران:

الأول: أن محمد بن كثير هذا ضعيف؛ لسوء حفظه - وهو الصنعاني المصيصي -؛ قال الحافظ:

"صدوق كثير الغلط".

وليس هو محمد بن كثير العبد ي البصري؛ فإنه ثقة.

والآخر: أنه مخالف لرواية عبد الرزاق: حدثنا معمر ... التي ميزت آخر الحديث عن أوله، فجعلته من بلاغات الزهري.

كذلك رواه البخاري من طريق عبد الله بن محمد: حدثنا عبد الرزاق ...

وكذلك رواه الإمام أحمد (6/ 232-233) : حدثنا عبد الرزاق به.

ورواه مسلم في "صحيحه" (1/ 98) عقب رواية يونس عن ابن شهاب به دون البلاغ، ثم قال: وحدثني محمد بن رافع: حدثنا عبد الرزاق ... وساق الحديث بمثل حديث يونس، مع بيان بعض الفوارق اليسيرة بين حديث يونس ومعمر، ولم يسق الزيادة. ولولا أنها معلولة عنده بالانقطاع؛ لما استجاز السكوت عنها وعدم ذكرها؛ تفريقاً بين الروايتين أو الحديثين، مع أنه قد بين من الفوارق بينهما ما هو أيسر من ذلك بكثير! فدل هذا كله على وهم محمد بن كثير الصنعاني في وصله لهذه الزيادة، وثبت ضعفها.

 

(10/453)

 

 

ومما يؤكد ذلك: أن عبد الرزاق قد توبع على إسناده مرسلاً، فقال ابن جرير في "تاريخه" (2/ 305 - دار المعارف) : حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري قال:

فتر الوحي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فترة، فحزن حزناً شديداً، جعل يغدو إلى رؤوس شواهق الجبال ليتردى منها ... الحديث.

وابن ثور: اسمه محمد أبو عبد الله العابد، وهو ثقة.

فثبت بذلك يقيناً وهم محمد بن كثير الصنعاني في وصله إياها.

فإن قيل: فقد تابعه النعمان بن راشد فقال: عن الزهري عن عروة عن عائشة به نحوه. أخرجه الطبري (2/ 298-299) ؟!

فأقول: إن حال النعمان هذا مثل حال الصنعاني في الضعف وسوء الحفظ؛ فقال البخاري:

"في حديثه وهم كثير". وفي "التقريب":

"صدوق سيىء الحفظ".

قلت: وفي حديثه هذا نفسه ما يدل على سوء حفظه؛ ففيه ما نصه:

"ثم دخلت على خديجة فقلت: زملوني زملوني. حتى ذهب عني الروع، ثم أتاني فقال: يا محمد! أنت رسول الله - قال: - فلقد هممت أن أطرح نفسي من حالق من جبل، فتبدى لي حين هممت بذلك، فقال: يا محمد! أنا جبريل وأنت رسول الله. ثم قال: اقرأ. قلت: ما أقرأ؟ قال: فأخذني فغتني ثلاث مرات؛ حتى بلغ مني الجهد، ثم قال: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) فقرأت ... " الحديث!!

 

(10/454)

 

 

قلت: فجعل النعمان هذا الأمر بالقراءة بعد قصة الهم المذكور، وهذا منكر مخالف لجميع الرواة الذين رووا الأمر دونها، فذكروه في أول حديث بدء الوحي، والذين رووها معه مرسلة أو موصولة؛ فذكروها بعده.

ومن ذلك: ما أخرجه ابن جرير أيضاً (2/ 300-301) قال: حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق قال: حدثني وهب بن كيسان مولى آل الزبير قال:

سمعت عبد الله بن الزبير وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي: حدثنا يا عبيد! كيف كان بدء ما ابتدىء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النبوة حين جاء جبريل عليه السلام؟

قلت ... فذكر الحديث، وفيه - بعد الأمر المشار إليه -:

قال: "فقرأته. قال: ثم انتهى، ثم انصرف عني، وهببت من نومي، وكأنما كتب في قلبي كتاباً. [قال: ولم يكن من خلق الله أحد أبغض إلي من شاعر أو مجنون، كنت لا أطيق أن أنظر إليهما! قال: قلت: إن الأبعد - يعني: نفسه - لشاعر أو مجنون؟! لا تحدث بها عني قريش أبداً، لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحن نفسي منه، فلأقتلنها فلأستريحن] . قال: فخرجت أريد ذلك، حتى إذا كنت في وسط الجبل؛ سمعت صوتاً من السماء ... " الحديث.

ولكن هذا الإسناد مما لا يفرح به، لا سيما مع مخالفته لما تقدم من روايات الثقات؛ وفيه علل:

الأولى: الإرسال؛ فإن عبيد بن عمير ليس صحابياً، وإنما هو من كبار التابعين، ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الثانية: سلمة - وهو ابن الفضل الأبرش -؛ قال الحافظ:

 

(10/455)

 

 

"صدوق كثير الخطأ".

قلت: ومع ذلك؛ فقد خالفه زياد بن عبد الله البكائي؛ وهو راوي كتاب "السيرة" عن ابن إسحاق، ومن طريقه رواه ابن هشام، وقال فيه الحافظ:

"صدوق ثبت في المغازي".

وقد أخرج ابن هشام هذا الحديث في "السيرة" (1/ 252-253) عنه عن ابن إسحاق به؛ دون الزيادة التي وضعتها بين المعكوفتين [] ، وفيها قصة الهم المنكرة.

فمن المحتمل أن يكون الأبرش تفرد بها دون البكائي، فتكون منكرة من جهة أخرى؛ وهي مخالفته للبكائي؛ فإنه دونه في ابن إسحاق؛ كما يشير إلى ذلك قول الحافظ المتقدم فيهما.

ومن المحتمل أن يكون ابن هشام نفسه أسقطها من الكتاب؛ لنكارة معناها، ومنافاتها لعصمة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد أشار في مقدمة كتابه إلى أنه قد فعل شيئاً من ذلك، فقال (1/ 4) :

".. وتارك ذكر بعض ما ذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب؛ مما ليس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه ذكر ... وأشياء بعضها يشنع الحديث به ... ".

وهذا كله يقال على احتمال سلامته من العلة التالية؛ وهي:

الثالثة: ابن حميد - واسمه محمد الرازي -؛ وهو ضعيف جداً، كذبه جماعة من الأئمة، منهم أبو زرعة الرازي.

وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف إسناداً، منكر متناً، لا يطمئن القلب المؤمن لتصديق هؤلاء الضعفاء فيما نسبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الهم بقتل نفسه

 

(10/456)

 

 

بالتردي من الجبل، وهو القائل - فيما صح عنه -:

"من تردى من جبل فقتل نفسه؛ فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً". متفق عليه: "الترغيب" (3/ 205) .

لا سيما وأولئك الضعفاء قد خالفوا الحفاظ الثقات الذين أرسلوه.

وما أشبه هذا المرسل في النكارة بقصة الغرانيق التي رواها بعض الثقات أيضاً مرسلاً ووصلها بعض الضعفاء، كما بينته في رسالة لي مطبوعة بعنوان: "نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق"، فراجعها تجد فيها - كما في هذا الحديث - شاهداً قوياً على ما ذهب إليه المحدثون: من أن الحديث المرسل من قسم الحديث الضعيف؛ خلافاً للحنفية؛ لا سيما بعض المتأخرين منهم الذين ذهبوا إلى الاحتجاج بمرسل الثقة ولو كان المرسل من القرن الثالث!

بل غلا أحدهم من المعاصرين فقال: ولو من القرن الرابع (1) ! وإذن؛ فعلى جهود المحدثين وأسانيدهم السلام!

هذا؛ ولقد كان الباعث على كتابة هذا التخريج والتحقيق: أنني كنت علقت في كتابي "مختصر صحيح البخاري" - يسر الله تمام طبعه - (1/ 5) على هذه الزيادة بكلمة وجيزة؛ خلاصتها أنها ليست على شرط "الصحيح"؛ لأنها من بلاغات الزهري. ثم حكيت ذلك في صدد بيان مزايا المختصر المذكور؛ في بعض المجالس العلمية في المدينة النبوية في طريقي إلى الحج أو العمرة سنة (1394) ، وفي عمرتي في منتصف محرم هذه السنة (1395) ، وفي مجلس من تلك

__________

(1) انظر " قواعد في علوم الحديث " للشيخ التهانوي (ص 138 - 164، 450) ، وراجعه؛ فإنك ستجد فيه العجب العجاب من المخالفة لما عليه المحدِّثون!

 

(10/457)

 

 

المجالس ذكرني أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأذكياء المجتهدين - ممن أرجو له مستقبلاً زاهراً في هذا العلم الشريف؛ إذا تابع دراسته الخاصة ولم تشغله عنها الصوارف الدنيوية - أن الحافظ ابن حجر ذكر في "الفتح": أن ابن مردويه روى زيادة بلاغ الزهري موصولاً، وذكر له شاهداً من حديث ابن عباس من رواية ابن سعد؟ فوعدته النظر في ذلك؛ وها أنا قد فعلت، وأرجو أن أكون قد وفقت للصواب بإذن الله تعالى.

وإن في ذلك لعبرة بالغة لكل باحث محقق؛ فإن من المشهور عند المتأخرين: أن الحديث إذا سكت عنه الحافظ في "الفتح" فهو في مرتبة الحسن على الأقل، واغتر بذلك كثيرون، وبعضهم جعله قاعدة نبه عليها في مؤلف له، بل وألحق به ما سكت عنه الحافظ في "التلخيص" أيضاً!!

