السبت، 27 يناير 2024

ج3. سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة للألباني

 

ج3. سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها 

السيئ في الأمة

المؤلف: أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني (المتوفى: 1420هـ)

فقلت له:

أيها الأمير! إن الله تعالى أمهلهم فطغوا، وحلم عنهم فبغوا، فقال لي:

حدثني أبي الرشيد عن جدي المهدي عن أبيه المنصور عن أبيه محمد بن علي عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه:

" أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى قوم من بني فلان يتبخترون في مشيهم، فعرف الغضب في وجهه، ثم قرأ: " والشجرة الملعونة في القرآن "، فقيل له:

أي الشجر هي يا رسول الله حتى نجتثها؟ فقال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد موضوع فيه آفات:

أولا: المنصور وغيره من الملوك العباسيين لا يعرف حالهم في الحديث.

ثانيا: هشام بن محمد الكلبي، قال الذهبي في " الضعفاء ":

تركوه كأبيه، وكان رافضيا.

ثالثا: عبد الله بن الضحاك الهدادي، لم أجد له ترجمة، ولم يورده السمعاني في هذه النسبة (الهدادي) .

رابعا: محمد بن زكريا الغلابي أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

قال الدارقطني: كان يضع الحديث.

وساق له الذهبي في " الميزان " حديثا في فضل الحسين رضي الله عنه، ثم قال:

فهذا كذب من الغلابي.

قلت: وهذا الحديث كذلك، فهو الذي اختلقه، أوالكلبي الرافضي، فإنه ظاهر البطلان، لما تضمنه من تحريف الكلم عن مواضعه، وتأويل قوله تعالى:

" والشجرة الملعونة في القرآن " بأن المراد بها بنوأمية، وإنما هي شجرة الزقوم كما في " صحيح البخاري " عن ابن عباس رضي الله عنه:

" وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس " قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به، " والشجرة الملعونة " شجرة الزقوم.

ومثل هذا الحديث في البطلان؛ ما روى ابن جرير الطبري قال:

حدثت عن محمد بن الحسن بن زبالة: حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد: حدثني أبي عن جدي قال:

" رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني فلان ينزون على منبره نزوالقرود، فساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى مات، قال: وأنزل الله في ذلك " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة " الآية ".

وهذا السند ضعيف جدا كما قال الحافظ ابن كثير:

فإن محمد بن الحسن بن زبالة متروك، وشيخه أيضا ضعيف بالكلية، ولهذا اختار ابن جرير أن المراد بذلك ليلة الإسراء، وأن الشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم، قال: لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك، أي في الرؤيا والشجرة.

هذا حال هذين الحديثين في الضعف بل البطلان، ومع ذلك، فإننا لا نزال نرى بعض الشيعة في العصر الحاضر يروون مثل هذه الأحاديث، ويحتجون بها على تكفير معاوية رضي الله عنه مثل المعلق على كتاب " أصول الكافي " للكليني المتعبد لغير الله، المسمى بعبد الحسين المظفر، فإنه كتب؛ بل سود صفحتين كاملتين في لعن معاوية وتكفيره، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بموته على غير السنة، وأنه أمر بقتله، ساق (ص 23 - 24) في تأييد ذلك ما شاء له هواه من الآثار الموضوعة والأحاديث الباطلة، منها هذان الحديثان الباطلان، ولذلك بادرت إلى بيان حالهما نصحا لناس، وغالب الظن أن عبد الحسين هذا لا يعلم حال إسنادهما، ولئن علم فما يمنعه ذلك من الاحتجاج بهما مع بطلانهما لأن الغاية عند أمثاله تبرر الوسيلة، والغاية لعن معاوية وتكفيره ولوبالاعتماد على الأحاديث الموضوعة، والشيعة قد عرفوا بذلك منذ زمن بعيد كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه.

وإنما رجحت أنه لا يعلم ذلك لأنني رأيت تعليقاته تدل على ذلك، فهاهو - مثلا - يقول في أول تعليق له على الكتاب وقد قال راويه عن الكليني: أخبرنا أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني:

الذي يقول: أخبرنا هو أحد رواة " الكافي ".. أوالقائل هو المصنف رحمه الله

على عادة كثير من المؤلفين القدماء!

فأين هذه العادة المزعومة، وهل يعقل في المؤلف الكليني مثلا، أن يقول عن نفسه: أخبرنا الكليني؟ ! ذلك مبلغه من العلم، وحق لمن ينصب العداء لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وناشري الإسلام في الأرض، أن يكون في تلك المنزلة من العلم!

1081 - " من عمل بالمقاييس فقد هلك وأهلك، ومن أفتى الناس بغير علم، وهو لا يعلم الناسخ والمنسوخ، والمحكم من المتشابه، فقد هلك وأهلك ".

باطل.

رواه الكليني الشيعي في " أصول الكافي " (رقم 104 - طبعة النجف) ، قال: علي ابن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن داود بن فرقد عمن حدثه عن ابن شبرمة قال: ما ذكرت حديثا سمعته من جعفر بن محمد عليه السلام إلا كاد أن يتصدع قلبي، قال: حدثني أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن شبرمة: وأقسم بالله ما كذب أبو هـ على جده، ولا جده على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: قال المعلق عليه عبد الحسين المظفر الشيعي:

ضعيف إسناده.

يعني من أجل شيخ داود بن فرقد، فإنه لم يسم.

قلت: وليس هذا فقط، فإن كل من دونه مجاهيل لا يعرفون لا عندنا ولا عندهم.

فهذا داود بن فرقد أورده الطوسي في " الفهرست " ولم يزد في ترجمته على قوله (رقم 274) : له كتاب!، ويونس هو ابن عبد الرحمن مولى آل يقطن، قال الطوسي (789) : له كتب كثيرة، أكثر من ثلاثين كتابا، قال أبو جعفر بن بابويه:

سمعت ابن الوليد رحمه الله يقول: كتب يونس بن عبد الرحمن التي هي بالروايات كلها صحيحة

يعتمد عليها، إلا ما ينفرد به محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس، ولم يروه غيره فإنه لا يعتمد عليه، ولا يفتى به ".

وأما محمد بن عيسى فهو ابن عبيد اليقطيني، فقد عرفت شيئا من حاله عندهم من

الترجمة السابقة، وقال الطوسي في ترجمته (601) :

ضعيف، استثناه أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه عن رجال " نوادر الحكمة " وقال: لا أروي ما يختص برواياته، وقيل: إنه كان يذهب مذهب الغلاة.

وأما علي بن إبراهيم فهو ابن هاشم القمي قال الطوسي (370) :

له كتب، منها كتاب التفسير و ... و ... أخبرنا بجميعها جماعة ومحمد بن علي ماجيلوبه عن علي بن إبراهيم إلا حديثا واحدا استثناه من " كتاب الشرائع " في تحريم لحم البعير، وقال: لا أرويه لأنه محال!

وأورده الذهبي في " الميزان " وقال:

رافضي جلد، له تفسير فيه مصائب.

وأقره الحافظ ابن حجر في " اللسان ".

وأما الكليني مؤلف " الأصول " فهو إمام عندهم، وقد ترجمه الطوسي فقال (591) :

يكنى أبا جعفر، ثقة عارف بالأخبار، له كتب منها كتاب " الكافي " يشتمل على ثلاثين كتاب أوله كتاب العقل.. وآخره " كتاب الروضة "، توفي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.

قلت: وهو من رجال " لسان الميزان " ولم يوثقه، فكأنه مستور عنده، وكذلك صنع الذهبي في " سير النبلاء " فقال (10/124 - من المصورة) :

شيخ الشيعة وعالم الإمامية صاحب التصانيف، وكان ببغداد وبها توفي سنة 328 وكتابه " الكافي " ينقسم إلى قسمين " أصول الكافي " و" فروع الكافي " وقد طبع كل منهما أكثر من مرة، وطبع الأول مع تعليقات عليه وتخريج بقلم عبد الحسين المظفر في النجف سنة (1376) ، وقفت على الجزء الأول والثاني منه فيهما (211) حديثا،

غالبه غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وكتابهم هذا " الكافي " له المنزلة الأولى من بين كتب الحديث الأربعة المعروفة عندهم، حتى لقد ذكر عبد الحسين المذكور في مقدمة التعليق (ص 13) أنه ورد فيه كما قيل عن إمامنا المنتظر عجل الله فرجه (!) : " الكافي كاف لشيعتنا " ومن المشهور عنهم أنه بمنزلة " صحيح البخاري " عندنا! بل صرح لي أحد دعاتهم وهو الشيخ طالب الرفاعي النجفي أنه أصح عندهم من البخاري!!

وذكر أيضا في المقدمة المذكورة أن أحاديثه بلغت زهاء سبعة عشر ألف حديث! وفي هذا العدد من المبالغة والتهو يل على من درس أحاديث الكتاب وأمعن النظر في متونها، فقد تتبعت أحاديث الجزأين المذكورين البالغ عددها (211) ، فوجدت غالبا موقوفا على علي رضي الله عنه وبعض أهل بيته، كأبي عبد الله زين العابدين وأبي جعفر الباقر رضي الله عنهم أجمعين، والمرفوع منها نحو ثلاثة وعشرين حديثا خمسة منها في الجزء الأول، والباقي في الثاني، أي بنسبة عشرة في المائة تقريبا، وإليك أرقامها: (9 و11 و15 و25 و28 و35 و39 و44 و50 و57 و80 و87 و104 و107 و108 و115 و119 و127 و159 و161 و190 و199) .

ولتعلم أيها القارئ الكريم مدى صحة قولهم أن هذا الكتاب أصح من " صحيح البخاري " أوعلى الأقل هو مثله عندهم، أذكر لك الحقيقة الآتية:

وهي أن هذا العدد من الأحاديث المرفوعة، لا يثبت إسناد شيء منها لضعف رجالها، وانقطاع إسنادها، كما بينه المعلق عليه نفسه في تعليقه على كل حديث منها، حاشا الأحاديث (57، 80، 199) ، فقد قواها، وهي مع ذلك لا تثبت أمام النقد العلمي النزيه! وخذ هذه الشهادة الآتية، التي تبين لك بوضوح حقيقة ذلك القول، وهي من المعلق عبد الحسين فقد قال بعد ما ذكر عناية الشيعة بالكتاب شرحا واختصارا

ونقدا (ص 19) :

وكفاك لتعرف مدى العناية بنقده أنهم أحصوا ما يشتمل عليه من الأحاديث،

فكان مجموعها (16.199) حديثا، ثم أحصوا ما فيه من أنواع الأحاديث من جهة التوثيق والتصحيح، فعدوا الأخبار الصحيحة فكانت (5073) أي أقل من الثلث، وعدوا الأخبار الضعيفة، فكانت (9485) أي أكثر من النصف، وذلك عدا الموثق والقوي والمرسل، فانظر إلى أي مدى بلغ نقده!

فأقول: بخ بخ لكتابهم " الصحيح " وأكثر من نصف أحاديثه يعني المرفوعة والموقوفة على أئمتهم غير صحيح! يشهد بذلك أشد الناس تعصبا له، ودفاعا عنه! " وشاهد شاهد من أهلها ".

وأنا إنما قدمت لك هذا الحديث، كمثال على تلك الأحاديث الضعيفة سندا، لتعلم أن فيها ما يقطع المبتدئ بهذا العلم الشريف ببطلانها متنا، فإن الألفاظ التي وردت فيه " الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه " هي كالألفاظ الأخرى التي اصطلح عليها أهل العلم، مثل " العام والخاص، والمطلق والمقيد " ونحوها مما أحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لهي أكبر دليل على أنه حديث باطل موضوع، لم يقله صلى الله عليه وسلم، ولا حدث به جعفر بن محمد عن أبيه رضي الله عنهما، ولا رواه ابن شبرمة، فإنه ثقة فقيه، وهو أتقى من أن يروي الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من اختلاق بعض من دونه من الشيعة من الضعفاء والمجهولين، وفيهم بعض الغلاة والرافضة كما تقدم.

وكأن واضع هذا الحديث عامله الله بما يستحق وضعه ليمهد به لقبول الطعن في أبي حنيفة الإمام رحمه الله تعالى باعتباره أنه يكثر من استعمال القياس، فقد روى الكليني في كتابه (رقم 166 و170) بإسنادين له عن أبي الحسن موسى بن جعفر الكاظم أنه قال:

لعن الله أبا حنيفة كان يقول: قال علي، وقلت أنا، وقالت الصحابة، وقلت، وقد حسن أحد إسناديه المعلق عليه عبد الحسين، وهو غير حسن لأن الكليني رواه عن شيخه علي بن إبراهيم وهو القمي الذي روى حديث تحريم لحم البعير الذي حكم الطوسي الشيعي عليه بأنه محال كما سبق في ترجمته قريبا (ص 198) ، وهذا يرويه عن أبيه إبراهيم وهو ابن هاشم القمي، وهو مجهول الحال أورده الطوسي في " الفهرست " (رقم 6) ثم الحافظ في " اللسان " ولم يذكرا فيه توثيقا.

وهذا يرويه عن ابن أبي عمير عن محمد بن حكيم.

ومحمد بن حكيم مجهول العين، ليس له ذكر عندنا أصلا، ولما أورده الطوسي برقم (633 و666) لم يزد على قوله:

له كتاب! بمثل هذا السند يروي الشيعة عن أئمة أهل البيت الطعن بل اللعن في أئمة المسلمين، فإذا أنكرنا أن يصدر ذلك عن أحد من عامة أهل البيت فضلا عن أئمتهم، قالوا: بلى ذلك مروي عندنا عنهم، فإذا قلنا: " هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين " وجموا! وليس ذلك غريبا منهم، ما داموا أنهم لا يتورعون عن الجهر بتكفير معاوية رضي الله عنه، كما سبق بيانه في الحديث الذي قبله، ولا عن تفسيق كبار الصحابة كأبي بكر وعمر وعائشة رضي الله عنهم، وقد سمعت ذلك من بعضهم، ثم هم مع ذلك كله يتظاهرون بالدعوة إلى التفاهم والتقارب، فهلا تركوا للصلح مجالا؟ !

1082 - " من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أنزل على محمد، ومن أنكر نزول عيسى بن مريم فقد كفر، ومن أنكر خروج الدجال فقد كفر، ومن لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر، فإن جبريل عليه السلام أخبرني بأن الله تعالى يقول: من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فليتخذ ربا غيري ".

باطل.

رواه أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح معاني الآثار " (265/1 - 2) : حدثنا محمد ابن الحسن بن علي حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد: حدثنا إسماعيل ابن أبي إدريس: حدثنا مالك بن أنس: حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا.

قلت: وهذا حديث باطل، المتهم به شيخ الكلاباذي محمد بن الحسن، أوشيخه الحسين بن محمد بن أحمد، فقد جاء في " الميزان ":

محمد بن الحسن بن علي بن راشد الأنصاري، عن وراق الحميدي، فذكر حديثا موضوعا في الدعاء عند الملتزم، وأقره الحافظ في " اللسان " وزاد عليه فقال:

ووجدت في " كتاب معاني الأخبار " للكلاباذي خبرا موضوعا.

ثم ذكره بإسناد كما نقلناه عنه، إلا أنه وقع فيه عنده تحريف في بعض الأسماء، وقال عقبه مشيرا إلى الأنصاري هذا الذي ترجمه الذهبي:

وقد غلب على ظني أنه هذا، وشيخه ما عرفته بعد البحث عنه.

وقال في ترجمة شيخه الحسين بن محمد بن أحمد:

عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك بخبر باطل مضى ذكره قفي ترجمة محمد بن الحسن ابن علي بن راشد.

وقوله: " مضى " سبق قلم منه رحمه الله، والصواب: " يأتي " كما هو ظاهر، وقول المصحح في تعليقه على " اللسان ":

هكذا في الأصل، ولكن كيف يمكن مضيه من قبل، ولم يأت إلى الآن من اسمه محمد؟ ! فلعله تصحيف اسم آخر.

وأقول: لا تصحيف، ولورجع إلى ترجمة محمد بن الحسن، لوجد فيها الحديث المشار إليه، ولعلم أن الخطأ في قوله " مضى "، والله أعلم.

واعلم أن الإيمان بكل ما ذكر في هذا الحديث من خروج المهدي، ونزول عيسى، وبالقدر خيره وشره، كل ذلك واجب الإيمان به، لثبوته في الكتاب والسنة، ولكن ليس هناك نص في أن " من أنكر ذلك فقد كفر "، ومن أجل هذا أوردت الحديث وبينت وضعه، وهو ظاهر الوضع، وكأنه من وضع بعض المحدثين أوغيره من الجهلة، وضعه ليقيم به الحجة على منكري ذلك من ذوي الأهواء والمعتزلة، ولن تقوم الحجة على أحد بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم والافتراء على الله تعالى، فقاتل الله الوضاعين ما أجرأهم على الله عز وجل.

والتكفير ليس بالأمر السهل، نعم من أنكر ما ثبت من الدين بالضرورة بعدما قامت الحجة عليه، فهو الكافر الذي يتحقق فيه حقيقة معنى كفر، وأما من أنكر شيئا لعدم ثبوته عنده، أولشبهة من حيث المعنى، فهو ضال، وليس بكافر مرتد عن الدين شأنه في ذلك شأن من ينكر أي حديث صحيح عند أهل العلم، والله أعلم.

1083 - " إذا حدثتم عني حديثا يوافق الحق فخذوا به، حدثت به أولم أحدث به ".

موضوع.

أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 9) والهروي في " ذم الكلام " (4/78/2) وابن حزم في " الأحكام " (2/78) من طريق أشعث بن براز عن قتادة عن عبد الله ابن شقيق عن أبي هريرة مرفوعا، وقال العقيلي:

ليس بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم إسناد يصح، وللأشعث هذا غير حديث منكر.

وقال ابن حزم عقبه: كذاب ساقط، وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق العقيلي وذكر كلامه المتقدم وزاد:

وقال يحيى: هذا الحديث وضعته الزنادقة، وقال الخطابي: لا أصل له، وروي من حديث يزيد بن ربيعة عن أبي الأشعث عن ثوبان، ويزيد مجهول، وأبو الأشعث لا يروي عن ثوبان.

وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (1/213) بقوله:

قلت: هذا الطريق أخرجه (هنا بياض في الأصل) وقول المؤلف أن يزيد مجهول مردود، فإنه له ترجمة في " الميزان " وقد ضعفه الأكثر، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وقال أبو مسهر: كان يزيد بن ربيعة فقيها غير متهم، ما ينكر عليه أنه أدرك أبا الأشعث، ولكن أخشى عليه سوء الحفظ والوهم، وقوله: إن أبا الأشعث لا يروي عن ثوبان مردود، فقد روى أبو النضر: حدثنا يزيد بن ربيعة: حدثنا أبو الأشعث الصنعاني قال: سمعت ثوبان يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " قبل الجبار فيثني رجله على الجسر ". الحديث.

قلت: في " الميزان " جملة حذفها السيوطي، وليس ذلك بجيد، لا سيما وهي تخالف ما يتجه إليه من تمشية حال يزيد هذا، فقال الذهبي:

وقال الجوزجاني: أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة، وأما ابن عدي فقال: أرجو أنه لا بأس به.

وفيه إشعار بأن الذهبي لم يتبن قول ابن عدي هذا، ويؤيده أنه أورد المترجم في " الضعفاء " وقال:

قال البخاري: أحاديثه منكرة، وقال النسائي: متروك.

وقد ساق له في " الميزان " أحاديث مما أنكر عليه، هذا أحدها، ثم قال فيه:

منكر جدا.

ثم ذكر السيوطي للحديثين ثلاث طرق أخرى عن أبي هريرة أحدها واه جدا، والثاني معلول، والثالث ضعيف مع أنه أخطأ في سنده فلابد من سوقها لبيان حقيقة أمرها.

1084 - " لا أعرفن ما يحدث أحدكم عني الحديث، وهو متكيء على أريكته فيقول: أقرأ قرآنا! ما قيل من قول حسن فأنا قلته ".

ضعيف جدا.

أخرجه ابن ماجه (21) : حدثنا علي بن المنذر: حدثنا محمد بن الفضيل: حدثنا المقبري عن جده عن أبي هريرة مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد واه جدا، رجاله كلهم ثقات غير المقبري، وهو عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، قال البخاري:

تركوه، وكذا قال الذهبي في " الضعفاء ".

نحوه قول الحافظ في " التقريب ":

متروك، وقال يحيى بن سعيد:

جلست إليه مجلسا فعرفت فيه الكذب.

قلت: وهذا الحديث لم يورده البوصيري في " الزوائد " مع أنه على شرطه، فكأنه ذهل عنه، ولذلك لم يتكلم عليه أبو الحسن السندي في حاشيته على ابن ماجه!

ولا محمد فؤاد عبد الباقي في تعليقه عليه! وذكره السيوطي في " اللآليء المصنوعة " (1/314) شاهدا لحديث ابن بزار المتقدم، وتبعه على ذلك ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (1/624) ساكتين عليه، ولا يخفى أن حديث مثل هذا المتهم بالكذب لا يصح شاهدا، إنما يصلح لذلك العدل السيئ الحفظ الذي لم يكثر خطؤه ولم يتهم،

 

(3/204)

 

 

كما هو معلوم في " المصطلح ".

وجد المقبري هو ابن سعيد كما سبق وهو ثقة، وقد روى عن أبيه سعيد بن أبي سعيد بإسناد أصلح من هذا وهو معلوم، وهو:

1085 - " إذا حدثتم عني بحديث تعرفونه ولا تنكرونه، قلته أولم أقله فصدقوا به، فإني أقول ما يعرف ولا ينكر، وإذا حدثتم بحديث تنكرونه ولا تعرفونه، فكذبوا به، فإني لا أقول ما ينكر، ولا يعرف ".

ضعيف.

أخرجه المخلص في " الفوائد المنتقاة " (9/218/1) والدارقطني في " سننه " (ص 513) والخطيب في " تاريخ بغداد " (11/391) والهروي في " ذم الكلام " (4/78/2) وكذا أحمد كما في " المنتخب " (10/199/2) لابن قدامة، وليس هو في " المسند " كلهم عن يحيى بن آدم: حدثنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري (زاد الدارقطني والخطيب: عن أبيه) عن أبي هريرة مرفوعا به.

وقال الهروي: لا أعرف علة هذا الحديث، فإن رواته كلهم ثقات، والإسناد متصل.

قلت: قد عرف علته وكشف عنها الإمام البخاري رحمه الله تعالى، ثم أبو حاتم الرازي، فقال الأول في " التاريخ الكبير " (2/1/434) :

وقال ابن طهمان عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن النبي صلى الله عليه وسلم:

" ما سمعتم عني من حديث تعرفونه فصدقوه "، وقال يحيى: عن أبي هريرة وهو وهم ليس فيه أبو هريرة، يعني أن الصواب في الحديث الإرسال، فهو علة الحديث.

فإن قيل: كيف هذا ويحيى بن آدم ثقة حافظ محتج به في " الصحيحين "، وقد وصله بذكر أبي هريرة فهي زيادة من ثقة فيجب قبولها؟، فأقول: نعم هو ثقة كما ذكرنا، ولكن هذا مقيد بما إذا لم يخالف من هو أوثق منه وأحفظ، أوالأكثر منه عددا، وفي صنيع البخاري السابق ما يشعرنا بذلك، وقد أفصح عنه بعض المحدثين فقال ابن شاهين في " الثقات ":

 

(3/205)

 

 

قال يحيى بن أبي شيبة: ثقة صدوق ثبت حجة ما لم يخالف من هو فوقه مثل وكيع وقد خالف هنا ابن طهمان واسمه إبراهيم كما سبق، وهو ثقة محتج به في " الصحيحين "، ولا أقول إنه فوق يحيى، ولكن معه جماعة من الثقات تابعوه على إرساله، وذلك ما أعل به الحديث الإمام أبو حاتم، فقال ابنه في " العلل " (2/310/3445) : سمعت أبي وحدثنا عن بسام بن خالد عن شعيب بن إسحاق عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" إذا بلغكم عني حديث حسن يحسن بي أن أقوله فأنا قلته، وإذا بلغكم عني حديث لا يحسن بي أن أقوله فليس مني ولم أقله ".

قال أبي: هذا حديث منكر، الثقات لا يرفعونه.

يعني لا يجاوزون به المقبري، ولا يذكرون في إسناده أبا هريرة، وإنما تأولت كلامه بهذا لأمرين:

الأول: ليوافق كلام البخاري المتقدم فإنه صريح في ذلك.

والآخر: أن تفسير كلامه على ظاهره مما لا يعقل قصده من مثله، لأنه والحالة هذه لا طائل من إعلاله بالوقف، فإن صيغته تنبىء عن أن الحديث مرفوع معنى، صدر ممن كلامه تشريع، ولأن المعنى حينئذ أن أبا هريرة رضي الله عنه قال هذا الكلام وصح ذلك عنه! فهل يعقل أن يقول هذا مسلم فضلا عن هذا الإمام؟ !

فإن قيل: فقد تابع يحيى بن آدم على وصله شعيب بن إسحاق هذا وهو ثقة محتج به في " الصحيحين " أيضا، فلم لا يرجح الوصل على الإرسال؟

قلت: ذلك لأن الطريق إلى شعيب غير صحيح، فإن بسام بن خالد الراوي عنه غير معروف، فقد أورده الذهبي في " الميزان " ثم العسقلاني في " اللسان "، ولم يزيدا في ترجمته على أن ساقا له هذا الحديث من طريق ابن أبي حاتم وكلام أبيه فيه! وأما قول الشيخ المحقق العلامة المعلمي اليماني فيما علقه على " الفوائد المجموعة " للشوكاني (ص 280) في بسام هذا: صوابه: هشام،

 

(3/206)

 

 

فكان يمكن أن يكون كذلك لولا أن الذهبي والعسقلاني نقلاه كما وقع في المطبوعة من " العلل " إلا أن يقال: إن نسخة الشيخين المذكورين فيها خطأ، وهو بعيد جدا.

1086 - " لا أعرفن أحدا منكم أتاه عني حديث وهو متكيء في أريكته فيقول: اتلوا به علي قرآنا! ما جاءكم عني من خير قلته أولم أقله فأنا أقوله، وما أتاكم من شر فإني لا أقول الشر ".

ضعيف.

أخرجه أحمد (2/483) والبزار (رقم 126 كشف الأستار) عن أبي معشر عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعا.

قلت: وهذا سند ضعيف من أجل أبي معشر، واسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي، قال الحافظ في " التقريب ":

ضعيف، أسن واختلط.

وقال عبد الحق الإشبيلي في " الأحكام " (7/2) :

لم يكن قويا في الحديث.

وقال الهيثمي في " المجمع " (1/154) : رواه أحمد والبزار، وفيه أبو معشر نجيح ضعفه أحمد وغيره، وقد وثق ".

قلت: وقد تابعه المقبري، وهو عبد الله بن سعيد، أخرجه ابن ماجه (رقم 21) نحوه وهو متهم، وقد تقدم حديثه قريبا برقم (1084) .

تنبيه: أورد السيوطي هذا الحديث في " اللآليء " (1/213 - 214) من رواية أحمد بإسناد آخر له عن أبي هريرة، وذلك من أوهام السيوطي رحمه الله، تبعه الشوكاني في " الفوائد المجموعة " (ص 279) ولم يتنبه له ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (1/264) ، فإنه لا أصل له بالإسناد المشار إليه، لا في " المسند "، ولا في غيره، وإنما روى أحمد (2/366) به حديثا آخر متنه:

" المؤمن القوي خير وأفضل وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل

 

(3/207)

 

 

خير.. " الحديث وهو صحيح مخرج في " ظلال الجنة " (356) .

وجملة القول: أن هذه الأحاديث الأربعة عن أبي هريرة ليس فيها شيء يصح، وهي تدور على ثلاث طرق عنه، فالأوليان منها ليس لها إلا إسناد واحد، وفيها متهم ومتروك، والأخرى لها ثلاثة أسانيد، تدور كلها على سعيد بن أبي سعيد المقبري وهي كلها ضعيفة وبعضها أشد ضعفا من بعض كما سبق بيانه، ولهذا قال الشوكاني في " الفوائد " عقب هذه الطرق (281) :

وبالجملة، فهذا الحديث بشواهده لم تسكن إليه نفسي، مع أنه لم يكن في إسناد أحمد، ولا في إسناد ابن ماجه من يتهم بالوضع، فالله أعلم، وإني أظن أن ابن الجوزي قد وفق للصواب بذكره في موضوعاته.

قلت: وما ذكره في إسناد ابن ماجه غير مسلم، فإن فيه عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري وهو متهم كما تقدم.

وأقول: ومن الممكن إعلال الطريق الخرى بسعيد بن أبي سعيد نفسه، فإنه وإن كان ثقة ومن رجال الشيخين فقد كان اختلط كما ذكر غير واحد من الأئمة منهم ابن سعد ويعقوب بن شيبة، وكذا ابن حبان فقال في كتابه " الثقات " (1/63) :

وكان اختلط قبل أن يموت بأربع سنين.

وقول الذهبي:

شاخ ووقع في الهرم ولم يختلط.

فلا أدري ما وجهه بعد أن ثبت اختلاطه من ذكرنا من العلماء والمثبت مقدم على النافي؟ ! وكذلك قوله:

ما أحسب أن أحدا أخذ عنه في الاختلاط، فإن ابن عيينة أتاه فرأى لعابه يسيل فلم يحمل عنه، فهذا مما لا دليل عليه إلا الظن، والحق أن مثل سعيد هذا ينتقى حديثه، فلا يقبل كله، ولا يطرح كله، وما أظن الشيخين أخرجا له إلا على هذا النهج، إن كان ثبت عندهما اختلاطه.

وقد روي الحديث عن غير أبي هريرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن طرقها مما لا

 

(3/208)

 

 

تقوم الحجة بها أيضا، وإليك بيانها:

1087 - " إنها تكون بعدي رواة يروون عني الحديث، فاعرضوا حديثهم على القرآن، فما وافق القرآن فخذوا به، وما لم يوافق القرآن فلا تأخذوا به ".

ضعيف.

أخرجه الدارقطني (513) والهروي في " ذم الكلام " (78/2) عن أبي بكر بن عياش عن عاصم عن زر بن حبيش عن علي بن أبي طالب مرفوعا، وأعله الدارقطني فقال: هذا وهم، والصواب عن عاصم عن زيد، عن علي بن الحسين مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قلت: وأبو بكر بن عياش وإن كان من رجال البخاري ففي حفظه ضعف، ولهذا قال الحافظ في " التقريب ":

ثقة عابد، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح.

 

(3/209)

 

 

1088 - " سيفشوعني أحاديث، فما أتاكم من حديثي فاقرأوا كتاب الله، واعتبروه، فما وافق كتاب الله فأنا قلته، وما لم يوافق كتاب الله فلم أقله ".

ضعيف.

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/194/2) : حدثنا علي بن سعيد الرازي: أخبرنا الزبير بن محمد بن الزبير الرهاوي: أخبرنا قتادة بن الفضيل عن أبي حاضر عن الوضين بن سالم عن عبد الله عن عبد الله بن عمر مرفوعا به.

قلت: وهذا سند ضعيف وفيه علل:

الأولى: الوضين بن عطاء فإنه سيىء الحفظ.

الثانية: قتادة بن الفضيل، قال الحافظ في " التقريب ":

مقبول، يعني عند المتابعة.

الثالثة: أبو حاضر هذا أورده الذهبي في " الميزان " ثم الحافظ في " اللسان "

في " باب الكنى " ولم يسمياه، وقالا:

 

(3/209)

 

 

عن الوضين بن عطاء، مجهول.

قلت: فليس هو المسمى عثمان بن حاضر المترجم في " التهذيب "، فإنه تابعي يروي عن العبادلة وغيرهم، ولا هو المسمى عبد الملك بن عبد ربه بن زيتون الذي أورده ابن حبان في " الثقات " (2/173) وقال:

يروي عن رجل عن ابن عباس، عداده في أهل الشام، روى عنه أهلها، كنيته أبو حاضر.

وكذا في " الجرح والتعديل " (2/2/359) إلا أنه قال:

روى عنه عيسى بن يونس.

ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

وأما قول الهيثمي في " المجمع " (1/170) :

رواه الطبراني في " الكبير " وفيه أبو حاضر عبد الملك بن عبد ربه وهو منكر الحديث.

ففيه نظر، فقد علمت أن أبا حاضر هذا من أتباع التابعين، وأما المترجم فهو من أتباع أتباعهم، ثم هو قد أخذ قوله: منكر الحديث من " الميزان " و" اللسان "، وهما ذكراه في ترجمة " عبد الملك به عبد ربه الطائي "، فهل الطائي هذا هو أبو حاضر عبد الملك؟ ذلك ما لا أظنه، والله أعلم.

الرابعة: الزبير بن محمد الرهاوي، فإني لم أجد له ترجمة.

1089 - " ستبلغكم عني أحاديث، فاعرضوها على القرآن، فما وافق القرآن فالزموه، وما خالف القرآن فارفضوه ".

ضعيف جدا.

أخرجه الهروي في " ذم الكلام " (78/2) عن صالح المري: حدثنا الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: وهذا سند ضعيف مرسل، الحسن هو البصري.

وصالح المري هو ابن بشير وهو ضعيف جدا، أورده الذهبي في " الضعفاء ":

قال النسائي وغيره: متروك.

 

(3/210)

 

 

وقال الحافظ في " التقريب ": ضعيف.

1090 - " ما حدثتم عني مما تعرفونه فخذوه، وما حدثتم عني مما تنكرونه، فلا تأخذوا به، فإني لا أقول المنكر، ولست من أهله ".

ضعيف جدا.

أخرجه الخطيب في " الكفاية " (430) عن سليم أبي مسلم المكي وهو ابن مسلم عن يونس بن يزيد عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: وهذا سند ضعيف جدا، آفته سليم المكي وهو الخشاب، قال ابن معين:

جهني خبيث.

وقال النسائي: متروك الحديث.

وقال أحمد: لا يساوي حديثه شيئا.

 

(3/211)

 

 

1091 - " من حج بمال حرام فقال: لبيك اللهم لبيك، قال الله عز وجل له: لا لبيك ولا سعديك، وحجك مردود عليك ".

ضعيف.

رواه ابن مردويه في " ثلاثة مجالس من الأمالي " (192/1 - 2) ومن طريقه الأصبهاني في " الترغيب " (ص 274 ـ مصورة الجامعة الإسلامية) وابن الجوزي في " منهاج القاصدين " (1/59/1) عن الدجين بن ثابت اليربوعي: أخبرنا أسلم مولى عمر ابن الخطاب عن عمر بن الخطاب مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، الدجين هذا أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

لا يحتج به.

وقال في " الميزان ":

 

(3/211)

 

 

قال ابن معين: ليس حديثه بشيء، وقال أبو حاتم وأبو زرعة: ضعيف، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الدارقطني وغيره: ليس بالقوي.

وذكر المنذري في " الترغيب " (2/114) أن الأصبهاني رواه يعني في " الترغيب " من حديث أسلم مولى عمر بن الخطاب مرسلا.

ذكره عقب الحديث الآتي وأشار إلى تضعيفهما.

1092 - " من أم هذا البيت من الكسب الحرام، شخص في غير طاعة الله، فإذا أهل ووضع رجله في الغرز أوالركاب وانبعثت به راحلته قال: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك، كسبك حرام، وزادك حرام، فارجع مأزورا غير مأجور، وأبشر بما يسوؤك، وإذا خرج الرجل حاجا بمال حلال، ووضع رجله في الركاب، وانبعثت به راحلته قال: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك، قد أجبتك، راحلتك حلال، وثيابك حلال، وزادك حلال، فارجع مأجورا غير مأزور، وأبشر بما يسرك ".

ضعيف جدا.

رواه البزار في " مسنده " (رقم - 1079) من طريق سليمان بن داود: حدثنا يحيى ابن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة به وقال:

الضعف بين على أحاديث سليمان ولا يتابعه عليها أحد، وهو ليس بالقوي!

وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (3/210) :

رواه البزار وفيه سليمان بن داود اليمامي وهو ضعيف ".

قلت: بل هو ضعيف جدا، قال الذهبي في " الميزان ":

قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث، وقد مر معنا أن البخاري قال: من قلت فيه: منكر الحديث، فلا تحل رواية حديثه، وقال ابن حبان: ضعيف، وقال آخر: متروك.

 

(3/212)

 

 

وقال في " الضعفاء ": ضعفوه.

والحديث أورده المنذري في " الترغيب " (2/114) عن أبي هريرة بنحوه مع تقديم الحاج بالمال الحلال على الحاج بالمال الحرام، وقال:

رواه الطبراني في (الأوسط) ، وأشار إلى ضعفه.

قلت: وهو عنده (رقم - 5361) من طريق اليمامي المذكور.

1093 - " يأتي على الناس زمان يحج أغنياء أمتي للنزهة، وأوساطهم للتجارة وقراؤهم للرياء والسمعة، وفقراؤهم للمسألة ".

ضعيف.

أخرجه الخطيب (10/296) ومن طريقه ابن الجوزي في " منهاج القاصدين " (1/64/1 - 2) : حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن السرخسي - قدم علينا الحج - قال: حدثنا إسماعيل بن جميع، قال: حدثنا مغيث بن أحمد عن فرقد السبخي، كذا وفي " المنهاج " مغيث بن أحمد البلخي قال حدثني سليمان بن عبد الرحمن عن مخلد بن عبد الرحمن الأندلسي عن محمد بن عطاء الدلهي ليس في " المنهاج " الدلهي عن جعفر ابن سليمان قال: حدثنا ثابت عن أنس بن مالك مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد مظلم، كل من دون جعفر بن سليمان لم أجد له ترجمة، سوى شيخ الخطيب عبد الرحمن بن الحسن، فإنه أورده في " تاريخه " وساق له هذا الحديث، ولم يزد! والحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " (3/76/1 9 من رواية الخطيب والديلمي.

 

(3/213)

 

 

1094 - " إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب ".

ضعيف.

رواه أبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " (97/1) : أخبرنا أنيس أخبرنا إسماعيل ابن إبراهيم الترجماني حدثنا داود بن الزبرقان عن سعيد عن قتادة عن زرارة

 

(3/213)

 

 

بن أبي أوفى عن عمران بن حصين.

ومن طريق أبي سعيد رواه القضاعي (85/1) وقال: أنيس أبو عمرو المستملي.

ورواه ابن الجوزي في " منهاج القاصدين " (1/187/1) من طريق ابن أبي الدنيا، وابن عدي (128/2) ومن طريقه البيهقي في " السنن " (10/199) من طريق أخرى عن الترجماني به، وقال:

تفرد برفعه داود بن الزبرقان، قال ابن عدي:

وعامة ما يرويه مما لا يتابعه أحد عليه.

قلت: وهو ضعيف جدا، قال أبو داود:

ضعيف ترك حديثه.

وقال النسائي: ليس بثقة.

وقال الجوزجاني: كذاب.

وفي " التقريب ": متروك، وكذبه الأزدي.

قلت: وقد خولف في إسناده، فأخرجه البيهقي من طريق عبد الوهاب بن عطاء: أنبأ سعيد هو ابن أبي عروبة عن قتادة عن مطرف عن عمران أنه قال: فذكره موقوفا عليه وقال: هذا هو الصحيح موقوف.

قلت: وكذلك رواه شعبة عن قتادة به موقوفا عليه، ولفظه: قال مطرف بن عبد الله بن الشخير: صحبت عمران بن حصين إلى البصرة فما أتى علينا يوم إلا أنشدنا فيه الشعر، وقال: فذكره.

رواه البخاري في " الأدب المفرد " (رقم 885) ، وقال ابن الجوزي:

ورواه أبو عوانة عن قتادة عن مطرف فوقفه، وهو الأشبه.

قلت: ورواه البيهقي بسند صحيح عن عمر بن الخطاب موقوفا عليه، والغزالي

 

(3/214)

 

 

مع تساهله فقد أورد الحديث في " الإحياء " (9/44) طبع لجنة نشر الثقافة الإسلامية موقوفا عن عمر وغيره.

ثم رأيته مرفوعا من طريق أخرى، فقال ابن السني في " عمل اليوم والليلة " 322) : أخبرنا محمد بن جرير الطبري: حدثنا الفضل بن سهل الأعرج: حدثنا سعيد بن أوس: حدثنا شعبة (1) عن قتادة به مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد جيد رجاله ثقات معروفون غير الفضل بن سهل الأعرج، قال ابن أبي حاتم (3/2/63) : سئل أبي عنه فقال: صدوق.

لكن سعيدا هذا، قد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، فلا يطمئن القلب لمخالفته لمثل شعبة ومن معه ممن أوقفه.

والحديث مما سود به الشيخ نسيب الرفاعي كتابه الذي سماه " تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير، فإنه رغم تنصيصه في مقدمته أنه التزم فيه أن لا يورد فيه الأحاديث الضعيفة التي وقعت في أصله: " تفسير ابن كثير "، فقد ذكر في كتابه هذا عشرات الأحاديث الضعيفة والمنكرة، وسيأتي التنبيه على بعضها إن شاء الله تعالى، وهذا أحدها (3/465) ، وتقدم بعض آخر منها.

1095 - " يا بلال! غن الغزل ".

باطل لا أصل له.

ولعله في بعض كتب الأدب التي تروي ما هب ودب من مثل كتاب أبي الفرج الأصبهاني " الأغاني "! فقد أورد هذا الحديث مؤلفوا كتاب " التربية الموسيقية " (ص 65 - طبع سنة 1964 - 1965) دون أن يعزوه إلى كتاب!

__________

(1) كذا الأصل، وأظنه تصحيفا، والصواب " سعيد " وهو ابن أبي عروبة، فإنه الذي في شيوخ سعيد بن أوس. اهـ.

 

(3/215)

 

 

1096 - " إذا أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا: اللهم اجعلها مغنما، ولا تجعلها مغرما ".

 

(3/215)

 

 

موضوع.

رواه ابن ماجه (رقم 1797) وابن عساكر (7/225/2) عن البختري متفق على ضعفه.

وقال المناوي في " فيض القدير ":

قال في الأصل: وضعف، وذلك لأن فيه سويد بن سعيد قال أحمد: متروك.

قلت: إنما علة الحديث البختري هذا، فإنه عند ابن عساكر من طريق أخرى عنه فانتفت التهمة عن الوليد وسعيد وانحصرت في البختري وهو متهم، فقد قال أبو نعيم: روى عنه أبيه عن أبي هريرة موضوعات.

وكذا قال الحاكم والنقاش، وقال ابن حبان:

ضعيف ذاهب، لا يحل الاحتجاج به إذا انفرد وليس بعدل، فقد روى عن أبيه عن أبي هريرة نسخة فيها عجائب.

وقال الأزدي: كذاب ساقط.

1097 - " إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن ".

ضعيف.

أخرجه الإمام أحمد، قال (2/541) : حدثنا عصام بن خالد: حدثنا حريز، وفي الأصل: جرير وهو تصحيف عن شبيب أبي روح أن أعرابيا أتى أبا هريرة فقال: يا أبا هريرة! حدثنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

" ألا إن الإيمان يمان، والحكمة يمانية، وأجد نفس ربكم من قبل اليمن، وقال المغيرة (1) : من قبل المغرب، ألا إن الكفر والفسوق وقسوة القلب في الفدادين

__________

(1) لم أدر من المغيرة هذا؟ وليس له ذكر في سند الحديث. اهـ

 

(3/216)

 

 

أصحاب الشعر والوبر، الذين يغتالهم الشياطين على أعجاز الإبل ".

وأورده الهيثمي في " المجمع " (10/56) من رواية أحمد إلى قوله: " من قبل اليمن " ثم قال:

" ورجاله رجال الصحيح غير شبيب وهو ثقة ". ومثله قول شيخه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (1/92) :

" رواه أحمد، ورجاله ثقات ".

قلت: في النفس من شبيب شيء، فإنه يصرح بتوثيقه أحد غير ابن حبان (1/86) ، وقول أبي داود: " شيوخ حريز كلهم ثقات " ليس نصا في توثيقه لشبيب بالذات، لاحتمال أن أبا داود لم يعلم أولم يخطر في باله حين قال ذلك أن شبيبا من شيوخ حريز، وقد أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (2/1/358) ولم يحك فيه جرحا ولا توثيقا، ولعله لذلك قال ابن القطان:

" شبيب لا تعرف له عدالة ".

وأيضا فقد روى الحديث جماعة من التابعين الثقات عن أبي هريرة لم يذكر أحد منهم فيه هذه الجملة " وأجد نفس ربكم من قبل اليمن "، أخرجه كما ذكرنا الشيخان في " صحيحيهما " وأحمد (2/235 و252 و258 و267 و269 و277 و372 و380 و407 و425 و457 و474 و480 و484 و488 و502 و541) فهي عندى منكرة، أو على الأقل شاذة.

(تنبيه) : أورد الحديث الشيخ العجلوني في " كشف الخفاء " وقال (1/217) :

" قال العراقي: لم أجد له أصلا "!

قلت: ينافي ما نقلته عن كتابه " التخريج " فالله أعلم بصحة نقل العجلوني عنه.

1098 - " ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، العلم علم باللسان وعلم بالقلب، فأما علم القلب فالعلم النافع، وعلم اللسان حجة الله على بني آدم ".

 

(3/217)

 

 

موضوع.

رواه ابن النجار في " الذيل " (10/88/2) عن عبد السلام بن صالح: حدثنا يوسف ابن عطية: حدثنا قتادة عن الحسن عن أنس مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد هالك، يوسف بن عطية وهو الصفار الأنصاري قال البخاري:

" منكر الحديث ".

وقال النسائي والدولابي:

" متروك الحديث ". زاد النسائي: " وليس بثقة ".

وعبد السلام بن صالح، وهو أبو الصلت الهروي أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" اتهمه بالكذب غير واحد، قال أبو زرعة: لم يكن بثقة، وقال ابن عدي: متهم.

وقال غيره: رافضي ".

قلت: وقد رواه بعض الضعفاء عن الحسن موقوفا عليه.

أخرجه ابن أبي شيبة في " كتاب الإيمان " (رقم 93 بتحقيقي) من طريق جعفر بن سليمان: نا زكريا قال: سمعت الحسن يقول:

" إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني، إنما الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل ".

وهذا سند ضعيف من أجل زكريا هذا وهو ابن حكيم الحبطي، قال الذهبي في " الميزان ":

" هالك ". وأقره الحافظ في " اللسان ". لكن قال المناوي في " الفيض " تحت قول السيوطي: " رواه ابن النجار والديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس ": " قال العلائي: حديث منكر، تفرد به عبد السلام بن صالح العابد، قال النسائي متروك. وقال ابن عدي: مجمع على ضعفه، وقد روي معناه بسند جيد عن الحسن من قوله. وهو الصحيح. إلى هنا كلامه، وبه يعرف أن سكوت المصنف عليه لا يرضى " قلت: فلعل العلائي وقف على سند آخر لهذا الأثر عن الحسن؛ ولذلك جوده. والله أعلم.

 

(3/218)

 

 

1099 - " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت ويوم الأحد، أكثر مما يصوم من الأيام، ويقول: إنهما عيد المشركين، فأنا أحب أن أخالفهم ".

ضعيف.

أخرجه أحمد (6/324) وابن خزيمة (2167) وابن حبان (941) والحاكم (1/436) وعنه البيهقي (4/303) من طريق عبد الله بن محمد بن عمر بن علي قال: حدثنا أبي عن كريب أنه سمع أم سلمة تقول: فذكره. وقال الحاكم: " إسناده صحيح ". ووافقه الذهبي.

قلت: وفي هذا نظر؛ لأن محمد بن عمر بن علي ليس بالمشهور، وقد ترجمه ابن أبي حاتم (4/1/18/81) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " على قاعدته! وأورده الذهبي في " الميزان " وقال:

" ما علمت به بأسا، ولا رأيت لهم فيه كلاما، وقد روى له أصحاب السنن الأربعة ".

ثم ذكر له حديثا رواه النسائي ثم قال:

" وأورده عبد الحق الإشبيلي في " أحكامه الوسطى "، وقال: إسناده ضعيف.

وقال ابن القطان: هو كما ذكر ضعيف، فلا يعرف حال محمد بن عمر. ثم ذكر له بعد حديث كريب عن أم سلمة (قلت: فساق هذا ثم قال:) أخرجه النسائي، قال ابن القطان: فأرى حديثه حسنا. يعني لا يبلغ الصحة ".

قلت: فأنت ترى أن ابن القطان تناقض في ابن عمر هذا، فمرة يحسن حديثه، ومرة يضعفه، وهذا الذي يميل القلب إليه لجهالته، لا سيما وحديثه هذا مخالف بظاهره لحديث صحيح ولفظه:

" لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة، أو عود شجرة فليمضغه ".

أخرجه أصحاب السنن وغيرهم وحسنه الترمذي وصححه الحاكم، وإسناده

 

(3/219)

 

 

صحيح، بل له طريقان آخران صحيحان، كما بينته في " الإرواء " (رقم 960) .

وفيه علة أخرى، وهي أن عبد الله بن محمد بن عمر حاله نحو حال أبيه، لم يوثقه غير ابن حبان، وقال ابن المديني:

" وسط ". وقال الحافظ:

" مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث كما نص عليه في المقدمة ولم يتابع في هذا الحديث، فهو لين.

ولم أكن قد تنبهت لهذه العلة في تعليقي على " صحيح ابن خزيمة "، فحسنت ثمة إسناده، والصواب ما اعتمدته هنا. والله أعلم.

1100 - " فضلت على آدم بخصلتين: كان شيطاني كافرا فأعانني الله عليه حتى أسلم، وكن أزواجي عونا لي، وكان شيطان آدم كافرا، وكانت زوجته عونا له على خطيئته ".

موضوع.

أخرجه أبو طالب مكي المؤذن في " حديثه " (ق 233/1) والخطيب في " تاريخ بغداد " (3/331) والبيهقي في " دلائل النبوة " (ج2 باب ما تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعمة ربه) عن محمد بن الوليد بن أبان بن أبي جعفر: حدثنا إبراهيم بن صرمة عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته أبو جعفر هذا، وهو القلانسي البغدادي، قال الذهبي في " الميزان ":

" قال ابن عدي: كان يضع الحديث، وقال أبو عروبة: كذاب. فمن أباطيله ... " قلت: فذكر له أحاديث هذا أحدها.

قلت: إبراهيم بن صرمة ضعفه الدارقطني وغيره. وقال ابن عدي:

" عامة حديثه منكر المتن والسند ". وقال أبو حاتم:

" شيخ ".

 

(3/220)

 

 

وقال ابن معين:

" كذاب خبيث ". كذا في " الميزان ".

قلت: وقد سود السيوطي كتابه " الجامع الصغير "، فأورد فيه هذا الحديث الباطل من رواية البيهقي وحده في " الدلائل "، فتعقبه المناوي بالقلانسي وقول الذهبي فيه. وفاتته العلة الأخرى وهي ابن صرمة هذا. وأما في " التيسير " فقال: "

وفيه كذاب ".

1101 - " أعلم الناس من يجمع علم الناس إلى علمه، وكل صاحب علم غرثان ".

ضعيف.

رواه أبو يعلى في " مسنده " (120/2) وعنه الديلمي في " مسند الفردوس " (1/1/121) عن مسعدة بن اليسع عن شبل بن عباد عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله:

أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: أي الناس أعلم؟ قال: من جمع ... ".

قلت: وهذا إسناد موضوع آفته مسعدة هذا، قال الذهبي في " الميزان ":

" هالك، كذبه أبو داود، وقال أحمد بن حنبل: حرقنا حديثه منذ دهر ".

وقال ابن أبي حاتم (4/1/371) :

" سألت أبي عنه فقال: هو ذاهب منكر الحديث لا يشتغل به، يكذب على جعفر بن محمد ".

قلت: وهذا الحديث مما سود به السيوطي " جامعه الصغير "، وتعقبه المناوي بقول الهيثمي (1/162) :

" فيه مسعدة بن اليسع وهو ضعيف جدا ".

قلت: وعليه فقوله في " التيسير ":

" وإسناده ضعيف ".

يخالف ما نقله عن الهيثمي وأقره عليه كما يخالف حال راويه مسعدة.

 

(3/221)

 

 

نعم قد وجدت له متابعا قويا يمنع من الحكم على الحديث بالوضع وإن كان مرسلا، فقال الدارمي في " سننه " (1/86) : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم: نا يحيى بن أبي بكير: نا شبل عن عمرو بن دينار عن طاووس قال: قيل: يا رسول الله! أي الناس أعلم؟ الحديث.

قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال البخاري،؛ ولكنه مرسل.

1102 - " إن المرأة إذا خرجت من بيتها وزوجها كاره لذلك لعنها كل ملك في السماء وكل شيء مرت عليه غير الجن والإنس حتى ترجع ".

ضعيف جدا.

رواه الطبراني في " الأوسط " (1/170/1 - 2) عن عيسى بن المساور: حدثنا سويد ابن عبد العزيز عن محمد عن عمرو بن دينار عن ابن عمر مرفوعا وقال:

" لم يروه عن عمرو إلا محمد، تفرد به سويد ".

قلت: وهو ضعيف جدا، قال الذهبي في " الضعفاء ":

" قال أحمد: متروك الحديث ".

وقال في " الميزان ".

" هو واه جدا ".

وقال الهيثمي في " المجمع ":

" رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك، وقد وثقه دحيم وغيره، وبقية رجاله ثقات ".

قلت: وأشار المنذري في " الترغيب " (3/79) إلى أن الحديث حسن أو قريب من الحسن؛ فلا تغتر به.

 

(3/222)

 

 

1103 - " لهم ما لنا، وعليهم ما علينا. يعني أهل الذمة ".

باطل لا أصل له.

وقد اشتهر في هذه الأزمنة المتأخرة، على ألسنة

 

(3/222)

 

 

كثير من الخطباء والدعاة والمرشدين، مغترين ببعض الكتب الفقهية، مثل " الهداية " في المذهب الحنفي، فقد جاء فيه، في آخر " البيوع ":

" وأهل الذمة في المبايعات كالمسلمين، لقوله عليه السلام في ذلك الحديث، فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم ".

فقال الحافظ الزيلعي في " تخريجه ": نصب الراية " (4/55) :

" لم أعرف الحديث الذي أشار إليه المصنف، ولم يتقدم في هذا المعنى إلا حديث معاذ، وهو في " كتاب الزكاة "، وحديث بريدة وهو في " كتاب السير "، وليس فيهما ذلك ".

ووافقه الحافظ في " الدراية " (ص 289) .

قلت: فقد أشار الحافظان إلى أن الحديث لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن صاحب " الهداية " قد وهم في زعمه ورود ذلك في الحديث. وهو يعني - والله أعلم - حديث ابن عباس؛ وهو الذي إليه الزيلعي:

" أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال: إنك تأتي قوما أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم.. " الحديث. وهو متفق عليه. فليس فيه - ولا في غيره - ما عزاه إليه صاحب " الهداية ".

بل قد جاء ما يدل على بطلان ذلك، وهو قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:

" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله.. فإذا فعلوا ذلك فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين ".

وإسناده صحيح على شرط الشيخين كما بينته في " الأحاديث الصحيحة " (299) .

فهذا نص صريح على أن الذين قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الجملة:

" لهم ما لنا، وعليهم ما علينا ".

ليس هم أهل الذمة الباقين على دينهم، وإنما هم الذين أسلموا منهم، ومن

 

(3/223)

 

 

غيرهم من المشركين!

وهذا هو المعروف عند السلف، فقد حدث أبو البختري: " أن جيشا من جيوش المسلمين - كان أميرهم سلمان الفارسي - حاصروا قصرا من قصور فارس، فقالوا: يا أبا عبد الله ألا تنهد إليهم؟ قال: دعوني أدعهم كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو، فأتاهم سلمان، فقال لهم: إنما أنا رجل منكم فارسي، ترون العرب يطيعونني، فإن أسلمتم فلكم مثل الذي لنا، وعليكم مثل الذي علينا، وإن أبيتم إلا دينكم، تركناكم عليه، وأعطونا الجزية عن يد، وأنتم صاغرون.. ".

أخرجه الترمذي وقال: " حديث حسن " وأحمد (5/440 و441 و444) من طرق عن عطاء بن السائب عنه.

ولقد كان هذا الحديث ونحوه من الأحاديث الموضوعة والواهية سببا لتبني بعض الفقهاء من المتقدمين، وغير واحد من العلماء المعاصرين، أحكاما مخالفة للأحاديث الصحيحة، فالمذهب الحنفي مثلا يرى أن دم المسلمين كدم الذميين،

فيقتل المسلم بالذمي، وديته كديته مع ثبوت نقيض ذلك في السنة على ما بينته في حديث سبق برقم (458) ، وذكرت هناك من تبناه من العلماء المعاصرين!

وهذا الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه اليوم طالما سمعناه من كثير من الخطباء والمرشدين يرددونه في خطبهم، يتبجحون به، ويزعمون أن الإسلام سوى بين الذميين والمسلمين في الحقوق، وهم لا يعلمون أنه حديث باطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم! فأحببت بيان ذلك، حتى لا ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل!

ونحوه ما روى أبو الجنوب قال: قال علي رضي الله عنه:

" من كانت له ذمتنا، فدمه كدمنا، وديته كديتنا ".

أخرجه الشافعي (1429) والدارقطني (350) وقال:

" وأبو الجنوب ضعيف ".

وأورده صاحب " الهداية " بلفظ:

" إنما بذلوا الجزية، لتكون دماؤهم كدمائنا، وأموالهم كأموالنا ".

 

(3/224)

 

 

وهو مما لا أصل له، كما ذكرته في " إرواء الغليل " (1251) .

1104 - " من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه، فليعد لها. يعني الصلاة ".

منكر.

أخرجه أبو داود (944) والطحاوي (1/263) والدارقطني (195 - 196) وعنه البيهقي (2/262) من طريق محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة بن الأخنس عن أبي غطفان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

وقال أبو داود:

" هذا الحديث وهم ". وقال الدارقطني:

" قال لنا ابن أبي داود: أبو غطفان رجل مجهول، ولعل الحديث من قول ابن إسحاق، والصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يشير في الصلاة، رواه أنس وجابر وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدارقطني: رواه ابن عمر وعائشة أيضا ".

قلت: أبو غطفان قد وثقه ابن معين والنسائي وابن حبان، وروى عنه جماعة من الثقات، ولم يقل فيه مجهول غير ابن أبي داود، فهو ثقة كما قال الحافظ في " التقريب ".

وإنما علة الحديث ابن إسحاق وهو مدلس وقد عنعنه.

ومن الغرائب قول الزيلعي في " نصب الراية " (2/90) :

" حديث جيد "!

مع أنه حكى عن ابن الجوزي أنه أعله في " التحقيق " بهذه العلة، والتي قبلها ثم ذكر أنه:

" تعقبه صاحب " التنقيح " في الأولى، دون الأخرى. وأن الإمام أحمد سئل عن الحديث، فقال: لا يثبت إسناده، ليس بشيء ".

وسلم بذلك الزيلعي ولم يتعقبه بشيء، ولا مجال لذلك.

 

(3/225)

 

 

وهو قد استدل به لما جاء في " الهداية " على المذهب الحنفي:

" ولا يرد السلام بلسانه، ولا بيده لأنه كلام معنى، حتى لو صافح بنية التسليم تبطل صلاته ".

وهذا مع أنه لا دليل عليه سوى هذا الحديث، وقد تبين ضعفه، فإنه مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يشير في الصلاة، ولذلك فهو حديث منكر، وفي كلام ابن أبي داود السابق إشارة إلى ذلك. ولهذا قال عبد الحق الإشبيلي في " أحكامه " عقبه (رقم 1370) :

" والصحيح إباحة الإشارة على ما ذكر مسلم وغيره ".

يعني من حديث جابر في رد السلام إشارة، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (859) وحديث أنس المشار إليه آنفا هو فيه برقم (871) .

ولا يدل لهذا المذهب حديث أبي داود مرفوعا:

" لا غرار في صلاة ولا تسليم ".

لما ذكرته في تخريجه في " الأحاديث الصحيحة " (رقم 311) ، وقد ذكرت فيه حديث ابن عمر في إشارته صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فراجعه إن شئت.

وأما مصافحة المصلي، فهي وإن لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علمت، فلا دليل على بطلان الصلاة، لأنها عمل قليل، لا سيما وقد فعلها عبد الله ابن عباس رضي الله عنه، فقال عطاء بن أبي رباح:

" أن رجلا سلم على ابن عباس، وهو في الصلاة، فأخذ بيده، وصافحه وغمز يده ".

أخرجه ابن أبي شيبة (1/193/2) والبيهقي في " سننه " (2/259) بإسنادين عن عطاء أحدهما صحيح، والآخر رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير أن فيه عنعنة حبيب بن أبي ثابت.

وليس كل عمل في الصلاة يبطلها، فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت:

" جئت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت، والباب عليه مغلق، فمشى [عن يمينه

 

(3/226)

 

 

أويساره] حتى فتح لي ثم رجع إلى مقامه، ووصفت الباب في القبلة ".

أخرجه أصحاب السنن وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان وعبد الحق في " الأحكام " (رقم 1374) وإسناده حسن كما بينته في " صحيح أبي داود " (885) .

1105 - " إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل، كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد، فلا يمنعه أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثم قال: " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم " إلى قوله

: " فاسقون "، ثم قال: كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهو ن عن المنكر ولتأخذن عن المنكر ولتأخذن على يدي الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا، ولتقصرنه على الحق قصرا ".

ضعيف.

أخرجه أبو داود (4336) والترمذي (2/175) وابن ماجه (4006) والطحاوي في " المشكل " (2/61 - 62) وابن جرير في " التفسير " (6/305) وأحمد في " المسند " (1/391) من طرق عن علي بن بذيمة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود به.

وخالف المؤمل بن إسماعيل فقال: حدثنا سفيان قال: حدثنا علي بن بذيمة عن أبي عبيدة - أظنه عن مسروق - عن عبد الله به نحوه.

أخرجه ابن جرير.

والمؤمل هذا ضعيف لسوء حفظه.

وخالفه عبد الرحمن بن مهدي فقال: حدثنا سفيان عن علي بن بذيمة عن أبي عبيدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره هكذا مرسلا. وهو أصح.

أخرجه الترمذي (2/175 - 176) وابن جرير وابن ماجه.

وتابعه سالم الأفطس عن أبي عبيدة عن ابن مسعود به وزاد في آخره:

" أوليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعننكم كما لعنهم ".

أخرجه أبو داود (4337) وابن أبي الدنيا في " الأمر بالمعروف " (ق 53/1)

 

(3/227)

 

 

وعبد الغني المقدسي فيه (85/2) والخطيب في " تاريخه " (8/299) والبغوي في " تفسيره " (3/206 - 207) من طرق عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن سالم به.

وسالم هذا هو ابن عجلان الأفطس وهو ثقة من رجال البخاري.

ورواه عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن العلاء بن المسيب عن عبد الله بن عمرو ابن مرة عن سالم الأفطس به.

أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (3/1248) وابن جرير وكذا ابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " وابن أبي الدنيا (54/1 - 2) وقال أبو داود بعد أن ذكره معلقا:

" ورواه خالد الطحان عن العلاء عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة ".

قلت: كأنه يشير إلى أن قول المحاربي: " عبد الله بن عمرو بن مرة " وهم. وهو الظاهر لمخالفته لرواية الجماعة عن العلاء. والمحاربي لا بأس به، وكان يدلس كما قال أحمد، وقد عنعنه، فلعل الوهم ممن دلسه.

ورواية الطحان التي علقها أبو داود هي التي وصلها البغوي كما سبقت الإشارة إلى ذلك، أخرجها من طريق أبي يعلى: أنا وهب بن بقية: أنا خالد - يعني ابن عبد الله الواسطي - عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود. وقد أخرجها أبو يعلى في " مسنده " (3/1262) بهذا الإسناد.

وقد خولف وهب بن بقية في هذا الإسناد، فقال أبو جعفر الطحاوي: حدثنا محمد بن إبراهيم بن يحيى بن جناد البغدادي: حدثنا عمرو بن عون الواسطي: حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره بنحوه.

قلت: هكذا في الأصل " عمرو بن مرة عن أبي موسى ". لم يذكر بينهما أبا عبيدة، فلا أدري أسقط من الأصل، أم الرواية هكذا وقعت للطحاوي؟ ! وغالب الظن الأول، لأمور:

1 - أن عمرو بن مرة لم يسمع من أبي موسى بل لم يذكروا له رواية عنه، وكان لا

 

(3/228)

 

 

يدلس، فينبغي أن يكون بينهما راو، وليس هو إلا أبو عبيدة.

2 - أن ابن كثير قال: قال شيخنا الحافظ المزي: " وقد رواه خالد بن عبد الله الواسطي عن العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن أبي موسى ".

قلت: والظاهر أنه يشير إلى هذه الرواية.

3 - أنهم ذكروا لأبي عبيدة رواية عن أبي موسى.

4 - أن الهيثمي أورده في " المجمع " (7/269) من حديث أبي موسى ثم قال:

" رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح ".

وغالب الظن أنه عند الطبراني من هذا الوجه الذي ذكره المزي، فإذا كان كذلك، وفرضنا أنه كانت الرواية عنده عن عمرو بن مرة عن أبي موسى، لنبه الهيثمي على انقطاعها، وإن كان يفوته كثير التنبيه على مثله. والله أعلم.

ثم إن إسناد الطحاوي المتقدم رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين غير شيخ الطحاوي محمد بن إبراهيم بن يحيى بن جناد البغدادي وهو ثقة مأمون كما روى الخطيب في ترجمته (1/392) عن عبد الرحمن بن يوسف بن خراش. مات سنة ست وسبعين ومائتين (1) .

وعلى هذا فينبغي أن يكون هذا الإسناد صحيحا، لاتصاله، وثقه رجاله، لولا أنه قد اختلف في إسناده على العلاء بن المسيب، فرواه عمرو بن عون الواسطي عن خالد ابن عبد الله عنه هكذا.

وخالفه وهب بن بقية فرواه عن خالد عن العلاء عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود.

وهذه الرواية أولى بالأخذ بها والاعتماد عليها، لأن وهب بن بقية ثقة أيضا من رجال مسلم، وروايته موافقة لرواية أبي داود المتقدمة عن العلاء، وهي من رواية أبي

__________

(1) قلت: ولم يعرفه العيني في كتابه " مغاني الأخيار " كما في تلخيصه " كشف الأستار "، وليس هو محمد بن إبراهيم المروزي المترجم في " الميزان " والمتكلم فيه كما توهم المعلق على " الكشف " بل هو آخر، وترجمته عند الخطيب أيضا عقب هذا. اهـ

 

(3/229)

 

 

شهاب الحناط واسمه عبد ربه بن نافع الكتاني من رجال الشيخين.

ومن المحتمل أن يكون هذا الاختلاف على العلاء بن المسيب ليس من الرواة عنه، بل منه نفسه، لأنه مع كونه ثقة، فقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، حتى قال الحافظ في " التقريب ":

" ثقة ربما وهم ".

قلت: فمن الممكن أن يكون وهم في قوله في هذا الإسناد: عن عمرو بن مرة [عن أبي عبيدة] عن أبي موسى، وإذا كان قد صح عنه على الوجه الآخر " عن عمرو عن أبي عبيدة عن ابن مسعود ". فالقلب يطمئن لهذه الرواية دون تلك لموافقتها لرواية علي بن بذيمة وسالم الأفطس عن أبي عبيدة عن ابن مسعود.

وعلى ذلك، فإسناد الطحاوي وكذا الطبراني عن أبي موسى يكون شاذا، فلا يكون صحيحا، وهذا إذا سلم من الانقطاع بين عمرو بن مرة وأبي موسى على ما سبق بيانه.

وإذا تبين هذا فالمحفوظ في هذا الحديث أنه من رواية أبي عبيدة عن ابن مسعود فهو على هذا إسناد ضعيف منقطع. قال المنذري في " الترغيب " (4/170) :

" أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه، وقيل: سمع ".

قلت: والصواب الأول، فقد قال شعبة عن عمرو بن مرة: سألت أبا عبيدة: هل تذكر من عبد الله شيئا؟ قال: لا. وقال الترمذي: لا يعرف اسمه، ولم يسمع من أبيه شيئا. وكذلك قال ابن حبان: إنه لم يسمع من أبيه شيئا. وبهذا جزم الحافظ المزي في " تهذيب التهذيب "، وتبعه الحافظ في " تهذيبه ".

قلت: فقول الترمذي عقب الحديث:

" حديث حسن غريب ".

مما يتعارض مع الانقطاع الذي اعترف به هو نفسه. وذلك من تساهله الذي عرف به.

 

(3/230)

 

 

وجملة القول أن الحديث مداره على أبي عبيدة، وقد اضطرب الرواة عليه في إسناده على أربعة وجوه:

الأول: عنه عن أبيه عبد الله بن مسعود.

الثاني: عنه عن مسروق عن ابن مسعود.

الثالث: عنه مرسلا.

الرابع: عنه عن أبي موسى.

ولقد تبين من تحقيقنا السابق أن الصواب من ذلك الوجه الأول، وأنه منقطع فهو علة الحديث. وبه جزم المحقق أحمد شاكر في تعليقه على " المسند " رقم (3713) . وبالله التوفيق.

وكان الحامل على كتابة هذا البحث أن بعض الكتاب ادعى في مجلة " الوعي الإسلامي " العدد الأول من السنة الثانية (ص 96) أن الحديث مما صح عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه. فأحببت أن أتيقن من خطئه فيما قال، فكان من ذلك هذا المقال. وكتبت إلى المجلة بخلاصة نافعة منه في أشياء أخرى بتاريخ لا يحضرني منه إلا السنة 1386 هـ، ولكنها لم تنشر. ولله في خلقه شؤون.

1106 - " بعث الله جبريل إلى آدم وحواء فقال لهما: ابنيا لي بيتا، خط لهما جبريل، فجعل آدم يحفر وحواء تنقل حتى أجابه الماء، ثم نودي من تحته: حسبك يا آدم! فلما بنياه أوحى الله إليه أن يطوف به، وقيل له: أنت أول الناس، وهذا أول بيت، ثم تناسخت القرون حتى حجه نوح، ثم تناسخت القرون حتى رفع إبراهيم القواعد منه ".

منكر.

أخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " (1/320) وعنه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (2/321) من طريق يحيى بن عثمان بن صالح قال: حدثنا أبو صالح الجهني قال: حدثنا ابن لهيعة عن يزيد عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال البيهقي:

 

(3/231)

 

 

" تفرد به ابن لهيعة مرفوعا ".

قال الحافظ ابن كثير في " السيرة " (1/272) :

" قلت: وهو ضعيف، ووقفه على عبد الله بن عمرو أقوى وأثبت ".

قلت: هذا يوهم أنه روي عنه موقوفا بإسناد أقوى، مع أنه لم يخرجه هو ولا البيهقي موقوفا، فالظاهر أنه يعني أن الوقف به أشبه، والله أعلم.

ثم إن فيه علتين أخريين:

الأولى: أبو صالح الجهني هو عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث، قال الحافظ:

" صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة ".

قلت: فيحتمل أن الغلط منه، فتعصيبه بابن لهيعة ليس بلازم.

الأخرى: يحيى بن عثمان، قال الحافظ:

" صدوق رمي بالتشيع، ولينه بعضهم لكونه حدث من غير أصله ".

1107 - " كان يرمي الجمرة في هذا المكان، ويقول كلما رمي بحصاة: الله أكبر، الله أكبر، اللهم اجعله حجا مبرورا، وذنبا مغفورا، وعملا مشكورا ".

ضعيف.

أخرجه البيهقي في " سننه " (5/129) والخطيب في " تلخيص المتشابه " (11/2) عن عبد الله بن حكيم المزني: حدثني أبو أسامة قال:

" رأيت سالم بن عبد الله بن عمر استبطن الوادي، ثم رمى الجمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة: الله أكبر، الله أكبر.. فسألته عما صنع فقال: حدثني أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرمي الجمرة ... " الحديث. وقال البيهقي: " عبد الله بن حكيم ضعيف ".

قلت: بل هو شر من ذلك، وهو أبو بكر الداهري البصري، قال أحمد وغيره:

" ليس بشيء ".

 

(3/232)

 

 

وقال الجوزجاني:

" كذاب ".

وقال أبو نعيم الأصبهاني:

" روى عن إسماعيل بن أبي خالد والأعمش الموضوعات ".

وقال العقيلي:

" يحدث بالبواطيل عن الثقات ".

وقد روي بإسناد آخر، ولكنه ضعيف. يرويه ليث بن أبي سليم عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله بن مسعود ونحوه، ثم قال:

" هكذا رأيت الذي أنزلت عليه سورة البقرة صنع ".

وليث ضعيف، وكان اختلط، وشيخه محمد بن عبد الرحمن ثقة، فالآفة من الليث.

ومما يضعف حديثه أن الحديث في " الصحيحين " وغيرهما من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن يزيد دون قوله: " الله أكبر، اللهم اجعله حجا.. إلخ ". وهو في مختصري لـ " صحيح البخاري " برقم (850) يسر الله تمام طبعه، بمنه وكرمه، وقد خرجته في " إرواء الغليل " (1724) ، وقد جاء التكبير وحده في حديث آخر مخرج من حديث ابن عمر في " الصحيحين " وغيرهما، وهو في " مختصر البخاري " برقم (851) ومن حديث أم سليمان بن عمرو بن الأحوص وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (1715) الأمر الذي يؤكد نكارة هذه الزيادة.

1108 - " تخرج الدابة، ومعها عصى موسى عليه السلام، وخاتم سليمان عليه السلام، فتخطم الكافر بالخاتم، وتجلووجه المؤمن بالعصا، حتى إن أهل الخوان ليجتمعون على خوان، فيقول هذا: يا مؤمن، ويقول هذا: يا كافر ".

منكر.

أخرجه الطيالسي (ص 334) وأحمد (2/295 و491) والترمذي

 

(3/233)

 

 

(12/63 - بشرح ابن العربي) وابن ماجه (2/1351/4066) والثعلبي في " تفسيره " (ق 24/1) كلهم من طريق عن علي بن زيد عن أوس بن خالد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال الترمذي:

" حديث حسن ".

قلت: كذا قال وفيه علتان:

الأولى: أوس بن خالد، ذكره البخاري في " الضعفاء ". وقال ابن القطان:

" له عن أبي هريرة ثلاثة أحاديث منكرة، وليس له كبير شيء ".

كذا في " الميزان ".

وفي " التقريب ":

" مجهول ".

الأخرى: علي بن زيد وهو ابن جدعان، ضعيف.

1109 - " تخرج الدابة [من] أجياد، فيبلغ صدرها الركن اليماني ولما يخرج ذنبها بعد، وهي دابة ذات وبر وقوائم ".

ضعيف.

أخرجه الواحدي في " الوسيط " (3/179/1) والحافظ الذهبي في " الميزان " من طريق فرقد بن الحجاج القرشي قال: سمعت عقبة بن أبي الحسناء اليماني قال: سمعت أبا هريرة يقول: فذكره مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإن فرقدا في عداد مجهولي الحال، وشيخه عقبة مجهول العين، وفي ترجمته ساق الذهبي الحديث، وقال فيه:

" مجهول، رواه الكناني عن أبي حاتم الرازي. ثم قال أبو حاتم: روى عنه فرقد ابن الحجاج مجهول. وكذا قال ابن المديني: عقبة مجهول.. قلت: أما فرقد، فقد حدث عنه ثلاث ثقات، وما علمت فيه قدحا ".

قلت: وقد ترجم الاثنين ابن أبي حاتم (3/1/309/1724 و3/2/82/465) وقال في كل منهما عن أبيه: " شيخ ".

 

(3/234)

 

 

وأما ابن حبان فأوردهما في " الثقات " (2/242 و2/165) وقال في الأول منهما فرقد: " يخطىء ".

1110 - " عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله (ثلاث مرات) ، ثم قرأ: " فاجتنبوا الرجس من الأوثان، واجتنبواقول الزور حنفاء لله غير مشركين به " ".

ضعيف.

أخرجه أبو داود (3599) والترمذي (2/49) وابن ماجه (2372) وأحمد (4/321) من طريق محمد بن عبيد: حدثني سفيان - وهو ابن زياد العصفري - عن أبيه عن حبيب بن النعمان الأسدي عن خريم بن فاتك قال: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فلما انصرف قام قائما فقال: ... " فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف فيه علتان: الجهالة، والاضطراب في سنده.

أما الجهالة، فمن قبل حبيب بن النعمان. قال ابن القطان:

" لا يعرف ".

ومثله الراوي عنه ابن زياد العصفري. قال ابن القطان:

" مجهول ".

وقال الذهبي:

" لا يدرى من هو؟ عن مثله! " يعني حبيبا.

وأما الاضطراب، فإن محمد بن عبيد رواه كما ذكرنا، وخالفه مروان بن معاوية الفزاري فقال: عن سفيان بن زياد عن فاتك بن فضالة عن أيمن بن خريم " أن النبي صلى الله عليه وسلم قام خطيبا ... " الحديث.

أخرجه أحمد (4/178 و232 و322) والترمذي (2/48) وقال:

" هذا حديث غريب، إنما نعرفه من حديث سفيان بن زياد، واختلفوا عليه في رواية هذا الحديث، ولا نعرف لأيمن بن خريم سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم ".

 

(3/235)

 

 

ثم ساقه من الطريق الأولى، ثم قال:

" هذا عندي أصح، وخريم بن فاتك له صحبة ".

قلت: لكن الراوي عنه مجهول، وكذا الذي بعده كما عرفت، فالحديث ضعيف، وقد أشار إلى ذلك الترمذي بقوله: " حديث غريب ".

(تنبيه) : قد عرفت مما تقدم أن حبيب بن النعمان والراوي عنه زياد العصفري هما من رجال أصحاب السنن حاشا النسائي، ومع ذلك فالأول منهما رمز له الحافظ في كتابيه " التهذيب " و" التقريب " ثم الخزرجي في " الخلاصة " بـ (دق) ففاتهم الرمز له بـ (ت) أيضا. والآخر رمزوا به بـ (س) أي النسائي، ففاتهم الرمز له بالثلاثة (د ق ت) ، ثم لا أدري إذا كان الرمز المذكور (س) أرادوا به سننه الكبرى أم الصغرى. والراجح الأول. والله أعلم.

ثم إن محمد بن عبيد الذي رجح روايته الترمذي هو الطنافسي الأحدب ثقة حافظ احتج به الشيخان، ومثله المخالف له مروان بن معاوية، وليس فيه علة سوى أنه كان يدلس أسماء الشيوخ، وشيخه في إسناده فاتك بن فضالة مجهول أيضا!

1111 - " لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا، خير له من أن يمتلىء شعرا هجيت به ".

باطل بزيادة هجيت به.

أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 435) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (17/285/2) عن النضر بن محرز عن محمد بن المنكدر عن جابر ابن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال العقيلي:

" النضر بن محرز لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به، وإنما يعرف هذا الحديث بالكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ".

ثم ساق إسناده من طريق محمد بن مروان السدي عن الكلبي به.

قلت: الكلبي هو محمد بن السائب أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" كذبه زائدة وابن معين وجماعة ".

ومحمد بن مروان السدي، قال الذهبي:

 

(3/236)

 

 

" متروك متهم ".

قلت: وقد خولف في إسناده، فرواه إسماعيل بن عياش عن محمد بن السائب عن أبي صالح قال:

" قيل لعائشة: إن أبا هريرة يقول: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا، فقالت عائشة: يرحم الله أبا هريرة، حفظ أول الحديث ولم يحفظ آخره، إن المشركين كانوا يهاجون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا من مهاجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ".

أخرجه الطحاوي (2/371) فقال: حدثنا يونس قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني إسماعيل بن عياش به.

قلت: وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين وهذه منها، فإن ابن السائب كوفي، وعليه دار الحديث، فهو آفته.

ثم رأيت ابن عدي قد أخرجه في " كامله " (345/1) من طريق حبان بن علي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس مرفوعا مثل حديث جابر دون قصة عائشة وأبي هريرة.

وحبان بن علي هو العنزي وهو ضعيف كما في " التقريب ".

وبالجملة فهذه الطريق موضوعة، وقد روى ابن عدي عن سفيان قال:

" قال لي الكلبي: كل شيء أحدث عن أبي صالح فهو كذب " (1) .

" وأما طريق جابر، فهي واهية، فإن النضر بن محرز قال فيه ابن حبان:

" منكر الحديث جدا. لا يحتج جدا ".

ومن طريقه رواه أبو يعلى في " مسنده " لكن وقع فيه " أحمد بن محرز ". وقال الحافظ في " اللسان ":

__________

(1) قال الحافظ في " الفتح ": " وابن الكلبي واهي الحديث، وأبو صالح شيخه ما هو الذي يقال له السمان المتفق على تخريج حديثه في " الصحيح " عن أبي هريرة، بل هذا آخر ضعيف يقال له: باذان ". اهـ.

 

(3/237)

 

 

" وأحمد لم أقف له على ترجمة، فلعله من تغيير بعض الرواة، أو (النضر) لقبه ".

وأحمد هذا هو الذي أشار إليه الحافظ بقوله في " الفتح " (10/454) : بعدما عزاه لأبي يعلى:

" وفيه راولا يعرف ".

وزاد عليه الهيثمي فقال في " المجمع " (8/120) :

" وفيه من لم أعرفهم ".

قلت: وهذا يؤيد ما ذكره الحافظ من احتمال أن اسم أحمد من تغيير بعض الرواة، فإن فيمن دونه من لا يعرف أيضا. ثم قال الحافظ:

" فلم تثبت هذه الزيادة ".

قلت: بل هي باطلة قطعا، فإن الحديث في " الصحيحين " من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا بدونها، وفي " البخاري " عن ابن عمر، وفي " مسلم " عن سعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري، وفي " الطحاوي " عن عمر، كلهم لم يذكر الزيادة في الحديث، فدل على بطلانها.

على أن في سياق الحديث ما يشعر ببطلان هذه الزيادة من حيث المعنى أيضا، فمن شاء البيان فليرجع إلى تخريجنا للحديث في " السلسلة الصحيحة " رقم (336) .

(تنبيه) : ثم قال الحافظ:

" وذكر السهيلي في " غزوة ودان " عن جامع ابن وهب أنه روى فيه أن عائشة رضي الله عنها تأولت هذا الحديث على هجي به النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكرت على من حمله على العموم في جميع الشعر. قال السهيلي: فإن قلنا بذلك، فليس في الحديث إلا عيب امتلاء الجوف منه، فلا يدخل في النهي رواية اليسير على سبيل الحكاية، ولا الاستشهاد به في اللغة. ثم ذكر استشكال أبي عبيد (2) ، وقال: عائشة أعلم منه ".

وأقول: يقال للسهيلي: أثبت العرش ثم انقش، فإن الحديث عن عائشة لم يثبت

__________

(2) انظر كلام أبي عبيد الذي أشار إليه في " الفتح "، أو في " الأحاديث الصحيحة ". اهـ

 

(3/238)

 

 

فإن في سنده عند ابن وهب متهما بالكذب بل هو معترف على نفسه بالكذب كما تقدم من رواية الطحاوي عنه، فلا تغتر بسكوت الحافظ على ما عزاه السهيلي لابن وهب، فإن الظاهر أنه أعني الحافظ لم يستحضر أن الحديث عند الطحاوي من طريق ابن وهب، وهو لما غزاه للطحاوي ذكر أن فيها ابن الكلبي الواهي، فلو أنه استحضر ذلك لنبه عليه. والله أعلم.

والذي دعاني لتحقيق القول في الحديث هو أن بعض ذوي الأهواء من نابغة العصر قد اتخذ رواية ابن وهب هذه حجة على الطعن في أبي هريرة ونسبته إلى سوء الحفظ لأنه لم يحفظ في حديثه هذه الزيادة، كما حفظته السيدة عائشة بزعمه، وجهل أن الحديث عليها مكذوب كما عرفت من هذا التحقيق كما جهل أوتجاهل أن أبا هريرة رضي الله عنه قد تابعه على رواية الحديث كما رواه بدون الزيادة أربعة آخرون من أفاضل الصحابة كما حققناه في " السلسلة الصحيحة " رقم (330) والحمد لله على توفيقه.

1112 - " كان يقلم أظفاره ويقص شاربه يوم الجمعة قبل أن يخرج إلى الصلاة ".

ضعيف.

رواه الطبراني في " الأوسط " (50/1 من ترتيبه) عن عتيق بن يعقوب الزبيري: حدثنا إبراهيم بن قدامة عن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة مرفوعا. وقال:

" لم يروه عن الأغر إلا إبراهيم ".

قلت: ومن طريقه رواه البزار أيضا من رواية عتيق بن يعقوب وقال:

" إبراهيم ليس بحجة ".

ذكره في " الميزان " وقال:

" وهو خبر منكر ".

وأشار عبد الحق لتضعيف الحديث في " أحكامه " (71/2) رقم (1690 - بتحقيقي) ورواه أبو الشيخ في " أخلاق النبي " (277) من هذا الوجه إلا أنه أرسله.

 

(3/239)

 

 

ثم رواه من طريق أبي مصعب حدثني إبراهيم بن قدامة عن عبد الله بن محمد بن حاطب عن أبيه مرفوعا نحوه.

ثم رواه من حديث ابن عمرو، وفيه محمد بن القاسم الأسدي وهو كذاب عن محمد بن سليمان المشمولي: نا عبيد الله بن سلمة بن وهرام عن أبيه، وكلهم ضعيف.

ثم رواه من حديث ابن عمر دون ذكر الأظفار.

وفيه الوليد بن مسلم وهو مدلس وقد عنعنه.

نعم صح موقوفا على ابن عمر رضي الله عنه، فقال نافع:

" كان ابن عمر يقلم أظفاره، ويقص شاربه في كل جمعة ".

أخرجه البيهقي (2/244) وصححه. واستدل به على ضعف ما روي عن ابن عمر مرفوعا:

(المسلم يوم الجمعة محرم، فإذا صلى فقد حل) .

وذكره نحوه عن ابن عباس مرفوعا وقال:

" إنما رويا عنهما بإسنادين ضعيفين لا يحتج بمثلهما ".

1113 - " احضروا الجمعة، وادنوا من الإمام، فإن الرجل ليكون من أهل الجنة فيتأخر عن

الجمعة، فيؤخر عن الجنة وإنه لمن أهلها ".

منكر بهذا اللفظ.

رواه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 70) عن الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن الحسن بن سمرة بن جندب مرفوعا. قال الطبراني:

" لم يروه عن قتادة إلا الحكم ".

قلت: وهو ضعيف، وفيه علة أخرى وهي عنعنة الحسن وهو البصري فإنه مدلس.

وفيه مخالفة ثالثة في السند والمتن، وقد بينت ذلك في " الأحاديث الصحيحة " بلفظ " احضروا الذكر.. " (338) فأغنى عن الإعادة.

 

(3/240)

 

 

1114 - " لعن صلى الله عليه وسلم مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء،

 

(3/240)

 

 

والمترجلات من النساء المتشبهين بالرجال، والمتبتلين من الرجال الذي يقول: لا يتزوج!

والمتبتلات من النساء اللاتي يقلن ذلك، وراكب الفلاة وحده، فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى استبان ذلك على وجوههم، وقال:

البائت وحده ".

ضعيف بهذا التمام.

أخرجه أحمد (2/287 و289) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 196) عن طيب بن محمد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال: فذكره. أورده العقيلي في ترجمة الطيب هذا وقال:

" يخالف في حديثه ".

وقال الذهبي:

" لا يكاد يعرف، وله ما ينكر ".

ثم ذكر له هذا الحديث.

وقال الحافظ في " التعجيل ":

" ضعفه العقيلي، وقال أبو حاتم: لا يعرف، ووثقه ابن حبان. أخرج البخاري حديثه (يعني هذا) فقال: لا يصح ".

وما نقله الحافظ عن البخاري هو في " التاريخ الكبير " له (2/2/362) .

ومما سبق تعلم أن قول المنذري في " الترغيب " (3/106) :

" رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، إلا طيب بن محمد، وفيه مقال، والحديث حسن ".

أنه بعيد عن شهادة أئمة الجرح والتعديل في الطيب هذا وفي حديثه، ولذلك خرجته.

1115 - " ألا رب نفس طاعمة ناعمة في الدنيا جائعة عارية يوم القيامة، ألا يا رب نفس جائعة عارية في الدنيا طاعمة ناعمة يوم القيامة، ألا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين، ألا رب مهين لنفسه وهو لها مكرم، ألا يا

 

(3/241)

 

 

رب متخوض ومتنعم فيما أفاء الله على رسوله ما له عند الله من خلاق، ألا وإن عمل النار سهل بسهو ة، ألا رب شهو ة ساعة، أورثت حزنا طويلا ".

موضوع.

رواه أبو العباس الأصم في " حديثه " (3/142/1) : حدثنا أبو عتبة: حدثنا بقية: حدثنا سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير عن ابن البجير وكان من أصحاب رسول الله قال:

أصاب يوما النبي صلى الله عليه وسلم الجوع فوضع على بطنه حجر ثم قال: فذكره.

ورواه ابن بشران في " الأمالي " (25 - 26) من طريق إسحاق بن راهويه أنبأ بقية بن الوليد حدثني سعيد بن سنان به، والقضاعي (ق 114/2) من طريق ثالثة عن بقية به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا بل موضوع، آفته سعيد بن سنان هذا، وهو أبو مهدي الحمصي، قال الذهبي في " الضعفاء ": " هالك ". وقال الحافظ:

" متروك، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع ".

وروى أحمد (1/327) والقضاعي جملة النار في حديث لابن عباس، فيه نوح بن جعونة وهو متهم. انظر اللسان (6/172) .

1116 - " نهانا (يعني أهل فارس) أن ننكح نساء العرب ".

ضعيف جدا.

رواه الطبراني في " الأوسط " (1/163/2) عن الهيثم بن محفوظ السعدي: نا أبو إسرائيل عن السري بن إسماعيل عن الشعبي عن عبد الرحمن بن يعلى عن سلمان الفارسي قال: فذكره وقال:

" لم يروه عن ابن أبي يعلى إلا الشعبي ولا عنه إلا السري ولا عنه إلا أبو إسرائيل تفرد به الهيثم ".

قلت: قال الذهبي:

" لا يدرى من هو ".

والسري بن إسماعيل ضعيف جدا كما قال الساجي، وقال النسائي:

" متروك الحديث ". وكذا قال أبو داود، وبه أعله الهيثمي في " المجمع " (4/275) .

 

(3/242)

 

 

وقد روي من طريق أخرى، يرويه شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق عن الحارث عن سلمان فقال:

" نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتقدم إمامكم، أوننكح نساءكم ".

أخرجه البيهقي (7/134) وقال: " وروي ذلك من وجه آخر ضعيف عن سلمان ".

قلت: كأنه يشير إلى الطريق الأولى.

والحارث هو الأعور، وهو متروك أيضا.

وشريك ضعيف لسوء حفظه وقد خولف في إسناده، فرواه جماعة من الثقات عن أبي إسحاق بإسناد آخر موقوفا.

أخرجه البيهقي وغيره، وقال البيهقي: " هذا هو المحفوظ: موقوف ".

قلت: ومداره على أبي إسحاق وهو السبيعي وهو مدلس وكان اختلط، وقد تكلمت على حديثه هذا الموقوف في " الإرواء " (1632) بما يكفي.

1117 - " أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة ".

ضعيف.

رواه النسائي في " عشرة النساء " (2/99/1) وابن أبي شيبة (7/19/2) والحاكم (2/178) والبيهقي (7/235) وأحمد (6/82 و145) من طريق ابن سخبرة عن القاسم بن محمد عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. إلا أن الحاكم والبيهقي قالا:

" صداقا ". وقال الحاكم:

" صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي.

قلت: كذا قالا، وابن سخبرة ليس من رجال مسلم ولا أحد من أصحاب الستة غير النسائي، قال الذهبي نفسه:

" لا يعرف، ويقال: هو عيسى بن ميمون ". ونحوه في " التهذيب " و" التقريب ".

وقال ابن أبي حاتم في " الجرح " (3/287/1) في ترجمة عيسى بن ميمون:

 

(3/243)

 

 

" روى عن القاسم بن محمد، روى عنه حماد بن سلمة، فسماه ابن سخبرة ".

ثم روى عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: استعديت على عيسى بن ميمون في هذه الأحاديث عن القاسم بن محمد في النكاح وغيره فقال: لا أعوذ. وقال ابن معين: عيسى بن ميمون صاحب القاسم عن عائشة، ليس بشيء. وقال أبي: هو متروك الحديث.

وقال الهيثمي في " المجمع " (4/255) :

" رواه أحمد والبزار، وفيه ابن سخبرة، يقال: اسمه عيسى بن ميمون، وهو متروك ".

قلت: لكن وقع مسمى في رواية الحاكم فقال: " عمر بن طفيل بن سخبرة المدني ".

ومن طريق الحاكم رواه البيهقي، لكن وقع عنده " عمرو " بالواو، وسواء كان " عمر " أو" عمرا " فلم أجد من ذكره، فتصحيحه على شرط مسلم وهم، لأنه غير معروف كما تقدم عن الذهبي، فإن كان هو عيسى بن ميمون المدني كما جزم ابن أبي حاتم فهو واه جدا.

ومنه يعلم أن قول الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (4/131 - طبع لجنة نشر الثقافة الإسلامية) بعدما عزاه لأحمد والبيهقي:

" وإسناده جيد "، غير جيد.

وبعد كتابة ما تقدم رأيت الحديث قد أخرجه أبو مسعود أحمد بن الفرات في " أحاديثه (ق 39/1) عن ابن سخبرة وسماه " الطفيل ". وكذلك رواه مسمى الخطيب في " الموضح " (1/174) من طرق عن الطفيل. ورواه هو والقضاعي في " مسند الشهاب " (2/2 /2) من طريق عيسى بن ميمون عن القاسم به. وتابعه عند الخطيب موسى بن تليدان. ولم أعرفه، وأما تسميته ابن سخبرة بـ " الطفيل " فهو خطأ بين لأن الطفيل بن سخبرة صحابي وهو أخوعائشة لأمها.

ويغني عن هذا الحديث حديث عائشة الآخر بلفظ:

" إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها، وتيسير رحمها ".

أخرجه ابن حبان والحاكم وغيرهما بسند حسن كما بينته في " الإرواء " (1986) .

 

(3/244)

 

 

1118 - " أعظم نساء أمتي بركة أصبحهن وجها وأقلهن مهرا ".

باطل.

رواه الواحدي في " الوسيط " (2/115/2) عن محمد بن سليمان بن أبي كريمة حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا.

قلت: وهذا سند واه جدا، ابن سليمان هذا قال العقيلي:

" حدث عن هشام ببواطيل لا أصل لها، منها هذا الحديث ".

قلت: يعني حديثا رواه بهذا السند تقدم برقم (434) .

والحديث قال العراقي في " تخريج الإحياء " (4/130 - طبع لجنة نشر الثقافة الإسلامية) :

" رواه أبو عمر النوقاني في " كتاب معاشرة الأهلين "، وصححه ".

قلت: فلينظر إذا كان عنده من هذا الوجه كما أظن أومن غيره، وهو بعيد، فقد أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (1/410/1228) بإسناده عن ابن أبي كريمة به. وقال:

" قال أبي: هذا حديث باطل، وابن أبي كريمة ضعيف الحديث ".

 

(3/245)

 

 

1119 - " خصلتان لا يجتمعان في مؤمن، البخل وسوء الخلق ".

ضعيف.

رواه البخاري في " الأدب المفرد " (رقم 282) والترمذي (1/355) وأبو سعيد ابن الأعرابي في " معجمه " (109/2) والدولابي (2/125) والقضاعي (24/1) عن صدقة بن موسى عن مالك بن دينار عن عبد الله بن غالب عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. وقال الترمذي:

" حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صدقة بن موسى ".

قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه، قال المناوي في " الفيض ":

" قال الذهبي: وصدقة ضعيف، ضعفه ابن معين وغيره، وقال المنذري: ضعيف ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" صدوق له أوهام ".

 

(3/245)

 

 

(تنبيه) : كل من ذكرنا أخرج الحديث باللفظ المذكور، وقد ذكره السيوطي في موضعين من " الجامع " الأول بهذا اللفظ من رواية البخاري والترمذي، والآخر من رواية سمويه بلفظ: " لا تجتمع خصلتان في مؤمن: البخل والكذب ". ولم أقف على إسناده، وغالب الظن أنه كهذا لا يصح. والله أعلم.

1120 - " كان جالسا يوما، فأقبل أبو هـ من الرضاعة، فوضع له بعض ثوبه، فقعد عليه، ثم أقبلت أمه، فوضع لها شق ثوبه من جانبه الآخر، فجلست عليه، ثم أقبل أخوه من الرضاعة، فقام له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسه بين يديه ".

ضعيف.

أخرجه أبو داود في " السنن " (5145) : حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني: حدثنا ابن وهب قال: حدثني عمرو بن الحارث أن عمر بن السائب حدثه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا.. فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علل:

الأولى: جهالة المبلغ لعمر بن السائب، ويحتمل أن يكون صحابيا، ويحتمل أن يكون تابعيا، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال، لأنه على الاحتمال الثاني، يحتمل أن يكون التابعي الذي لم يسم ثقة، ويحتمل غير ذلك، ولهذا لا يحتج

علماء الحديث بالمرسل، كما هو مقرر في علم المصطلح. والاحتمال الثاني أرجح من الأول لأن عمر بن السائب، أورده ابن حبان في " أتباع التابعين " من " كتاب الثقات " (2/197) وقال:

" يروي عن القاسم بن أبي القاسم والمدنيين. روى عنه عمرو بن الحارث ".

وذكر الحافظ في " التقريب " أنه من الطبقة السادسة وهي طبقة الذين لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة.

وعلى هذا فالحديث معضل.

الثانية: أن عمر بن السائب نفسه، لم تثبت عندي عدالته، فإنه لم يوثقه أحد غير

 

(3/246)

 

 

ابن حبان، وتساهله في التوثيق معروف، وقد أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (3/1/114) ولم يحك فيه توثيقا، فهو في حكم المستورين، وأما الحافظ فقال من عنده أنه: " صدوق ".

ثم بدا لي أنه لعل ذلك لأنه روى عنه أيضا الليث بن سعد وابن لهيعة وأسامة بن زيد.

الثالثة: أحمد بن سعيد الهمداني، مختلف فيه، فوثقه ابن حبان والعجلي، وضعفه النسائي، وقال الذهبي في " الميزان ":

" لا بأس به، تفرد بحديث الغار، قال النسائي: غير قوي ".

قلت: وخلاصة القول أن الحديث ضعيف لا يحتج به.

وإن ما حملني على الكشف عن حال هذا الحديث أنني رأيت نشرة لأحد مشايخ (إدلب) بعنوان: " قيام الرجل للقادم عليه جائز "، ذكر فيها اختلاف العلماء في هذه المسألة، ومال هو إلى القول بالجواز واستدل على ذلك بأحاديث بعضها صحيح لا دليل فيه، كحديث: " قوموا إلى سيدكم "، وبعضها لا يصح كهذا الحديث، وقد أورده من رواية أبي داود، دون أن يعلم ما فيه من الضعف، وهذا أحسن الظن به!

ولذلك قمت بواجب بيانه، نصحا للأمة، وشفقة أن يغتر أحد به.

ونحن وإن كنا لا نقول بتحريم هذا القيام الذي اعتاده الناس اليوم، والذي حكى الخلاف فيه الشيخ المشار إليه نفسه - لعدم وجود دليل التحريم - فإننا ندعو الناس جميعا، وفي مقدمتهم أهل العلم والفضل أن يقتدوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في موقفه من هذا القيام، فإذا كان أحبه صلى الله عليه وسلم لنفسه، فليحبوه لأنفسهم، وإن كان كرهه لنفسه المعصومة عن وسوسة الشيطان وحبائله، فعليهم أن يكرهو هـ لأنفسهم من باب أولى - كما يقول الفقهاء - لأنها غير معصومة من وساوس الشيطان وحبائله، فما هو موقفه صلى الله عليه وسلم من القيام المذكور؟ الجواب:

قال أنس رضي الله عنه: " ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤية، وكانوا لا يقومون له، لما يعلمون من كراهيته لذلك " أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " والترمذي بإسناد صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح "، وبوب له بقوله:

 

(3/247)

 

 

" باب ما جاء في كراهية قيام الرجل للرجل ".

فمن كان صادقا في بحثه العلمي لهذه المسألة، مخلصا فيه، لا يريد منه إرضاء الناس، ولا إقرارهم على ما اعتادوه مع مشايخهم على خلاف سنة الصحابة مع نبيهم، - ولعل الشيخ منهم - فليحيي هذه السنة التي أماتها أهل العلم فضلا عن غيرهم، وليتبع النبي صلى الله عليه وسلم في كراهته لهذا القيام، وعلامة ذلك أن لا يغضب إذا دخل مجلسا لم يقم له أهله، بل إذا قاموا له حسب العادة، وعلى خلاف سنته صلى الله عليه وسلم تلطف معهم، وشكرهم على حسن نيتهم، وعلمهم ما كان خافيا من سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وبذلك تحيا السنن وتموت البدع، وتطيب النفوس ويذهب التباغض والتقاطع. ومن عجيب أمر ذلك الشيخ، أنه مع حكايته الخلاف في هذه المسألة وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره القيام له من أصحابه، وأن من الورع ترك القيام، ذكر الشيخ هذا كله، ومع ذلك فإنه في آخر النشرة، يسمي ترك هذا القيام بدعة! وينبز الدعاة إليه بـ " المبتدعين "، مع أنهم لا يزيدون على القول بكراهته، لكراهة النبي صلى الله عليه وسلم إياه باعتراف الشيخ.

نعم إن الشيخ - تبعا لغيره - يعلل كراهته صلى الله عليه وسلم لذلك بقوله: " لتواضعه صلى الله عليه وسلم ". ونحن وإن كنا لا نجد هذا التعليل منصوصا عليه في الحديث، فيحتمل أن تكون الكراهة المذكورة لذلك، وأن تكون لما فيه من التشبه بالأعاجم، ويحتمل أن يكون لمجموع الأمرين، ولغيرهما، مع ذلك فإننا نتخذ هذا التعليل من الشيخ حجة عليه وعلى أمثاله، فنقول:

كره رسول الله صلى الله عليه وسلم القيام له تواضعا منه، فهل يكرهه الشيخ أيضا تواضعا منه؟ ! وهل يرى هذا التواضع حسنا ينبغي الاقتداء به، وحمل الناس عليه، وخاصة أهل العلم؟ فإن كان الجواب نعم، فقد عاد إلى الصواب، ووافقنا عليه، وإن قال: ليس بحسن، فنسأل المفتي عن حكم من يستقبح فعله صلى الله عليه وسلم وتواضعه؟ أيبقى على إسلامه، أم يمرق من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ويحبط عمله، وهو في الآخرة من الخاسرين؟

ومن جهله أنه ذكر في النشرة المشار إليها أن الزهري أتى إلى الإمام أحمد يسلم

 

(3/248)

 

 

عليه، فلما رآه الإمام أحمد وثب إليه قائما وأكرمه. ولا يدري المسكين أن الإمام أحمد لم يدرك الزهري، وأن بين وفاتيهما نحو قرن وربع القرن!

ومن ذلك أنه لما ذكر دليل القائلين بعدم استحباب القيام معترضين على القائلين به للحديث المتقدم " قوموا إلى سيدكم "، ألا وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " قوموا إلى سيدكم فأنزلوه ". لم يزد في الجواب عليه على قوله: " لكن يؤيد كون القيام له لا لنزوله آخر هذا الحديث وهو: وكان رجال من بني عبد الأشهل يقولون: قمنا له على أرجلنا صفين، يحييه كل رجل منا حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في السيرة الشامية ".

قلت: وهذا منتهى الجهل باللغة والحديث، وقلة الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم الذي يعرض صاحبه للكفر والعياذ بالله تعالى. وإلا فقل لي بربك: كيف نوفق بين قوله صلى الله عليه وسلم: " قوموا إلى سيدكم فأنزلوه "، وبين قول هذا المسكين مستدركا على النبي الكريم: أن القيام لم يكن لنزوله! ؟

وآخر الحديث الذي زعم ليس له أصل في شيء من كتب السنة التي تروي الأحاديث بالأسانيد التي بها يمكن معرفة ما يصح منها مما لا يصح.

فتأمل صنيع هذا الشيخ الذي نصب نفسه لمعاداة أهل الحديث وأنصار السنة، والرد عليهم بمثل هذا الجهل، وتذكر قول من قال:

طبيب يداوي الناس وهو مريض.

1121 - " ما نحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن ".

ضعيف.

أخرجه البخاري في " التاريخ " (1/1/422) والترمذي (1/354) والحاكم (4/263) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (ق 46/1) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 315) وابن الضريس في " أحاديث مسلم بن إبراهيم الفراهيدي " (ق 6/1) والقضاعي في " مسند الشهاب " (105/2) والخطيب في " الموضح " (2/166) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (13/226/2 و17/198/2) كلهم من طريق عامر بن أبي عامر الخزاز، حدثنا أيوب بن موسى عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وضعفه الترمذي بقوله:

 

(3/249)

 

 

" حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عامر بن أبي عامر الخزاز، وهو عامر بن صالح رستم الخزاز، وأيوب بن موسى هو ابن عمرو بن سعيد بن العاصي، وهذا عندي حديث مرسل ".

وقال البخاري عقب الحديث:

" مرسل، ولم يصح سماع جده من النبي صلى الله عليه وسلم ".

وأما الحاكم، فقال:

" صحيح الإسناد ".

ورده الذهبي بقوله:

" قلت: بل مرسل ضعيف، ففي إسناده عامر بن صالح الخزاز واه ".

وقال العقيلي:

" عامر بن صالح بن رستم، لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به، رأيت في كتاب محمد بن وارة - أخرجه إلي ابنه بـ (الري) - سألت أبا الوليد عن عامر بن أبي عامر الخزاز فقال: كتبت عنه حديث أيوب بن موسى عن أبيه عن جده (قلت: فذكر الحديث هذا) ، فبينما نحن عنده يوما إذ قال: حدثنا عطاء بن أبي رباح، أو: سمعت عطاء بن أبي رباح، وسئل عن كذا وكذا، فقلت: في سنة كم؟ قال: في أربع وعشرين، قلنا: فإن عطاء توفي في سنة بضع عشرة ".

قلت: ويتلخص مما تقدم، أن للحديث علتين:

الأولى: ضعف عامر بن صالح الخزاز، وفي " التقريب ":

" صدوق، سيىء الحفظ، أفرط فيه ابن حبان فقال: يضع ".

الثانية: الإرسال. وبيانه أنه من رواية أيوب بن موسى، عن أبيه عن جده مرفوعا. وجد أيوب هو عمرو بن سعيد بن العاصي كما تقدم في كلام الترمذي، وعمرو هذا تابعي، قال الحافظ:

" وهم من زعم أن له صحبة، وإنما لأبيه رؤية، وكان عمرو مسرفا على نفسه ".

يعني بخروجه على عبد الملك بن مروان ينازعه الخلافة، فاحتال عليه عبد الملك فقتله.

 

(3/250)

 

 

قلت: وللحديث علة ثالثة، وهي جهالة موسى بن عمرو بن سعيد، قال الذهبي:

" ما حدث عنه سوى ولده أيوب بن موسى ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" مستور ".

قلت: وروي الحديث عن ابن عمر وأبي هريرة بإسنادين واهيين.

أما حديث ابن عمر فيرويه محمد بن عبد الله بن حفص الأنصاري نا محمد بن موسى السعدي عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه به.

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/194/2 /2) وابن عدي في " الكامل " (362/2) وقال:

" هو بهذا الإسناد منكر، محمد بن موسى منكر الحديث، وليس بذاك المعروف، ولم أر أحدا يحدث عنه غير محمد بن عبد الله بن حفص الأنصاري ".

قلت: وعمرو بن دينار ليس هو المكي الثقة، بل الأعور البصري قهرمان آل الزبير ضعيف أيضا.

وأما حديث أبي هريرة، فيرويه مهدي بن هلال حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا به.

أخرجه العقيلي (425) وقال:

" ليس بالمحفوظ من حديث هشام بن حسان، وإنما يعرف من رواية عامر بن أبي عامر الخزاز عن أيوب بن موسى عن أبيه عن جده وفيه أيضا مقال ".

قلت: ومهدي هذا كذبه يحيى بن سعيد وابن معين.

1122 - " أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة (وأومأ يزيد بن زريع بالوسطى والسبابة) : امرأة آمت من زوجها ذات منصب وجمال، حبست نفسها على يتاماها، حتى بانوا أوماتوا ".

ضعيف.

أخرجه أبو داود (5149) وأحمد (6/29) من طريق النهاس بن قهم قال: حدثني شداد أبو عمار عن عوف بن مالك مرفوعا.

 

(3/251)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف، علته النهاس هذا قال الحافظ:

" ضعيف ".

1123 - " الإسلام يزيد ولا ينقص ".

ضعيف.

أخرجه أبو داود (2913) وابن أبي عاصم في " السنة " (954 بتحقيقي) والحاكم (4/345) والبيهقي (6/294) والطيالسي (568) وأحمد (5/230 و236) والجوزقاني في " الأباطيل " (2/157) من طريق شعبة حدثني عمرو بن أبي حكيم عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود قال:

" أتي معاذ بيهودي وارثه مسلم، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أوقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، فورثه ".

وقال الحاكم:

" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي.

قلت: لكنه معلول بالانقطاع، فقد أخرجه أبو داود من طريق عبد الوارث عن عمرو ابن أبي حكيم الواسطي: حدثنا عبد الله بن بريدة أن أخوين اختصما إلى يحيى بن يعمر: يهودي ومسلم، فورث المسلم منهما، وقال: حدثني أبو الأسود أن رجلا حدثه أن معاذا حدثه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره، فورث المسلم.

فهذا يدل على أن أبا الأسود لم يسمعه من معاذ، بينهما رجل لم يسم، فهو مجهول، فهو علة الحديث، وبه أعله البيهقي، فقال بعد أن ساقه من طريق أبي داود:

" وهذا رجل مجهول، فهو منقطع ".

وقال الحافظ في " الفتح " (12/43) بعدما ذكر تصحيح الحاكم له:

" وتعقب بالانقطاع بين أبي الأسود ومعاذ، ولكن سماعه منه ممكن، وقد زعم الجوزقاني أنه باطل، وهي مجازفة ".

قلت: الذي يبدو لي أن حكم الجوزقاني عليه بأنه باطل، إنما هو باعتبار ما فيه من توريث المسلم من اليهودي الكافر، فإن الأحاديث الصحيحة على خلاف ذلك كقوله

 

(3/252)

 

 

صلى الله عليه وسلم: " لا يتوارث أهل ملتين شتى "، وهو مخرج مع غيره مما في معناه في كتابي " إرواء الغليل " (1673) .

ثم رأيت الحديث قد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق الجوزقاني بإسناد آخر له عن يحيى بن يعمر به وأعله بأن فيه محمد بن مهاجر، وهو المتهم به فظننت أن الجوزقاني حكم عليه بالبطلان بالنظر إلى هذه الطريق، ولذلك تعقبه السيوطي في " اللآليء " (2/442) بأن ابن المهاجر بريء منه. ثم ساق بعض الطرق المتقدمة، ولم يعزه لأبي داود، وذهل عن العلة الحقيقية في هذا الحديث، وهو ما نبه عليه البيهقي ثم العسقلاني. والله أعلم.

والحديث عزاه الشيخ المنتصر الكتاني في كتابه " نصوص حديثية " لأبي داود بزيادة: " الإسلام يعلوولا يعلى، ويزيد ولا ينقص ". وهي زيادة لا أصل لها عند أبي داود ولا عند غيره ممن أخرج الحديث، اللهم إلا عند بحشل في "

تاريخ واسط " فإنه أخرج الحديث من طريق عمران بن أبان عن شعبة به بلفظ: " الإيمان يعلو ولا يعلى " بدل " يزيد ولا ينقص "، وابن أبان ضعيف. وهو بهذا اللفظ حسن لمجيئه من طرق كما بينته في " الإرواء "، رقم (1255) .

والحديث جزم المناوي بضعفه.

1124 - " كان أحب النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة، ومن الرجال علي ".

باطل.

أخرجه الترمذي (2/319) والحاكم (3/155) من طريق جعفر بن زياد الأحمر عن عبد الله بن عطاء عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: فذكره. وقال الترمذي:

" هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ".

وقال الحاكم:

" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي!!

قلت: عبد الله بن عطاء، قال الذهبي نفسه في " الضعفاء ":

 

(3/253)

 

 

" قال النسائي: ليس بالقوي ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" صدوق يخطىء ويدلس ".

قلت: وقد عنعن إسناد هذا الحديث، فلا يحتج به لوكان ثقة، فكيف وهو صدوق يخطىء؟ !

ثم إن الراوي عنه جعفر بن زياد الأحمر، مختلف فيه، وقد أورده الذهبي أيضا في " الضعفاء " وقال:

" ثقة ينفرد، قال ابن حبان: في القلب منه! ! ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" صدوق يتشيع ".

قلت: فمثله لا يطمئن القلب لحديثه، لا سيما وهو في فضل علي رضي الله عنه!

فإن من المعلوم غلوالشيعة فيه، وإكثارهم الحديث في مناقبه مما لم يثبت!

وإنما حكمت على الحديث بالبطلان من حيث المعنى لأنه مخالف لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحب النساء والرجال إليه كما يأتي.

وقد روي الحديث عن عائشة رضي الله عنه، وهو باطل عنها أيضا، يرويه جميع ابن عمير التيمي قال:

" دخلت مع عمتي (وفي رواية: أمي) على عائشة، فسئلت: أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: فاطمة، فقيل: من الرجال؟ قالت:

زوجها ". أخرجه الترمذي (2/320) والحاكم (3/154) من طريقين عن جميع به والسياق للترمذي وقال:

" حديث حسن غريب ". وقال الحاكم - والرواية الأخرى له -:

" صحيح الإسناد "! ورده الذهبي فأحسن:

" قلت: جميع متهم، ولم تقل عائشة هذا أصلا ".

ويؤيد قوله شيئان:

الأول: أنه ثبت عن عائشة خلافه، فقال الإمام أحمد (6/241) : حدثنا عبد الواحد الحداد عن كهمس عن عبد الله بن شقيق، قال: قلت لعائشة: أي الناس كان أحب إلى

 

(3/254)

 

 

رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: عائشة، قلت: فمن الرجال؟

قالت: أبوها ".

قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح.

والآخر: أنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه، من رواية عمرو بن العاص قال:

" أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، قلت: من الرجال؟ قال: أبوها، ثم من؟ قال: عمر. فعد رجالا ".

أخرجه الشيخان وأحمد (4/203) .

وله شاهد من حديث أنس قال:

" قيل: يا رسول الله، أي الناس ... " دون قوله: " ثم من ... ".

أخرجه ابن ماجه (101) والحاكم (4/12) وقال:

" صحيح على شرط الشيخين ". وهو كما قال:

" وشاهد آخر، فقال الطيالسي (1613) : حدثنا زمعة قال: سمعت أم سلمة الصرخة على عائشة، فأرسلت جاريتها: انظري ما صنعت، فجاءت فقالت: قد قضت، فقالت:

يرحمها الله، والذي نفسي بيده، قد كانت أحب الناس كلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أباها ".

قلت: وهذا الإسناد لا بأس به في الشواهد.

قلت: وكون أبي بكر رضي الله عنه أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم هو الموافق لكونه أفضل الخلفاء الراشدين عند أهل السنة، بل هو الذي شهد به علي نفسه رضي الله عنه، برواية أعرف الناس به ألا وهو ابنه محمد بن الحنفيه قال:

" قلت لأبي: أي الناس خير بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر.. " الحديث.

أخرجه البخاري (2/422) .

فثبت بما قدمنا من النصوص بطلان هذا الحديث. والله المستعان.

(فائدة) :

وأما ما روى الحاكم (3/155) ، قال: " حدثنا مكرم بن أحمد القاضي: حدثنا أحمد بن يوسف الهمداني: حدثنا عبد المؤمن

 

(3/255)

 

 

ابن علي الزعفراني: حدثنا عبد السلام بن حرب عن عبيد الله بن عمر عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر رضي الله عنه، أنه دخل على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا فاطمة والله ما رأيت أحدا أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، والله ما كان أحد من الناس بعد أبيك صلى الله عليه وسلم أحب إلي منك ". وقال:

" صحيح الإسناد على شرط الشيخين ". وقال الذهبي:

" قلت: غريب عجيب ".

فأقول: أما أنه على شرط الشيخين، فوهم لا شك فيه، لأن من دون عبد السلام بن حرب لم يخرجا لهم، وعبد السلام بن حرب ليس من شيوخهما.

وأما أنه صحيح، ففيه نظر، والعلة عندي تتردد بين عبد السلام، وعبد المؤمن فالأول، وإن كان من رجال الشيخين، فقد اختلفوا فيه، ووثقه الأكثرون، وقال الحافظ:

" ثقة حافظ، له مناكير ".

وأما عبد المؤمن، فلم أر من وثقه توثيقا صريحا، وغاية ما ذكر فيه ابن أبي حاتم (3/1/66) أن الإمام مسلما قال:

" سألت أبا كريب عن عبد المؤمن بن علي الرازي فأثنى عليه، وقال: لولا عبد المؤمن من أين كان يسمع أبو غسان النهدي من عبد السلام بن حرب؟ ". والله أعلم.

1125 - " كان من دعاء داود يقول: اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك، والعمل الذي يبلغني حبك، اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي، ومن الماء البارد، وكان إذا ذكر داود يحدث عنه قال: كان أعبد البشر ".

ضعيف.

أخرجه الترمذي (2/433) والحاكم (2/433) وابن عساكر (5/352/2) من طريق محمد بن سعد الأنصاري عن عبد الله بن ربيعة الدمشقي - وقال الحاكم: عبد الله ابن يزيد الدمشقي، وقال ابن عساكر: عبد الله بن ربيعة بن يزيد

 

(3/256)

 

 

الدمشقي - حدثني عائذ الله أبو إدريس الخولاني عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الترمذي:

" حديث حسن غريب ".

وقال الحاكم:

" صحيح الإسناد ".

ورده الذهبي بقوله:

" قلت: بل عبد الله هذا قال أحمد: أحاديثه موضوعة ".

وأقول: جرى الذهبي على ظاهر ما وقع في " المستدرك " عبد الله بن يزيد الدمشقي، فظن أنه عبد الله بن يزيد بن آدم الدمشقي، فهو الذي قال فيه أحمد ما سبق، ورواية الترمذي وابن عساكر تدلان أنه ليس هو لأن اسم أبيه ربيعة، واسم جده يزيد، فهو غيره، ولهذا قال فيه الحافظ:

" مجهول ". والله أعلم.

لكن قوله في داود: " كان أعبد البشر " له شاهد من حديث ابن عمرو، رواه مسلم، وقد خرجته في " الصحيحة " (707) .

1126 - " يا ابن عمر! دينك دينك، إنما هو لحمك ودمك، فانظر عمن تأخذ، خذ عن الذين استقاموا، ولا تأخذ عن الذين مالوا ".

ضعيف.

أخرجه الخطيب في " الكفاية " (ص 121) من طريقين عن المبارك مولى إبراهيم بن هشام المرابطي قال: حدثنا العطاف بن خالد عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، العطاف هذا مختلف فيه، وقد أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" وثقه أحمد وغيره، وقال أبو حاتم: ليس بذاك ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" صدوق يهم ".

 

(3/257)

 

 

والمبارك مولى إبراهيم بن هشام المرابطي لم أجد له ترجمة.

1127 - " كان إذا أتي بطعام أكل مما يليه، وإذا أتي بالتمر جالت يده ".

موضوع.

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (315/2) والخطيب في " تاريخه " (11/95) من طريق عبيد بن القاسم حدثنا هشام عن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره.

أورده في ترجمة عبيد هذا وروى عن ابن معين أنه ليس بثقة. وفي رواية:

" كان كذابا خبيثا ". وعن أبي علي صالح بن محمد:

" كذاب كان يضع الحديث ". وعن أبي داود:

" كان يضع الحديث ".

وقد مضى الحديث مع بسط الكلام عليه برقم (909) ، والغرض من إيراده الآن إنما هو ذكر شاهد له من قوله صلى الله عليه وسلم، لبيان ضعفه أيضا يرويه العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية أبو الهذيل: حدثنا عبيد الله بن عكراش عن أبيه عكراش بن ذؤيب قال:

" بعثني بنومرة بن عبيد بصدقات أموالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدمت عليه المدينة فوجدته جالسا بين المهاجرين والأنصار، قال: ثم أخذ بيدي فانطلق بي إلى بيت أم سلمة، فقال: هل من طعام؟ فأتينا بحفنة كثيرة من الثريد والوذر، وأقبلنا نأكل منها، فخبطت يدي من نواحيها، وأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين يديه فقبض بيده اليسرى على يدي اليمنى ثم قال:

" يا عكراش كل من موضع واحد فإنه طعام واحد ".

ثم أتينا بطبق فيه ألوان الرطب، أومن ألوان الرطب (عبيد الله شك) قال:

فجعلت آكل من بين يدي، وجالت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطبق وقال:

" يا عكراش كل من حيث شئت فإنه غير لون واحد ".

ثم أتينا بماء فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ومسح ببلل كفيه وجهه وذراعيه ورأسه وقال: يا عكراش هذا الوضوء مما غيرت النار ".

 

(3/258)

 

 

أخرجه الترمذي (1/339) والسياق له وابن ماجه (3274) وأبو بكر الشافعي في " الفوائد " (97 - 98) وقال الترمذي:

" حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث العلاء بن الفضل، وقد تفرد به ".

قلت: وهو ضعيف كما في " التقريب ".

وعبيد الله بن عكراش قال الذهبي في " الميزان ":

" فيه جهالة، وقال ابن حبان: منكر الحديث، وقال البخاري: في إسناده نظر.

وقال أبو حاتم: مجهول ".

1128 - " ليلة الغار أمر الله عز وجل شجرة فخرجت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم تستره وإن الله عز وجل بعث العنكبوت فنسجت ما بينهما فسترت وجه النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر الله حمامتين وحشيتين فأقبلتا تدفان (وفي نسخة: ترفان) حتى وقعا بين العنكبوت وبين الشجرة، فأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل معهم عصيهم وقسيهم وهراواتهم حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه وسلم على قدر مائتي ذراع قال الدليل سراقة بن مالك المدلج: انظروا هذا الحجر ثم لا أدري أين وضع رجله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الفتيان: إنك لم تخطر منذ اللية أثره حتى إذا أصبحنا قال: انظروا في الغار! فاستقدم القوم حتى إذا كانوا على خمسين ذراعا نظر أولهم فإذا الحمامات، فرجع، قالوا: ما ردك أن تنظر في الغار؟ قال: رأيت حمامتين وحشيتين بفم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد، فسمعها النبي صلى الله عليه وسلم فعرف أن الله عز وجل قد درأ عنهما بهما، فسمت عليهما فأحرزهما الله تعالى بالحرم فأفرجا كل ما ترون ".

منكر.

رواه ابن سعد (1/228 - 229) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (17/13/1 - 2) والبزار في " مسنده " (2/299/1741 " كشف الأستار) والطبراني في " الكبير " (20/443/1082) والعقيلي (346) وخيثمة الأطرابلسي في " فضائل

 

(3/259)

 

 

الصديق " (16/5/2) وكذا الشريف أبو علي الهاشمي في " الفوائد المنتقاة " (108/1) وأبو نعيم في " الدلائل " (2/111) وكذا البيهقي (2/481 - 482) عن عوف بن عمرو أبي عمرو القيسي ويلقب (عوين) قال: حدثنا أبو مصعب المكي قال: أدركت زيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة وأنس بن مالك يذكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الغار.. وقال الهاشمي:

" تفرد به أنس ومن ذكر معه، لا نعرفه إلا من حديث مسلم بن إبراهيم عن عون بن عمرو القيسي عن أبي مصعب ".

وقال العقيلي:

" لا يتابع عليه عون، وأبو مصعب رجل مجهول ".

قلت: وأشار البزار إلى جهالته بقوله:

لا نعلم رواه إلا عون بن عمير، وأبو مصعب فلا نعلم حدث عنه إلا عوين ".

وقال ابن معين في عون: " لا شيء ".

وقال البخاري:

" منكر الحديث مجهول ".

ذكره الذهبي في " الميزان "، وساق له حديثين مما أنكر عليه هذا أحدهما.

وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه " البداية " (3/182) :

" وهذا حديث غريب جدا ".

وقال الهيثمي في " المجمع " (6/53) :

" رواه البزار والطبراني، وفيه جماعة لم أعرفهم ".

قلت: يشير إلى عون وأبي مصعب، فإن من دونهما ثقات معروفون، فهي غفلة عجيبة منه عن هذه النقول. فسبحان من لا يضل ولا ينسى.

1129 - " انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى الغار، فدخلا فيه، فجاءت العنكبوت، فنسجت على باب الغار، وجاءت قريش يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا روأوا على باب الغار نسج العنكبوت، قالوا: لم يدخله أحد، وكان

 

(3/260)

 

 

النبي صلى الله عليه وسلم قائما يصلي وأبو بكر يرتقب، فقال أبو بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم فداك أبي وأمي هؤلاء قومك يطلبونك! أما والله ما على نفسي أبكي، ولكن مخافة أن أرى فيك ما أكره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تحزن إن الله معنا " ".

ضعيف.

أخرجه الحافظ أبو بكر القاضي في " مسند أبي بكر " (ق 91/1 - 2) : حدثنا بشار الخفاف قال: حدثنا جعفر بن سليمان قال: حدثنا أبو عمران الجوني قال: حدثنا المعلى بن زياد عن الحسن قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان:

الأولى: الإرسال، فإن الحسن هو البصري وهو تابعي كثير الإرسال والتدليس.

والأخرى: ضعف الخفاف، وهو بشار بن موسى أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" ضعفه أبو زرعة، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" ضعيف كثير الغلط، كثير الحديث ".

قلت: وإنما يصح من الحديث آخره لوروده في القرآن الكريم: " إلا تنصروه فقد نصره الله، إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا، فأنزل الله سكينته عليه، وأيده بجنود لم تروها ".

وقول أبي بكر: " أما والله.. " في الصحيحين نحوه من حديث البراء.

وقال الحافظ ابن كثير في " البداية " (3/181) :

" وهذا مرسل عن الحسن، وهو حسن بما له من الشاهد ".

كذا قال! ويعني بالشاهد ما ساقه من طريق أحمد، وهذا في " المسند " (3251) من طريق عبد الرزاق في " المصنف " (5/389) ، وعنه الطبراني في " المعجم الكبير " (11/407/12155) من طريق عثمان الجزري أن مقسما مولى ابن عباس أخبره عن ابن عباس في قوله: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك " قال:

 

(3/261)

 

 

" تشاورت قريش ليلة بمكة، فقال بعضهم: إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: اقتلوه، وقال بعضهم: بل أخرجوه، فأطلع الله عز وجل نبيه على ذلك، فبات علي على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار، وبات المشركون يحرسون عليا، يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم فلما أصبحوا ثاروا إليه، فلما رأوا عليا رد الله مكرهم، فقالوا: أين صاحبك هذا؟ قال: لا أدري، فاقتصوا أثره، فلما بلغوا الجبل خلط عليهم، فصعدوا في الجبل، فمروا بالغار، فرأوا

على بابه نسج العنكبوت، فقالوا: لودخل ههنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاث ليال ".

قال ابن كثير عقبه:

" وهذا إسناد حسن، وهو من أجود ما روي في قصة العنكبوت على فم الغار ".

كذا قال، وليس بحسن في نقدي، لأن عثمان الجزري إن كان هو عثمان بن عمرو بن ساج الجزري فقد قال ابن أبي حاتم في " الجروح والتعديل " (3/1/162) عن أبيه:

" لا يحتج به ".

وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" تكلم فيه ".

وإن كان هو عثمان بن ساج الجزري ليس بينهما عمرو، فقد جنح الحافظ في " التهذيب " إلى أنه غير الأول، ولا يعرف حاله، ولم يفرق بينهما في " التقريب "، وقال:

" فيه ضعف ".

وابن عمرو لم يوثقه أحد غير ابن حبان، ومن المعروف تساهله في التوثيق، ولذلك فهو ضعيف لا يحتج به كما قال أبو حاتم.

وقال الهيثمي في " المجمع " (7/27) :

" رواه أحمد والطبراني، وفيه عثمان بن عمرو الجزري، وثقه ابن حبان وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح ".

ولذلك قال المحقق أحمد شاكر في تعليقه على " المسند ":

" في إسناده نظر ".

 

(3/262)

 

 

ثم إن الآية المتقدمة " وأيده بجنود لم تروها " فيها ما يؤكد ضعف الحديث، لأنها صريحة بأن النصر والتأييد إنما كان بجنود لا ترى، والحديث يثبت أن نصره صلى الله عليه وسلم كان بالعنكبوت، وهو مما يرى، فتأمل.

والأشبه بالآية أن الجنود فيها إنما هم الملائكة، وليس العنكبوت ولا الحمامتين، ولذلك قال البغوي في " تفسيره " (4/174) للآية:

" وهم الملائكة نزلوا يصرفون وجوه الكفار وأبصارهم عن رؤيته ".

وقد جاء في بعض الحديث ما يشهد لهذا المعنى، وهو ما أخرج أبو نعيم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها:

" أن أبا بكر رضي الله عنه رأى رجلا مواجه الغار، فقال: يا رسول الله إنه لرائينا، قال: كلا إن الملائكة تستره الآن بأجنحتها، فلم ينشب الرجل أن قعد يبول مستقبلهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر لوكان يراك ما فعل هذا ".

وأخرجه الطبراني مطولا في قصة الهجرة، وقال الهيثمي (6/54) :

" رواه الطبراني وفيه يعقوب هذا أنه حسن الحديث، وقال الحافظ فيه:

" صدوق، ربما وهم ".

فإذا لم يكن في الإسناد علة أخرى فهو حسن، ولكني لا أستطيع الجزم بذلك لأن الهيثمي رحمه الله قد عهدنا منه السكوت في كثير من الأحيان عن العلة في الحديث مثل الانقطاع والتدليس ونحوذلك، ولذلك نراه نادرا ما يقول: إسناد صحيح، أو: إسناد حسن، وإنما يقول: رجاله ثقات، أوموثقون. أو: فيه فلان وهو ضعيف، أو: مختلف فيه ونحوذلك. ولذلك فلا ينبغي للعارف بهذا العلم أن يصحح أويحسن بناء على مثل تلك العبارات منه. فإذا يسر الله لنا الوقوف على إسناد الطبراني أوأبي نعيم استطعنا الحكم على الحديث بما يستحقه من رتبة. والله الموفق.

ثم وقفت على إسناده في " المعجم الكبير " للطبراني (24/106/284) فتبين أنه

 

(3/263)

 

 

حسن لولا أن شيخ الطبراني أحمد بن عمرو الخلال المكي لم أقف له على ترجمة، وقد أخرج له في " المعجم الأوسط " (1/29/1 - 30/1) نحو16 حديثا، مما يدل على أنه من شيوخه المشهورين، فإن عرف أو توبع فالحديث حسن، يصلح دليلا على نكارة ذكر العنكبوت والحمامتين. والله أعلم.

1130 - " ليس من امبر امصيام في امسفر ".

شاذ بهذا اللفظ.

أخرجه أحمد (5/434) عن معمر عن الزهري عن صفوان بن عبد الله عن أم الدرداء عن كعب بن عاصم الأشعري - وكان من أصحاب السقيفة - قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.

قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، وعلته الشذوذ ومخالفة الجماعة. فقد قال أحمد أيضا: حدثنا سفيان عن الزهري به بلفظ:

" ليس من البر الصيام في السفر ".

وتابعه عليه ابن جريج ويونس ومحمد بن أبي حفصة والزبيدي كلهم رووه عن الزهري بلفظ سفيان.

وتابعهم معمر نفسه عند البيهقي وقال:

" وهو المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم ".

وليس يشك عالم بأن اللفظ الذي وافق معمر الثقات عليه، هو الصحيح الذي ينبغي الأخذ به، والركون إليه، بخلاف اللفظ الآخر الذي خالفهم فيه، فإنه ضعيف لا يعتمد عليه، لا سيما ومعمر؛ وإن كان من الثقات الأعلام فقد قال الذهبي في ترجمته:

" له أوهام معروفة، احتملت له في سعة ما أتقن، قال أبو حاتم: صالح الحديث، وما حدث به بالبصرة، ففيه أغاليط ".

وإن مما يؤكد وهم معمر في هذا اللفظ الذي شذ به عن الجماعة أن الحديث قد ورد عن جماعة آخرين من الصحابة، مثل جابر بن عمرو، وعمار بن ياسر وأبي الدرداء، جاء ذلك عنهم من طرق كثيرة، وكلها أجمعت على روايته باللفظ الثاني الذي رواه الجماعة، وقد خرجت أحاديثهم جميعا في " إرواء الغليل " (925) فمن شاء الوقوف

 

(3/264)

 

 

عليها، فليرجع إليه إن شاء الله تعالى.

وإنما عنيت هنا عناية خاصة لبيان ضعف الحديث بهذا اللفظ لشهرته عند علماء اللغة والأدب، ولقول الحافظ ابن حجر في " التلخيص ":

" هذه لغة لبعض أهل اليمن، يجعلون لام التعريف ميما، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خاطب بها هذا الأشعري (يعني: كعب بن عاصم) كذلك لأنها لغته، ويحتمل أن يكون الأشعري هذا نطق بها على ما ألف من لغته، فحملها الراوي عنه، وأداها باللفظ الذي سمعها به. وهذا الثاني أوجه عندي. والله أعلم ".

فأقول: إن إيراد الحافظ رحمه الله تعالى هذين الاحتمالين قد يشعر القارىء لكلامه أن الرواية ثبتت بهذا اللفظ عن الأشعري، وإنما تردد في كونه من النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، أومن الأشعري، ورجح الثاني. وهذا الترجيح لا داعي إليه، بعد أن أثبتنا أنه وهم من معمر، فلم يتكلم به النبي صلى الله عليه وسلم ولا الأشعري، بل ولا صفوان بن عبد الله، ولا الزهري. فليعلم هذا فإنه عزيز نفيس إن شاء الله تعالى.

1131 - " لوكان هذا في غير هذا لكان خيرا لك ".

ضعيف.

أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (1/2/238) والحاكم (4/121 - 122) وأحمد (3/471 و4/339) والطبراني في " الكبير " (1/100/2) والبيهقي في " الشعب " (2/161/2 - 162/1) من طريق شعبة قال: سمعت أبا إسرائيل قال: سمعت جعدة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ورأى رجلا سمينا، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يومئ إلى بطنه بيده ويقول: فذكره. وقال الحاكم:

" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي.

وقال المنذري (3/123) :

" رواه ابن أبي الدنيا والطبراني بإسناد جيد والحاكم والبيهقي ".

وكذا قال الحافظ العراقي في " المغني " (3/88 الطبعة التجارية) ، إلا أنه ذكر أحمد بدل ابن أبي الدنيا، ولم يذكر الطبراني، ولم أره في " كتاب الجوع " لابن أبي الدنيا. وقال الهيثمي (5/31) :

 

(3/265)

 

 

" رواه الطبراني وأحمد ورجاله رجال الصحيح غير أبي إسرائيل الجشمي وهو ثقة " قلت: في هذا التوثيق عندي نظر، لأن عمدته على أن ابن حبان ذكر أبا إسرائيل في " الثقات "، ولم يوثقه غيره كما يستفاد من ترجمته المختصرة في " تهذيب التهذيب ":

" أبو إسرائيل الجشمي، وعنه شعبة بن الحجاج. ذكره ابن حبان في " الثقات "، واسمه شعيب ".

ومن المعلوم تساهل ابن حبان في التوثيق كما نبهنا عليه مرارا، ولهذا نرى الذهبي والعسقلاني وغيرهما من المحققين لا يحتجون بمن يتفرد ابن حبان بتوثيقه، ولا يوثقونه، فهذا أبو إسرائيل لم يوثقه ابن حجر في " التقريب " وإنما قال فيه:

" مقبول "، يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث كما نص عليه في المقدمة.

ولذلك فإني أرى أن تجويد الحافظ المنذري والعراقي لإسناد هذا الحديث، غير جيد، لأنه قائم على الاعتماد على توثيق ابن حبان لرواية أبي إسرائيل، وهو بالتجهيل أولى منه بالتوثيق لأنه لم يروعنه غير شعبة، مع عدم توثيق غير ابن

حبان له. والله أعلم.

ثم وجدت للحديث علة أخرى، وهي الاختلاف في صحبة جعدة وهو ابن هبيرة الأشجعي، وترى تفصيل القول في ذلك في " تهذيب ابن حجر " وتعليق الدكتور عواد على " تهذيب المزي " (4/566) ، وتناقض رأي ابن حجر فيه، ففي " التهذيب " يرجح قول أبي حاتم أنه تابعي، وفي " التقريب " يجزم بأنه صحابي صغير له رؤية، وليس يخفى على طالب العلم أن هذا التناقض من مثل هذا الحافظ ما هو إلا لأنه ليس هناك دليل قاطع في صحبة جعدة هذا يرفع الخلاف، وإن مما يؤكد ذلك أن ابن حبان نفسه الذي وثق أبا إسرائيل هذا أورد جعدة في التابعين من " ثقاته " (4/115) وقال:

" ولا أعلم لصحبته شيئا صحيحا فأعتمد عليه فلذلك أدخلناه في التابعين ".

وبناء على ذلك أورد أبا إسرائيل في " أتباع التابعين " من " ثقاته " (6/438) وقال:

" يروي عن جعدة بن هبيرة، روى عنه شعبة بن الحجاج ".

 

(3/266)

 

 

قلت: وهذا تناقض ظاهر من ابن حبان يشبه تناقض الحافظ السابق، لأن أبا إسرائيل هذا إذا كان ثقة عنده لزمه القول بصحبة جعدة لأنه صرح في هذا الحديث بها: " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم " وإذا كان قوله هذا ليس صحيحا يعتمد عليه، لزمه القول بأن أبا إسرائيل ليس ثقة يعتمد عليه، وهذا هو الذي يظهر لي لتفرد شعبة بالرواية عنه كما تقدم. والله أعلم.

1132 - " قوموا كلكم فتوضأوا ".

باطل.

رواه ابن عساكر (17/360/2) عن يحيى بن عبد الله البابلتي: حدثنا الأوزاعي: حدثني واصل بن أبي جميل أبو بكر عن مجاهد قال: " وجد النبي صلى الله عليه وسلم (1) ريحا، فقال: ليقم صاحب الريح فليتوضأ، فإن الله لا يستحيي من الحق، فقال العباس: يا رسول الله أفلا نقوم كلنا فنتوضأ؟ فقال: فذكره.

قلت: وهذا سند ضعيف، مسلسل بالعلل: الإرسال من مجاهد وهو ابن جبر وضعف واصل بن أبي جميل والبابلتي.

وأصل الحديث موقوف، فقد روى مجالد: نا عامر عن جرير يعني ابن عبد الله البجلي:

" أن عمر رضي الله عنه صلى بالناس، فخرج من إنسان شيء، فقال: عزمت على صاحب هذه إلا توضأ، وأعاد صلاته. فقال جرير: أوتعزم على كل من سمعها أن يتوضأ، وأن يعيد الصلاة، قال: نعما قلت، جزاك الله خيرا، فأمرهم بذلك ".

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1/107/1) : حدثنا معاذ بن المثنى: نا مسدد: نا يحيى عن مجالد.

قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات، رجال مسلم غير معاذ بن المثنى وهو ثقة مترجم في " تاريخ بغداد "، غير أن مجالدا وهو ابن سعيد الهمداني قال الحافظ في " التقريب ":

__________

(1) كذا الأصل، وسقط منه: " من رجل ". اهـ

 

(3/267)

 

 

" ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره ".

فقول الهيثمي (1/244) :

" رواه الطبراني في " الكبير " ورجاله رجال الصحيح ".

قلت: فهذا القول، مما لا يخفى بعده عن الصواب على من عرف ما بينا.

ويشبه هذا الحديث ما يتداوله كثير من العامة، وبعض أشباههم من الخاصة، زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب ذات يوم، فخرج من أحدهم ريح، فاستحيا أن يقوم من بين الناس، وكان قد أكل لحم جزور، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سترا عليه: " من أكل لحم جزور فليتوضأ ". فقام جماعة كانوا أكلوا من لحمه فتوضأوا!

وهذه القصة مع أنه لا أصل لها في شيء من كتب السنة ولا في غيرها من كتب الفقه والتفسير فيما علمت، فإن أثرها سيىء جدا في الذين يروونها، فإنها تصرفهم عن العمل بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لكل من أكل من لحم الإبل أن يتوضأ، كما ثبت في " صحيح مسلم " وغيره: قالوا: يا رسول الله أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: لا، قالوا: أفنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: توضأوا.

فهم يدفعون هذا الأمر الصحيح الصريح بأنه إنما كان سترا على ذلك الرجل، لا تشريعا! وليت شعري كيف يعقل هؤلاء مثل هذه القصة ويؤمنون بها، مع بعدها عن العقل السليم، والشرع القويم؟ ! فإنهم لوتفكروا فيها قليلا، لتبين لهم ما قلناه بوضوح، فإنه مما لا يليق به صلى الله عليه وسلم أن يأمر بأمر لعلة زمنية. ثم لا يبين للناس تلك العلة، حتى يصير الأمر شريعة أبدية، كما وقع في هذا الأمر، فقد عمل به جماهير من أئمة الحديث والفقه، فلوأنه صلى الله عليه وسلم كان أمر به لتلك العلة المزعومة لبينها أتم البيان، حتى لا يضل هؤلاء الجماهير باتباعهم للأمر المطلق! ولكن قبح الله الوضاعين في كل عصر وكل مصر، فإنهم من أعظم الأسباب التي أبعدت كثيرا من المسلمين عن العمل بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عن الجماهير العاملين بهذا الأمر الكريم، ووفق الآخرين للاقتداء بهم في ذلك وفي اتباع كل سنة صحيحة. والله ولي التوفيق.

1133 - " أفلحت يا قديم إن مت ولم تكن أميرا ولا كاتبا ولا عريفا ".

ضعيف.

أخرجه أبو داود (2933) وأحمد (4/133) وابن عساكر في " تاريخ

 

(3/268)

 

 

دمشق " (17/80/1) عن صالح بن يحيى بن المقدام عن جده المقدام بن معد يكرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب على منكبه ثم قال له: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، صالح هذا أورده الذهبي في " ديوان الضعفاء "، وقال: " مجهول ".

وقال في " المغني " و" الكاشف ":

" قال البخاري: فيه نظر ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" لين ".

وأما قول المنذري (3/134) :

" وفيه كلام قريب لا يقدح ".

فهذا مردود لوجهين:

أولا: أن الذين ترجموا صالحا كان كلامهم فيه على ثلاثة أنواع:

1 - منهم من ضعفه ضعفا شديدا، وهو الإمام البخاري، فقال قال: " فيه نظر "،

كما تقدم.

وعبارة البخاري هي من أشد أنواع التجريح عنده.

2 - ومنهم من جهله مثل موسى بن هارون الحمال وابن حزم.

ويمكن أن نذكر معهم ابن أبي حاتم، فإنه أورده في كتابه (2/1/419) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

3 - ومنهم من وثقه، وهو ابن حبان وحده، فقد أورده في " ثقات أتباع التابعين " وقال (6/409) :

" يخطىء ".

فأنت ترى أنهم جميعا متفقون على تجريح الرجل، إما بالضعف الشديد، وإما بالجهالة، وإما بالوهم.

ثانيا: أن الكلام الذي لا يقدح إنما يسلم لوقيل في رجل ثبت أنه ثقة، والأمر هنا ليس كذلك، لأن توثيق ابن حبان مما لا يوثق به عند التفرد كما هو الشأن هنا لما عرفت

 

(3/269)

 

 

من تساهله فيه، فلذلك لا يقبل توثيقه هذا إذا لم يخالف ممن هو مثله في العلم بالجرح والتعديل، فكيف إذا كان مخالفه هو الإمام البخاري؟ فكيف إذا كان مع ذلك هو نفسه يقول فيه كما تقدم:

" يخطىء "؟ !

فيتلخص من ذلك أن الكلام الذي فيه قادح، يسقط الاحتجاج بالحديث.

ثم إن إيراد ابن حبان إياه في " أتباع التابعين " ينبهنا إلى أن في الحديث علة أخرى وهي الانقطاع، فإن صالحا هذا رواه عن جده المقدام لم يذكر بينهما أباه يحيى بن المقدام، فهو منقطع، فهذه علة أخرى، ويؤيده أنه سيأتي له قريبا حديث آخر برقم (1149) من روايته عن أبيه عن جده، فإن كان هذا تلقاه عن أبيه فهو - أعني أباه - مجهول كما سيأتي هناك، ولذلك ذكر الحافظ في ترجمة صالح هذا من " التقريب " أنه من الطبقة السادسة. وهم الذين لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة.

1134 - " كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدرا من إمارة عمر، فلما رأى الناس قد تتابعوا فيها، قال (يعني عمر) : أجيزهن عليهم ".

منكر بهذا السياق.

أخرجه أبو داود (2199) وعنه البيهقي (7/338 - 339) : حدثنا محمد بن عبد الملك بن مروان: حدثنا أبو النعمان: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن غير واحد عن طاووس:

" أن رجلا يقال له: أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس قال: أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدرا من إمارة عمر؟ وقال ابن عباس: بلى كان الرجل..".

قلت: وهذا إسناد معلول عندي بأبي النعمان واسمه محمد بن الفضل السدوسي ولقبه عارم، وهو وإن كان ثقة فقد كان اختلط، وصفه بذلك جماعة من الأئمة منهم أبو

 

(3/270)

 

 

داود والنسائي والدارقطني وغيرهم، وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4/1/59) :

" سمعت أبي يقول: اختلط في آخر عمره، وزال عقله فمن سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح ".

قلت: وهذا الحديث من رواية ابن مروان وهو أبو جعفر الدقيقي الثقة، ولا ندري أسمع منه قبل الاختلاط أم بعده؟ وهذا عندي أرجح، فقد خولف عارم في إسناده ومتنه. فرواه سليمان بن حرب عن حماد بن زيد فقال: عن أيوب عن إبراهيم ابن ميسرة عن طاووس به، إلا أنه لم يذكر فيه:

" قبل أن يدخل بها ".

أخرجه مسلم (4/182) والبيهقي (7/336) . وقال ابن أبي شيبة (5/26) : نا عفان بن مسلم قال: نا حماد بن زيد به.

ورواه محمد بن أبي نعيم: نا حماد بن زيد به.

أخرجه الدارقطني (443) ، وابن أبي نعيم صدوق.

فهي زيادة شاذة إن لم نقل منكرة، تفرد بها عارم.

ويؤكد ذلك أن عبد الله بن طاووس قد روى الحديث عن أبيه كما رواه سليمان بن حرب بإسناده عنه بدون الزيادة.

أخرجه مسلم والنسائي (2/96) والطحاوي (2/31) والدارقطني (444) والبيهقي وأحمد (1/314) والحاكم أيضا (2/196) وقال:

" صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه "، ووافقه الذهبي.

قلت: وهو كما قالا، إلا أنهما وهما في استدراكهما على مسلم.

قلت: فهذه الروايات الصحيحة تدل على أن عارما إنما حدث بالحديث بعد الاختلاط، ولذلك لم يضبطه، فلم يحفظ اسم شيخ أيوب فيه، وزاد تلك الزيادة فهي لذلك شاذة غير محفوظة لمخالفته الثقات فيها، وقد خفيت هذه العلة على العلامة ابن القيم؛ فصحح إسناد الحديث في " زاد المعاد " (4/55) ، وانطلى ذلك على المعلق عليه (5/249 و251) ، وأعله المنذري في " مختصر السنن " (3/124) بقوله:

 

(3/271)

 

 

" الرواة عن طاووس مجاهيل ".

وإذا عرفت ذلك فلا يجوز تقييد لفظ الحديث الصحيح بها، كما فعل البيهقي، بل ينبغي تركه على إطلاقه فهو يشمل المدخول بها وغير المدخول بها، وإليك لفظ الحديث في " صحيح مسلم ":

" كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم ".

قلت: وهو نص لا يقبل الجدل على أن هذا الطلاق حكم محكم ثابت غير منسوخ لجريان العمل عليه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر، وأول خلافة عمر، ولأن عمر رضي الله لم يخالفه بنص آخر عنده بل باجتهاد منه ولذلك تردد قليلا أول الأمر في مخالفته كما يشعر بذلك قوله: " إن الناس قد استعجلوا.. فلو أمضيناه عليهم.. "، فهل يجوز للحاكم مثل هذا التساؤل والتردد لوكان عنده نص بذلك؟ !

وأيضا، فإن قوله: " قد استعجلوا " يدل على أن الاستعجال حدث بعد أن لم يكن، فرأى الخليفة الراشد، أن يمضيه عليهم ثلاثا من باب التعزيز لهم والتأديب، فهل يجوز مع هذا كله أن يترك الحكم المحكم الذي أجمع عليه المسلمون في خلافة أبي بكر وأول خلافة عمر، من أجل رأي بدا لعمر واجتهد فيه، فيؤخذ باجتهاده، ويترك حكمه الذي حكم هو به أول خلافته تبعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر؟ ! اللهم إن هذا لمن عجائب ما وقع في الفقه الإسلامي، فرجوعا إلى السنة المحكمة أيها العلماء، لا سيما وقد كثرت حوادث الطلاق في هذا الزمن كثرة مدهشة تنذر بشر مستطير تصاب به مئات العائلات.

وأنا حين أكتب هذا أعلم أن بعض البلاد الإسلامية كمصر وسوريا قد أدخلت هذا الحكم في محاكمها الشرعية، ولكن من المؤسف أن أقول: إن الذين أدخلوا ذلك من الفقهاء القانونيين لم يكن ذلك منهم بدافع إحياء السنة، وإنما تقليدا منهم لرأي ابن تيمية الموافق لهذا الحديث، أي إنهم أخذوا برأيه لا لأنه مدعم بالحديث، بل لأن

 

(3/272)

 

 

المصلحة اقتضت الأخذ به زعموا، ولذلك فإن جل هؤلاء الفقهاء لا يدعمون أقوالهم واختياراتهم التي يختارونها اليوم بالسنة، لأنهم لا علم لهم بها، بل قد استغنوا عن ذلك بالاعتماد على آرائهم، التي بها يحكمون، وإليها يرجعون في تقدير المصلحة التي بها يستجيزون لأنفسهم أن يغيروا الحكم الذي كانوا بالأمس القريب به يدينون الله، كمسألة الطلاق هذه، فالذي أوده أنهم إن غيروا حكما أوتركوا مذهبا إلى مذهب آخر، أن يكون ذلك اتباعا منهم للسنة، وأن لا يكون ذلك قاصرا على الأحكام القانونية والأحوال الشخصية، بل يجب أن يتعدوا ذلك إلى عباداتهم ومعاملاتهم الخاصة بهم، فلعلهم يفعلون!

1135 - " ما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا من نسائه إلا متقنعا، يرخي الثوب على رأسه، وما رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رآه مني ".

موضوع.

رواه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (ص 251 - 252) عن محمد ابن القاسم الأسدي: نا كامل أبو العلاء عن أبي صالح - أراه - عن ابن عباس قال: قالت عائشة رضي الله عنها: فذكره.

قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته الأسدي هذا كذبه أحمد وقال:

" أحاديثه موضوعة، ليس بشيء ".

وأبو صالح هو باذام وهو ضعيف.

والشطر الثاني من الحديث قد روي من طريقين آخرين ولكنهما واهيان كما بينته في " آداب الزفاف " (ص 32 - الطبعة الثانية) وذكرت هناك عن عائشة نفسها ما يدل على بطلانه.

وأما الشطر الأول، فمع تفرد ذاك الكذاب به فإنه يدل على بطلانه أيضا القرآن الكريم وهو قول الله عز وجل: " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " أي: كيف شئتم. فمع هذه الإباحة الصريحة في كيفية الإتيان، لا يعقل هذا التضييق الذي تضمنه هذا الحديث الموضوع كما لا يخفى.

 

(3/273)

 

 

1136 - " ما ابتلى الله عبدا ببلاء وهو على طريقة يكرها إلا جعل الله ذلك البلاء له كفارة وطهورا، ما لم ينزل ما أصابه من البلاء بغير الله، أويدعو غير الله في كشفه ".

موضوع.

رواه ابن أبي الدنيا في " المرض والكفارات " (162/1) حدثني يعقوب بن عبيد قال: أنبأ هشام بن عمار قال: أنبأ يحيى بن حمزة قال: حدثنا الحكم بن عبد الله أنه سمع المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي يحدث أنه سمع أبا هريرة يحدث قال:

دخلت على أم عبد الله ابنة أبي ذباب عائدا لها من شكوى فقالت: يا أبا هريرة إني دخلت على أم سلمة أعودها من شكوى فنظرت إلى قزحة في يدي فقالت:

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ساقط موضوع، من أجل الحكم بن عبد الله وهو ابن سعد الأيلي قال الذهبي في " الضعفاء ":

" متروك متهم ".

وقال في " الميزان ":

" وقال أحمد: أحاديثه كلها موضوعة. وقال ابن معين: ليس بثقة. وقال السعدي وأبو حاتم: كذاب ".

 

(3/274)

 

 

1137 - " يأتي على الناس زمان يكون المؤمن فيه أذل من شاته ".

ضعيف جدا.

رواه ابن عساكر (15/390/2) عن عباد بن يعقوب الرواجني أنبأنا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي مرفوعا.

قلت: وهذا سند واه، عيسى بن عبد الله قال أبو نعيم:

" روى عن آبائه أحاديث مناكير، لا يكتب حديثه، لا شيء ".

وقال ابن عدي: " حدث عن آبائه بأحاديث غير محفوظة ".

 

(3/274)

 

 

وساق له الذهبي حديثين قال في أحدهما:

" لعله موضوع ".

والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر هذه وبيض له المناوي في " شرحيه "!

1138 - " هي زكاة الفطر. آية: " قد أفلح من تزكى " ".

ضعيف جدا.

أخرجه البزار في " مسنده " (1/429/905) وابن عدي في " الكامل " (ق 333/1) والبيهقي (4/159) من طريق عبد الله بن نافع عن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله: " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى " قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، كثير هذا هو ابن عبد الله بن عمرو بن عوف، قال الشافعي وأبو داود:

" ركن من أركان الكذب ".

وقال الدارقطني وغيره:

" متروك ".

وعبد الله بن نافع هو الصائغ المخزومي المدني، قال الحافظ:

" ثقة صحيح الكتاب، في حفظه لين ".

والحديث أورده السيوطي في " الدر المنثور " (6/339) بتخريج البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم في " الكنى " وابن مردويه والبيهقي في " سننه " بسند ضعيف عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف به.

قلت: فضعف إسناده بعبد الله بن نافع، وتضعيفه بكثير أولى لما عرفت من سوء حاله، ولكن لعله سكت عنه لشهرته بذلك.