وكل ذلك توسع غير محمود؛ فإن الواقع يشهد أن ذلك ليس مطرداً في "الفتح"؛ بله غيره، فهذا هو المثال بين يديك؛ فقد سكت فيه على هذا الحديث الباطل، وفيه متهمان بالكذب عند أئمة الحديث، متروكان عند الحافظ نفسه! وقد سبق له مثال آخر - وهو الحديث (3898) -، وقد أشرت إليه في التعليق على "مختصر البخاري" (1/ 277) ؛ يسر الله تمام طبعه. آمين.

4859 - (لا تهدموا الآطام؛ فإنها زينة المدينة) .

منكر

أخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" (2/ 312 و 4/ 194) ، وابن عدي في "الكامل" (ق 213/ 2) عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. وقال ابن عدي:

"عبد الله بن نافع ممن يكتب حديثه، وإن كان غيره يخالفه فيه".

 

(10/458)

 

 

قلت: فأشار ابن عدي إلى أنه ضعيف، وهو مما أجمع عليه الأئمة، بل ضعفه بعضهم جداً؛ فقال البخاري:

"منكر الحديث". وقال النسائي:

"متروك الحديث".

وتابعه على الشطر الأول: عبد الله بن عمر العمري عن نافع به.

أخرجه البزار (1189 - كشف) ، والطحاوي. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 301) :

"رواه البزار عن الحسن بن يحيى، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال (الصحيح) "! وقال الحافظ في "زوائد البزار" - عقب الحديث -:

"قلت: إسناده حسن"!

كذا قالا! وفيه نظر من وجهين:

الأول: أن عبد الله بن عمر العمري ضعيف؛ كما جزم به الحافظ في "التقريب".

وساق له الذهبي في ترجمته أحاديث مما أنكر عليه، قال في أحدها:

"وهو حديث منكر جداً".

ولعل الهيثمي توهم أنه عبيد الله بن عمر العمري المصغر، وهو أخو عبد الله بن عمر العمري المكبر؛ فإنه ثقة من رجال الشيخين، وليس كذلك! ويدل عليه شيئان:

1- أنه جاء مسمى عند البزار بـ (عبد الله بن عمر) مكبراً. وعند الطحاوي منسوباً إلى العمري، وهو المكبر عند الإطلاق.

 

(10/459)

 

 

ومن المحتمل أن يكون وقع في نسخة الهيثمي من "مسند البزار": "عبيد الله ابن عمر" مصغراً؛ فإن كان كذلك فهي نسخة غير معتمدة؛ كما قد يشعر بذلك اقتصار الحافظ على تحسينه.

2- النظر في الرواة عنه، وهم: وهب بن جرير، وإسحاق بن محمد الفروي: عند الطحاوي، وقد ذكرهما المزي في الرواة عن عبد الله المكبر دون أخيه المصغر، فيتعين أنه المكبر الضعيف.

الثاني: أن في إسناد البزار: محمد بن سنان؛ هكذا غير منسوب، وهو عندي أبو بكر القزاز البصري، وقد جزم الحافظ أيضاً بضعفه في "التقريب"، بل كذبه بضعهم كما حكاه في "التهذيب"، فكيف يحسن إسناده، ويقول الهيثمي: إنه من رجال "الصحيح"؟!

وغالب الظن أنهما توهما أنه محمد بن سنان الباهلي المعروف بـ (العوقي) ؛ فإنه من رجال البخاري، ولكنه ليس به فيما يترجح عندي؛ فإنه عند البزار من روايته عن الحسن بن يحيى عن محمد بن سنان عن عبد الله بن عمر.

هكذا وقع إسناده في "زوائد البزار" من النسخة المصورة عندي، وهي نسخة سيئة، والغالب أن فيه سقطاً من بعض النساخ؛ فإن محمد بن سنان سواء كان هو القزاز الضعيف، أو الباهلي الثقة؛ ليس في طبقة من يروي عن العمري، ولكني وجدت في ترجمة الأول منهما من "تهذيب المزي" أنه روى عن وهب بن جرير، فألقي في النفس أن وهباً هذا هو الساقط من الإسناد بين محمد بن سنان والعمري، وعليه يكون مدار طريق البزار وإحدى طريقي الطحاوي على وهب بن جرير، وهو يرويه عن العمري الضعيف، فهو علة هذه الطريق.

 

(10/460)

 

 

وجملة القول؛ أن الحديث بتمامه منكر.

وأما شطره الأول؛ فمن الممكن تحسينه بمجموع الطريقين الضعيفين عن نافع، ولعل هذا هو وجه سكوت الحافظ على الحديث في "الفتح" (4/ 71) وتحسينه إياه فيما تقدم؛ وإلا فإني استبعد جداً أن يحسن إسناداً تفرد به العمري الذي جزم هو نفسه بتضعيفه كما تقدم، فضلاً عن غيره! والله أعلم.

على أنه يرد على سكوته في "الفتح": أنه أورده بتمامه من رواية الطحاوي الأولى المنكرة، فلا وجه للسكوت عليه، بل هو خطأ بين، يترتب عليه رد الأحاديث الصحيحة المحرمة لقطع شجر المدينة وصيد صيدها؛ وهي من حديث سعد بن أبي وقاص، وجابر بن عبد الله: في "صحيح مسلم"، وعبد الرحمن بن عوف، وزيد بن ثابت، وأبي هريرة؛ وقد خرجها كلها الطحاوي، ثم تأولها كلها بقوله:

"ليس فيها أنه جعله كحرمة صيد مكة ولا كحرمة شجرها، ولكنه أراد بذلك بقاء زينة المدينة؛ ليستطيبوها ويألفوها"!! ثم ساق الحديث مستدلاً به على ما ذكره من التعليل المنكر، مع ما فيه من المخالفة الصريحة للأحاديث المذكورة، ولمثل قوله - صلى الله عليه وسلم -:

"إن إبراهيم حرم مكة، ودعا لأهلها، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ... " الحديث متفق عليه.

وانتهى إلى أن صيد المدينة وشجرها كصيد سائر البلدان وشجرها غير مكة. وقال:

"وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، رحمة الله عليهم أجمعين"!!

 

(10/461)

 

 

قلت: وهذا كله بفضل هذا الحديث المنكر المخالف بزعمهم لتلك الأحاديث الصحيحة! ومع ذلك سكت عنه الحافظ عفا الله عنا وعنه!

ثم جاء من بعده الكوثري المشهور بتعصبه لحنفيته، فسعى وراء الطحاوي في الاستدلال بهذا الحديث المنكر على ما ذهب إليه من التأويل وزاد - ضغثاً على إبالة -، فقال في "النكت الطريفة" (ص 109) :

"وقد أخرج البزار في "مسنده" حديث نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن هدم آطام المدينة، وقوله: "إنها زينة المدينة". فيكون المنع من قطع شجرها وأخذ صيدها؛ لمجرد استبقاء زينة المدينة ليستطيبوها ويألفوها"!

وقد علمت - من تحقيقنا المتقدم - أنه ليس عند البزار ما عزاه إليه من قوله:

"إنها زينة المدينة"! وهو لم يعز ذلك إليه عبثاً، بل رمى من وراء ذلك إلى غاية خبيثة؛ وهو إضلال القراء عن علة هذه الزيادة التي تفرد بروايتها الطحاوي دون البزار؛ لأنها علة ظاهرة في رواية الطحاوي؛ وكتابه سهل الرجوع إليه مباشرة؛ بخلاف "مسند البزار"، فأحال عليه؛ لأنه يعلم أنه عسر الرجوع إليه إلا بواسطة "مجمع الهيثمي"، فإذا رجع الباحث إليه، ووجده يقول كما تقدم:

"رواه البزار عن الحسن بن يحيى، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال (الصحيح) ".

توهم أنه سالم من العمري؛ لأنه ليس من رجال (الصحيح) بل هو ضعيف كما سبق، فيظن أنه ليس بضعيف، وهذا هو ما رمى إليه الكوثري بذلك العزو الخاطىء. والله حسيبه!!

 

(10/462)

 

 

4860 - (أما إنك لو كنت تصيد بالعقيق؛ لشيعتك إذا ذهبت، وتلقيتك إذا جئت؛ فإني أحب العقيق) .

ضعيف جداً

أخرجه الطحاوي (2/ 313) من طريق ابن أبي قتيلة المدني ونعيم بن حماد وإبراهيم بن المنذر الحزامي؛ ثلاثتهم قالوا: حدثنا محمد بن طلحة التيمي عن موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن سلمة بن الأكوع:

أنه كان يصيد ويأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - من صيده، فأبطأ عليه، ثم جاءه. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

"ما الذي حبسك؟ ". فقال: يا رسول الله! انتفى عنا الصيد؛ فصرنا نصيد ما بين (نبث وفي نسخة: بيت (1)) إلى (قناة) ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ موسى هذا: هو أبو محمد التيمي المدني؛ اتفقوا على ضعفه، بل ضعفه الدارقطني جداً؛ فقال:

"متروك".

وهذا هو الذي اعتمده الذهبي في "الضعفاء"؛ فلم يذكر غيره.

ومحمد بن طلحة التيمي؛ فيه ضعف من قبل حفظه. ولذا قال الحافظ:

"صدوق يخطىء".

وقد تفرد به؛ كما تشعر بذلك الطرق الثلاثة المنتهية إليه.

__________

(1) أوردها ياقوت الحموي في " معجم البلدان "، والفيروزآبادي في " القاموس المحيط " في مادة (ت ي ت) . (الناشر)

 

(10/463)

 

 

ومن هذا يتبين أنه ليس للحديث إلا هذه الطريق الواحدة. فقول الكوثري في "النكت الطريفة" (ص 109) :

"وأخرج الطحاوي من ثلاث طرق قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لسلمة بن الأكوع: "أما إنك لو كنت تصيد بالعقيق ... ""!

أقول: ففيه تضليل خبيث، حيث أوهم القراء أن للحديث ثلاث طرق، وأن الحديث قوي؛ ولو بمجموعها على الأقل!

وأيضاً؛ فإنه مع ذلك سكت عليه، واحتج به لمذهبه الحنفي القائل بجواز صيد المدينة. والاحتجاج بالحديث دليل على أنه ثابت عند المحتج به؛ كما لا يخفى.

فتأمل ما يفعل التعصب للمذهب بصاحبه من التأثير السيىء؛ حيث حمله على التضليل المذكور، وعلى الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القائل:

"من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب؛ فهو أحد الكاذبين". رواه مسلم.

فإن هذا الحديث يوجب النار لمن نسب الشيء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو غير عالم بصحته؛ كما تقدم نقلاً عن ابن حبان في المقدمة (1) (ص 12) . فكيف إذا علم بعدم صحته؛ كهذا الكوثري؛ فإن مثله لا يخفى عليه ضعف هذا الحديث؟! والله المستعان.

4861 - (لو كان هذا في غير هذا؛ لكان خيراً لك) .

ضعيف (2)

أخرجه الطيالسي (1235) ، وأحمد (3/ 471 و 4/ 339) عن شعبة

__________

(1) أي: مقدمة المجلد الأول من هذه " السلسلة "؛ وهو فيها (ص 50 - الطبعة الجديدة)

(2) تقدم - بتخريج أوسع وفوائد أكثر - برقم (1131) . (الناشر)

 

(10/464)

 

 

قال: أخبرني أبو إسرائيل الجشمي قال: سمعت جعدة قال:

سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ورأى رجلاً سميناً؛ فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يومىء إلى بطنه بيده، ويقول ... فذكره.

قلت: وأبو إسرائيل هذا؛ لم يرو عنه غير شعبة، ولم يوثقه غير ابن حبان؛ فهو مجهول. وقال الحافظ:

"مقبول". يعني: عند المتابعة؛ وإلا فلين الحديث، كما نص عليه في المقدمة.

فلا يغرنك قول الهيثمي في "المجمع" (5/ 31) - بعد أن عزاه للطبراني وأحمد -:

"ورجال الجميع رجال "الصحيح"؛ غير أبي إسرائيل الجشمي؛ وهو ثقة"!

فإن توثيقه إياه؛ إنما هو اعتماد على توثيق ابن حبان، وهاذ معروف بتساهله في التوثيق، كما شرحناه في غير هذا المكان. ونحو ذلك قول المنذري (3/ 123) :

"رواه ابن أبي الدنيا، والطبراني - بإسناد جيد -، والحاكم، والبيهقي"!

قلت: وهو عند الحاكم (4/ 122) من هذا الوجه؛ خلافاً لما قد يوهمه كلام المنذري! وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!!

4862 - (لأنا بهم أو ببعضهم (يعني: الأعاجم) ؛ أوثق مني بكم أو ببعضكم) .

ضعيف

أخرجه الترمذي (2/ 328) ، والطيالسي (2493) من طريق أبي بكر بن عياش: حدثني صالح بن أبي صالح مولى عمرو بن حريث قال: سمعت أبا هريرة يقول:

 

(10/465)

 

 

ذُكِرَتْ الأعاجم عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال ... فذكره. وقال الترمذي - مشيراً إلى تضعيفه -:

"هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث أبي بكر بن عياش. وصالح ابن أبي صالح هذا يقال له: صالح بن مهران مولى عمرو بن حريث".

قلت: وهو ضعيف؛ كما قال الحافظ في "التقريب"؛ تابعاً في ذلك لابن معين!

والأقرب قول النسائي فيه:

"مجهول"؛ فإنهم لم يذكروا له راوياً غير أبي بكر هذا.

4863 - (إني كنت أحدثه (يعني: القمر وهو في المهد) ويحدثني، ويلهيني عن البكاء، وأسمع وجبته (1) يسجد تحت العرش) .

موضوع

أخرجه البيهقي في "الدلائل" (1/ 319) عن أحمد بن شيبان الرملي قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الحلبي قال: حدثنا الهيثم بن جميل قال: حدثنا زهير عن محارب بن دثار عن عمرو بن يثربي عن العباس بن عبد المطلب قال:

قلت: يا رسول الله! دعاني إلى الدخول في دينك أمارة لنبوتك، رأيتك في المهد تناغي القمر وتشير إليه بأصبعك، فحيث أشرت إليه مال! قال ... فذكره. وقال البيهقي:

"تفرد به هذا الحلبي بإسناده؛ وهو مجهول"!

قلت: بل هو كذاب، وهو الذي افتعل هذا الإسناد الصحيح وركبه على هذا الحديث الباطل؛ فقد قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (1/ 1/ 40) :

__________

(1) في الأصل الخطي للشيخ - رحمه الله -: " رجئته "؛ بالراء والهمز. (الناشر)

 

(10/466)

 

 

"سألت أبي عنه؛ وعرضت عليه حديثه؟ فقال: لا أعرفه، وأحاديثه باطلة موضوعة كلها، ليس لها أصول، يدل حديثه على أنه كذاب".

واعتمده الذهبي؛ فقال في "المغني":

"كذاب".

4864 - (لما أتى جمرة العقبة؛ استبطن الوادي واستقبل القبلة، وجعل يرمي الجمرة على حاجبه الأيمن، ثم رمى بسبع حصيات؛ يكبر مع كل حصاة) .

منكر

أخرجه الترمذي في "سننه" (1/ 170) ، وابن ماجه (3030) ، وابن أبي شيبة (4/ 41) من طريق المسعودي عن جامع بن شداد أبي صخرة عن عبد الرحمن بن يزيد قال:

لما أتى عبد الله جمرة العقبة ... فذكره، وزاد:

ثم قال: والله الذي لا إله إلا هو؛ من ههنا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة. وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح"!

قلت: كلا؛ فإن المسعودي كان اختلط.

وقد خالفه إبراهيم النخعي؛ فرواه عن عبد الرحمن بن يزيد به دون قوله: واستقبل القبلة.. وقوله: على حاجبه الأيمن.

كذلك أخرجه البخاري (3/ 463) ، ومسلم (4/ 78) وغيرهما.

 

(10/467)

 

 

فهما زيادتان منكرتان، لا سيما الأولى منهما؛ فإنها مخالفة لرواية أخرى للشيخين بلفظ:

فرمى الجمرة بسبع حصيات، وجعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه.

ولذلك جزم الحافظ في "الفتح" بأن هذا هو الصحيح، وما في "الترمذي" شاذ، وقال:

"في إسناده المسعودي؛ وقد اختلط. وبالأول قال الجمهور".

قلت: ولعل هذا الحديث هو عمدة من ذهب من المتأخرين إلى استقبال القبلة عند رمي جمرة العقبة، فقد جاء في كتاب "جامع المناسك الثلاثة الحنبلية" للشيخ أحمد بن المنقور التميمي (ص 121) قال - بعد أن ذكر كيفية رمي الجمرات الثلاث -:

"ويستقبل القبلة في الكل"!

واستقبال الأوليين هو الظاهر من الأحاديث؛ بخلاف جمرة العقبة، فالسنة أن يجعل الكعبة عن يساره ومنى عن يمينه، كما تقدم.

وقد روى ابن أبي شيبة (4/ 41) عن ليث عن عطاء وطاوس ومجاهد وسعيد ابن جبير:

أنهم كانوا إذا رموا الجمرات استقبلوا البيت.

وليث - وهو ابن أبي سليم - ضعيف.

4865 - (ما بين الركن والمقام ملتزم، من دعا - من ذي حاجة أو كربة أو ذي غم -؛ فرج عنه بإذن الله) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن عدي (237/ 2) عن عباد بن كثير: حدثني

 

(10/468)

 

 

أيوب عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً به. وقال:

"عباد بن كثير؛ عامة حديثه مما لا يتابع عليه".

قلت: يشير إلى أنه ضعيف جداً.

وكذلك صنع الهيثمي بقوله في "المجمع" (3/ 246) :

"رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه عباد بن كثير الثقفي، وهو متروك".

قلت: وقد روي الالتزام من فعله - صلى الله عليه وسلم - من طرق يقوي بعضها بعضاً، ولذلك أوردته في "صحيح الجامع الصغير" (4888) ، وخرجته في "الصحيحة" (2138) ، وذكرت له فيه شواهد موقوفة صحيحة عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم.

4866 - (همت يهود بالغدر، فأخبرني الله بذلك؛ فقمت) .

ضعيف

أورده ابن سعد (2/ 57) بغير إسناد. وكذلك ساقه ابن إسحاق في "السيرة" (3/ 199-200- ابن هشام) نحوه بغير إسناد أيضاً. وكذلك موسى بن عقبة؛ كما رواه عنه البيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 447) . وكذلك رواه الواقدي في "المغازي" (1/ 363) فقال: حدثني محمد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر ومحمد بن صالح ومحمد بن يحيى بن سهل وابن أبي حبيبة ومعمر بن راشد في رجال ممن لم أسمهم، فكل حدثني ببعض هذا الحديث، وبعض القوم كان أوعى له من بعض، وقد جمعت كل الذي حدثوني قالوا: ... فذكر غزوة بني النضير. وفيها هذا الحديث.