وللحديث شاهد موقوف، رواه أبو حماد الحنفي عن عبيد الله (وفي نسخة عبد الله) ابن عمر عن نافع عن عمر أنه كان يقول:

 

(3/275)

 

 

" نزلت هذه الآية: " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى " في زكاة رمضان " قلت: وهو مع وقفه ضعيف الإسناد جدا، فإن أبا حماد الحنفي واسمه مفضل بن صدقة قال النسائي:

" متروك ".

وقال ابن معين:

" ليس بشيء ".

وعبد الله بن عمر إن كان هو المكبر فضعيف، وإن كان المصغر فثقة.

1139 - " أكل اللحم يحسن الوجه، ويحسن الخلق ".

موضوع.

رواه الرازي في " الفوائد " (15/101/2) وابن عساكر (14/211/1) عن محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري: حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن الحريص (1) : حدثنا محمد بن حسان بن يزيد الحوري: حدثنا وكيع عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا.

قلت: وهذا سند واه جدا بل هو موضوع، فإن الأنصاري هذا قال الحافظ عبد العزيز الكتاني:

" كان يتهم ".

والمحمدان فوقه لم أعرفهما، ومن سائرهم من رجال الستة، واعتقادي أن هذا السند مركب عليهم، فإن أحدهم أسمى من أن يحدث بمثل هذا الحديث الباطل الظاهر البطلان، وإني لأعجب من السيوطي كيف سود به كتابه " الجامع الصغير "! وأما المناوي فقد بيض له في " الفيض " وقال في " التيسير ": إسناد ضعيف "!

__________

(1) وابن الحريص ترجمه ابن عساكر في " تاريخه " (15/31 - 32) ولكنه لم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. اهـ.

 

(3/276)

 

 

1140 - " إذا تغولت الغيلان فنادوا بالأذان ".

ضعيف.

رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (12/44/1) : حدثنا يزيد بن هارون عن هشام بن حسان عن الحسن عن جابر بن عبد الله مرفوعا.

وبهذا الإسناد أخرجه الإمام أحمد (3/381 - 382) وأبو يعلى (593 - 594) في حديث.

وكذلك أخرجه أحمد (3/305) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (517) من طريقين آخرين عن هشام بن حسان به.

وأخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " (1/256/1) وكذا أبو داود (2570) ولكنه لم يسق لفظه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله ثقات، وإنما علته الانقطاع بين الحسن وهو البصري وجابر، فإنه لم يسمع منه كما قال أبو حاتم والبزار.

وقد رواه البزار (4/34/3149) من طريقين عن يونس عن الحسن عن سعد بن أبي وقاص مرفوعا به نحوه. وقال البزار: لا نعلمه يروى عن سعد إلا من هذا الوجه، ولا نعلم سمع الحسن من سعد شيئا ".

وقال الهيثمي (10/134) :

" ورجاله ثقات إلا أن الحسن البصري لم يسمع من سعد فيما أحسب ".

وله شاهد واه جدا من رواية عمر بن صبح عن مقاتل بن حيان عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به.

أخرجه بن عدي في " الكامل " (ق 244/1) وقال:

" هذا الحديث بهذا الإسناد بعض متنه لا يعرف إلا من طريق عمر بن صبح عن مقاتل، وابن صبح منكر الحديث ".

وقال الذهبي:

" ليس بثقة ولا مأمون، قال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث ".

 

(3/277)

 

 

وله شاهد آخر من حديث أبي هريرة مرفوعا به. وزاد:

" فإن الشيطان إذا سمع النداء أدبر وله حصاص ".

أخرجه الطبراني في " الأوسط " من حديث عدي بن الفضل عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عنه. وقال:

" لم يروه عن سهيل إلا عدي ".

قلت: وهو متروك كما قال الهيثمي (10/134) .

والزيادة المذكورة عند مسلم (2/5 - 6) من طريقين عن سهيل به. وهذا يدل على نكارة ما زاده عدي عليها. ويؤكده أن في أحد الطريقين المشار إليهما عند مسلم عن سهيل قال: أرسلني أبي إلى بني حارثة، قال: ومعي غلام لنا أوصاحب لنا، فناداه مناد من حائط باسمه، قال: وأشرف الذي معي على الحائط فلم ير شيئا، فذكرت ذلك لأبي فقال: لوشعرت أنك تلقى هذا لم أرسلك، ولكن إذا سمعت صوتا فناد بالصلاة، فإني سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

" إن الشيطان إذا نودي بالصلاة، ولى وله خصائص ".

قلت: فهذا يبين أن هذه الزيادة التي تفرد بها عدي - وهو ابن الفضل - أصلها مقطوع من كلام أبي صالح والد سهيل، فرفعه عدي!

1141 - " من أكل فشبع، وشرب فروي، فقال: الحمد لله الذي أطعمني فأشبعني، وسقاني فأرواني، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ".

ضعيف.

أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (467) : أخبرنا أبو يعلى: حدثنا محمد بن إبراهيم السامي: حدثنا إبراهيم بن سليمان: حدثنا حرب بن سريج (1) عن حماد بن أبي سليمان قال:

" تغديت عند أبي بردة، فقال: ألا أحدثك ما حدثني به عبد الله بن قيس رضي الله عنه؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

__________

(1) بالمهملة والجيم. كذا قيده الحافظ، ووقع في ابن السني " شريح " وهو خطأ. اهـ

 

(3/278)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير حرب بن سريج، قال الحافظ في " التقريب ":

" صدوق يخطىء ".

وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" فيه ضعف ".

قلت: وخفي ذلك على المنذري فسكت عليه في " الترغيب " (3/129) وعزاه لأبي يعلى. وأغرب منه قول الهيثمي (5/29) :

" رواه أبو يعلى، وفيه من لم أعرفه ".

وليس فيهم من لا يعرف إطلاقا، فلعله تحرف عليه بعض أسماء رواته.

1142 - " يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة العذاب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة قط ".

ضعيف.

أخرجه الطيالسي في " مسنده " (1546) : حدثنا عمر بن العلاء اليشكري قال: حدثني صالح بن سرج من عبد القيس عن عمران بن حطان قال: سمعت عائشة تقول، وذكر عندها القضاة، فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. ومن طريق الطيالسي أخرجه أحمد (6/75) وأبو بكر المروزي في " أخبار الشيوخ

" (1/27/2) وابن أبي الدنيا في " الأشراف " (2/73/2) والبيهقي (10/96) كلهم عن الطيالسي به.

وأخرجه ابن حبان (1563) والطبراني في " الأوسط " (رقم - 2781 - مصورتي) والبيهقي أيضا من طريقين آخرين عن عمر بن العلاء به، إلا أن ابن حبان قال: "

عمره " بدل " تمرة ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه علتان:

الأولى: صالح بن سرج أورده الذهبي في " الميزان " ولم يزد فيه على قوله:

" قال أحمد بن حنبل: كان من الخوارج ".

وأورده في " الضعفاء " وقال:

 

(3/279)

 

 

" مجهول ".

وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " (6/460) .

والأخرى: عمر بن العلاء. كذا وقع في المصادر المتقدمة إلا المسند فوقع فيه " عمرو " بفتح أوله. قال الحافظ في " التعجيل ":

" وهو قول الأكثر ".

وذكر في ترجمته أنه روى عنه جماعة من الثقات، ولم يذكر فيه توثيقا فهو مجهول الحال. والله أعلم.

قلت: فقول الهيثمي في " المجمع " (4/193) :

" رواه أحمد وإسناده حسن ".

غير حسن، لما بينا من حال الرجلين.

1143 - " أول من يكسى حلة من النار إبليس، يضعها على حاجبيه، وهو يسحبها من خلفه، وذريته من خلفه، وهو يقول: يا ثبوراه! وهم ينادون: يا ثبوراهم، حتى يقف على النار، فيقول: يا ثبوراه! فينادون: يا ثبوراهم، فيقال: " لا تدعو اليوم ثبورا واحدا، وادعوا ثبورا كثيرا " ".

ضعيف.

أخرجه أحمد (3/152 و153 - 154 و249) والبزار (4/183) والطبري في " تفسيره " (18/141) من طريق حماد بن سلمة قال: حدثنا علي بن زيد عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

قلت: وهذا سند ضعيف، علي بن زيد هو ابن جدعان ضعيف، كما في " التقريب ".

والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (10/392) وقال:

" رواه أحمد والبزار، ورجالهما رجال الصحيح غير علي بن زيد وهو ابن جدعان ضعيف، كما في " التقريب ".

والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (10/392) وقال:

" رواه أحمد والبزار، ورجالهما رجال الصحيح غير علي بن زيد وقد وثق "!

وذكره ابن الجوزي في تفسيره " زاد المسير " (6/76) (1) دون عزو فقال:

__________

(1) قام بطبعه المكتب الإسلامي بدمشق، جزاه الله خيرا. اهـ.

 

(3/280)

 

 

" روى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ".

فجزم برواية أنس له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يحسن، وكم فيه من أحاديث ضعيفة وواهية يسكت عنها، ولا يبين وهنها، بل ربما أوهم صحتها، كهذا، وقد تولى بيان حال الكثير منها الأستاذ المعلق عليه، ولكنه سكت أيضا عن غير قليل منها كهذا الحديث، فإنه خرجه ولم يبين حال إسناده، بل وأقره على جزمه!

1144 - " كل [باسم الله] ، ثقة بالله، وتوكلا عليه ".

ضعيف.

رواه أبو داود (3925) والترمذي (1/335) وابن ماجه (3542) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (457) وأبو العباس الأصم في " جزء من حديثه " (ق 192/2) والحاكم (4/136 - 137) والعقيلي في " الضعفاء " (428) وابن عدي في " الكامل " (396/2) وأبو عبد الله الدقاق في " معجم مشايخه " (ق 4/1) والضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (ق 49/1) من طريق المفضل بن فضالة عن حبيب بن الشهيد عن محمد بن المنكدر عن جابر:

" أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد مجذوم، فأدخلها معه في القصعة فقال ".

فذكره. وقال الترمذي:

" هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث المفضل بن فضالة، وهو شيخ بصري، والمفضل بن فضالة شيخ آخر مصري أوثق من هذا وأشهر، وروى شعبة هذا الحديث عن حبيب بن الشهيد عن ابن بريدة: أن ابن عمر أخذ بيد مجذوم، وحديث شعبة أثبت عندي وأصح ".

قلت: وحديث شعبة وصله العقيلي من طريق سعيد بن منصور قال: حدثنا عبد الرحمن ابن زياد قال: حدثنا شعبة عن حبيب بن الشهيد قال: سمعت عبد الله بن بريدة يقول:

" كان سلمان يعمل بيديه، ثم يشتري طعاما، ثم يبعث إلى المجذومين فيأكلون معه ".

 

(3/281)

 

 

قلت: فجعل سلمان مكان ابن عمر، ولعله الصواب، فإن إسناده صحيح، وعبد الرحمن بن زياد هذا هو الرصاصي، قال أبو حاتم:

" صدوق ". وقال أبو زرعة: " لا بأس به ".

وقال العقيلي عقب روايته:

" هذا أصل الحديث، وهذه الزيادة أولى به، والمفضل ليس بمشهور بالنقل، قال يحيى: ليس هو بذاك ".

وقال ابن عدي:

" ولم أر في حديثه أنكر من هذا الحديث، وباقي حديثه مستقيم ".

وقال الذهبي في " الضعفاء ":

" مقارب الحديث، لا يحتج به. قاله الترمذي ". وقال الحافظ في " التقريب ":

" ضعيف ".

قلت: فقول الحاكم: " حديث صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي مما لا يخفى بعده عن الصواب، ونحوه قول المناوي في " التيسير ": " إسناده حسن " مغترا بما نقله في " الفيض " عن ابن حجر أنه قال: " حديث حسن "!

قلت: وقد وجدت له متابعا، يرويه عبيد الله بن تمام عن إسماعيل المكي عن محمد ابن المنكدر به.

أخرجه ابن عدي (8/2 و237/1) وقال في الموضع الأول:

" إسماعيل هذا أحاديثه غير محفوظة، إلا أنه ممن يكتب حديثه ".

وقال في الموضع الآخر:

" وهذا قد روي من غير هذا الطريق عن محمد بن المنكدر، وعبيد الله في بعض ما يرويه مناكير ".

وقال الذهبي في " الضعفاء ":

" ضعفوه ".

وأورده ابن الجوزي في " الأحاديث الواهية " (2/386) من الوجهين عن محمد بن المنكدر.

 

(3/282)

 

 

1145 - " ملعون من لعب بالشطرنج ".

موضوع.

أخرجه الديلمي (4/63) عن عباد بن عبد الصمد عن أنس رفعه.

قلت: وهذا موضوع، آفته عباد هذا قال البخاري: " منكر الحديث ".

وقال ابن حبان:

" روى عن أنس نسخة كلها موضوعة ".

وقال الحافظ السخاوي في " عمدة المحتج في حكم الشطرنج " (9/1) :

" وقد سئل عنه النووي؟ فقال: لا يصح ".

ونحوه ما أورده السيوطي في " الجامع " من رواية عبدان وأبي موسى وابن حزم عن حبة بن مسلم مرسلا به وزاد:

" والناظر إليها كالآكل لحم الخنزير ".

قال المناوي:

" وحبة هذا تابعي لا يعرف إلا بهذا الحديث، وفي " الميزان ": إنه خبر منكر ".

قلت: وهو من رواية ابن جريج عن حبة، وقال في أصح الطريقين عنه - وكلاهما ضعيف -:

" حدثت عن حبة بن مسلم ".

فله علتان: الإرسال والانقطاع.

 

(3/283)

 

 

1146 - " إذا مررتم بهؤلاء الذين يلعبون الأزلام: الشطرنج والنرد وما كان من اللهو، فلا تسلموا عليهم، فإن سلموا عليكم فلا تردوا عليهم، فإنهم إذا اجتمعوا وأكبوا عليها، جاء إبليس أخزاه الله بجنوده فأحدق بهم، كلما ذهب رجل يصرف بصره عن الشطرنج لكز في ثغره، وجاءت الملائكة من وراء ذلك فأحدقوا بهم، ولم يدنوا منهم، فما يزالون يلعنونهم حتى يتفرقوا عنها حين يتفرقون كالكلاب اجتمعت على جيفة، فأكلت منها، حتى ملأت بطونها ثم تفرقت ".

 

(3/283)

 

 

موضوع.

أخرجه الآجري في " كتاب تحريم النرد والشطرنج والملاهي " (ق 43/2) من طريق سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته سليمان بن داود اليمامي قال الذهبي في " الميزان ":

" قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث، وقد مر لنا أن البخاري قال: من قلت فيه: منكر الحديث فلا تحل رواية حديثه. وقال ابن حبان: ضعيف. وقال آخر: متروك ".

وكتب الحافظ ابن المحب المقدسي بخطه على هامش كتاب الآجري:

" هذا حديث ضعيف ".

قلت: بل هو موضوع، وعلامات الوضع عليه لائحة، وآفته اليمامي المذكور، فإنه متهم عند البخاري كما عرفت. والله أعلم.

1147 - " إذا مررت عليهم (يعني أهل القبور) فقل: السلام عليكم يا أهل القبور من المسلمين والمؤمنين، أنتم لنا سلف، ونحن لكم تبع، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون. فقال أبو رزين: يا رسول الله ويسمعون؟ قال: ويسمعون، ولكن لا يستطيعون أن يجيبوا، أولا ترضى يا أبا رزين أن يرد عليك [بعددهم من] الملائكة ".

منكر.

أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (369) وعبد الغني المقدسي في " السنن " (ق 92: 2) عن النجم بن بشير بن عبد الملك بن عثمان القرشي حدثنا محمد بن الأشعث عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:

" قال أبو رزين: يا رسول الله: إن طريقي على المقابر، فهل من كلام أتكلم به إذا مررت عليهم؟ قال: " فذكره. وقال العقيلي والزيادة له:

" محمد بن الأشعث مجهول في النسب والرواية، وحديثه هذا غير محفوظ، ولا

 

(3/284)

 

 

يعرف إلا بهذا الإسناد. وأما " السلام عليكم يا أهل القبور " إلى قوله " وإنا إن شاء الله بكم لاحقون " فيروى بغير هذا الإسناد من طريق صالح، وسائر الحديث غير محفوظ ".

والنجم بن بشير أورده ابن أبي حاتم (4/1) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

قلت: فهو بهذه الزيادة منكر، لتفرد هذا المجهول بها، وأما بدونها فهو حديث صحيح أخرجه مسلم من حديث عائشة وبريدة، وهو مخرج في كتابي " أحكام الجنائز وبدعها ".

وهذه الزيادة منكرة المتن أيضا، فإنه لا يوجد دليل في الكتاب والسنة على أن الموتى يسمعون، بل ظواهر النصوص تدل على أنهم لا يسمعون. كقوله تعالى:

" وما أنت بمسمع من في القبور " وقوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه وهم في المسجد: " أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة، فإن صلاتكم تبلغني ... " فلم يقل: أسمعها. وإنما تبلغه الملائكة كما في الحديث الآخر: " إن لله ملائكة

سياحين يبلغوني عن أمتي السلام ". رواه النسائي وأحمد بسند صحيح.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " العبد إذا وضع في قبره، وتولى وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه، فيقولان له.. " الحديث رواه البخاري فليس فيه إلا السماع في حالة إعادة الروح إليه ليجيب على سؤال الملكين كما هو واضح من سياق الحديث.

ونحوه قوله صلى الله عليه وسلم لعمر حينما سأله عن مناداته لأهل قليب بدر: " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم " هو خاص أيضا بأهل القليب، وإلا فالأصل أن الموتى لا يسمعون، وهذا الأصل هو الذي اعتمده عمر رضي الله عنه حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك لتنادي أجسادا قد جيفوا، فلم ينكره الرسول صلى الله عليه وسلم بل أقره، وإنما أعلمه بأن هذه قضية خاصة، ولولا ذلك لصحح له ذلك الأصل الذي اعتمد عليه، وبين له أن الموتى يسمعون خلافا لما يظن عمر، فلما لم يبين له هذا، بل أقره عليه كما ذكرنا، دل ذلك على أن من المقرر شرعا أن الموتى لا يسمعون. وأن هذه قضية خاصة.

وبهذا البيان ينسد طريق من طرق الضلال المبين على المشركين وأمثالهم من

 

(3/285)

 

 

الضالين، الذين يستغيثون بالأولياء والصالحين ويدعونهم من دون الله، زاعمين أنهم يسمعونهم، والله عز وجل يقول: " إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم، ولو سمعوا ما استجابوا لكم، ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ".

وراجع لتمام هذا البحث الهام مقدمتي لكتاب " الآيات البينات في عدم سماع الأموات عند الحنفية السادات " للآلوسي.

1148 - " أربع من سعادة المرء: زوجة صالحة، وولد أبرار، وخلطاء صالحون، ومعيشة في بلده ".

موضوع.

أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (1/1/166 - مختصره للحافظ ابن حجر) منة طريق سهل بن عامر البجلي: حدثنا عمرو بن [جميع] عن عبد الله بن الحسن بن الحسن عن أبيه عن جده مرفوعا.

قلت: وهذا موضوع، وله آفتان:

الأولى: عمرو بن جميع كذبه ابن معين، وقال الدارقطني وجماعة:

" متروك ".

وقال ابن عدي:

" كان يتهم بالوضع ".

وقال البخاري:

" منكر الحديث ".

والأخرى: سهل بن عامر البجلي، كذبه أبو حاتم. وقال البخاري:

" منكر الحديث ".

وقال ابن أبي حاتم (4/1/202) عن أبيه:

" ضعيف الحديث، روى أحاديث بواطيل، أدركته بالكوفة، وكان يفتعل الحديث ".

 

(3/286)

 

 

1149 - " لا يحل أكل لحوم الخيل والبغال والحمير ".

منكر.

أخرجه أبو داود (3790) والنسائي (2/199) وابن ماجه (3198)

 

(3/286)

 

 

والطحاوي في " شرح المعاني " (2/322) والبيهقي (9/328) وأحمد (4/89) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 188) والطبراني في " المعجم الكبير " (رقم 3862) والواحدي في " الوسيط " (2/127/2) كلهم من طرق عن بقية بن الوليد: حدثني ثور بن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال العقيلي:

" صالح بن يحيى فيه نظر. وقد روي عن جابر قال: أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل، ونهانا عن لحوم البغال والحمير. وروي عن أسماء ابنة أبي بكر قالت: ذبحنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلناه.

وإسنادهما أصلح من هذا الإسناد ".

وقال البيهقي:

" فهذا إسناد مضطرب، ومع اضطرابه مخالف لحديث الثقات ".

ثم روى عن موسى بن هارون أنه قال:

" لا يعرف صالح بن يحيى ولا أبو هـ إلا بجده، وهذا ضعيف ".

قلت: فللحديث أربع علل:

الأولى: ضعف صالح بن يحيى كما أشار إلى ذلك البخاري بقوله فيه:

" فيه نظر ".

أوأنه مجهول كما يشعر كلام موسى بن هارون المذكور، وهو الذي جزم به الذهبي في " الضعفاء ". وقال الحافظ في " التقريب ":

" لين ".

وأما ابن حبان فأورده في " أتباع التابعين " من " الثقات "! واغتر به الحافظ المنذري فقال في " الترغيب " (3/134) :

" وفي صالح بن يحيى كلام قريب لا يقدح "!

الثانية: جهالة يحيى بن المقدام بن معدي، كما في كلام موسى بن هارون المتقدم، واعتمده الذهبي، فقال في " الميزان ":

" لا يعرف إلا برواية ولده صالح عنه ".

 

(3/287)

 

 

وقال الحافظ في " التقريب ":

" مستور ".

الثالثة: الاضطراب الذي أشار إليه البيهقي وبينه بقوله:

" ورواه محمد بن حمير عن ثور عن صالح أنه سمع جده المقدام. ورواه عمر بن هارون البلخي عن ثور عن يحيى بن المقدام عن أبيه عن خالد ".

ومحمد بن حمير ثقة وقد تابعه سليمان بن سليم أبو سلمة وهو ثقة أيضا، عن صالح بن يحيى بن المقدام عن جده المقدام عن خالد قال:

" غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة خيبر.. الحديث، وفيه: وحرام عليكم لحوم الحمر الأهلية وخيلها وبغالها.. ".

أخرجه أحمد.

ومتابعة أبي سلمة عند الطبراني (3827) ، لكنه قال: عن صالح عن أبيه عن جده عن خالد. يعني مثل إسناد ثور بن يزيد برواية بقية عنه.

نعم رواه سعيد بن غزوان عن صالح عن جده عن خالد.

رواه الطبراني (3828) .

الرابعة: النكارة والمخالفة كما تقدم في كلام البيهقي. ويعني بذلك أمرين اثنين:

الأول: قوله عن خالد: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه صلى الله عليه وسلم قال الحديث في هذه الغزوة. قال الحافظ في " الفتح " (9/561) :

" وتعقب بأنه شاذ منكر، لأن في سياقه أنه شهد خيبر، وهو خطأ، فإنه (يعني خالدا) لم يسلم إلا بعدها على الصحيح، والذي جزم به الأكثر أن إسلامه كان سنة الفتح..، وأعل أيضا بأن في السند راويا مجهولا ".

والآخر: أنه صح برواية الثقات أنه صلى الله عليه وسلم رخص في لحوم الخيل.

أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث جابر بن عبد الله، وله عنه طرق وألفاظ ذكرتها في " الصحيحة " فلتطلب من هناك.

 

(3/288)

 

 

وأما ما روى عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال:

" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر والخيل والبغال ".

فقد أورده الحافظ في " الفتح " من رواية الطحاوي وأبي بكر الرازي وابن جزم، وقال الحافظ:

" قال الطحاوي: وأهل الحديث يضعفون عكرمة بن عمار. قلت: لا سيما في يحيى بن أبي كثير، فإن عكرمة وإن كان مختلفا في توثيقه، فقد أخرج له مسلم، لكن إنما أخرج له من غير روايته عن يحيى بن أبي كثير، وقد قال يحيى بن سعيد القطان:

أحاديثه عن يحيى بن أبي كثير ضعيفة. وقال البخاري: حديثه عن يحيى مضطرب..

وعلى تقدير صحة هذه الطريق، فقد اختلف على عكرمة فيها، فإن الحديث عند أحمد والترمذي من طريقه ليس فيه للخيل ذكر، وعلى تقدير أن يكون الذي زاده حفظه، فالروايات المتنوعة عن جابر المفصلة بين لحوم الخيل والحمر في الحكم، أظهر اتصالا، وأتقن رجالا وأكثر عددا ".

ثم ذكر أن الطبري أخرجه من طريق يحيى بن أبي كثير أيضا عن رجل من أهل حمص قال:

كنا مع خال فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم لحوم الحمر الأهلية وخيلها وبغالها. وقال:

" وأعل بتدليس يحيى وإبهام الرجل ".

قلت: وأنا أظن أن هذا الرجل هو يحيى بن المقدام بن معدي كرب المتقدم في الطريق الأولى فإنه حمصي وهو مجهول كما سبق، فلا يذهبن وهل أحد إلى أنه يمكن تقوية تلك الطريق بطريق الطبري هذه، لأن مدارهما على مجهول. والله أعلم.

1150 - " إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قلت: يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال: المساجد، قلت: وما الرتع يا رسول الله؟ قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ".

ضعيف.

أخرجه الترمذي (2/265) من طريق يزيد بن حبان أن حميد المكي

 

(3/289)

 

 

مولى ابن علقمة حدثه أن عطاء بن أبي رباح حدثه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الترمذي:

" حديث حسن غريب ".

كذا قال! وحميد المكي قال البخاري كما في " الميزان ":

" لا يتابع على حديثه ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" مجهول ".

قلت: فأنى لحديثه الحسن؟ !

ويزيد بن حبان، كذا في النسخة المطبوعة من " الترمذي " في بولاق، وأظنه محرفا، والصواب: زيد بن حبان، فإنهم لم يذكروا غيره في ترجمة حميد المكي. والله أعلم.

وزيد بن الحباب من رجال مسلم، وفيه خلاف، قال الحافظ:

" صدوق يخطىء في حديث الثوري ".

وقد روي الحديث من طريق أخرى وهي مع ضعفها فإنه مختصر ولفظه:

" إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر ".

أخرجه الترمذي (2/265) وأحمد (3/150) وابن عدي في " الكامل " (329/1) من طريق محمد بن ثابت البناني قال: حدثني أبي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال الترمذي:

" حديث حسن غريب من حديث ثابت عن أنس ".

قلت: والقول فيه كالذي قبله، فإن محمد بن ثابت البناني متفق على تضعيفه وقد تفرد به عن أبيه، فقال ابن عدي عقبه وقد ساق له أحاديث أخرى:

" وهذه الأحاديث مع غيرها مما لم أذكره عامتها مما لا يتابع محمد بن ثابت عليه

".

وأورده الذهبي في " الميزان " فقال:

" قال البخاري: فيه نظر، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي ضعيف ".

 

(3/290)

 

 

ثم ساق له مما أنكر عليه حديثين، هذا أحدهما.

وقد وجدت له طريقا أخرى عن أنس، ولكنها واهية، لأنها من رواية زائدة بن أبي الرقاد: حدثنا زياد النميري عن أنس به.

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6/268) .

قلت: وهذا إسناد واه، وله علتان: زياد النميري وزائدة بن أبي الرقاد قال الذهبي في " الميزان ":

" ضعيفان ".

وقال الحافظ في الأول منهما:

" ضعيف ".

وفي الآخر:

" منكر الحديث ".

وبهذا جرحه البخاري، وهو بهذا التعبير عنده يعني أنه متهم. وقد قال النسائي:

" ليس بثقة ".

ووجدت له شاهدا من حديث ابن عمر به.

أخرجه أبو نعيم أيضا (6/354) : حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الله المقدسي: حدثنا محمد بن عبد الله بن عامر: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا مالك عن نافع عن سالم عنه. وقال:

" غريب من حديث مالك، لم نكتبه إلا من حديث محمد بن عبد الله بن عامر ".

قلت: ولم أعرفه، وأخشى أن يكون قد وقع في اسمه تحريف.

وشيخ أبي نعيم علي بن أحمد بن عبد الله المقدسي لم أجد له ترجمة، وهو على شرط ابن عساكر في " تاريخ دمشق "، ولكنه لم يورده.

ثم وجدت لحديث أبي هريرة المختصر شاهدا من حديث جابر في مستدرك الحاكم، ولذلك أخرجته في " الصحيحة " برقم (2562) .

1151 - " الحزم سوء الظن ".

ضعيف جدا.

رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (3/2) عن أبي الحسن علي

 

(3/291)

 

 

بن الحسين بن بندار بن خير قال: نا الحسين بن عمر بن مودود قال: أنا أبو التقى قال: نا بقية بن الوليد قال: نا الوليد بن كامل عن نصر بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ مرفوعا قلت: وكتب بعض المحدثين - ولعله ابن المحب - تحته بقوله:

" مرسل والوليد ضعيف ".

قلت: وعلي بن الحسن بن بندار قال الذهبي:

" اتهمه محمد بن طاهر ".

وفي " اللسان ":

" قال عبد العزيز النخشبي: لا تحل الرواية عنه إلا على وجه التعجب ".

ورواه الحربي في " الغريب " (5/212/1) عن جرير عن الحكم بن عبد الله: كانت العرب تقول:

" العقل التجارب، والحزم سوء الظن ".

والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية أبي الشيخ عن علي، والقضاعي عن عبد الرحمن بن عائذ.

أما إسناد القضاعي فقد بينا أنه واه جدا، وذكر نحوه المناوي متعقبا على العامري الذي قال في شرحه: " صحيح "!

وأما إسناد أبي الشيخ، فلم يتكلم عليه المناوي بشيء! وفيه علتان:

الأولى: الوقف على علي. كذلك ذكره الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة " (رقم 32) من رواية أبي الشيخ ومن طريقه الديلمي. بل كذلك أورده السيوطي نفسه في " الدرر " عن علي موقوفا، وهو في " كشف الخفاء " (رقم 1129) . فما كان ينبغي له أن يورده في " الجامع الصغير " لأنه خاص بالأحاديث المرفوعة كما يدل عليه تمام اسم كتابه: " من أحاديث البشير النذير ".

والأخرى: الضعف الشديد أيضا، فقد قال السيوطي نفسه في المصدر السابق:

" رواه أبو الشيخ بسند واه جدا عن علي موقوفا "!

 

(3/292)

 

 

وضعفه السخاوي أيضا، ولكنه لم يصرح بضعفه الشديد كما فعل السيوطي وذلك منه تقصير، لأنه قد يغتر بعضهم باقتصاره على التضعيف، فيظن أنه من النوع الذي ينجبر ضعفه بمجيئه من طرق أخرى! بل ذلك ما وقع فيه السخاوي نفسه، فإنه قد قال بعد أن ساق هذه الطرق والطريق الآتية عن ابن عباس:

" وكلها ضعيفة، وبعضها يتقوى ببعض ".

فأقول: إن هذه التقوية غير جارية على قواعد علم الحديث، لأن شرطها أن لا يشتد ضعف مفردات الطرق، وهذا مفقود هنا كما تقدم بيانه. زد على ذلك أن الحديث مخالف للنصوص الصحيحة كما سبق ذكره تحت الحديث: " احترسوا من الناس بسوء الظن " رقم (156) .

ثم رأيت الحديث في " مسند الفردوس " للديلمي (ص 109 - مصورة الجامعة) فإذا فيه - مع وقفه - هشام بن محمد بن السائب الكلبي، وهو متروك.

وأما حديث ابن عباس المشار إليه، فلفظه:

" من حسن ظنه بالناس كثرت ندامته ".

1152 - " من حسن ظنه بالناس كثرت ندامته ".

باطل.

رواه تمام في " الفوائد " (14/1/2) وابن عساكر (16/149/2) عن أبي العباس محمود بن محمد بن الفضل الواقفي: حدثني أبو عبد الله أحمد بن أبي غانم الواقفي: نا الفريابي عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن طاووس عن ابن عباس مرفوعا.

أورده ابن عساكر في ترجمة أبي العباس هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

وشيخه أحمد بن أبي غانم الواقفي لم أجد من ذكره، واسم أبيه (بزيع) كما ذكر ابن عساكر في ترجمة أبي العباس هذا.

والحديث مع ضعف سنده فإنه باطل عندي لأنه يضمن الحض على إساءة الظن بالناس، وهذا خلاف المقرر في الشرع أن الأصل إحسان الظن بهم.

 

(3/293)

 

 

1153 - " اللهم إنك لست بإله استحدثناه، ولا برب ابتدعناه، ولا كان لنا قبلك من إله يلجأ إليه ونذرك، ولا أعانك على خلقنا أحد فنشركه فيك، تباركت وتعاليت. قال صلى الله عليه وسلم: هكذا كان داود عليه السلام يقول ".

موضوع

رواه الطبراني (رقم - 7300) وأبو نعيم في " الحلية " (1/155 و373 و6/47) عنه وعن غيره والحاكم (3/401) وابن عساكر (5/359/1) عن عمرو بن الحصين: نا فضيل بن سليمان النميري عن موسى بن عقبة عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن عبد الرحمن بن مغيث عن كعب قال: أخبرني صهيب أن رسول الله صلى الله عليه

وسلم قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته عمرو بن الحصين، قال الخطيب:

" كذاب ".

وقال الذهبي في " الضعفاء ":

" تركوه ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" متروك ".

وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/179) :

" رواه الطبراني، وفيه عمرو بن الحصين العقيلي وهو متروك ".

ونقله المناوي عنه، ولم يزد عليه.

قلت: وفوقه ثلاث علل أخرى:

الأولى: فضيل بن سليمان النميري. أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" قال ابن معين: ليس بثقة، وقال أبو زرعة: ليس الحديث. وقال النسائي:

ليس بالقوي، ووثقه مسلم ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" صدوق له خطأ كثير ".

والثانية: أبو مروان والد عطاء وليس بالمعروف كما قال النسائي.

 

(3/294)

 

 

والثالثة: عبد الرحمن بن مغيث مجهول كما في " التقريب ".

وعمرو بن الحصين تابعه عند أبي نعيم عمرو بن مالك الراسبي، وهذه متابعة لا تجدي، لأن الراسبي هذا قال فيه ابن عدي:

" يسرق الحديث ".

قلت: وتركه أبو زرعة، فلا يبعد أن يكون سرقه من عمرو بن الحصين.

وروى الحاكم (2/619 - 620) من طريق اليمان بن سعيد المصيصي: حدثنا يحيى بن عبد الله المصري: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن عبد الله ابن عمر قال:

" كنا جلوسا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخل أعرابي جهو ري بدوي يماني على ناقة حمراء، فأناخ بباب المسجد، فدخل فسلم، ثم قعد، فقالوا: يا رسول الله! إن الناقة التي تحت الأعرابي سرقة، قال: أثم بينة؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: يا علي خذ حق الله من الأعرابي إن قامت عليه البينة، وإن لم تقم فرده إلي، قال: فأطرق الأعرابي ساعة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قم يا أعرابي لأمر الله وإلا فأدل بحجتك، فقالت الناقة من خلف الباب: والذي بعثك بالكرامة يا رسول الله إن هذا ما سرقني، ولا ملكني أحد سواه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أعرابي بالذي أنطقها بعذرك ما الذي قلت؟ قال: قلت: اللهم إنك لست برب استحدثناه، ولا معك إله أعانك على خلقنا، ولا معك رب فنشك في ربوبيتك، أنت ربنا كما نقول، وفوق ما يقول القائلون، أسألك أن تصلي على محمد، وأن تبرئني ببراءتئ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني بالكرامة يا أعرابي لقد رأيت الملائكة يبتدرون أفواه الأزقة يكتبون مقالتك، فأكثر الصلاة علي ".

وقال الحاكم:

" رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات، ويحيى بن عبد الله المصري هذا لست أعرفه بعدالة ولا جرح ".

وتعقبه الذهبي بقوله:

" قلت: هو الذي اختلقه ".

وقال في ترجمته من " الميزان ":

 

(3/295)

 

 

" ... عن عبد الرزاق فذكر حديثا باطلا بيقين، فلعله افتراه ".

وأقره الحافظ في " اللسان " وزاد: أن الحديث أورده الحاكم وقال:

" وهذا موضوع على الإسناد المذكور، وقد أخرجه الطبراني في " الدعاء " من طريق سعيد بن موسى الأزدي الحمصي عن الثوري عن عمرو بن دينار عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما فذكر نحوه بطوله، واليمان ضعيف كما سيأتي في ترجمته، وهو بسعيد أشبه، فلعله انقلب على اليمان، وسعيد تقدم أنه متهم بالوضع ".

1154 - " من سأل القضاء وكل إلى نفسه، ومن أجبر عليه ينزل الله عليه ملكا فيسدده ".

ضعيف

أخرجه أبو داود (3578) والترمذي (1/248) والحاكم (4/92) والبيهقي (10/100) وأحمد (3/118 و220) من طرق عن إسرائيل عن عبد الأعلى عن بلال بن أبي موسى عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

وقال الترمذي:

" هذا حديث حسن غريب " وقال الحاكم:

" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي.

كذا، وعبد الأعلى هذا هو ابن عامر الثعلبي ضعيف، أورده الذهبي نفسه في " الضعفاء " وقال:

" ضعفه أحمد وأبو زرعة ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" صدوق يهم ".

قلت: ومع ضعفه، فقد اضطرب في إسناد هذا الحديث، فرواه إسرائيل عنه كما تقدم وقال أبو عوانة: عن عبد الأعلى عن بلال بن مرداس الفزاري عن خيثمة البصري عن أنس.

 

(3/296)

 

 

علقه أبو داود، ووصله البيهقي والترمذي وقال:

" هو أصح من حديث إسرائيل عن عبد الأعلى ".

قلت: كأنه يعني أن أبا عوانة واسمه الوضاح بن عبد الله اليشكري، أحفظ من إسرائيل وهو ابن يونس بن أبي إسحاق، ولست أشك في ذلك، ولكن عبد الأعلى هذا ليس بالحافظ الضابط؛ حتى إذا اختلف عليه في الإسناد صرنا إلى الترجيح! كلا، بل الصواب أن نجعل اختلاف الثقات عليه دليلا على ضعفه هو، وأنه لم يضبط الإسناد. والله أعلم.

1155 - " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجعل نفسه موضع التهمة ".

ضعيف جدا

رواه أبو عبد الله الفلاكي في " الفوائد " (90 - 91) عن أحمد بن عمار: حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، ابن عمار هذا قال الدارقطني فيه:

" متروك ".

وقد مضى له حديث آخر برقم (550) .

والحديث مما لم يطلع عليه الحافظ السيوطي فلم يذكره في " جامعيه " " الصغير " و" الكبير "!! وكذا فات على المناوي في " الجامع الأزهر "!

 

(3/297)

 

 

1156 - " إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة، وادناهم منه مجلسا إمام عادل، وأبغض الناس إلى الله وأبعدهم منه مجلسا إمام جائر ".

ضعيف

أخرجه الترمذي (1/249) وأحمد (3/22) عن فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

وأخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (رقم - 1591 و4770) وعنه أبو نعيم في " الحلية " (10/114) والسلفي في " الطيوريات " (ق 177/1) من طريق محمد ابن جحادة عن عطية به مختصرا بلفظ:

 

(3/297)

 

 

" أشد الناس عذابا يوم القيامة إمام جائر ".

وقال الترمذي:

" حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ".

كذا قال! وعطية هو ابن سعد العوفي ضعيف مدلس كما سبق بيانه عند الحديث (24) .

1157 - " أفضل الناس عند الله منزلة يوم القيامة إمام عدل رفيق، وشر عباد الله منزلة يوم القيامة إمام جائر خرق ".

ضعيف

أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (1/200/2) : نا أحمد بن رشدين: حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا ابن لهيعة: حدثني محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ عن أبيه عن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وقال:

" لا يروى عن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به ابن لهيعة ".

قلت: وهو ضعيف. لكن ابن رشدين أشد ضعفا منه وهو أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد أبو جعفر المصري قال الذهبي في " الميزان ":

" قال ابن عدي: كذبوه، وأنكرت عليه أشياء. قلت فمن أباطيله.. ".

ثم ساق له حديثا في فضل الحسن والحسين.

وقد ذهل عن هذه العلة الحافظ المنذري في " الترغيب " (3/136) ، ثم الهيثمي في " المجمع " (5/197) فاقتصرا على إعلال الحديث بابن لهيعة فقط، فقال الأول:

" وحديثه حسن في المتابعات ".

وقال الآخر:

" وحديثه حسن، وفيه ضعف "!

 

(3/298)

 

 

1158 - " يجاء بالأمير الجائر يوم القيامة، فتخاصمه الرعية، يتفلجون عليه، فيقال له: سد عنا ركنا من أركان جهنم ".

منكر

أخرجه البزار (178 - زوائد ابن حجر) وابن عدي في " الكامل " (ق 29/2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/140) عن حيان بن أغلب بن تميم حدثنا أبي

 

(3/298)

 

 

عن ثابت عن أنس مرفوعا.

أورده ابن عدي في ترجمة الأغلب هذا مع أحاديث أخرى وقال:

" عامتها غير محفوظة، إلا أنه من جملة من يكتب حديثه ".

وروى عن ابن معين أنه قال فيه:

" ليس بشيء ".

وعن البخاري أنه قال:

" منكر الحديث ".

والحديث أورده المنذري وقال (3/136) :

" رواه البزار، وهذا الحديث مما أنكر على أغلب بن تميم ".

قلت: وابنه حبان بفتح أوله قال أبو حاتم:

" ضعيف الحديث ".

1159 - " إن أشد أهل النار عذابا يوم القيامة من قتل نبيا أوقتله نبي، وإمام جائر، وهؤلاء المصورون ".

ضعيف

رواه الطبراني (3/81/1) عن عمر بن خالد المخزومي: نا أبو نباتة يونس بن يحيى عن عباد بن كثير عن ليث بن أبي سليم عن طلحة بن مصرف عن خيثمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان:

الأولى: ليث بن أبي سليم، ضعيف لاختلاطه.

الأخرى: عباد بن كثير، فإن كان الثقفي البصري فهو متهم. قال الحافظ في " التقريب ":

" متروك، قال أحمد: روى أحاديث كذب ".

وإن كان الرملي الفلسطيني - وهو الأرجح عندي أوالذي يغلب على ظني - فهو ضعيف، قال الحافظ:

" ضعيف، قال ابن عدي: هو خير من عباد الثقفي ".

 

(3/299)

 

 

وذهل عنه المنذري فاقتصر في إعلاله على الأول، فقال في " الترغيب " (3/136) :

" رواه الطبراني، ورواته ثقات إلا ليث بن أبي سليم وفي " الصحيح " بعضه، ورواه البزار بإسناد جيد إلا أنه قال: وإمام ضلالة ".

قلت: هو في " المسند " أيضا للإمام أحمد بهذا اللفظ، ومن أجله خرجته في " الأحاديث الصحيحة " رقم (281) لأن ثمة فرقا ظاهرا بين اللفظين كما لا يخفى.

وفي المصورين وأنهم أشد الناس عذابا - حديث آخر صحيح، فانظره في " تخريج الحلال " (121) .

1160 - " لا يقبل الله صلاة إمام حكم بغير ما أنزل الله عز وجل ".

ضعيف جدا

رواه العقيلي في " الضعفاء " (220) والباغندي في " مسند عمر " (ص 120) وعنه المقدسي في " المختارة " (103/2) عن يونس بن موسى: كديم قال: حدثنا الحسن بن حماد الكوفي قال: حدثنا عبد الله بن محمد العدوي قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول على المنبر: حدثني عبادة بن عبادة بن عبد الله عن طلحة بن

عبد الله مرفوعا وقال العقيلي:

" حديث غير محفوظ، والعدوي لا يصح حديثه ".

قلت: قال البخاري في " الضعفاء الصغير " (ص 20) :

" منكر الحديث ".

ونحوه في " التاريخ الصغير " له (ص 175) .

وقال وكيع:

" يضع الحديث ".

وقال ابن حبان:

" لا يجوز الاحتجاج بخبره ".

ذكره الذهبي وساق له حديثين هذا أحدهما.

قلت: ويونس بن موسى هو والد محمد الكديمي الكذاب، ولم أجد له ترجمة

 

(3/300)

 

 

الآن، إلا أنه لم يتفرد به، فقال الحاكم في " المستدرك " (4/89) :

" أخبرني أبو النضر الفقيه ومحمد بن الحسن الشامي قالا: حدثنا الحسن بن حماد

الكوفي به ". وقال:

" هذا حديث صحيح الإسناد ".

ورده الذهبي بقوله:

" قلت: سنده مظلم، وفيه عبد الله بن محمد العدوي متهم ".

وقال في " الضعفاء ":

" كان يضع الحديث ".

(تنبيه) : أورد المنذري في " الترغيب " (3/136) هذا الحديث من رواية الحاكم

بلفظ:

" إمام جائر ". وأعله بالعدوي.

ولم أره عند الحاكم إلا باللفظ المذكور أعلاه. فالله أعلم.

1161 - " لا يولد بعد سنة مائة مولود لله فيه حاجة ".

موضوع

أخرجه الطبراني في " الكبير " (7283) : حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور

الجوهري ومحمد بن جعفر بن أعين قالا: حدثنا خالد بن خداش: حدثنا حماد بن زيد

عن أيوب عن الحسن عن صخر بن قدامة قال: فذكره مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، ومتن موضوع، وعلته صخر بن قدامة هذا، فإنه لا

يعرف إلا في هذا الحديث، ولم يورده البخاري في " التاريخ " ولا ابن أبي حاتم

في " الجرح والتعديل " ولا ابن حبان في " الثقات " فإنه على شرطه!

وثمة علة أخرى وهي عنعنة البصري، فإنه كان مدلسا، ويبدو لي أن الآفة ممن

حدثه عن صخر؛ فإن هذا قد أنكر الحديث لما سئل عنه، فقد أخرجه ابن شاهين عن

خالد له. وزاد في آخره:

" قال أيوب: فلقيت صخر بن قدامة فسألته عنه فقال: لا أعرفه "!

 

(3/301)

 

 

ذكره الحافظ في " الإصابة " وقال:

" قال ابن منده: صخر بن قدامة مختلف في صحبته. قلت: لم يصرح بسماعه من النبي

صلى الله عليه وسلم، ولم يصرح الحسن بسماعه منه، فهذه علة أخرى لهذا الخبر "

قلت: فإن ثبتت عدالته، فالمتهم به الواسطة بينه وبين الحسن البصري، لأنه إن

كان عدلا، فيبعد أن يكون حدث ثم ينكره. فتأمل.

وقد خفيت هذه العلة الأولى على ابن الجوزي، فإنه أورد الحديث في " الموضوعات

" (3/192) عن خالد بن خداش دون أن يعزوه لأحد، ثم قال:

" قال أحمد بن حنبل: ليس بصحيح. قلت: فإن قيل: فإسناده صحيح، فالجواب: إن

العنعنة تحتمل أن يكون أحدهم سمعه من ضعيف أوكذاب، فأسقط اسمه، وذكر من

رواه له عنه بلفظ (عن) . وكيف يكون صحيحا وكثير من الأئمة والسادة ولدوا

بعد المائة ".

وأشار الذهبي إلى أن علة ثالثة، وذلك بأن أورده في ترجمة خالد بن خداش هذا،

وذكر اختلاف العلماء فيه. ثم ساقه من رواية الرمادي في " تاريخه ": حدثنا

خالد بن خداش به. وعقب عليه بقوله:

" قلت: وصخر تابعي، والحديث منكر ".

قلت: وما أشار إليه مما لا يلتفت إليه، فإن خالدا هذا وثقه جماعة، وروى له

مسلم، وفوقه ما ذكرنا من العلل، فالتعلق بها في إنكار الحديث هو الواجب.

وقد خفي ذلك كله على الهيثمي فقال في " المجمع " (8/159) :

" رواه الطبراني عن شيخيه أحمد بن القاسم بن مساور ومحمد بن جعفر بن أعين،

ولم أعرفهما، وبقية رجاله رجال الصحيح "!

فأقول: ابن مساور ترجمه الخطيب في " التاريخ " (4/349) برواية جمع من الحفاظ

الثقات عنه وقال:

" وكان ثقة ".

ومثله قرينه ابن جعفر، وهو محمد بن جعفر بن محمد بن أعين أبو بكر، ترجمه

 

(3/302)

 

 

الخطيب أيضا (2/128 - 129) وروى عن سعيد بن يونس أنه قال:

" بغدادي قدم مصر، وحدث بها، وكان ثقة ".

ولذلك لما أخرج ابن شاهين الحديث من طريقه، وقال عقبه:

" هذا حديث منكر، وهذا البغدادي (يعني محمدا هذا) لا أعرفه " تعقبه الحافظ

بقوله:

" قلت: هو ثقة مشهور، ولم يتفرد به ".

وجملة القول: إن علة الحديث الإرسال، وجهالة المرسل، وعنعنة الحسن البصري

. والمتن موضوع قطعا لمعارضته لأحاديث كثيرة صحيحة، كحديث " لا تزال طائفة من

أمتي.. " بطرقه الكثيرة المخرجة في " الصحيحة " (270 و403) وحديث: " أمتي

كالمطر لا يدرى الخير في أوله أم في آخره " وهو مخرج في " الصحيحة " (2286)

مع مخالفة الحديث للواقع كما تقدم عن ابن الجوزي.

واعلم أن الحديث وقع في جميع المصادر التي نقلت عنها بلفظ الترجمة " مائة "

إلا " الميزان "، فهو فيه بلفظ " ستمائة "، وكذا في " موضوعات علي القارىء "

(ص - 471) ووقع في " اللآلي المصنوعة " (2/389) من رواية ابن قانع بلفظ:

" المائتين ". وهو باللفظ الأول أبطل من اللفظين الآخرين. كما لا يخفى عبى

ذي عينين.

1162 - " إذا أقرض أحدكم قرضا فأهدي له، أو حمله على الدابة، فلا يركبها، ولا

يقبله إلا أن يكون جري بينه وبينه قبل ذلك ".

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (2/81) : حدثنا هشام بن عمار: حدثنا إسماعيل بن عياش: حدثني

عتبة بن حميد الضبي عن يحيى بن أبي إسحاق الهنائي قال: سألت أنس بن مالك:

الرجل منا يقرض أخاه المال فيهدي له؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

.. فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف ظاهر الضعف، فإن إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن

غير الشاميين وهذه منها لأن عتبة هذا بصري، وهو صدوق له أوهام كما في "

التقريب ".

وله علة أخرى فقد قال في " الزوائد ":

 

(3/303)

 

 

" في إسناده عتبة بن حميد الضبي ضعفه أحمد وأبو حاتم، وذكره ابن حبان في "

الثقات "، ويحيى بن أبي إسحاق لا يعرف ".

وأخرجه البيهقي (5/350) من طريق سعيد بن منصور: حدثنا إسماعيل بن عياش به

إلا أنه قال: " يزيد بن أبي يحيى "، ثم أخرجه من طريق أخرى عن هشام به مثل

رواية ابن ماجه. ثم قال البيهقي:

" قال المعمري: قال هشام في هذا الحديث: " يحيى بن أبي إسحاق الهنائي "،

ولا أراه إلا وهم، وهذا حديث يحيى بن يزيد الهنائي عن أنس، ورواه شعبة

ومحمد بن دينار فوقفاه ".

قلت: ويحيى بن يزيد من رجال مسلم لكن استظهر ابن التركماني في " الجوهر النقي

" أن الحديث لابن أبي إسحاق لا لابن يزيد. وقد علمت أن ابن أبي إسحاق هذا

مجهول، وبه صرح الحافظ في " التقريب ".

وبالجملة فللحديث خمس علل:

1 - ضعف إسماعيل بن عياش.

2 - ضعف عتبة بن حميد الضبي.

3 - الاضطراب في سنده.

4 - جهالة ابن أبي يحيى.

5 - روايته موقوفا.

فالعجب من رمز السيوطي لحسنه كما نقله المناوي في " الفيض " ثم تبناه في "

التيسير "! وأعجب منه قول العزيزي: " وهو حديث صحيح " كما نقله شارح "

الموافقات " (2/384) فإن الحديث مع هذا الضعف الذي في إسناده يعارضه حديث أبي

هريرة في " الصحيحين " وغيرهما أن رجلا تقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فأغلظ له، فهم أصحابه به، فقال: " دعوه؛ فإن لصاحب الحق مقالا، اشتروا له

بعيرا فأعطوه "، قالوا: إنا نجد له سنا أفضل من سنه، قال: " اشتروه،

فأعطوه إياه؛ فإن خيركم أحسنكم قضاء ". وأحاديث زيادته صلى الله عليه وسلم

في الوفاء وحثه على ذلك كثيرة مستفيضة أخرجها البيهقي (5/351 - 352) وبعضها

في " صحيح البخاري ".

 

(3/304)

 

 

ففي هذه الأحاديث إقراره صلى الله عليه وسلم للدائن على أخذ الزيادة التي قدمها

إليه المدين باختياره، وحض المدين على الزيادة في الوفاء، وقد أمر بذلك

صلى الله عليه وسلم بقوله: " من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تستطيعوا

أن تكافئوه، فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه ". وهو مخرج في " الصحيحة

" (254) .

ثم رأيت لشيخ الإسلام ابن تيمية بحثا حول هذا الحديث في " إقامة الدليل على

إبطال التحليل " (ص 127 - 128) ج3 من الفتاوي ذهب فيه إلى أن الحديث حديث حسن

. وأن راويه عن أنس قال: " إنما هو - والله أعلم - يحيى بن يزيد الهنائي،

فلعل كنية أبيه أبو إسحاق وهو ثقة من رجال مسلم، قال: وعتبة بن أبي حميد

معروف بالرواية عن الهنائي، قال فيه أبو حاتم: هو صالح الحديث، وأبو حاتم

من أشد المزكين شرطا في التعديل، وقد روى عن الإمام أحمد أنه قال: هو ضعيف

ليس بالقوي، لكن هذه العبارة يقصد بها أنه ممن ليس يصحح حديثه، بل هو ممن

يحسن حديثه، وقد كانوا يسمون حديث مثل هذا ضعيفا ويحتجون به لأنه حسن، إذ

لم يكن الحديث إذ ذاك مقسوما إلا إلى صحيح وضعيف، وفي مثله يقول الإمام أحمد

: الحديث الضعيف خير من القياس. يعني الذي لم يقوقوة الصحيح، مع أن مخرجه

حسن. وإسماعيل بن عياش حافظ ثقة في حديثه عن الشاميين وغيرهم، وإنما يضعف

حديثه عن غيرهم نظر، وهذا الرجل بصري الأصل ".

قلت: وفي هذا الكلام ملاحظات، أهمها قوله: " إن حديث إسماعيل صحيح عن

الشاميين وغيرهم، وإنما يضعف حديثه عن الحجازيين فقط ".

وهذا عندي خطأ والصواب العكس تماما، أعني حديثه عن الشاميين فقط صحيح وعن

غيرهم من الحجازيين والعراقيين ضعيف وهو ما صرحت به عبارات الأئمة بعضهم

بصريح كلامهم وبعضهم بعمومه فقال ابن معين في رواية مضر بن محمد الأسدي عنه:

" إذا حدث عن الشاميين وذكر الخبر فحديثه مستقيم، وإذا حدث عن الحجازيين

والعراقيين خلط ما شئت ".

وقال أحمد:

 

(3/305)

 

 

" هو في الشاميين أحسن حالا مما روى عن المدينيين وغيرهم ".

ونحوه عن أبي داود. وقال ابن المديني:

" كان يوثق فيما روى عن أصحابه أهل الشام، فأما ما روى عن غير أهل الشام ففيه

ضعف ".

وفي رواية ابنه عبد الله عنه:

" خلط في حديثه عن أهل العراق ".

وقال ابن عدي:

" وحديثه عن الشاميين مستقيم وهو في الجملة ممن يكتب حديثه ويحتج به في حديث

الشاميين خاصة " (1) .

وقال الحافظ في " تهذيب التهذيب ":

" وضعف روايته عن غير الشاميين أيضا النسائي وأبو أحمد الحاكم والبرقي

والساجي ".

قلت: والبخاري أيضا، ونص كلامه كما في " تاريخ بغداد " (6/224) :

" إذا حدث عن أهل بلده فصحيح، وإذا حدث عن غير أهل بلده ففيه نظر ".

فهذه النقول عن هؤلاء الفحول تؤيد ما ذهبنا إليه، وهو المشهور عند المشتغلين

بعلم السنة كما قال الحافظ في " التقريب ":

" صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلط في غيرهم ".

وقد أفسد جملته الأخيرة المحشي عليه حيث قال:

" مخلط في غيرهم. أي عن أهل الحجاز ".

وهذا خطأ كخطأ ابن تيمية، وقصد الحافظ بعبارته أوسع من ذلك. ولم أجد من

سبق شيخ الإسلام إلى القول بأن حديثه عن الشاميين وغيرهم إلا الحجازيين صحيح.

وقد بين ابن حبان سبب ضعفه في غير الشاميين بقوله في " الضعفاء " (1/125) :

" كان إسماعيل من الحفاظ المتقنين في حداثته، فلما كبر تغير حفظه، فما حفظ

__________

(1) وانظر كلامه في الحديث الآتي (1197) . اهـ

 

(3/306)

 

 

في صباه أتى به على جهته، وما حفظ على الكبر من حديث الغرباء غلط فيه،

وأدخل الإسناد في الإسناد، وألزق المتن بالمتن وهو لا يعلم، فمن كان هذا

نعته حتى صار الخطأ في حديثه يكثر، خرج عن حد الاحتجاج به ".

وقد ذكر الخطيب أن إسماعيل قدم قدمتين: الأولى إلى الكوفة، والأخرى إلى

بغداد، وولاه أبو جعفر المنصور خزانة الكسوة، وحدث بها حديثا كثيرا، ثم

حكى أن وفاته كانت سنة إحدى أواثنتين وثمانين ومائة. ولكنه لم يذكر موضع

وفاته أهو بغداد أم حمص.

إذا عرفت ما سبق يتبين لك أن الحديث ضعيف الإسناد لأن شيخ إسماعيل فيه بصري غير

شامي، وأن الشيخ ابن تيمية أخطأ في تحسينه، كيف لا وفي الحديث العلل الأخرى

؟ والجواب عن بقية كلام الشيخ يطول وحسبنا ما تقدم.

هذا من جهة إسناد الحديث، وأما من جهة متنه فقد ذكرت فيما تقدم أنه معارض

بحديث الصحيحين مما يؤكد ضعفه، ولكن شيخ الإسلام رحمه الله حمله على الهدية

قبل الوفاء، فإذا صح هذا فلا تعارض بينهما، لكن ظاهر هذا الحديث أعم من ذلك،

نعم ذكر الشيخ آثارا عن بعض الصحابة، بعضها صريح بما حمل عليه الحديث، لكن

البحث إنما هو في متن الحديث هل هو خاص بما ذكر أوهو أعم من ذلك كما يظهر لنا

؟ وقد قال الشيخ بعد تلك الآثار:

" فنهي النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه المقرض عن قبول هدية المقترض قبل

الوفاء لأن المقصود بالهدية أن يؤخر الاقتضاء وإن كان لم يشترط ذلك ولم يتكلم

به فيصير بمنزلة أن يأخذ الألف بهدية ناجزة وألف مؤخرة وهذا ربا، ولهذا جاز

أن يزيده عن الوفاء ويهدي له بعد ذلك لزوال معنى الربا ".

وهذا كلام فقيه، وإنما البحث في إسناد الحديث ومعناه كما تقدم. فتأمل.

1163 - " اذهبوا فأنتم الطلقاء ".

ضعيف

رواه ابن إسحاق في " السيرة " (4/31 - 32) ، وعنه الطبري في

 

(3/307)

 

 

" التاريخ " (3/120) قال: فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على

باب الكعبة فقال: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده

، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أودم أومال يدعى فهو موضوع تحت قدمي

هاتين، إلا سدانة البيت وسقاية الحاج، ألا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط

والعصا ففيه الدية مغلظة مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها، يا

معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم

، وآدم من تراب. ثم تلا هذه الآية: " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر

وأنثى " الآية كلها. ثم قال:

يا معشر قريش ما ترون أني فاعل فيكم؟ قالوا: خيرا أخ كريم وابن أخ كريم،

قال: " اذهبوا فأنتم الطلقاء "، ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في

المسجد فقام إليه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده فقال: يا رسول الله!

اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه

وسلم: أين عثمان بن طلحة؟ فدعي له فقال: هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم بر

ووفاء ".

ونقله الحافظ ابن كثير في " البداية والنهاية " (4/300 - 301) ساكتا عليه.

وهذا سند ضعيف مرسل. لأن شيخ ابن إسحاق فيه لم يسم، فهو مجهول. ثم هو ليس

صحابيا، لأن ابن إسحاق لم يدرك أحدا من الصحابة، بل هو يروي عن التابعين

وأقرانه، فهو مرسل أومعضل.

1164 - " أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك ".

موضوع

رواه البيهقي في " الزهد الكبير " (29/2) عن محمد بن عبد الرحمن بن غزوان:

حدثنا إسماعيل بن عياش عن حنش السرجي عن عكرمة عن ابن عباس موقوفا.

قلت: وهذا إسناد موضوع، ابن غزوان كذاب معروف، قال الذهبي:

" حدث بوقاحة عن مالك وشريك وضمام بن إسماعيل ببلايا. قال الدارقطني وغيره

: كان يضع الحديث. وقال ابن عدي: له عن ثقات الناس بواطيل ".

وبه أعله العراقي في " تخريج الإحياء " فقال (3/4) :

 

(3/308)

 

 

" أحد الوضاعين ".

وإسماعيل بن عياش ضعيف في غير الشاميين وهذا منه.

وحنش واسمه الحسين متروك.

والحديث مما فات السيوطي في " الجامع الكبير " والمناوي في " الجامع الأزهر ".

1165 - " أنت على ثغرة من ثغر الإسلام، فلا يؤتين من قبلك ".

لم أجده بهذا اللفظ

لكن أوقفني بعض الإخوان - جزاه الله خيرا - على ما في كتاب " السنة " للمروزي (ص 8) رواه بسند صحيح عن الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد مرفوعا بلفظ:

" كل رجل من المسلمين على ثغرة من ثغر الإسلام، الله الله، لا يؤتى الإسلام

من قبلك ".

قلت: فهذا بمعناه، لكن فيه علتان:

الأولى: الإرسال، فإن ابن مرثد هذا تابعي له مراسيل كما في " التقريب ".

والأخرى: الوضين بن عطاء، فإنه مختلف فيه، وقد جزم الحافظ بأنه سيء الحفظ

، فيخشى أن يكون أخطأ في رفعه، فقد عقبه المروزي بروايتين موقوفتين على

الأوزاعي والحسن بن حي، وفيهما ضعف. والله أعلم.

ونحوه قوله صلى الله عليه وسلم:

" استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه ولا يغرن من قبلك الليلة ".

وهو صحيح كما بينته في " السلسلة الصحيحة " (378) .

 

(3/309)

 

 

1166 - " من مات فقد قامت قيامته ".

ضعيف

قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (4/56 - طبع الحلبي) :

" رواه ابن أبي الدنيا في " كتاب الموت " من حديث أنس بسند ضعيف ".

ومن حديثه رواه العسكري والديلمي كما في " المقاصد الحسنة " (ص 75 و

 

(3/309)

 

 

428) بلفظ: " إذا مات أحدكم فقد قامت قيامته ".

وسكت عليه!

1167 - " لقد أصبح ابن مسعود وأمسى كريما ".

ضعيف

أخرجه ابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم: أخبرني [إبراهيم بن] ميسرة قال:

بلغني أن ابن مسعود مر بلهو معرضا، فلم يقف، فقال رسول الله صلى الله عليه

وسلم.. فذكره كما في " تفسير ابن كثير " وزاد: " ثم تلا إبراهيم بن ميسرة:

" وإذا مروا باللغومروا كراما " ".

وكذا رواه ابن عساكر كما في " الدر المنثور " (5/80/81) ، والزيادة منه،

وهي في " ابن كثير " أيضا في رواية أخرى ساقها قبل هذه.

وهذا إسناد ضعيف، إبراهيم بن ميسرة تابعي ثقة، فهو مرسل. ومحمد بن مسلم

وهو الطائفي صدوق يخطيء كما في " التقريب ". والحديث مما صححه الحلبيان في

مختصرهما لابن كثير. هداهما الله عز وجل.

 

(3/310)

 

 

1168 - " من أسرج في مسجد من مساجد الله بسراج، لم تزل الملائكة وحملة العرش

يستغفرون له؛ ما دام في ذلك المسجد ضوء من ذلك السراج ".

موضوع

رواه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في " كتاب العرش " (111/1 - 2) : حدثنا أبو

يعقوب الكاهلي: نا مهاجر بن كثير الأسدي أبو عامر: حدثنا الحكم بن مصقلة عن

أنس بن مالك مرفوعا.

ورواه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (ص 31 من زوائده) : حدثنا إسحاق بن

بشر: حدثنا أبو عامر الأسدي مهاجر بن كثير به.

قلت: وهذا إسناد موضوع، وفيه آفات:

الأولى: الحكم بن مصقلة، قال الذهبي:

 

(3/310)

 

 

" قال الأزدي: كذاب. وقال البخاري: " عنده عجائب ". ثم ذكر له حديثا

موضوعا، لكن فيه إسحاق بن بشر فهو الآفة ... ".

قلت: ثم ساق له هذا الحديث.

الثانية: مهاجر بن كثير. قال أبو حاتم والأزدي:

" متروك الحديث ".

الثالثة: إسحاق بن بشر وهو أبو يعقوب الكاهلي الذي في سند ابن أبي شيبة وهو

كذاب عند جماعة، وقال الدارقطني:

" هو في عداد من يضع الحديث ".

(تنبيه) : لم يقف شيخ الإسلام ابن تيمية على هذا الإسناد، فقد ذكر الحديث في

" الفتاوى " (2/198) وقال:

" لا أعرف له إسنادا عن النبي صلى الله عليه وسلم ".

فقد عرفنا إسناده، وبينا حاله، ومنه علمنا أنه كلا إسناد!

وقد جاء بإسناد آخر، ولكنه لا يغني شيئا، وهو:

1169 - " من أسرج في مسجد سراجا لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في السراج قطرة ".

موضوع

رواه أبو الحسن الحمامي في " الفوائد المنتقاة " (9/206/2) : حدثنا محمد بن

العباس بن الفضل: حدثنا سنان بن محمد بن طالب: حدثنا عبد الله بن أيوب:

حدثنا أيوب بن عتبة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا.

وقال أبو الفتح بن أبي الفوارس:

" هذا حديث غريب من حديث يحيى بن أبي كثير، لا أعلم حدث به إلا أيوب بن عتبة ".

قلت: وهو ضعيف كما في " التقريب ". لكن الآفة ليست منه وإنما من الراوي عنه

عبد الله بن أيوب وهو ابن أبي علاج الموصلي، قال الذهبي:

 

(3/311)

 

 

" متهم بالوضع مع أنه من كبار الصالحين ".

ثم ساق له أربعة أحاديث وقال فيها:

" وهذه بواطيل ".

وقال في أحدها:

" فهذا كذب بين ".

1170 - " إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء: إذا كان المغنم دولا،

والأمانة مغنما، والزكاة مغرما، وأطاع الرجل زوجته، وعق أمه، وبر

صديقه، وجفا أباه، وارتفعت الأصوات في المساجد، وكان زعيم القوم أرذلهم،

وأكرم الرجل مخافة شره، وشربت الخمور، ولبس الحرير، واتخذت القينات

والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليترقبوا عند ذلك ريحا حمراء أوخسفا

أومسخا ".

ضعيف الإسناد

أخرجه الترمذي (2/33) والخطيب (3/158) ، من طريق الفرج بن فضالة الشامي عن

يحيى بن سعيد عن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب مرفوعا. وقال:

" حديث غريب، والفرج بن فضالة قد تكلم فيه بعض أهل الحديث وضعفه من قبل حفظه ".

قلت: وفي ترجمته من " الميزان ":

" وقال البرقاني: سألت الدارقطني عن حديثه هذا؟ فقال: باطل، فقلت من فرج؟

قال: نعم، ومحمد هو ابن الحنفية ".

وفي " فيض القدير ":

" وقال العراقي والمنذري: ضعيف لضعف فرج بن فضالة. وقال الذهبي: منكر،

وقال ابن الجوزي: مقطوع واه لا يحل الاحتجاج به ".

قلت: وقد رواه الفرج بإسناد آخر بزيادات كثيرة فيه، وهو الآتي بعده:

 

(3/312)

 

 

1171 - " من اقتراب الساعة اثنتان وسبعون خصلة، إذا رأيتم الناس أماتوا الصلاة،

وأضاعوا الأمانة، وأكلوا الربا، واستحلوا الكذب، واستخفوا الدماء،

واستعلوا البناء، وباعوا الدين بالدنيا، وتقطعت الأرحام، ويكون الحكم

ضعفا، والكذب صدقا، والحرير لباسا، وظهر الجور، وكثر الطلاق وموت

الفجأة، وائتمن الخائن، وخون الأمين، وصدق الكاذب، وكذب الصادق، وكثر

القذف، وكان المطر قيظا، والولد غيظا، وفاض اللئام فيضا، وغاض الكرام

غيضا، وكان الأمراء فجرة، والوزراء كذبة، والأمناء خونة، والعرفاء ظلمة

، والقراء فسقة، إذا لبسوا مسوك الضأن، قلوبهم أنتن من الجيفة وأمر من

الصبر، يغشيهم الله فتنة يتهاوكون فيها تهاوك اليهود الظلمة، وتظهر الصفراء

- يعني الدنانير - وتطلب البيضاء - يعني الدراهم - وتكثر الخطايا، وتغل

الأمراء، وحليت المصاحف، وصورت المساجد، وطولت المنائر، وخربت القلوب،

وشربت الخمور، وعطلت الحدود، وولدت الأمة ربتها، وترى الحفاة العراة،

وقد صاروا ملوكا، وشاركت المراة زوجها في التجارة، وتشبه الرجال بالنساء،

والنساء بالرجال، وحلف بالله من غير أن يستحلف، وشهد المرء من غير أن

يستشهد، وسلم للمعرفة، وتفقه لغير الدين، وطلبت الدنيا بعمل الآخرة،

واتخذ المغنم دولا، والأمانة مغنما، والزكاة مغرما، وكان زعيم القوم

أرذلهم، وعق الرجل أباه، وجفا أمه، وبر صديقه، وأطاع زوجته، وعلت

أصوات الفسقة في المساجد، واتخذت القينات والمعازف، وشربت الخمور في الطرق

، واتخذ الظلم فخرا، وبيع الحكم، وكثرت الشرط، واتخذ القرآن مزامير،

وجلود السباع صفافا، والمساجد طرقا، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليتقوا (

كذا) عند

 

(3/313)

 

 

ذلك ريحا حمراء، وخسفا ومسخا وآيات ".

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3/358) من طريق سويد بن سعيد عن فرج بن فضالة

عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي عن حذيفة بن اليمان مرفوعا. قال أبو

نعيم:

" غريب من حديث عبد الله بن عبيد بن عمير، لم يروه عنه فيما أعلم إلا فرج بن

فضالة ".

قلت: وهو ضعيف كما قال الحافظ العراقي (3/297) ، وفيه علة أخرى وهي

الانقطاع، فقد قال أبو نعيم في ترجمة عبد الله بن عبيد هذا (3/356) :

" أرسل عن أبي الدرداء وحذيفة وغيرهم ".

وللفرج فيه إسناد آخر بلفظ أخصر تقدم آنفا.

والحديث مما فات السيوطي والمناوي فلم يورداه في " جامعيهما ".

1172 - " من حدث عني حديثا هو لله رضى، فأنا قلته، وبه أرسلت ".

موضوع

رواه ابن عدي (41/1) عن البختري بن عبيد: حدثنا أبي: حدثنا أبي هريرة

مرفوعا. وقال:

" البختري روى عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قدر عشرين

حديثا عامتها مناكير ".

ثم ذكر له ثلاثة منها، هذا أحدها.

قلت: وقال أبو نعيم الأصبهاني:

" روى عن أبي هريرة موضوعات ".

وكذا قال الحاكم والنقاش كما سبق في " سيكون أناس.. ".

ولا شك عندي أن هذا الحديث من موضوعاته، لأن فيه الإغراء على افتراء الأحاديث

على النبي صلى الله عليه وسلم أوعلى الأقل جواز روايتها ونسبتها إليه إذا كان

معناها مما يرضي الله عز وجل! ولعل البختري هذا كان من أولئك الذين يستحلون

الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم تقربا إلى الله بزعمهم ويقولون: نحن

لا نكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما نكذب له! كما قال بعض

الكرامية! ومن هذا القبيل ما يأتي:

 

(3/314)

 

 

1173 - " من حدث حديثا كما سمع؛ فإن كان برا وصدقا، فلك وله، وإن كان كذبا فعلى

من بدأه ".

موضوع

رواه الطبراني في " الكبير " (7961) عن جعفر بن الزبير عن أبي أمامة

مرفوعا.

قال في " المجمع " (1/154) :

" وفيه جعفر بن الزبير وهو كذاب ".

ونحوهذا الحديث ما رواه مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن

أبيه عن علي مرفوعا:

" إذا كتبتم الحديث فاكتبوه بإسناده، فإن يكن حقا كنتم شركاءه في الأجر، وإن

يكن باطلا كان وزره عليه ".

أورده الذهبي في ترجمة مسعدة هذا من " الميزان " وقال:

" قال الدارقطني: متروك ".

ثم ساق الحديث وقال:

" هذا موضوع ".

وأقره الحافظ العسقلاني ثم المناوي.

 

(3/315)

 

 

1174 - " من حفظ على أمتي حديثا واحدا كان له أجر أحد وسبعين نبيا صديقا ".

موضوع

أخرجه الحافظ الذهبي في " تذكرة الحفاظ " (4/35) من حديث ابن عباس، ثم قال:

" هذا مما تحرم روايته إلا مقرونا بأنه مكذوب من غير تردد، وقبح الله من وضعه

، وإسناده مظلم، وفيهم ابن رزام، كذاب، لعله آفته ".

 

(3/315)

 

 

1175 - " إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه، فإنما صورة الإنسان على صورة وجه الرحمن ".

 

(3/315)

 

 

منكر

أخرجه ابن الإمام أحمد في " كتاب السنة " (ص 186) وأبو بكر بن أبي عاصم في "

كتاب السنة " (ص 186) وأبو بكر بن أبي عاصم في " كتاب السنة " أيضا (

1/230/521 - بتحقيقي) والدارقطني في كتاب " الصفات " (65/49) عن ابن لهيعة

عن أبي يونس عن أبي هريرة مرفوعا.

قلت: وهذا سند رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير ابن لهيعة، وهو ضعيف لسوء حفظه،

وقد صح الحديث من طرق بنحوه، ولكن ليس فيه ذكر " على صورة وجه الرحمن "

سبحانه وتعالى، فهي زيادة منكرة لمخالفتها لتلك الطرق، وبعضها في "

الصحيحين " خرجتها في " الصحيحة " (450 و862) و" ظلال الجنة " (1/228) .

وهذه الرواية سكت عنها في " الفتح " (5/183) !

وقد أنكرها جماعة مع ورودها من طريق آخر، ولكنه معل كما يأتي بعده.

والحديث رواه عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به دون قوله: " فإنما.. ".

أخرجه أحمد (3/38، 93) وإسناده حسن في الشواهد، وله شواهد أخرى فانظر

تعليقي على " السنة " لابن أبي عاصم رحمه الله تعالى.

(تنبيه) : وقع عند الدارقطني: " عن الأعرج " مكان: " عن أبي يونس "، فإن

كان محفوظا عن ابن لهيعة، فهو من تخاليطه الدالة على عدم ضبطه لروايته.

1176 - " لا تقبحوا الوجه؛ فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن عز وجل ".

ضعيف

أخرجه الآجري في " الشريعة " (ص 315) وابن خزيمة في " التوحيد " (ص 27)

والطبراني في " الكبير " (3/206/2) والدارقطني في كتاب " الصفات " (64/48

) والبيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 291) من طرق عن جرير بن عبد الحميد

عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر مرفوعا.

وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين ولكن له أربع علل، ذكر ابن خزيمة ثلاثة

 

(3/316)

 

 

منها فقال:

إحداها: أن الثوري قد خالف الأعمش في إسناده فأرسله الثوري ولم يقل: " عن

ابن عمر ".

والثانية: أن الأعمش مدلس لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت.

والثالثة: أن حبيب بن أبي ثابت أيضا مدلس لم يعلم أنه سمعه من عطاء ثم قال:

" فمعنى الخبر - إن صح من طريق النقل مسندا - أن ابن آدم خلق على الصورة التي

خلقها الرحمن حين صور آدم ثم نفخ فيه الروح ".

قلت: والعلة الرابعة: هي جرير بن عبد الحميد فإنه وإن كان ثقة كما تقدم فقد

ذكر الذهبي في ترجمته من " الميزان " أن البيهقي ذكر في " سننه " في ثلاثين

حديثا لجرير بن عبد الحميد قال:

" قد نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ ".

قلت: وإن مما يؤكد ذلك أنه رواه مرة عند ابن أبي عاصم (رقم 518) بلفظ:

" على صورته ". لم يذكر " الرحمن ". وهذا الصحيح المحفوظ عن النبي صلى الله

عليه وسلم من الطرق الصحيحة عن أبي هريرة، والمشار إليها آنفا.

فإذا عرفت هذا فلا فائدة كبرى من قول الهيثمي في " المجمع " (8/106) :

" رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير إسحاق بن إسماعيل الطالقاني وهو ثقة

، وفيه ضعف ".

وكذلك من قول الحافظ في " الفتح " (5/139) :

" أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " والطبراني من حديث ابن عمر بإسناد رجاله

ثقات ".

لأن كون رجال الإسناد ثقاتا ليس هو كل ما يجب تحققه في السند حتى يكون صحيحا،

بل هو شرط من الشروط الأساسية في ذلك، بل إن تتبعي لكلمات الأئمة في الكلام

على الأحاديث قد دلني على أن قول أحدهم في حديث ما: " رجال إسناده ثقات "،

يدل على أن الإسناد غير صحيح، بل فيه علة ولذلك لم يصححه، وإنما صرح بأن

رجاله ثقات فقط، فتأمل.

 

(3/317)

 

 

ثم إن كون إسناد الطبراني فيه الطالقاني لا يضر لوسلم الحديث من العلل السابقة

، لأن الطالقاني متابع فيه كما أشرت إليه في أول هذا التخريج.

وقد يقال: إن الحديث يقوى بما رواه ابن لهيعة بسنده عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ

:

" إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه فإنما صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن ".

قلت: قد كان يمكن ذلك لولا أن الحديث بهذا اللفظ منكر كما سبق بيانه آنفا،

فلا يصح حينئذ أن يكون شاهدا لهذا الحديث.

ومنه تعلم ما في قول الحافظ في " الفتح " بعد أن نقل قول القرطبي:

" أعاد بعضهم الضمير على الله متمسكا بما ورد في بعض طرقه إن الله خلق آدم على

صورة الرحمن، قال: وكأن من رواه [رواه] بالمعنى متمسكا بما توهمه فغلط في

ذلك، وقد أنكر المازري ومن تبعه صحة هذه الزيادة، ثم قال: وعلى تقدير

صحتها فيجمل على ما يليق بالباري سبحانه وتعالى "، فقال الحافظ:

" قلت: الزيادة أخرجها ابن أبي عاصم في " السنة " والطبراني من حديث ابن عمر

بإسناد رجاله ثقات، وأخرجها ابن أبي عاصم أيضا من طريق أبي يونس عن أبي هريرة

بلفظ يرد التأويل الأول، قال: " من قاتل فليتجنب الوجه فلأن صورة وجه الإنسان

على صورة وجه الرحمن ". فتعين إجراء ما في ذلك على ما تقرر بين أهل السنة من

إمراره كما جاء من غير اعتقاد تشبيه، أومن تأويله على ما يليق بالرحمن جل

جلاله ".

قلت: والتأويل طريقة الخلف، وإمراره كما جاء طريقة السلف، وهو المذهب،

ولكن ذلك موقوف على صحة الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد علمت أنه

لا يصح كما بينا لك آنفا، وإن كان الحافظ قد نقل عقب كلامه السابق تصحيحه عن

بعض الأئمة، فقال:

" وقال حرب الكرماني في " كتاب السنة ": سمعت إسحاق بن راهويه يقول: صح أن

الله خلق آدم على صورة الرحمن. وقال إسحاق الكوسج: سمعت أحمد يقول: هو حديث

صحيح ".

 

(3/318)

 

 

قلت: إن كانوا يريدون صحة الحديث من الطريقين السابقين فذلك غير ظاهر لنا

ومعنا تصريح الإمام ابن خزيمة بتضعيفه وهو علم في الحديث والتمسك بالسنة

والتسليم بما ثبت فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا أيضا ابن قتيبة حيث

عقد فصلا خاصا في كتابه " مختلف الحديث " (ص 275 - 280) حول هذا الحديث

وتأويله قال فيه:

" فإن صحت رواية ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فهو كما قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تأويل ولا تنازع ".

وإن كانوا وقفوا للحديث على غير الطريقين المذكورين، فالأمر متوقف على الوقوف

على ذلك والنظر في رجالها، نقول هذا لأن التقليد في دين الله لا يجوز، ولا

سيما في مثل هذا الأمر الغيبي، مع اختلاف أقوال الأئمة في حديثه، وأنا

أستبعد جدا أن يكون للحديث غير هذين الطريقين، لأن الحافظ لم يذكر غيرهما،

ومن أوسع اطلاعا منه على السنة؟ نعم له طرق أخرى بدون زيادة " الرحمن " فانظر

: " إذا ضرب أحدكم.. " و" إذا قاتل أحدكم ... " في " صحيح الجامع " (687

و716) وغيره.

وخلاصة القول: إن الحديث ضعيف بلفظيه وطريقيه، وأنه إلى ذلك مخالف

للأحاديث الصحيحة بألفاظ متقاربة، منها قوله صلى الله عليه وسلم:

" خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا ".

أخرجه الشيخان وغيرهما " الصحيحة 450 ".

(تنبيه هام) : بعد تحرير الكلام على الحديثين بزمن بعيد وقفت على مقال طويل

لأخينا الفاضل الشيخ حماد الأنصاري نشره في مجلة " الجامعة السلفية " ذهب فيه

إلى اتباع - ولا أقول تقليد - من صحح الحديث من علمائنا رحمهم الله تعالى،

دون أن يقيم الدليل على ذلك بالرجوع إلى القواعد الحديثية وتراجم الرواة التي

لا تخفى على مثله، لذلك رأيت - أداء للأمانة العلمية - أن أبي بعض النقاط التي

تكشف عن خطئه فيما ذهب إليه مع اعترافي بعلمه وفضله وإفادته لطلبة العلم

وبخاصة في الجامعة الإسلامية جزاه الله خيرا.

أولا: أوهم القراء أن ابن خزيمة رحمه الله تعالى تفرد من بين الأئمة بإنكاره

لحديث " على صورة الرحمن " مع أن معه ابن قتيبة والمازري ومن تبعه، كما تقدم، وهو

 

(3/319)

 

 

وإن كان ذلك في آخر البحث، فقد كان الأولى أن يذكره في أوله حتى تكون

الصورة واضحة عند القراء.

ثانيا: نسب إلى الإمام مالك رحمه الله أنه أنكر الحديث أيضا قبل ابن خزيمة!

وهذا مما لا يجوز نسبته للإمام لأمرين:

الأول: أن الشيخ نقل ذلك عن الذهبي، والذهبي ذكره عن العقيلي بسنده: حدثنا

مقدام بن داود.. إلخ، ومقدام هذا يعلم الشيخ أنه متكلم فيه، بل قال النسائي

فيه: " ليس بثقة " فلا يجوز أن ينسب بروايته إلى الإمام أنه أنكر حديثا صحيحا

على رأي الشيخ، وعلى رأينا أيضا لما يأتي.

والآخر: أن الرواية المذكورة في إنكار مالك ليس لهذا الحديث المنكر، وإنما

للحديث الصحيح المتفق عليه فإنه فيها بلفظ: " إن الله خلق آدم على صورته ".

وكذلك هو عند العقيلي في " الضعفاء " (2/251) في هذه الرواية، فحاشا الإمام

مالك أن ينكر الحديث بهذا اللفظ الصحيح أوغيره من الأئمة. ولذلك فالقارئ

العادي يفهم من بحث الشيخ أن الإمام ينكر هذا الحديث الصحيح!

ثالثا: ساق إسناد حديث ابن عمر أكثر من مرة، وكذلك فعل بحديث أبي هريرة دون

فائدة، وساقهما مساق المسلمات من الأحاديث وهو يعلم العلل الثلاث التي ذكرها

له ابن خزيمة لأنه في صدد الرد عليه، ومع ذلك لم يتعرض لها بذكر! بله جواب،

وكذلك يعلم ضعف ابن لهيعة الذي في حديث أبي هريرة، فلم ينبس ببنت شفة!

رابعا: نقل كلام الذهبي الذي ذكره عقب رواية المقدام، وفيه: أن هذا الحديث

لم ينفرد به ابن عجلان فقد رواه (الأرقام الآتية مني) :

1 - همام عن قتادة عن أبي أيوب المراغي عن أبي هريرة.

2 - ورواه شعيب وابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.

3 - ورواه جماعة كالليث بن سعد وغيره عن ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة.

 

(3/320)

 

 

4 - ورواه شعيب أيضا وغيره عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبي هريرة

. انتهى.

وأقول: نص كلام الذهبي قبيل هذه الطرق:

" قلت: الحديث في أن الله خلق آدم على صورته؛ لم ينفرد به ابن عجلان ... "

إلخ.

فأنت ترى أن كلام الذهبي في واد، وكلام الشيخ في واد آخر. فهذه الطرق

الأربعة ليس فيها زيادة " صورة الرحمن "، والشيخ - سامحه الله - يسوقها تقوية

لها، وهو لوتأمل فيها لوجدها تدل دلالة قاطعة على نكارة هذه الزيادة، إذ لا

يعقل أن تفوت على هؤلاء وكلهم ثقات، ويحفظها مثل ابن لهيعة، ومن ليس له في

العير ولا في النفير! وإني - والله - متعجب من الشيخ غاية العجب كيف يسوق

هذه الروايات نقلا عن الذهبي وهو قد ساقها لتقوية الحديث الصحيح الذي أنكره

مالك بزعم المقدام بن داود الواهي، والشيخ - عافانا الله وإياه - يسوقها

لتقوية الحديث المنكر!

وإن مما يؤكد أن الذهبي كلامه في الحديث الصحيح وليس في الحديث المنكر أنه

قال في آخره:

" وقال الكوسج: سمعت أحمد بن حنبل يقول: هذا الحديث صحيح. قلت: وهو مخرج

في الصحاح ".

قلت: فقوله هذا يدلنا على أمرين:

الأول: أنه يعني الحديث الصحيح، لأنه هو المخرج في " الصحاح " كما سبق مني.

والآخر: أنه هو المقصود بتصحيح أحمد المذكور، فلم يبق بيد الشيخ إلا تصحيح

إسحاق، فمن الممكن أن يكون ذلك فهما منه، وليس رواية. والله أعلم.

خامسا وأخيرا: قرن الشيخ الحافظ الذهبي والعسقلاني مع أحمد وإسحاق في تصحيح

الحديث.

وجوابي عليه: أن كلام الذهبي ليس صريحا في ذلك، بل ظاهره أنه يعني

 

(3/321)

 

 

الحديث الصحيح. وأما ابن حجر فعمدة الشيخ في ذلك قوله: " رجاله ثقات " وقد علمت

مما سبق أن هذا لا يعني الصحة، ولوسلمنا جدلا أنه صححه هو أوغيره قلنا: " هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ".

وخلاصة (التنبيه) أن الشيخ حفظه الله حكى قولين متعارضين في حديث " على صورة

الرحمن " دون ترجيح بينهما سوى مجرد الدعوى، وذكر له طريقين ضعيفين منكرين

دون أن يجيب عن أسباب ضعفهما، بل أوهم أن له طرقا كثيرة يتقوى بها، وهي في

الواقع مما يؤكد وهنهما عند العارفين بهذا العلم الشريف وتراجم رواته. وهذا

بخلاف ما صنع شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه " نقض التأسيس " في فصل عقده فيه

لهذا الحديث بأحد ألفاظه الصحيحة: " إن الله خلق أدم على صورته " أرسل إلي

صورة منه بعض الأخوان جزاه الله خيرا فإن ابن تيمية مع كونه أطال الكلام في ذكر

تأويلات العلماء له وما قالوه في مرجع ضمير " صورته "، ونقل أيضا كلام ابن

خزيمة بتمامه في تضعيف حديث الترجمة وتأويله إياه إن صح، فرد عليه التأويل،

وسلم له التضعيف، ولم يتعقبه بالرد، لأنه يعلم أن لا سبيل إلى ذلك، كما

يتبين للقارىء من هذا التخريج والتحقيق، ولهذا كنت أود للشيخ الأنصاري أن لا

يصحح الحديث، وهو ضعيف من طريقيه، ومتنه منكر لمخالفته للأحاديث الصحيحة.

نسأل الله تعالى لنا وله التوفيق والسداد في القول والعمل، وأن يحشرنا في

زمرة المخلصين الصادقين " يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب

سليم ".

1177 - " إني كنت أعلمها (أي: ساعة الإجابة يوم الجمعة) ثم أنسيتها كما أنسيت ليلة

القدر ".

ضعيف

أخرجه ابن خزيمة (1771) والحاكم (1/279) عن فليح بن سليمان عن سعيد بن

الحارث عن أبي سلمة قال: قلت: والله لوجئت أبا سعيد الخدري فسألته عن

هذه الساعة، لعله يكون عنده منها علم، فأتيته، فقلت: يا أبا سعيد إن أبا

هريرة حدثنا عن الساعة التي في يوم الجمعة، فهل عندك منها علم؟ فقال: سألنا

النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. قال: ثم خرجت من عنده فدخلت على

عبد الله بن سلام. ثم ذكر الحديث.

 

(3/322)

 

 

قلت: كذا ذكره ابن خزيمة والحاكم وقال:

" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي.

قلت: وفي صحته نظر فإن فليحا هذا وإن كان من رجال الشيخين ففيه كلام كثير.

وقال الحافظ في " التقريب ":

" صدوق كثير الخطأ "، وكأنه لهذا سكت عن إسناده في " الفتح " (2/333) ولم

يصححه، وكذلك لم يصححه الحافظ العراقي، وإنما قال: " ورجاله رجال الصحيح

" كما نقله الشوكاني (3/209) ، وهذا لا يستلزم التصحيح، بل فيه إشارة إلى

نفيه، وإلا لصرح بصحة سنده، ولم يقتصر على ذكر شرط واحد من شروط الصحة وهو

كون رجاله رجال الصحيح، وفيه إشارة لطيفة إلى أنهم أوبعضهم قد لا يكونون من

الثقات عند غير صاحبي " الصحيح "، أوعلى الأقل عند بعضهم وإلا لقال: "

رجاله ثقات رجال الصحيح "، وهذا هو الواقع كما تفيده عبارة الحافظ في "

التقريب " في " فليح "، وقد مرت آنفا، وممن ضعفه من القدامي ابن معين وأبو

حاتم والنسائي وغيرهم. وقال الساجي:

" هو من أهل الصدق، ويهم ".

قلت: فمثله لا يطمئن القلب لصحة حديثه عند التفرد، فكيف عند المخالفة؟ !

(تنبيه) : عزا الحديث في " الفتح الكبير " لابن ماجه وابن خزيمة والحاكم

والبيهقي في " الشعب ". ولم أره عند ابن ماجه بهذا الإسناد والسياق،

وإنما عنده (1139) من طريق أخرى عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال: قلت

ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس: إنا لنجد في كتاب الله: في يوم الجمعة

ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي سأل الله فيها شيئا إلا قضى له حاجته. قال

عبد الله: فأشار إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوبعض ساعة فقلت: صدقت

أوبعض ساعة.. الحديث. فهذا خلاف حديث الترجمة، وهو المحفوظ عنه صلى الله

عليه وسلم في غير ما حديث عنه فراجع إن شئت " المشكاة " وغيره.

1178 - " في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البز صدقتها، ومن رفع دنانير أودراهم أوتبرا أوفضة لا يعدها لغريم، ولا ينفقها في سبيل الله فهو كنز يكوى به يوم القيامة ".

 

(3/323)

 

 

ضعيف

أخرجه الدارقطني في " سننه " (ص 203) : حدثنا دعلج بن أحمد من أصل كتابه:

حدثنا هشام بن علي: حدثنا عبد الله بن رجاء: حدثنا سعيد بن سلمة: حدثنا موسى

عن عمران بن أبي أنس عن مالك بن أوس بن الحدثان عن أبي ذر أن رسول الله

صلى الله عليه وسلم قال: الحديث.

قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل موسى هذا وهو ابن عبيدة - بضم أوله - وهو ضعيف

كما قال الحافظ في " التقريب ".

وهشام بن علي هو السيرافي كما في الرواة عن عبد الله بن رجاء من " التهذيب "،

ولكني لم أجد من ترجمه، ويظهر أنه من المشهورين فقد ذكره الذهبي فيمن سمع

عنهم دعلج بن أحمد من " تذكرة الحفاظ " (3/92) .

ثم رأيت ابن حبان قد أورده في كتابه " الثقات " (9/234) وقال:

" مستقيم الحديث، كتب عنه أصحابنا ".

وتوفي سنة (284) كما ذكر الذهبي في ترجمة أحمد بن المبارك النيسابوري من "

التذكرة ". فموسى بن عبيدة هو العلة.

والحديث أخرجه الحاكم (1/388) بهذا السند عن هذا الشيخ لكن وقع في سنده سقط

لا أدري أهو من الحاكم أوشيخه حين حدثه به والأغلب على الظن الأول، فقال

الحاكم: أخبرني دعلج بن أحمد السجزي - ببغداد -: حدثنا هشام بن علي السدوسي:

حدثنا عبد الله بن رجاء: حدثنا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام: حدثنا عمران بن

أبي أنس به.

فسقط من السند موسى بن عبيدة وهو علة الحديث، فاغتر الحاكم بظاهره فقال:

" إسناد صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي! ! على أن عمران بن أبي أنس

وسعيد بن سلمة لم يحتج بهما البخاري كما بينته في " التعليقات الجياد " (3/86

) فتصحيحه على شرطهما خطأ بين.

ومما يؤيد خطأ إسناد الحاكم أن البيهقي أخرج الحديث (4/147) من طريق أخرى عن

هشام بن علي مثل رواية الدارقطني، فقال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن

عبدان: أنبأ أحمد بن عبيد الصفار: حدثنا هشام بن علي: حدثنا ابن رجاء:

حدثنا سعيد

 

(3/324)

 

 

هو ابن سلمة بن الحسام: حدثني موسى عن عمران بن أبي أنس به. دون

قوله: " وفي البقر صدقتها " ثم قال:

" سقط من هذه الرواية ذكر البقر، وقد رواه دعلج بن أحمد عن هشام بن علي

السدوسي فذكر فيه " وفي البقر صدقتها "، أخبرنا بذلك أبو عبد الله الحافظ:

أخبرني دعلج بن أحمد السجزي ببغداد حدثنا هشام بن علي السدوسي فذكره ".

قلت: وأبو عبد الله الحافظ شيخ البيهقي في إسناده الثاني هو صاحب " المستدرك

". وصنيع البيهقي في روايته لهذا الحديث عنه يدل على أن إسناد الحاكم فيه

موسى بن عبيدة أيضا وإلا لذكر البيهقي الخلاف بين هذا الإسناد والإسناد الذي

ساقه قبله كما هي عادة المحدثين في مثل هذا الاختلاف، وكما فعل البيهقي هنا

في بيان الخلاف في موضع من متنه. فهذا يؤيد خطأ الحاكم في " المستدرك " فتنبه.

وقد كنت اغتررت تبعا للنووي وابن حجر بظاهر رواية الحاكم هذه فحكمت بحسنها في

" التعليقات الجياد "، والآن هداني الله لعلة هذا الحديث فبادرت لأعلن أنه

ضعيف الإسناد من أجلها، وإن كان رواه ابن جريج عن عمران بن أبي أنس، فإن ابن

جريج مدلس وقد عنعنه ولم يسمعه منه كما بينته هناك، ويأتي أيضا.

والحديث عزاه السيوطي في " الدر المنثور " (3/233) لابن أبي شيبة وابن

مردويه عن أبي ذر بتمامه، وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا مثله.

قلت: وطريق أبي هريرة لابد أن يكون ضعيفا، وحسبك دليلا على ذلك تفرد ابن

مردويه به!

ثم عزا الحديث في " الجامع الصغير " لابن أبي شيبة وأحمد والحاكم والبيهقي

عن أبي ذر بتمامه، وعزوه لأحمد فيه تساهل لأنه لم يرومنه إلا الشطر الأول

وليس عنه: " ومن رفع ... " إلخ، وهو عنده من طريق ابن جريج عن عمران وصرح

فيه أنه بلغه عن عمران كما ذكرته في المصدر المشار إليه آنفا.

ثم رأيت الحديث في " مصنف ابن أبي شيبة " (3/213) : حدثنا زيد بن حباب قال:

حدثني موسى بن عبيدة قال: حدثني عمران بن أبي أنس به. إلا أنه لم يذكر صدقة

 

(3/325)

 

 

الغنم والبقر والبز. فهذا يؤكد وهم الحاكم وأن الحديث مداره على موسى هذا

الضعيف، والله تعالى ولي التوفيق.

1179 - " كونوا في الدنيا أضيافا، واتخذوا المساجد بيوتا، وعودوا قلوبكم الرقة،

وأكثروا التفكر والبكاء، ولا تختلفن بكم الأهواء، تبنون ما لا تسكنون،

وتجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون ".

ضعيف جدا

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1/358) والقضاعي في " مسنده " (731) من

طريق بقية: حدثنا عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمير

صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

قلت: وهذا إسناد ظلمات بعضها فوق بعض، وله علل ثلاث:

الأولى: أن الحكم بن عمير في صحبته نظر، قال ابن أبي حاتم عن أبيه:

" روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث منكرة، يرويها عيسى بن إبراهيم؛

وهو ضعيف، عن موسى بن أبي حبيب وهو ضعيف، عن عمه الحكم ". نقله في "

الإصابة "، (1) وقد أشار الذهبي إلى ضعف قول من قال أنه صحابي كما يأتي في

العلة الآتية:

الثانية: موسى بن أبي حبيب، قال الذهبي في " الميزان " وأقره الحافظ في "

اللسان ":

" ضعفه أبو حاتم وغيره؛ ساقط، وله عن الحكم بن عمير - رجل قيل: له صحبة -

والذي أرى أنه لم يلقه، وموسى مع ضعفه متأخر عن لقي صحابي كبير ".

الثالثة: عيسى بن إبراهيم متروك كما قال الذهبي وسبقه النسائي وقال البخاري:

" منكر الحديث "، وأبو حاتم: " متروك الحديث ".

وساق له عدة أحاديث بهذا الإسناد وغيره، وقال في بعضها: إنه منكر.

__________

(1) وقال في ترجمة موسى من " اللسان ": " وقال أبو حاتم في ترجمة الحكم بن عمير: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر السماع ولا اللقاء - أحاديث منكرة من رواية ابن أخت موسى بن أبي حبيب وهو ذاهب الحديث، ويروي عن موسى عيسى بن إبراهيم وهو ذاهب الحديث ".

قلت: كذا في النسخة المطبوعة ولعل قوله: " ابن أخت " زيادة من النساخ. اهـ

 

(3/326)

 

 

قلت: سمعت هذا الحديث من فم شيخ دمشقي يلقيه على منبر مسجد مضايا يوم الجمعة

الواقع في 18/11/71 هـ وقد جعله محور خطبته! فاستنكرت الحديث في نفسي،

ولكني ما كان تقدم مني تخريجه، فخرجته بعد يوم فتحقق ظني وأنه منكر،

والحمد لله على توفيقه، ووفق مشايخنا لتحري الصحيح من حديث رسوله صلى الله

عليه وسلم، وحفظهم أن يقولوا عليه ما لم يقل.

1180 - " إن لله ديكا رأسه تحت العرش، وجناحه في الهو اء، وبراثنه في الأرض، فإذا

كان في الأسحار وأدبار الصلوات خفق بجناحه، وصفق بالتسبيح، فتصيح الديكة

تجيبه بالتسبيح ".

موقوف ضعيف

أخرجه الطبراني في " الكبير " (7391) : حدثنا بكر بن أحمد بن مقبل البصري:

حدثنا أحمد بن محمد بن المعلى الأدمي: حدثنا جعفر بن سلمة: حدثنا حماد بن

يزيد أبو يزيد المقري: حدثنا عاصم بن بهدلة عن زر عن صفوان بن عسال: قال:

فذكره موقوفا عليه، لم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وكذلك أورده الهيثمي في " المجمع " (8/134) من رواية الطبراني وقال:

" وفيه عاصم بن بهدلة وهو ضعيف، وقد حسن حديثه ".

قلت: المتقرر فيه أنه حسن الحديث يحتج به إذا لم يخالف.

لكن حماد بن يزيد أبو يزيد المقري، ليس بالمشهور، أورده البخاري في التاريخ (

2/1/21) وابن أبي حاتم (1/2/151) من رواية جمع عنه، ولم يذكرا فيه جرحا

ولا تعديلا. وأما ابن حبان فذكره في " الثقات ".

وجعفر بن سلمة وهو الوراق البصري الخزاعي قال ابن أبي حاتم (1/1/481) :

" ثقة رضا ".

وأحمد بن محمد بن المعلى الأدمي، ترجمه ابن أبي حاتم (1/1/74) وقال:

" سمع منه أبي بالبصرة في الرحلة الثالثة، [روى عنه أبي وأبو عوانة] ".

 

(3/327)

 

 

ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

وقد قال الحافظ في " التقريب ":

" صدوق ".

وبكر بن أحمد بن مقبل البصري وثقه الدارقطني كما في " سؤالات السهمي " (ص 182) ووصفه الذهبي في " العبر " (1/441) بالحافظ.

فالحديث علته الوقف إن سلم من أبي يزيد المقري.

1181 - " إن في جهنم واديا يقال له: هبهب، حقا على الله أن يسكنه كل جبار عنيد ".

ضعيف

رواه العقيلي في " الضعفاء " (49) وابن لال في " حديثه " (123/1) وابن

عدي في " الكامل " (1/420) والحاكم (4/596) وابن عساكر (5/58/1) وكذا

أبو يعلى والطبراني من طريق الأزهر بن سنان عن محمد بن واسع عن أبي بردة بن

أبي موسى الأشعري عن أبيه مرفوعا. وقال الحاكم ووافقه الذهبي:

" تفرد به أزهر بن سنان "!

قلت: وهو ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب "، ولذلك لم يصححه الحاكم ولا

الذهبي، بل أورده في " الميزان " وقال:

" قال ابن عدي: ليست أحاديثه بالمنكرة جدا، أرجوأنه لا بأس به، وقال ابن

معين: ليس بشيء ".

ثم ساق له أحاديث مما أنكرت عليه هذا أحدها.

وقد خالفه هشام بن حسان فقال: " عن محمد بن واسع قال: بلغني أن في النار جبا

يقال له: جب الحزن، يؤخذ المتكبرون فيحملون في توابيت من نار فيجعلون في ذلك

البئر فيطبق عليهم جهنم من فوقهم ".

أخرجه العقيلي وقال:

 

(3/328)

 

 

" وهذا حديث أولى من حديث أزهر ".

قلت: فتبين من رواية هشام بن حسان - وهو ثقة - أن أزهر بن سنان قد أخطأ في

رفع الحديث وفي لفظه، وأن الصواب الوقف. والله أعلم.

ومن ذلك تعرف أن قول المنذري في " الترغيب " (3/139) :

" رواه الطبراني بإسناد حسن وأبو يعلى والحاكم وقال: صحيح الإسناد ".

وقول الهيثمي (5/197) :

" رواه الطبراني في " الأوسط "، وإسناده حسن ".

فيه أمران:

الأول: أنه ضعيف غير حسن كما تقدم.

والآخر: أن الحاكم - مع تساهله المعروف - لم يصححه. والله أعلم.

1182 - " صحة با أم يوسف! قاله لما شربت بوله ".

ضعيف

قال في " المواهب اللدنية " (4/231) بشرح الزرقاني) :

" وعن ابن جريج قال: أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول في قدح من

عيدان ثم يوضع تحت سريره، فجاء فإذا القدح ليس فيه شيء، فقال لامرأة يقال لها

: بركة كانت تخدم أم حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة: أين البول الذي كان في

القدح؟ قالت: شربته، قال: صحة يا أم يوسف! فما مرضت قط حتى كان مرضها الذي

ماتت فيه. رواه عبد الرزاق في " مصنفه ". ورواه أبو داود متصلا عن ابن جريج

عن حكيمة عن أمها أميمة بنت رقيقة ".

قلت: إنما روى أبو داود منه أوله دون قوله: فجاء إلخ. وسنده موصول حسن،

ولذلك أوردته في " صحيح سنن أبي داود " (رقم 19) ، وقد أخرجه بتمامه موصولا

البيهقي في " سننه " (7/67) لكن ليس عنده: " صحة.. إلخ " وكذلك أورده

الهيثمي في " المجمع " (8/271) ، وزاد بدلها: " فقال النبي صلى الله عليه

وسلم: لقد احتظرت من النار بحظار " وقال:

 

(3/329)

 

 

" رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن أحمد بن حنبل وحكيمة

وكلاهما ثقة ".

وهو في " كبير الطبراني " (24/205/527) .

قلت: فدل هذا على ضعف هذه الزيادة: " صحة "؛ لشذوذها وإرسالها.

1183 - " خرج من عندي خليلي جبريل آنفا فقال: يا محمد! والذي بعثك بالحق إن لله

عبدا من عبيده عبد الله خمسمائة سنة على رأس جبل في البحر عرضه وطوله ثلاثون

ذراعا في ثلاثين ذراعا، والبحر محيط به أربعة آلاف فرسخ من كل ناحية وأخرج

الله تعالى له عينا عذبة بعرض الإصبح تبض بماء عذب فتستنقع في أسفل الجبل،

وشجرة رمان تخرج له كل ليلة رمانة فتغذيه يومه فإذا أمسى نزل فأصاب من الوضوء

وأخذ تلك الرمانة فأكلها ثم قام لصلاته، فسأل ربه عز وجل عند وقت الأجل أن

يقبضه ساجدا وأن لا يجعل للأرض ولا لشيء يفسده عليه سبيلا حتى يبعثه الله

وهو ساجد، قال: ففعل، فنحن نمر عليه إذا هبطنا وإذا عرجنا فنجد له في

العلم أنه يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدي الله عز وجل فيقول له الرب: أدخلوا

عبدي الجنة برحمتي فيقول: بل بعملي، فيقول الرب: أدخلوا عبدي الجنة برحمتي

فيقول: بل بعملي، فيقول الرب: أدخلوا عبدي الجنة برحمتي: فيقول: يا رب بل

بعملي، فيقول الرب: أدخلوا عبدي الجنة برحمتي، فيقول: رب بل بعملي، فيقول

الله عز وجل للملائكة: قايسوا عبدي بنعمتي عليه وبعمله، فتوجد نعمة البصر قد

أحاطت بعبادة خمسمائة سنة وبقيت نعمة الجسد فضلا عليه، فيقول: أدخلوا عبدي

النار، قال: فيجر إلى النار فينادي: رب برحمتك أدخلني الجنة، فيقول: ردوه

، فيوقف بين يديه فيقول: يا عبدي من خلقك ولم تك شيئا؟ فيقول: أنت يا رب،

فيقول: كان ذلك من

 

(3/330)

 

 

قِبلك أوبرحمتي؟ فيقول: بل برحمتك، فيقول: من قواك لعبادة

خمسمائة عام؟ فيقول: أنت يا رب، فيقول: من أنزلك في جبل وسط اللجة وأخرج

لك الماء العذب من الماء المالح، وأخرج لك كل ليلة رمانة وإنما تخرج مرة في

السنة، وسألتني أن أقبضك ساجدا ففعلت ذلك بك؟ فيقول: أنت يا رب، فقال الله

عز وجل: فذلك برحمتي، وبرحمتي أدخلك الجنة، أدخلوا عبدي الجنة فنعم العبد

كنت يا عبدي، فيدخله الله الجنة. قال جبريل عليه السلام: إنما الأشياء برحمة

الله تعالى يا محمد ".

ضعيف

أخرجه الخرائطي في " فضيلة الشكر " (133 - 134) والعقيلي في " الضعفاء " (

165) وتمام في " الفوائد " (265/2 - 266/1) وابن قدامة في " الفوائد " (

2/6/1 - 2) وكذا الحاكم (4/250 - 251) من طريق سليمان بن هرم عن محمد بن

المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: خرج علينا النبي صلى الله

عليه وسلم فقال: فذكره. وقال الحاكم:

" صحيح الإسناد ". كذا قال! وتبعه ابن القيم في " شفاء العليل " (ص 114) ،

وهو منه عجيب ن فإن سليمان هذا مجهول كما يأتي عن العقيلي، وقول الحاكم عقب

تصحيحه المذكور: " والليث لا يروي عن المجهولين " مجرد دعوى لا دليل عليها،

والحاكم نفسه أول من ينقضها فقد روى في " المستدرك " (4/230) حديثا آخر من

رواية الليث عن إسحاق بن بزرج بسنده عن الحسن بن علي، وقال عقبه:

" لولا جهالة إسحاق لحكمت للحديث بالصحة "!

وهذا مناقض تمام المناقضة لدعواه السابقة، ولذلك تعقبه الذهبي بقوله:

" قلت: لا والله، وسليمان غير معتمد ".

وذكر في ترجمة سليمان هذا من " الميزان ":

" قال الأزدي: لا يصح حديثه ".

وقال العقيلي:

 

(3/331)

 

 

" مجهول وحديثه غير محفوظ ".

ثم قال الذهبي عقبه:

" لم يصح هذا، والله تعالى يقول: " ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون " ولكن

لا ينجي أحدا عمله من عذاب الله كما صح، بل أعمالنا الصالحة هي من فضل الله

علينا ومن نعمه لا بحول منا ولا بقوة، فله الحمد على الحمد له ".

وحديث ابن بزرج المشار إليه خرجته في آخر الجزء الثاني من " تمام المنة في

التعليق على فقه السنة " (صلاة العيد / التحقيق الثاني) ولعله ييسر لنا

إعادة طبعه مع الجزء الأول إن شاء الله تعالى.

1184 - " من حج عن ميت فللذي حج عنه مثل أجره، ومن فطر صائما فله مثل أجره، ومن دل

على خير فله مثل أجر فاعله ".

ضعيف

أخرجه الخطيب (11/353) من طريق أبي حجية علي بن بهرام العطار: حدثنا عبد

الملك بن أبي كريمة عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا به.

قلت: وهذا سند ضعيف، وله علتان:

الأولى: جهالة أبي حجية هذا فقد ترجمه الخطيب ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

والأخرى: عنعنة ابن جريج فإنه مدلس.

والفقرة الثانية والثالثة قد جاءتا من طرق ثابتة، وإنما أوردته من أجل

الفقرة الأولى، فإنها غريبة منكرة.

 

(3/332)

 

 

1185 - " ارفع إلى السماء، وسل الله السعة ".

ضعيف

رواه الطبراني (رقم - 3842) : حدثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي: نا يعقوب بن

حميد: نا عبد الله بن عبد الله الأموي: حدثني اليسع بن المغيرة عن أبيه عن

خالد بن الوليد:

أنه شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضيق في مسكنه، فقال: فذكره.

 

(3/332)

 

 

ثم رواه (رقم - 3843) بهذا السند عن ابن حميد: نا عبد الله بن الحارث عن

الربيع بن سعيد عن اليسع بن المغيرة عن خالد بن الوليد مثله.

قلت: وهذا إسناد ضعيف من الوجهين فإن مدارهما على اليسع بن المغيرة وهو لين

الحديث كما في " التقريب ".

ومثله الراوي عنه في الطريق الأولى عبد الله بن عبد الله الأموي.

وفي الطريق الأخرى الربيع بن سعيد وهو النوفلي أورده ابن أبي حاتم (1/2/462

) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

ويعقوب بن حميد ثقة، لكن في حفظه ضعف يسير، فيحتمل أن روايته الحديث

بالطريقين مما لم يضبطه، فاضطرب فيه. والله تعالى أعلم.

وقد روي الحديث مرسلا عن اليسع بن المغيرة قال:

شكا خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيق منزله، فقال:

" اتسع في السماء ".

رواه أبو داود في " المراسيل " (ص 52) ولم نقف على سنده، لأنه محذوف من

النسخة ككل أحاديثها، لكن الظاهر أنه من طريق الربيع المذكور كما يشير إلى ذلك

قول ابن أبي حاتم في ترجمته:

" روى عن اليسع بن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، روى عنه عبد الله

ابن الحارث المخزومي، مرسل ".

ثم تأكدت مما استظهرت، فالحديث في نسخة مصورة من " المراسيل " (ق 26/1) .

والحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " (1/93/2) بلفظ:

" ارفع البنيان إلى السماء، واسألوا الله السعة " وقال:

" رواه الطبراني في " الكبير " والخطيب وابن عساكر عن اليسع بن مغيرة به "

وقال:

" قال الخطيب: في اليسع نظر ".

وأورده في " الجامع الصغير " باللفظ الذي نقلته عن الطبراني إلا أنه زاد فيه

لفظة: " البنيان " وليست عنده.

ومما سبق من التحقيق تعلم أن قول الهيثمي (10/169) :

 

(3/333)

 

 

" رواه الطبراني بإسنادين أحدهما حسن "؛ ليس بحسن. وقلده الغماري في "

الإتقان " (127) ! ومثله قول المناوي عقب ذلك:

" وبه تعرف أن رمز المصنف لضعفه غير سديد ".

فإن رمز السيوطي لضعفه هو بلا شك عمل رشيد، وتعقب المناوي عليه هو الأحق

بقوله: " غير سديد " سيما وقد أتبعه بقوله:

" نعم، قال العراقي: في سنده لين. وكأن كلامه في الطريق الثاني ".

قلت: بل هو في الطريقين معا فإن مدارهما على اليسع وهو ليس الحديث كما سبق

بيانه.

1186 - " من طلب قضاء المسلمين حتى يناله، ثم غلب عدله جوره، فله الجنة، ومن غلب

جوره عدله فله النار ".

ضعيف

أخرجه أبو داود (3575) وعنه البيهقي (10/88) من طريق موسى بن نجدة عن جده

يزيد بن عبد الرحمن وهو أبو كثير قال: حدثني أبو هريرة عن النبي صلى الله

عليه وسلم قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، موسى بن نجدة، قال الذهبي:

" لا يعرف ".

وقال الحافظ:

" مجهول ".

 

(3/334)

 

 

1187 - " خالقوا الناس بأخلاقهم، وخالفوهم بأعمالهم ".

ضعيف

أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 455 - 456) : حدثنا محمد بن أحمد بن الوليد

: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: حدثنا يزيد بن ربيعة عن أبي الأشعث الصنعاني

عن أبي عثمان عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

" كيف أنتم إذا كنتم في قوم قد درست عهو دهم، ومرجت أماناتهم، وصاروا حثالة

هكذا - وشبك بين أصابعه - قالوا: كيف نصنع يا رسول الله؟ قال: صبرا صبرا،

 

(3/334)

 

 

خالقوا ... ". وقال:

" هذا يروى بغير هذا الإسناد، وخلاف هذا اللفظ من طريق صالح ".

ذكره في ترجمة يزيد بن ربيعة الرحبي هذا، وروى عن البخاري أنه قال:

" عنده مناكير ".

قلت: وفي ترجمته أيضا أورد الحديث الذهبي في " الميزان " وقال:

" وقال أبو داود وغيره: ضعيف، وقال النسائي: متروك ".

وقد انقلب اسمه في " المستدرك " إلى " ربيعة بن يزيد "، وجعله من مسند " أبي

ذر " لا من مسند " ثوبان "! ولست أدري أذلك من المؤلف أم الراوي أم الناسخ،

فقد أخرجه (3/343) من طريقين عن عثمان بن سعيد الدارمي: حدثنا أبو توبة

الربيع بن نافع: حدثنا ربيعة بن يزيد عن أبي الأشعث النهدي عن أبي ذر قال:

قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" يا أبا ذر كيف أنت.. " الحديث. وقال:

" صحيح على شرط الشيخين ". وتعقبه الذهبي بقوله:

" ابن يزيد لم يخرجوا له، قال النسائي وغيره: متروك ".

وأقول: ليس في الرواة: ربيعة بن يزيد سوى واحد، وهو أبو شعيب الإيادي

الدمشقي القصير، وهو أعلى طبقة من يزيد بن ربيعة الرحبي، فإنه روى عن غير

واحد من الصحابة، وعنه جماعة من التابعين وغيرهم منهم يزيد بن ربيعة هذا،

كما في " التهذيب " مات سنة (123) ، فليس هو من هذه الطبقة، كيف والراوي

عنه أبو توبة الربيع بن نافع، وقد مات سنة (241) فبينهما نحوثمانين سنة؟

ولذلك فأنا أقطع بأن ما في " المستدرك ": " ربيعة بن يزيد " خطأ لا أدري

منشأه، ومن الغرائب قول الذهبي في تعقبه السابق:

" ابن يزيد.. ".

وإنما هو يزيد بن ربيعة الرحبي، وهو الذي يصح فيه قول الذهبي:

" لم يخرجوا له.. " إلخ.

ومن طريقه رواه البزار والطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " (7/283) .

 

(3/335)

 

 

ولا أستبعد أن يكون هذا الخطأ من الحاكم نفسه، فإن له في كتابه هذا أوهاما

كثيرة، يعرفها أهل العلم بالحديث ورواته، وقد اعتذر بعضهم له؛ بأنه مات

قبل أن يبيض كتابه. والله أعلم.

وأما قول العقيلي فيما تقدم:

" هذا يروى بغير هذا الإسناد.. ".

فكأنه يعني ما روى حبيب بن أبي ثابت عن عبد الله بن باباه قال: قال عبد الله:

" خالطوا الناس وزايلوهم، وصافوهم بما تشتهو ن، فدينكم لا تكلمونه ".

أخرجه الطبراني في " الكبير " (3/46/1) والبيهقي في " الزهد الكبير " (21/2) .

قلت: وإسناده صحيح لولا عنعنة حبيب؛ فإنه مدلس.

وأورده الهيثمي في " المجمع " (7/280)

هكذا موقوفا وقال:

" رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات ".

قلت: وعلقه البخاري في " الأدب " من " الصحيح " (10/436 - فتح) وقال

الحافظ:

" وصله الطبراني من طريق عبد الله بن باباه عن ابن مسعود قال: ... وأخرجه ابن

المبارك في " كتاب البر والصلة " من وجه آخر عن ابن مسعود، وعن عمر مثله،

لكن قال: وانظروا لا تكلموا دينكم ".

وقال البيهقي عقبه:

" روي عن علي رضي الله عنه. وأسنده بعض الضعفاء عن عبد الله، وليس بشيء ".

قلت: وقد أخرجه الدارمي (1/92) عن علي موقوفا بلفظ:

" خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم، وزايلوهم بأعمالكم وقلوبكم، فإن للمرء

ما اكتسب، وهو يوم القيامة مع من أحب ".

قلت: وإسناده حسن.

 

(3/336)

 

 

والحديث عزاه في " الجامع الكبير " (2/17/2) و" المنتخب " (1/132)

للعسكري في " الأمثال " عن ثوبان.

نعم قد صح الحديث مرفوعا بلفظ:

" خالطوهم بأجسادكم، وزايلوهم بأعمالكم ".

وهو مخرج في " الصحيحة " رقم (452) .

1188 - " الخلافة بالمدينة والملك بالشام ".

ضعيف

رواه البخاري في " التاريخ " (2/2/16) والحاكم (3/72) والبيهقي في "

الدلائل " (6/447 - طبع بيروت) عن هشيم عن العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي

سليمان عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. وقال الحاكم:

" صحيح ".

وتعقبه الذهبي بقوله:

" قلت: سليمان وأبو هـ مجهولان ".

وقال في " الميزان ":

" سليمان لا يكاد يعرف ".

وفي " المنتخب " لابن قدامة (10/206/1) :

" قال مهنا: وسألت يحيى (يعني ابن معين) عن سليمان بن أبي سليمان يحدث عنه

العوام بن حوشب عن أبي هريرة (فذكر الحديث) فقال: لا نعرف هذا يعني سليمان

بن أبي سليمان. وقال لي أحمد: أصحاب أبي هريرة المعروفون ليس هذا عندهم ".

وفي " الجامع الكبير " (1/340/1) :

" رواه البخاري في " تاريخه " والحاكم وتعقب، وابن عساكر عن أبي هريرة،

ونعيم بن حماد في " الفتن " عنه موقوفا ".

 

(3/337)

 

 

1189 - " جزى الله عز وجل العنكبوت عنا خيرا، فإنها نسجت علي وعليك يا أبا بكر في الغار، حتى لم يرنا المشركون ولم يصلوا إلينا ".

 

(3/337)

 

 

منكر.

رواه الديلمي في " مسند الفردوس ": نا والدي وقال: أنا أحبها منذ سمعت شيخي

أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد المراغي والمطهر بن محمد بن جعفر البيع بأصبهان

قالا: إنا نحبها منذ سمعنا من أبي سعد إسماعيل بن علي بن الحسين السمان قال:

أنا أحبها منذ سمعت من أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن جعفر الصوفي قال:

أنا أحبها منذ سمعت من أبي بكر محمد بن محمود الفارسي الزاهد ببلخ قال: أنا

أحبها منذ سمعت أبا سهل ميمون بن محمد بن يونس الفقيه قال: أنا أحبها منذ سمعت

من عبد الله بن موسى السلامي قال: أنا أحبها منذ سمعت من إبراهيم بن محمد قال

: أنا أحبها منذ سمعت من أحمد بن العباس الحصري قال: أنا أحبها منذ سمعت من

عبد الملك بن قريب الأصمعي قال: أنا أحبها منذ سمعت ابن عون قال: أنا أحبها

منذ سمعت من محمد بن سيرين قال: أنا أحبها منذ سمعت من أبي هريرة قال: أنا

أحبها منذ سمعت من أبي بكر الصديق يقول: لا أزال أحب العنكبوت منذ رأيت

رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبها وقال: فذكره. قال الديلمي: وأنا أحبها

منذ سمعت والدي يقول هذا الحديث.

قلت: أما أنا فلا أحبها ولا أبغضها لعدم ثبوت الحديث المذكور عن رسول الله

صلى الله عليه وسلم، بل هو منكر إن لم يكن موضوعا، وإن سكت عليه السيوطي في

" الجامع الكبير " (3/146/1 - 2) ، لأن عبد الله بن موسى السلامي ترجمه

الخطيب (10/148 - 149) وقال:

" في رواياته غرائب ومناكير وعجائب ".

ثم روى عن أبي سعد الإدريسي الحافظ أنه قال:

" كان صحيح السماع إلا أنه كتب عمن دب ودرج من المجهولين وأصحاب الزوايا.

قال: وكان أبو عبد الله بن منده سيىء الرأي فيه، وما أراه كان يتعمد الكذب

في فضله ".

وقال الذهبي:

" روى حديثا ما له أصل، سلسله بالشعراء، منهم الفرزدق ".

 

(3/338)

 

 

قلت: والحديث المشار إليه رواه الخطيب (3/98 - 99) .

وشيخه إبراهيم بن محمد لم أعرفه، ولعله من شيوخه المجهولين الذين أشار إليهم

الخطيب فيما تقدم.

وفي من دونه جماعة لم أعرفهم.

واعلم أنه لا يصح حديث في عنكبوت الغار والحمامتين على كثرة ما يذكر ذلك في

بعض الكتب والمحاضرات التى تلقى بمناسبة هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة

، فكن من ذلك على علم. وقد مضى منها ثلاثة أحاديث (ص 259 - 263) .

1190 - " حب قريش إيمان، وبغضهم كفر، وحب العرب إيمان، وبغضهم كفر، ومن أحب

العرب فقد أحبني، ومن أبغض العرب فقد أبغضني ".

ضعيف جدا

رواه العقيلي في " الضعفاء " (451) والطبراني في " الأوسط " (2306) عن

معقل بن مالك قال: حدثنا الهيثم بن جماز قال: حدثنا ثابت عن أنس مرفوعا.

وقال الطبراني:

" لم يروه عن ثابت إلا الهيثم ".

وقال العقيلي:

" حديثه غير محفوظ، قال ابن معين: ضعيف ".

وقال النسائي في " الضعفاء والمتروكين " (30) :

" متروك الحديث ".

وقال الهيثمي في " المجمع " (10/23) :

" رواه البزار (وفي مكان آخر 10/53: الطبراني في " الأوسط ") ، وفيه

الهيثم بن جماز وهو متروك ".

وأخرج الحاكم (4/87) منه قوله:

" حب العرب إيمان، وبغضهم نفاق ". وقال:

 

(3/339)

 

 

" صحيح الإسناد ".

ورده الذهبي بقوله:

" قلت: الهيثم متروك، ومعقل ضعيف ".

قال في " الفيض ":

" قال العراقي في " القرب ": لكن له شاهد من حديث ابن عمر في " المعجم الكبير

" للطبراني ".

قلت: وهو ضعيف، ومع ضعفه فلا يؤثر في المشهو د له لشدة ضعفه كما هو معروف،

ثم إن شهادته قاصرة، فإن لفظه:

" لا يبغض العرب مؤمن، ولا يحب ثقيفا إلا مؤمن ".

1191 - " لا يبغض العرب مؤمن، ولا يحب ثقيفا إلا مؤمن ".

ضعيف

قال في " المجمع " (10/53) بعد أن ذكره من حديث ابن عمر مرفوعا:

" رواه الطبراني، وفيه سهل بن عامر وهو ضعيف ".

قلت: والشطر الثاني رواه الطبراني (12339) من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ:

" ... رجل يؤمن بالله واليوم الآخر ". وفيه نعيم بن حماد وهو ضعيف.

وللشطر الأول منه شاهد ولكنه ضعيف جدا ولفظه:

" لا يبغض العرب إلا منافق ".

 

(3/340)

 

 

1192 - " لا يبغض العرب إلا منافق ".

ضعيف جدا

أخرجه ابن عدي (145/1) عن إسماعيل بن عياش عن زيد بن جبيرة عن داود بن الحصين

عن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه مرفوعا وقال:

" زيد بن جبيرة عامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد ".

قلت: وفي " التقريب ":

" متروك ".

والحديث في " زوائد المسند " (1/81) من هذا الوجه، لكنه قال: " عن علي "!

 

(3/340)

 

 

1193 - " خير يوم طلعت عليه الشمس يوم عرفة إذا وافق يوم جمعة، وهو أفضل من سبعين

حجة في غيرها ".

لا أصل له

قال السخاوي في " الفتاوى الحديثية " (ق 105/2) :

" ذكره رزين في " جامعه " مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر

صحابيه، ولا من خرجه. والله أعلم ".

 

(3/341)

 

 

1194 - " جاءني جبريل فلقنني لغة أبي إسماعيل ".

منكر

رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/117) معلقا عن أحمد بن يحيى بن الحجاج

الجرواآني عن عمرو بن علي: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بن أنس عن نافع

عن ابن عمر قال:

قال عمر: يا نبي الله مالك أفصحنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره.

وقال في أحمد هذا:

" حدث بمناكير، وهذا من مناكير حديثه ".

قلت: ومن مناكيره ما سيأتي بلفظ: " من كسح مسجدا ... ".

 

(3/341)

 

 

1195 - " حامل القرآن موقى ".

ضعيف

رواه أبو حفص الكتاني في " حديثه " (134/1) والمخلص في " الفوائد المنتقاة "

(8/10/2) عن أبي حفص عن شيخ من أهل الشام عن مكحول عن عثمان بن عفان

مرفوعا.

قلت: وهذا سند ضعيف وله علتان:

الأولى: جهالة هذا الشيخ الشامي.

الثانية: الانقطاع بين مكحول وعثمان.

وأبو حفص هو عمر بن عبد الرحمن الأبار وهو ثقة وكذلك سائر رجاله ثقات إلا ما بينت.

 

(3/341)

 

 

والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للديلمي في " مسند الفردوس " فقال

شارحه المناوي:

" رواه عن عثمان من طريقين، وفيه محمد بن راشد المكحولي، قال النسائي: ليس

بالقوي ".

قلت: ولعل المكحولي هذا هو الشيخ الشامي في الطريق الأولى. والله أعلم.

ثم إنني رأيته في " مسند الفردوس " من طريق واحدة، فإن النسخة المصورة التي

عندي سيئة، وبعض صفحاتها غير ظاهرة، أخرجه (ص 89) من طريق سورة بن الحكم:

حدثنا محمد بن راشد عن مكحول به. وسورة هذا في حكم مجهول الحال، فقد أورده

ابن أبي حاتم (2/1/327) والخطيب في " تاريخه " (9/227) ولم يذكرا فيه

جرحا ولا تعديلا.

1196 - " جلوس المؤذن بين الأذان والإقامة في المغرب سنة ".

ضعيف

رواه تمام في " الفوائد " (رقم 2265 - نسختنا) من طريق أبي جعفر محمد بن علي

ابن الخضر البزاز - بالرقة -: حدثنا إسحاق بن عبد الله أبو يعقوب البوقي من

كتابه: حدثنا هشيم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا به.

قلت: وهذا سند ضعيف، وفيه علتان:

الأولى: تدليس هشيم، فقد كان مدلسا كثير التدليس كما في " التقريب "، وقد

عنعنه.

الثانية: البوقي هذا، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" روى عن مالك وهشيم، قال ابن منده: له مناكير ".

وأما أبو جعفر محمد بن علي بن الخضر، فقد أورده أبو علي الحراني في " تاريخ

الرقة " (ق 42/2) فقال:

" مات محمد بن الخضر بن علي بالرافقة (1) في ذي الحجة سنة إحدى وتسعين

ومائتين ".

__________

(1) هي الرقة نفسها، بلدة كبيرة على الفرات في سورية. اهـ

 

(3/342)

 

 

كذا وقع فيه: " الخضر بن علي " على القلب فلا أدري أهذا هو الصواب أم ما في

نسختنا من " الفوائد "؟ والله أعلم.

ثم رأيته في " زهر فردوس الديلمي " (2/74) وأصله " مسند الفردوس " (ص 74 -

75) وفق ما في " التاريخ " فهذا هو الصواب. والله أعلم.

والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الديلمي في " مسند

الفردوس " وحده عن أبي هريرة بلفظ: " الإمام " بدل " المؤذن "، واستدرك عليه

المناوي " فوائد تمام "، وأعله بهشيم فقط، ولم يتعرض لاختلاف اللفظ، والله

أعلم.

1197 - " خير نساء أمتي أصبحهن وجها، وأقلهن مهو را ".

موضوع

رواه ابن عدي (97/2) وعنه ابن عساكر (5/64/1) عن حسين بن المبارك الطبراني

: حدثنا إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا وقال

ابن عدي:

" هذا الحديث منكر المتن، وإن كان عن إسماعيل بن عياش لأن إسماعيل يخلط في

حديث الحجاز والعراق، وهو ثبت في حديث الشام، والبلاء في هذا الحديث من

الحسين بن المبارك هذا لا من إسماعيل بن عياش، والحسين أحاديثه مناكير ".

قلت: ونقل الذهبي عن ابن عدي أنه قال فيه: " متهم ". ولم أجد هذا في

ترجمته من " الكامل ". والله أعلم. ثم ساق له أحاديث هذا أحدها.

 

(3/343)

 

 

1198 - " جئتم تسألوني عن ذي القرنين، إن أول أمره أنه كان غلاما من الروم أعطي ملكا

فسار حتى أتى ساحل أرض مصر، فابتنى مدينة يقال لها: الإسكندرية " الحديث بطوله.

ضعيف جدا

أخرجه ابن عساكر (6/57/1 - 2) عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم عن

عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن سعيد بن مسعود عن رجلين من كندة من قومه قالا:

 

(3/343)

 

 

استطلنا يومنا فانطلقنا إلى عقبة بن عامر الجهني، فوجدناه في ظل داره

جالسا فقلنا له: إنا استطلنا يومنا فجئنا نتحدث عندك، فقال: وأنا استطلت

يومي فخرجت إلى هذا الموضع، قال: ثم أقبل علينا وقال:

كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت ذات يوم فإذا أنا برجال من أهل

الكتاب بالباب معهم مصاحف، فقالوا: من يستأذن لنا على رسول الله صلى الله

عليه وسلم؟ فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: مالي ولهم

يسألونني عما لا أدري؟ إنما أنا عبد لا أعلم إلا ما علمني ربي عز وجل. ثم قال

: ابغني وضوءا. فأتيته بوضوء فتوضأ ثم خرج إلى المسجد فصلى ركعتين، ثم انصرف

فقال لي وأنا أرى السرور والبشر في وجهه؛ فقال: أدخل القوم علي ومن كان من

أصحابي فأدخله أيضا. فأذنت لهم فدخلوا فقال لهم: إن شئتم أحدثكم عما جئتم

تسألونني عنه من قبل أن تكلموا، وإن شئتم فتكلموا قبل أن أقول، قالوا: بل

أخبرنا، قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن زياد ضعيفان.

وسعيد بن مسعود لم أعرفه.

1199 - " خير خلكم خل خمركم ".

منكر.

أخرجه البيهقي في " المعرفة " من حديث المغيرة بن زياد عن أبي الزبير عن جابر

مرفوعا. وقال:

" المغيرة ليس بالقوي ".

كذا في " المقاصد الحسنة " (رقم 456) .

قلت: وفيه علة أخرى وهي عنعنة أبي الزبير، فإن كان مدلسا. وقال شيخ

الإسلام ابن تيمية في " الفتاوي " (1/71) :

" فهذا الكلام لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم، ومن نقله عنه فقد أخطأ،

ولكن هو كلام صحيح،

 

(3/344)

 

 

فإن خل الخمر لا يكون فيها ماء، ولكن المراد به الذي

بدأ الله بقلبه، وأيضا فكل خمر يعمل من العنب بلا ماء فهو مثل خل الخمر ".

قلت: وقوله: " هو كلام صحيح " ليس بصحيح عندي على إطلاقه، فإنه بظاهره يقر

اقتناء الخمر وتحويله خلا، وذلك يستفاد من قوله: " خمركم " فإنه أضاف الخمر

إلى المسلمين! وهذا منكر من القول لا يعقل أن يصدر من النبي صلى الله عليه

وسلم وهو القائل حين سئل عن اتخاذ الخمر خلا: " لا "، رواه مسلم وأبو داود

، وفي روايته: " إنها كانت لأيتام فأمر بإراقتها " ولذلك كان القول الصحيح

في تخليل الخمر: إنه لا يجوز بحال من الأحوال.

قال شيخ الإسلام:

" فلما أمر صلى الله عليه وسلم بإراقتها، ونهى عن تخليلها، وجبت طاعته فيما

أمر به ونهى عنه فيجب أن تراق الخمرة ولا تخلل، هذا مع كونهم كانوا يتامى،

ومع كون تلك الخمر كانت متخذة قبل التحريم، فلم يكونوا عصاة ".

ومما سبق من التخريج يتبين أن قول ابن الجوزي في " التحقيق " (1/66) : إنه

حديث لا أصل له، ليس بصواب، وإن كان عبد الهادي أقره في " التنقيح " عليه،

فإن تخريج البيهقي إياه يرد قولهما.

وقال العجلوني في " الكشف ":

" وحكم ابن الجوزي عليه بالوضع كالصغاني ".

وفيه ما سبق، إلا أن يقصدا المعنى؛ فهو قريب.

1200 - " الجفاء والبغي بالشام ".

موضوع

رواه ابن عدي (25/1) وعنه ابن الجوزي في " العلل " (1/312) عن الفضل بن

المختار عن أبان عن أنس مرفوعا. وقال:

" أبان بن أبي عياش بين الأمر في الضعف، وأرجوأنه ممن لا يتعمد الكذب إلا

أنه يشتبه عليه ويغلط، وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق ".

 

(3/345)

 

 

قلت: وهو متروك وقد كذبه شعبة.

والفضل بن المختار قال الذهبي:

" غير ثقة ".

والحديث أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 87) من رواية ابن

عدي وقال:

" أورده ابن الجوزي في " العلل " وقال:

لا يصح، أبان متروك الحديث، والفضل بن المختار قال أبو حاتم: يحدث

بالأباطيل ".

قلت: فهو بكتابه " الموضوعات " أولى.

1201 - " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنه أهو ن

عليكم في الحساب غدا، أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر

" يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية " ".

موقوف

علقه ابن الجوزي في " تاريخ عمر بن الخطاب " (ص 176 - 177) عن ثابت بن حجاج

قال: قال عمر: فذكره. وقد وصله أبو نعيم في " حلية الأولياء " (1/52)

من طريق جعفر بن برقان عن ثابت بن حجاج به. وإسناده جيد في " حلية الأولياء "

(1/52) من طريق جعفر بن برقان عن ثابت بن حجاج به. وإسناده جيد؛ إن كان

ثابت سمعه من عمر؛ فإن صورته صورة المعلق المنقطع، وقد ذكر له الحافظ في "

التهذيب " رواية عن بعض الصحابة ليس منهم عمر، بل إن البخاري وابن أبي حاتم

لم يذكرا له رواية إلا عن بعض التابعين، ولذلك أورده ابن حبان في أتباع

التابعين من كتابه " الثقات " (6/127) وقال:

" روى عن جماعة من التابعين ". والله أعلم.

ورواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (13/58/1) من طريق أخرى عن مالك بن مغول

بلاغا عن عمر نحوه. وعلق الفقرة الأولى منه الحكيم الترمذي في " كتاب الأكياس

والمغترين " (31) عن عمر موقوفا دون إسناد.

 

(3/346)

 

 

1202 - " كان يأكل بكفه كلها ".

موضوع

أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (4/90) وابن الجوزي في " الموضوعات " (3/35 -

36) من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن أخي ابن شهاب عن امرأته أم الحجاج بنت

محمد بن مسلم قالت:

كان أبي يأكل بكفه (الأصل: بكفيه وهو خطأ مطبعي) فقلت: لوأكلت بثلاث

أصابع. قال: فذكره.

أورده العقيلي في ترجمة ابن أخي الزهري واسمه محمد بن عبد الله بن مسلم، وقد

ضعفه بعضهم، وقال العقيلي عقبه:

" لم يتابع عليه ".

وأقول: الراجح فيه أنه " صدوق صالح " كما قال الذهبي، واحتج به الشيخان.

وإنما علة الحديث عندي امرأته أم الحجاج فإني لم أعرفها، وأبوها محمد بن

مسلم هو الإمام الزهري عم زوج ابنته، وهو تابعي صغير، فالحديث إلى الجهالة

التي فيه مرسل أومعضل.

وأما ابن الجوزي فلم يعرفه، لأنه لم يقع مسمى في روايته، فقال:

" هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمرأة مجهولة وأبوها

لا يعرف، وفي " الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل بثلاث

أصابع ".

وهذا الحديث الموضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمرأة مجهولة

وأبوها لا يعرف، وفي " الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بثلاث

أصابع ".

وهذا الحديث الموضوع أصل تلك العادة المتبعة في بعض البلاد العربية، وهي

أكلهم الأرز ونحوه بأكفهم من " المناسف "، فهم بذلك يخالفون السنة الصحيحة،

وهي الأكل بثلاث أصابع، ويعملون بالحديث الموضوع المخالف لها!

ومن الغريب أن بعضهم يستوحش من الأكل بالمعلقة، ظنا منه أنه خلاف السنة! مع

أنه من الأمور العادية، لا التعبدية، كركوب السيارة والطيارة ونحوها من

الوسائل الحديثة، وينسى أويتناسى أنه حين يأكل بكفه أنه يخالف هديه صلى الله

عليه وسلم.

 

(3/347)

 

 

1203 - " الجمعة واجبة على خمسين رجلا، وليس على من دون الخمسين جمعة ".

موضوع

رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (رقم - 7952) وابن عدي (53/2)

والدارقطني (164) عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا. وقال:

" وجعفر هذا أحاديثه عامتها مما لا يتابع عليه، والضعف على حديثه بين ".

وقال الدارقطني:

" وجعفر متروك ".

قال المناوي في " الفيض ":

" قال الذهبي في " المهذب ": حديث واه. وقال الهيثمي: فيه جعفر بن الزبير

صاحب القاسم وهو ضعيف جدا، وقال ابن حجر: جعفر بن الزبير متروك ".

ويعارضه الحديث الآتي، وهو مثله في الوضع، أوشر منه رواية! وكلاهما من

الأحاديث التي شان بها السيوطي كتابه " الجامع الصغير "، وقد سبق التنبيه على

الكثير من أمثالها. والله المستعان.

 

(3/348)

 

 

1204 - " الجمعة واجبة على كل قرية فيها إمام، وإن لم يكونوا إلا أربعة حتى ذكر

صلى الله عليه وسلم ثلاثة ".

موضوع

رواه ابن عدي (65/2) عن معاوية بن سعيد التجيبي عن الحكم بن عبد الله بن سعيد

عن الزهري عن أم عبد الله الدوسية مرفوعا وقال:

" الحكم أحاديثه كلها موضوعة، وما هو منها معروف المتن فهو باطل بهذا الإسناد

، وما أمليت له عن القاسم بن محمد والزهري وغيرهما كلها مما لا يتابعه

الثقات عليه ".

ومن طريقه أخرجه ابن منده في " المعرفة " (2/358/2) والدارقطني (165 و166) وقال:

" الزهري لا يصح سماعه من الدوسية، والحكم هذا متروك ".

 

(3/348)

 

 

وقال في موضع آخر:

" ولا يصح هذا عن الزهري، كل من رواه عنه متروك ".

(فائدة) : لقد اختلفت أقوال العلماء كثيرا في العدد الذي يشترط لصحة صلاة

الجمعة حتى بلغت إلى خمسة عشر قولا، قال الإمام الشوكاني في " السيل الجرار "

(1/298) :

" وليس على شيء منها دليل يستدل به قط، إلا قول من قال: إنها تنعقد جماعة

الجمعة بما تنعقد به سائر الجماعات ".

قلت: وهذا هو الصواب إن شاء الله تعالى.

1205 - " أخوك البكري ولا تأمنه ".

ضعيف

أخرجه البخاري في " التاريخ " (4/1/39) وأبو داود (4861) وأحمد (5/289)

وابن سعد (4/296) من طريق ابن إسحاق عن عيسى بن معمر عن عبد الله بن عمرو

ابن الفغواء الخزاعي عن أبيه قال:

" دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان

يقسمه في قريش بمكة بعد الفتح، فقال: " التمس صاحبا "، قال: فجاءني عمرو بن

أمية الضمري، فقال: بلغني أنك تريد الخروج، وتلتمس صاحبا، قال: قلت: أجل

، قال: فأنا لك صاحب، قال: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: قد

وجدت صاحبا، قال: فقال: " من؟ " قلت: عمرو بن أمية الضمري، قال:

" إذا هبطت بلاد قومه فاحذره، فإنه قد قال القائل: أخوك البكري ولا تأمنه ".

فخرجنا حتى إذا كنت بـ (الأبو اء) ، قال: إني أريد حاجة إلى قومي بـ (ودان)

، فتلبث لي، قلت: راشدا، فلما ولى، ذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم،

فشددت على بعيري حتى خرجت أوضعه، حتى إذا كنت بـ (الأصافر) إذا هو يعارضني

في رهط، قال: وأوضعت، فسبقته، فلما رآني قد فته، انصرفوا، وجاءني فقال

: كانت لي إلى قومي حاجة، قال: قلت: أجل، ومضينا حتى قدمنا مكة، فدفعت

المال إلى أبي سفيان ".

 

(3/349)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان:

الأولى: الجهالة. قال الذهبي في " الميزان ":

" عبد الله بن عمرو بن الفغواء لا يعرف ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" مستور ".

والأخرى: عنعنة ابن إسحاق فإنه مدلس معروف لكنه قد صرح بالتحديث عند البخاري.

وله شاهد، لكنه ضعيف جدا، فلا يصلح للتقوية، لأنه يرويه زيد بن عبد الرحمن

ابن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن أسلم قال:

" خرجت في سفر، فلما رجعت قال لي عمر: من صحبت؟ قلت: صحبت رجلا من بني بكر

ابن وائل، فقال عمر: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... "

فذكره.

أخرجه الطبراني في " الأوسط " (رقم - 3927 بترقيمي) والعقيلي في " الضعفاء "

(138) وابن عدي في " الكامل " (ق 14/2 و147/1) وقال:

" والحديث بهذا الإسناد منكر ". وقال الطبراني:

" لا يروى عن عمر إلا بهذا الإسناد ".

قلت: وآفته زيد بن الرحمن بن زيد بن أسلم، قال العقيلي:

" لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به ".

قلت: وأبو هـ ضعيف جدا، وقد سبقت ترجمته في المجلد الأول تحت الحديث (25) .

ثم رواه العقيلي وابن عدي عن البخاري أنه قال فيه:

" منكر الحديث ".

وهذا معناه عنده أنه متهم، والله أعلم.

1206 - " حب علي يأكل الذنوب كما تأكل النار الحطب ".

باطل

رواه ابن عساكر (4/214/2 و12/121/2) وكذا الخطيب (4/194) عن أحمد بن

شبويه: حدثنا محمد بن سلمة الواسطي: حدثنا يزيد بن هارون:

 

(3/350)

 

 

حدثنا حماد بن

سلمة عن أيوب عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا. وقال الخطيب:

" رجال إسناده الذين بعد محمد بن سلمة كلهم معرفون ثقات، والحديث باطل مركب

على هذا الإسناد ".

وفي ترجمة أحمد هذا من " اللسان " بعد أن ذكر كلام الخطيب:

" قلت: ومحمد بن سلمة ستأتي ترجمته وأنه ضعيف، والراوي عنه أحمد بن شبويه

هذا مجهول، فالآفة من أحدهما ".

والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/370) من رواية الخطيب هذه

ونقل كلامه فيه. وأيده السيوطي فنقل كلام " اللسان ".

1207 - " جرير منا أهل البيت ظهرا لبطن. قالها ثلاثا ".

منكر

رواه الطبراني (برقم - 2211) عن سليمان بن إبراهيم بن جرير عن أبان بن

عبد الله البجلي عن أبي بكر بن حفص قال: قال علي بن أبي طالب فذكره مرفوعا.

ومن هذا الوجه رواه ابن عدي (25/2) وقال:

" وأبان هذا عزيز الحديث، ولم أجد له حديثا منكر المتن فأذكره، وأرجوأنه

لا بأس به ".

وقال الذهبي:

" حسن الحديث وثقه ابن معين، ومما أنكر عليه هذا الحديث ".

قلت: والراوي عنه سليمان بن إبراهيم بن جرير قال الحافظ في " اللسان ":

" لا يعرف حاله، ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم شيئا ".

قلت: فلعله هو علة هذا الحديث.

 

(3/351)

 

 

1208 - " حسان حجاز بين المؤمنين والمنافقين، لا يحبه منافق، ولا يبغضه مؤمن ".

ضعيف

رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (4/185/1) عن محمد بن عمر الواقدي: حدثني

سعيد بن أبي زيد الأنصاري قال: وحدثني من سمع أبا عبيدة بن

 

(3/351)

 

 

عبد الله بن زمعة

الأسدي يخبر أنه سمع حمزة بن عبد الله بن عمر أنه سمع عائشة تقول:

فذكره مرفوعا.

قلت: الواقدي كذاب، لكن رواه العقيلي في " الضعفاء " (3/149) وابن عساكر

من طريق آخر عن أبي ثمامة عن عمر بن إسماعيل عن هشام بن عروة عن أبيه عنها نحوه.

وعمر هذا؛ قال الذهبي:

" لا يدرى من هو أصلا ".

ثم ذكر له هذا الحديث.

وقال العقيلي:

" الحديث غير محفوظ، ولا يعرف من هذا الوجه، وكلاهما هو والراوي عنه مجهول ".

1209 - " صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفرا، فما رأيته ترك ركعتين

إذا زاغت الشمس قبل الظهر ".

ضعيف

أخرجه أبو داود (1222) والترمذي (2/435) والبيهقي (3/158) من طريق

صفوان بن سليم عن أبي بسرة الغفاري عن البراء بن عازب قال: فذكره.

وقال الترمذي:

" حديث غريب، وسألت محمدا عنه، فلم يعرف اسم أبي بسرة الغفاري، ورآه حسنا ".

قلت: ولعل محمدا (وهو البخاري) يعني الحسن بمعناه اللغوي لا الاصطلاحي،

فإنه بالاعتبار الثاني ضعيف غريب كما قال الترمذي رحمه الله تعالى، وعلته أبو

بسرة هذا قال الذهبي في " الميزان ":

" لا يعرف، تفرد عنه صفوان بن سليم ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

 

(3/352)

 

 

" مقبول ".

يعني عند المتابعة كما نص عليه في المقدمة، وإلا فلين الحديث، وبما أنه لم

يتابع على هذا الحديث، فهو عنده ضعيف.

ولسنا نعلم حديثا صحيحا في محافظته صلى الله عليه وسلم على شيء من السنن

الرواتب في السفر سوى سنة الفجر والوتر. والله أعلم.

1210 - " أيما رجل طلق امرأته ثلاثا عند الأقراء، أوثلاثا مبهمة، لم تحل له حتى

تنكح زوجا غيره ".

ضعيف

أخرجه البيهقي (7/336) والطبراني في " المعجم الكبير " (رقم - 2757) من

طريق محمد بن حميد الرازي: نا سلمة بن الفضل عن عمرو بن أبي قيس عن إبراهيم بن

عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال:

" كانت عائشة الخثعمية عند الحسن بن علي رضي الله عنه، فلما قتل علي رضي الله

عنه قالت: لتهنأك الخلافة! قال: بقتل علي تظهرين الشماتة! اذهبي فأنت طالق

، يعني ثلاثا، قال: فتلفعت بثيابها وقعدت حتى قضت عدتها، فبعث إليها ببقية

بقيت لها من صداقها، وعشرة آلاف صدقة، فلما جاءها الرسول قالت: متاع قليل

من حبيب مفارق، فلما بلغه قولها بكى ثم قال: لولا أني سمعت جدي، أوحدثني

أبي أنه سمع جدي يقول: (فذكره) لراجعتها ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وله علتان:

الأولى: سلمة بن الفضل وهو الأبرش القاضي، قال الحافظ:

" صدوق كثير الخطأ ".

والأخرى: محمد بن حميد الرازي، قال الحافظ:

" حافظ ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه ".

قلت: بل هو ضعيف جدا، كما يتبين لمن راجع أقوال أئمة الجرح فيه، ولهذا قال

الذهبي في " الضعفاء ":

 

(3/353)

 

 

" قال أبو زرعة: كذاب، وقال صالح: ما رأيت أحذق بالكذب منه ومن الشاذكوني ".

قلت: ولا يتقوى هذا الإسناد بقول البيهقي عقبه:

" وكذلك روي عن عمرو بن شمر، عن عمران بن مسلم وإبراهيم بن عبد الأعلى عن

سويد بن غفلة ".

وذلك لأن عمرو بن شمر متهم، قال البخاري:

" منكر الحديث ".

وقال النسائي والدارقطني وغيرهما:

" متروك الحديث ".

وقال ابن حبان:

" رافضي يشتم الصحابة، ويروي الموضوعات عن الثقات ".

قلت: إذا تبين ذلك، فمن العجيب ما نقله الشيخ زاهد الكوثري في كتابه "

الإشفاق على أحكام الطلاق " (ص 24) عن الحافظ ابن رجب الحنبلي عقب هذا الحديث

، فقال:

" وإسناده صحيح، قاله ابن رجب الحنبلي الحافظ بعد أن ساق هذا الحديث في كتابه

(بيان مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة) ".

فإن صح هذا النقل عن ابن رجب فإنها زلة فاحشة منه، وإلا فالكوثري معروف لدى

المحققين من أهل العلم باتباعه لهو اه في كثير مما ينقل، أويحكم، ومن ذلك

الحديث الآتي بعده.

وقصة إمتاع الحسن امرأته وقولها: " متاع قليل " لها طريقان آخران عند

الطبراني (2561 و2562) .

1211 - " إن أباكم لم يتق الله تعالى، فيجعل له من أمره مخرجا، بانت منه بثلاث على غير السنة، وتسعمائة وسبع وتسعون إثم في عنقه ".

 

(3/354)

 

 

ضعيف جدا

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 236/1) والطبراني في " المعجم الكبير " من

طريق عبيد الله بن الوليد الوصافي عن داود بن إبراهيم عن عبادة بن الصامت

قال:

" طلق بعض آبائي امرأته ألفا، فانطلق بنوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقالوا: يا رسول الله إن أبانا طلق أمنا ألفا، فهل له من مخرج؟ قال.. "

فذكره.

وفي رواية للطبراني عن عبادة أيضا قال:

" طلق جدي امرأة له ألف تطليقة، فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألته؟

فقال: أما اتقى الله جدك؟ ! أما ثلاثة فله، وأما تسعمائة وسبعة وتسعون

فعدوان وظلم، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ".

قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (4/338) :

" رواه كله الطبراني، وفيه عبيد الله بن الوليد الوصافي العجلي وهو ضعيف ".

وكذا قال الحافظ في " التقريب " أنه ضعيف.

وقال الذهبي في " الضعفاء ":

" ضعفوه ".

قلت: والأقرب قول ابن عدي فيه:

" الوصافي ضعيف جدا، يتبين ضعفه على حديثه ".

وفي ترجمته ساق له هذا الحديث في جملة ما أنكر عليه من حديثه، وكذلك صنع

الذهبي في " الميزان "، وذكر أن النسائي والفلاس قالا في الوصافي:

" متروك "، أي شديد الضعف.

وقال ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " (2/63) :

" منكر الحديث جدا، يروي عن الثقات ما لا يشبه الأثبات، حتى يسبق إلى القلب

أنه المعتمد له فاستحق الترك ".

قلت: وهذا الحديث يرويه الوصافي عن داود بن إبراهيم، وهو مجهول. قال

الذهبي وتبعه العسقلاني:

 

(3/355)

 

 

" لا يعرف، وقال الأزدي: لا يصح حديثه ".

قلت: وكأن الأزدي عنى حديثه هذا. والله أعلم.

ومع هذا الضعف الشديد في إسناد هذا الحديث، فقد سكت عليه الشيخ زاهد الكوثري

في كتابه المشار إليه في الحديث السابق، بل أوهم أنه لا علة فيه فإنه قال بعد

أن ساقه من طريق الطبراني (ص 31) :

" ومثله في " مسند عبد الرزاق " عن جده عبادة، إلا أن في رواية عبد الرزاق

عللا "!