قلت: فاتفاق هؤلاء الرواة على إرسال الحديث وسوقه بغير إسناد؛ لدليل واضح على أنه لا يعرف إسناده عندهم؛ وإلا لساقوه.

 

(10/469)

 

 

وهذا الحديث من أحاديث كثيرة أوردها الدكتور البوطي في كتابه "فقه السيرة النبوية"؛ الذي زعم في مقدمة الجزء الثاني أنه اعتمد فيه أولاً: على صحاح السنة، وثانياً: على ما صح من أخبار السيرة في كتبها. قال:

"وأهم ما اعتمدت عليه من ذلك: "سيرة ابن هشام"، و "طبقات ابن سعد" ... "!

هكذا قال! دون أي خوف أو خجل من أن يكذبه الواقع في كتابه المذكور؛ فقد ملأه بأحاديث كثيرة واهية، وأخرى مما لا إسناد له؛ كهذا الحديث! وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول:

"إذا لم تستح فاصنع ما شئت".

وقد كنت تعقبته في كثير من أحاديثه في مقالات متتابعة؛ نشرت في مجلة "التمدن الإسلامي"؛ ثم طبعت في كتاب "دفاع عن الحديث النبوي والسيرة".

4867 - (ألا أخبركم بشر الشهداء؟! الذين يشهدون قبل أن يستشهدوا) .

لاأصل بهذا اللفظ

وقد وهم الحافظ ابن كثير وهماً فاحشاً في آخر تفسير سورة "البقرة"؛ فذكر أنه "في الصحيحين"!

وقد يتبادر إلى ذهن القارىء أنه اشتبه عليه بحديث زيد بن خالد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

"ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها". أخرجه مالك ومسلم وغيرهما!

 

(10/470)

 

 

فأقول: لا؛ فإن الحافظ ابن كثير نفسه ذكره من حديث زيد قبل هذا؛ ثم ذكر طرفاً من حديث آخر فيه قوله:

"ثم يأتي قوم تسبق أيمانهم شهادتهم، وتسبق شهادتهم أيمانهم". وفي رواية: "ثم يأتي قوم يشهدون ولا يستشهدون".

وهذه الرواية عند الشيخين من حديث عمران بن حصين، وهو مخرج في "الصحيحة" (1840) .

وأخرجه الترمذي وغيره نحوه، وهو مخرج فيها (برقم 699) .

والحديث الذي قبله: هو من حديث ابن مسعود، وهو مخرج فيها أيضاً برقم (700) .

والذي يغلب على الظن: أن ابن كثير رواه بالمعنى، وأقرب الألفاظ إليه حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:

"خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم - والله أعلم؛ أذكر الثالث أم لا، قال - ثم يخلف قوم يحبون السمانة، يشهدون قبل أن يستشهدوا".

أخرجه مسلم (7/ 185) .

وأحسن ما جمع بين هذه الأحاديث وحديث زيد بن خالد: أن المراد به: من عنده شهادة لإنسان بحق لا يعلم بها صاحبها، فيأتي إليه، فيخبره بها، أو يموت صاحبها العالم بها، ويخلف ورثة، ويختلف الورثة، فيأتي الشاهد إليهم، أو إلى من يتحدث عنهم؛ فيعلمهم بذلك؛ أفاده الحافظ في "الفتح" (5/ 198) . ومن شاء الاطلاع على سائر الأقوال؛ فليرجع إليه.

 

(10/471)

 

 

4868 - (اللهم! أكثر مال فلان (يعني: المانع ناقته) ، واجعل رزق فلان يوماً بيوم. (يعني: الذي بعث بالناقة)) .

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (4134) ، وأحمد (5/ 77) عن سيار بن سلامة الرياحي عن البراء السليطي عن نقادة الأسدي قال:

بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رجل يستمنحه ناقة، فرده. ثم بعثني إلى رجل آخر، فأرسل إليه بناقة، فلما أبصرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

"اللهم! بارك فيها، وفيمن بعث بها". قال نقادة: فقلت: لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وفيمن جاء بها؟ قال:

"وفيمن جاء بها". ثم أمر بها فحلبت، فدرت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة البراء السليطي؛ قال الذهبي:

"لا يعرف، تفرد عنه سيار".

قلت: وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" على قاعدته المعروفة في توثيق المجهولين! وهو عمدة المنذري في قوله في "الترغيب" (4/ 100) :

"رواه ابن ماجه بإسناد حسن"!

 

(10/472)

 

 

4869 - (ما من غني ولا فقير؛ إلا وَّدَ يوم القيامة أنه أوتي من الدنيا قوتاً) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن ماجه (4140) ، وأحمد (3/ 117،167) ، وأبو نعيم في "الحلية" (10/ 69-70) عن نفيع بن الحارث عن أنس مرفوعاً.

 

(10/472)

 

 

ومن هذا الوجه: رواه أيضاً أحمد بن منيع، وعبد بن حميد في "مسنديهما"؛ كما في "زوائد البوصيري" (ق 279/ 1) ، وسكت عنه!

قلت: ولعل ذلك لوضوح علته؛ فإن نفيعاً هذا - وهو أبو داود الأعمى -؛ قال الحافظ في "التقريب":

"متروك، وقد كذبه ابن معين".

ولذلك أورد ابن الجوزي حديثه هذا من رواية ابن حبان - يعني: في "الضعفاء" -؛ ثم قال:

"متروك".

ولم يتعقبه السيوطي في "اللآلىء" (2/ 168) إلا بقوله:

"قلت: أخرجه أحمد وابن ماجه من هذا الطريق، وله شاهد عن ابن مسعود"!

قلت: ثم ذكر ما أخرجه الخطيب في "التاريخ" (4/ 8) من طريق أحمد بن إبراهيم القطيعي: حدثنا عباد بن العوام قال: حدثنا سفيان بن حسين عن سيار عن أبي وائل عن عبد الله مرفوعاً بلفظ:

"ما من أحد إلا وهو يتمنى يوم القيامة أنه كان يأكل في الدنيا قوتاً".

قلت: وسكت السيوطي عنه! ولا يصلح شاهداً عندي لأمرين:

الأول: أن القطيعي هذا غير معروف.

وفي ترجمته: أورد الخطيب الحديث؛ ولم يزد فيها شيئاً!

 

(10/473)

 

 

والآخر: أنه قد خالفه عبد الله بن محمد العبسي؛ فقال: حدثنا عباد بن العوام به فذكره موقوفاً.

أخرجه أبو نعيم؛ كما قال السيوطي.

والعبسي هذا: هو أبو بكر بن أبي شيبة الحافظ الثقة، وقد أوقفه؛ وهو الصحيح. والله أعلم.

وقد مضى تخريج حديث الترجمة برقم (2240) من هذه "السلسلة".

4870 - (إن الشيطان - لعنه الله - قال: لن يفلت مني [ابن] آدم من إحدى ثلاث: أخذ المال من غير حله، ووضعه في غير حقه، ومنعه من حقه) .

ضعيف

أخرجه البزار في "مسنده" (ص 323 - زوائده) من طريقين عن عقيل عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه مرفوعاً. وقال:

"لا نعلمه [إلا] من هذا الوجه". قال الحافظ - عقبه -:

"فيه انقطاع، وكلهم ثقات".

قلت: وهو كما قال، والانقطاع الذي يشير إليه؛ إنما هو بين أبي سلمة وأبيه؛ فإنه لم يسمع منه.

وأخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 17/ 1) عن ليث بن سعد المصري عن الزهري به، ولفظه:

"قال الشيطان - لعنه الله -: لن يسلم مني صاحب المال من إحدى ثلاث؛

 

(10/474)

 

 

أغدو عليه بهن، وأروح بهن: أخذه المال من غير حله، وإنفاقه في غير حقه، وأحببه إليه فيمنعه من حقه".

قلت: وهو عند البزار من الطريق التي أخرجها الطبراني، لكن عنده - بين الليث والزهري - عقيل، وهو الصواب؛ لمطابقته للطريق الأخرى عنده.

ومن الغريب: أن المنذري في "الترغيب" (4/ 106) لم يعزه للبزار؛ وتبعه الهيثمي (10/ 245) ؛ فقالا:

"رواه الطبراني بإسناد حسن"!

وقد عرفت أن فيه انقطاعاً؛ فإنى له الحسن؟!

4871 - (لا تفتح الدنيا على أحد؛ إلا ألقى الله عز وجل بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة) .

ضعيف

أخرجه أحمد (1/ 16) - والسياق له -، والبزار في "مسنده" (1/ 440/ 311 - بيروت) من طريق ابن لهيعة: حدثنا أبو الأسود أنه سمع محمد ابن عبد الرحمن بن لبيبة يحدث عن أبي سنان الدؤلي:

أنه دخل على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعنده نفر من المهاجرين الأولين، فأرسل عمر إلى سفط أتي به من قلعة من العراق، فكان فيه خاتم، فأخذه بعض بنيه، فأدخله في فيه، فانتزعه عمر منه، ثم بكى عمر رضي الله عنه. فقال له من عنده: لم تبكي وقد فتح الله لك، وأظهرك على عدوك، وأقر الله عينك؟! فقال عمر رضي الله عنه: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ... (فذكره) وأنا أشفق من ذلك! وقال البزار:

 

(10/475)

 

 

"لا يروى إلى بهذا الإسناد".

قلت: وهو إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: ابن لبيبة؛ قال في "الميزان":

"قال يحيى: ليس حديثه بشيء. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال آخر: ليس بالقوي".

والأخرى: ابن لهيعة؛ سيىء الحفظ.

وبه أعله الزبيدي في "شرح الإحياء" (8/ 53) . وسكت عنه العراقي (3/ 188) !

قلت: ومن ذلك تعلم خطأ - أو تساهل - المنذري في قوله:

"رواه أحمد - بإسناد حسن - والبزار، وأبو يعلى"!

على أنني لم أره في "مسند عمر" من "مسند أبو يعلى"؛ لكن النسخة التي عندي سيئة!

ثم علمت بواسطة "مجمع الزوائد" (3/ 122 و 10/ 236) أن أبا يعلى إنما رواه في "الكبير" (1) ، وهذا غير معروف اليوم؛ بخلاف الأول، فمنه نسخ مصورة، وقد طبع في دمشق.

ثم إن الهيثمي حسن إسناده في الموضع الثاني؛ تبعاً للمنذري!

وأعله في الموضع الأول بابن لهيعة؛ فأصاب.

__________

(1) وقد أورده الهيثمي في " المقصد العلي " (4/474/1971) ؛ رامزاً له بـ: (كـ) ؛ إشارة إلى أنه رواه في " الكبير"

 

(10/476)

 

 

وعزاه العجلوني في "كشف الخفاء" (2/ 376/ 3142) للديلمي فقط! وسكت عنه فما أحسن!

ولم أره في "مسند الفردوس"، وهو في أصله "الفردوس" (5/ 214/ 7992) .

4872 - (اليوم الرهان، وغداً السباق، والغاية الجنة، والهالك من دخل النار) .

موضوع بهذا التمام

أخرجه الطبراني (3/ 171/ 1) ، وابن سمعون في "الأمالي" (ق 169/ 2) ، وابن عدي (27/ 2) ، وابن عساكر (12/ 9/ 1) عن أصرم ابن حوشب: أخبرنا قرة بن خالد وغيره عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعاً. وقال ابن عدي - وقد ساقه في جملة أحاديث لأصرم هذا -:

"وهذه الأحاديث بواطيل عن قرة بن خالد، لا يحدث بها عنه غير أصرم هذا".

قلت: وهو كذاب خبيث؛ كما قال ابن معين. وقال ابن حبان:

"كان يضع الحديث". ونحوه قول الحاكم، والنقاش:

"يروي الموضوعات".

لكن روي الحديث من طريق أخرى في حديث لعائشة ببعض اختصار، ولفظه:

"من سأل عني أو سره أن ينظر إلي؛ فلينظر إلى أشعث شاحب مشمر، لم يضع لبنة على لبنة، ولا قصبة على قصبة، رفع له علم فشمر إليه، اليوم المضمار، وغداً السباق، والغاية الجنة أو النار".

 

(10/477)

 

 

قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 258) :

"رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه سليمان بن أبي كريمة؛ وهو ضعيف".

وهو في "الأوسط" (4/ 152/ 3265) . وقال:

"لم يروه عن هشام إلا سليمان، تفرد به عمرو".

يعني: ابن هاشم البيروتي، وهو صدوق يخطىء.

قلت: ولذلك أشار المنذري (4/ 108) إلى تضعيفه. وقال العراقي في "تخريج الإحياء" (4/ 203) :

"وإسناده ضعيف".

(تنبيه) : زاد الطبراني في حديث الترجمة:

"أنا الأول، وأبو بكر المصلي، وعمر الثالث، والناس بعد على السبق؛ الأول فالأول".

وروى ابن أبي الدنيا في "قصر الأمل" (1/ 30/ 2) عن عون بن عبد الله أنه كان يقول:

اليوم المضمار، وغداً السباق، والسبقة الجنة، والغاية النار.

وأخرج الثقفي في "المشيخة النيسابورية" (199/ 1) عن أبي مصعب: حدثني علي بن أبي اللهبي عن محمد بن المنكدر أنه سمع جابر بن عبد الله يقول ... فذكره مرفوعاً بلفظ:

"أنتم اليوم في المضمار، وغداً السباق، فالسبق الجنة، والغاية النار، بالعفو تنجون، وبالرحمة تدخلون، وبأعمالكم تقتسمون".

 

(10/478)

 

 

قلت:وهذا ضعيف جداً؛ علي هذا؛ قال الذهبي:

"له مناكير؛ قاله أحمد. وقال أبو حاتم والنسائي: متروك. وقال ابن معين: ليس بشيء". زاد في "اللسان":

"وقال العقيلي: متروك الحديث. ونقل عن البخاري: منكر الحديث ... وقال الحاكم: يروي عن ابن المنكدرأحاديث موضوعة يرويها عنه الثقات".

وقد روي الحديث موقوفاً؛ يرويه إسماعيل ابن علية عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال:

نزلنا من المدائن على فرسخ، فلما جاءت الجمعة؛ حضر [أبي] وحضرت معه، فخطبنا حذيفة، فقال:

إن الله عز وجل يقول: (اقتربت الساعة وانشق القمر) ، ألا وإن الساعة قد اقتربت، ألا وإن القمر قد انشق، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق، ألا وإن اليوم المضمار، وغداً السباق.

فقلت: لأبي: أيستبق الناس غداً؟ قال: يا بني! إنك لجاهل، إنما يعني: العمل اليوم، والجزاء غداً! فلما جاءت الجمعة الأخرى؛ حضرنا، فخطبنا حذيفة فقال:

إن الله عز وجل يقول: (اقتربت الساعة وانشق القمر) ، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق، ألا وإن اليوم المضمار، وغداً السباق، ألا وإن الغاية النار، والسابق من سبق إلى الجنة.

أخرجه ابن جرير الطبري في "التفسير" (27/ 51) ، والحاكم (4/ 609) . وقال "صحيح الإسناد"! ووافقه الذهبي!

 

(10/479)

 

 

قلت: فيه عنده موسى بن سهل بن كثير؛ وهو آخر من روى عن ابن علية؛ قال الذهبي نفسه في "الميزان":

"ضعفه الدارقطني. وقال البرقاني: ضعيف جداً".

ولذلك جزم الحافظ في "التقريب" بأنه:

"ضعيف".

فلا وجه لتصحيحه من طريقه. لكنه لم يتفرد به؛ فهو متابع من ثقة عند ابن جرير. لكن (إسماعيل ابن علية) روى عن عطاء بعد الاختلاط.

إلا أنه قد تابعه عنده شعبة، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط.

وتابعه أيضاً سفيان: عند ابن عساكر في "التاريخ" (12/ 287) ، وهو سفيان الثوري؛ سمع منه قبل الاختلاط أيضاً، فصح الإسناد؛ والحمد لله.

وقد أشار إلى ذلك أبو نعيم بقوله - عقب الحديث في "الحلية" (1/ 281) -:

"رواه جماعة عن عطاء مثله".

4873 - (أما إنه أول طعام دخل بطن أبيك منذ ثلاثة أيام) .

ضعيف

أخرجه ابن أبي الدنيا في "الجوع" (2/ 1) ، والطبراني في "الكبير" (1/ 37/ 2) ، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 298) ، والبيهقي في "الشعب" (7/ 315/ 10430) من طريق أبي الوليد الطيالسي قال: حدثنا عمار ابن عمارة أبو هاشم صاحب الزعفراني قال: حدثنا محمد بن عبد الله أن أنس بن مالك حدثه:

أن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءت بكسرة خبز إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال:

 

(10/480)

 

 

"ما هذه الكسرة يا فاطمة؟! " قالت: قرص خبزته؛ فلم تطب نفسي حتى أتيتك بهذه الكسرة. قال ... فذكره.

وأخرجه أحمد (3/ 213) ، والبخاري في "التاريخ" (1/ 1/ 128) في ترجمة محمد بن عبد الله هذا. وقال - في رواية -:

"الراسبي". وسقطت هذه النسبة من "المسند".

والراسبي هذا؛ ذكره ابن حبان في "الثقات" (1/ 207 - مخطوط) ، وهو عمدة المنذري (4/ 109) ثم الهيثمي (10/ 312) في قولهما:

"رواه أحمد والطبراني، ورواتهما ثقات"!

قلت: والبخاري لم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وكذلك صنع ابن أبي حاتم (3/ 2/ 308) . وقال الذهبي - بعد أن ساق له هذا الحديث -:

"مجهول، مر".

قلت: وكأنه يشير إلى قوله المتقدم:

"محمد بن عبد الله. عن ابن عمر. وعنه محمد بن مرة، مجهول"!

وهذا مشكل؛ فإن من المعلوم من نص الذهبي نفسه؛ أن من يقول فيه:

"مجهول" ولا يسنده إلى قائل؛ فهو قول أبي حاتم فيه، وعلته؛ فصنيع الذهبي يشير إلى أن الترجمتين هما واحدة، وأن أبا حاتم قال في صاحب هذا الحديث:

"مجهول"! وهذا وقع مصرحاً في "اللسان"؛ فإنه قال:

"مجهول. قاله أبو حاتم"!

 

(10/481)

 

 

مع أن أبا حاتم قد فرق بين الترجمتين، فلم يذكر في هذا شيئاً؛ كما سبقت الإشارة إليه. وقال قبله:

"محمد بن عبد الله. رأى ابن عمر يأكل بفرق. روى عنه محمد بن مرة الكوفي، وهو مجهول لا يدرى من هو؟ ". لكنه قال بعد ترجمة:

"محمد بن عبد الله البصري. سمع أنساً. مجهول".

فالظاهر أن هذا هو عمدة الذهبي والحافظ فيما قالا، ومن الظاهر أن البصري هذا هو صاحب هذا الحديث؛ فقد قال البخاري في ترجمته:

"يعد في البصريين". وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف؛ لجهالة البصري هذا. والله أعلم.