فمفهوم هذا أن رواية الطبراني لا علل فيها، خلافا لرواية عبد الرزاق، وليس

كذلك، فقد بينا لك أن في إسناد الطبراني علتين أيضا، فيصير الحديث بذلك ضعيفا

جدا، فإياك أن تغتر بمقالات الكوثري وكتاباته فإنه على سعة اطلاعه وعلمه

مدلس صاحب هو ى، وقد ذكرنا بعض الأمثلة على ذلك في الجزء الأول من هذه السلسلة

، وللشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني كتاب ضخم هام في الرد عليه

والكشف عن أهو ائه وأضاليله، وتعصبه لمذهبه، على أئمة الحديث ورجاله،

أسماه " التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل "، وهو في أربعة أقسام،

وقد كنت قمت على طبعه والحمد لله لأول مرة بتحقيقي وتعليقي في مجلدين، ثم

طبع سرقة من بعض الناشرين؛ منهم من صوره على أخطائه المطبعية دون أي جهد،

ومنهم من طبعه بحرف جديد، وتصرف لا يليق، وقد أعدنا النظر فيه مجددا،

استعدادا لطبعة ثانية طبعة مصححة منقحة. والله ولي التوفيق.

ثم وقفت بعد سنين على إسناد عبد الرزاق في " مصنفه وقد طبع في بيروت سنة (

1392 هـ) فإذا به يقول فيه (11339) : أخبرنا يحيى بن العلاء عن عبيد الله بن

الوليد العجلي عن إبراهيم عن داود بن عبادة قال: طلق جدي امرأة.. فذكره.

هكذا وقع فيه: إبراهيم عن داود.. ولعله من تضليلات يحيى بن العلاء، فإنه

كان كذابا.

وهذا يؤكد للقارىء ما ذكرته آنفا في حق الكوثري، وإلا لما جاز له أن يسكت

عنه ويكتفي بقوله: " إن فيه عللا "! لأنه لا يقال هذا في اصطلاحهم وفيهم

الكذاب! ! بل وفيه

 

(3/356)

 

 

أيضا العلتان المتقدمتان في رواية الطبراني التي سكت عنها الكوثري مضللا للقراء! فتأمل كم في كلام الكوثري من تدليس وتضليل. نسأل الله السلامة.

1212 - " صنعت هذا (يعني الجمع بين الصلاتين) لكي لا تحرج أمتي ".

ضعيف

رواه الطبراني في " الأوسط " (رقم - 4276) عن عبد الله بن عبد القدوس عن

الأعمش عن عبد الرحمن بن ثروان عن زاذان عن عبد الله بن مسعود قال:

جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الأولى والعصر، وبين المغرب والعشاء

، فقيل له في ذلك فقال: فذكره. قال الطبراني:

" لم يروه عن الأعمش إلا عبد الله ".

قلت: وهو ضعيف عند الجمهور مثل ابن معين وأبي داود والنسائي والدارقطني

وغيرهم. ولذلك قال الذهبي في " الضعفاء ":

" ضعفوه ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" صدوق رمي بالرفض، وكان أيضا يخطىء ".

والحديث قال الهيثمي (2/161) :

" رواه الطبراني في " الأوسط " و" الكبير "، وفيه عبد الله بن عبد القدوس؛

ضعفه ابن معين والنسائي، ووثقه ابن حبان، وقال البخاري: " صدوق، إلا أنه

يروي عن أقوام ضعفاء ". قلت: وقد روى هذا عن الأعمش وهو ثقة ".

قلت: نعم الأعمش ثقة، وقول البخاري في الراوي عنه: " صدوق " لا ينفي كونه

ضعيفا، بل غاية ما فيه أنه صدوق لا يكذب، فإذا ثبت ضعفه الذهبي والعسقلاني

كما سبق، فتأمل.

وأما قول الشوكاني في " نيل الأوطار " (3/92 - بولاق) :

" وقال أبو حاتم: لا بأس به ".

 

(3/357)

 

 

فغريب، لم أره من ذكره غيره، ولا أورده ابن أبي حاتم في كتابه (2/2/104)

لا عن أبيه ولا عن غيره.

والصحيح في هذا الباب حديث ابن عباس رضي الله عنه:

" أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء

، بالمدينة من غير خوف، ولا مطر، قيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد

أن لا يحرج أمته ".

أخرجه مسلم والأربعة إلا ابن ماجه، وهو مخرج في " الإرواء " (3/34 - 35) ،

و" صحيح أبي داود " (1096) .

فالحديث إذن حديث ابن عباس أخطأ فيه عبد الله بن عبد القدوس، من وجهين:

الأول: أنه جعله من مسند ابن مسعود، وهو عن ابن عباس.

والآخر: أنه رفع التعليل بنفي الحرج وهو موقوف.

(فائدة) : واعلم أن حديث ابن عباس يدل على جواز الجمع في الإقامة لرفع الحرج

، وليس مطلقا، فتنبه لهذا فإنه هام.

1213 - " الغلاء والرخص جندان من جنود الله، اسم أحدهما: الرغبة، والآخر الرهبة،

فإذا أراد الله أن يغليه قذف في قلوب التجار الرغبة فحبسوا ما في أيديهم،

وإذا أراد الله أن يرخصه قذف في قلوب التجار الرهبة فأخرجوا ما في أيديهم ".

موضوع

رواه العقيلي في " الضعفاء " (330) : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال:

حدثنا العباس بن بكار الضبي قال: حدثنا عبد الله بن المثنى قال: حدثني ثمامة

ابن عبد الله عن أنس مرفوعا وقال:

" هذا حديث باطل لا أصل له ".

ذكره في ترجمة الضبي هذا وقال فيه:

" الغالب على حديثه الوهم والمناكير ".

قلت: وقال الدارقطني:

 

(3/358)

 

 

" كذاب ".

وقال الذهبي:

" اتهم بحديث: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: يا أهل الجمع غضوا أبصاركم عن

فاطمة.. " الحديث وسيأتي (2688) .

ثم ساق له هذا الحديث وقال:

" أيضا باطل ".

واتهمه الحافظ في " اللسان " بوضع ما رواه بسنده عن أم سلمة قالت:

" لم ير لفاطمة دم في حيض ولا نفاس ".

قلت: والراوي عنه الغلابي كذاب أيضا، فأحدهما اختلق هذا الحديث. وقد أورده

ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية العقيلي هذه، ووافقه السيوطي في "

اللآلىء " (رقم 1784) ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار

الشنيعة الموضوعة " (293/2) .

1214 - " يا أيها الناس لا يغترن أحدكم بالله، فإن الله لوكان غافلا شيئا لأغفل

البعوضة، والخردلة، والذرة ".

ضعيف جدا

أخرجه ابن أبي حاتم قال: ذكر عن أبي عمر الحوضي حفص بن عمر: حدثنا أبو أمية

ابن يعلى الثقفي: حدثنا سعيد بن أبي سعيد: سمعت أبا هريرة يقول: فذكره

مرفوعا.

كذا في " تفسير ابن كثير " (3/379) .

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وإنما سكت عنه ابن كثير لظهو ر ضعفه لأهل العلم،

وله علتان:

الأولى: أبو أمية هذا واسمه إسماعيل قال الذهبي في " الضعفاء ":

" بصري متروك ".

والأخرى: الانقطاع بين ابن أبي حاتم والحوضي.

ومع كل هذا أورده الرفاعي في " مختصره " (3/256) الذي زعم في مقدمته أنه

 

(3/359)

 

 

التزم فيه الأحاديث الصحيحة! وههيات أن يستطيع ذلك، لأن فاقد الشيء لا يعطيه. (1) المستعان.

1215 - " غرة العرب كنانة، وأركانها تميم، وخطباؤها أسد، وفرسانها قيس، ولله

تبارك وتعالى من أهل السماوات فرسان، وفرسانه في الأرض قيس ".

باطل

رواه ابن عساكر (16/206/1) عن المستهل بن داود التميمي: نا عبد السلام بن

مكلبة عن عثمان بن عقال عن بان أبي مليكة عن أبي ذر الغفاري مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد مظلم لحديث باطل، أورده ابن عساكر في ترجمة المستهل هذا،

ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، والراويان فوقه لم أجد من ذكرهما! ولعل

الأول منهم هو آفة الحديث فإنه تميمي!

والحديث مما سود به السيوطي جامعه الصغير، وبيض له المناوي في كتابيه!

 

(3/360)

 

 

1216 - " لما ألقي إبراهيم في النار، قال: اللهم إنك في السماء واحد، وأنا في

الأرض واحد أعبدك ".

ضعيف

أخرجه أبو يعلى والبزار (3/103/2349 - كشف الأستار) قالا: حدثنا أبو هشام:

حدثنا إسحاق بن سليمان عن أبي جعفر عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

ومن هذا الوجه أخرجه الدارمي في " الرد على الجهمية " (75) وأبو نعيم في "

الحلية " (1/19) والخطيب في " تاريخه " (10/346) .

وأخرجه الذهبي في ترجمة أبي هشام واسمه محمد بن يزيد الرفاعي الكوفي - وذكر

اختلاف العلماء فيه - من طريق الحسن بن سفيان: حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي به

. ثم ضعفه بقوله:

" غريب جدا ".

 

(3/360)

 

 

وقال في " العلو للعلي الغفار " (ص 7) (1) :

" حديث حسن الإسناد "!

وكذا قال في " الأربعين " له (178/1) .

وأقول:

بل هو ضعيف، كما أفاده قوله الأول، لأن فيه علتين:

الأولى: أبو جعفر وهو عيسى بن أبي عيسى عبد الله بن ماهان. قال الحافظ:

" صدوق سيىء الحفظ ".

الثانية: أبو هشام هذا قال الحافظ:

" ليس بالقوي، قال البخاري: رأيتهم مجمعين على ضعفه ".

والحديث ذكره ابن كثير في " التفسير " بإسناد أبي يعلى ساكتا عليه، فظن بعض

الجهلة أن سكوته يعني أنه صحيح عنده وليس كذلك كما كنت بينته في مقدمة المجلد

الرابع من " الصحيحة "، فقد أورده الشيخ نسيب الرفاعي في " مختصر تفسير ابن

كثير " (3/50) وتبعه بلديه الصابوني فأورده في " مختصره " أيضا (2/514)

وقد زعما كلاهما أنهما التزاما في كتابيهما أن لا يذكرا إلا الأحاديث الصحيحة

، وكذبا - والله - فإنهما لم يفعلا، ولا يستطيعان ذلك، لأنهما لم يدرسا هذا

العلم مطلقا، بل وليس بإمكانهما أن يرجعا في ذلك إلى كتب أهل العلم وإلا

لاعتمدا عليهم في ما ادعياه من التصحيح، ولذلك ركبا رأسيهما، وجاءا ببلايا

وطامات لم يسبقا إليها. والله المستعان.

(تنبيه) : ادعى الهيثمي (8/202) أن عاصما هذا هو ابن عمر بن حفص، وأعل

الحديث به، وإنما هو عاصم بن أبي النجود، كما جاء مصرحا في رواية الدارمي،

فإنه هو المعروف بالرواية عن أبي صالح، وعنه أبو جعفر الرازي.

__________

(1) وقد اختصرته، وحذفت منه الأحاديث المنكرة والروايات الواهية، ووضعت له مقدمة هامة في تأييد مذهب السلف في الصفات، والرد على المؤولة وبعض الجماعات الإسلامية التي لا تهتم بالدعوة لتصحيح المفاهيم على المنهج السلفي، وقد طبع هذه السنة (1981) . اهـ

 

(3/361)

 

 

1217 - " العمامة على القلنسوة فصل ما بيننا وبين المشركين، يعطى يوم القيامة بكل

كورة يدورها على رأسه نورا ".

باطل

رواه الباوردي عن ركانة مرفوعا كما في " الجامع الصغير " وبيض المناوي له

فلم يتكلم عليه بشيء.

وقال الشيخ الكتاني في " الدعامة " (ص 7) :

" إن سنده واه ".

يعني أنه ضعيف جدا كما في الصفحة (34) منه.

وقد صرح بشدة ضعف هذا الحديث الفقيه أحمد بن حجر الهيتمي في كتابه " أحكام

اللباس " (ق 9/2) فقال:

" ولولا شدة ضعف هذا الحديث لكان حجة في تكبير العمائم ".

قلت: والحديث عندي باطل لأن تكثير كورات العمامة خلاف هدي النبي صلى الله

عليه وسلم فيها، بل هو من ثياب الشهرة المنهي عنها في أحاديث خرجت بعضها في

آخر كتابي " حجاب المرأة المسلمة ".

والشطر الأول من الحديث رواه الترمذي وضعفه، وهو مخرج في " الإرواء " (1503) .

 

(3/362)

 

 

1218 - " حببوا الله إلى الناس يحببكم الله ".

ضعيف

رواه خالد بن مرداس في " حديثه " (30/1) : حدثنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن

عمرو عن عبد الله بن بسر اليحصبي قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول:

فذكره موقوفا عليه. ومن طريق ابن مرداس رواه ابن عساكر (8/151/2) .

قلت: وهذا سند موقوف حسن بل صحيح، فإن ابن عياش صحيح الحديث إذا روى عن

الشاميين وهذا الحديث عنهم.

وابن مرداس وثقه الخطيب (8/307) وقد أوقف الحديث وهو الصحيح.

وخالفه عبد الوهاب بن الضحاك فرواه عن ابن عياش به مرفوعا. لكن عبد الوهاب

هذا كذاب كما قال أبو حاتم وغيره، ومن طريقه رواه الطبراني في " الكبير "

والضياء المقدسي في " المختارة " كما في " فيض القدير " فقد قال متعقبا على

السيوطي:

 

(3/362)

 

 

" وفيه عبد الوهاب بن الضحاك الحمصي، قال في " الميزان ": كذبه أبو حاتم،

وقال النسائي وغيره: متروك، وقال الدارقطني: منكر الحديث، والبخاري:

عنده عجائب، ثم أورد له أوابد ها منها ".

ثم وقفت على إسناد الطبراني فتبين لي أن عبد الوهاب متابع، قال الطبراني: "

حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي: حدثنا أبي (ح) : وحدثنا إبراهيم

ابن محمد بن عرق: حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك قالا: حدثنا بقية عن صفوان بن

عمرو به مرفوعا ".

كذا وجدته في جزء فيه أحاديث منقولة عن " معجم الطبراني الكبير " مع أسانيدها

في " المجموع " (6) . ثم رأيته هكذا في " المعجم " نفسه (7461) . ثم ساقه

عقبه (7462) بإسناد آخر له عن بقية به.

وعبد الوهاب بن نجدة ثقة، فبرئت عهدة ابن الضحاك منه، وتبين أن العلة من

بقية وهو ابن الوليد، فإنه مدلس وقد عنعنه، وأن تعصيب المناوي العلة

بعبد الوهاب غفلة منه عمن تابعه.

1219 - " العربون لمن عربن ".

باطل

رواه الدارقطني في " الغرائب ": حدثنا بركة بن محمد الحلبي: حدثنا أحمد بن

علي بن أخت عبد القدوس: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعا.

قال في " الميزان ":

" هذا حديث باطل، وبركة متهم. قال الدارقطني: ابن أخت عبد القدوس متروك

الحديث ".

كذا في " ذيل الأحاديث الموضوعة " للسيوطي (ص 128) و" تنزيه الشريعة " (2/197) .

قلت: ومع هذا فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " أيضا من رواية الخطيب

في " رواة مالك " عن ابن عمر. وتعقبه المناوي بما نقلته عن " الذيل " غير أنه

لم يعزه إليه!

 

(3/363)

 

 

1220 - " حرمت الخمر لعينها قليلها وكثيرها، والسكر من كل شراب ".

 

(3/363)

 

 

ضعيف. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (4/124) من طريقين عن أبي إسحاق السبيعي عن

الحارث عن علي مرفوعا.

والحارث هذا هو ابن عبد الله الهمداني الأعور وقد كذبه أبو إسحاق السبيعي هذا

والشعبي وابن المديني.

نعم ورد هذا الحديث عن ابن عباس مرفوعا وموقوفا، والموقوف رواه النسائي (2/332) والطحاوي (2/324) وأحمد في " الأشربة " (59/109) والطبراني (10837 و10839 - 10841 و12389 و12633) وأبو نعيم في " الحلية " (7/224)

وإسناده صحيح، والمرفوع علقه أبو نعيم، وهي رواية شاذة مخالفة لرواية

الجماعة الموقوفة.

لكن رواه الطبراني من طريق ابن المسيب عن ابن عباس مرفوعا كما ذكره الزيلعي في

" نصب الراية " (4/307) ولم يتكلم على إسناده ن ولم يسقه الحافظ الهيثمي في

" المجمع " (5/53) مع أنه ساق الموقوف وعزاه للطبراني.

على أن نهاية بحث الزيلعي في هذا الحديث يدل على أن الصواب فيه أنه موقوف على

ابن عباس. والله أعلم.

وهذا الحديث استدلت به الحنفية على أن الخمر إنما هو ما كان من عصير العنب،

فهذا يحرم منه قليله وكثيره، وأن المسكر من الأشربة الأخرى التي تتخذ من

الحنطة والشعير والعسل والذرة فهي حلال، والمحرم منها القدر المسكر فقط!

وهذا مذهب باطل لمخالفته النصوص الصحيحة الصريحة القاطعة بخلافه مثل قوله

صلى الله عليه وسلم: " كل مسكر خمر، وكل خمر حرام " رواه مسلم وغيره عن ابن

عباس (1) . وقوله صلى الله عليه وسلم: " ما أسكر كثيره فقليله حرام " وهو

حديث صحيح ورد عن نحوثمانية من الصحابة بأسانيد ثابتة قد

__________

(1) وله شواهد كثيرة ذكرها الزيلعي وغيره، خرجت بعضها في " الإرواء " (8/40 - 45) ، ولهذا قال الشيخ علي القاري في " شرح مسند الإمام أبي حنيفة " (ص 59) : " كاد أن يكون متواترا ":

فلا تغتر بقول صاحب الهداية: " هذا الحديث طعن فيه يحيى بن معين " فإنه لا أصل له عن ابن معين، كما أفاده الزيلعي (4/295) ، وابن معين أجل من أن يخفى عليه صحة مثل هذا الحديث. اهـ.

 

(3/364)

 

 

أوردها الزيلعي في "

نصب الراية " (4/301 - 306) وخرجت طائفة منها في " الإرواء " (2375 و2376

) ، وقد روى بعضها النسائي في " سننه " (2/327) ثم قال:

" وفي هذا دليل على تحريم السكر قليله وكثيره، وليس كما يقول المخادعون

لأنفسهم بتحريمهم آخر الشربة، وتحليلهم ما تقدمها الذي يسري في العروق قبلها

، ولا خلاف بين أهل العلم أن السكر بكليته لا يحدث على الشربة الآخرة دون

الأولى والثانية بعدها، وبالله التوفيق ".

(تنبيه) : ما حكيناه عن الحنفية آنفا هو الذي حكاه الطحاوي عن أبي حنيفة

وصاحبيه رحمهم الله، ورواه الإمام محمد في " الآثار " (ص 148) عن أبي

حنيفة وأقره. لكن ذكر العلامة أبو الحسنات اللكنوي في " التعليق الممجد على

موطأ محمد " (ص 311) أن الإمام محمد يقول بتحريم شرب قليل كل مسكر وكثيره

أسكر أولم يسكر، كما هو مذهب الجمهور، فلعل الإمام محمدا له في المسألة

قولان. ولكن القول الثاني هو الصواب لموافقته للأحاديث الصحيحة التي سبقت

الإشارة إليها وذكرنا بعضها.

ومن الآثار السيئة لهذا الحديث أنه يلزم من القول به إباحة المسكرات المتخذة

من غير العنب على ما سبق بيانه، وإسقاط الحد عن شاربها ولوسكر! وهذا ما

ذهب إليه أبو حنيفة وأبو يوسف كما في " الهداية " (8/160) لكنه قال بعد ذلك

: إن الأصح أنه يحد بناء على قول الإمام محمد به. وهو منسجم مع قوله الآخر

الموافق لمذهب الجمهور في تحريم كل مسكر.

واستدل الحنفية أيضا أيضا بالحديث على أن تحريم الخمر ليس معللا بعلة فقالوا:

" لما كانت حرمتها لعينها لا يصح التعليل، لأن التعليل حينئذ يكون مخالفا للنص " (1) .

يعني هذا الحديث.

والجواب أن يقال: أثبت العرش ثم انقش. فالحديث غير ثابت كما سبق، ثم هو

معارض بمثل الحديث المتقدم: " كل مسكر خمر، وكل خمر حرام " فإنه صريح في

تحريم كل مسكر بجامع الاشتراك مع خمر العنب علة الإسكار.

__________

(1) نقله ابن الهمام (8/156) . اهـ

 

(3/365)

 

 

وقد قلد الحنفية في هذه المسألة بل زاد عليهم حزب التحرير الذي كان يرأسه

الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله فاستدل به على أن العبادات لا تعلل فقال في

" مفاهيم حزب التحرير " (ص 24) :

" فالحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات والأخلاق والمطعومات والملبوسات لا

تعلل، قال عليه الصلاة والسلام: حرمت الخمرة لعينها ".

وهذا يدل على جهل بالغ بالسنة، فالحديث غير صحيح ومعارض للحديث الصحيح كما

علمت، ثم هو لوصح خاص بالخمر ولا عموم فيه فكيف يصح الاستدلال به على أن

جميع العبادات وما ذكر معها لا تعلل؟ ! اللهم هداك.

1221 - " ما من الصلوات صلاة أفضل من صلاة الفجر يوم الجمعة في الجماعة، وما أحسب من

شهدها منكم إلا مغفورا له ".

ضعيف جدا

أخرجه البزار (621 - كشف الأستار) والطبراني في " المعجم الكبير " (رقم -

366) وفي " الأوسط " (رقم 186) من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن

القاسم عن أبي أمامة عن أبي عبيد الله بن الجراح، قال: قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الطبراني:

" لا يروى عن أبي عبيدة إلا بهذا الإسناد ".

قلت: وهو ضعيف جدا مسلسل بالضعفاء. قال الدارقطني:

" عبيد الله بن زحر ليس بالقوي، وشيخه علي متروك ".

وقال ابن حبان:

" يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا

اجتمع في إسناد خبر عبيد الله وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن لم يكن

ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم ".

وقال الهيثمي في " المجمع " (2/168) :

" رواه البزار والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " كلهم من رواية عبيد الله ابن زحر

 

(3/366)

 

 

عن علي بن يزيد وهما ضعيفان ".

والحديث أورده عبد الحق في " أحكامه " برواية " مسند البزار " بنحوه، وأشار

إلى تضعيفه بعلي بن يزيد وحده، وهو قصور، كما يدل عليه قول الهيثمي المذكور

، والدارقطني المشهور.

لكن قد جاء الحديث بإسناد آخر صحيح عن ابن عمر، دون قوله: " وما أحسب ".

وهو مخرج في " الصحيحة " (1566) فهو بهذه الزيادة منكر. والله أعلم.

1222 - " عودوا المرضى، ومروهم فليدعوا الله لكم، فإن دعوة المريض مستجابة وذنبه

مغفور ".

موضوع

رواه الثقفي في " الثقفيات " 0 4/27/1) عن سهل بن عمار العتكي: حدثنا

عبد الرحمن بن قيس: حدثنا هلال بن عبد الرحمن: حدثنا عطاء بن أبي ميمونة أبو

معاذ عن أنس بن مالك مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته عبد الرحمن بن قيس - وهو الضبي الزعفراني - أو

سهل بن عمار، أما عبد الرحمن فكذبه ابن مهدي، وقال أبو علي صالح بن محمد:

" كان يضع الحديث ".

انظر " تاريخ بغداد " (10/251 - 252) .

وأما سهل بن عمار، فقال الذهبي في " الميزان ":

" متهم، كذبه الحاكم ". وقال الحافظ:

" وذكره ابن حبان في " الثقات "، وصحح له الحاكم في " المستدرك " وتعقبه

المصنف في " تلخيصه " بالتناقض، وقال ابن منده: كان ضعيفا ".

وهلال بن عبد الرحمن هو الحنفي، قال الذهبي:

" عن ابن المنكدر، قال العقيلي: منكر الحديث، ثم علق له ثلاثة مناكير، وله

عن عطاء بن أبي ميمونة وغيره، الضعف على أحاديثه لائح فيترك ".

 

(3/367)

 

 

1223 - " الخاصرة عرق الكلية، فإذا تحرك فداوه بالماء المحرق والعسل ".

ضعيف

رواه ابن عدي (96/2) عن الحسين بن علوان حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن

عائشة مرفوعا وقال:

" وللحسين بن علوان أحاديث كثيرة وعامتها موضوعة، وهو في عداد من يضع

الحديث ".

وقال ابن حبان:

" كان يضع الحديث على هشام وغيره وضعا، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب ".

لكن الحديث له طريق آخر عن عروة، فقال الحاكم (4/405) : " حدثنا محمد بن

صالح بن هانىء: حدثنا السري بن خزيمة: حدثنا أحمد بن يونس: حدثنا مسلم بن

خالد عن عبد الرحمن بن خالد المديني عن ابن شهاب عن عروة به ". وقال الحاكم:

" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي! وهذا منه عجيب فإن مسلم بن خالد وهو

الزنجي ضعيف وقد ساق له الذهبي نفسه في ترجمته من " الميزان " أحاديث كثيرة

منكرة، ثم قال:

" فهذه الأحاديث وأمثالها يرد بها قوة الرجل ويضعف ".

وفي السند جماعة آخرون لم أعرفهم: محمد بن صالح بن هانىء شيخ الحاكم، وشيخه

السري بن خزيمة، وقد روى خبرا باطلا خالف فيه الإمام البخاري، أوالخطأ من

الراوي عنه كما سيأتي بيانه، فانظر " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة ... ".

وعبد الرحمن بن خالد المديني لم أعرفه أيضا، وفي طبقته عبد الرحمن بن خالد

ابن مسافر الفهمي المصري روى عن الزهري وعنه الليث وغيره، وهو ثقة من رجال

الشيخين، لكنه مصري والمترجم مدني. والله أعلم.

ثم رأيته عند أبي نعيم في " الطب " (2/2/2) من طريق مسلم بن خالد عن

عبد الرحيم بن يحيى المديني عن ابن شهاب به.

 

(3/368)

 

 

وعبد الرحيم بن يحيى لم أعرفه أيضا. والله أعلم.

وقد وجدت له طريقا أخرى عن هشام بن عروة به. ولكنه لا يساوي شيئا، فإنه من

رواية يحيى بن هاشم: حدثنا هشام بن عروة به.

أخرجه يوسف بن خليل الأدمي في " عوالي حديث هشام بن عروة " (188/1) .

ويحيى هذا هو السمسار، وهو ممن يضع الحديث. ومن بلاياه الحديث الآتي:

" عند كل ختمة للقرآن دعوة مستجابة ".

1224 - " عند كل ختمة للقرآن دعوة مستجابة ".

موضوع

رواه أبو الفرج الإسفراييني في " جزء أحاديث يغنم بن سالم " (27/1) وأبو

نعيم في " الحلية " (7/260) عن يحيى بن هاشم قال: حدثنا مسعر بن كدام عن

قتادة عن أنس مرفوعا.

ومن هذا الوجه رواه ابن عساكر (5/49/1) . وقال أبو نعيم:

" لا أعلم رواه عن مسعر غير يحيى بن هاشم ".

قلت: وهو السمسار كذاب يضع الحديث. وقد ساق له الذهبي في " الميزان "

أحاديث هذا أحدها، وقال:

" إنها من بلاياه "!

ومع هذا فقد سود به السيوطي " الجامع الصغير " وتعقبه المناوي بنحوما ذكرنا.

 

(3/369)

 

 

1225 - " من غسل ميتا فأدى فيه الأمانة - يعني ستر ما يكون منه عند ذلك - كان من ذنوبه

كيوم ولدته أمه. قال: ليله من كان أعلم، فإن كان لا يعلم فرجل ممن ترون أن

عنده ورعا وأمانة ".

ضعيف جدا

رواه البيهقي (3/396) والطبراني في " الأوسط " (3718 - بترقيمي " وابن عدي

(164/1 - 2) عن سلام بن أبي مطيع عن جابر الجعفي عن الشعبي عن يحيى الجزار عن

عائشة مرفوعا. وقالا:

" لا يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد تفرد به سلام ". قال ابن عدي:

 

(3/369)

 

 

" وهو عندي لا بأس به وبرواياته ".

قلت: لكن جابر الجعفي متروك، وبه أعله عبد الحق الإشبيلي في " أحكامه " (

رقم 1900 بتحقيقي) .

1226 - " حب الدنيا رأس كل خطيئة ".

موضوع

قال في " المقاصد ":

" رواه البيهقي في " الشعب " بإسناد حسن إلى الحسن البصري رفعه مرسلا ".

قلت: والمرسل من أقسام الحديث الضعيف، لا سيما إذا كان مرسله الحسن البصري،

قال الدارقطني:

" مراسيله فيها ضعف ".

والحديث رواه عبد الله بن أحمد في " الزهد " (ص 92) : من طريقين عن عيسى

عليه السلام من قوله وهو الأشبه على إعضال الطريقين. والله أعلم.

ورواه ابن عساكر (7/98/1) من قول سعد بن مسعود الصيرفي وذكر أنه تابعي،

وأنه كان رجلا صالحا.

وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " دون " الكبير " من رواية البيهقي فقط.

قلت: والظاهر من ها التخريج أن مخرجه البيهقي سكت عليه، وليس كذلك فقد قال

المناوي متعقبا على السيوطي:

" ثم قال: أعني البيهقي: " ولا أصل له من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ".

قال الحافظ العراقي: " ومراسيل الحسن عندهم شبه الريح " ومثل به في شرح

الألفية للموضوع من كلام الحكماء، وقال: هو من كلام مالك بن دينار كما رواه

ابن أبي الدنيا، أومن كلام عيسى عليه السلام كما رواه البيهقي في " الزهد "

وأبو نعيم في " الحلية ". وعده ابن الجوزي في " الموضوعات ". ز تعقبه

الحافظ ابن حجر بأن ابن المديني أثنى على مراسيل الحسن، والإسناد إليه حسن،

وأورده الديلمي من حديث علي وبيض لسنده ".

وقال في " التيسير ":

 

(3/370)

 

 

" وقال المؤلف (يعني السيوطي) : في " فتاويه ": رفعه وهم، بل عده الحفاظ

موضوعا ".

وقال ابن تيمية في " الفتاوى " (2/196) :

" هذا معروف عن جندب بن عبد الله البجلي، وأما عن النبي صلى الله عليه وسلم

فليس له إسناد معروف " وذكر نحوه في " مجموع الفتاوى " (11/907) وزاد:

" ويذكر عن المسيح ابن مريم عليه السلام. وأكثر ما يغلوفي هذا اللفظ

المتفلسفة ومن حذا حذوهم من الصوفية على أصلهم في تعلق النفس، إلى أمور ليس

هذا موضع بسطها ".

1227 - " علم الباطن سر من أسرار الله عز وجل، وحكم من أحكام الله، يقذفه في قلوب

من يشاء من عباده ".

موضوع

أورده ابن عراق في " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة "

فقال (121/1) :

" رواه ابن الجوزي في " الواهيات " (1/74) من حديث علي بن أبي طالب وقال:

لا يصح، وعامة رواته لا يعرفون ".

قلت: قال الذهبي في " تلخيصه ": " هذا باطل ".

قلت: وابن عراق نقل ما ذكره عن ابن الجوزي - عن السيوطي في " ذيل الأحاديث

الموضوعة " وهو فيه برقم (215 بترقيمي) ، ومع حكم السيوطي عليه بالوضع فقد

أورده في " الجامع الصغير " من رواية الديلمي عن علي! وهو عنده (3/290 - زهر

الفردوس) من طريق ابن شاهين - وعنه ابن الجوزي أيضا عن علي بن جعفر بن عنبسة

: حدثنا دارم ابن قبيصة بن نهشل الصنعاني: سمعت يحيى بن الحسن بن زيد بن علي

عن أبيه عن جده عن الحسين بن علي عن علي مرفوعا به.

ويحيى ومن دونه لم أجد من ذكرهم سوى ابن عنبسة، فقد أشار الخطيب إلى جهالته

كما في ترجمة عبد الله بن الحسن بن إبراهيم الأنباري من " اللسان ".

 

(3/371)

 

 

1228 - " على الخبير سقطت ".

لا أصل له مرفوعا

وفي " المقاصد " (136) :

" هو كلام يقوله المسؤول عما يكون به عالما، جاء عن جماعة منهم ابن عباس مما

صح عنه حيث سئل عن البدنة إذا عطبت، وفي " دلائل النبوة " للبيهقي من طريق

ابن إسحاق في نحوهذا أن أبا حاجز الحضرمي قاله حين سئل عنه ".

قلت: فالظاهر أنه مثل قديم معروف عند العرب، فقد صح أنه تمثل به الحارث بن

حسان البكري أمام النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج أحمد (3/481 - 482)

والترمذي (3269) والطبراني في " الكبير " (3325) من طريق عفان بن مسلم

ومحمد بن مخلد الحضرمي قالا: حدثنا سلام أبو المنذر القاري: حدثنا عاصم بن

بهدلة عن أبي وائل عن الحارث بن حسان قال:

" مررت بعجوز بالربذة، منقطع بها في بني تميم، فقالت: أين تريدون؟ قلنا:

نريد رسول الله، قالت: فاحملوني معكم، فإن لي إليه حاجة، قال: فدخلت،

فقال: هل كان بينكم وبين بني تميم شيء؟ قلت: نعم يا رسول الله، فكانت لنا

الدائرة عليهم، وقد مررت على عجوز منهم بالربذة منقطع بها، فقالت: إن لي

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة، فحملتها، وها هي تلك بالباب، قال:

فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلت، فلما قعدت، قلت:

يا رسول الله! إن رأيت أن تجعل الدهناء حجازا بيننا وبين بني تميم فافعل،

فإنها كانت لنا مرة، قال: فاستوفزت العجوز، فأخذتها الحمية، وقالت: يا

رسول الله! فأين تضطر مضرك؟ قال: قلت: يا رسول الله! أنا والله كما قال

الأول: " بكر حملت حتفا "، حملت هذه ولا أشعر أنها كائنة لي خصما، أعوذ

بالله ورسول الله أن أكون كوافد عاد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

وما وافد عاد؟ قال: قلت: " على الخبير سقطت " فقال رسول الله صلى الله عليه

وسلم: " إيه " يستطعمني الحديث، وقال عفان: أعوذ بالله أن أكون كما قال

الأول، قال: وما قال الأول؟ قال: على الخبير سقطت، قال: " هيه " يستطعمه

الحديث،

 

(3/372)

 

 

فقال: إن عادا قحطوا فبعثوا وافدهم قيلا، فنزل على معاوية بن بكر

شهرا يسقيه الخمر وتغنيه الجرادتان، وقال سلام: - يعني القينتين - قال: ثم

مضى حتى أتى جبال مهرة فقال: اللهم إنك تعلم أني لم آت لأسير فأفاديه، ولا

لمريض فأداويه، فاسق عبدك ما أنت مسقيه، واسق معه بكر بن معاوية (كذا الأصل

على القلب، وفي النسخة الأخرى على العكس: " معاوية بن بكر ") شهرا، - يشكر

له الخمر التي شربها عنده - قال: فمرت سحابات سود فنودي منها: أن تخير السحاب

، فقال: إن هذه لسحابة سوداء، فنودي منها: أن خذها رمادا رمددا لا تدع من

عاد أحدا، قال: قلت: يا رسول الله فبلغني أنه لم يرسل عليهم من الريح إلا

كقدر ما يرى من الخاتم، قال أبو وائل: وكذلك بلغنا ".

قلت: وهذا سند حسن وسكت عنه الترمذي.

1229 - " اغسلوا قتلاكم ".

منكر

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (107/1) : حدثنا أحمد بن عبد الله بن سابور

الدقاق: حدثنا الفضل بن الصباح: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي عن حنظلة بن

أبي سفيان عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره

، وقال ابن عدي:

" وهذا الحديث بهذا الإسناد لم نكتبه إلا عن ابن سابور ".

قلت: ورجاله ثقات رجال " التهذيب " غير ابن سابور هذا، فقد ترجمه الخطيب في

" تاريخ بغداد " (4/225) وروى عن الدارقطني أنه قال فيه: " ثقة ". ثم أشار

الخطيب إلى أنه وهم في إسناد حديث، فروى من طريقه: حدثنا بركة بن محمد الحلبي

: حدثنا يوسف بن أسباط: حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن جحادة عن قتادة عن أنس

أن عائشة قالت:

" ما رأيت عورة رسول الله صلى الله عليه وسلم قط ".

قال الخطيب:

" لا أعلم رواه عن بركة بن محمد هكذا غير ابن سابور، والمحفوظ عن بركة ما

أخبرنيه أبو القاسم الأزهري ... : حدثنا عبد الله بن أبي سفيان - بالموصل -:

حدثنا بركة ابن محمد الحلبي: حدثنا يوسف بن أسباط عن سفيان عن محمد بن جحادة به.

 

(3/373)

 

 

يعني أنه أخطأ في إسناده، فذكر سفيان مكان حماد.

وقال الذهبي في ترجمة حنظلة بن أبي سفيان بعد أن ذكر أنه ثقة بإجماع:

" ثم ساق له ابن عدي حديثا منكرا، ولعله وقع الخلل فيه من الرواة إليه، فقال

: حدثنا أحمد بن عبد الله بن سابور.. (فذكره، وقال) رواته ثقات، ونكارته

بينة ".

قلت: ووجه النكارة أنه جاء في أحاديث كثيرة ترك النبي صلى الله عليه وسلم غسل

الشهداء منها حديث جابر بن عبد الله مرفوعا:

" ادفنوهم في دمائهم (يعني شهداء أحد) ، ولم يغسلهم ".

أخرجه البخاري وغيره. وفي رواية لأحمد:

" لا تغسلوهم، فإن كل جرح يفوح مسكا يوم القيامة ".

وهو صحيح أيضا على ما بينته في " أحكام الجنائز " (ص 54 - طبع المكتب

الإسلامي) .

والتعليل المذكور في الحديث دليل واضح على أنه لا يشرع غسل الشهيد، ولذلك

كان الحديث الذي نحن في صدد الكلام عليه منكرا، وأنا أظن أن الخطأ من ابن

سابور، فإنه وإن وثقه الدارقطني، فقد أثبت الخطيب وهمه في إسناد حديث عائشة

المتقدم، فيظهر أنه وهم في هذا أيضا متنا.

والحديث أورده عبد الحق في " أحكامه " (1926 - بتحقيقي) من رواية ابن عدي،

وقال:

" وحنظلة ثقة مشهور، وإسحاق بن سليمان ثقة، والفضل بن الصباح وابن سابور

كتبتهما حتى أنظرهما ".

قلت: أما ابن الصباح فهو أبو العباس السمسار، وهو من رجال الترمذي وابن

ماجه، وترجم له الخطيب (12/361 - 362) وروى بإسنادين له عن ابن معين أنه

ثقة، وعن البغوي أنه كان من خيار عباد الله.

وأما ابن سابور، فقد عرفت حاله.

 

(3/374)

 

 

1230 - " حجة لمن لم يحج خير من عشر غزوات، وغزوة لمن حج خير من عشر حجج، وغزوة في

البحر خير من عشر غزوات في البر، ومن جاز البحر كأنما جاز الأودية كلها،

والمائد فيه كالمنشحط في دمه ".

ضعيف

رواه ابن بشران في " الأمالي " (27/117/1) عن عبد الله بن صالح: حدثني يحيى

ابن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو مرفوعا.

ومن هذا الوجه رواه الحاكم (2/143) والطبراني في " الكبير " والبيهقي كما

في " الترغيب " (2/185) وقال الحاكم:

" صحيح على شرط البخاري ". ووافقه الذهبي، وكذا المنذري قال:

" وهو كما قال، ولا يضر ما قيل في عبد الله بن صالح؛ فإن البخاري احتج به ".

قلت: وبناء على ذلك قال المناوي:

" وسنده لا بأس به ".

وفي كل ذلك نظر، فإن ابن صالح فيه كلام كثير، وقد قال الحافظ فيه:

" صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة ".

وروى ابن ماجه (2777) عن بقية عن معاوية بن يحيى عن ليث بن أبي سليم عن يحيى

ابن عباد عن أم الدرداء عن أبي الدرداء مرفوعا:

" غزوة في البحر مثل عشر غزوات.. " الحديث نحوه.

قلت: وهذا إسناد واه، مسلسل بالعلل:

الأولى: ليث بن أبي سليم، وكان اختلط.

الثانية: معاوية بن يحيى، وهو الصدفي؛ ضعيف.

الثالثة: بقية، وهو ابن الوليد، وكان يدلس عن الضعفاء والمجهولين.

 

(3/375)

 

 

1231 - " عشرة مباحة في الغزو: الطعام والأدم والثمار والشجر والحبل والزيت والحجر والعود غير منحوت والجلد الطري ".

 

(3/375)

 

 

موضوع.

رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (5/100/2) عن أبي سلمة عن الزهري عن سعيد

ابن المسيب عن عائشة مرفوعا.

أورده في ترجمة أبي سلمة هذا ن وسماه الحكم بن عبد الله بن خطاف، وروى عن

ابن أبي حاتم أنه قال فيه:

" كذاب متروك الحديث، والحديث الذي رواه باطل ن وعن النسائي أنه قال: ليس

بثقة ولا مأمون ".

قلت: والحديث مما فات السيوطي في " جامعيه "، واستدركه المناوي في كتابه "

الجامع الأزهر " (2/15/2) ، ولكنه سكت عنه خلافا لشرطه الذي نص عليه في

مقدمته قائل:

" أذكر فيه كل حديث معقبا له ببيان حال راويه من أهل الضعف والكمال "!

1232 - " أعف الناس قتلة أهل الإيمان ".

ضعيف، لاضطرابه وجهالته

ومداره على إبراهيم النخعي، وقد اختلف الرواة عليه على وجوه:

الأول: شباك عن إبراهيم عن هني بن نويرة عن علقمة عن عبد الله قال: قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

أخرجه أبو داود (2666) : حدثنا محمد بن عيسى وزياد بن أيوب قالا: حدثنا

هشيم أخبرنا مغيرة عن شباك به.

وهكذا أخرجه ابن الجارود (840) : حدثنا زياد بن أيوب به، إلا أنه قال: "

حدثنا المغيرة لعله قال: عن شباك.. ".

الثاني: وخالفهما سريج بن النعمان عند أحمد (1/393) وعمرو بن عون عند

الطحاوي في " شرح المعاني " (2/105) كلاهما قالا: حدثنا هشيم به، إلا أنهما

لم يذكرا: " عن هني ".

والأول أرجح، لأنه قد تابعه شعبة عن المغيرة عن شباك عن إبراهيم عن هني بن

نويرة به.

 

(3/376)

 

 

أخرجه ابن ماجه (2682) وابن أبي شيبة في " المصنف " (11/47/2) والطحاوي

وابن أبي عاصم في " الديات " (ص 56) ويحيى بن صاعد في " مسند ابن مسعود " (100/1) كلهم عن غندر عن شعبة به.

ومن هذا الوجه أخرجه أحمد أيضا (1/393) لكن سقط منه قوله: " عن شباك "،

فصار الإسناد عنده هكذا:

" عن المغيرة عن إبراهيم.. ".

فلا أدري أهكذا الرواية عنده أم سقط من الناسخ أوالطابع؟ ويؤيد الاحتمال

الأول أن جرير بن عبد الحميد رواه أيضا عن مغيرة عن هني به. فأسقط شباكا.

أخرجه ابن حبان في " صحيحه " (1523 - موارد) .

وكذلك رواه أبو عوانة عن مغيرة عن إبراهيم به.

أخرجه البيهقي (8/61) وقال:

" رواه هشيم عن مغيرة عن شباك عن إبراهيم ".

قلت: والمغيرة هو ابن مقسم، وهو ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن

إبراهيم كما في " التقريب "، فرواية من رواه عنه عن إبراهيم بإسقاط شباك من

بينهما محفوظة عنه، إلا أن السقط هو من تدليس المغيرة نفسه. والله أعلم.

وأما رواية من رواه عنه بإسقاط هني من بين إبراهيم وعلقمة فهي مرجوحة،

والراجح إثباته، وهو ليس بالمشهور بالرواية، ولم يوثقه غير ابن حبان

والعجلي، ولم يروعنه غير إبراهيم النخعي، وآخر لا يعرف، ولذلك أشار

الذهبي في " الكاشف " إلى أن التوثيق المذكور غير موثوق به، فقال: " وثق "،

ومثله قول الحافظ فيه: " مقبول "، أي: غير مقبول إلا إذا توبع.

على أنه قد أسقطه أيضا آخر، ولكنه أوقفه، وهو:

الثالث: عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: قال ابن مسعود: فذكره موقوفا

عليه.

 

(3/377)

 

 

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/45/2) : حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن

عبد الرزاق عن الثوري عن الأعمش به.

قلت: وهذا إسناد صحيح لولا عنعنة الأعمش وهو موقوف، وهو أصح من الذي قبله

، لخلوه من الاضطراب والجهالة، وقد أورده الهيثمي في " المجمع " (6/291)

وقال:

" رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح ".

وجملة القول أن الحديث ضعيف مرفوعا، وقد يصح موقوفا. والله أعلم.

ويغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم:

" إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم

فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته ".

أخرجه مسلم وغيره، وقد خرجته في " الإرواء " (2231) ، وقد طبع

والحمد لله في ثمان مجلدات.

(تنبيه) : هكذا وقع في جميع المصادر المتقدمة: " أعف "، من العفة أي: أرحم

الناس بخلق الله، وأشدهم ابتعادا عن التمثيل والتشويه بالمقتول، وكذلك وقع

في الأصل المخطوط من " مجمع الزوائد "، لكن المصحح الذي قام على طبعه أفسده،

فجعله: " أعق " بالقاف! وقال معلقا عليه:

" في الأصل: (أعف) ".

وهذا من أعجب ما رأيت من التصحيح، بل التصحيف، فإن الأصل صحيح رواية ودراية

، والمصحح بزعمه لا يظهر معناه هنا، فإن (أعق) من (العق) وهو القطع!

وحرف المصحح المشار إليه عنوان الباب الذي ترجم به المصنف الهيثمي للحديث

بقوله: " باب حسن القتل " فجعله " باب أعق القتل "!! فالله المستعان.

1233 - " عشر خصال عملتها قوم لوط بها أهلكوا، وتزيدها أمتي بخلة: إتيان الرجال

بعضهم بعذا، ورميهم بالجلاهق والخذف، ولعبهم بالحمام، وضرب الدفوف،

وشرب الخمور، وقص اللحية، وطول

 

(3/378)

 

 

الشارب، والصفير، ولباس الحرير،

وتزيدها أمتي بخلة: إتيان النساء بعضهن بعضا ".

موضوع

رواه ابن عساكر في " التاريخ " (14/320/1 - 2) عن إسحاق بن بشر. أخبرني سعيد

ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن مرفوعا.

قلت: وإسحاق هذا كذاب، سواء كان هو البخاري صاحب " كتاب المبتدأ " أو

الكاهلي الكوفي، فكلاهما كذاب وضاع، والعجب من السيوطي كيف يخفى عليه هذا؟

فأورد الحديث في " الجامع " من رواية ابن عساكر هذه، وبيض له المناوي فلم

يتعقبه بشيء!

وروي بعضه موقوفا على أنس، أخرجه الدولابي في " الكنى " (1/62) من طريق أبي

عمران سعيد بن ميسرة البكري الموصلي عن أنس بن مالك أنه دخل عليه شاب قد سكن

عليه شعره فقال هل: مالك والسكينة؟ ! افرقه أوجزه، فقال له رجل: يا أبا

حمزة! فيمن كانت السكينة؟ قال: في قوم لوط، كانوا يسكنون شعورهم، ويمضغون

العلك في الطرق والمنازل، ويخذفون، ويفرجون أقبيتهم إلى خواصرهم.

قلت: وهذا موضوع أيضا، سعيد بن ميسرة كذبه يحيى القطان وقال ابن حبان:

" يروي الموضوعات ".

وقال الحاكم:

" روى عن أنس موضوعات ".

قلت: وهذا الحديث والذي قبله مما سود به الشيخ الغماري كتابه " مطابقة

الاختراعات العصرية " (ص 61 و62) وكم له من مثلهما في هذا الكتاب الذي لو

اقتصر فيه على ما صح عنه صلى الله عليه وسلم لكان آية في بابه.

وقد روي الحديث بلفظ آخر وهو موضوع أيضا وهو:

" عشرة من أخلاق قوم لوط: الخذف في النادي، ومضغ العلك، والسواك على ظهر

الطريق، والصفر، والحمام، والجلاهق، والعمامة التي لا يتلحى بها،

والسكينة، والطريف بالحناء، وحل أزرار الأقبية، والمشي في الأسواق

والأفخاذ بادية ".

 

(3/379)

 

 

أخرجه الديلمي (2/301) عن إسماعيل بن أبي زياد الشامي عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا.

قلت: وهذا موضوع، إسماعيل هذا كذاب.

وجويبر متروك.

1234 - " حرس ليلة في سبيل الله أفضل من سيام رجل وقيامه في أهله ألف سنة، السنة

ثلاثمائة وستون يوما، واليوم كألف سنة ".

موضوع

رواه ابن ماجه (2/176) والعقيلي في " الضعفاء " (149) وأبو يعلى في "

مسنده " (3/1060) وابن شاهين في " الترغيب في فضائل الأعمال " (ق 67/2)

وابن عساكر (7/112/1) عن سعيد بن خالد بن أبي الطويل قال: سمعت أنس بن

مالك يقول: فذكره مرفوعا.

قلت: وهذا سند ضعيف جدا بل موضوع، فإن سعيدا هذا اتهمه غير واحد فقال

البخاري:

" فيه نظر ".

وقال أبو حاتم:

" لا يشبه حديثه حديث أهل الصدق ".

وقال الحاكم:

" روى عن أنس أحاديث موضوعة ".

قلت: وهذا منها، قال المنذري في " الترغيب " (2/154) :

" رواه ابن ماجه، ويشبه أن يكون موضوعا ".

وقال الذهبي بعد أن ساق له هذا الحديث:

" فهذه عبارة عجيبة لوصحت لكان مجموع ذلك الفضل ثلاثمائة ألف ألف سنة ".

قلت: وهو عند العقيلي دون قوله: " السنة ثلاثمائة.. " ثم قال:

 

(3/380)

 

 

" لا يتابع عليه وقد روي من غير هذا الوجه بإسناد أصلح من هذا ".

قلت: كأنه يشير إلى حديث عثمان مرفوعا بلفظ:

" حرس ليلة في سبيل الله أفضل من ألف ليلة يقام ليلها ويصام نهارها ".

وإسناده كما قال: أصلح من هذا، لكنه ضعيف فيه مصعب بن ثابت قال الحافظ:

" لين الحديث ".

وهو مخرج في " التعليق الرغيب " (2/154) .

1235 - " لعن الله الراشي والمرتشي، والرائش الذي يمشي بينهما ".

منكر

أخرجه الحاكم (4/103) وأحمد (5/279) والبزار (1353) والطبراني في "

المعجم الكبير " (رقم 1495) عن ليث عن أبي الخطاب عن أبي زرعة عن ثوبان

رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم به. واللفظ للحاكم، وقال الآخرون:

" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ".

وقال الحاكم:

" إنما ذكرت ليث بن أبي سليم في الشواهد لا في الأصول ".

وأقول: لقد ذكر ليث في هذا الحديث زيادة لم يروها غيره وهي " الرائش ... "

كما ذكر البزار، فهي زيادة منكرة لتفرد ليث بها، وهو ضعيف لاختلاطه.

وشيخه أبو الخطاب؛ قال البزار وتبعه المنذري في " الترغيب " (3/143) :

" لا يعرف ".

وقال الذهبي:

" مجهول ".

أما الحديث بدون هذه الزيادة فصحيح، وله طرق ذكرتها في " إرواء الغليل "

" كتاب القضاء " رقم الحديث (2620) .

تنبيه: أورد المنذري الحديث عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ:

" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم ". وقال:

 

(3/381)

 

 

" رواه الترمذي وحسنه وابن حبان في " صحيحه " والحاكم وزادوا:

(والرائش يعني الذي يسعى بينهما) ".

وليس لهذه الزيادة أصل في حديث أبي هريرة عند أحد من الثلاثة المذكورين، ولا

عند غيرهم فيما علمت، فاقتضى التنبيه.

ثم إن هذه الزيادة الأخرى: " في الحكم "، في إسنادها عندهم عمر بن أبي سلمة،

وهو صدوق يخطىء. لكن لهذه الزيادة شاهد من حديث أم سلمة، قال المنذري:

" رواه الطبراني بإسناد جيد ".

فهي قوية بهذا الشاهد. والله أعلم.

1236 - " ما من قوم يظهر فيهم الزنا إلا أخذوا بالسنة، وما من قوم يظهر فيهم الرشا،

إلا أخذوا بالرعب ".

ضعيف

أخرجه أحمد (4/205) عن ابن لهيعة عن عبد الله بن سليمان عن محمد بن راشد

المرادي عن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

فذكره.

قلت: وهذا إسناد مسلسل بالعلل:

الأولى: الانقطاع بين المرادي وعمرو. قال الحافظ في " التعجيل ":

" وقد سقط رجل بين محمد وعمرو، فقد ذكر ابن يونس في المصريين محمد بن راشد

المرادي، روى عن رجل عن عبد الله بن عمرو، وذكر البخاري وابن أبي حاتم

وابن حبان في " الثقات ": محمد بن راشد بن أبي سكينة، روى عن أبيه، وعنه

حرملة بن عمران المصري، قال البخاري: " حديثه في المصريين ". وأنا أظن أنه

هذا والله أعلم ".

الثانية: جهالة المرادي هذا، قال الحسيني:

" مجهول غير معروف ".

الثالثة: عبد الله بن سليمان وهو أبو حمزة البصري الطويل. قال الحافظ:

" صدوق يخطىء ".

 

(3/382)

 

 

الرابعة: ابن لهيعة، وهو عبد الله سييء الحفظ.

واعلم أن في الأخذ بالسنين حديثا آخر بلفظ:

" ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين، وشدة المؤنة وجور

السلطان عليهم.. ".

وهو مخرج في " الصحيحة " (106) .

1237 - " إذا أنا مت، فاغسلوني بسبع قرب، من بئري بئر غرس ".

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (1468) : حدثنا عباد بن يعقوب: حدثنا الحسين بن زيد بن علي

ابن الحسين بن علي عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن علي قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

ومن هذا الوجه أخرجه ابن النجار أيضا في " التاريخ " (10/129/1) .

قال البوصيري في " الزوائد " (ق 92/1) :

" هذا إسناد ضعيف، عباد بن يعقوب الرواجني أبو سعيد قال فيه ابن حبان:

" كان رافضيا داعية، ومع ذلك روى المناكير عن المشاهير، فاستحق الترك ".

وقال ابن طاهر في " التذكرة ":

" عباد بن يعقوب من غلاة الروافض، روى المناكير عن المشاهير، وإن كان

البخاري روى له حديثا واحدا في " الجامع "، فلا يدل على صدقه، وقد أوقفه

عليه غيره من الثقات، وأنكر الأئمة عليه روايته عنه، وترك الرواية عن عباد

جماعة من الحفاظ ". قلت: إنما روى البخاري لعباد هذا مقرونا بغيره، وشيخه

الحسين بن زيد مختلف فيه ". انتهى ما في " الزوائد ".

قلت: والحسين هذا أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" في حديثه ما يعرف وينكر ".

وكذلك أورد عبادا فيه وضعفه بما قال ابن حبان فيه.

والحديث أورده الحافظ في " الفتح " (5/270) وسكت عليه! ولذلك خرجته، لأن

سكوته يعني أنه حسن عنده كما هو القاعدة عندهم، وليست مضطرة فتنبه!

 

(3/383)

 

 

1238 - " ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا ".

منكر

أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (3/110/4964) وابن أبي شيبة (2/312) -

مختصرا - والطحاوي في " شرح المعاني " (1/143) والدارقطني (ص 178)

والحاكم في " الأربعين " وعنه البيهقي (2/201) وكذا البغوي في " شرح السنة

" (3/123/639) وابن الجوزي في " الواهية " (1/444 - 445) وأحمد (3/162)

من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال:

" كنت جالسا عند أنس بن مالك، فقيل له: إنما قنت رسول الله شهرا، فقال:

" فذكره. وقال البغوي:

" قال الحاكم: إسناده حسن ".

وقال البيهقي:

" قال أبو عبد الله: هذا إسناد صحيح سنده، ثقة رواته، والربيع بن أنس تابعي

معروف.. " وأقره!

وتعقبه ابن التركماني بقوله:

" كيف يكون سنده صحيحا وراويه عن الربيع أبو جعفر عيسى بن ماهان الرازي متكلم

فيه، قال ابن حنبل والنسائي: ليس بالقوي، وقال أبو زرعة: يهم كثيرا،

وقال أبو زرعة: يهم كثيرا، وقال الفلاس: سييء الحفظ، وقال ابن حبان:

يحدث بالمناكير عن المشاهير ".

وقال ابن القيم في " زاد المعاد " (1/99) :

" فأبو جعفر قد ضعفه أحمد وغيره، وقال ابن المديني: كان يخلط. وقال أبو

زرعة: كان يهم كثيرا.. وقال لي شيخنا ابن تيمية قدس الله روحه: وهذا

الإسناد نفسه هو إسناد حديث: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهو رهم " حديث

أبي بن كعب الطويل، وفيه: وكان روح عيسى عليه السلام من تلك الأرواح التي

أخذ عليها العهد والميثاق في زمن آدم، فأرسل تلك الروح إلى مريم عليها السلام

حين انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فأرسله الله في صورة بشر فتمثل لها بشرا سويا

، قال: فحملت الذي يخاطبها

 

(3/384)

 

 

فدخل من فيها. وهذا غلط محض، فإن الذي أرسل

إليها الملك الذي قال لها: " إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا ". ولم

يكن الذي خاطبها بهذا هو عيسى ابن مريم، هذا محال. والمقصود أن أبا جعفر

صاحب مناكير لا يحتج بما تفرد به أحد من أهل الحديث البتة ".

وقال الحافظ ابن حجر في " التقريب ":

" صدوق سييء الحفظ الحفظ خصوصا عن مغيرة ".

وقال الزيلعي في " نصب الراية " (2/132) بعد أن خرج الحديث:

" وضعفه ابن الجوزي في " التحقيق "، وفي " العلل المتناهية " وقال:

هذا حديث لا يصح، فإن أبا جعفر الرازي واسمه عيسى بن ماهان قال ابن المديني:

كان يخلط ... ".

لكن قال البيهقي في " المعرفة " كما في " الزيلعي ":

" وله شواهد عن أنس ذكرناها في (السنن) ".

قلت: فوجب النظر في الشواهد المشار إليها هل هي صالحة للاستشهاد بها أم لا؟

وهما شاهدان:

الأول: يرويه إسماعيل بن مسلم المكي وعمرو بن عبيد عن الحسن عن أنس قال:

" قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم -

وأحسبه قال: رابع - حتى فارقتهم ".

أخرجه الدارقطني والبيهقي وقال:

" لا نحتج بإسماعيل المكي ولا بعمرو بن عبيد ".

قلت: إسماعيل ضعيف الحديث، وقال الخطيب في " الكفاية " (372) :

" متروك الحديث ". وكذلك قال النسائي، وتركه جماعة. وعمرو متهم بالكذب مع

كونه من المعتزلة، ثم إن الحسن البصري مع جلالته، فهو مدلس وقد عنعنه. فلو

صح السند إليه فلا يحتج به، فكيف وقد رواه عنه متروكان؟

 

(3/385)

 

 

الثاني: يرويه خليد بن دعلج عن قتادة عن أنس بن مالك قال:

" صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقنت، وخلف عمر فقنت، وخلف عثمان

فقنت ".

أخرجه البيهقي شاهدا، وتعقبه ابن التركماني بقوله:

" قلت: يحتاج أن ينظر في أمر خليد هل يصلح أن يستشهد به أم لا؟ فإن ابن حنبل

وابن معين والدارقطني ضعفوه. وقال ابن معين مرة: ليس بشيء. وقال النسائي

: ليس بثقة. وفي " الميزان ": عده الدارقطني من المتروكين.

ثم إن المستغرب من حديث الترجمة قوله: " ما زال يقنت في صلاة الغداة حتى فارق

الدنيا ". وليس ذلك في حديث خليد، وغنما فيه أنه عليه السلام قنت، وذلك

معروف، وإنما المستغرب دوامه حتى فارق الدنيا. فعلى تقدير صلاحية خليد

للاستشهاد به كيف يشهد حديثه لحديث أنس؟ ".

قلت: وللحديث شاهد آخر، يرويه دينار بن عبد الله خادم أنس عن أنس قال:

" ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الصبح حتى مات ".

أخرجه الخطيب في " كتاب القنوت " له، وشنع عليه ابن الجوزي بسببه لأن دينارا

هذا قال ابن حبان فيه:

" يروي عن أنس آثارا موضوعة لا يحل في الكتب إلا على سبيل القدح فيه ".

وقد دافع عن الخطيب العلامة عبد الرحمن المعلمي في كتابه " التنكيل " في فصل

خاص عقده لذلك، دافع فيه عن رواية الخطيب لهذا الحديث ونحوه من أوجه سبعة

بينها. ولكنه رحمه الله مال إلى تقوية الحديث فقال عقب الشاهد المذكور:

" فقد ورد من وجهين آخرين أوأكثر عن أنس، صحح بعض الحفاظ بعضها، وجاء نحو

معناه من وجوه أخرى، راجع " سنن الدارقطني " و" سنن البيهقي "، وبمجموع ذلك

يقوى الحديث ".

فأقول: قد استقصينا في هذا التحقيق جميع الوجوه المشار إليها وهي كلها واهية

جدا، سوى الوجه الأول، فإنه ضعيف فقط، ولكنه منكر لما سيأتي بيانه.

 

(3/386)

 

 

والوجه الثاني: فيه إسماعيل بن مسلم المكي وعمرو بن عبيد المعتزلي وهما

متروكان.

والوجه الثالث: فيه خليد بن دعلج، وهو ضعيف على أن حديثه شاهد قاصر لأنه لم

يقل فيه: " قنت في الفجر حتى فارق الدنيا "!

والوجه الرابع: فيه دينار بن عبد الله، وهو متهم كما عرفت ذلك من عبارة ابن

حبان السابقة، وقد أقره الشيخ المعلمي رحمه الله، فمع هذا الضعف الشديد في

كل هؤلاء الرواة على التفصيل المذكور كيف يصح أن يقال: " وبمجموع ذلك يقوى

الحديث "؟ !

وظني أنه إنما حمله على هذا التساهل في تقوية هذا الحديث المنكر، إنما هو

تحمسه الشديد في الرد على ابن الجوزي، والدفاع عن الخطيب والبغدادي، وكان

يكفيه في ذلك أن يذكر ما هو معلوم عنده أن المحدث إذا ساق الحديث بسنده فقد

برئت عهدته منه، ولا لوم عليه في ذلك حتى ولوكان موضوعا، وابن الجوزي

الذي له كتاب " الموضوعات " هو نفسه قد يفعل ذلك في بعض مصنفاته، مثل كتابه "

تلبيس إبليس "، بل رأيته ذكر في غيره ما لا أصل له من الحديث، وبدون إسناد،

مثل حديث " صلاة النهار عجماء ". ذكره في " صيد الخاطر " كما نبهت عليه في

التخريج المختصر له الملحق بآخره.

وأما أن الحديث منكر، فلأنه معارض لحديثين ثابتين:

أحدهما: عن أنس نفسه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعى

لقوم أودعى على قوم ".

أخرجه الخطيب نفسه في كتابه " القنوت " من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري:

حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عنه.

والآخر: عن أبي هريرة قال:

" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقنت في صلاة الصبح إلا أن يدعولقوم،

أوعلى قوم ".

قال الزيلعي (2/130) :

 

(3/387)

 

 

" أخرجه ابن حبان عن إبراهيم بن سعد عن سعيد وأبي سلمة عنه. قال صاحب "

التنقيح ":

وسند هذين الحديثين صحيح، وهما نص في أن القنوت مختص بالنازلة ".

وحديث أنس عزاه الحافظ في " التلخيص " (1/245) لابن خزيمة في " صحيحه " من

طريق سعيد به. وحديث ابن حبان لم يورده الهيثمي في " موارد الظمآن ". وقال

الحافظ في " الدراية " (ص 117) عقب الحديثين:

" وإسناد كل منهما صحيح ".

وقال في " التلخيص " عقب ما سبق ذكره من الأحاديث عن أنس:

" فاختلفت الأحاديث عن أنس، واضطربت فلا يقوم بمثل هذا حجة ".

يعني حديث أبي جعفر الرازي هذا.

ثم قال:

" (تنبيه) : عزا هذا الحديث بعض الأئمة إلى مسلم فوهم، وعزاه النووي إلى "

المستدرك " للحاكم، وليس هو فيه، وإنما أورده وصححه في جزء له مفرد في

القنوت، ونقل البيهقي تصحيحه عن الحاكم، فظن الشيخ أنه في (المستدرك) ".

(فائدة) : جاء في ترجمة أبي الحسن الكرجي الشافعي المتوفى سنة (532) أنه

كان لا يقنت في الفجر، ويقول: " لم يصح في ذلك حديث ".

قلت: وهذا مما يدل على علمه وإنصافه رحمه الله تعالى، وأنه ممن عافاهم

الله عز وجل من آفة التعصب المذهبي، جعلنا الله منهم بمنه وكرمه.

1239 - " إن لله ضنائن من عباده، يغذوهم في رحمته، ويحييهم في عافيته، وإذا

توفاهم إلى جنته، أولئك الذين تمر عليهم الفتن كالليل المظلم وهم منها في

عافية ".

ضعيف

رواه الطبراني في " الكبير " (3/201/1 - 2) والعقيلي في " الضعفاء "

 

(3/388)

 

 

(405) وأبو نعيم في " الحلية " (1/6) والخطيب في " التلخيص " (ق 68/2) والهروي

في " ذم الكلام " (4/83/1) من طريقين عن إسماعيل بن عياش: حدثني مسلمة بن

عبد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف. قال العقيلي:

" مسلمة بن عبد الله مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ، والرواية في هذا الباب

لينة ".

وقد روي الحديث من طريق أخرى مختصرا بلفظ:

" إن لله عز وجل عبادا يحييهم في عافية، ويميتهم في عافية، ويدخلهم الجنة

في عافية ".

رواه الطبراني في " الأوسط " (رقم 3255) : حدثنا بكر: حدثنا إبراهيم بن

البراء بن النضر بن أنس: حدثنا حماد بن سلمة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي

مسعود الأنصاري مرفوعا. وقال:

" لا يروى عن أبي مسعود إلا بهذا الإسناد، ولا يحفظ لحماد عن الأعمش إلا هذا

، وقد روى حماد عن الحجاج بن أرطاة عن الأعمش، ولا ينكر أن يكون قد سمع من

الأعمش، لأنه قد روى عن جماعة من الكوفيين منهم سلمة بن كهيل وحماد بن سليمان

وعاصم بن بهدلة وأبو حمزة الأعور وغيرهم ".

قلت: لكن الراوي عنه إبراهيم بن البراء متهم بالكذب. قال ابن عدي:

" ضعيف جدا حدث بالبواطيل ". وقال ابن حبان:

" يحدث عن الثقات بالموضوعات ".

1240 - " يوم كلم الله موسى عليه السلام، كانت عليه جبة صوف، وسراويل صوف، وكساء

صوف، ونعلاه من جلد حمار غير ذكي ".

ضعيف جدا

أخرجه الترمذي (1/323) والحسن بن عرفة في " جزئه " (9 - 10) والعقيلي في

" الضعفاء " (97) وابن عدي في " الكامل " (79/2) وابن شاهين في

 

(3/389)

 

 

" الأمالي " (66/2) وأبو موسى المديني في " منتهى رغبات السامعين " (1/256/2) وابن

النجار في " ذيل تاريخ بغداد " (10/125/2) وكذا الحاكم في " المستدرك " (

2/379) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (17/161/1) والذهبي في " الميزان من

طرق عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود مرفوعا. وقال ابن

عدي:

" حميد هذا أحاديثه غير مستقيمة، ولا يتابع عليها ".

وقال العقيلي:

" حميد بن علي الأعرج منكر الحديث ".

وقال الترمذي:

" حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث حميد الأعرج، وحميد هو ابن علي الكوفي،

قال: سمعت محمدا يقول: حميد بن علي الأعرج منكر الحديث، وحميد بن قيس

الأعرج المكي صاحب مجاهد ثقة. قال أبو عيسى: (الكمة) القلنسوة الصغيرة ".

قلت: وأما الحاكم فقال:

" هذا حديث صحيح على شرط البخاري "!

وإنما قال ذلك لأنه وقع في إسناده: " حميد بن قيس " أي المكي الثقة، وذلك

من أوهامه، ولذا تعقبه الذهبي في " تلخيصه " بقوله:

" قلت: بل ليس على شرط (خ) ، وإنما غره أن في الإسناد حميد بن قيس، كذا،

وهو خطأ، إنما هو حميد الأعرج الكوفي ابن علي، أوابن عمار، أحد المتروكين

، فظنه المكي الصادق ".

قلت: فالسند ضعيف جدا، من أجل تفرد حميد هذا الواهي به، قال الذهبي في

ترجمته من " الميزان ":

" يروي عنه خلف بن خليفة، واه ".

وقال في موضع آخر:

" متروك.. قال أحمد: ضعيف، وقال أبو زرعة عنه: واه، وقال الدارقطني:

 

(3/390)

 

 

متروك، وقال ابن حبان: يروي عن ابن الحارث عن ابن مسعود نسخة كأنها كلها

موضوعة، وقال النسائي: ليس بالقوي ".

ثم ساق له الذهبي من مناكيره أحاديث هذا أحدها.

ثم رأيت في " منتخب ابن قدامة " (11/209/2) :

" قال مهنا: سألت أحمد عن حديث خلف بن خليفة عن حميد الأعرج.. فذكره فقال:

منكر ليس بصحيح، أحاديث حميد عن عبد الله بن الحارث منكرة ".

وقد وقع لابن بطة الحنبلي وهم فاحش في متن هذا الحديث، فقد رواه عن إسماعيل

ابن محمد الصفار: حدثنا الحسن بن عرفة: حدثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج به

وزاد في آخره:

".. فقال: من ذا العبراني الذي يكلمني من الشجرة؟ قال: أنا الله "!

هكذا ساقه من طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/192) وقال:

" لا يصح، وكلام الله لا يشبه كلام المخلوقين، والمتهم به حميد ".

فتعقبه الحافظ في " اللسان " (4/113) ثم السيوطي في " اللآلي المصنوعة " (

1/163) فقال:

" كلا والله، بل حميد بريء من هذه الزيادة المنكرة فقد أخبرنا به الحافظ..

أنا إسماعيل بن محمد الصفار.. ".

قلت: فذكره كما تقدم من تخريج الجماعة بدون الزيادة، وجزء ابن عرفة هو من

رواية الصفار هذا، وليس فيه الزيادة، وكذلك هو عند بعض من ذكرنا من

المخرجين من غير طريق الصفار عن خلف بن خليفة به دون الزيادة، وكذلك رواه أبو

يعلى في " مسنده " عن خلف. ثم قال الحافظ:

" وقد رويناه من طرق ليس فيها هذه الزيادة، وما أدري ما أقول في ابن بطة بعد

هذا، فما أشك أن إسماعيل بن محمد الصفار لم يحدث بهذا قط، والله أعلم بغيبه ".

قلت: يمكن أن يقال أن هذا من أوهام ابن بطة، فقد قال الذهبي في ترجمته من " الميزان ":

" إمام، لكنه ذو أوهام ".

 

(3/391)

 

 

ثم ساق له حديثين قال في كل منهما:

" باطل ". يعني بخصوص الإسناد الذي رواه ابن بطة به. ثم قال:

" ومع قلة إتقان ابن بطة في الرواية كان إماما في السنة، إماما في الفقه،

صاحب أحوال وإجابة دعوة رضي الله عنه ".

وقال في " العلو للعلي الغفار " (ص 141 طبع الأنصار) :

" صدوق في نفسه، تكلموا في إتقانه ".

وقال في " الضعفاء ":

" يهم ويغلط ".

ثم رأيت الحافظ قد استظهر ما ذكرنا فقال ابن عراق في " تنزيه الشريعة المرفوعة

" (1/229) بعد أن ذكر كلام الحافظ الذي نقلته عن " لسانه ":

" قلت: قال الذهبي في " تلخيصه " (يعني: تلخيص الموضوعات) : تفرد بها ابن

بطة، وإلا فهو في نسخة الصفار عن الحسن بن عرفة عن خلف بدونها، انتهى.

ورأيت بخط الحافظ ابن حجر على حاشية " مختصر الموضوعات " لابن درباس: هذا

الحديث في نسخة الحسن بن عرفة رواية إسماعيل الصفار عنه، وليس فيه هذه

الزيادة الباطلة التي في آخره، والظاهر أن هذه الزيادة من سوء حفظ ابن بطة

انتهى ".

وعلق عليه بعض من قام على التعليق على " تنزيه الشريعة " وأظنه الشيخ

عبد الله محمد الصديق الغماري فقال:

" ولم لا تكون من وضعه؟ ".

قلت: لأنه عالم فاضل صالح بلا خلاف، والخطأ لا يسلك منه إنسان، ولمجرد

وقوع خطأ واحد في مثله لا يجوز أن ينسب إلى الوضع حتى يكثر منه، ويظهر مع ذلك

أنه قصد الوضع، وهيهات أن يثبت ذلك عنه!

على أن بعض أهل العلم من المحققين المعاصرين (1) قد ذهب إلى أن هذه

__________

(1) هو العلامة المحقق الشيخ عبد الرحمن العلمي اليماني ذكر ذلك في ترجمته لابن بطة رقم (153) من كتابه العظيم " التنكيل ". وقد مضت كلمة حوله ذكر ذلك ردا على الكوثري =

 

(3/392)

 

 

الزيادة

إنما ذكرها ابن بطة " على وجه الاستنباط والتفسير، واعتمد في رفع الالتباس

على قرينة حالية، مع علمه بأن الحديث مشهور، فجاء من بعده فتوهم أنه ذكر ذلك

الكلام على أنه جزء من الحديث.. ".

وهذا الجواب وإن كان ليس بالقوي في وجهة نظري، فهو أولى من نسبة الإمام ابن

بطة إلى أنه تعمد وضعها، مع ثبوت فضله وصلاحه عند أهل العلم (1) .

ثم إن وصف الشيخ المعلمي الحديث بأنه مشهور عند ابن بطة، الظاهر أنه يعني به

الشهرة اللغوية التي لا تتنافى مع الضعف، وهو كذلك في " علم المصطلح " حتى

إنهم ليطلقونه على ما لا إسناد له. فتنبه.

1241 - " كلم الله موسى ببيت لحم ".

ضعيف جدا

رواه ابن عساكر في " التاريخ " (5/341/1) من طريق تمام الحافظ: نا علي بن

يعقوب بن شاكر: نا أحمد بن أبي رجاء: نا سعيد بن محمد المصيصي: نا يحيى بن

صالح: نا سعيد بن عبد العزيز عن مسلم عن أنس مرفوعا.

قلت: وهذا سند ضعيف جدا، مسلم هذا هو ابن كيسان الكوفي الملائي وهو ضعيف

جدا، قال ابن معين:

" ليس بثقة ".

وقال البخاري:

" يتكلمون فيه "، وقال في موضع آخر: " ذاهب الحديث لا أروي عنه ".

وقال النسائي:

" متروك ".

وسعيد بن عبد العزيز وهو التنوخي وهو ثقة لكنه كان اختلط.

__________

= الذي زعم أن هذه الزيادة من وضع ابن بطة موافقا فيه الغماري وكلاهما من أهل الأهواء على علمهما " ومن يضلل الله فما له من هاد ". اهـ.

(1) وراجع لهذا آخر ترجمة ابن بطة في " التنكيل ". اهـ.

 

(3/393)

 

 

ومن دون يحيى بن صالح - وهو الوحاظي ثقة - لم أجد لهم ترجمة، ما عدا تمام

فهو حافظ مشهور.

والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن عساكر هذه. ولم

يتكلم عليه المناوي بشيء!

1242 - " لقد أنزلت علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة، ثم قرأ: " قد أفلح المؤمنون. الذين هم في صلاتهم خاشعون ". الآيات ".

منكر

أخرجه النسائي في " السنن الكبرى " (218/2) والحاكم (2/392) وكذا الترمذي

(2/201) وأحمد (1/34) والعقيلي في " الضعفاء " (4/460) من طريق عبد

الرزاق: نا يونس بن سليم قال: أملى علي يونس بن يزيد الأيلي عن ابن شهاب عن

عروة عن عبد الرحمن بن عبد القاري: سمعت عمر بن الخطاب يقول:

" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يسمع عنده دوي كدوي

النحل، فمكثنا ساعة، فاستقبل القبلة، ورفع يديه قال: اللهم زدنا ولا

تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، [وأعطنا] ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر

علينا، وأرضنا وارض عنا، ثم قال: ... " فذكره.

وقال العقيلي في ترجمة يونس بن سليم هذا وهو الصنعاني:

" لا يتابع على حديثه هذا، ولا يعرف إلا به ".

وقال النسائي:

" هذا حديث منكر لا نعلم أن أحدا رواه غير يونس بن سليم، ولا نعرفه ".

وأقره الحافظ ابن كثير في " تفسيره " وأما مختصره الصابوني؛ فقد دلس على

قرائه - كعادته - فأورد الحديث خلافا لشرطه في مقدمته أولا، وحذف تضعيف

النسائب له وإقرار الحافظ إياه ثانيا، وجعل تخريج الحافظ له في حاشيته موهما

أنه من علمه، ثالثا!

وأما الحاكم فقال:

" صحيح الإسناد ".

وتعقبه الذهبي فقال:

 

(3/394)

 

 

" قلت: سئل عبد الرزاق عن شيخه ذا؟ فقال: أظنه لا شيء ".

1243 - " من سبح دبر كل صلاة مكتوبة مائة مرة، وكبر مائة مرة، وهلل مائة مرة، غفر

الله له ذنوبه وإن كانت أكثر من زبد البحر ".

منكر

أخرجه النسائي في " عمل اليوم والليلة " (رقم 141) ومحمد بن الحسن الطبري

في " الأمالي " (4/1) والسياق له من طريق يعقوب بن عطاء بن أبي رباح عن عطاء

ابن أبي علقمة بن الحارث بن نوفل عن أبي هريرة قال: قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، عطاء بن أبي علقمة بن الحارث مجهول كما في " التقريب ".

ويعقوب بن عطاء بن أبي رباح مثله، وبه أعله النسائي.

وقد خالفه الحجاج بن الحجاج فرواه عن أبي الزبير عن أبي علقمة عن أبي هريرة به

بلفظ:

" من سبح دبر صلاة الغداة مائة تسبيحة ... " الحديث لم يذكر التكبر مائة مرة.

أخرجه النسائي (1/199) وفي " اليوم والليلة " أيضا (140) .

وأبو علقمة هو المصري مولى بني هاشم.

قلت: ورجاله ثقات رجال مسلم، إلا أن أبا الزبير مدلس وقد عنعنه، فيخشى أن

يكون تلقاه عن ضعيف مثل يعقوب هذا ثم دلسه، وكأن الحافظ رحمه الله يميل إلى

هذا، فقد ذكر في ترجمة عطاء بن أبي علقمة حديثه هذا، ثم ذكر رواية الحجاج عن

أبي الزبير، ثم قال:

" فكأن الصواب: يعقوب بن عطاء عن أبي علقمة إن شاء الله تعالى ".

والمحفوظ في هذا الحديث إنما هو بلفظ:

" ثلاثا وثلاثين " كما رواه مسلم وغيره من طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا،

وهو مخرج في " الأحاديث الصحيحة " رقم (101) .

 

(3/395)

 

 

1244 - " من قال إذا أصبح: سبحان وبحمده ألف مرة، فقد اشترى نفسه من الله تبارك

وتعالى، وكان من آخر يومه عتيقا من النار ".

ضعيف

أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (8/224/2) عن الحارث بن أبي الزبير

المدني مولى النوفليين قال: حدثني أبو يزيد اليمامي عن طاووس بن عبد الله بن

طاووس عن أبيه عن جده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، طاووس بن عبد الله لم أجد من ذكره، وكذا

الراوي عنه أبو يزيد اليمامي.

وأما الحارث بن أبي الزبير المدني، فقال ابن أبي حاتم (1/2/75) عن أبيه:

" هو شيخ بقي حتى أدركه أبو زرعة وأصحابنا، وكتبوا عنه ".

قلت: فكأنه ثقة، وأما الأزدي فقال:

" ذهب علمه ".

وساق له حديثا من روايته عن إسماعيل بن قيس. وتعقبه الذهبي بقوله:

" إسماعيل تالف ".

 

(3/396)

 

 

1245 - " من قبل بين عيني أمه كان له سترا من النار ".

موضوع

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (102/2) وأبو بكر الخباز في " الأمالي " (16/2

) من طريق أبي صالح العبدي خلف بن يحيى قاضي الري: حدثنا أبو مقاتل عن

عبد العزيز بن أبي رواد عن عبد الله بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال ابن عدي:

" وهذا منكر إسنادا ومتنا، وعبد العزيز بن أبي رواد عن ابن طاووس ليس

بمستقيم، وأبو مقاتل ليس هو ممن يعتمد على رواياته ".

قال الذهبي:

" وهاه قتيبة شديدا، وكذبه ابن مهدي.. ".

ثم ساق له هذا الحديث من مناكيره.

 

(3/396)

 

 

والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " 0 3/86) من طريق ابن عدي، وذكر

إعلاله المتقدم، وزاد:

" وقال عبد الرحمن بن مهدي: والله ما تحل الرواية عنه ".

وتعقبه السيوطي في " اللآلىء " (2/295 - 296) ثم ابن عراق في " تنزيه

الشريعة " (2/296) فقالا:

" إن البيهقي أخرجه في " الشعب " من هذا الطريق، وقال: إسناده غير قوي ".

قلت: وهذا التعقب واه لا يساوي شيئا، ما دام أن فيه ذاك الكذاب، ولذلك فقد

أحسن الشوكاني صنعا حين أورد الحديث في " الفوائد المجموعة في الأحاديث

الموضوعة " (231/37) من الرواية نفسها وقول ابن عدي المذكور دون أن يعرج على

التعب المذكور.

على أنه لوسلم من الكذاب المشار إليه، فإن خلفا وهو الراوي عنه ليس خيرا منه

، فقد قال ابن أبي حاتم (1/2/372) عن أبيه:

" متروك الحديث، كان كذابا، لا يشتغل به ولا بحديثه ".

1246 - " من دخل المقابر، فقرأ سورة (يس) خفف عنهم يومئذ، وكان له بعدد من فيها

حسنات ".

موضوع

أخرجه الثعلبي في " تفسيره " (3/161/2) من طريق محمد بن أحمد الرياحي: حدثنا

أبي: حدثنا أيوب بن مدرك عن أبي عبيدة عن الحسن عن أنس بن مالك مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد مظلم هالك مسلسل بالعلل:

الأولى: أبو عبيدة. قال ابن معين:

" مجهول ".

الثانية: أيوب بن مدرك متفق على ضعفه وتركه، بل قال ابن معين:

" كذاب ". وفي رواية: " كان يكذب ". وقال ابن حبان:

 

(3/397)

 

 

" روى عن مكحول نسخة موضوعة، ولم يره "!.

قلت: فهو آفة هذا الحديث.

الثالثة: أحمد الرياحي، وهو أحمد بن يزيد بن دينار أبو العوام، قال البيهقي:

" مجهول ". كما في " اللسان ".

وأما ابنه محمد، فصدوق له ترجمة في " تاريخ بغداد " (1/372) .

وقال الحافظ السخاوي في " الفتاوى الحديثية " (ق 19/1) :

" رواه أبو بكر عبد العزيز صاحب الخلال بإسناده عن أنس مرفوعا. كما في " جزء

وصول القراءة إلى الميت " للشيخ محمد بن إبراهيم المقدسي، وقد ذكره القرطبي،

وعزاه للطبراني عن أنس، إلا أنني لم أظفر به إلى الآن. وهو في " الشافي "

لأبي بكر عبد العزيز صاحب الخلال الحنبلي كما عزاه إليه المقدسي، وأظنه لا

يصح ".

قلت: لووقف على إسناده لجزم بعدم صحته، فالحمد لله الذي أوقفنا عليه، حتى

استطعنا الكشف عن علته. فله الحمد والمنة.

وقد روي الحديث بلفظ آخر يقال عند المحتضر وهو موضوع أيضا، وسيأتي برقم (

5219) .

1247 - " هل تدرون بعد ما بين السماء والأرض؟ إن بعد ما بينهما إما واحدة، أو

اثنتان أوثلاث وسبعون سنة، ثم السماء فوقها كذلك حتى عد سبع سموات، ثم فوق

السابعة بحر بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية

أوعال، بين أظلافهم وركبهم مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم الله تبارك وتعالى

فوق ذلك ".

ضعيف

أخرجه أبو داود (20/276) وعنه البيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 399 طبع

السعادة) وابن ماجه (1/83) وأحمد (1/206) وابن خزيمة في " التوحيد " (ص 69) وعثمان الدارمي في " النقض على بشر المريسي " (ص 90 - 91) عن الوليد ابن أبي ثور، والترمذي (4 - 205 - تحفة) وابن خزيمة في " التوحيد " (ص 68)

 

(3/398)

 

 

عن عمرو بن أبي قيس، وأبو داود وعنه البيهقي عن إبراهيم بن طهمان ثلاثتهم

عن سماك بن حرب عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس بن

عبد المطلب قال:

" كنت في البطحاء في عصابة فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمرت بهم سحابة

، فنظر إليها فقال: ما تسمون هذه؟ قالوا: السحاب، قال: " والمزن؟ "

قالوا: والمزن، قال: " والعنان؟ " قالوا: والعنان، قال: " هل تدرون.. ".

وخالفهم في الإسناد والمتن شعيب بن خالد فقال: حدثني سماك بن حرب عن

عبد الله بن عميرة عن عباس به، فأسقط منه الأحنف، فهذه مخالفته في السند.

وأما مخالفته في المتن، فقال: بينهما مسيرة خمسمائة سنة، ومن كل سماء إلى

سماء مسيرة خمسمائة سنة ".

أخرجه الحاكم (2/378) وأحمد (1/206) من طريق يحيى بن العلاء عن عمه شعيب

ابن خالد.

قلت: وشعيب هذل ليس به بأس كما قال النسائي وغيره. فالعلة من ابن أخته يحيى

ابن العلاء فإنه متروك متهم كما تقدم غير مرة، فلا يعتد بمخالفته، وقول

الحاكم عقبه:

" صحيح الإسناد "! فمن أوهامه، وليس ذلك غريبا منه، وإنما الغريب موافقة

الذهبي إياه على تصحيحه، مع أنه قد أورد ابن العلاء هذا في " الميزان " وذكر

نقولا كثيرة عن الأئمة في توهينه، منها قول أحمد:

" كذاب يضع الحديث ".

ويقابل هذا بعض الشيء إعلال الحافظ المنذري للحديث في " مختصر السنن " بقوله (

7/93) :

" وفي إسناده الوليد بن أبي ثور، ولا يحتج بحديثه ".

وليس ذلك منه بجيد، فقد تابعه إبراهيم بن طهمان، وهو ثقة محتج به في "

الصحيحين "، وهذه المتابعة في " سنن أبي داود " الذي اختصره المنذري فكيف

خفيت عليه؟ ! ولذلك قال ابن القيم في " تهذيب السنن " (7/92) :

 

(3/399)

 

 

" أما رد الحديث بالوليد بن أبي ثور ففاسد، فإن الوليد لم ينفرد به.. ".

ثم ذكر متابعة ابن طهمان وعمرو بن أبي قيس ثم قال:

" فأي ذنب للوليد في هذا؟ ! وأي تعلق عليه؟ ! وإنما ذنبه روايته ما يخالف

قول الجهمية، وهي علته المؤثرة عند القوم ".

قلت: لا شك أنه لا ذنب للوليد في هذا الحديث بعد متابعة من ذكرنا له، ولكن

الحديث لا يثبت بذلك حتى تتوفر فيمن فوقه شروط رواة الحديث الصحيح أوالحسن على

الأقل، وذلك ما لم نجده، فإن عبد الله بن عميرة لم تثبت عدالته، فقال

الذهبي في " كتاب العلو" (ص 109) عقب الحديث:

" تفرد به سماك بن حرب عن عبد الله، وعبد الله فيه جهالة، ويحيى بن العلاء

متروك، وقد رواه إبراهيم بن طهمان عن سماك، وإبراهيم ثقة ".

وقال في ترجمة ابن عميرة من " الميزان ":

" فيه جهالة، قال البخاري: لا يعرف له سماع من أحنف بن قيس ".

والبخاري بقوله هذا كأنه يشير إلى جهالته، وكذلك مسلم، فقال في " الوحدان ":

" تفرد سماك بالرواية عنه ".

وصرح بذلك إبراهيم الحربي فقال:

" لا أعرفه ".

وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " على قاعدته المعروفة وقال (1/109 - 110) :

" عبد الله بن عميرة بن حصين القيسي من بني قيس بن ثعلبة، كنيته أبو المهاجر،

عداده في أهل الكوفة، يروي عن عمر وحذيفة، وهو الذي روى عن الأحنف بن قيس،

روى عنه سماك بن حرب، وهو الذي يقول فيه إسرائيل: عبد الله بن حصين العجلي ".

قلت: وأورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (2/2/124 - 125) لكن

جعلهم ثلاثة: " عبد الله بن عميرة، عن الأحنف. عبد الله بن عمير أبو المهاجر

القيسي عن عمر. عبد الله بن عميرة بن حصين كوفي أبو سلامة، ويقال: عبد الله

ابن حصن العجلي، روى عن حذيفة ".

وذكر أن ثلاثتهم روى عنهم سماك بن حرب لا غير. وذهب الحافظ في

 

(3/400)

 

 

" التقريب "

إلى أن الصواب أنهم واحد كما قال ابن حبان، ويعكر عليه عندي أن ابن حصين

كنيته أبو سلامة، بينما القيسي الذي روى عن عمر كنيته أبو المهاجر، فلعلهما

اثنان، أحدهما عبد الله بن عميرة راوي هذا الحديث. والله أعلم.

وخلاصة القول: أن ابن عميرة هذا غير معروف عند أئمة الحديث، ولذلك فقول

الترمذي عقبه:

" حديث حسن غريب ".

ينبغي أن يعد من تساهله الذي عرف به، حتى قال الذهبي من أجل مثل هذا التساهل:

" ولذلك لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي ".

وأما قول صاحب " تحفة الأحوذي " رحمه الله عقب قول الترمذي المذكور:

" وأخرجه أبو داود من ثلاث طرق، اثنتان منها قويتان ".

فوهم محض، فإنه لا طريق له إلا هذه الطريق المجهولة، كما صرح بذلك الذهبي

رحمه الله فيما تقدم.

ومثل ذلك قول شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموعة فتاواه " (3/192) :

" هذا الحديث مع أنه رواه أهل السنن كأبي داود وابن ماجه والترمذي وغيرهم،

فهو مروي من طريقين مشهورين، فالقدح في أحدهما لا يقدح في الآخر ".

لكن هناك في كلامه قرينة تدل على أنه لم يرد الطريقين إلى النبي صلى الله عليه

وسلم كما هو المتبادر من الإطلاق، وإنما أراد طريقين إلى الراوي عن ابن عميرة

، يفهم هذا من التخريج السابق وقوله بعدما تقدم:

" فقال (يعني بعض المعارضين به) : أليس مداره على ابن عميرة، وقد قال

البخاري: لا يعرف له سماع من الأحنف، فقلت: قد رواه إمام الأئمة ابن خزيمة

في كتاب " التوحيد " الذي اشترط فيه أنه لا يحتج به إلا بما نقله العدل عن

العدل موصولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: والإثبات مقدم على النفي،

والبخاري إنما نفى معرفة سماعه من الأحنف، لم ينف معرفة الناس بهذا، فإذا

عرف غيره كإمام الأئمة ابن خزيمة ما ثبت به الإسناد، كانت معرفته وإثباته

مقدما على نفي غيره، وعدم معرفته ".

 

(3/401)

 

 

قلت: وفي هذا الجواب ما لا يخفى، ومثله إنما يفيد مع المقلد الذي لا علم

عنده بطرق إعلال الحديث والجرح والتعديل، أومن لم يقف على إسناده الذي به

يتمكن من نقده إن كان من أهله، أومن لم يطلع على كلام أهل النقد في بعض رجاله

، أما بعد أن عرف إسناد الحديث، وأنه تفرد به عبد الله بن عميرة، وتفرد

سماك بالرواية عنه، وقول الحربي فيه: لا أعرفه، وإشارة مسلم إلى جهالته،

وتصريح الذهبي بذلك كما سبق، فلا يفيد بعد الاطلاع على هذا أن ابن خزيمة

أخرجه، لا سيما وهو معروف عند أهل المعرفة بهذا الفن أنه متساهل في التصحيح،

على نحوتساهل تلميذه ابن حبان، الذي عرف عنه الإكثار من توثيق المجهولين ثم

التخريج لأحاديثهم في كتابه " الصحيح "! ولعله تأسى بشيخه في ذلك، غير أنه

أخطأ في ذلك أكثر منه.

وقد يكون من المفيد أن نذكر أمثلة أخرى من الأحاديث الضعيفة التي وردت في "

كتاب التوحيد " لابن خزيمة مع بيان علتها، ليكون القارىء على بينة مما ذكرنا

من تساهل ابن خزيمة رحمه الله تعالى.

الحديث الأول:

1248 - " إن الله تبارك وتعالى قرأ (طه) و (يس) قبل أن يخلق آدم بألفي عام، فلما

سمعت الملائكة القرآن قالوا: طوبى لأمة ينزل هذا عليهم، وطوبى لألسن تتكلم

بهذا، وطوبى لأجواف تحمل هذا "

منكر

أخرجه الدارمي (2/456) وابن خزيمة في " التوحيد " (109) وابن حبان في "

الضعفاء " (1/108) والواحدي في " الوسيط " (3/16/2) وابن عساكر في "

التاريخ " (5/308/2 و12/30/2) عن إبراهيم بن المهاجر بن مسمار قال: حدثنا

عمر بن حفص بن ذكوان عن مولى الحرقة (قال ابن خزيمة: وهو عبد الله بن يعقوب

ابن العلاء بن عبد الرحمن) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: وهذا متن موضوع كما قال ابن حبان، وإسناده ضعيف جدا، وله علتان:

الأولى: إبراهيم، قال الذهبي في " الميزان " وساق له هذا الحديث:

 

(3/402)

 

 

" قال البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ضعيف. وروى عثمان بن سعيد عن

يحيى: ليس به بأس. قلت: انفرد بهذا الحديث ".

قلت: وفي ترجمته أورده ابن حبان وقال:

" منكر الحديث جدا ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" ضعيف "!

والأخرى: شيخه عمر بن حفص بن ذكوان. أورده ابن أبي حاتم (3/1/102) ولم

يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ثم أورد بعده: " عمر بن حفص أبو حفص الأزدي

البصري.. سمعت أبي يقول.. هو منكر الحديث ".

قال الذهبي في " الميزان ":

" وهو عمر بن حفص بن ذكوان، قال أحمد: تركنا حديثه وحرقناه، وقال علي:

ليس بثقة. وقال النسائي: متروك.. ".

وقال الحافظ ابن كثير في " تفسيره " (3/141) بعد أن عزاه لابن خزيمة:

" هذا حديث غريب، وفيه نكارة، وإبراهيم بن مهاجر وشيخه تكلم فيهما ".

قلت: وأما عبد الله بن يعقوب بن العلاء بن عبد الرحمن، فلم أعرفه، والظاهر

أن في الأصل تحريفا، فإنه في " تفسير ابن كثير ":

" ... مولى الحرقة يعني عبد الرحمن بن يعقوب عن أبي هريرة ".

قلت: وهذا هو الصواب، فإن عبد الرحمن بن يعقوب، له رواية عن أبي هريرة.

وعنه عمر بن حفص بن ذكوان. وهو والد العلاء بن عبد الرحمن ".

الحديث الثاني مما في " التوحيد " لابن خزيمة من الأحاديث الضعيفة:

1249 - " يمكث رجل في النار فينادي ألف عام: يا حنان يا منان! فيقول الله تبارك

وتعالى: يا جبريل! أخرج عبدي فإنه بمكان كذا وكذا، فيأتي جبريل النار،

فإذا أهل النار منكبين على مناخرهم، فيقول: يا جبريل!

 

(3/403)

 

 

اذهب فإنه في مكان كذا

وكذا، فيخرجه، فإذا وقف بين يدي الله تبارك وتعالى، يقول الله تبارك

وتعالى: أي عبدي كيف رأيت مكانك؟ قال: شر مكان، وشر مقيل، فيقول الرب

سبحانه وتعالى: ردوا عبدي، فيقول: يا رب ما كان هذا رجائي، فيقول الرب

سبحانه وتعالى: أدخلوا عبدي الجنة ".

ضعيف جدا

أخرجه ابن خزيمة في " التوحيد " (ص 205 - 206) من طريق سلام بن مسكين قال:

حدثنا أبو ظلال القسملي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

فذكره.

قلت: وهذا إسناد واه جدا، أبو ظلال واسمه هلال بن ميمون، قال الذهبي:

" واه بمرة، قال ابن معين والنسائي: ضعيف. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه

لا يتابعه الثقات عليه. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال. وقال

البخاري: عنده مناكير ".

ومن ضعاف " المختارة " للضياء:

1250 - " إن أناسا من أمتي سيتفقهو ن في الدين، ويقرؤن القرىن، ويقولون: نأتي

الأمراء فنصيب من دنياهم، ونعتزلهم بديننا، ولا يكون ذلك، كما لا يجتنى

من القتاد إلا الشوك، كذلك لا يجتنى من قربهم إلا. قال محمد بن الصباح: كأنه

يعني الخطايا "

ضعيف

أخرجه ابن ماجه (255) من طريق يحيى بن عبد الرحمن الكندي عن عبيد الله بن أبي

بردة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم به.

قلت: وإسناده ضعيف من أجل عبيد الله هذا، وهو عبيد الله بن المغيرة بن أبي

بردة، قال الذهبي:

" تفرد عنه أبو شيبة يحيى بن عبد الرحمن الكندي ".

ومعنى هذا أنه مجهول، وكيف لا ولم يوثقه أحد حتى ابن حبان؟ ! نعم أخرجه

الضياء في " المختارة " (63/5/1) ومقتضاه أن يكون عبيد الله عنده ثقة كما

قال الحافظ

 

(3/404)

 

 

في " التهذيب ".

قلت: لكن الضياء متساهل في التخريج في الكتاب المذكور كما ثبت لنا بالتتبع (1)

، فإنه يروي للكثير من المجاهيل كهذا، ولذلك لم يعرج عليه الحافظ نفسه في "

التقريب "، فقال:

" مقبول ".

يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث. كما نص عليه في المقدمة.

نعم قال المنذري في " الترغيب " (3/151) :

" رواه ابن ماجه، ورواته ثقات ".

فهذا من أوهامه أوتساهله رحمه الله تعالى.

1251 - " كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك مصدق وأنت له كاذب ".

ضعيف

أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (393) وأبو داود (4971) وابن عدي في "

الكامل " (204/2) والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 151) والبيهقي (10/199

) وفي " الشعب " 0 2/49/1) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (5/341/2) من

طريق بقية بن الوليد عن ضبارة بن مالك الحضرمي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير

أن أباه حدثه أن سفيان بن أسيد الحضرمي حدثه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم

يقول: فذكره.

ثم ساقه ابن عدي من طريق محمد بن ضبارة بن مالك الحضرمي سمع أباه يحدث عن أبيه

عن عبد الرحمن بن جبير به. وقال:

" وهذا الحديث لا أعلمه يرويه غير بقية عن ضبارة ".

كذا قال، وهو عجب، فقد رواه محمد بن ضبارة أيضا عن أبيه ضبارة كما ساقه هو،

فهل نسي أم ماذا؟

وعلة هذا الإسناد إنما هي ضبارة هذا فإنه مجهول كما في " الميزان "،

__________

(1) وقد حققت من كتابه المذكور " مسند الخلفاء الراشدين "، يسر الله لي إخراجه للناس مطبوعا محققا كاملا، بفضله وكرمه. اهـ

 

(3/405)

 

 

و" التقريب "، وليست هي بقية بن الوليد كما أشار إلى ذلك في " فيض القدير "

نقلا عن المنذري، فإن بقية إنما يخشى منه التدليس، وقد صرح بالتحديث عند ابن

عدي والقضاعي وابن عساكر، فأمنا بذلك شر تدليسه، وقد تابعه محمد بن ضبارة

كما تقدم، ولكني لم أجد لمحمد هذا ترجمة.

ولا يقوي الحديث أن له شاهدا من حديث النواس بن سمعان مرفوعا به.

أخرجه الإمام أحمد (4/183) : حدثنا عمر بن هارون عن ثور بن يزيد عن شريح بن

جبير بن نفير الحضرمي عنه.

ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي أيضا وأبو نعيم في " المستخرج " (1/8/2) وفي

" الحلية " (6/99) وقال:

" غريب من حديث ثور، تفرد به عمر بن هارون البلخي ".

قلت: وهو متروك كما قال الحافظ في " التقريب ". فقول الحافظ العراقي فيما

نقله المناوي: " سنده جيد " ليس بجيد، كيف والبلخي هذا قد كذبه ابن معين

وغيره كما تقدم في الحديث (288) ؟ !

قلت: فلشدة ضعفه لا يصلح أن يستشهد بحديثه. والله الموفق.

1252 - " الصخرة صخرة بيت المقدس على نخلة، والنخلة على نهر من أنهار الجنة، وتحت

النخلة آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران ينظمان سموط أهل الجنة إلى يوم

القيامة ".

موضوع

رواه ابن عساكر (19/274/1) عن إبراهيم بن محمد: نا محمد بن مخلد: نا

إسماعيل بن عياش عن ثعلبة بن مسلم الخثعمي عن {شعوذ} بن عبد الرحمن عن خالد

بن معدان عن عبادة بن الصامت مرفوعا. وقال:

" رواه غيره عن خالد، فجعله من قول كعب وهو أشبه ".

ثم ساق إسناده بذلك.

والحديث ساقه الذهبي في ترجمة محمد بن مخلد الرعيني الحمصي وقال:

 

(3/406)

 

 

" رواه أبو بكر محمد بن أحمد الواسطي الخطيب في " فضائل بيت المقدس " بإسناد

مظلم إلى إبراهيم بن محمد عن محمد بن مخلد وهو كذب ظاهر ".

وقال في ترجمة محمد بن مخلد:

" حدث بالأباطيل من ذلك ... ".

ثم ساق له حديثين هذا أحدهما.

وقال ابن حجر في " اللسان ":

" قال ابن عدي: منكر الحديث عن كل من روى عنه (1) ، وقال الدارقطني في غرائب

مالك: متروك الحديث ".

ولقد شددت الرحل إلى بيت المقدس لأول مرة بتاريخ (23/5/1385 هـ) حين اتفقت

حكومتا الأردن وسوريا على السماح لرعاياهما بدخول أفراد كل منهما إلى الأقصى،

وزرت الصخرة للاطلاع فقط؛ فإنه لا فضيلة لها شرعا، خلافا لزعم الجماهير من

الناس ومشايعة الحكومات لها، ورأيت مكتوبا على بابها من الداخل حديثا فيه أن

الصخرة من الجنة، ولم يخطر في بالي آنئذ أن أسجله عندي لدراسته، وإن كان

يغلب على الظن أنه موضوع كهذا.

وأما حديث " العجوة والصخرة من الجنة ".

فهو ضعيف لاضطرابه كما بينته في " إرواء الغليل " رقم (2763) طبع المكتب

الإسلامي.

1253 - " أول ما خلق الله القلم، ثم خلق النون وهي الدواة، وذلك في قول الله:

" ن. والقلم وما يسطرون "، ثم قال له: اكتب، قال: وما أكتب؟ قال:

ما كان وما هو كائن من عمل أوأجل أوأثر، فجرى القلم بما هو كائن

__________

(1) الذي في ترجمة محمد بن مخلد من " كامل ابن عدي " (371/1) : " يحدث عن مالك وغيره بالبواطيل ". اهـ

 

(3/407)

 

 

إلى يوم القيامة، ثم ختم على في القلم فلم ينطق، ولا ينطق إلى يوم القيامة، ثم خلق

العقل فقال الجبار: ما خلقت خلقا أعجب إلي منك، وعزتي لأكملنك فيمن أحببت،

ولأنقصنك فيمن أبغضت، وأنقص الناس عقلا أطوعهم للشيطان وأعملهم بطاعته ".

باطل

رواه ابن عدي (313/1) وابن عساكر (16/48/2) عن محمد بن وهب الدمشقي:

حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا مالك بن أنس عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة

مرفوعا وقال:

" وهذا بهذا الإسناد باطل منكر ".

قال الذهبي:

" وصدق ابن عدي في أن الحديث باطل ".

قلت: وآفته محمد بن وهب هذا، وهو محمد بن وهب بن مسلم القرشي، قال ابن

عساكر:

" ذاهب الحديث ".

وهو غير محمد بن وهب بن عطية الذي أخرج له البخاري، وقد ترجم له ابن عساكر

أولا، ثم ترجم لابن مسلم هذا، وساق له هذا الحديث. فأصاب.

وأما ابن عدي فذكره في ترجمة الأول، ظنا منه أنه هو صاحب الحديث. قال الحافظ

في " التهذيب ":

" وليس كما ظن، وقد فرق بينهما أبو القاسم بن عساكر فأصاب ".

قلت: ويبدو أن الدارقطني أيضا توهم أنه هو، ففي " اللسان " أن الدارقطني

أورد الحديث في " الغرائب " وقال:

" هذا حديث غير محفوظ عن مالك ولا عن سمي، والوليد بن مسلم ثقة، ومحمد بن

وهب، ومن دونه ليس بهم بأس، وأخاف أن يكون دخل على بعضهم حديث في حديث ".

 

(3/408)

 

 

قلت: ومنشأ الوهم أن كلا من الرجلين دمشقي، وكلاهما يروي عن الوليد بن مسلم

، وعنهما الربيع بن سليمان الجيزي، ولم يقع في إسناد هذا الحديث منسوبا إلى

جده بل كما تقدم " محمد بن وهب الدمشقي "، فاشتبه الأمر على ابن عدي

والدارقطني والمعصوم من عصمه الله. على أنهما قد اتفقا على إنكار الحديث،

وذلك مما يدل اللبيب على دقة نقد المحدثين للمتون، فإنهما مع ظنهما أن راوي

الحديث هو محمد بن وهب بن عطية الثقة فقد أنكراه عليه، وحاول الدارقطني أن

يكتشف العلة بقوله: " وأخاف.. "، لكن الله تعالى ادخر معرفتها للحافظ ابن

عساكر، مصداقا للمثل السائر: كم ترك الأول للآخر!

وإذا عرفت هذا فقد أخطأ الإمام القرطبي خطأ فاحشا في عزوه هذا الحديث لرواية

الوليد بن مسلم فقال في " تفسيره " (18/223) :

" روى الوليد بن مسلم قال: حدثنا مالك.. " إلخ.

فإن جزمه بأن الوليد روى ذلك معناه أن من دون الوليد ثقات محتج بهم، وكذلك من

فوقه كما هو باد للعيان، فينتج من ذلك أن إسناد الحديث صحيح، ولا يخفى ما

فيه!

ويشبه صنيع القرطبي هذا، عزوالجويني لحديث " الاغتسال بالماء المشمس يورث

البرص ". وهو باطل كهذا (1) عزاه للإمام مالك، فأنكر العلماء ذلك عليه،

فقال الحافظ بان حجر في " التلخيص ":

" واشتد إنكار البيهقي على الشيخ أبي محمد الجويني في عزوه هذا الحديث لرواية

مالك! والعجب من ابن الصباغ كيف أورده في " الشامل " جازما به، فقال: " روى

مالك عن هشام ". وهذا القدر هو الذي أنكره البيهقي على الشيخ أبي محمد ".

ثم تذكرت أن الوليد بن مسلم وإن كان ثقة كما قال الدارقطني آنفا؛ لكنه كثير

التدليس والتسوية كما قال الحافظ في " التقريب "، وتدليس التسوية هو أن يسقط

من السند رجلا من فوق شيخه، كأن يكون مثلا بين مالك وسمي رجل فيسقطه، فهذا

الفعل يسمى تدليس التسوية عند المحدثين، والوليد معروف بذلك عندهم،

فالمحققون لا يحتجون

__________

(1) راجع الكلام عليه في كتابنا " إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل " رقم (18) . اهـ

 

(3/409)

 

 

بما رواه الوليد إلا إذا كان مسلسلا بالتحديث أوالسماع.

والله أعلم.

وعليه ففي الحديث علة أخرى وهي العنعنة.

وقد وجدت له شاهدا من رواية الحسن بن يحيى الخشني عن أبي عبد الله مولى بني

أمية عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا به، دون قوله:

" ثم قال صلى الله عليه وسلم: فأكملهم.. ".

أخرجه الواحدي في " تفسيره " (4/157/2) وابن عساكر في " تاريخه " (17/247/1

) ، ومن طريقه فقط ذكره الحافظ ابن كثير في " تفسيره " مجتزأ من إسناده على

قوله: " عن أبي عبد الله.. " مشيرا بذلك إلى أنه علة الحديث. وقد فتشت عنه

في كتب الرجال، فلم أجده، فهو مجهول غير معروف.

على أنه كان يحسن بالحافظ ابن كثير بل يجب عليه أن يبتدئ بإسناده من عند

الخشني الراوي عن هذا المجهول، لكي لا يتوهم الواقف عليه أنه لا علة فيه غير

المجهول المشار إليه، كيف والخشني هذا متروك متهم برواية الأحاديث الموضوعة

التي لا أصل لها! وقد سبق أحدها برقم (201) ، فراجعه والذي قبله.

نعم قد صح من الحديث طرفه الأول:

" إن أول شيء خلقه الله القلم، وأمره فكتب كل شيء ".

وهو مخرج في السلسلة الأخرى برقم (133) .

1254 - " لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض أحد لله فيه حاجة، وحتى توجد

المرأة نهارا جهارا تنكح وسط الطريق، لا ينكر ذلك أحد ولا يغيره، فيكون

أمثلهم يؤمئذ الذي يقول: لونحيتها عن الطريق قليلا، فذاك فيهم مثل أبي بكر

وعمر ".

ضعيف جدا

أخرجه الحاكم (4/495) من طريق القاسم بن الحكم العرني: حدثنا سليمان بن أبي

سليمان: حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن

النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره وقال:

 

(3/410)

 

 

" صحيح الإسناد ".

ورده الذهبي بقوله:

" قلت: بل سليمان هالك، والخبر شبه خرافة ".

قلت: وكأنه يعني ما في آخره من المبالغة في أنه مثل أبي بكر وعمر، وإلا

فسائر الحديث صحيح عن أبي هريرة وغيره، ولذلك أوردته في " الصحيحة " تحت رقم

(475) .

وفي الحديث علة أخرى وهي ضعف القاسم بن الحكم العرني قال في " التقريب ":

" صدوق فيه لين ".

1255 - " استفرهو اضحاياكم، فإنها مطاياكم على الصراط ".

ضعيف جدا

رواه الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (33/2) عن يحيى بن عبيد الله عن

أبيه قال: سمعت أبا هريرة يقول: فذكره مرفوعا.

قلت: وهذا سند ضعيف جدا، آفته يحيى؛ وهو ابن عبيد الله بن عبد الله بن

موهب المدني قال أحمد: ليس بثقة. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: ضعيف الحديث،

منكر الحديث جدا. وقال مسلم والنسائي: متروك الحديث.

وأما أبو هـ عبيد الله فمجهول، قال الشافعي وأحمد واللفظ له:

" لا يعرف ". وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " فقال:

" روى عنه ابنه يحيى، لا شيء. وأبو هـ ثقة، وإنما وقع المناكير في حديثه من

قبل ابنه يحيى ".

ثم رأيت الحافظ ابن حجر قال في " التلخيص " (4/138) :

" أخرجه صاحب " مسند الفردوس " من طريق يحيى بن عبيد الله بن موهب ... ويحيى

ضعيف جدا ".

وتقدم الحديث بلفظ: " عظموا ضحاياكم.. " وأنه لا أصل له. انظر رقم (74)

إن شئت.

 

(3/411)

 

 

1256 - " ثلاث من فعلهن ثقة بالله واحتسابا، كان حقا على الله أن يعينه وأن يبارك

له: من سعى في فكاك رقبة ثقة بالله واحتسابا كان حقا على الله أن يعينه وأن

يبارك له، ومن تزوج ثقة بالله واحتسابا كان حقا على الله أن يعينه وان

يبارك له، ومن أحيا أرضا ميتة ثقة بالله واحتسابا كان حقا على الله أن يعينه

وأن يبارك له ".

ضعيف

رواه ابن منده في " المنتخب من الفوائد " (265/2) والثقفي في " الفوائد "

المعروفة بـ " الثقفيات " (ج9 رقم 17) وكذا الضياء في " المنتقى من مسموعاته

بمرو" (119/1) والبيهقي (10/319) وكذا الطبراني في " الأوسط " (5050)

عن عمرو بن عاصم الكلابي: نا جدي: عبيد الله بن الوازع عن أيوب السختياني عن

أبي الزبير عن جابر مرفوعا.

ومن هذا الوجه رواه أبو القاسم الحامض في " حديثه كما في " المنتقى منه " (

3/10/1) ، وقال الطبراني كما في " مجمع البحرين " (166/2) :

" لم يروه عن أيوب إلا عبيد الله تفرد به عمرو ".

قلت: وهو صدوق في حفظه شيء كما في " التقريب " وقد أخرجه الشيخان.

وجده عبيد الله بن الوازع مجهول كما قال الحافظ في " التقريب "، وأشار إلى

ذلك الذهبي بقوله في ترجمته:

" ما علمت له راويا غير حفيده ".

قلت: وأبو الزبير مدلس معروف بالتدليس وقد عنعنه، فالعجب من الذهبي حيث قال

في " المهذب " كما في " فيض القدير ":

" إسناده صالح مع نكارته عن أيوب ".

 

(3/412)

 

 

1257 - " يا علي مثل الذي لا يتم صلاته كمثل حبلى حملت، فلما دنا نفاسها أسقطت، فلا هي ذات ولد، ولا هي ذات حمل. ومثل المصلي

 

(3/412)

 

 

كمثل التاجر لا يخلص له ربحه حتى

يخلص له رأس ماله، كذلك المصلي لا تقبل نافلته حتى يؤدي الفريضة ".

ضعيف

أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " (2/387) وأبو القاسم الأصبهاني في "

الترغيب " (ق 196/1) وأبو يعلى في " مسنده " (1/90) الشطر الأول منه من

طريق موسى بن عبيدة الربذي عن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي قال: قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. وقال البيهقي:

" موسى بن عبيدة لا يحتج به، قد اختلف عليه في إسناده، فرواه زيد بن الحباب

وأسباط بن محمد هكذا، ورواه سليمان بن بلال عن موسى بن عبيدة عن صالح بن

سويد عن علي مرفوعا، وهو إن صح.. ". ثم ساق إسناده إلى سليمان به.

وقد وصله ابن شاذان في " الفوائد " (1/119/2) وابن بشران في " الفوائد " (26/105/2) والرامهرمزي في " الأمثال " (70/1 - 2) .

وأعله الهيثمي (2/132) بالربذي هذا فقال:

" ضعيف "، وأشار المنذري (1/183) إلى تضعيفه. وزاد أبو يعلى في أوله:

" نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ وأنا راكع ".

وقد خالفه في إسنادها إبراهيم بن عبد الله بن حنين فقال عن أبيه أنه سمع علي

ابن أبي طالب يقول:

فذكرها دون حديث الترجمة، وجعله من سماع عبد الله بن حنين من علي دون ذكر

أبيه بينهما.

أخرجه مسلم (2/48 و49) وأحمد (1/114 و123 و136) وأبو يعلى (1/119 و121 و157 و175 و176) .

نعم قد ذكر مسلم خلافا آخر في إسناده على عبد الله بن حنين، لا يضر في هذه

القطعة من الحديث، لا سيما ولها طرق أخرى في " مسند " أحمد وأبي يعلى

وغيرهما.

وقد شاع الاستدلال بالشطر الأخير منه " المصلي لا تقبل نافلته حتى يؤدي الفريضة " على ما يفتي به كثير من المشايخ من كان مبتلى بترك الصلاة وإخراجها عن

 

(3/413)

 

 

وقتها عامدا بوجوب قضائها مكان السنن الراتبة فضلا عن غيرها، ويقولون: إن

الله عز وجل لا يقبل النافلة حتى تصلى الفريضة! وهذا الحديث مع ضعفه لا يدل

على ما ذهبوا إليه لوصح، إذ إن المقصود به فريضة الوقت مع نافلته، ففي هذه

الحالة لا تقبل النافلة حتى تؤدي الفريضة، فلوأنه صلاهما معا كفريضة الظهر

ونافلتها مثلا في الوقت مع إتيانه بسائر الشروط والأركان، كانت النافلة

مقبولة كالفريضة، ولوأنه كان قد ترك صلاة أوأكثر عمدا فيما مضى من الزمان.

فمثل هذه الصلاة لا مجال لتداركها وقضائها، لأنها إذا صليت في غير وقتها فهو

كمن صلاها قبل وقتها ولا فرق، ومن العجائب أن العلماء جميعا متفقون على أن

الوقت للصلاة شرط من شروط صحتها، ومع ذلك فقد وجد من قال في المقلدين يسوغ

بذلك القول بوجوب القضاء: المسلم مأمور بشيئين: الأول الصلاة، والآخر وقتها

، فإذا فاته هذا بقي عليه الصلاة! وهذا الكلام لو صح أولوكان يدري قائله ما

يعني لزم منه أن الوقت للصلاة ليس شرطا، وإنما هو فرض، وبمعنى آخر هو شرط

كمال، وليس شرط صحة، فهل يقول بهذا عالم؟ !

وجملة القول: أن القول بوجوب قضاء الصلاة على من فوتها عن وقتها عمدا مما لا

ينهض عليه دليل، ولذلك لم يقل به جماعة من المحققين مثل أبي محمد بن حزم

والعز بن السلام الشافعي وابن تيمية وابن القيم والشوكاني وغيرهم. ولابن

القيم رحمه الله تعالى بحث هام ممتع في رسالة " الصلاة " فليراجعها من شاء،

فإن فيها علما غزيرا، وتحقيقا بالغا لا تجده في موضع آخر.

وبديهي جدا أن النائم عن الصلاة أوالناسي لها لا يدخل في كلامنا السابق، بل

هو خاص بالمتعمد للترك، وأما النائم والناسي، فقد أوجد الشارع الحكيم لهما

مخرجا، فأمرهما بالصلاة عند الاستيقاظ أوالتذكر، فإن فعلا تقبل الله صلاتهما

وجعلها كفارة لما فاتهما، وإن تعمدا الترك لأدائها حين الاستيقاظ والتذكر

كانا آثمين كالمتعمد الذي سبق الكلام عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: " من

نسي صلاة أونام عنها فليصلها حين يذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك ". أخرجه

الشيخان من حديث أنس رضي الله عنه. فقوله: " لا كفارة لها إلا ذلك " أي إلا

صلاتها حين التذكر. فهو نص على أنه إذا لم يصلها حينذاك فلا

 

(3/414)

 

 

كفارة لها، فكيف

يكون لمن تعمد إخراجها عن وقتها المعتاد الذي يمتد أكثر من ساعة في أضيق

الصلوات وقتا، وهي صلاة المغرب، كيف يكون لهذا كفارة أن يصليها متى شاء وهو

آثم مجرم، ولا يكون ذلك للناسي والنائم وكلاهما غير آثم؟ !

فإن قال قائل: لا نقول إن صلاته إياها قضاء هي كفارة له، قلنا: فلماذا إذا

تأمرونه بالصلاة إن لم تكن كفارة له، ومن أين لكم هذا الأمر؟ فإن كان من

الله ورسوله فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، وإن قلتم: قياسا على النائم

والناسي. قلنا: هذا قياس باطل لأنه من باب قياس النقيض على نقيضه وهو من

أفسد قياس على وجه الأرض. وحديث أنس أوضح دليل على بطلانه إذ قد شرحنا آنفا

أنه دليل على أن الكفارة إنما هي صلاتها عند التذكر وأنه إذا لم يصلها حينئذ

فليست كفارة، فمن باب أولى ذاك المتعمد الذي لم يصلها في وقتها المعتاد وهو

ذاكر.

فتأمل هذا التحقيق فعسى أن لا تجده في غير هذا المكان على اختصاره، والله

المستعان وهو ولي التوفيق.

والذي ننصح به من كان قد ابتلى بالتهاون بالصلاة وإخراجها عن وقتها عامدا

متعمدا، إنما هو التوبة من ذلك إلى الله تعالى توبة نصوحا، وأن يلتزم

المحافظة على أداء الصلوات في أوقاتها ومع الجماعة في المسجد، فإنها من

الواجب، ويكثر مع ذلك من النوافل ولا سيما الرواتب لجبر النقص الذي يصيب

صلاة المرء كما وكيفا لقوله صلى الله عليه وسلم:

" أول ما يحاسب به العبد صلاته، فإن كان أكملها، وإلا قال الله عز وجل:

انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن وجد له تطوع، قال: أكملوا به الفريضة ".

أخرجه أبو داود والنسائي والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، وهو مخرج في "

صحيح أبي داود " رقم (810 - 812) .

1258 - " بارك في عسل " بنها " ".

منكر

أخرجه الدوري في " التاريخ والعلل " (رقم - 5273 - تحقيق الدكتور نور

 

(3/415)

 

 

سيف) قال: سمعت يحيى (ابن معين) يقول: يروي ليث عن ابن شهاب قال: فذكره مرفوعا.

قلت ليحيى: حدثك به عبد الله بن صالح؟ قال: نعم. قال يحيى: بنها: قرية من

قرى مصر.

قلت: وهذا مع كونه مرسلا أومعضلا، فإن عبد الله بن صالح وهو كاتب الليث

فيه كلام معروف.

1259 - " لن تزول قدما شاهد الزور حتى يوجب الله له النار ".

موضوع

أخرجه ابن ماجه (2373) والحاكم (4/98) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 354)

من طريق محمد بن الفرات عن محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعا. وقال الحاكم:

" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وأقره المنذري في " الترغيب " (3/166)

! وكل ذلك من إهمال التحقيق، والاستسلام للتقليد، وإلا فكيف يمكن للمحقق

أن يصحح مثل هذا الإسناد، ومحمد بن الفرات ضعيف بالاتفاق، بل هو واه جدا.

قال أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن عمار:

" كذاب ".

وقال البخاري:

" منكر الحديث، رماه أحمد بالكذب ".

وقال أبو داود:

" روى عن محارب أحاديث موضوعة منها عن ابن عمر في شاهد الزور ". كما في "

التهذيب ".

والذهبي نفسه أورده في " الميزان " من أجل هذه النصوص وساق له هذا الحديث.

وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 146/2) :

" هذا إسناد ضعيف، محمد بن الفرات أبو علي الكوفي متفق على ضعفه، وكذبه

الإمام أحمد. ورواه الحاكم وقال: " صحيح الإسناد " والطبراني في " الأوسط " وابن

 

(3/416)

 

 

عدي في " الكامل " وعنه البيهقي في " السنن الكبرى " وأبو يعلى

الموصلي من طريق محمد بن الفرات ".

والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن ماجه وحده، ورمز

له بالصحة، واغتر به مؤلف " التاج الجامع للأصول الخمسة " الشيخ منصور علي

ناصف فقال (4/67) :

" رواه ابن ماجه بسند صحيح "!

وأما المناوي فبيض له في " شرحيه "، ولم يتكلم عليه بشيء خلافا لعادته!

فاقتضى ذلك كله هذا البحث والتحقيق.

ثم إن الحديث ليس عند الطبراني في " الأوسط " من هذه الطريق كما يوهمه كلام

البوصيري، ولا بهذا اللفظ، بل هو عنده من طريق أخرى وبلفظ آخر وهو:

" إن الطير لتضرب بمناقيرها على الأرض، وتحرك أذنابها من هو ل يوم القيامة،

وما يتكلم شاهد الزور، ولا تفارق قدماه على الأرض حتى يقذف به إلى النار ".

1260 - " إن الطير لتضرب بمناقيرها على الأرض، وتحرك أذنابها من هو ل يوم القيامة،

وما يتكلم شاهد الزور، ولا تفارق قدماه على الأرض حتى يقذف به إلى النار ".

منكر

رواه الطبراني في " الأوسط " (7766) : حدثنا محمد بن إسحاق: حدثنا أبي:

حدثنا سعيد بن الصلت: حدثنا أبو الجهم القرشي: حدثنا عبد الملك بن عمير عن

محارب بن دثار: سمعت ابن عمر يقول: فذكره مرفوعا وقال:

" لم يروه عن عبد الملك إلا أبو الجهم، ولا عنه إلا سعيد ".

قلت: ولم أجد له ترجمة وكذا شيخه أبو الجهم القرشي وقد أشار لهذا الهيثمي

بقوله (4/200) :

" رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه من لم أعرفه ".

ثم رأيت العقيلي رواه في " الضعفاء " (453) وابن عساكر (16/135/2) من طريق

إسحاق بن إبراهيم، عن شاذان قال: حدثنا سعد بن الصلت قال: حدثنا هارون بن

الجهم أبو الجهم القرشي به، وقال العقيلي:

 

(3/417)

 

 

" هارون بن الجهم بن ثوير بن أبي فاختة يخالف في حديثه وليس بمشهور بالنقل "

قال: " وليس له من حديث عبد الملك بن عمير أصل، وإنما هذا حديث محمد بن

الفرات الكوفي عن محارب بن دثار عن ابن عمر، حدثناه الصائغ عن شبابة عن محمد

ابن الفرات ".

ولذا قال الذهبي في هذا الحديث:

" إنه منكر ". وأقره الحافظ.

1261 - " كان رجل في بني إسرائيل تاجرا، وكان ينقص مرة، ويزيد أخرى، قال: ما في

هذه التجارة خير، ألتمس تجارة هي خير من هذه، فبنى صومعة وترهب فيها، وكان

يقال له: جريج، فذكر نحوه ".

ضعيف

أخرجه أحمد (2/434) من طريق عمر (1) بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، علته عمر هذا، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" ضعفه ابن معين. وقال النسائي: ليس بالقوي ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" صدوق يخطىء ".

قلت: فقول الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/286) :

" رواه أحمد وإسناده جيد "؛ غير جيد، ولا سيما أن قصة جريج في " الصحيحين "

وغيرهما من طرق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا، وليس فيها هذا الذي رواه عمر هذا

، فقد تفرد هو به، فيكون منكرا من منكراته عن أبيه، فقد قال الذهبي في ترجمته:

" ولعمر عن أبي مناكير، وقد علق له البخاري قصة جريج والراعي فقال: وقال

عمر بن أبي سلمة عن أبيه ".

(تنبيه) : قوله في آخر حديث الترجمة: " فذكره نحوه " يعني حديث قصة جريج

المذكور قبل هذا في " المسند ". وهي المرونة في " الصحيحين " كما سبق آنفا.

__________

(1) الأصل (عمرو) وهو خطأ مطبعي. اهـ.

 

(3/418)

 

 

1262 - " لا يقرأ في الصبح بدون عشرين آية، ولا يقرأ في العشاء بدون عشر آيات ".

ضعيف

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (رقم - 4538) : حدثنا المقدام بن داود:

حدثنا أسد بن موسى: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير بن

عبد الله بن الأشج عن خلاد بن السائب عن رفاعة الأنصاري أن رسول الله

صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان:

الأولى: ابن لهيعة، واسمه عبد الله، وهو ضعيف لسوء حفظه واحتراق كتبه،

إلا من رواية العبادلة عنه كعبد الله بن وهب وغيره، وليس هذا منها.

والخرى: المقدام بن داود، قال النسائي:

" ليس بثقة ".

والحديث اقتصر الهيثمي في " المجمع " (2/119) على إعلاله بابن لهيعة وقال:

" اختلف في الاحتجاج به ".

والصواب أنه ليس بحجة إلا في رواية أحد العبادلة عنه كما ذكرنا مرارا.

 

(3/419)

 

 

1263 - " يا أيها الناس من ولي منكم عملا فحجب بابه عن ذي حاجة المسلمين حجبه الله أن

يلج باب الجنة، ومن كانت الدنيا نهمته حرم الله عليه جواري، فإني بعثت بخراب

الدنيا، ولم أبعث بعمارتها ".

ضعيف

رواه الطبراني في " الكبير ": حدثنا جبرون بن عيسى المغربي: حدثنا يحيى بن

سليمان الجعفري: حدثنا فضيل بن عياض عن سفيان الثوري عن عون بن أبي جحيفة عن

أبيه:

أن معاوية بن أبي سفيان ضرب على الناس بعثا، فخرجوا، فرجع أبو الدحداح،

فقال له معاوية: ألم تكن خرجت مع الناس؟ قال: بلى، ولكني سمعت من

رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فأحببت أن أضعه عندك مخافة ألا تلقاني،

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.

 

(3/419)

 

 

قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير جبرون، قال ابن

ماكولا في " الإكمال " (3/208) : " توفي سنة أربع وتسعين ومائتين ".

والجعفري، أورده السمعاني في مادة (الجفري) بضم الجيم وسكون الفاء، وهي

بناحية البصرة، ثم ساق جماعة ينسبون إليها، ثم قال:

" وأبو زكريا يحيى بن سليمان الإفريقي المعروف بالجفري نسبه في قريش، وظني

أنه موضع بإفريقية، والله أعلم، حدث، وآخر من حدث عنه جبرون بن عيسى بن

يزيد، توفي سنة 237 ".

وأما الذهبي فأورده في " المشتبه ": " الحفري " بحاء مضمومة وقال:

" عن فضيل بن عياض وعباد بن عبد الصمد، وعنه جبرون بن عيسى ".

وكذلك وقع في نسخة مخطوطة جيدة من " الميزان " (الحفري) بالمهملة المضمومة

وقال: " ما علمت به بأسا "، ووقع في " الميزان " المطبوع في مصر سنة (1325) " الجفري " بالجيم، وهو تصحيف لمخالفته المخطوطة و" المشتبه "، وإن كان

هو الموافق للصواب، فقد ذكر الحافظ ابن ناصر الدين في " التوضيح " (1/142/2)

أن الذهبي تبع ابن ماكولا والفرضي في ضبطه بضم الحاء المهملة. ثم قال:

" وقد وجدته في " تاريخ ابن يونس " بخط الحافظ أبي القاسم بن عساكر وسماعه

على الحافظ أبي بكر بن أبي نصر اللفتواني الأصبهاني وعليه خطه، وجدته (

الجفري) بالجيم منقوطة مضمومة وكذلك وجدته في " المستخرج " لأبي القاسم بن

منده، وهو الأشبه بالصواب، ولعله منسوب إلى " جفرة عتيب " اسم قبيلة في

بلاد المغرب ".

ثم ذكر الحافظ ابن ناصر الدين أن يحيى بن سليمان هذا روى عنه أيضا ابنه

عبد الله بن يحيى، ولم يذكر فيه تجريحا ولا تعديلا، فالرجل عندي مستور وإن

قال فيه الذهبي: " ما علمت به بأسا " كما سبق، ولعل ابن حبان أورده في "

كتاب الثقات "، فقد رأيت المنذري يشير إلى توثيقه، فقد قال في " الترغيب " (3/142) عقب هذا الحديث:

" رواه الطبراني، ورواته ثقات، إلا شيخه جبرون بن عيسى فإني لم أقف فيه على

جرح ولا تعديل ".

وأما الهيثمي فقال في " المجمع " (5/211) :

 

(3/420)

 

 

" رواه الطبراني عن شيخه جبرون بن عيسى عن يحيى بن سليمان الجفري ولم أعرفهما

، وبقية رجاله رحال الصحيح ".

فهذا يشعر أنه لم يره في " ثقات ابن حبان ". فالله أعلم.

قلت: ولعل سبب هذا الاختلاف، إنما هو اختلاف وجهة نظرهما في الذي ترجم له

ابن حبان في " الثقات " هل هو هذا أم غيره؟ وقد وجدت في " أتباع التابعين "

منه المجلد التاسع ترجمتين، أحدهما: يحيى بن سلام الإفريقي المصري (ص 261)

، والأخرى يحيى بن سليمان الجعفي (ص 263) ، وهذا مترجم في " التهذيب "،

وليس بظاهر أن أحدهما هو (الجفري) . فالله أعلم.

ثم رأيت الحافظ ابن حجر أورد الحديث في ترجمة أبي الدحداح من " الإصابة " من

رواية أبي نعيم أيضا، ثم قال:

" ولا يصح، جبرون واهي الحديث ".

1264 - " إذا رأيت أمتي تهاب الظالم أن تقول له: إنك ظالم، فقد تودع منهم ".

ضعيف

أخرجه الحاكم (4/96) وأحمد (2/163 و189 - 190) وأبو بكر الشافعي في "

الفوائد " (6/65/2) وابن عدي في " الكامل " (ق 185/2 و187/2) من طريق

الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عبد الله بن عمرو مرفوعا. وقال الحاكم:

" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وذهلا عن كونه منقطعا، وبه أعله

البيهقي، فقال المناوي في " الفيض " متعقبا عليهما:

" لكن تعقبه البيهقي نفسه بأنه منقطع حيث قال: محمد بن مسلم هو أبو الزبير

المكي، ولم يسمع من ابن عمرو ".

قلت: وبه أعله ابن عدي كما يأتي، فقد أخرجه آنفا من طريق سنان بن هارون عن

الحسن بن عمرو به إلا أنه قال: عن جابر. بدل " عن ابن عمرو " وقال:

" وهذا رواه جماعة عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عبد الله بن عمرو.

 

(3/421)

 

 

وأبو الزبير عن عبد الله بن عمرو يكون مرسلا، وقد رواه أبو شهاب عبد ربه بن

نافع الحناط عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن

عمرو. وهذا أيضا مرسل لأن عمرا لم يلق عبد الله بن عمرو. فأما الإسناد الآخر

الذي رواه سنان بن هارون عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن جابر.. فلا نعرفه

إلا من حديث سنان، وأبو الزبير لا يروي هذا عن جابر، وإنما يرويه عن

عبد الله بن عمرو، ولسنان بن هارون أحاديث، وليست بالمنكرة عامتها، وأرجو

أنه لا بأس به ".

قلت: وقد أشار إلى أن بعض أحاديثه منكرة، وهذا منها عنده أيضا فقد قال في

المكان الأول الذي سبقت الإشارة إليه:

" هكذا يروى عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عبد الله بن عمرو، ومن قال:

عن جابر فقد أغرب ".

والحديث ذكره الهيثمي في " المجمع " (7/262) من رواية ابن عمرو ثم قال:

" رواه أحمد والبزار بإسنادين، ورجال أحد إسنادي البزار رجال الصحيح،

وكذلك رجال أحمد ".

وعزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للطبراني في " الأوسط " من حديث جابر.

وقال المناوي في " فيض القدير ":

" وفيه سيف بن هارون ضعفه النسائي والدارقطني ".

قلت: كذا وقع في " الفيض " " سيف "، ولا أدري أهكذا وقعت الرواية عند

الطبراني أم هو تحريف من بعض النساخ، فإن سيفا هذا على ضعفه قد رواه عن الحسن

ابن عمرو عن أبي الزبير عن ابن عمرو كما رواه الجماعة عن الحسن، أخرجه ابن عدي

، وإنما رواه عن الحسن عن أبي الزبير عن جابر أخوه سنان بن هارون، ولا يعرف

إلا من حديث سنان كما قال ابن عدي؛ كما تقدم. فالله تعالى أعلم.

ثم تبينت بعد الرجوع إلى " أوسط الطبراني " (7989) أنه تحرف، وأن الصواب ما

تقدم " سنان "، وقال الطبراني:

" لم يروه عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير إلا سنان ".

 

(3/422)

 

 

1265 - " من رأى من مسلم عورة فسترها، كان كمن أحيا موؤدة من قبرها ".

ضعيف

أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (758) وأبو داود (4891) والطيالسي في

" المسند " (1005) وابن شاهين في " جزء من حديثه " (ق 205/2 - محمودية)

والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 42/1) من طريق عبد الله بن المبارك: حدثنا

إبراهيم بن نشيط عن كعب بن علقمة عن أبي الهيثم قال:

" جاء قوم إلى عقبة بن عامر فقالوا: إن لنا جيرانا يشربون ويفعلون،

أفنرفعهم إلى الإمام؟ قال: لا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:..

" فذكره. والسياق للبخاري.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير أبي الهيثم وهو المصري مولى عقبة بن عامر

الجهني واسمه كثير، قال الذهبي:

" لا يعرف ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" مقبول ". يعني عند المتابعة وإلا فلين الحديث.

وتابع ابن المبارك عبد الله بن وهب: أخبرني إبراهيم بن نشيط به إلا أنه لم

يذكر فيه " عقبة بن عامر " فلا أدري أسقط ذلك من الناسخ أم هكذا وقعت الرواية عنده؟ (1)

أخرجه الحاكم (4/384) وقال:

" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي! وقد علمت أن كثيرا هذا مجهول بشهادة

الذهبي نفسه! وقال ابن شاهين:

" حديث غريب من حديث إبراهيم بن نشيط ".

قلت: هو ثقة، ولم يتفرد به كما يأتي، وإنما علة الحديث أبو الهيثم كثير

هذا. وقد اضطرب فيه على كعب بن علقمة، فقال ابن المبارك وابن وهب: عن ابن

نشيط عنه هكذا. وقال ليث بن سعد: عن إبراهيم بن نشيط الخولاني عن كعب بن

علقمة عن أبي الهيثم عن دخين كاتب عقبة قال:

__________

(1) انظر التعليق على " بغية الحازم " ترجمة كثير هذا. اهـ

 

(3/423)

 

 

" قلت لعلقمة: إن لنا جيرانا يشربون الخمر، وأنا داع لهم الشرط فيأخذونهم،

فقال: لا تفعل، ولكن عظهم وتهددهم، قال: ففعل، فلم ينتهو ا، قال: فجاء

دخين فقال: إني نهيتهم فلم ينتهو ا، وأنا داع لهم الشرط، فقال عقبة: ويحك

لا تفعل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:.. " فذكره.

أخرجه أبو داود (4892) وأحمد (4/153) والخلال في " الأمر بالمعروف

والنهي عن المنكر " (ق 7 - 8) ، لكن سقط منه أومن خطي الذي نقلت عنه حرف "

عن " بين أبي الهيثم ودخين، فصار هكذا " عن أبي الهيثم دخين " وكذلك وقع في

" الترغيب " (3/175) لكن على التقديم والتأخير " دخين أبي الهيثم " وعزاه

لأبي داود والنسائي وابن حبان والحاكم، ثم قال:

" رجال أسانيدهم ثقات، لكن اختلف فيه على إبراهيم بن نشيط اختلافا كثيرا ذكرت

بعضه في مختصر (السنن) ".

قلت: فالظاهر أن ما في " الأمر بالمعروف " وجه من وجوه الاختلاف الذي أشار

إليه المنذري، وكتاب ابن حبان قد رتبه الهيثمي مقتصرا على زوائده على

الصحيحين، ومن المفروض أن يكون الحديث فيه، لكن لا تطوله الآن يدي. وأما

النسائي فإنما أخرجه في " الكبرى " له وهي غير مطبوعة، وفي المكتبة الظاهرية

أجزاء قليلة منها.

ثم رأيت الحديث في " زوائد ابن حبان " (1492) من طريق الليث فإذا هو مثل ما

جاء في " الترغيب ".

ومما يرجح الرواية الأولى التي لم يذكر فيها " دخين " اتفاق ابن المبارك وابن

وهب عليها عن إبراهيم بن نشيط، وأن ابن لهيعة قد تابع إبراهيم عليها، فقال:

حدثنا كعب بن علقمة عن مولى لعقبة بن عامر يقال له: أبو كثير قال: لقيت عقبة

ابن عامر، فأخبرته أن لنا جيرانا يشربون الخمر.. الحديث.

كذا قال، وهو من أوهام ابن لهيعة، والصواب كثير كما تقدم.

أخرجه أحمد (4/147 و158) .

وعلى كل حال فمدار الحديث على كثير وهو مجهول، فهو علة الحديث كما سبق.

ورواه إسحاق بن سعيد الأركون القرشي: نا سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن

 

(3/424)

 

 

إسماعيل بن عبيد الله - وكان ثبتا - عمن حدثه عن عقبة بن عامر الجهني وجابر

ابن عبد الله مرفوعا به نحوه.

أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (2/426/1) .

قلت: وهذا إسناد واه، فإنه مع احتمال أن يكون شيخ إسماعيل الذي لم يسم هو

أبا الهيثم نفسه، ففي الطريق إليه ابن سعيد الأركون، قال أبو حاتم:

" ليس بثقة ".

وقال الدارقطني:

" منكر الحديث ".

وله طريقان آخران عن جابر:

الأولى: عن أبي معشر عن محمد بن المنكدر عنه مرفوعا.

أخرجه أبو سهل القطان في " الفوائد المنتقاة " (ق 97/1) .

قلت: وأبو معشر اسمه نجيح وهو ضعيف من قبل حفظه.

والأخرى: عن طلحة عن الوضين بن عطاء عن بلال بن سعد عنه.

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5/233 - 234) وابن عساكر (14/364/2) وقال

أبو نعيم:

" تفرد به طلحة ".

قلت: وهو ابن زيد الرقي قال أحمد وأبو داود:

" يضع الحديث ".

وضعفه آخرون.

وبالجملة، فليس في هذه الطرق ما يمكن الاطمئنان إليه في تقوية الحديث. والله

أعلم.

وفي معناه حديث " من ستر على مسلم عورة فكأنما أحيا ميتا ". طب والضياء عن

شهاب. كذا في " الجامع الصغير "، وقال الهيثمي (6/247) بعد أن عزاه

للطبراني من طريق مسلم بن أبي الذيال عن أبي سنان المدني:

" لم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات ". والله أعلم.

 

(3/425)

 

 

ثم رأيت الحافظ ذكره في ترجمة (شهاب) غير منسوب من " الإصابة ".

" وقال أبو عمر: هو أنصاري. روى الطبراني من طريق مسلم عن أبي الذيال عن أبي

سفيان سمع جابر بن عبد الله يحدث عن شهاب رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه

وسلم كان ينزل مصر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من ستر على مؤمن

عورة، فكأنما أحيا ميتا ". وروى ابن منده من طريق حفص الراسبي قال: قال

جابر بن عبد الله لرجل يقال له: شهاب: أما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم

يقول: فذكر نحوه؟ قال: فقال: نعم. فقال له جابر: أبشر فإن هذا حديث لم

يسمعه غيري وغيرك. وزعم ابن منده أن حفصا هذا هو أبو سنان. قلت: وفيه نظر

، فقد أخرجه الحسن بن سفيان من طريق أبي همام الراسبي - وكان صدوقا - حدثنا

حفص أبو النضر عن جابر به وأتم منه ".

قلت: ولم أعرف حفصا هذا. وكذلك مسلم عن أبي الذيال لم أعرفهما. ولا يبعد

أن يكون الأصل " مسلم بن أبي الذيال " ومع ذلك لم أعرفه.

ثم وقفت على إسناده عند الطبراني في " المعجم الكبير "، وقد طبع منه في بغداد

إلى حرف (الظاء) من أسماء الصحابة، فإذا به يقول: (7/374/7231) : حدثنا

محمد بن معاذ الحلبي: حدثنا القعنبي: حدثنا معتمر بن سليمان عن سلم بن أبي

الذيال عن أبي سنان رجل من أهل المدينة سمع جابر بن عبد الله يحدث عن شهاب رجل

من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل مصر أنه سمع رسول الله

صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.

قلت: وهذا يبين أن ما في " الإصابة " محرف في ثلاثة مواطن، وأن صواب

الإسناد: " سلم بن أبي الذيال عن أبي سنان ". وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات

معروفون كلهم من رجال مسلم من القعنبي فصاعدا غير أبي سنان هذا، وفي الرواة

من يكنى بأبي سنان من رجال " التهذيب " و" اللسان " جماعة ليس فيهم مدني سوى

يزيد بن أمية أبو سنان الدؤلي المدني، روى عن علي وابن عباس وأبي واقد

الليثي، وهو ثقة، فإن يكن هو، فالسند صحيح إلا محمد بن معاذ الحلبي، فإني

لم أجد له ترجمة، لكنه من شيوخ الطبراني الذين يكثر عنهم، فقد روى له في "

المعجم الأوسط " (1/128/1 - 129/2) نحوعشرين حديثا عن شيوخ له عدة، أحدها

في " المعجم الصغير " برقم (842 - الروض النضير) . والله أعلم.

 

(3/426)

 

 

1266 - " من علق تميمة فلا أتم الله له، ومن علق ودعة فلا ودع الله له ".

ضعيف

أخرجه الحاكم (4/216 و417) وعبد الله بن وهب في " الجامع " (111) من

طريق حيوة بن شريح قال: حدثنا خالد بن عبيد المعافري أنه سمع أبا مصعب مشرح بن

هاعان المعافري أنه سمع عقبة بن عامر الجهني يقول: سمعت رسول الله

صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال الحاكم:

" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!

كذا قالا! وخالد بن عبيد المعافري أورده ابن أبي حاتم في كتابه (1/342) من

رواية حيوة هذا عنه ليس إلا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. والظاهر أنه

لا يعرف إلا في هذا الحديث، فقد قال الحافظ في " التعجيل ":

" وثقه ابن حبان. قلت: ورجال حديثه موثقون ".

كأنه يعني حديثه هذا. ويشير بقوله: " موثقون " إلى أن في بعض رواته كلاما،

وهو مشرح بن هاعان، فقد أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" تكلم فيه ابن حبان ".

قلت: لكن وثقه ابن معين، وقال عثمان الدارمي: " صدوق ".

وقال ابن عدي في " الكامل " (403/1) :

" أرجوأنه لا بأس به ".

قلت: فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى، وإنما علة هذا الحديث جهالة خالد بن

عبيد هذا.

وقد صح الحديث عن عقبة بن عامر بإسناد آخر بلفظ:

" من علق تميمة فقد أشرك ".

وهو في الكتاب الآخر برقم (488) .

والحديث قال المنذري (4/157) :

" رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد جيد والحاكم وقال: صحيح الإسناد "!

 

(3/427)

 

 

1267 - " من كتم شهادة إذا دعي كان كمن شهد بالزور ".

ضعيف

رواه الطبراني في " الأوسط " (رقم - 4335) عن عبد الله بن صالح: حدثني

معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن أبي بردة عن أبيه مرفوعا

وقال:

" لم يروه عن العلاء إلا معاوية ولا عنه إلا عبد الله ".

قلت: وهو ضعيف. أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" كاتب الليث، قال أحمد: كان متماسكا ثم فسد، وأما ابن معين، فكان حسن

الرأي فيه، وقال أبو حاتم: أرى أن الأحاديث التي أنكرت عليه مما افتعل خالد

بن نجيح وكان يصحبه، ولم يكن أبو صالح ممن يكذب، كان رجلا صالحا، وقال

النسائي: ليس بثقة ".

وأما قول المنذري في " الترغيب " (2/167) :

" حديث غريب، رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط " من رواية عبد الله بن

صالح كاتب الليث، وقد احتج به البخاري ".

فليس بجيد، فلم يحتج به البخاري، وغنما روى له تعليقا، كما رمز له في "

الخلاصة " وغيرها مثل " التقريب " للحافظ ابن حجر وقال:

" صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة ".

والعلاء بن الحارث صدوق، لكنه كان قد اختلط.

والحديث قال الهيثمي (4/200) :

" رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، وفيه عبد الله بن صالح وثقه

عبد الملك بن شعيب بن الليث، فقال: ثقة مأمون، وضعفه جماعة ".

 

(3/428)

 

 

1268 - " إن أناسا من أهل الجنة يتطلعون إلى أناس من أهل النار، فيقولون: بم دخلتم النار؟ فوالله ما دخلنا الجنة إلا بما تعلمنا منكم؟ فيقولون: إنا كنا نقول ولا نفعل ".

 

(3/428)

 

 

ضعيف جدا.

رواه الطبراني في " الأوسط " (رقم 97) وعنه ابن عساكر (17/434/2) عن زهير

ابن عباد الرواسي: حدثنا أبو بكر الداهري بن عبد الله بن حكيم عن إسماعيل بن

أبي خالد عن الشعبي عن الوليد بن عقبة مرفوعا. وقال الطبراني:

" لم يروه عن إسماعيل بن أبي خالد إلا أبو بكر الداهري ".

قلت: وهو متروك، وقال الهيثمي (7/276) :

" رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه أبو بكر الداهري وهو ضعيف جدا ".

وأشار المنذري في " الترغيب " (3/174) إلى تضعيفه.

1269 - " من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه من يهودي أونصراني أوممن يتخذه خمرا،

فقد تقحم النار على بصيرة ".

باطل

رواه ابن حبان في " الضعفاء " (1/236) والطبراني في " الأوسط " (5488)

والسهمي (299) عن عبد الكريم بن عبد الكريم عن الحسن بن مسلم عن الحسين بن

واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعا. وقال الطبراني:

" لا يروى عن بريدة إلا بهذا الإسناد ".

قلت: وهو ضعيف جدا، وآفته الحسن بن مسلم وهو المروزي التاجر، قال ابن

حبان:

" لا أصل لهذا الحديث من حديث الحسين بن واقد، فينبغي أن يعدل بالحسن عن سنن

العدول لروايته هذا الحديث منكر ".

وقال الذهبي:

" أتى بخبر موضوع في الخمر. قال أبو حاتم: حديثه يدل على الكذب ".

قلت: فذكر الحديث هو وابن الجوزي في " التحقيق " (3/22) من طريق ابن حبان

وأقره.

ولقد أخطأ الحافظ ابن حجر في هذا الحديث خطأ فاحشا فسكت عليه في " التلخيص " (239) ، وقال في " بلوغ المرام " (169/37) :

 

(3/429)

 

 

رواه الطبراني في " الأوسط " بإسناد حسن "!

وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (1/389/1165) :

" سألت أبي عن هذا الحديث فقال: حديث كذب باطل، قلت: تعرف عبد الكريم هذا؟

قال: لا، قلت: فتعرف الحسن بن مسلم، قال: لا، ولكن تدل على روايته (

الأصل: روايتهم) على الكذب ".

وعبد الكريم هذا مترجم في " تاريخ جرجان " وفي " اللسان " وذكرت كلامهما في

" تخريج أحاديث الحلال والحرام " (ص 56) .

1270 - " الطابع معلق بقائمة عرش الرحمن، فإن انتهكت الحرمة، وعمل بالمعاصي،

واجترىء على الدين، بعث الله الطابع، فيطبع على قلوبهم، فلا يعقلون بعد ذلك

شيئا ".

موضوع

رواه ابن حبان في " الضعفاء " (1/332) وابن عدي في " الكامل " (ق 160/2)

وكذا البزار (4/103/3298) والبيهقي في " الشعب " (2/377/2) والديلمي (

2/265) عن سليمان بن مسلم: حدثنا سليمان بن مسلم: حدثنا سليمان التيمي عن

نافع عن ابن عمر مرفوعا. وقال ابن عدي:

" حديث منكر جدا، وسليمان بن مسلم الخشاب قليل الحديث وشبه المجهول، ولم

أر للمتقدمين فيه كلاما ".

وقال البزار:

" لا نعلم رواه عن سليمان التيمي إلا سليمان بن مسلم ".

قلت: قال البيهقي عقبه:

" تفرد به الخشاب وليس بالقوي ".

وقال ابن حبان:

" لا تحل الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار للخواص ".

وذكره الذهبي في " الميزان "، وساق له حديثين هذا أحدهما، وقال:

 

(3/430)

 

 

" هما موضوعان في نقدي ".

وأقره الحافظ في " اللسان ".

وأشار الحافظ المنذري في " الترغيب " (3/178) إلى تضعيفه وقال:

" رواه البزار والبيهقي ".

1271 - " الطهارات أربع: قص الشارب، وحلق العانة، وتقليم الأظفار والسواك ".

ضعيف

رواه أبو سعيد الأشج في " حديثه " (214/2) والبزار (2/370/4967) عن معاوية

بن يحيى عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عن أبي الدرداء مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، معاوية بن يحيى وهو الصدفي، قال الحافظ:

" ضعيف ".

وكذا قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (5/168) ونسبه أيضا للطبراني في "

الكبير "، وتبعه المناوي في " شرحيه ".

 

(3/431)

 

 

1272 - " إذا ظلم أهل الذمة كانت الدولة دولة العدو، وإذا كثر الزنا كثر السبا،

وإذا كثر اللوطية رفع الله يده عن الخلق فلا يبالي في أي واد هلكوا ".

ضعيف جدا

رواه الطبراني في " الكبير " (1752) عن نعيم بن حماد قال: حدثنا عبد الخالق

ابن زيد بن واقد عن أبيه، قال: سمعت بسر بن عبيد الله يذكر عن جابر بن

عبد الله مرفوعا.

قلت: وهذا سند ضعيف جدا عبد الخالق هذا قال النسائي:

" ليس بثقة ".

وقال البخاري:

" منكر الحديث ". وهذا معناه عنده أنه في منتهى الضعف كما هو مشروح في

 

(3/431)

 

 

" المصطلح "، فقول المنذري في " الترغيب " (3/198) :

" ضعيف ولم يترك "؛ ليس بصواب.

ثم إن الراوي عنه نعيم بن حماد ضعيف أيضا.

1273 - " شمي عوارضها، وانظري إلى عرقوبيها ".

منكر

أخرجه الحاكم (2/166) وعنه البيهقي (7/87) من طريق هشام بن علي: حدثنا

موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه.

" أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوج امرأة، فبعث امرأة لتنظر إليها

فقال: (فذكره) . قال: فجاءت إليهم فقالوا: ألا نغديك يا أم فلان! فقالت:

لا آكل إلا من طعام جاءت به فلانة، قال: فصعدت في رف لهم فنظرت إلى عرقوبيها

ثم قالت: أفليني يا بنية! قال: فجعلت تفليها، وهي تشم عوارضها، قال:

فجاءت فأخبرت ". وقال الحاكم:

" صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي!

وغمز من صحته البيهقي فقال عقبه:

" كذا رواه شيخنا في " المستدرك "، ورواه أبو داود السجستاني في " المراسيل "

عن موسى بن إسماعيل مرسلا مختصرا دون ذكر أنس. ورواه أيضا أبو النعمان عن

حماد مرسلا. ورواه محمد بن كثير الصنعاني عن حماد موصولا. ورواه عمارة بن

زاذان عن ثابت عن أنس موصولا ".

قلت: وعلة إسناد الحاكم هشام بن علي وهو شيخ شيخه علي بن حمشاذ العدل ولم

أجد له ترجمة في شيء من المصادر التي عندي. وقد خالفه أبو داود، فقال في "

المراسيل " (ق 11/2) : حدثنا موسى بن إسماعيل: نا حماد بن سلمة عن ثابت

مرسلا. فالصواب المرسل.