(تنبيه) : ثم وجدت الحديث في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" لأبي الشيخ (ص 285) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن عمار أبي هاشم به؛ إلا أنه وقع فيه:

"محمد بن سيرين"! وهذا خطأ فاحش؛ أظنه تحرف على الطابع أو الناسخ، والصواب: "محمد الراسبي"؛ كما تقدم عن "تاريخ البخاري"، وهو عنده من هذه الطريق.

4874 - (إن الله تبارك وتعالى لم يأمرني بكنز الدنيا، ولا باتباع الشهوات، فمن كنز دنيا يريد به حياة باقية؛ فإن الحياة بيد الله، ألا وإني لا أكنز ديناراً ولا درهماً، ولا أخبأ رزقاً لغد) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن أبي الدنيا في "الجوع" (15/ 2) عن الزهري عن رجل عن ابن عمر قال:

 

(10/482)

 

 

خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى دخل بعض حيطان الأنصار، فجعل يلتقط من التمر ويأكل، فقال:

"يا ابن عمر! ما لك لا تأكل؟! قلت: يا رسول الله! لا أشتهيه. قال

"لكني أشتهيه، وهذا صبح رابعة لم أذق طعاماً ولم أجده، ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل كسرى وقيصر، فكيف بك يا ابن عمر! إذا بقيت في قوم يخبؤن رزق سنتهم؟! ". قال: فوالله ما برحنا حتى نزلت: (وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم) . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله موثقون؛ غير الرجل الذي لم يسم.

ولعله - من أجله - أشار المنذري في "الترغيب" (4/ 109) إلى تضعيفه بتصديره إياه بصيغة التمريض: "روي". وقال:

"رواه أبو الشيخ ابن حيان في كتاب (الثواب) ".

ثم رأيته في كتابه الآخر: "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 303-304) ؛ أخرجه من طريق يزيد بن هارون: أخبرنا الجراح بن منهال عن الزهري عن عطاء عن ابن عمر به. وقال:

"الزهري: هو عبد الرحيم بن عطاف".

قلت: وهذا التفسير غريب؛ فإنه على رغم أني لم أجد من ترجم عبد الرحيم هذا؛ فقد ذكروا في ترجمة الجراح بن منهال أنه روى عن الزهري، والمراد به عند الإطلاق: محمد بن مسلم الزهري الإمام المشهور.

ومع ذلك؛ فقد نبهني هذا الإسناد على تحريف في كتاب "الجوع"؛ فقد وقع

 

(10/483)

 

 

فيه: "الحجاج بن المنهال الجزري"! فتبينت أنه خطأ؛ والصواب: "الجراح بن المنهال" وهو الجزري، وأما الحجاج بن المنهال فليس جزرياً.

وإذا ثبت هذا؛ فالجراح الجزري متروك متهم بالكذب، فالإسناد ضعيف جداً.

وأفاد الشيخ أبو الفضل الغماري - في تعليقه على "الأخلاق" - أن ابن أبي حاتم رواه في "تفسيره"؛ فزاد بين الزهري وعطاء رجلاً لم يسمه.

ثم رأيت الحديث قد أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 258) من طريق أبي محمد بن حيان - وهو أبو الشيخ - من طريق التي في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -"؛ إلا أنه قال:

الحجاج بن منهال عن الزهري عن عبد الرحيم بن عطاء عن عطاء ...

فأدخل التفسير في الإسناد، وسمى الراوي عن (الزهري) : (الحجاج) مكان: (الجراح) !

ولعل هذا - الثاني - هو الأرجح؛ لموافقته لما في "تفسير ابن أبي حاتم"؛ فإنه قال في "سورة العنكبوت" (6/ 289/ 2) : حدثنا محمد بن عبد الرحمن الهروي: [حدثنا يزيد بن هارون] (1) : حدثنا الجراح بن منهال الجزري عن الزهري [عن رجل] عن ابن عمر ...

والهروي هذا صدوق؛ كما قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/ 2/ 327) .

__________

(1) هذه الزيادة والتي بعدها من " تفسير ابن كثير " (3/420) ؛ لأنهما لم تظهرا في مصوّرة " ابن أبي حاتم ".

 

(10/484)

 

 

وتابعه عبد بن حميد؛ فقال في "المنتخب" (2/ 39/ 814) : أنبأنا يزيد بن هارون: أنبأنا أبو العطوف الجراح بن منهال الجزري ...

وإذا ترجح أن الراوي عن الزهري هو: الجراح بن المنهال الجزري؛ فيكون الحديث ضعيف الإسناد جداً؛ قال الذهبي في "المغني":

"الجراح بن منهال أبو العطوف عن الزهري؛ تركوه". وقال ابن كثير - عقب الحديث -:

"حديث غريب، وأبو العطوف الجزري ضعيف".

4875 - (شربتان في شربة، وإدامان في قدح؟! لا حاجة لي فيه، أما إني لا أزعم أنه حرام، ولكني أكره أن يسألني الله عن فضول الدنيا يوم القيامة، أتواضع لله، فمن تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر وضعه الله، ومن استغنى أغناه الله، ومن أكثر ذكر الله أحبه الله عز وجل) .

ضعيف جداً

أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (5/ 464/ 4891) ، وابن عساكر في "مدح التواضع" (92/ 1-2) وغيرها عن نعيم بن مورع العنبري: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت:

أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقدح فيه لبن وعسل. فقال ... فذكره. وقال ابن عساكر:

"حديث غريب، تفرد به نعيم هذا".

قلت: وهو ضعيف جداً؛ قال النسائي:

"ليس بثقة". وقال ابن عدي:

 

(10/485)

 

 

"يسرق الحديث". وقال البخاري:

"منكر الحديث". وقال الحاكم. وأبو سعيد النقاش:

"روى عن هشام أحاديث موضوعة". وقال أبو نعيم:

"روى عن هشام مناكير".

قلت: وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من رواية الدارقطني عنه. وقال:

"تفرد به نعيم، وليس بثقة".

وتعقبه السيوطي في "اللآلىء" (2/ 128) بأن الطبراني أخرجه في "الأوسط" من هذه الطريق (!) وله شاهد.

ثم ساقه من حديث أنس نحوه مختصراً؛ دون قوله:

"ولكني أكره ... "؛ وسكت عليه! وقد قال الهيثمي - عقبه (5/ 34) -:

"وفيه محمد بن عبد الكريم (1) بن شعيب؛ ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات" (2) .

4876 - (بأبي الوحيد الشهيد، بأبي الوحيد الشهيد. يعني: علياً رضي الله تعالى عنه) .

موضوع

أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3/ 1124-1125) ، وعنه ابن عساكر في "التاريخ" (12/ 207/ 1) : حدثنا سويد بن سعيد: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم بن شروس الحلبي عن ابن ميناء عن أبيه عن عائشة قالت:

__________

(1) هو (محمد بن عبد الكبير بن شعيب) ، كما في " الأوسط " (7404) . (الناشر)

(2) تقدم تخريجه برقم (2182) من حديث أنس: من رواية الحاكم وغيره. (الناشر)

 

(10/486)

 

 

رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - التزم علياً وقبله، ويقول ... فذكره.

قلت: وهذا موضوع؛ المتهم به ميناء - وهو ابن أبي ميناء الزهري -؛ اتفقوا على تضعيف؛ سوى ابن حبان فذكره في "الثقات"!

وكذبه بعضهم، فقال أبو حاتم:

"منكر الحديث، روى أحاديث مناكير في الصحابة، لا تعبأ بحديثه، كان يكذب".

وابنه: اسمه عمر؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 1/ 135) ؛ عن أبيه:

"مجهول".

وتبعه الذهبي في "الميزان". ثم الحافظ في "اللسان"؛ وقال هذا:

"ووجدت عنه حديثاً منكراً". ثم ساق له حديثاً آخر غير هذا من طريق ابن شروس هذا بإسناده.

وابن شروس؛ كأنه مجهول؛ فإني لم أجده إلا في هذا الإسناد، وبه ذكره ابن أبي حاتم فقال (4/ 1/ 8) :

"محمد بن عبد الرحيم بن شروس الصنعاني. روى عن عمر بن مينا عن أبيه عن عائشة. روى عنه سويد بن سعيد".

ولم يذكره الذهبي، ولا العسقلاني! وهو مما ينبغي أن يستدرك عليهما.

وسويد بن سعيد؛ فيه ضعف؛ لأنه كان يتلقن.

وخفي على الهيثمي ترجمة بعض هذا الإسناد؛ فقال (9/ 138) :

"رواه أبو يعلى، وفيه من لم أعرفه"!

 

(10/487)

 

 

4877 - (ردوه لحالته الأولى؛ فإنه منعتني وطاءته صلاتي الليلة) .

ضعيف

أخرجه الترمذي في "الشمائل" (ص 188) : حدثنا أبو الخطاب زياد ابن يحيى البصري: حدثنا عبد الله بن ميمون (الأصل: مهدي، وهو خطأ) : حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال:

سئلت عائشة: ما كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتك؟ قالت: من أدم حشوه من ليف. وسئلت حفصة: ما كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتك؟ قالت: مسحاً نثنيه ثنيتين فينام عليه. فلما كان ذات ليلة قلت: لو ثنيته أربع ثنيات لكان أوطأ له، فثنيناه له بأربع ثنيات. فلما أصبح قال:

"ما فرشتموا لي الليلة؟! ". قال: قلنا: هو فراشك؛ إلا أننا ثنيناه بأربع ثنيات؛ قلنا: هو أوطأ لك. قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً؛ آفته عبد الله بن ميمون - وهو القداح المكي -، وهو متروك. بل قال الحاكم:

"روى عن عبيد الله بن عمر أحاديث موضوعة".