ويؤيده رواية أبي النعمان عن حماد مرسلا. وأبو النعمان هو محمد بن الفضل

عارم السدوسي، وهو ثقة ثبت تغير في آخر عمره واحتج به الشيخان. وأما محمد

ابن كثير الصنعاني الذي رواه عن حماد موصولا فهو ضعيف، قال الحافظ:

" صدوق كثير الغلط ".

 

(3/432)

 

 

قلت: فمخالفة هذا وهشام بن علي لأبي داود وأبي النعمان، مما يجعل روايتهما

شاذة بل منكرة. ولا تتأيد برواية عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس التي علقها

البيهقي ووصلها أحمد (3/231) ، لأن عمارة هذا ضعيف أيضا. قال الحافظ:

" صدوق كثير الخطأ ".

ولذلك قال في " التلخيص " (3/147) بعد أن عزاه لمن ذكرنا وزاد الطبراني (1) :

" واستنكره أحمد، والمشهور فيه طريق عمارة عن ثابت عنه ".

ثم ذكر طريق الحاكم الموصولة وقال:

" وتعقبه البيهقي بأن ذكر أنس فيه وهم ".

والخلاصة أن الحديث مرسل فهو ضعيف، لا سيما مع استنكار أحمد إياه. والله أعلم.

(تنبيه) أورد الشيخ محمد الحامد في كتابه " ردود على أباطيل " (ص 44) ونقل

تخريجه عن تلخيص الحافظ دون أن يشير إلى ذلك، وحذف منه إعلاله للحديث

واستنكار أحمد إياه! ! أورده تحت عنوان " ما يباح النظر إليه من الخاطب إلى

مخطوبته "، واستدل به على جواز إرسال امرأة إلى المخطوبة لتراها، ثم تصفها

للخاطب. وأن القول بجواز النظر من الخاطب إلى غير الوجه والكفين من المخطوبة

باطل. ولم يتعرض لذكر الأحاديث المؤيدة لهذا القول الذي أبطله بدون حجة شرعية

سوى التأييد لمذهبه. وقد رددت عليه في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (95 - 99

) ، وخرجت فيها أربعة أحاديث فيها أمره صلى الله عليه وسلم للرجل أن ينظر إلى

من يريد خطبتها، وفي بعضها: " أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها " وأن بعض

رواته من الصحابة كان يتخبأ ليرى منها ما يدعوه إلى تزوجها، فراجعها تزدد علما وفقها.

(تنبيه) : كنت ذكرت في المصدر المذكور (1/156) نقلا عن " تلخيص الحبير "

لابن حجر العسقلاني (ص 291 - 292) من الطبعة الهندية رواية عبد الرزاق وسعيد بن

__________

(1) قلت: لم يعزه الهيثمي (4/276) إلا لأحمد والبزار، وقد راجعت له " المعاجم الثلاثة " للطبراني فلم أره في شيء منها. فالله أعلم. اهـ.

 

(3/433)

 

 

منصور وابن أبي عمر (الأصل: أبي عمرو وهو خطأ) عن سفيان عن عمرو بن

دينار عن محمد بن علي بن الحنفية أن عمر خطب إلى علي ابنته أم كلثوم.. القصة،

وفيها أن عمر رضي الله عنه كشف عن ساقيها.

وقد اعتبرتها يؤمئذ صحيحة الإسناد، اعتمادا مني على ابن حجر - وهو الحافظ

الثقة - وقد أفاد أن راويها هو ابن الحنفية، وهو أخوأم كلثوم، وأدرك عمر

ودخل عليه، فلما طبع " مصنف عبد الرزاق " بتحقيق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي،

ووقفت على إسنادها فيه (10/10352) تبين لي أن في السند إرسالا وانقطاعا،

وأن قوله في " التلخيص ": ".. ابن الحنفية " خطأ لا أدري سببه، فإنه في "

المصنف ": " ... عمرو بن دينار عن أبي جعفر قال:.. " وكذلك هو عند سعيد بن

منصور (3 رقم 520) كما ذكر الشيخ الأعظمي، وأبو جعفر هذا اسمه محمد بن علي

ابن الحسين بن علي بن أبي طالب، وقد جاء مسمى في رواية ابن أبي عمر بـ " محمد

ابن علي " كما ذكره الحافظ نفسه في " الإصابة "، وساقه كذلك ابن عبد البر في

" الاستذكار " بإسناده إلى ابن أبي عمر، وعليه فراوي القصة ليس ابن الحنفية،

لأن كنيته أبو القاسم، وإنما هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب

كما تقدم، لأنه هو الذي يكنى بأبي جعفر، وهو الباقر. وهو من صغار التابعين

، روى عن جديه الحسن والحسين وجد أبيه علي بن أبي طالب مرسلا، كما في "

التهذيب " وغيره، فهو لم يدرك عليا بله عمر، كيف وقد ولد بعد وفاته بأكثر

من عشرين سنة، فهو لم يدرك القصة يقينا، فيكون الإسناد منقطعا، فرأيت أن من

الواجب علي - أداء للأمانة العلمية - أن أهتبل هذه الفرصة، وأن أبين للقراء

ما تبين لي من الانقطاع. والله تعالى هو المسؤول أن يغفر لنا ما زلت له

أقلامنا، ونبت عن الصواب أفكارنا، إنه خير مسؤول.

1274 - " من زنى أوشرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه ".

ضعيف

أخرجه الحاكم (1/22) من طريق سعيد بن أبي أيوب: حدثنا عبد الله بن

 

(3/434)

 

 

الوليد عن

ابن حجيرة أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله

عليه وسلم: فذكره وقال:

" [صحيح] على شرط مسلم، فقد احتج بعبد الرحمن بن حجيرة وعبد الله بن الوليد

وهما شاميان ".

كذا قال، ووافقه الذهبي. وقد وهما من وجوه:

الأول: أن ابن حجيرة هنا ليس هو عبد الرحمن بل ابنه عبد الله بن عبد الرحمن بن

حجيرة، فإنه هو الذي يروي عنه عبد الله بن الوليد. كما جاء في ترجمتيهما.

وعلى هذا ففي الإسناد إشكال، ذلك لأن عبد الله هذا ليس له رواية عن أبي هريرة

ولا عن غيره من الصحابة، وكل ما قالوه في ترجمته أنه روى عن أبيه لا غير.

وعلى هذا فكأنه سقط من الإسناد قوله: " عن أبيه ". والله أعلم.

الثاني: أن عبد الله بن الوليد وابن حجيرة ليسا شاميين، وإنما هما مصريان.

الثالث: أن عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة ليس من رجال مسلم أصلا.

وكذا عبد الله بن الوليد، وقد ذكره ابن حبان في " الثقات "، وضعفه

الدارقطني فقال:

" لا يعتبر بحديثه ".

وقال الحافظ:

" لين الحديث ".

ومنه يتبين أن الإسناد ضعيف.

نعم قد جاء الحديث بإسناد صحيح لكن بلفظ:

" إذا زنى العبد خرج منه الإيمان وكان كالظلة، فإذا انقلع منها رجع إليه

الإيمان ". وهو في " الأحاديث الصحيحة " (509) .

ومثل حديث الترجمة في الضعف ما رواه عمرو بن عبد الغفار: حدثنا العوام بن

حوشب: حدثني علي بن مدرك عن أبي زرعة عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ:

" إن الإيمان سربال يسربله الله من يشاء، فإذا زنى العبد نزع منه سربال

الإيمان، فإن تاب رد عليه ".

 

(3/435)

 

 

أخرجه البيهقي في " الشعب " (2/119/1 - 2) .

وعمرو هذا قال أبو حاتم:

" متروك الحديث ".

وقال ابن عدي:

" اتهم بوضع الحديث ".

1275 - " من جرد ظهر أخيه بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان ".

ضعيف

رواه الطبراني في " الأوسط " (2524) : نا إبراهيم: نا محمد بن صدقة الجبلاني

: نا اليمان بن عدي عن محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة مرفوعا وقال:

" لم يروه عن محمد بن زياد إلا اليمان ".

قلت: وهو لين الحديث كما في " التقريب " ضعفه أحمد والدارقطني، وقال أبو

أحمد الحاكم:

" ليس بالقوي عندهم ".

وقال البخاري:

" في حديثه نظر ".

وأما أبو حاتم فقال:

" شيخ صدوق ".

وبقية رجاله ثقات غير إبراهيم وهو ابن محمد بن عرق ولم أجد له ترجمة.

ومنه تعلم أن قول المنذري (3/207) ثم الهيثمي (4/253) :

" رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، وإسناده جيد "؛ غير جيد -

واغتر بهما المناوي في التيسير، والغماري في " كنزه " - ولذا قال الحافظ في

" فتح الباري ":

" في سنده مقال ".

ثم وقفت على إسناده في " الكبير " (7536) ، فإذا هو بإسناد " الأوسط " نفسه

إلا أنه قال: " محمد بن إبراهيم بن عرق الحمصي " والظاهر أنه انقلب على بعض

النساخ،

 

(3/436)

 

 

فإنه ليس في شيوخه إلا إبراهيم بن محمد بن عرق، لا في " الصغير "

ولا في " الأوسط " (2/4/1 - 192/2) . وأيضا فقد ساق في " الكبير " بعد حديث

الترجمة بحديث واحد حديثا آخر (7538) قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرق

الحمصي: حدثنا.. ويراجع لترجمته " تاريخ ابن عساكر " فإني أكتب هذا وأنا في

(عمان الأردن) .

1276 - " من كانت فيه واحدة من ثلاث زوجه الله من الحور العين: من كانت عنده أمانة

خفية شهية فأداها من مخافة الله عز وجل، أورجل عفا عن قاتله، أورجل قرأ

" قل هو الله أحد " دبر كل صلاة ".

ضعيف

رواه الدينوري في " المنتقى من المجالسة " (124/2) : حدثنا محمد بن

عبد الرحمن مولى بني هاشم: أنبأنا أبي: أنبأنا رواد بن الجراح: أنبأنا محمد

ابن مسلم عن عبد الله بن الحسن عن أم سلمة مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف فيه علل:

الأولى: الانقطاع بين عبد الله بن الحسن وهو أبوهاشم المدني العلوي وأم

سلمة.

الثانية: ضعف رواد. قال الحافظ:

" صدوق اختلط بآخره فترك ".

الثالثة: محمد بن عبد الرحمن لم أجد له ترجمة، وكذا أبو هـ.

ولعل الطبراني رواه من هذا الوجه فقد قال الهيثمي (6/302) :

" رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم ".

ثم رأيته في " المعجم الكبير " للطبراني (23/395/945) من طريق أخرى عن رواد

ابن الجراح: حدثنا عبد الله بن مسلم به.

قلت: كذا وقع فيه: " عبد الله بن مسلم " مكان " محمد بن مسلم "، ولم يتبين

لي الصواب. والله أعلم.

وله شاهد من حديث جابر تقدم برقم (654) ، وهو ضعيف جدا، فلا يستفيد الحديث

منه قوة.

 

(3/437)

 

 

1277 - " إذا وقف العباد للحساب، جاء قوم واضعي سيوفهم على رقابهم تقطر دما،

فازدحموا على باب الجنة، فقيل: من هؤلاء؟ قال: الشهداء كانوا أحياء مرزوقين

، ثم نادى مناد: ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة، ثم نادى الثانية: ليقم

من أجره على الله فليدخل الجنة. قال: ومن ذا الذي أجره على الله؟ قال:

العافون عن الناس، ثم نادى الثالثة: ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة.

فقام كذا وكذا ألفا فدخلوها بغير حساب ".

ضعيف

أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (354) وابن أبي عاصم في " الجهاد " (ق 91/2)

والطبراني في " الأوسط " (2192) وأبو نعيم في " الحلية " (6/187) من طريق

الفضل بن يسار عن غالب القطان عن الحسن عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله

عليه وسلم قال: فذكره، وقال أبو نعيم:

" حديث غريب من حديث الحسن تفرد به الفضل بن غالب ".

قلت: وفي ترجمة الفضل أورده العقيلي وقال:

" ولا يتابع من وجه يثبت ".

وقال أيضا:

" هذا يروى بغير هذا الإسناد من وجه أصلح من هذا ".

قلت: ويشير بذلك إلى قضية العافين عن الناس، ولم أقف على الإسناد الذي يشير

إليه، وقد أخرجه ابن أبي الدنيا في " الأهو ال " (83/1) من الوجه الأول.

والحديث أورده المنذري في " الترغيب " (3/210) بهذا السياق عن أنس وقال:

" رواه الطبراني بإسناد حسن ".

كذا قال، وهو سهو منه أوتساهل، فإنه عند الطبراني من الطريق السابق وقد

عرفت ضعفه، فقد قال الهيثمي في " المجمع " (5/295) :

" رواه الطبراني في " الأوسط ".. وفي إسناده الفضل بن يسار، قال العقيلي:

لا يتابع على حديثه ".

 

(3/438)

 

 

1278 - " ينادي مناد يوم القيامة: لا يقوم اليوم إلا أحد له عند الله يد، فيقول

الخلائق: سبحانك لك اليد، فيقول ذلك مرارا، فيقول: بلى من عفا في الدنيا

بعد قدرة ".

منكر

رواه ابن عدي في " الكامل " (242/1) عن عمر بن راشد: حدثنا عبد الرحمن بن

عقبة بن سهل عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا وقال:

" عمر بن راشد هذا ليس بالمعروف، وأحاديثه كلها مما لا يتابعه الثقات عليها ".

قلت: وهو عمر بن راشد مولى مروان بن أبان بن عثمان، قال ابن عدي:

" شيخ مجهول كان بمصر يحدث عنه مطرف أبو مصعب المدني وأحمد بن عبد المؤمن

المصري ويعقوب بن سفيان الفارسي ".

ثم ساق له أحاديث هذا أحدها.

قلت: وعمر هذا هو الجاري المدني المترجم في " الميزان " و" التهذيب "،

وصرح بذلك الذهبي في " الضعفاء " وهو صنيع الحافظ في " اللسان " فإنه ساق في

ترجمته بعض الأحاديث التي أوردها ابن عدي في ترجمة المولى، وهذا منها.

 

(3/439)

 

 

1279 - " ينادي ملك من بطنان العرش يوم القيامة، يا أمة محمد، الله قد عفا عنكم

جميعا المؤمنين والمؤمنات فتواهبوا المظالم، وادخلوا الجنة برحمتي ".

موضوع

رواه البغوي في " شرح السنة " (4/252/2) عن الحسين بن داود البلخي: حدثنا

يزيد بن هارون: حدثنا حميد عن أنس رفعه.

ومن هذا الوجه رواه الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو" (37/2) .

قلت: وهذا موضوع آفته البلخي هذا، قال الخطيب:

" لم يكن بثقة، فإنه روى نسخة عن يزيد عن حميد عن أنس أكثرها موضوع ".

قلت: وهذا منها.

 

(3/439)

 

 

1280 - " مكارم الأخلاق من أعمال أهل الجنة ".

منكر

أخرجه ابن أبي الدنيا في " مكارم الأخلاق " (3/12) وابن الأعرابي في " معجمه

" (ق 62 - 63) وتمام الرازي في " الفوائد " (ق 210/1) والطبراني في "

الأوسط " (6646) والسلفي في " الطيوريات " (284/1) وابن عساكر في " تاريخ

دمشق " (2/41/2) والضياء المقدسي في " جزء من حديثه " بخطه (121/1) كلهم

من طريق طلق بن السمح المصري: حدثنا يحيى بن أيوب عن حميد الطويل قال:

" دخلنا على أنس بن مالك نعوده من وجع أصابه، فقال لجاريته: اطلبي

لأصحابنا ولوكسرا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، طلق بن السمح قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل

" (2/1/491) :

" سألت أبي عنه؟ فقال: شيخ مصري ليس بمعروف ".

وقال الذهبي في " الميزان " عقبه:

" وقال غيره: محله الصدق إن شاء الله ". وأورده في " الضعفاء " وقال:

" فيه ضعف ".

ومن طريقه رواه ابن أبي حاتم في " العلل " (2/112) وقال:

" قال أبي: هذا حديث باطل، وطلق مجهول ".

وأقره الحافظ في ترجمة " طلق " من " التهذيب " ولم يذكر فيه توثيقه عن أحد.

ولهذا قال في " التقريب ":

" مقبول " يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث كما نص في " المقدمة ".

ومما سبق تعلم أن قول المنذري في " الترغيب ":

" رواه الطبراني في " الأوسط " بإسناد جيد "؛ غير جيد، وإن تابعه عليه

الهيثمي في " مجمع الزوائد " (8/177) ، وقلدهما المناوي في " شرحيه "،

والغماري في " كنزه "؛ فإن طلقا هذا مجهول الحال، وإن روى عنه جماعة، لأنه

لم يوثقه أحد، هذا مع حكم أبي حاتم على الحديث بالبطلان.

 

(3/440)

 

 

1281 - " ما محق الإسلام محق الشح شيء ".

موضوع

أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (2/882 - 883 - مخطوطة الهند " والطبراني في "

الأوسط " (487 - حرم) وتمام الرازي في " الفوائد " (ق 271/2) من طريق عمرو

ابن الحصين العقيلي: حدثنا علي بن أبي سارة عن ثابت عن أنس مرفوعا به.

قلت: وهذا إسناد واه جدا، عمرو بن الحصين متروك اتفاقا، وقال الخطيب:

" كان كذابا ".

وشيخه علي بن أبي سارة ضعيف.

وقال المناوي في " فيض القدير " تعليقا على قول السيوطي: " رواه أبو يعلى عن

أنس ":

" وضعفه المنذري، وقال الهيثمي: " فيه علي بن أبي سارة، وهو ضعيف "،

وقال في محل آخر: رواه أبو يعلى والطبراني، وفيه عمرو بن الحصين وهو مجمع

على ضعفه ".

قلت: وقد وجدت له طريقا أخرى، ولكنها لا تزيد الحديث إلا وهنا، أخرجه

الحجاج بن يوسف بن قتيبة الأصبهاني في " نسخة الزبير بن عدي " (ق 2/1) من

طريق بشر بن الحسين: نا الزبير بن عدي عن أنس مرفوعا به.

وهذا سند هالك، بشر هذا قال أبو حاتم:

" يكذب على الزبير ".

وقال ابن حبان:

" يروي بشر بن الحسين عن الزبير نسخة موضوعة شبيها بمائة وخمسين حديثا ".

 

(3/441)

 

 

1282 - " إن الله استخلص هذا الدين لنفسه، فلا يصلح لدينكم إلا السخاء وحسن الخلق،

ألا فزينوا دينكم بهما ".

موضوع

أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1/91/1 - من " زوائد المعجمين ") عن عمرو بن

الحصين العقيلي: حدثنا إبراهيم بن أبي عطاء عن أبي عبيدة عن الحسن عن عمران

ابن حصين مرفوعا وقال الطبراني:

 

(3/441)

 

 

" تفرد به عمرو ".

قلت: وهو كذاب كما تقدم مرارا. وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (3/127) :

" رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه عمرو بن الحصين العقيلي وهو متروك ".

والحديث أورده المنذري (3/248) من رواية الطبراني والأصبهاني وأشار إلى

تضعيفه. وقال المناوي في " الفيض " عقب كلام الهيثمي:

" وله طرق عند الدارقطني في " المستجاد " والخرائطي في " المكارم " من حديث

أبي سعيد وغيره أمثل من هذا الطريق، وإن كان فيها لين كما بينه الحافظ

العراقي، فلوجمعها المصنف، أوآثر ذلك لكان أجود ".

وأقول: ما أظن أن في شيء من تلك الطرق ما يتقوى الحديث به، ولذلك ضعفه

المناوي في " التيسير "، ومن ذلك أن الأصبهاني أخرجه في " الترغيب والترهيب

" (ق 118/1 و156/1) من طريق عبد الله بن وهب الدينوري بسنده عن مجاعة بن

الزبير عن الحسن به.

وهذا إسناد واه بمرة، آفته الدينوري هذا؛ فإنه مع كونه حافظا رحالا؛ فقد

قال الدارقطني:

" كان يضع الحديث ".

ومجاعة بن الزبير مختلف فيه.

وبينهما من لم أعرفه.

ورواه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 7 و53) من حديث جابر، من طريقين

عن محمد بن المنكدر عنه به دون قوله: ألا فزينوا.. ".

وفي الأولى من لم أعرفه، وفي الأخرى عبد الملك بن مسلمة البصري، ومن طريقه

أخرجه أبو حاتم في ترجمته من " الجرح والتعديل " (2/2/371) وابن حبان في "

الضعفاء " (2/134) وقال:

" يروي المناكير الكثيرة التي لا تخفى على من عني بعلم السنن ".

وقال أبو حاتم:

 

(3/442)

 

 

" حدثني بحديث في الكرم عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام،

بحديث موضوع ". يعني هذا.

1283 - " خلق الله جنة عدن، وغرس أشجارها بيده، فقال لها: تكلمي، فقالت: " قد

أفلح المؤمنون " ".

ضعيف

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (5/1837) من طريق العلاء بن العباس بن محمد

الدوري: حدثنا علي بن عاصم: أنبأ حميد الطويل عن أنس بن مالك مرفوعا به.

وقال الحاكم:

" صحيح الإسناد "!

ورده الذهبي في " التلخيص " بقوله:

" قلت: بل ضعيف ".

قلت: وعلته علي بن عاصم هذا كان سيء الحفظ كثير الخطأ، وإذا بين له لا يرجع

عنه، ولذلك ضعفه جمهور أئمة الحديث، وكذبه ابن معين وغيره وفي ترجمته

أورد الذهبي هذا الحديث وقال:

" وهذا حديث باطل، ولقد أساء ابن عدي في إيراده هذا في ترجمة علي، فالعلاء

متهم بالكذب ".

قلت: قد تابعه العباس الدوري عند الحاكم كما سبق، فبرئت منه عهدة العلاء،

وثبت الحمل فيه على علي، كما فعل ابن عدي.

وقد تابعه أيضا أبو سالم المعلى بن مسلمة الرؤاسي عن علي به.

أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (10/118) .

وقد روي الحديث بلفظ آخر هو:

 

(3/443)

 

 

1284 - " خلق الله جنة عدن بيده، ودلى فيها ثمارها، وشق فيها أنهارها، ثم نظر إليها فقال: " قد أفلح المؤمنون "، قال: وعزتي لا يجاورني فيك بخيل ".

 

(3/443)

 

 

ضعيف. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/174/2) و" الأوسط " (5648) من

طريق حماد بن عيسى العبسي عن إسماعيل السدي عن أبي صالح عن ابن عباس يرفعه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، حماد بن عيسى العبسي، قال الذهبي في " الميزان ":

" فيه جهالة ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" مستور، وقيل: هو الذي قبله ".

يعني حماد بن عيسى الجهني الواسطي غريق الجحفة، فإذا كان هو فهو معروف بالضعف

، قال الحاكم والنقاش:

" يروي عن ابن جريج وجعفر الصادق أحاديث موضوعة ".

لكن للحديث طريق أخرى. فقال المنذري في " الترغيب " (3/247 و4/252) وتبعه

الهيثمي (10/297) واللفظ له:

" رواه الطبراني في " الأوسط " و" الكبير " وأحد إسنادي الطبراني في " الأوسط

" جيد ".

قلت: وفيما قالا نظر من وجهين:

الأول: أن الإسناد الآخر فيه ضعف أيضا، وقد أخرجه الطبراني في " الأوسط " (324) و" الكبير " أيضا (3/122/1) وعنه الضياء في " المختارة " (63/13/2)

وتمام الرازي في " الفوائد " وعنه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (5/340/1 و15/70/4) من طريق هشام بن خالد: حدثنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن

عباس مرفوعا بلفظ:

" لما خلق الله جنة عدن خلق فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على

قلب بشر، ثم قال لها: تكلمي فقالت: " قد أفلح المؤمنون " ".

فهذا إسناد ضعيف من أجل عنعنة بقية، وقال الحافظ ابن كثير في " تفسيره ":

" بقية عن الحجازيين ضعيف ".

كذا قال، وبقية صدوق في نفسه، وإنما عيبه أنه كان يدلس عن الضعفاء

 

(3/444)

 

 

والمتروكين، فإذا صرح بالتحديث وكان من فوقه ثقة، ومن دونه ثقة فهو حجة،

وإلا فلا. وقد رأيت الحديث في " صفة الجنة " لأبي نعيم (3/1 - 2) أخرجه من

هذا الوجه، لكنه قال: حدثنا بقية: حدثني ابن جريج به. وكذلك وقع في "

الأوسط " فإن كان محفوظا عن هشام بن خالد، فلا يحتج به أيضا، لأن هشاما وهو

الأزرق كان يروج عليه الخطأ فيقول في كل خبر يرويه عن بقية: حدثنا، وبقية لم

يقل: حدثنا، كما في رواية الأكثرين. وتقدم له حديث آخر بلفظ:

" من أصيب بمصيبة.. " الحديث (198) .

والآخر: أن متن الإسناد الآخر يختلف عن متن الأول، فإنه:

أولا: ليس فيه " قال: وعزتي.. ".

وثانيا: أن القائل فيه: " قد أفلح المؤمنون " هي الجنة، وفي الأول هو

الله تعالى. فلا يجوز القول في المتن الأول: " رواه الطبراني.. بإسنادين

أحدهما جيد ". والإسناد الجيد - إن سلم بجودته - متنه مختلف عن متن الإسناد

الضعيف! فتأمل هذا فإنك قد لا تراه في مكان آخر.

وقد روي الحديث بأتم منه وهو:

1285 - " خلق الله جنة عدن بيده، لبنة من درة بيضاء، ولبنة من ياقوتة حمراء،

ولبنة من زبرجدة خضراء، وملاطها مسك، وحشيشها الزعفران، حصباؤها اللؤلؤ،

وترابها العنبر، ثم قال لها: انطقي، قالت: " قد أفلح المؤمنون "، فقال

الله عز وجل: وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل، ثم تلا رسول الله صلى الله

عليه وسلم: " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " "

ضعيف

أخرجه ابن أبي الدنيا في " صفة الجنة " كما في " الترغيب " (3/247 و4/252)

و" تفسير ابن كثير "، وأبو نعيم في " صفة الجنة " له (3/1 - 2) من طريق

محمد بن زياد بن الكلبي: حدثنا يعيش بن حسين (وفي أبي نعيم: بشر بن حسن)

عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم: فذكره.

 

(3/445)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف محمد بن زياد بن الكلبي، أورده الذهبي في " الضعفاء "

وقال:

" قال ابن معين: لا شيء ".

ويعيش بن حسين، أوبشر بن حسن لم أعرفه، وأغلب الظن أنه وقع محرفا في "

التفسير " ومنه نقلت، وفي " صفة الجنة " لأبي نعيم كما سبق الإشارة إلى ذلك

. والله أعلم.

1286 - " من لقي أخاه المسلم بما يحب ليسره، سره الله يوم القيامة ".

منكر

أخرجه الدولابي في " الكنى " (1/159) : حدثنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن

أبي بزة قال: حدثنا الحكم بن عبد الله أبو حمدان البصري - وكان قدريا - قال:

حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن أنس بن مالك: قال: قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 244) وابن عدي في "

الكامل " (ق 68/2) وقال:

" هذا حديث منكر بهذا الإسناد ".

وقال الطبراني:

" تفرد به ابن أبي بزة ".

قلت: واسمه أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزة المكي، قال

الذهبي في " الميزان ":

" إمام في القراءة ثبت فيها. قال الإمام أحمد: لين الحديث. وقال العقيلي:

منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث لا أحدث عنه. وقال ابن أبي حاتم

: روى حديثا منكرا ".

وأورده في " الضعفاء " وقال:

" تفرد بحديث (الديك الأبيض حبيبي وحبيب حبيبي) ".

قلت: فهو علة الحديث.

 

(3/446)

 

 

وله علة أخرى وهي عنعنة الحسن وهو البصري فإنه وإن كان قد سمع من أنس بن

مالك فإنه كان يدلس.

ويمكن استخراج علة ثالثة، فإن ابن عدي أورده في ترجمة الحكم بن عبد الله وهو

أبو النعمان، ووقع عند ابن عدي في سند هذا الحديث " أبو مروان " وقد ذكر في

ترجمته أنه يكنى بهذا، وبأبي النعمان، ولم يذكر أنه يكتني بأبي حمدان.

فلعلها تحرفت في " الكنى " من الناسخ أوالطابع، ولم يذكر فيه توثيقا ولا

تجريحا غير أنه ساق له أحاديث استنكرها، هذا منها كما تقدم. وقال:

" لا يتابعه عليها أحد ".

ولكنه من رجال البخاري، ووثقه الخطيب وابن حبان إلا أنه قال: " ربما أخطأ

"، وقال أبو حاتم: " كان يحفظ وهو مجهول ".

وذكر الحافظ في " التهذيب ":

" ويهجس في خاطري أن الراوي عن سعيد (بن أبي عروبة) هو أبو مروان، وهو غير

أبي النعمان الراوي عن شعبة. فالله أعلم ".

قلت: وإذا تبين لك حال هذا الحديث وما فيه من العلل، فلا تغتر بقول المنذري

(3/252) :

" رواه الطبراني في " الصغير " بإسناد حسن، وأبو الشيخ في (كتاب الثواب) ".

وكذا قول الهيثمي (8/193) :

" رواه الطبراني في " الصغير " وإسناده حسن ".

فإن ذلك من تساهلهما، ومن أجل ذلك رأيت أن أحرر القول في إسناده، وأبين

حقيقة أمره لكي لا يغتر بتحسينها من لا علم عنده كالغماري في " كنزه ". والله

الموفق.

1287 - " لا يدخل ولد الزنا الجنة، ولا شيء من نسله، إلى سبعة آباء ".

باطل

رواه الطبراني في " الأوسط " (رقم - 145) عن الحسين بن إدريس الحلواني: نا

سليمان بن أبي هو ذة: نا عمرو بن أبي قيس عن إبراهيم بن المهاجر عن

 

(3/447)

 

 

مجاهد عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن أبي هريرة مرفوعا وقال:

" لم يروه عن إبراهيم إلا عمرو ".

قلت: وهو صدوق له أوهام، لكن شيخه إبراهيم بن المهاجر وهو ابن جابر البجلي

صدوق لين الحفظ، فهو علة الحديث.

وأما إعلال الهيثمي للحديث بقوله (6/257) :

" وفيه الحسين بن إدريس وهو ضعيف ".

فلا وجه له، لأن الحسين هذا وثقه الدارقطني وأخرج له ابن حبان في " صحيحه "

وكان من الحفاظ كما قال ابن ماكولا، وغاية ما جرح به قول ابن أبي حاتم فيه:

" كتب إلي بجزء من حديثه، فأول حديث منه باطل، والثاني باطل، والثالث

ذكرته لعلي بن الجنيد فقال: أحلف بالطلاق أنه حديث ليس له أصل، وكذا هو عندي

فلا أدري البلاء منه أومن خالد بن هياج ".

فقد تردد ابن أبي حاتم في اتهام الرجل بهذه البواطيل فينبغي التوقف عن الجزم

بأنه المتهم، حتى يأتي البيان وقد وجدنا الحافظ ابن عساكر قال:

" البلاء في الأحاديث المذكورة من خالد بلا شك ".

ومما يؤكد أن الحسين بن إدريس بريء العهدة من هذا الحديث أنه لم يتفرد به كما

يشعر بذلك قول الطبراني المتقدم، وقال عبد بن حميد في " المنتخب من المسند "

(ق 189/2) : حدثنا عبد الرحمن بن سعد الرازي: حدثنا عمرو بن أبي قيس به.

وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (3/111) ، وقال - وتبعه السيوطي في "

اللآلىء " - 2/193) :

" لا يصح، إبراهيم بن مهاجر ضعيف، قال الدارقطني: اختلف على مجاهد في هذا

الحديث على عشرة أوجه، فتارة يروى عن مجاهد عن أبي هريرة، وتارة عن مجاهد عن

ابن عمر، وتارة عن مجاهد عن ابن أبي ذباب، وتارة عن مجاهد عن ابن عمرو

موقوفا، إلى غير ذلك، وكله من تخليط الرواة ".

قلت: وقد بين أبو نعيم في " حلية الأولياء " (3/307 - 309) هذه الوجوه

العشرة من الاضطراب، وزاد عليها فأفاد وأجاد، فمن شاء فليرجع إليه.

 

(3/448)

 

 

وللحديث طرق أخرى بنحوه كلها معلولة، وقد ساق ابن الجوزي بعضها وبين عللها

ثم قال:

" إن هذه الأحاديث مخالفة للأصول، وأعظمها قوله تعالى: " ولا تزر وازرة

وزر أخرى " ".

وزاد عليه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2/228) :

" قلت: ولقوله صلى الله عليه وسلم " ولد الزنا ليس عليه إثم أبو يه شيء ".

أخرجه الطبراني من حديث عائشة. قال السخاوي: وسنده جيد. والله أعلم ".

قلت: وقد تكلم على الحديث جماعة من العلماء كالحافظ ابن حجر في " تخريج

الكشاف " (4/176/210) والسخاوي في " المقاصد الحسنة " (470/1322) وابن

طاهر في " تذكرة الموضوعات " (ص 109) وابن القيم في " المنار " (ص 48) ،

واتفقوا جميعا على أنه ليس على ظاهره، وعلى أنه ليس له إسناد صالح للاحتجاج

به، وغاية ما ادعاه بعضهم ردا على ابن طاهر وابن الجوزي أنه ليس بموضوع!

ولذلك تكلفوا في تأويله حتى لا يتعارض مع الأصل المتقدم، بما تراه مشروحا في

كثير من المصادر المتقدمة. وأنا أرى أنه لا مسوغ لتكلف تأويله بعد ثبوت ضعفه

من جميع طرقه، ولذلك فقد أحسن صنعا من حكم عليه بالوضع كابن طاهر وابن

الجوزي. والله أعلم.

ثم بدا لي تقييد هذا الحكم، بهذا اللفظ المخرج هنا بتمامه، وأما طرفه الأول

منه، فقد روي نحوه من طرق أخرى يقوي بعضها بعضا، وصحح أحدها ابن حبان في

حديث خرجته في " الصحيحة " برقم (672) ، وذكرت هناك المعنى المراد منه

فراجعه.

1288 - " من تمام التحية الأخذ باليد ".

ضعيف

روي من حديث عبد الله بن مسعود، وأبي أمامة، والبراء بن عازب:

1 - حديث ابن مسعود. يرويه يحيى بن سليم عن سفيان عن منصور عن خيثمة عن رجل

عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أخرجه الترمذي (2/121) وأبو أحمد الحاكم في " الفوائد " (11/70/2) وقال

الترمذي:

 

(3/449)

 

 

" هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سليم ".

قلت: وهو الطائفي وهو سيىء الحفظ، وبقية الرجال ثقات غير الرجل الذي لم

يسم. ولهذا قال الحافظ في " الفتح " (11/47) :

" وفي سنده ضعف ".

وحكى الترمذي عن البخاري أنه رجح أنه موقوف على عبد الرحمن بن يزيد النخعي أحد

التابعين.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (2/307) عن أبيه:

" هذا حديث باطل ".

2 - حديث أبي أمامة. وله عنه طريقان:

الأولى: من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم أبي عبد الرحمن

عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

" تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته، أوعلى يده فيسأله: كيف هو

؟ وتمام تحياتكم بينكم المصافحة ".

أخرجه الترمذي (2/122) وأحمد (5/260) وكذا الروياني في " مسنده " (30/219 و220/2) وابن عدي في " الكامل " (ق 236/1) ومحمد بن رزق الله المنيني في " حديث أبي علي الفزاري " (85/2) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (5/59/2) وقال الترمذي:

" هذا إسناد ليس بذاك. قال محمد (يعني البخاري) : وعبيد الله بن زحر ثقة،

وعلي بن يزيد ضعيف، والقاسم بن عبد الرحمن يكنى أبا عبد الرحمن وهو مولى

عبد الرحمن بن خالد بن يزيد بن معاوية، وهو ثقة، والقاسم شامي ".

وقال الحافظ في " الفتح " (11/46) بعد أن عزاه للترمذي:

" سنده ضعيف ".

وقال في " بذل الماعون " (3/1/ الملزمة 11) : " سنده لين ".

 

(3/450)

 

 

والأخرى: عن بشر بن عون: حدثنا بكار بن تميم عن مكحول عنه مرفوعا بالجملة

الأخيرة منه فقط.

أخرجه تمام الرازي في " الفوائد " (117/1) .

وهذا إسناد ضعيف بشر وبكار مجهولان كما قال أبو حاتم، واتهمهما ابن حبان.

ولكنهما قد توبعا، فأخرجه تمام أيضا من طريق عمر بن حفص عن عثمان بن

عبد الرحمن عن مكحول به.

وهذه متابعة واهية جدا، عثمان هذا وهو الوقاصي قال الذهبي:

" تركوه ".

وعمر بن حفص هو المدني لم يوثقه غير ابن حبان، وروى عنه جماعة.

وله طريق أخرى: عن يحيى بن سعيد المدني عن القاسم به دون قوله: " وتمام.. ".

أخرجه ابن السني (530) .

ويحيى هذا متروك.

3 - حديث البراء. أخرجه أبو محمد الخلدي في جزء من " الفوائد " (46 - 50) :

أخبرنا القاسم: حدثنا جبارة قال: أنا حماد بن شعيب عن أبي جعفر الفراء عن

الأغر أبي مسلم عنه به.

وهذا إسناد ضعيف، حماد بن شعيب وهو الحماني قال الذهبي في " الضعفاء ":

" ضعفه النسائي وغيره ".

وقد خالفه في إسناده إسماعيل بن زكريا فقال: عن أبي جعفر الفراء عن عبد الله

ابن يزيد عن البراء بن عازب قال:

" من تمام التحية أن تصافح أخاك ".

فأوقفه، وهو الصواب، لأن إسماعيل بن زكريا ثقة محتج به في " الصحيحين "

فروايته أصح من مثل حماد بن شعيب، وبقية رجال الإسناد ثقات كلهم، فالسند

صحيح موقوف.

وكذلك أخرجه ابن عساكر (17/274/1) عن ليث بن أبي سليم عن

 

(3/451)

 

 

عبد الرحمن بن

الأسود بن يزيد النخعي قال: فذكره موقوفا.

وليث ضعيف. وقد رواه غيره عن عبد الرحمن بن يزيد، فقال الترمذي عقب ما

نقلته عنه في الحديث الأول:

" قال محمد (يعني البخاري) : وإنما يروى عن منصور عن أبي إسحاق عن

عبد الرحمن بن يزيد أوغيره قال: من تمام التحية الأخذ باليد ".

قلت: وجملة القول أن طرق هذا الحديث كلها واهية، وبعضها أشد ضعفا من بعض،

فليس فيها ما يمكن الاعتماد عليه كشاهد صالح، فالذي أستخير الله فيه أنه ضعيف

مرفوعا، صحيح موقوفا. والله أعلم.

1289 - " يطهر الدباغ الجلد، كما تخلل الخمرة فتطهر ".

لا أصل له

كما في " التحقيق " لابن الجوزي، و" التنقيح " لابن عبد الهادي (1/15/2) .

والأحاديث في أن الإهاب يطهره الدباغ صحيحة معروفة في مسلم والسنن والمسانيد

وغيرها، مثل حديث ابن عباس مرفوعا " أيما إهاب دبغ فقد طهر " وهو مخرج في "

غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام " (28) ، وإنما أوردته من أجل

الشطر الثاني منه الدال على أن الخمرة نجسة في الأصل، فليس في الأدلة الشرعية

من الكتاب والسنة ما يؤيد أن الخمرة نجسة، ولذلك ذهب جماعة من الأئمة إلى

أنها طاهرة، وأنه لا تلازم بين كون الشيء محرما وكونه نجسا. ومن هؤلاء

الليث بن سعد وربيعة الرأي وغيرهم ممن سماهم العلامة القرطبي في " تفسيره "،

فليراجعه من شاء، وهو اختيار الإمام الشوكاني في " السيل الجرار " (1/35 -

37) وغيره.

 

(3/452)

 

 

1290 - " من مر بالمقابر فقرأ " قل هو الله أحد " إحدى عشرة مرة، ثم وهب أجره

للأموات، أعطي من الأجر بعدد الأموات ".

موضوع

أخرجه أبو محمد الخلال في " فضائل الإخلاص " (ق 201/2) والديلمي في " مسند

الفردوس " عن عبد الله بن أحمد بن عامر: حدثنا أبي: حدثنا علي

 

(3/452)

 

 

بن موسى عن أبي

موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن أبيه محمد بن علي عن أبيه عن أبيه الحسين عن

أبيه علي مرفوعا.

قال في " الميزان ":

" عبد الله بن أحمد بن عامر عن أبيه عن علي الرضا عن آبائه بتلك النسخة

الموضوعة، ما تنفك عن وضعه أووضع أبيه ".

ذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 144) .

وقال الحافظ السخاوي في " الفتاوي الحديثية " له (ق 19/2 شيخ الإسلام) :

" رواه القاضي أبو يعلى بإسناده عن علي، ورواه الدارقطني أيضا والنجاد كما

ذكره الإمام شمس الدين محمد بن إبراهيم المقدسي في " جزء فيه وصول القراءة إلى

الميت "، وعزاه القرطبي في " تذكرته " للسلفي. وأسنده صاحب " مسند الفردوس

" أيضا كلاهما من طريق عبد الله بن أحمد بن عامر الطائفي عن أبيه عن علي بن

موسى الرضى.. عن علي. لكن عبد الله وأبو هـ كذابان، ولوأن لهذا الحديث أصلا

لكان حجة في موضوع النزاع ولارتفع الخلاف، ويمكن أن تخريج الدارقطني له [

إنما هو] في " الأفراد " لأنه لا وجود له في " سننه ". والله أعلم ".

والحديث أورده العجلوني في " كشف الخفاء " (2/282/2630) وقال:

" رواه الرافعي في " تاريخه " عن علي ".

كذا قال فلم يصنع شيئا بسكوته عنه، وذلك لعدم علمه بحاله! ومثله يتكرر منه

كثيرا في هذا الكتاب الذي تمام اسمه ينبىء عن موضوعه: " ... ومزيل الإلباس

عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس "! فإن هذا الحديث مع شهرته ولهج

القبوريين به، لم يتبين للشيخ حاله. وهو موضوع بشهادة الحافظين السخاوي

والسيوطي. ولا يخدج على هذا أن السيوطي أورده أيضا في " الجامع الكبير " (

2/298/1) من رواية الرافعي، ومنه نقله العجلوني! فإن جامعه هذا جمع فيه ما

هب ودب، بخلاف كتابه الآخر " الجامع الصغير " فإنه ذكر في مقدمته أنه صانه

عما تفرد به كذاب أووضاع. ومع ذلك فإنه لم

 

(3/453)

 

 

يستطع القيام بهذا، فوقع فيه كثير من الموضوعات، كما يتبين لمن يتتبع ما ننشره في هذه " السلسلة " (1) ، أما هذا الحديث فقد وفق لصيانة كتابه منه.

أحاديث في الزهد

1291 - " الزهادة في الدنيا تريح القلب والبدن ".

ضعيف

أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (459) وابن عدي في " الكامل " (ق 23/2)

والطبراني في " الأوسط " (6256 - بترقيمي) من طريق أشعث بن براز عن علي بن

زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، علي بن زيد هو ابن جدعان ضعيف.

وأشعث بن براز ضعيف جدا، قال البخاري:

" منكر الحديث ".

وقال النسائي:

" متروك الحديث ". وضعفه متفق عليه.

(وبراز) بضم الباء ثم راء ثم زاي، وتحرف على الحافظ الهيثمي فقال في "

المجمع " (10/286) :

" رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه أشعث بن نزار، ولم أعرفه، وبقية رجاله

وثقوا، على ضعف في بعضهم ".

هكذا وقع له " نزار "، وليس في الرواة " أشعث بن نزار " ولذلك لم يعرفه،

فهو معذور، ولكن كيف نعلل قول المنذري في " الترغيب " (4/96) :

" رواه الطبراني، وإسناده مقارب "؟

فهل نقول: إنه لم يعرفه أيضا، ثم أحسن الظن به، فقال في إسناده: " مقارب "

! أم نقول: إنه عرفه وأنه ابن براز المتروك؟ غالب الظن الأول، فإن ابن براز

لا يمكن أن يقال

__________

(1) وأبين من ذلك الرجوع إلى كتابي " ضعيف الجامع الصغير " وهو مطبوع في ثلاث مجلدات. اهـ.

 

(3/454)

 

 

في سند هو فيه: " مقارب " وقد اتهمه البخاري بقوله فيه: "

منكر الحديث " كما هو معروف عنه. وأما ابن جدعان فهو خير منه بكثير، فمثله

يحتمل أن يقال في إسناده: " مقارب " دون ابن براز. ولكن إن جاز ذلك فيهما،

فكيف يجوز لهما أن يقولا ذلك في إسناد الطبراني، وفيه شيخه محمد بن زكريا

الغلابي وهو وضاع عن يحيى بن بسطام وهو مختلف فيه، حتى قال أبو داود:

" تركوا حديثه "؟ !

وللحديث شاهد مرسل، يرويه محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره وزاد:

".. والرغبة في الدنيا تطيل الهم والحزن ".

أخرجه ابن أبي الدنيا في " ذم الدنيا " (ق 9/1) : حدثني الهيثم بن خالد

البصري قال: حدثنا الهيثم بن جميل قال: حدثنا محمد بن مسلم.

قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات غير محمد بن مسلم وهو الطائفي وهو ضعيف لسوء

حفظه.

ثم رواه ابن أبي الدنيا (34/2) من طريق إبراهيم بن الأشعث عن الفضيل بن عياض

يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكره مثل حديث طاووس.

قلت: وهذا مع كونه معضلا، فإبراهيم بن الأشعث فيه ضعف من قبل حفظه.

وأخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " (ق 18/2) عن أبي عتبة أحمد بن الفرج قال

: نا بقية بن الوليد عن بكر بن خنيس عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو مرفوعا مثله

، وزاد:

" والبطالة تقسي القلب ".

وهذا إسناد ضعيف جدا، لضعف أحمد بن الفرج، وعنعنة بقية فإنه مدلس، وبكر

ابن خنيس أورده في " الضعفاء " وقال:

" قال الدارقطني: متروك ".

ثم روى ابن أبي الدنيا (10/1) عن عبد الله الداري قال:

 

(3/455)

 

 

" كان أهل العلم بالله عز وجل والقبول عنه يقولون.. " فذكره دون الزيادة

الأخيرة.

فهذا هو الصواب في الحديث أنه موقوف من قول بعض أهل العلم، رفعه بعض الضعفاء

عمدا أوسهو ا. والله أعلم.

1292 - " أزهد الناس من لم ينس القبر والبلى، وترك أفضل زينة الدنيا، وآثر ما

يبقى على ما يفنى، ولم يعد غدا من أيامه، وعد نفسه في الموتى ".

ضعيف

رواه ابن أبي الدنيا في " ذم الدنيا " (ق 11/1 - 2) عن سليمان بن فروخ عن

الضحاك بن مزاحم قال:

أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله من أزهد الناس؟ قال:

من لم ينس ...

قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل الضحاك هو ابن مزاحم الهلالي. قال الحافظ:

" صدوق، كثير الإرسال ".

وسليمان بن فروخ أورده ابن أبي حاتم (2/1/135) قائلا:

" روى عنه أبو معاوية وقريش بن حبان العجلي ".

ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأما ابن حبان فأورده على قاعدته في "

الثقات " (2/111) من رواية قريش عنه!

والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للبيهقي فقط في " الشعب " عن

الضحاك مرسلا. وقال المناوي في " الفيض ":

" رمز لضعفه ".

وقال في " التيسير ":

" وإسناده ضعيف ".

 

(3/456)

 

 

1293 - " ما تزين الأبرار في الدنيا بمثل الزهد في الدنيا ".

موضوع

رواه أبو يعلى في " مسنده " (98/1 - 2) عن سليمان الشاذكوني: حدثنا

 

(3/456)

 

 

إسماعيل

ابن أبان: حدثنا علي بن الحزور قال: سمعت أبا مريم يقول: سمعت عمار بن

ياسر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.

قلت: هذا إسناد هالك مسلسل بالعلل السوداء!

1 - أبو مريم وهو الثقفي. قال الحافظ:

" مجهول ".

2 - علي بن الحزور. قال:

" متروك شديد التشيع ".

3 - إسماعيل بن أبان وهو الغنوي الخياط الكوفي.

قال الحافظ:

" متروك رمي بالوضع ".

4 - سليمان الشاذكوني وهو ابن داود. متهم بالوضع والكذب في الحديث. أورده

الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" قال ابن معين: كان يكذب. وقال البخاري: فيه نظر. وقال أبو حاتم: متروك

".

ومن هذا البيان والنقد تعلم تقصير الهيثمي حين قال في " مجمع الزوائد " (

10/286) :

" رواه أبو يعلى، وفيه سليمان الشاذكوني وهو متروك "!

وأشار المنذري في " الترغيب " (4/96) إلى تضعيفه!

1294 - " يا عائشة! إن أردت اللحوق بي، فليكفك من الدنيا كزاد الركب، ولا تستخلقي

ثوبا حتى ترقعيه، وإياك ومجالسة الأغنياء ".

ضعيف جدا

أخرجه الترمذي (1/329) وابن سعد في " الطبقات " (8/1/52) وابن أبي الدنيا

في " ذم الدنيا " (ق 10/2) والحاكم (4/312) وابن عدي في " الكامل " (ق

198/1) والبغوي في " شرح السنة " (3/307/1) من طريق سعيد بن محمد الوراق عن

صالح بن حسان عن عروة بن الزبير عن عائشة مرفوعا. وقال الترمذي:

 

(3/457)

 

 

" هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث صالح بن حسان وسمعت محمدا (يعني

البخاري) يقول: هو منكر الحديث ".

وقال ابن عدي:

" صالح بن حسان بعض أحاديثه فيه إنكار، وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق ".

قلت: وقول البخاري المتقدم فيه يشعر أنه في منتهى الضعف عنده، على ما عرف من

اصطلاحه في هذه الكلمة. ولهذا قال الحافظ في " التقريب ":

" متروك ".

ولذلك فقد أخطأ الحاكم خطأ فاحشا حين قال:

" هذا حديث صحيح الإسناد "! واغتر به الفقيه الهيتمي، فصححه في كتابه " أسنى

المطالب في صلة الأقارب " (ق 41/1) ولم يدر أن الذهبي قد تعقبه بقوله:

" قلت: الوراق عدم ".

وهو كما قال، لكن الوراق لم يتفرد به فيما يبدو، فقد رأيت الحديث في "

أحاديث محمد بن عاصم " لعبد الغني المقدسي (ق 152/1) من طريق أبي يحيى

الحماني: حدثنا صالح بن حسان به.

وأبو يحيى اسمه عبد الحميد بن عبد الرحمن وهو صدوق يخطىء من رجال الشيخين،

فهو خير بكثير من مثل الوراق، فإعلال الذهبي الحديث به دون حسان مما لا يخفى

ما فيه!

وقال المنذري في " الترغيب " (4/98) :

" رواه الترمذي والحاكم والبيهقي من طريقه وغيرها كلهم من رواية صالح بن

حسان وهو منكر الحديث عن عروة عنها. وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "،

وذكره رزين، فزاد فيه: قال عروة: فما كانت عائشة تستجد ثوبا حتى ترقع ثوبها

وتنكسه، ولقد جاءها يوما من عند معاوية ثمانون ألفا فما أمسى عندها درهم،

قالت لها جاريتها: فهلا اشتريت لنا منه لحما بدرهم؟ قالت: لوذكرتني لفعلت ".

 

(3/458)

 

 

1295 - " من تواضع لله رفعه الله، وقال: انتعش رفعك الله، فهو في نفسه صغير، وفي

أعين الناس عظيم، ومن تكبر خفضه الله، وقال: اخسأ خفضك الله، فهو في نفسه

كبير، وفي أعين الناس صغير، حتى يكون أهو ن عليهم من كلب ".

موضوع

أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (رقم 8472) وعنه أبو نعيم في " الحلية

" (7/129) والحسن بن علي الجوهري في " مجلس من الأمالي " (ق 66/2)

والخطيب في " تاريخ بغداد " (2/110) من طريق سعيد بن سلام العطار: حدثنا

سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن عابس بن ربيعة قال: سمعت عمر بن

الخطاب يقول:

" يا أيها الناس تواضعوا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ... "

فذكره. وقال الطبراني وأبو نعيم والخطيب واللفظ لهما:

" غريب من حديث الثوري تفرد به سعيد بن سلام ".

قلت: وهو كذاب كما في " المجمع " (8/82) وعزاه للطبراني في " الأوسط ".

وسكت عليه المنذري (4/15) فأساء.

 

(3/459)

 

 

1296 - " ائتوا المساجد حسرا ومقنعين، فإن ذلك من سيما (وفي لفظ: فإن العمائم

تيجان) المسلمين ".

موضوع

رواه ابن عدي (ق 338/2) عن مبشر بن عبيد عن الحكم عن يحيى الجزار باللفظ

الأول، وعن عبد الرحمن بن أبي ليل باللفظ الآخر عن علي بن أبي طالب

مرفوعا، وقال:

" ومبشر هذا بين الأمر في الضعف، وعامة ما يرويه غير محفوظ ".

قلت: قال الإمام أحمد:

" كان يضع الحديث ".

وقال ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " (3/30) :

 

(3/459)

 

 

" يروي عن الثقات الموضوعات، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب ".

قلت: وهذا الحديث مما سود به السيوطي كتابه " الجامع الصغير "، فأورده فيه

من رواية ابن عدي باللفظ الأول، وأورده في " الجامع الكبير " باللفظ الآخر من

رواية ابن عدي وابن عساكر، وقد أخرجه هذا في جزء " أربعين حديثا في الطيلسان

" (ق 54/1 رقم الحديث 28) ، من طريق مبشر هذا.

ولم يتنبه المناوي لهذا، فإنه بعد أن أعل اللفظ الأول بأن فيه مبشر بن عبيد

وقال نقلا عن العراقي أنه متروك قال:

" ومن ثم رمز المؤلف لضعفه، لكن يشهد له ما رواه ابن عساكر بلفظ ... ".

فذكره باللفظ الآخر! ومداره كالأول على ذاك الوضاع. وخفي هذا على اللجنة

القائمة على تحقيق " الجامع الكبير " فنقلوا كلام المناوي هذا وأقروه! فهكذا

فليكن التحقيق، ومن لجنة من العلماء المتخصصين كما قال الدكتور محمد عبد

الرحمن بيصار في تقديمه للكتاب (1/1/3) وليس من محقق واحد! !

ومع أن المناوي أفاد عن العراقي أن مبشرا متروك كما تقدم وذلك يعني أن

الإسناد ضعيف جدا، فإنه لم يلتزم ذلك فإنه قال في كتابه الآخر " التيسير بشرح

الجامع الصغير " الذي هو كالمختصر لـ " فيض القدير " له:

" رواه ابن عدي عن علي أمير المؤمنين بسند ضعيف "!

ولعل ذلك كان بسبب ما توهمه من الشاهد المزعوم، فالله المستعان، ومن عصمه

فهو المعصوم.

1297 - " لتقاتلن المشركين حتى تقاتل بقيتكم الدجال، على نهر بالأردن، أنتم شرقيه،

وهم غربيه، وما أدري أين الأردن يؤمئذ من الأرض ".

ضعيف

أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (7/422) وابن أبي خيثمة في " التاريخ " (2/206 - مصورة الجامعة الإسلامية) وابن أبي عاصم في " الآحاد " (265/2

 

(3/460)

 

 

- مصورة الجامعة أيضا) والبزار في " مسنده " (4/138 - كشف الأستار)

والطبراني في " مسند الشاميين " (ص 123 - الجامعة) وأحمد بن عبد الله بن

رزيق البغدادي في " الأفراد والغرائب " (6/256/1) وابن منده في " المعرفة "

(2/201/2) والديلمي في " مسند الفردوس " (4/186) من طرق عن محمد بن أبان

القرشي عن يزيد بن يزيد بن جابر عن بسر بن عبيد الله عن أبي إدريس الخولاني عن

نهيك بن صريم السكوني مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، محمد بن أبان القرشي قال الذهبي في " الميزان ":

" ضعفه أبو داود وابن معين، وقال البخاري: ليس بالقوي ".

ووافقه العسقلاني في " اللسان " ونقل تضعيفه عن أئمة آخرين منهم ابن حبان،

ونص كلامه في " الضعفاء والمتروكين " (2/260) :

" كان ممن يقلب الأخبار، وله الوهم الكثير في الآثار ".

وأما قول الهيثمي في " مجمع الزوائد " (7/349) :

" رواه الطبراني والبزار، ورجال البزار ثقات ".

وأقره الشيخ الأعظمي في تعليقه على " كشف الأستار " وذلك من أوهامهما، فإنه

عند البزار من طريق محمد بن أبان القرشي أيضا. وفي اعتقادي أن سبب الوهم هو

أنهما ظنا أنه محمد بن أبان بن وزير البلخي وهو ثقة حافظ من شيوخ البخاري،

وليس به.

كتبت هذا لما كثر السؤال عنه بمناسبة احتلال اليهود للضفة الغربية من الأردن أو

حزيران الماضي سنة 1967 م، أخزاهم الله وأذلهم، وطهر البلاد منهم ومن

أعوانهم.

1298 - " أبشر فإن الجالب إلى سوقنا كالمجاهد في سبيل الله، والمحتكر في سوقنا

كالملحد في كتاب الله ".

منكر

رواه الحاكم (2/12) عن إسماعيل بن أبي أويس: حدثني محمد بن طلحة عن

عبد الرحمن بن طلحة عن عبد الرحمن بن أبي بكر بن المغيرة عن عمه اليسع بن

المغيرة قال:

 

(3/461)

 

 

مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل بالسوق يبيع طعاما بسعر هو أرخص من سعر

السوق، فقال: تبيع في سوقنا بسعر هو أرخص من سعرنا؟ قال: نعم. قال: صبرا

واحتسابا؟ قال: نعم. قال: فذكره.

سكت عليه الحاكم! وقال الذهبي:

" قلت: خبر منكر، وإسناد مظلم ".

وأعله الحافظ العراقي بقوله في " تخريج الإحياء " (4/189) :

" وهو مرسل ".

قلت: بل هو معضل، فإن اليسع هذا يروي عن عطاء بن أبي رباح وابن سيرين، ثم

هو مع إرساله قال أبو حاتم فيه:

" ليس بالقوي ".

وقال الحافظ:

" لين الحديث ".

وعبد الرحمن بن أبي بكر بن المغيرة لم أجد من ذكره، ولعله من أجل ذلك وصف

الذهبي إسناده بأنه مظلم!

وأما محمد بن طلحة عن عبد الرحمن بن طلحة، ففي الرواة محمد بن طلحة بن

عبد الرحمن بن طلحة التيمي، فلعله هو ولكن تحرف على بعض النساخ أوالرواة لفظ

(ابن) إلى (عن) . والله أعلم، وقد قال الذهبي فيه:

" وثق ".

وقال أبو حاتم:

" لا يحتج به ".

ثم رأيت ما يشهد لما قلته من التحريف، وهو أن الحافظ المزي ذكر في ترجمة محمد

ابن طلحة بن عبد الرحمن بن طلحة أنه روى عنه إسماعيل بن أبي أويس. وهذا

الحديث من روايته عنه كما ترى.

 

(3/462)

 

 

1299 - " إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات.. ".

ضعيف

أخرجه البخاري (6478 فتح) وأحمد (2/334) والمروزي في " زوائد الزهد " (

4393) والبيهقي في " الشعب " (2/67/1) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن

دينار، عن أبيه عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان:

الأولى: سوء حفظ عبد الرحمن هذا مع كونه قد احتج به البخاري، فقد خالفوه

وتكلموا فيه من قبل حفظه، وليس في صدقه.

1 - قال يحيى بن معين: " حدث يحيى القطان عنه، وفي حديثه عندي ضعف ".

رواه العقيلي في " الضعفاء " (2/339/936) ، وابن عدي في " الكامل " (4/1607

) .

2 - قال عمرو بن علي: لم أسمع عبد الرحمن (يعني ابن مهدي) يحدث عنه بشيء قط.

رواه ابن عدي.

3 - وقال أبو حاتم: " فيه لين، يكتب حديثه ولا يحتج به ".

رواه ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (2/4/254) .

4 - قال ابن حبان في " الضعفاء " (2/51) :

" كان ممن ينفرد عن أبيه بما لا يتابع عليه مع فحش الخطأ في روايته، لا يجوز

الاحتجاج بخبره إذا انفرد، كان يحيى القطان يحدث عنه، وكان محمد بن إسماعيل

البخاري ممن يحتج به في كتابه ويترك حماد بن سلمة ".

5 - وقال ابن عدي في آخر ترجمته بعد أن ساق له عدة أحاديث: " بعض ما يرويه

منكر لا يتابع عليه، وهو في جملة من يكتب حديثه من الضعفاء ".

 

(3/463)

 

 

6 - وقال الدارقطني:

" خالف فيه البخاري الناس، وليس بمتروك ".

7 - وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" وثق، وقال ابن معين: في حديثه ضعف ".

وتبنى في " الكاشف " قول أبي حاتم في تليينه.

8 - ولخص هذه الأقوال ابن حجر في " التقريب " فقال: " صدوق يخطىء ".

ولا يخالف هؤلاء قول ابن المديني: " صدوق ". وقول البغوي: " صالح الحديث "

، لأن الصدق لا ينافي سوء الحفظ. وأما قول البغوي فشاذ مخالف لمن تقدم ذكرهم

فهم أكثر وأعلم، وكأنه لذلك لم يورده الحافظ في ترجمة عبد الرحمن هذا من "

مقدمة الفتح " (ص 417) بل ذكر قول الدارقطني وغيره من الجارحين، ولم يستطع

أن يرفع من شأنه إلا بقوله:

" ويكفيه رواية يحيى القطان عنه ".

وقد ساق له حديثا (ص 462) مما انتقده الدارقطني على البخاري لزيادة تفرد بها

، فقال الدارقطني:

" لم يقل هذا غير عبد الرحمن، وغيره أثبت منه وباقي الحديث صحيح ".

ولم يتعقبه الحافظ بشيء بل أقره فراجعه إن شئت.

وبالجملة فضعف هذا الراوي بعد اتفاق أولئك الأئمة عليه أمر لا ينبغي أن يتوقف

فيه باحث، أويرتاب فيه منصف.

وإن مما يؤكد ذلك ما يلي:

والأخرى: مخالفة الإمام مالك إياه في رفعه، فقال في " موطئه " (3/149) :

عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح السمان أنه أخبره أن أبا هريرة قال: فذكره

موقوفا عليه وزاد:

 

(3/464)

 

 

" في الجنة ".

فرواية مالك هذه موقوفا مع هذه الزيادة يؤكد أن عبد الرحمن لم يحفظ الحديث فزاد

في إسناده فجعله مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ونقص من متنه ما زاده

فيه جبل الحفظ الإمام مالك رحمه الله تعالى. وثمة دليل آخر على قلة ضبطه أن

في الحديث زيادة شطر آخر بلفظ:

" وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهو ي بها في جهنم ".

فقد أخرجه الشيخان من طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا به إلا أنه قال:

".. ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب ".

وعند الترمذي وحسنه بلفظ:

".. لا يرى بها بأسا يهو ي بها سبعين خريفا في النار ".

وقد خرجت هذه الطريق الصحيحة مع شاهد لها في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " برقم

(540) . ثم خرجت له شاهدا من غير حديث أبي هريرة برقم (888) .

وبعد فقط أطلت الكلام على هذا الحديث وراويه دفاعا عن السنة ولكي لا يتقول

متقول، أويقول قائل من جاهل أوحاسد أومغرض:

إن الألباني قد طعن في " صحيح البخاري " وضعف حديثه، فقد تبين لكل ذي بصيرة

أنني لم أحكم عقلي أورأيي كما يفعل أهل الأهواء قديما وحديثا، وإنما تمسكت

بما قاله العلماء في هذا الراوي وما تقتضيه قواعدهم في هذا العلم الشريف

ومصطلحه من رد حديث الضعيف، وبخاصة إذا خالف الثقة. والله ولي التوفيق.

1300 - " آخر قرية من قرى الإسلام خرابا المدينة ".

ضعيف

رواه الترمذي (2/326) وابن حبان (1041) وأبو عمرو الداني في " السنن

الواردة في الفتن " (68 - 69) عن سلم بن جنادة قال: حدثني أبي عن هشام بن

عروة عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. وقال الترمذي:

 

(3/465)

 

 

" هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث جنادة عن هشام بن عروة، قال:

تعجب محمد بن إسماعيل من حديث أبي هريرة هذا ".

وقال المناوي في " فيض القدير ":

" رمز المصنف لضعفه، وهو كما قال، فإن الترمذي ذكر في " العلل " أنه سأل عنه

البخاري؟ فلم يعرفه، وجعل يتعجب منه، وقال: كنت أرى أن جنادة هذا مقارب

الحديث انتهى. وقد جزم بضعف جنادة المذكور جمع منهم المزي وغيره ".

قلت: وفي " التهذيب ":

" قال أبو زرعة: ضعيف. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث؛ ما أقربه من أن يترك

حديثه، عمد إلى أحاديث موسى بن عقبة فحدث بها عن عبيد الله بن عمر. وذكره

ابن حبان في " الثقات ". قلت: وقال الساجي: حدث عن هشام بن عروة حديثا

منكرا ".

قلت: ولعله يعني هذا. ثم ذكر أنه وثقه ابن خزيمة أيضا، وكأن ابن حبان أخذ

توثيقه عنه فإنه شيخه، وهما متساهلان في التوثيق، كما هو معلوم عند أهل

العلم والتحقيق، فتضعيف من ضعفه أولى بالاعتماد منهما.

1301 - " طلب الحلال جهاد، وإن الله يحب المؤمن المحترف ".

ضعيف

أخرجه محمد بن مخلد في " فوائده " من طريق ابن فضيل عن ليث عن مجاهد عن ابن

عباس مرفوعا.

وكذا رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (9/2/89/2) وكتب بعض الحفاظ وأظنه

ابن المحب، كتب على الهامش بجانبه:

" ساقط ".

قلت: وعلته ليث وهو ابن أبي سليم، ضعيف كان اختلط.

ومن طريقه أخرج الشطر الأول منه ابن عدي في " الكامل " (312/1) لكنه جعله من

مسند ابن عمر. وهو رواية لابن مخلد بالشطر الثاني فقط.

وكذلك أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2/128) وقال عن أبيه:

 

(3/466)

 

 

" هذا حديث منكر ".

وللشطر هذا طريق أخرى عن ابن عمر أخرجه ابن عدي (24/1) من طريق أبي الربيع

السمان عن عاصم بن عبيد الله عن سالم عنه.

وكذلك أخرجه الطبراني في " الكبير " (3/193/2) وفي " الأوسط " (رقم - 9097

) والباغندي في " حديث شيبان وغيره " (190/1) وقال الطبراني:

" لا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو الربيع ".

قلت: واسمه أشعث بن سعيد السمان وهو متروك كما في " التقريب ".

ومن هذا التخريج يتبين تقصير الهيثمي بإعلاله الحديث بعاصم فقط! قال في "

المجمع " (4/62) :

" رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط " وفيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف "!

وإن كان لابد من الاقتصار في الإعلال على أحدهما فإعلاله بأبي الربيع أولى

لأنه أضعف الرجلين. وقد ساق الذهبي الحديث في ترجمته في جملة ما أنكر عليه من

الأحاديث.

1302 - " آفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان، وآفة الحلم السفه، وآفة العبادة

الفترة، وآفة الظرف الصلف، وآفة الشجاعة البغي، وآفة السماحة المن،

وآفة الجمال الخيلاء ".

موضوع

رواه الطبراني في " الكبير " (2688) والقضاعي في " مسند الشهاب " (8/2) عن

محمد بن عبد الله أبو رجاء الحبطي عن أبي إسحاق عن الحارث أن عليا رضي الله

عنه قال: فذكره مرفوعا.

ثم رواه هو وأبو بكر الأبهري في " الفوائد المنتقاة " (ق 136/2 - 138/2) عن

حماد بن عمرو النصيبي أبي إسماعيل عن السري بن خالد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن

جده علي به وزاد:

 

(3/467)

 

 

" وآفة الظرف الصلف، وآفة الجود السرف، وآفة الدين الهو ى ".

قلت: وكتب أحد المحدثين - وأظنه ابن المحب - على الهامش أنه حديث موضوع.

قلت: وذلك لظهو ر الصنع والوضع في متنه، وآفته الحارث؛ وهو الأعور

الهمداني ضعيف متهم.

وفي الطريق الأخرى النصيبي وهو وضاع. والسري بن خالد مجهول.

وأخرجه الديلمي في " مسنده " (1/1/77) من طريق ابن لال عن محمد بن بكير

الحضرمي حدثنا الحسن بن عبد الحميد الكوفي عن أبيه عن جعفر بن محمد به.

والحسن هذا متهم، قال الذهبي:

" لا يدرى من هو، روى عنه محمد بن بكير حديثا موضوعا في ذكر علي عليه السلام ".

وكذا في " اللسان ".

والحديث من أحاديث " الجامع الصغير " الموضوعة وما أكثرها فيه، فكن على ذكر

منها وحذر.

1303 - " آفة العلم النسيان، وإضاعته أن تحدث به غير أهله ".

ضعيف

رواه أبو سعيد الأشج في " حديثه " (222/1) حدثنا أبو أسامة عن الأعمش قال

: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ورواه أبو الحسين الأبنوسي في " الفوائد " (24/2) عن علي بن الحسين قال:

حدثنا أبو داود عن الأعمش قال: كان يقال: فذكره ولم يرفعه.

قلت: والوقف أصح، والمرفوع ضعيف معضل.

 

(3/468)

 

 

1304 - " آل محمد كل تقي ".

ضعيف جدا

وهو من حديث أنس، وله عنه ثلاث طرق:

 

(3/468)

 

 

الأولى: عن نافع أبي هرمز قال: سمعت أنس بن مالك قال: قيل: يا رسول الله من

آل محمد؟ قال: كل تقي.

أخرجه أبو بكر الشافعي في " الرباعيات " (2/19/2) وأبو الشيخ في " عواليه "

(2/34/1) وتمام في " الفوائد " (239/2) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح

المعاني " (149/1) وكذا العقيلي في " الضعفاء " (435) وقال:

" لا يتابع عليه - يعني أبا هرمز - الغالب على حديثه الوهم ".

قلت: قال الذهبي في " الميزان ":

" ضعفه أحمد وجماعة، وكذبه ابن معين مرة، وقال أبو حاتم: متروك ذاهب

الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة ".

ثم ساق له هذا الحديث.

الثانية: قال أبو بكر الشافعي: حدثنا محمد بن سليمان: حدثنا أبو نعيم:

حدثنا مصعب بن سليم الزهري قال: سمعت أنس بن مالك به.

قلت: وهذا إسناد واه جدا، رجاله ثقات، رجال مسلم غير محمد بن سليمان هذا

وهو ابن هشام أبو جعفر الخزاز المعروف بابن بنت مطر الوراق، وهو متهم.

قال الذهبي: " ضعفوه بمرة. قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال. وقال

ابن عدي: يوصل الحديث ويسرق ". ثم ساق له أحاديث من أكاذيبه!

الثالثة: عن نعيم بن حماد: حدثنا نوح بن أبي مريم عن يحيى بن سعيد الأنصاري

عن أنس بن مالك به وزاد: " إن أولياؤه إلا المتقون ".

أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 63) وقال: " تفرد به نعيم ".

قلت: وهو ضعيف. لكن شيخه نوح بن أبي مريم كذاب فهو آفته. لكن تابعه محمد بن

مزاحم: حدثنا النضر بن محمد الشيباني عن يحيى بن سعيد به.

أخرجه الديلمي في " مسنده " (1/1/75) وسكت عنه الحافظ في مختصره، ومحمد بن

مزاحم وهو أخوالضحاك بن مزاحم؛ متروك الحديث كما قال أبو حاتم،

 

(3/469)

 

 

وشيخه

النضر بن محمد الشيباني لم أعرفه.

وجملة القول أن الحديث ضعيف جدا، لشدة ضعف رواته وتجرده من شاهد يعتبر به.

1305 - " أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم

أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة ".

ضعيف

أخرجه الترمذي (3/346 - تحفة) وابن ماجه (2/587) قالا: حدثنا عباس بن

محمد الدوري البغدادي، وابن أبي الدنيا في " صفة النار " (ق 9/1) حدثني أبو

الفضل مولى بني هاشم قالا: نا يحيى بن أبي بكير: نا شريك عن عاصم عن أبي صالح

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

وقال الترمذي وحده:

" حدثنا سويد بن نصر أنا عبد الله عن شريك عن عاصم عن أبي صالح أورجل آخر عن

أبي هريرة نحوه، ولم يرفعه وحديث أبي هريرة في هذا موقوف أصح، ولا أعلم

أحدا رفعه غير يحيى بن أبي بكير عن شريك ".

قلت: يحيى هذا ثقة محتج به في الصحيحين، فلا مجال للغمز منه، ولا سيما

وفوقه شريك وهو ابن عبد الله النخعي القاضي وهو سيء الحفظ كما مر في هذه

السلسلة مرارا، فهو علة الحديث، ويؤكد ذلك اضطرابه فيه فتارة يرفعه وأخرى

يوقفه، وتارة يجزم في إسناده فيقول: عن أبي صالح، وتارة يشك فيه فيقول: "

عن أبي صالح أوعن رجل آخر "، وذلك من علامات قلة ضبطه وسوء حفظه فلا جرم

ضعفه أهل العلم والمعرفة بالرجال، فالحديث ضعيف مرفوعا وموقوفا.

نعم قد صح بعضه عن أبي هريرة موقوفا، أخرجه مالك في " الموطأ " (3/156) عن

عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال:

" أترونها حمراء كناركم هذه؟ لهي أسود من القار. والقار الزفت ".

 

(3/470)

 

 

قلت: وهذا سند صحيح على شرط الشيخين، ولولا أنه يحتمل أن يكون من

الإسرائيليات لقلت - كما قال غيري - إنه في حكم الموضوع. والله أعلم.

والحديث قال ابن كثير في تفسيره (4/544) بعد أن ذكره من المصدرين السابقين:

" وقد روي هذا من حديث أنس، وعمر بن الخطاب ".

قلت: حديث أنس ضعيف الإسناد، ومع ذلك فهو مختصر ليس فيه إلا الجملة الأخيرة

منه في حديث آخر بلفظ:

" ونار جهنم سوداء مظلمة ".

قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/388) :

" رواه البزار، ورجاله ضعفاء على توثيق لين فيهم ".

قلت: فيه تساهل ظاهر، فإن من رجاله زائد بن أبي الرقاد كما تبين من الرجوع

إلى " كشف الأستار " (3489) .

وقد أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: " قال البخاري: منكر الحديث ".

وأما حديث عمر فواه جدا، بل آثار الوضع عليه لائحة فلابد من ذكره على طوله،

وهو الآتي بعده.

هذا الحديث من الأحاديث الكثيرة الضعيفة التي ضخم بها الشيخ الصابوني الحلبي

كتابه " مختصر تفسير ابن كثير " (3/670) وما كنت لأهتم بذلك لولا أنه تشبع

بما لم يعط وزعم في مقدمته أنه اقتصر فيه على الأحاديث الصحيحة، وواقع

الكتاب يكذبه. وقد كنت بينت ذلك بيانا شافيا، مع بعض الأمثلة في مقدمة

المجلد الرابع من " الصحيحة "، وهذا الحديث من الأمثلة الجديدة على ذلك،

وتقدم غيره.

ثم اطلعت على " مختصر تفسير ابن كثير " للشيخ نسيب الرفاعي الحلبي، فإذا به قد

سبق ابن بلده إلى هذا الزعم الكاذب في مقدمته، وأخل به كإخلاله أوأشد، فقد

زاد عليه في التشبع بما لم يعط: أنه وضع في آخر كل مجلد فهرسا لأحاديثه صدر كل

حديث منها بذكر مرتبته بقوله: " صح "، " حسن " وأحيانا " مرسل " " ض " كل

ذلك بمحض رأيه غير

 

(3/471)

 

 

مستند في ذلك إلى عالم بهذا الفن حتى ولا إلى ابن كثير نفسه

، ولا مجال الآن لضرب الأمثلة، وقد مر شيء منها، ثم إني أذكر أنني خرجت

مثالا واحدا منها صححه بجهل بالغ، وفي إسناده عند ابن كثير من قال فيه ابن

معين: كذاب يضع الحديث، وسيأتي هذا الحديث برقم (5655) بإذن الله تعالى.

كتبت هذا نصحا للقراء وتحذيرا، والله المستعان من المتاجرين بادعاء العلم في

آخر الزمان.

1306 - " يا جبريل مالي أراك متغير اللون؟ فقال: ما جئتك حتى أمر الله عز وجل

بمفاتيح النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جبريل صف لي النار،

وانعت لي جهنم، فقال جبريل: إن الله تبارك وتعالى أمر بجهنم فأوقد عليها

ألف عام حتى ابيضت، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت، ثم أمر فأوقد

عليها ألف عام حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة، لا يضيء شررها، ولا يطفأ لهبها

، والذي بعثك بالحق لوأن ثوبا من ثياب النار علق بين السماء والأرض لمات من

في الأرض جميعا من حره، والذي بعثك بالحق لوأن خازنا من خزنة جهنم برز إلى

أهل الدنيا فنظروا إليه لمات من في الأرض كلهم من قبح وجهه ومن نتن ريحه،

والذي بعثك بالحق لوأن حلقة من حلق سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه

وضعت على جبال الدنيا لا رفضت وما تقارت حتى تنتهي إلى الأرض السفلى، فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسبي يا جبريل لا يتصدع قلبي فأموت قال: فنظر

رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبريل وهو يبكي، فقال: تبكي يا جبريل؟

وأنت من الله بالمكان الذي أنت به! قال: ومالي لا أبكي؟ أنا أحق بالبكاء

لعلي أن أكون في علم الله على غير الحال التي أنا عليها، وما أدري لعلي أبتلى

بمثل ما ابتلي به إبليس، فقد كان من

 

(3/472)

 

 

الملائكة، وما يدريني لعلي أبتلى بمثل

ما ابتلي به هاروت وماروت، قال: فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى

جبريل عليه السلام، فما زالا يبكيان حتى نوديا: أن يا جبريل ويا محمد: إن

الله عز وجل قد أمنكما أن تعصيا. فارتفع جبريل عليه السلام، وخرج رسول الله

صلى الله عليه وسلم فمر بقوم من الأنصار يضحكون ويلعبون، فقال: أتضحكون

ووراءكم جهنم؟ ! لوتعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، ولما

أسغتم الطعام والشراب، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل. فنودي

: يا محمد: لا تقنط عبادي، إنما بعثتك ميسرا، ولم أبعثك معسرا، فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم: سددوا، وقاربوا ".

موضوع بهذا السياق والتمام

أخرجه ابن أبي الدنيا في " صفة النار " (ق 9/1) والطبراني في المعجم الأوسط (2750 - بترقيمي لمصورة الجامعة الإسلامية) عن سلام الطويل عن الأجلح بن

عبد الله الكندي عن عدي بن عدي الكندي قال: قال: عمر بن الخطاب: جاء

جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حين غير حينه الذي كان يأتيه فيه، فقام

إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. وقال الطبراني:

" لا يروى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد تفرد به سلام ".

قلت: وقال الهيثمي (10/386 - 387) بعد ما عزاه للطبراني:

" وهو مجمع على ضعفه ".

قلت: وقد اتهمه غير واحد بالكذب والوضع كما تقدم غير ما مرة، وقال ابن

حبان في " الضعفاء والمتروكين ":

" يروي عن الثقات الموضوعات كأنه كان المتعمد لها ".

قلت: وفي هذا الحديث ما يؤكد ما اتهموه به أعظمها قوله في إبليس: " كان من

الملائكة " وهذا خلاف القرآن: " وكان من الجن ففسق عن أمر ربه ". ثم إن

الملائكة

 

(3/473)

 

 

خلقت من نور كما في " صحيح مسلم "، وهو مخرج في " الصحيحة " (458)

، وأما إبليس فخلق من نار كما في القرآن والحديث.

ونحوه قوله: " ما ابتلي به هاروت وماروت، فإنه يشير إلى ما يروى من قصتهما

مع الزهرة ومراودتهما إياها وشربهما الخمر وقتلهما الصبي، وهي قصة باطلة

مخالفة للقرآن أيضا كما سبق بيانه في المجلد الأول برقم (170) .

ولا يفوتني التنبيه أن قوله: " لوتعلمون ... " إلى قوله: " تجأرون إلى الله

عز وجل " قد جاء طرفه الأول في " الصحيحين "، والباقي عند الحاكم وغيره،

فانظر الحديث الآتي إن شاء الله برقم (4354) . وتخريج " فقه السيرة " (ص

479) .

1307 - " استعيذوا بالله من المغاقر، قيل: وما المغاقر؟ قال: الإمام الجائر الذي

إن أحسنت لم يقبل، وإن أسأت لم يتجاوز، ومن جار السوء الذي عينه تراك

وقلبه يرعاك، وإن رأى خيرا دفنه، وإن رأى شرا أذاعه ".

ضعيف جدا

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 174/1) عن أحمد بن إسماعيل المدني: حدثنا

سعد بن سعيد المقبري عن أخيه عن جده عن أبي هريرة مرفوعا. وقال:

" وهذا أخاف أن يكون البلاء فيه من أحمد بن إسماعيل المدني، وهو الذي يقال

له: أبو حذافة، ضعيف جدا، لا من سعد بن سعيد ".

وتعقبه الذهبي بقوله في أحمد هذا في " الميزان ":

" لم ينقم على أبي حذافة متن، بل إسناد، ولم يكن ممن يتعمد ". يعني الكذب.

قلت: فالأرجح أن آفة هذا الحديث هو أخوسعد هذا المذكور في الإسناد، واسمه

عبد الله بن سعيد المقبري فقد قال فيه يحيى بن سعيد:

" استبان لي كذبه في مجلس ".

وقال الذهبي:

" ساقط بمرة ".

 

(3/474)

 

 

وللحديث طريق آخر عن أبي هريرة مرفوعا نحوه، وإسناده ضعيف جدا أيضا،

وسيأتي بيان ذلك برقم (3412) .

1308 - " من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة، ووجبت له الجنة ومن قال: سبحان الله

وبحمده مائة كتب الله له ألف حسنة وأربعا وعشرين حسنة، قالوا:

يا رسول الله إذا لا يهلك منا أحد؟ قال: بلى، إن أحدكم ليجيء بالحسنات لو

وضعت على جبل أثقلته، ثم تجيء النعم، فتذهب بتلك، ثم يتطاول الرب بعد ذلك

برحمته ".

موضوع

أخرجه الحاكم (4/251) من طريق أحمد بن شريح أنبأ محمد بن يونس السامي (1) .

حدثنا يحيى بن شعبة بن يزيد: حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري

عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره

وقال:

" صحيح الإسناد شاهد لحديث سليمان بن هرم ".

قلت: ووافقه الذهبي، وذلك من أوهامه، فإن يحيى بن شعبة بن يزيد، وأحمد

ابن شريح لم أجد لهما ترجمة. ومحمد بن يونس؛ هو الكديمي، وهو واه جدا،

اتهمه غير واحد بالكذب والوضع، فأنى لحديثه الصحة، ولا سيما من فوقه ومن

دونه مجهول.

__________

(1) الأصل (اليمامي) والتصحيح من " التهذيب " و" تاريخ الخطيب " و" المشتبه " للذهبي. اهـ

 

(3/475)

 

 

1309 - " ثلاثون خلافة نبوة، وثلاثون نبوة وملك، وثلاثون ملك وتجبر، وما وراء

ذلك فلا خير فيه ".

ضعيف

أخرجه يعقوب بن سفيان في " تاريخه " (2/361) والطبراني في " المعجم الأوسط "

(9424 - بترقيمي) من طريق مطر بن العلاء الفزاري قال: حدثنا عبد الملك بن

يسار الثقفي قال: حدثني أبو أمية الشعباني - وكان قد أدرك الجاهلية - قال:

حدثني معاذ بن جبل مرفوعا، واللفظ ليعقوب، وليس عند الطبراني الثلاثون

الأولى

 

(3/475)

 

 

وقال: " لا يروى عن أبي أمية إلا بهذا الإسناد، تفرد به سليمان بن عبد الرحمن ".

قلت: هو ثقة، لكن شيخه مطر بن العلاء الفزاري شبه مجهول، لم يذكروا له راويا

غير سليمان هذا، وقال ابن أبي حاتم (4/1/289) عن أبيه: " هو شيخ ".

وترجم له ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (16/295 - 296) ولم يذكر فيه سوى قول

أبي حاتم هذا. وأما ابن حبان فذكره في تبع أتباع التابعين من " ثقاته " (

9/189) .

ولم يقف الهيثمي له على ترجمة فقال (5/190) بعد أن عزاه لأوسط الطبراني:

" وفيه مطر بن العلاء الرملي ولم أعرفه، وبقية رجاله الثقات ".

وفي الإسناد علة أخرى، وهي أبو أمية الشعباني واسمه (يحمد) وهو مجهول

الحال كما يبدو من ترجمته في " التهذيب "، فإنه ذكره من رواية ثلاثة عنه غير

معروفين: عمرو بن جارية اللخمي، وعبد الملك بن سفيان الثقفي، وعبد السلام

ابن مكلبة، ولم يوثقه غير ابن حبان ذكره (5/558) من رواية الأول فقط عنه،

وفي " التقريب ":

" مقبول ".

والأول منهم لم يوثقه أيضا غير ابن حبان (7/218) ، وقال فيه الحافظ:

" مقبول ". وبيض له الذهبي في " الكاشف ".

والثاني عبد الملك بن سفيان الثقفي لم أجد له ترجمة ولا في " ثقات ابن حبان ".

والثالث عبد السلام بن مكلبة لم أجده إلا برواية واحد عنه عند ابن أبي حاتم (3/1/47) فقط.

ثم إن في متن الحديث نكارة من وجوه أهمها قوله في آخره: " وما وراء ذلك فلا

خير فيه "، فإنه مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة بعد أن ذكر

الملك الجبري:

" ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت ".

وهو مخرج في " الصحيحة " (5) .

1310 - " أفضل الأعمال الحب في الله، والبغض في الله ".

ضعيف

أخرجه أبو داود (4599) من طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن

 

(3/476)

 

 

رجل عن أبي ذر

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

قلت: وهذا سند ضعيف من أجل الرجل الذي لم يسهم فهو مجهول. وأيضا فإن يزيد

ابن أبي زياد وهو القرشي الهاشمي مولاهم الكوفي ضعيف لسوء حفظه. وسيأتي من

رواية أحمد بلفظ: " أحب الأعمال ... " (1833) .

1311 - " مفاتيح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله ".

ضعيف

أخرجه أحمد (5/242) والبزار (رقم - 2 كشف الأستار) عن إسماعيل بن عياش عن

عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال البزار:

" شهر لم يسمع من معاذ ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف، شهر ضعيف لسوء حفظه، ثم إنه منقطع بين شهر ومعاذ،

كما أفاده البزار.

وإسماعيل بن عياش ثقة، ولكنه ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذه منها،

فإن شيخه ابن أبي حسين مكي.

 

(3/477)

 

 

1312 - " جاءني جبريل فقال: يا محمد! إذا توضأت فانتضح ".

منكر

أخرجه الترمذي (1/71/50) وابن ماجه (1/157/463) والعقيلي في " الضعفاء "

(ص 85) من طريق الحسن بن علي الهاشمي عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة:

" أن جبريل عليه السلام علم النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء فقال.. " فذكره.

وقال الترمذي:

" هذا حديث غريب. وسمعت محمدا (يعني: البخاري) يقول: الحسن بن علي

الهاشمي منكر الحديث ".

قلت: وهو متفق على تضعيفه. وقال العقيلي:

" لا يتابع عليه من هذا الوجه، وقد روي بغير هذا الإسناد بإسناد صالح ".

 

(3/477)

 

 

قلت: وكأنه يعني ما رواه ابن لهيعة عن عقيل عن الزهري عن عروة قال: حدثنا

أسامة بن زيد عن أبيه زيد بن حارثة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" علمني جبرائيل الوضوء، وأمرني أن أنضح تحت ثوبي لما يخرج من البول بعد

الوضوء ".

أخرجه ابن ماجه (رقم 462) والبيهقي (1/161) وأحمد (4/161) من طرق عن

ابن لهيعة به، والسياق لابن ماجه، وسياق الآخرين ليس فيه الأمر بالنضح،

وإنما هو من فعله صلى الله عليه وسلم، وكأن هذا الاختلاف، إنما هو من ابن

لهيعة فإنه سيء الحفظ، وقد تابعه على رواية الفعل رشدين بن سعد إلا أنه خالفه

في السند فقال: عن عقيل وقرة عن ابن شهاب عن عروة عن أسامة بن زيد أن جبريل

عليه السلام.. الحديث نحوه من فعله صلى الله عليه وسلم.

أخرجه الدارقطني في " سننه " (ص 41) وأحمد (5/203) وليس في سنده " وقرة ".

فالحديث الفعلي حسن بمجموع الطريقين عن عقيل، واختلاف ابن لهيعة وابن سعد في

إسناده لا يضر لأنه على كل حال مسند، فإن أسامة بن زيد صحابي كأبيه.

وأما الحديث القولي فمنكر. والله أعلم.

1313 - " الرفث: الإعرابة والتعريض للنساء بالجماع، والفسوق: المعاصي كلها،

والجدال: جدال الرجل صاحبه ".

ضعيف

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/102/2) : حدثنا يحيى بن عثمان بن

صالح: نا سوار بن محمد بن قريش العنبري البصري: نا يزيد بن زريع: نا روح بن

القاسم عن ابن طاووس عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل: " فلا رفث ولا فسوق ولا

جدال في الحج " قال: فذكره.

وبهذا الإسناد أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 174) في ترجمة سوار هذا

ونسبه العنبري وقال:

" ولا يتابع على رفع حديثه، بصري كان بمصر ".

ثم ساقه من طريق إسماعيل بن علية قال: حدثنا روح بن القاسم به موقوفا وقال:

 

(3/478)

 

 

" هذا أولى ".

وقال الذهبي في ترجمة سوار هذا:

" محله الصدق، رفع حديثا فأخطأ ".

يعني هذا الحديث، فقد ساقه الحافظ العسقلاني بعد كلمة الذهبي هذه، من طريق

العقيلي، ونقل عنه ما حكيناه عنه آنفا.

وأورده الضياء في " المختارة " (62/282/1) من طريق الطبراني به. ثم رواه من

طريق سهل بن عثمان: حدثنا يزيد بن زريع به موقوفا. وهذا يؤكد خطأ سوار في

رفعه لهذا الحديث.

ثم رواه من طريق سفيان بن عيينة عن ابن طاووس به موقوفا، وقال:

" أرى أن الموقوف أولى من المرفوع، وروى البخاري نحوهذا تعليقا ".

1314 - " ليس منا من خصى، أواختصى، ولكن صم ووفر شعر جسدك ".

موضوع

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/117/1) عن معلى الجعفي عن ليث عن

مجاهد وعطاء عن ابن عباس قال:

" شكى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم العزوبة؛ فقال: ألا أختصي؟ فقال له

النبي صلى الله عليه وسلم: لا، ليس منا.. ".

قلت وهذا إسناد موضوع آفته المعلى هذا وهو ابن هلال الحضرمي ويقال: الجعفي

الطحان الكوفي، وهو كذاب وضاع، شهد بذلك كبار الأئمة مثل السفيانين وابن

المبارك وابن المديني وغيرهم، وقال الحافظ في " التقريب ":

" اتفق النقاد على تكذيبه ".

وبه أعله الهيثمي (4/254) وقال فيه:

" متروك ".

قلت: فيا عجبا للسيوطي كيف لم يخجل من تسويد كتابه " الجامع الصغير " بهذا

الحديث؟ ! وليس هذا فحسب، بل قواه أيضا فيما زعم شارحه المناوي:

 

(3/479)

 

 

" ورواه البغوي في " شرح السنة " بسند فيه مقال، ورمز المصنف لحسنه "!

ثم إنني أخشى أن يكون في عزوالمناوي إياه للبغوي شيء من الوهم، أوالتساهل،

فقد روى البغوي حديثا آخر مطولا فيه الشطر الأول من هذا، من حديث عثمان بن

مظعون، لا من رواية ابن عباس، وهو الذي في إسناده مقال كما كنت نقلته في

تعليقي على " المشكاة " (724) .

وأقول الآن بعد أن تم طبع كتاب البغوي: " شرح السنة "، فإنه أورده (2/370)

من طريق رشدين بن سعد: حدثني ابن أنعم عن سعد بن مسعود أن عثمان بن مظعون أتى

النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ائذن لنا في الاختصاء، فقال رسول الله

صلى الله عليه وسلم:

" ليس منا من خصى ولا اختصى، إن اختصاء أمتي الصيام.. " الحديث فهذا الإسناد

فيه علتان:

الأولى: الإرسال، فإن سعد بن مسعود تابعي لم يدرك القصة ولم يسندها كما هو

ظاهر، وقد خفيت هذه العلة على المعلق على " الشرح " فلم يتعرض لها بذكر.

والثانية: ضعف رشدين وابن أنعم؛ واسمه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، وقد

سبق تضعيفهما أكثر من مرة.

ومع ضعف إسناده فليس فيه الشطر الثاني من الحديث كما رأيت.

ومن هذا التخريج والتحقيق يتبين أن المناوي أخطأ مرتين:

الأولى: أنه عزا حديث الترجمة للبغوي، والذي عنده حديث آخر متنا ومخرجا.

والأخرى: أنه أقر السيوطي على رمزه - كما قال - له بالحسن، وكان اللائق به

أن يتعقبه بأن فيه ذاك الكذاب الوضاع. على أنه لم يكتف بالإقرار المذكور، بل

صرح في " التيسير " بأن إسناد الطبراني حسن! وقلده الغماري كما سبق في

المقدمة (22 - 23) !

1315 - " من سبح الله مائة بالغداة، ومائة بالعشي، كان كمن حج مائة مرة، ومن

حمد الله مائة بالغداة، ومائة بالعشي، كان كمن حمل على مائة فرس في

سبيل الله، أوقال: غزا مائة غزوة، ومن هلل الله مائة بالغداة ومائة

 

(3/480)

 

 

بالعشي لم يأت في ذلك اليوم أحد بأكثر مما أتى، إلا من قال مثلما قال، أوزاد

على مثل ما قال ".

ضعيف

أخرجه الترمذي (2/259) من طريق أبي سفيان الحميري - هو سعيد بن يحيى الواسطي

- عن الضحاك بن حمرة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم: فذكره وقال:

" حديث حسن غريب ".

قلت: بل هو ضعيف الإسناد منكر المتن في نقدي، فإن ابن حمرة بضم الحاء وفتح

الراء ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب " ولذلك تعقب الذهبي الترمذي بقوله:

" وحسنه فلم يصنع شيئا ".

1316 - " يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبل، فيغفرها لهم، ويضعها

على اليهود والنصارى ".

منكر بهذا اللفظ

تفرد به حرمي بن عمارة: حدثنا شداد أبو طلحة الراسبي عن غيلان بن جرير عن أبي

بردة عن أبيه (يعني أبا موس الأشعري) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

فذكره وزاد آخره: " فيما أحسب أنا. قال أبو روح: لا أدري ممن الشك ".

أخرجه مسلم (8/105) من هذا الوجه، وأخرجه من طريق طلحة بن يحيى وعون بن

عتبة وسعيد بن أبي بردة نحوه دون قوله: " ويضعها.. " وكذلك أخرجه أحمد (

4/391) عن عون وسعيد، و (4/402) عن بريد وهو ابن عبد الله بن أبي بردة،

و (4/407) عن عمارة ومحمد بن المنكدر، و (4/408) عن معاوية بن إسحاق،

و (4/410) عن طلحة بن يحيى أيضا، كلهم قالوا: عن أبي بردة به نحوه دون قوله

: " ويضعها.. " ومن ألفاظهم عند مسلم:

" إذا كان يوم القيامة دفع الله عز وجل إلى كل مسلم يهوديا أونصرانيا فيقول:

هذا فكاكك من النار ".

هكذا رواه الجماعة عن أبي بردة دون تلك الزيادة، فهي عندي شاذة بل منكرة

 

(3/481)

 

 

لوجوه:

أولا: أن الراوي شك فيها، وهو عندي شداد أبو طلحة الراسبي، أوالراوي عنه

حرمي بن عمارة، ولكن هذا قد قال - وهو أبو روح -: " لا أدري ممن الشك "

فتعين أنه الراسبي، لأنه متكلم فيه من قبل حفظه، وإن كان ثقة في ذات نفسه،

ولذلك أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" قال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا. وقال العقيلي: له أحاديث لا يتابع

عليها ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" صدوق يخطىء ".

وليس له في مسلم إلا هذا الحديث. قال الحافظ في " التهذيب ":

" لكنه في الشواهد ".

ثانيا: ولما كان قد تفرد بهذه الزيادة التي ليس لها شاهد في الطرق السابقة،

وكان فيه ما ذكرنا من الضعف في الحفظ، فالقواعد الحديثية تعطينا أنها زيادة

منكرة، كما لا يخفى على المهرة.

ثالثا: أن هذه الزيادة مخالفة للقرآن القائل في غير ما آية: " ولا تزر

وازرة وزر أخرى " ولذلك اضطر النووي إلى تأويلها بقوله:

" معناه: أن الله يغفر تلك الذنوب للمسلمين ويسقطها عنهم، ويضع على اليهود

والنصارى مثلها بكفرهم وذنوبهم، فيدخلهم النار بأعمالهم لا بذنوب المسلمين،

ولابد من هذا التأويل لقوله تعالى: " ولا تزر وازرة وزر أخرى "، وقوله:

" ويضعها " مجاز، والمراد يضع عليهم مثلها بذنوبهم.. "!

وأقول: لكن التأويل فرع التصحيح، وقد أثبتنا بهذا التخريج والتحقيق أن

الحديث بهذه الزيادة منكر، فلا مسوغ لمثل هذا التأويل.

وليس كذلك أصل الحديث فإنه صحيح قطعا، ومعناه كما قال النووي:

" ما جاء في حديث أبي هريرة: لكل أحد منزل في الجنة، ومنزل في النار،

 

(3/482)

 

 

فالمؤمن إذا دخل الجنة خلفه الكافر في النار، لاستحقاقه ذلك بكفره، ومعنى (

فكاكك من النار) أنك كنت معرضا لدخول النار، وهذا فكاكك، لأن الله تعالى

قدر عددا يملؤها، فإذا دخلها الكفار بكفرهم وذنوبهم صاروا في معنى الفكاك

للمسلمين ". والله أعلم.

1317 - " أتاني جبريل عليه السلام لثلاث بقين من ذي القعدة فقال: دخلت العمرة إلى

الحج إلى يوم القيامة، فعند ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو

استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدى ".

ضعيف جدا

رواه المخلص في " الفوائد المنتقاة " (4/168/2) : حدثنا أحمد (يعني ابن

عبد الله بن سيف) : حدثنا يونس بن عبد الأعلى: حدثنا علي بن معبد: حدثنا

عبيد الله بن عمرو عن عمرو بن عبيد عن أبي جمرة عن ابن عباس مرفوعا.

وأخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/184/1) من طريق عبيد وهو المعتزلي

قال ابن حبان:

" كان يكذب في الحديث وهما لا تعمدا ".

وفي " التقريب ":

" اتهمه جماعة، مع أنه كان عابدا ".

ويبدو أن المناوي لم يقف على علة الحديث، ولذلك لم يزد على قوله:

" رمز المؤلف لحسنه "! ثم قلده في ذلك فقال في " التيسير ":

" وهو حسن "!

ومن أجل ذلك خرجته، ولما فيه من التأريخ.

وأما الشطر الثاني من الحديث فصحيح ثابت من حديث جابر الطويل في " مسلم "

وغيره، ومن حديث ابن عباس، وهما مخرجان في " الإرواء " (4/152 و201 -

203) .

 

(3/483)

 

 

1318 - " من صلى ركعتين لا يراه إلا الله عز وجل والملائكة كانت له براءة من النار ".

 

(3/483)

 

 

موضوع.

رواه ابن عساكر (12/264/1) عن محمد بن مروان عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة

عن جابر بن عبد الله مرفوعا.

قلت: وهذا موضوع، محمد بن مروان وهو السدي الصغير، قال الذهبي:

" تركوه، واتهمه بعضهم بالكذب ... ".

وقال الحافظ:

" متهم بالكذب ".

وهذا الحديث مما سود به السيوطي " جامعه " مع الأسف، ومن الظاهر أن المناوي

لم يقف على إسناد ابن عساكر، ولذلك لم يتعقبه بشيء، سوى أنه قال:

" ورواه أيضا أبو الشيخ والديلمي، فاقتصار المصنف على ابن عساكر غير جيد ".

وهذا التعقب ليس فيه كبير فائدة إلا لوكان من طريق أخرى، وهذا مما لم يبينه

، أولم يعلمه، وإلا لوجب أن يبينه، ولذلك بيض في " التيسير " له!

1319 - " إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم، وإنما فرض المواريث

لتكون لمن بعدكم ".

ضعيف

أخرجه أبو داود (1/264) والحاكم (1/408 - 409) والضياء المقدسي في "

المختارة " (67/112/1) من طريقين عن يحيى بن يعلى المحاربي: حدثنا أبي:

حدثنا غيلان عن جعفر بن إياس عن مجاهد عن ابن عباس قال:

لما نزلت هذه الآية: " والذين يكنزون الذهب والفضة.. " قال: كبر ذلك على

المسلمين، فقال عمر رضي الله عنه: أنا أفرج عنكم، فانطلق، فقال:

يا نبي الله! إنه كبر على أصحابك هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه

وسلم: فذكره، فكبر عمر، ثم قال له:

" ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرته، وإذا

أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته ".

وقال الحاكم:

" صحيح على شرط الشيخين "! ووافقه الذهبي! وأقره ابن كثير (2/351) .

 

(3/484)

 

 

وقال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2/36) :

" سنده صحيح ".

كذا قالوا، وفيه نظر عندي، أما كونه " على شرط الشيخين " فهو من الأوهام

الظاهرة، لأن غيلان - وهو ابن جامع - ليس من رجال البخاري، وإنما روى له

مسلم وحده.

وأما كونه صحيحا، فهو ما يبدو لأول وهلة، ولكني قد وجدت له علة، وهي

الانقطاع، فأخرجه الحاكم (2/333) من طريق إبراهيم بن إسحاق الزهري: حدثنا

يحيى بن يعلى بن الحارث المحاربي: حدثنا أبي: حدثنا غيلان بن جامع عن عثمان

ابن القطان الخزاعي عن جعفر بن إياس به. وقال:

" صحيح الإسناد ".

وتعقبه الذهبي فقال:

" قلت: عثمان لا أعرفه، والخبر عجيب ".

وأقول: ورجال إسناده ثقات معروفون من رجال " التهذيب " غير إبراهيم بن إسحاق

الزهري وهو ثقة كما قال الدارقطني، وله ترجمة في " تاريخ بغداد " (6/25 - 26) وقال:

" وكان ثقة خيرا فاضلا دينا صالحا، مات سنة (277) وقد بلغ ثلاثا وتسعين

سنة ".

قلت: فقد زاد في الإسناد بين غيلان وجعفر (عثمان) هذا فهي زيادة مقبولة،

ولا سيما وقد توبع عليها كما يأتي، فوجب أن نعرف حاله، وقد رأيت قول

الذهبي فيه آنفا:

" لا أعرفه ".

ولم يورده هو في " الميزان " ولا الحافظ في " اللسان ". فمن المحتمل أن يكون

هو عثمان بن عمير أبو اليقظان الكوفي الأعمى المترجم في " التهذيب "، فقد أورد

الحافظ ابن كثير (2/351) هذا الحديث من طريق ابن أبي حاتم قال: حدثنا أبي:

حدثنا حميد بن مالك: حدثنا يحيى بن يعلى المحاربي: حدثنا أبي: حدثنا غيلان

ابن جامع المحاربي عن عثمان بن أبي اليقظان عن جعفر به، وهكذا رواه ابن

الأعرابي في " معجمه " (ق 182/2 -

 

(3/485)

 

 

183/1) نا الترقفي: نا يحيى بن يعلى به.

ولا نعلم في الرواة " عثمان بن أبي اليقظان " فلعل لفظة (بن) زيادة من بعض

النساخ سهو ا، والأصل: (عثمان أبي اليقظان) ، ويؤيده أن المناوي ذكر في "

الفيض " أن الذهبي قال في " المهذب ":

" فيه عثمان أبو اليقظان، ضعفوه ".

قلت: و" المهذب " هذا للذهبي، وهو كالمختصر لـ " السنن الكبرى " للبيهقي،

ولكنه يتكلم على أحاديثه تصحيحا وتضعيفا بأوجز عبارة، كما رأيت آنفا، فهو

مثل " تلخيصه " على " المستدرك ". وهذا الحديث قد أخرجه البيهقي في " سننه "

(4/83) من طريق الصفار: حدثنا عباس بن عبد الله الترقفي: حدثنا يحيى بن

يعلى بن الحارث فذكره فقال: " عثمان أبي اليقظان ".

ثم ساقه من روايته عن شيخه الحاكم بإسناده من طريق إبراهيم بن إسحاق الزهري

المتقدم.. وقال البيهقي:

" فذكره بمثل إسناده، وقصر به بعض الرواة عن يحيى فلم يذكر في إسناده عثمان

أبا اليقظان ".

قلت: وفي قول البيهقي هذا فائدتان هامتان:

الأولى: أن قول الحاكم في هذا الإسناد المتقدم: " عثمان بن القطان الخزاعي "

هو من أخطائه الكثيرة التي وقعت في " مستدركه "، فحق للذهبي وغيره أن لا

يعرفه، لأنه وهم لا حقيقة له.

والأخرى: خطأ روايته الأولى التي ليس فيها ذكر لعثمان هذا، وأنه سقط من بعض

الرواة، وعليه فتصحيح من صححه خطأ أيضا، كما هو ظاهر، فالحمد لله الذي وافق

حكمي حكم الإمام البيهقي من حيث السقط، وأيد بكلامه الصريح الاحتمال المتقدم

مني أن هذا الساقط هو عثمان بن عمير أبو اليقظان.

ويؤيده قول الضياء عقب الحديث:

" رواه أحمد بن إبراهيم الدورقي وسليمان بن الشاذكوني عن يحيى بن يعلى بن

الحارث عن أبيه عن غيلان بن جامع عن عثمان بن عمير أبي اليقظان عن جعفر بن

 

(3/486)

 

 

إياس ".

قلت: فزاد في الإسناد (ابن عمير أبي اليقظان) ، فهذا يحملنا على الجزم بأن

من قال فيه " عثمان بن القطان "، أوعثمان بن أبي اليقظان " فقد أخطأ.

والخلاصة: أن علة الحديث عثمان بن عمير أبو اليقظان، وهو متفق على تضعيفه

كما يشعر بذلك قول الذهبي المتقدم في " المهذب ":

" ضعفوه ".

وكذلك قال في " الكاشف " و" الميزان " و" الضعفاء "، وقال الحافظ في "

التقريب ":

" ضعيف، واختلط، وكان يدلس، ويغلوفي التشيع ".

قلت: هذا الحديث جاء في بعض نسخ " الجامع الصغير " مرموزا له بالصحة، واغتر

بذلك اللجنة القائمة على تحقيق " الجامع الكبير " فقالوا (2/1600) :

الحديث في الصغير برقم 1774 ورمز لصحته "!

وقد أنبأناك مرارا أن رموز " الجامع " لا يعتد بها، وهذا من الأمثلة العديدة

على ذلك. ومن عجيب أمر هذه اللجنة أنها تركن إلى الرمز، ولا تعتمد على

تضعيف الحافظ الذهبي الذي نقله المناوي في شرحه وهو من مراجعهم، والرقم الذي

ذكروه هو رقم الحديث في شرحه. فهل يعني إعراضهم عن تضعيف المناوي له تبعا

للذهبي أن تصحيحهم للأحاديث ذوقي، وليس على المنهج العلمي الحديثي؟ !

ثم إنه قد وقع عندهم مرموزا للحديث بـ (ش د ع ك ن) ، و (ن) في اصطلاح

السيوطي إنما يعني النسائي، وليس عنده مطلقا، وإنما هو محرف من (ق) أي

البيهقي، ولوكان عند النسائي لقدم في الذكر على (ع ك) كما هي عادته تبعا

لعرف المحدثين لتقدمه عليهما طبقة وعلما.

(تنبيه) : هذا الحديث مما صححه الشيخ نسيب الرفاعي والشيخ الصابوني في "

مختصر تفسير ابن كثير " بإيرادهما إياه فيه، وزاد الأول على الآخر بأنه صرح

بصحته في فهرسه الذي وضعه في آخر المجلد الثاني (ص 227) ولئن كان من الممكن

الاعتذار

 

(3/487)

 

 

عنهما بأنهما اغترا بسكوت ابن كثير على تصحيح الحاكم المتقدم، فما

عذرهما في غيره من الأحاديث التي صححاها دون الناس جميعا أوعلى الأقل دون ابن

كثير وأسانيدها بينة الضعف؟ ! وقد تقدم بعضها، والحديث التالي مثال آخر

بالنسبة للرفاعي، ثم رأيت الغماري قد سلك سبيل هؤلاء فأورده في " كنزه "،

والله المستعان.

1320 - " إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم هو فيها من السماء،

فجزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك منها ".

ضعيف

أخرجه أبو داود (1/258 - 259) والطحاوي في " شرح معاني الآثار " (1/304 -

305) والبيهقي (4/174) والحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (ق 69/1 - 2

زوائده) كلهم من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم أنه سمع زياد بن نعيم

الحضرمي أنه سمع زياد بن الحارث الصدائي يقول:

أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومي، فقلت: يا رسول الله! أعطني من

صدقاتهم، ففعل، وكتب لي بذلك كتابا، فأتاه رجل فقال: يا رسول الله! أعطني

من الصدقات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

ومن هذا الوجه أخرجه يعقوب الفسوي في " التاريخ " (2/495) والطبراني في "

المعجم الكبير " (5/302/5285) مطولا وفيه عندهما قصة.

قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل عبد الرحمن هذا، فقد ضعفوه كما قال الذهبي في "

الضعفاء ":

" مشهور جليل، ضعفه ابن معين والنسائي، وقال الدارقطني: " ليس بالقوي "،

ووهاه أحمد ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" كان ضعيفا في حفظه، وكان رجلا صالحا ".

وبه أعله المناوي في " شرحيه ". وأشار البغوي في " شرح السنة " (6/90) إلى

تضعيفه، وذكر السيوطي في " الجامع الكبير " (4975) أنه رواه الدارقطني

وضعفه.

 

(3/488)

 

 

إذا عرفت هذا يتبين لك تهو ر الشيخ نسيب الرفاعي بإقدامه على تصحيح هذا الحديث

بإيراده إياه في " مختصر تفسير ابن كثير " وقد التزم في مقدمته أن لا يورد فيه

إلا الصحيح أوالحسن أحيانا! بل أقول: حتى ولولم يلتزم ذلك لم يجز له أن

يورده إلا ببيان ضعفه الذي ذكره ابن كثير نفسه بقوله (2/364) :

" رواه أبو داود من حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وفيه ضعف ".

والحق - والحق أقول - لقد كان موقف ابن بلده الصابوني تجاه هذا الحديث خيرا

من الرفاعي، فإنه لم يورده في " مختصره " وإن كنت لا أدري إذا كان ذلك منه

وقوفا مع تضعيف ابن كثير ووفاءا بشرطه، أم بدافع الاختصار فقط؟

وقد مضى حديث آخر لعبد الرحمن هذا برقم (35) هو جزء من القصة المشار إليها آنفا.

1321 - " لأن يتصدق الرجل في حياته بدرهم خير له من أن يتصدق بمائة عند موته ".

ضعيف

رواه أبو داود (2866) وابن حبان (821) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (198/1 - 2) والضياء في " المختارة " (10/98/2) عن ابن أبي فديك: أنبأ ابن

أبي ذئب عن شرحبيل عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله كلهم ثقات غير شرحبيل وهو ابن سعد أبو سعد

المدني، وهو ضعيف، يكاد يكون من المجمع على ضعفه، وقد اتهمه بعضهم، وقال

الحافظ في " التقريب ":

" صدوق اختلط بآخره ". ومنه تعلم أن قول المناوي:

" ثم قال: أعني ابن حبان: حديث صحيح، وأقره ابن حجر ".

فإنما صدر عن غير تحقيق، فإن ابن حبان ليس من عادته أن يعقب على الأحاديث

بقوله: " حديث صحيح "، ولا نقله الهيثمي في " موارد الظمآن " عقب هذا الحديث

، وإنما أوقعه في هذا الخطأ قول الحافظ في " الفتح " (5/374) في هذا الحديث:

" رواه أبو داود، وصححه ابن حبان ".

 

(3/489)

 

 

وهذا لا يعني أنه قال: " حديث صحيح " لما ذكرنا، وغنما يعني: رواه ابن

حبان. في " صحيحه " وهذا شيء معروف عند أهل العلم، وجره هذا الخطأ إلى

التصريح بصحة سنده في " التيسير ". وتقدم غيره.

نقول هذا بيانا للواقع، وإلا فلا فرق عند الباحثين والعارفين بتساهل ابن

حبان بين إخراجه للحديث في " صحيحه " وسكوته عنه، وبين ما لوقال فيه: "

حديث صحيح " فإنه لابد في الحالتين من التأكد من صحة حكمه بالصحة، وقد فعلنا

، فنقلنا قول الحافظ فيه الدال على ضعفه، وأن إقراره لتصحيح ابن حبان لحديثه

لا حجة فيه بعد معرفة ضعف راويه، وقد أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" اتهمه ابن أبي ذئب، وضعفه الدارقطني وغيره ".

ثم رأيت الغماري قلد المناوي - كعادته - فأورد الحديث في " كنزه ".

1322 - " مثل الذي يعتق عند الموت كمثل الذي يهدي إذا شبع ".

ضعيف

أخرجه أبو داود (3968) والنسائي (2/125) والترمذي (2/17) والدارمي (

2/413) وابن حبان (1219) وأحمد (5/197 و6/448) وعبد بن حميد في "

المنتخب من المسند " (ق 28/1) وابن الأعرابي في " المعجم " (ق 190/2) عن

أبي إسحاق عن أبي حبيبة الطائي قال:

" أوصى إلي أخي بطائفة من ماله، فلقيت أبا الدرداء، فقلت: إن أخي أوصى

إلي بطائفة من ماله، فإن ترى لي وضعه في الفقراء أوالمساكين أوالمجاهدين في

سبيل الله، فقال: أما أنا فلوكنت لم أعدل بالمجاهدين، سمعت رسول الله

صلى الله عليه وسلم يقول: ... "، فذكره والسياق للترمذي وقال:

" حديث حسن صحيح ".

كذا قال. وأبو حبيبة هذا في عداد المجهولين، فإنه لا يعرف له راوغير أبي

إسحاق، ولذلك قال الحافظ فيه:

" مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث، ولم يتابع فيما علمت.

ولذلك قال الذهبي في " الميزان ": " لا يدرى من هو؟ وقد صحح له الترمذي ".

 

(3/490)

 

 

فتحسين الحافظ لإسناده في " الفتح " (5/374) غير حسن، وإن وافقه المناوي وقلده الغماري، وأقره المعلق على " شرح السنة " (6/172) . والله المستعان.

1323 - " يعظم أهل النار في النار، حتى إن بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة

سبعمائة عام، وإن غلظ جلده سبعون ذراعا، وإن ضرسه مثل أحد ".

ضعيف

أخرجه أحمد (2/26) : حدثنا وكيع: حدثني أبو يحيى الطويل عن أبي يحيى القتات

عن مجاهد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قلت: وهذا سند ضعيف، أبو يحيى القتات، مشهور بكنيته، وقد اختلف في اسمه،

وهو لين الحديث. ومثله أبو يحيى الطويل واسمه عمران بن زيد التغلبي لين

أيضا، كما في " التقريب ". ومع هذا الضعف صححه الغماري، فأورده في " كنزه ".

ويعارض هذا الحديث ما عند مسلم في " صحيحه " (8/154) عن أبي هريرة قال: قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" ضرس الكافر أوناب الكافر مثل أحد، وغلظ جلده مسيرة ثلاث ".

ويعارضه أيضا حديث:

" إن بين شحمة أذن أحدهم وبين عاتقه مسيرة سبعين خريفا ... ".

أخرجه أحمد بإسناد صحيح كما بينته في الكتاب الآخر (560) .

 

(3/491)

 

 

1324 - " أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، واضربوا الهام، تورثوا الجنان ".

ضعيف

أخرجه الترمذي (1/340) من طريق عثمان بن عبد الرحمن الجمحي عن محمد بن زياد

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم به وقال:

" حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن زياد عن أبي هريرة ".

كذا قال! والجمحي هذا، لم يوثقه أحد، بل قال البخاري:

" مجهول ". وقال أبو حاتم:

 

(3/491)

 

 

" ليس بالقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به ". واعتمده الحافظ في " التقريب ".

وللحديث طريق أخرى دون الفقرة الثالثة، يرويه قتادة عن أبي ميمونة عن أبي

هريرة قال:

" قلت: يا رسول الله! إذا رأيتك طابت نفسي، وقرت عيني، فأنبئني عن كل شيء

، فقال: " كل شيء خلق من ماء ". قال: قلت: يا رسول الله! أنبئني عن أمر

إذا أخذت به دخلت الجنة، قال: " أفش السلام، وأطعم الطعام، وصل الأرحام،

وقم بالليل والناس نيام، ثم ادخل الجنة بسلام ".

أخرجه ابن حبان (642) وأحمد (2/295 و323 - 324 و493) .

قلت: وهذا إسناد ضعيف، قال الدارقطني:

" أبو ميمونة عن أبي هريرة، وعنه قتادة؛ مجهول يترك ".

لكن قوله: " أفش السلام ... " إلخ قد صح من حديث عبد الله بن سلام مرفوعا وهو

مخرج في " الصحيحة " (569) .

(تنبيه) : قد وقع للسيوطي ثم للمناوي خبط في لفظ هذا الحديث وسياقه بينته في

المصدر الآنف الذكر برقم (571) . وكذلك أخطأ الغماري بإيراده في " كنزه "،

ومعزوا لابن ماجه.

ثم رأيت الحديث في " المستدرك " (4/129) من الوجه المذكور وقال:

" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! مع أن هذا أورد أبا ميمونة في " الميزان "

ونقل عن الدارقطني ما ذكرته عنه آنفا من التجهيل! وأقره! وأما الحاكم

فلعله ظن أن أبا ميمونة هذا هو الفارسي وليس أبا ميمونة الأبار، أوأنه ظن

أنهما واحد، والراجح التفريق، وإليه ذهب الشيخان وأبو حاتم وغيرهم

كالدارقطني؛ فإنه وثق الفارسي في " كناه "، قال الحافظ في " التهذيب " عقبه:

" وهذا مما يؤيد أنه غير الفارسي ".

ووقع في ابن حبان " هلال بن أبي ميمونة ". وهو خطأ مطبعي أومن النساخ.

والله أعلم.

ثم رأيت ابن كثير جرى في " التفسير " على عدم التفريق، فقال عقب الحديث وقد

 

(3/492)

 

 

ساقه من رواية أحمد (3/177) :

" وهذا إسناد على شرط الصحيحين، إلا أن أبا ميمونة من رجال " السنن " واسمه

سليم، والترمذي يصحح له. وقد رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مرسلا.

والله أعلم. ".

قلت: وهذه علة أخرى وهي الإرسال. والله أعلم.

والحديث مما صححه الرفاعي في " مختصره " (3/40/30) فما أكثر تعديه، وظلمه

لنفسه وقرائه؟ ! وشاركه في ذلك بلديه الصابوني (2/506) وزاد عليه أنه عزا

التخريج إلى نفسه حين جعله في الحاشية، وذلك من ديدنه كما كنت نبهت عليه في

مقدمة المجلد الرابع من " الصحيحة "، فعد إليه إن شئت أن تعرف حقيقته.

1325 - " إن الجنة لتزخرف لرمضان من رأس الحول إلى الحول، فإذا كان أول ليلة من

رمضان هبت ريح من تحت العرش فصفقت ورق الجنة عن الحور العين، فقلن يا رب اجعل

لنا من عبادك أزواجا تقر بهم أعيننا، وتقر أعينهم بنا ".

منكر

أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (رقم 6943) وتمام في " الفوائد " (ج1

رقم 34) وابن عساكر في " فضل رمضان " (ق /171 - 2) من طريق الوليد بن

الوليد: نا ابن ثوبان عن عمرو بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله

عليه وسلم قال: فذكره وقال الطبراني:

" لم يروه عن ابن ثوبان إلا الوليد ".

قلت: وهو القلانسي واه. قال الذهبي في " الميزان ":

" قال أبو حاتم: صدوق. وقال الدارقطني وغيره: متروك. وروى له نصر

المقدسي في " أربعينه " حديثا منكرا، وقال: تركوه ".

قلت: يعني هذا الحديث، فقد رواه الذهبي في " تذكرة الحفاظ " من هذا الوجه ثم

قال (3/88) :

 

(3/493)

 

 

قال نصر المقدسي: تفرد به الوليد بن الوليد القلانسي، وقد تركوه. قلت:

وهاه الدارقطني وقواه أبو حاتم ".

ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الواهيات " (2/46) من رواية الدارقطني في "

الأفراد " وقال الدارقطني:

" إنه تفرد به وهو منكر الحديث ".

وأخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " (1886) والأصبهاني في " الترغيب " (ق 179/2

) من حديث جرير بن أيوب البجلي عن الشعبي عن نافع بن بردة عن أبي مسعود الغفاري

مرفوعا به وزاد:

" قال: فما من عبد يصوم يوما في رمضان إلا زوج زوجة من الجور العين، في خيمة

من درة مما نعت الله " حور مقصورات في الخيام " على كل امرأة سبعون حلة ليس

منها حلة على لون الأخرى، تعطي سبعين لونا من الطيب، ليس منه لون على ريح

الآخر، لكل امرأة منهن سبعون ألف وصيفة لحاجتها.. " إلخ الحديث.

وفيه من مثل هذه المبالغات ما يدل على نكارته ووضعه ولذلك لم يسلم به ابن

خزيمة فإنه قال: " إن صح الخبر، فإن في القلب من جرير بن أيوب البجلي ".

وعقب عليه الحافظ المنذري بقوله (2/72) :

" جرير بن أيوب البجلي واه، ولوائح الوضع عليه. والله أعلم ".

قلت: ومع هذا الحكم الصريح بالوضع على هذا الحديث فقد صدره بصيغة (عن)

المشعرة عنده بأنه فوق الضعيف كما نص عليه في المقدمة، وهذا من تناقضه الذي

أوضحته في مقدمة كتابي " صحيح الترغيب والترهيب " فراجعها فإنها مهمة جدا.

وهذا الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/188 - 189) وقال:

" هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به جرير بن أيوب

. قال يحيى: ليس بشيء، وقال الفضل بن دكين: يضع الحديث. وقال النسائي

والدارقطني: متروك ".

وعقب عليه السيوطي في " اللآلىء " (2/100) بما لا طائل تحته. وذهل عنه ابن

عراق فلم يورده في " تنزيه الشريعة " لا في الفصل الأول، ولا في الفصل الثاني

. والقول

 

(3/494)

 

 

فيه قول ابن الجوزي والمنذري.

ثم إن من الممكن ربط علة الحديث بنافع بن بردة؛ فإني لم أجد له ترجمة فيما

عندي من المصادر. وشيخه أبو مسعود الغفاري أورده في " الإصابة " في (الكنى)

وقال يأتي في (المبهمات) وليس عنده (المبهمات) ، ووقع في " الموضوعات "

(عبد الله بن مسعود) وفي " ترغيب الأصبهاني " و" اللآلىء ": (ابن مسعود)

، وهذا لا ينافي أنه الغفاري لأنه أبو مسعود بن مسعود الغفاري كما في "

الإصابة ". والله أعلم.

1326 - " نعم السحور التمر، ونعم الإدام الخل، ورحم الله المتسحرين ".

ضعيف

رواه أبو عوانة في " صحيحه " (8/185/1) : حدثني أبو محمد بن العباس القطان

الدمشقي قال: حدثنا خالد بن يزيد العمري عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي

هريرة مرفوعا.

ومن هذا الوجه أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (19/79/1) في ترجمة القطان

هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

قلت: وهذا إسناد واه جدا، العمري هذا قال الذهبي:

" كذبه أبو حاتم ويحيى، قال ابن حبان يروي الموضوعات عن الأثبات ".

ثم ساق له بعض الموضوعات، وليس منها هذا، فإن الجملة الأولى منه لها طريق

أخرى صحيحة عن أبي هريرة أوردتها في " الصحيحة " (562) ، والجملة الثانية في

" صحيح مسلم " من حديث جابر وعائشة، وهو مخرج هناك برقم (2220) .

وأما الجملة الأخيرة، فأخرجها الطبراني في " الكبير " (6689) من حديث

السائب بن يزيد مرفوعا مع الجملة الأولى، وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي

وهو ضعيف، كما في " المجمع " (3/151) و" التقريب ".

ولم أجد لهذه الفقرة الأخيرة شاهدا آخر أشد به من عضدها، ولذلك أوردته هنا،

وإنما صحت بلفظ:

 

(3/495)

 

 

" إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين ".

ولذلك أوردته في " صحيح الترغيب والترهيب " (1058) .

1327 - " من صام يوما لم يخرقه كتبت له عشر حسنات ".

ضعيف

رواه الطبراني في " الأوسط " (7653 - بترقيمي) عن عبد الرحمن بن عبد الوهاب

الصيرفي: حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن أبي جناب الكلبي عن طلحة بن مصرف عن

عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب مرفوعا وقال:

" لم يروه عن طلحة إلا أبو جناب، ولا عنه إلا إسحاق الأزرق، تفرد به

عبد الرحمن بن عبد الوهاب ".

قلت: ومن هذا الوجه أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5/28) وقال:

" غريب من حديث طلحة، تفرد به إسحاق الأزرق ".

قلت: والراوي عنه عبد الرحمن بن عبد الوهاب الصيرفي يبدو أنه العمي وهو بصري

، ترجمه ابن أبي حاتم (2/2/262) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ولكنه قال:

" روى عنه أبو زرعة وموسى بن إسحاق الأنصاري ".

وأبو زرعة لا يروي إلا عن ثقة، ومن فوقه ثقات أيضا غير أبي جناب الكلبي

واسمه يحيى بن أبي حية وهو ضعيف مدلس، فهو علة الحديث.

والحديث عزاه في " الجامع " لـ " الحلية " وحده فقصر.

 

(3/496)

 

 

1328 - " قل: اللهم غارت النجوم، وهدأت العيون، وأنت حي قيوم، يا حي يا قيوم!

أنم عيني، وأهدىء ليلي ".

ضعيف جدا

أخرجه الطبراني في " الكبير " (4817) من طريق عمرو بن الحصين العقيلي: حدثنا

محمد بن عبد الله بن علاثة: حدثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان قال: سمعت

عبد الملك بن مروان يحدث عن أبيه عن زيد بن ثابت قال:

أصابني أرق من الليل، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (فذكره) فقلتها فذهب عني.

 

(3/496)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ عمرو بن الحصين متروك متهم، وابن علاثة فيه ضعف

، وبالأول فقط أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/128) .

1329 - " لكل شيء زكاة، وزكاة الجسد الصوم ".

ضعيف

روي من حديث أبي هريرة وسهل بن سعد.

1 - أما حديث أبي هريرة، فأخرجه وكيع في " الزهد " (3/82/2) : حدثنا موسى بن

عبيدة عن جمهان عنه موقوفا.

ورواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (3/7) وابن ماجه (رقم 1745) وابن عدي

في " الكامل " (ق 303/1) وأبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (ق 157/2

) من طريق ابن المبارك وغيره عن موسى بن عبيدة به مرفوعا.

قال البوصيري في " الزوائد " (2/79 - بيروت) :

" هذا إسناد ضعيف، موسى بن عبيدة - وهو الربذي - متفق على تضعيفه ".

وخالف يحيى بن عبد الحميد فقال: نا ابن المبارك عن الأوزاعي عن جمهان به.

أخرجه عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (ق 155/1 - ظاهرية) .

قلت: وذكره الأوزاعي مكان موسى منكر، تفرد به يحيى هذا وهو الحماني. قال

الذهبي في " الضعفاء ":

" حافظ منكر الحديث، وقد وثقه ابن معين وغيره، وقال أحمد بن حنبل: كان

يكذب جهارا. وقال النسائي: ضعيف ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" اتهموه بسرقة الحديث ".

ولم يتنبه البوصيري لهذه المخالفة، فجعل رواية الحماني عن ابن المبارك عن

موسى بن عبيدة! وفيه علة أخرى وهي جمهان، ترجمه في " التهذيب " برواية

اثنين آخرين عنه ووثقه ابن حبان (4/118) ، وقال في " التقريب ":

" مقبول ".

لكن ذكر البخاري في " تاريخه " (2/1/250) عن علي بن المديني أن هذا الذي

 

(3/497)

 

 

روى عنه موسى بن عبيدة هو غير الذي روى عنه الاثنان المشار إليهما، وأحدهما عروة

ابن الزبير. والله أعلم.

ولعله لذلك بيض له الذهبي في " الكاشف "، فلم يتبين له حاله.

2 - أما حديث سهل، فيرويه حماد بن الوليد عن سفيان الثوري عن أبي حازم عنه

مرفوعا.

أخرجه ابن مخلد في " المنتقى من أحاديثه " (2/89/2) وابن عدي في " الكامل "

(73/1) والطبراني في " المعجم الكبير " (6/237/5973) وابن الجوزي في "

الأحاديث الواهية "، وقال ابن عدي:

" لا أعلم يرويه عن الثوري غير حماد، ولحماد أحاديث غرائب وأفرادات عن

الثقات، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه ".

وقال ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " (1/254) :

" يسرق الحديث، ويلزق بالثقات ما ليس من أحاديثهم ".

وقال ابن الجوزي:

" هذا حديث لا يصح ".

ثم ذكر كلام ابن حبان والجملة الأخيرة من كلام ابن عدي.

وقال الهيثمي (3/182) بعدما عزاه للطبراني:

" وفيه حماد بن الوليد، وهو ضعيف ".

وقال الذهبي في " ضعفائه ":

" متروك ساقط ".

1330 - " من صام يوما ابتغاء وجه الله تعالى، بعده الله عز وجل من جهنم كبعد غراب طار

وهو فرخ حتى مات هرما ".

ضعيف

أخرجه أحمد (2/526) : حدثنا عبد الله بن يزيد: حدثنا ابن لهيعة عن خالد بن

يزيد عن لهيعة أبي عبد الله عن رجل قد سماه: حدثني سلمة بن قيس عن أبي هريرة

 

(3/498)

 

 

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله ثقات، غير شيخ لهيعة الذي لم يسم.

ولهيعة هو والد عبد الله بن لهيعة لم يوثقه غير ابن حبان وقال الأزدي:

" حديثه ليس بالقائم ". وقال ابن القطان:

" مجهول الحال ".

وهذا هو الذي اعتمده الحافظ من الأقوال فقال:

" مستور ".

وقد اختلف في إسناده على ابن لهيعة وأبيه، فرواه خالد بن يزيد عنه هكذا

وقال الطبراني في " الأوسط " (3270) : حدثنا بكر - هو ابن سهل -: حدثنا

عبد الله بن يوسف وشعيب بن يحيى قالا: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا زبان بن فائد

عن لهيعة بن عقبة عن عمرو بن ربيعة الحضرمي: سمعت سلامة بن قيصر يقول: سمعت

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره وقال:

" لا يروى عن سلام إلا بهذا الإسناد، تفرد به ابن لهيعة ".

قلت: وهو ضعيف في غير رواية عبد الله بن يزيد المقرئ - وهي الأولى -

وعبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب، وأما رواية غير هؤلاء الثلاثة عنه

فهي ضعيفة، لأنهم رووا عنه بعد احتراق كتبه، وتحديثه من حفظه، وهو فيه

ضعيف، لكن شيخ الطبراني بكر بن سهل ضعيف أيضا، بل إنهم وضعوه، وشيخ ابن

لهيعة زبان بن فائد ضعيف، فهو إسناد مظلم كما ترى، فيه عدة علل تترى،

واقتصر الهيثمي على بيان علة واحدة منها، فقال (3/181) بعد أن ذكره من حديث

سلمة بن قيصر:

" رواه أبو يعلى والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " إلا أنه قال: سلامة بن

قيصر، وفيه ابن لهيعة وفيه كلام "!

قلت: قال الحافظ في " الإصابة ":

" سلامة بن قيصر، ويقال: سلمة؛ نزل مصر، قال أحمد بن صالح: له صحبة.

ونفاها أبو زرعة. وقال ابن صالح: سلمة عندنا أصح، وهو من أصحاب النبي

صلى الله عليه وسلم. وقال البخاري: لا يصح حديثه. وأخرجه حديثه مطين،

والحسن بن سفيان والطبراني من

 

(3/499)

 

 

طريق عمرو بن ربيعة الحضرمي سمعت سلامة بن قيصر

يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صام.. ومداره على ابن

لهيعة، فرواه ابن وهب وجل أصحابه عنه هكذا، ورواية ابن وهب في " مسند أبي

يعلى " وقال عبد الله بن يزيد المقرىء عنه بهذا الإسناد عن سلمة بن قيصر عن

أبي هريرة وعنه أخرجه أحمد في مسنده، ورجح أبو زرعة هذه الزيادة، وأنكرها

أحمد بن صالح ".

قلت: وفي قوله: " بهذا الإسناد.. " نظر، فإن إسناد أحمد عن عبد الله بن

يزيد عن ابن لهيعة يختلف كل الاختلاف عن إسناد سائر أصحاب ابن لهيعة عنه كما

سبق بيانه.

وجملة القول: أن الحديث لا يصح كما قال البخاري، لأن مداره على ابن لهيعة،

وقد اختلفوا عليه في إسناده كما أوضحته بأتم توضيح والله تعالى ولي التوفيق.

(تنبيه) : وقع في " المسند " كما رأيت " سلمة بن قيس " والصواب " سلمة بن

قيصر " كما يفهم من كلام الحافظ المتقدم، وكذلك ذكره في " تعجيل المنفعة "،

وهذا الخطأ عينه وقع في " المشكاة " من رواية البيهقي في " الشعب "، وقد نبه

عليه القاري في " المرقاة ".

ثم وقفت على خلاف آخر على ابن لهيعة، فأخرجه البزار في " مسنده " (1037 - كشف

الأستار) من طريق عبد الله بن يزيد أيضا عن ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن أبي

الشعثاء عن سلمة بن قيصر عن أبي هريرة.

قلت: فأسقط من إسناده الرجل الذي لم يسم، فلا أدري أهذا من ابن لهيعة، أم

سقط من الناسخ أوالطابع؟ فقد قال المنذري في " الترغيب " (2/61) وتبعه

الهيثمي:

" رواه أحمد والبزار، وفي إسناده رجل لم يسم "!

1331 - " أشعرت يا بلال! أن الصائم تسبح عظامه، وتستغفر له الملائكة ما أكل عنده ".

موضوع

أخرجه ابن ماجه (1749) والبيهقي في " شعب الإيمان " ومن طريقه

 

(3/500)

 

 

ابن عساكر في

" تاريخ دمشق " (3/232/2 و10/330 - ط) من طريق أبي عتبة عن بقية: حدثنا

محمد بن عبد الرحمن عن سليمان بن بريدة [عن أبيه] قال:

" دخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتغدى، فقال رسول الله

صلى الله عليه وسلم: [الغداء يا بلال! قال: إني صائم يا رسول الله] فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم: نأكل رزقنا، وفضل رزق بلال في الجنة، أشعرت

... ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا؛ محمد بن عبد الرحمن هو القشيري، قال ابن عدي:

" منكر الحديث ". ذكره الذهبي وقال:

" وفيه جهالة، وهو متهم ليس بثقة، وقد قال فيه أبو الفتح الأزدي: كذاب

متروك الحديث ".

قلت: وكذلك قال أبو حاتم الرازي، وكأن الذهبي فاته ذلك، وإلا لما عدل عنه

إلى الأزدي المنتقد في نقده، فقد ترجمه ابنه في " الجرح والتعديل " (3/2/325

) وقال:

" وسألته عنه، فقال: متروك الحديث، كان يكذب ويفتعل الحديث ".

وإذن فلا وجه لقول الذهبي: " فيه جهالة ". فالرجل معروف، ولكن بالكذب في

الحديث، فمثله يكون حديثه موضوعا ولا كرامة.

وبقية، مدلس، ولكنه قد صرح هنا بالتحديث، وليس به حاجة إلى التدليس،

فالشيخ الذي قد يدلسه، لن يكون شرا من هذا القشيري!

ولكن الراوي عنه أبو عتبة، ليس سالما من القدح كما تراه في ترجمته من "

الميزان " و" اللسان " إلا أنه لم يتفرد به، فقد قال ابن ماجه في " سننه " (1749) : حدثنا محمد بن المصفى: حدثنا بقية به. فآفة الحديث من القشيري.

(تنبيه) : وقع في نسخة " التاريخ " سقط في هذا الحديث، من الناسخ،

فاستدركته من " مشكاة المصابيح " (2082) فإنه ذكره من رواية البيهقي في " شعب

الإيمان " عن بريدة، وهو كعادته لم يتكلم بشيء على إسناده، فحققت القول عليه

هنا، وذكرت

 

(3/501)

 

 

خلاصته في تعليقي عليه للمرة الثانية، أتيت فيها على الأحاديث

التي لم يتيسر لي الكلام عليها في المرة الأولى، فحققت القول فيها أيضا، عسى

أن يعاد طبعه مرة أخرى إن شاء الله تعالى.

1332 - " إن الصائم إذا أكل عنده صلت عليه الملائكة حتى يفرغوا، وربما قال: حتى

يقضوا أكلهم ".

ضعيف

أخرجه الترمذي (1/150) والنسائي في " السنن الكبرى " (ق 62/2) والدارمي (

2/17) وابن خزيمة في " صحيحه " (2138 - 2140) وابن ماجه (1748) من طريق

ابن أبي شيبة وهذا في " المصنف " (3/86) وابن المبارك في " الزهد " (

500/1424) وفي الجزء الثاني من " حديثه " (ق 104/2) وأحمد (6/365 و439)

وابن سعد في " الطبقات " (8/415 - 416) والبغوي في " حديث علي بن الجعد " (

1/477/899) وأبو يعلى في " مسنده " (4/1704) وعنه ابن حبان (953 - موارد

) والطبراني في " المعجم الكبير " (25/30/49) وأبو نعيم في " الحلية " (

2/65) والبيهقي (4/305) كلهم من طريق حبيب بن زيد الأنصاري قال: سمعت

مولاة لنا يقال لها: ليلى، تحدث عن جدته أم عمار بنت كعب:

أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها، فدعت له بطعام، فقال لها: " كلي "،

فقالت: إني صائمة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الترمذي:

" حديث حسن صحيح ".

وأقره المناوي في " شرحيه ": " الفيض " و" التيسير "، وكأنه لم يرجع إلى

إسناده، فإن ليلى هذه لا تعرف، فقد أوردها الذهبي في فصل " النسوة المجهولات

" وقال:

" تفرد عنها حبيب بن زيد ".

وقال الحافظ فيها:

" مقبولة ".

يعني عند المتابعة، وإلا فلينة الحديث، وما عرفت لها متابعا، بل إن من

الممكن أن يقال: إنها قد خولفت فرواه أبو أيوب عن عبد الله بن عمرو موقوفا

مختصرا بلفظ:

 

(3/502)

 

 

" الصائم إذا أكل عنده صلت عليه الملائكة ".

أخرجه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق وابن المبارك من طريق قتادة عن أبي أيوب عنه.

وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو موقوف في حكم المرفوع، ويشهد له

دعاء الضيف:

" أفطر عندكم الصائمون.. وصلت عليكم الملائكة " الحديث، وهو مخرج في " آداب

الزفاف " (ص 91 - 92) .

فإن الصلاة هنا جملة دعائية كالجملتين الأخريين، وإنما يدعى بشيء يمكن أن يقع

إذا توفر سببه، وهذا ما أكده ابن عمرو رضي الله عنه بحديثه هذا. والله أعلم.

ثم إن الحديث رواه شريك عن حبيب بن زيد بلفظ:

" الصائم إذا أكل عنده المفاطير صلت عليه الملائكة حتى يمسي ".

أخرجه الترمذي وابن خزيمة بإسناد واحد عن شريك وليس عند الترمذي: " حتى يمسي

". وهو بهذه الزيادة منكر، لأن شريكا وهو ابن عبد الله القاضي سيىء الحفظ،

وبهذه الزيادة رواه الطبراني أيضا (رقم 50) .

والحديث علقت عليه اللجنة القائمة بتحقيق " الجامع الكبير " للسيوطي (5652)

بأن السيوطي رمز في " الجامع الصغير " لحسنه، وكفى! كما أورده الغماري في "

كنزه ".

1333 - " من فطر صائما من كسب حلال، صلت عليه الملائكة ليالي رمضان كلها، وصافحه

جبريل، ومن يصافحه جبريل يرق قلبه، وتكثر دموعه. قال رجل: يا رسول الله!

فإن لم يكن ذاك عنده؟ قال: قبضة من طعام. قال: أرأيت من لم يكن ذاك عنده؟

قال: ففلقة خبز. قال: أفرأيت إن لم يكن ذاك عنده؟ قال: فمذقة من لبن. قال

: أفرأيت من لم يكن ذاك عنده؟ قال: فشربة من ماء ".

ضعيف

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 69/2) عن حكيم بن خذام

 

(3/503)

 

 

العبدي: نا علي بن

زيد عن سعيد بن المسيب عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وله علتان:

الأولى: علي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف لسوء حفظه.

والأخرى: حكيم هذا قال أبو حاتم: " متروك الحديث ".

وقال البخاري: " منكر الحديث ".

قلت: وهذا منه تضعيف شديد له، كما هو اصطلاحه.

لكن تابعه الحسن بن أبي جعفر عند ابن عدي أيضا (87/1) والأصبهاني في "

الترغيب " (ق 179/2) ، وقال ابن عدي:

" لا أعلم يرويه عن علي بن زيد إلا الحسن بن أبي جعفر وحكيم بن خذام ".

قلت: وثلاثتهم ضعفاء، وحكيم أشدهم ضعفا، فالحديث ضعيف.

ومن طريق الحسن أخرجه الطبراني مختصرا، والبزار نحوه كما في " مجمع الزوائد

" (3/156) .

قلت: في عزوه للبزار نظر لأسباب أهمها أنه ليس في " كشف الأستار عن زوائد

البزار " للهيثمي أيضا، وهو أصل ما يعزوه للبزار في " المجمع " وكذلك ليس هو

في " زوائد البزار " للحافظ ابن حجر.

وأما الطبراني فقد أخرجه في " الكبير " (6162) من طريق الحسن بن أبي جعفر،

باختصار، ورواه قبيله (6161) من طريق حكيم بن خذام أيضا أخصر منه.

(تنبيه) : (خذام) بكسر المعجمة الأولى كما في " الإكمال " (3/130) لابن

ماكولا، ومثله في " تاريخ البخاري " و" الجرح والتعديل " و" الكامل "

وغيرها، ووقع في " اللسان " و" الطبراني ": حزام "،! بالحاء المهملة

وهو تصحيف.

 

(3/504)

 

 

1334 - " فضل القرآن على سائر الكلام، كفضل الرحمن على سائر خلقه ".

ضعيف

أخرجه أبو يعلى في " معجم شيوخه " (ق 34/1) وابن عدي في " الكامل " (ق/246/1) والبيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 238) من طريق عمر الأبح عن

سعيد بن أبي عروبة عن قتادة - زاد البيهقي: عن الأشعث الأعمى - عن شهر بن حوشب

عن أبي هريرة مرفوعا به. وقال البيهقي:

" تفرد به عمر الأبح وليس بالقوي ".

قلت: بل هو ضعيف جدا كما يفيده قول البخاري فيه:

" منكر الحديث ".

ومع ذلك فقد اقتصر الحافظ في " الفتح " (9/54) على قوله فيه:

" وهو ضعيف ".

ولعل ذلك لعدم تفرد الأبح به كما يأتي.

وشهر بن حوشب ضعيف من قبل حفظه.

وأما الأشعث الأعمى فهو ابن عبد الله الحداني أبو عبد الله الأعمى، وهو صدوق

. وقد اختلف في إسناده، فقال البيهقي:

" وروي عن يونس بن واقد البصري عن سعيد دون ذكر الأشعث في إسناده. ورواه

عبد الوهاب بن عطاء ومحمد بن سواء عن سعيد عن الأشعث دون ذكر قتادة فيه ".

ثم قال الحافظ ابن حجر:

" وأخرجه ابن الضريس من وجه آخر عن شهر بن حوشب مرسلا، ورجاله لا بأس بهم ".

قلت: وكذلك أخرجه الدارمي (2/441) : حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد بن

سلمة عن أشعث الحداني عن شهر بن حوشب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ...

والحداني صدوق، ومن دونه ثقات.

وبالجملة فالحديث ضعيف لاضطرابه، وإرساله وضعف راويه. وقد أشار

 

(3/505)

 

 

البخاري

في " أفعال العباد " (ص 91) ، إلى أنه لا يصح مرفوعا. وقد أخرجه العسكري عن

طاووس والحسن من قولهما كما في " الفتح "، وكذلك رواه ابن نصر في " قيام

الليل " (ص 71) عن شهر بن حوشب وأبي عبد الرحمن السلمي، وعلقه البخاري في

" الأفعال " (ص 72) عن السلمي، وقد روي عنه عن عثمان مرفوعا.

أخرجه البيهقي من طريق يعلى بن المنهال السكوني: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي

عن الجراح بن الضحاك الكندي عن علقمة بن مرثد عن أبي عبد الرحمن عن عثمان

مرفوعا به.

وهكذا أخرجه ابن الضريس عن الجراح به كما في " الفتح ". والجراح صدوق كما في

" التقريب "، وقال الذهبي: " صويلح "! وبقية رجاله ثقات غير يعلى بن

المنهال أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4/2/305) من رواية حاتم

ابن أحمد بن الحجاج المروزي فقط عنه، ولم يذكر فيه توثيقا ولا تجريحا.

وقد تابعه الحماني عن إسحاق به مرفوعا.

أخرجه البيهقي أيضا وقال:

" ويقال: إن الحماني أخذ ذلك من يعلى والله أعلم ".

يعني أنه سرقه منه، فإنه متهم بسرقة الحديث، كما تقدم في الحديث (1329) .

وقد خالفهما يحيى بن أبي طالب، فرواه عن إسحاق بن سليمان به إلى أبي

عبد الرحمن موقوفا عليه من قوله.

وتابعه على ذلك غيره كما قال البيهقي. وقال الحافظ (9/54) :

" وقد بين العسكري أنها من قول أبي عبد الرحمن السلمي ".

وجملة القول أن الحديث ضعيف لا يصح من طريقيه، فالأولى ضعيفة جدا، والأخرى

ضعيفة، والصواب الوقف.

وقد روي من طريق أخرى مرفوعا في عجز الحديث الآتي:

1335 - " يقول الرب عز وجل: من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي

السائلين، وفضلا كلام الله على سائر الكلام،

 

(3/506)

 

 

كفضل الله على خلقه ".

ضعيف

أخرجه الترمذي (2/152) واللفظ له، والدارمي (2/441) وابن نصر في " قيام

الليل " (ص 71) والعقيلي في " الضعفاء " (375) والبيهقي في " الأسماء

والصفات " (ص 238) من طريق محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني عن عمرو بن

قيس عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره. وقال الترمذي:

" حديث حسن غريب ".

قلت: بل هو ضعيف، فإن عطية وهو العوفي ضعيف.

ومحمد بن الحسن بن أبي يزيد متهم، وبه أعله العقيلي فقال:

" وقال أحمد: ضعيف الحديث، وقال ابن معين: ليس بثقة. وقال في موضع آخر:

يكذب ".

وكذلك كذبه أبو داود كما في " الميزان " وساق له هذا الحديث ثم قال:

" حسنه الترمذي فلم يحسن ".

وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2/82) عن أبيه:

" هذا حديث منكر، ومحمد بن الحسن ليس بالقوي ".

قلت: وكذلك لم يحسن الحافظ حين قال في " الفتح " (9/54) :

" أخرجه الترمذي ورجاله ثقات إلا عطية العوفي ففيه ضعف ".

فذهل عن الهمداني هذا وهو أشد ضعفا من عطية، وقد قال العقيلي:

" ولا يتابع عليه ".

لكن خالفه البيهقي فقال:

" قلت: تابعه الحكم بن بشير، ومحمد بن مروان عن عمرو بن قيس ".

قلت: فإذا صح السند بهذه المتابعة، فهي متابعة قوية، يبرأ محمد بن الحسن هذا

من عهدة الحديث، فالحكم بن بشير صدوق، كما في " التقريب "، ومحمد بن مروان

إن كان هو العقيلي البصري، فهو صدوق أيضا لكن له أوهام، وإن كان هو السدي

الأصغر فهو متهم وكلاهما من طبقة واحدة. والله أعلم.

 

(3/507)

 

 

وبالجملة، فقد انحصرت علة الحديث في العوفي.

وقد روي الحديث بشطره الأول عن عمر وحذيفة.

أما حديث عمر، فأخرجه البخاري في " خلق أفعال العباد " (ص 93 - هند) : حدثنا

ضرار: حدثنا صفوان بن أبي الصهباء عن بكير بن عتيق عن سالم بن عبد الله بن عمر

عن أبيه عن جده مرفوعا به.

قلت: وهذا سند ضعيف جدا، ضرار وهو ابن صرد - بضم المهملة وفتح الراء -

وشيخه صفوان بن أبي الصهباء ضعيفان، والأول أشد ضعفا، فقد قال البخاري نفسه:

" متروك ". وكذبه ابن معين.

وأما الآخر، فقال الذهبي:

" ضعفه ابن حبان وقال: يروي ما لا أصل له، ولا يجوز الاحتجاج بما انفرد به ".

ثم ذكره في " الثقات " أيضا!

وقال الحافظ في " التقريب ":

" مقبول، اختلف فيه قول ابن حبان ".

والحديث قال في " الفتح " (9/54) :

" وأخرجه يحيى بن عبد الحميد الحماني في " مسنده " من حديث عمر بن الخطاب،

وفي إسناده حذيفة فأخرجه أبو نعيم في " الحلية " (7/313) وابن عساكر في "

فضيلة ذكر الله عز وجل " (ق 2/2) بإسنادين عن أبي مسلم عبد الرحمن بن واقد:

حدثنا سفيان بن عيينة عن منصور عن ربعي عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم:

" قال الله تعالى: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته قبل أن يسألني ". وقالا:

" حديث غريب تفرد به أبو مسلم ".

قلت: وثقه ابن حبان. وقال ابن عدي:

" يحدث بالمناكير عن الثقات، ويسرق الحديث ".

وقال الحافظ:

" صدوق يغلط ".

 

(3/508)

 

 

قلت: وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين، فالإسناد حسن عندي، لولا ما

يخشى من سرقة عبد الرحمن بن واقد، أوغلطه والله أعلم.

1336 - " من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف عصم من فتنة الدجال ".

شاذ

أخرجه الترمذي (2/145) : حدثنا محمد بن بشار: حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا

شعبة عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء

عن النبي صلى الله عليه وسلم به. حدثنا محمد بن بشار: حدثنا معاذ بن هشام:

حدثني أبي عن قتادة بهذا الإسناد نحوه. قال أبو عيسى:

" هذا حديث حسن صحيح ".

قلت: الحديث صحيح بغير هذا اللفظ، وأما هذا، فشاذ أخطأ فيه شعبة أومن دونه

، وقد أخطأ شعبة في موضع آخر منه، فالأول قوله: " ثلاث " والصواب: " عشر "

. فقال أحمد (6/446) : حدثنا محمد بن جعفر وحجاج: حدثنا شعبة به بلفظ:

" من قرأ عشر آيات من آخر الكهف عصم من فتنة الدجال ".

وهكذا أخرجه مسلم (2/199) : حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا

محمد بن جعفر به ولم يسق لفظه، وإنما أحال به على لفظ هشام الدستوائي قبله

عن قتادة وهو بلفظ:

" من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال ".

ثم قال مسلم عقب سياقه لسند شعبة:

" قال شعبة: " من آخر الكهف "، وقال همام: " من أول الكهف "، كما قال هشام ".

قلت: وهذا معناه أن رواية شعبة عند مسلم متفقة مع رواية همام وهشام في لفظة

" العشر "، ومخالفة لها في لفظة " أول " وهي عند مسلم والترمذي وكلاهما من

طريق ابن بشار، ومع ذلك فقد اختلفت روايتاهما عنه في اللفظ الأول، فمسلم قال

: " العشر " والترمذي قال: " ثلاث " كما اختلفت في الحرف الأول، فعند مسلم "

آخر الكهف "، وعند الترمذي " أول الكهف "، وفي كل من الروايتين صواب وخطأ

، فقوله: " ثلاث " خطأ

 

(3/509)

 

 

مخالف لعامة الرواة الثقات عن قتادة، وكلهم قالوا: "

عشر ". وقد ذكرت أسماءهم في " السلسلة الأخرى " (582) وقوله: " أول الكهف

" صواب لموافقته الثقات، ويبدو لي أن شعبة نفسه كان يضطرب في رواية هذا

الحديث فتارة كان يقول: " عشر " كما هي رواية أحمد ومسلم عنه، وتارة يقول:

" ثلاث " كما في رواية الترمذي هذه، وهي شاذة قطعا، وتارة يقول: " آخر

الكهف " كما روايتهما، وأخرى يقول: " أول الكهف " وهي الصواب كما بينته في

المصدر المشار إليه آنفا، وكان الغرض هنا بيان الشذوذ في المكان الأول، وقد

يسر الله لنا ذلك فله الحمد والمنة.

ثم وجدت لرواية " آخر الكهف " شاهدا من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا وموقوفا،

خرجته في " الصحيحة " برقم (2651) ، وملت هناك إلى العمل بأيهما شاء القاريء

، والله أعلم.

(تنبيه) : لم يتنبه الحافظ ابن كثير لشذوذ رواية الثلاث، فذكرها من رواية

الترمذي وأقره على تصحيحها، فقلده مختصره الشيخ الرفاعي فصرح بصحتها في "

فهرسه " (2/563/615) ولقد كان بلديه الصابوني موفقا في هذه المرة لأنه لم

يوردها في " مختصره "!

وكذلك أقره المنذري في " الترغيب " والمناوي في " شرحه "، وكان هذا من

دواعي هذا التخريج والتحقيق. والله تعالى ولي التوفيق، والهادي إلى أقوم

طريق.

1337 - " ثلاثة تحت العرش يوم القيامة: القرآن يحاج العباد، له ظهر وبطن، والأمانة، والرحم تنادي: ألا من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله ".

ضعيف

أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 366) وحميد بن زنجويه في " كتاب الأدب "

كما في " هداية الإنسان " (ق 99/2) والسياق له، ومن طريقه البغوي في " شرح

السنة " (13/22/3433) عن مسلم بن إبراهيم: حدثنا كثير بن عبد الله اليشكري:

حدثنا الحسن بن عبد الرحمن بن عوف القرشي عن أبيه مرفوعا.

 

(3/510)

 

 

أورده العقيلي في ترجمة اليشكري هذا وقال:

" ولا يصح إسناده، والرواية في الرحم والأمانة من غير هذا الوجه بأسانيد

جياد بألفاظ مختلفة، وأما القرآن، فليس بالمحفوظ ".

قلت: وأورده ابن أبي حاتم (3/2/154) من رواية أربعة من الثقات، ولم يذكر

فيه جرحا ولا تعديلا، وثمة خامس روى عنه أيضا وهو زيد بن الحباب كما جاء في

" الإصابة "، وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " (7/354) ، فمثله قد يحسن

حديثه إذا كان من دونه ومن فوقه ثقة.

وشيخه الحسن بن عبد الرحمن، لا يعرف، فقد أورده ابن أبي حاتم أيضا (1/2/23) من رواية اليشكري هذا فقط! وكذلك صنع ابن حبان في " الثقات " (4/142) فهو

في عداد المجهولين، فهو علة الحديث عندي، وليس اليشكري كما يشعر به كلام

العقيلي المتقدم، وقلده فيه المعلق على " شرح السنة "، ومن قبله المناوي في

" الفيض ".

(تنبيه) : وقع في ابن حبان: " الحسن بن عبد الرحمن بن عوف الزهري " وفي

إسناد هذا الحديث (القرشي) مكان " الزهري " وكذلك هو عند ابن أبي حاتم وقال:

" وليس هو بابن عبد الرحمن بن عوف الزهري، لكنه آخر بصري ".

وعلى هذا جرى الحافظ في " الإصابة " فإنه ترجم أولا لعبد الرحمن بن عوف الزهري

ثم قال:

" عبد الرحمن بن عوف؛ آخر إن لم يذكر إلا في هذا الحديث بهذا الإسناد فلا تثبت

صحبته، بل هو أيضا لا يعرف، وعلى هذا فهذه علة ثانية. والله سبحانه وتعالى

أعلم.

1338 - " هل تدرون ما يقول ربكم عز وجل؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قالها ثلاثا: قال: قال عز وجل: وعزتي لا يصليها عبد لوقتها إلا أدخلته الجنة، ومن صلى لغير وقتها إن شئت رحمته، وإن شئت عذبته ".

 

(3/511)

 

 

منكر. أخرجه البيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 134) من طريق يزيد بن قتيبة الجرشي

: حدثنا الفضل بن الأغر الكلابي عن أبيه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

قال:

" إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يوما فقال لهم: " فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، الفضل بن الأغر وأبو هـ لم أجد من ترجمهما.

ويزيد بن قتيبة الجرشي، أورده ابن أبي حاتم (4/2/284) وقال:

" روى عن الفضل الأغر الكلابي، روى عنه مسلم بن إبراهيم " ولم يزد.

ووقع عنده (الحرشي) بالحاء المهملة. والله أعلم.

1339 - " " يوم يكشف عن ساق "، قال: عن نزر عظيم يخرون له سجدا ".

منكر

أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (4/1751) والبيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 347 - 348) عن روح بن جناح عن مولى عمر بن عبد العزيز عن أبي بردة بن أبي

موسى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: " يوم يكشف عن

ساق.. ".

قلت: وهذا سند واه جدا، مولى عمر بن عبد العزيز مجهول، وروح بن جناح قال

الحافظ:

" ضعيف اتهمه ابن حبان ".

وقال في " الفتح " (8/538) :

" أخرجه أبو يعلى بسند فيه ضعف "!

ولا يخفى ما في هذا التعبير من التساهل في تليين الضعف! وأبعد منه عن الصواب

قول الهيثمي في " المجمع " (7/128) :

" رواه أبو يعلى، وفيه روح بن جناح وثقه دحيم وقال فيه: ليس بالقوي وبقية

رجاله ثقات ".

وذلك لأن في بقية ذلك المولى المجهول، فمن أين لتلك البقية الثقة؟ !

وقد صح في تفسير هذه الآية خلاف هذا الحديث المنكر بلفظ:

 

(3/512)

 

 

" يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة.. " الحديث.

وهو مخرج في " الصحيحة " برقم (583) ، فراجعه ففيه بحث هام حول هذه الصفة

وطعن الكوثري في ثقات رواتها والرد عليه وبيان بعده عن النقد العلمي النزيه.

1340 - " إذا سأل أحدكم ربه مسألة فتعرف الاستجابة فليقل: الحمد لله الذي بعزته وجلاله تتم الصالحات، ومن أبطأ عنه من ذلك شيء فليقل: الحمد لله على كل حال ".

ضعيف

أخرجه البيهقي في " الأسماء والصفات " (ص 136 - 137) من طريق عمرو بن محصن

ابن علي الفهري (الأصل: النهري) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

قلت: وهذا سند ضعيف، محصن هذا مجهول الحال، كما قال ابن القطان.

وقال الحافظ:

" مستور من السادسة ".

وهذا يعني أنه لم يسمع من أبي هريرة، فهو منقطع، وقد أشار ابن حبان إلى مثل

هذا حين قال في " ثقات التابعين ":

" يروي المراسيل ".

وقد روى له الحاكم (1/208) حديثا آخر عن عوف بن الحارث عن أبي هريرة وقال:

صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي، وذلك من أوهامهما، وقد وصف الذهبي

نفسه محصنا هذا بالجهالة في " الميزان " نقلا عن ابن القطان وأقره! فالعجب

منه ما أكثر تناقض كلامه في " التلخيص " مع كلامه في غيره وهو الحافظ النقاد،

الأمر الذي يحملني على أن أعتقد أنه من أوائل مؤلفاته، وأنه لم يتح له أن

يعيد النظر فيه، والله أعلم.

والحديث عزاه السيوطي في جامعيه للبيهقي في " الدعوات " عن أبي هريرة، ولم

نقف على هذا الكتاب بعد، وإن كنت أظن أن إسناده هو نفس الإسناد المذكور نقلا

عن " الأسماء والصفات ".

 

(3/513)

 

 

ولم يتكلم عليه المناوي بشيء، فكأنه لم يقف عليه، ولذلك انصرف إلى الكلام

عن غيره فقال عقب الحديث:

" وللحاكم نحوه من حديث عائشة، قال الحافظ العراقي: وإسناده ضعيف ".

وقلده المعلقون على " الجامع الكبير " (1940) فنقلوه عنه، دون أن يعزوه

إليه! وزادوا على ذلك فقالوا - كعادتهم -: رمز السيوطي في " الجامع الصغير "

لضعفه!

وحديث عائشة الذي أشار إليه المناوي حديث آخر، لا يمكن اعتباره شاهدا لهذا،

فإنه من فعله صلى الله عليه وسلم، وقد أورده السيوطي في " باب كان وهي

الشمائل الشريفة " وضعفه المناوي هناك أيضا برقم (6028) وخفي عليه أن له

شواهد تقويه كما بينته في " الصحيحة " برقم (265) ، وبناء عليه ذكرته في "

صحيح الجامع الصغير " (4516) ، ولا أدري ماذا سيكون حكم المعلقين المشار

إليهم آنفا عليه، إذا ما جاء دور تعليقهم عليه؟ لأنهم لا يزالون إلى الآن في

حرف الألف من " الجامع " فيما وصلني من أجزائه التي طبعوها، وإن كان يغلب على

الظن أنهم سيضعفونه تقليدا لمناويهم، ولكني لا أجزم بذلك إلى أن نرى تعليقهم

عليه. والله ولي التوفيق.

1341 - " يا عمر! أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره

بحسن اتباعه، اذهب به يا عمر! وأعطه حقه، وزده عشرين صاعا من تمر مكان ما

رعته ".

منكر

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (47/51) قال: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب

ابن نجدة الحوطي: حدثنا أبي (ح) ،: وحدثنا أحمد بن علي الأبار: حدثنا

محمد بن أبي السري العسقلاني: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا محمد بن حمزة بن

يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده عن عبد الله بن سلام قال:

" إن الله لما أراد هدى زيد بن سعنة، قال زيد بن سعنة: ما من علامات النبوة

شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين

لم أخبرهما منه، يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، فكنت

أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه

 

(3/514)

 

 

من جهله. قال زيد بن سعنة:

فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من الحجرات، ومعه علي بن أبي طالب

رضي الله عنه فأتاه رجل على راحلته كالبدوي فقال: يا رسول الله! إن بصري قرية

بني فلان قد أسلموا ودخلوا في الإسلام، وكنت حدثتهم إن أسلموا أتاهم الرزق

غدا وقد أصابتهم سنة وشدة وقحوط من الغيث، فأنا أخشى يا رسول الله! أن

يخرجوا من الإسلام طمعا، كما دخلوا فيه طمعا، فإن رأيت أن ترسل إليهم بشيء

تعينهم به فعلت. فنظر إلى رجل إلى جانبه أراه عليا رضي الله عنه فقال: يا

رسول الله! ما بقي منه شيء.

قال زيد بن سعنة: فدنوت إليه فقلت: يا محمد! هل لك أن تبيعني تمرا معلوما من

حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا؟ فقال:

" لا يا يهودي! ولكني أبيعك تمرا معلوما إلى أجل كذا وكذا، ولا تسمي حائط

بني فلان ".

قلت: بلى فبايعني. فأطلقت همياني فأعطيته ثمانين مثقالا من ذهب في تمر معلوم

إلى أجل كذا وكذا. فأعطاها الرجل فقال: " اغد عليهم فأعنهم بها ".

فقال زيد بن سعنة: فلما كان قبل محل الأجل بيومين أوثلاثة أتيته، فأخذت

بمجامع قميصه وردائه ونظرت إليه بوجه غليظ فقلت له: ألا تقضيني يا محمد حقي

؟ فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب لمطل، ولقد كان لي بمخالطتكم علم، ونظرت

إلى عمر وإذا عيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير، ثم رماني ببصره فقال:

يا عدوالله! أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع؟ وتصنع به ما أرى

؟ فوالذي بعثه بالحق لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي رأسك! ورسول الله

صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة ثم قال: فذكره.

قال زيد: فذهب بي عمر رضي الله عنه فأعطاني حقي وزادني عشرين صاعا من تمر.

فقلت: ما هذه الزيادة يا عمر؟ فقال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن

أزيدك مكان ما رعتك، قلت: وتعرفني يا عمر؟ قال: لا، من أنت؟ قلت: أنا

زيد بن سعنة. قال: الحبر؟ قلت: الحبر. قال: فما دعاك أن فعلت برسول الله

صلى الله عليه وسلم ما فعلت وقلت له ما قلت؟ قلت: يا عمر! لم تكن من علامات

النبوة شيء إلا وقد عرفته في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

(3/515)

 

 

حين نظرت إليه

إلا اثنتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا

حلما، فقد خبرتهما، فأشهدك يا عمر أني رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا

وبمحمد نبيا، وأشهدك أن شطر مالي - وإني أكثرها مالا - صدقة على أمة محمد.

فقال عمر رضي الله عنه: أوعلى بعضهم فإنك لا تسعهم. قلت: أوعلى بعضهم.

فرجع عمر وزيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال زيد: أشهد أن لا إله

إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم. وآمن به وصدقه

وبايعه وشهد معه مشاهد كثيرة. ثم توفي زيد في غزوة تبوك مقبلا غير مدبر،

رحم الله زيدا.

قلت: وأخرجه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (81 - 83)

بتمامه: أخبرنا ابن أبي عاصم النبيل: نا الحوطي: نا الوليد بن مسلم..

وحدثنا الحسن بن محمد: نا أبو زرعة: نا محمد بن المتوكل: نا الوليد بن مسلم

به.

وأخرجه ابن حبان (2105 - موارد) وأبو نعيم في " دلائل النبوة " (1/52)

والحاكم (3/604 - 605) والبيهقي (6/52) وفي " دلائل النبوة " (6/278)

من طريق محمد بن أبي السري العسقلاني به وقال الحاكم:

" صحيح الإسناد "!

ورده الذهبي بقوله:

" قلت: ما أنكره وأركه! لا سيما قوله: " مقبلا غير مدبر "، فإنه لم يكن في

غزوة تبوك قتال ".

قلت: وعلته حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام، فإنه ليس بالمعروف ولذلك بيض

له الذهبي في " الكاشف "، وقال الحافظ:

" مقبول ".

يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث كما نص عليه في مقدمة " التقريب "،

وكأنه لجهالته لم يورده البخاري في " التاريخ " ولا ابن أبي حاتم في " الجرح

والتعديل ". وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " (4/170) على قاعدته في

توثيق المجهولين التي نبهنا عليها مرارا في هذا الكتاب وغيره، حتى صار ذلك

معلوما عند عامة طلاب هذا العلم

 

(3/516)

 

 

الشريف، وكان ذلك من قبل نسيا منسيا.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

وقد ذهل الحافظ عن علة الحديث هذه، وعن النكارة التي أشار إليها الذهبي في

آخره، فقال في ترجمة زيد بن سعنة من " الإصابة ":

" رجال إسناده موثقون، وقد صرح الوليد فيه بالتحديث، ومداره على محمد بن

أبي السري، وثقه ابن معين، ولينه أبو حاتم، وقال ابن عدي: محمد كثير

الغلط ".

قلت: وفات الحافظ أنه لم يتفرد به محمد هذا، بل تابعه عبد الوهاب بن نجدة

الحوطي عند أبي الشيخ والطبراني، وهو ثقة، فالعلة ممن فوقهما، وقد عرفتها

، والله تعالى هو الموفق.

(تنبيه) : قد أخرج الحاكم طرفا من الحديث، وهو المتعلق بالتقاضي في مكان

آخر من " المستدرك "، لكن سقط منه محمد بن حمزة، فظهر إسناده إسناد آخر، كما

حققته في " أحاديث البيوع " وبالله التوفيق.

(تنبيه) : لقد علمت مما تقدم أن الذهبي رد على الحاكم في تصحيحه للحديث،

ولقد دهشت حقا حين وقع بصري على قول الدكتور قلعجي المعلق على " الدلائل " (

6/280) :

" وقال الذهبي: صحيح ".

وهذا كذب على الذهبي، ولا أقول إنه عن عمد، فقد يكون عن جهل وسوء فهم أو

غفلة، فإن الذهبي قال ما نصه بالحرف:

" صحيح. قلت: ما أنكره وأركه.. " إلخ.

فقوله: " صحيح " هو حكاية من الذهبي لتصحيح الحاكم، وليس تصحيحا من الذهبي

كما زعم الدكتور، بدليل رده عليه بقوله:

" قلت: ما أنكره.. " إلخ.

وهذا واضح جدا عند كل من له معرفة باللغة العربية، ومعرفة ما بإسلوب الذهبي

في تعقبه على الحاكم، فإنه يحكي قوله أولا، ثم يعقب عليه بما عنده من نقد إن

كان عنده، فلا أدري - والله - تعليلا لهذه الكذبة، وأي شيء خطر في البال

فأحلاه مر!

 

(3/517)

 

 

وسيأتي أمثلة أخرى تدل على مبلغ علم هذا الدكتور، فانظر مثلا الحديث (2208) .

1342 - " " إذا زلزلت " تعدل نصف القرآن، و" قل يا أيها الكافرون " تعدل ربع

القرآن، و" قل هو الله أحد " تعدل ثلث القرآن ".

منكر

أخرجه الترمذي (2/147) والحاكم (1/566) من طريق يمان بن المغيرة العنزي:

حدثنا عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم: فذكره. وضعفه الترمذي بقوله:

" حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث يمان بن المغيرة ".

قلت: وهو ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب ". بل قال فيه البخاري:

" منكر الحديث ".

وهذا منه في منتهى التضعيف له. وقال النسائي:

" ليس بثقة ".

وأما الحاكم فقال:

" صحيح الإسناد "! فتعقبه الذهبي بقوله:

" قلت: بل يمان ضعفوه ".

قلت: وقد روي الحديث عن أنس بن مالك مرفوعا نحوه.

أخرجه الترمذي (2/146) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 89) عن الحسن بن سلم بن

صالح العجلي: حدثنا ثابت البناني عنه. وقال الترمذي:

" حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث هذا الشيخ الحسن بن سلم ".

قلت: وقال العقيلي:

" الحسن هذا مجهول، وحديثه غير محفوظ. وقد روي في " قل هو الله أحد "

أحاديث صالحة الأسانيد من حديث ثابت، وأما في " إذا زلزلت " و" قل يا

أيها الكافرون " أسانيدها تقارب هذا الإسناد ".

وقال الذهبي في الحسن هذا:

 

(3/518)

 

 

" لا يكاد يعرف، وخبره منكر. وقال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بما لا يشبه

حديث الأثبات ".

قلت: والفقرة الأولى من الحديث قد رويت من طريق أخرى عن أنس بلفظ: " ربع

القرآن " وسنده ضعيف، وقد أوردته شاهدا في السلسلة الصحيحة الأخرى (588)

وقد قواه بعضهم أعني اللفظ المذكور، فقد ذكر الشيخ زكريا الأنصاري في " الفتح

الجليل " (ق 248/1) الحديث بلفظ:

" من قرأ سورة " إذا زلزلت الأرض " أربع مرات كان كمن قرأ القرآن كله ".

وقال:

" رواه الثعلبي بسند ضعيف، لكن يشهد له ما رواه ابن أبي شيبة مرفوعا: " إذا

زلزلت " تعدل ربع القرآن ".

وذكر نحوه الخفاجي في حاشيته (8/390) وزاد:

" فظهر أنه حديث صحيح، ليس كغيره من أحاديث الفضائل ".

قلت: ولم يظهر لي ذلك لأن الشاهد الذي عزاه لابن أبي شيبة ما أظنه إلا من

طريق سلمة بن وردان عن أنس مرفوعا وسلمة ضعيف، وقد خرجته في " السلسلة

الأخرى " (588) شاهدا كما سبقت الإشارة إليه، ولأن سند الثعلبي لم أقف عليه

. فالله أعلم.

ثم وجدت للحديث شاهدا من حديث أبي هريرة مرفوعا به.

أخرجه أبو أمية الطرسوسي في " مسند أبي هريرة " (195/2) عن عيسى بن ميمون:

حدثنا يحيى عن أبي سلمة عنه.

قلت: لكنه إسناد ضعيف جدا؛ عيسى بن ميمون الظاهر أنه المدني المعروف بالواسطي

، ضعفه جماعة، وقال أبو حاتم وغيره:

" متروك الحديث ".

وأبو أمية نفسه صدوق، كما قال الحافظ، فلا يصلح شاهدا.

وأما الفقرة الثانية فلها شواهد عدة، ولذلك خرجتها في " الصحيحة " (586) .

 

(3/519)

 

 

وأما الفقرة الثالثة: " قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن ".

فهو حديث صحيح مشهور من رواية جمع من الصحابة، في " الصحيحين " وغيرهما،

وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (1314) و" الروض 1024 "، " التعليق الرغيب

" (2/225) .

1343 - " أنزل القرآن بالتفخيم كهيئة الطير: " عذرا أونذرا "، و" الصدفين "

و" ألا له الخلق والأمر " وأشباه هذا في القرآن ".

منكر

أخرجه الحاكم (2/231 و2/242) من طريق بكار بن عبد الله: حدثنا محمد بن

عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف: حدثني أبو الزناد عن خارجة بن زيد عن

زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره وقال:

" صحيح الإسناد "!

ورده الذهبي بقوله:

" قلت: لا والله، العوفي مجمع على ضعفه، وبكار ليس بعمدة، والحديث واه

منكر ".

قلت: وأخرجه ابن الأنباري في " الإيضاح " (ق 3/1) من طريق عمار بن

عبد الملك قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز القرشي قاضي المدينة قال: حدثنا أبو

الزناد دون قوله: " كهيئة.. ".

وهذا القاضي العوفي ضعيف جدا. قال البخاري:

" منكر الحديث ".

وقال النسائي:

" متروك ".

وعمار بن عبد الملك اثنان، والظاهر أنه الذي روى عن بقية، وهو متروك

الحديث عند الأزدي. والله أعلم.

وممن ضعف الحديث المناوي، فإنه قال بعد أن نقل رد الحافظ الذهبي على

 

(3/520)

 

 

الحاكم

المتقدم:

" وأنت بعد إذ عرفت حاله علمت أن المصنف في سكوته عليه غير مصيب ".

قلت: ولقد كان موقف السيوطي في " الجامع الكبير " خيرا من ذلك، فإنه قال عقب

عزوه للحاكم:

" وتعقب ".

يشير بذلك إلى تعقب الذهبي السابق.

ثم إن كلام المناوي المذكور صريح في أن السيوطي لم يرمز له في " الصغير " بشيء

، ومع ذلك نرى عقب الحديث في شرح المناوي أنه رمز له بـ (صح) فلا أدري ماذا

كان موقف لجنة " الجامع الكبير " هل اعتمدوا على هذا الرمز، أم على تضعيف

المناوي إياه مع إشارة السيوطي فيه إلى تضعيفه كما هو المرجو؟ فإن كان كذلك

فهل اعتبروا بذاك الرمز المناقض للتضعيف فلا يعتمدون بعد على رموز " الصغير "؟

ذلك ما نتمناه لهم. ثم رأيتهم قد حققوا الأمنية (ص 1426) فنصحوا، وعساهم

أن يستمروا.

1344 - " أعربوا القرآن ".

ضعيف

أخرجه أبو علي الصواف في " الفوائد " (3/161/2) وأبو علي الهروي في " الأول

من الثاني من الفوائد " (18/2) عن ليث عن طلحة بن مصرف عن إبراهيم عن علقمة

عن عبد الله مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، ليث هو ابن أبي سليم وهو ضعيف.

وله شاهد من حديث ابن عباس مرفوعا به، ولكنه واه جدا.

أخرجه أبو بكر الشيرازي في " سبعة مجالس من الأمالي " (8/1) عن حفص بن سليمان

: نا سعيد بن المرزبان عن الضحاك بن مزاحم عنه. وقال:

" قال الحاكم: لم نكتبه من حديث أبي سعد البقال إلا بهذا الإسناد ".

قلت: وهو ضعيف جدا فيه علل:

1 - الضحاك لم يسمع من ابن عباس.

2 - وسعيد بن المرزبان، وهو أبو سعد البقال ضعيف مدلس، وقد عنعنه.

 

(3/521)

 

 

3 - وحفص بن سليمان وهو الأسدي الغاضري قال الحافظ:

" متروك الحديث مع إمامته في القراءة ".

ثم رأيت حديث ابن مسعود في " معجم الطبراني الكبير " من طريق ليث به موقوفا،

ومرفوعا (8684 و8685) وزاد في المرفوع:

" فإنه عربي ".

وزاد بعد هذه الزيادة من طريق أخرى:

" فإنه سيجيء قوم يثقفونه، وليسوا بخياركم ".

وإسناده هكذا (8686) : حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم: حدثنا

محمد بن يوسف الفريابي: حدثنا سعيد عن إسماعيل بن أبي خالد عن سيار أبي الحكم

عن ابن مسعود قال: فذكره موقوفا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله هذا قال

ابن عدي في " الكامل " (4/1568) :

" حدث عن الفريابي وغيره بالبواطيل، فإما أن يكون مغفلا، لا يدري ما يخرج من

رأسه، أومتعمدا، فإني رأيت له غير حديث غير محفوظ ".

وبه أعله الهيثمي (7/165) ، وأعل ما قبله بليث بن أبي سليم، ووهم المناوي

في " الجامع الأزهر " فزعم أن في هذا أيضا ابن أبي سليم!

وله شاهد آخر، ولكنه واه جدا، وفي متنه زيادة مستنكرة وهو الآتي بعده:

1345 - " أعربوا القرآن، والتمسوا غرائبه، وغرائبه فرائضه وحدوده ".

ضعيف جدا

أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (12/57/1) وأبو يعلى في " مسنده " (ق

306/1) وأبو عبيد في " فضائل القرآن " (ق 98/2) والحاكم (2/439)

والخطيب في " التاريخ " (8/77 - 78) وأبو بكر الأنباري في " الوقف

والابتداء " (ق 4/2 إسكندرية) وأبو الفضل الرازي في " معاني أنزل القرآن

على.. " (68 - 69) والسلفي في " معجم السفر " (ق 124/1) عن عبد الله بن

سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا وقال الحاكم:

 

(3/522)

 

 

" صحيح الإسناد على مذهب جماعة من أئمتنا "!

ورده الذهبي بقوله:

" قلت: بل أجمع على ضعفه ".

قلت: وآفته عبد الله هذا، فإنه شديد الضعف. وقال الهيثمي (7/163) بعدما

عزاه لأبي يعلى:

" وهو متروك ".

وأما قول المناوي في " الفيض ":

" وقال المناوي: فيه ضعيفان ".

فخطأ، إذ ليس فيه إلا هذا، وأما أبو هـ فثقة من رجال الشيخين.

نعم رواه عن عبد الله بعض الضعفاء بزيادة على ما رواه الثقات عنه وهو:

1346 - " أعربوا القرآن، واتبعوا غرائبه، وغرائبه فرائضه، وحدوده، فإن القرآن

نزل على خمسة أوجه، حلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فاعملوا

بالحلال، واجتنبوا الحرام واتبعوا المحكم، وآمنوا بالمتشابه، واعتبروا

بالأمثال ".

ضعيف جدا

رواه ابن جبرون المعدل في " الفوائد العوالي " (1/28/1) والثقفي في "

الثقفيات " (ج9 رقم 14 نسختي) عن معارك بن عباد: حدثني عبد الله بن سعيد بن

أبي سعيد المقبري: حدثني أبي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا.

ومن هذا الوجه رواه الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي في جزء له بخطه (ق 43/2)

وسكت عليه، وهو ضعيف جدا كما تقدم في الذي قبله، لكنه الراوي عنه هنا معارك

بضم الميم - ضعيف أيضا كما قال الدارقطني، وقال البخاري:

" منكر الحديث ".

لكن قال الحافظ ابن ناصر:

" له شاهد عن عبد الله بن مسعود ".

 

(3/523)

 

 

ثم ذكره مرفوعا بلفظ: " كان الكتاب الأول ينزل.. " فذكره نحوه، لكن ليس فيه

طرفه الأول إلى قوله: وحدوده، وهو من نصيب الكتاب الآخر (589)

والحمد لله تعالى.

1347 - " أعربوا الكلام، كي تعربوا القرآن ".

منكر

أخرجه أبو عبيد في " غريب الحديث " (99/1) : حدثنا نعيم بن حماد عن بقية بن

الوليد عن الوليد بن محمد بن زيد قال: سمعت أبا جعفر يقول: قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم.

وعن نعيم أخرجه أبو بكر الأنباري في " الوقف والابتداء " (ق 6/1) .

قلت: وهذا إسناد مرسل أومعضل مظلم، لم أعرف منه إلا نعيم بن حماد وبقية بن

الوليد وهما ضعيفان، وهذا مدلس وقد عنعنه، والوليد بن محمد الظاهر أنه من

شيوخ بقية المجهولين. وقال المناوي في " الفيض " عن أبي جعفر هذا:

" هو أبو جعفر الأنصاري الذي قال: رأيت أبا بكر ورأسه ولحيته كأنهما جمر

الغضا ".

قلت: ولا أدري مستنده فيما ذكره، ولوثبت ذلك لكان الحديث مرسلا وهو ينافي

قوله أصله - أعني السيوطي - في " الجامع الصغير ":

" رواه ابن الأنباري في " الوقف " والمرهبي في " فضل العلم " عن أبي جعفر

معضلا ".

فلوكان أبو جعفر هو ذاك الأنصاري عند السيوطي لم يجعله معضلا. فالله أعلم.

 

(3/524)

 

 

1348 - " إن لكل شيء سناما، وسنام القرآن سورة البقرة، فيها آية سيدة آي القرآن،

لا تقرأ في بيت فيه شيطان إلا خرج منه: آية الكرسي ".

ضعيف

أخرجه الترمذي (رقم 2881) وابن نصر في " قيام الليل " (68) والحاكم (1/560) وعبد الرزاق في " المصنف " (6019) والحميدي في " مسنده " (رقم 994) وابن عدي في " الكامل " (ق 69/1) من طريق حكيم بن جبير عن أبي صالح عن

أبي هريرة به. وضعفه الترمذي بقوله:

 

(3/524)

 

 

" لا نعرفه إلا من حديث حكيم بن جبير، وقد تكلم شعبة في حكيم وضعفه ".

وأما الحاكم فقال:

" صحيح الإسناد، والشيخان لم يخرجا عن حكيم لوهن في رواياته، وإنما تركاه

لغلوه في التشيع ".

فأقول: ليس كما قال وإن وافقه الذهبي في " تلخيصه "؛ فإن أقوال الأئمة فيه،

إنما تدل على أنهم تركوه لسوء حفظه، وليس لفساد مذهبه، فقال أحمد:

" ضعيف الحديث، مضطرب الحديث ".

وقال عبد الرحمن بن مهدي:

" إنما روى أحاديث يسيرة، وفيها منكرات ".

وقال أبو حاتم:

" ضعيف الحديث، منكر الحديث ".

ولذا قال الذهبي في " الكاشف ":

" ضعفوه، وقال الدارقطني: متروك ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" ضعيف رمي بالتشيع ".

وبالجملة فالحديث ضعيف، غير أن طرفه الأول قد وجد ما يشهد له من حديث

عبد الله بن مسعود، وهو مخرج في " الصحيحة " برقم (588) .

1349 - " إن لكل شيء سناما، وإن سنام القرآن، سورة البقرة، من قرأها في بيته ليلا

لم يدخله الشيطان ثلاث ليال، ومن قرأها في بيته نهارا لم يدخله الشيطان ثلاثة

أيام ".

ضعيف

أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 115) وابن حبان (رقم 1727 - موارد) من

طريق أبي يعلى وهذا في " مسنده " (4/1826) وأبو نعيم في " أخبار

 

(3/525)

 

 

أصبهان " (1/101) عن خالد بن سعيد المدني عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم..

أورده العقيلي في ترجمة خالد هذا، وقال:

" لا يتابع على حديثه ".

وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " (2/72) على قاعدته في توثيق المجهولين.

وهو خالد بن سعيد بن أبي مريم التيمي كما في " اللسان " وقد جهله ابن القطان

، وقال ابن المديني:

" لا نعرفه ".

ولم نجد للحديث شاهدا نقويه به إلا طرفه الأول منه، وهو مخرج في " السلسلة

الأخرى " كما ذكرت آنفا في الحديث الذي قبله.

1350 - " لكل شيء عروس، وعروس القرآن [الرحمن] ".

منكر

أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي في " شعب الإيمان "،

وكذا في " المشكاة " (2180) وقد كشف عن علته المناوي فقال في " الفيض ":

" وفيه أحمد (1) بن الحسن (دبيس) عده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "،

وقال الدارقطني: ليس بثقة ".

قلت: وترجمه الخطيب في " تاريخه " (4/88) وقال:

" وكان منكر الحديث.. قرأت بخط الدارقطني.. ليس بثقة ".

وإن من عجائب المناوي أن يخالف بنفسه هذا التضعيف الذي استفدناه منه، فيقول

في " التيسير ":

" وإسناده حسن "!

__________

(1) الأصل " علي " والتصحيح من نسخة مخطوطة. اهـ

 

(3/526)

 

 

1351 - " من قرأ " قل هو الله أحد " عشرين مرة بنى الله له قصرا في الجنة ".

منكر

أخرجه حميد بن زنجويه في " كتاب الترغيب " له من طريق حسين بن أبي زينب عن أبيه

عن خالد بن زيد رفعه.

ذكره الحافظ في ترجمة خالد هذا من " الإصابة " وحكى أنه غير أبي أيوب الأنصاري

، ولم يتكلم على إسناده بشيء، وكذلك صنع المناوي في " فيض القدير "، وكأن

ذلك لجهالته، فإن الحسين هذا - وفي " الفيض ": الحسن - وأباه لم أجد من

ذكرهما.

وفي المتن نكارة، فقد جاء الحديث من ثلاثة أوجه بلفظ:

" عشر مرات ". وقد خرجته في " الصحيحة " (589) .

 

(3/527)

 

 

1352 - " سيليكم أمراء يفسدون، وما يصلح الله بهم أكثر، فمن عمل منهم بطاعة الله

فلهم الأجر، وعليكم الشكر، ومن عمل منهم بمعصية الله فعليهم الوزر،

وعليكم الصبر ".

ضعيف جدا

رواه الداني في " الفتن " (ق 164/1) وابن عدي (69/2) عن حكيم بن خذام:

حدثنا عبد الملك بن عمير عن الربيع بن عميلة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا،

وقال ابن عدي:

" حكيم بن خذام قال البخاري: منكر الحديث ".

وقال أبو حاتم: " متروك الحديث ".

ومن طريقه أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " كما في " فيض القدير " وقال:

قال الحافظ العراقي: " ضعيف ".

واعتمده في " التيسير ".

ثم رأيت الحديث قد أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2/414) ، وقال عن أبيه

: " هذا حديث منكر، وحكيم متروك الحديث ".

 

(3/527)

 

 

1353 - " سيلي أموركم من بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون،

فلا طاعة لمن عصى الله، فلا تعتلوا بربكم ".

ضعيف بهذا اللفظ

أخرجه الحاكم (3/357) وعبد الله بن أحمد في " زوائد المسند " (5/329) من

طريق مسلم بن خالد - وفي " الزوائد ": يحيى بن مسلم وأظنه تحريفا - عن ابن

خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن عبادة بن الصامت قال: سمعت

أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.

قلت: ومسلم بن خالد فيه ضعف من قبل حفظه، لكن ذكر الحاكم أنه تابعه زهير بن

معاوية، ويحتمل أن يكون يحيى بن مسلم الذي في طريق عبد الله بن أحمد هو غير

مسلم بن خالد، ولكني لم أعرفه.

وقد أخرجه أحمد (5/325) من طريق إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن عثمان بن

خثيم: حدثني إسماعيل بن عبيد الأنصاري به إلا أنه لم يقل: عن أبيه.

وإسماعيل بن عياض ضعيف في روايته عن غير الشاميين وهذه منها.

وقد روي عنه بإسناد آخر، أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (246) من طريق هشام

ابن عمار قال: حدثنا إسماعيل بن عياش قال: حدثنا عبد العزيز بن عبيد الله بن

حمزة بن صهيب عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله

صلى الله عليه وسلم أنه قال فذكره بنحوه وقال:

" عبد العزيز؛ قال يحيى - يعني ابن معين -: ضعيف لم يحدث عنه إلا إسماعيل بن

عياش ".

قلت: وهو شامي حمصي، فحديثه هو المحفوظ من رواية إسماعيل بن عياش ولكنه

ضعيف لما عرفت من حاله. وقد قال العقيلي في الحديث:

" أما هذا اللفظ: " فلا تعتلوا "، فلا يحفظ إلا في هذا الحديث. وقد روي في

هذا المعنى بخلاف هذا اللفظ رواية أحسن من هذه ".

قلت: وقد فاته رواية إسماعيل بن عبيد المتقدمة، وهي أجود من هذه، غير أن

إسماعيل هذا في عداد المجهولين كما أشار إلى ذلك الذهبي بقوله:

 

(3/528)

 

 

" ما علمت روى عنه سوى عبد الله بن عثمان بن خثيم ".

قلت: ومع ذلك، فقد اختلفوا عليه في إسناده، فمنهم من قال: " عن أبيه "

ومنهم من لم يقل، فهو علة الحديث. والله أعلم.

وأما اللفظ الذي أشار إليه العقيلي فالظاهر أنه يعني حديث أم سلمة رضي الله

عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

" ستكون أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برىء، ومن أنكر سلم، ولكن من

رضي وتابع "، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: " لا ما صلوا ".

رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في " الصحيحة " برقم (3007) .

(تنبيه) : قوله: " فلا تعتلوا " كذا وقع في حديث عبادة عند أحمد وابنه

عبد الله، ووقع في " المستدرك " و" تلخيصه ": " فلا تعتبوا "! ! وفي "

مجمع الزوائد " (5/226) : " فلا تقبلوا "! وفي " الجامع الكبير - المصورة "

" فلا تضلوا "! وزاد في المخرجين " الشاشي ".

وهذا اختلاف شديد في هذه اللفظة، ولعل الصواب فيها الوجه الأول لاتفاق رواية

أحمد مع رواية ابنه عليها، ولموافقته لرواية العقيلي في حديث ابن عمرو بن

العاص.

وقد خفي أمر هذه الكلمة على الدكتور القلعجي، فلم يستطع أن يقرأها على الصواب

في مخطوطة " ضعفاء العقيلي " الذي حققه في زعمه، فجاءت في مطبوعته (3/22) في

موضعين منها بلفظ:

" فلا تقتلوا برأيكم "!

وعلق عليه بقوله:

" في هامش الأصل: فلا تغلبوا ".

وهكذا فليكن تحقيق الدكتور! وكم له في تعليقاته من مثل هذا وغيره من

الأخطاء والأوهام التي تدل على مبلغه من العلم. والله المستعان.

1354 - " ما من امرىء يقرأ القرآن، ثم ينساه إلا لقي الله عز وجل يوم القيامة وهو أجذم ".

 

(3/529)

 

 

ضعيف. أخرجه أبو داود (1474) من طريق ابن إدريس عن يزيد بن أبي زياد عن عيسى بن

فائد عن سعد بن عبادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، وفيه ثلاث علل:

أولا: يزيد بن أبي زياد وهو الهاشمي مولاهم أبو عبد الرحمن كما قال المنذري (

2/213) وهو ضعيف، تغير في كبره فصار يتلقن كما في " التقريب ".

ثانيا: عيسى بن فائد - بالفاء - قال ابن المديني:

" مجهول، لم يروعنه غير يزيد بن أبي زياد ".

ثالثا: الانقطاع. قال ابن عبد البر:

" هذا إسناد رديء، وعيسى بن فائد لم يسمع من سعد بن عبادة ولا أدركه ".

قلت: ويؤيد ما قال، أن شعبة رواه عن يزيد بن أبي زياد عن عيسى عن رجل عن سعد

ابن عبادة به.

أخرجه أحمد (5/284) والدارمي (2/437) وابن نصر في " قيام الليل " (74) .

وتابعه خالد وهو ابن عبد الله الطحان عند أحمد (5/285) ، فذكر الرجل بين

عيسى وسعد.

1355 - " من علم أن الله ربه، وأني نبيه صادقا من قلبه - وأومأ بيده إلى خلدة صدره

- حرم الله لحمه على النار ".

ضعيف

أخرجه البزار (رقم - 14) وابن خزيمة في " التوحيد " (226) وأبو نعيم في

الحلية (6/182) من طريق أيوب بن سليمان بن سيار الحارثي صاحب الكرى قال:

حدثنا عمر بن محمد بن عمر بن معدان الحارسي عن معدان القصير عن عبد الله بن أبي

القلوص عن مطرف عن عمران بن حصين قال: ألا أحدثكم بحديث ما حدثت به أحدا

منذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ : فذكره. وقال البزار:

" ليس له إلا هذا الطريق، وابن أبي القلوص بصري، وعمر بن محمد بصري لا بأس به ".

 

(3/530)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف عبد الله بن أبي القلوص ومن دونه - غير القصير - غير

مشهورين، أوردهم ابن أبي حاتم (2/2/142 و3/1/132 و1/1/249) ولم يذكر فيهم

جرحا ولا تعديلا. ولا أستبعد أن يكون ابن حبان قد أوردهم في " كتاب الثقات "

له على قاعدته المعروفة.

والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (1/22) : وقال:

" رواه البزار، وفي إسناده عمران القصير وهو متروك، وعبد الله بن أبي

القلوص ".

وعلى هامشه ما نصه - وأظنه للحافظ ابن حجر -:

" عمران القصير أخرج له الشيخان، ووثقه جماعة، وما علمت أحدا تركه،

وعبد الله بن أبي القلوص ما علمت أحدا وثقه. كما في هامش الأصل ".

وأورده الهيثمي في مكان آخر (1/19) وقال:

" رواه الطبراني في " الكبير " وفي إسناده عمر بن محمد بن عمر بن صفوان وهو

واهي الحديث "!

كذا قال! وإنما هو ابن معدان، ولعله تصحف عليه أوعلى ناسخ " الكبير " الذي

كان عنده، فإني لا أعرف في الرواة من يدعى عمر بن محمد بن عمر بن صفوان،

ولكن من أين أخذ الهيثمي وصفه إياه بأنه " واهي الحديث "؟ فلابد أن يكون وقع

له فيه وهم، لم يتبين لي إلى الآن سببه، ولا سيما والبزار قال فيه: " لا

بأس به " كما سبق.

ثم وقفت على إسناده في " المعجم الكبير " (18/124/253) بعد أن طبع بتحقيق

أخينا حمدي السلفي، فإذا هو فيه ".. ابن معدان " على الصواب. والحمد لله

على توفيقه وأسأله المزيد من فضله.

1356 - " من قرأ القرآن يتأكل به الناس جاء يوم القيامة ووجهه عظم لي عليه لحم. قراء

القرآن ثلاثة:

رجل قرأ القرآن فاتخذه بضاعته فاستجر به الملوك، واستمال به الناس.

 

(3/531)

 

 

ورجل قرأ القرآن فأقام حروفه، وضيع حدوده، كثر هؤلاء من قراء القرآن لا

كثرهم الله.

ورجل قرأ القرآن فوضع دواء القرآن على داء قلبه، فأسهر به ليله، وأظمأ به

نهاره، فأقاموا به في مساجدهم، بهؤلاء يدفع الله بهم البلاء، ويزيل الأعداء

، وينزل غيث السماء، فوالله لهؤلاء من قرء القرآن أعز من الكبريت الأحمر ".

موضوع

أخرجه ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " (1/148) من طريق أحمد بن ميثم بن

أبي نعيم الفضل بن دكين: حدثنا علي بن قادم عن سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد

عن سليمان بن بردة عن أبيه مرفوعا. وقال ابن حبان:

" لا أصل له من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحمد هذا يروي عن علي بن

قادم المناكير الكثيرة، وعن غيره من الثقات الأشياء المقلوبة ".

وأقره الذهبي في " الميزان " والعسقلاني في " اللسان " ومن قبلهما ابن

الجوزي في " الأحاديث الواهية " وقد رواه (1/148) وقال:

" لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يروى عن الحسن البصري ".

قلت: ولوائح الصنع والوضع ظاهرة عليه، ولقد أحسن السيوطي بإيراده إياه في

كتابه " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 29) من رواية ابن حبان وساق كلامه عليه

، وكلام ابن الجوزي. وتبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (1/300) .

ثم تناقض السيوطي فأورد الجملة الأولى من الحديث في " الجامع الصغير " من رواية

البيهقي في " شعب الإيمان " وزاد في " الجامع الكبير ": ابن حبان في "

الضعفاء "، فتعقبه المناوي في فيض القدير " بما تقدم عن ابن حبان وابن الجوزي

، ثم نسي هذا أوتناساه فاقتصر في التيسير " على قوله: " إسناده ضعيف "!

(تنبيه) : وقع في " الفيض " خطآن:

الأول: " ابن أبي حاتم " مكان " ابن حبان "، وهو خطأ مطبعي.

 

(3/532)

 

 

والآخر: " ضبير " محل " ميثم "، وقام في نفسي أول الأمر أنه خطأ مطبعي أيضا

ولكني وجدته كذلك في مخطوطة الظاهرية من " فيض القدير ". والله أعلم.

1357 - " ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر ".

موضوع

رواه الترمذي (2/293) والدولابي في " الكنى " (2/99) والحاكم (3/190)

وكذا العقيلي في " الضعفاء " (241) ومن طريقه ابن الجوزي في " الواهيات " (

1/190) وابن عدي في " الكامل " (ق 224/2) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (

13/29/1) من طريق عبد الله بن داود التمار قال: حدثنا عبد الرحمن بن أخي محمد

ابن المنكدر عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال:

قال عمر لأبي بكر: يا خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقال

أبو بكر أما إنك إن قلت ذاك، فلقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

فذكره. وقال الترمذي:

" هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده بذاك ".

قلت: وعلته التمار أوشيخه عبد الرحمن، وفي ترجمة الأول أورده ابن عدي،

وبالثاني أعله العقيلي فقال:

" لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به ".

وقال الذهبي في ترجمته من " الميزان ":

" لا يكاد يعرف، ولا يتابع على حديثه ".

ثم ساقه.

وأعله بالأول أيضا فقال في جزء " موضوعات من المستدرك ":

" قلت: عبد الله هالك، وهذا باطل ".

وقال في ترجمته من " الميزان ":

" قال البخاري: فيه نظر، وقال النسائي: ضعيف. وقال أبو حاتم: ليس بقوي،

وتكلم فيه ابن عدي وابن حبان ".

ثم ساق له هذا الحديث، ثم قال:

" هذا كذب ".

 

(3/533)

 

 

ولما قال الحاكم: " صحيح الإسناد " تعقبه الذهبي بقوله:

" عبد الله ضعفوه، وعبد الرحمن تكلم فيه، والحديث شبه موضوع ".

وقال ابن الجوزي:

" هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يتابع عبد الرحمن

عليه، ولا يعرف إلا به، وأما عبد الله بن داود فقال ابن حبان: منكر الحديث

جدا، يروي المناكير عن المشاهير، لا يجوز الاحتجاج بروايته ".

ثم إن الحديث ظاهر البطلان، لمخالفته لما هو مقطوع به:

أن خير من طلعت عليه الشمس إنما هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم الرسل

والأنبياء، ثم أبو بكر، وقد جاء من طرق عن ابن جريج عن عطاء عن أبي الدرداء

مرفوعا بلفظ:

" ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر ".

أخرجه جمع من المحدثين منهم عبد بن حميد والخطيب وغيرهما، وهو أصح من الأول

سندا ومتنا كما ترى، وقد حسنه بعضهم، ولكن الطرق المشار إليها بحاجة إلى

دراسة دقيقة، وهذا مما لم يتيسر لي بعد. والله الموفق.

1358 - " ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم

يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبو اب السماء، ويقول الرب: وعزتي

لأنصرنك ولوبعد حين ".

ضعيف

أخرجه الترمذي (2/280) وابن ماجه (1752) وابن خزيمة (1901) وابن حبان

(2407 و2408) وأحمد (2/304 - 305 و445 و477) من طريق سعد أبي مجاهد عن

أبي مدلة عن أبي هريرة به. وقال الترمذي:

" حديث حسن، وأبو مدلة هو مولى أم المؤمنين عائشة، وإنما نعرفه بهذا الحديث ".

قلت: إذا كان كذلك فالقواعد تقتضي أنه رجل مجهول، وذلك ما صرح به بعض الأئمة، فقال ابن المديني:

 

(3/534)

 

 

" لا يعرف اسمه، مجهول، لم يروعنه غير أبي مجاهد ".

قلت: فمثله لا يحسن حديثه، ولا سيما أنه مخالف لحديث آخر عن أبي هريرة خرجته

في " الصحيحة " (596) ؛ ولذلك فما أحسن الغماري بإيراده إياه في " كنزه " (1545) .

(تنبيه) : أبو مدلة هو مولى عائشة كما سبق عن الترمذي، وكذلك هو في " الجرح

والتعديل " (4/2/444) و" التهذيب " وغيرهما، وشذ ابن خزيمة فقال:

" وهو مولى أبي هريرة "! (وانظر صحيح ابن ماجه / " كتاب " الصيام " بقلمي،

وهو وشيك الصدور) .

1359 - " القبلة حسنة، والحسنة عشرة ".

موضوع

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (11/2) وأبو نعيم في " الحلية " (7/255) من

طريق إسماعيل بن يحيى: حدثنا مسعر عن عطية عن ابن عمر قال:

" جاء أبو سعيد الخدري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ابنه فقبله،

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال ابن عدي:

" هذا حديث باطل بهذا الإسناد ".

وقال أبو نعيم:

" غريب، تفرد به إسماعيل ".

قلت: وهو ابن يحيى التيمي كذاب مجمع على تركه، وهو من الأحاديث التي شان

بها السيوطي " الجامع الصغير " وبيض المناوي له فلم يبين حاله! لا في " الفيض

" ولا في " التيسير ".

ومن أحاديثه التي لا تعرف إلا من طريقه وشان بها أيضا السيوطي " جامعه ":

 

(3/535)

 

 

1360 - " التسويف شعاع الشيطان يلقيه في قلوب المؤمنين ".

موضوع

أخرجه ابن عدي (11/2) والديلمي في " مسند الفردوس " (2/1/50) من طريق

إسماعيل بن يحيى: حدثنا مسعر عن حميد بن سعد عن أبي سلمة عن أبيه رفعه،

وقال:

 

(3/535)

 

 

" إسماعيل يحدث عن الثقات بالبواطيل ".

قلت: وفيه علتان أخريان:

إحداهما: الانقطاع بين أبي سلمة وأبيه عبد الرحمن بن عوف فإنه لم يسمع منه.

والأخرى: حميد بن سعد لم أعرفه، وبه أعله المناوي وقد عزاه أصله للديلمي

فقط، فقال:

" قال الذهبي في " الضعفاء ": مجهول ".

قلت: الذي في " الضعفاء " و" الميزان " و" اللسان " حميد بن سعيد، وهذا

ابن سعد.

(تنبيه) : وقع في " الجامع الصغير ": " شعار " والصواب ما أثبتنا، وهو نص

الديلمي كما ذكر المناوي وكذلك هو في " الجامع الكبير ".

ومن أكاذيب ذاك التيمي:

" قريش على مقدمة الناس يوم القيامة، ولولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما

لمحسنها عند الله من الثواب ".

1361 - " قريش على مقدمة الناس يوم القيامة، ولولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما

لمحسنها عند الله من الثواب ".

موضوع

أخرجه ابن عدي (11/2) من طريق إسماعيل بن يحيى: حدثنا سفيان الثوري قال:

سمعت محمد بن المنكدر يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله

صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال ابن عدي:

" وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل ليس يرويه غير إسماعيل ".

قلت: وقد عرفت أنه كذاب، ولقد شان السيوطي كتابه " الجامع " بإيراده فيه

هذا الحديث، وأمثاله مما تقدم التنبيه عليه، وقد أخذ المناوي عليه إيهامه

بسكوته عليه أن ابن عدي خرجه وسكت عليه! فقال:

" الأمر بخلافه، بل قال: هذا الحديث.. باطل ليس يرويه غير إسماعيل بن مسعدة (!) (1) وكان يحدث عن الثقات بالبواطيل. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن

__________

(1) كذا ولعله خطأ مطبعي والصواب " إسماعيل بن يحيى " كما سبق. اهـ

 

(3/536)

 

 

الأثبات، لا تحل الرواية عنه ".

ثم تجاهل هذا كله المناوي في " التيسير " فاقتصر على تضعيفه فقط! !

1362 - " ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها، حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع ".

ضعيف

أخرجه الترمذي (4/292 - تحفة و22/126/1 - مخطوط) وابن حبان (2402) وابن

السني في " عمل اليوم والليلة " (348/2) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (13/248/2) وابن عدي في " الكامل " (331/2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان "

(2/289) والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " (1/501) من طرق عن قطن

ابن نسير: حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الترمذي:

" هذا حديث غريب، ورواه غير واحد عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن النبي

صلى الله عليه وسلم مرسل، ولم يذكروا فيه: عن أنس. حدثنا صالح بن عبد الله

قال: حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال.. ".

قلت: فذكره دون قوله: " كلها ". وزاد مكانها: " حتى يسأله الملح، وحتى

يسأله.. ".

قلت: وهكذا مرسلا رواه ابن عدي أيضا من طريق القواريري: حدثنا جعفر به (1) .

دون الزيادة. وزاد عقبه:

" فقال رجل للقواريري: إن لي شيخا يحدث به عن جعفر عن ثابت عن أنس؟ فقال

القواريري: باطل. وهذا كما قال ".

قلت: يعني أن وصله باطل، وأن الصحيح إرساله.

وقال الضياء عقب الحديث:

__________

(1) قلت: لكن وقع في النسخة موصولا أيضا، وهو خطأ من الناسخ كما يدل عليه كلام ابن المديني الآتي ذكره، وقد نقله الذهبي عنه على الصواب، وكذا الحافظ في " التهذيب ". اهـ

 

(3/537)

 

 

" وقد ذكره علي بن المديني من مناكير جعفر بن سليمان، قلت: ولا أعلم رفعه

إلا قطن بن نسير ".

قلت: وهو مختلف فيه، روى له مسلم في " صحيحه " حديثا واحدا، وذكره ابن

حبان في " الثقات "، وضعفه أبو زرعة، وقال ابن عدي:

" يسرق الحديث ويوصله ".

وقال ابن أبي حاتم (3/2/138) :

" سئل أبو زرعة عنه؟ فرأيته يحمل عليه. ثم ذكر أنه روى أحاديث عن جعفر بن

سليمان عن ثابت عن أنس مما أنكر عليه ".

قلت: فالحديث من مناكيره، لا من مناكير شيخه جعفر، فما قاله ابن المديني فيه

نظر.

هذا وقد كنت حسنت الحديث فيما علقته على " المشكاة " رقم (2251 - 2252)

وكانت تعليقات سريعة لضيق الوقت، فلم يتح لي يومئذ مثل هذا التوسع في التتبع

والتخريج الذي يعين على التحقيق والكشف عن أخطاء الرواة، وأقوال الأئمة

فيهم وفي أحاديثهم المنكرة منها. والله تعالى هو المسؤول أن يغفر لي خطئي

وعمدي، وكل ذلك عندي!

(تنبيه) : لم يرد الحديث في طبعة بولاق من " سنن الترمذي "، فلا أدري أسقط

منها أومن أصلها إطلاقا؟ أم من المكان الذي هو فيه في المخطوطة ونسخة "

التحفة "؟ وهو آخر كتاب الدعوات، وهو فيه في طبعة الدعاس رقم (3607)

والله أعلم.

(تنبيه آخر) : إن الحديث من الطريق المرسلة التي فيها الزيادة، قد رواها

البزار موصولا من حديث أنس، فقال الهيثمي في " المجمع " (10/150) .

" ورجاله رجال الصحيح غير سيار بن حاتم وهو ثقة ".

ونقل هذا عنه المناوي وأقره، وفي ذلك كله نظر، فإن سيارا هذا حاله مثل حال

قطن تماما، وقد أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" قال القواريري: كان معي في الدكان، لم يكن له عقل، قيل: أتتهمه؟ قال:

 

(3/538)

 

 

لا. وقال غيره: صدوق سليم الباطن ".

فهو من الضعفاء الذين لا يحفظون، فيقعون في الخطأ، ولا يتعمدونه. ثم هو من

الرواة عن جعفر بن سليمان شيخ قطن في هذا الحديث، فالظاهر أنه متابع لقطن في

وصله، ولكني لا أقطع بذلك لأني لم أقف على إسناد البزار، ولقول الضياء

المتقدم: " ولا أعلم رفعه إلا قطن ". والله سبحانه وتعالى أعلم.

ثم وقفت على إسناد البزار بطريق " كشف الأستار " - كتاب الأدعية - قال: حدثنا

سليمان بن عبيد الله الغيلاني: حدثنا سيار بن حاتم: حدثنا جعفر بن سليمان عن

ثابت عن أنس به وزاد:

" وحتى يسأله الملح ".

وقال الحافظ ابن حجر في " زوائده " (ص 305) :

" وإسناده حسن ".

قلت: وفيما قاله نظر من وجهين:

الأول: مخالفته للذين أرسلوه، منهم صالح بن عبد الله - وهو الباهلي الترمذي

، والقواريري، واسمه عبيد الله بن عمر - كما تقدم، وكلاهما ثقة.

والآخر: أن سيارا فيه ضعف كما تقدم عن القواريري، وقد أشار إلى ذلك الحافظ

نفسه بقوله فيه في " التقريب ":

" صدوق له أوهام ".

فمن كان مثله في الوهم لا يرجح وصله على إرسال من أرسله من الثقات، كما لا

يخفى على عارف بعلم مصطلح الحديث، بل لوقيل فيه: إنه لا يحتج به مطلقا ولو

لم يخالف لم يكن بعيدا عن الصواب، وإلى ذلك يشير كلام الحافظ في مقدمة كتابه

المذكور في فصل (المراتب) .

لا يقال: قد تابعه قطن بن نسير كما تقدم، لأننا نقول: قد عرفت من قول ابن

عدي المتقدم فيه: أنه يسرق الحديث ويوصله. فمن الممكن أن يكون سرقه من سيار

هذا. والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

(3/539)

 

 

وقد جاء الحديث عن عائشة رضي الله عنها نحوه موقوفا عليها، فلا يصلح شاهدا،

ولكن البعض ذكروه في المرفوع فوجب الكلام عليه، وهو التالي:

" سلوا الله كل شيء، حتى الشسع، فإن الله إن لم ييسره، لم يتيسر ".

1363 - " سلوا الله كل شيء، حتى الشسع، فإن الله إن لم ييسره، لم يتيسر ".

موقوف

أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (216/2) : حدثنا محمد بن عبد الله: حدثنا هاشم

ابن القاسم عن محمد بن مسلم بن أبي الوضاح عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة

قالت: " سلوا الله.. ".

قلت: وهذا سند موقوف جيد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، وفي ابن أبي الوضاح

كلام يسير لا يضر إن شاء الله تعالى. ومحمد بن عبد الله هو ابن نمير كما في

إسناد حديث عنده قبل هذا. ومن طريق أبي يعلى رواه ابن السني في " اليوم

والليلة " (349) موقوفا.

وقد أورده السيوطي في " الجامع " مرفوعا طبعا، وتبعه المناوي ونقل عن

الهيثمي أنه قال:

" رجاله رجال الصحيح غير محمد بن عبد الله بن المنادي (كذا) وهو ثقة ".

فلا أدري أسقط من نسختنا المصورة من " أبي يعلى " رفعه، أم وقع فيها مرفوعا في

مكان آخر؟ ذلك ما سيتبين بعد فراغي من قراءة " مسند أبي يعلى " كله إن شاء

الله تعالى.

ثم فرغت من قراءة " المسند " كله، فلم أعثر على الحديث في موضع آخر منه، ثم

رجعت إلى " مجمع الزوائد " للحافظ الهيثمي، فإذا به قد ذكره (10/150) من

طريق أبي يعلى موقوفا أيضا، وقال في رجاله ما نقله المناوي عنه. فتأكدت من

كون الحديث موقوفا عنده وازددت تأكدا حين رأيت ابن السني في " اليوم والليلة

" (349) رواه عنه موقوفا، فعلمت أن السيوطي وهم في إيراده إياه في " الجامع

الصغير "، وأن المناوي ذهل عنه. كما أنني أنا نفسي كنت أخطأت أيضا في ذكري

إياه مرفوعا تحت الحديث المتقدم برقم (21) (ص 29) ، وكان ذلك اعتمادا على

" الجامع الصغير " وشرحه قبل أن

 

(3/540)

 

 

أقف على إسناد أبي يعلى، فلما وقفت عليه

بادرت إلى تحقيق الكلام فيه، وانتهى ذلك إلى أنه موقوف على السيدة عائشة رضي

الله عنها.

ثم رأيت السيوطي قد ذكر ذلك في " الجامع الكبير " (رقم 14719 - طبع مصر -

تحقيق اللجنة) فقال بعد أن ذكر الحديث بنحوه:

" رواه هب وضعفه عن أبي هريرة، هب عن عائشة موقوفا ".

فصرح أن حديث عائشة موقوف، لكن فاته أنه عند أبي يعلى وابن السني.

(تنبيه) : وقع في " المجمع " (.. ابن المنادي) وتبعه عليه المناوي وهو

خطأ كما أشرت إليه، والصواب (ابن نمير) كما ذكرت آنفا، ويؤكده أنه وقع

مصرحا به في رواية ابن السني المتقدمة عن أبي يعلى، وخفي هذا الخطأ على لجنة

" الجامع الكبير " فنقلوه عن " المجمع " على خطئه! وعن المناوي كذلك،

ولكنهم وقعوا في خطأ آخر فقالوا فيه: " ابن المناوي "! وهو خطأ مطبعي لم

يتنبهو اله.!

1364 - " خمس دعوات يستجاب لهن: دعوة المظلوم حتى ينتصر، ودعوة الحاج حتى يصدر،

ودعوة المجاهد حتى يقفل، ودعوة المريض حتى يبرأ، ودعوة الأخ لأخيه بظهر

الغيب ".

موضوع

أخرجه أبو محمد المخلدي في " ثلاثة مجالس من الأمالي " (71 - 72) ومحمد بن

يوسف بن إلياس في " مشيخته " (180/2) والضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو

" (51/2) عن عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس

مرفوعا. وقال الضياء:

" قال - يعني شيخ شيخه أبا بكر يعقوب بن أحمد بن محمد بن علي الصيرفي -: حديث

عزيز صحيح حسن عال "!

قلت: أنى له الحسن، بله الصحة؛ وعبد الرحيم هذا كذاب كما قال ابن معين؟ !

وقال البخاري: تركوه. وقد مضى له عدة أحاديث.

وأبو هـ زيد العمي ضعيف أيضا، ولكنه خير من ابنه. وبه أعله المناوي، وهو

 

(3/541)

 

 

تقصير، موهم سلامته من علة أخرى أكبر! وتعقب أصله السيوطي الذي عزاه للبيهقي

في " شعب الإيمان " فقط، بأن الحاكم رواه عنه أيضا، ومن طريقه أورده البيهقي

مصرحا فكان عزوه إليه أولى.

قلت: ولم أره عند الحاكم الآن ولا بعد أن وضعت له فهرسا عاما لجميع أحاديثه

وآثاره وغير ذلك وسميته " بغية الحازم في فهارس مستدرك أبي عبد الله الحاكم

" فلعله في بعض كتبه الأخرى، وفي آخره عند البيهقي:

" وأسرع هذه الدعوات إجابة دعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب ".

وقد روي الحديث بإسناد آخر عن ابن عباس مرفوعا بلفظ:

" دعوتان ليس بينهما وبين الله حجاب.. " الحديث.

وسيأتي تخريجه وبيان علته برقم (3602) .

لكن هناك شواهد لدعوة المظلوم، ودعوة الأخ لأخيه في الغيب، فراجعها إن شئت

في " الصحيحة " (767 و1339) .

1365 - " من حلق على يمين، فرأى غيرها خيرا منها، فليتركها، فإن تركها كفارتها ".

منكر

أخرجه ابن ماجه (1/648) عن عون بن عمارة: حدثنا روح بن القاسم عن عبيد الله

ابن عمرو عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال

: فذكره.

قلت: لكنه لم يتفرد به، فقال الطيالسي في " مسنده " (221 - منحة) : حدثنا

خليفة الخياط ويكنى أبا هبيرة عن عمرو بن شعيب به إلا أنه قال:

" فليأتها فهي كفارتها ".

وأخرجه أحمد (2/185 و210 - 211) من هذا الوجه بهذا اللفظ دون قوله: "

فليأتها "، هذا في الموضع الآخر، وقال في الموضع الأول: " فتركها كفارتها ".

وتابعه أيضا عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بن شعيب به بلفظ:

 

(3/542)

 

 

" فليدعها وليأت الذي هو خير، فإن تركها كفارتها ".

أخرجه أبو داود (2/76) وعنه البيهقي (10/33 - 34) .

لكن أخرجه النسائي (2/141) من هذا الوجه بلفظ:

" فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير ".

فكان بعض الرواة عنده جرى فيه على الجادة! لكن يشهد له أنه روي كذلك من طريق

أخرى عن ابن عمرو، فقال الإمام أحمد في " المسند " وابنه في " زوائده " (2/204) : حدثنا الحكم بن موسى: حدثنا مسلم بن خالد عن هشام بن عروة عن أبيه

عنه به.

وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن مسلما هذا وهو الزنجي فيه ضعف من قبل حفظه،

وقد مشاه بعض الأئمة، وأخرج حديثه هذا ابن حبان في " صحيحه " (1180 - موارد) .

عدنا إلى حديث عمرو بن شعيب، فرواه عنه عبد الرحمن بن الحارث مختصرا بلفظ:

" من حلف على معصية الله فلا يمين له، ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين له ".

أخرجه البيهقي وقال:

" وقد روي في هذا الحديث زيادة تخالف الروايات الصحيحة عن النبي صلى الله عليه

وسلم ".

ثم ساق رواية عبيد الله بن الأخنس المتقدمة من طريق أبي داود.

وقد روي الحديث عن عائشة وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة:

1 - أما حديث عائشة، فيرويه حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عنها مرفوعا بلفظ:

" من حلف في قطيعة رحم، أوفيما لا يصلح، فبره أن لا يتم على ذلك ".

أخرجه ابن ماجه (1/648) وقال البوصيري (ق 130/2) :

" هذا إسناد ضعيف، لضعف حارثة بن أبي الرجال ".

قلت: وقد روي من طريق أخرى عنها مرفوعا باللفظ المعروف، وهو مخرج في "

إرواء الغليل " (2144) .

 

(3/543)

 

 

2 - وأما حديث أبي سعيد فيرويه ابن لهيعة: حدثنا دراج عن أبي الهيثم عنه بلفظ

" فكفارتها تركها ".

أخرجه أحمد (3/75 - 76) وإسناده ضعيف، ابن لهيعة وشيخه ضعيفان.

3 - وأما حديث أبي هريرة فأخرجه البيهقي من طريق يحيى بن عبيد الله عن أبيه

عنه به مرفوعا بلفظ:

" فأتى الذي هو خير فهو كفارته ".

وبعد هذا التخريج أقول:

إن الحديث بهذا اللفظ المذكور أعلاه، والألفاظ الأخرى التي في معناه مما لم

يطمئن القلب لصحته، لأن جميع طرقه ضعيفة كما رأيت، وخيرها الأولى منها وهي

طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، لكن الرواة قد اختلفوا عليه، وهو نفسه قد

خالفه الزنجي عن هشام بن عروة كما سبق فلم ينشرح الصدر للأخذ بشيء من ذلك إلا

برواية النسائي: " فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير "، لأنها هي

الموافقة لسائر الأحاديث في الباب عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

، وأكثرهم لحديثه عدة طرق عنه، وقد خرجتها في المصدر السابق، وهي صريحة في

وجوب الكفارة خلافا لهذا اللفظ فإنه لا يثبتها، بل ظاهره يدل على أن مجرد ترك

اليمين هو الكفارة، وعليه يكون الحديث بهذا اللفظ منكرا أوشاذا على الأقل،

وفي كلمة البيهقي المتقدمة ما يشير إلى ذلك. والله أعلم.

ولوصح الحديث لكان من الممكن تأويله على وجه لا يتعارض مع الأحاديث الصحيحة

فقد قال السندي في تعليقه على حديث عائشة المتقدم:

" قوله: (فبره أن لا يتم على ذلك) ظاهره أنه البر شرعا فلا حاجة معه إلى

كفارة أخرى كما في صورة البر، لكن الأحاديث المشهورة تدل على وجوب الكفارة،

فالحديث إن صح يحمل على أنه بمنزلة البر في كونه مطلوبا شرعا، فإن المطلوب في

الحلف هو البر، إلا في مثل هذا الحلف، فإن المطلوب فيه الحنث، فصار الحنث

فيه كالبر، فمن هذه الجهة قيل: إنه البر، وهذا لا ينافي وجوب الكفارة.

وهذا هو المراد

 

(3/544)

 

 

في الحديث الآتي إن صح أن يراد بالكفارة البر. فليتأمل ".

قلت: يعني هذا الحديث، وهو كلام وجيه متين لوصح الحديث، فإذا لم يصح فلا

داعي للتأويل، لأنه فرع التصحيح كما لا يخفى.

1366 - " كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا أمر بمعروف، أونهي عن منكر، أوذكر الله ".

ضعيف

أخرجه البخاري في " التاريخ " (1/1/261) والترمذي (2/66) وابن ماجه (

2/274) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم 5) وابن أبي الدنيا

وأبو يعلى في " مسنده " (4/1701) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (

ق 199/1) والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 22/2) والبيهقي في " الشعب " (

1/316 - هند) والأصبهاني في " الترغيب " (ق 246/2) والخطيب في " التاريخ "

(12/434) كلهم من طريق محمد بن يزيد بن خنيس المكي: حدثنا سعيد بن حسان قال

: حدثتني أم صالح عن صفية بنت شيبة عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه

وسلم مرفوعا به.

وفي رواية عن ابن خنيس قال:

كنا عند سفيان الثوري نعوده، فدخل عليه سعيد بن حسان المخزومي - وكان قاص

جماعتنا، وكان يقوم بنا في شهر رمضان - فقال له سفيان: كيف الحديث الذي

حدثتني عن أم صالح؟ قال: حدثتني أم صالح عن صفية بنت شيبة عن أم حبيبة رضي

الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. (فذكره بلفظ: " كلام

ابن.. " دون قوله: " كل ") قال محمد بن يزيد: قلت: ما أشد هذا؟ فقال:

وما شدة هذا الحديث؟ إنما جاءت به امرأة عن امرأة [عن امرأة] ، هذا في كتاب

الله عز وجل الذي أرسل به نبيكم صلى الله عليه وسلم، فقرأ: " يوم يقوم الروح

والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا " وقال:

" والعصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا

بالحق وتواصوا بالصبر ". وقال: " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر

بصدقة أومعروف أوإصلاح بين الناس " الآية.

 

(3/545)

 

 

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (23/246/484) والحاكم (2/512 - 513)

والسياق له والخطيب (12/321) .

وفي رواية أخرى له عن ابن خنيس قال:

دخلت مع سعيد بن حسان على سفيان الثوري نعوده، فقال: كيف الحديث الذي حدثتني

به؟ فقلت: حدثتني أم صالح.. فذكره وفيه الزيادة التي يسن المعكوفتين،

وقال مكان: " أوذكر الله ":

" أوالصلح بين الناس ".

وهذه الرواية شاذة متنا وسندا:

أما المتن فظاهر.

وأما السند، فلأنه جعله من تحديث ابن خنيس عن أم صالح، والصواب أنه من

تحديثه عن سعيد بن حسان عنها كما في الروايتين المتقدمتين.

وعلى كل حال فالحديث بجميع رواياته ضعيف لا يصح، لأن مدارها على ابن خنيس،

وقد أعل به، وإنما العلة عندي ممن فوقه، فقال الترمذي:

" حديث غريب (وفي نسخة: حسن غريب) لا نعرفه إلا من حديث محمد بن يزيد بن

خنيس ".

وقال الحافظ المنذري في " الترغيب " (4/10) :

" رواته ثقات، وفي محمد بن يزيد كلام قريب لا يقدح، وهو شيخ صالح ".

قلت: وما ذكره في ابن يزيد هو قول أبي حاتم فيه، وقد تبناه الذهبي في "

الكاشف "، ولذلك قال في " الميزان ":

" هو وسط ".

قلت: وأما قول المنذري آنفا: " رواته ثقات " فليس على إطلاقه بصواب، لأن أم

صالح هذه لم يوثقها أحد فيما علمت، بل أشار الذهبي إلى أنها مجهولة، فقال في

" الميزان ":

" تفرد عنها سعيد بن حسان المخزومي ".

 

(3/546)

 

 

وقال الحافظ في " التقريب ": " لا يعرف حالها ".

قلت: فهي مجهولة العين، فهي علة الحديث. والله أعلم.

(تنبيه) : لقد أورد الغماري هذا الحديث في جملة من الأحاديث الضعيفة

والمنكرة التي غص بها " كنزه "! دونما بحث أوتحقيق، بل ران عليه الجمود

والتقليد كما سبق التنبيه عليه مرارا تعليما وتحذيرا، وهنا اغتر بكلام

المنذري السابق وتوهم منه سلامة السند من الجهالة التي بينتها ... والله

المستعان.

1367 - " إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله خنس وإن نسي التقم

قلبه، فذلك الوسواس الخناس ".

ضعيف

رواه ابن شاهين في " الترغيب " (284/2) وأبو نعيم في " الحلية " (6/268)

وأبو يعلى واللفظ له (204/1) والبيهقي في " الشعب " (1/326 - هندية) من

طريق عدي بن أبي عمارة الذراع: حدثنا زياد النميري عن أنس بن مالك مرفوعا

. وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (9/307) :

" غريب ".

وقال الهيثمي (7/149) :

" رواه أبو يعلى، وفيه عدي بن أبي عمارة وهو ضعيف ".

قلت: وشيخه زياد النميري ضعيف أيضا كما في " التقريب " ولذلك أشار المنذري

إلى تضعيف الحديث في " الترغيب والترهيب " (2/230 - 231) وصرح بذلك الحافظ

كما يأتي.

وقد عزاه صاحب " المشكاة " (2281) للبخاري تعليقا من حديث ابن عباس مرفوعا.

وهو خطأ من وجوه عديدة:

الأول: أنه عند البخاري في آخر " التفسير " عن ابن عباس موقوفا، وهذا مرفوع.

والثاني: أنه بلفظ:

" الوسواس: إذا ولد خنسه الشيطان، فإذا ذكر الله عز وجل ذهب، وإذا لم يذكر

 

(3/547)

 

 

الله ثبت على قلبه ".

فهذا غير حديث الترجمة كما هو ظاهر.

الثالث: قال الحافظ في صورة تعليق البخاري لهذا الحديث:

" قوله: وقال ابن عباس: الوسواس.. كذا لأبي ذر، ولغيره. " ويذكر عن ابن

عباس " وكأنه أولى لأن إسناده إلى ابن عباس ضعيف.. ".

ولم يعلق الشيخ علي القارىء في " المرقاة " (3/11) على هذا العزوبشيء!

1368 - " والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي، فأنت عندي بمنزلة هارون من موسى،

ووارثي ". فقال: يا رسول الله! وما أرث منك؟ قال: " ما أورثت الأنبياء "

. قال: وما أورثت الأنبياء قبلك؟ قال: " كتاب الله وسنة نبيهم، وأنت معي

في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي، وأنت أخي ورفيقي " ثم تلا رسول الله

صلى الله عليه وسلم هذه الآية: " إخوانا على سرر متقابلين "، " الأخلاء في

الله ينظر بعضهم إلى بعض ".

موضوع

أخرجه الطبراني في " الكبير " (5146) من طريق عبد المؤمن بن عباد بن عمرو

العبدي: حدثنا يزيد بن معن: حدثني عبد الله بن شرحبيل عن رجل من قريش عن

زيد بن أبي أوفى قال:

" دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد المدينة فجعل يقول: " أين

فلان بن فلان؟ " فلم يزل يتفقدهم ويبعث إليهم حتى اجتمعوا عنده فقال: " إني

محدثكم بحديث فاحفظوه، وعوه وحدثوا به من بعدكم: إن الله اصطفى من خلقه

خلقا " ثم تلا هذه الآية: " الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس " خلقا

يدخلهم الجنة، وإني مصطف منكم من أحب أن أصطفيه ومواخ بينكم كما آخى الله

بين الملائكة، قم يا أبا بكر! فقام فجثا بين يديه فقال: " إن لك عندي يدا،

إن الله يجزيك بها، فلوكنت متخذا

 

(3/548)

 

 

خليلا لاتخذتك خليلا، فأنت مني بمنزلة

قميصي من جسدي ". وحرك قميصه بيده ". ثم قال: " ادن يا عمر! " فدنا فقال:

" قد كنت شديد الشغب علينا أبا حفص! فدعوت الله أن يعز الدين بك أوبأبي جهل،

ففعل الله ذلك بك، وكنت أحبهما إلي، فأنت معي في الجنة ثالث ثلاثة من هذه

الأمة ".

ثم تنحى وآخى بينه وبين أبي بكر.

ثم دعا عثمان فقال: " ادن يا عثمان ادن يا عثمان! " فلم يزل يدنومنه حتى

ألصق ركبته بركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نظر إليه ثم نظر إلى السماء

فقال: " سبحان الله العظيم " ثلاث مرات ثم نظر إلى عثمان فإذا إزاره محلولة

فزررها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال: " اجمع عطفي ردائك على نحرك

، فإن لك شأنا في أهل السماء، أنت ممن يرد علي الحوض وأوداجه تشخب دما فأقول

: من فعل هذا بك؟ فتقول: فلان وفلان، وذلك كلام جبريل عليه السلام، وذلك

إذ هتف من السماء: ألا إن عثمان أمين على كل خاذل ".

ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال: " إن يا (كذا الأصل، ولعل الصواب: أنت)

أمين الله والأمين في السماء يسلطك الله على مالك بالحق، أما إن لك عندي دعوة

وقد أخرتها ". قال: خر لي يا رسول الله قال: " حملتني يا عبد الرحمن أمانة

أكثر الله مالك ".

قال: وجعل يحرك يده ثم تنحى وآخى بينه وبين عثمان.

ثم دخل طلحة والزبير فقال: " ادنوا مني " فدنوا منه فقال: " أنتما حواريي

كحواريي عيسى ابن مريم عليه السلام " ثم آخى بينهما.

ثم دعا سعيد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر فقال: " يا عمار! تقتلك الفئة

الباغية " ثم آخى بينهما.

ثم دعا عويمرا أبا الدرداء وسلمان الفارسي فقال: " يا سلمان! أنت منا أهل

البيت، وقد آتاك الله العلم الأول والعلم الآخر والكتاب الأول والكتاب

الآخر "، ثم قال: " ألا أرشدك يا أبا الدرداء؟ " قال: بلى بأبي أنت وأمي

يا رسول الله. قال: " إن تنقد ينقدوك، وإن تتركهم لا يتركوك، وإن تهرب

منهم يدركوك، فأقرضهم عرضك ليوم فقرك "، فآخى بينهما.

 

(3/549)

 

 

ثم نظر في وجوه أصحابه فقال:

" أبشروا وقروا عينا فأنتم أول من يرد علي الحوض وأنتم في أعلى الغرف ".

ثم نظر إلى عبد الله بن عمر فقال:

" الحمد لله الذي يهدي من الضلالة ". فقال علي: يا رسول الله! ذهب روحي،

وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت ما فعلت بأصحابك غيري، فإن كان من سخطة علي، فلك

العتبى والكرامة، فقال: (فذكره) .

قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم؛ الرجل من قريش لم يسم. واللذان دونه لم يترجم

لهما أحد.

وعبد المؤمن بن عباد بن عمرو العبدي، قال ابن أبي حاتم (3/66) عن أبيه:

" ضعيف الحديث ".

وقال البخاري في " التاريخ الكبير " (3/2/117) وقد ساق له حديثا آخر:

" لا يتابع عليه ".

قلت: ولوائح الصنع والوضع لائحة على هذا الحديث. والله أعلم.

1369 - " كان إذا جلس مجلسا فأراد أن يقوم استغفر الله عشرا، إلى خمس عشرة ".

موضوع

أخرجه البغوي في " حديث علي بن الجعد " (ق 91/2) وعنه ابن السني في " عمل

اليوم والليلة " (446) وابن عدي في " الكامل " (53/1) من طريق جعفر بن

الزبير عن القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: فذكره مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد موضوع آفته جعفر هذا، فقد كذبه شعبة. وقال البخاري:

" تركوه ".

وقد مضى له جملة من الأحاديث، وقال ابن عدي:

" وعامتها مما لا يتابع عليه، والضعف على حديثه بين ".

 

(3/550)

 

 

1370 - " كان إذا قام من المجلس استغفر عشرين مرة فأعلن ".

ضعيف

أخرجه ابن السني (447) أخبرني أبو أيوب الخزاعي: حدثنا أبو علقمة نصر بن

خزيمة: أخبرني أبي عن نصر بن علقمة عن أخيه محفوظ عن ابن عائذ قال: قال ابن

ناسخ عبد الله الحضرمي رضي الله عنه: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف مرسل، عبد الله بن ناسخ - بمهملتين - لا تصح له صحبة

كما قال أبو نعيم.

ونصر بن خزيمة أورده ابن أبي حاتم (4/1/473) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا

، ولا ذكر له راويا سوى شيخ ابن السني هذا وسماه سليمان بن عبد الحميد الحمصي

. وأبو هـ هو خزيمة بن عبادة - وفي نسخة جنادة - بن محفوظ، ذكره في " التهذيب

" في الرواة عن نصر بن علقمة، وأنه روى عنه نسخة كبيرة، ولم أجد له ترجمة

وسائر الرواة ثقات، وابن عائذ اسمه عبد الرحمن.

 

(3/551)

 

 

1371 - " اللهم لا يدركني زمان، ولا تدركوا زمانا، لا يتبع فيه العليم، ولا

يستحيى فيه من الحليم، قلوبهم قلوب الأعاجم، وألسنتهم ألسنة العرب ".

ضعيف

أخرجه أحمد (5/340) وابن عبد الحكم في " فتوح مصر " (ص 275 - 276) وأبو

عمرو الداني في " كتاب السنن الواردة في الفتن " (8/2) عن ابن لهيعة: حدثنا

جميل الأسلمي عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف فيه ثلاث علل:

الأولى: الانقطاع، فإن جميلا هذا لم يثبت لقاؤه لأحد من الصحابة مع كونه

مجهول الحال، فقد ترجمه ابن أبي حاتم (1/1/516 - 517) من رواية ثلاثة عنه،

ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأورده ابن حبان في " ثقات أتباع التابعين "

(6/147) وقال:

" شيخ يروي المراسيل، روى عنه عمرو بن الحارث ".

الثانية: جهالة حال جميل هذا كما سبق.

 

(3/551)

 

 

الثالثة: سوء حفظ ابن لهيعة، وقد خولف في إسناده، فقال: عمرو بن الحارث عن

جميل بن عبد الرحمن الحذاء عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

فذكره.

أخرجه الحاكم (4/510) وقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! كذا قالا

، ومع أن فيه العلتين الأوليين، فهو أصح من الأول لأن عمرو بن الحارث ثقة،

فهو أحفظ من ابن لهيعة.

1372 - " الحمد رأس الشكر، ما شكر الله عبد لا يحمده ".

ضعيف

أخرجه البغوي في " شرح السنة " (144/2) والخطابي في " غريب الحديث " (67/1) من طريق قتادة عن عبد الله بن عمرو مرفوعا به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، لانقطاعه بين قتادة وابن عمرو، فقد قال الحاكم:

" لم يسمع قتادة من صحابي غير أنس ". وعن أحمد مثله.

والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لأبي يعلى والبيهقي في " شعب الإيمان "،

وأعله بالانقطاع في شرح التقريب " كما نقله عنه المناوي.

 

(3/552)

 

 

1373 - " استعيذوا بالله من طمع يهدي إلى طبع، ومن طمع يهدي إلى غير مطمع، ومن طمع حيث لا مطمع ".

ضعيف

أخرجه أحمد (5/232 و247) وأبو عبيد في " الغريب " (ق 102/2) وعبد بن

حميد في " المنتخب من المسند " (ق 16/2) والهيثم بن كليب في " مسنده " (ق

166/1) والبزار أيضا (4/64/3208) والطبراني في " المعجم الكبير " (

20/93/179) والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 60/2) من طريق عبد الله بن عامر

الأسلمي عن الوليد بن عبد الرحمن عن جبير بن نفير عن معاذ بن جبل مرفوعا به

. ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم (1/533) وقال:

" مستقيم الإسناد ". ووافقه الذهبي!

قلت: وهذا من عجائبه، فإنه قال في ترجمة الأسلمي هذا من " الميزان ":

" ضعفه أحمد والنسائي والدارقطني، وقال يحيى: " ليس بشيء " وقال البخاري:

 

(3/552)

 

 

" يتكلمون في حفظه ". وسئل عنه ابن المديني فقال: ذاك عندنا ضعيف ضعيف ".

ثم لم يحك عن أحد توثيقه. ولذلك قال في " الكاشف ":

" ضعيف ".

وكذا قال الحافظ في " التقريب "، ومن قبله شيخه الهيثمي في " مجمع الزوائد "

(10/144) وبه أعل الحديث، وبه استدرك المناوي في " الفيض " على الذهبي

إقراره المتقدم للحاكم فأصاب، ثم رجع عنه في " التيسير " فذكر قول الحاكم: "

مستقيم الإسناد " وأقره! وقلده الغماري كعادته فأورده في " كنزه ".

ثم رأيت البخاري قال في " التاريخ الكبير " (4/2/266) :

" قال إسحاق بن إبراهيم بن العلاء: نا عمرو بن الحارث قال: نا عبد الله بن

سالم عن الزبيدي عن يحيى بن جابر عن عبد الرحمن بن جبير أن أباه حدثهم أن عوف

ابن مالك خرج إلى الناس فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تتعوذوا

من ثلاث.. فذكرها. وقال أبو نعيم عن عبد الله بن عامر.. (فساق إسناده

المتقدم) . وقال وكيع: عن عبد الله بن عامر عن الوليد عن جبير عن النبي

صلى الله عليه وسلم مرسل والأول أصح ".

يعني رواية أبي نعيم الموصولة، لمتابعة جمع من الثقات لأبي نعيم على الوصل.

ويشهد للموصول حديث عوف بن مالك الذي علقه أولا، وقد وصله الطبراني في "

الكبير " (18/52/94) من طريقين عن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء. وهو صدوق

يهم كثيرا، كما قال الحافظ في " التقريب ".

ولعله مما يدل على وهمه أن إسماعيل بن عياش قال: حدثني سليمان بن سليم

الكناني عن يحيى بن جابر عن عوف بن مالك الأشجعي مرفوعا به.

فلم يذكر بين يحيى بن جابر وعوف بن مالك عبد الرحمن بن جبير عن أبيه، فهو

منقطع، قال في " التهذيب ": " أرسل يحيى عن عوف ".

أخرجه الطبراني (18/69/127 - 128 و2/274/647) من طرق عن إسماعيل بن عياش،

وهو ثقة في روايته عن الشاميين وهذه منها، فالسند صحيح لولا الانقطاع. وله

علة أخرى، وهي الاضطراب عليه في إسناده، فبعضهم قال: عن يحيى

 

(3/553)

 

 

عن عوف،

وهو الأكثر. وبعضهم قال: عنه عن المقدام بن معدي كرب. وهذا أخرجه الطبراني

في " مسند الشاميين " أيضا (ص 276 - المصورة) .

وبالجملة فقد اضطرب الرواة في ضبط إسناد هذا الحديث، ويمكن تلخيص ذلك

بالوجوه التالية:

الأول: عبد الله بن عامر الأسلمي بسنده عن جبير بن نفير عن معاذ. وفي رواية

عنه لم يذكر معاذا فأرسله.

الثاني: إسحاق بن إبراهيم بإسناده عن يحيى بن جابر عن عبد الرحمن بن جبير عن

أبيه عن عوف بن مالك. فذكر عوفا مكان معاذ!

الثالث: إسماعيل بن عياش بسنده عن يحيى بن جابر عن عوف بن مالك. فأسقط من بين

يحيى وعوف عبد الرحمن بن جبير وأباه، وفي رواية جعل المقدام مكان عوف.

وأصح هذه الوجوه الأخير منها على انقطاعه واضطرابه.

والخلاصة: أن الحديث ضعيف لا تطمئن النفس لشيء من هذه الطرق لاضطرابها وضعف

بعض رواتها. والله سبحانه وتعالى أعلم.

1374 - " ذراري المسلمين يوم القيامة تحت العرش شافع ومشفع، من لم يبلغ اثني عشر سنة

، ومن بلغ ثلاث عشرة سنة فعليه وله ".

موضوع

رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " (90/2) : نا محمد بن غالب: حدثني عبد

الصمد: نا ركن أبو عبد الله عن مكحول عن أبي أمامة رفعه. ومن طريق أبي بكر

رواه ابن عساكر (6/139/1) في ترجمة ركن هذا، وروى عن أبي أحمد الحاكم أنه

قال:

" حديثه ليس بالقائم ". وعن ابن معين:

" ليس بثقة ". وعن النسائي:

" متروك الحديث ". وقال الحاكم:

" يروي عن مكحول أحاديث موضوعة ".

 

(3/554)

 

 

وأخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/15) وعنه الديلمي في " مسنده " (

156) من طريق أخرى عن محمد بن غالب به إلا أنه قال: " اثنتي عشرة سنة ".

وكذا هو في " الجامع الصغير " من رواية أبي بكر الشافعي وابن عساكر، وهو في

" التاريخ " كما في " الفوائد ". والله أعلم.

والحديث مما سود به السيوطي " الجامع الصغير " وقد بين في " الجامع الكبير "

(14132) أن فيه ركن بن عبد الله؛ ربيب مكحول متروك. ومع ذلك تظل اللجنة

القائمة على نشر " الجامع " والتعليق عليه تتعلق برموز " الجامع الصغير "

فتقول نقلا عنه:

" ورمز له بالحسن "!

فما فائدة الركون إلى الرمز - لوصح أنه من السيوطي - وهو يصرح بنقيضه، وهو

بين أيديهم وتحت أبصارهم، وفي الكتاب الذي كلفوا بالقيام بتحقيقه، أم هم لا

يعلمون أن معنى قول السيوطي في الراوي: " متروك " يعني أنه شديد الضعف وأن

ذلك ينافي الحسن؟ ! فإذا كان كذلك فهلا رجعوا إلى المناوي ليروا ما نقله عن

أهل العلم وأئمة الجرح والتعديل؟ فقال في ركن هذا:

" قال في " الميزان ": وهاه ابن المبارك، وقال النسائي والدارقطني: متروك

. ثم ساق له هذا الخبر. وفي " اللسان " عن الحاكم: أنه يروي أحاديث موضوعة ".

ولهذا قال في " التيسير ": " إسناده واه ".

(تنبيه) : وقع في إسناد الحديث: " ركن أبو عبد الله "، وفي إسناد حديث آخر

عند ابن عدي (3/1020) " ركن بن عبد الله " كما تقدم عن " الجامع الكبير "،

وهكذا ترجمه ابن عدي، ولا منافاة بينهما كما قد يظن، فهو ركن بن عبد الله

أبو عبد الله. والله أعلم.

1375 - " اذهب فاقلع نخله ".

ضعيف

أخرجه أبو داود (3636) من طريق أبي جعفر محمد بن علي عن سمرة بن جندب:

 

(3/555)

 

 

" أنه كانت له عضد من نخل في حائط رجل من الأنصار، قال: ومع الرجل أهله،

قال: فكان سمرة يدخل إلى نخله، فيتأذى به، ويشق عليه، فطلب إليه أن يبيعه

، فأبى، فطلب إليه أن يناقله فأبى، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له،

فطلب إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعه، فأبى، فطلب إليه أن يناقله،

فأبى، قال: فهبه له ولك كذا وكذا، أمرا رغبه فيه، فأبى، فقال: أنت مضار

. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصاري: ". فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات رجال مسلم غير أن أبا جعفر هذا وهو

الباقر لم يسمع من سمرة، فقد مات هذا سنة ثمان وخمسين. وولد أبو جعفر سنة

ست وخمسين، وقيل: سنة ستين. وكل من القولين وجههما الحافظ في " التهذيب "

. وأيهما كان الأرجح فهو لم يسمع من سمرة قطعا، وقد صرح بذلك بعضهم.

1376 - " صاحب الدين مأسور في قبره يشكوإلى الله الوحدة ".

ضعيف

أخرجه الطبراني في " الأوسط " (880 - بترقيمي) والرافقي في " حديثه " (30/1

) والروياني في " مسنده " (97/1) ونعيم بن عبد الملك الإستراباذي في " مجلس

من الأمالي " (ق 160/1) والبغوي في " شرح السنة " (8/203) عن مبارك بن

فضالة عن كثير أبي محمد عن البراء مرفوعا. وكذا أخرجه ابن عساكر في "

حديث عبد الخلاق الهروي " (ق 235/1) وقال الطبراني:

" لا يروى عن البراء إلا بهذا الإسناد، تفرد به مبارك ".

قلت: وهو ضعيف لتدليسه، وأشار المنذري إلى إعلاله به في " الترغيب " (3/37

) ، وقال الهيثمي في " المجمع " (4/129) :

" وثقه عفان وابن حبان، وضعفه جماعة ".

قلت: وشيخه كثير أبو محمد، أورده البخاري في " التاريخ " (4/1/26/913)

وابن أبي حاتم في " الجرح " (3/2/159) وابن حبان في " الثقات " (5/332)

من رواية ابن فضالة فقط عنه، وعطف عليه في " التهذيب " حماد بن سلمة أيضا،

فإن صح ذلك فهو مجهول الحال، وإلا فهو مجهول العين. والله أعلم.

 

(3/556)

 

 

1377 - " صاحب الدين مغلول في قبره حتى يقضى عنه دينه ".

ضعيف

رواه ابن عدي (207/2) والديلمي (151) من طريقين عن أبي سفيان السعدي عن

أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، أبو سفيان هذا اسمه طريف بن شهاب الأشل، وفي ترجمته

أورده ابن عدي وقال في آخرها:

" وقد روى عنه الثقات، وإنما أنكر عليه في متون الأحاديث أشياء لم يأت بها

غيره ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" ضعيف ".

والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الديلمي عن أبي سعيد به إلا أن

قال: " لا يفكه إلا قضاء دينه ". وقال المناوي:

" وفيه أحمد بن يزيد أبو العوام، قال الذهبي في " الذيل ": مجهول ".

قلت: فيه:

أولا: أن ابن عدي رواه من غير طريقه كما أشرت إليه أعلاه.

ثانيا: في " الديلمي ": " أحمد بن يزيد العوام " والصواب ما في " المناوي "

لما يأتي.

ثالثا: لم أجد ترجمة لأبي العوام هذا في شيء مما عندي من كتب الجرح والتعديل

، وإنما ذكره الخطيب ووثقه، فقال في " تاريخ بغداد " (5/227) :

" أحمد بن يزيد أبو العوام الرياحي. حدث عن مالك بن أنس وهشيم بن بشير و ...

و ... و ... ، روى عنه ابنه محمد، وكان ثقة، وكان يستملي على إسماعيل بن

علية ".

وإنما أوردت الحديث في هذه السلسلة للفظة " مغلول "، وإلا فالحديث صحيح نحوه

بلفظ: " مأسور " وقد جاء فيه حديثان صحيحان، خرجتهما في " أحكام الجنائز " (ص 14 - 15) .

 

(3/557)

 

 

1378 - " للسائل حق، وإن جاء على فرس ".

ضعيف

روي من حديث الحسين بن علي بن أبي طالب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله

ابن عباس، وأنس بن مالك، والهرماس بن زياد، وأبي هريرة.

1 - أما حديث الحسين، فيرويه مصعب بن محمد عن يعلى بن أبي يحيى عن فاطمة بنت

الحسين عن حسين بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

أخرجه البخاري في " التاريخ " (4/2/416) وأبو داود (1665) وأحمد (1/201

) وابن أبي شيبة في " المصنف " (2/186/2) وأبو يعلى في " مسنده " (ق 317/2

) والطبراني (رقم - 2893) وابن زنجويه في " الأموال " (13/21/1) .

قلت: وهذا إسناد ضعيف، ومن جوده فقد أخطأ، فإن يعلى بن أبي يحيى مجهول كما

قال أبو حاتم وتبعه الحافظ.

ومصعب بن محمد، وثقه ابن معين وقال أبو حاتم:

" يكتب حديثه ولا يحتج به ".

قلت: وقد اختلف عليه في إسناده، فرواه سفيان عنه كما ذكرنا.

وقال ابن المبارك: عنه عن يعلى بن أبي يحيى مولى لفاطمة ابنة الحسين عن

الحسين بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله فلم يذكر فاطمة في السند

وإنما المولى.

وقال ابن جريج: عنه عن يعلى عن سكينة بنت الحسين عليه السلام عن النبي

صلى الله عليه وسلم. وهذا مرسل.

أخرجهما ابن زنجويه.

وروي على وجه آخر وهو:

2 - حديث علي: يرويه زهير عن شيخ - قال: رأيت سفيان عنده - عن فاطمة بنت حسين

عن أبيها عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

أخرجه أبو داود (1666) والقضاعي في " مسند الشهاب " (19/2) .

قلت: وهذا إسناد ضعيف أيضا لجهالة هذا الشيخ الذي لم يسم، والظاهر أنه يعلى

بن أبي يحيى الذي في الطريق الأولى، وقد عرفت جهالته.

وقد رواه محمد بن زكريا الغلابي البصري: حدثنا يعقوب بن جعفر بن سليمان بن

 

(3/558)

 

 

علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن أمه أم الحسن بنت جعفر بن الحسن بن الحسن

ابن علي عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين به.

أخرجه تمام الرازي في " الفوائد " (ق 278/2) .

والغلابي هذا كذاب وضاع.

3 - حديث ابن عباس، يرويه إبراهيم بن عبد السلام المكي: حدثنا إبراهيم بن

يزيد عن سليمان عن طاووس عنه يرفعه.

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (8/2) في ترجمة إبراهيم المكي هذا وقال:

" وهذا الحديث إنما يعرف بغير إبراهيم هذا عن إبراهيم بن يزيد، سرقه ممن هو

معروف به، وسليمان المذكور في هذا الإسناد هو سليمان بن أبي سليمان الأحول

المكي، وإبراهيم هذا هو في جملة الضعفاء ".

وقال في مطلع ترجمته:

" ليس يعرف، حدث بالمناكير، وعندي أنه يسرق الحديث ".

قلت: وإبراهيم بن يزيد هو الخوزي المكي وهو متروك الحديث.

وأما سليمان الأحول هذا فلم أعرفه. وبالجملة فالسند ضعيف جدا.

4 - حديث أنس، يرويه أبو هدبة عنه مرفوعا بلفظ:

" إن أتاك السائل على فرس باسط كفه، فقد وجب الحق ولوبشق تمرة ".

أخرجه أبو جعفر الرزاز في " ستة مجالس من الأمالي " (ق 119/1) وكذا الديلمي

، ومن طريقه أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 199) . وذلك

لأن أبا هدبة هذا واسمه إبراهيم بن هدبة، قال الذهبي:

" حدث ببغداد وغيرها بالأباطيل. قال أبو حاتم وغيره: كذاب ".

5 - حديث الهرماس. أورده الهيثمي في " المجمع " (3/101) بلفظ الترجمة وقال:

" رواه الطبراني في " الصغير " و" الأوسط " وفيه عثمان بن فائد وهو ضعيف ".

قلت: لم يورده الهيثمي في " زوائد المعجمين " ولا أنا في ترتيب " الصغير "

منهما، فلا أدري أسقط مني أم من الناسخ؟ والسيوطي إنما عزاه في " الجامع

الصغير " لـ

 

(3/559)

 

 

(طب) يعني الطبراني في " المعجم الكبير ". فالله أعلم.

ثم رأيته في " المعجم الكبير " (22/203/535) من طريق عثمان المذكور. وقد

جزم صاحبنا الشيخ حمدي السلفي في تعليقه على تخريج الهيثمي المتقدم بنفي رواية

الصغير له، وقطع بأنه في " الأوسط ". ولم أره في فهرسه الذي كنت وضعته

للنسخة المصورة التي عندي منه، وفيها خرم. فالله أعلم.

ثم رأيت الحديث في ترجمة عثمان بن زائدة من " ثقات ابن حبان " قال (7/195) :

حدثنا محمد بن خالد البردعي، بمكة من كتابه قال: حدثنا عبد العظيم بن إبراهيم

السالمي قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن قال: حدثنا عثمان بن زائدة: حدثنا

عكرمة بن عمار قال: سمعت الهرماس بن زياد يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه

وسلم يقول: فذكره بلفظ:

" للضيف حق.. " إلخ.

وقال ابن حبان عقبه:

" أخاف أن يكون هذا عثمان بن فائد ".

قلت: هذا أورده ابن حبان في " الضعفاء " (2/101) وقال:

" روى عنه سليمان بن عبد الرحمن، يأتي عن الثقات بالأشياء المعضلات حتى يسبق

إلى القلب أنه كان يعملها تعمدا ".

قلت: وهذا الحديث من رواية سليمان كما ترى عند ابن حبان، وكذلك هو في "

كبير الطبراني " كما تقدم مصرحا بأنه (ابن فائد) ، ولذلك قال ابن حبان: "

أخاف.. " إلخ.

قلت: وهذا مما يذكر اللبيب بتساهل ابن حبان في التوثيق، فإن هذه الترجمة

وحديث صاحبها، تعني أنه لا يعلم شيئا عنه سوى وروده في هذه الرواية مع خوفه

أن يكون اسمه تصحف على أحد رواته من " عثمان بن فائد " الضعيف إلى " عثمان بن

زائدة " الذي لا يعرف إلا في هذه الرواية على شكه وخوفه المذكور. فتأمل!

6 - حديث أبي هريرة. قال ابن عدي في " الكامل " (216/2) : حدثنا علي بن

 

(3/560)

 

 

سعيد

ابن بشير: حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي: حدثنا معلى بن منصور: حدثنا

عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي صالح عنه أن رسول الله صلى الله عليه

وسلم قال:

" أعطوا السائل.. " الحديث.

أورده في ترجمة عبد الله هذا وقال:

" وهو مع ضعفه يكتب حديثه، على أنه قد وثقه غير واحد ".

قلت: وفي " التقريب ":

" صدوق فيه لين ".

وقد خولف في إسناده، فرواه مالك في " الموطأ " (2/996/3) عن زيد بن أسلم أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره مرسلا، وهو الصواب.

قال ابن عبد البر:

" لا أعلم في إرسال هذا الحديث خلافا عن مالك، وليس فيه مسند يحتج به ".

وقد روي عن زيد بن أسلم مرسلا على وجه آخر، أخرجه ابن زنجويه (13/21/1 - 2)

عن عثمان بن عثمان الغطفاني عنه عن عطاء بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله

عليه وسلم: فذكره.

ورجاله ثقات غير عثمان هذا، قال الحافظ:

" صدوق ربما وهم ".

ثم رواه من طريق الهيثم بن جماز عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم: فذكره.

قلت: وهذا مع إرساله ضعيف جدا، فإن الهيثم هذا متروك متهم بالكذب.

ثم إن في طريق حديث أبي هريرة المتقدمة علي بن سعيد بن بشير قال الدارقطني:

" ليس بذاك ".

وقال ابن يونس:

" تكلموا فيه ".

وقد روي من طريق أخرى عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعا،

ولا يصح كما يأتي بيانه برقم () .

وله طريق أخرى، أخرجه ابن عدي (243/2) عن عمر بن يزيد عن عطاء عن

 

(3/561)

 

 

أبي هريرة

به. وقال:

" هذا الحديث عن عطاء غير محفوظ، وعمر بن يزيد منكر الحديث ".

والحديث قال المناوي:

" أورده ابن الجوزي في " الموضوعات "، وتبعه القزويني، لكن رده ابن حجر

كالعلائي ".

قلت: رد الوضع مسلم، وأما الضعف فهو قائم، لأنه لا يوجد في كل هذه الطرق ما

يمكن أن يشتد بعضه ببعض من المسندات، وإنما صح إسناده مرسلا عن زيد بن أسلم،

كما رأيت، والمرسل من قسم الضعيف. والله أعلم.

(تنبيهان) :

الأول: لم أر الحديث في " اللآلي المصنوعة " للسيوطي، ولا في كتابه الآخر:

" التعقبات على الموضوعات "، ولم يذكره ابن عراق في " تنزيه الشريعة ".

والآخر: أن الشوكاني أورده في " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة "

بلفظ الترجمة وقال: قال القزويني: " موضوع "، ثم أورده بلفظ حديث أنس (رقم 4) وقال:

" ذكره في " الذيل " وفي " الوجيز "، قال العراقي: أخرجه أحمد في " مسنده "

عن الحسين بن علي بسند جيد، وأخرجه أبو داود عنه، وعن علي رضي الله عنه ".

فلوأن الشوكاني قال هذا في تخريج اللفظ الأول، لأصاب. وأما قول الحافظ

العراقي: " بسند جيد "؛ فغير جيد؛ لما فيه من الجهالة والاضطراب كما سبق

بيانه. والله تعالى هو الموفق للصواب.

1379 - " تهادوا الطعام بينكم، فإن ذلك توسعة في أرزاقكم، وعاجل الخلف من جسيم

الثواب يوم القيامة ".

موضوع

رواه ابن عدي (261/2) من طريق هاشم بن محمد أبي الدرداء المؤدب: حدثنا عمرو

ابن بكر: أخبرنا ميسرة بن عبد ربه عن غالب القطان عن سعيد بن جبير عن ابن

عباس مرفوعا وقال:

 

(3/562)

 

 

" غالب بن خطاف القطان الضعف على أحاديثه بين ".

قلت: لكن الحمل في هذا الحديث على الراوي عنه ميسرة بن عبد ربه؛ فإنه وضاع

باعترافه، ولذلك فإن السيوطي أساء بإيراده الحديث في " الجامع الصغير " من

رواية ابن عدي! وسكت عنه المناوي في " الفيض "، وقال في " التيسير ":

" إسناده ضعيف "!

ثم إن السيوطي لم يذكر فيه قوله: " عاجل الخلف.. " بينما أورده بتمامه في "

الجامع الكبير " (12877) لكن من رواية الديلمي عن ابن عباس، فلوأنه أورده

في " الصغير " من روايته أيضا لكان أقرب، لأنه أخرجه (2/1/37) من طريق هاشم

ابن محمد عن عمرو بن بكر عن غالب به.

وعمرو بن بكر وهو السكسكي الشامي متروك، ولكنه يروي عن ميسرة بن عبد ربه

فلعله تلقاه عنه ثم دلسه، أوأنه سقط من الناسخ لـ " مسند الديلمي "، وهذا

هو الأقرب، لأنه عند ابن عدي من طريق هاشم نفسه كما سبق، وسكتت اللجنة

القائمة على " الجامع الكبير " تبعا لسكوت المناوي في " الفيض " كما هي عادتها

معه سلبا وإيجابا، لكنها زادت عليه فقالت:

" رمز له السيوطي بالضعف! يعني في " الجامع الصغير "!

وهذا مبلغ علمهم وتحقيقهم!

1380 - " ما أفلح صاحب عيال قط ".

باطل

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (1/193) وعنه السهمي في " تاريخ جرجان " (

284/488) ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/281) عن أحمد بن حفص

السعدي: حدثني أحمد بن سلمة الكسائي: حدثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن

عائشة مرفوعا. وقال ابن عدي:

" هذا الكلام من قول ابن عيينة، وهذا منكر عن النبي صلى الله عليه وسلم،

وأحمد بن سلمة حدث عن الثقات بالبواطيل، ويسرق الحديث ".

وقال في أحمد بن حفص:

 

(3/563)

 

 

" حدث بأحاديث منكرة لم يتابع عليها ".

ثم ساق له عدة أحاديث كلها من رواية هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بأسانيد

لأحمد بن حفص إليه مختلفة كما قال الحافظ في " اللسان ".

وقال ابن الجوزي عقب الحديث:

" هذا حديث باطل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاله قط، وأقواله على ضد

هذا ".

ثم ذكر ما تقدم عن ابن عدي. وأقره السيوطي في " اللآلي " (2/180 - 181)

وابن عراق في " تنزيه الشريعة " وغيرهم.

ورواه الديلمي في " مسند الفردوس " (39 - 40) من طريق ابن عدي بإسناده عن

أيوب بن نوح المطوعي: حدثني أبي: حدثني محمد بن عجلان (الأصل: محمد بن محمد

ابن عجلان) عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعا به.

وبهذه الرواية ذكره السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 175 - 176)

وقال:

" قال ابن عدي: هذا منكر ".

وتبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2/203) قرنه مع حديث عائشة رضي الله

عنها، ولم يتكلما على إسناده بشيء، وكذلك فعل السخاوي في " المقاصد الحسنة

"، وهو إسناد مظلم جدا، كل من دون ابن عجلان لم أجد لهم ذكرا في شيء من كتب

التراجم، ومنها الكامل " لابن عدي، ولا وجدت هذا الحديث فيه، خلاف ما

يوهمه صنيع السيوطي في نقله عن ابن عدي إنكاره إياه، فهو إنما قال هذا في حديث

عائشة كما تقدم.

ثم إن الحديث قال فيه الزرقاني في " مختصر المقاصد " (رقم 865 - تحقيق الأستاذ

الصباغ) :

" ضعيف جدا ".

فأقول:

يبدو لي أن الزرقاني في هذا القول نظر فقط إلى سند الحديث دون متنه، فإنه لما

لم يجد في إسناده من صرحوا برميه بالكذب والوضع، وبخاصة إسناد الديلمي -

اقتصر

 

(3/564)

 

 

على التضعيف المذكور، وهذا ليس بجيد عند الأئمة النقاد كابن تيمية

وابن القيم والذهبي وغيرهم، فإنهم في هذه الحالة لا يتوقفون عن الحكم على

الحديث بالوضع إذا كان باطلا في معناه، وهذا هو واقع هذا الحديث، وقد أشار

إلى ذلك ابن الجوزي ومن تبعه بقوله:

" ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم قط، وأقواله على ضد هذا ".

يشير بهذا إلى الأحاديث الواردة في فضل الإنفاق على الزوجة والعيال، وهي

كثيرة معروفة في " الترغيب " (3/79 - 83) وغيره منها قوله صلى الله عليه

وسلم:

" أفضل دينار ينفقه الرجل، دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه الرجل على

دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله ".

أخرجه مسلم (994) والبخاري في " الأدب المفرد " (748) والترمذي (1967)

وصححه وابن ماجه (2760) وأحمد (5/284) من طريق أبي قلابة عن أبي أسماء

عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وزادوا جميعا إلا

ابن ماجه:

" قال أبو قلابة [من قبله] : وبدأ بالعيال. ثم قال أبو قلابة: وأي رجل

أعظم أجرا من رجل ينفق على عيال صغار يعفهم، أوينفعهم الله به ويغنيهم ".

وما بين المعكوفتين لأحمد.

(تنبيه) قول أبي قلابة هذا هو موقوف عليه ليس من تمام الحديث كما تراه مصرحا

مفصولا عن الحديث، وقد وهم السخاوي رحمه الله فرفعه إلى النبي صلى الله عليه

وسلم لإبطال حديث الترجمة، فقال عقبه:

" وصح قوله صلى الله عليه وسلم: وأي رجل أعظم أجرا من رجل.. " إلخ!

ونقله عنه الشيخ العجلوني في " كشف الخفاء " (2177) ، ثم الأستاذ الصباغ في

تعليقه على " الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة " (رقم 396) !

1381 - " خير لهو المؤمن السباحة، وخير لهو المرأة المغزل ".

موضوع

رواه ابن عدي في " الكامل " (57/1) : حدثنا جعفر بن سهل: حدثنا جعفر بن نصر

: حدثنا حفص: حدثنا ليث عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا به.

 

(3/565)

 

 

قلت: وهذا إسناد ظلمات فوق بعض، وهو موضوع، وآفته جعفر بن نصر هذا، قال

ابن عدي:

" حدث عن الثقات بالبواطيل، وليس بالمعروف، وهذا الحديث ليس له أصل في حديث

حفص بن غياث، وله غير ما ذكرت من الأحاديث موضوعات على الثقات ".

وقال الذهبي:

" متهم بالكذب ".

ثم ساق له ثلاثة أحاديث هذا منها، ثم قال:

" وهذه أباطيل ".

وأقره الحافظ في " اللسان "، وسبقهم ابن الجوزي فأورده في " الموضوعات " (

2/268) وقال:

" لا يصح ".

قال المناوي:

" وأقره عليه المصنف في مختصر الموضوعات ".

قلت: وأما في اللآلي " فتعقبه بما لا طائل تحته فقال (2/168) :

" قلت: قال أبو نعيم.. ".

قلت: فذكر الحديث الآتي عقبه، وهو مع أنه شاهد قاصر كما سترى، لأنه لا يشهد

إلا للشطر الثاني من الحديث؛ ففيه من هو كذاب أيضا، وآخر متهم، فكيف يستشهد

بمثله؟ ! والعجب من المناوي! فإنك تراه في " الفيض " يحكم على الحديث بالوضع

مقرا لابن الجوزي عليه، فإذا به يقول في " التيسير ":

" إسناده ضعيف "!

والحديث المشار إليه هو:

1382 - " نعم لهو المراة المغزل ".

موضوع

رواه الرامهرمزي في " الفاصل بين الراوي والواعي " (ص 142) : حدثنا موسى بن

زكريا: حدثنا عمرو بن الحصين: حدثنا ابن علاثة قال: خصيف: حدثنا عن

 

(3/566)

 

 

مجاهد عن ابن عباس مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته عمرو بن الحصين وهو كذاب، وخصيف ضعيف.

وقد توبع من مثله عن مجاهد مرسلا أوموقوفا، فقد ذكر ابن قدامة المقدسي في "

المنتخب " (10/194/2) من طريق حنبل: حدثنا أبو عبد الله: نا محمد بن فضيل

عن ليث عن مجاهد موقوفا عليه. قال أبو عبد الله: " كان في كتابه (يعني ابن

فضيل) : عن مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه أبى أن يرفعه، وقال

: إنه سنع، يعني ابن فضيل ".

قلت: كذا الأصل: " سنع " ولعل الصواب: " نسي ". والله أعلم.

وتمام الحديث في " المنتخب: " ونعم لهم المؤمن السباحة ".

وقد تقدم الكلام عليه آنفا.

وليث هو ابن أبي سليم، وكان قد اختلط.

ولعل الصواب في الحديث أنه موقوف على مجاهد. والله أعلم.

وللحديث طريق آخر، فقال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر عمر بن محمد بن السري بن

سهل عن عبد الله بن أحمد الجصاص عن يزيد بن عمرو الغنوي عن أحمد بن الحارث

الغساني عن بسام بن عبد الرحمن عن أنس رفعه بالجملة الأولى فقط دون زيادة "

المنتخب ".

ذكره السيوطي في " اللآلي " (20/168 - 169) شاهدا للحديث الذي قبله وسكت

عليه فأساء، لأن إسناده ظلمات بعضها فوق بعض! فعمر بن محمد بن السري قال

الذهبي:

" هالك اتهمه أبو الحسن بن الفرات، وقال الحاكم: كذاب، رأيتهم أجمعوا على

ترك حديثه، وكتبوا على ما كتبوا عنه: كذاب ".

وأحمد بن الحارث؛ قال ابن أبي حاتم (1/1/47) عن أبيه:

" متروك الحديث ". واتهمه البخاري بقوله:

" فيه نظر ". وكذا قال الدولابي.

وبقية الرواة لم أعرفهم.

 

(3/567)

 

 

أفبمثل هذا الإسناد يدافع السيوطي عن الموضوعات؟ !

1383 - " من فتح على نفسه بابا من السؤال فتح الله عليه سبعين بابا من الفقر ".

لا أصل له بهذا اللفظ

وقد أورده الغزالي في " الإحياء " (2/57) فقال مخرجه العراقي:

" رواه الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري:

" ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر " وقال:

" حسن صحيح ".

قلت: هكذا أخرجه الترمذي (3/262 - 263) ، وكذا أحمد (4/231) ، وفيه يونس

ابن خباب، وهو متهم، لكن له شواهد يرقى بها إلى درجة الحسن على الأقل،

فأخرجه أحمد (رقم 1674) من حديث ابن عباس ولفظه:

" من فتح على نفسه باب مسألة من غير فاقة نزلت به، أوعيال لا يطيقهم فتح الله

عليه باب فاقة من حيث لا يحتسب ".

قال المنذري في " الترغيب " (2/3) :

" رواه البيهقي، وهو حديث جيد في الشواهد ".

 

(3/568)

 

 

1384 - " ثلاثة لا ينفع معهن عمل: الشرك بالله، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف ".

ضعيف جدا

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (رقم - 1420) من طريق يزيد بن ربيعة:

نا أبو الأشعث عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، يزيد بن ربيعة؛ قال النسائي:

" ليس بثقة ". وقال هو والدارقطني:

" متروك ". وقال البخاري:

 

(3/568)

 

 

" أحاديثه منكرة ".

وقال الهيثمي في " المجمع " (1/104) :

" رواه الطبراني في " الكبير " وفيه يزيد بن ربيعة ضعيف جدا ".

قلت: ولذا أشار المنذري في " الترغيب " (2/183) لضعف الحديث.

قلت: وقد ساق الطبراني بهذا الإسناد عدة أحاديث لعلي أوفق لذكر ما ليس له

شاهد منها قريبا إن شاء الله تعالى، فانظر الأحاديث الآتية (1400 - 1402) .

1385 - " كان يدعو: اللهم اجعل أوسع رزقك علي عند كبر سني وانقطاع عمري ".

ضعيف جدا

أخرجه الحاكم (1/542) من طريق عيسى بن ميمون مولى القاسم بن محمد بن أبي بكر

الصديق عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا، وقال:

" هذا حديث حسن الإسناد والمتن، إلا أن عيسى بن ميمون لم يحتج به الشيخان ".

قلت: ولا غيرها! ولذلك تعقبه الذهبي بقوله:

" قلت: عيسى متهم ".

قلت: لكن الظاهر أنه لم يتفرد به، فقد قال الهيثمي في " المجمع " (10/182) :

" رواه الطبراني في " الأوسط "، وإسناده حسن ".

ثم وقفت على إسناده في " الأوسط " (3755 - مصورتي) فإذا هو عنده من طريق عيسى

ابن ميمون الذي في سند الحاكم، فبقي الحديث على ضعفه الشديد، فنقلته إلى هنا

بعد أن كنت أوردته في الكتاب الآخر، تقليدا لتحسين الهيثمي، أواتباعا له كما

يقول الصنعاني في رسالته " تيسير الاجتهاد "، وبناء على ذلك أوردته في " صحيح

الجامع الصغير " برقم (1266) ، فيرجى نقله من هناك إلى " ضعيف الجامع الصغير

"، " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أوأخطأنا ".

 

(3/569)

 

 

1386 - " قلت: يا جبريل أيصلي ربك؟ قال: نعم، قلت: ما صلاته؟ قال: سبوح قدوس،

سبقت رحمتي غضبي، سبقت رحمتي غضبي ".

موضوع بهذا التمام

رواه الطبراني في " الصغير " (ص 10) من طريق عمرو بن عثمان قال: حدثنا أبو

مسلم قائد الأعمش، عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عطاء بن أبي رباح عن أبي

هريرة مرفوعا. وقال:

" لم يروه عن الأعمش إلا أبو مسلم ".

قلت: وهو متهم كما أشار إليه البخاري بقوله:

" في حديثه نظر ".

وقال أبو داود:

" عنده أحاديث موضوعة ".

وقال ابن حبان:

" كثير الخطأ، فاحش الوهم، ينفرد عن الأعمش وغيره بما لا يتابع عليه ".

ثم تناقض ابن حبان فأورده في " الثقات "! وقال (7/147) :

" يخطىء "!

واغتر بهذا الهيثمي فإنه قال في " المجمع " (10/213) بعد أن ساق الحديث:

" رواه الطبراني في " الصغير " و" الأوسط " ورجاله وثقوا "!

كذا قال، وأبو مسلم هذا متفق على تضعيفه، بل اتهمه من ذكرنا من الأئمة،

ولم يوثقه أحد غير ابن حبان في القول الآخر، والأول هو المعتمد لأنه جرح،

ولموافقته لأقوال الأئمة.

ثم إن عمرو بن عثمان الراوي عن أبي مسلم أورده في " اللسان " ولم يذكر فيه

جرحا ولا تعديلا، فمن أين جاء الهيثمي بتوثيقه إياه بقوله: " ورجاله وثقوا

"؟ ! لعله في " ثقات ابن حبان " أيضا!

ثم رأيته فيه (8/484) ، وقال: " ربما خالف ".

 

(3/570)

 

 

وبالجملة فالحديث لا يصح بهذا السياق، وإنما صحت الجملة الأخيرة منه بلفظ:

" لما قضى الله الخلق كتب في كتابه على نفسه - فهو موضوع عنده - إن رحمتي تغلب

(وفي لفظ: سبقت) غضبي ".

رواه البخاري (4/73، 8/176، 187) ومسلم (8/95) وغيرهما من طرق عن أبي

هريرة رضي الله عنه، ثم خرجته في " الصحيحة " (1629) وغيره.

وإذا عرفت ضعف الحديث الشديد، يظهر لك ما في عمل السيوطي في " اللآلي " (

1/22) حين أورد الحديث شاهدا لحديث مرسل بمعناه؛ أورده ابن الجوزي في "

الموضوعات " وهو:

" لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة قال له جبريل: رويدا

فإن ربك يصلي! قال: وهو يصلي؟ قال: نعم. قال: وما يقول؟ قال: يقول:

سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبقت رحمتي غضبي ".

1387 - " لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة قال له جبريل: رويدا

فإن ربك يصلي! قال: وهو يصلي؟ قال: نعم. قال: وما يقول؟ قال: يقول:

سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبقت رحمتي غضبي ".

منكر

أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/119) من طريق محمد بن يحيى الحفار:

حدثنا سعيد بن يحيى الأموي: حدثني أبي عن ابن جرير عن عطاء قال: فذكره،

وقال ابن الجوزي:

" رجاله ثقات، موقوف على عطاء، فلعله سمعه ممن لا يوثق به، ولا يثبت مثل

هذا بهذا ".

قلت: وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (1/22) فقال:

" قلت: قال في " الميزان ": " محمد بن يحيى الحفار لا يدرى من ذا " وأورد له

هذا الحديث وقال: " هذا منكر " انتهى. لكن رأيت له طريقا آخر ".

قلت: ثم ساقه السيوطي من رواية ابن نصر بإسناد صحيح عن ابن جريج عن عطاء:

بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به.. الحديث نحوه، وليس فيه "

إن ربك يصلي " وهو الشيء المستنكر في الحديث.

وأنا أقول: إن إعلال الحديث بعنعنة ابن جريج أولى من إعلاله بإرسال عطاء له،

 

(3/571)

 

 

ذلك لأن الإرسال وإن كان علة قائمة بنفسها كافية في تضعيف الحديث، فإن ابن

جريج كان يدلس عن الضعفاء والمتروكين، ولذلك قال الإمام أحمد:

" بعض هذه الأحاديث التي كان يرسلها ابن جريج أحاديث موضوعة، كان ابن جريج لا

يبالي من أين يأخذها "، كما سبق نقله مرارا.

ثم ذكر السيوطي للحديث شاهدا من حديث أبي هريرة، وهو الذي قبله، وقد ذكرت

هناك علته، وقد روي بلفظ آخر وهو:

1388 - " قال بنوإسرائيل لموسى: هل يصلي ربك؟ فتكابد موسى لذلك، فقال الله تعالى:

ما قالوا لك يا موسى؟ فقال: الذي سمعت. قال: فأخبرهم أني أصلي، وأن صلاتي

تطفىء غضبي ".

ضعيف

ذكره السيوطي في " اللآلي " (1/22) شاهدا للذي قبله من حديث أبي هريرة

يرفعه، ولم يذكر من خرجه، إلا أنه نقل عن الفيروزابادي صاحب " القاموس " أنه

قال:

" وإسناده جيد، ورجاله ثقات يحتج بهم في الصحيحين، وليس فيه علة غير أن

الحسن رواه عن أبي هريرة، ولم يسمع منه عند الأكثرين ".

قلت: فإذن فيه علة، فأنى له الجودة؟ ! على أنه لوسلم بثبوت سماعه منه في

الجملة لجاءت علة أخرى، وهي عنعنة الحسن، فقد كان مدلسا، كما سبق مرارا،

فالإسناد ضعيف إذن.

ولعل الحديث من الإسرائيليات، أخطأ بعض الرواة فرفعه إليه صلى الله عليه وسلم

، والله أعلم.

ثم رأيت السيوطي في " الجامع الكبير " عزاه للديلمي وابن عساكر.

وهو عنده في " تاريخ دمشق " (17/190/1) من طريق قتادة عن الحسن عن أبي هريرة

مرفوعا.

 

(3/572)

 

 

1389 - " كان إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه، فإن كان غائبا دعا له، وإن كان شاهدا زاره، وإن كان مريضا عاده ".

 

(3/572)

 

 

موضوع. أخرجه هكذا أبو الشيخ في " كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه " (ص 75) :

حدثنا أبو يعلى: نا الأزرق بن علي: نا يحيى بن أبي بكير: نا عباد بن كثير عن

ثابت عن أنس به.

قلت: وهذا إسناد واه جدا، آفته عباد بن كثير، وهو البصري، قال الحافظ في

" التقريب ":

" متروك، قال أحمد: روى أحاديث كذب ".

والحديث أورده الهيثمي (2/295 - 296) من رواية أبي يعلى بزيادة طويلة في

آخره، وقال:

" وفيه عباد بن كثير، وكان رجلا صالحا، ولكنه ضعيف الحديث متروك لغفلته ".

وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية أبي يعلى مختصرا كرواية أبي

الشيخ، وتعقبه المناوي بما نقلته عن الهيثمي، والأولى تعقبه بما صنعه

السيوطي نفسه في " اللآلي " (2/404 - 405) فإن الحديث أورده بتمامه ابن

الجوزي في " الموضوعات " (3/206 - 207) من رواية ابن شاهين، ثم قال ابن

الجوزي:

" موضوع، والمتهم به عباد ".

فأقره السيوطي على ذلك، ونقل كلام الهيثمي المتقدم، ثم قال:

" وقال الحافظ ابن حجر في " المطالب العالية ": تفرد به عباد بن كثير، وهو

واه، وآثار الوضع عليه لائحة ".

وأقره أيضا، ومع ذلك أورده في " الجامع "!

وأما المناوي فله موقفان مختلفان باختلاف كتابيه، فهو في " الفيض " نقل كلام

الهيثمي وأقره، وذلك معناه عنده أنه ضعيف جدا، وأما في " التيسير " فقد

قال:

" إسناده ضعيف "!

ومما لا شك فيه أن الأول أقرب إلى الصواب، والله سبحانه وتعالى أعلم.

1390 - " اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس، فإن الأمور تجري بالمقادير ".

ضعيف.

تمام في " فوائده " (2/62/1) : أخبرنا أبو زرعة محمد بن سعيد بن

 

(3/573)

 

 

أحمد القرشي

يعرف بابن التمار: حدثنا علي بن عمرو بن عبد الله المخزومي: حدثنا معاوية بن

عبد الرحمن: حدثنا حريز بن عثمان: حدثنا عبد الله بن بسر المازني مرفوعا

به.

قلت: وهذا سند ضعيف، من دون حريز لم أعرف أحدا منهم غير معاوية بن

عبد الرحمن، فقد أورده هكذا ابن أبي حاتم في " الجرح " (4/1/387) وقال:

" روى عن عطاء، وعنه محمد بن إسحاق، سمعت أبي يقول ذلك، وسألته عنه فقال:

ليس بمعروف ".

وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " (7/468) على قاعدته المعروفة!

والحديث أورده السيوطي في " الجامع " برواية تمام وابن عساكر عن عبد الله بن

بسر، ولم يتكلم عليه شارحه المناوي بشيء سوى أنه قال: " رمز لضعفه "!

ثم رأيت الحديث في " الأحاديث المختارة " للضياء (105/2) رواه من طريق تمام!

وهذا مما يدل على تساهله في الاختيار، وقد مضى له أحاديث أخرى من هذا النوع

أقربها برقم (1319) .

1391 - " لكل شيء معدن، ومعدن التقوى قلوب العارفين ".

موضوع

أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/171 - 172) من رواية الخطيب (4/11)

بسنده عن وثيمة بن موسى بن الفرات: حدثنا سلمة بن الفضل عن ابن سمعان عن

الزهري عن سالم عن أبيه عن عمر بن الخطاب مرفوعا.

وقال ابن الجوزي:

" لا يصح، ابن سمعان كذبه مالك ويحيى، ووثيمة؛ قال ابن أبي حاتم: حدث عن

سلمة بموضوعات ".

قال السيوطي في " اللآلي " (1/124) :

" كذا قال في " الميزان ": إن هذا الحديث موضوع. أورده في ترجمة عبد الله بن

زياد بن سمعان، ثم في ترجمة وثيمة، واتهم به في " اللسان " ابن سمعان خاصة،

وقد أخرجه البيهقي في " الشعب " من هذا الطريق إلا أنه قال: " عن رجل ذكره عن

ابن شهاب " لم يسم ابن سمعان وقال:

 

(3/574)

 

 

هذا منكر، ولعل البلاء وقع من الرجل الذي لم يسم انتهى.

ووجدت له طريقا آخر:

قال الطبراني (يعني في " المعجم الكبير " 3/193/1) : حدثنا أبو عقيل أنس بن

سلمة الخولاني: حدثنا محمد بن رجاء السختياني.. ".

قلت: وساق سنده إلى ابن عمر مرفوعا به، وسكت عليه، وليس بجيد، فإن أبا

عقيل هذا لم يذكروه، ومحمد بن رجاء متهم، قال الذهبي:

" روى عن عبد الرحمن بن أبي الزناد خبرا باطلا في فضل معاوية اتهم بوضعه ".

وأقره الحافظ في " اللسان " فهو علة هذا الطريق، فلا ينبغي أن يستشهد به،

ولا يخرج به الحديث عن الوضع الذي وصفه به ابن الجوزي ثم الذهبي والعسقلاني.

1392 - " لن تخلوالأرض من ثلاثين مثل إبراهيم خليل الرحمن، بهم يعافون، وبهم

يرزقون، وبهم يمطرون ".

موضوع

أخرجه ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " (2/61) ومن طريقه ابن الجوزي في

" الموضوعات " (3/150 - 152) عن عبد الرحمن بن مرزوق: حدثنا عبد الوهاب بن

عطاء الخفاف عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا.

أورده ابن حبان في ترجمة ابن مرزوق هذا، وقال:

" كان يضع الحديث، لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح فيه ".

وقال ابن الجوزي:

" لا يصح ".

ثم ذكر قول ابن حبان المذكور، وزاد:

" وعبد الوهاب بن عطاء قال أحمد: هو ضعيف الحديث، مضطرب ".

قلت: هذا وإن كان فيه ضعف، فقد وثقه بعضهم، وأخرج له مسلم، فالأغلب أنه

لا دخل له في هذا الحديث، وإن كان أقره السيوطي على ذلك كله في " اللآلي " (2/331) ، فالآفة ابن مرزوق، كما هو ظاهر كلام ابن حبان، وتابعه الذهبي،

فأورد

 

(3/575)

 

 

الحديث في ترجمته من " الميزان " وقال:

" وهذا كذب ".

ووافقه العسقلاني في " اللسان "، ولكنه مال إلى توثيق ابن مرزوق هذا، فقال

:

" فكأن هذا الحديث أدخل عليه، فإنه باطل ".

ومع هذا كله وإقرار السيوطي لابن الجوزي على وضعه، فقد أورده في " الجامع

الصغير " من رواية ابن حبان، فتعقبه المناوي في " فيضه " بقوله بعد أن ذكر قول

ابن حبان المتقدم:

" وحكاه عنه في " الميزان " وأورد له هذا الخبر، ثم قال: هذا كذب. اهـ.

وبه يعرف اتجاه جزم ابن الجوزي بوضعه، ومن ثم وافقه على ذلك المؤلف في "

مختصر الموضوعات " مع بيان ضعفه، وما صنعه المؤلف هنا من عزوه لمخرجه ابن

حبان وسكوته عما عقبه به غير صواب ".

وأقول: هذا التعقب وإن كان سليما في ذاته، ولكنه شكلي بالنسبة للمناوي،

فلا يكون له قيمة، ذلك لأن في " الجامع " حديثا آخر بعد هذا برواية (طس) عن

أنس مثله إلا أنه قال:

" أربعين بدل ثلاثين " وزاد:

" ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه آخر ".

وقد قال السيوطي في " الجامع الكبير ":

" وحسن ".

يشير بذلك إلى الهيثمي، فإنه هو الذي حسنه، فقال في مجمع " الزوائد " (10/63) :

" رواه الطبراني في " الأوسط "، وإسناده حسن ".

ونقله عنه السيوطي في رسالته " الأبدال " (2/460 - الفتاوى) وكذلك نقله

المناوي في " الفيض " وتبنى تحسينه إياه في كتابه الآخر " التيسير " فقال دون

أن يعزوه لأحد:

" وإسناده حسن "!

 

(3/576)

 

 

قلت: فإذا كان حسنا عنده؛ فما فائدة ذلك النقد الذي وجهه للحديث الأول وهو

موجود متنا في هذا الذي قواه، بل وفي زيادة على الأول كما رأيت؟

ولكن هل أصاب الهيثمي ومن تبعه في تحسين إسناده أم أخطأوا؟ ذلك ما سيأتي

بيانه بإذن الله تعالى برقم (4341) ، وهو ولي التوفيق، والهادي إلى أقوم

طريق.

واعلم أن أحاديث الأبدال كلها ضعيفة لا يصح منها شيء، وبعضها أشد ضعفا من

بعض، وقد سبق من حديث عبادة بن الصامت برقم (936) ، وتحته حديث عوف بن

مالك، وسيأتي من حديث علي بن أبي طالب برقم (2993) .

ثم تتبعت أحاديث كثيرة من أحاديث الأبدال التي جمعها السيوطي في رسالته التي

سماها " الخبر الدال على وجود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال "، وتكلمت

على أسانيدها وكشفت عن عللها التي سكت السيوطي عنها، وذلك في آخر هذا المجلد

برقم (1474 - 1479) .

1393 - " كان يعجبه النظر إلى الأترج، وكان يعجبه النظر إلى الحمام الأحمر ".

موضوع

وقد روي عن أبي كبشة، وعلي، وعائشة، وأنس، وطاووس مرسلا.

1 - أما حديث أبي كبشة، فيرويه بقية: حدثني أبو سفيان الأنماري عن حبيب بن

عبد الله بن أبي كبشة عن أبيه عن جده رفعه.

أخرجه يعقوب بن سفيان في " تاريخه " (2/357) ومن طريقه ابن الجوزي في "

الموضوعات " (3/9) وابن حبان في " الضعفاء " (3/148) وأبو العباس الأصم

في " حديثه " (1/140/) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (12/299/2) وكذا

الطبراني في " المعجم الكبير " (22/339) .

ذكره ابن حبان في ترجمة أبي سفيان هذا، وقال:

" يروي الطامات من الروايات ".

وبه أعله ابن الجوزي وزاد:

 

(3/577)

 

 

" وقال أبو حاتم الرازي: مجهول ".

وكذا قال الذهبي في " الميزان " والحافظ في " اللسان ".

قلت: وحبيب بن عبد الله بن أبي كبشة لم أجد له ترجمة، وذكره الحافظ في "

التهذيب " تمييزا، ولم يذكر فيه شيئا، فهو في عداد المجهولين، ولم يورده

في " التقريب ".

وقد خالفه إسماعيل بن أوسط البجلي عن محمد بن أبي كبشة عن أبيه عن جده مرفوعا

به دون الشطر الأول منه.

أخرجه الدولابي في " الكنى " (1/50) .

كذا وقع فيه: " عن جده " ولعلها زيادة من بعض النساخ، أووهم من البجلي فإن

فيه ضعفا، قال الذهبي:

" هو الذي قدم سعيد بن جبير للقتل، لا ينبغي أن يروى عنه، ووثقه ابن معين

وغيره ".

وزاد الحافظ في " اللسان ":

" وقال الساجي: كان ضعيفا ".

وذكره ابن حبان في " ثقات أتباع التابعين " (6/30 - 31) .

ويرجح الأول؛ أن لإسماعيل هذا حديثا آخر يرويه عن محمد بن أبي كبشة عن أبيه

قال: لما كانت غزوة تبوك.. الحديث، لم يذكر فيه: " عن جده ". أخرجه

الدولابي والطبراني (22/340 - 341) وكذا أحمد (4/231) والبخاري في "

التاريخ " (1/1/346) ، أورده في ترجمة إسماعيل، ولم يذكر فيه جرحا ولا

تعديلا.

وأما محمد بن أبي كبشة؛ فذكره البخاري (1/1/176) برواية إسماعيل فقط عنه،

وأما ابن حبان فقال في " الثقات " (5/371) :

" يروي عن أبيه، وله صحبة - واسم أبي كبشة: سعد بن عمر، ويقال: عمر بن

سعد - وهو أخوعبد الله بن أبي كبشة، روى عن محمد بن أبي كبشة سالم بن أبي

الجعد، وقد قدم محمد بن أبي كبشة الكوفة، فكتب عنه ختناه إسماعيل بن أوسط

البجلي (الأصل: (العجلي) وهو خطأ) وسالم بن أبي الجعد ".

 

(3/578)

 

 

ونقله الحافظ في " التعجيل "، ولم يزد عليه شيئا.

وبالجملة فهذه الطريق علتها الجهالة، ولم أجد من تكلم عليها. والله سبحانه

وتعالى أعلم.

2 - حديث علي؛ يرويه عيسى بن عبد الله بن محمد قال: حدثنا أبي عن أبيه عن جده

علي بن أبي طالب قال: فذكره.

أخرجه ابن حبان (2/122) ومن طريقه ابن الجوزي وقالا:

" روى عن آبائه أشياء موضوعة، لا يحل الاحتجاج به ".

وقال ابن عدي في " الكامل " (5/1883) :

" روى أحاديث ليست مستقيمة، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه ".

وقال أبو نعيم:

" روى عن آبائه أحاديث مناكير، لا يكتب حديثه، لا شيء ".

وقال الذهبي في " الضعفاء ":

" قال الدارقطني: متروك ".

3 - حديث عائشة؛ يرويه عمرو بن شمر عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن

الحارث التيمي عنها به.

أخرجه ابن الجوزي (3/9) من طريق الحاكم بسنده عنه، وقال:

" عمرو بن شمر؛ قال يحيى: ليس بثقة، وقال السعدي: كذاب، وقال النسائي

والدارقطني: متروك، وقال ابن حبان: يروي الطامات عن الثقات، لا يحل كتب

حديثه إلا على جهة التعجب ".

قلت: ولعله سرقه منه يحيى بن عبد الحميد الحماني، فإنه معروف بالسرقة، فقد

قال العقيلي في " ضعفائه " (4/413) : حدثنا عبد الله بن أحمد قال: قلت لأبي

: بلغني أن ابن الحماني حدث عن شريك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن

النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه النظر إلى الحمام، فأنكروه عليه، فرجع عن

رفعه، فقال: " عن عائشة "، فقال أبي:

 

(3/579)

 

 

" هذا كذب، إنما كنا نعرف بهذا حسين بن علوان. يعني أنه وضعه على هشام ".

زاد ابن قدامة في " المنتخب " (10/165/2) :

" قلت: إن بعض أصحاب الحديث زعم أن أبا زكريا السيلحيني رواه عن شريك؟ فقال:

كذب، السيلحيني لا يحدث بمثل هذا، هذا حديث باطل ".

4 - حديث أنس، يرويه غنيم بن سالم عنه مرفوعا به إلا أنه لم يذكر الشطر الأول

، وذكر بديله:

" وكان يعجبه القرع ".

أخرجه الخطيب في " الموضح " (2/257) وقال:

" وهو يغنم بن سالم بن قنبر ".

قلت: وهو متهم، قال ابن حبان في " الضعفاء " (3/145) :

" شيخ، يضع الحديث على أنس بن مالك، روى عنه نسخة موضوعة، لا يحل الاحتجاج

به ولا الرواية عنه على سبيل الاعتبار ".

وقال ابن يونس:

" حدث عن أنس فكذب ".

5 - حديث طاووس يرويه عبد الرحمن بن بحر: حدثنا حازم بن جبلة بن أبي نضرة:

حدثني سالم الأصبهاني عن طاووس به.

أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/338) تعليقا فقال: حدث عمران بن

عبد الرحيم: حدثنا عبد الرحمن بن بحر.

قلت: وهذا إسناد مظلم مع إرساله، ذكره في ترجمة سالم هذا، وقال:

" روى عنه حازم بن جبلة بن أبي نضرة وقال: أراه سالم بن عبد الله ختن سعيد بن

جبير، ذكره ابن منده ".

قلت: في " تاريخ البخاري الكبير " (2/2/115 و184 - 186) و" الجرح

والتعديل " (2/2/18 و120) جماعة يسمون (سالم بن عبد الله) وبعضهم لا

ينسبون، وليس فيهم من روى عن طاووس، فالله يعلم من هو وما حاله؟

 

(3/580)

 

 

وحازم بن جبلة؛ لم أجد له ترجمة.

وأما عمران بن عبد الرحيم؛ فقد ترجمه أبو الشيخ في " طبقات الأصبهانيين " (

ترجمة 314 - نسختي) فقال:

" كان يرمى بالرفض، كثير الحديث، حدث عن عمرو بن حفص وغيره بعجائب ". وذكر

أن وفاته كانت سنة (281) .

وفي " الميزان " و" اللسان ":

" قال السليماني: فيه نظر، وهو الذي وضع حديث أبي حنيفة عن مالك رحمهما الله

تعالى ".

قلت: فلعله هو المتهم في هذا الحديث بهذا الإسناد المظلم، والله سبحانه

وتعالى أعلم.

وجملة القول أن طرق هذا الحديث كلها واهية، وبعضها أشد ضعفا من بعض، ولذلك

حكم ابن الجوزي بوضعه من الطرق الثلاثة الأولى، وليس خيرا منها ما بعدها،

وقال الإمام أحمد:

" كذب ".

وأقر ذلك كله السيوطي في " اللآلي " (2/229 - 230) فلم يتعقبه بشيء، وكذلك

صنع المناوي في " فيض القدير "، فإنه أقر ابن الجوزي على وضعه، ثم تناقضا،

فأورده السيوطي في " الجامع الصغير "! وقال المناوي في " التيسير ":

" إسناده واه "!

(تنبيه) : تقدم أن في حديث أنس رضي الله عنه مرفوعا:

" وكان يعجبه القرع ".

فاعلم أن هذه الجملة منه صحيحة عنه من طرق سقت بعضها في " الصحيحة " (2127) ،

وانظر كتابي الجديد " مختصر الشمائل المحمدية " (135 و136) .

1394 - " لكل أمر مفتاح، ومفتاح الجنة حب المساكين والفقراء، وهم جلساء الله يوم القيامة ".

 

(3/581)

 

 

موضوع. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (6/2375) وابن حبان في " الضعفاء " (1/146 -

147) وعنه ابن الجوزي في " الموضوعات (3/141) من طريق أحمد بن داود بن

عبد الغفار: حدثنا أبو مصعب: حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعا.

وقال ابن حبان:

" موضوع "، وأحمد بن داود كان يضع الحديث، لا يحل ذكره إلا على سبيل الإبانة

عن أمره، لينكب حديثه ".

وكذا قال ابن الجوزي وزاد:

" وقال الدارقطني: هذا الحديث وضعه عمر بن راشد الجاري (الأصل: الحارثي)

عن مالك، وسرقه منه هذا الشيخ فوضعه على أبي مصعب ".

قلت: أبو مصعب هذا اسمه مطرف بن عبد الله المدني، وفي ترجمته ساق الحديث ابن

عدي مع أحاديث أخرى منكرة، وقال عقبه:

" هذا منكر بهذا الإسناد جدا ".

فتعقبه الذهبي بقوله:

" قلت: هذه أباطيل حاشا مطرفا من روايتها، وإنما البلاء من أحمد بن داود،

فكيف خفي هذا على ابن عدي؟ فقد كذبه الدارقطني، ولوحولت هذه إلى ترجمته كان

أولى ".

وذكر نحوه الحافظ في ترجمة مطرف من " التهذيب ".

ومطرف هذا وثقه ابن سعد وابن حبان والدارقطني، وأخرج له البخاري، وقال

أبو حاتم:

" مضطرب الحديث صدوق ".

فمثله لا يتحمل هذا الحديث وإنما البلاء من الراوي عنه أحمد بن داود كما قال

الذهبي والعسقلاني، فإنه لم يوثق مطلقا، بل قال فيه ابن حبان كما تقدم:

" كان يضع الحديث ". وكذا قال ابن طاهر، ولذا قال الذهبي في ترجمته من "

الميزان " وتبعه الحافظ في " اللسان ":

 

(3/582)

 

 

" هذا الحديث من أكاذيبه ".

وقد تقدم في كلام الدارقطني أنه سرقه من عمر بن راشد الجاري، وقد ذكر

السيوطي في " اللآلي " أن رواية الجاري هذه رواها أبو الحسن بن صخر في " عوالي

مالك " والخطيب في " رواة مالك " بإسناديهما عنه. قال (2/324) :

" وأخرجه ابن لال في " مكارم الأخلاق " وابن عدي ".

قلت: ابن عدي لم يخرجه من طريق الجاري، وإنما من طريق أحمد بن داود كما تقدم

، وقد قال فيه الحاكم وأبو نعيم:

" يروي عن مالك أحاديث موضوعة ".

وقال الدارقطني:

" كان يتهم بوضع الحديث على الثقات ".

والحديث مما سود به السيوطي كتابه " الجامع الصغير " فذكره فيه برواية ابن لال

فقط مع أنه أقر ابن الجوزي على وضعه كما تقدم! وكذلك أقره المناوي في " الفيض

" بقوله:

" وأورده ابن الجوزي من عدة طرق، وحكم عليه بالوضع ".

لكن قوله: " من عدة طرق " ليس بدقيق، لأنه ليس له إلا الطريق التي وضعها

الجاري عن مالك، ثم سرقها منه أحمد بن داود فرواه عن أبي مصعب عن مالك، فهل

يقال في مثل هذا:

" من عدة طرق "؟

والأعجب من ذلك أنه لم يصرح بوضعه في " التيسير " وإنما اقتصر على قوله:

" وفيه متهم "!

(تنبيه) : ذكرت فيما سبق أن مطرفا أبا مصعب ثقة، فما وقع في التعليق على

ترجمته في " الكامل " معزوا للتهذيب:

" كذبه الدارقطني "!

فهو كذب مخالف للواقع في " التهذيب " وغيره، فقد تقدم ما قاله الذهبي في أن

 

(3/583)

 

 

البلاء في هذا الحديث من أحمد بن داود. قال: فقد كذبه الدارقطني. وقلت ثمة

: وذكر نحوه الحافظ.. والآن أذكر نص كلامه في ذلك ليتبين القارىء كيف وقع

هذا الخطأ الفاحش! قال الحافظ في ترجمة مطرف (10/175 - 176) :

" ذكره ابن عدي في " الكامل " وقال: يأتي بمناكير. ثم ساق له أحاديث بواطيل

من رواية أحمد بن داود أبي صالح الحراني عنه، وأحمد كذبه الدارقطني،

والذنب له فيها لا لمطرف ".

1395 - " أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله التودد إلى الناس ".

ضعيف

رواه الطبراني في الجزء الثاني من كتابه " مختصر مكارم الأخلاق " (ورقة 158 -

مجموع الظاهرية - 81) ورقم (139 - طبعة المغرب) من طريق الوليد بن سفيان

القطان البصري: حدثنا عبيد بن عمرو الحنفي عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن

المسيب عن أبي هريرة مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان:

الأولى: ابن جدعان، فإنه ضعيف معروف به.

والأخرى: عبيد بن عمرو الحنفي ضعفه الدارقطني والأزدي، قال الذهبي:

" أورد له ابن عدي حديثين منكرين ".

قلت: وهذا أحدهما، ولفظه:

" رأس العقل بعد.. " إلخ. وسيأتي برقم (3631) .

والحديث ذكره السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الطبراني في " المكارم "

، وبيض له المناوي في " فيض القدير " فلم يتكلم عليه بشيء، وأما في "

التيسير " فقال:

" إسناده حسن "!

وهذا مما لا وجه له البتة كما يتبين للقارىء من التحقيق المتقدم، وهو من

الأدلة الكثيرة على أن كتابه هذا ليس في الدقة وتحري الصواب ككتابه الأول: "

الفيض "، بل

 

(3/584)

 

 

هو في كثير من الأحيان، يخالف فيه تحقيقه في الأول. والمعصوم

من عصمه الله عز وجل.

1396 - " للمرأة ستران: القبر والزوج. قيل: وأيهما أفضل؟ قال: القبر ".

موضوع

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/271/2) وفي " الصغير " (448 -

الروض النضير) ، وابن عدي في " الكامل " (ق 115/2) واللفظ له، ومن طريقه

ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (14/372/1) وكذا ابن الجوزي في " الموضوعات " (

3/237) عن خالد بن يزيد: حدثنا أبو روق الهمداني عن الضحاك عن ابن عباس

مرفوعا. وقال ابن الجوزي:

" حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، المتهم به خالد، وهو خالد

ابن يزيد عن أسد القسري، قال ابن عدي: أحاديثه كلها لا يتابع عليها لا متنا

ولا سندا ".

قلت: وكذلك قال العقيلي في " الضعفاء " (2/15/424) :

" لا يتابع على حديثه ".

وقال أبو حاتم:

" ليس بالقوي ".

وذكر الطبراني أنه تفرد به.

وفيه علة أخرى، وهي الانقطاع بين الضحاك - وهو ابن مزاحم - وابن عباس؛

فإنه لم يلقه؛ كما تقدم غير مرة.

وقد تعقب السيوطي ابن الجوزي بأن له شاهدا من حديث علي رضي الله عنه، وما

أظن ذلك يفيده قوة كما يأتي بيانه في الحديث التالي:

 

(3/585)

 

 

1397 - " للنساء عشر عورات، فإذا زوجت المرأة ستر الزوج عورة، وإذا ماتت المرأة ستر

القبر تسع عورات ".

منكر

أخرجه الديلمي من طريق إبراهيم بن أحمد الحسني: حدثنا الحسين بن

 

(3/585)

 

 

محمد الأشقر

عن أبيه محمد بن عبد الله عن عبد الله بن محمد عن أبيه عن أبيه الحسن بن الحسن

ابن علي عن الحسن عن علي مرفوعا.

ذكره السيوطي في " اللآلي " (2/438) شاهدا للذي قبله، وسكت عنه هو وابن

عراق في " تنزيه الشريعة " (2/372 - 373) .

وأقول: إسناده مظلم، من دون محمد الأشقر لم أعرفهم، وشيخه عبد الله بن

محمد؛ الظاهر أنه عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب أبو محمد العلوي

قال الحافظ:

" مقبول ".

يعني عند المتابعة، وإلا فهو لين الحديث.

ومن فوقهم من أهل البيت معروفون بالصدق، ومترجمون في " التهذيب "، فالعلة

ممن دونهم.

1398 - " لودعي بهذا الدعاء على شيء بين المشرق والمغرب في ساعة من يوم الجمعة

لاستجيب لصاحبه: لا إله إلا أنت، يا حنان يا منان! يا بديع السماوات والأرض

! يا ذا الجلال والإكرام! ".

موضوع

رواه الخطيب في " التاريخ " (4/116) عن خالد بن يزيد العمري أبي الوليد:

حدثنا ابن أبي ذئب قال: حدثنا محمد بن المنكدر قال: سمعت جابر بن عبد الله

يقول: فذكره مرفوعا.

قلت: وهذا موضوع، رجاله كلهم ثقات غير خالد هذا، قال ابن حبان في " الضعفاء

والمتروكين " (1/284 - 285) :

" شيخ ينتحل مذهب أهل الرأي، منكر الحديث جدا، أكثر عنه أصحاب الرأي، لا

يشتغل بذكره لأنه يروي الموضوعات عن الأثبات ".

وقال العقيلي في " الضعفاء " (2/18) :

" يحدث بالخطأ، ويحكي عن الثقات ما لا أصل له ".

 

(3/586)

 

 

وقال ابن عدي في " الكامل " (3/890) :

" عامة أحاديثه مناكير ".

وقال الذهبي:

" كذبه أبو حاتم ويحيى ".

وساق له في " الميزان " و" اللسان " بعض بلاياه ووضعه! وهذا من أحاديث "

الجامع الصغير "، وبيض له المناوي في " شرحيه "، فكأنه لم يقف على إسناده.

1399 - " إذا مدح الفاسق غضب الرب، واهتز لذلك العرش ".

منكر

رواه أبو الشيخ الأصبهاني في " العوالي " (2/32/1) عن أبي يعلى وابن عدي في

" الكامل " (3/1307) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/277) والخطيب في "

التاريخ " (7/298 و8/428) والبيهقي في " الشعب " (2/59/1) وابن عساكر في

" تاريخ دمشق " (7/2/2) من طريق سابق بن عبد الله عن أبي خلف خادم أنس عن

أنس بن مالك مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وله علتان:

الأولى: أبو خلف هذا، قال الذهبي في " الميزان ":

" كذبه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم: منكر الحديث ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" قيل: اسمه حازم بن عطاء، متروك، ورماه ابن معين بالكذب ".

قلت: فقول الحافظ في " الفتح " (10/478) - وعزاه لأبي يعلى وابن أبي

الدنيا في " الصمت " -:

" وفي سنده ضعف ".

فهو منه تساهل أوتسامح في التعبير، لأنه لا يعطي أنه شديد الضعف كما يعطيه

قوله في ترجمة أبي خلف: " متروك ". وما نقله المناوي عنه أنه قال: " سنده

ضعيف "؛ لعله في مكان آخر من " الفتح " وإلا فهو تصرف من المناوي غير جيد.

الثانية: سابق بن عبد الله، رجح الحافظ في " اللسان " أنه واه، وأنه غير

الرقي،

 

(3/587)

 

 

وفي ترجمته ساق الذهبي حديثه هذا في كل من " الميزان " و" الضعفاء "

، وقال:

" وهذا خبر منكر ".

هذا، ولفظ أبي نعيم:

" إن الله عز وجل يغضب إذا مدح الفاسق ".

وهو رواية للبيهقي. وقال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (3/139) :

" رواه ابن أبي الدنيا في " الصمت " والبيهقي في " الشعب " من حديث أنس،

وفيه أبو خلف خادم أنس؛ ضعيف ".

وزاد في التخريج في موضع آخر: " ابن عدي وأبو يعلى ".

ولم أره في " مسند أبي يعلى " ولا في " مجمع الهيثمي " وهو على شرطه،

فالظاهر أنه في " مسنده الكبير " وقد عزاه إليه الحافظ في " المطالب العالية "

(3/3) .

والحديث روي هكذا مختصرا دون ذكر اهتزاز العرش من حديث بريدة مرفوعا.

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (5/1917) من طريق محمد بن صبيح الأغر (الأصل:

الأعز وهو خطأ مطبعي) : حدثنا حاتم بن عبد الله عن عقبة الأصم عن عبد الله بن

بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

ساقه في جملة أحاديث لعقبة - وهو ابن عبد الله الأصم الرفاعي البصري - وقال

فيه:

" وله غير ما ذكرت، وبعض أحاديثه مستقيمة، وبعضها مما لا يتابع عليه ".

وروى عن ابن معين أنه قال فيه:

" ليس بشيء ". وفي رواية: " وليس بثقة ".

وعن عمر بن علي قال:

" كان ضعيفا واهي الحديث، ليس بالحافظ ".

قلت: والراوي عنه حاتم بن عبد الله أورده ابن حبان في " الثقات " (8/211)

وقال:

" يخطىء ".

ووقع عند ابن أبي حاتم (1/2/260) وأبي نعيم فيما يأتي " حاتم بن عبيد الله "،

 

(3/588)

 

 

وقال ابن أبي حاتم عن أبيه:

" نظرت في حديثه، فلم أر فيه مناكير ".