ثم هو منقطع بين محمد - والد جعفر؛ وهو محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين -؛ فإنه لم يدرك عائشة، كما قال البيجوري في "حاشيته على الشمائل"، وأتبع ذلك بقوله:

"لكن حقق ابن الهمام أن الانقطاع في حديث الثقات لا يضر"!!

ولم يتنبه أن هذا التحقيق المزعوم مخالف لما عليه علماء الحديث؛ أن الانقطاع - بل الإرسال - علة في الحديث!

 

(10/488)

 

 

كما أنه كان الأولى به أن يعله بالعلة القادحة الظاهرة!

وقد وجدت للحديث إسناداً آخر، هو خير من هذا، ولكنه لا يرتفع به إلى أكثر من درجة الضعف!

وهو ما يرويه عبد الله بن رشيد: أخبرنا أبو عبيدة عن أبان عن إبراهيم الجعفي عن الربيع بن زياد الحارثي قال:

قدمت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وفد العراق، فأمر لكل رجل منا بعباء عباء، فأرسلت إليه حفصة فقالت: يا أمير المؤمنين! أتاك ألباب العراق، ووجوه الناس، فأحسن كرامتهم، فقال: ما أزيدهم على العباء يا حفصة! أخبريني بألين فراش فرشت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأطيب طعام أكله عندك؟ فقالت:

كان لنا كساء من هذه الملبدة، أصبناه يوم خيبر، فكنت أفرشه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل ليلة وينام عليه، وإني ربعته ذات ليلة ... الحديث نحوه.

أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 167) :

قلت: وعبد الله بن رشيد؛ قال البيهقي:

"لا يحتج به". وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال:

"مستقيم الحديث".

والربيع بن زياد الحارثي؛ قال البخاري:

"سمع عمر".

وذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى عنه جمع.

وإبراهيم الجعفي: هو ابن عبد الأعلى مولى الجعفيين، ثقة من رجال مسلم.

 

(10/489)

 

 

ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى عن عائشة مختصراً؛ ليس فيه حديث الترجمة.

أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 465) : أخبرنا عمر بن حفص عن أم شبيب عن عائشة رضي الله عنها:

أنها كانت تفرش للنبي - صلى الله عليه وسلم - عباءة ثنيتين، فجاء ليلة وقد ربعتها، فنام عليها، فقال:

"يا عائشة! ما لفراشي الليلة ليس كما كان؟! ". قلت: يا رسول الله! ربعتها لك! قال:

"فأعيديه كما كان".

قلت: وأم شبيب هذه؛ لم أجد من ذكرها.

وعمر بن حفص؛ لعله عمر بن حفص بن عمر بن سعد بن عائذ المدني، أبو حفص المؤذن، وجده المعروف بسعد القرظ؛ فإنه من هذه الطبقة؛ قال ابن معين:

"ليس بشيء".

وذكره ابن حبان في "الثقات"!

ولكن؛ هل سمع منه ابن سعد، أم سقط الواسطة بينهما؟ وهذا الذي أرجحه. والله أعلم.

ثم وجدت لحديث حفصة طريقاً أخرى؛ فقال ابن أبي الدنيا في "الجوع" (3/ 1) : حدثني عبد الله بن يونس قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو معشر عن محمد بن قيس قال:

 

(10/490)

 

 

دخل ناس على حفصة بنت عمر ... فبعثوا إليه حفصة، فذكرت ذلك له، فقال: أخبريني بألين فراش فرشتيه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قط؟ قالت:

عباءة ثنيتها له باثنتين، فلما غلظت عليه؛ جعلتها له أربعة. قال: فأخبريني بأجود ثوب لبسه؟ ... إلخ.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ لكنه منقطع؛ محمد بن قيس - وهو المدني قاص عمر بن عبد العزيز -؛ لم يذكروا له رواية إلا عن أبي هريرة، وجابر - ويقال: مرسل -، وأبي صرمة الأنصاري.

وأبومعشر: هو زياد بن كليب الحنظلي الكوفي.

ويونس: هو ابن عبيد بن دينار البصري.

وكلهم من رجال مسلم.

وعبد الله بن يونس؛ ترجمه ابن أبي حاتم (2/ 2/ 205) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، ولكنه قال:

"روى عنه أبو زرعة".

وهو لا يروي إلا عن ثقة.

وهذه الطريق أصح طرق الحديث؛ مع انقطاعه، فهو يعل حديث الترجمة؛ لعدم وروده فيها.

4878 - (هذه الدنيا مثلت لي، فقلت لها: إليك عني! ثم رجعت فقالت: إنك إن أفلت مني؛ فلن يفلت مني من بعدك) .

ضعيف جداً

أخرجه البزار (ص 325 - زوائده) ، وابن أبي الدنيا في "ذم

 

(10/491)

 

 

الدنيا" (ق 2/ 2) عن عبد الواحد بن زيد قال: حدثني أسلم الكوفي عن مرة عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال:

كنا مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ فدعا بشراب؛ فأتي بماء وعسل، فلما أدناه من فيه؛ بكى وبكى حتى أبكى أصحابه، فسكتوا وما سكت، ثم عاد فبكى؛ حتى ظنوا أنهم لم يقدروا على مسألته. قال: ثم مسح عينيه، فقالوا: يا خليفة رسول الله! ما أبكاك؟! قال:

كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأيته قد دفع عن نفسه شيئاً، ولم أر معه أحداً؛ فقلت: يا رسول الله! ما الذي تدفع عن نفسك؟! قال ... فذكره. وقال البزار:

"عبد الواحد ضعيف جداً، وكان يذهب إلى القدر. ومرة مشهور، ولا يعرف هذا الحديث إلا بهذا الإسناد".

قلت: وهو - كما قال البزار - ضعيف جداً، وقد اتفقوا على تضعيفه؛ حتى ابن حبان؛ فأورده في "الضعفاء"، وقال:

"كان ممن يقلب الأخبار؛ من سوء حفظه وكثرة وهمه، فلما كثر ذلك منه استحق الترك".

ولكنه نسي هذا؛ فتناقض، فأورده في "الثقات" أيضاً، فقال:

"روى عنه أهل البصرة، يعتبر حديثه إذا كان دونه ثقة وفوقه ثقة، ويجتنب ما كان من حديثه من رواية سعيد بن عبد الله بن دينار؛ فإن سعيداً يأتي بما لا أصل له عن الأثبات".

قلت: وهذا - مع مناقضته لنفسه - مخالف لاتفاق الأئمة أيضاً، وفيهم إمام الأئمة البخاري؛ فقد قال:

 

(10/492)

 

 

"تركوه". ذكره في "الميزان". ثم قال:

"ومن مناكيره: ما روى ابن أبي الدنيا في تواليفه ... " ثم ساق له هذا الحديث.

ولذلم كله؛ فلا التفات إلى قول المنذري في "الترغيب" (4/ 117) :

"ورواته ثقات؛ إلا عبد الواحد بن زيد، وقد قال ابن حبان: "يعتبر حديثه إذا كان فوقه ثقة ودونه ثقة"؛ وهو هنا كذلك"!

ونحوه قول الهيثمي (10/ 254) :

"رواه البزار؛ وفيه عبد الواحد بن زيد الزاهد؛ وهو ضعيف عند الجمهور، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "يعتبر حديثه إذا كان فوقه ثقة، ودونه ثقة". وبقية رجاله ثقات"!

ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي في "الشعب" (7/ 365/ 10596) ، وكذا الحاكم في "المستدرك" (4/ 309) . وقال:

"صحيح الإسناد"!

ورده الذهبي بقوله:

"قلت: عبد الصمد (1) ؛ تركه البخاري وغيره".

4879 - (كان يكنيه بأبي المساكين. يعني: جعفر بن أبي طالب) .

ضعيف جداً

أخرجه الترمذي (2/ 305) من طريق إسماعيل بن إبراهيم أبي يحيى التيمي: حدثنا إبراهيم أبو إسحاق المخزومي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال:

__________

(1) كذا وقع في " تلخيص الذهبي ": عبد الواحد ". (الناشر)

 

(10/493)

 

 

إن كنت لأسأل الرجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الآيات من القرآن؛ أنا أعلم بها منه، ما أسأله إلا ليطعمني شيئاً، فكنت إذا سألت جعفر بن أبي طالب؛ لم يجبني حتى يذهب بي إلى منزله، فيقول لامرأته: يا أسماء! أطعمينا شيئاً، فإذا أطعمتنا أجابني، وكان جعفر يحب المساكين، ويجلس إليهم، ويحدثهم ويحدثونه، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكنيه بأبي المساكين.

وقال - مضعفاً -:

"حديث غريب. وأبو إسحاق المخزومي: هو إبراهيم بن الفضل المدني؛ وقد تكلم فيه بعض أهل الحديث من قبل حفظه، وله غرائب"!

قلت: لقد سهل الترمذي فيه القول، فالرجل ممن اتفق أئمة الحديث على تضعيفه. بل قال فيه الدارقطني:

"متروك". وهذا معنى قول البخاري فيه:

"منكر الحديث".

وكذا قال أبو حاتم.

وإسماعيل بن إبراهيم أبو يحيى التيمي ضعيف أيضاً.

وقد خالف أبا إسحاق: ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري به مختصراً؛ دون قوله: فكنت إذا سألت جعفر بن أبي طالب ... إلخ. لكنه زاد فقال:

وكان أخير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب، كان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته، حتى إن كان ليخرج إلينا العكة التي فيها شيء، فيشقها فنلعق ما فيها.

 

(10/494)

 

 

أخرجه البخاري (7/ 61-62) ، وابن سعد (4/ 41) - الزيادة فقط -.

وروى الترمذي، وابن سعد، والحاكم (3/ 209) ، وأحمد (2/ 413-414) من طريق عكرمة عن أبي هريرة قال:

ما احتذى النعال، ولا انتعل، ولا ركب المطايا، ولا لبس الكور من رجل - بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - أفضل من جعفر بن أبي طالب. يعني: في الجود والكرم.

وقال الترمذي:

"حسن صحيح غريب". وقال الحاكم:

"صحيح على شرط البخاري". ووافقه الذهبي.

قلت: وإنما لم يصححاه على شرط مسلم أيضاً - مع أن رجاله كلهم من رجال الشيخين -؛ لأن عكرمة - وهو مولى ابن عباس - إنما أخرج عنه مقروناً. وقال الحافظ عقب الحديث:

"إسناده صحيح".

4880 - (إني قد قرنت فاقرنوا. يعني: في التمر) .

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1/ 339-340) - واللفظ له -، والبزار (ص 161) عن جرير بن عبد الحميد عن عطاء عن الشعبي عن أبي هريرة قال:

كنت في الصفة؛ فبعث إلينا النبي - صلى الله عليه وسلم - عجوة، فكنا نقرن الثنتين من الجوع، فيقول لأصحابه ... فذكره. ولفظ البزار:

 

(10/495)

 

 

فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقرن إلا بإذن صاحبه. وقال:

"لا نعلم رواه عن عطاء عن الشعبي إلا جرير. ورواه عمران بن عيينة عن عطاء عن ابن عجلان عن أبي هريرة".

قلت: وعطاء: هو ابن السائب؛ وكان اختلط، وروى عنه جرير في الاختلاط. وقال الهيثمي (5/ 42) :

"رواه البزار، وفيه عطاء بن السائب؛ وقد اختلط، وبقية رجاله رجال (الصحيح) ".

4881 - (هذا علي قد أقبل في السحاب) .

موضوع

أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 124) عن مسعدة ابن اليسع عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال:

كسا رسول الله علياً عمامة - يقال لها: السحاب -؛ فأقبل علي رضي الله عنه وهي عليه، فقال - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. فحرفها هؤلاء فقالوا: علي في السحاب!

قلت: وآفته مسعدة هذا؛ قال البخاري في "التاريخ" (4/ 2/ 26) :

"قال أحمد: ليس بشيء، خرقنا حديثه، وتركنا حديثه منذ دهر". وقال الذهبي:

"هالك. كذبه أبو داود".

ثم ساق له حديثين مما أنكر عليه؛ هذا أحدهما، لكنه ذكر فيه أن قوله في آخره: فحرفها هؤلاء ... ؛ هو من قول جعفر عن أبيه.

وقد أورد الحديث الشيخ أبو الحسين الملطي الشافعي في كتابه: "التنبيه والرد

 

(10/496)

 

 

على أهل الأهواء والبدع" في "باب ذكر الرافضة وأصنافهم واعتقادهم" (ص 19-20) ؛ فقال عقبه:

"فتأولوه - هؤلاء - على غير تأويله".

أحاديث في فضل علي رضي الله عنه: من كتاب: "المراجعات" (1) .

4882 - (أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي، فمن تولاه تولاني، ومن تولاني فقد تولى الله) .

ضعيف جداً

أخرجه ابن عساكر في "التاريخ" (12/ 120/ 1) من طريق الطبراني: أخبرنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة: أخبرنا أحمد بن طارق الوابشي: أخبرنا عمرو بن ثابت عن محمد بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه أبي عبيدة عن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه مرفوعاً.

ثم روى من طريق أخرى عن عبد الوهاب بن الضحاك: أخبرنا ابن عياش عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي عبيدة به.

ومن طريق ابن لهيعة: حدثني محمد بن عبيد الله به.

ثم أخرجه من طريقين آخرين عن ابن أبي رافع به. ولفظ الترجمة لهذه الطرق. وأما لفظ الطبراني؛ فهو:

"من آمن بي وصدقني؛ فليتول علي بن أبي طالب؛ فإن ولايته ولايتي، وولايتي ولاية الله".

__________

(1) كتب الشيخ - رحمه الله - على هامش أصله: " راجع لها " منهاج السنة "، و " المنتقى " منه ". (الناشر)

 

(10/497)

 

 

وبهذا اللفظ: أورده السيوطي في "الجامع الكبير" (2/ 207/ 2) من رواية الطبراني. وكذلك نقله صاحب "الكنز" (6/ 155/ 2576) ؛ إلا أنه زاد في أوله:

"اللهم ... "! وهي سهو منه.

ولم يذكر الهيثمي في "المجمع" (9/ 108-109) هذا الحديث إلا باللفظ الأول؛ لفظ الترجمة، ولكنه أشار إلى اللفظ الآخر بقوله:

"رواه الطبراني بإسنادين، أحسب فيهما جماعة ضعفاء؛ وقد وثقوا"!

وأقول: مدار الإسنادين على محمد بن عمار بن ياسر، وهو مجهول؛ أورده ابن أبي حاتم (4/ 1/ 43) من رواية ابنه أبي عبيدة عنه، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"؛ على قاعدته في توثيق المجهولين. ولذلك لم يعتد بتوثيقه الحافظ؛ فقال في "التقريب":

"مقبول"؛ أي: عند المتابعة؛ وإلا فلين الحديث، كما نص عليه في المقدمة.

وحفيده محمد بن أبي عبيدة؛ لم أجد له ترجمة.

وعمرو بن ثابت رافضي خبيث؛ كما قال أبو داود، وهو متروك الحديث؛ كما قال النسائي. وقال ابن حبان:

"يروي الموضوعات عن الأثبات".

وضعفه الجمهور.

وأحمد بن طارق الوابشي؛ لم أعرفه.

 

(10/498)

 

 

ومحمد بن أبي شيبة؛ فيه ضعف.

فهذا الإسناد ضعيف جداً.

ومدار الإسناد الآخر على محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، وهو ضعيف جداً، وهو من شيعة الكوفة؛ فهو آفته، وهو صاحب حديث:

"إذا طنت أذن أحدكم ... " الموضوع؛ الذي حسنه تلميذ الكوثري؛ لجهله بهذا العلم وتراجم الرجال، كما تقدم بيانه برقم (2631) .

وعبد الوهاب بن الضحاك؛ قال أبو حاتم:

"كذاب".

لكن لم يتفرد به؛ كما يتبين من التخريج السابق، فآفة الإسنادين عمرو بن ثابت وابن أبي رافع؛ لأن مدارهما عليهما مع شدة ضعفهما وتشيعهما.

ومع ذلك؛ استروح إلى حديثهما هذا: ابن مذهبهما الشيخ عبد الحسين، المتعصب جداً لتشيعه في كتابه الدال عليه "المراجعات" (ص 27) ، فساقه فيه مساق المسلمات، بل نص في المقدمة (ص 5) بما يوهم أنه لا يورد فيه إلا ما صح؛ فقال:

"وعنيت بالسنن الصحيحة"!!

ثم روى ابن عساكر من طريق أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن: أخبرنا يعقوب بن يوسف بن زياد الضبي: أخبرنا أحمد بن حماد الهمذاني: أخبرنا مختار التمار عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن علي بن أبي طالب مرفوعاً بلفظ:

"من تولى علياً؛ فقد تولاني، ومن تولاني؛ فقد تولى الله عز وجل".

 

(10/499)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف جداً مسلسل بالعلل، وشرها المختار هذا - وهو ابن نافع التيمي التمار الكوفي -؛ قال البخاري:

"منكر الحديث".

وكذا قال النسائي وأبو حاتم. وقال ابن حبان:

"كان يأتي بالمناكير عن المشاهير؛ حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لذلك".

وأحمد بن حماد الهمذاني؛ قال الذهبي:

"ضعفه الدارقطني. لا أعرف ذا". وكذا قال في "اللسان".

ويعقوب بن يوسف؛ الظاهر أنه الذي ضعفه الدارقطني؛ انظره في "اللسان".

4883 - (علي أقضى أمتي بكتاب الله، فمن أحبني فليحبه؛ فإن العبد لا ينال ولايتي إلا بحب علي عليه السلام) .

منكر بهذا التمام

أخرجه ابن عساكر (12/ 120/ 2) عن العباس - يعني: ابن علي بن العباس -: أنبأنا الفضل المعروف بـ (النسائي) : أخبرنا محمد بن علي بن خلف العطار: أخبرنا أبو حذيفة، عن عبد الرحمن بن قبيصة عن أبيه عن ابن عباس مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد مظلم؛ لم أعرف منه غير أبي حذيفة - واسمه موسى بن مسعود النهدي البصري -؛ قال الحافظ:

"صدوق سيىء الحفظ، وكان يصحف ... وحديثه عند البخاري في المتابعات".

ومحمد بن علي بن خلف العطار؛ وثقه الخطيب في "التاريخ" (3/ 57) تبعاً لمحمد بن منصور! وخفي عليهما - كما قال الحافظ في "اللسان" - تجريح ابن عدي إياه، والسبب أنه لم يفرد له ترجمة، وإنما جرحه في ترجمة حسين الأشقر، فقد ===

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فهرس كتاب اعلام الموقعين لابن القيم

إعلام الموقعين/فهرس الجزء الأول [[إعلام الموقعين/الجزء الأول#نوعا التلقي عنه ﷺ|نوعا التلقي عنه ﷺ]] إخراج المتعصب عن زمرة العلماء فصل حفاظ ال...