ومحمد بن صبيح الأغر قال الخطيب في " التاريخ " (5/373) :

" يكنى أبا عبد الله، ويعرف بـ (الأغر) ، وهو موصلي لا بغدادي، حدث عن

المعافى بن عمران وسابق الحجام، والعباس بن الفضل الأنصاري. روى عنه علي بن

حرب الموصلي وكانت وفاته في سنة ثمان وعشرين ومائتين ".

ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأنا أظن أنه الذي في " الميزان "

و" اللسان ":

" محمد بن صبيح، عن عمر بن أيوب الموصلي، قال الدارقطني: ضعيف الحديث ".

ولعل مما يدل على ضعفه أنه قد خالفه في متن هذا الحديث ولفظه أبو عبد الله

محمد بن إبراهيم بن يزيد الأخوين قال: حدثنا حاتم بن عبيد الله:

حدثنا عقبة

ابن عبد الله الأصم.. فذكره بلفظ:

" إذا قال الرجل للفاسق: يا سيدي فقد أغضب ربه ".

أخرجه الحاكم والخطيب في " التاريخ ".

وهو بهذا اللفظ صحيح، لأنه قد تابعه قتادة عن عبد الله بن بريدة به نحوه،

وهو مخرج في " الصحيحة " (371 و1389) .

ومن هذا التخريج والتحقيق يتبين خطأ عزوالسيوطي لحديث الترجمة لرواية ابن

عدي عن بريدة ومتابعة المناوي إياه، فقد علمت أنه ليس في حديثه ذكر العرش

مطلقا فاقتضى التنبيه.

وشيء آخر، فقد وقع في متن " التيسير ":

(عد، عن أبي هريرة) .

 

(3/589)

 

 

فذكر أبا هريرة بدل بريدة، وهو خطأ مطبعي، والله أعلم.

وخطأ مطبعي آخر وقع في تعليق الشيخ الأعظمي على " المطالب العالية "، فإنه

عزاه للحاكم (2/154) ، وليس له ذكر في هذا المجلد وصفحته، والصواب (

4/311) .

(تنبيه) : لقد سبق تخريج هذا الحديث برقم (596) ولكن قدر الله أن أعيد

تخريجه هنا بزيادة تذكر، وفائدة أكثر، والحمد لله عز وجل.

1400 - " ألا إن رحى الإسلام دائرة، قيل: فكيف نصنع يا رسول الله؟ قال: اعرضوا

حديثي على الكتاب، فما وافقه فهو مني، وأنا قلته ".

ضعيف جدا

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (رقم 1429) بإسناد الحديث المتقدم (

1384) عن ثوبان.

وهو إسناد ضعيف جدا كما سبق بيانه هناك.

وعزاه السيوطي في " الجامع الكبير " للطبراني وسمويه عن ثوبان، وأورد في "

الجامع الصغير " من رواية الطبراني وحده الشطر الثاني منه، وهو اختصار لا وجه

له، بل كان عليه أن لا يورده فيه مطلقا، لأن هذا القدر منه باطل يقينا، فإنه

من وضع الزنادقة والملاحدة، أوممن تأثر بهم واستجابوا لضلالتهم، شعروا

بذلك أولم يشعروا! كطائفة الخوارج والإباضية، ومن جرى مجراهم في تحكيمهم

لأهو ائهم، فقد أورده الربيع بن حبيب إمام الإباضية في كتابه الذي سماه بعضهم

- على قاعدة: يسمونها بغير اسمها -: " الجامع الصحيح - مسند الإمام الربيع "

، واعتمد عليه المسمى عز الدين بليق، فنقل منه أحاديث كثيرة، منها هذا

الحديث فأورده في منهاجه الذي سماه على القاعدة المذكورة " منهاج الصالحين "!

(رقم 1387) ، وهو كتاب ضخم عجيب في أسلوب تأليفه أوطريقة جمعه، فإنه عبارة

عن فصول مختلفة مسروقة من كتب متعددة مصورة منها تصويرا ببعض الآلات الحديثة

مثل (الأوفست) ، ولذلك تراه كشكولا من حيث نوعية أحرفه وسطوره، فبعضه كبير

وبعضه صغير، وبعضه طويل وبعضه فصير! ! ولذلك نجد فيه من البحوث المتناقضة

العجب العجاب، لأنها لا تمثل رأي ملفقها (بليق) وإنما

 

(3/590)

 

 

الذين سرقها منهم،

ولذلك فمنها النافع ومنها الضار، ومن أبرز ما فيه من النوع الثاني وأسوئه

كثرة الأحاديث الضعيفة والموضوعة فيه، ومن مكره إن لم نقل كذبه أنه كساها

ثوب الصحة بزعمه في مقدمته: إنه استبعد منه الأحاديث الضعيفة والموضوعة!

ولذلك كنت شرعت في الرد عليه في هذه الدعوى الكاذبة وغيرها حين وجدت المناسبة

والظروف المواتية، وتعهد بعضهم بنشره، وفعلا نشر من أوله ثلاث مقالات

متتابعة في جريدة (الرأي) ، ثم لم يتح لبقيتها النشر لأسباب لا تخفى على أهل

العلم، ولقد كان مما انتقدته منها هذا الحديث الباطل المخالف للكتاب والسنة

معا كما بينه علماؤنا رحمهم الله تعالى. من ذلك قول ابن عبد البر في " باب

موضع السنة من الكتاب وبيانها له " من كتابه القيم " جامع بيان العلم وفضله "

، قال (2/190 - 191) :

" وقد أمر الله عز وجل بطاعته واتباعه أمر مجملا لم يقيد بشيء، كما أمرنا

باتباع كتاب الله، ولم يقل: وافق كتاب الله، كما قال بعض أهل الزيغ، قال

عبد الرحمن بن مهدي:

" الزنادقة والخوارج وضعوا ذلك الحديث.. " فذكره بنحوه ثم قال:

" وهذه الألفاظ لا تصح عنه صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم بصحيح النقل من

سقيمه، وقد عارض هذا الحديث قوم من أهل العلم وقالوا. نحن نعرض هذا الحديث

على كتاب الله قبل كل شيء ونعتمد على ذلك، قالوا: فلما عرضناه على كتاب الله

وجدناه مخالفا لكتاب الله؛ لأنا لم نجد في كتاب الله أن لا يقبل من حديث

رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما وافق كتاب الله، بل وجدنا كتاب الله يطلق

التأسي به والأمر بطاعته، ويحذر المخالفة عن أمره جملة على كل حال ".

ولقد أطال النفس في الكلام على طرق هذا الحديث، وبيان بطلانه، وأنه من وضع

الزنادقة؛ الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى في كتابه " الإحكام في أصول الأحكام

" (2/76 - 82) فشفى وكفى جزاه الله خيرا، ومن ذلك قوله:

" إنه لا يقول هذا إلا كذاب زنديق كافر أحمق، إنا لله وإنا إليه راجعون على

عظم المصيبة بشدة مطالبة الكفار لهذه الملة الزهراء، وعلى ضعف بصائر كثير من أهل

 

(3/591)

 

 

الفضل يجوز عليهم مثل هذه البلايا؛ لشدة غفلتهم، وحسن ظنهم لمن أظهر لهم

الخير ".

ولقد صدق رحمه الله وأجزل ثوابه، فهذا هو المثال بين يديك، فقد أورده

السيوطي في " الجامع الصغير " الذي ادعى في مقدمته أنه صانه عما تفرد به وضاع

أوكذاب! ولما ذكره في " الجامع الكبير " (3487) برواية الطبراني أيضا لم

يزد على ذلك إلا قوله:

" وضعف "!

وتبعه المناوي على ذلك في " شرحيه "! ثم اللجنة الأزهرية القائمة على التعليق

على " الجامع الكبير "! فاعتبروا يا أولي الأبصار.

1401 - " يقبل الجبار تعال يوم القيامة، فيثني رجله على الجسر، فيقول: وعزتي وجلالي

لا يجاوزني ظالم، فينصف الخلق بعضهم من بعض، حتى إنه لينصف الشاة الجماء من

العضباء بنطحة نطحتها ".

ضعيف جدا

أخرجه الطبراني في " الكبير " بالسند المشار إليه قبله.

لكن جملة الشاة صحيحة، جاءت في أحاديث عديدة بعضها صحيح، وقد سبقت الكثير

الطيب منها في " الصحيحة "، فانظرها برقم (1588، 1966) .

وقوله فيه: " فيثني رجله " منكر جدا في نقدي، فإني لا أعرف له شاهدا فيما

عندي، ولا أجد فيه طلاوة الكلام النبوي، والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

(3/592)

 

 

1402 - " سيكون أقوام من أمتي يتعاطون فقهاؤهم عضل المسائل، أولئك شرار أمتي ".

ضعيف جدا

أخرجه الطبراني بالإسناد المشار إليه آنفا.

 

(3/592)

 

 

1403 - " لوجاءت العسرة حتى تدخل هذا الجحر، لجاءت اليسرة حتى تخرجه، فأنزل الله تبارك وتعالى: " إن مع العسر يسرا " "

 

(3/592)

 

 

ضعيف جدا. رواه البزار (2288) وابن عدي في الكامل (80/2) وأبو نعيم في " أخبار

أصبهان " (1/107) والحاكم (2/255) عن حميد بن حماد: حدثنا عائذ بن شريح

قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا

ينظر إلى جحر بحيال وجهه فقال: فذكره وقال ابن عدي:

" لا أعلم يرويه عن عائذ غير حميد بن حماد، وهو يحدث عن الثقات بالمناكير،

وهو على قلة حديثه لا يتابع عليه ".

وقال الحاكم:

" حديث عجيب، غير أن الشيخين لم يحتجا بعائذ بن شريح ".

وتعقبه الذهبي بقوله:

" قلت: تفرد به حميد بن حماد عن عائذ، وحميد منكر الحديث كعائذ ".

وقد روي عن ابن مسعود، ولكنه واه جدا.

أخرجه الطبراني في " الكبير " (3/59/1) عن يزيد بن هارون: أنا أبو مالك

النخعي عن أبي حمزة عن إبراهيم عن علقمة عنه به نحوه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، أبو مالك النخعي وهو الواسطي متروك كما قال

الحافظ.

وذكر الحافظ ابن كثير في " التفسير " أن شعبة رواه عن معاوية بن قرة عن رجل عن

عبد الله بن مسعود موقوفا.

رواه ابن جرير في " تفسيره " (30/151) .

ورجاله ثقات غير الرجل الذي لم يسم.

وأما حديث: " لن يغلب عسر يسرين " فقد جاء مرسلا، وسيأتي تخريجه برقم (4342) مع بيان جهل من صححه ممن اختصر تفسير ابن كثير، وهو الشيخ الصابوني

الحلبي.

وقد صنع مثله ابن بلده الشيخ الرفاعي فأورد حديث عائذ هذا في " مختصره "

 

(3/593)

 

 

أيضا (4/404) ، مع تصريحه أيضا في مقدمته بأنه التزم فيه الصحيح من الحديث، بل إن

صنيعه أسوأ من صنيع الصابوني؛ لأن هذا الحديث قد ضعفه ابن كثير وبين علته

بقوله عقبه وقد عزاه لابن أبي حاتم والبزار الذي قال:

" لا نعلم رواه عن أنس إلا عائذ بن شريح "؛ فقال ابن كثير:

" قلت: وقد قال فيه أبو حاتم الرازي: في حديثه ضعف ".

فأين الالتزام المزعوم يا نسيب؟ فاتق الله في حديث نبيك صلى الله عليه وسلم،

ولا تدع ما لا تحسنه.

1404 - " كل مشكل حرام، وليس في الدين إشكال ".

موضوع

رواه الروياني في " مسنده " (ق 163/2) والطبراني في " المعجم الكبير " (1259 - بغداد) وابن عدي في " الكامل " (ق 96/1) وإسحاق بن إسماعيل الرملي

في " حديث آدم بن أبي إياس " (ق 4/1) والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 10/2

) عن إسماعيل بن أبي أويس: حدثني حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده عن

تميم الداري مرفوعا، وقال ابن عدي:

" لا يروى إلا عن حسين هذا بهذا الإسناد، وهو ضعيف منكر الحديث، وضعفه بين

على حديثه ".

قلت: وقد كذبه مالك وأبو حاتم وابن الجارود.

وقال البخاري:

" منكر الحديث ".

وقال ابن حبان في " الضعفاء " (1/244) :

" يروي عن أبيه عن جده بنسخة موضوعة ".

ثم ساق له هذا الحديث وقال:

" وليس تحفظ هذه اللفظة عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق صحيح ".

 

(3/594)

 

 

1405 - " تسحروا ولوبشربة من ماء، وأفطروا ولوعلى شربة ماء ".

موضوع

رواه ابن عدي (96/1) عن أبي بكر بن أبي أويس عن حسين بن

 

(3/594)

 

 

عبد الله عن أبيه عن

جده عن علي مرفوعا. وقال ابن عدي:

" الحسين هذا ضعيف منكر الحديث، وضعفه بين على حديثه ".

قلت: ولذلك كذبه جماعة من الأئمة كما تقدم في الحديث السابق.

نعم، الجملة الأولى منه صحيحة، فقد روي من حديث أنس في " المختارة " للمقدسي

، وابن عمرو عند ابن حبان في " صحيحه " (884) ، وأبي سعيد الخدري عند أحمد

(3/12 و44) ، وجابر عند ابن أبي شيبة (2/147/1) والطبراني في " الأوسط "

(3911) ، وأبي أمامة عند الخلال في " جزء من أدركهم من أصحاب ابن منده " (

148/2) ، وابن عساكر عن عبد الله بن سراقة كما في " الجامع "، وأسانيدها

وإن كانت لا تخلومن ضعف فمجموعها يعطي لها قوة، لا سيما وإسنادها عند ابن

حبان حسن، والله أعلم.

1406 - " في أبو ال الإبل وألبانها شفاء للذربة بطونهم ".

ضعيف جدا

رواه الطبراني (3/185/1) عن ابن لهيعة: نا عبد الله بن هبيرة عن حنش عن

ابن عباس مرفوعا.

ومن هذا الوجه رواه أبو نعيم في " الطب " (9 - 10 نسخة السفرجلاني) .

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا. وفيه علتان:

الأولى: حنش هذا اسمه الحسين بن قيس، وهو متروك كما قال الحافظ في " التقريب ".

والأخرى: ابن لهيعة واسمه عبد الله وهو ضعيف.

 

(3/595)

 

 

1407 - " عليكم بأبو ال الإبل البرية وألبانها ".

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في " الطب " (4/10/1 - 2) من طريق دفاع بن دغفل السدوسي عن

عبد الحميد بن صيفي بن صهيب عن أبيه عن جده صهيب الخير قال: قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، دفاع وشيخه عبد الحميد كلاهما ضعيف.

 

(3/595)

 

 

1408 - " من احتجم يوم السبت والأربعاء، فرأى وضحا، فلا يلومن إلا نفسه ".

ضعيف

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (98/2) من طريق حسان بن سياه مولى عثمان بن عفان

: حدثنا ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

أورده في جملة أحاديث ساقها لحسان هذا ثم قال:

" وعامتها لا يتابعه غيره عليه، والضعف يتبين على رواياته وحديثه ".

قلت: وقال ابن حبان في " الضعفاء " (1/267) :

" منكر الحديث جدا يأتي عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج

به إذا انفرد لما ظهر من خطئه في روايته على ظهو ر الصلاح منه ".

قلت: فهو بهذا الإسناد ضعيف جدا وقد روي من حديث أبي هريرة أيضا، ولا يصح

كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى (1524) .

 

(3/596)

 

 

1409 - " من احتجم يوم الخميس، فمرض فيه؛ مات فيه ".

منكر جدا

رواه ابن عساكر (2/397/2) عن أحمد بن محمد بن نصر الضبعي: نا أحمد بن محمد

ابن الليث: نا منصور بن النضر: حدثنا إسحاق بن يحيى بن معاذ قال: كنت عند

المعتصم أعوده فقلت: يا أمير المؤمنين أنت في عافية. قال: كيف تقول وقد

سمعت الرشيد يحدث عن أبيه المهدي عن أبي جعفر المنصور عن أبيه عن جده عن ابن

عباس مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد مظلم، مسلسل بمن لا تعرف حالهم:

1 - إسحاق هذا، أورده الحافظ في ترجمته ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

2 - ومنصور بن النضر، قال الخطيب (3/82) :

" من شيعة المنصور ".

ثم ساق له حديثا آخر، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

3 - وأحمد بن محمد بن الليث، كناه الخطيب (5/84) أبا الحسن، ثم ساق له

 

(3/596)

 

 

حديثا آخر ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

4 - وأحمد بن محمد بن نصر الضبعي كناه الخطيب (5/108) أبا بكر، وقال:

" روى عنه عبد الله بن عدي الجرجاني وذكر أنه سمع منه بالرقة ".

ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ".

والحديث عندي منكر جدا. والله أعلم. وقد أورده السيوطي في " الجامع " من

رواية ابن عساكر هذه، وبيض له المناوي فلم يتكلم عليه بشيء في كل من كتابيه "

الفيض " و" التيسير "! فكأنه لم يقف على إسناده.

1410 - " من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة من الشهر، كان دواء لداء السنة ".

منكر

أخرجه ابن عدي (144/2) وعنه البيهقي (9/340) من طريق سلام بن سلم الطويل

عن زيد العمي عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار رضي الله عنه عن النبي

صلى الله عليه وسلم. وقال البيهقي:

" سلام الطويل متروك، وروي عن زيد كما أخبرنا.. ".

ثم ساقه بإسناده عن هشيم عن زيد العمي عن معاوية بن قرة عن أنس رفعه.. فذكره.

قلت: وزيد العمي ضعيف، وهشيم ثقة، ولكنه مدلس. فقول الذهبي في " المهذب ":

" إسناده جيد مع نكارته ". نقله المناوي في " الفيض " وأقره!

فغير جيد، كيف وهو قد أورد زيدا هذا في " كتاب الضعفاء والمتروكين " وقال:

" ليس بالقوي "!

ثم قال البيهقي:

" ورواه أبو جزي نصر بن طريف بإسنادين له عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا،

وهو متروك لا ينبغي ذكره ".

وسيأتي الحديث بزيادة في التخريج والتحقيق برقم (5575) .

 

(3/597)

 

 

1411 - " إن في الجمعة ساعة لا يحتجم فيها محتجم إلا عرض له داء لا يشفى منه ".

ضعيف

أخرجه البيهقي (9/341) من طريق عبد الله بن صالح: حدثنا عطاف بن خالد، عن

نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم: فذكره. وقالا:

" عطاف ضعيف ".

قلت: ومثله عبد الله بن صالح، وهو كاتب الليث المصري فإنه قد تكلموا فيه من

قبل حفظه. ثم قال البيهقي:

" وروى يحيى بن العلاء الرازي وهو متروك بإسناد له عن الحسين بن علي فيه

حديثا مرفوعا، وليس بشيء ".

قلت: قد وقفت عليه وهو:

 

(3/598)

 

 

1412 - " إن في الجمعة لساعة لا يحتجم فيها أحد إلا مات ".

موضوع

أخرجه أبو يعلى (317/2) : حدثنا جبارة: حدثنا يحيى بن العلاء عن زيد بن أسلم

عن طلحة بن عبيد الله العقيلي عن الحسين بن علي مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته يحيى بن العلاء، قال أحمد:

" كذاب يضع الحديث ".

وقد ذكرت له فيما سبق غير ما حديث، منها:

" أحبوا العرب لثلاث.... " (360) .

وهو متفق على تضعيفه.

وتقدم آنفا قول البيهقي فيه: " متروك "، وفي حديثه هذا:

" ليس بشيء ".

ولذلك فقد أصاب ابن الجوزي بإيراده لهذا الحديث في " الموضوعات " بقدر ما

 

(3/598)

 

 

أخطأ

السيوطي في ذكره إياه في " الجامع الصغير " من رواية أبي يعلى. ولم يصنع شيئا

بتعقبه ابن الجوزي بقوله في " اللآلي " (2/411) وتبعه ابن عراق في " تنزيه

الشريعة " (2/359) :

" قلت: له شاهد. قال البيهقي.. ".

ثم ساق الحديث الذي قبله، لأنه مع ضعفه، ليس فيه ذكر الموت، خلافا لهذا.

فتأمل.

1413 - " ذروا الحسناء العقيم، وعليكم بالسوداء الولود، فإني مكاثر بكم الأمم حتى

بالسقط محبنطئا على باب الجنة، فيقال له: ادخل الجنة. فيقول: حتى يدخل

والدي معي ".

موضوع

رواه ابن عدي (98/2) من طريق أبي يعلى عن عمرو بن حصين: حدثنا حسان بن سياه

: حدثنا عاصم عن زر عن عبد الله مرفوعا وقال:

" لا يرويه عن عاصم غير حسان بن سياه، وعامة حديثه لا يتابع عليه والضعف بين

على رواياته ".

قلت: وكلام ابن حبان فيه يدل على أنه شديد الضعف، وقد ذكرته قريبا تحت

الحديث (1409) . لكن الراوي عنه عمرو بن حصين شر منه، فقد اتهم بالوضع كما

تقدم غير مرة، ولذلك فقد أساء السيوطي بذكره للحديث في " الجامع الصغير " من

رواية ابن عدي! ولكنه أساء مرة أخرى، فإنه لم يورده بتمامه، وإنما إلى

قوله: " الولود "! فأوهم أنه كذلك عند ابن عدي، وشاركه في هذا المناوي فإنه

قال:

" وزاد أبو يعلى في روايته: فإني مكاثر ... ".

فأوهم أن هذه الزيادة ليست عند ابن عدي! فكأنه لم يقف عليه عنده، أوأنه لم

يتنبه أنه تلقاه من أبي يعلى، والأول أقرب عندي. والله تعالى أعلم.

ثم تعقب السيوطي لسكوته عليه، فقال بعد أن ذكر تجريح ابن عدي المذكور لحسان

نقلا عن " اللسان ":

" وبه يعرف أن سكوت المصنف على عزوه لابن عدي وحذفه من كلامه إعلاله

 

(3/599)

 

 

غير صواب

".

قلت: ومثل هذا السكوت يكثر من السيوطي رحمه الله تعالى ومن غيره أيضا،

وهذا شيء ابتلي به المتأخرون كثيرا، ولا يكاد ينجومنه إلا القليل، وليس

ذلك من النصح في شيء. والله تعالى هو المستعان.

1414 - " أقل الحيض ثلاث، وأكثره عشر ".

منكر

رواه الطبراني في " الأوسط " (ق 36/1 - رقم 593 - مصورتي) : حدثنا أحمد قال:

حدثنا محرز بن عون والفضل بن غانم قالا: نا حسان بن إبراهيم عن عبد الملك عن

العلاء بن كثير عن مكحول عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

فذكره. وقال:

" لم يروه عن مكحول إلا العلاء ".

قلت: وقع في الإسناد أنه العلاء بن كثير كما ترى، وفي " المعجم الكبير "

خلافه فقال (8/152/7586) : حدثنا أحمد بن بشير الطيالسي: حدثنا الفضل بن

غانم: حدثنا حسان بن إبراهيم عن عبد الملك عن العلاء بن حارث عن مكحول به.

ولم يتنبه الهيثمي لهذا الاختلاف الذي وقع في المعجمين في اسم والد العلاء،

فجعله واحدا في كلامه على إسنادهما فقال في " مجمع الزوائد " (1/280) :

" رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط " وفيه عبد الملك الكوفي عن العلاء

ابن كثير، لا ندري من هو؟ ".

وقلده المعلق على " المعجم الأوسط " (1/356) فنقله عنه بالحرف الواحد ولم

يزد عليه حرفا واحدا، وهكذا كل أوجل تعليقاته عليه ليس فيها شيء من العلم

الذي يستحق به أن يكتب عليه: تحقيق الدكتور فلان، فالله المستعان على تحقيقات

بل تجارات دكاترة آخر الزمان! !

واعلم أن الفرق بين العلاءين فرق شاسع، فابن كثير وهو الليثي الدمشقي متهم،

قال الحافظ في " التقريب ":

" متروك رماه ابن حبان بالوضع ".

وأما ابن الحارث، وهو الحضرمي الدمشقي؛ فهو ثقة، قال الحافظ:

 

(3/600)

 

 

" صدوق، فقيه لكن رمي بالقدر وقد اختلط ".

قلت: والراجح عندي أنه الأول، وذلك لسببين:

الأول: أن السند بذلك صحيح إلى حسان بن إبراهيم فإن راويه عنه محرز بن عون ثقة

من رجال مسلم، وكذلك شيخ الطبراني أحمد الراوي عنه، وهو أحمد بن القاسم بن

مساور أبو جعفر الجوهري ثقة، مترجم في " تاريخ بغداد " (4/349 - 350) ،

بخلاف إسناد " كبير الطبراني " فإنه لا يصح إلى حسان، فقال المناوي في " الفيض

":

" وفيه أحمد بن بشير الطيالسي، قال في " الميزان ": لينه الدارقطني،

والفضل بن غانم قال الذهبي: قال يحيى: ليس بشيء، ومشاه غيره، والعلاء بن

الحارث قال البخاري: منكر الحديث ".

قلت: وهذا الأخير منه وهم، فإن البخاري إنما قال ما ذكر في العلاء بن كثير،

وليس العلاء بن الحارث.

والآخر: أن العلماء أعلوا الحديث بابن كثير، وابن حبان ذكره في ترجمته من

كتابه " الضعفاء " فقال (2/181 - 182) :

" العلاء بن كثير مولى بني أمية، من أهل الشام، يروي عن مكحول وعمرو بن شعيب

، روى عنه أهل الشام ومصر، وكان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يحل

الاحتجاج بما روى وإن وافق فيها الثقات، ومن أصحابنا من زعم أنه العلاء بن

الحارث، وليس كذلك لأن العلاء بن الحارث حضرمي من اليمن، وهذا من موالي بني

أمية، وذاك صدوق، وهذا ليس بشيء في الحديث، وهو الذي روى عن مكحول عن أبي

أمامة.. ".

قلت: فذكر الحديث بأتم منه.

ثم ساق إسناده هو وابن عدي في " الكامل " (ق 99/1) والدارقطني في " سننه "

(ص 80) وعنه ابن الجوزي في " الأحاديث الواهية " (1/384) والبيهقي (

1/326) من طرق عن حسان بن إبراهيم الكرماني قال: نا عبد الملك قال: سمعت

العلاء قال: سمعت مكحولا به مطولا ولفظه:

" أقل ما يكون الحيض للجارية البكر والثيب التي أيست من المحيض ثلاثا،

 

(3/601)

 

 

وأكثر

ما يكون الحيض عشرة أيام، فإذا زاد الدم أكثر من عشرة فهي مستحاضة، يعني ما

زاد على أيام أقرائها، ودم الحيض لا يكون إلا دما أسود عبيطا يعلوه حمرة،

ودم المستحاضة رقيق تعلوه صفرة، فإن كثر عليها في الصلاة فلتحتش كرسفا، فإن

غلبها في الصلاة فلا تقطع الصلاة وإن قطر، ويأتيها زوجها، وتصوم ".

وقال الدارقطني وتبعه البيهقي وابن الجوزي:

" عبد الملك هذا مجهول، والعلاء هو ابن كثير ضعيف الحديث، ومكحول لم يسمع

من أبي أمامة شيئا ".

وأما ابن عدي فأعله بالكرماني، فإنه أورده في ترجمته فيما أنكر عليه وقال:

" وهو عندي من أهل الصدق، إلا أنه يغلط في الشيء، وليس ممن يظن به أنه

يتعمد في باب الرواية إسنادا ومتنا، وإنما هو وهم منه، وهو عندي لا بأس به

".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" صدوق يخطىء ".

قلت: فالعلة - والله أعلم - ممن فوقه، إما عبد الملك شيخه، وهو مجهول،

وإما العلاء بن كثير المتهم، وهو ليس عليه بكثير.

وقد ابتلي بهذا الحديث بعض متعصبة الحنفية من المتقدمين والمتأخرين، منهم

ابن التركماني فقد حاول أوعلى الأقل أوهم أنه صحيح! فقال في " الجوهر النقي "

متعقبا على البيهقي قوله المتقدم: " والعلاء هو ابن كثير ضعيف الحديث ":

" قلت: لم ينسب العلاء في هذه الرواية، وقول الدارقطني: هو ابن كثير يعارضه

أن الطبراني روى هذا الحديث، وفيه العلاء بن حارث، وقال أبو حاتم: ثقة لا

أعلم أحدا من أصحاب مكحول أوثق منه.. " إلخ.

قلت: وهذه المعارضة لا قيمة لها البتة، وذلك بين مما شرحته آنفا لولا

التعصب المذهبي الأعمى، الذي يحاول قلب الحقائق العلمية لتتفق مع الأهواء

المذهبية دائما، ولكن لا بأس من تلخيص ذلك من وجوه:

الأول: أن الطبراني له إسنادان إلى العلاء، في أحدهما التصريح بأنه ابن كثير

 

(3/602)

 

 

الواهي، وفي الآخر أنه ابن الحارث الثقة، فإطلاق العزوللطبراني بهذا لا

يخفى على اللبيب ما فيه من الإيهام المخالف للواقع!

الثاني: أن إسناده إلى ابن الحارث ضعيف، بخلاف إسناده إلى ابن كثير؛ فإنه

صحيح على ما سبق بيانه.

الثالث: أن أئمة الجرح والتعديل بينوا أنه ابن كثير؛ الواهي، فلا قيمة لرأي

مخالفهم من المتأخرين، وبخاصة إذا كان الحامل له على ذلك التعصب المذهبي.

الرابع: هب أنه ابن الحارث الثقة، ولكنه كان قد اختلط كما تقدم عن الحافظ،

فمثله لا يحتج به إلا إذا عرف أنه حدث به قبل الاختلاط، وهيهات.

الخامس: افترض أنه عرف ذلك أوأن اختلاطه يسير لا يضر فما فائدة ذلك والراوي

عنه عبد الملك مجهول، كما تقدم عن الدارقطني وغيره، وابن التركماني مقر به

وإلا لعلق عليه، فحرصه على ترجيح أنه ابن الحارث حرص ضائع.

ومنهم الشيخ علي القارىء، فإنه نقل في " الأسرار المرفوعة " عن ابن قيم

الجوزية قوله في " المنار " (ص 122/275 - حلب) :

" وكذلك تقدير أقل الحيض بثلاثة أيام وأكثره بعشرة، ليس فيها شيء صحيح، بل

كله باطل ".

فتعقبه الشيخ القاريء بقوله (481 - بيروت) :

" قلت: وله طرق متعددة، رواه الدارقطني وابن عدي وابن الجوزي، وتعدد

الطرق ولوضعفت، يرقي الحديث إلى الحسن، فالحكم بالوضع عليه لا يستحسن ".

قلت: وقد سبقه إلى هذه الدعوى ابن الهمام في " فتح القدير " (1/143) ثم

العيني في " البناية شرح الهداية " (1/618) وزاد ضغثا على إبالة قوله:

" على أن بعض طرقها صحيحة "!

ثم قلدهم في ذلك الكوثري الحلبي في تعليقه على " المنار "، فإنه قال بعد أن

نقل كلام الشيخ علي المتقدم:

" وقد ذكر العلامة القاري تلك الطرق المشار إليها في كتابه " فتح باب العناية

بشرح كتاب النقاية " (1: 202 - 203) الذي حققته وطبع بحلب سنة (1387) ،

فانظره ".

 

(3/603)

 

 

ولو أنه أراد خدمة السنة والإنصاف للعلم لأحال في ذلك على كتاب " نصب الراية

" لأنه أشهر عند أهل العلم، ولأن مؤلفه الزيلعي أقعد بهذا الفن وأعرف به من

كل من ذكرناهم من الحنفية، فإنه بحث هذه الأحاديث بحثا حرا، ونقدها نقدا

حديثيا مجردا عن العصبية المذهبية، خلافا لهؤلاء الذين جاؤوا من بعده، فإنهم

لا يلتزمون القواعد الحديثية، فانظر إليهم كيف يقولون:

" وتعدد الطرق ولوضعفت يرقي الحديث إلى الحسن ".

فإنهم يعلمون أن هذا ليس على إطلاقه، بل ذلك مقيد بأن لا يشتد ضعفه كما هو

مذكور في " مصطلح الحديث " (1) ، وهذا الشرط غير متوفر في هذا الحديث، لأن

مدار طرقه كلها على كذابين ومتروكين ومجهولين لا تقوم بهم حجة، وهاك بيانها:

1 - حديث معاذ، يرويه أسد بن سعيد البجلي عن محمد بن الحسن {الصدفي} عن

عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم عنه مرفوعا بلفظ:

" لا حيض أقل من ثلاث، ولا فوق عشر ".

أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (375) وقال:

" محمد بن الحسن ليس بمشهور بالنقل، وحديثه غير محفوظ ".

وقال ابن حزم في " المحلى " (2/197) :

" وهو مجهول، فهو موضوع بلا شك ".

وأقول: لا أستبعد أن يكون محمد بن سعيد الشامي المصلوب في الزندقة، فقد

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 291/2) من طريق أخرى عن محمد بن سعيد الشامي

قال: حدثني عبد الرحمن بن غنم به. فأسقط من الإسناد عبادة بن نسي، ولعل هذا

من أكاذيبه، فإنه كذاب وضاع معروف بذلك، وقد قال فيه سفيان الثوري:

" كذاب ".

وقال عمرو بن علي:

" يحدث بأحاديث موضوعة ".

__________

(1) انظر " علوم الحديث " لابن الصلاح، و" الاختصار " لابن كثير، وحاشية الشيخ علي القارىء على " شرح نخبة الفكر ". اهـ

 

(3/604)

 

 

وقال ابن عدي بعد أن روى هذا وغيره من أقوال الأئمة في تجريحه وساق له

أحاديث مما (أخذ) عليه:

" وله غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه ".

ولا يقال: إن محمد بن الحسن الصفدي غير محمد بن سعيد الشامي؛ فإنه قد قيل

فيه: بأنهم قد قلبوا اسمه على مائة وجه ليخفى. والراوي عنه أسد بن سعيد

البجلي غير معروف، ومن المحتمل أنه الذي في " اللسان ":

" أسد بن سعيد أبو إسماعيل الكوفي، قال ابن القطان:

" لا يعرف ".

فيمكن أن يكون هو الذي قلب اسم هذا الكذاب.

2 - حديث أنس، يرويه الحسن بن دينار عن معاوية بن قرة عنه مرفوعا بلفظ:

" الحيض ثلاثة أيام وأربعة وخمسة وستة وسبعة وثمانية وتسعة وعشرة، فإذا

جاوز العشرة فمستحاضة ".

أخرجه ابن عدي (ق 85/1) وقال:

" هذا الحديث معروف بالجلد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس ".

يعني موقوفا.

قلت: وهو أعني الجلد متروك كما يأتي، أما الحسن بن دينار فهو كذاب كما قال

أبو حاتم وأبو خيثمة وغيرهما، وترجمته في " اللسان " من أسوأ ما تكون

تجريحا وتكذيبا.

وقد روي موقوفا، وهو حديث الجلد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس به.

أخرجه الدارمي (1/209) والدارقطني (77) والبيهقي (1/322) من طرق عنه.

وكذلك رواه ابن عدي في ترجمته. وروى تضعيفه عن الشافعي وأحمد، وعن ابن

المبارك قال: " أهل البصرة يضعفون الجلد ".

وكذا رواه العقيلي وزاد:

" قال ابن المبارك: شيخ ضعيف ".

 

(3/605)

 

 

وعن ابن عيينة قال:

" حديث الجلد بن أيوب في الحيض حديث محدث لا أصل له ".

وعن يزيد بن زريع قال:

" ذاك أبو حنيفة لم يجد شيئا يحدث به في حديث الحيض إلا بالجلد "!

وروى الدارقطني عن أبي زرعة الدمشقي قال:

" رأيت أحمد بن حنبل ينكر حديث الجلد بن أيوب هذا، وسمعت أحمد بن حنبل يقول:

لوكان هذا صحيحا لم يقل ابن سيرين: استحيضت أم ولد لأنس بن مالك، فأرسلوني

أسأل ابن عباس رضي الله عنه ".

وهذا يعني بوضوح لا خفاء فيه أن أنسا رضي الله عنه لم يحدث بهذا الذي رواه

الجلد عنه. وهذا معناه أنه ضعيف جدا، وهذا ما يشير إليه الدارقطني في "

الضعفاء والمتروكين " (168/141 - مكتبة المعارف - الرياض) :

" متروك ".

وروى البيهقي عن أحمد بن سعيد الدارمي قال: سألت أبا عاصم عن الجلد بن أيوب؟

فضعفه جدا، وقال:

" كان شيخا من مشايخ العرب تساهل أصحابنا في الرواية عنه ".

وله طريق أخرى عن أنس شديدة الضعف أيضا، يرويه إسماعيل بن داود بن مخراق عن

عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبيد الله بن عمر عن ثابت عن أنس قال:

" هي حائض فيما بينها وبين عشرة، فإذا زادت فهي مستحاضة ".

وآفة هذه الطريق - مع وقفها - هو إسماعيل هذا، فإنه ضعيف جدا، قال البخاري:

" منكر الحديث ".

وقال أبو حاتم:

" ضعيف الحديث جدا ".

3 - حديث واثلة بن الأسقع مرفوعا مثل حديث الترجمة، رواه محمد بن أحمد بن أنس

الشامي: حدثنا حماد بن المنهال البصري عن محمد بن راشد عن مكحول.

 

(3/606)

 

 

أخرجه الدارقطني (ص 81) ومن طريقه ابن الجوزي في " الواهية " (1/385)

وقالا:

" ابن منهال مجهول، ومحمد بن أحمد بن أنس ضعيف ".

قلت: وفيه علتان أخريان:

الأولى: ضعف محمد بن راشد وهو المكحولي الخزاعي الدمشقي، قال ابن حبان في "

الضعفاء " (2/253) :

" كثرت المناكير في روايته فاستحق الترك ".

وأقره الزيلعي في " نصب الراية " (1/192) . وقال الحافظ:

" صدوق يهم ".

والأخرى: الانقطاع، فإن مكحولا لم يسمع من واثلة كما قال البخاري، وقد روي

عن العلاء بن كثير عن مكحول عن أبي أمامة كما تقدم مع بيان وهائه.

4 - حديث أبي سعيد الخدري وغيره، قال يعقوب بن سفيان:

أبو داود النخعي اسمه سليمان بن عمرو، قدري، رجل سوء كذاب، كان يكذب مجاوبة

، قال إسحاق: أتيناه فقلنا له: أيش تعرف في أقل الحيض وأكثره وما بين

الحيضتين من الطهر؟ فقال: الله أكبر، حدثني يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب

عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحدثنا أبو طوالة عن أبي سعيد الخدري، وجعفر

بن محمد عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا به وزاد:

" وأقل ما بين الحيضتين خمسة عشر يوما ".

رواه الخطيب في " تاريخ بغداد " (9/20) ومن طريقه ابن الجوزي.

ذكره الخطيب في ترجمة النخعي هذا وروى عن جمع غفير من الأئمة أنه كذاب يضع

الحديث. وفي آخر ترجمته من " اللسان ":

" قال ابن عبد البر: هو عندهم كذاب يضع الحديث وتركوا حديثه. قلت: الكلام

فيه لا يحصر، فقد كذبه ونسبه إلى الوضع من المتقدمين والمتأخرين ممن نقل

كلامهم في الجرح والعدالة - فوق الثلاثين نفسا ".

قلت: وقد رواه بعض المتروكين عنه عن يزيد بن جابر عن مكحول عن أبي

 

(3/607)

 

 

أمامة به

نحوه.

أخرجه ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " (1/333) من طريق إبراهيم بن زكريا

الواسطي: حدثنا سليمان بن عمرو به.

ذكره في ترجمة سليمان هذا وقال فيه:

" كان رجلا صالحا في الظاهر، إلا أنه كان يضع الحديث وضعا، وكان قدريا لا

تحل كتابة حديثه إلا على جهة الاختبار ".

وقال في ترجمة الواسطي هذا (1/115) :

" يأتي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات إن لم يكن بالمتعمد لها، فهو المدلس

عن الكذابين، لأني رأيته قد روى أشياء عن مالك موضوعة، ثم رواها أيضا عن موسى

ابن محمد البلقاوي عن مالك ".

أقول: هذه هي الطرق التي زعم الشيخ القارىء أن الحديث يرقى بها إلى مرتبة

الحسن، وهي بعينها التي ساق أحاديثها في " فتح باب العناية " (1/202 - 204)

ساكتا عن كل هذه العلل الفاضحة، وعن أقوال أئمة الحديث فيها ليقول في نهاية

بحثه:

" فهذه عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بطرق متعددة ترفع الضعيف إلى

الحسن "! !

فليت شعري ما قيمة هذه الطرق إذا كان مدارها على الكذابين والمتروكين

والمجهولين؟ ! وهم يعلمون من علم المصطلح أنها لا تعطي الحديث قوة، بل

تزيده وهنا على وهن.

ومن العجائب حقا أن يتابعه في ذلك كوثري اليوم، فيحيل القراء عليه متبجحا كما

تقدم، وهو الذي يكتب في بعض تعليقاته أن يجب الرجوع في كل علم إلى أهل التخصص

فيه. فما باله هنا خالف فعله قوله، فأعرض عن أقوال أئمة الحديث بل إجماعهم

على رد هذا الحديث، وتمسك بقول المخالف لهم من الحنفية المتعصبة؟ !

أفلا يحق لي أن أقول:

إن كنت لا تدري فتلك مصيبة * * * أوكنت تدري فالمصيبة أعظم؟ !

وزيادة في الفائدة على ما تقدم أقول:

 

(3/608)

 

 

قال البيهقي في " سننه " عقب حديث الجلد:

" وقد روي في أقل الحيض وأكثره أحاديث ضعاف، قد بينت ضعفها في (الخلافيات) ".

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا الحديث فأجاب بقوله:

" باطل، بل هو كذب موضوع باتفاق علماء الحديث ".

نقلته من " مجموع فتاويه " (21/623) .

وقال الشوكاني في " السيل الجرار " (1/142) :

" لم يأت في تقدير أقل الحيض وأكثره ما يصلح للتمسك به، بل جميع الوارد في

ذلك إما موضوع، أوضعيف بمرة ".

قلت: وهذا أعدل وأوجز ما يقال كخلاصة لهذا التحقيق الممتع الذي وفقني الله

إليه، راجيا المثوبة منه.

(فائدة) لقد اختلف العلماء في تحديد أقل الحيض وأكثره والأصح كما قال شيخ

الإسلام ابن تيمية (19/237) أنه لا حد لأقله ولا لأكثره، بل ما رأته المرأة

عادة مستمرة فهو حيض، وإن قدر أنه أقل من يوم استمر بها على ذلك فهو حيض،

وأما إذا استمر الدم بها دائما، فهذا قد علم أنه ليس بحيض؛ لأنه قد علم من

الشرع واللغة أن المرأة تارة تكون طاهرا، وتارة تكون حائضا، ولطهرها أحكام

، ولحيضها أحكام. وراجع تمامه فيه إن شئت.

وهذا الذي رجحه ابن تيمية مذهب ابن حزم في " المحلى "، وقد أطال النفس -

كعادته - في الاستدلال له، والرد على مخالفيه، فراجعه في المجلد الثاني منه

(ص 200 - 203) .

1415 - " من أم قوما وفيهم من هو أقرأ لكتاب الله منه، لم يزل في سفال إلى يوم

القيامة ".

ضعيف جدا

رواه الطبراني في " الأوسط " (1/29/2 - زوائد المعجمين)

 

(3/609)

 

 

وابن عدي (100/1)

وابن السماك في " الأمالي " (2/103/1) عن الحسين بن علي بن يزيد الصدائي:

حدثنا أبي عن حفص بن سليمان عن الهيثم بن عقاب عن محارب بن دثار عن ابن عمر

مرفوعا. وقال الطبراني.

" لا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به الحسين ".

قلت: وهو صدوق، لكن أباه فيه لين، وحفص بن سليمان هو الغاضري وهو متروك

الحديث مع إمامته في القراءة كما تقدم.

والهيثم بن عقاب قال عبد الحق في " أحكامه " (41/1) :

" كوفي مجهول بالنقل حديثه غير محفوظ ".

وبه فقط أعل الحديث! وهو تابع في ذلك للعقيلي كما يأتي ثم تبعهما المناوي!

وقول الطبراني: " تفرد به الحسين " ليس بصواب، فقد أخرجه العقيلي في "

الضعفاء " (451) من طريق سليمان بن توبة النهرواني قال: حدثنا علي بن يزيد

الصدائي به. وقال:

" الهيثم بن عقاب مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ ولا يعرف إلا به ".

1416 - " من جحد أية من القرآن فقد حل ضرب عنقه، ومن قال: لا إله إلا الله وحده لا

شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، فلا سبيل لأحد عليه، إلا أن يصيب حدا،

فيقام عليه ".

منكر

أخرجه ابن ماجه (2539) وابن عدي (101/1) والهروي في " ذم الكلام " (2/25/1 - 2) من طريق حفص بن عمر بن ميمون العدني: حدثنا الحكم بن أبان عن

عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عدي:

" والحكم بن أبان، وإن كان فيه لين، فإن حفصا هذا ألين منه بكثير،

والبلاء منه لا من الحكم، وعامة حديثه غير محفوظ ".

وفي " التقريب ":

 

(3/610)

 

 

" الحكم بن أبان صدوق عابد، وله أوهام. وحفص بن عمر العدني ضعيف "

وذكر له الذهبي في " الميزان " هذا الحديث من منكراته.

1417 - " من أراد أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر ".

ضعيف

رواه ابن ماجه (1862) وابن عدي (164/2) وعنه ابن عساكر (4/284/1) عن

سلام بن سوار: حدثنا كثير بن سليم عن الضحاك بن مزاحم قال: سمعت أنس بن

مالك قال: فذكره مرفوعا. وقال ابن عدي:

" لا أعلم رواه عن كثير بن سليم عن الضحاك عن ابن عباس إلا سلام هذا، وغيره

قال: عن كثير بن سليم عن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وروي عن

نهشل عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وسلام بن سوار هو

عندي منكر الحديث.

قلت: ونحوه شيخه كثير بن سليم وهو الضبي، وقد جزم بضعفهما الحافظ في "

التقريب ". ولذلك أشار المنذري في " الترغيب " (3/67) لضعفه. ونقل

المناوي عنه أنه قال: " حديث ضعيف ". وهذا ليس عنده إلا إشارة كما ذكرنا،

والله أعلم.

والحديث ذكره البخاري في " التاريخ الكبير " (4/2/404) معلقا في ترجمة يونس

ابن مرداس عن أنس قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال:

" وروى عنه أحمد بن يوسف العجلي ".

ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقال محققه - وهو اليماني - رحمه الله

تعالى:

" هذه الترجمة من (قط) ، ولم أجده ولا الراوي عنه فيما عندنا من الكتب.

فالله أعلم ".

 

(3/611)

 

 

1418 - " شر الناس شرار العلماء ".

ضعيف

رواه ابن عدي (101/2) عن حفص بن عمر أبي إسماعيل: حدثنا ثور بن يزيد عن خالد

ابن معدان عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل قال:

كنت أطوف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! من أشر

الناس؟ فأعرض

 

(3/611)

 

 

عني، ثم سألته فأعرض عني، ثم سألته فقال: " شرار العلماء ".

وقال:

" لا أعرفه إلا من حديث حفص بن عمر الأبلي، وأحاديثه كلها؛ إما منكر المتن،

أومنكر الإسناد، وهو إلى الضعف أقرب ".

قلت: وكذبه أبو حاتم والساجي، ولكنه لم يتفرد به، فقد رواه البزار (167

) عن الخليل بن مرة عن ثور بن يزيد به نحوه.

وأورده المنذري في " الترغيب " (1/77) وقال:

" رواه البزار وفيه الخليل بن مرة، وهو حديث غريب ".

قلت: الخليل هذا ضعفه الجمهور، وهو من أتباع التابعين.

وله شاهد مرسل أخرجه الدارمي (1/104) : أخبرنا نعيم بن حماد: حدثنا بقية،

عن الأحوص بن حكيم عن أبيه قال:

" سأل رجل النبي عن الشر؟ فقال: لا تسألوني عن الشر، واسألوني عن الخير،

يقولها ثلاثا. ثم قال: ألا إن شر الشر شرار العلماء، وإن خير الخير خيار

العلماء ".

قلت: وهذا مرسل، حكيم أبو الأحوص تابعي، وهو صدوق يهم. ومن دونه كلهم

ضعفاء!

1419 - " تدرون ما يقول الأسد في زئيره؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: يقول:

اللهم لا تسلطني على أحد من أهل المعروف ".

منكر

أخرجه الطبراني في " مختصر مكارم الأخلاق " (1/13/1) ومن طريقه الديلمي (2/1/40) : حدثنا محمد بن داود الصدفي: حدثنا الزبير بن محمد العثماني: حدثنا علي بن عبد الله بن الحباب المدني عن محمد بن عبد الرحمن بن داود المدني عن

محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، ما بين الطبراني وابن عجلان ثلاثتهم مجهولون لم

يذكروا في شيء من كتب الرجال المعروفة، حتى ولا في " الأنساب " للسمعاني.

والحديث منكر ظاهر النكارة. والله تعالى أعلم.

 

(3/612)

 

 

1420 - " إذا أحببت رجلا فلا تماره، ولا تجاره، ولا تشاره، ولا تسأل عنه، فعسى

أن توافق له عدوا، فيخبرك بما ليس فيه، فيفرق ما بينك وبينه ".

منكر

أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (3/434 - بيروت) وابن السني في " عمل اليوم

والليلة " (رقم 196) وأبو نعيم في " الحلية " (5/136) من طريق غالب بن

وزير، قال: حدثنا ابن وهب عن معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،

وقال أبو نعيم:

" غريب من حديث جبير بن نفير عن معاذ متصلا، وأرسله غير ابن وهب عن معاوية ".

وقال العقيلي:

" غالب حديثه منكر لا أصل له، ولم يأت به عن ابن وهب غيره، ولا يعرف إلا به ".

ثم قال:

" هذا يروى من كلام الحسن البصري ".

قلت: وهو به أشبه. وقال الذهبي:

" هذا حديث باطل ".

 

(3/613)

 

 

1421 - " من أخذ على القرآن أجرا، فذاك حظه من القرآن ".

موضوع

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (7/142) من طريق إسحاق بن العنبري: حدثنا

عبد الوهاب الثقفي: حدثنا سفيان عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:

" غريب من حديث الثوري، تفرد به إسحاق ".

قلت: قال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ":

" كذاب ".

ولذلك قال المناوي عقبه:

 

(3/613)

 

 

" فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب ".

يعني " الجامع الصغير " للسيوطي.

وبهذا الكذاب أعله في " التيسير ".

1422 - " من أخذ على القرآن أجرا، فقد تعجل حسناته في الدنيا، والقرآن يخاصمه يوم

القيامة ".

منكر

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (4/20) عن الحسن بن علي بن الوليد: حدثنا

عبد الرحمن بن نافع - درخت - حدثنا موسى بن رشيد عن أبي عبيد الشامي عن طاووس

عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره

وقال:

" غريب من حديث طاووس، لم يروه عنه إلا أبو عبد الله الشامي وهو مجهول وفي

حديثه نكارة ".

قلت: وهذا إسناد مظلم، من دون طاووس لم أعرف أحدا منهم! وقوله في السند:

" أبي عبيد الشامي " كذلك وقع في الأصل، ووقع في تعقيب أبي نعيم عليه: " أبو

عبد الله الشامي ". وكتب الطابع على الهامش:

" كذا سماه هنا في الأصول الثلاثة ".

فالله أعلم بالصواب.

 

(3/614)

 

 

1423 - " كره السؤال في الطريق ".

ضعيف جدا

أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (3/1/178/561) : قال ابن حميد: حدثنا

يحيى بن واضح عن أبي مجاهد، سمعت عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما:

فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته ابن حميد، وهو محمد الرازي قال الذهبي في

" الكاشف ":

" وثقه جماعة، والأولى تركه، قال يعقوب بن شيبة:

" كثير المناكير ". وقال البخاري:

 

(3/614)

 

 

" فيه نظر ". وقال النسائي:

" ليس بثقة ".

مات سنة 248.

وأبو مجاهد اسمه عبد الله بن كيسان المروزي، قال الذهبي:

" ضعفه أبو حاتم ".

وفي ترجمته أورد الحديث البخاري، ولعله أشار بذلك إلى أنه حديث منكر، وقال

فيه:

" وله ابن، نسبهما إسحاق، منكر ليس من أهل الحديث ".

كذا وقع فيه، وفي نقل الحافظ المزي في " التهذيب ":

" له ابن يسمى إسحاق، منكر الحديث ".

ولعل هذا هو الصواب.

1424 - " إذا دخل الرجل على أخيه فهو أمير عليه حتى يخرج من عنده ".

موضوع

رواه ابن عدي (53/2) عن عثمان بن عبد الرحمن عن عنبسة عن جعفر بن الزبير عن

القاسم عن أبي أمامة مرفوعا.

أورده في ترجمة جعفر هذا في جملة من أحاديث له، وقال في آخرها:

" وله أحاديث غير ما ذكرت عن القاسم، وعامتها مما لا يتابع عليه، والضعف

على حديثه بين ".

قلت: كذبه شعبة. وقال البخاري:

" تركوه ".

لكن من دونه شر منه، فإن كلا من عنبسة وهو ابن عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد

القرشي وعثمان بن عبد الرحمن وهو القرشي الوقاصي وضاع. وكأن المناوي لم يقف

على هذا الإسناد التالف فاقتصر على قوله فيه:

 

(3/615)

 

 

" ضعيف "!

ولم يكتف بهذا بل أتبعه بقوله:

" لكن يقويه ما رواه الديلمي عن أبي هريرة مرفوعا:

" إذا دخل قوم منزل رجل، كان رب المنزل أميرهم، حتى يخرجوا من منزله،

وطاعته عليهم واجبة " انتهى. أي: متأكدة بحيث تقرب من الوجوب ".

قلت: وهذا أعجب ما رأيت للمناوي، فإن حديث أبي هريرة هذا موضوع أيضا، وما

جاءه هذا الخبط والخلط؛ إلا من قلة التحقيق، وعدم مراجعة الأسانيد، وإلا

لم يخف ذلك على مثله إن شاء الله تعالى.

وقد بينت وضع حديث أبي أمامة، فلنبين وضع حديث أبي هريرة هذا، فأقول:

" إذا دخل قوم منزل رجل كان رب المنزل أمير القوم حتى يخرجوا من منزله طاعته

عليهم واجبة ".

1425 - " إذا دخل قوم منزل رجل كان رب المنزل أمير القوم حتى يخرجوا من منزله طاعته

عليهم واجبة ".

موضوع

رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/245) والديلمي (1/1/114) عن سهل بن

عثمان: حدثنا المعلى: حدثنا ليث عن مجاهد عن أبي هريرة مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته المعلى وهو ابن هلال الطحان الكوفي، وهو

كذاب وضاع، اتفق النقاد على ذلك كما سبق ذكره عند الحديث (341) .

وليث هو ابن أبي سليم، وهو ضعيف. وقد ساق الذهبي في ترجمة الأول عن هذا

حديثا آخر عن ابن عباس قال:

" التوكؤ على العصا من أخلاق الأنبياء، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم

عصا يتوكأ عليها ويأمر بالتوكؤ عليها ".

وقد مضى برقم (916) .

 

(3/616)

 

 

1426 - " أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة ".

منكر

أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (7/47/1) : حدثنا ابن فضيل عن أبي نصر

عبد الله بن عبد الرحمن عن مساور الحميري عن أمه قالت: سمعت أم سلمة

 

(3/616)

 

 

تقول

: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.

ومن هذا الوجه أخرجه الترمذي (1/217) وابن ماجه (1854) والثقفي في "

الثقفيات " (ج9 رقم 30) والحاكم (4/173) وقال:

" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! وقال الترمذي:

" حديث حسن غريب ".

قلت: وكل ذلك بعد عن التحقيق، فإن مساورا هذا وأمه مجهولان كما قال ابن

الجوزي في " الواهيات " (2/141) ، وقد صرح بذلك الحافظ ابن حجر في الأول

منهما، وسبقه إليه الذهبي فقال في ترجمته من " الميزان ":

" فيه جهالة، والخبر منكر ". يعني هذا.

وقال في ترجمة والدة مساور:

" تفرد عنها ابنها ".

يعني أنها مجهولة.

قلت: فتأمل الفرق بين كلاميه في الكتابين، والحق، أن كتابه " التلخيص " فيه

أوهام كثيرة، ليت أن بعض أهل الحديث - على عزتهم في هذا العصر - يتتبعها، إذن

لاستفاد الناس فوائد عظيمة، وعرفوا ضعف أحاديث كثيرة صححت خطأ.

وبالجملة فالحديث منكر لا يصح لجهالة الأم والولد.

1427 - " أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فليست من الله في شيء، ولن يدخلها

الله جنته، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه، وفضحه على

رؤوس الأولين والآخرين ".

ضعيف

أخرجه أبو داود (2263) والنسائي (2/107) والدارمي (2/153) وابن حبان (

1335) والحاكم (2/202 - 203) والبيهقي (7/403) من طريق يزيد بن الهاد عن

عبد الله بن يونس عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله

عليه وسلم يقول حين نزلت آية المتلاعنين: فذكره. وقال الحاكم:

 

(3/617)

 

 

" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي! وذلك من أوهامهما، فإن عبد الله بن

يونس هذا، لم يخرج له مسلم أصلا، ثم هو لا يعرف، كما أشار إلى ذلك الذهبي

نفسه بقوله في " الميزان ":

" ما حدث عنه سوى يزيد بن الهاد ".

ونحوه في " الكاشف ". وصرح بذلك في " الضعفاء " فقال:

" تابعي مجهول ".

وقول الحافظ في " التقريب ": " مجهول الحال ". ينافي ما تقرر في " المصطلح "

أن من لا يعرف إلا برواية واحد فهو مجهول العين.

وقد قال في " الفتح " بعدما عزاه لأبي داود والنسائي وابن حبان والحاكم عن

عبد الله بن يونس:

" ما روى عنه سوى يزيد بن الهاد " (1) .

نعم تابعه يحيى بن حرب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري به نحوه.

أخرجه ابن ماجه (2743) من طريق موسى بن عبيدة عنه.

لكن يحيى هذا حاله كحال متبوعه عبد الله بن يونس.

قال الذهبي:

" فيه جهالة، ما حدث عنه سوى موسى بن عبيدة ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" مجهول ".

قلت: وموسى بن عبيدة ضعيف، وفي " الضعفاء والمتروكين " للذهبي:

" ضعفوه، وقال أحمد: لا تحل الرواية عنه ".

قلت: فهذه المتابعة واهية، لا تعطي الحديث قوة، فيظل على ضعفه، ومن

الغرائب أن الدارقطني صححه في " العلل " مع اعترافه بتفرد عبد الله بن يونس عن

سعيد المقبري، وأنه لا يعرف إلا به!

__________

(1) نقله عنه المناوي في " الفيض ". اهـ.

 

(3/618)

 

 

1428 - " إذا شرب أحدكم فليمصه مصا، فإنه أهنأ وأمرأ وأبرأ ".

ضعيف

أخرجه ابن شاذان الأزجي في " الفوائد المنتقاة " (2/126/1) من طريق

عبد الواحد السوري قال: حدثنا أبو عصام عن أنس مرفوعا به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، عبد الواحد السوري لم أعرفه، و (السوري) نسبة إلى

(سورية) وهي نسبة غريبة لم يذكروها في " الأنساب "، على شهرتها اليوم،

وقد ذكرها ياقوت في " معجم البلدان " فقال:

" سورية: موضع بالشام بين خناصرة وسلمية ".

قلت: فإذا ثبت أن عبد الواحد هذا نسب إلى (سورية) فمن المحتمل حينئذ أنه

الذي في " الجرح والتعديل " (3/1/23) :

" عبد الواحد بن قيس، والد عمر بن عبد الواحد الشامي صاحب الأوزاعي، روى عن

أبي هريرة، مرسل، وعن عروة بن الزبير وقد أدركه. روى عنه الأوزاعي وثور

ابن يزيد ... ".

وهو مختلف فيه، كما تراه مبسوطا في " تهذيب التهذيب "، وقد لخص ذلك الحافظ

في " التقريب " بقوله:

" صدوق، له أوهام ومراسيل ".

وأما الذهبي فقال في " الكاشف ":

" منكر الحديث ".

لكنه قد توبع بلفظ:

" مصوا الماء مصا، ولا تعبوه عبا ".

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (116/2) والبيهقي في " الشعب " (2/206/1) من

طريق عبد الوارث عن أبي عصام عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

أورده في ترجمة أبي عصام هذا، وسماه خالد بن عبيد، وقال عن البخاري:

" في حديثه نظر ".

وساق له أحاديث منها هذا، ومنها حديثه عن أنس أيضا قال:

 

(3/619)

 

 

" كان النبي صلى الله عليه وسلم يتنفس في الإناء ثلاثا ويقول: هو أهنأ وأمرأ

وأبرأ " (1) وختمها بقوله:

" وليس في حديثه حديث منكر جدا ".

لكن في الرواة اثنان، كل منهما يعرف بأبي عصام، ومن طبقة واحدة، أحدهما ثقة

، والآخر ضعيف، وابن عدي جرى على عدم التفريق بينهما، خلافا لابن حبان

وأبي أحمد الحاكم، والصواب أنهما اثنان كما قال الحافظ في " التهذيب "،

وعليه جرى الذهبي في " الميزان "، فقال في " الأسماء " منه (1/634) :

" وقد وهم ابن عدي، فتوهم أن هذا هو أبو عصام ذاك الثقة الذي حدث عنه شعبة

وعبد الوارث، فساق في الترجمة حديث " النفس ثلاثا " الذي أخرجه مسلم، وحديث

" مصوه مصا "، وهو خبر محفوظ ".

كذا وقع فيه " خبر محفوظ "، وهذا مما لا يلتقي مع ما ادعاه من التوهيم، فلعل

الطابع وهم، والصواب: " غير محفوظ "، لأن هذا هو المناسب مع الدعوى، وهو

كالدليل عليه. والله أعلم.

وعلى التفريق المذكور جرى أيضا في كتابه " الضعفاء "، وفي " الكاشف " أيضا،

ولكنه قال في كنى " الميزان ":

" والفرق بينهما يعسر ".

وعليه جرى الحافظ في " التقريب " أيضا، فقال:

" خالد بن عبيد العتكي أبو عصام البصري، نزيل مرو، متروك الحديث مع جلالته ".

وقال في " كنى التقريب ":

" أبو عصام، هو خالد بن عبيد، تقدم، وقيل: هو الذي قبله ". يعني " أبو

عصام البصري، قيل: اسمه ثمامة، مقبول. من الخامسة ".

وهذا التردد والاختلاف إن دل على شيء، فإنما يدل على أن الموضوع غامض

__________

(1) أخرجه مسلم (6/111) من الطريق المذكورة لحديث ابن عدي! وهو مخرج في " الصحيحة " (378) . اهـ

 

(3/620)

 

 

غير واضح عند الحافظ وغيره، وهو حري بذلك، فليس هناك ما يحمل على القطع بشيء من

ذلك، ولورواية ضعيفة. وكأنه لذلك اقتصر المناوي على قوله في " الفيض ":

" رواه البيهقي في " الشعب " عن أنس: وفي سنده لين ".

فلم يعرج على بيان السبب خلافا لعادته. والله أعلم.

فإن قيل: فإذا كان المناوي لم يبين علته لأنه لم يتبين له من أبو عصام هذا؟

فلماذا ضعف إسناده؟

فأقول - والله أعلم -: لأنه إذا لم يتبين له أنه أبو عصام الثقة، فالإسناد من

الوجهة العملية، مجهول الصحة؛ والحالة هذه. وما كان كذلك من الأسانيد،

فهو في حكم الضعيف، ومن أجل ذلك أوردته أنا في " السلسلة "، فإن ظهر لنا شيء

يقتضي صحته نقلناه إلى " السلسلة " الأخرى. والله أعلم.

ثم روى البيهقي من طريق ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة والليث بن سعد عن عقيل عن

ابن شهاب:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا شرب تنفس ثلاثة أنفاس، ونهى عن العب

نفسا واحدا، ويقول: ذلك شرب الشيطان. وقال:

" هذا مرسل، وروينا عن معمر عن ابن أبي حسين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال

:

إذا شرب أحدكم فليمص مصا ولا يعب عبا، فإن الكباد من العب ".

ثم رواه من طريق أحمد بن منصور: حدثنا عبد الرزاق: أنا معمر فذكره. وهو في

" مصنف عبد الرزاق " (10/428) بهذا الإسناد. وابن أبي حسين هو عبد الله بن

عبد الرحمن المكي، وهو تابعي ثقة، فهو مرسل صحيح، كالذي قبله. فلعل الحديث

يقوى بهما، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وتقدم حديثان آخران في المص، أحدهما قولي، والآخر فعلي، فراجعهما إن شئت (940، 941) .

1429 - " بر الوالدين يزيد في العمر، والكذب ينقص من الرزق، والدعاء يرد البلاء،

ولله في خلقه قضاآن، فقضاء نافذ، وقضاء ينتظر،

 

(3/621)

 

 

وللأنبياء على العلماء فضل درجتين، وللعلماء على الشهداء فضل درجة ".

موضوع. رواه أبو الشيخ في " التاريخ " (ص 323) عن السري بن مسكين عن الوقاصي عن أبي

سهيل بن مالك عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا.

وبهذا الإسناد أخرجه في " الفوائد " أيضا (81/2) دون قوله: " وفي خلقه ".

قلت: وهذا إسناد موضوع؛ الوقاصي هذا بفتح الواووتشديد القاف هو عثمان بن

عبد الرحمن أبو عمرو كان ممن يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات لا يجوز

الاحتجاج به. كذا في " الأنساب " للسمعاني وهذا التجريح هو نص ابن حبان في "

الضعفاء " (2/98) .

وروى ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (12/239/1) عن صالح بن محمد الحافظ أنه

قال فيه:

" كان يضع الحديث، وعلي بن عروة أكذب منه ".

قلت: والسري بن مسكين، قال الحافظ:

" مقبول ". يعني عند المتابعة كما هو اصطلاحه في المقدمة، وقد تابعه خالد بن

إسماعيل المخزومي عن عثمان بن عبد الرحمن لكنه قال: عن أبي سهيل وهو نافع بن

مالك عن أبيه عن أبي هريرة به.

أخرجه ابن عدي (120/1) في ترجمة المخزومي في جملة أحاديث له وقال:

" وعامة حديثه موضوعات ".

قلت: لكن متابعة السري له، تبرئ عهدة المخزومي من الحديث، وتعصب الجناية

في شيخه الوقاصي.

ويبدو لي أن المناوي لم يقف على علته، فإنه قال تعليقا على قول السيوطي في "

الجامع ": " رواه أبو الشيخ في " التوبيخ " وابن عدي عن أبي هريرة ":

" ضعفه المنذري "!

ولم يزد على هذا! والمنذري ذكره في " الترغيب " (4/29) من رواية الأصبهاني

إلى قوله: " يرد القضاء " دون ما بعده، وأشار لضعفه. ومما حققناه يتبين لك

أنه موضوع،

 

(3/622)

 

 

فكان على المنذري أن يبينه، وعلى السيوطي أن يحذفه من كتابه،

وفاء منه بوعده!

وتابعه أيضا يحيى بن المغيرة عن أبي عن عثمان بن عبد الرحمن عن سهيل عن أبيه

عن أبي هريرة به.

أخرجه الأصبهاني في " ترغيبه " (ق 47/1) والديلمي في " مسنده " (2/1/4) .

ويحيى هذا صدوق، لكن أبو هـ وهو المغيرة بن إسماعيل بن أيوب المخزومي مجهول

كما قال الذهبي.

وبالجملة فمدار هذه الروايات كلها على عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي وهو وضاع

كما عرفت، وقد تقدمت له أحاديث عديدة تدل على حاله، أقربها الحديث (877) .

1430 - " ليس للنساء سلام ولا عليهن سلام ".

منكر

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8/58) : حدثت عن أبي طالب: حدثنا علي بن

عثمان النفيلي: حدثنا هشام بن إسماعيل العطار: حدثنا سهل بن هشام عن إبراهيم

ابن أدهم عن الزبيدي عن عطاء الخراساني يرفع الحديث قال: فذكره. قال

الزبيدي: أخذ على النساء ما أخذ على الحيات: أن ينحجرن في بيوتهن!

قلت: وهذا إسناد ضعيف، لانقطاعه في أعلاه، وفي أدناه على جهالة فيه وضعف.

أما الأول: فلأن عطاء الخراساني، قال الحافظ في " التقريب ":

" صدوق، يهم كثيرا، ويرسل ويدلس، من الخامسة، مات سنة خمس وثلاثين ".

يعني ومائة، فهو تابعي صغير.

وأما الآخر، فظاهر من قول أبي نعيم: " حدثت عن أبي طالب " فلم يذكر الذي

حدثه، وأبو طالب هذا هو ابن سوادة كما في إسناد آخر قبل هذا، ولم أعرفه.

وبقية الرجال ثقات غير سهل بن هشام، فلم أعرفه أيضا. لكن الظاهر أن فيه خطأ

مطبعيا، والصواب سهل بن هاشم وهو الواسطي البيروتي، فقد ذكروا في ترجمته

أنه روى عن إبراهيم بن أدهم، وهو ثقة. والله أعلم.

 

(3/623)

 

 

1431 - " لذكر الله بالغداة والعشي، خير من حطم السيوف في سبيل الله ".

موضوع

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 124/2) والديلمي في " مسند الفردوس " من

طريق الحسن بن علي العدوي: حدثنا خراش: حدثنا مولاي أنس بن مالك قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال ابن عدي:

" وخراش هذا مجهول، ليس بمعروف، وما أعلم حدث عنه ثقة أوصدوق، والعدوي

كنا نتهمه بوضع الحديث، وهو ظاهر الأمر في الكذب ".

وأورده السيوطي في " زوائد الجامع الصغير " و" الجامع الكبير " من رواية

الديلمي، وكذلك أورده في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (ص 49) ! ! وعزاه في "

الكبير " لابن شاهين في " الترغيب في الذكر " عن ابن عمرو، وابن أبي شيبة عنه

موقوفا بزيادة " ومن إعطاء المال سحا ".

 

(3/624)

 

 

1432 - " ما احتلم نبي قط، إنما الاحتلام من الشيطان ".

باطل

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 127/2) من طريق سليمان بن عبد العزيز الزهري

: حدثني أبي عن إبراهيم بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أورده في ترجمة داود هذا وقال:

" وهذا الحديث ليس البلاء [فيه] من داود، فإن داود صالح الحديث، إذا روى

عنه ثقة، والراوي عنه ابن أبي حبيبة قد مر ذكره في هذا الكتاب في ضعفاء

الرجال، فالبلاء منه ".

قلت: وسليمان بن عبد العزيز هذا لم أعرفه، ويحتمل أنه الذي في " اللسان ":

" سليمان بن عبد العزيز، عن الحسن بن عمارة، وعنه عبد الله بن سويد أبو

الخصيب، جهله ابن القطان ".

قلت: وقد خالفه الثقة إبراهيم بن المنذر الحزامي فقال: حدثنا عبد العزيز بن أبي

 

(3/624)

 

 

ثابت عنه عن ابن عباس قال: فذكره موقوفا عليه.

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/126 - 127) و" الأوسط " (ق 9/2 -

مجمع البحرين) وابن المظفر في " الفوائد " (ق 99/2) وقال الطبراني:

" لم يروه عن داود إلا ابن أبي حبيبة، ولا عنه إلا عبد العزيز ".

قلت: وهو شديد الضعف كما يشهد بذلك أقوال الحفاظ؛ المتقدمين منهم

والمتأخرين، فقال البخاري وأبو حاتم:

" منكر الحديث ". زاد الثاني: " جدا ".

وقال الذهبي في " الكاشف " و" الضعفاء ":

" تركوه ".

وقال الحافظ:

" متروك ".

قلت: فهو آفة هذا الحديث سواء كان حدث به موقوفا كما في رواية الحزامي عنه،

أومرفوعا كما في رواية ابنه سليمان عنه، وليست الآقة من ابن أبي حبيبة كما

تقدم عن ابن عدي، لأن هذا أحسن حالا من عبد العزيز.

فالحديث ضعيف جدا موقوفا، وباطل مرفوعا، لتفرد سليمان المجهول برفعه

ومخالفته للحزامي الثقة في وقفه.

1433 - " إذا حج رجل بمال من غير حله فقال: لبيك اللهم لبيك، قال الله: لا لبيك

ولا سعديك، هذا مردود عليك ".

ضعيف

رواه ابن دوست في " الفوائد العوالي " (1/14/1) وابن عدي (130/1)

والديلمي في " مسنده " (1/1/161) وابن الجوزي في " الواهية " (2/75)

وكذا الأصبهاني في " الترغيب " (ق 107/1) عن أبي الغصت الدجين بن ثابت - من

بني يربوع - عن أسلم مولى عمر بن الخطاب مرفوعا.

قلت: وهذا سند ضعيف أبو الغصن هذا قال ابن عدي:

" مقدار ما يرويه ليس بمحفوظ ".

 

(3/625)

 

 

ثم روى عن عبد الرحمن بن مهدي أنه سئل عن دجين بن ثابت، قال يحيى: ليس بشيء،

والنسائي: غير ثقة ".

قلت: ونقل هذا المناوي في " الفيض " وأقره، وأما في " التيسير " فقد أفسده

بقوله:

" وإسناده ضعيف، لكن له شواهد "!

ولا أعلم له من الشواهد إلا حديث أبي هريرة مرفوعا بمعناه أتم منه. ولا يصلح

شاهدا لشدة ضعفه، فإن فيه سليمان بن داود اليمامي قال فيه البخاري:

" منكر الحديث ".

وقد تقدم من هذه الطريق برقم (1092) و (1091) من الطريق التي قبل هذه.

(تنبيه) : هذا الحديث في المصادر التي خرجته منها هو من مسند عمر، وكذلك هو

في " الجامع الكبير " للسيوطي، وكذا في بعض نسخ " الجامع الصغير ". ووقع في

النسخة التي تحتها " شرح المناوي " (ابن عمر) وكذلك وقع في " الفتح الكبير "

للنبهاني، ثم في " ضعيف الجامع الصغير " رقم (559) ، فليصححه من كان عنده

نسخة منه.

1434 - " إذا حج الرجل عن والديه تقبل منه ومنهما، واستبشرت أرواحهما في السماء،

وكتب عنه الله برا ".

ضعيف

أخرجه الدارقطني في " السنن " (272) وابن شاهين في " الترغيب " (299/1)

وأبو بكر الأزدي الموصلي في " حديثه " (1 - 2) عن أبي أمية الطرسوسي: حدثنا

أبو خالد الأموي: نا أبو سعد البقال عن عطاء بن أبي رباح عن زيد بن أرقم

قال: قال

 

(3/626)

 

 

رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قلت: وهذا سند ضعيف: أبو سعد البقال - هو سعيد بن مرزبان - ضعيف مدلس كما في

" التقريب ".

وأبو خالد الأموي لم أعرفه. وذكر المناوي أنه أبو خالد الأحمر. وفيه بعد

وأبو أمية الطرسوسي، واسمه محمد بن إبراهيم بن مسلم. قال الحافظ:

" صدوق صاحب حديث يهم ".

وقد توبع أبو سعد البقال من قبل عيسى بن عمر: حدثنا عطاء بن أبي رباح به

ولفظه:

" من حج عن أبو يه، ولم يحجا، أجزأ عنهما وعنه، وبشرت أرواحهما في السماء

... ".

أخرجه الثقفي في " الثقفيات " (ج4 رقم الحديث 34 - نسختي) : حدثنا أبو الفرج

عثمان بن أحمد بن إسحاق: نا محمد بن عمر بن حفص: حدثنا إسحاق بن إبراهيم -

شاذان - حدثنا سعد بن الصلت: حدثنا عيسى بن عمر به.

قلت: وهذه متابعة قوية، فإن عيسى هذا - وهو الأسدي الهمداني - ثقة، كما في

" التقريب "، لكن الطريق إليه مظلم، فإن أبا الفرج هذا وشيخه محمد بن عمر بن

حفص لم أجد من ترجمهما.

وسعد بن الصلت ترجمه ابن أبي حاتم (2/1/86) برواية ثلاثة عنه، أحدهم شاذان

هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

قلت: وهو على شرط ابن حبان فلعله ذكره في " الثقات ".

وأما شاذان، فترجمه ابن أبي حاتم (1/1/211) ، وذكر أنه ابن ابنة شيخه سعيد

ابن الصلت وقال:

" كتب إلى أبي، وإلي، وهو صدوق ".

وبالجملة، فالحديث ضعيف من الطريقين، وقوله في الآخر منهما: " ولم يحجا "

. منكر، لأن ظاهره أنه يسقط الحج عنهما بحج ولدهما، ولوكانا قادرين عليه،

وأما إن كان المقصود به إذا كانا غير قادرين فلا نكارة فيه، لحديث الخثعمية

المعروف

 

(3/627)

 

 

في " الصحيحين " وغيرهما ". والله أعلم.

هذا ما كنت كتبته منذ نحوعشر سنين أوأكثر، وقبل طبع كتاب " الثقات " لابن

حبان رحمه الله، فلما مرت تجربة هذا الحديث تحت يد الأخ علي الحلبي لتصحيح

أخطائها المطبعية كتب بجانبه مذكرا - جزاه الله خيرا - ما خلاصته:

1 - أن سعد بن الصلت ذكره ابن حبان في " الثقات " (6/378) ، فصدق بذلك ما كنت

ظننته.

2 - أن أبا الفرج عثمان بن أحمد وشيخه محمد بن عمر قد وثقهما السمعاني في "

الأنساب "، ذكر الأول منهما في مادة (البرجي) ، والآخر في مادة (الجرجيري

) ، وأن الذهبي ذكرهما عرضا في " تذكرة الحفاظ " واصفا لكل منهما بأنه " مسند

أصبهان ".

قلت: فعلى هذا فالطريق إلى عيسى بن عمر نظيف، إن سلم من سعد بن الصلت، فإن

فيه جهالة كما يشعر به صنيع ابن أبي حاتم المتقدم، وبخاصة أن ابن حبان قد قال

فيه: " ربما أغرب ". والله أعلم.

وقد روي الحديث عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا نحوه، ولا يصح أيضا، وهو:

1435 - " من حج عن والديه، أوقضى عنهما مغرما بعثه الله يوم القيامة مع الأبرار ".

ضعيف جدا

أخرجه ابن شاهين في " الترغيب " (99/2) والطبراني في " الأوسط " (رقم - 7964) والدارقطني (272) وابن عدي في " الكامل " (202/2) وأبو بكر

الأزدي في " حديثه " (3/2) والأصبهاني في " الترغيب " (ق 58/2 و285/2) عن

صلة بن سليمان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم.

وهذا إسناد ضعيف جدا، صلة بن سليمان هذا قال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ":

" تركوه ".

وذكر له في " الميزان " من مناكيره حديثين، هذا أحدهما. وأقره الحافظ في

 

(3/628)

 

 

" اللسان " ونقل عن ابن معين وأبي داود أنهما قالا فيه: " كذاب " وقد ذكر

الطبراني أنه:

" لم يروه عن ابن جريج إلا صلة " هذا.

وفي ترجمته أورده ابن حبان في " الضعفاء " (1/376) وقال فيه:

" يروي عن الثقات المقلوبات، وعن الأثبات ما لا يشبه حديث الثقات ".

1436 - " إذا قدم أحدكم من سفر فليهد إلى أهله، وليطرفهم ولوكانت حجارة ".

ضعيف جدا

أخرجه الدارقطني في " السنن " (289) وعنه ابن الجوزي في " الواهيات " (2/97

) من طريق محمد بن المنذر بن عبيد الله بن المنذر بن الزبير عن هشام بن عروة عن

أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال ابن

الجوزي:

" لا يصح ".

قلت: وهذا إسناد هالك، رجاله ثقات غير ابن المنذر هذا قال ابن حبان:

" لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل الاعتبار ".

وقال الحاكم:

" يروي عن هشام أحاديث موضوعة ".

وقال أبو نعيم:

" يروي عن هشام أحاديث منكرة ".

وله شاهد من حديث وحشي بن حرب بن وحشي عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ:

" ... فليطرف أهله، ولم أن يلقي حجرا في مخلاته ".

أخرجه أبو القاسم بن أبي العقب في " حديث القاسم بن الأشيب " (ق 7/1) : حدثنا

إبراهيم بن أحمد اليماني قال: حدثني محمد بن زياد عن يحيى بن بسطام الأصفر:

حدثنا سعيد بن عبد الجبار الزبيدي: حدثني وحشي بن حرب ...

قلت: وهذا إسناد مظلم هالك، ليس فيهم موثق من معتبر، حرب بن وحشي، مستور.

وابنه وحشي بن حرب مجهول.

وسعيد بن عبد الجبار ضعيف.

 

(3/629)

 

 

ويحيى بن بسطام مختلف فيه، قال أبو حاتم " صدوق "، وقال ابن حبان: " لا

تحل الرواية عنه ". ولذلك أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ".

ومحمد بن زياد لم أعرفه، ويحتمل أن يكون زياد تحرف في الأصل أوفي نقلي عنه

- عن " زكريا "، وهو محمد بن زكريا الغلابي، فقد ذكر العقيلي في " الضعفاء "

(459) أنه روى عن يحيى هذا، فإن يكن هو فهو وضاع.

وإبراهيم بن أحمد اليماني، لم أعرفه أيضا.

وله شاهد آخر من حديث ابن عمر، ولكن في إسناده كذاب أيضا، وهو:

" إذا قدم أحدكم من سفر فلا يدخل ليلا، وليضع في خرجه ولوحجرا ".

1437 - " إذا قدم أحدكم من سفر فلا يدخل ليلا، وليضع في خرجه ولوحجرا ".

موضوع

رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1/120 و2/338) ومن طريقه الديلمي في "

مسند الفردوس " (1/1/74) عن أبي الحسن أحمد بن إسحاق المديني: حدثنا الهيثم

ابن بشر بن حماد: حدثنا أبو صالح إسحاق بن نجيح عن الوضين بن عطاء عن مكحول عن

ابن عمر مرفوعا.

قلت: وهذا موضوع، آفته إسحاق هذا وهو الملطي كذاب وضاع.

وقد تابعه غياث بن إبراهيم التميمي، لكنه قال:

" عن الوضين عن محفوظ بن علقمة عن أبي الدرداء رفعه بلفظ:

(.. فليقدم معه بهدية، ولويلقي في مخلاته حجرا) ".

أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " 0 15/94/2) .

وغياث وضاع أيضا.

ومن دون إسحاق ترجمهما أبو نعيم، ولم يذكر فيهما توثيقا.

قلت: لكن الشطر الأول منه ثبت في الصحيحين من حديث جابر نحوه.

 

(3/630)

 

 

1438 - " ما من يوم إلا ينزل مثاقيل من بركات الجنة في الفرات ".

ضعيف جدا

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (132/2) عن الربيع بن بدر عن الأعمش عن أبي وائل

عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:

 

(3/630)

 

 

" لا أعرفه إلا من حديث الربيع بن بدر ".

قلت: وهو ضعيف جدا، قال ابن عدي في آخر ترجمته:

" وعامة حديثه مما لا يتابعه أحد عليه ".

وقال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ":

" تركه الدارقطني وغيره ".

وقال الحافظ في " التقريب ":

" متروك ".

وبه أعله في " الفيض " وزاد:

" قال ابن الجوزي: حديث لا يصح، فيه الربيع، يروي عن الثقات المقلوبات،

وعن الضعفاء الموضوعات ".

والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن مردويه عن ابن مسعود، ففاته هذا

المصدر العالي!

ومن أحاديث هذا الهالك:

1439 - " إن الله لا يهتك ستر عبد فيه مثقال ذرة من خير ".

ضعيف جدا

أخرجه ابن عدي (132/2) عن الربيع بن بدر: حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته الربيع هذا، وقد عرفت حاله آنفا.

ومنها:

" الصيام جنة ما لم يخرقها بكذب أوغيبة ".

 

(3/631)

 

 

1440 - " الصيام جنة ما لم يخرقها بكذب أوغيبة ".

ضعيف جدا

أخرجه ابن عدي والطبراني في " الأوسط " (رقم 4673) من طريق الربيع بن بدر عن

يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا. وقالا:

" لم يروه عن يونس إلا الربيع ".

قلت: وهو ضعيف جدا، كما بينته آنفا.

 

(3/631)

 

 

1441 - " إذا ضرب أحدكم خادمه فذكر الله فليمسك، (وفي رواية) : فارفعوا أيديكم ".

ضعيف جدا

رواه الترمذي (1/354) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (ق 104/2)

وتمام في " الفوائد " (ق 104/2) والبغوي في " شرح السنة " (3/69/2) وابن

عساكر في " تاريخ دمشق " (15/131/1) عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد

الخدري مرفوعا، وقال الترمذي والبغوي:

" أبوهارون العبدي اسمه عمارة بن جوين، ضعفه شعبة ".

قلت: بل ضعفه جدا، فقال:

" لأن أقدم فيضرب عنقي، أحب إلي من أن أحدث عن أبي هارون العبدي ".

رواه العقيلي (3/313) بسند صحيح عنه.

ولهذا قال الذهبي في " الميزان ":

" تابعي، لين بمرة ".

وقال في " الكاشف ":

" متروك ".

وكذا قال الحافظ في " التقريب " وزاد:

" ومنهم من كذبه ".

 

(3/632)

 

 

1442 - " أفضل الصدقة اللسان، قالوا: وما صدقة اللسان؟ قال: الشفاعة؛ يفك بها

الأسير، ويحقن بها الدم، ويجر بها المعروف والإحسان إلى أخيك المسلم،

وتدفع عنه الكريهة ".

ضعيف

أخرجه ابن الأعرابي في " المعجم " (ق 194/1) : نا عبد الله (يعني ابن أيوب

المخرمي) : نا مروان (يعني ابن جعفر بن سعد بن سمرة) : حدثني محمد بن هاني

عن محمد بن يزيد عن المستلم بن سعيد عن أبي بكر عن الحسن عن سمرة مرفوعا.

وأخرجه البيهقي في " الشعب " (2/453/1) من طريق أخرى عن مروان به،

 

(3/632)

 

 

لكن سقط

منه بعض رجال إسناده.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، فيه علل:

الأولى: عنعنة الحسن، وهو البصري، فقد كان مدلسا.

الثانية: ضعف أبي بكر، وهو الهذلي، قال الحافظ:

" متروك الحديث ".

الثالثة: جهالة حال محمد بن هاني، وهو والد أبي بكر الأثرم، ترجمه ابن أبي

حاتم (4/1/117) ثم الخطيب (3/370) ، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا.

الرابعة: مروان بن جعفر؛ مختلف فيه، قال أبو حاتم:

" صالح الحديث ". وقال ابنه:

" صدوق ".

وخالفهما الأزدي فقال:

" يتكلمون فيه ".

ومن أجل هذا القول أورده الذهبي في " الضعفاء " فلم يحسن، لأن الأزدي نفسه

متكلم فيه، فلا يعتد بقوله مع مخالفته لأبي حاتم وابنه، نعم قال الذهبي في

ترجمة مروان من " الميزان ":

" له نسخة عن قراءته على محمد بن إبراهيم فيها ما ينكر، رواها الطبراني ".

لكن لعله لم يتفرد به، فقد أخرجه الطبراني في " الكبير " (6962) والقضاعي

في " مسند الشهاب " (ق 104/1) من طريق محمد بن أبي نعيم الواسطي قال: نا

محمد بن يزيد به.

بيد أن محمدا هذا، وهو ابن موسى بن أبي نعيم، قال الحافظ:

" صدوق، لكن طرحه ابن معين ".

والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية الطبراني في " الكبير "

والبيهقي في " شعب الإيمان "، وقال المناوي:

" قال الهيثمي: فيه أبو بكر الهذلي، ضعيف، ضعفه أحمد وغيره، وقال

 

(3/633)

 

 

البخاري

: ليس بالحافظ، ثم أورد له هذا الخبر ".

وأقول: فيه أيضا عند البيهقي مروان بن جعفر السمري، أورده الذهبي في "

الضعفاء " وقال:

" قال الأزدي: يتكلمون فيه "!

1443 - " يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا مهاجرا، فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي

الحي، ولا يبلغ الميت، فلما بلغ باب رسول الله صلى الله عليه وسلم استبشر

ووثب له رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما على رجليه، فرحا بقدومه ".

موضوع

أخرجه الحاكم (3/241) من طريق محمد بن عمر: أن أبا بكر بن عبد الله بن أبي

سبرة: حدثه موسى بن عقبة عن أبي حبيبة مولى عبد الله بن الزبير عن عبد الله

ابن الزبير قال:

لما كان يوم فتح مكة، هرب عكرمة بن أبي جهل، وكانت امرأته أم حكيم بنت

الحارث بن هشام امرأة عاقلة، أسلمت، ثم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم

الأمان لزوجها، فأمرها برده، فخرجت في طلبه، وقالت له: جئتك من عند أوصل

الناس، وأبر الناس، وخير الناس، وقد استأمنت لك، فأمنك، فرجع معها،

فلما دنا من مكة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: فذكر الحديث.

قلت: سكت عليه الحاكم والذهبي، وإسناده واه جدا، بل موضوع، آفته ابن أبي

سبرة، أومحمد بن عمر، وهو الواقدي، وكلاهما كذاب وضاع، وأبو حبيبة لا

يعرف، أورده ابن أبي حاتم (4/2/3459) فلم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا،

ولكنه قال:

" أبو حبيبة، مولى الزبير، صاحب عبد الله بن الزبير، روى عن الزبير، روى

عنه موسى بن عقبة، وأبو الأسود محمد بن عبد الرحمن ".

قلت: وإنما خرجت هذا الحديث لما فيه من نسبة القيام إلى النبي صلى الله عليه

وسلم لعكرمة بن أبي جهل، فقد لهج المتأخرون بالاستدلال على جواز بل استحباب

القيام للداخل، فأحببت أن أبين وهاءه وأظهر عواره، حتى لا يغتر به من يريد

انصح لدينه، ولا سيما،

 

(3/634)

 

 

وهو مخالف لما دلت السنة العملية عليه من كراهته

صلى الله عليه وسلم لهذا القيام، كما حققته في غير هذا المقام.

ونحوه ما ذكره الأستاذ عزت الدعاس في تعليقه على " الشمائل " المحمدية " (ص -

175 - طبع حمص) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم لعبد الله بن أم مكتوم -

(الأصل: ابن أم كلثوم!) ويفرش له رداءه ليجلس عليه ويقول: أهلا بالذي

عاتبني ربي من أجله، ولا أعلم لهذا الحديث أصلا يمكن الاعتماد عليه، وغاية

ما روي في بعض الروايات في " الدر المنثور " أنه صلى الله عليه وسلم كان يكرم

ابن أم مكتوم إذا دخل عليه. وهذا إن صح لا يستلزم أن يكون إكرامه صلى الله

عليه وسلم إياه بالقيام له، فقد يكون بالقيام إليه، أوبالتوسيع له في المجلس

، أوبإلقاء وسادة إليه، ونحوذلك من أنواع الإكرام المشروع.

وبهذه المناسبة لا بد لي من التنبيه على بعض الأخطاء التي وقعت للأستاذ

المذكور في تعليقه على حديث أنس: " لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله

صلى الله عليه وسلم، وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك "، فقد

ذكر أن هذا الحديث الصحيح لا ينافي القيام لأهل الفضل من الصالحين، والدليل:

1 - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يكره قيام بعضهم لبعض.

2 - وأنه أمر أسرى بني قريظة فقال لهم: قوموا لسيدكم، يعني سعد بن معاذ.

3 - أنه قام لعكرمة بن أبي جهل.

4 - وكان يقوم لعدي بن حاتم كلما دخل عليه.

5 - وكان يقوم لعبد الله بن أم مكتوم ...

6 - وقد ورد أن الصحابة قاموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

والجواب: أنه لا يصح شيء من هذه الأدلة مطلقا، وهى على ثلاثة أنواع:

الأول: ما لا أصل له البتة في شيء من كتب السنة، كالدليل الأول، بل ولا

علمت أحدا من العلماء المتقدمين ذكره حديثا، وكأنه رأي رآه بعضهم، فجاء غيره

فتوهمه حديثا! ويعارضه قول الشيخ علي القاري في " شرح الشمائل ": إن الأصحاب

ما كان يقوم بعضهم لبعض، واستدل عليه بحديث أنس المذكور آنفا، وهذا هو

اللائق بهم رضي

 

(3/635)

 

 

الله عنهم، لحرصهم المعروف على الاقتداء به صلى الله عليه وسلم

في كل كبير وصغير، خلافا لبعض المعاصرين الذين يقولون في مثل هذه المسألة:

هذه قشور لا قيمة لها! ونحوذلك من العبارات التي تصد الشباب المؤمن عن

الاقتداء به صلى الله عليه وسلم، بل وتحمله على مخالفته، لأن الأمر كما قيل

: نفسك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر!

الثاني: ما له أصل ولكنه غير ثابت كالدليل الثالث والرابع والخامس، فكل

ذلك مما لا يصح من قبل إسناده والمثال بين يديك، وهو الدليل الثالث، ومثله

حديث قيامه صلى الله عليه وسلم لأخيه في الرضاعة، فهو ضعيف أيضا كما سبق بيانه

برقم (1120) ، ومثله قيامه لعدي، وأما الدليل الخاس، فلم أقف عليه كما

سبق، وقد اعترف غير ما واحد بضعف هذا النوع، منهم ابن حجر الهيتمي، ولكنهم

ركنوا في الرد على من عارضهم بما ذكرنا من الضعف إلى قولهم المعروف بينهم،

والواهي عند المحققين من العلماء: " يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال "

! فنقول: فأين الدليل على أن هذا القيام من فضائل الأعمال، حتى يصدق فيه

قولهم المذكور إن صح؟ ! وقد تنبه لهذا الشيخ القاريء، فقال:

" إن هذا الرد مدفوع؛ لأن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال المعروفة في الكتاب

والسنة، لكن لا يستدل به على إثبات الخصلة المستحبة ".

قلت: وهذه حقيقة يغفل عنها جماهير العلماء والمؤلفين، فضلا عن غيرهم،

وبيانه مما لا يتسع له المجال هنا.

والنوع الثالث والخير: ما له أصل أصيل من حيث الثبوت، ولكن طرأ عليه شيء

من التحريف والتغيير لفظا أومعنى أوكليهما معا ولوبدون قصد، من ذلك

الدليل الثاني؛ فقد وقع فيه تحريفان: قديم وحديث، أما القديم، فهو أن نص

الحديث في البخاري وغيره: " قوموا إلى سيدكم " فجعله السيد عزت وغيره " ...

لسيدكم "، وتأكد التحريف برواية أخرى قوية بلفظ: " قوموا إلى سيدكم فأنزلوه

" وهذا مفصل في " الصحيحة " (رقم - 67) فلا نطيل القول فيه.

وأما التحريف الجديد، فقد اختص به السيد المذكور، وهو قوله: أنه صلى الله

عليه وسلم أمر

 

(3/636)

 

 

أسرى بني قريظة.. والحقيقة أن الأمر كان موجها إلى الأنصار

الذين هم قوم سعد وهو أميرهم وسيدهم فعلا، وأنه كان لإنزاله لأنه كان مريضا

، ولذلك جاء النص: " قوموا إليه " وليس: " قوموا له " وأكده زيادة الرواية

الأخرى: " فأنزلوه " فلا علاقة للحديث بموضع النزاع.

ومن ذلك قيامه صلى الله عليه وسلم إلى ابنته فاطمة إذا دخلت عليه، وقيامها

إليه صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها، فإنه صحيح الإسناد، ولكن ليس في

القيام المتنازع فيه، لأنه قام إليها ليجلسها في مجلسه، وقامت إليه لتجلسه

في مجلسها، وهذا مما لا خلاف فيه. ألست ترى القائلين باستحباب القيام

المزعوم لا يقوم أحدهم لابنه ولوكان عالما فاضلا؟ ! بل قال العصام الشافعي

كما في شرح المناوي على " الشمائل ".

" وقد اتفق الناس في القديم والحديث على استهجان قيام الوالد لولده، وإن

عظم، ولووقع ذلك من بعض الآباء لاتخذه الناس ضحكة وسخروا منه "!

وخلاصة القول أنه لا يوجد دليل صحيح صريح في استحباب هذا القيام، والناس

قسمان: فاضل ومفضول، فمن كان من القسم الأول فعليه أن يقتدي بالنبي صلى الله

عليه وسلم فيكره القيام من غيره له، ومن كان من القسم الآخر، فعليه أن يقتدي

بأصحابه صلى الله عليه وسلم، فلا يقوم لمن كان من القسم الأول فضلا عن غيره!

ويعجبني في هذا الصدد ما ذكره الشيخ جسوس في شرحه على " الشمائل " نقلا عن ابن

رشد في " البيان " قال:

" القيام للرجل على أربعة أوجه:

1 - وجه يكون فيه محظورا لا يحل، وهو أن يقوم إكبارا وتعظيما وإجلالا لمن

يحب أن يقام له تكبرا وتجبرا على القائمين له.

2 - ووجه يكون فيه مكروها، وهو أن يقوم إكبارا وتعظيما وإجلالا لمن لا يحب

أن يقام له، ولا يتكبر على القائمين له، فهذا يكره للتشبه بفعل الجبابرة

وما يخشى أن يدخله من تغيير نفس المقوم له.

3 - ووجه يكون فيه جائزا، وهو أن يقوم تجلة وإكبارا لمن لا يريد ذلك،

ولا يشبه

 

(3/637)

 

 

حاله حال الجبابرة، ويؤمن أن تتغير نفس المقوم له لذلك، وهذه صفة

معدومة إلا فيمن كان بالنبوة معصوما.

4 - ووجه يكون فيه حسنا، وهو أن يقوم إلى القادم عليه من سفر فرحا بقدومه

يسلم عليه، أوالقادم عليه المصاب بمصيبة ليعزيه بمصابه، وما أشبه ذلك،

فعلى هذا يتخرج ما ورد في هذا الباب من الآثار، ولا يتعارض شيء منها ".

ولقد صدق رحمه الله وأحسن مثواه.

1444 - " المدينة خير (وفي رواية: أفضل) من مكة ".

باطل

رواه البخاري في " التاريخ الكبير " (1/1/160/476) والمفضل الجندي في "

فضائل المدينة " (رقم 12 من منسوختي) والطبراني في " الكبير " (4450) عن

محمد بن عبد الرحمن العامري عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: خطب

مروان بن الحكم بمكة، فذكر مكة وفضلها، فأطنب فيها، ورافع بن خديج عند

المنبر فقال: ذكرت مكة وفضلها وهي على ما ذكرت، ولم أسمعك ذكرت المدينة،

أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.

قلت: وهذا سند ضعيف، علته محمد بن عبد الرحمن العامري، وهو الرداد، قال

أبو حاتم:

" ليس بقوي ".

وقال أبو زرعة:

" لين ".

وقال ابن عدي:

" رواياته ليست محفوظة ".

ثم ساق له أحاديث هذا أحدها، وقال الذهبي بعد أن ذكره:

" ليس هو بصحيح، وقد صح: صلاة في مكة ... ".

يشير إلى حديث " أن الصلاة في مكة أفضل من الصلاة في المدينة " فكيف تكون

المدينة أفضل من مكة؟ ويعارضه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم لمكة:

 

(3/638)

 

 

" والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله.. ".

وهو مخرج في المشكاة (2725) .

والحديث ضعفه أيضا عبد الحق في " أحكامه " (108/2) فقال:

" ومحمد بن عبد الرحمن هذا ليس حديثه بشيء عندهم ".

والحديث ذكره السيوطي في " الجامع " من رواية الطبراني في " الكبير "

والدارقطني في " الأفراد " عن رافع، وقال في رسالته " الحجج المبينة في

التفضيل بين مكة والمدينة " (ق 68/2) :

" وهو ضعيف، كما قال ابن عبد البر ".

1445 - " إني سألت ربي عز وجل فقلت: اللهم إنك أخرجتني من أحب أرضك إلي، فأنزلني أحب

الأرض إليك، فأنزلني المدينة ".

موضوع

أخرجه الحاكم (3/277 - 278) من طريق الحسين بن الفرج: حدثنا محمد بن عمر:

وحدثني الضحاك بن عثمان: أخبرني عبد الله بن عبيد بن عمير: سمعت عبد الرحمن

ابن الحارث بن هشام يحدث عن أبيه قال:

" رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته، وهو واقف على راحلته، وهو

يقول:

" والله إنك لخير الأرض وأحب الأرض إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت "

. قال: فقلت: يا ليتنا لم نفعل، فارجع إليها فإنها منبتك ومولدك، فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " فذكره.

أخرجه الحاكم في ترجمة الحارث بن هشام هذا رضي الله عنه، وسكت عن إسناده، هو

والذهبي، وهو إسناد هالك، آفته محمد بن عمر، وهو الواقدي، فإنه كذاب،

كما قال غير واحد من الأئمة، على أن الراوي عنه الحسين بن فرج قريب منه، فقد

أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين " وقال:

" قال ابن معين: يسرق الحديث ".

وقال في " الميزان ":

 

(3/639)

 

 

" قال ابن معين: كذاب يسرق الحديث، ومشاه غيره، وقال أبو زرعة: ذهب حديثه ".

قال الحافظ في " اللسان ":

" قوله: مشاه غيره، ما علمت من عنى ".

ثم نقل عن جمع آخر من الأئمة تضعيفه، وعن أبي حاتم أنه تركه.

والحديث له طريق أخرى عند الحاكم أيضا (3/3) عن موسى الأنصاري: حدثنا سعد

ابن سعيد المقبري: حدثني أخي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله

عليه وسلم قال: فذكره، وقال:

" رواته مدنيون من بيت أبي سعيد المقبري ".

وتعقبه الذهبي بقوله:

" لكنه موضوع، فقد ثبت أن أحب البلاد إلى الله مكة، وسعد ليس بثقة ".

قلت: تعصيب الجناية بأخيه عبد الله أولى، فإنه أشد ضعفا من سعد، وقد

أوردهما الذهبي في " الضعفاء "، فقال في سعد:

" مجمع على ضعفه ".

وقال في أخيه:

" تركوه ".

وقد قال أبو حاتم في الأول منهما:

" هو في نفسه مستقيم، وبليته أنه يحدث عن أخيه عبد الله، وعبد الله ضعيف،

ولا يحدث عن غيره ".

وموسى الأنصاري لم أعرفه، ويحتمل أنه موسى بن شيبة بن عمرو الأنصاري السلمي

المدني، قال أحمد:

" أحاديثه مناكير ".

وقال أبو حاتم:

" صالح الحديث ".

 

(3/640)

 

 

1446 - " حد الساحر ضربة بالسيف ".

ضعيف

أخرجه الترمذي (1/276) والدارقطني (ص 336) والحاكم (4/360) والطبراني

في " المعجم الكبير " (رقم - 1665) والرامهرمزي في " الفاصل " (ص 141)

وابن عدي في " الكامل " (8/2) وعنه البيهقي (8/136) من طريق إسماعيل بن

مسلم المكي عن الحسن عن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره.

وقال الترمذي:

" لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه، وإسماعيل بن مسلم المكي يضعف في الحديث

، والصحيح عن جندب موقوف ".

وأما الحاكم فقال:

" صحيح الإسناد؛ وإن كان الشيخان تركا حديث إسماعيل بن مسلم؛ فإنه غريب صحيح "!

قلت: ووافقه الذهبي! وهذا هو الغريب حقا، فإن الذهبي نفسه قد أورد إسماعيل

هذا في " الضعفاء والمتروكين " وقال:

" متفق على ضعفه ". وقال في " الكاشف ": " ضعفوه، وتركه النسائي ".

وقد وجدت له متابعا، يرويه محمد بن الحسن بن سيار أبو عبد الله: حدثنا خالد

العبدي عن الحسن به.

أخرجه الطبراني (1666) وأبو سهل القطان في " حديثه " (4/245/2) .

لكنها متابعة واهية، فإن خالدا هذا، لم أجد من ترجمه، وكذلك الراوي عنه،

فلا يعضد بها، على أن مدار الطريقين على الحسن، وهو مدلس وقد عنعن. ولذلك

فمن رام تحسين الحديث فما أحسن، لا سيما والصحيح عن جندب موقوف كما تقدم عن

الترمذي، وقد أخرجه الحاكم (4/361) من طريق أشعث بن عبد الملك عن الحسن:

" أن أميرا من أمراء الكوفة دعا ساحرا يلعب بين يدي الناس فبلغ جندب، فأقبل

بسيفه، واشتمل عليه، فلما رآه ضربه بسيفه، فتفرق الناس عنه، فقال: أيها

الناس لن تراعوا، إنما أردت الساحر - فأخذه الأمير فحبسه. فبلغ ذلك سلمان،

فقال: بئس ما صنعا! لم يكن ينبغي لهذا وهو إمام يؤتم به يدعوساحرا يلعب بيد

يديه، ولا ينبغي لهذا

 

(3/641)

 

 

أن يعاتب أميره بالسيف ".

قلت: وهذا إسناد موقوف صحيح إلى الحسن. وقد توبع، فقال هشيم: أنبأنا خالد

الحذاء عن أبي عثمان النهدي:

" أن ساحرا كان يلعب عند الوليد بن عقبة، فكان يأخذ سيفه فيذبح نفسه، ولا

يضره، فقام جندب إلى السيف فأخذه فضرب عنقه، ثم قرأ: " أفتأتون السحر

وأنتم تبصرون ".

أخرجه الدارقطني وعنه البيهقي وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (4/19/1 و2)

والسياق له من طرق عن هشيم به.

وهذا إسناد صحيح موقوف، صرح فيه هشيم بالتحديث.

وله طريق أخرى عند البيهقي عن ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة عن أبي الأسود:

" أن الوليد بن عقبة كان بالعراق يلعب بين يديه ساحر، وكان يضرب رأس الرجل،

ثم يصيح به، فيقوم خارجا، فيرتد إليه رأسه، فقال الناس: سبحان الله، يحيى

الموتى! ورآه رجل من صالح المهاجرين، فنظر إليه، فلما كان من الغد، اشتمل

على سيفه فذهب يلعب لعبه ذلك، فاخترط الرجل سيفه فضرب عنقه، فقال: إن كان

صادقا فليحي نفسه! وأمر به الوليد دينارا صاحب السجن - وكان رجلا صالحا -

فسجنه، فأعجبه نحوالرجل، فقال: أتستطيع أن تهرب؟ قال: نعم، قال: فاخرج

لا يسألني الله عنك أبدا ".

قلت: وهذا إسناد صحيح إن كان أبو الأسود أدرك القصة فإنه تابعي صغير، واسمه

محمد بن عبد الرحمن بن نوفل يتيم عروة.

قلت: ومثل هذا الساحر المقتول، هؤلاء الطرقية الذين يتظاهرون بأنهم من

أولياء الله، فيضربون أنفسهم بالسيف والشيش، وبعضه سحر وتخييل لا حقيقة له

، وبعضه تجارب وتمارين، يستطيعه كل إنسان من مؤمن أوكافر إذا تمرس عليه

وكان قوي القلب، ومن ذلك مسهم النار بأفواههم وأيديهم، ودخولهم التنور،

ولي مع أحدهم في حلب موقف تظاهر فيه أنه من هؤلاء، وأنه يطعن نفسه بالشيش،

ويقبض على الجمر

 

(3/642)

 

 

فنصحته، وكشفت له عن الحقيقة، وهددته بالحرق إن لم يرجع

عن هذه الدعوى الفارغة! فلم يتراجع، فقمت إليه وقربت النار من عمامته مهددا

، فلما أصر أحرقتها عليه، وهو ينظر! ثم أطفأتها خشية أن يحترق هو من تحتها

معاندا. وظني أن جندبا رضي الله عنه، لورأى هؤلاء لقتلهم بسيفه كما فعل

بذلك الساحر " ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ".

1447 - " من خلال المنافق: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان. ولكن

المنافق إذا حدث وهو يحدث نفسه أنه يكذب، وإذا وعد وهو يحدث نفسه أنه يكذب

(لعله: يخلف) ، وإذا ائتمن وهو يحدث نفسه أنه يخون ".

منكر بهذا التمام

أخرجه الطبراني في " الكبير " (6186) من طريق مهران بن أبي عمر: حدثنا علي

ابن عبد الأعلى عن أبي النعمان: حدثني أبو الوقاص: حدثني سلمان الفارسي

قال:

" دخل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فذكر الشطر الأول منه) فخرجا من عند

رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما ثقيلان، فلقيتهما، فقلت: ما لي أراكما

ثقيلين؟ قالا: حديث سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فذكره)

قال: أفلا سألتماه؟ قالا: هبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: لكني

سأسأله. فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: لقيني أبو بكر وعمر،

وهما ثقيلان. ثم ذكرت ما قالا. فقال: قد حدثتهما، ولم أضعه على الموضع

الذي يضعانه، ولكن المنافق.. " الحديث.

قلت: وإسناده ضعيف، أبو النعمان وأبو وقاص كلاهما مجهول كما قال الترمذي ثم

الذهبي، ثم العسقلاني. فقول هذا في " الفتح ":

" وإسناده لا بأس به، ليس فيهم من أجمع على تركه ".

أقول: يكفي في ضعف السند أن يكون فيه مجهول واحد فكيف وهما مجهولان؟ ! فلعل

الحافظ نسي أولم يستحضر الجهالة التي اعترف بها في " التقريب "،

 

(3/643)

 

 

فكون السند

سالما ممن أجمع على تركه لا يستلزم القول بأنه لا بأس بإسناده كما يخفى على

العارفين بهذا العلم. ولذلك ضعف الحديث الترمذي كما يأتي.

ثم إن فيه علة أخرى وهي تفرد ابن عبد الأعلى، وقد قال فيه الذهبي:

" صويلح الحديث، قال أبو حاتم: ليس بقوي. وقال أحمد والنسائي: ليس به بأس ".

وقال في " الكاشف ":

" صدوق، قال أبو حاتم: ليس بالقوي ".

وقال الحافظ:

" صدوق، ربما وهم ".

قلت: فمثله يترشح ليكون حسنا، فإذا توبع من مثله جزم بحسنه، ولكنه تفرد به

كما جزم بذلك الذهبي في " الميزان ".

وقد اختلف عليه في إسناده فرواه مهران عنه بإسناده المتقدم.

وخالفه إبراهيم بن طهمان عنه عن أبي النعمان عن أبي وقاص عن زيد بن أرقم عن

النبي صلى الله عليه وسلم قال:

" إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي له فلم يف ولم يجىء للميعاد فلا إثم

عليه ".

أخرجه أبو داود (4995) والترمذي (2635) وقال:

" حديث غريب، وليس إسناده بالقوي، علي بن عبد الأعلى ثقة، ولا يعرف أبو

النعمان ولا أبو وقاص، وهما مجهولان ".

ولعل رواية ابن طهمان أصح من رواية ابن أبي عمر وهو العطار الرازي، فإن

الأول أخرج له الشيخان، وقال فيه الحافظ:

" ثقة يغرب ".

والآخر لم يخرج له الشيخان شيئا، وقال فيه الحافظ:

" صدوق له أوهام سيىء الحفظ "!

 

(3/644)

 

 

وجملة القول أن الحديث ضعيف للجهالة والاضطراب.

ثم إن في قوله: " ولكن المنافق.. " إلخ نكارة لمخالفته لحديث أبي هريرة

وابن عمرو مرفوعا (1) بنحوالشطر الأول منه دون هذه الزيادة المفسرة للمراد بـ

" المنافق "، وهو خلاف المتبادر من إطلاق الحديث الصحيح، فإنه يشمل من كان

في نيته أن يفي، ثم لم يف، ومن لم يكن في نيته أن يفعل، خلافا لما نقله

الحافظ عن الغزالي. والله أعلم.

1448 - " احضروا موتاكم، ولقنوهم لا إله إلا الله، وبشروهم بالجنة، فإن الحليم من

الرجال والنساء يتحيرون عند ذلك المصرع، وإن الشيطان لأقرب ما يكون عند ذلك

المصرع، والذي نفسي بيده لا تخرج نفس عبد من الدنيا حتى يألم كل عرق منه على

حياله ".

ضعيف

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5/186) من طريق إسماعيل بن عياش عن أبي معاذ

عتبة بن حميد عن مكحول عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله

عليه وسلم: فذكره وقال:

" غريب من حديث مكحول لم نكتبه إلا من حديث إسماعيل ".

قلت: وهو ضعيف في روايته عن غير الشاميين، وهذه منها، فإن أبا معاذ هذا

بصري، ومع ذلك ففي حفظه - أعني أبا معاذ - شيء كما يشعر بذلك قول الحافظ فيه:

" صدوق له أوهام ".

ومكحول وهو الشامي، وإن كان سمع من واثلة، فإنه موصوف بالتدليس، فمثله

يتحفظ من حديثه المعنعن كهذا.

والحديث أورده السيوطي في زيادته على " الجامع الصغير " وسكت عليه في

__________

(1) انظر " مختصر البخاري " (24 و25) . اهـ

 

(3/645)

 

 

" الحاوي للفتاوي " (2/119) ! وقد ذكر فيه بعضه شاهدا فقال:

" وأخرج الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " من مرسل عطار بن يسار عن النبي

صلى الله عليه وسلم قال:

" معالجة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف، وما من مؤمن يموت إلا وكل عرق

منه يألم على حدة، وأقرب ما يكون عدوالله منه تلك الساعة. مرسل جيد الإسناد ".

(فائدة) : وأما ما نقله الغزالي في " الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة " من

فتنة الموت، وأن إبليس لعنه الله وكل أعوانه يأتون الميت على صفة أبو يه على

صفة اليهودية، فيقولان له: مت يهوديا، فإن انصرف عنهم جاء أقوام آخرون على

صفة النصارى حتى يعرض عليه عقائد كل ملة، فمن أراد الله هدايته أرسل إليه

جبريل فيطرد الشيطان وجنده، فيبتسم الميت ... إلخ، فقال السيوطي:

" لم أقف عليه في الحديث ".

1449 - " من قرأ في إثر وضوئه: " إنا أنزلناه في ليلة القدر " مرة واحدة كان من

الصديقين، ومن قرأها مرتين كتب في ديوان الشهداء، ومن قرأها ثلاثا

حشره الله محشر الأنبياء ".

موضوع

رواه الديلمي في " مسند الفردوس " من طريق أبي عبيدة عن الحسن عن أنس قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

وأبو عبيدة مجهول. كذا في " الحاوي للفتاوي " للسيوطي (2/11) وفيه علة

أخرى وهي عنعنة البصري.

وأما الحديث فلوائح الوضع عليه ظاهرة، وظني أن الآفة من هذا المجهول أوممن

دونه، لكن السيوطي لم يسق من إسناده إلا ما ذكرت. والله أعلم.

وقد كنت ذكرت الحديث مختصرا برقم (68) ونقلت عن الحافظ السخاوي أنه قال: "

لا أصل له "، فلما وقفت على لفظه وشيء من سنده بادرت إلى تخريجه والكشف

 

(3/646)

 

 

عن علته، لكي لا يفهم قول السخاوي: " لا أصل له " بمعنى لا إسناد له كما هو المتبادر عند المتأخرين.

1450 - " ليهبطن عيسى ابن مريم حكما عدلا، وإماما مقسطا، وليسلكن فج [الروحاء]

حاجا أومعتمرا، أوليثنينهما (1) ، وليأتين قبري حتى يسلم علي، ولأردن عليه ".

منكر بهذا التمام

وأخرجه الحاكم (2/595) من طريق يعلى بن عبيد: حدثنا محمد بن إسحاق عن سعيد

ابن أبي سعيد المقبري عن عطاء مولى أم صبية قال: سمعت أبا هريرة يقول:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فكذكره، وقال:

" صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه السياقة ". ووافقه الذهبي.

وأقول: كلا، بل هو ضعيف، فيه ثلاث علل:

الأولى: جهالة عطاء هذا قال الذهبي نفسه في ترجمته من " الميزان ":

" لا يعرف، تفرد عنه المقبري ".

الثانية: عنعنة ابن إسحاق، فإنه مدلس مشهور بذلك.

الثالثة: الاختلاف عليه في إسناده، فقد قال ابن أبي حاتم في " العلل " (2/413) :

" سألت أبا زرعة عن حديث اختلف فيه عن محمد بن إسحاق، فيروي محمد بن سلمة عن

محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي

صلى الله عليه وسلم أنه قال: (فذكره) . وروى يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق

عن سعيد المقبري عن عطاء مولى أم صبية عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه

وسلم؟ قال أبو زرعة: قد اختلف فيه عن محمد بن سلمة في هذا الحديث، حدثنا

أحمد بن أبي شعبة، فقال فيه: عن محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن سعيد عن أبيه

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو زرعة: وحدثنا أبو الأصبغ

عبد العزيز بن يحيى الحراني عن محمد بن سلمة عن ابن

__________

(1) الأصل: " بنيتهما ". والتصحيح من " صحيح مسلم ". اهـ.

 

(3/647)

 

 

إسحاق عن عطاء مولى أم صبية

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا أصح ".

قلت: ويؤيده رواية يعلى بن عبيد عن ابن إسحاق به. والله أعلم.

وإنما أوردت الحديث هنا، من أجل شطره الثاني، وأما شطره الأول فصحيح،

أخرجه مسلم (4/60) وغيره من طريق أخرى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه

وسلم قال:

" والذي نفسي بيده، ليهلن ابن مريم.. " الحديث دون قوله: " وليأتين قبري..

1451 - " ليس صدقة أعظم أجرا من الماء ".

ضعيف جدا

أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (2/1/152 - طبع دمشق) من طريق البيهقي

بسنده عن داود بن عطاء عن يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفلي عن أبيه عن

يزيد بن خصيفة عن يزيد بن رومان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن النبي

صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

ومن طريق البيهقي أورده السيوطي في " الجامع الصغير "، فقال المناوي:

" رمز لحسنه (!) وفيه داود بن عطاء أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "

وقال:

" قال البخاري: متروك ".

ويزيد بن عبد الملك النوفلي ضعفوه.

وسعيد بن أبي سعيد قال ابن عدي: " مجهول ". انتهى كلام المناوي.

قلت: سعيد هذا هو المقبري ما في ذلك ريب، وهو معروف بالإكثار من الرواية عن

أبي هريرة، وهو ثقة، لا دخل له في هذا الحديث، وإنما العلة من اللذين

ذكرهما قبله.

وقال في " التيسير ":

" وإسناده ضعيف، وقول المؤلف: " حسن " ممنوع ".

 

(3/648)

 

 

1452 - " خمس ليال لا ترد فيهن الدعوة: اول ليلة من رجل، وليلة النصف من شعبان،

وليلة الجمعة، وليلة الفطر، وليلة النحر ".

موضوع

أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (10/275 - 276) من طريق أبي سعيد بندار بن

عمر بن محمد الروياني بسنده عن إبراهيم بن أبي يحيى عن أبي قعنب عن أبي أمامة

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أورده في ترجمة بندار هذا، وروى عن عبد العزيز النخشبي أنه قال:

" لا تسمع منه، فإنه كذاب ".

قلت: وإبراهيم بن أبي يحيى كذاب أيضا كما قال يحيى وغيره. وهو من شيوخ

الشافعي الذين خفي عليه حالهم.

وأبو قعنب، لم أعرفه.

والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من هذا الوجه فأساء! ويبدو أن المناوي

لم يقف على إسناده، فلم يتكلم عليه بشيء، ولكنه قال:

" ورواه عن أبي أمامة أيضا الديلمي في " الفردوس "، فما أوهمه صنيع المصنف من

كونه لم يخرجه أحد ممن وضع لهم الرموز غير سديد، ورواه البيهقي من حديث ابن

عمر، وكذا ابن ناصر والعسكري. قال ابن حجر: وطرقه كلها معلولة ".

قلت: ومن هذه الطرق ما أخرجه أبو بكر بن لال في " أحاديث أبي عمران الفراء "

(ق 64/2) وابن عساكر أيضا (3/217/2) من طريق إبراهيم بن محمد بن برة

الصنعاني: حدثنا عبد القدوس بن الحجاج بن مرداس: حدثنا إبراهيم بن أبي يحيى

عن ابن معتب عن أبي أمامة به.

كذا وقع عند ابن لال: " ابن معتب "، وعن ابن عساكر: " أبو قعيب " وعنده في

الطريق الأولى: " أبي قعنب "، وكل ذلك مما لم يوجد، ولعل الصواب أبو معتب

وهو ابن عمرو الأسلمي، ذكره أبو حاتم في " الصحابة " ولا يثبت كما قال ابن

منده.

وعبد القدوس بن الحجاج الظاهر أنه أبو المغيرة الخولاني وهو ثقة، لكني لم أر

من سمى جده مرداسا.

 

(3/649)

 

 

وأما الراوي عنه ابن برة، فلم أعرفه، ولم يترجمه الحافظ في " التبصير "

كعادته.

وبالجملة فمدار هذه الطريق على إبراهيم بن أبي يحيى الكذاب.

ثم رأيته في " مسند الفردوس " في نسخة مصورة مخرومة (ص 130) من طريق إبراهيم

ابن محمد بن مرة (كذا) الصنعاني: حدثنا عبد القدوس بن مرداس: حدثنا إبراهيم

ابن أبي يحيى به.

وفي " الجرح والتعديل " (3/1/56) :

" عبد القدوس بن إبراهيم بن عبيد الله بن مرداس العبدري من بني عبد الدار

الصنعاني روى عن إبراهيم بن عمر الصنعاني. روى عنه إسماعيل بن أبي أويس حديث

المائدة ".

فلعله هو هذا، لكن وقع منسوبا لجده، وقوله في الطريق المتقدمة: " ابن

الحجاج " من زيادات بعض النساخ.

ثم إن في " الديلمي ": " أبي قعنب " كما في الطريق الأولى. والله أعلم.

1453 - " سادة السودان أربعة: لقمان الحبشي، والنجاشي، وبلال، ومهجع ".

ضعيف

أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (10/1/330) من طريق أحمد بن شبويه: نا

سليمان بن صالح: حدثني عبد الله يعني ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد بن

جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإنه مع إرساله؛ فيه أحمد بن شبويه مجهول كما قال

الحافظ في " اللسان "، وساق له حديثا من روايته عن محمد بن سلمة بإسناده إلى

ابن عباس وقال:

" والحديث باطل مركب على هذا الإسناد، والآفة منه أومن شيخه، فإنه ضعيف ".

والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من طريق ابن عساكر، ويبدو أن المناوي

لم يتنبه لهذه الجهالة، فقال مستدركا عليه:

 

(3/650)

 

 

" ابن عساكر في " تاريخه " في ترجمة بلال من طريق ابن المبارك مصرحا فلوعزاه

المصنف إليه لكان أولى "!

قلت: كيف يصح عزوه إليه، والسند غير صحيح إليه، وهو لم يخرجه - فيما علمت

- في شيء من مصنفاته الثابتة النسبة إليه، مثل " الزهد " مثلا؟ !

وقد روي من وجه آخر معضلا بلفظ:

" خير السودان أربعة: لقمان، والنجاشي، وبلال، ومهجع ".

1454 - " خير السودان أربعة: لقمان، والنجاشي، وبلال، ومهجع ".

ضعيف

أخرجه ابن عساكر (10/330/331) من طريق أبي صالح عن معاوية عن الأوزاعي

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: وهذا إسناد معضل كما قال السيوطي في " الجامع " لأن الأوزاعي واسمه

عبد الرحمن بن عمرو من أتباع التابعين.

قلت: والسند إليه فيه ضعف لأن؛ أبا صالح وهو عبد الله أبي صالح كاتب الليث

متكلم فيه من قبل حفظه. قال الحافظ:

" صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة ".

وقد روي الحديث عن الأوزاعي موصولا بلفظ آخر وهو:

 

(3/651)

 

 

1455 - " خير السودان ثلاثة: لقمان، وبلال، ومهجع مولى رسول الله صلى الله عليه

وسلم ".

منكر

أخرجه الحاكم (3/284) : أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني: حدثنا

جدي: حدثنا الحكم عن الهقل بن زياد عن الأوزاعي: حدثني أبو عمار عن واثلة

ابن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره،

وقال:

" صحيح الإسناد ".

وتعقبه الذهبي بقوله:

 

(3/651)

 

 

" كذا قال: " مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولا أعرف ذا ".

قلت: يشير إلى نكارة هذا القول، ولكنه لم يتكلم على الإسناد بشيء فأوهم

سلامته من قادح، وليس كذلك، فإن إسماعيل الشعراني هذا قد أورده الذهبي نفسه

في " الميزان " وقال:

" من شيوخ الحاكم، قال الحاكم: ارتبت في لقيه بعض الشيوخ. ثم قال: حدثنا

إسماعيل: حدثنا جدي.. ".

قلت: فذكر له بإسناد آخر عن أنس حديث " طلب العلم فريضة على كل مسلم " وقال:

" غريب فرد ".

فكأن الحاكم يشير بهذا إلى شكه في سماع إسماعيل من جده الفضل.

والفضل نفسه فيه كلام أيضا، فقد قال ابن أبي حاتم (3/2/69) :

" كتبت عنه بالري، وتكلموا فيه ".

ومن أجل هذا ذكره الذهبي أيضا في " الميزان " لكنه أتبع ذلك بقوله:

" وقال الحاكم: كان أديبا فقيها عابدا، عارفا بالرجال، كان يرسل شعره. قلت

: عرف بالشعراني، وهو ثقة، لم يطعن فيه بحجة، وقد سئل عنه الحسين القتباني

؟ فرماه بالكذب. قال: وسمعت أبا عبد الله بن الأخرم يسأل عنه، فقال: صدوق

إلا أنه كان غاليا في التشيع قلت: مات سنة اثنتين وثمانين ومائتين ".

قلت: وبالجملة فعلة هذا الإسناد، إنما هي إسماعيل الشعراني، فإنه مع تكلم

الحاكم في سماعه لا أعلم أحدا وثقه. مع النكارة التي في متنه، كما تقدم عن

الذهبي، وتبعه على ذلك الحافظ فإنه أورد مهجعا هذا في القسم الأول من "

الإصابة " وقال:

" هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكره الحاكم في " صحيحه " من طريق

الهقل بن زياد.. (فذكر الحديث وقال:) قلت: وأخشى أن يكون الذي بعده ".

قلت: والذي بعده:

" مهجع العكي مولى عمر بن الخطاب. قال ابن هشام: أصله من (عك) ، فأصابه

سباء، فمن عليه عمر فأعتقه، وكان من السابقين إلى الإسلام، وشهد بدرا

 

(3/652)

 

 

واستشهد بها، وقال موسى بن عقبة: كان أول من قتل ذلك اليوم ".

فقد أخطأ الشعراني فجعل مهجعا هذا حبشيا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم،

وهو عكي عربي مولى عمر. والله أعلم.

1456 - " إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم ".

ضعيف جدا

أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (63) وكذا الطبراني في " الكبير " وابن

عدي (ق 155/2) من طريق سليمان أبي إدام قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول

: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد واه جدا، سليمان هذا وهو ابن زيد المحاربي قال ابن معين:

" ليس بثقة، كذاب، ليس يسوى حديثه فلسا ".

وقال النسائي:

" متروك الحديث ".

وقال أبو حاتم:

" ليس بقوي ".

وقال الهيثمي في " المجمع " (8/151) :

" رواه الطبراني، وفيه أبو إدام المحاربي وهو كذاب ".

 

(3/653)

 

 

1457 - " من سأل في المساجد فاحرموه ".

لا أصل له

كما قال السيوطي في " الحاوي للفتاوي " (1/120) ، وهو من الأحاديث التي وقعت

في كتاب " المدخل " لابن الحاج (1/310) ، وكم فيه من الأحاديث الضعيفة

والموضوعة، وما لا أصل له، وهو في هذا شبيه بكتاب " الإحياء " للغزالي،

كما لا يخفى على من درس الكتابين من أهل العلم.

ثم قال السيوطي:

" وإنما قلنا بالكراهة أخذا من حديث النهي عن نشد الضالة في المسجد، ويلحق

به ما في معناه، من البيع والشراء ونحوها، وكراهة رفع الصوت في

 

(3/653)

 

 

المسجد بالعلم وغيره ".

وقد استدل السيوطي على جواز السؤال والتصدق عليه في المسجد بالحديث الآتي

وقواه، ولما كان ضعيف الإسناد كان لا بد من أن أورده لأكشف عن علته فقلت:

" هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: دخلت المسجد

فإذا أنا بسائل، فوجدت كسرة خبز في يد عبد الرحمن، فأخذتها منه، فدفعتها

إليه ".

1458 - " هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: دخلت المسجد

فإذا أنا بسائل، فوجدت كسرة خبز في يد عبد الرحمن، فأخذتها منه، فدفعتها

إليه ".

منكر

أخرجه أبو داود (1/265) والحاكم (1/412) وعنه البيهقي (4/199) من طريق

مبارك بن فضالة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الرحمن بن

أبي بكر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الحاكم:

" صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!

قلت: وهذا من عجائبهما، ولا سيما الذهبي؛ فإنه أورد المبارك هذا في "

الضعفاء والمتروكين " وقال:

" ضعفه أحمد والنسائي، وكان يدلس ".

فأنت تراه قد عنعنه، ثم هو مع ذلك ليس من رجال مسلم! ! ومن هذا تعلم أن قول

النووي في " شرح المهذب ":

" رواه أبو داود بإسناد جيد " ليس بجيد وإن أقره السيوطي في " الحاوي للفتاوي

" (1/118) ! !

ومما يؤكد ضعف الحديث بهذا السياق أنه قد صح من حديث أبي هريرة مرفوعا نحوه.

وليس فيه أن تصدق أبي بكر رضي الله عنه كان في المسجد، أخرجه مسلم وغير،

وهو مخرج في الكتاب الآخر " الصحيحة " (رقم 88) .

وإذا عرفت ذلك فلا يستقيم استدلال السيوطي بالحديث على أن الصدقة على السائل

في المسجد ليست مكروهة، وأن السؤال فيه ليس بمحرم، والله أعلم.

 

(3/654)

 

 

1459 - " ليس لقاتل وصية ".

موضوع

رواه الطبراني في " الأوسط " (1/152/2 - مجمع البحرين) والدارقطني في " سننه

" (4/236/115) والبيهقي (6/281) عن بقية عن مبشر بن عبيد عن حجاج بن أرطاة

عن عاصم عن زر عن علي، وقال الطبراني:

" لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد، تفرد به بقية ".

قلت: وهو مدلس، ومثله حجاج بن أرطاة، لكن الآفة من الذي بينهما، وبه

أعله الدارقطني فقال:

" مبشر بن عبيد متروك الحديث يضع الحديث ".

وقال البيهقي:

" تفرد به مبشر بن عبيد الحمصي وهو منسوب إلى وضع الحديث، وإنما ذكرت هذا

الحديث لتعرف روايته ".

قلت: وقال الإمام أحمد:

" روى عنه بقية وأبو المغيرة أحاديث موضوعة كذب ".

وقال مرة:

" يضع الحديث ".

وقال البخاري:

" منكر الحديث ".

وقال ابن حبان في " الضعفاء والمتروكين " (3/30) :

" روى عن الثقات الموضوعات، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب ".

ومما ذكرنا عن هؤلاء الأئمة يظهر تقصير الهيثمي أوتساهله في قوله في " المجمع

" (4/214) :

" رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه بقية، وهو مدلس "!

وأسوأ منه عملا السيوطي؛ فإنه أورد الحديث في " الجامع الصغير " الذي نص في

مقدمته أنه صانه عما تفرد به وضاع أوكذاب! وقد تعقبه المناوي في " فيض القدير " بقوله:

 

(3/655)

 

 

" قال (يعني الذهبي) في " المهذب ":

(فيه مبشر بن عبيد؛ منسوب إلى الوضع، وقال أحمد: أحاديثه منكرة، وقال

البخاري: منكر الحديث) ".

فمن العجيب حقا أن يتساهل المناوي أيضا وبعد أن نقل هذا، فيقول في " التيسير ": " ضعيف؛ لضعف مبشر (الأصل: بشر) بن عبيد "!

1460 - " الله الله فيمن ليس له [ناصر] إلا الله ".

ضعيف

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 137/1) : حدثنا أحمد بن عمر بن المهلب أبو

الطيب المصري: حدثنا عيسى بن إبراهيم بن مثرود: حدثنا رشدين بن سعد عن

إبراهيم بن نشيط عن ابن حجيرة الأكبر عن أبي هريرة. قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال:

" وهذا الحديث كتبته عن جماعة عن عيسى بن مثرود، ولم يقل في هذا الإسناد أحد

: " عن أبي هريرة " إلا ابن المهلب هذا، وغيره يرسله ".

قلت: وابن المهلب هذا لم أجد له ترجمة، والإسناد ضعيف مسندا ومرسلا،

وعيسى بن إبراهيم بن مثرود ذكره ابن أبي حاتم (3/1/272) برواية ابن خزيمة

عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

وشيخه رشدين بن سعد معروف بالضعف لسوء حفظه، وفي " التقريب ":

" ضعيف، رجح أبو حاتم عليه ابن لهيعة. وقال ابن يونس: كان صالحا في دينه،

فأدركته غفلة الصالحين، فخلط في الحديث ".

والحديث قال المناوي في " الفيض ":

" رمز المصنف لضعفه، وهو مما بيض له الديلمي ".

قلت: ولم يتكلم المناوي على إسناده بشيء، فكأنه لم يقف عليه.

 

(3/656)

 

 

1461 - " كان يقبل بوجهه وحديثه على شر القوم يتألفه بذلك ".

ضعيف

أخرجه الترمذي في " الشمائل " (2/189) من طريق محمد بن إسحاق عن زياد بن أبي

زياد عن محمد بن كعب القرظي عن عمرو بن العاص قال: فذكره وزاد:

" فكان يقبل بوجهه وحديثه علي، حتى ظننت أني خير القوم! فقلت: يا رسول الله

! أنا خير أوأبو بكر؟ فقال: أبو بكر، فقلت: يا رسول الله! أنا خير أم عمر

؟ فقال: عمر. فقلت: يا رسول الله! أنا خير أم عثمان؟ فقال: عثمان. فلما

سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصدقني ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل عنعنة ابن إسحاق فإنه مدلس معروف بذلك. ولهذا

فقول الهيثمي في " المجمع " (9/15) بعد أن ساق الحديث بتمامه:

" رواه الطبراني، وإسناده حسن ".

ففيه نظر بين إلا أن يكون ابن إسحاق قد صرح بالتحديث عند الطبراني. والله أعلم.

وزياد هذا هو المخزومي المدني وهو ثقة.

 

(3/657)

 

 

1462 - " فرخ الزنا لا يدخل الجنة ".

ضعيف

رواه ابن عدي (189/1) : حدثنا حمزة بن داود الثقفي: حدثنا محمد بن زنبور:

حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا وقال:

" يعرف بسهيل ".

قلت: إنما يعرف عنه بلفظ: " ولد الزنا شر الثلاثة ".

هكذا أخرجه الطحاوي وأبو داود وغيرهما من طرق عدة عن سهيل به. وفي لفظ

للطحاوي: " فرخ الزنا شر الثلاثة "، لكن في إسناده حسان بن غالب وهو متروك.

فالمحفوظ اللفظ الذي قبله، ولذلك خرجته في " الصحيحة " (671) .

وأما هذا فعلته محمد بن زنبور، فإن فيه ضعفا، فلا يقبل منه ما خالف فيه

الثقات،

 

(3/657)

 

 

وحمزة بن داود الثقفي لم أجد له ترجمة.

1463 - " ثلاثة لا يدخلون الجنة، مدمن خمر، وقاطع رحم، ومصدق بالسحر، ومن مات

مدمنا للخمر سقاه الله عز وجل من نهر الغوطة، قيل: وما نهر الغوطة؟ قال:

نهر يجري من فروج المومسات، يؤذي أهل النار ريح فروجهم ".

ضعيف

أخرجه ابن حبان (1380 و1381) والحاكم (4/146) وأحمد (4/399) وأبو

نعيم في " أحاديث مشايخ أبي القاسم الأصم " (ق 31/1) عن الفضيل بن ميسرة عن

أبي حريز أن أبا بردة حدثه عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

فذكره. وقال الحاكم:

" صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي، وفيه نظر، فإن أبا حريز هذا، واسمه

عبد الله بن الحسين، قال الذهبي نفسه في " الميزان ":

" فيه شيء ". ولذلك أورده في " الضعفاء " وقال:

" قال أبو داود: ليس حديثه بشيء، وقال جماعة: ضعيف، ووثقه أبو زرعة ".

وفي " التقريب ":

" صدوق يخطىء ".

 

(3/658)

 

 

1464 - " لا يدخل الجنة صاحب خمس: مدمن خمر، ولا مؤمن بسحر، ولا قاطع رحم، ولا

كاهن، ولا منان ".

ضعيف

أخرجه أحمد (3/14 و83) والخطيب في " الموضح " (2/59) بالأولى منها فقط

والسهمي في " تاريخ جرجان " (255) من طريق عطية بن سعد عن أبي سعيد الخدري

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: ورجاله ثقات رجال البخاري غير عطية وهو العوفي وهو ضعيف.

لكن الحديث قد جاء مفرقا في عدة أحاديث، إلا المتعلق منه " بالكاهن " فإني لم

أجد ما يقويه، ولذلك خرجته هنا.

 

(3/658)

 

 

وأما قوله: " ولا مؤمن بسحر "، فهو في الحديث الذي قبله. وأما سائره فهو

مخرج في عدة أحاديث خرجت بعضها في الكتاب الآخر (672 - 675) .

1465 - " من أهان سلطان الله [في الأرض] أهانه الله ".

ضعيف

أخرجه الطيالسي في " مسنده " (رقم 887) : حدثنا حميد بن مهران عن سعد بن أوس

عن زياد بن كسيب قال:

" خرج ابن عامر فصعد المنبر، وعليه ثياب رقاق، فقال بلال: انظروا إلى

أميركم يلبس لباس الفساق! فقال أبو بكرة من تحت المنبر: سمعت رسول الله

صلى الله عليه وسلم يقول: ... " فذكره.

وأخرجه الترمذي (2/35) عن الطيالسي، وأحمد (5/42 و49) وابن حبان في "

الثقات " (4/259) والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 35/2) وابن عساكر في "

تاريخ دمشق " (9/231/2) من طرق أخرى عن حميد به وزاد أحمد والقضاعي:

" ومن أكرم سلطان الله أكرمه الله ".

وقال الترمذي:

" حديث حسن غريب ".

كذا قال! وزياد بن كسيب هذا مجهول الحال لم يروعنه غير سعد بن أوس هنا

ومستلم بن سعيد، ولم يوثقه غير ابن حبان، وفي ترجمته ساق الحديث، ولذلك

قال الحافظ في " التقريب ":

" مقبول ".

يعني عند المتابعة، وإلا فلين الحديث عند التفرد، ولما لم أجد له متابعا أو

شاهدا، أوردته في هذه " السلسلة ".

وسعد بن أوس هو العدوي أوالعبدي كما في بعض طرق الحديث، قال الحافظ:

" صدوق له أغاليط ".

قلت: وهو غير العبسي، هذا ثقة أخطأ الأزدي في تضعيفه كما قال الحافظ.

 

(3/659)

 

 

وقد روي الحديث بزيادة جملة في أوله بلفظ:

" السلطان ظل الله في الأرض ".

وقد أخرجته فيما يأتي برقم (1661) .

ثم وجدت لحديث الترجمة شاهدا من حديث أبي بكرة، فنقلته إلى الصحيحة برقم (2297) .

1466 - " إن الله عز وجل يقول: أنا الله لا إله إلا أنا، مالك الملوك، وملك الملوك

، قلوب الملوك في يدي، وإن العباد إذا أطاعوني حولت قلوبهم عليهم بالسخط

والنقمة، فساموهم سوء العذاب، فلا تشغلوا أنفسكم بالدعاء على الملوك، ولكن

اشغلوا أنفسكم بالذكر والتضرع [إلي] أكفكم ملوككم ".

ضعيف جدا

أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (3/76) والطبراني في " الأوسط " (9195 -

بترقيمي) وعنه أبو نعيم في " الحلية " (2/388) عن علي بن معبد الرقي:

حدثنا وهب بن راشد: نا مالك بن دينار عن خلاس بن عمرو عن أبي الدرداء قال

: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقالا:

" لم يروه عن مالك إلا وهب ".

قلت: وهو ضعيف جدا، قال ابن حبان:

" شيخ يروي عن مالك بن دينار العجائب، لا تحل الرواية عنه ".

وقال الدارقطني:

" متروك ".

وقال أبو حاتم:

" منكر الحديث، حدث ببواطيل ".

قلت: والمقدام ضعيف أيضا، أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" صويلح، قال ابن أبي حاتم: تكلموا فيه، قال ابن القطان: قال الدارقطني:

 

(3/660)

 

 

ضعيف ".

والحديث قال الهيثمي (5/249) :

" رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه وهب (الأصل: إبراهيم) بن راشد وهو

متروك ".

1467 - " ألا أخبركم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال الذي ينزل وحده،

ويمنع رفده، ويجلد عبده ".

ضعيف

أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (448) والحاكم (4/269 - 270) من طريق محمد

بن معاوية: حدثنا مصادف بن زياد المديني - قال: وأثنى عليه خيرا - قال:

سمعت محمد بن كعب القرظي.. قال: قال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله

عليه وسلم: فذكره. وسكت عليه وتعقبه الذهبي بقوله:

" قلت: محمد بن معاوية كذبه الدارقطني، فبطل الحديث ".

قلت: ومصادف بن زياد مجهول كما في " الميزان ".

وقد وجدت له متابعين ثلاثة:

الأول: أبو المقدام هشام بن زياد، ولكنه متروك كما قال الذهبي.

أخرجه الحاكم شاهدا للذي قبله، ولا يصلح لذلك لشدة ضعفه.

والثاني: القاسم بن عروة، ولم أعرفه، وفي الطريق إليه أحمد بن عبد الجبار

العطاردي وهو ضعيف.

أخرجه أبو عثمان الصابوني في " عقيدة السلف " (ج1/120 - 121 من المجموعة

المنيرية) .

الثالث: عيسى بن ميمون المدني، وهو ضعيف جدا، قال البخاري:

" منكر الحديث ".

وقال ابن حبان:

" يروي أحاديث كلها موضوعات ".

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3/97/2) .

 

(3/661)

 

 

1468 - " عليكم بالحزن فإنه مفتاح القلب، قالوا: وكيف الحزن؟ قال: أجيعوا أنفسكم

بالجوع وأظمئوها ".

ضعيف

رواه الطبراني (3/132/1) : حدثنا جبرون بن عيسى المقرىء: نا يحيى بن سليمان

الحفري: نا فضيل بن عياض عن منصور عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا.

قلت: وهذا سند ضعيف، يحيى بن سليمان الحفري هو القرشي، قال أبو نعيم في "

الحلية ":

" فيه مقال "، كما سبق ذكره في الحديث رقم (316) .

والراوي عنه جبرون لم أعرفه، كما بينت هناك. فقول الهيثمي في " المجمع " (

10/310) :

" إسناده حسن " غير حسن، وإن أقره المناوي في " الفيض "، وقلده في "

التيسير "! !

والحفري هذا مولع برواية أحاديث الجوع! فقد ساق له الطبراني ثلاثة منها هذا

أحدها والآخران تقدما برقم (315، 316) ، فلعله كان من المتصوفة الذين

يحرمون على أنفسهم طيبات ما أحل الله لهم!

 

(3/662)

 

 

1469 - " عليكم بالحناء فإنه ينور وجوهكم، ويطهر قلوبكم، ويزيد في الجماع ".

موضوع

رواه ابن عدي (ق 321/2) ومن طريقه ابن الجوزي في " الواهية " (2/201) :

حدثنا أحمد بن عامر: حدثني عمر بن حفص الدمشقي: حدثني أبو الخطاب معروف

الخياط: حدثنا واثلة بن الأسقع مرفوعا.

ورواه ابن عساكر (12/353/1) من طريق أخرى عن ابن عامر به وقال ابن عدي:

" معروف الخياط عامة أحاديثه لا يتابع عليه ".

وقال الذهبي في ترجمته:

 

(3/662)

 

 

" هذا موضوع بيقين، والبلية من عمر بن حفص، لأن معروفا قل ما روى ".

وقال في ترجمة عمر بن حفص الدمشقي:

" أعتقد أنه وضع على معروف الخياط أحاديث، كما سيأتي في ترجمة معروف، وقد

زعم أنه بلغ مائة وستين سنة ".

وأقره الحافظ في الترجمتين، ولكنه وهم في ترجمة معروف فذكر فيها أنه بلغ

مائة.. إلخ ما ذكره الذهبي في ترجمة عمر، وبناء على وهمه هذا قال في ترجمة

معروف من " التقريب ":

" وكان معمرا عاش مائة و ... " إلخ.

وقال ابن الجوزي عقب الحديث:

" لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن عدي: لمعروف بن عبد الله

أحاديث منكرة جدا، عامة ما يروي لا يتابع عليه، وهذا حديث منكر ".

قال ابن الجوزي:

" قلت: وفي الإسناد عمر بن حفص، وقد قال أحمد: حرقنا حديثه، وقال يحيى:

ليس بشيء، وقال النسائي: متروك الحديث ".

ونقل المناوي في " الفيض " الشطر الأول من كلامه، وأعرض عن الآخر فأخطأ،

لأن عمر هذا هو آفة هذا الحديث كما تقدم في كلام الذهبي، فتعصيب الآفة بمعروف

منكر لا يليق بالمعروف! وكذلك عدوله عن الحكم على الحديث بالوضع الذي تقدم عن

الحافظين إلى قوله في " التيسير ":

" حديث منكر "؛ مما لا مسوغ له، ولعله من آثار إعراضه المذكور. والله أعلم.

1470 - " إذا أردت سفرا فقل لمن تخلف: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ".

ضعيف

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (136/2) من طريق محمد بن أبي السري: حدثنا

رشدين بن سعد عن الحسن بن ثوبان عن موسى بن وردان عن أبي هريرة قال: قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

 

(3/663)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رشدين بن سعد وابن أبي السري ضعيفان.

وقد خالفهما في متنه الليث بن سعد وسعيد بن أبي أيوب فقالا: عن الحسن بن

ثوبان أنه سمع موسى بن وردان يقول:

أتيت أبا هريرة أودعه لسفر أردته، فقال أبو هريرة رضي الله عنه: ألا أعلمك يا

ابن أخي شيئا علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أقول عند الوداع؟ قلت: بلى

، قال: قل: أستودعكم الله ... إلخ.

أخرجه النسائي في " عمل اليوم والليلة " 0 508) وابن السني أيضا (499)

وكذا أحمد (2/403) إلا إنه لم يذكر فيه سعيد بن أبي أيوب.

وهذا إسناد حسن. وانظر " الصحيحة " (16 و2547) والتعليق على " الكلم

الطيب " (ص 93) .

والحديث عزاه في " الفتح الكبير " تبعا لـ " الزيادة " للحكيم فقط!

1471 - " إن الله يبغض الشيخ الغربيب. قال رشدين: الذي يخضب بالسواد ".

ضعيف

أخرجه ابن عدي (137/2) عن رشدين بن سعد عن أبي صخر حميد بن زياد عن يزيد بن

قسط عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: ورشدين ضعيف كما تقدم آنفا.

ومن طريقه أخرجه الديلمي (1/2/243 - 244) لكنه قال: عن عبد الرحمن بن عمر

عن عثمان بن عبيد الله بن رافع (!) عن أبي هريرة.

 

(3/664)

 

 

1472 - " قصوا أظافركم، وادفنوا قلاماتكم، ونقوا براجمكم، ونظفوا لثاثكم من

الطعام، واستاكوا، ولا تدخلوا علي قحرا، بخرا ".

ضعيف

رواه الترمذي الحكيم من حديث عبد الله بن بسر رفعه. وفي سنده راومجهول؛ كما

في " فتح الباري " (10/278) .

وقال شيخه العراقي:

 

(3/664)

 

 

" فيه عمر بن بلال غير معروف كما قاله ابن عدي ".

وأقول: فيه أيضا عمر بن أبي عمر، قال الذهبي عن ابن عدي: مجهول. وإبراهيم

ابن العلاء لا يعرف.

كذا في " فيض القدير ".

(تنبيه) : قوله: (قحرا) كذا وقع في " الجامع الصغير " طبعة الحلبي، وكذا

وقع في متن " فيض القدير " وشرحه، وفي " التيسير " أيضا. وكذلك وقع في "

الجامع الكبير " للسيوطي، ولم أجد لهذه اللفظة معنى هنا، وقول المناوي في "

شرحيه ": " أي مصفرة أسنانكم من شدة الخلوف ".

فهو تفسير صحيح يقتضيه السياق، وليس هو معنى هذه اللفظة، فالصواب أنها محرفة

من (قلحا) فإنه بهذا المعنى، ففي " النهاية " لابن الأثير:

" (قلح) فيه: " مالي أراكم تدخلون علي قلحا؟ ! "، القلح: صفرة تعلو

الأسنان ووسخ يركبها ".

قلت: وهذه الجملة طرف حديث أخرجه أحمد (1/214 و3/442) عن النبي صلى الله

عليه وسلم مرفوعا، وفي إسناده جهالة واضطراب لا مجال الآن لبيانه.

1473 - " سألت ربي أبناء العشرين من أمتي؛ فوهبهم لي ".

ضعيف

أخرجه ابن أبي الدنيا قال: حدثنا القاسم بن هاشم السمسار: حدثنا مقاتل بن

سليمان الرملي عن أبي معشر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. كذا في " الحاوي " (2/411) .

قلت: وهذا إسناد واه، أبو معشر؛ واسمه نجيح ضعيف، ومقاتل بن سليمان

الرملي، أظنه البلخي الخراساني صاحب التفسير وهو كذاب، وعليه فقوله: "

الرملي " محرف من " البلخي "، فإن يكن هو فالحديث موضوع. والله أعلم.

وأما السمسار فصدوق، وله ترجمة في " تاريخ بغداد ".

والحديث مما بيض له المناوي في " فيض القدير "، وأما في " التيسير " فقال:

" رواه ابن أبي الدنيا، بإسناد ضعيف ".

 

(3/665)

 

 

من أحاديث الأبدال:

1474 - " ثلاث من كن فيه فهو من الأبدال؛ الذين هم قوام الدنيا وأهلها: الرضا

بالقضاء، والصبر عن محارم الله، والغضب في ذات الله ".

موضوع

قال أبو عبد الرحمن السلمي في " سنن الصوفية ": حدثنا أحمد بن علي بن الحسن:

حدثنا جعفر بن عبد الوهاب السرخسي: حدثنا عبيد بن آدم عن أبيه عن أبي حمزة عن

ميسرة بن عبد ربه عن المغيرة بن قيس عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن

معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس ". كذا نقله السيوطي في " الحاوي " (2/463)

، وهو أول حديث في " المسند " تحت " حرف الثاء المثلثة ".

قلت: وهذا موضوع آفته ميسرة بن عبد ربه، فإنه كذاب وضاع مشهور بذلك وتقدمت

له أحاديث أقربها برقم (1459) .

وشهر بن حوشب ضعيف.

وجعفر بن عبد الوهاب السرخسي لم أعرفه.

وأبو عبد الرحمن السلمي نفسه متهم، واسمه محمد بن الحسين بن محمد، أورده

الذهبي في " الضعفاء " وقال:

" متكلم فيه، قال الخطيب: قال لي محمد بن يوسف القطان: كان يضع الحديث

للصوفية ".

والحديث أعله المناوي بابني عبد ربه وحوشب فقط!

وسود السيوطي به " الجامع الصغير "! مع اطلاعه على إسناده!

 

(3/666)

 

 

1475 - " علامة أبدال أمتي أنهم لا يلعنون شيئا أبدا ".

موضوع

أخرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب الأولياء " (114/59) من طريق عبد الرحمن بن

محمد المحاربي عن بكر بن خنيس يرفعه: فذكره.

 

(3/666)

 

 

ونقله في " الحاوي " (2/466) .

قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف، بل هو معضل، فإن بكر بن خنيس قال الحافظ:

" صدوق له أغلاط، أفرط فيه ابن حبان، من السابعة ".

وقال الذهبي في " الضعفاء ":

" ... عن التابعي، قال الدارقطني: متروك ".

وقال في " الكاشف ":

" واه ".

وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، قال الحافظ:

" لا بأس به، وكان يدلس، قاله أحمد ".

وقال الذهبي في " الضعفاء ":

" ثقة، قال ابن معين: له عن المجهولين مناكير ".

قلت: وهذا المتن منكر دون شك أوريب، بل هو موضوع، فإن اللعن، قد صدر منه

صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة، وقد أخبر عن ذلك هو نفسه صلى الله عليه وسلم

في غير ما حديث، وقد خرجت طائفة منها في السلسلة الأخرى (83 و85 و1758) ،

فهل الأبدال أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ !

1476 - " الأبدال من الموالي، ولا يبغض الموالي إلا منافق ".

منكر

أخرجه أبو داود في " أسئلة أبي عبيد الآجري له " وعنه الحاكم في " الكنى "،

ومن طريقه الذهبي في " الميزان " بسنده عن الرجال بن سالم عن عطاء قال: قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

أورده الذهبي في ترجمة الرجال هذا وقال:

" لا يدرى من هو؟ والخبر منكر ". ثم ذكره.

وتعقبه الحافظ في " اللسان " فقال:

 

(3/667)

 

 

" والذي في " الإكمال " وتبعه المصنف في " المشتبه ": " أبو الرجال: سالم بن عطاء " فهو كنية له لا اسم، وسالم اسمه لا اسم أبيه، وعطاء أبو هـ لا شيخه ".

والحديث أورده السيوطي في " الحاوي " (2/466) وفي " الجامع الصغير " من رواية الحاكم دون الشطر الثاني منه!

1477 - " إن أبدال أمتي لم يدخلوا الجنة بالأعمال، إنما دخلوها برحمة الله، وسخاوة

النفس، وسلامة الصدور، ورحمة لجميع المسلمين ".

ضعيف جدا

أخرجه أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (11/1 - 2 رقم 11) والبيهقي

في " شعب الإيمان " من طريق ابن أبي شيبة: حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى:

أنا سلمة بن رجاء - كوفي - عن صالح المري عن الحسن عن أبي سعيد الخدري أو

غيره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... فذكره، وقال:

" رواه عثمان عن محمد بن عمران، فقال عن أبي سعيد، لم يقل: (أوغيره)

وقيل: عن صالح المري عن ثابت عن أنس ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف، صالح المري، وهو ابن بشير ضعيف كما قال الحافظ في "

التقريب "، وقال فيا يأتي:

" متروك الحديث ". وهو الأقرب إلى الصواب.

وقد اختلف عليه في إسناده كما ترى.

والحسن هو البصري وهو مدلس وقد عنعنه.

وقد روي مرسلا، أخرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب السخاء " والبيهقي في " شعب

الإيمان " والترمذي الحكيم في " نوادر الأصول " كما في " الحاوي " (2/464 و465) .

ورواه بعض الضعفاء عن الحسن عن أنس مرفوعا بلفظ:

" إن بدلاء أمتي لم يدخلوا الجنة بصوم ولا بصلاة، ولكن بسلامة الصدور،

ونصيحة المسلمين ".

 

(3/668)

 

 

رواه الديلمي (1/2/272) من طريق ابن لال معلقا عن محمد بن عبد العزيز

الدينوري: حدثنا عثمان بن الهيثم: حدثنا عوف عن الحسن عن أنس مرفوعا.

قلت: عثمان بن الهيثم ثقة، لكنه تغير فصار يتلقن.

ومحمد بن عبد العزيز الدينوري قال الذهبي:

" منكر الحديث ضعيف ".

وساق له الحافظ في " اللسان " من منكراته هذا الحديث. ثم قال عقبه:

" ورواه أيضا عن عثمان أيضا عن صالح بن بشير المري أبو بشر البصري عن ثابت عن

أنس. وإنما يعرف هذا من رواية صالح المري عن الحسن مرسلا. وصالح متروك

الحديث ".

1478 - " لا يزال أربعون رجلا من أمتي، قلوبهم على قلب إبراهيم عليه السلام،

يدفع الله بهم عن أهل الأرض، يقال لهم: (الأبدال) ، إنهم لن يدركوها بصلاة

ولا صوم ولا صدقة. قالوا: يا رسول الله فبم أدركوها؟ قال: بالسخاء

والنصيحة للمسلمين ".

ضعيف جدا

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (10390) وعنه أبو نعيم في " الحلية " (

4/173) : أنا أحمد بن داود المكي: حدثنا ثابت بن عياش الأحدب: حدثنا أبو

رجاء الكلبي: حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن ابن مسعود قال: قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال أبو نعيم:

" غريب من حديث الأعمش عن زيد، ما كتبناه إلا من حديث أبي رجاء ".

قلت: اسمه روح بن المسيب قال ابن عدي:

" أحاديثه غير محفوظة ".

وقال ابن حبان (1/299) :

" يروي عن الثقات الموضوعات، ويرفع الموقوفات، لا تحل الرواية عنه ".

وأشار ابن معين إلى تضعيفه بقوله:

 

(3/669)

 

 

" صويلح ". وثابت بن عياش الأحدب لم أعرفه. وكذا الراوي عنه.

ولن يعرف الهيثمي أبا رجاء أيضا فقال (10/63) :

" رواه الطبراني عن ثابت بن عياش الأحدب عن أبي رجاء الكلبي، وكلاهما لم

أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح "!

كذا قال! وهو يعني من فوق أبي رجاء، دون شيخ الطبراني، وهذه عادة له، فكن

منها على ذكر.

1479 - " إن لله عز وجل في الخلق ثلاثمائة قلوبهم على قلب آدم عليه السلام، ولله

تعالى في الخلق أربعون قلوبهم على قلب موسى عليه السلام، ولله تعالى في الخلق

سبعة قلوبهم على قلب إبراهيم عليه السلام، ولله تعالى في الخلق خمسة قلوبهم

على قلب جبريل عليه السلام، ولله تعالى في الخلق ثلاثة قلوبهم على قلب

ميكائيل عليه السلام، ولله تعالى في الخلق واحد قلبه على قلب إسرافيل عليه

السلام، فإذا مات الواحد أبدل الله مكانه من الثلاثة، وإذا مات الثلاثة أبدل

الله مكانه من الخمسة، وإذا مات الخمسة أبدل الله تعالى مكانه من السبعة،

وإذا مات السبعة أبدل الله مكانه من الأربعين، وإذا مات الأربعين أبدل الله

مكانه من الثلاثمائة، وإذا مات الثلاثمائة أبدل الله مكانه من العامة، فبهم

يحيي ويميت ويمطر وينبت، ويدفع البلاء ".

موضوع

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1/8 - 9) والذهبي في " الميزان " من طريق

عبد الرحيم بن يحيى الأرمني: حدثنا عثمان بن عمارة: حدثنا المعافى بن عمران

عن سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال: قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وزاد أبو نعيم:

 

(3/670)

 

 

" قيل لعبد الله بن مسعود: كيف بهم يحيي ويميت؟ قال: لأنهم يسألون الله عز

وجل إكثار الأمم فيكثرون، ويدعون على الجبابرة فيقصمون، ويستقون فيسقون،

ويسألون فتنبت لهم الأرض، ويدعون فيدفع بهم أنواع البلاء ".

أورده الذهبي في ترجمة عثمان بن عمارة وقال:

" وهو كذب، فقاتل الله من وضع هذا الإفك ".

وأقره الحافظ في " اللسان ". لكنه استدرك عليه فقال:

" وسبق في ترجمة عبد الرحيم قوله: أتهمه به أوعثمان ".

يعني أن التهمة في وضع هذا الحديث تتردد بين عبد الرحيم الأرمني وعثمان هذا،

فإنهما مجهولان لا يعرفان إلا في هذا الحديث الباطل.

(تنبيه) : (الأرمني) هكذا وقع في " الحلية " وفي " الحاوي " (2/464)

نقلا عنه. ووقع في " الميزان ": " الأدمي ". فالله أعلم.

(فائدة) نقلت أكثر أسانيد الأحاديث المتقدمة من رسالة السيوطي " الخبر الدال

على وجود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال ". وقد حشاها بالأحاديث

الضعيفة، والآثار الواهية، وبعضها أشد ضعفا من بعض كما يدلك هذا التخريج،

ومن عجيب أمره أنه لم يذكر فيها ولا حديثا واحدا في القطب المزعوم، ويسميه

تبعا للصوفية بالغوث أيضا، وكذلك لم يذكر في الأوتاد والنجباء أي حديث مرفوع

، وإنما هي كلها أسماء مخترعة عند الصوفية، لا تعرف عند السلف، اللهم إلا

اسم البدل فهو مشهور عندهم كما تقدم. والله أعلم.

ثم نقل السيوطي عن اليافعي أنه قال:

" وقال بعض العارفين: والقطب هو الواحد المذكور في حديث عبد الله بن مسعود

أنه على قلب إسرافيل "!

فنقول: أثبت العرش ثم انقش، فالحديث كذب كما يمعت عن الذهبي والعسقلاني،

فالعجب من السيوطي - لا اليافعي - أن يخفى ذلك عليه.

 

(3/671)

 

 

1480 - " تعرض الأعمال يوم الاثنين ويوم الخميس على الله، وتعرض على الأنبياء،

وعلى الآباء والأمهات يوم الجمعة، فيفرحون بحسناتهم وتزداد وجوههم بياضا

وإشراقا، فاتقوا الله، ولا تؤذوا أمواتكم ".

موضوع

أخرجه الترمذي الحكيم في " نوادر الأصول " من حديث عبد الغفور بن عبد العزيز

عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

كذا في " الحاوي للفتاوي " (2/360) .

قلت: وهذا إسناد موضوع، المتهم به عبد الغفور هذا، واسم جده سعيد الأنصاري

كما في بعض الأسانيد التي في ترجمته من " الميزان "، وحكى عن البخاري أنه قال

: " تركوه ".

وهذا عنده معناه أنه متهم وفي أشد درجات الضعف، كما هو معروف عنه، وأفصح

عن ذلك ابن حبان فقال (2/148) :

" كان ممن يضع الحديث على الثقات ".

وقال ابن معين:

" ليس حديثه بشيء ".

وقال أبو حاتم:

" ضعيف الحديث ".

ومنه تعلم أن السيوطي قد أساء بإيراده لهذا الحديث في " الجامع الصغير "

وباستشهاده به على ما جزم به في " الحاوي " أن الأموات على علم بأحوال الأحياء

، وبما هم فيه! وقد ساق في هذه المسألة أحاديث أخرى، لا يحتج بشيء منها مثل

حديث " إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات.. " الحديث، وقد

مضى (867) .

والحديث بيض له المناوي، فلم يتكلم عليه بشيء فكأنه لم يقف على إسناده،

فالحمد لله الذي أطلعني عليه، ولوبواسطة السيوطي نفسه!

ثم إن الحديث وقع في " الجامع الصغير " من رواية الحكيم عن والد عبد العزيز غير

مسمى، وقد تقدم أن اسمه سعيد الأنصاري، وقد أورده في " الإصابة " باسم "

سعيد

 

(3/672)

 

 

الشامي "، وقال:

" جاءت عنه عدة أحاديث من رواية ولده عنه، تفرد بها عبد الغفور أبو الصباح بن

عبد العزيز عن أبيه عبد العزيز عن أبيه سعيد.. " ثم ذكر له أحاديث.

وقد ساق بعضها ابن عدي في ترجمة عبد الغفور هذا وقال في آخر ترجمته:

" الضعف على ترجمته ورواياته بين، وهو منكر الحديث ".

1481 - " لغزوة في سبيل الله أحب إلي من أربعين حجة ".

ضعيف

أخرجه القاضي عبد الجبار الخولاني في " تاريخ داريا " (ص 90 - 91) : حدثنا

محمد بن أحمد بن عمارة: حدثنا المسيب بن واضح: حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن

يزيد بن السمط عن النعمان بن المنذر عن مكحول قال:

" كثر المستأذنون إلى الحج في غزوة تبوك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

.. " فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، المسيب بن واضح. قال الدارقطني:

" ضعيف ". وبين سببه أبو حاتم فقال:

" صدوق يخطىء كثيرا ". ومثله قول الجوزجاني:

" كان كثير الخطأ والوهم ".

وسائر رجاله ثقات من رجال " التهذيب " غير محمد بن أحمد بن عمارة وقد ترجمه

ابن عساكر في " التاريخ " (14/334/2) ، وذكر أنه توفي سنة 323 عن 96 سنة.

وجاء وصفه في بعض الأسانيد عنده بأنه:

" الثقة الأمين كرم الله وجهه وأسكنه جنته ".

 

(3/673)

 

 

1482 - " إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن

تذمهم على ما لم يؤتك الله، إن رزق الله لا يجره إليك حرص حريص، ولا يرده

كره كاره، وإن الله تعالى بحكمته وجلاله جعل الروح والفرج في الرضا، وجعل

الهم والحزن في الشك والسخط ".

 

(3/673)

 

 

موضوع. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (10/41) وأبو عبد الرحمن السلمي في " طبقات

الصوفية " (ص 68 - 69) من طريق أحمد بن الحسن بن محمد بن سهل البصري المعروف

بابن الحمصي قال: حدثنا علي بن جعفر البغدادي، قال: قال أبو موسى الدؤلي

(وفي الطبقات: الديبلي) : حدثنا أبو يزيد البسطامي: حدثنا أبو عبد الرحمن

السدي عن عمرو بن قيس الملائي عن عطية عن أبي سعيد الخدري، قال: قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. وقال أبو نعيم:

" وهذا الحديث مما ركب على أبي يزيد، والحمل فيه عبى شيخنا ابن الحمصي فقد

عثر منه على غير حديث ركبه! ".

قلت: وفي " الميزان ":

" قيل: يتهم بوضع الحديث. قاله الضياء ".

ثم أخرجه أبو نعيم (5/106) من طريق علي بن محمد بن مروان وهو السدي: حدثنا

أبي: حدثنا عمرو بن قيس الملائي به. وقال:

" حديث غريب من حديث عمرو، تفرد به علي بن محمد بن مروان عن أبيه ".

قلت: ومحمد بن مروان السدي متهم بالكذب، معروف به.

وأما ابنه علي فلم أعرفه، وقد ذكره في " التهذيب " في جملة الرواة عن أبيه،

فهو آفته أوأبو هـ، وهو الأقرب. والله أعلم.

ثم رأيت الحديث في " شعب الإيمان " (1/152 - 153) أخرجه من طريق أخرى عن أبي

عبد الرحمن السدي، ومن طريق علي بن محمد بن مروان، حدثنا أبي به.

فتأكدنا من أن الآفة من أبي عبد الرحمن محمد السدي.

1483 - " آجرت نفسي من خديجة سفرتين بقلوص ".

ضعيف جدا

أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " (6/118) من طريق محمد بن فضيل: حدثنا

الربيع بن بدر، ومن طريق معلى بن أسد العمي: حدثنا حماد بن الربيع بن بدر عن

أبي الزبير عن جابر قال:

" استأجرت خديجة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرتين إلى (جرس) ، كل

 

(3/674)

 

 

سفرة بقلوص ".

هذا لفظ حديث المعلى، ولفظ ابن فضيل هو المذكور أعلاه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف لأن أبا الزبير مدلس وقد عنعنه. ولفظ الترجمة ضعيف

جدا، لأن الربيع بن بدر متروك، كما قال الحافظ في " التقريب "، ولا سيما قد

خالفه في المتن حماد وهو ابن مسعدة وهو ثقة - فقال: " سفرتين، كل سفرة

بقلوص ".

وقد أخرجه الحاكم أيضا (3/182) بهذا اللفظ عن حماد والربيع وقال:

" صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!

وكأنه لم يتنبه لعنعنة أبي الزبير، وكذلك صنع ابن القيم في أول " الزاد "

وابن كثير في " البداية " (2/295) ، فإنهما أعلاه بالربيع، وفاتهما أنه

متابع من قبل حماد بن مسعدة، ولا سيما وابن القيم أورده بلفظه وليس بلفظ

الربيع! ! وعكس ذلك المعلق على " زاد المعاد "، فأعله بأبي الزبير فقط

للمتابعة فأصاب، ولكنه لم يتنبه للفرق بين لفظيهما!

1484 - " آية الكرسي ربع القرآن ".

ضعيف

أخرجه أحمد (3/221) : حدثنا عبد الله بن الحارث قال: حدثني سلمة بن وردان أن

أنس بن مالك صاحب النبي صلى الله عليه وسلم حدثه:

" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل رجلا من صحابته فقال: أي فلان هل تزوجت

؟ قال: لا، وليس عندي ما أتزوج به، قال: أبي معك " قل هو الله أحد "؟

قال: بل، قال: ربع القرآن، قال: أليس معك " قل يا أيها الكافرون "؟ قال

: بلى، قال: ربع القرآن، قال: أليس معك " إذا زلزلت الأرض "؟ قال: بلى

، قال: ربع القرآن، قال: أليس معك " إذا جاء نصر الله "؟ قال: بلى، قال

: ربع القرآن، قال: أبي معك آية الكرسي: " الله لا إله إلا هو "؟ قال:

بلى، قال: ربع القرآن، قال: تزوج، تزوج، تزوج. ثلاث مرات ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف، سلمة بن وردان قال الحافظ في " التقريب ":

" ضعيف ".

ومن طريقه أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 170/2) أورده في جملة ما أنكر

 

(3/675)

 

 

على

سلمة من الأحاديث، وتبعه الذهبي، وقال:

" وقال الحاكم: " رواياته عن أنس أكثرها مناكير "، وصدق الحاكم ".

ومما يدل على نكارة الحديث أنه مخالف لحديث الصحيحين وغيرهما عن جماعة من

أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا: " " قل هو الله أحد " تعدل ثلث

القرآن ". وقد أخرجه الترمذي (2/147) من طريق أخرى عن سلمة بن وردان به دون

ذكر آية الكرسي وقال في روايته: " " قل هو الله أحد " ثلث القرآن " ثم قال

: " حديث حسن "!

وحديث الترجمة، أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية أبي الشيخ في "

كتاب الثواب " عن أنس وزاد عليه المناوي: " والطبراني "، وفاتهما " المسند

"! ثم أعله بسلمة فقال:

" أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقد حسنه المؤلف، ولعله

لاعتضاده ".

قلت: رحم الله من قال: اجعل لعل عند ذاك الكوكب! أوكما قال، فإن الحديث لم

نره إلا من هذه الطريق الواهية، والسيوطي معروف بالتساهل، على أن تحسينه

وكذلك تصحيحه وتضعيفه إنما هو بالرمز بحرف (صح) و (ح) و (ض) مما لا

يوثق به لغلبة تحريف النساخ كما قال المناوي نفسه (1/41) .

(تنبيه) : قوله: " " قل يا أيها الكافرون " ربع القرآن؛ ثابت عن

رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمجموع طرقه، وقد خرجت طائفة منها في الكتاب

الآخر (588) .

1485 - " آدم في السماء الدنيا، تعرض عليه أعمال ذريته، ويوسف في السماء الثانية،

وابنا الخالة يحيى وعيسى في السماء الثالثة، وإدريس في السماء الرابعة،

وهارون في السماء الخامسة، وموسى في السماء السادسة، وإبراهيم في السماء

السابعة ".

منكر

رواه ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري مرفوعا كما في " الجامع الصغير "،

وقال شارحه المناوي:

" وإسناده ضعيف، لكن المتن صحيح، فإنه قطعة من حديث الإسراء الذي

 

(3/676)

 

 

خرجه

الشيخان عن أنس، لكن فيه خلف في الترتيب ".

قلت: ليس عند الشيخين قوله: " تعرض عليه أعمال ذريته "، ولم أره في أحاديث

الباب، لا عندهما، ولا عند غيرهما؛ فهي زيادة منكرة، وأما المخالفة في

الترتيب؛ فهي كما قال المناوي، فإن الحديث قطعة من حديث الإسراء، وهو عند

البخاري (7/160 - 172 - فتح) ومسلم (1/103) والنسائي (1/76 - 77)

وغيرهم من حديث صعصعة بن مالك مرفوعا بطوله، وفيه أنه رأى في السماء الثانية

يحيى وعيسى، وفي الثالثة يوسف. وكذا وقع في حديث أنس عند مسلم (1/99 -

101) والنسائي (1/77 - 78) وغيرهما، خلافا لبعض الأحاديث الأخرى التي

أشار إليها الحافظ في " الفتح "، وقال في حديث صعصعة وأنس:

" وهو أثبت ".

1486 - " آمروا النساء في بناتهن ".

ضعيف

أخرجه أبو داود (1/327) وعنه البيهقي (7/115) من طريق إسماعيل بن أمية:

حدثني الثقة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف لجهالة " الثقة "، فإن مثل هذا التوثيق لشخص مجهول

العين عند غير الموثق غير مقبول كما هو مقرر في " الأصول "؛ ولذلك فرمز

السيوطي لحسنه غير حسن إن صح ذلك عنه، فإن المناوي قد نص في مقدمة " فيض

القدير " على ما يجعل الواقف على الرموز لا يثق بها، ومع ذلك فكثيرا ما يقول

: كما قال في هذا الحديث: " ورمز المؤلف لحسنه "! ويقره وهو غير مستحق له

، كما ترى، بل قلده فيه في الكتاب الآخر فقال في " التيسير ":

".. بإسناد حسن "!

 

(3/677)

 

 

1487 - " آمين خاتم رب العالمين، على لسان عباده المؤمنين ".

ضعيف

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (6/2432) والديلمي في " مسند الفردوس " (1/1/76) عن مؤمل بن عبد الرحمن: حدثنا أبو أمية بن يعلى عن سعيد

 

(3/677)

 

 

المقبري عن

أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وقال ابن عدي:

" لا يرويه عن أبي أمية بن يعلى - وإن كان ضعيفا - غير مؤمل هذا، وعامة

حديثه غير محفوظ ".

والحديث عزاه السيوطي في " الجامعين " لابن عدي والطبراني في " الدعاء "

وقال المناوي في " الفيض ":

" وفيه مؤمل الثقفي، أورده الذهبي في " الضعفاء "، عن أبي أمية بن يعلى

الثقفي، لا شيء. ومن ثم قال المؤلف (السيوطي) في " حاشية الشفاء ":

إسناده ضعيف. ولم يرمز له هنا بشيء ".

قلت: ولذلك جزم بضعف إسناده الشيخ زكريا الأنصاري في " فتح الجليل " (ق 14/2) ، وقال الحافظ ابن حجر في " مختصر الديلمي ":

" قلت: أبو أمية ضعيف ".

(تنبيه) : قول المناوي: " ولم يرمز له هنا بشيء " يدلنا على أن نسخة "

الجامع الصغير " المطبوعة في أعلى " فيض القدير " ليس هي النسخة التى اعتمد

عليها شارحه المناوي، لأنه وقع فيها الرمز بالضعف لهذا الحديث، وعليها يعتمد

المعلقون على " الجامع الكبير " في رموز الأحاديث تصحيحا وتحسينا وتضعيفا دون

أن ينتبهو اإلى ما نبهنا عليه مرارا تبعا للمناوي أنه لا يجوز الاعتماد عليها

لما وقع فيها من التحريف وغيره، وهكذا فعلوا في هذا الحديث فقالوا في

تعليقهم عليه (1/1/26) :

" وهو في " الصغير " برقم 20، ورمز له المصنف بالضعف ". دون أن يرجعوا إلى

كلام المناوي المصرح بأنه لم يرمز له بشيء. وكذلك يفعلون في كل أحاديث الكتاب

يعتمدون على رموزه كما ذكرنا دون أن يتثبتوا من صحة نسبة الرمز إلى المصنف أولا

، ولمطابقة الرمز للنقد العلمي ثانيا. والله المستعان.

1488 - " آمين قوة للدعاء ".

ضعيف جدا

رواه ابن عدي (83/2) عن عبد الله بن بزيع عن الحسن بن عمارة: حدثني الزهري

عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا.

 

(3/678)

 

 

قلت: وهذا سند ضعيف جدا وفيه علتان:

الأولى: ابن عمارة، قال الحافظ: " متروك "، بل قال الإمام أحمد:

" كان منكر الحديث، وأحاديثه موضوعة ".

الثانية: عبد الله بن بزيع فإنه ضعيف، وقال ابن عدي عقب الحديث:

" إنه غير محفوظ ".

والحديث من الأحاديث التي خلا منها الجوامع الثلاثة: " الجامع الكبير "

و" الجامع الصغير " للسيوطي وكذا " الزيادة عليه " له و" الجامع الأزهر "

للمناوي!

1489 - " يا حرملة! ائت المعروف، واجتنب المنكر، وانظر ما يعجب أذنك أن يقول لك

القوم إذا قمت من عندهم فأته، وانظر الذي تكرهه أن يقول لك القوم إذا قمت من

عندهم فاجتنبه ".

ضعيف

أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (222) و (ق 20/2 من المخطوطة) و (ص 34

) من الهندية) وابن سعد في " الطبقات " (1/320 - 321) من طريق عبد الله بن

حسان العنبري قال: حدثنا حبان بن عاصم - وكان حرملة أبا أمه - فحدثتني صفية

ابنة عليبة ودحيبة ابنة عليبة - وكان جدهما حرملة أبا أبيهما - أنه أخبرهم [عن] حرملة بن عبد الله:

" أنه خرج حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فكان عنده حتى عرفه النبي

صلى الله عليه وسلم، فلما ارتحل، قلت في نفسي: والله لآتين النبي صلى الله

عليه وسلم حتى أزداد من العلم، فجئت أمشي، حتى قمت بين يديه، فقلت: ما

تأمرني أعمل؟ قال ... " فذكره.

قلت: وهذا إسناد في ثبوته نظر من وجهين:

الأول: أن عبد الله بن حسان العنبري مجهول الحال، لم يوثقه أحد، وقال

الحافظ في " التقريب ":

" مقبول ". يعني عند المتابعة، وقد توبع، لكن مع المخالفة في إسناده كما يأتي.

 

(3/679)

 

 

الآخر: أن نسخ " الأدب المفرد " مختلفة في إثبات حرف (عن) قبل (حرملة) فقد

ثبت في النسختين المطبوعتين المشار إليهما، ولم تثبت في المخطوطة، ولذلك

وضعته بين المعكوفتين، والسند، يختلف الحكم عليه باختلاف النسخ، فعلى

إثباته يكون الحديث من رواية ابنتي عليبة عن عليبة عن حرملة. وعلى حذفه يكون

من روايتهما عن جدهما حرملة.

وعلى الإثبات يكون الحديث معلولا بالجهالة، فإن عليبة هذا مجهول العين،

أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (3/2/40) ولم يزد على قوله:

" روى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه ابنه ضرغامة ".

وعلى حذفه فهل سمع ابنتا عليبة من جدهما؟ ليس عندنا ما يثبت ذلك، إلا هذا

الإسناد، ومداره على عبد الله بن حسان، وقد عرفت أنه مجهول الحال فلا تقوم

الحجة به، ولا سيما قد خولف في إسناده فقال أبو داود الطيالسي في " مسنده " (1207) : حدثنا قرة قال: حدثنا ضرغامة قال: حدثني أبي عن أبيه قال:

أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركب من الحي، فلما أردت الرجوع قلت: يا

رسول الله أوصني قال:

" اتق الله، وإذا كنت في مجلس وقمت منه، وسمعتهم يقولون ما يعجبك، فأته،

فإذا سمعتهم يقولون ما تكره فلا تأته ".

وأخرجه ابن سعد (7/34) من طريقين آخرين عن قرة.

فهذا الإسناد يشهد أن الحديث من رواية عليبة عن حرملة لأن ضرغامة هذا هو ابن

عليبة بن حرملة العنبري كما في كتاب ابن أبي حاتم (2/1/470) ، فعليه فيمكن

القول بأن النسخة التي أثبتت (عن) أرجح من الأخرى، فيكون الإسناد متصلا

معللا بالجهالة، على أن ضرغامة هذا يشبه أباه في الجهالة، فإن ابن أبي حاتم

لم يزد فيه على قوله:

" روى عن أبيه، روى عنه قرة بن خالد السدوسي ".

ومما يرجح نسخة الإثبات والوصل، أن الذين ترجموا لحرملة هذا في

 

(3/680)

 

 

" الصحابة "

كابن عبد البر وغيره كلهم ذكروا أن الحديث من رواية صفية ودحيبة عن أبيهما

عنه، وقد عزاه أحدهم للأدب المفرد والطيالسي، وهو الحافظ ابن حجر (1) ،

وتبعه السيوطي، فقال في " الجامع الكبير " (1/4/1) :

" رواه البخاري في " الأدب " وابن سعد والباوردي والبغوي والبيهقي في "

شعب الإيمان " من طريق صفية ودحيبة ابنتي عليبة بن حرملة بن عبد الله بن أوس

عن أبيهما عن جدهما رضي الله عنه. قال البغوي: ولا أعلم له غيره ".

ولكن يعارض هذا أن ابن أبي حاتم قال في ترجمة حرملة من كتابه (1/2/272) :

" بصري له صحبة، روى عنه صفية ودحيبة ابنتا عليبة، سمعت أبي يقول ذلك، قال

أبو محمد: روى عنه حبان بن عاصم ".

وعلى هذا جرى الحافظ في " التهذيب " وغيره، خلافا لصنيعه في " الإصابة " كما

سبقت الإشارة إليه، ولا أعلم مستندا لهذا سوى رواية عبد الله بن حسان هذه،

وهي مضطربة كما رأيت، ولعل ذلك منه؛ فإنه غير معروف بالضبط والحفظ، ولا

سيما قد خولف من ضرغامة كما سبق.

وجملة القول: أن الحديث ضعيف لا يثبت، لأنه منقطع أومجهول.

فقول الحافظ في " الإصابة ":

" وحديثه في " الأدب المفرد " للبخاري و" مسند أبي داود الطيالسي " وغيرهما

بإسناد حسن ".

فهو غير حسن، كيف وهو الذي قال في عبد الله بن حسان: " مقبول " كما تقدم؟ !

فإن قيل: إنما حسنه بمجموع الطريقين أحدهما عند البخاري والآخر عند الطيالسي.

قلت: يمنع من ذلك الاختلاف الذي بينهما، كما سبق شرحه، وتلخيص ذلك أن رواية

ابن حسان إن كان المحفوظ فيها إسقاط عليبة من الإسناد، فقد خالفه ضرغامة،

وليس فيهما حافظ ليصار إلى ترجيح رواية أحدهما على رواية الآخر، وإن كان

المحفوظ

__________

(1) انظر " الاستيعاب " (1/139) و" أسد الغابة " (1/397) و" الإصابة " (2/2) . اهـ

 

(3/681)

 

 

فيها إثبات عليبة فهو مجهول، فمن أين للإسناد الحسن؟ ! والله سبحانه

وتعالى أعلم.

هذا ما وصل إليه علمي، " وفوق كل ذي علم عليم " فمن كان عنده شيء نستفيده

منه قدمه إلينا إن شاء الله، وجزاه الله خيرا.

1490 - " جئتم تسألوني عن الصنيعة لمن تحق؟ لا تنبغي الصنيعة إلا لذي حسب أودين،

وجئتم تسألوني عن الرزق وما يجلبه على العبد؟ فاستجلبوه واستنزلوه بالصدقة

، وجئتم تسألوني عن جهاد الضعفاء؟ فإن جهاد الضعفاء الحج والعمرة، وجئتم

تسألوني عن جهاد النساء؟ وإن جهاد المرأة حسن التبعل، وجئتم تسألوني عن

الرزق؟ ومن يأتي؟ وكيف يأتي؟ أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا

يعلم ".

منكر

رواه أبو سعيد بن الأعرابي في " المعجم " (99/1) ومن طريقه القضاعي في "

مسند الشهاب " (ق 48/1) : نا أبو عبد الله أحمد بن طاهر بن حرملة بن يحيى بن

عبد الله بن حرملة بن عمران بن قراد التجيبي: نا جدي حرملة قال: حدثني عمر بن

راشد المدني قال: حدثني مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال:

" احتج أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح، فتماروا في شيء، فقال لهم علي:

انطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما وقفوا على رسول الله صلى الله

عليه وسلم، قال: جئنا يا رسول الله نسألك عن شيء، فقال: إن شئتم فاسألوا،

وإن شئتم أخبرتكم بما جئتم له، قالوا: أخبرنا، قال: " فذكره.

قلت: وهذا إسناد واه جدا، عمر بن راشد المدني؛ هو أبو حفص الجاري: قال أبو

حاتم:

" وجدت حديثه كذبا وزورا ". وقال العقيلي:

" منكر الحديث ".

وأحمد بن طاهر، قال الدارقطني:

" كذاب ". قال الذهبي:

 

(3/682)

 

 

" وأتى بحديث منكر متنه (أبى الله أن يرزق المؤمن إلا من حيث لا يعلم) ".

قلت: وأخرجه الحاكم في " تاريخه " بإسناده عن عمر بن خلف المخزومي: حدثنا

عمر بن راشد عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال:

" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما جالسا في مجلسه، فاطلع علي بن أبي

طالب.. ".

قلت: فذكره، وقال الحاكم:

" هذا حديث غريب الإسناد والمتن، وعبد الرحمن بن حرملة المديني عزيز الحديث

جدا ".

قلت: هو مختلف فيه، وإنما الآفة من عمر بن راشد، وقد عرفت حاله، ومن

طريقه أخرج الديلمي (1/1/80) الجملة الأخيرة منه.

وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/152 - 153) من طريق ابن حبان، وهذا

في " الضعفاء " (1/147) بسنده عن أحمد بن داود بن عبد الغفار عن أبي مصعب قال

: حدثني مالك عن جعفر بن محمد به، وقالا:

" موضوع، آفته أحمد بن داود بن عبد الغفار ".

وقال السيوطي عقبه في " اللآلي " (2/71) :

" وقال ابن عبد البر: هذا حديث غريب من حديث مالك، وهو حديث حسن، لكنه

منكر عندهم عن مالك، لا يصح عنه، ولا أصل له في حديثه ".

ثم ذكر له السيوطي طريقا أخرى عن علي وفيها هارون بن يحيى الحاطبي، ذكره

العقيلي في " الضعفاء " وقال ابن عبد البر:

" لا أعرفه ". وقال البيهقي:

" لا أحفظه على هذا الوجه، إلا بهذا الإسناد، وهو ضعيف بمرة ".

1491 - " ابتدروا الأذان، ولا تبتدروا الإمامة ".

ضعيف

رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (1/95/2) : حدثنا وكيع عن علي بن مبارك عن

يحيى بن أبي كثير مرفوعا.

 

(3/683)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ فإنه وإن كان رجاله كلهم ثقاتا رجال الشيخين، فإنه

معضل، وليس بمرسل كما قال السيوطي وأقره المناوي؛ فإن يحيى بن أبي كثير،

إنما له رؤية لأنس، ولم يسمع منه، ولا من صحابي آخر كما في " التهذيب " عن

ابن حبان وغيره.

وأما قول المناوي في " شرحيه ":

" وله شواهد ".

فلا أعلم شيئا منها. والله أعلم.

1492 - " أبى الله أن يقبل عمل صاحب بدعة، حتى يدع بدعته ".

منكر

أخرجه ابن ماجه (رقم 50) وابن أبي عاصم في " السنة " (ق 4/2) والديلمي (

1/1/80) من طريق أبي الشيخ عن بشر بن منصور الحناط، عن أبي زيد عن أبي

المغيرة عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، مسلسل بالمجهولين، قال أبو زرعة:

" لا أعرف أبا زيد ولا شيخه ولا بشرا ".

وقال الذهبي في أولهم:

" يجهل ". وقال في الآخرين:

" لا يدرى من هما ".

ووافقه البوصيري في " الزوائد " (1/11) .

وقد جاء بإسناد شر من هذا بلفظ آخر، وهو:

 

(3/684)

 

 

1493 - " لا يقبل الله لصاحب بدعة صوما ولا صلاة، ولا صدقة، ولا حجا، ولا عمرة

، ولا جهادا، ولا صرفا ولا عدلا، يخرج من الإسلام كما تخرج الشعرة من

العجين ".

موضوع

أخرجه ابن ماجه (49) من طريق محمد بن محصن عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عبد الله

ابن الديلمي عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

 

(3/684)

 

 

قلت: وهذا موضوع آفته ابن محصن هذا فإنه كذاب كما قال ابن معين وأبو حاتم،

وقال الحافظ في " التقريب ":

" كذبوه ".

وتساهل البوصيري فيه فقال في " الزوائد " (1/10) :

" هذا إسناد ضعيف، فيه محمد بن محصن، وقد اتفقوا على ضعفه ".

ووجه التساهل أن الراوي قد يتفق على ضعفه، وليس بكذاب، وحينئذ فذكر

الاتفاق دون ذكر السبب لا يكون معبرا عن واقع الراوي. فتأمل.

1494 - " من يعمل سوءا يجز به في الدنيا ".

ضعيف

أخرجه الحاكم (3/552 - 553) وابن عدي في " الكامل " (142/2) وأحمد (1/6

) وابن مردويه عن زياد الجصاص عن علي بن زيد عن مجاهد قال: قال لي عبد الله

ابن عمر:

" انظر إلى المكان الذي فيه ابن الزبير مصلوبا، فلا تمرن عليه قال: فسها

الغلام، فإذا عبد الله بن عمر ينظر إلى ابن الزبير، فقال: يغفر الله لك (

ثلاثا) ، أما والله ما علمتك إلا صواما قواما وصالا للرحم، أما والله إني

لأرجومع مساوي ما أصبت أن لا يعذبك الله بعدها، قال: ثم التفت إلي فقال:

سمعت أبا بكر الصديق يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره،

والسياق لابن مردويه والحاكم، لكن وقع فيه تحريف وسكت عنه.

وأقول: إسناده ضعيف، زياد - وهو ابن أبي زياد الجصاص - ضعيف، وكذا علي بن

زيد وهو ابن جدعان.

وذكر له ابن كثير شاهدا من رواية البزار في " مسنده (3/46 - الكشف) عن

عبد الرحمن بن سليم بن حيان: حدثني أبي عن جدي حيان بن بسطام، قال بسطام:

" كنت مع ابن عمر، فمر بعبد الله بن الزبير وهو مصلوب، فقال: رحمة الله

عليك أبا خبيب، سمعت أباك يعني الزبير يقول: قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم: فذكره بزيادة " والآخرة " وقال:

" لا نعلمه يروى عن الزبير إلا من هذا الوجه ".

 

(3/685)

 

 

قلت: وهو ضعيف، لم أعرف أحدا منهم؛ غير حيان بن بسطام، وقد أشار الذهبي

إلى أنه مجهول فقال:

" تفرد عنه ابنه سليم ".

وأما ابن حبان فذكره في " الثقات "!

ثم ذكر ابن كثير من طريق موسى بن عبيدة: حدثني مولى ابن سباع قال: سمعت ابن

عمر يحدث عن أبي بكر الصديق قال:

" كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية " من يعمل سوءا يجز به

ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

: يا أبا بكر! ألا أقرئك آية أنزلت علي؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله!

فأقرأنيها، فلا أعلم أني قد وجدت انفصاما في ظهري حتى تمطيت لها، فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالك يا أبا بكر؟ قلت: بأبي أنت وأمي يا

رسول الله! وأينا لم يعمل السوء؟ وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه؟ فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أما أنت يا أبا بكر وأصحابك المؤمنون فإنكم تجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا

الله ليس لكم ذنوب، وأما الآخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة ".

أخرجه ابن مردويه والترمذي وقال:

" وموسى بن عبيدة يضعف، ومولى ابن سباع مجهول ".

قلت: وجملة القول: إن الحديث ضعيف؛ لضعف رواته وجهالة بعضهم، واختلافهم

على ابن عمر في ضبط لفظه، فبعضهم ذكره كما في الترجمة، وبعضهم زاد " وفي

الآخرة "، وابن عبيدة رواه بلفظ آخر مغاير تمام المغايرة لما قبله. والله

أعلم.

لكن قد صح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

" لما نزلت " من يعمل سوءا يجز به " بلغت من المسلمين مبلغا شديدا، فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم:

قاربوا، وسددوا؛ ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة، حتى النكبة ينكبها، أو

الشوكة يشاكها ".

أخرجه مسلم (8/16) وأحمد (2/248) والحميدي (1148) .

وله شاهد من حديث عائشة نحوه.

 

(3/686)

 

 

أخرجه الترمذي (2994) وقال:

" حديث حسن غريب ".

1495 - " إن في الجنة لنهرا، ما يدخله جبريل من دخلة فيخرج منه فينتفض، إلا خلق الله

من كل قطرة تقطر منه ملكا ".

موضوع

أخرجه ابن عدي (142/2) والديلمي في " المسند " (1/2/287) من طريق زياد بن

المنذر عن عطية عن أبي سعيد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره

وقال:

" حديث غير محفوظ ".

قلت: آفته زياد هذا قال في " الميزان ":

" قال ابن معين: كذاب. وقال النسائي وغيره: متروك ".

وقال ابن حبان (1/306) :

" كان رافضيا يضع الحديث في مثالب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وفي فضائل

أهل البيت، لا تحل كتابة حديثه ".

وشيخه عطية وهو العوفي ضعيف مدلس.

والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (1/205/2) لأبي الشيخ في "

العظمة " والحاكم في " تاريخه " والديلمي عن أبي سعيد.

 

(3/687)

 

 

1496 - " ألا إن الكذب يسود الوجه، والنميمة (يعني فيه) عذاب القبر ".

موضوع

أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (4/1797) وعنه ابن حبان في " صحيحه " (104 -

موارد) وابن عدي (143/1) والبيهقي في " الشعب " (2/48/1) عن زياد بن

المنذر عن نافع بن الحارث قال: حدثنا أبو برزة قال: سمعت رسول الله

صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال البيهقي:

" في هذا الإسناد ضعف "!

قلت: بل هو موضوع أيضا، آفته زياد هذا؛ فإنه كذاب كما سبق آنفا، والعجب من

 

(3/687)

 

 

ابن حبان كيف أخرجه في " صحيحه " وقد قال في زياد: " يضع الحديث " كما عرفت؟

! فلعله توهم أنه غيره.

والحديث ذكره في " الجامع الصغير " من رواية البيهقي فقط، وتعقبه المناوي

بقوله:

" وقضية صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسكت عليه، والأمر بخلافه، بل أعله

فقال عقبه: " في هذا الإسناد ضعف ". اهـ. وقد تساهل في إطلاقه عليه الضعف،

وحاله أفظع من ذلك، فقد قال الهيثمي وغيره: " فيه زياد بن المنذر وهو كذاب

". اهـ، فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب ".

قلت: يعني أن السيوطي كان يجب عليه حذفه وفاء بشرطه في أول الكتاب أنه صانه

مما تفرد به كذاب أووضاع. وهذا الشرط قد أخل به السيوطي عشرات المرات،

وكتابنا هذا هو الوحيد في الكشف عن ذلك، ولكن إذا كان المناوي يرى أن هذا

الحديث موضوع - وهو الصواب - فلماذا رجع عن ذلك في كتابه الآخر " التيسير "

فقال فيه مقلدا للبيهقي:

" رواه البيهقي عن أبي برزة ثم قال: إسناده ضعيف "؟ !

وقد نسبه بسبب قوله هذا إلى التساهل كما رأيت. فتأمل.

ثم أخرج أبو يعلى بهذا الإسناد عن أبي برزة مرفوعا:

" إن بعدي أئمة إن أطعتموهم أكفروكم، وإن عصيتموهم قتلوكم، أئمة الكفر،

ورؤس الضلالة ".

وقال الهيثمي (5/238) :

" رواه أبو يعلى والطبراني، وفيه زياد بن المنذر، وهو كذاب متروك ".

1497 - " خصال لا تنبغي في المسجد: لا يتخذ طريقا، ولا يشهر فيه سلاح، ولا ينبض

فيه بقوس، ولا ينثر فيه نبل، ولا يمر فيه بلحم نيء، ولا يضرب فيه حد،

ولا يقتص فيه من أحد، ولا يتخذ سوقا ".

 

(3/688)

 

 

ضعيف جدا. أخرجه ابن ماجه (748) وابن عدي (145/1) عن زيد بن جبيرة الأنصاري عن داود

ابن الحصين عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

فذكره. وقال ابن عدي:

" حديث غير محفوظ، وزيد بن جبيرة عامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد ".

قلت: وهو ضعيف جدا كما يشعر بذلك قول الحافظ فيه:

" متروك ".

وقال البوصيري في " الزوائد " (1/95) :

" إسناده ضعيف؛ لاتفاقهم على ضعف زيد بن جبيرة. قال ابن عبد البر: أجمعوا

على أنه ضعيف ".

وبه أعله ابن القيم في كلامه المنقول في " المجموع " (5485/112/1) .

لكن قوله: " لا يتخذ طريقا " قد جاء من طريق أخرى عن ابن عمر مرفوعا أتم منه،

وإسناده حسن كما بينته في " الصحيحة " (1001) .

1498 - " خير نسائكم العفيفة الغلمة ".

ضعيف جدا

أخرجه ابن عدي (145/1) عن عبد الملك بن محمد الصنعاني: حدثنا زيد بن جبيرة

عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن أنس بن مالك: قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا من أجل ابن جبيرة؛ فإنه متروك كما تقدم آنفا.

وعبد الملك بن محمد الصنعاني من صنعاء دمشق، وهو لين الحديث كما قال الحافظ.

والحديث عزاه في " الجامع الصغير " للديلمي في " مسند الفردوس " فقط! بزيادة:

" عفيفة في فرجها، غلمة على زوجها ".

فقال المناوي:

" وفيه عبد الملك بن محمد الصنعاني، قال ابن حبان: لا يجوز أن يحتج به، عن

 

(3/689)

 

 

زيد بن جبيرة، قال الذهبي: تركوه. ورواه ابن لال، ومن طريقه أورده

الديلمي مصرحا، فلوعزاه المصنف للأصل لكان أصوب ".

قلت: وقد وجدت له طريقا أخرى، ولكنها معلولة أيضا، فقال ابن أبي حاتم (1/396) :

" وسألت أبي عن حديث حدثنا به محمد بن عوف الحمصي قال: حدثنا أبو اليمان قال

: حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن أنس.. (فذكره) . فسمعت أبي يقول

: إنما يروونه عن زيد بن جبيرة عن يحيى بن سعيد عن أنس عن النبي صلى الله عليه

وسلم، وزيد بن جبيرة ضعيف الحديث ".

قلت: وعلة هذه الطريق إسماعيل بن عياش، فإنه ضعيف في غير روايته عن الشاميين

، وهذه منها.

1499 - " فلق البحر لبني إسرائيل يوم عاشوراء ".

موضوع

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (144/2 و163/1) من طريق أبي يعلى وغيره عن

سلام الطويل عن زيد العمي عن يزيد الرقاشي عن أنس عن النبي صلى الله عليه

وسلم به. وقال في الموضع الأول منهما في ترجمة زيد:

" ولعل البلاء فيه من سلام أومنهما جميعا، فإنهما ضعيفان ".

وقال في الموضع الآخر في ترجمة سلام:

" عامة ما يرويه لا يتابعه أحد عليه ".

قلت: هو كذاب، ومن فوقه كلاهما ضعيف، فهو الآفة ".

وفي " فيض القدير ":

" قال ابن القطان: فيه ضعيفان، وقال الهيثمي: فيه يزيد الرقاشي وفيه كلام

كثير ".

قلت: ومعنى هذا الحديث ثابت في " الصحيحين " أنه من كلام اليهود، قال

عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:

" قدم النبي صلى الله عليه وسلم، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما

هذا؟ قالوا: هذا يوم

 

(3/690)

 

 

صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم ". زاد

مسلم: " وغرق فرعون وقومه ". الحديث وفيه قوله: " فأنا أحق بموسى منكم،

فصامه، وأمر بصيامه ".

وفي " المسند " (2/359) من حديث أبي هريرة قال:

" مر النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من اليهود قد صاموا يوم عاشوراء، فقال:

ما هذا الصوم؟ قالوا: هذا اليوم الذي نجى الله موسى وبني إسرائيل من الغرق،

وغرق فيه فرعون، وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي، فصامه نوح وموسى

شكرا لله تعالى، فقال صلى الله عليه وسلم: أنا أحق.. ". الحديث.

وفي إسناده حبيب بن عبد الله الأزدي قال الحافظ في " التقريب ":

" مجهول ".

ولذلك فلم يحسن صنعا حين سكت عليه في " الفتح " (4/214) .

قلت: فمن المحتمل لدي أن يكون أحد أولئك الضعفاء، لما بلغه كلام اليهود

الوارد في حديث ابن عباس، وأن النبي صلى الله عليه وسلم سكت عليه، عد سكوته

صلى الله عليه وسلم إقرارا له، واستجاز نسبته إليه صلى الله عليه وسلم!

وليس يخفى على أهل العلم؛ أن ذلك مما لا يجوز، لأنه من التقول الذي حرمه

صلى الله عليه وسلم في قوله: " من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار "

. والله أعلم.

1500 - " استحي الله استحياءك من رجلين من صالحي عشيرتك ".

ضعيف جدا

رواه ابن عدي (53/2 و203/1) عن صغدي بن سنان: حدثنا جعفر بن الزبير عن

القاسم عن أبي أمامة مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد واه جدا، أورده ابن عدي في الموضع الأول في ترجمة جعفر بن

الزبير وقال:

" عامة أحاديثه مما لا يتابع عليه، والضعف على حديثه بين ".

ثم روى عن البخاري والنسائي أنهما قالا:

" متروك الحديث ".

وأورده في الموضع الثاني في ترجمة صغدي وقال:

 

(3/691)

 

 

" وهذا الحديث بهذا الإسناد ليس يرويه غير الصغدي، وهو خير من جعفر،

ويتبين على حديثه ضعفه، قال ابن معين: ليس بشيء ".

فالحديث واه جدا، فقول المناوي في شرحيه: " وإسناده ضعيف " - ولم يزد -

قصور، لعله جاءه من أنه لم يتيسر له الاطلاع على سنده.

وقد روي الحديث بإسناد خير من هذا، وبلفظ:

" رجل " مكان: " رجلين ".

وهو مخرج في " الصحيحة " برقم (741) .

__________

انتهى المجلد الثالث من " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " والحمد لله تعالى والمنة.

ويليه إن شاء الله تعالى المجلد الرابع وأوله: 1501 - (إن للشيطان كحلاً ... )

"وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك "

 

(3/692)

 

 

المقدمة:

بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون ".

" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ".

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا " (1) .

__________

(1) هذه خطبة الحاجة التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلًمها أصحابه أن يقولوها بين يدي كلامهم في أمور دينهم، سواء كان في خطبة نكاح، أو جمعة، أوعيد، أو محاضرة، ولي فيها رسالة مطبوعة مراراً، وهذه الخطبة مع الأسف مهجورة من أكثر الخطباء والمدرسين، وإن كنا بدأنا نشعر بعد نثر الرسالة بسنين أن كثيراً من الخطباء، وبخاصة السلفيين منهم، قد تبنوها، وبذلك أحيوا سنة أماتها من لا يهتم بإحياء السنن، وإماتة البدع، جزاهم الله خيرا.

وبهذه المناسبة أقول:

إن من أسوأ التعليقات التي وقفت عليها في هذه الآونة الأخيرة، والتي تدل على أن كاتبها لم يُؤت من الحكمة شيئاً مذكوراً، ما طبعه المدعو شرف حجازي المصري على كتابي " صحيح الكلم الطيب "؛ الذي سرقه وطبعه بتعليقات أضافها من عنده، كان منها قوله (ص 85) ناقلاً عن النووي: "هذه الخطبة سنة، لو لم يأت بشيء منها؟ صح النكاح باتفاق العلماء". =

 

(4/1)

 

 

أما بعد؛ فإليكم أيها القراء الكرام! المجلد الرابع من "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة"، وفيه أنواع جديدة من الأحاديث الواهية، التي يجب على كل مسلم- وبخاصة أهل العلم وطلابه- أن يكون على حذر منها. لكي لا يقول على النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم يعلم أنه قاله، فيقع- لا سمح الله- في وعيد قوله - صلى الله عليه وسلم -:

"من قال علي ما لم أقل؛ فليتبوأ مقعده من النار"، نعوذ بالله تعالى من النار، ومن كل أسبابها.

ولقد يسر الله عزَّ وجل- وله الفضل والمنة- أن لا يتأخر عن سابقه صدوراً إلا قليلًا، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات حمداً كثيراً.

وكانت مقدمة المجلد السابق عامرة- بفضل الله- بالبحوث العلمية، والردود الفقهية والحديثية، على بعض الحاقدين والحاسدين من الصوفية

والطرقية، الذين يتهمون الأبرياء بما ليس فيهم، من أولئك الشيخ عبد الله الغُماري المغربي، الذي غَمِر صدرُهُ، وعمي بالهوى قلبُه، فطعن في جماهير

المسلمين من أهل السنة سلفاً وخلفاً، واتهمهم بمخالفة سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديثه، وأثنى خيراً بكل صراحة على الشيعة انتصاراً لبدعته، (المقدمة ص 9- 12) .

وصحح مع ذلك كله بغير علم بعض الأحاديث الضعيفة والباطلة، ورمى الحافظَين الجليلين الذهبي والعسقلاني بالتعنت الشديد، لأنهما أبطلا

__________

= أقول: فإن مثل هذا التعليق إنما يحسُن ذكره في سُنة معروفة؛ يخشى من مواظبة الناس عليها أن يقعوا في الغلو فيها، وليس في سنة كهذه الخطبة التي لا يعرفها أكثر الخاصة، فضلًا عن العامة، حتى كادت أن تصبح نسياً منسيا، حتى عند بعض الناشرين الذين يدَّعون السلفية عقيدة أو تجارة (الله أعلم بما في نفوسهم) ، وقد بينت شيئاً من هذا في مقدمتي للطبعة الثامنة من الكتاب المذكور: "صحيح الكلم الطب "، وقد صدر حديثا والحمد لله في طبعة أنيقة مزيدة منقحة. والله ولي التوفيق.

 

(4/2)

 

 

حديثاً من تلك الأحاديث التي صححها هو تكلفاً وتشيعاً! وقد نبهت على بعضها في تلك المقدمة (ص 22- 25 و 33- 39) ، وعلى غيرها في صُلب المجلد كالحديث (1042) وغيره كثير وكثير، مما يؤكد لكل باحث أنه في هذا العلم كما قيل: "لا في العير ولا في النفير"، وقد نبهت على بعضها في فهرست "1- المواضيع والبحوث " منه، ِ فمن شاء تتبُّعها رجع إليه.

هذا في المجلد الثالث.

وستمر بك أيها القارىء الكريم في هذا المجلد الرابع، أمثلة أخرى من تلك الأحاديث الضعيفة التي صححها الغُماري أيضاً، ضِغثاً على إبَّالة، فلا بأس من الِإشارة إلى أرقامها هنا، ليزداد القراء معرفة بهذا الغُماري، ومدى انحرافه عن جادة هذا العلم وقواعده، وأقوال أئمة الجرح والتعديل:

(1504 و 1514 و 1566 و 1782،) وهو موضوع (و 1821 و 1828 و 1833 و 1844 و 1933) .

(تنبيه) : كنت بينت في مقدمة المجلد الثالث من هذه السلسلة حال عبد الله الغماري في عدائه لأهل السنة، ومحاربته إياهم، واتهامه إياي شخصياً بشتى التهم الباطلة، وجهلَه بعلم الجرح والتعديل، والتصحيح والتضعيف، ونبهت في تضاعيفه على جملة من الأحاديث الضعيفة التي صححها بجهل بالغ، وأوردها في كتابه الذي سماه "الكنز الثمين "، وهي من الكثرة بحيث يظن كثير من المتعصبة له، والمغرورين به، أن في نقدي إياه تحاملا عليه بحكم العداء المذهبي، كما هو معهود منه في مخالفه، والله سبحأنه نسأل أن يعصمنا من الوقوع في مثل ما وقع فيه، وأن لا نقول فيه وفي أمثاله من المبتدعة إلا ما ندين الله به،

 

(4/3)

 

 

متأدبين في ذلك بأدب قوله تعالى: "ولا يجرِمَنَّكُم شنآنُ قومٍ على أنْ لا تَعْدِلوا اعدِلوا هو أقربُ للتَّقوى".

والمقصود أن الرجل أصدر حديثاً كتابا ترجم فيه لنفسه عنوأنه: "سبيل التوفيق في ترجمة عبد الله بن الصديق " تأليف: العلامة الحافظ التفنن أبي

الفضل عبد الله بن الصديق الغماري "! عقد فيه (ص 96) فصلاً بعنوان: (مؤلفاتي في السجن) ، يعني: سجن جمال عبد الناصر، مكث فيه من سنة

1959 إلى سنة 1969- وهذه السنة هي التي صدر فيها كتابي "صحيح الجامع "-، ثم ذكر أنه ألف فيه عدة كتب سماها؛ منها الكتاب المذكور: "الكنز الثمين "، ثم قال ما نصه بالحرف الواحد:

"غير أن كتاب "الكنز الثمين " لست راضياً عنه، لأني كتبته في حال تضييق وتشديد كما سبق، وعدم وجود مراجع، فجاءت فيه أحاديث ضعيفة كثيرة، ولو وجدت فراغاً لنقحته وهذبته وحذفت منه ما فيه من الضعيف ".

قلت: فالحمد لله الذي شهد على نفسه بكثرة الأحاديث الضعيفة فيه، وقد كنا نبهنا على طائفة كبيرة منها، ولا نزال بفضل الله تعالى. نصحاً للأمة، وتحذيراً لهم أن لا يغزوا بما قاله في مقدمة "كنزه " (صفحة ح) :

"جردت فيه الأحاديث الثابتة من الجامع الصغير". وقال (صفحة ع) :

"ليس فيه أحاديث ضعيفة أو واهية".

ولكن ... ألا يتساءل الفراء معي أنه إذا كان صادقاً في قوله: أنه ألفه في السجن حيث لا مراجع لديه كما زعم، فكيف جاز له أن يجزم هذا الجزم القاطع بأن كل أحاديثه ثابتة، وأنه ليس فيه أحاديث ضعيفة..؟! أليس في

 

(4/4)

 

 

ذلك غشٌّ وتضليلٌ للأمة؟! لو أن ذلك كان في أحاديث معدودة لعذرناه، لكنا من الكثرة بحيث يصعب إحصاؤها، فإن في حرف الألف منه فقط نحو مئتي حديث ضعيف أو موضوع، من أصل أربع مئة وألف حديث تقريباً كما كنت ذكرت ذلك في المقدمة المشار إليها آنفاً (ص 23) .

وفي ظني أن الذي حمله على ذلك الجزم بغير علم إنما هو الحسد والغيرة من كتابي: "صحيح الجامع الصغير"، فجمع هو" كنزه " مضاهاة له، وقد طبع قبله بنحو عشر سنين، ويظهر أنه توجهت إليه انتقادات كثيرة من بعض الناصحين؛ غير ما في هذه السلسلة، كمثل ما جاء في مقدمة "ترتيب صحيح الجامع الصغير.. " لبعض إخواننا (ص 14) :

"كتاب "الكنز الثمين.. " محشو بالأحاديث الضعيفة، وسبب ذلك أنه اعتمد على تصحيح الحاكم والترمذي وابن حبان، وعلى الأحاديث التي قيل

فيها: رواته ثقات، أو رجاله موثقون، وهذا الحكم كما لا يخفى فيه نظر عند أهل الحديث بينوه في مؤلفاتهم ".

وتفصيل هذا الِإجمال يجده القراء في عشرات بل مئات الأمثلة في هذا المجلد، والذي قبله والآتية بعده إن شاء الله تعالى، وذلك من فضل الله علينا

وعلى الناس، ولكن أكثر الناس لا يشكرون.

ومن أعاجيب تقديرات الله تعالى أن يضطر الغماري إلى الاعتراف بشيء من الفضل تحت مطارق أدلة الحق، فقد ذكرني الغماري هذا (ص 49) من " ترجمته " في جملة من عاصره من أهل الحديث، وقال:

"يعرف الحديث معرفة جيدة، إلا أنه يعتمد على المناوي وعلي القاري

 

(4/5)

 

 

.. " إلخ ما رماني به كعادته.

وهذا الاعتماد الذي رماني به إنما هو صفته في الحقيقة كما أثبتُّ ذلك في الأمثلة المشار إليها آنفاً، وكأن هذا الاعتراف بالحق والاتهام بالباطل ورثه من أخيه الأكبر أحمد، فقد اطلعت على خطابين له أرسلهما إلى أحد أصحابه، الأول بتاريخ 29 صفر سنة 1380، والآخر في 22 ربيع الأول من السنة نفسها، قال في الأول منهما:

"وناصر الدين الألباني قدم إلى دمشق، وتعلم العربية، وأقبل على علم الحديث، فأتقنه جداً جداً، وأعانته مكتبة الظاهر المشتملة على نفائس المخطوطات في الحديث، حتى إني لما زرتها في العام الماضي كان هو الذي يأتيني بما أطلبه، ويعرفني بما فيها، وهو خبيث الطبع، وهابي تيمي جلد ... ولولا خبث مذهبه وعناده لكان من أفراد الزمان في معرفة الحديث، مع أنه لا يزال فاتحاً دكان الساعات، وقعت لنا معه مناظرة يطول ذكرها".

وقال في الخطاب الآخر:

"والحبشي الذي يرد على الألباني طبع في الرد عليه ثلاثة (!) رسائل، وهو كسائر أهل الوقت يراجع كتب الحديث، وينقل منها.

أما الألباني فمن الأفراد في معرفة الفن (هنا جملة غير مقروءة من سوء الخط والتصوير) ، إلا أنه في العناد- والعياذ بالله- خلف الزمزمي ... " إلخ.

نقلت هذه النصوص للتاريخ أولاً، وليكون القراء على علم بمثل هذه الاعترافات من مثل هؤلاء المبتدعة، لأن لها قيمة لا تقدر، فهي كما قيل قديمًا:

"والفضل ما شهدت به الأعداء"!

 

(4/6)

 

 

وأما الاتهام بالعناد وغيره فهو كما يتهمنا الكفار أو المنحرفون عن الشرع بالتعصب، والحقيقة أنه التعصب للحق الذي جاء به الدين.

وأما الاتهام بالتوهب فجواب عليه ما قاله بعض الموحدين المتبعين لسنة سيد المرسلين:

إن كان تابعُ أحمد متوهباً *** فأنا اُلمقِر بأنَّني وهَّابي!

وهناك أشخاص آخرون ظهروا في ساحة التأليف والكتابة فيما لا يحسنون، وأخص بالذكر منهم الشيخين الحلبيَّين اللذين اختصر كل منهما

"تفسير الحافظ ابن كثير"؛ سبق أن نبهت في المجلد السابق على شيء من الأحاديث الضعيفة التي صححاها بجهل بالغ، وفي هذا المجلد أحاديث أخرى

من ذاك القبيل، فانظرها إن شئت بأرقامها الآتية:

(1543 و 1637 و 1642 و 1937) .

وهناك شيخ حلبي ثالث، يُثبت سنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بحديث موضوع، رقم (1816) . ونحوه بعض الدكاترة، فانظر الحديث (1612) و (1821) .

وثمة ناشئ جديد- فيما علمت- له جهود مشكورة في إخراج "مسند أبي يعلى" إلى عالم المطبوعات، ولو أنه لم يتم بعد، له عليه تعليقات كثيرة في تخريج أحاديثه وتصحيحها وتضعيفها، فأنصح له أن يقف في جهوده عند التخريج فقط، وأنه إن صحح أو ضعف فبالاعتماد على الحفاظ المعروفين بالتمكن في هذا المجال، فقد رأيته صحح حديثاً مع ضعف أحد رواته عنده أيضاً، لأن له متابعاً بزعمه، وادعى أن إسناده صحيح لتوهمه أن بعض رواته من الثقات، وليس كذلك لأنه اختلط عليه راوٍ بآخر، ثم هو لو صح إسناده لم يجز تقوية الضعيف به

 

(4/7)

 

 

لأنه موقوف، بل هو علة أخرى فيه، ولأنه مختصر عنه، كما ستراه فيما يأتي (1783) .

لهذه الأمثلة وغيرها أنصح لكل من يكتب في مجال التصحيح والتضعيف، أن يتئد، ولا يستعجل في إصدار أحكامه على الأحاديث؛ إلا بعد أن يمضي عليه دهر طويل في دراسة هذا العلم في أصوله، وتراجم رجاله، ومعرفة علله، حتى يشعر من نفسه أنه تمكن من ذلك كله؛ نظراً وتطبيقاً، بحيث يجد أن تحقيقاته- ولو على الغالب- توافق تحقيقات الحفاظَ المبرزين في هذا العلم، كالذهبي، والزيلعي، والعسقلاني، وغيرهم.

أنصح بهذا لكل إخواننا المشتغلين بهذا العلم، حتى لا يقعوا في مخالفة قول الله تبارك وتعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ". ولكي لا يصدق عليهم المثل المعروف: "تَزَبَّبَ قبلَ أن يتحصرم "! ولا يصيبهم ما جاء في بعض الحكم: "من استعجل الشيء قبل أوأنه؛ ابتُلي بحرمانه ".

ذاكراً مع هذا ما صح من قول بعض السلف:

"ليس أحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ويؤخذ من قوله وُيترك إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ".

(انظر "صفة الصلاة" ص 28- الخامسة) .

أسأل الله تبارك وتعالى أن يُسدد خطانا، ويصلح أعمالنا ونوايانا؛ إنه سميع مجيب.

عمان 2 شوال 1407 هـ

محمد ناصر الدين الألباني

 

(4/8)

 

 

1501 - " إن للشيطان كحلا ولعوقا ونشوقا، فأما لعوقه فالكذب وأما نشوقه فالغضب وأما كحله فالنوم ".

ضعيف جدا.

أخرجه الخرائطي في " مساوىء الأخلاق " (2 / 14 / 2) وأبو علي الهروي في الجزء الأول من الثاني من " الفوائد " (9 / 2) والقاسم ابن عبد الرحمن ابن عبد العزيز الحلبي في " حديث السقا " (3 / 1 - 2) وأبو نعيم في الحلية (6 / 309) والبيهقي في الشعب (2 / 44 / 2) والأصبهاني في " الترغيب " (243 / 2) من طرق عن الربيع بن صبيح عن يزيد الرقاشي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، يزيد - وهو ابن أبان الرقاشي - ضعيف جدا. قال النسائي وغيره: " متروك ".

وضعفه آخرون. والربيع بن صبيح ضعيف. وأعله المناوي بعاصم بن علي أيضا، وليس بشيء فإنه قد تابعه سفيان الثوري عند الخرائطي وغيره. وتابعه عمر بن حفص العبدي عن يزيد الرقاشي به. أخرجه ابن عدي (246 / 1) . والعبدي هذا متروك كما قال النسائي أيضا.

 

(4/9)

 

 

1502 - " سيد القوم خادمهم ".

ضعيف.

روي من حديث ابن عباس وأنس بن مالك وسهل بن سعد.

1 - أما حديث ابن عباس، فيرويه يحيى بن أكثم القاضي عن المأمون قال: حدثني أبي عن جده عن المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس مرفوعا. وفيه قصة. أخرجه أبو القاسم الشهرزوري في " الأمالي " (ق 180 / 2) وأبو عبد الرحمن السلمي

 

(4/9)

 

 

في " آداب الصحبة " (ق 139 / 1 مجموع 107) والخطيب في " تاريخ بغداد " (10 / 187) من طرق عن يحيى به. وقد اختلفوا عليه، فبعضهم رواه هكذا، وبعضهم جعل عكرمة مكان الجد، وبعضهم جعله من مسند عقبة بن عامر. ولهذا قال الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة ": " وفي سنده ضعف وانقطاع ".

2 - وأما حديث أنس، فيرويه حم بن نوح: حدثنا سلم بن سالم عن عبد الله بن المبارك عن حميد الطويل عن أنس مرفوعا بلفظ: " خادم القوم سيدهم، وساقيهم آخرهم شربا ". أخرجه المخلص في قطعة من " الفوائد " (284) وابن أبي شريح الأنصاري في " جزء بيبى " (169 / 1) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، علته سلم بن سالم وهو البلخي الزاهد، أجمعوا على ضعفه كما قال الخليلي. وقال ابن حاتم: " لا يصدق ". وحم بن نوح، ترجمة ابن أبي حاتم (1 / 2 / 319) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. والحديث قال السيوطي في " الجامع الصغير ": " رواه أبو نعيم في " الأربعين الصوفية " عن أنس ". فتعقبه المناوي بقوله: " في صنيعه إشعار بأن الحديث لا يوجد مخرجا لأحد من الستة، وإلا لما أبعد النجعة، وهو ذهول، فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المذكور عن أبي قتادة، ورواه أيضا الديلمي ". وأقول: ليس هو عند ابن ماجه بتمامه، وإنما له منه: " ساقي القوم آخرهم شربا ".

أخرجه (3434) من طريق أخرى عن أبي قتادة مرفوعا. وهذا القدر منه صحيح، فقد أخرجه مسلم أيضا (2 / 140) من هذا الوجه في حديث نومهم عن صلاة الفجر في السفر. ويبدو لي أن المناوي قلد الديلمي في هذا العزو، فقد قال السخاوي في آخر الكلام

 

(4/10)

 

 

على حديث الترجمة:

" (تنبيه) : قد عزاه الديلمي للترمذي وابن ماجه عن أبي قتادة فوهم ". وقلده السيوطي أيضا، فعزاه في " الجامع الكبير " (2 / 51 / 2) لابن ماجه عن أبي قتادة. وأما في " الجامع الصغير " فبيض له، فإنه قال: " عن أبي قتادة "! ولم يذكر مصدره، فقال المناوي: " وعزاه في " الدرر المشتهرة " لابن ماجة من حديث قتادة. وفي " درر البحار " للترمذي! وللحديث طريق أخرى عن أنس مرفوعا بلفظ: " يا ويح الخادم في الدنيا، هو سيد القوم في الآخره ". وهو موضوع.

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " معلقا، فقال (8 / 53) : " وحدث أحمد بن عبد الله الفارياناني: حدثنا شقيق بن إبراهيم عن إبراهيم بن أدهم عن عباد ابن كثير عن الحسن عن أنس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره "، وقال: " هذا مما تفرد به الفارياناني بوضعه، وكان وضاعا، مشهورا بالوضع ". واتهمه ابن حبان أيضا بالوضع، فاقتصار الحافظ السخاوي على قوله: " وإسناده ضعيف جدا "، لا يخلومن تساهل، وذكر أنه منقطع أيضا، يعني بين الحسن وأنس قلت: وعباد بن كثير هو البصري، وقال البخاري: " تركوه ". وقال النسائي: " متروك ".

وفي لفظ آخر: " إذا كان يوم القيامة نادى مناد على رؤوس الأولين والآخرين: من كان خادما للمسلمين في دار الدنيا، فليقم وليمض على الصراط، آمنا غير خائف، وادخلوا الجنة أنتم ومن شئتم من المؤمنين، فليس عليكم حساب، ولا عذاب ".

 

(4/11)

 

 

رواه أبو نعيم بإسناده السابق وهو موضوع كما عرفت، ولوائح الوضع عليه لائحة، وإني لأشم منه أن واضعه صوفي مقيت! 3 - وأما حديث سهل بن سعد، فقد أخرجه الحاكم في " التاريخ " بسند ضعيف كما حققته في تعليقي على " المشكاة " (3925) .

1503 - " فضل الصلاة التي يستاك لها، على الصلاة التي لا يستاك لها سبعون ضعفا ".

ضعيف.

أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " (1 / 21 / 2) والحاكم (1 / 146) وأحمد (6 / 146) والبزار في " مسنده " (1 / 244 / 501 - كشف الأستار) من طريق محمد بن إسحاق قال: فذكر محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وأشار ابن خزيمة إلى ضعف إسناده بقوله: " إن صح الخبر ". ثم قال: " إنما استثنيت صحة هذا الخبر، لأني خائف أن يكون ابن إسحاق لم يسمع من محمد بن مسلم، وإنما دلسه عنه ". وأما الحاكم فقال: " صحيح على شرط مسلم "! ووافقه الذهبي!

قلت: وهذا من أوهامهما، أوتساهلهما، فإن ابن إسحاق مع كونه مدلسا وقد عنعنه، فإن مسلما لم يحتج به، وإنما روى له متابعة. ومن الجائز أن يكون ابن إسحاق تلقاه عن بعض الضعفاء ثم دلسه، فقد أخرجه أبو يعلى (3 / 1162) والبزار (1 / 244 / 502) من طريقين عن معاوية بن يحيى عن الزهري به، ولفظه:

" ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك ".

 

(4/12)

 

 

وقال البزار: " لا نعلم رواه إلا معاوية ". قلت: وهو الصدفي، قال الحافظ: " ضعيف ". وقد وجدت له طريقا أخرى عن عروة، فقال الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (18 / 2 - زوائده) : حدثنا محمد بن عمر حدثنا عبد الله بن أبي يحيي عن أبي الأسود عن عروة به.

لكن محمد بن عمر هذا - وهو الواقدي - كذاب، فلا يفرح بروايته! وقد روي الحديث عن غير عائشة، كابن عباس وجابر وابن عمر، خرجها كلها الحافظ في " التلخيص الحبير "، وقال: " وأسانيدها معلولة ".

1504 - " نهى أن يدخل الماء إلا بمئزر ".

ضعيف.

أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " (1 / 38 / 2) والحاكم (1 / 162) عن الحسن بن بشر الهمداني عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "! وقال الذهبي: " على شرط مسلم ". وأقول: بل هو ضعيف الإسناد، لأن الهمداني هذا لم يخرج له مسلم، وهو مختلف فيه، قال الحافظ: " صدوق يخطىء ". وأبو الزبير - وإن أخرج له مسلم - فهو مدلس، وقد عنعنه. قلت: ولعل المناوي لم يتنبه لهاتين العلتين، أوأنه قلد الحاكم

والذهبي، فقال في " التيسير ":

 

(4/13)

 

 

" إسناده صحيح "! واغتر به الغماري، فقلده كما هي عادته في " كنزه "، فأورد الحديث فيه (4193) !

1505 - " اختضبوا بالحناء، فإنه يسكن الروع، ويطيب الريح ".

ضعيف.

رواه أبو يعلى في " مسنده " (من المطبوع 6 / 305) وتمام في " الفوائد " (96 / 1) عن الحسن بن دعامة: حدثني عمر بن شريك - يعني ابن أبي نمرة - عن أبيه عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، الحسن بن دعامة وعمر بن شريك مجهولان.

 

(4/14)

 

 

1506 - " إذا ظهرت البدع، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كان عنده علم فلينشره، فإن كاتم العلم يومئذ لكاتم ما أنزل الله على محمد ".

منكر.

أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (15 / 298 / 1) عن محمد بن عبد الرحمن بن رمل الدمشقي: أخبرنا الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير

ابن رمل هذا، ترجمة ابن عساكر، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقد تابعه محمد بن عبد المجيد المفلوج: حدثنا الوليد بن مسلم به نحوه، ولفظه: " إذا ظهرت الفتن والبدع، وسب أصحابي، فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل ذلك،

فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله له صرفا ولا عدلا ". رواه ابن رزقويه في " جزء من حديثه " (ق 2 / 2) . والمفلوج هذا، قال الذهبي: " ضعفه محمد بن غالب: تمتام، ومن مناكيره ... ". ثم ساق له أحاديث

هذا أولها.

 

(4/14)

 

 

وأخرجه الديلمي (1 / 1 / 66) من طريقين عن علي بن بندار: حدثنا محمد بن إسحاق الرملي حدثنا هشام بن عمار حدثنا الوليد بن مسلم به. وهشام فيه ضعف، والرملي لم أعرفه، وابن بندار صوفي متهم عند محمد بن طاهر وضعفه غيره.

وقد روي من حديث جابر نحوه ولفظه: " إذا لعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كتم حديثا، فقد كتم ما أنزل الله ",

1507 - " إذا لعن آخر هذه الأمة أولها، فمن كتم حديثا، فقد كتم ما أنزل الله ".

ضعيف جدا.

أخرجه ابن ماجة (263) : حدثنا الحسين بن أبي السري العسقلاني: حدثنا خلف بن تميم عن عبد الله بن السري عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قال البوصيري في " الزوائد ":

" في إسناده حسين بن أبي السري كذاب، وعبد الله بن السري ضعيف، وفي " الأطراف " أن عبد الله بن السري لم يدرك محمد بن المنكدر، وذكر أن بينهما وسائط، ففيه انقطاع أيضا ".

قلت: لكن الحسين لم يتفرد به، فقد أخرجه البخاري في " التاريخ " (2/1/180، وابن أبي عاصم في " السنة " (994 - بتحقيقي) ، وأبو عمرو الداني في " الفتن " (ق24/2) ، والعقيلي في " الضعفاء " (208) ، وابن بطة في " الإبانة " (1/130/2 - 131) ، وابن عدي (220/2) ، والخطيب في " التاريخ " (9/471) ، وعبد الغني المقدسي في " العلم " (ق28/2) ، وابن عساكر (5/331/2) من طرق أخرى عن خلف بن تميم به أتم منه.

وقال العقيلي:

" عبد الله بن السري لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به، وقد رواه غير خلف، فأدخل بين ابن السري وابن المنكدر رجلين مشهورين بالضعف ". وقال ابن عدي:

 

(4/15)

 

 

" قال لنا ابن صاعد: وقد رواه سريج بن يونس وقدماء شيوخنا عن خلف بن تميم هكذا، وكانوا يرون أن عبد الله بن السري هذا شيخ قديم، ممن لقي ابن المنكدر وسمع منه، ومن صنف المسند فقد رسمه باسمه في الشيوخ الذين رووا عن ابن المنكدر، فحدثنا به عن شيخ خلف بن تميم، فإذا هو أصغر منه وإذا خلف قد أسقط من الإسناد ثلاثة نفر! حدثناه موسى بن النعمان أبو هارون بمصر: حدثنا عبد الله بن السري بأنطاكية: حدثنا سعيد بن زكريا عن عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن محمد بن زاذان عن محمد بن المنكدر عن جابر ... قال لنا ابن صاعد: وقد حدثونا عن الشيخ الذي حدث به عنه شيخ خلف بن تميم. قال ابن صاعد: حدثناه محمد بن معاوية الأنماطي: حدثنا سعيد بن زكريا عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن محمد بن المنكدر عن جابر ... حدثناه الحسين بن الحسن بن سفيان - ببخارى -: حدثنا أحمد بن نصر: حدثنا عبد الله بن السري الأنطاكي: حدثنا سعيد بن زكريا المدائني عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن محمد بن المنكدر ... ".

وأخرجه العقيلي من طريق أحمد بن إسحاق البزاز صاحب السلعة: حدثنا عبد الله بن السري عن عنبسة بن عبد الرحمن به. ثم قال: " وهذا الحديث بهذا الإسناد أشبه وأولى ".

رواه ابن عساكر، وكذا الخطيب (9/472) ، من طريق الطبراني: نا أحمد بن خليد الحلبي: نا عبد الله بن السري الأنطاكي به.

قلت: فتبين من هذه الروايات أن مدار الحديث على عنبسة وابن زاذان، وهما متروكان متهمان بالكذب، وقد أسقط الثاني منهما بعض الضعفاء، فقد أخرجه ابن بطة من طريق نعيم بن حماد قال: حدثنا إسماعيل بن زكريا المدائني قال: حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن محمد بن المنكدر به.

(تنبيه) : لقد أورد هذا الحديث الدكتور القلعجي المعلق على " ضعفاء العقيلي " في فهرس الأحاديث الصحيحة الذي وضعه في آخر الكتاب بعنوان:

 

(4/16)

 

 

" 2- الأحاديث الصحيحة، ويدخل فيها الأحاديث التي سردها المصنف عن ضعفاء بإسنادهم الضعيف، أومن وجه غير محفوظ، ثم ذكر أن لها إسنادا قويا، أو رويت من طرق قوية ووجوه صحيحة "!

ولا وجه البتة لإيراده هذا الحديث في هذا الفهرس (ص 503) ، فإن العقيلي رحمه الله لم يذكر له إسنادا آخر قويا، وليس له طريق بله طرق أخرى، فما الذي حمله على هذه الضلالة أن ينسب إليه صلى الله عليه وسلم ما لم يقل؟

الذي أراه - والله أعلم - أنه فهم صحته من قول العقيلي المتقدم:

" وهذا الحديث بهذا الإسناد أشبه وأولى ".

وهو إنما يعني أن ذكر الرجلين الضعيفين بين عبد الله بن السري، ومحمد بن المنكدر أشبه وأولى من رواية خلف التي لم يذكرا فيها، ولا يعني مطلقا صحة الحديث، كيف ومدار الروايات كلها على ابن السري هذا وهو ضعيف؟ وإنما أوقع

الدكتور في هذا الخطأ الفاحش افتئاته على هذا العلم، وظنه أنه يستطيع أن يخوض فيه تصحيحا وتضعيفا بمجرد أنه نال شهادة الدكتوراة

1508 - " إذا ظهرت الحية في المسكن فقولوا لها: إنا نسألك بعهد نوح وبعهد سليمان بن داود أن لا تؤذينا، فإن عادت فاقتلوها ".

ضعيف الإسناد.

أخرجه أبو داود (2 / 351) والترمذي (1 / 281 طبع بولاق) واللفظ له من طريق ابن أبي ليلى عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال أبو ليلى: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال:

" حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث ابن أبي ليلى ". قلت: وهو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الكوفي القاضي، وهو صدوق سيء الحفظ جدا، فالإسناد من أجل ذلك ضعيف. (تنبيه) : أورد السيوطي الحديث في " الجامع " من رواية الترمذي عن ابن أبي ليلى

 

(4/17)

 

 

وأوضحه الشارح المناوي بقوله: " عن عبد الرحمن (ابن أبي ليلى) الفقيه الكوفي قاضيها: لا يحتج به، وأبو ليلى له صحبة واسمه يسار ". فأوهما أن الحديث ينتهي إسناده إلى ابن أبي ليلى وليس كذلك، بل فوقه تابعيان وصحابي، وزاد المناوي في الإيهام أن زعم أن عبد الرحمن بن أبي ليلى هو الفقيه القاضي، وهو الذي لا يحتج به، وكل هذا خطأ، وإنما هو ابنه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى كما سبقت الإشارة إليه، وأما والده عبد الرحمن بن أبي ليلى فثقة حجة من رجال الشيخين، وأما جزمه بأن اسم أبي ليلى يسار فغير جيد، فقد ذكر الحافظ في " التقريب " خمسة أقوال في اسمه هذا رابعها، ولم يجزم مع ذلك بواحد منها. وإن مما يؤكد وهم المناوي الأول، أنه جعل الحديث في " التيسير " أيضا من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه الكوفي!

1509 - " ما من شيء إلا وهو ينقص إلا الشر يزداد فيه ".

ضعيف.

رواه أبو عمرو الداني في " الفتن " (29 / 1) عن بقية عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن زيد بن أرطاة قال: حدثنا إخواننا عن أبي الدرداء مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، من أجل ابن أبي مريم، فقد كان اختلط. وبقية مدلس وقد عنعنه، لكنه لم يتفرد به، فقال أحمد (6 / 441) : حدثنا محمد بن مصعب قال: حدثني أبو بكر به إلا أنه قال: " عن بعض إخوانه ". ولذلك قال الهيثمي (7 / 220) : " رواه أحمد والطبراني وفيه أبو بكر بن أبي مريم وهو

ضعيف، ورجل لم يسم ".

قلت: وابن مصعب - وهو القرقساني - صدوق كثير الغلط، فلعله متابع عند الطبراني، ولذلك سكت عنه الهيثمي! ويغني عن هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم:

 

(4/18)

 

 

" ما من يوم إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ". رواه البخاري.

1510 - " إن الله أجاركم من ثلاث خلال: أن لا يدعوعليكم نبيكم فتهلكوا جميعا، وأن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق، وأن لا تجتمعوا على ضلالة ".

ضعيف بهذا التمام.

أخرجه أبو داود (4253) : حدثنا محمد بن عوف الطائي حدثنا محمد بن إسماعيل حدثني أبي: قال ابن عوف: وقرأت في أصل إسماعيل قال:

حدثني ضمضم عن شريح عن أبي مالك - يعني الأشعري - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه منقطع بين شريح - وهو ابن عبيد الحضرمي المصري - وأبي مالك الأشعري، فإنه لم يدركه كما حققه الحافظ في " التهذيب "، فكأنه ذهل عن هذه الحقيقة حين قال في " بذل الماعون " (25 / 1) : " وسنده حسن، فإنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين، وهي مقبولة. وله شاهد من حديث أبي بصرة الغفاري، أخرجه أحمد، ورجاله ثقات إلا أن في سنده راويا لم يسم ".

قلت: هو شاهد قاصر، لأنه ليس فيه مما في حديث الترجمة إلا الفقرة الأخيرة منه، وهو في " المسند " (6 / 396) . وقد رواه إسماعيل بن عياش بإسناد آخر، فقال: عن يحيى عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أخرجه أبو عمرو الداني في " الفتن " (45 / 2) من طريق علي بن معبد قال: حدثنا إسماعيل بن عياش به. ويحيى هذا لعله ابن عبيد الله بن عبد الله بن موهب المدني، فإن يكن هو فهو متروك، وإن يكن غيره، فلم أعرفه.

 

(4/19)

 

 

ثم تأكدت أنه هو حين رأيت الداني ساق حديثا آخر (55 / 2) عن علي بن معبد به صرح فيه بأنه ابن عبيد الله. وبالجملة فالحديث ضعيف الإسناد لانقطاعه، وفقدان الشاهد التام الذي يأخذ بعضده، ويشد من قوته. ثم رأيت حديث الترجمة قد أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 262 / 3440) وفي " مسند الشاميين " (ص 331) : حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش به، وزاد: " فهؤلاء أجاركم الله منهن. وربكم أنذركم

ثلاثا: الدخان، يأخذ المؤمن منه كالزكمة، ويأخذ الكافر فينتفخ، ويخرج من كل مسمع منه، والثانية: الدابة، والثالثة: الدجال ". وهذه زيادة منكرة

تفرد بها هاشم هذا، وليس بشيء كما نقله الذهبي عن ابن حبان. والله أعلم.

لكن جملة الإجماع لها طرق أخرى فتتقوى بها، ولذلك أوردتها في " الصحيحة " (1331) وانظر " ظلال الجنة " (رقم 80 - 85 و92) .

1511 - " خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الآخرون أرذل ".

ضعيف.

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 105 / 2 - 106 / 1) والحاكم (3 / 191) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة: أخبرنا عبد الله بن إدريس عن

أبيه عن جده عن جعدة بن هبيرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. ثم أخرجه الطبراني من طريق أبي كريب: أخبرنا ابن إدريس به. وسكت

الحاكم عنه، وقال الحافظ في " الفتح " (7 / 5) : " رواه ابن أبي شيبة والطبراني، ورجاله ثقات، إلا أن جعدة مختلف في صحبته ".

 

(4/20)

 

 

وقال الهيثمي (10 / 20) : " رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، إلا أن إدريس بن يزيد الأودي لم يسمع من جعدة. والله أعلم ". كذا قال، والحديث عند الطبراني وكذا الحاكم من رواية عبد الله بن إدريس عن أبيه إدريس عن جده، واسمه يزيد بن عبد الرحمن الأودي، فهو متصل، ولكنه مرسل لما عرفت من الاختلاف في صحبة جعدة، بل قد رجح الحافظ في ترجمته من " التهذيب " أنه تابعي، وبه جزم أبو حاتم الرازي. والله أعلم. ثم إن الأودي هذا روى عنه ابنه الآخر: داود ويحيى بن أبي الهيثم العطار، ووثقه العجلي وابن حبان، وقال الحافظ: " مقبول ".

(تنبيه) : لفظ الحاكم " أردى " مكان " أرذل ". وكذلك أورده الحافظ في " الفتح ".

1512 - " الهرة لا تقطع الصلاة، لأنها من متاع البيت ".

ضعيف مرفوعا.

أخرجها ابن ماجة (369) والمخلص في " حديثه " كما في " المنتقى منه " (12 / 64 / 2) وابن خزيمة في " صحيحه " (828) وابن عدي

في " الكامل " (229 - 230) والحاكم (1 / 254 - 255) من طريق عبيد الله بن عبد المجيد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم، لاستشهاده بعبد الرحمن بن أبي الزناد مقرونا بغيره ". ووافقه الذهبي. قلت: والصواب أنه ليس على شرط مسلم ما دام أنه تفرد به عبد الرحمن وهو لم يخرج له إلا مقرونا، ثم إن في حفظه كلاما، فالحديث حسن فقط، إن سلم من الوقف والشطر الآخر منه أخرجه أبو محمد المخلدي في " الفوائد " (295 / 1) والترقفي في " حديثه " (ق 43 / 1) وعنه ابن عدي (101 / 1) من حديث حفص بن عمر العدني: حدثنا

 

(4/21)

 

 

الحكم بن أبان عن عكرمة عن أبي هريرة به. قلت: وهذا سند ضعيف. وأخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 71) من حديث أنس مرفوعا نحوه. وإسناده ضعيف أيضا. ثم وجدت للحديث علة، نبه عليها الإمام ابن خزيمة في " صحيحه " فإنه بعد أن قال: " إن صح الخبر، فإن في القلب من رفعه "، ساقه من هذا الوجه المذكور أعلاه. ثم رواه من طريق ابن وهب عن ابن أبي الزناد بهذا الحديث موقوفا غير مرفوع، ثم قال: " ابن وهب أعلم بحديث أهل المدينة من عبيد الله بن عبد المجيد ".

وهو كما قال رحمه الله تعالى، وإن كان خالفه مهدي بن عيسى فرواه عن ابن أبي الزناد به مرفوعا. رواه البزار (ص 54) . فإن المهدي هذا مجهول الحال كما قال ابن القطان. والراوي عنه فردوس الواسطي شيخ البزار لم أعرفه. ونحوهذا الحديث في الضعف ما أخرجه أحمد (2 / 327) وغيره عن عيسى بن المسيب: حدثني أبو زرعة عن أبي هريرة قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي دار قوم من الأنصار، ودونهم دار قال: فشق ذلك عليهم، فقالوا: يا رسول الله! سبحان الله! تأتي دار فلان ولا تأتي دارنا؟ قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأن في داركم كلبا، قالوا: فإن في دارهم سنورا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن السنور سبع ". وعيسى هذا ضعفه ابن معين والنسائي وغيرهما.

1513 - " الهوى مغفور لصاحبه ما لم يعمل به أويتكلم ".

منكر.

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (2 / 259 و7 / 261) من طريق المسيب بن واضح: حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " تفرد بهذا اللفظ المسيب عن ابن عيينة، وخالفه أصحاب قتادة منهم شعبة وهمام

 

(4/22)

 

 

وهشام وأبان وشيبان وأبو عوانة وحماد بن سلمة و.. و.. و.. فرووه عنه بلفظ: " إن الله تجاوز عن أمتى ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أوتتكلم ".

قلت: وهذا هو الصحيح المحفوظ، وأما لفظ المسيب فمنكر، لأنه ضعيف الحفظ مع مخالفته للثقات. وقد وجدت له طريقا أخرى يرويه مهنا بن يحيى السامي: حدثنا أبو أسلم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا به. أخرجه أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " (ق 288 / 2) . قلت: وهذا إسناد هالك، آفته أبو أسلم هذا

، واسمه محمد بن مخلد الرعيني الحمصي. قال ابن عدي: " حدث بالأباطيل ".

وقد مضى له بعض الأحاديث الباطلة، فانظر الحديث (410 و1252) .

1514 - " عليكم بالشفاءين: العسل، والقرآن ".

ضعيف.

رواه ابن ماجه (2 / رقم 3452) والحاكم (4 / 200 و403) وابن عدي (147 / 1) والخطيب (11 / 385) وابن عساكر (12 / 5 / 2) عن زيد بن الحباب عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله مرفوعا. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي.

قلت: وإنما هو على شرط مسلم، فإن أبا الأحوص - وهو عوف بن مالك الجشمي - لم يحتج به البخاري في

صحيحه، لكن أبو إسحاق هذا مدلس مع أنه كان اختلط، لكن رواه شعبة عنه عند الخطيب في " تاريخه "، فبقيت علة العنعنة، مع المخالفة في رفعه، فقد أخرجه الحاكم من طريق وكيع عن سفيان به موقفا. وكذلك رواه أحمد بن الفرات الرازي في " جزئه " كما في " المنتقى منه " للذهبي

 

(4/23)

 

 

(4 / 1 - 2) موقوفا، فقال: أخبرنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن خيثمة عن الأسود عن عبد الله قال: فذكره موقوفا. وكذلك رواه أبو عبيد في " فضائل القرآن " (ق 3 / 1 و111 / 2) والواحدي (145 / 2) من طريق أخرى عن ابن مسعود موقوفا. وكذا رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (12 / 61 / 2) : أبو معاوية عن الأعمش به. وفي رواية له من طريق أبي الأسود عن عبد الله قال: " العسل شفاء من كل داء، القرآن شفاء لما في الصدور ".

ولذلك قال البيهقي في " شعب الإيمان " كما في " المشكاة " (4571) : " والصحيح موقوف على ابن مسعود ". وقد روي مرفوعا نحوهذا ولفظه: " عليكم بالشفاء، العسل شفاء من كل داء، والقرآن شفاء لما في الصدور ".

رواه ابن عدي (183 / 2) عن سفيان بن وكيع: حدثنا أبي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله مرفوعا.

وقال: " هذا يعرف عن الثوري مرفوعا من رواية زيد بن الحباب عن سفيان، وأما من حديث وكيع مرفوعا لم يروه عنه غير ابنه سفيان، والحديث في الأصل عن الثوري بهذا الإسناد موقوف ". قلت: وبالإضافة إلى الوقف، فإن في المرفوع علة أخرى، وهي عنعنة أبي إسحاق وهو السبيعي، فقد

كان مدلسا، ولذلك فالحديث من حصة هذه السلسلة: " الضعيفة " والله أعلم. وخفي هذا التحقيق على المناوي، ففي " التيسير " أقر الحاكم على تصحيحه! واغتر بذلك الغماري فأورده في " كنزه " برقم (2182) وأما في " الفيض " فعقب تصحيح الحاكم بتصحيح البيهقي وقفه، فأصاب.

 

(4/24)

 

 

1515 - " كان إذا أراد أمرا قال: اللهم خر لي واختر لي ".

ضعيف.

أخرجه الترمذي (2 / 266) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (591) وابن عدي (151 / 2) وكذا تمام في " الفوائد " (ق 277 / 1) والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ق 228 / 2) من طريق زنفل بن عبد الله العرفي عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن أبي بكر الصديق أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ... وقال الترمذي: " حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث زنفل، وهو ضعيف عند أهل الحديث، ولا يتابع عليه ". وذكر ابن عدي نحوه، وأورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال: " قال النسائي: ليس بثقة، وقال الدارقطني

: ضعيف ". وقول الدارقطني هذا هو الذي اعتمده الحافظ في " الإصابة ".

 

(4/25)

 

 

1516 - " إن الله أعطاني ثلاث خصال لم يعطها أحدا قبلي: الصلاة في الصفوف، والتحية

من تحية أهل الجنة وآمين، إلا أنه أعطى موسى أن يدعو، ويؤمن هارون ".

ضعيف جدا.

رواه ابن خزيمة في " صحيحه " (1 / 166 / 2) ورقم (1586 - مطبوعة) وابن عدي (152 / 2) والحارث بن أبي أسامة (19 / 1 - 2 زوائده) عن زربي مولى آل مهلب قال: سمعت أنس مرفوعا. وقال ابن عدي: " وأحاديث زربي وبعض متون أحاديثه منكرة ". وقال ابن حبان: " منكر الحديث على قلته، ويروي عن أنس ما لا أصل له فلا يحتج به ". وضعفه البخاري جدا، فقال: " فيه نظر ".

 

(4/25)

 

 

1517 - " إن الله أعطاني فارس ونساءهم وأبناءهم وسلاحهم وأموالهم، وأعطاني الروم ونساءهم وأبناءهم وسلاحهم وأموالهم، وأمدني بحمير ".

ضعيف.

رواه ابن عساكر (9 / 178 / 2) عن بقية بن الوليد عن يحيى (كذا ولعله بحير) بن سعد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن سعد أنه قال: فذكره مرفوعا.

أورده في ترجمة عبد الله بن سعد - وهو الأنصاري الحزامي - وذكر أن له صحبة. قلت: وهذا إسناد ضعيف، بقية بن الوليد مدلس، وقد عنعنه. والحديث رواه أيضا نعيم بن حماد في " الفتن "، وابن منده، وأبو نعيم في

" المعرفة " كما في " الجامع الكبير " (1 / 141 / 1) .

 

(4/26)

 

 

1518 - " إذا اغتاب أحدكم أخاه فليستغفر الله له، فإن ذلك كفارة له ".

موضوع.

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (153 / 1) والسكن بن جميع في " حديثه " (421) والواحدي في " تفسيره " (4 / 82 / 1) من طريق سليمان بن عمرو عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فذكره.

قلت: سليمان هذا هو أبو داود النخعي، وهو كذاب مشهور، وفي ترجمته أورده ابن عدي في أحاديث أخرى، وقال: " وهذه الأحاديث عن أبي حازم، كلها مما وضعه سليمان عليه ". قلت: ويبدو أن بعض من يشبهه في الكذب قد سرقه منه، فقد رأيته في " مفتاح المعاني " لأبي بكر الكلاباذي (ق 109 / 2) من طريق عمرو بن الأزهر عن أبان عن أبي حازم به. وأبان - وهو ابن أبي عياش - متروك.

 

(4/26)

 

 

وعمرو بن الأزهر قال البخاري: " يرمى بالكذب ". وقال النسائي وغيره: " متروك ". وقال أحمد: " كان يضع الحديث ".

وقد روي الحديث من طريق أخرى بلفظ آخر، وهو الآتي بعده. (تنبيه) : قد جاء الحديث في " الجامع الكبير

" للسيوطي بلفظ: " من اغتاب أخاه المسلم فاستغفر له، فإنها كفارة ". وقال في تخريجه: " رواه الخطيب في " المتفق والمفترق " عن سهل بن سعد، وفيه سليمان بن عمرو النخعي، كذاب ". وبهذا اللفظ رواه السكن بن جميع، لكن وقع في متنه خطأ مطبعي فاحش مفسد للمعنى، لم يتنبه له محققه الدكتور تدمري، فإنه قال: " ولم يستغفر الله له "! والظاهر أن الأصل: " واستغفر.. ". فانقلب حرف الألف على الطابع إلى " لم "!

1519 - " كفارة من اغتبت أن تستغفر له ".

ضعيف.

روي عن أنس من طرق:

الأولى: عن عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن خالد بن يزيد اليمامي عنه مرفوعا.

أخرجه الحارث بن أبي أسامة في " زوائد المسند " (261) وابن أبي الدنيا في " الصمت " (2 / 8 / 1) والخرائطي في " مساوىء الأخلاق " (2 / 4 / 1) وأبو بكر الدينوري في " المجالسة " (26 / 9 / 1) وأبو بكر الذكواني في " اثنا عشر مجلسا " (19 / 2) والضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته " (141 / 2) وأبو جعفر الطوسي الشيعي في " الأمالي

 

(4/27)

 

 

" (ص 120) .

قلت: وعنبسة هذا، قال البخاري: " ذاهب الحديث ". وقال أبو حاتم: " كان يضع الحديث ". وقال ابن حبان: " صاحب أشياء موضوعة، لا يحل الاحتجاج به ". وفي " التقريب ": " متروك، رماه أبو حاتم بالوضع ". وخالد بن يزيد اليمامي لم أعرفه.

الثانية: عن أشعث بن شبيب: حدثنا أبو سليمان الكوفي حدثنا ثابت عن أنس به. أخرجه الخرائطي، وأخرجه الحاكم في " الكنى " كما في " اللآلي " (2 / 303) من هذا الوجه إلا أنه قال: " أبو سليمان الكوفي عنبسة "، وزاد في آخره: " تقول: اللهم اغفر لنا وله ". وعزاه في " المشكاة " (4876) للبيهقي في " الدعوات الكبير "، وذكر أنه ضعفه.

قلت: وهذا إسناد ضعيف مظلم، لم أعرف أبا سليمان هذا، ولا الراوي عنه، وسكت السيوطي عنه، وقال السخاوي في " المقاصد ": " وهو ضعيف أيضا ".

الثالثة: عن دينار بن عبد الله عنه مرفوعا. أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (7 / 303) . قلت: وهذا موضوع، دينار هذا قال الذهبي عنه: " ذاك التالف المتهم، قال ابن حبان: يروي عن أنس أشياء موضوعة ". وقد روي الحديث بلفظ آخر، وهو:

 

(4/28)

 

 

1520 - " من اغتاب رجلا ثم استغفر له غفرت له غيبته ".

موضوع.

رواه أبو بكر الدقاق في " حديثه " (2 / 39 / 2 و41 / 2) عن حفص بن عمر بن ميمون عن المفضل بن لاحق عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته حفص هذا وهو الأبلي. قال أبو حاتم: " كان شيخا كذابا ". وقال الساجي: " كان يكذب ". وقال العقيلي: " يحدث عن الأئمة بالبواطيل ". وذكر السيوطي عن الدارقطني أنه قال: " تفرد به حفص، وهو ضعيف ".

قلت: وفي هذا التضعيف المطلق ما لا يخفى من التساهل، فالرجل أسوأ حالا مما ذكر، وقد اغتر به السخاوي، فقال: " وحفص ضعيف ". ثم بنى على ذلك قوله: " وبمجموع هذا يبعد الحكم عليه بالوضع ". ويعنى بذلك مجموع حديث سهل، وأنس بطريقيه، وحديث جابر هذا.

وفيما قاله نظر عندي، فإن جميع طرقه لا تخلومن كذاب، أومتهم بالكذب، باستثناء الطريق الأخرى عن أنس، مع احتمال أن يكون أبو سليمان الكوفي المسمى عنبسة هو عنبسة بن عبد الرحمن الوضاع، ولكني لم أر من كناه بأبي سليمان، ولا من نسبه كوفيا. والله أعلم. وكذلك فإني أرى أن ابن الجوزي لم يبعد عن الصواب حين أورد هذه الأحاديث الثلاثة في " الموضوعات ".

 

(4/29)

 

 

1521 - " خير الرزق ما كان يوما بيوم كفافا ".

موضوع.

رواه ابن لال في " حديثه " (116 / 1 - 2) وابن عدي (153 / 1) عن عيسى بن موسى الغنجار عن أبي داود عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر عن أنس بن مالك مرفوعا. وذكره في جملة أحاديث لأبي داود النخعي سليمان بن عمرو، ثم قال: " كلها موضوعة، وضعها هو ". قلت: والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عدي والديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس، وقال شارحه المناوي: " وفيه مبارك بن فضالة أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: ضعفه أحمد والنسائي ". قلت: وهذا ليس في طريق ابن لال وابن عدي، فلعله في إسناد الديلمي. وقد روي الحديث من طريق أخرى عن نقادة الأسدي مرفوعا، ولكنه ضعيف أيضا وسيأتي برقم (4868) .

 

(4/30)

 

 

1522 - " أربع من الشقاء: جمود العين وقسوة القلب والأمل والحرص على الدنيا ".

ضعيف.

رواه ابن عدي (193 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 246) عن سليمان بن عمرو بن وهب عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس مرفوعا. وقال ابن عدي: " وهذا الحديث وضعه سليمان على إسحاق ". قلت: لكن له طريق أخرى عند أبي نعيم في " الحلية " (6 / 175) عن الحسن بن عثمان: حدثنا أبو سعيد المازني حدثنا حجاج بن منهال عن صالح المري عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك به. وقال: " تفرد برفعه متصلا عن صالح حجاج ".

 

(4/30)

 

 

قلت: وصالح ضعيف، ومثله يزيد الرقاشي. وأورده ابن كثير في " التفسير " (1 / 114) من رواية البزار عن أنس، وسكت عنه، وقد وقفت على إسناده، فقد أخرجه في " مسنده " (ق 305 / 1) من طريق هانىء بن المتوكل: حدثنا عبد الله بن سليمان عن أبان عن أنس به. وقال: " عبد الله بن سليمان حدث بأحاديث لا يتابع عليها ".

قلت: هو عبد الله بن سليمان بن زرعة الحميري المصري الطويل. قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطىء ". وإعلاله بشيخه أبان - وهو ابن أبي عياش - أولى لأنه متروك. على أن هانىء بن المتوكل قريب منه، فقال ابن حبان في " الضعفاء ": " كان يدخل عليه لما كبر فيجيب، فكثر المناكير في روايته، فلا يجوز الاحتجاج به بحال ". وقد ساق له الذهبي مناكير هذا أحدها، لكن وقع فيه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة كما في الطريق الأولى مكان أبان. وقال الذهبي وتبعه العسقلاني: " هذا حديث منكر ". وبه أعله الهيثمي (10 / 226) ، فقال: " وهو ضعيف ".

1523 - " استغنوا بغناء الله عز وجل، قيل: وما هو؟ قال: عشاء ليلة وغداء يوم ".

ضعيف.

أخرجه ابن السني في " القناعة " (241 / 2) عن زهير بن عباد حدثنا داود بن هلال عن حبان بن علي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، داود بن هلال أورده ابن أبي حاتم (1 / 2 / 427) من

 

(4/31)

 

 

رواية زهير هذا فقط عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وزهير بن عباد ضعيف، كما قال ابن عبد البر وغيره. وحبان بن علي مثله، كما في " التقريب ".

وقد تابعه أبو داود النخعي عن محمد بن عمرو به.

أخرجه ابن عدي (153 / 1) . وأبو داود اسمه سليمان بن عمرو النخعي، وهو وضاع، فلا يفرح بمتابعته.

وللحديث شاهد مرسل، أخرجه المعافى بن عمران في " الزهد " (256 / 2) : حدثنا عنبسة بن سعيد النهدي عن الحسن مرفوعا به. قلت: وعنبسة هذا لم أعرفه، إلا أن يكون هو النضري، تحرف على الناسخ إلى " النهدي "، فإن كان النضري فهو ضعيف. وله شاهد آخر، قال ابن أبي الدنيا في " القناعة " (2 / 1 / 2) : أخبرت عن نصر بن علي حدثنا أحمد بن موسى الخزاعي حدثنا واصل مولى أبي عيينة، عن رجاء بن حيوة - فيما أعلم - قال: " قال رجل للنبي صلى الله عليه

وسلم: أوصني، قال ... " فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإنه مع إرساله فيه الانقطاع بين ابن أبي الدنيا ونصر بن علي. وأحمد بن موسى الخزاعي لم أعرفه.

1524 - " من احتجم يوم الأربعاء ويوم السبت، فراى وضحا، فلا يلومن إلا نفسه ".

ضعيف.

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (154 / 1) والحاكم (4 / 409 - 410) والبيهقي (9 / 340) من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

 

(4/32)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، سكت عنه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: " سليمان متروك ". وقال البيهقي: " سليمان بن أرقم ضعيف ". قلت: وتابعه ابن سمعان عن الزهري به. أخرجه ابن عدي (208 / 2) وقال: " هذا الحديث غير محفوظ، وابن سمعان عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان القرشي، الضعف على حديثه بين ". وعلقه البيهقي، وقال: " وهو أيضا ضعيف ".

قلت: وتابعه الحسن بن الصلت عن سعيد بن المسيب به. أخرجه أبو العباس الأصم في " حديثه " (ج 2 رقم 147 - نسختي) قال: حدثنا بكر بن سهل الدمياطي أخبرنا محمد بن أبي السري العسقلاني أخبرنا شعيب بن إسحاق عن الحسن بن الصلت. قلت: وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل:

الأولى: ابن الصلت هذا لم أجد له ترجمة، وهو شامي كما صرح الطبراني في حديث آخر مضى (758) .

الثانية: العسقلاني، صدوق له أوهام كثيرة.

الثالثة: بكر بن سهل الدمياطي ضعفه النسائي. وعلقه البيهقي أيضا من هذا الوجه، وقال: " وهو أيضا ضعيف، والمحفوظ عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم منقطعا. والله أعلم ".

قلت: ولعله من رواية معمر عن الزهري، فقد قال المنذري في " الترغيب " (4 / 161) : وعن معمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وقال:

 

(4/33)

 

 

" رواه أبو داود هكذا وقال: قد أسند ولا يصح ". قلت: وليس هذا في " كتاب السنن "، فالظاهر أنه في " المراسيل ".

ثم تأكدت من هذا الذي كنت استظهرته من سنين حين رجعت إلى نسخة مصورة لدي من كتاب

" المراسيل "، منحني إياها مع غيرها من المصورات القيمة أحد إخواننا الطلاب في الجامعة الإسلامية - جزاه الله خيرا -، فوجدت الحديث في " الطب " منه (ق 23 / 1) من طريق عبد الرزاق، وهذا أخرجه في " المصنف " (11 / 29 / 19816) قال: أخبرنا معمر عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم ... إلخ.

فتبين أنه من رواية معمر عن الزهري كما كنت ظننت من قبل، وأن في " الترغيب " سقطا وتحريفا لا يخفى على القارىء اللبيب، وأن الحديث مرسل أومعضل. وقال المناوي في " الفيض ": " وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات ".

وذكره في " اللسان " من حديث ابن عمرو، وقال: قال ابن حبان: ليس هو من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ". وقد تعقب السيوطي في " اللآليء " (2 / 408 - 410) ابن الجوزي، وتبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2 / 358) بهذه الطرق وغيرها، وهي إن ساعدت على رفع الحكم على الحديث بالوضع، فلا تجدي في تقويته شيئا، لشدة ضعف أكثرها، وقد مضى له شاهد ضعيف جدا من حديث أنس رقم (1408) . وإن من عجائب المناوي التي لا أعرف لها وجها، أنه في كثير من الأحيان يناقض نفسه، فقد قال في " التيسير ": " وإسناده صحيح "! فهذا خلاف ما في " الفيض ". وسيأتي الحديث عن الزهري مرسلا بزيادة في المتن برقم (1672) .

1525 - " إذا توضأ أحدكم فلا يغسلن أسفل رجليه بيده اليمنى ".

موضوع.

رواه ابن عدي (154 / 2) عن محمد بن القاسم الأسدي حدثنا سليمان بن أرقم عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا، وقال:

 

(4/34)

 

 

" سليمان بن أرقم، عامة ما يرويه لا يتابعه أحد عليه ". قلت: وهو ضعيف جدا كما سبق آنفا، لكن

الأسدي الراوي عنه شر منه، فقد كذبه أحمد، وقال في رواية: " أحاديثه موضوعة، ليس بشيء ".

1526 - " يجزي من السترة مثل مؤخرة الرحل ولوبدق شعرة ".

باطل.

أخرجه ابن خزيمة (93 / 2) : أخبرنا محمد بن معمر القيسي أخبرنا محمد بن القاسم أبو إبراهيم الأسدي أخبرنا ثور بن يزيد عن يزيد بن يزيد بن جابر عن مكحول عن يزيد بن جابر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره، وقال: " أخاف أن يكون محمد بن القاسم وهم في رفع هذا الخبر ".

قلت: مثل هذا يقال فيمن كان ثقة ضابطا، وابن القاسم هذا ليس كذلك، فقد كذبه

أحمد كما تقدم، فكأن ابن خزيمة خفي عليه أمره. والحديث في " صحيح مسلم " وغيره من حديث طلحة وعائشة بمعناه دون قوله: " ولوبدق شعرة "، فهي زيادة باطلة.

 

(4/35)

 

 

1527 - " من قرأ في إثر وضوئه " إنا أنزلناه في ليلة القدر " مرة واحدة كان من الصديقين ومن قرأها مرتين كتب في ديوان الشهداء ومن قرأها ثلاثا حشره الله محشر الأنبياء ".

موضوع.

رواه الديلمي في " مسند الفردوس " من طريق أبي عبيدة عن الحسن عن أنس بن مالك مرفوعا. وأبو عبيدة مجهول ". كذا في " الحاوي للفتاوي " للسيوطي (2 / 61) وأورده في " جامعه الكبير " (2 / 284 / 1) . قلت: وفيه علة أخرى، وهي عنعنة الحسن البصري، ولوائح الوضع ظاهرة على

 

(4/35)

 

 

متن الحديث، وقد قال فيه البخاري: " لا أصل له ". فانظر الحديث (68) .

1528 - " إذا أبغض المسلمون علماءهم وأظهروا عمارة أسواقهم وتناكحوا على جمع الدراهم، رماهم الله عز وجل بأربع خصال: بالقحط من الزمان والجور من السلطان والخيانة من ولاة الأحكام والصولة من العدو".

منكر.

أخرجه الحاكم (4 / 325) عن محمد بن عبد ربه أبي تميلة: حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن ابن أبي مليكة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " صحيح الإسناد إن كان عبد الله بن أبي مليكة سمع من أمير المؤمنين عليه السلام ".

ورده الذهبي بقوله: " قلت: بل منكر، منقطع، وابن عبد ربه لا يعرف ".

قلت: ولم أر أحدا ترجمه! ولعله نسب إلى جده، فقد أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " (1 / 1 / 88 - 89) من طريق موسى بن محمد بن موسى الأنصاري: حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد ربه: حدثنا أبو بكر بن عياش ... والأنصاري هذا لم أعرفه. والله أعلم.

(تنبيه) : كتب بعض الطلاب الحمقى وبالحبر الذي لا يمحى، عقب قول الذهبي المتقدم - نسخة الظاهرية: " قلت: بل صحيح جدا ". وكأن هذا الأحمق يستلزم من مطابقة معنى الحديث الواقع أنه قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

(4/36)

 

 

وهذا جهل فاضح، فكم من مئات الأحاديث ضعفها أئمة الحديث وهي مع ذلك صحيحة المعنى، ولا حاجة لضرب الأمثلة على ذلك، ففي هذه السلسلة ما يغني عن ذلك، ولوفتح باب تصحيح الأحاديث من حيث المعنى، دون التفات إلى الأسانيد، لاندس كثير من الباطل على الشرع، ولقال الناس على النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل. ثم تبوءوا مقعدهم من النار والعياذ بالله تعالى.

1529 - " أوسعوه (يعني: المسجد) تملؤوه ".

ضعيف.

أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (4 / 1 / 226) وابن خزيمة في " صحيحه " (1 / 142 / 1) والعقيلي في " الضعفاء " (378) من طريق محمد بن درهم: حدثني كعب بن عبد الرحمن الأنصاري عن أبيه عن أبي قتادة قال: " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما من الأنصار، وهم يبنون مسجدا، فقال لهم: فذكره ".

قلت: وهذا سند ضعيف، محمد بن درهم مختلف فيه، قال شبابة: ثقة. وقال ابن معين: ليس بشيء. وفي رواية: ليس بثقة. وذكره العقيلي وغيره في " الضعفاء " وقال: " ولا يعرف إلا به ". وقد اختلف عليه في إسناده، فقال بعضهم عنه هكذا، وقال غيرهم: عن كعب بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده قال: فذكر الحديث. أخرجه ابن عدي (ق 301 / 1) ، وقال الذهبي: " والأول أشبه ".

قلت: وكعب هذا هو ابن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، روى عن أبيه عن أبي قتادة، روى عنه محمد بن درهم المدائني. كذا في " الجرح والتعديل " (3 / 2 / 162) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

وكذلك صنع البخاري، ولكنه فرق بين كعب بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن أبي قتادة، وكعب بن عبد الرحمن بن أبي قتادة عن أبيه. والله أعلم.

 

(4/37)

 

 

1530 - " من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين وأن لا يسلم الرجل إلا على من يعرف وأن يبرد الصبي الشيخ ".

ضعيف.

رواه ابن خزيمة في " صحيحه " رقم (1329) والطبراني (3 / 36 / 2) عن الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه قال: لقي ابن مسعود رجلا فقال: السلام عليك يا ابن مسعود! فقال ابن مسعود: صدق الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل الحكم هذا، فإنه ضعيف كما في " التقريب ".

وقد خولف في سنده، فرواه الطبراني من طريق منصور عن سالم بن أبي الجعد قال: دخل ابن مسعود المسجد، فقال عبد الله: فذكره بنحوه مقتصرا على الجملة الأولى منه. وهذا منقطع، لأن سالما لم يلق ابن مسعود كما قال علي بن المديني. وله طريق أخرى، أخرجه الطبراني عن عمر بن المغيرة عن ميمون أبي حمزة عن إبراهيم عن

علقمة عن ابن مسعود به نحوه بتمامه وزاد: " وحتى يبلغ التاجر الأفقين فلا يجد ربحا ".

وهذا سند ضعيف جدا، أبو حمزة ضعيف، وعمر بن المغيرة، قال البخاري: " منكر الحديث، مجهول ".

والخلاصة، أن الحديث بهذا التمام ضعيف، لضعف إسناده، أوانقطاعه، وقصور الشاهد من الطريق الأخرى عن تقويته لشدة ضعفه. وإنما أوردته هنا من أجل الجملة الأخيرة منه في الإبراد، وأما سائره فثابت في أحاديث، فانظر الكتاب الآخر (647 و648 و649) .

 

(4/38)

 

 

1531 - " لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقا وحتى يسلم الرجل على الرجل بالمعرفة وحتى تتجر المرأة وزوجها وحتى تغلوالخيل والنساء، ثم ترخص فلا تغلوإلى يوم القيامة ".

ضعيف.

أخرجه الحاكم (4 / 446) من طريق شعبة عن حصين عن عبد الأعلى بن الحكم - رجل من بني عامر - عن خارجة بن الصلت البرجمي قال: دخلت مع عبد الله يوما المسجد، فإذا القوم ركوع، فمر رجل، فسلم عليه، فقال: صدق الله ورسوله، صدق الله ورسوله، فسألته عن ذلك، فقال: إنه لا تقوم الساعة ... وقال: " صحيح الإسناد، وقد أسند هذه الكلمات بشير بن سلمان في روايته، ثم صار الحديث برواية شعبة هذه صحيحا ".

قلت: كلا، وأعله الذهبي بأنه موقوف وليس بشيء، وإنما علته أمران:

الأول: جهالة حال عبد الأعلى بن الحكم، وخارجة بن الصلت، فقد ترجمهما ابن أبي حاتم (1 / 2 / 374 و3 / 1 / 25) ولم يذكر فيهما جرحا ولا تعديلا.

والآخر: الاختلاف في إسناده، فقد رواه شعبة هكذا، وتابعه زائدة: أخبرنا حصين به نحوه مقتصرا على الفقرة الأولى منه.

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 36 / 2) . وخالفهما الثوري، فقال: عن حصين عن عبد الأعلى قال: " دخلت المسجد مع ابن مسعود فركع ... " الحديث نحوه بتمامه. أخرجه الطبراني. والثوري أحفظ من شعبة، لكن هذا معه زائدة، ومعهما زيادة، فالواجب قبولها.

وبالجملة فالحديث علته الجهالة، وإنما أوردته من أجل قوله: " وحتى تغلوالخيل ... " إلخ، فإني لم أجد له شاهدا مفيدا يقويه، وأما سائره فصحيح ثابت من طرق فانظر الكتاب الآخر رقم (647 - 649) .

 

(4/39)

 

 

1532 - " إذا وقعت الفأرة في السمن، فإن كان جامدا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعا فلا تقربوه ".

شاذ.

أخرجه أبو داود (3842) والنسائي (2 / 192) وابن حبان (1364) والبيهقي (9 / 353) وأحمد (2 / 232 - 233 و265 و490) من طريق معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وفي رواية لأحمد عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة.

قلت: وهذا إسناد ظاهره الصحة، وليس كذلك، لأن معمرا - وإن كان ثقة - فقد خولف في إسناده ومتنه.

أما الإسناد فرواه جماعة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنها: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الفأرة تقع في السمن؟ فقال: انزعوها وما حولها فاطرحوه ".

أخرجه مالك في " الموطأ " (2 / 971 / 20) عن ابن شهاب به. ومن طريقه أخرجه البخاري (1 / 70 و4 / 19) والنسائي (2 / 192) والبيهقي (9 / 353) وأحمد (6 / 335) كلهم من طرق عن مالك به. وتابعه سفيان بن عيينة قال: حدثنا الزهري به. أخرجه أحمد (6 / 329) والحميدي في " مسنده " (312) قالا: حدثنا سفيان به. ومن طريق الحميدي أخرجه البخاري (4 / 18) وكذا البيهقي.

وأخرجه هذا وأبو داود (3841) والنسائي والترمذي (1 / 332) والدارمي (2 / 188) من طرق أخرى عن سفيان به. وتابعهما الأوزاعي عن الزهري به. أخرجه أحمد (6 / 330) : حدثنا محمد بن مصعب قال: حدثنا الأوزاعي ... وتابعهم معمر أيضا في رواية عنه، فقال النسائي: أخبرنا خشيش بن أصرم قال

 

(4/40)

 

 

حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرني عبد الرحمن بن بوذويه أن معمرا ذكره عن الزهري به. وأخرجه أبو داود (3843) : حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق به. قلت: وهذا إسناد صحيح إلى معمر بذلك. ولا يشك من كان عنده علم ومعرفة بعلل الحديث، أن رواية معمر هذه أصح من روايته الأولى لموافقتها لرواية مالك ومن تابعه ممن ذكرنا وغيرهم، ممن لم نذكر، وأن روايته تلك شاذة لمخالفتها لرواياتهم. وقد أشار إلى ذلك الحميدي في روايته عن سفيان، فقال: " فقيل لسفيان، فإن معمرا يحدثه عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة؟ قال سفيان: ما سمعت الزهري يحدثه إلا عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد سمعته

منه مرارا ".

قلت: كأنه يشير إلى تخطئة معمر في ذلك، وهو الذي يطمئن القلب إليه، وجزم به الإمام البخاري والترمذي كما يأتي. هذا ما يتعلق بالمخالفة في الإسناد.

وأما المخالفة في المتن، فقد رواه الجماعة عن الزهري باللفظ المتقدم: " انزعوها وما حولها فاطرحوه ". ليس فيه التفصيل الذي في رواية معمر: " فإن كان جامدا فألقوها ... " إلخ. لكن في رواية أخرى عنه، أخرجها ابن أبي شيبة عن عبد الأعلى عنه مثل رواية الجماعة بغير تفصيل.

وهذا هو الصواب لما سبق بيانه عند الكلام على إسناده الذي وافق فيه رواية الجماعة، وكأنه لذلك قال الترمذي بعد أن ذكر الحديث معلقا: " وهو حديث غير محفوظ، وسمعت محمد بن إسماعيل (يعني: البخاري) يقول: وحديث معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر فيه أنه سئل عنه؟ فقال: إذا كان جامدا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعا فلا تقربوه. هذا خطأ أخطأ فيه معمر، والصحيح حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة ". يعني باللفظ الآخر المطلق.

وقد أشار البخاري في " صحيحه " إلى أنه المحفوظ، بأن روى عقبه بإسناده الصحيح عن يونس عن الزهري عن الدابة تموت في الزيت والسمن،

 

(4/41)

 

 

وهو جامد أوغير جامد، الفأرة أوغيرها؟ قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بفأرة ماتت في سمن، فأمر بما قرب منها فطرح، ثم أكل، عن حديث عبيد الله بن عبد الله ". قلت: فلم يفرق الزهري بين الجامد والمائع، فلوكان في حديثه التفريق لم يخالفه إن شاء الله تعالى، أفلا يدل هذا على خطأ معمر في روايته التفريق عنه؟ ولذلك قال الحافظ في " الفتح " (9 / 577) : " هذا ظاهر في أن الزهري كان في هذا الحكم لا يفرق بين

السمن وغيره، ولا بين الجامد منه والذائب، لأنه ذكر ذلك في السؤال، ثم استدل بالحديث في السمن، فأما غير السمن، فإلحاقه به في القياس عليه واضح. وأما عدم الفرق بين الذائب والجامد، فلأنه لم يذكر في اللفظ الذي استدل به، وهذا يقدح في صحة من زاد في هذا الحديث عن الزهري التفرقة بين الجامد والذائب ... وليس الزهري ممن يقال في حقه: لعله نسي الطريق المفصلة المرفوعة، لأنه كان أحفظ الناس في عصره، فخفاء ذلك عنه في غاية البعد ". واعلم أنه وقع عند النسائي من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن مالك وصف السمن بأنه " جامد ". وهي

رواية شاذة أيضا لمخالفتها لرواية الجماعة عن مالك، ولرواية الجمهور عن الزهري. بل هي مخالفة لرواية أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي نفسه!

وهذا مما خفي على الحافظ فإنه ذكر رواية النسائي عنه، ولم يذكر رواية أحمد هذه عنه! ووقع ذلك أيضا في رواية الأوزاعي المتقدمة. لكن الراوي لها عنه ضعيف، وهو محمد بن مصعب القرقساني، قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق كثير الغلط ". ولم ينبه على ضعف هذه الرواية في " الفتح "، ولا أشار إلى ذلك أدنى إشارة!

من فقه الحديث: قال الحافظ في شرح المتن المحفوظ من هذا الحديث: " واستدل بهذا الحديث لإحدى الروايتين عن أحمد، أن المائع إذا حلت فيه النجاسة لا ينجس إلا بالتغير، وهو اختيار البخاري، وقول ابن نافع من المالكية، وحكي عن

 

(4/42)

 

 

مالك، وقد أخرج أحمد عن إسماعيل بن علية عن عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة أن ابن عباس سئل عن فأرة ماتت في سمن؟ قال: تؤخذ الفأرة وما حولها، فقلت: إن أثرها كان في السمن كله؟ قال: إنما كان وهي: حية، وإنما ماتت حيث وجدت.

ورجاله رجال الصحيح. وأخرجه أحمد من وجه آخر، وقال فيه: عن جر فيه زيت، وقع فيه جرذ. وفيه: " أليس جال في الجر كله؟ قال: إنما جال وفيه الروح، ثم استقر حيث مات ". وفرق الجمهور بين المائع والجامد، عملا بالتفصيل المتقدم ذكره. واستدل بقوله في الرواية المفصلة: " وإن مائعا فلا تقربوه "، على أنه لا يجوز الانتفاع به في شيء، فيحتاج من أجاز الانتفاع به في غير الأكل كالشافعية، وأجاز بيعه كالحنفية إلى الجواب، أعني الحديث، فإنهم احتجوا به في التفرقة بين الجامد والمائع ". انتهي كلام الحافظ رحمه الله.

1533 - " أكثر جنود الله في الأرض الجراد، لا آكله ولا أحرمه ".

ضعيف.

أخرجه أبو مسلم الكجي في " جزء الأنصاري " (2 / 2) وعنه البيهقي (9 / 257) : حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

: فذكره.

قلت: هذا إسناد صحيح لولا أنه مرسل، وقد روي موصولا، من طريق محمد بن الزبرقان: حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجراد، فقال "، فذكره دون قوله: " في الأرض ". أخرجه أبو داود (3813) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (9 / 2 / 1) والبيهقي وابن عساكر (7 / 194 / 1) وقال أبو داود: " رواه المعتمر عن أبيه عن أبي عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر سلمان ". ومن طريق أبي العوام الجزار عن أبي عثمان النهدي عن سلمان. أخرجه أبو داود (3814) وابن ماجة (3219) وقال أبو داود:

 

(4/43)

 

 

" رواه حماد بن سلمة عن أبي العوام عن أبي عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر سلمان ". قلت: وأبو العوام هذا اسمه فائد بن كيسان، ليس بالمشهور، قال الذهبي: " ما علمت فيه جرحا، بل وثقه ابن حبان ".

وجملة القول أن الحديث اختلف في وصله وإرساله على أبي عثمان، فأرسله سليمان التيمي عنه في رواية ثقتين عنه هما الأنصاري والمعتمر بن سليمان، وخالفهما محمد بن الزبرقان فرواه عنه موصولا.

ومما لا ريب فيه أن روايته مرجوحة، لأنه فرد، ولاسيما وقد قيل فيه: إنه قد يخطىء، فينتج من ذلك أن المحفوظ عن سليمان التيمي مرسل. وخالف التيمي أبو العوام فوصله. وروايته مرجوحة أيضا، لأنه غير مشهور كما ذكرنا، فلا يقرن مع التيمي ليفاضل بينهما! والخلاصة أن الحديث ضعيف لإرساله. والله أعلم.

وقد أشار البيهقي إلى تضعيفه بقوله. " إن صح هذا ففيه أيضا دلالة على الإباحة فإنه إذا لم يحرم فقد أحله، وإنما لم يأكله تقذرا. والله أعلم ".

1534 - " أوصيك يا أبا هريرة! خصال أربع لا تدعهن ما بقيت، أوصيك بالغسل يوم الجمعة والبكور إليها ولا تغلوأولا تلهو، وأوصيك بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، فإنه صوم الدهر، وأوصيك بركعتي الفجر لا تدعهما وإن صليت الليل كله، فإن فيهما الرغائب، قالها ثلاثا ".

ضعيف جدا.

رواه ابن عدي (158 / 2) من طريق أبي يعلى عن سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: جاء أبو هريرة يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ويعوده في شكواه، فأذن له، فدخل عليه فسلم

 

(4/44)

 

 

وهو نائم، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم مستندا إلى صدر علي بن أبي طالب، وقال: قال علي بيده على صدره ضامه إليه والنبي صلى الله عليه وسلم باسط رجليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ادن يا أبا هريرة! فدنا، ثم قال: ادن يا أبا هريرة! فدنا، ثم قال: ادن يا أبا هريرة! فدنا حتى مست أصابع أبي هريرة أطراف أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال له: اجلس يا أبا هريرة! فجلس، فقال: أدن طرف ثوبك، فمد أبو هريرة ثوبه وأمسكه بيده يفتحه وأدناه من وجهه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وفي آخره: ضم إليك ثوبك، فضم ثوبه إلى صدره فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أسر هذا أم أعلنه؟ قال: بل أعلنه يا أبا هريرة! قال ثلاثا. وقال ابن عدي:

" سليمان بن داود، عامة ما يرويه بهذا الإسناد لا يتابعه أحد عليه ". قلت: وقال البخاري: " منكر الحديث ". قال الذهبي: " وقد مر لنا أن البخاري قال: من قلت فيه: منكر الحديث، فلا تحل رواية حديثه. وقال ابن حبان: ضعيف. وقال آخر: متروك ".

1535 - " ثلاث من كن فيه حاسبه الله حسابا يسيرا وأدخله الجنة برحمته: تعطي من حرمك وتصل من قطعك وتعفوعمن ظلمك ".

ضعيف جدا.

رواه ابن عدي (158 / 2) عن سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " سليمان بن داود عامة ما يرويه بهذا الإسناد لا يتابعه أحد عليه ". قلت: ومن طريقه أخرجه أيضا ابن أبي الدنيا في " ذم الغضب "، والطبراني في " الأوسط "، والبزار، والحاكم (2 / 518) وقال: " صحيح الإسناد ". ورده الذهبي بقوله:

 

(4/45)

 

 

" قلت: سليمان ضعيف ". قلت: بل هو أسوأ حالا، كما عرفت من قول البخاري فيه في الحديث السابق. ولذلك قال الهيثمي كما في " الفيض ": " متروك ".

1536 - " الخير كثير وقليل فاعله ".

ضعيف.

أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " (رقم 40) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (6 / 70 / 1) وابن عدي في " الكامل " (159 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 203) والخطيب في " تاريخ بغداد " (8 / 177) والبيهقي في " الشعب " (2 / 455 / 2) من طريق أحمد بن عمران الأخنسي، إلا ابن أبي عاصم، فمن طريق حسين الأحول كلاهما عن أبي خالد الأحمر عن إسماعيل بن أبي خالد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. وقال ابن عدي: " لا أعلمه يرويه عن إسماعيل غير أبي خالد الأحمر، وهو صدوق، ليس بحجة ".

قلت: المتقرر فيه بعد النظر في أقوال الأئمة فيه أنه وسط حسن الحديث، وقد احتج به الشيخان، وإنما علة الحديث ممن فوقه، فإن عطاء بن السائب كان اختلط. وإسماعيل بن أبي خالد متأخر الوفاة عنه بنحوعشر سنين، فمن المحتمل أنه سمعه منه في اختلاطه. وأحمد بن عمران الأخنسي أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال: " قال البخاري: يتكلمون فيه ". وفي " الميزان ": " وقال أبو زرعة: كوفي تركوه، وتركه أبو حاتم ". فهو ضعيف جدا، لكن متابعة حسين الأحول - وهو ابن ذكوان المعلم - إياه ترفع التهمة عنه، فإن المعلم ثقة.

(تنبيه) : كل من ذكرنا وقع الحديث عنده باللفظ المذكور، إلا ابن أبي عاصم فإنه عنده بلفظ:

 

(4/46)

 

 

" الخير كثير، ومن يعمل به قليل ". وكذلك رواه الطبراني في " الأوسط " من حديث ابن عمرو كما في " الجامع ". وقال المناوي: " قال الهيثمي: فيه الحسن بن عبد الأول ضعيف ".

1537 - " إذا أخذ أحدكم مضجعه، فليقرأ بأم الكتاب وسورة، فإن الله يوكل به ملكا يهب معه إذا هب ".

ضعيف.

رواه ابن عساكر (8 / 3 / 2) عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن رجل عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن رجل من أهل بلقين قال: وأحسبه من بني مجاشع عن شداد بن أوس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ظاهر الضعف، لجهالة الرجل البلقيني شيخ مطرف، وكذا الراوي عنه. لكنه لم يتفرد به، فقد قال الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (8 / 233 / 1) : حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا سالم بن نوح عن الجريري عن أبي العلاء عن رجل من مجاشع عن شداد بن أوس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، إلا أنه قال: " سورة من كتاب الله ". ورجاله ثقات غير الرجل المجاشعي، وأبو العلاء اسمه يزيد بن عبد الله بن الشخير، وهو أخومطرف المذكور في الطريق الأولى. وبالجملة، فالحديث ضعيف لجهالة تابعيه. والله أعلم.

 

(4/47)

 

 

1538 - " ما كانت نبوة قط إلا كان بعدها قتل وصلب ".

ضعيف.

أخرجه ابن عدي (3 / 1132) والطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 63 / 1) وعنه الضياء في " المختارة " (1 / 285) عن سليمان بن أيوب بن عيسى: حدثني أبي عن جدي عن موسى بن طلحة عن أبيه مرفوعا. قلت: وهو إسناد ضعيف فيه عدة علل: سليمان هذا قال الذهبي:

 

(4/47)

 

 

" صاحب مناكير، وقد وثق ". وأبو هـ وجده لم أجد من ترجمهما، وإليهما أشار الهيثمي بقوله (7 / 307) : "

رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفه ".

1539 - " الناكح في قومه، كالمعشب في داره ".

ضعيف.

أخرجه الطبراني وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 140) وعنه الضياء بإسناد الذي قبله. وفيه عدة علل كما بينا. وبهذا الإسناد حديث آخر ولفظه: " كان لا يكاد يسئل شيئا إلا فعله ". ضعيف. أخرجه الطبراني (1 / 13 / 2) وعنه الضياء (1 / 286) .

 

(4/48)

 

 

1540 - " أعطوا المساجد حقها، قيل: وما حقها؟ قال: ركعتان قبل أن تجلس ".

ضعيف.

أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (1 / 101 / 2) وابن خزيمة في " صحيحه " رقم (1824) عن محمد بن إسحاق (: أخبرنا) عن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عمرو بن سليم عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات، وعلته عنعنة ابن إسحاق فإنه كان يدلس.

وقد خالفه في المتن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم به بلفظ: " إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس ". هكذا أخرجه الشيخان وغيرهما كالبيهقي في " السنن الكبرى " (3 / 53) وهو المحفوظ، وهو مخرج في " إرواء الغليل " (2 / 220 / 467) .

 

(4/48)

 

 

1541 - " كان يكتحل بإثمد وهو صائم ".

ضعيف.

ابن خزيمة (207 / 2) عن معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع: حدثني أبي عن أبيه عبيد الله عن أبي رافع قال: فذكر نحوه، وقال: " أنا أبرأ من عهدة هذا الإسناد لمعمر ". قلت: هو ضعيف جدا، كما يعطيه قول البخاري

فيه: " منكر الحديث ". لكنه لم يتفرد به، فقد تابعه حبان بن علي عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع به. أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (1 / 484) والطبراني في " المعجم الكبير " وابن عدي في " الكامل " (108 / 1) وعند البيهقي (4 / 262) . قلت: وحبان هو العنزي، وهو ضعيف أيضا، ولكن إعلال الحديث بمحمد بن عبيد الله أولى لتفرده به. وقال الهيثمي في " المجمع " (3 / 167) : " رواه الطبراني في " الكبير " من رواية حبان بن علي عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع وقد وثق، وفيهما كلام كثير ".

 

(4/49)

 

 

1542 - " إن من التواضع لله، الرضا بالدون من شرف المجلس ".

ضعيف.

رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 63 / 1) : حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، وعنه الضياء المقدسي في " المختارة " (1 / 285) وابن عدي في " الكامل " (160 / 1) من طريق أحمد بن الفضل بن عبيد الله الصائغ قالا: حدثنا سليمان بن أيوب بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله: حدثني أبي عن جدي عن موسى بن طلحة عن أبيه طلحة بن عبيد الله: " أنه أتى مجلس قوم، فأوسعوا له من كل ناحية، فجلس في صدر المجلس في أدناه، ثم قال لهم: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. ذكره ابن عدي في ترجمة سليمان هذا مع أحاديث أخرى، وقال:

 

(4/49)

 

 

" لا يتابع سليمان عليها أحد ". وأورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " له مناكير عدة ". وساق له في " الميزان " من منكراته أحاديث، هذا أحدها. وأبو هـ، وهو أيوب بن سليمان بن عيسى، وجده عيسى لم أجد لهما

ترجمة، إلا أن الأول منهما قد أورده ابن أبي حاتم (1 / 1 / 248) من رواية ابنه سليمان فقط! ولم يذكر توثيقا ولا تجريحا فهو مجهول. وقال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 14) : " الخرائطي في " مكارم الأخلاق "، وأبو نعيم في " رياضة المتعلمين " من حديث طلحة بن عبيد الله بسند جيد ".

كذا قال ولست أدري إذا كان طريق الخرائطي وأبي نعيم هي نفس طريق سليمان بن أيوب، أوغيرها؟ فإن كتاب " رياضة المتعلمين " لم أقف عليه مع الأسف، وأما " المكارم " للخرائطي، فالمطبوع منه جزء، وفي مخطوطة الظاهرية الجزء الثامن منه، ولم يطبع وليس الحديث في هذا منه، ولا في ذاك.

1543 - " إن الله لا يؤخر نفسا إذا جاء أجلها، ولكن زيادة العمر ذرية صالحة يرزقها

الله العبد، فيدعون له من بعده، فيلحقه دعاؤهم في قبره، فذلك زيادة العمر ".

منكر.

رواه العقيلي في " الضعفاء " (2 / 134) وابن عدي (160 / 1) وابن حبان في " الضعفاء " (1 / 331) عن سليمان بن عطاء عن مسلمة بن عبد الله الجهني عن عمه أبي مشجعة بن ربعي عن أبي الدرداء قال: ذكرنا زيادة العمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: فذكره. وقال: " لا يتابع عليه بهذا اللفظ ". يعني سليمان هذا، ويروى عن البخاري أنه قال فيه:

 

(4/50)

 

 

" في حديثه بعض المناكير ". وفي " الميزان "، قال أبو حاتم: " ليس بالقوي ". واتهمه ابن حبان وغيره. وذكره ابن كثير (3 / 550) من رواية ابن أبي حاتم من طريق سليمان به، ولكنه وقع فيه (عثمان) مكان (سليمان) وهو خطأ مطبعي، فقد ذكر ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4 / 2 / 10) من شيوخه سليمان بن عطاء هذا.

وقال فيه ابن حبان: " روى أشياء موضوعة لا تشبه حديث الثقات، فلست أدري التخليط فيها منه، أومن مسلمة بن عبد الله؟ ". ثم ساق له أحاديث منكرة هذا منها. وهذا الحديث من الأحاديث الكثيرة الضعيفة التي سود بها الحلبيان كتابيهما " مختصر تفسير الحافظ ابن كثير "، اللذان التزما ألا يوردا فيهما إلا الأحاديث الصحيحة، وأنى لهما ذلك؟ وهما - مع الأسف - من أجهل من كتب في هذا المجال فيما علمت، وبخاصة الرفاعي منهما، فإنه أجرؤهما إقداما على التصحيح بجهل بالغ، فهو مع إخلاله بذلك الالتزام، فقد وضع فهرسا في آخر كل مجلد من مجلداته الأربعة لأحاديث الكتاب، يصرح غالبا بالتصحيح، ونادرا بالتحسين لتلك الأحاديث وهذا منها (3 / 422) ولا حول ولا قوة إلا بالله.

1544 - " آيات المنافق: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان ".

ضعيف جدا.

رواه الطبراني في " الأوسط " عن أبي بكر الصديق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قال الهيثمي (1 / 108) : " وفيه زنفل العرفي، كذاب ".

 

(4/51)

 

 

قلت: لم أر من رماه بالكذب وأسوأ ما قيل فيه: " ليس بثقة ". وقد مضى في الحديث (1515) . ويغني عن هذا الحديث حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " أية المنافق ثلاث إذا حدث ... " إلخ. أخرجه الشيخان. انظر "

كتاب الإيمان " لأبي عبيد القاسم بن سلام (ص 95) .

1545 - " آيتان هما قرآن وهما يشفعان، وهما مما يحبهما الله، الآيتان في آخر سورة البقرة ".

ضعيف جدا.

أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " عن أبي هريرة مرفوعا.

قال المناوي: " وفيه محمد بن إبراهيم بن جعفر الجرجاني، فإن كان الفروي فصدوق، أوالكيال فوضاع كما في " الميزان " ". قلت: وأغلب الظن أنه الآخر. والله أعلم. ثم وقفت على إسناده في " مختصر الديلمي " للحافظ (1 / 1 / 77) فإذا هو من طريق إبراهيم بن أبي يحيى عن صفوان بن سليم عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة به. وقال الحافظ: " قلت: ابن أبي يحيى ضعيف ".

قلت: بل هو متروك، كما قال هو نفسه في " التقريب ".

 

(4/52)

 

 

1546 - " آمن شعر أمية بن أبي الصلت وكفر قلبه ".

ضعيف.

أخرجه أبو بكر بن الأنباري في " المصاحف " والخطيب في " التاريخ " وابن عساكر، عن ابن عباس. كذا في " الجامع الصغير "، و" الكبير " (1 / 3 / 2) ولم أره في " فهرس الخطيب " وقد ذكر المناوي في شرحه أن في سنده عند ابن الأنباري أبا بكر الهذلي. قلت: وهو متروك

 

(4/52)

 

 

الحديث كما في " التقريب "، وأن إسناد الخطيب وابن عساكر ضعيف، ورواه عنه الفاكهي وابن منده. قلت

: قد وقفت على إسناد الفاكهي بواسطة " الإصابة " (8 / 156) رواه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. والكلبي متهم بالكذب.

1547 - " آية العز: " وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا " الآية ".

ضعيف.

رواه أحمد (3 / 439) والواحدي في " تفسيره " (2 / 192 / 1) عن رشدين بن سعد عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه مرفوعا. قلت: وهذا سند فيه ضعف، زبان بن فائد متكلم فيه من قبل حفظه، وقد يحسن حديثه. وقال الحافظ: " ضعيف الحديث مع صلاحه وعبادته ". ورشدين بن سعد ضعيف أيضا. وقد تابعه ابن لهيعة عند أحمد وهو ضعيف كذلك. وفي " الفيض ": " قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف. وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني من طريقين، في أحدهما رشدين بن سعد وهو ضعيف. وفي الأخرى ابن لهيعة وهو أصلح منه، وقد رمز المؤلف لحسنه ".

 

(4/53)

 

 

1548 - " ستفتح على أمتي من بعدي الشام وشيكا، فإذا فتحها فاحتلها، فأهل الشام مرابطون إلى منتهى الجزيرة: رجالهم ونساؤهم وصبيانهم وعبيدهم، فمن احتل ساحلا من تلك السواحل فهو في جهاد، ومن احتل بيت المقدس فهو في جهاد ".

ضعيف.

أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (1 / 270) من طريق ابن حمير عن سعيد البجلي عن شهر بن حوشب عن أبي الدرداء مرفوعا.

 

(4/53)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل شهر، قال الحافظ: " كثير الإرسال والأوهام ". وسعيد البجلي لم أعرفه. ورواه هشام بن عمار: أخبرنا أبو مطيع معاوية بن يحيى عن أرطاة بن المنذر عمن حدثه عن أبي الدرداء به، دون ذكر الفتح وبيت المقدس. وهذا ضعيف أيضا، لضعف أبي مطيع، وجهالة شيخ أرطاة.

1549 - " إن الله أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم، قيل: يا رسول الله! من هم؟ قال: علي منهم، يقول ذلك ثلاثا، وأبو ذر وسلمان والمقداد ".

ضعيف.

أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (ص 31 - الكنى) والترمذي (2 / 299) وابن ماجة (149) وأبو نعيم في " الحلية " (1 / 172) والحاكم (3 / 130) وأحمد (5 / 356) من طريق شريك عن أبي ربيعة الإيادي عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

وقال الترمذي: " حديث حسن، لا نعرفه إلا من حديث شريك ". قلت: وهو ضعيف لا يحتج به لسوء حفظه، فأنى لحديثه الحسن؟ قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، يخطيء كثيرا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلا فاضلا عابدا، شديدا على أهل البدع ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " قال القطان: ما زال مخلطا، وقال أبو حاتم: له أغاليط، وقال الدارقطني: ليس بالقوي ". وذكر في " الميزان " أن مسلما أخرج له متابعة. ومن هذا تعلم خطأ قول الحاكم عقب

 

(4/54)

 

 

الحديث: " حديث صحيح على شرط مسلم "! ولم يتعقبه الذهبي إلا بقوله: " قلت: ما خرج (م) لأبي ربيعة "! وهذا تعقب لا طائل تحته، لأن القارىء لا يخرج منه بحكم واضح على الحديث، لأن عدم إخراج مسلم لأبي ربيعة لا يجرحه كما هو معلوم، والذهبي لم يضعفه، فقد يؤخذ منه أنه غير مجروح، وليس كذلك، فقد قال الذهبي نفسه في " الكنى " من " الميزان ": " قد ذكر مضعفا ". يعني في " الأسماء "، وقال هناك: " قال أبو حاتم: منكر الحديث ". فكان الواجب إعلال الحديث به، وبشريك أيضا لما عرفت من ضعفه، وعدم احتجاج مسلم به، لكي لا يتورط أحد ممن لا تحقيق عنده بكلامه، فيتوهم أنه سالم مما يقدح في ثبوته، وليس كذلك كما ترى. ولذلك رأينا المناوي في " فيضه " لم يزد في كلامه على الحديث على أن نقل عن الذهبي تعقبه المذكور، بل زاد عليه فقال: " وهو صدوق ". يعني أبا ربيعة.

وهذا مما يشعر بأنه سالم من غيره، ولعل هذا كله، بالإضافة إلى تحسين الترمذي، كان السبب في تورط الشيخ الغماري حين أورد الحديث في " كنزه " (666) ! وساعده على ذلك أنه يشم منه رائحة التشيع! وقد سرق

بعض الوضاعين هذا الحديث فرواه بلفظ: " إن الله أمرني بحب أربعة من أصحابي، وقال: أحبهم، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ". وهو موضوع. أخرجه ابن عدي (161 / 1) عن سليمان بن عيسى السجزي: حدثنا الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " سليمان بن عيسى

يضع الحديث ".

 

(4/55)

 

 

وكذلك قال غيره كما يأتي. وذكر الذهبي أن هذا الحديث من بلاياه! وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " (4706) . ومن موضوعات هذا الكذاب الحديث الآتي بعد حديث.

1550 - " أيما امرأة خرجت من بيت زوجها بغير إذنه، لعنها كل شيء طلعت عليه الشمس والقمر، إلا أن يرضى عنها زوجها ".

موضوع.

الديلمي (1 / 2 / 353 - 354) من طريق أبي نعيم عن أبي هدبة عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا موضوع، أبو هدبة - واسمه إبراهيم بن هدبة - متروك، حدث بالأباطيل عن أنس. وقد مضى الحديث بنحوه برقم (1020) .

 

(4/56)

 

 

1551 - " من تمنى الغلاء على أمتي ليلة أحبط الله عمله أربعين سنة ".

موضوع.

رواه ابن عدي (161 / 1) وعنه الخطيب (4 / 60) وعن غيره عن سليمان بن عيسى السجزي: حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا وقال ابن عدي: " سليمان بن عيسى يضع الحديث، وأحاديثه كلها أو عامتها موضوعة ". وقال الخطيب: " منكر جدا، لا أعلم رواه غير سليمان بن عيسى السجزي، وكان كذابا يضع الحديث ". قلت: ومن طريق الخطيب أورده ابن الجوزي في " الموضوعات "، وأقره السيوطي في " اللآليء " (2 / 145) وابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2 / 188) .

 

(4/56)

 

 

قلت: وقد سرقه من السجزي بعض الكذابين من أمثاله، فقد رواه ابن عساكر (16 / 122 / 2) عن مأمون بن أحمد السلمي: أخبرنا أحمد بن عبد الله الشيباني أخبرنا بشر بن السري عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا.

قلت: وهذا موضوع أيضا، أورده ابن عساكر في ترجمة مأمون هذا، وقال فيه: " أحد المشهورين بوضع الحديث، وذكره بعض أهل العلم فقال: هروي كذاب ". قلت: وشيخه أحمد بن عبد الله الشيباني أكذب منه، وهو الجويباري. قال ابن حبان: " دجال من الدجاجلة، روى عن الأئمة ألوف حديث ما حدثوا بشيء منها ". وقال الذهبي: " هو ممن يضرب المثل بكذبه ".

قلت: ومع هذا كله فقد سود السيوطي بهذا الحديث " الجامع الصغير "، فأورده فيه من رواية ابن عساكر هذه مع أنه قال في " اللآلي " (2 / 145) بعد

أن ساقه: " مأمون وشيخه كذابان ". فليت شعري كيف أورده مع علمه بحال الراويين؟! فهل نسي ذلك أم ماذا؟ والعجب من المناوي أنه انتقد السيوطي في عدوله في " الجامع " عن عزوالحديث إلى ابن عدي. وفي سنده كذاب واحد! إلى عزوه إلى ابن عساكر وفيه الكذابان. ثم نسي المناوي ذلك، فقال في " التيسير " في سند ابن عساكر: " وفيه وضاع "!!

1552 - " أترعوا الطسوس، وخالفوا المجوس ".

ضعيف جدا.

رواه الخطيب في " التاريخ " (5 / 9) وعنه ابن عساكر (2 / 85 / 2) والديلمي في " مسند الفردوس " (1 / 1 / 37 - مختصره) والبيهقي في " الشعب " (2 / 182 / 2) عن أبي صالح خلف بن محمد بن إسماعيل ... المعروف بالخيام: حدثنا أبو هارون

 

(4/57)

 

 

سهل بن شاذويه الحافظ حدثنا جلوان بن سمرة البابني حدثنا عصام أبو مقاتل النحوي عن عيسى بن موسى - غنجار - عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا. وقال البيهقي: " إسناده ضعيف ". قلت

: بل إسناده ساقط، خلف هذا متهم، قال الحاكم: " سقط حديثه برواية حديث: (نهى عن الوقاع قبل الملاعبة) ".

قلت: وقد مضى هذا الحديث برقم (426) .

وما بين خلف وغنجار لم أجد من ترجمهم، وقال المناوي تعليقا على قول السيوطي: " رواه البيهقي والخطيب والديلمي عن ابن عمر ": " وضعفه البيهقي وقال: في إسناده من يجهل، وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح، وأكثر رواته ضعفاء ومجاهيل، لكنه ورد بمعناه في خبر جيد رواه القضاعي في " مسند الشهاب " عن أبي هريرة بلفظ: " اجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم ". وقال الحافظ العراقي: إسناده لا بأس به. وروى البيهقي عن أبي هريرة مرفوعا: لا ترفعوا الطسوس حتى تطف، اجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم ". قلت: وفي تجويد إسناده نظر لابد من بيانه، تحقيقا للأمر، فانظر الحديث الآتي:

1553 - " لا ترفعوا الطست حتى تطف، واجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم ".

ضعيف.

أخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " (59 / 1) والبيهقي في " الشعب " (2 / 182 / 2) من طريق أبي علي هشام بن علي السيرافي قال: أخبرنا محمد بن سليمان بن محمد بن كعب أبو عمرو الصباحي قال: أخبرنا عيسى بن شعيب عن عمار بن أبي عمار عن أبي

 

(4/58)

 

 

هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وضعفه البيهقي بقوله: " هذا إسناد فيه بعض من يجهل، وروي معناه بإسناد آخر ضعيف ". يعني الذي قبله.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، عيسى بن شعيب هذا، ظننت

في أول الأمر أنه ابن ثوبان مولى بني الديل المدني، فإنه من هذه الطبقة لكنهم لم يذكروا في شيوخه عمارا هذا، ولا في الرواة عنه أبا عمرو الصباحي، وقد ترجم الصباحي هذا ابن أبي حاتم (3 / 2 / 269) ولم يذكر في شيوخه ابن شعيب هذا، وقال عن أبيه: " صالح ". فملت إلى أنه غيره، ثم تأكدت من ذلك حين رأيت السمعاني يقول في " الصباحي ": " روى عن عيسى بن شعيب القسملي وعاصم بن سليمان الكوفي، روى عنه القاسم بن نصر المخزومي، وهشام بن علي السيرافي ". ولم يزد.

قلت: فقوله في عيسى: " القسملي ". نبهني إلى أنه غير الديلي

، فهو إذن عيسى آخر، مجهول لا يعرف. والله أعلم. ولوفرض أنه الديلي، فهو مثله في الجهالة، قال الذهبي فيه: " لا يعرف ". ثم ساق له حديثا وقال: " هذا خبر موضوع ". وفي الطريق إليه أبو علي السيرافي ولم أجد له ترجمة. ومما سبق يتبين للقارىء خطأ من جود إسناد هذا الحديث كما سبقت الإشارة إليه في الذي قبله.

 

(4/59)

 

 

1554 - " العدة عطية ".

ضعيف.

أخرجه ابن أبي الدنيا في " الصمت " (3 / 21 / 2) والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 34) من طريقين عن يونس عن الحسن: " أن امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فلم تجده عنده، فقالت: عدني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ... " فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لإرساله، لاسيما وهو من مراسيل الحسن البصري، وقد قال فيها بعض الأئمة: إنها كالريح! وقد روي مسندا من حديث ابن مسعود، وقباث بن أشيم الليثي.

1 - حديث ابن مسعود، يرويه بقية عن أبي إسحاق الفزاري عن الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود قال: " إذا وعد أحدكم حبيبه فلينجز له، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:.... " فذكره.

أخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " (2 / 1 - 2) وكذا أبو نعيم في " الحلية " (8 / 259) وقال: " غريب من حديث الأعمش، تفرد به الفزاري، ولا أعلم رواه عنه إلا بقية ". قلت: وهو مدلس وقد عنعنه. ومن هذا الوجه ذكره ابن أبي حاتم في " العلل " وقال (2 / 437) : " سمعت أبي يقول: هذا حديث باطل ".

2 - حديث قباث، يرويه أصبغ بن عبد العزيز بن مروان الحمصي: حدثنا أبي عن جدي عن أبان بن سليمان عن أبيه عنه مرفوعا به. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 152 / 1 - مجمع البحرين) وقال: " لا يروى عن

قباث إلا بهذا الإسناد، تفرد به أصبغ ". قلت: قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (4 / 166 - 167) :

 

(4/60)

 

 

" قال أبو حاتم: مجهول ". قلت: وأزيد على الهيثمي فأقول: وأبان بن سليمان مجهول الحال، كناه ابن أبي حاتم بأبي عمير الصوري، ولم يزد في بيان حاله على قوله: " وكان من عباد الله الصالحين، يتكلم بالحكمة ". وأما أبو هـ سليمان، فلم أجد له ترجمة.

1555 - " الأمانة غنى ".

ضعيف.

رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (3 / 1) عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، يزيد - وهو ابن أبان الرقاشي - ضعيف، كما قال الحافظ في " التقريب ".

 

(4/61)

 

 

1556 - " إذا نزل أحدكم منزلا، فقال فيه، فلا يرتحل حتى يصلي الظهر، وإذا أراد أحدكم أن يسافر يوم الجمعة، وزالت الشمس، فلا يسافر حتى يجمع، إلا أن يكون له عذر، وإذا هجم على أحدكم شهر رمضان فلا يمجد مثله إلا أن يكون له عذر ".

موضوع.

أخرجه ابن عدي في " الكامل " (161 / 1) من طريق سليمان بن عيسى: حدثنا ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهو موضوع، آفته سليمان هذا، قال فيه ابن عدي وغيره: " يضع الحديث ". كما تقدم مرارا، أقربها في الحديث (1550) .

والحديث أورد السيوطي في " جامعيه " طرفه الأول منه بلفظ: " ركعتين "! بدل " الظهر ". ودون ما بعده، وتابعه على ذلك المناوي في " الفيض " وبيض لإسناده! وأما في " التيسير " فقال:

 

(4/61)

 

 

" وهو ضعيف ". والله أعلم. (تنبيه) : قوله: (تمجد) كذا بإهمال أوله وقع في مخطوطة " الكامل " في الظاهرية، ولم أفهمها، وفي المطبوعة (يمجد) بإعجام الأول منه بالمثناة، والمعنى غير ظاهر.

1557 - " السماح رباح، والعسر شؤم ".

منكر.

رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (3 / 2) عن عبد الله بن إبراهيم: أخبرنا عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، بل موضوع، فإن عبد الله بن إبراهيم - وهو الغفاري - قال الحافظ: " متروك، ونسبه ابن حبان إلى الوضع ". وقال الحاكم: " روى عن جماعة من الضعفاء أحاديث موضوعة، لا يرويها غيره ".

وعبد الرحمن بن زيد - وهو ابن أسلم - ضعيف جدا، وقد اتهم، وهو صاحب حديث توسل آدم عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم (25) . والحديث رواه الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث أبي هريرة، كما في " الجامع "، وكذا ابن نصر وابن لال. وعنهما أورده الديلمي، قال المناوي: " فلوعزاه المصنف للأصل لكان أولى، وفيه حجاج بن فرافصة، أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: قال أبو زرعة: ليس بالقوي. اهـ. ونسبه ابن حبان إلى الوضع، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع

عليه، وقال الدارقطني: حديث منكر ".

 

(4/62)

 

 

1558 - " القرآن غنى لا فقر بعده، ولا غنى دونه ".

ضعيف.

رواه ابن نصر في " قيام الليل " (72) وأبو يعلى (2 / 738) والطبراني (1 / 65 / 2) وابن عساكر (15 / 256 / 2 و16 / 232 / 1) عن شريك عن

 

(4/62)

 

 

الأعمش عن يزيد بن أبان عن الحسن عن أنس مرفوعا. ومن طريق الطبراني رواه ابن عبد الهادي في " هداية الإنسان " (135 / 2) .

ورواه محمد بن محمد بن مخلد البزاز في " حديث ابن السماك " (1 / 178 / 1) عن شريك عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا به، إلا أنه قال

: " والأمانة غنى "، بدل " ولا غنى دونه ".

ورواه القضاعي في " مسند الشهاب " (18 / 1) من طريق أبي الحسن علي بن عمر البغدادي قال: حدث الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا وقال: " قال الدارقطني: ورواه أبو معاوية عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن الحسن مرسلا، وهو أشبه بالصواب ".

قلت: وهو ضعيف مرسلا وموصولا، لأن مداره على الرقاشي، وهو ضعيف، ومدار الموصول عليه من رواية شريك، وهو ابن عبد الله القاضي، ضعيف.

1559 - " القرآن هو الدواء ".

ضعيف جدا.

رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (3 / 2) عن الحسن بن رشيق قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي الحسيني قال: أخبرنا أحمد بن يحيى الأودي قال: أخبرنا محمد بن عتبة قال: أخبرنا علي بن ثابت الدهان عن معاذ عن الحارث عن علي مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، من أجل الحارث هذا - وهو الأعور - فإنه متهم. وفيه أيضا من لم أعرفه كالأودي. والحسن بن رشيق قال الذهبي في " الميزان ": " لينه الحافظ عبد الغني بن سعيد قليلا، ووثقه جماعة، وأنكر عليه الدارقطني أنه كان يصلح في أصله ويغير ".

 

(4/63)

 

 

1560 - " التدبير نصف العيش والتودد نصف العقل والهم نصف الهرم وقلة العيال أحد اليسارين ".

ضعيف.

رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (4 / 1) عن إسحاق بن إبراهيم الشامي قال: أخبرنا علي بن حرب قال: أخبرنا موسى بن داود الهاشمي قال: أخبرنا ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عامر بن عبد الله بن الزبير

عن أبيه عن علي عليه السلام مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، ابن لهيعة - واسمه عبد الله - ضعيف. وإسحاق بن إبراهيم الشامي، لم أعرفه، ويحتمل أن يكون واحدا من هؤلاء:

1 - إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الحمصي المعروف بابن زبريق.

2 - إسحاق بن إبراهيم بن يزيد أبو النضر الدمشقي مولى عمر بن عبد العزيز. والأول ضعيف، والآخر حسن الحديث، وقد جزم المناوي بأنه هو، ولم يظهر لي وجهه. والله أعلم. والحديث رواه أيضا الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث أنس بن مالك، قال المناوي: " قال العراقي: فيه خلاد بن عيسى، جهله العقيلي، ووثقه ابن معين ". قلت: هو عند الديلمي (2 / 1 / 50) وكذا الخطيب بعضه (12 / 11) من طريق أبي الحسن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم المخرمي: حدثنا علي بن عيسى كاتب عكرمة القاضي حدثنا خلاد بن عيسى عن ثابت عن أنس مرفوعا به. وفيه علة أخرى، وهي ضعف يعقوب هذا، فقد ترجمه الخطيب (14 / 290) وروى عن الدارقطني أنه ضعيف.

وعن ابن المنادي: " كتبنا عنه في حياة جدي، ثم ظهر لنا من انبساطه في تصريح الكذب ما أوجب

 

(4/64)

 

 

التحذير عنه، وذلك بعد معاتبة وتوقيف متواتر، فرمينا كل ما كتبنا عنه، نحن وعدة من أهل الحديث ".

وعلي بن عيسى، كأنه مجهول، فإن الخطيب أورده في " التاريخ " (12 / 11) من أجل هذا الحديث، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

1561 - " الرضاع يغير الطباع ".

منكر جدا.

رواه ابن الأعرابي في " المعجم " (24 / 1) : أخبرنا أبو بكر محمد بن صالح الأنطاكي - كتابة -: أخبرنا أبو مروان عبد الملك بن مسلمة أخبرنا صالح بن عبد الجبار عن ابن جريج عن عكرمة عن ابن عباس مرفو عا. ومن طريق ابن الأعرابي رواه القضاعي (4 / 2) .

قلت: وهذا إسناد ضعيف، فيه علل:

1 - عنعنة ابن جريج، فإنه كان يدلس.

2 - صالح بن عبد الجبار، مجهول لا يعرف، قال الذهبي في " الميزان ": " أتى بخبر منكر جدا، رواه ابن الأعرابي ... "

، ثم ساق هذا، وقال:

3 - " وعبد الملك مدني ضعيف ". والحديث رواه أبو الشيخ عن ابن عمر.

 

(4/65)

 

 

1562 - " كل عين باكية يوم القيامة، إلا عين غضت عن محارم الله عز وجل وعين سهرت في سبيل الله وعين خرج منها مثل رأس الذباب دمعة من خشية الله عز وجل ".

ضعيف جدا.

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3 / 163) وابن الجوزي في " ذم الهو ى " (ص 141) من طريقين عن عمر بن صهبان عن صفوان عن أبي سلمة عن أبي

 

(4/65)

 

 

هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال أبو نعيم: " غريب من حديث صفوان وأبي سلمة، تفرد به عمر بن صهبان ". قلت: وهو ضعيف جدا، قال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ": " تركوه ". وأما الحافظ فقال في " التقريب ": " ضعيف ". وما ذكره الذهبي أصح. والحديث بيض له المناوي، فلم يزد على قوله: " رمز المصنف لحسنه "! ثم صرح في " التيسير " بأن إسناده حسن! فكأنه لم يقف على إسناده.

1563 - " أفضل الدعاء دعاء المرء لنفسه ".

ضعيف.

أخرجه الحاكم (1 / 543) من طريق المبارك بن حسان عن عطاء عن عائشة رضى الله عنها قالت: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الدعاء أفضل؟ قال: " دعاء المرء لنفسه ". وقال: " صحيح الإسناد "! ورده الذهبي بقوله: " قلت: مبارك واه " وفي " التقريب ": " لين الحديث ".

 

(4/66)

 

 

1564 - " قال إبليس لربه عز وجل: يا رب! قد أهبط آدم، وقد علمت أنه سيكون له كتاب ورسل، فما كتابهم ورسلهم؟ قال الله عز وجل: رسلهم الملائكة، والنبيون منهم، وكتبهم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان. قال: فما كتابي؟ قال: كتابك الوشم وقرآنك الشعر ورسلك الكهنة وطعامك ما لم يذكر اسم الله عز وجل

عليه، وشرابك من كل مسكر وصدقك الكذب وبيتك الحمام ومصائدك النساء ومؤذنك المزمار ومسجدك الأسواق ".

منكر.

أخرجه ابن الجوزي في " ذم الهو ى " (ص 155) من طريق الطبراني، وهذا في " المعجم الكبير " (3 / 112 / 2) قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح قال: حدثنا يحيى ابن بكير قال: حدثني يحيى بن صالح الأيلي عن إسماعيل بن أمية عن عبيد بن عمير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " تفرد به يحيى بن صالح ". قلت: قال العقيلي: " روى عن إسماعيل عن عطاء مناكير ". وقال ابن عدي: " أحاديثه غير محفوظة ". قلت: وقد ثبت من الحديث قوله: " وطعامك ما لم يذكر اسم الله عليه ". صح ذلك من

طريق أخرى عن ابن عباس، وقد خرجته في الكتاب الآخر (708) .

 

(4/67)

 

 

1565 - " أيما مؤمن استرسل إلى مؤمن، فغبنه، كان غبنه ذلك ربا ".

ضعيف جدا.

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5 / 187) من طريق موسى بن عمير عن مكحول عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وفي لفظ له: " غبن المسترسل

 

(4/67)

 

 

حرام ". قلت: وهذا سند ضعيف جدا، موسى بن عمير هو القرشي الجعدي مولاهم أبو هارون الأعمى، متفق على تضعيفه، وقال أبو حاتم: " ذاهب الحديث كذاب ". وقال النسائي: " ليس بثقة ". وقد مضى الحديث

باللفظ الثاني رقم (667) .

1566 - " كان يستفتح دعاءه بـ " سبحان ربي الأعلى الوهاب ".

ضعيف.

أخرجه الحاكم (1 / 498) وابن أبي شيبة في " المصنف " (12 / 17 / 1) وأحمد (4 / 54) من طريق عمر بن راشد اليمامي قال: حدثنا إياس بن سلمة بن الأكوع الأسلمي عن أبيه قال: " ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح دعاء إلا استفتحه بـ ... ". هكذا الحديث عندهم جميعا، وإنما أوردته باللفظ المذكور أعلاه تبعا للسيوطي في " الجامع ". ثم قال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي. قلت: وهو مردود بقوله في " الضعفاء والمتروكين " عن عمر هذا: " ضعفوه ". وكذا قال في " الميزان "، وساق له مما أنكر عليه أحاديث هذا أحدها، وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ".

 

(4/68)

 

 

وقال الهيثمي في " المجمع " (10 / 156) : " رواه أحمد والطبراني بنحوه، وفيه عمر بن راشد اليمامي، وثقه غير واحد، وبقية رجاله رجال الصحيح ". ونقل هذا وما قبله المناوي في " الفيض "، واقتصر في " التيسير " على قوله في تصحيح الحاكم: " وتعقب ". ومن الظاهر أنه لم يرتض التصحيح، وأما مقلده الغماري فقد خالفه في

هذه المرة فصحح الحديث فأورده في " كنزه " (2844) !

1567 - " كرامة الكتاب ختمه ".

موضوع.

أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " كما في " المجمع "، وأبو الحسين محمد بن الحسن الأصفهاني في " المنتقى من الجزء الثاني من (الفوائد) " (2 / 1) والقضاعي في " مسند الشهاب " (5 / 1) والثعلبي في " تفسيره " (3

/ 12 / 1) من طريق محمد بن مروان السدي قال: أخبرنا محمد بن السائب عن أبي صالح، (وقال أبو الحسين وغيره: عن ابن جريج عن عطاء) عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته السدي هذا، وهو متهم بالكذب. وقد سبق له غير ما حديث. وقال الهيثمي (8 / 99) : " وفيه محمد بن مروان السدي الصغير، وهو متروك ".

 

(4/69)

 

 

1568 - " من أدى زكاة ماله، فقد أدى الحق الذي عليه، ومن زاد فهو أفضل ".

ضعيف جدا.

أخرجه أبو داود في " المراسيل " (ق 7 / 2) ومن طريقه البيهقي (4 / 84) عن عذافر البصري عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.

 

(4/69)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف، عذافر هذا قال الذهبي: " لا يدرى من هو؟ ذكره أحمد بن علي السليماني فيمن يضع الحديث ". وقال الحافظ: " مستور ". قلت: وقد روى عن الحسن موصولا، أخرجه ابن عدي (163 / 2) عن سلام بن أبي خبزة: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم به.

وقال: " لا أعلم يرويه عن سعيد غير سلام هذا ". قلت: قال الذهبي: " قال ابن المديني: يضع الحديث، وقال النسائي: متروك، وقال الدارقطني ضعيف ".

1569 - " أول شهر رمضان رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار ".

منكر.

أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (172) وابن عدي (165 / 1) والخطيب في " الموضح " (2 / 77) والديلمي (1 / 1 / 10 - 11) وابن عساكر (8 / 506 / 1) عن سلام بن سوار عن مسلمة بن الصلت عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال العقيلي: " لا أصل له من حديث الزهري ". قلت: وقال ابن عدي: " وسلام (ابن سليمان بن سوار) هو عندي منكر الحديث، ومسلمة ليس بالمعروف ". وكذا قال الذهبي.

ومسلمة قد قال فيه أبو حاتم: " متروك الحديث " كما في ترجمته من " الميزان "، ويأتي له حديث آخر برقم (1580) .

 

(4/70)

 

 

1570 - " إن الله بعثني ملحمة ومرحمة ولم يبعثني تاجرا ولا زارعا، وإن شرار الناس يوم القيامة التجار والزراعون إلا من شح على دينه ".

منكر.

أخرجه ابن المظفر في " حديث حاجب بن أركين " (1 / 255 / 1) وابن السماك في " حديثه " (2 / 90 - 91) وتمام في " الفوائد " (154 / 1) وأبو محمد القاري في " الفوائد " (5 / 34 / 2) وابن عدي (165 / 1) وابن عساكر (5 / 57 / 2) ومحمد بن عبد الواحد المقدسي في " المنتقى من حديثه " (40 / 86 / 2) كلهم من طريق سلام بن سليمان قال: حدثنا حمزة الزيات قال: حدثنا الأجلح بن عبد الله الكندي عن الضحاك عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

وضعفه القاري بقوله: " حديث غريب ". وابن عدي بقوله: " وهذا عن حمزة غير محفوظ، وسلام بن سليمان منكر الحديث ".

وأقول: هذا إسناد ضعيف جدا، وله ثلاث علل:

1 - الانقطاع، فإن الضحاك - وهو ابن

مزاحم الهلالي - لم يثبت له سماع من أحد من الصحابة كما قال الحافظ المزي.

2 - الأجلح بن عبد الله فيه ضعف، وفي " التقريب ": " صدوق ".

3 - سلام بن سليمان ضعيف كما سبق عن ابن عدي. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن عدي، وقال: " لا يصح، سلام متروك، والأجلح كان لا يدري ما يقول، ومحمد بن عيسى ضعيف " يعني الراوي عن سلام، فتعقبه السيوطي في " اللآلي " (2 / 143) وتبعه ابن

 

(4/71)

 

 

عراق في " تنزيه الشريعة " (2 / 191) : " بأن الدارقطني أخرجه في " الأفراد " من طريق أخرى عن سلام. وبأن أبا نعيم أخرجه من طريق أخرى عن ابن عباس ". قلت: هذه المتابعة لا تجدي، لأنه لا يزال فوقها العلل الثلاث التي شرحنا. وطريق أبي نعيم فيها مجهول كما يأتي بيانه في الحديث بعده. وحديث الترجمة قد أعضله أبو الأسود نصير القصاب فقال: عن الضحاك بن مزاحم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أخرجه ابن جرير الطبري في " تهذيب الآثار " (1 / 51 / 121) بإسناده عنه. ونصير هذا أورده البخاري في " التاريخ " (4 / 2 / 116) وابن أبي حاتم برواية أخرى عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وشيخ الطبري فيه عمرو بن عبد الحميد الآملي لم أعرفه.

1571 - " بعثت مرحمة وملحمة، ولم أبعث تاجرا ولا زراعا، ألا وإن شرار هذه الأمة التجار والزراعون، إلا من شح على نفسه ".

ضعيف.

أخرجه أبو الشيخ في " الطبقات " (ق 87 / 1) وأبو نعيم في " الحلية " (4 / 72) وفي " أخبار أصبهان " (2 / 31) من طريق أبي موسى اليماني عن وهب بن منبه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وضعفه بقوله: " حديث غريب ". قلت: وعلته أبو موسى هذا، فإنه مجهول، كما قال الذهبي والعسقلاني.

 

(4/72)

 

 

1572 - " انتظار الفرج بالصبر عبادة ".

موضوع.

روي من حديث عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وأنس بن مالك وعلي بن أبي طالب.

1 - حديث ابن عمر، يرويه عمرو بن حميد القاضي، قال: أخبرنا الليث بن سعد عن

 

(4/72)

 

 

نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أخرجه ابن جميع في " معجم الشيوخ " (ص 377) والقضاعي في " مسند الشهاب " (5 / 2) . قلت: وهذا إسناد ضعيف بمرة، آفته ابن حميد هذا

، قال الذهبي: " هالك، أتى بخبر موضوع اتهم به، وقد ذكره السليماني في عداد من يضع الحديث ". ثم ساق له هذا الحديث.

2 - حديث ابن عباس، يرويه أبو موسى عيسى بن مهران، قال: أخبرنا حسن بن حسين قال: أخبرنا سفيان بن إبراهيم عن حنظلة المكي عن عامر عنه به. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته ابن مهران هذا، قال الذهبي: " كذاب جبل! قال ابن عدي: حدث بأحاديث موضوعة، محترق في الرفض. وقال أبو حاتم: كذاب. وقال الخطيب: كان من شياطين الرافضة ومردتهم، وقع إلي كتاب من تصنيفه في الطعن على الصحابة وتكفيرهم، فلقد قف شعري، وعظم تعجبي مما فيه من الموضوعات والبلايا ".

وحسن بن حسين، الظاهر أنه العرني الكوفي، قال أبو حاتم: " لم يكن بصدوق عندهم، وكان من رؤساء الشيعة، وقال ابن حبان: يأتي عن الأثبات بالملزقات، ويروي المقلوبات ". وسفيان بن إبراهيم هو الكوفي، ذكره الأزدي، فقال: " زائغ ضعيف ".

3 - حديث أنس، يرويه محمد بن محمد بن سليمان: حدثنا سليمان بن سلمة أخبرنا بقية حدثنا مالك عن الزهري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم به دون قوله: " بالصبر ".

أخرجه ابن عدي (44 / 1) والخطيب (2 / 155) وقال الأول: " وهذا حديث باطل عن مالك بهذا الإسناد، لا يرويه عنه غير بقية ".

 

(4/73)

 

 

قلت: وهو مشهور بالتدليس، ولا يغتر بتصريحه بالتحديث هنا، لأن الراوي عنه سليمان بن سلمة - وهو الخبائري - كذاب. وقد قال الذهبي في ترجمته بعد أن ساق له حديثا آخر موضوعا من طريق مالك: " وسمع منه الباغندي حديثا فأنكر عليه وهو ... ". ثم ذكر هذا.

ثم إن ابن عدي أعاد تخريجه في ترجمة الخبائري (161 / 2) بهذا السند إلا أنه قال فيه: " بقية عن مالك "، فلم يذكر عنه التحديث، وقال: " لا أعلم يرويه عن بقية غير سليمان، وهو منكر من حديث مالك ".

قلت: وقد رواه بعض الضعفاء عن ابن محمد - وهو الباغندي - على وجه آخر، رواه الخطيب عن محمد بن جعفر بن الحسن صاحب المصلى عنه قال: نبأنا أبو نعيم عبيد بن هشام الحلبي قال: نبأنا مالك بن أنس به.

وقال: " وهم هذا الشيخ على الباغندي وعلى من فوقه في هذا الحديث وهما قبيحا، لأنه لا يعرف إلا من رواية سليمان بن سلمة الخبائري، عن بقية بن الوليد عن مالك، وكذلك حدث به الباغندي ". ثم ساقه، وقال عن الباغندي: " أنكرته عليه أشد الإنكار، وقلت: ليس شيء من هذا البته، وكان أمر سليمان هذا شيئا عجيبا، الله أعلم به، وقد رواه شيخ كذاب كان بـ (عسكر مكرم) عن عيسى بن أحمد العسقلاني عن بقية. وأفحش في الجرأة على ذلك، لأنه معروف أن الخبائري تفرد به. والله أعلم ".

4 - حديث علي، وهو الآتي بعده. وبالجملة، فالحديث موضوع من جميع هذه الطرق، فليت أن السيوطي

لم يسود به " الجامع الصغير "!

 

(4/74)

 

 

1573 - " انتظار الفرج من الله عبادة، ومن رضي بالقليل من الرزق رضي الله منه بالقليل من العمل ".

ضعيف جدا.

رواه البيهقي في " الآداب " (ص 405 - 406 مصورة) وابن عساكر (16 / 150 / 1) من طريق ابن أبي الدنيا: أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن شبيب بن خالد المدني: أخبرنا إسحاق بن محمد الفروي: حدثني سعيد بن مسلم بن بانك عن أبيه أنه سمع علي بن الحسين يقول عن أبيه: عن علي بن أبي طالب مرفوعا.

قلت: وهذا سند ضعيف جدا، عبد الله بن شبيب قال الذهبي: " واه ". وسعيد بن مسلم بن بانك ثقة، لكن أباه مسلم بن بانك، أورده البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا.

 

(4/75)

 

 

1574 - " الرفق رأس الحكمة ".

ضعيف.

أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 77) وعنه القضاعي في " مسند الشهاب " (6 / 1) : حدثنا علي بن الأعرابي حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن جرير بن عبد الحميد الضبي عن منصور عن إبراهيم عن هلال بن يساف عن جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، ورجاله كلهم ثقات معروفون من رجال الشيخين، غير علي بن الأعرابي، وهو علي بن الحسن بن عبيد بن محمد أبو الحسن الشيباني المعروف بابن الأعرابي، حدث عن علي بن عمرو س وجماعة. قال الخطيب (11 / 273) : " وكان صاحب أدب ورواية للأخبار، روى عنه عبد الله بن أبي سعد الوراق، والقاضي أبو عبد الله المحاملي ".

ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ولا وفاة، وقد كتب بعض المحدثين - وأظنه ابن المحب المقدسي - على هامش " المكارم ": " موضوع ". وما أجد في إسناده من أتهمه به سوى ابن

 

(4/75)

 

 

الأعرابي هذا، لكن ذكر المناوي أنه رواه أبو الشيخ وابن شاذان والديلمي من حديث جابر. والله أعلم. ثم رأيت الحديث عند الديلمي (2 / 178) من طريق أبي الشيخ، وهذا من طريق ابن أبي شيبة، وهذا في " المصنف " (8 / 512) : حدثنا عبدة عن هشام عن أبيه قال: بلغني أنه مكتوب في التوراة: الرفق.. الحديث. قلت: وهذا إسناد صحيح إلى عروة والد هشام، بلاغا عن التوراة! وهذا مما يعل به الحديث المرفوع كما لا يخفى. ثم

لا أدري إذا كان المناوي وهم في قوله: " عن جابر "، أوأنه عنى رواية أخرى عند الديلمي غير هذه، وهذا ما أستبعده. والله سبحانه وتعالى أعلم.

1575 - " ابتغوا الرفعة عند الله، قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: تحلم عمن جهل عليك وتصل من قطعك وتعطي من حرمك ".

ضعيف جدا.

رواه ابن شاهين في " الترغيب " (293 / 2) عن عثمان بن عبد الرحمن: حدثنا الوازع بن نافع عن أبي سلمة عن أبي أيوب قال: وقف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا

، الوازع هذا متهم بالوضع كما تقدم بيانه تحت الحديث (24) .

وعثمان بن عبد الرحمن هو الطرائفي الجزري، وفيه ضعف، وإنما العلة من شيخه والحديث ذكره السيوطي في " الجامع الكبير " (1 / 5 / 1) دون قوله: " وتصل من قطعك ".

وقال: " رواه ابن عدي عن ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه الوازع بن نافع متروك ".

قلت: فالظاهر أن الوازع كان يرويه تارة عن أبي أيوب، وأخرى عن ابن عمر، وذلك منه مردود لشدة ضعفه. وقوله: " وتصل ... " ثابت في " ابن عدي " (7 / 2557) .

 

(4/76)

 

 

1576 - " البر لا يبلى والإثم لا ينسى والديان لا ينام، فكن كما شئت، كما تدين تدان ".

ضعيف.

أخرجه البيهقي في " الأسماء والصفات " (79) وابن الجوزي في " ذم الهو ى " (210) من طريق عبد الرزاق قال: أنبأنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، من أجل أن أبا قلابة - واسمه عبد الله بن زيد الجرمي - تابعي وقد أرسله. وله علة أخرى وهي الوقف، فقال عبد الله بن أحمد في " الزهد " (ص 142) : حدثنا أبي حدثنا عبد الرزاق بإسناده عن أبي قلابة قال: قال أبو الدرداء: البر لا يبلى ... إلخ. ورواه المروزي في " زوائد الزهد " (1155) من طريق عبد الله بن مرة قال: قال أبو الدرداء ... فذكره موقوفا عليه. وهذا صورته صورة المنقطع، ولذلك قال المناوي: " وهو منقطع مع وقفه ".

وقال: " ورواه أبو نعيم والديلمي مسندا عن ابن عمر رفعه، وفيه محمد بن عبد الملك الأنصاري ضعيف، وحينئذ، فاقتصار المصنف على رواية إرساله قصور، أوتقصير ". قلت: أخرجه الديلمي (2 / 1 / 19) من طريق مكرم بن عبد الرحمن الجوزجاني عن محمد بن عبد الملك عن نافع عن ابن عمر به. ومكرم هذا لم أجد له ترجمة. ومحمد بن عبد الملك أسوأ حالا مما ذكر المناوي، فقد قال فيه الإمام أحمد: " يضع الحديث ". وقال الحاكم: " روى عن نافع وابن المنكدر الموضوعات ".

 

(4/77)

 

 

1577 - " اطلبوا الفضل عند الرحماء من أمتي تعيشوا في أكنافهم، فإن فيهم رحمتي، ولا تطلبوا من القاسية قلوبهم، فإنهم ينتظرون سخطي ".

ضعيف.

رواه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (ص 55) : حدثنا عبد الرحمن بن معاوية القيسي - بمصر -: حدثنا موسى بن محمد حدثنا محمد بن مروان وعبد الملك بن الخطاب قالا: حدثنا داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعا.

قلت: وهذا سند ضعيف، محمد بن مروان هو السدي الصغير، وهو كذاب. ومتابعه عبد الملك بن الخطاب مجهول الحال كما قال ابن القطان، وفي " التقريب ": " مقبول " وموسى بن محمد وعبد الرحمن بن معاوية لم أعرفهما. وقد أخرجه أبو الشيخ في " التاريخ " (199) وفي " أحاديثه " (2 / 2) وأبو عبد الله بن منده في " الأمالي " (3 / 27 / 2) وأبو بكر الذكواني في " اثنا عشر مجلسا " (16 / 2) والقضاعي (58 / 2) كلهم من طريق أبي عبد الرحمن السدي عن داود بن أبي هند به. وأبو عبد الرحمن هذا هو محمد بن مروان الكذاب، وقد وقع عند العقيلي محرفا، فذكره في " الضعفاء " (241) من طريق عبد الرحمن السدي عن داود به.

كذا وقع له، فأورده في ترجمة " عبد الرحمن السدي "، وقال: " مجهول لا يتابع على حديثه، ولا يعرف من وجه يصح ". وإنما هو أبو عبد الرحمن، كما وقع عند كل من خرجه، وكذلك رواه ابن حبان في " الضعفاء " (2 / 286) وكذلك رواه أبو نعيم في " تاريخ أصبهان " (2 / 340 - 341) وجزم الحافظ بأن رواية العقيلي خطأ، وأن لا وجود لعبد الرحمن السدي. وقال: " على أن محمد بن مروان لم ينفرد به، بل تابعه عبد الملك بن الخطاب وعبد الغفار بن

 

(4/78)

 

 

الحسن بن دينار، وله شاهد من حديث علي في (مستدرك الحاكم) ".

قلت: أما متابعة ابن الخطاب، فقد تقدمت في رواية الخرائطي مقرونة مع رواية ابن مروان، وقد أخرجها ابن سمعون الواعظ في " الأمالي " (1 / 51 / 1) من طريق محمد بن سنان قال: أخبرنا هانيء بن المتوكل الإسكندراني قال: أخبرنا عبد الملك بن الخطاب به. وهانيء كثير المناكير، ومحمد بن سنان ضعيف. وأما متابعة عبد الغفار بن الحسن بن دينار - ويكنى بأبي حازم - فأخرجها تمام في " الفوائد " (183 / 1) والقضاعي عنه قال أخبرني داود بن أبي هند به.

وقال تمام: " هكذا في كتاب ابن فضالة (يعني: شيخه أحمد بن محمد) وقد رواه غيره، فأدخل بين أبي حازم وداود رجلا ". وقال القضاعي: " تفرد به عبد الغفار بن

الحسن بن دينار وهو غريب ". قلت: وهو ضعيف جدا، قال الجوزجاني: " لا يعتبر به ". وقال الأزدي: " كذاب ". وأما ابن حبان فذكره في " الثقات ". وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: " لا بأس بحديثه ".

أقول: ولعل الرجل الذي بين أبي حازم وداود، هو ابن مروان أوابن الخطاب، وحينئذ، فلا يصح أن تعتبر رواية ابن دينار هذه متابعة لروايتهما. وقد وجدت له متابعا آخر، لكن الطريق إليه واهية، أخرجه العقيلي (245) عن عبد العزيز بن يحيى قال: حدثنا الليث بن سعد عن داود عن بصرة بن أبي بصرة عن أبي

 

(4/79)

 

 

سعيد مرفوعا نحوه. وقال: " عبد العزيز بن يحيى المديني يحدث عن الثقات بالبواطيل، ويدعي من الحديث ما

لا يعرف به غيره من المتقدمين ". وقال عقب الحديث: " ليس له أصل عن ثقة ".

والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية العقيلي عن السدي، وتعقبه السيوطي في " اللآليء " (2 / 76 - 77) ثم ابن عراق في " تنزيه الشريعة " (2 / 132 - 133) بالمتابعات التي ذكرنا، وبالشاهد الذي أشار إليه الحافظ عن علي وأقول: أما المتابعات، فهي كلها واهية، لأنها لا تسلم من مجهول أو مطعون، وخفي بعض ذلك على ابن عراق، فقال في متابعة الليث: " وناهيك به. أخرجه أبو الحسن الموصلي في " فوائده " انتخاب السلفي ".

وخفي عليه أن راويه عنه عبد العزيز بن يحيى مطعون فيه، كما خفي عليه وعلى السيوطي قبله تخريج العقيلي إياها، وقوله فيه: " يحدث بالبواطيل ".

نعم ذكر السيوطي متابعا خامسا، وهو عباد بن العوام في " تاريخ الحاكم ". لكنه لم يسق إسناده إليه لينظر فيه، وغالب الظن أنه لا يصح. وأما الشاهد، فهو واه جدا، فيه ثلاثة ضعفاء على التسلسل، اثنان منهما متهمان، وإليك لفظه في الحديث التالي. ثم وقفت على إسناد حديث عباد، أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (12 / 218 / 2) من طريق خلف بن يحيى: أخبرنا عباد بن العوام عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد به. وخلف هذا كذبه أبو حاتم، فلا يفرح بمتابعة ترد من طريقه! فصح بذلك ما غلب على ظني، والحمد لله على توفيقه.

 

(4/80)

 

 

1578 - " يا علي! اطلبوا المعروف من رحماء أمتي، تعيشوا في أكنافهم، ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم، فإن اللعنة تنزل عليهم، يا علي! إن الله تعالى خلق المعروف وخلق له أهلا، فحببه إليهم وحبب إليهم فعاله ووجه إليهم طلابه، كما وجه الماء في الأرض الجدبة لتحيى به، ويحيى بها أهلها، يا علي! إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ".

ضعيف جدا.

أخرجه الحاكم (4 / 321) من طريق حبان بن علي عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: صحيح الإسناد "! ورده الذهبي فقال: " قلت: الأصبغ واه، وحبان ضعفوه ". وأقول: الأصبغ قد كذبه أبو بكر بن عياش، وقال الحافظ في " التقريب ": " متروك ".

وقد فات الذهبي أن سعد بن طريف شر منه، فإنه مع اتفاقهم على ضعفه وتصريح بعضهم بأنه متروك الحديث، فقد قال ابن حبان: " كان يضع الحديث ". فالحديث بهذا السياق إن لم يكن موضوعا، فهو ضعيف

جدا. والله أعلم. لكن الجملة الأخيرة منه: " إن أهل المعروف.. " قد صحت بروايات أخرى، بعضها في " الأدب المفرد " وقد خرجت بعضها في " الروض النضير " (1020 و1082) .

 

(4/81)

 

 

1579 - " آتي يوم القيامة باب الجنة، فيفتح لي، فأرى ربي وهو على كرسيه، أوسريره، فيتجلى لي، فأخر له ساجدا ".

ضعيف.

أخرجه الحافظ عثمان بن سعيد الدارمي في " الرد على المريسي " (ص 14) ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة في " كتاب العرش " (ق 113 / 1) من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير علي بن زيد - وهو ابن جدعان - فإنه ضعيف، كما قال الحافظ في " التقريب ". وقد ذكره الذهبي في " العلو" من رواية البخاري عن أنس مختصرا جدا، إلا أنه قال: " وأخرجه أبو أحمد العسال في " كتاب المعرفة " بإسناد قوي عن ثابت عن أنس ... "، فذكره مثل حديث الترجمة. قلت: ولم أقف على إسناده، ولذلك لم أتكلم عليه في كتابي " مختصر العلو" (ص 87 - 88) ، فإذا ثبت بإسناده ولفظه وجب نقله إلى الكتاب الآخر. والله أعلم.

 

(4/82)

 

 

1580 - " ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له ".

ضعيف.

أخرجه ابن الجوزي في " ذم الهو ى " (ص 190) من طريق ابن أبي الدنيا قال: حدثنا عمار بن نصر قال: حدثنا بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عن الهيثم بن مالك الطائي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف، الهيثم بن مالك هو أبو محمد الشامي الأعمى، تابعي ثقة. وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف لاختلاطه. وبقية مدلس.

 

(4/82)

 

 

1581 - " آخر أربعاء من الشهر يوم نحس مستمر ".

موضوع.

أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (14 / 405) من طريق مسلمة بن الصلت: حدثنا أبو الوزير صاحب ديوان المهدي حدثنا المهدي أمير المؤمنين عن أبيه عن أبيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، مسلمة هذا متروك الحديث كما تقدم (1569) وفوقه من لا يعرف حاله في الحديث. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية الخطيب، وقال: " لا يصح، مسلمة متروك ". وأقره السيوطي في " اللآليء " (1 / 484 - 485) فلم يتعقبه بشيء يذكر، سوى أنه روي من طريق أخرى عن المهدي به موقوفا. قلت: ومع وقفه إسناده ضعيف، وكذلك أقره في " الجامع الكبير "، فقال (1 / 3 / 1) : " رواه وكيع في " الغرر "، وابن مردويه في " تفسيره "، والخطيب، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه مسلمة بن الصلت متروك، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات "، ورواه الطيوري من وجه آخر عن ابن

عباس رضي الله عنهما موقوفا ". وقال الحافظ في ترجمته من " اللسان ": " ورأيت له حديثا منكرا، رواه أبو الحسن علي بن نجيح العلاف: حدثنا ... ". ثم ذكر هذا الحديث. وقد روي الحديث بلفظ: " يوم الأربعاء يوم نحسن مستمر ".

أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " أيضا من طرق، وكلها واهية شديدة الضعف، فما أبعد ابن الجوزي عن الصواب! وما أحسن السيوطي بإيراده إياه في " الزيادة على الجامع "!

 

(4/83)

 

 

1582 - " آل القرآن آل الله ".

باطل.

أخرجه الخطيب في " رواة مالك " من طريق محمد بن بزيع المدني عن مالك عن الزهري عن أنس رضي الله عنه. وقال: " ابن بزيع مجهول ". وقال في " الميزان ": " هو خبر باطل ". كذا في " الجامع الكبير " (1 / 3 / 1) .

قلت: وكذلك قال العسقلاني في " اللسان "، ومع ذلك أورده السيوطي في " الجامع الصغير "! لكني قد وجدت لابن بزيع متابعا، وكذلك للزهري.

أما الأول، فتابعه محمد بن عبد الرحمن بن غزوان: حدثنا مالك بن أنس به، بلفظ: " إن لله أهلين من الناس، قيل: من هم؟ قال: أهل القرآن، هم أهل الله وخاصته ". أخرجه لاحق بن محمد الإسكاف في " شيوخه " (115 / 2) والخطيب في " تاريخ بغداد " (2 / 311) وفي " الموضح " (2 / 202) وروي عن الدارقطني أنه قال: " تفرد به ابن غزوان، وكان كذابا، فلا يصح عن مالك، ولا عن الزهري، وإنما يروى هكذا عن بديل بن ميسرة عن أنس ". قلت: وفات الدارقطني متابعة ابن بزيع. وأما الزهري، فتابعه بديل بن ميسرة، يرويه عنه ابنه عبد الرحمن بن بديل العقيلي عن أنس بهذا اللفظ الثاني. أخرجه الطيالسي في " مسنده " (2124) : حدثنا عبد الرحمن بن بديل العقيلي به. ومن طريقه أبو نعيم في " الحلية " (3 / 63) . وأخرجه ابن ماجة (215) وابن نصر في " قيام الليل " (ص 70) والحاكم (1 /

 

(4/84)

 

 

556) وأحمد (3 / 127 و127 - 128 و242) وأبو عبيد في " فضائل القرآن " (ق 11 / 1) وأبو نعيم أيضا (9 / 40) والخطيب (5 / 357) وابن عساكر (2 / 422 / 2) من طرق أخرى عن عبد الرحمن بن بديل به. وقال الحاكم: " قد روي هذا الحديث من ثلاثة أوجه عن أنس، هذا أمثلها ".

وكذا قال الذهبي، ولم يفصحا عن حال هذا الإسناد. وهو في نقدي جيد، فإن بديل بن ميسرة ثقة من رجال مسلم. وابنه عبد الرحمن، قال ابن معين وأبو داود والنسائي: " ليس به بأس ". وقال الطيالسي: " ثقة صدوق ". وذكره ابن حبان في " الثقات ".

ولم يضعفه أحد غير ابن معين في رواية، وهو جرح غير مفسر فلا يقبل، لاسيما مع مخالفته لروايته الأولى الموافقة لقول الأئمة الآخرين. وأما قول الأزدي: " فيه لين "، فهو اللين، لأنهم تكلموا فيه هو نفسه، فلا يقبل جرحه، لاسيما عند المخالفة، وكأنه لذلك قال البوصيري في " الزوائد ": " إسناده صحيح ".

وخلاصة القول: إن الحديث بلفظه الأول باطل، وبلفظه الآخر صحيح ثابت. والله أعلم. فهذا هو التحقيق في هذا الحديث، وأما استدارك العلقمي في " شرحه على الجامع الصغير " على الحافظ الذهبي قوله فيه: " خبر

باطل " بقوله: " قلت: لكن ذكر المؤلف له في " الجامع الصغير " يدل على أنه ليس بموضوع، لقوله في ديباجة الكتاب: (وصنته عما تفرد به وضاع أوكذاب) ". فمما لا ينفق سوقه في هذا الباب، لكثرة الأحاديث الموضوعة التي وقعت في الكتاب، والكثير منها، حكم بوضعها السيوطي نفسه في غير " الجامع الصغير "، ومنها هذا الحديث، فقد أقر هو الذهبي على إبطاله إياه في " الجامع الكبير " كما رأيت. وقد فصلت القول في هذا

 

(4/85)

 

 

في مقدمة كتابي " صحيح الجامع الصغير وزيادته " و" ضعيف الجامع الصغير وزيادته ". وقد يسر الله تعالى لنا طبعه. وله الحمد والمنة.

1583 - " خشية الله رأس كل حكمة، والورع سيد العمل، ومن لم يكن له ورع يحجزه عن معصية الله عز وجل إذا خلا بها، لم يعبإ الله بسائر عمله شيئا ".

ضعيف.

أخرجه ابن أبي الدنيا في " الورع " (159 / 1) وأبو نعيم في " الحلية " (2 / 387) والقضاعي في " مسند الشهاب " (5 / 2) وابن الجوزي في " ذم الهو ى " (595) عن القاسم بن هاشم السمسار قال: حدثتنا سعيدة بنت حكامة قالت: حدثتني أمي حكامة بنت عثمان بن دينار عن أبيها عن أخيه مالك بن دينار عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال أبو نعيم: " رواه أبو يعلى المنقري عن حكامة عن أبيها عن مالك عن ثابت عن أنس ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، عثمان بن دينار، قال العقيلي في " الضعفاء " (289) : " تروي عنه حكامة ابنته أحاديث بواطيل، ليس لها أصل ".

ثم قال: " أحاديث حكامة تشبه حديث القصاص ليس لها أصول ". قلت: وأوردها الذهبي في " فصل النساء المجهولات ".

 

(4/86)

 

 

1584 - " إن الإيمان سربال يسربله الله من يشاء، فإذا زنى العبد نزع منه سربال الإيمان، فإذا تاب رد عليه ".

ضعيف جدا.

أخرجه ابن الجوزي في " ذم الهو ى " (ص 190) من طريق يحيى بن أبي طالب قال: حدثنا عمر [و] بن عبد الغفار قال: حدثنا العوام بن حوشب قال: حدثنا علي بن مدرك عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

 

(4/86)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، رجاله ثقات، على كلام في يحيى لا يضر، غير عمرو بن عبد الغفار وهو الفقيمي. قال أبو حاتم: " متروك الحديث ". وقال ابن عدي: " اتهم بوضع الحديث ". وقال العقيلي وغيره: " منكر الحديث ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " (1 / 163 / 2) من رواية البيهقي في " شعب الإيمان " وابن مردويه عن أبي هريرة، ولكنه أساء بذكره إياه في " الزيادة على الجامع ".

1585 - " ابتغوا الخير عند حسان الوجوه ".

كذب.

روي عن أبي هريرة وغيره من الصحابة وله عنه طرق:

1 - عن يزيد بن عبد الملك النوفلي عن عمران بن أبي أنس عنه مرفوعا به. أخرجه ابن أبي الدنيا في " قضاء الحوائج "، والدارقطني في " الأفراد ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وله علتان: الأولى: الانقطاع بين عمران وأبي هريرة، فإن بين وفاتيهما نحوثمان وخمسين سنة. والأخرى: ضعف النوفلي، قال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ": " ضعفوه ". وقال الحافظ: " ضعيف ".

2 - عن محمد بن الأزهر البلخي قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه مرفوعا بلفظ: " اطلبوا الخير ... ". رواه العقيلي في " الضعفاء " (228) في ترجمة عبد الرحمن هذا، وهو القاص البصري،

 

(4/87)

 

 

وروى عن ابن معين أنه قال فيه: " ليس بشيء ". وقال في الحديث:

" ليس له إسناد يثبت ". وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية العقيلي، وقال: " عبد الرحمن ليس بشيء، ومحمد بن الأزهر يحدث عن الكذابين ".

3 - عن طلحة بن عمرو: سمعت عطاء عن أبي هريرة مرفوعا. أخرجه الطبراني في " الأوسط "، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 246 - 247) ، وقال الهيثمي (8 / 195) : " وطلحة بن عمرو متروك ". وأما بقية الطرق عن الصحابة المشار إليهم، فقد تجمع عندي كثير منها، وأورد ابن الجوزي والسيوطي قسما طيبا منها، وكلها معلولة، وبعضها أشد ضعفا من بعض، ولعل الله تعالى ييسر لي جمعها وبسط الكلام عليها في مناسبة أخرى إن شاء الله تعالى. وجملة القول فيه، أنه كما تقدم عن العقيلي: " ليس له إسناد ثابت ". ونقل ابن قدامة في

" المنتخب " (10 / 196 / 1) عن الإمام أحمد أنه قال: " وهذا الحديث كذب ".

1586 - " أعطوا أعينكم حظها من العبادة: النظر في المصحف والتفكر فيه والاعتبار عند عجائبه ".

موضوع.

رواه ابن عبد الهادي في " هداية الإنسان " (153 / 1) من طريق ابن رجب بسنده عن حفص بن عمرو بن ميمون عن عنبسة بن عبد الرحمن الكوفي عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. قال الحافظ ابن رجب: " هذا لا يثبت رفعه ". قلت: وآفته عنبسة بن عبد الرحمن، قال البخاري:

 

(4/88)

 

 

" تركوه ". وقال أبو حاتم: " كان يضع الحديث ". وقال ابن حبان: " هو صاحب أشياء موضوعة ". وحفص بن عمرو بن ميمون لم أعرفه، ولعل واو" عمرو " زيادة من بعض النساخ، والصواب حفص بن عمر بن ميمون، وهو العدني، له ترجمة في " التهذيب " و" الميزان " وغيرهما، وهو ضعيف كما في " التقريب ".

والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الحكيم، والبيهقي في " الشعب " عن أبي سعيد وتعقبه المناوي بقوله: " وظاهر صنيع المؤلف أن البيهقي خرجه وأقره، والأمر بخلافه، بل قال: إسناده ضعيف ".

وكذا قال العراقي في " المغني " (4 / 424) بعد أن عزاه لابن أبي الدنيا، ومن طريقه أبو الشيخ ابن حيان في " كتاب العظمة ". وفي هذا القول تساهل كبير بعد أن علمت ما قيل في عنبسة! .

1587 - " أبردوا بالطعام، فإن الطعام الحار غير ذي بركة ".

ضعيف.

وقد عزاه في " الجامع الصغير " للديلمي عن ابن عمر والحاكم عن جابر وعن أسماء ومسدد عن أبي يحيى والطبراني في " الأوسط " عن أبي هريرة وأبو نعيم في " الحلية " عن أنس. قلت: وفي هذا التخريج ملاحظات:

أولا: أن حديث أسماء لفظه: " إنه أعظم للبركة "، وهذا خلاف قوله في حديث الترجمة: " غير ذي بركة "، كما لا يخفى.

 

(4/89)

 

 

ثانيا: أنه لم يرد في الطعام الحار، وإنما في الطعام الذي لم يذهب فوره ودخانه، وبينهما فرق، فإن الذي ذهب فوره لا يزال حارا.

ثالثا: حديث أنس، لم أقف عليه في " فهرس الحلية " لأنظر في إسناده، وقد ذكر المناوي أن لفظه: " أتي النبي صلى الله عليه وسلم بقصعة تفور، فرفع يده منها، وقال: إن الله لم يطعمنا نارا، ثم ذكره ". قلت: ولم يتكلم عليه بشيء. رابعا: أن أبا يحيى هذا الذي رواه عنه مسدد لم أعرفه، ولم يذكره في " الجامع الكبير " (5 / 2) من حديثه أصلا، وإنما ذكره من حديث ابن عمر من رواية مسدد والديلمي. والله أعلم.

ثم رأيت الحديث في " الحلية " عن أنس بإسناد ضعيف جدا في ضمن حديث سيأتي برقم (1598) . ثم إن في إسناده عند الديلمي (1 / 1 / 18 - مختصره) إسحاق بن كعب، قال المناوي: " قال الذهبي: " ضعف "، عن عبد الصمد بن سليمان. قال الدارقطني: متروك، عن قزعة بن سويد. قال أحمد: مضطرب الحديث. وأبو حاتم

: لا يحتج به، عن عبد الله بن دينار، غير قوي ".

قلت: ولفظ حديث جابر عند الحاكم: " أبردوا الطعام الحار، فإن الطعام الحار غير ذي بركة ". ذكره شاهدا، ولا يصلح لذلك، لأن فيه محمد بن عبيد الله العرزمي، وهو شديد الضعف، قال الذهبي والعسقلاني: " متروك ". وفي إسناد حديث أبي هريرة عبد الله بن يزيد البكري قال الهيثمي (5 / 20) :

 

(4/90)

 

 

" وقد ضعفه أبو حاتم ".

قلت: ولوقال: " ضعفه جدا " لكان أقرب إلى لفظ أبي حاتم، فإنه قال: " ضعيف الحديث، ذاهب الحديث " كما في كتاب ابنه عنه (2 / 2 / 201) فقد فسر قوله: " ضعيف الحديث " بقوله: " ذاهب الحديث "، وهو كناية عن شدة ضعفه.

والله أعلم. وبالجملة، فالحديث عندي ضعيف، لعدم وجود شاهد معتبر له. والله أعلم. وفي الباب عن

عائشة بلفظ: " بردوا طعامكم يبارك لكم فيه ". ولكن إسناده ضعيف جدا، كما سيأتي تحقيقه برقم (1654) .

1588 - " أبشركم بالمهدي، يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل، فيملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يقسم المال صحاحا، فقال له رجل: ما صحاحا؟ قال: بالسوية بين الناس، قال: ويملأ الله قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم غنى، ويسعهم عدله حتى يأمر

مناديا فينادي، فيقول: من له في مال حاجة؟ فما يقوم من الناس إلا رجل، فيقول: ائت السدان - يعني الخازن - فقل له: إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالا، فيقول له: احث، حتى إذا جعله في حجره وأحرزه ندم، فيقول: كنت أجشع أمة محمد نفسا، أوعجز عني ما وسعهم، قال: فيرده، فلا يقبل منه، فيقال له: إنا لا نأخذ شيئا أعطيناه، فيكون كذلك سبع سنين أوثمان سنين أوتسع سنين، ثم لا خير في العيش بعده، أوقال: لا خير في الحياة بعده ".

ضعيف.

أخرجه أحمد (3 / 37 و52) من طريق المعلى بن زياد: حدثنا العلاء بن بشير عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

 

(4/91)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف، العلاء بن بشير مجهول، كما قال ابن المديني، وتبعه الحافظ وغيره، لم يروعنه سوى المعلى بن زياد كما في " الميزان ". نعم قد جاء الحديث من طريق أخرى عن أبي الصديق، ولكنه مختصر، ليس فيه هذا التفصيل الذي رواه العلاء، وإسناده صحيح، ولذلك خرجته في الكتاب الآخر (711) .

1589 - " أبشروا يا أصحاب الصفة! فمن بقي من أمتي على النعت الذي أنتم عليه اليوم راضيا بما فيه، فإنه من رفقائي يوم القيامة ".

ضعيف جدا.

رواه أبو عبد الرحمن السلمي الصوفي في " الأربعين في أخلاق الصوفية " (2 / 2) وعنه الديلمي (1 / 1 / 24) : أخبرنا محمد بن سعيد الأنماطي أخبرنا الحسن بن علي بن يحيى بن سلام أخبرنا محمد بن علي الترمذي أخبرنا سعيد بن حاتم البلخي أخبرنا سهل بن أسلم عن خلاد بن محمد عن أبي حمزة السكري عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما على أصحاب الصفة، فرأى فقرهم وجهدهم وطيب قلوبهم، فقال: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، مظلم، فإن مخرجه السلمي نفسه متهم بأنه كان يضع الأحاديث للصوفية، وما بينه وبين أبي حمزة السكري لم أعرفهم، غير محمد بن علي الترمذي، وهو صوفي مشهور، صاحب كتاب " نوادر الأصول في معرفة أخبار الرسول "، وهو مطعون فيه من حيث عقيدته، فأنكروا عليه أشياء، منها أنه كان يفضل الولاية على النبوة، وقد تبعه في هذا ابن عربي صاحب " الفصوص " وغيرها، كما يعلم ذلك من اطلع على كتبه. والله المستعان. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (1 / 6 / 1) للسلمي في " سنن

 

(4/92)

 

 

الصوفية " والخطيب، والديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وأورده في " الزيادة على الجامع الصغير ". ولم أره في فهرس " تاريخ بغداد " وهو المراد عند إطلاق العزوإلى " الخطيب " كما نص عليه في المقدمة. والله أعلم.

1590 - " الأمانة تجر الرزق، والخيانة تجر الفقر ".

ضعيف.

رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (7 / 2) عن إسماعيل بن الحسن البخاري الزاهد قال: أنبأنا أبو حاتم محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو ذر أحمد بن عبيد الله بن مالك الترمذي قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الشامي قال: أخبرنا علي بن حرب قال: أخبرنا موسى بن داود الهاشمي قال: أخبرنا ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عامر عن عبد الله ابن الزبير عن أبيه عن علي عليه السلام مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، ابن لهيعة ضعيف، ومن دون إسحاق بن إبراهيم الشامي لم أجد لهم ترجمة. وأما الشامي هذا فالظاهر أنه أبو النضر

الفراديسي، وهو ثقة من شيوخ البخاري. والحديث، كتب بعض المحدثين - وأظنه ابن المحب - على هامش الحديث: " موضوع ".

وأما قول المناوي: " إسناده حسن "، فمما لا وجه له.

(تنبيه) : الحديث في " الجامع الكبير " (1 / 232 / 2) بهذا اللفظ من رواية القضاعي وحده، وفي " الصغير " بلفظ: " تجلب " مكان: " تجر " في الموضعين، من رواية الديلمي عن جابر، والقضاعي عن علي. والله أعلم. ثم رأيت الحديث في " مختصر مسند الديلمي " للحافظ ابن حجر (1 / 2 / 368) من طريق إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري: حدثني محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا بلفظ:

 

(4/93)

 

 

" الأمانة تجلب الرزق ... ". والغفاري هذا مجهول، كما في " التقريب ".

1591 - " الأمانة في الأزد، والحياء في قريش ".

ضعيف.

رواه منده في " المعرفة " (2 / 266 / 2) والحافظ العراقي في " محجة القرب إلى محبة العرب " (23 / 1 - 2) من طريق الطبراني قال: حدثنا موسى بن جمهو ر التنيسي حدثنا علي بن حرب الموصلي حدثنا علي بن الحسين عن عبد الرحمن بن خالد بن عثمان عن أبيه خالد بن عثمان عن أبيه عثمان بن محمد عن أبيه محمد بن عثمان عن أبيه عثمان بن أبي معاوية عن أبي معاوية بن عبد اللات من يمن الأزد، قال: فذكره مرفوعا. وقال الحافظ العراقي: " هذا حديث في إسناده جهالة، ولم أر لبعضهم ذكرا في مظان وجودهم ". وقال تلميذه الهيثمي (10 / 26) : " رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم ".

(تنبيه) : الحديث في " المعجم الكبير " للطبراني (22 / 394 / 979) بهذا الإسناد، لكن سقط منه

أربعة رواة، أشرت إليهم بالحاصرتين أوالمعكوفين [] . والجملة الأولى منه تأتي في رواية في الحديث التالي.

 

(4/94)

 

 

1592 - " العلم في قريش، والأمانة في الأنصار ".

ضعيف.

رواه الحافظ العراقي في " محجة القرب إلى محبة العرب " (23 / 1) من طريق الطبراني قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح حدثني أبي حدثنا ابن لهيعة حدثني يزيد بن أبي حبيب عن ابن جزء الزبيدي وهو عبد الله بن الحارث بن جزء مرفوعا. وقال الحافظ: " هذا حديث حسن، رواه الطبراني في " المعجم الكبير " هكذا، ورواه في " الأوسط "

 

(4/94)

 

 

فقال فيه: والأمانة في الأزد، وقال: لم يروه عن عبد الله بن الحارث بن جزء إلا يزيد بن أبي حبيب، تفرد به ابن لهيعة ".

قلت: وهو ضعيف لاختلاطه، وقد قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما، وله في مسلم بعض شيء، مقرون ". أقول: فتحسين حديثه - والحالة هذه - لا يخلو من تساهل، إلا أن يكون من رواية أحد العبادلة الثلاثة، ذكر الحافظ اثنين منهم، والثالث: عبد الله بن يزيد المقرىء. على أن يحيى بن عثمان بن صالح فيه كلام أيضا، قال الحافظ: " صدوق، ولينه بعضهم لكونه حدث من غير أصله ". هذا، وكأن الهيثمي تبع شيخه العراقي، فقال في " المجمع " (10 / 25) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و" الكبير " وإسناده حسن "! وقلده المناوي! قلت: أنى له الحسن مع الضعف الذي بينا في سنده، والاختلاف الذي بينه العراقي في متنه بين رواية " الكبير " و" الأوسط "؟! وهذا الاختلاف إنما هو من ابن لهيعة نفسه، حدث به هكذا مرة، وهكذا أخرى، كما ذكر ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 364) من رواية عثمان بن صالح، وقال عن أبيه: " إنما يرويه ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ".

قلت: وموسى بن وردان، فيه كلام أيضا، قال الذهبي في " الضعفاء ": " ضعفه ابن معين، ووثقه أبو داود ". وقال الحافظ: " صدوق ربما أخطأ ". وجملة القول أن الحديث ضعيف، لأن مداره على ابن لهيعة، وهو ضعيف، مع اضطرابه في سنده ومتنه. والله أعلم. ثم رأيت الحديث في " أوسط الطبراني " (6375 - بترقيمي) ، فإذا هو ليس من رواية

 

(4/95)

 

 

أحد العبادلة، وإنما من رواية عمران بن هارون الرملي: حدثنا ابن لهيعة به. واسم (هارون) غير ظاهر في نسختي المصورة، ولكنه الذي غلب على ظني، فإن يكن هو فهو صدوق كما قال أبو زرعة، وانظر " لسان الميزان ".

1593 - " العمائم تيجان العرب والاحتباء حيطانها وجلوس المؤمن في المسجد رباطه ".

منكر.

رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (8 / 1) عن موسى بن إبراهيم المروزي قال: أخبرنا موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عن أبيه عن علي مرفوعا.

قلت: وكتب أحد المحدثين على هامش الحديث - وأظنه ابن المحب -: " ساقط ".

قلت: وذلك لأن المروزي هذا كذبه يحيى، وقال الدارقطني وغيره: " متروك ".

والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للقضاعي والديلمي في " مسند الفردوس " عن علي. فقال المناوي: " قال العامري: غريب. وقال السخاوي: سنده ضعيف. أي وذلك لأن فيه حنظلة السدوسي، قال الذهبي: تركه القطان وضعفه النسائي. ورواه أيضا أبو نعيم، وعنه تلقاه الديلمي، فلو عزاه المصنف للأصل كان أولى ". قلت: ليس في إسناد القضاعي حنظلة هذا كما ترى، فالظاهر أنه يعني أنه في إسناد أبي نعيم، ولم يخرجه في كتابه " الحلية "، فالظاهر أنه في كتاب آخر له. والله أعلم. وفي الباب أحاديث أخرى، منها عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " العمائم تيجان العرب، فإذا وضعوا العمائم وضعوا عزهم ".

أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس ". وفي لفظ عنده: " العمائم وقار المؤمن وعز العرب، فإذا وضعت العرب عمائمها، فقد خلعت عزها " قال السخاوي في " المقاصد " (291 / 717) :

 

(4/96)

 

 

" وكله ضعيف، وبعضه أوهى من بعض ". ثم وقفت على إسناد الديلمي في نسخة مصورة، فتبين لي أن في كلام المناوي المتقدم أوهاما يحسن التنبيه عليها، فإن الديلمي أخرجه (2 / 315) من طريق أبي نعيم عبد الملك بن محمد: حدثنا أحمد بن سعيد بن خثيم حدثني حنظلة السدوسي عن طاووس عن عبد الله بن عباس مرفوعا به. وبيانا لما أشرت إليه أقول: أولا: إعلاله للحديث بحنظلة السدوسي فقط يشعر بأنه سالم ممن دونه وليس كذلك، فإن أحمد بن سعيد هذا وجده لم أجد لهما ترجمة فيما لدي من المصادر، فمن الممكن أن تكون الآفة من أحدهما. ثانيا: أنه عنده من حديث العباس، وليس من حديث علي، رضي الله عنهما. ثالثا: أن المناوي عزاه لأبي نعيم، والمراد به عند الإطلاق في فن التخريج مؤلف " الحلية "، ولذلك قلت آنفا: " لم يخرجه في (الحلية) "، واسم أبي نعيم هذا أحمد بن عبد الله الأصبهاني، توفي سنة (430) ، وأما أبو نعيم الذي تلقاه عنه الديلمي فاسمه - كما ترى - عبد الملك بن محمد، وهو الجرجاني الحافظ، مات سنة (323) ، وهما مترجمان في " تذكرة الحفاظ " وغيره.

(تنبيه) : هذا الحديث من الأحاديث الكثيرة التي خلا منها " الجامع الكبير " للسيوطي، و" الجامع الأزهر " للمناوي.

1594 - " أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغ حاجته، فمن أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ثبت الله قدميه على الصراط يوم القيامة ".

ضعيف.

رواه أبو علي ابن الصواف في " حديثه " (85 / 1) عن إسماعيل بن يزيد الأصبهاني: أخبرنا علي بن جعفر بن محمد حدثني معتب - مولى جعفر بن محمد - عن جعفر بن

 

(4/97)

 

 

محمد عن أبيه عن الحسن بن علي عن الحسين بن علي عن علي مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، معتب هذا، قال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين ": " كذبه الأزدي ". وعلي بن جعفر بن محمد، مجهول الحال، لم يوثقه أحد، وأخرج له الترمذي حديثا واستغربه. وإسماعيل بن يزيد الأصبهاني، لم أجد له ترجمة. وله طريق أخرى عن علي في حديثه الطويل في وصف النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه الترمذي في " الشمائل " (رقم 329 - حمص) وسنده ضعيف، كما بينته في " مختصره " (رقم 6) . والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (5 / 210) من حديث أبي الدرداء بلفظ: " من أبلغ ذا سلطان ... " الحديث، وقال: " رواه البزار في حديث طويل، وفيه سعيد البراد، وبقية رجاله ثقات ".

قلت: ولم أعرف سعيدا هذا. والحديث أورده السيوطي في " جامعيه " من رواية الطبراني عن أبي الدرداء. وتعقبه المناوي فقال: " ثم إن المؤلف تبع في عزوه للطبراني الديلمي.

قال السخاوي: وهو وهم، والذي فيه عنه بلفظ: " رفعه الله في الدرجات العلى في الجنة ". وأما لفظ الترجمة فرواه البيهقي في " الدلائل " عن علي، وفيه من لم يسم. انتهى، فكان الصواب عزوه للبيهقي عن علي ". قلت: وحديث الطبراني، ضعف إسناده الهيثمي (8 / 192) .

1595 - " يوم من إمام عادل أفضل من عبادة ستين سنة، وحد يقام في الأرض بحقه أزكى فيها من مطر أربعين عاما ".

ضعيف.

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 140 / 2) من طريق سعد أبي غيلان الشيباني قال: سمعت عفان بن جبير الطائي عن أبي حريز الأزدي عن عكرمة عن

 

(4/98)

 

 

ابن عباس مرفوعا به. وخالفه إسنادا ومتنا جعفر بن عون فقال: أخبرنا عفان بن جبير الطائي عن عكرمة به إلا أنه أسقط أبا حريز من الإسناد، وقال: " صباحا " بدل: " عاما ". أخرجه الطبراني في " الأوسط " (رقم - 4901 - مصورتي) ، و" مجمع البحرين " (1 / 194 / 1) وقال: " لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد ".

قلت: وهو ضعيف عندي لأن مداره على أبي حريز الأزدي واسمه عبد الله بن حسين، قال الحافظ: " صدوق يخطىء ". وعفان بن جبير الطائي، أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (3 / 2 / 30) من رواية أبي غيلان الشيباني وجعفر بن عون المذكورين في الإسناد، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، فهو مجهول الحال. وأما سعد أبو غيلان الشيباني، فأورده هكذا (2 / 1 / 99) دون أن ينسب، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأورده قبل ذلك في " باب الطاء " وسمى أباه طالبا، وقال عن أبيه: " شيخ صالح، في حديثه صنعة ".

وعن أبي زرعة: " لا بأس به ". وخفي هذا على الهيثمي فلم يعرفه كما يأتي، وقد أورده في " المجمع " (5 / 197) باللفظ الأول: " عاما "، ثم قال: " رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، وفيه سعد أبو غيلان الشيباني، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات ". قلت: في هذا التخريج نظر من وجوه:

 

(4/99)

 

 

الأول: أن اللفظ لـ " الكبير "، ولفظ " الأوسط " مخالف له كما تقدم.

الثاني: أن أبا غيلان هو في إسناد " الكبير " أيضا وحده، وتابعه في " الأوسط " جعفر بن عون وهو أوثق منه، فقد احتج به الشيخان.

الثالث: أن أبا غيلان معروف كما تقدم، فكأنه خفي عليه أن ابن أبي حاتم أورده في المكان الآخر الذي حكى فيه توثيقه. وأما المنذري فأورده في " الترغيب " (3 / 135) بسياقه " الكبير " أيضا، لكن بلفظ: " صباحا "! وقال: " رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، وإسناد الكبير حسن ". كذا قال، ولا يخفى ما فيه من التساهل، وإن تبعه الحافظ العراقي، فقد أورده الغزالي في " الإحياء " بلفظ: " ليوم من سلطان عادل، أفضل من عبادة سبعين سنة ". فقال العراقي في " تخريجه " (1 / 155) : " رواه الطبراني من حديث ابن عباس بسند حسن بلفظ: ستين ".

1596 - " فضل العالم على غيره، كفضل النبي على أمته ".

موضوع.

أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (8 / 107) : حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن علي - من لفظه - قال: حدثني أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي الحافظ - بانتقاء ابن المظفر -: حدثني أبو طلحة الوساوسي حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا يزيد بن هارون عن العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سلمة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد مظلم موضوع، وفيه آفات: الأولى: سليمان هذا، قال الذهبي: " لا يكاد يعرف، روى عنه العوام بن حوشب وحده ".

 

(4/100)

 

 

الثاني: أبو طلحة الوساوسي، لم أعرفه.

الثالثة: أبو الفتح الأزدي، متكلم فيه على حفظه.

الرابعة: أبو عبد الله الحسين بن محمد، هو الصيرفي المعروف بابن البزري. قال الخطيب: " قال لي أبو الفتح المصري: لم أكتب ببغداد عمن أطلق عليه الكذب من المشايخ، غير أربعة منهم الحسين بن محمد البزري ". قال الصوري: " وقد اشتهر بمصر بالتهتك في الدين، والدخول في الفساد ". وقال الذهبي: " كذاب ". وقد روي من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا به، إلا أنه قال: " العابد " مكان " غيره ".

أخرجه ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " (1 / 21) من طريق محمد بن الفضل بن عطية قال: حدثني زيد العمي عن جعفر العبدي عنه. قلت: وهذا إسناد واه بمرة، زيد العمي ضعيف، ومحمد بن الفضل كذاب أيضا. وجعفر العبدي هو جعفر بن زيد العبدي. قال ابن أبي حاتم (1 / 1 / 480) : " روى عنه صالح المري، وسلام بن مسكين، وحماد بن زيد. قال أبي: ثقة ". قلت: والظاهر أنه لم يسمع من أبي سعيد فيكون منقطعا أيضا.

1597 - " فضلت على الناس بأربع: بالسخاء والشجاعة وكثرة الجماع وشدة البطش ".

باطل.

أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (8 / 69 - 70) من طريق الإسماعيلي، وهذا في " معجمه " (84 / 1) : أخبرني الحسين بن علي بن محمد بن مصعب النخعي أبو علي - ببغداد، وكان قد غلب عليه البلغم، شيخ كبير -: حدثنا العباس بن الوليد الخلال

 

(4/101)

 

 

حدثنا مروان بن محمد حدثنا سعيد حدثنا قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. أورده في ترجمة الحسين هذا، ولم يذكر فيها أكثر مما جاء في هذا الحديث.

وقال الذهبي: " عمر، وتغير، لا يعتمد عليه، وأتى بخبر باطل ". ثم ساق هذا الحديث. وتعقبه الحافظ بقوله: " هذا لا ذنب فيه لهذا الرجل، والظاهر أن الضعف من قبل سعيد، وهو ابن بشير. والله أعلم ".

قلت: ويؤكد ما قاله الحافظ أن الرجل لم يتفرد به، فقد قال الطبراني في " المعجم الأوسط " (6959 - بترقيمي) وفي " مسند الشاميين " (ص 502) : حدثنا محمد بن هارون حدثنا العباس بن الوليد الخلال به. ومحمد هذا هو ابن هارون بن محمد بن بكار بن بلال الدمشقي، لم أجد له ترجمة، وهو على شرط ابن عساكر في " تاريخ دمشق " فليراجع، ويبدو لي أنه ثقة لكثرة ما روى له الطبراني في " الأوسط " (6925 - 6965) أي نحو أربعين حديثا، فهو متابع قوي للحسين شيخ الإسماعيلي. والله أعلم.

1598 - " كان يكره الكي، والطعام الحار، ويقول: عليكم بالبارد فإنه ذوبركة، ألا وإن الحار لا بركة فيه، وكانت له مكحلة يكتحل منها عند النوم ثلاثا ثلاثا ".

ضعيف جدا.

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8 / 252) من طريق عبد الله بن خبيق: حدثنا يوسف بن أسباط عن العرزمي عن صفوان بن سليم عن أنس بن مالك قال: فذكره مرفوعا. وقال: " غريب من حديث صفوان، لم نكتبه إلا من حديث يوسف ".

 

(4/102)

 

 

قلت: وهو ضعيف لسوء حفظه، لكن شيخه العرزمي أشد ضعفا منه، واسمه محمد بن عبيد الله العرزمي، قال الحافظ: " متروك ". وعبد الله بن خبيق، ترجمه ابن أبي حاتم (2 / 2 / 46) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

1599 - " لوكان جريج الراهب فقيها عالما، لعلم أن إجابة أمه أفضل من عبادة ربه ".

ضعيف.

أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (13 / 3 - 4) عن أبي العباس محمد بن يونس بن موسى القرشي: حدثنا الحكم بن الريان اليشكري قال: حدثنا ليث بن سعد حدثني يزيد بن حوشب الفهري عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وقال: " روى هذا الحديث إبراهيم بن المستمر العروقي، ومحمد بن الحسين الحنيني عن الحكم بن الريان هكذا ". ورواه الحسن بن سفيان في " مسنده "، والترمذي في " النوادر "، وقال ابن منده: " غريب، تفرد به الحكم بن الريان ".

قلت: ومن الغريب أن كتب الجرح والتعديل لم تتعرض للحكم هذا بذكر، حتى كتاب " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم، ومثله يزيد بن حوشب، وكذلك أبو هـ، فإنهم لا يعرفون إلا في هذا الحديث، ولهذا قال المناوي: " قال البيهقي: هذا إسناد مجهول. اهـ.

وقال الذهبي في " الصحابة ": هو مجهول. اهـ. وفيه محمد بن يونس القرشي الكديمي، قال ابن عدي: متهم بالوضع ". قلت: لم ينفرد به، بل تابعه اثنان كما تقدم نقله عن الخطيب، فالعلة من شيخه، أوشيخ الليث المجهولين. والله أعلم.

 

(4/103)

 

 

ثم إن الحديث عندي كأنه موضوع، لأنه يشبه كلام الفقهاء، فالله أعلم بحقيقة الحال.

1600 - " ليس في الأرض من الجنة إلا ثلاثة أشياء: غرس العجوة وأواق تنزل في الفرات كل يوم من بركة الجنة، والحجر ".

ضعيف.

أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (1 / 55) : أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي - بالبصرة - قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد الختلي قال: حدثني عبد الله بن محمد بن علي البلخي قال: أخبرنا محمد بن أبان قال: أخبرنا أبو معاوية عن الحسن بن سالم بن أبي الجعد عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد غريب، رجاله ثقات، ليس فيهم من ينظر في حاله غير اثنين:

الأول: الحسن بن سالم، فلم أر من ذكره غير ابن أبي حاتم من رواية جمع عنه، وروى عن ابن معين أنه قال: " صالح ".

والآخر: محمد بن أبان، وهو بلخي، وهما اثنان من هذه الطبقة: الأول: محمد بن أبان بن وزير البلخي، وهو ثقة من رجال البخاري.

والآخر: محمد بن أبان بن علي البلخي، وهو مستور كما قال الحافظ، ولعله هو علة هذا الحديث الغريب، فإنه لم يترجح لي أيهما المراد الآن. ولم أر من صرح بإعلال الحديث، أوتضعيفه، اللهم إلا ما ذكره السيوطي في مقدمة " الجامع الكبير "، أن مجرد عزوالحديث إلى " تاريخ الخطيب " ونحوه، يكفي للإشارة إلى تضعيف الحديث، وقد أورد الحديث في " جامعيه " من رواية الخطيب وحده. ومما يلفت النظر أن المناوي بيض للحديث، ولم يتكلم عليه بشيء، وأما في " التيسير " فجزم بأن إسناده ضعيف.

فلعله منه بناء على ما ذكرته آنفا. ومن دون محمد بن أبان ثلاثتهم ثقات، مترجمون في " التاريخ " فراجعهم إن شئت (10 / 93 - 94 و290 - 291 و12 / 451 - 452) . ولقد استنكرت من هذا الحديث طرفه الأول، لما فيه من النفي مع ثبوت قوله صلى الله عليه وسلم:

 

(4/104)

 

 

" سيحان وجيحان، والفرات والنيل، كل من أنهار الجنة ". أخرجه مسلم وغيره، وهو مخرج في " الصحيحة " (100) . وقوله: " الحجر الأسود من الجنة "، وما فيه من أن العجوة من الجنة، قد صح من حديث أبي هريرة وغيره كما بينته في " تخريج المشكاة " (4235) .

وأما نزول البركة في الفرات من الجنة، فلم أجد ما يشهد له، سوى ما أخرجه الخطيب أيضا من طريق الربيع بن بدر عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ينزل في الفرات كل يوم مثاقيل من بركة الجنة ". ضعيف جدا، فإن الربيع بن بدر هذا متروك، وقد روي عنه بلفظ آخر مضى برقم (1438) .

1601 - " سحاق النساء زنا بينهن ".

ضعيف.

أخرجه الهيثم بن خلف الدوري في " ذم اللواط " (160 / 2) وابن عدي (ق 290 / 2) وابن الجوزي في " ذم الهو ى " (ص 200) من طريق عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن العلاء عن مكحول عن واثلة بن الأسقع مرفوعا به.

قلت: وهذا إسناد واه بمرة، عنبسة هذا متهم بالوضع، وتابعه سليمان بن الحكم بن عوانة عن العلاء بن كثير عن مكحول به. أخرجه الخطيب (90 / 30) . لكن سليمان هذا، قال ابن معين: " ليس بشيء ". وقال النسائي: " متروك ". ثم إن العلاء بن كثير ليس خيرا منه، فقد قال أبو زرعة:

 

(4/105)

 

 

" ضعيف الحديث، واهي الحديث، يحدث عن مكحول عن واثلة بمناكير ". وقال أبو حاتم: " منكر الحديث، هو مثل عبد القدوس بن حبيب وعمر بن موسى الوجيهي في الضعفاء ".

قلت: وهذان الأخيران كذابان، وقال ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الأثبات ".

وقد تابعه أيوب بن مدرك، ولكنه متروك، وفي حديثه زيادة في أوله، ولفظه يذكر بعده. وتابعه بكار بن تميم، وعنه بشر بن عون، مجهولان، ولفظهما أتم كما يأتي. والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير "، في موضعين منه من رواية الطبراني في " الكبير " عن واثلة. وقال شارحه المناوي: " قال الهيثمي: رجاله ثقات ".

لكن أورده الذهبي في " الكبائر " ولم يعزه لمخرج، بل قال: " يروى "، ثم قال: " وهذا إسناد لين ". ثم إن السيوطي أورده في الموضع الأول بلفظ الترجمة: " سحاق ... "، وفي الموضع الآخر: " السحاق.." بالتعريف. وهذا اللفظ للطبراني بخلاف الأول فليس عنده، وإنما لأبي يعلى وغيره، وهو في " مسنده " (4 / 1806) و" كبير الطبراني " (22 / 63 / 153) من طريق بقية بن الوليد عن عثمان بن عبد الرحمن القرشي قال: حدثني عنبسة بن سعيد القرشي عن مكحول به.

وقد أورده الهيثمي (6 / 256) باللفظين، وعزا كل واحد لمن ذكرنا، وقال:

" ورجاله ثقات ". وتعقبه صاحبنا الشيخ السلفي في " تعليقه على الطبراني " بقوله: " قلت: كيف يكون " رجاله ثقات " وفيهم عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي وهو متروك، وكذبه ابن معين. وعنبسة ضعيف؟! ".

 

(4/106)

 

 

وأقول: عثمان هذا ليس هو الوقاصي. بل هو الحراني المعروف بالطرائفي، فإنه هو الذي يروي عن عنبسة بن سعيد القرشي وعنه بقية بن الوليد، وهو من أقرانه كما في " تهذيب الحافظ المزي "، وإذا عرف هذا، فالتوثيق الذي ذكره الهيثمي له وجه، لولا أن الطرائفي قد ضعف، لكن بسبب لا ينافي صدقه كما يستفاد من ترجمته في " التهذيب " وغيره، وقد لخصها الحافظ في " التقريب " بقوله: " صدوق، أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل، فضعف بسبب ذلك، حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب، وقد وثقه ابن معين ". وعنبسة بن سعيد هو القرشي، كما هو صريح رواية أبي يعلى وهو ثقة، وتوهم الشيخ أنه القطان الواسطي، فضعفه، فالعلة عنعنة بقية ومكحول أيضا.

ومما يؤكد أن عثمان هذا ليس هو الوقاصي، أنه لا يروي عن مكحول إلا بواسطة عنبسة هذا، والوقاصي يروي عن مكحول مباشرة كما في " الضعفاء " لابن حبان وغيره.

1602 - " لا تذهب الدنيا حتى يستغني النساء بالنساء، والرجال بالرجال، والسحاق زنا النساء فيما بينهن ".

ضعيف جدا.

أخرجه تمام في " الفوائد " (184 / 2) وأبو القاسم الهمداني في " الفوائد " (1 / 207 / 1) وابن عساكر في " التاريخ " (3 / 142 / 2) من طريق أيوب ابن مدرك عن مكحول عن واثلة بن الأسقع مرفوعا به.

قلت: وأيوب هذا متفق على تضعيفه، بل قال ابن معين: " كذاب ". وقال أبو حاتم والنسائي: " متروك ". وقال ابن حبان: " روى عن مكحول نسخة موضوعة ".

 

(4/107)

 

 

قلت: وتابعه بشر بن عون الشامي عن بكار بن تميم عن مكحول به. أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " (1 / 190) ، وقال: " بشر له نسخة فيها ستمائة حديث، كلها موضوعة، منها هذا الحديث ". وأقره السيوطي في " ذيل الموضوعات " (ص 150 / 749 - بترقيمي) .

وتابعه العلاء بن كثير مختصرا، لكن السند إليه لا يصح، كما بينته في الحديث السابق.

1603 - " لومرت الصدقة على يدي مائة لكان لهم من الأجر مثل أجر المبتدىء، من غير أن ينقص من أجره شيء ".

ضعيف جدا.

أخرجه الخطيب (7 / 131) عن بشير بن زياد قال: حدثنا عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عبد الله بن سعيد المقبري، قال

الذهبي: " تركوه. وبشير بن زياد منكر الحديث، ولم يترك ".

 

(4/108)

 

 

1604 - " لمعالجة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف ".

ضعيف جدا.

أخرجه الخطيب (3 / 252) من طريق أبي بكر محمد بن قاسم البلخي: حدثنا أبو عمرو الأبلي عن كثير عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته محمد بن قاسم هذا وهو الطالقاني، كان يضع الحديث كما قال الحاكم وغيره.

وكثير هو ابن عبد الله الأبلي وهو متروك. وأما أبو عمرو الأبلي فلم أعرفه. والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من طريق الخطيب، وقال: " لا يصح، كثير متروك، ومحمد بن قاسم كان يضع الحديث، وإنما يروي عن الحسن ". قلت: رواه ابن المبارك في " الزهد ": أنبأنا حريث بن السائب الأسدي: حدثنا

 

(4/108)

 

 

الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الموت وغمه وكربه وعاره، فقال: " ثلاثمائة ضربة بالسيف ". ذكره السيوطي في " اللآليء " (2 / 416) . وإسناده مع إرساله ضعيف، لضعف الحريث هذا. وأشد ضعفا منه ما ذكره السيوطي أيضا من رواية الحارث في " مسنده ": حدثنا الحسن بن قتيبة حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " معالجة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف ". ذكره شاهدا لحديث الترجمة، ولا يصلح لذلك، لأنه مع إرساله شديد الضعف، فإن الحسن بن قتيبة، قال الذهبي: " هالك ".

1605 - " اتخذ الله إبراهيم خليلا وموسى نجيا واتخذني حبيبا، ثم قال: وعزتي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيِّي ".

موضوع.

أخرجه الواحدي في " أسباب النزول " (ص 136) والديلمي (1 / 1 / 84) من طريق مسلمة قال: حدثني زيد بن واقد عن القاسم بن نجيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.

قلت: وهذا إسناد واه جدا، القاسم بن نجيد لم أجد له ترجمة، ولعل (نجيدا) قد تحرف على الناسخ أو الطابع. ومسلمة، هو ابن علي الخشني، وهو ضعيف اتفاقا، وتركه جماعة، وقال الحاكم: " روى عن الأوزاعي والزبيدي المناكير والموضوعات ". والحديث رواه البيهقي في " كتاب البعث "، والحكيم، والديلمي، وابن عساكر من هذا الوجه، وضعفه البيهقي، وقال المناوي: " وحكم ابن الجوزي بوضعه، وقال: تفرد به مسلمة الخشني، وهو متروك، والحمل فيه عليه. ونوزع بأن مجرد الضعف أوالترك لا يوجب الحكم بالوضع ".

 

(4/109)

 

 

قلت: مسلمة قد اتهمه الحاكم - على تساهله - بالوضع، فليس بعيدا ما صنعه ابن الجوزي من الحكم على حديثه بالوضع، ولذلك لم يستطع السيوطي أن يتعقبه بأكثر من قوله (1 / 272) : " قلت: أخرجه البيهقي في " الشعب "، ومسلمة من رجال ابن ماجة. والله أعلم ". وهذا لا شيء كما ترى، وإن شايعه عليه ابن عراق (1 / 333) وزاد قوله: " والخشني وإن ضعف فلم يجرح بكذب ". فقد علمت تجريح الحاكم إياه بالوضع، وهو شر من الكذب في الجرح، كما لا يخفى على أهل العلم. ثم إنه مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله قد اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا ". رواه مسلم، وهو مخرج في " الإرواء " (286) .

1606 - " كان إذا استجد ثوبا لبسه يوم الجمعة ".

موضوع.

رواه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (ص 276) وفي " الطبقات " (25) وأبو عثمان النجيرمي في " الفوائد " (33 / 1) والبغوي في " شرح السنة " (24 / 2) عن أبي بكر عبد القدوس بن محمد: أخبرنا محمد بن عبد الله الخزاعي حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن أبي الأسود عن أنس بن مالك رفعه، وقال البغوي: " عنبسة هذا ضعيف ".

قلت: بل هو كذاب يضع الحديث، وهو القرشي. ومن طريقه رواه الخطيب في " تاريخه " (4 / 137) وعنه ابن الجوزي في " العلل " (2 / 193) من طريق داود بن بكر: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا عنبسة به. وقال ابن الجوزي: " لا يصح، وعنبسة مجروح، قال ابن حبان: والأنصاري يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم ".

قلت: والظاهر أن الأنصاري هو الخزرجي كما وقع في رواية الأولين. ثم إن ابن الجوزي قد تساهل في إيراده للحديث في " العلل " دون " الموضوعات "، مع

 

(4/110)

 

 

أن فيه هذا المتهم وذاك الوضاع، وأكثر تساهلا منه المناوي، فإنه مع كونه نقل كلامه في " الفيض " وارتضاه، عاد عنه في " التيسير "، فقال: " إسناده ضعيف "!!

1607 - " ويحك يا ثعلبة! قليل تؤدي شكره، خير من كثير لا تطيقه، أما ترضى أن تكون مثل نبي الله، فوالذي نفسي بيده لوشئت أن تسيل معي الجبال فضة وذهبا لسالت ".

ضعيف جدا.

أخرجه الواحدي في " أسباب النزول " (ص 191 - 192) وغيره من طريق معان بن رفاعة السلامي عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة الباهلي: " أن ثعلبة بن حاطب الأنصاري أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ادع الله أن يرزقني مالا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فذكره) ، فقال: والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله أن يرزقني مالا لأوتين كل ذي حق حقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ارزق ثعلبة مالا. فاتخذ غنما فنمت كما ينموالدود، فضاقت عليه المدينة، فتنحى عنها، فنزل واديا من أوديتها حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة، ويترك ما سواهما، ثم نمت وكثرت حتى ترك الصلاة إلى الجمعة، وهي تنمو كما ينمو الدود، حتى ترك الجمعة، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما فعل ثعلبة؟

فقالوا: اتخذ غنما فضاقت عليه المدينة ... فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين على الصدقة ... وقال لهما: مرا بثعلبة، وبفلان رجل من بني سليم، فخذا صدقاتهما، فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة، وأقرآه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما هذه إلا جزية، ما هذه إلا أخت الجزية، ما أدري ما هذا؟ انطلقا ... حتى أرى رأيي، فانطلقا حتى أتيا النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآهما قال: يا ويح ثعلبة، قبل أن يكلمهما ... فأنزل الله عز وجل: " ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن "، إلى قوله تعالى: " بما كانوا يكذبون "،.. فخرج ثعلبة حتى أتى النبي عليه السلام، فسأله أن يقبل منه صدقته، فقال: إن الله منعني

 

(4/111)

 

 

أن أقبل صدقتك،.. وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقبل منه شيئا ... " الحديث، وفيه أنه أتى أبا بكر في خلافته فلم يقبلها منه، وهكذا عمر في خلافته وعثمان في خلافته.

قلت: وهذا حديث منكر على شهرته، وآفته علي بن يزيد هذا، وهو الألهاني متروك، ومعان لين الحديث، ومن هذا الوجه أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في " الدلائل " و" الشعب "، وابن مردويه كما في " تفسير ابن كثير " وغيره، وقال العراقي في " تخريج الإحياء " (3 / 135) : " سنده ضعيف ". وقال الحافظ في " تخريج الكشاف " (4 / 77 / 133) : " إسناده ضعيف جدا ".

1608 - " كان يكثر من أكل الدباء، فقلت: يا رسول الله! إنك تكثر من أكل الدباء، قال: إنه يكثر الدماغ، ويزيد في العقل ".

موضوع.

رواه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " (ص 231) عن نصر بن حماد: أخبرنا يحيى بن العلاء عن محمد بن عبد الله قال: سمعت أنسا قال: فذكره. قلت: وهذا سند موضوع، آفته نصر بن حماد ويحيى بن العلاء

، وهما كذابان.

 

(4/112)

 

 

1609 - " لها ما في بطونها، وما بقي فهو لنا طهور ".

ضعيف.

أخرجه ابن ماجة (1 / 186) والطحاوي في " مشكل الآثار " (3 / 267) والبيهقي (1 / 258) من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الحياض التي تكون بين مكة والمدينة، فقالوا: يا رسول الله! يردها السباع والكلاب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الطحاوي: " هذا الحديث لا يحتج به، لأنه إنما دار على عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وحديثه

 

(4/112)

 

 

عند أهل العلم بالحديث في النهاية من الضعف ". قلت: وهو كما قال رحمه الله تعالى، وهو أدق من قول البيهقي: " عبد الرحمن بن زيد ضعيف لا يحتج بمثله ".

وقال البوصيري (39 / 2) : " هذا إسناد ضعيف، عبد الرحمن بن زيد، قال فيه الحاكم: روى عن أبيه أحاديث موضوعة، وقال ابن الجوزي: أجمعوا على ضعفه، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة من قول الحسن ". وقد رواه عبد الرزاق (1 / 77 / 253) عن ابن جريج بلاغا.

1610 - " تعلموا العلم، وتعلموا للعلم الوقار ".

ضعيف جدا.

أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 342) من طريق حبوش بن رزق الله: حدثنا عبد المنعم بن بشير عن مالك وعبد الرحمن بن زيد كلاهما عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وقال: " غريب من حديث مالك عن زيد، لم نكتبه إلا من حديث حبوش عن عبد المنعم ".

قلت: حبوش لم أعرفه، وعبد المنعم جرحه ابن معين واتهمه، وقال ابن حبان: " منكر الحديث جدا، لا يجوز الاحتجاج به ". وقال الحاكم: " يروي عن مالك وعبد الله بن عمر الموضوعات ". وقال الخليلي في " الإرشاد ": " هو وضاع على الأئمة ". قلت: فحديثه موضوع، لكن قد روي من طريق أخرى من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ:

 

(4/113)

 

 

" ... وتعلموا للعلم السكينة والوقار، وتواضعوا لمن تعلمون منه ". قال الهيثمي (1 / 129 - 130) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه عباد بن كثير وهو متروك الحديث ". قلت: ولذلك أشار المنذري في " الترغيب " (1 / 67) إلى تضعيفه، وهو ضعيف جدا.

1611 - " إذا خطب أحدكم المرأة، فليسأل عن شعرها، كما يسأل عن جمالها، فإن الشعر أحد الجمالين ".

موضوع.

رواه الديلمي في " مسند الفردوس " (1 / 1 / 110) من طريق إسحاق بن بشر الكاهلي عن عبد الله بن إدريس المديني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنه مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته إسحاق هذا، قال الدارقطني: " يضع الحديث ". وعبد الله بن إدريس المديني لم أعرفه.

وللحديث طريق أخرى عند الدارقطني من حديث أبي هريرة مرفوعا، وفيه الحسن بن علي العدوي، وهو كذاب وضاع، ومن هذه الطريق أورد الحديث ابن الجوزي في " الموضوعات " فأصاب، وذكر له السيوطي في " اللآلىء " (رقم 1870) طريقا هي التي قبل هذا، وقال: " إسحاق بن بشر الكاهلي كذاب "، ثم تناقض فأورده من هذا الوجه في " الجامع الصغير " الذي نص في مقدمته: أنه صانه عما تفرد به كذاب أووضاع! ولذلك تعقبه المناوي في شرحه بما نقلته عنه من كلامه في " اللآلىء "، وأورده ابن عراق في " الفصل الأول من كتاب النكاح " من " تنزيه الشريعة " (300 / 1) هذا الفصل الذي نص في مقدمة كتابه أنه يورد فيه ما حكم ابن الجوزي بوضعه ولم يخالف. فاعتبر السيوطي موافقا لابن الجوزي في حكمه على الحديث بالوضع، فانظر ما أشد تناقض السيوطي عفا الله عنا وعنه!

 

(4/114)

 

 

1612 - " إذا خفيت الخطيئة لم يضر إلا صاحبها، فإذا ظهرت فلم تغير ضرت العامة ".

موضوع.

رواه ابن أبي الدنيا في " العقوبات " (64 / 1) عن مروان بن سالم عن عبد الرحمن بن عمرو عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه الطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " (7 / 268) و" الجامع "، ورمز له بالحسن! وقلده صاحب " التاج " (5 / 238) فتعقبه المناوي بقوله: " رمز لحسنه وهو غير صواب، فقد أعله الهيثمي وغيره بأن فيه مروان بن سالم الغفاري متروك ".

قلت: وقال أبو عروبة الحراني: " يضع الحديث ". وأشار الحافظ إلى هذا بقوله في " التقريب ": " متروك، ورماه الساجي وغيره بالوضع ". قلت: ولهذا فقد أساء المناوي وتساهل حين قال في " التيسير ": " وفيه ضعف خلافا لقول المؤلف: حسن ". وذلك لأن مثل هذا التضعيف، إنما يقال فيمن كان صدوقا سيء الحفظ، وقد عرف هو نفسه أن فيه متروكا متهما، ومثله أحسن أحواله أن يكون ضعيفا جدا. على أن رموز السيوطي في " الجامع الصغير " لا يوثق بها لأسباب ذكرتها في مقدمة " صحيح الجامع " و" ضعيف الجامع "، فليراجع من شاء.

وأسوأ من ذلك أن شيخ الإسلام ابن تيمية أورد الحديث في " السياسة الشرعية " (ص 75 - دار الكتاب العربي بمصر - الطبعة الرابعة) ساكتا عليه دون أي تخريج. ليغتر به وبرمز السيوطي الدكتور فؤاد في تعليقه على " الأمثال " (ص 85) ، فيصف الحديث بقوله: " ضعيف ". وعلى الرغم من نقله عن الهيثمي إعلاله إياه بمروان المتروك، وتعميته

 

(4/115)

 

 

حكمي على الحديث بالوضع، رد ذلك كله بسكوت ابن تيمية، وقال: " فهو ليس موضوعا ولا شديد الضعف "!!

1613 - " اتخذوا مع الفقراء أيادي، فإن لهم في غد دولة، وأي دولة ".

كذب.

قال ابن تيمية في " الفتاوى " (2 / 196) : " كذب لا يعرف في شيء من كتب المسلمين المعروفة ". قلت: وقد عزاه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (4 / 170) لأبي نعيم في " الحلية " من حديث الحسين بن علي بسند ضعيف بلفظ: " اتخذوا عند الفقراء أيادي، فإن لهم دولة يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة، نادى مناد: سيروا إلى الفقراء، فيعتذر إليهم، كما يعتذر أحدكم إلى أخيه في الدنيا ".

قلت: ولم أجده في " البغية في ترتيب أحاديث الحلية " للسيد عبد العزيز بن محمد بن الصديق. والله أعلم. وكذلك عزاه للحلية السيوطي في " الجامع الصغير ".

قال المناوي: " ورمز المصنف لضعفه، لكن ظاهر كلام الحافظ ابن حجر أنه موضوع، فإنه قال: لا أصل له. وتبعه تلميذه السخاوي، فقال بعد ما ساقه وساق أخبارا متعددة من هذا الباب: وكل هذا باطل كما بينته في بعض الأجوبة، وسبق إلى ذلك الذهبي وابن تيمية وغيرهما، قالوا: ومن المقطوع بوضعه حديث: اتخذوا مع الفقراء أيادي، قبل أن تجيء دولتهم. ذكره المؤلف وغيره عنه ". قلت: أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " (رقم 1188 - نسختي) . وقد وجدته في " الحلية " (4 / 71) من قول وهب بن منبه. وهو به أشبه. ومع ذلك ففيه أصرم بن حوشب، وهو كذاب.

 

(4/116)

 

 

1614 - " كان يلعن القاشرة، والمقشورة ".

ضعيف.

أخرجه الإمام أحمد (6 / 250) : حدثنا عبد الصمد قال: حدثتني أم نهار بنت رفاع قالت: حدثتني آمنة بنت عبد الله أنها شهدت عائشة، فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، قال الهيثمي في " المجمع " (5 / 169) : " وفيه من لم أعرفه من النساء ".

قلت: يعني آمنة، وأم نهار. أما آمنة، فهي القيسية، أوردها الحسيني، وقال: " روى عنها جعفر بن كيسان، لا تعرف ". فقال الحافظ في " التعجيل ": " قد روى أحمد من طريق أم نهار ... حديثا آخر ... فيكون لها راويان ". قلت: وذلك مما لا يخرجها عن الجهالة الحالية، كما لا يخفى على أهل المعرفة بهذا العلم الشريف. وأما أم نهار فلم أجد من ترجمها، وهي على شرط الحافظ في " التعجيل "، ولكنه ذهل، فلم يوردها.

وقد روي الحديث موقوفا من طريق أخرى، أخرجه أحمد (6 / 210) عن كريمة بنت همام قالت: سمعت عائشة تقول: " يا معشر النساء! إياكن وقشر الوجه. فسألتها امرأة عن الخضاب؟ فقالت: لا بأس بالخضاب، ولكني أكرهه، لأن حبيبي صلى الله عليه وسلم كان يكره ريحه ". وأخرجه أبو داود (4164) والنسائي (2 / 280) دون ذكر القشر. وهذا إسناد ضعيف أيضا، رجاله ثقات غير كريمة هذه، فلم يوثقها أحد، وقد روى عنها جماعة، وقال الحافظ في " التقريب ": " مقبولة ".

 

(4/117)

 

 

يعني عند المتابعة، وإلا فلينة الحديث. والحديث أورده ابن الجوزي في " الباب الحادي والسبعون " من " الزوائد على كتاب البر والصلة " (ق 3 / 1) بلفظ: " وعن عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن السالقة والحالقة والخارقة والقاشرة ". ولم يعزه لأحد، ولا ساق إسناده كما هي عادته فيه، وفي كثير من مصنفاته! ثم قال: " القاشرة، هي التي تقشر وجهها بالدواء ليصفولونها ".

وفي " القاموس ": " القشور - كصبور - دواء يقشر به الوجه ليصفو".

وفي " النهاية ": " القاشرة التي تعالج وجهها، أووجه غيرها بالغمرة ليصفولونها، والمقشورة التي يفعل بها ذلك، كأنها تقشر أعلى الجلد ".

و (الغمرة) بالضم: الزعفران. كما في " القاموس ". وبالجملة، فالحديث ضعيف الإسناد مرفوعا وموقوفا، والوقف أصح، والله أعلم. وكان الداعي إلى كتابة هذا، أنني رأيت العلامة المودودي في " تفسير سورة النور " (ص 192) ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والقاشرة والمقشورة ... ".

ثم قال بعد سطور: " وهذه الأحكام مروية بطرق صحيحة في " الصحاح الستة " و" المسند " للإمام أحمد، عن أجلاء الصحابة منهم عائشة و ... ". قلت: فهذا الإطلاق، لما كان يوهم صحة إسناد حديث المسند عن عائشة، وكان الواقع خلاف ذلك، وأنه ضعيف، كما رأيته محققا، رأيت أنه لابد من نشره نصحا للأمة، وراجيا من كل باحث فقيه أن لا يقيم أحكاما شرعية على أحاديث غير ثابتة. والله المستعان.

 

(4/118)

 

 

1615 - " أحب الأعمال إلى الله حفظ اللسان ".

ضعيف.

رواه أبو عبد الله القطان في " حديثه " (60 / 2) : حدثنا علي بن إشكاب قال: حدثنا عمر بن محمد البصري قال: حدثنا زكريا بن سلام عن المنذر بن بلال عن أبي جحيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل؟ قال: فسكتوا، فلم يجبه أحد. فقال: هو حفظ اللسان ".

ومن طريق القطان رواه الحافظ ابن حجر في " الأربعين العوالي " (رقم 38) وقال: " هذا حديث حسن غريب، أخرجه البيهقي في " الشعب " من هذا الوجه ".

قلت: هو في " شعب الإيمان " (2 / 65) من طريق آخر عن ابن إشكاب به إلا أنه قال: " عمرو بن محمد البصري " بفتح العين، ولعله الصواب. فإني لم أجد في الرواة البصريين " عمر بن محمد "، وأما عمرو بن محمد، فهو الخزاعي مولاهم البصري، وهو صدوق ربما أخطأ، كما في " التقريب ". وكذا أخرجه الثقفي في " الثقفيات " (9 / رقم 19) . ولكن المنذر بن بلال هذا، لم أجد من ترجمه.

وزكريا بن سلام ترجمه ابن أبي حاتم (1 / 2 / 598) من رواية جماعة من الثقات عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وقد ذكره ابن حبان في " الثقات ". والحديث قال المنذري (4 / 3) : " رواه أبو الشيخ ابن حيان، والبيهقي، وفي إسناده من لا يحضرني الآن حاله ". قلت: والظاهر أنه يعني المنذر هذا. والله أعلم.

وعزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للبيهقي فقط في " الشعب " ورمز له بالضعف، وبيض له المناوي في " الفيض "، فلم يتكلم عليه بشيء. وأما في " التيسير " فقال: " إسناده حسن "! فكأنه قلد فيه الحافظ، ولم يتنبه لجهالة المنذر، والله أعلم.

 

(4/119)

 

 

1616 - " انتهاء الإيمان إلى الورع، من قنع بما رزقه الله عز وجل دخل الجنة، ومن أراد الجنة لا شك، فلا يخاف في الله لومة لائم ".

موضوع.

أخرجه الدارقطني في " الأفراد " (ج 2 رقم 35 - منسوختي) من طريق عنبسة بن عبد الرحمن عن المعلى بن عرفان عن أبي وائل عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال: " حديث غريب من حديث أبي وائل شقيق بن سلمة عن ابن مسعود، تفرد به المعلى بن عرفان عنه، وتفرد به عنبسة بن عبد الرحمن عن المعلى ".

قلت: وهما متروكان، والآخر أشد ضعفا من الأول، فالمعلى قال فيه البخاري: " منكر الحديث ". وقال النسائي: " متروك الحديث ".

وأما الآخر، فقال فيه أبو حاتم: " متروك الحديث، كان يضع الحديث ". وقال النسائي أيضا: " متروك ". وقال الأزدي: " كذاب ". وقال ابن حبان: " هو صاحب أشياء موضوعة ". قلت: ومع هذه البلايا، فقد سود السيوطي بهذا الحديث " جامعه "!

 

(4/120)

 

 

1617 - " أشد الناس - يعني عذابا - يوم القيامة، من قتل نبيا، أوقتله نبي، أوقتل أحد والديه، والمصورون، وعالم لم ينتفع بعلمه ".

ضعيف جدا.

رواه أبو القاسم الهمداني في " الفوائد " (1 / 196 / 1) عن أبي غسان مالك بن الخليل: حدثنا عبد الرحيم أبو الهيثم عن الأعمش عن الشعبي عن ابن عباس مرفوعا. وهذا إسناد واه، آفته عبد الرحيم هذا، وهو ابن حماد

الثقفي، قال العقيلي في " الضعفاء " (278) : " حدث عن الأعمش مناكير، وما لا أصل له من حديث الأعمش ". ثم ساق له أحاديث، ونقلها الذهبي عنه، ثم قال: " ولا أصل لها من حديث الأعمش "، ثم قال: " عبد الرحيم هذا شيخ واه، لم أر لهم فيه كلاما، وهذا عجيب ".

قال الحافظ في " اللسان ": " وأشار البيهقي في " الشعب " إلى ضعفه ". وقال الذهبي في " الضعفاء ": " صاحب

مناكير ". والحديث عزاه صاحب " المشكاة " (4509) للبيهقي في " شعب الإيمان ". وعزاه المناوي في " الفيض " (1 / 518) للحاكم في " المستدرك " بهذا اللفظ، دون قوله: " أوقتل أحد والديه "، ولم أره في " المستدرك ". والله أعلم. ثم استعنت عليه بالفهرس الذي وضعته له أخيرا، فلم أره أيضا، وبفهرس الدكتور المرعشلي - على ما فيه - فلم أعثر عليه فيه. وقد ثبت الحديث من رواية ابن مسعود مرفوعا دون جملة الوالدين، وكذا جملة العالم. وهذه قد رويت من طريق أخرى من حديث أبي هريرة، وسيأتي برقم (1634) . أما حديث ابن مسعود فهو مخرج في " الصحيحة " (281) .

 

(4/121)

 

 

1618 - " أحد هذا جبل يحبنا ونحبه، إنه على باب من أبواب الجنة، وهذا عير جبل يبغضنا ونبغضه، إنه على باب من أبواب النار ".

ضعيف.

رواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 127 / 1) وابن بشران في " الأمالي " (92 / 2) عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك: حدثني عثمان بن إسحاق عن عبد المجيد بن أبي عبس الحارثي عن أبيه عن جده مرفوعا. وقال الطبراني

: " لا يروى عن أبي عبس إلا بهذا الإسناد، تفرد به ابن أبي فديك ". قلت: وهو صدوق، لكن عبد المجيد بن أبي عبس نسب في هذه الرواية لجده، واسم أبيه محمد، قال الذهبي: " لينه أبو حاتم ". ثم ساق له هذا الحديث. وأبو هـ محمد بن أبي عبس لم أجد له ترجمة، وقد أشار لهذا الهيثمي بقوله (4 / 13) : " رواه البزار والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " وفيه عبد المجيد بن أبي عبس لينه أبو حاتم، وفيه من لم أعرفه ".

وأخرجه ابن معين في " التاريخ والعلل " (96 - 97) من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن مكنف عن أنس بن مالك مرفوعا نحوه، دون قوله: " يبغضنا ونبغضه ". وهذا سند ضعيف جدا، ابن مكنف مجهول كما في " التقريب ". وابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه. ثم رأيت الحديث في " معجم الصحابة " لابن قانع، أورده في ترجمة أبي عبس عبد الرحمن بن جبر من طريق ابن أبي فديك، لكن وقع فيه: أخبرنا عثمان بن إسحاق بن أبي عبس بن جبر عن أبيه عن جده أبي عبس به. والله أعلم.

(تنبيه) : الجملة الأولى صحت عن جمع من الصحابة من طرق أحدها في " صحيح البخاري "، فانظر " تخريج فقه السيرة " (291) .

 

(4/122)

 

 

1619 - " أحسنها (يعني: الطيرة) الفأل، ولا ترد مسلما، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك ".

ضعيف الإسناد.

أخرجه أبو داود (2 / 159) من طريق سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن عامر قال: ذكرت الطيرة عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فذكره. وأخرجه ابن السني (رقم 288) من طريق الأعمش عن حبيب به، إلا أنه قال: " عقبة بن عامر الجهني " بدل: " عروة بن عامر ". وأظنه تصحيفا من بعض الرواة. وهذا إسناد ضعيف، وإن كان رجاله ثقات، فإن حبيب بن أبي ثابت كثير التدليس، ولم يصرح بالتحديث، وعروة بن عامر ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، فالحديث مرسل، وقيل: إن له صحبة، وقال الحافظ في " التهذيب ": " أثبت

غير واحد له صحبة، وشك فيه بعضهم، وروايته عن بعض الصحابة لا تمنع أن يكون صحابيا، والظاهر أن رواية حبيب عنه منقطعة ". وقال في " الإصابة " بعد أن ساق الحديث من طريق أبي داود وغيره: " رجاله ثقات، لكن حبيب كثير الإرسال ".

 

(4/123)

 

 

1620 - " إذا أحببتم أن تعلموا ما للعبد عند الله، فانظروا ما يتبعه من الثناء ".

ضعيف جدا.

رواه ابن عساكر (4 / 297 / 1) عن عبد الله بن سلمة بن (الأصل: عن) أسلم عن أبيه عن حسن بن محمد بن علي قال: قال أبي - وكان حسن بن محمد من أوثق الناس عند الناس - عن أبيه محمد بن علي عن جده علي بن أبي طالب مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عبد الله بن سلمة بن أسلم، ضعفه الدارقطني وغيره. وقال أبو نعيم: " متروك ".

 

(4/123)

 

 

وقد أخرجه مالك في " الموطأ " (3 / 96 - الحلبية) بسند صحيح عن كعب الأحبار أنه قال: فذكره موقوفا. وهذا هو الصواب، ورفعه خطأ.

1621 - " إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث مرات ".

ضعيف.

رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (1 / 12 / 2) : حدثنا عيسى بن يونس عن زمعة بن صالح عن عيسى بن أزداد عن أبيه مرفوعا. وكذا أخرجه ابن ماجة (1 / 137) وأحمد (4 / 347) من طرق أخرى عن زمعة به. وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 25 / 1) : " رواه أبو داود في " المراسيل " عن عيسى بن يزداد اليماني عن أبيه، وأزداد - ويقال: يزداد - لا تصح له صحبة، وزمعة ضعيف ". قلت: لم يتفرد به، فقد تابعه زكريا بن إسحاق عن عيسى بن يزداد في رواية لأحمد، ورواه البيهقي (1 / 113) عنه مقرونا مع زمعة، لكن جعل متنه

من فعله صلى الله عليه وسلم بلفظ: " كان إذا بال نتر ذكره ثلاث نترات ".

رواه من طريق ابن عدي وقال عنه: " مرسل، لا يصح ". وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 42) : " قال أبي: هو عيسى بن يزداد بن فساء، وليس لأبيه صحبه، ومن الناس من يدخله في " المسند " على المجاز، وهو وأبوه مجهولان ". قلت: وكذلك قال ابن معين: " لا يعرف عيسى هذا ولا أبوه ". حكاه عنه ابن عبد البر في " الاستيعاب " (4 / 1589 / 2825) وتعقبه بقوله: " وهو تحامل منه "! ولا وجه لهذا التعقب ألبتة، لاسيما وهو - أعني: ابن عبد البر - لم يعرفه إلا من الوجه

 

(4/124)

 

 

الأول، فقال عقبه: " لم يروعنه غير عيسى ابنه، وهو حديث يدور على زمعة بن صالح، قال البخاري: ليس حديثه بالقائم ". فإذا كان لم يروعنه غير ابنه، وكان هذا لا يعرف، كما في " الضعفاء " للذهبي، أومجهول

الحال كما في " التقريب "، وكان أبو هـ لم يصرح بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فأي تحامل - مع هذا - في قول ابن معين المذكور، لاسيما وهو موافق لقول أبي حاتم؟!

1622 - " إذا بلغ الماء أربعين قلة لم يحمل الخبث ".

موضوع.

رواه العقيلي في " الضعفاء " (361) عن القاسم بن عبد الله بن عمر العمري عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا. وقال: " القاسم بن عبد الله كثير الوهم، قال أحمد: ليس بشيء، وقال مرة أخرى: هو عندي كان يكذب. وقال البخاري: سكتوا عنه ". قلت: وفي رواية عن أحمد: " كذاب كان يضع الحديث، ترك الناس حديثه ". ومن طريقه رواه ابن عدي (265 / 2) وعنه البيهقي (1 / 262) والدارقطني (10) وقال ابن عدي: إنه منكر. ثم أخرجه العقيلي بسند صحيح عن سفيان عن محمد بن المنكدر عن عبد الله بن عمرو موقوفا عليه، ومن طريق أيوب عن محمد بن المنكدر من قوله. وقال البيهقي عن أبي علي الحافظ: " والصحيح عن محمد بن المنكدر عن عبد الله بن عمرو قوله. وبمعناه قال الدارقطني، قال: ووهم فيه القاسم، وكان ضعيفا كثير الخطأ ". نعم صح الحديث عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: " إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث ". وهو مخرج في " الإرواء " (23) .

 

(4/125)

 

 

1623 - " إذا خرج أحدكم إلى سفر، فليودع إخوانه، فإن الله جاعل له في دعائهم البركة ".

موضوع.

رواه أبو العباس الأصم في " حديثه " (ج 1 رقم 139 من نسختي) والديلمي (1 / 1 / 108) وابن عساكر (16 / 203 / 1) وابن قدامة في " المتحابين في الله " (ق 111 / 2) عن بكر بن سهل الدمياطي: أخبرنا عبد الله

بن يوسف أخبرنا مزاحم بن زفر التميمي حدثني أيوب بن خوط عن نفيع بن الحارث عن زيد بن أرقم مرفوعا. قلت: وهذا إسناد موضوع، آفته نفيع هذا، وهو أبو داود الأعمى، كذبه قتادة، وقال ابن معين: " يضع، ليس بشيء ". وقال ابن حبان: " يروي عن الثقات الموضوعات توهما، لا يجوز الاحتجاج به ".

وقال الحاكم: " روى عن بريدة وأنس أحاديث موضوعة ". وأيوب بن خوط، قال البخاري: " تركه ابن المبارك وغيره ". وقال يحيى: " لا يكتب حديثه ". وقال النسائي والدارقطني وجماعة: " متروك ". وقال الأزدي: " كذاب ". وقال الساجي: " أجمع أهل العلم على ترك حديثه، كان يحدث بأحاديث بواطيل ".

 

(4/126)

 

 

وقال ابن حبان: " كان يروي المناكير عن المشاهير، كأنها مما عملت يداه ". وبكر بن سهل الدمياطي ضعيف. والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر والديلمي في " مسند الفردوس "، وقال المناوي: " وفيه نافع بن الحارث، قال الذهبي في " الضعفاء ": قال البخاري: لا يصح حديثه ". قلت: ونافع هذا الذي ذكره، هو غير نفيع المذكور في سند الحديث، فإنه كوفي وذاك بصري، كما صرح به الحافظ في " اللسان "، وعليه فإعلال المناوي الحديث بنافع هذا وهم منه، ولعله وقع في نسخته من ابن عساكر أوالمسند مسمى نافعا فظن أنه الكوفي، وهو الذي قال فيه البخاري ما ذكره، والحق أنه البصري، وهو نفيع، ويقال فيه: نافع، وهو الذي يروي عن زيد ابن أرقم، وأما الكوفي فلا نعرف له رواية إلا عن أنس، وهذا من حديث زيد بن أرقم كما رأيت، فتعين أنه البصري الكذاب.

قلت: وبناء على وهم المناوي المذكور اقتصر في كتابه " التيسير " على قوله: " إسناده ضعيف "!

1624 - " إذا صليت الصبح فقل قبل أن تكلم أحدا: اللهم أجرني من النار سبع مرات، فإنك إن مت من يومك، كتب الله لك جوارا من النار، وإذا صليت المغرب فقل مثل ذلك، فإنك إن مت من ليلتك، كتب الله لك جوارا من النار ".

ضعيف.

أخرجه الحافظ ابن حجر في " نتائج الأفكار " (1 / 162 / 1 - 2) من طريق الحارث بن مسلم بن الحارث التميمي أن أباه حدثه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:. ثم قال:

 

(4/127)

 

 

" هذا حديث حسن، أخرجه أبو داود، وأبو القاسم البغوي، والنسائي في " الكبرى "، والطبراني وابن حبان في (صحيحه) ".

ثم ذكر الحافظ أن بعض الرواة قلب اسم الحارث بن مسلم وأبيه، فقال: مسلم بن الحارث عن أبيه، ثم أخرجها. ثم قال بعد أن ذكر بعض الرواة الذين رووه على الرواية الأولى: " ورجح أبو حاتم وأبو زرعة هذه الرواية، وصنيع ابن حبان يقتضي خلاف ذلك، فإنه أخرج الحديث في " صحيحه " عن أبي يعلى كما أخرجته، فكأنه ترجح عنده أن الصحابي في هذا الحديث هو الحارث بن مسلم ".

قلت: رحم الله الحافظ، لقد شغله تحقيق القول في اسم الصحابي، عن بيان حال ابنه الراوي عنه، الذي هو علة الحديث عندي، فإنه غير معروف، فتحسين حديثه حينئذ، بعيد عن قواعد هذا العلم، ومن العجيب أنه كما ذهل عن ذلك هنا، ذهل عنه في " التقريب " أيضا، فإنه في ترجمة الحارث بن مسلم، أحال على مسلم بن الحارث، فلما رجعنا إليه فإذا به يقول: " مسلم بن الحارث، ويقال: الحارث بن مسلم التميمي، صحابي، قليل الحديث ". قلت: فأين ترجمة ولده سواء أكان اسمه مسلما أوحارثا؟ وقد جزم الحافظ في " الإصابة " بأن الراجح في اسم أبيه أنه مسلم، وقال ابن عبد البر: " وهو الصحيح ". وكذلك صنع الحافظ في " تهذيب التهذيب "، فلم يجعل للولد ترجمة خاصة، ولكنه ذكره في ترجمة أبيه، ونقل عن الدارقطني أنه مجهول، وذكر أنه لم يجد فيه توثيقا، إلا ما اقتضاه صنيع ابن حبان، حيث أخرج الحديث في " صحيحه "، وما رأيته إلا من روايته. قال الحافظ: " وتصحيح مثل هذا في غاية البعد، لكن ابن حبان على عادته في توثيق من لم يروعنه

 

(4/128)

 

 

إلا واحد، إذا لم يكن فيما رواه ما ينكر ". وهذا معناه أن الرجل مجهول، وهو ما صرح به الدارقطني كما في " الميزان "، وقال أبو حاتم: " لا يعرف حاله ". كما في " الفيض "، ومع ذلك ذكره الغماري في " كنزه " (265) !

والحديث في أبي داود (2 / 326) وابن حبان (2346) وكذا البخاري في " التاريخ الكبير " (4 / 1 / 253) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم 136) وأحمد (4 / 234) ومحمد بن سليمان الربعي في " جزء من حديثه " (214 / 1 - 2) وابن عساكر (4 / 165 / 1 و16 / 234 / 2) وعزاه المنذري (1

/ 167) ثم السيوطي في " الجامع الصغير " للنسائي أيضا، ولم أره في " السنن الصغرى " له، وهو المراد عند إطلاق العزوإليه، فلعله في " الكبرى " له، أو " عمل اليوم والليلة " له. ثم رأيته فيه (111) .

1625 - " إذا صليتم خلف أئمتكم، فأحسنوطهوركم، فإنما ترتج على القارىء قراءته لسوء طهر المصلي ".

كذب.

رواه السلفي في " الطيوريات " (21 / 2) من طريق علي بن أحمد العسكري: أخبرنا عبد الله بن ميمون العبدساني أخبرنا عبد الله بن عوف بن محرز قال: لما قدم أبو نعيم الفضل بن دكين سنة ثمان عشرة ومائتين اجتمع إليه أصحاب الحديث، فقالوا: لا نفارقك حتى تموت هزالا أوتحدثنا بحديث الارتجاج في الصلاة! فقال: ما كتبته ولا دونته في كتبي، فقالوا: لا نفارقك أو تموت هزالا! فلما عاف (كذا الأصل، ولعله: خاف) على نفسه قال: حدثنا سفيان الثوري عن منصور عن ربعي عن حذيفة قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم صلاة الصبح فقرأ بنا فيها بسورة الروم فارتج عليه قراءته ارتجاجا شديدا، فلما قضى صلاته، أقبل بوجهه الكريم على الله عز وجل ثم علينا، فقال:

 

(4/129)

 

 

" معاشر الناس إذا صليتم ... ". وقال: " هذا حديث غريب عجيب ". قلت: ومن دون ابن دكين لم أجد لهم ترجمة. لكن قال في " الفيض " بعدما عزاه أصله للديلمي: " وفي " الميزان ": خبر كذب، وعبد الله بن ميمون مجهول ". ولم أر هذا في " الميزان ". والله أعلم.

1626 - " إذا صليتم فارفعوا سبلكم، فكل شيء أصاب الأرض من سبلكم ففي النار ".

ضعيف جدا.

رواه البخاري في " التاريخ الكبير " (3 / 2 / 400 - 401) والعقيلي في " الضعفاء " (338) وكذا ابن حبان (2 / 118) عن عيسى بن قرطاس قال: حدثني عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. وقال: " عيسى بن قرطاس، كان من الغلاة في الرفض ". وقال ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الثقات، لا يحل الاحتجاج به ". قلت: وهو ضعيف جدا، قال ابن معين: " ليس بشيء ". وقال في موضع آخر: " ليس تحل الرواية عنه ". وقال الساجي: " كذاب ". وفي " التقريب ": " متروك ".

 

(4/130)

 

 

ومن طريقه رواه أبو نعيم في " تسمية الرواة عن الفضل بن دكين " (54 / 1) . قلت: ومفهو م هذا الحديث، أنه لا يجب رفع الإزار عن الأرض خارج الصلاة، وهذا خلاف الأحاديث الصحيحة التي تنهى عنه مطلقا. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " للبخاري في " التاريخ "، والطبراني في " المعجم الكبير "، والبيهقي في " شعب الإيمان ".

قال المناوي: " قال الزين العراقي: فيه عيسى بن قرطاس، قال النسائي: متروك. وابن معين: غير ثقة. وقال الهيثمي: فيه عيسى بن قرطاس، ضعيف جدا ... فرمز المؤلف لحسنه إنما هو لاعتضاده ".

قلت: فيه المفهو م المخالف للأحاديث الصحيحة، فليس بمعتضد. وكأن المناوي تنبه لهذا بعد، فقال في " التيسير ": " رمز لحسنة، وليس كما قال ".

1627 - " إذا ضاع للرجل متاع أوسرق له متاع، فوجده في يد رجل يبيعه، فهو أحق به، ويرجع المشتري على البائع بالثمن ".

ضعيف.

رواه ابن ماجة (2 / 54) والدارقطني (301) عن حجاج عن سعيد بن عبيد بن زيد بن عقبة عن أبيه عن سمرة بن جندب مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، رجاله كلهم ثقات غير أن الحجاج - وهو ابن أرطاة - مدلس، وقد عنعنه، وبهذا أعله البوصيري في " الزوائد ". وقد روي الحديث من طريق آخر عن سمرة بلفظ: " من وجد عين ماله ... " وسيأتي في محله.

(تنبيه) : كذا وقع في إسناد ابن ماجة " سعيد بن عبيد بن زيد " وفي الدارقطني " سعيد بن زيد " بإسقاط عبيد من بينهما، وهو الصواب كما في " التهذيب ". والله أعلم.

 

(4/131)

 

 

1628 - " تصدقوا، فإن الصدقة فكاككم من النار ".

ضعيف.

أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 89 / 2) وأبو نعيم في " الحلية " (10 / 403) والدارقطني في " الأفراد " (ج 2 رقم 6 - نسختي) من طريق محمد بن زنبور: حدثنا الحارث بن عمير عن حميد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال الطبراني والدارقطني: " تفرد به الحارث بن عمير ".

قلت: وفيه ضعف، وقد وثقه جماعة، منهم ابن معين، لكن قال الذهبي بعد أن ذكر ذلك عنهم: " وما أراه إلا بين الضعف، فإن ابن حبان قال في " الضعفاء " روى عن الأثبات الأشياء الموضوعات.

وقال الحاكم: روى عن حميد وجعفر الصادق أحاديث موضوعة ". ولذلك أورده في كتابه الآخر: " الضعفاء "، وقال: " ليس بالقوي، قال ابن حبان: كان يروي الموضوعات ". وقال الحافظ في " التقريب ": " وثقه الجمهور، وفي أحاديثه مناكير، ضعفها بسببها الأزدي وابن حبان وغيرهما، فلعله تغير حفظه في الآخر ". ومحمد بن زنبور، فيه كلام أيضا، وفي " التقريب ": " صدوق له أوهام ". وقد اختار العلامة عبد الرحمن المعلمي أن الحارث ثقة، وأن ما كان من إنكار في حديثه من رواية

ابن زنبور عنه، فليس ذلك منه، وإنما من ابن زنبور نفسه، وذلك محتمل. والله أعلم. والحديث قال في " الفيض ":

 

(4/132)

 

 

" قال الهيثمي: رجاله ثقات. اهـ. وكأنه لم يصدر عن تحرير، فقد قال الدارقطني: تفرد به الحارث بن عمير عن حميد، قال ابن الجوزي: قال ابن حبان: يروي عن الأثبات الموضوعات ".

1629 - " فهلا بكرا تعضها وتعضك ".

ضعيف. أخرجه الآجري في " تحريم النرد والشطرنج والملاهي " (رقم 5 -

نسختي) من طريق داود بن الزبرقان عن مالك بن مغول عن الربيع بن كعب بن أبي كعب

عن كعب بن مالك قال: " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فعرست

ذات ليلة، ثم غدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يسأل رجلا رجلا

: أتزوجت يا فلان؟ أتزوجت يا فلان؟ ثم قال: أتزوجت يا كعب؟ قلت: نعم يا

رسول الله. قال: أبكر أم ثيب؟ قلت: ثيب، قال: فذكره ". قلت: وهذا

إسناد ضعيف جدا، داود بن الزبرقان متروك. والربيع بن كعب بن أبي كعب. هكذا

وجدته في نسختي، وأصلها مما لا تطوله الآن يدي، لأنظر هل الخطأ منه أومن

ناسخها. فقد أورده البخاري في " التاريخ الكبير " (2 / 1 / 248) وابن أبي

حاتم في " الجرح والتعديل " (1 / 2 / 454) هكذا: " ربيع بن أبي بن كعب

الأنصاري "، وزاد ابن أبي حاتم: " ويقال: ربيع بن كعب بن عجرة ". وذكرا

أنه روى عن أبيه، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، غير أن البخاري قال:

" قال أبو عبد الله: موسى بن دهقان: يقولون: تغير بآخرة ". قلت: وموسى

هذا لم يذكرا سواه راويا عن الربيع بن أبي. والحديث أورده الهيثمي في

" المجمع " (4 / 259) من رواية الطبراني عن الربيع بن كعب بن عجرة عن أبيه

وقال: " ولم أجد من ترجم لربيع، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم ضعف، وقد

وثقهم

 

(4/133)

 

 

ابن حبان ". قلت: وقد رواه البخاري في " التاريخ " (2 / 1 / 272) وكذا الطبراني في " الكبير " (19 / 149 / 328) من طريق موسى سمع الربيع بن كعب بن عجرة عن أبيه به. وفي رواية للبخاري عن موسى عن الربيع بن أبي بن كعب عن أبيه. ثم وقفت على النسخة المطبوعة من " تحريم النرد " بتحقيق محمد بن سعيد

، فوجدتها مطابقة للأصل الذي نقلت عنه، ولكن المحقق لم يتنبه للفرق بينها وبين ما في " التاريخ " و" الجرح " مع أنه عزاه إليهما؟ وادعى أن البخاري سكت عنه! وقد عرفت أنه ذكر أنه تغير! فالربيع هذا، هو علة الحديث، لاضطراب الرواة في نسبه، المنبئ عن جهالته. ولاسيما وكان تغير بآخرة.

1630 - " إذا أراد الله عز وجل برجل من أمتى خيرا، ألقى حب أصحابي في قلبه ".

ضعيف.

رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 41) والديلمي في " مسنده " (1 / 1 / 98) عن أبي نصر عمران: حدثنا محمد بن سلمة البصري - بفارس -:

حدثنا محمد بن كثير (ووقع في المسند: بشير) العبدي: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، من دون العبدي، لم أجد من ترجمهما، ومن فوقهما فمن رجال مسلم. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " للديلمي في " مسند الفردوس " عن أنس. وقال شارحه المناوي: " لم يرمز له بشيء، فهو ضعيف، لكن له شواهد "! ثم لم يذكر ولا شاهدا واحدا، وكأنه يعني شواهد عامة، وإلا فإني لا أعلم له شاهدا خاصا. والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

(4/134)

 

 

1631 - " إذا تم فجور العبد، ملك عينيه، فبكى بهما ما شاء ".

منكر.

رواه ابن عدي (72 / 1 و211 / 2) عن حجاج بن سليمان المعروف بابن القمري عن ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر مرفوعا. وقال بعد أن ساق بهذا السند أحاديث أخر: " وهذه الأحاديث ينفرد بها حجاج عن ابن لهيعة، ولعلنا قد أتينا من قبل ابن لهيعة، لا من قبل الحجاج، فإن ابن لهيعة له أحاديث منكرات يطول ذكرها، وإذا روى حجاج هذا عن غير ابن لهيعة، فهو مستقيم إن شاء الله ". ونقل المناوي عن ابن الجوزي أنه قال: " حديث لا يصح ". ولذلك جزم في " التيسير " بأن إسناده ضعيف.

 

(4/135)

 

 

1632 - " إذا قالت المرأة لزوجها: ما رأيت منك خيرا قط، فقد حبط عملها ".

موضوع.

رواه ابن عساكر (16 / 140 / 1) عن سلام بن رزين (الأصل: رزيق) عن عمر بن سليم عن يوسف بن إبراهيم عن أنس عن عائشة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ساقط، آفته يوسف هذا، قال ابن حبان: " يروي عن أنس ما ليس من حديثه، لا تحل الرواية عنه ". وقال البخاري: " صاحب عجائب ". وسلام بن رزين، قال الذهبي: " لا يعرف، وحديثه باطل ". ثم ساق له حديثا غير هذا بسنده الصحيح عن ابن مسعود، وقال:

 

(4/135)

 

 

" قال أحمد: هذا موضوع، هذا حديث الكذابين ".

والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عدي وابن عساكر عن عائشة، وتعقبه المناوي في " الفيض " بقول ابن حبان المذكور في يوسف بن إبراهيم، ثم اقتصر في " التيسير " على قوله: " إسناده ضعيف "!

1633 - " إذا مضى للنفساء سبع، ثم رأت الطهر، فلتغتسل ولتصل ".

ضعيف.

أخرجه الدارقطني (82) ومن طريقه البيهقي (1 / 342) : حدثنا أبو سهل بن زياد حدثنا أبو إسماعيل الترمذي حدثنا عبد السلام بن محمد الحمصي - ولقبه سليم -: حدثنا بقية بن الوليد: أنبأنا علي بن علي بن الأسود عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم به. قال سليم: فلقيت علي بن علي فحدثني عن الأسود عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. وقال الدارقطني: " الأسود، هو ابن ثعلبة، شامي ". وأخرجه البيهقي أيضا، وكذا الديلمي (1 / 1 / 152) من طريق الحاكم - وهذا في المستدرك (1 / 176) -: حدثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد النحوي ببغداد: حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي به، إلا أنه أسقط من الإسناد علي بن علي. وقال البيهقي:

" والأول أصح، وإسناده ليس بالقوي ". وتعقبه ابن التركماني بقوله: " قلت: إن كان ذلك لأجل بقية فهو مدلس، وقد صرح بالتحديث، والمدلس إذا صرح بذلك فهو مقبول ".

 

(4/136)

 

 

قلت: ليس ذلك لأجل بقية، فإن في الإسناد الذي رجحه البيهقي، أن سليما لقي علي بن علي شيخ بقية، فحدثه بالحديث، فبرئت عهدة بقية منه، ولزمت سلميا هذا، وهو السبب عندي في تضعيف البيهقي لإسناده، لأنه ليس بالمشهور كثيرا، حتى أن الحافظ ابن حجر خفي عليه حاله، فإنه أورده في " اللسان " قائلا: " روى عن بقية ومحمد بن حرب والوليد بن مسلم وعبد الله بن سالم الأشعري وطبقتهم، روى عنه محمد بن عوف الحمصي وطبقته ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وهذا عجيب منه، فإن ابن أبي حاتم قد أورده في " الجرح والتعديل " (3 / 1 / 48 - 49) ووصفه بـ " المعروف بسليم " وزاد في شيوخه " بشر بن شعيب "، وذكر أن أباه روى عنه، وأنه قال: " صدوق ". قلت: فمثله مما تطمئن النفس لحديثه، ويكون حسنا.

ثم استدركت فقلت: إنما ضعفه البيهقي من أجل الأسود بن ثعلبة الشامي، فقد قال فيه ابن المديني: " لا يعرف "، كما في " الميزان ". وذكر له في " التهذيب " عن عبادة بن الصامت قال: " علمت ناسا من أهل الصفة القرآن ... " الحديث. وعنه عبادة بن نسي. قال ابن المديني: " لا أحفظ عنه غير هذا الحديث ". قلت: ويستدرك عليهم هذا الحديث، فإنه ثابت الإسناد إليه، وقال الحاكم فيه: " شامي معروف، والحديث غريب "! ووافقه الذهبي. وهذا الحديث وإن تبين أنه لم يثبت إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فالعمل عليه عند أهل العلم، بل نقل الترمذي الإجماع على ذلك، فراجعه (1 / 258) ولكن ينبغي أن لا يؤخذ بمفهو مه، فإنها إذا رأت الطهر قبل السبع اغتسلت وصلت أيضا، لأنه لا حد لأقل النفاس، على ما هو المعتمد عند أهل التحقيق.

 

(4/137)

 

 

1634 - " أشد الناس عذابا يوم القيامة، عالم لم ينفعه علمه ".

ضعيف الإسناد جدا.

أخرجه الطبراني في " الصغير " (103) من طريق عثمان بن مقسم البري عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " لم يروه عن المقبري إلا عثمان البري ". قلت: وهو ضعيف جدا، قال ابن معين: " ليس بشيء

، هو من المعروفين بالكذب، ووضع الحديث ". كما في " الميزان "، وأطال في ترجمته، ثم ساق له هذا الحديث وقال الهيثمي (1 / 185) : " رواه الطبراني في الصغير وفيه عثمان البري، قال الفلاس: صدوق كثير الغلط، صاحب بدعة، ضعفه أحمد والنسائي والدارقطني ". وقال شيخه العراقي في أول كتابه " المغني ": " رواه الطبراني في " الصغير "، والبيهقي في " شعب الإيمان " عن أبي هريرة بإسناد ضعيف ". وكذلك ضعفه المنذري (1 / 78) ورواه ابن عدي أيضا، كما في " الجامع " وقال الشارح المناوي: " قال ابن حجر: غريب الإسناد والمتن ".

ثم قال المناوي: " لكن للحديث أصل أصيل ". ثم ساق الحديث الماضي برقم (1617) بلفظ: " إن أشد الناس عذابا يوم القيامة ... " الحديث، وفيه: " وعالم لا ينتفع بعلمه ". عزاه للحاكم ولم نجده، كما ذكرت هناك، فلعله لذلك لم يزد في " التيسير " على قوله: " ضعفه المنذري وغيره ". والحديث أخرجه الدارمي (1 / 82) موقوفا على أبي الدرداء بلفظ: " إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، عالم لا ينتفع بعلمه ".

 

(4/138)

 

 

وإسناده هكذا أخبرنا إسماعيل بن أبان عن ابن القاسم بن قيس قال: حدثنا يونس بن يوسف الحمصي: حدثنا أبو كبشة السلولي قال: سمعت أبا الدرداء يقول: فذكره. وهذا سند رجاله ثقات، غير ابن القاسم بن قيس فلم أعرفه، وأخشى أن يكون قد وقع في النسخة تحريف فإنها محرفة جدا، كما يظهر ذلك للناقد.

وقد كان الشيخ زهري النجار - حفظه الله - قد كتب إلي من مصر أن الأستاذ أحمد محمد شاكر قال له: إنه يريد أن يطبع " سنن الدارمي " طبعة جيدة مصححة بقلمه، فلعله وفق لذلك. والحديث رواه الخطيب البغدادي أيضا في " الكفاية في علم الرواية " (6 - 7) وابن عبد البر في " الجامع " (1 / 162) من طريق عثمان بن مقسم المذكور.

1635 - " كان يخرج يهريق الماء، فيتمسح بالتراب، فأقول: يا رسول الله! إن الماء قريب، فيقول: ما يدريني لعلي لا أبلغه ".

ضعيف جدا.

أخرجه عبد الله بن المبارك في " الزهد " (292) : أخبرنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن حنش عن ابن عباس مرفوعا به.

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، رجاله ثقات غير حنش هذا، واسمه الحسين بن قيس الرحبي، وهو متروك، كما في " التقريب ". وهو إنما يروي عن ابن عباس بواسطة عكرمة، فهو منقطع أيضا إلا أن يكون سقط من الناسخ أوالطابع قوله: " عن عكرمة ". والله أعلم.

وأخرج الحاكم (1 / 180) والبيهقي (1 / 224) من طريق محمد بن سنان القزاز: حدثنا عمرو بن محمد بن أبي رزين حدثنا هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: " أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم وهو ينظر إلى بيوت المدينة بمكان يقال له: مربد الغنم ". وقال الحاكم: " حديث صحيح، تفرد به عمرو بن محمد بن أبي رزين، وهو صدوق، وقد أوقفه

 

(4/139)

 

 

يحيى ابن سعيد الأنصاري وغيره عن نافع عن ابن عمر ". قلت: ووافقه الذهبي، وذلك من أوهامه، فإن عمرو بن محمد هذا، وإن كان صدوقا، فإن الراوي عنه القزاز متهم، وقد أورده الذهبي نفسه في " الضعفاء والمتروكين " وقال: " كذبه أبو داود وابن خراش ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". ولعله لذلك قال البيهقي: " وليس بمحفوظ ". ثم أخرجه هو والحاكم من طرق عن نافع عن ابن عمر: " أنه أقبل من الجرف، حتى إذا كان بالمربد تيمم، فمسح وجهه ويديه، وصلى العصر، ثم دخل المدينة، والشمس مرتفعة، فلم يعد الصلاة ". قال الشافعي: الجرف قريب من المدينة. ثم أخرج البيهقي (1 / 233) من طريق الوليد بن مسلم قال: " قيل لأبي عمرو - يعني: الأوزاعي -: حضرت الصلاة، والماء حائز عن الطريق أيجب علي أن أعدل إليه؟ قال: حدثني موسى بن يسار عن نافع عن ابن عمر أنه كان يكون في السفر، فتحضره الصلاة، والماء منه على غلوة أوغلوتين ونحو ذلك، ثم لا يعدل إليه ". وسنده صحيح. (فائدة) : " الغلوة " بالفتح: قدر رمية سهم.

1636 - " أحب البيوت إلى الله، بيت فيه يتيم مكرم ".

ضعيف جدا.

أخرجه المخلص في " الفوائد المنتقاة " (199 - 200) والعقيلي في " الضعفاء " (31) والطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 201 / 2) وابن عدي في

 

(4/140)

 

 

" الكامل " (17 / 1) والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (75) وابن بشران في " الأمالي " (152 / 2) وأبو نعيم في " الحلية " (6 / 337) والقضاعي في " مسند الشهاب " (102 / 2) والسلفي في " الطيوريات " (160 / 2) من طريق إسحاق الحنيني: حدثنا مالك عن يحيى بن محمد بن طحلاء - وقال بعضهم: محمد بن عجلان - عن أبيه عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال أبو نعيم والعقيلي: " تفرد به الحنيني عن مالك ". قلت: وهو إسحاق بن إبراهيم، متفق على ضعفه، كما قال الذهبي في " الضعفاء "، وقال في " الميزان ": " صاحب أوابد ". ثم ساق له أحاديث هذا منها. وقال العقيلي عقبه: " لا أصل له ".

ثم روى عن البخاري أنه قال في الحنيني: " في حديثه نظر ". وهذا من الإمام كناية عن أنه شديد الضعف عنده، كما هو معلوم. ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي في " الشعب " بلفظ: " أحب بيوتكم ... ". وقال: " تفرد به إسحاق عن مالك "، كما في " الفيض ". ثم رأيت ابن أبي حاتم يذكر في " العلل " (2 / 176) أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال: " قال أبي: هذا حديث منكر ".

 

(4/141)

 

 

1637 - " خير بيت في المسلمين، بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في المسلمين، بيت فيه يتيم يساء إليه ".

ضعيف.

أخرجه عبد الله بن المبارك في " الزهد " (رقم 654 - طبع الهند) وعنه ابن ماجة (3679) والبخاري في " الأدب المفرد " (137) من طريق يحيى بن أبي سليمان عن زيد بن أبي عتاب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم به. قلت: وهذا إسناد ضعيف، يحيى هذا لين الحديث، كما في " التقريب "، ولذا أشار المنذري في " الترغيب " (3 / 230) إلى تضعيف الحديث، وقال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (2 / 184) : " وفيه ضعف ". وقال البوصيري في " الزوائد ": " في إسناده يحيى بن أبي سليمان، قال فيه البخاري: منكر الحديث

. وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث. وذكره ابن حبان في " الثقات "، وأخرج ابن خزيمة حديثه في " صحيحه "، وقال: في النفس من هذا الحديث شيء، فإني لا أعرف يحيى بعدالة ولا جرح، وإنما خرجت خبره، لأنه يختلف العلماء فيه ". قلت: قد ظهر للبخاري وأبي حاتم ما خفي على ابن خزيمة، فجرحهما مقدم على من عدله ". قلت: وهذا هو الحق، ولاسيما أن ابن حبان - الذي ذكره في " الثقات " (3 / 604 و610) - معروف بتساهله في التوثيق، كما نبه عليه الحافظ في مقدمة " اللسان ".

وذكرت نماذج من المجهولين الذين وثقهم في " الرد على الشيخ الحبشي "، فليراجعها من شاء.

(تنبيه) : هذا الحديث أورده الحافظ ابن كثير في " تفسيره - الفجر " من رواية ابن المبارك بسنده المتقدم، وسكت عنه، فتوهم الحلبيان من سكوته أنه صحيح عنده، ولذلك صححاه! فأورده كل منهما في " مختصره

"، والأمر بخلاف ذلك، كما سبق التنبيه عليه مرة أوأكثر. والله المستعان.

 

(4/142)

 

 

1638 - " إذا مدح المؤمن في وجهه، ربا الإيمان في قلبه ".

ضعيف.

رواه الطبراني (1 / 23 / 1) : حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني: حدثني أبي: أخبرنا ابن لهيعة عن صالح بن أبي عريب عن خلاد بن السائب قال: دخلت على أسامة بن زيد فمدحني في وجهي، فقال: إنه حملني أن أمدحك في وجهك أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم (3 / 597) وسكت عنه، وكذا الذهبي. وهذا إسناد ضعيف، من أجل ابن لهيعة، فإنه سيء الحفظ، إلا من رواية العبادلة عنه، وهذه ليست منها. وشيخه صالح بن أبي عريب، قال ابن القطان: " لا يعرف حاله ". وأما ابن

حبان فذكره في " الثقات ". وقال الحافظ: " مقبول ". وفي " مجمع الزوائد " (8 / 119) : " رواه الطبراني، وفيه ابن لهيعة، وبقية رجاله وثقوا ". وقال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (1 / 229 - طبعة دار المعرفة ببيروت) : " سنده ضعيف ". وقد روي الحديث عن أبي هريرة مرفوعا نحوه، ولكنه لا يثبت أيضا، وهو:

 

(4/143)

 

 

1639 - " إذا علم أحدكم من أخيه خيرا، فليخبره، فإنه يزداد رغبة في الخير ".

ضعيف.

رواه الدارقطني في " العلل " من رواية ابن المسيب عن أبي هريرة، وقال: " لا يصح عن الزهري، وروي عن ابن المسيب مرسلا ". ذكره الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (1 / 229 - طبعة دار المعرفة ببيروت) وهو من

الأحاديث التي فاتت " الجوامع ": " الكبير " و" الصغير " و" الزيادة عليه " و" الجامع الأزهر "!!

 

(4/143)

 

 

1640 - " إن الله من على قوم، فألهمهم الخير، فأدخلهم في رحمته، وابتلى قوما، فخذلهم وذمهم على أفعالهم، فلم يستطيعوا أن يرحلوا عما ابتلاهم به، فعذبهم، وذلك عدله فيهم ".

ضعيف.

أخرجه الدارقطني في " الأفراد "، والديلمي في " مسند الفردوس " من حديث أبي هريرة كما في " زوائد الجامع الصغير ". وهو في " الأفراد " (ج 2 رقم 46) وفي " طبقات الأصبهانيين " (ق 76 / 1 - 2) ، و" أخبار أصفهان " (1 / 326) من طريق سعيد بن عيسى الكريزي البصري: حدثنا أبو عمر الضرير حدثنا حماد بن زيد ويزيد بن زريع عن يونس بن عبيد عن ابن سيرين عن أبي هريرة سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره دون قوله: " فخذلهم وذمهم على أفعالهم "، وقال مكانها: " ذكر كلمة " وقال: " غريب من حديث يونس بن عبيد عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، تفرد به أبو عمر الضرير، حفص بن عمر بهذا الإسناد، ولم نكتبه إلا من هذا الوجه ".

قلت: وهذا إسناد كل من فوق الكريزي ثقات رجال الشيخين إلا هو، فقد قال الدارقطني: " ضعيف "، كما في " الميزان ". وقال الحافظ في " اللسان ": " وهذا هو سعيد بن عثمان المتقدم ".

وقال الذهبي هناك: " حدث بأصبهان بمناكير ". وهذا أخذه من أبي نعيم في ترجمته. قلت: فهو علة هذا الإسناد.

 

(4/144)

 

 

1641 - " أرقاؤكم إخوانكم، فأحسنوا إليهم، استعينوهم على ما غلبكم، وأعينوهم على ما غلبوا ".

ضعيف.

أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (190) : حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا أبو بشر قال: سمعت سلام بن عمرو يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا. ورجاله كلهم ثقات رجال البخاري في " صحيحه " غير سلام بن عمرو، قال الذهبي " ما علمت حدث عنه سوى أبي بشر بن أبي وحشية ". قلت: وذكره مع ذلك ابن حبان في " الثقات " على قاعدته، وفي " التقريب " أنه: " مقبول ". ومن طريقه أخرجه أحمد (5 / 371) دون لفظة: " أرقاؤكم ".

وفي " الصحيحين " من حديث أبي ذر نحوه، لكن ليس فيه: " استعينوهم على ما غلبكم ". وهو مخرج في " الإرواء " (2176) .

 

(4/145)

 

 

1642 - " مثل عروة - يعني: ابن مسعود الثقفي - مثل صاحب ياسين دعا قومه إلى الله فقتلوه ".

ضعيف.

أخرجه الحاكم (3 / 615 - 616) ومن طريقه البيهقي في " دلائل النبوة " (5 / 299) عن محمد بن عمرو بن خالد: حدثنا أبي حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة ابن الزبير قال: لما أتى الناس الحج سنة تسع، قدم

عروة بن مسعود الثقفي عم المغيرة بن شعبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجع إلى قومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 

(4/145)

 

 

" إني أخاف أن يقتلوك ". قال: لو وجدوني نائما ما أيقظوني، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إلى قومه مسلما، فقدم عشاء، فجاءته ثقيف، فدعاهم إلى الإسلام، فاتهموه وعصوه، وأسمعوه ما لم يكن يحتسب، ثم خرجوا من عنده، حتى إذا أسحروا وطلع الفجر، قام عروة في داره فأذن بالصلاة وتشهد، فرماه رجل من ثقيف بسهم فقتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد مرسل ضعيف، ابن لهيعة ضعيف لاختلاطه بعد احتراق كتبه. ومحمد بن عمرو بن خالد، لم أجد له ترجمة. وروي مرسلا من طريق أخرى عند ابن أبي حاتم - كما في " تفسير ابن كثير " (3 / 568) - من طريق ابن جابر - هو محمد - عن عبد الملك - يعني: ابن عمير - قال: قال عروة بن مسعود الثقفي رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: ابعثني إلى قومي أدعوهم إلى الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني أخاف أن يقتلوك ".. الحديث نحوه. قلت: وهذا كالذي قبله، ضعيف مع إرساله، فإن محمد بن جابر - وهو ابن سيار الحنفي اليمامي - ضعيف أيضا، قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، ذهبت كتبه، فساء حفظه وخلط كثيرا، وعمي فصار يلقن، ورجحه أبو حاتم على ابن لهيعة ". ورواه البيهقي عن موسى بن عقبة مرسلا أومعضلا.

وذكره ابن إسحاق في " السيرة " بغير إسناد كما في " سيرة ابن هشام " (4 / 194) . والحديث من الأحاديث الضعيفة التي أوردها الرفاعي في " مختصره " خلافا لالتزامه الذي نص عليه في مقدمته، بل صرح بتصحيحه في فهرسه الذي وضعه في آخر المجلد الثالث (ص 440) !

 

(4/146)

 

 

1643 - " استقيموا لقريش ما استقاموا لكم، فإن لم يفعلوا فضعوا سيوفكم عن عواتقكم، فأبيدوا خضراءهم ".

ضعيف.

رواه أحمد (5 / 277) والخلال في " مسائل الإمام أحمد " (1 / 7 / 2 نسخة المتحف البريطاني) وأبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " (125 / 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 124) والطبراني في " المعجم الصغير " (ص 39) والخطيب (12 / 147) والخطابي في " الغريب " (71 / 1) عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان مرفوعا، وزاد الطبراني وابن حبان في " روضة العقلاء " (ص 159) : " فإن لم تفعلوا، فكونوا حينئذ زراعين أشقياء، تأكلون من كد أيديكم ".

وقال الخطابي. " الخوارج ومن يرى رأيهم، يتأولونه في الخروج على الأئمة، ويحملون قوله: " ما استقاموا لكم " على العدل في السيرة، وإنما الاستقامة هاهنا، الإقامة على الإسلام، يقال: أقام واستقام بمعنى واحد، كما يقال: أجاب واستجاب، قال الله تعالى: " ادعوني أستجب لكم "، والمعنى استقيموا لهم ما أقاموا على الشريعة ولم يبدلوها ". ثم أيد هذا المعنى بأحاديث أخرى، منها قولهم: " ... قالوا: يا رسول الله! أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما أقاموا الصلاة ".

قلت: حديث ثوبان هذا، لا يصح من قبل إسناده، وابن أبي الجعد لم يسمع من ثوبان، فهو منقطع، فإذا ثبت ضعف الحديث، فلا حاجة إلى تكلف تأويله، لأنه يوهم صحته. وقال الخلال: " قال حنبل: سمعت أبا عبد الله قال: الأحاديث خلاف هذا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اسمع وأطع، ولولعبد مجدع "، وقال: " السمع والطاعة في عسرك ويسرك وأثرة عليك "، فالذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث خلاف حديث ثوبان، وما أدري ما وجهه؟ ". ثم روى الخلال:

 

(4/147)

 

 

" عن مهنا قال: سألت أحمد عن هذا الحديث؟ فقال: ليس يصح، سالم بن أبي الجعد لم يلق ثوبان. وسألته عن علي بن عابس يحدث عنه الحماني عن أبي فزارة عن أبي صالح مولى أم هانىء عن أم هانىء قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل حديث ثوبان.. فقال: ليس يصح، هو منكر ". وكذا في " المنتخب " لابن قدامة المقدسي (10 / 200 / 2) .

1644 - " أغبوا في العيادة ".

ضعيف جدا.

رواه الخطيب في " تاريخه " (11 / 334) وعنه ابن عساكر (11 / 419 / 2) عن عقبة بن خالد السكوني عن موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه عن جابر بن عبد الله مرفوعا.

قلت: وسنده ضعيف جدا، موسى هذا، قال يحيى: " ليس بشيء، ولا يكتب حديثه ". وقال الدارقطني: " متروك ". وقال أبو حاتم: " ضعيف الحديث، منكر الحديث، وأحاديث عقبة بن خالد عنه من جناية موسى، ليس لعقبة فيها جرم ". وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 241) عن أبيه: " حديث منكر كأنه موضوع، وموسى ضعيف الحديث جدا، وأبوه محمد بن إبراهيم التيمي لم يسمع من جابر ". والحديث عزاه في " الجامع " لأبي يعلى، وزاد الشارح وابن أبي الدنيا، قال الحافظ العراقي: " إسناده ضعيف ".

 

(4/148)

 

 

1645 - " أغبوا العيادة، وخير العيادة أخفها، إلا أن يكون مغلوبا فلا يعاد، والتعزية مرة ".

موضوع.

رواه الخطيب في " الموضح " (5 / 235) عن أبي عصمة عن عبد الرحمن بن الحارث عن أبيه عن أنس بن مالك مرفوعا، وقال: " أبو عصمة هذا هو نوح بن أبي مريم ". قلت: وضاع، معروف بالوضع، واعترف هو نفسه به. نسأل الله السلامة.

 

(4/149)

 

 

1646 - " أغنى الناس حملة القرآن ".

ضعيف.

رواه ابن عبد الهادي في " هداية الإنسان " (135 / 2 - 136 / 1) من طريق أبي نعيم عن عيسى بن حرب الوسقندي: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب حدثنا جنادة حدثنا الحارث بن النعمان قال: سمعت الحسن يحدث قال: أتيت أبا ذر بالربذة، فأنشأ يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه: " أي الناس أغنى؟ قالوا: أبو سفيان، وقال آخر: عبد الرحمن بن عوف، وقال آخر: عثمان بن عفان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا ولكن.. " فذكره. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل الحارث بن النعمان، وهو الليثي الكوفي، ضعيف كما في " التقريب ".

وعيسى بن حرب الوسقندي، لم أجد من ترجمه. والوسقندي - بالفتح ثم السكون وفتح القاف وسكون النون ودال - نسبة إلي وسقند من قرى الري كما في " معجم البلدان "، وقد فاتت هذه النسبة على السمعاني فلم يوردها في كتابه، ولا استدركها عليه ابن الأثير في " لبابه "!! والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عساكر عن أبي ذر، وعن أنس، وبيض له المناوي في " الفيض "، فلم يتكلم على إسناده بشيء! وأما في " التيسير " فجزم بضعف إسناده.

 

(4/149)

 

 

1647 - " افرشوا لي قطيفتي في لحدي، فإن الأرض لم تسلط على أجساد الأنبياء ".

ضعيف.

أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (ج 2 ق 2 ص 75) : أخبرنا حماد بن خالد الخياط عن عقبة بن أبي الصهباء قال: سمعت الحسن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد صحيح، لكنه مرسل، فإن الحسن هو البصري، والشطر الثاني من الحديث صحيح له شاهد، بل شواهد، فانظر الترغيب (2 / 281 - 282) .

 

(4/150)

 

 

1648 - " نصف ما يحفر لأمتي من القبور من العين ".

موضوع.

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (24 / 155 / 399) من طريق علي بن عروة عن عبد الملك عن داود بن أبي عاصم عن أسماء بنت عميس قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا موضوع، آفته ابن عروة هذا، قال الهيثمي في " المجمع " (5 / 106) ، والسخاوي في " المقاصد ": " وهو كذاب ". قلت: وهو مما سود به السيوطي " الجامع الصغير "! وانظر " الصحيحة " (747) .

 

(4/150)

 

 

1649 - " أكرموا أولادكم، وأحسنوا أدبهم ".

ضعيف جدا.

رواه ابن ماجة (3671) والعقيلي في " الضعفاء " (ص 76) وأبو محمد المخلدي في " الفوائد " (289 / 2) والخطيب (8 / 288) وابن عساكر (6 / 8 / 2 و7 / 161 / 2) عن سعيد بن عمارة عن صفوان: حدثنا الحارث بن النعمان ابن أخت سعيد بن جبير قال: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف جدا، الحارث، روى العقيلي عن البخاري أنه قال فيه:

 

(4/150)

 

 

" منكر الحديث ". وساق له هذا الحديث. وسعيد بن عمارة قال الأزدي: " متروك ". وقال ابن حزم: " مجهول ". وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". وأما الذهبي فقال في " الميزان ": " جائز الحديث "! والأقرب قوله في " الكاشف ": " مستور ".

1650 - " الزموا الجهاد تصحوا وتستغنوا ".

ضعيف جدا.

رواه ابن عدي (34 / 1) عن بشر بن آدم: حدثنا صالح بن موسى عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " بشر بن آدم، قال ابن معين: " لا أعرفه ". ولم أر له حديثا منكرا جدا ". قلت: هو من شيوخ البخاري في " صحيحه "، ووثقه جماعة، وفي " التقريب ": إنه صدوق. وإنما علة الحديث شيخه صالح بن موسى، وهو الطلحي، وهو متروك كما في " التقريب "، فالسند ضعيف جدا، فقول المناوي: إنه " ضعيف " فقط، قصور. ثم رأيت ابن أبي حاتم قد ذكر الحديث في " العلل " (1 / 320) من هذا الوجه وقال: " قال أبي: هذا حديث باطل، وصالح الطلحي ضعيف الحديث ".

 

(4/151)

 

 

1651 - " اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين وغلبة العدوومن بوار الأيم ومن فتنة المسيح الدجال ".

ضعيف.

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 139 / 1) وفي " الصغير " (ص 218) وعنه الضياء المقدسي في " المختارة " (66 / 83 / 1) والدارقطني في " الأفراد " (2 رقم 15 - نسختي) والخطيب في " التاريخ " (12 / 450) من طرق عن عباد بن زكريا الصريمي: حدثنا هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.... " فذكره، وقال الدارقطني: " غريب من حديث هشام بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس، تفرد به عباد بن زكريا، ولم يروه عنه غير أبي يوسف القلوسي ". قلت: قد رواه غيره عنه، كما أشرنا إلى ذلك، فعلة الحديث إنما هو الصريمي، ولم أجد له ترجمة. وقال الهيثمي (10 / 143) : " ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح ".

(تنبيه) : إنما أوردت الحديث من أجل جملة البوار، وإلا فسائره صحيح، في " الصحيحين " وغيرهما، فانظر " غاية المرام " (347) .

 

(4/152)

 

 

1652 - " لولا أن بني إسرائيل استثنوا، فقالوا: " وإنا إن شاء الله لمهتدون " ما أعطوا، ولكن استثنوا ".

ضعيف.

أخرجه تمام الرازي في " الفوائد " (11 / 2) عن سرور بن المغيرة بن أخي منصور بن زاذان الواسطي عن عباد بن منصور الناجي عن الحسن عن ابن رافع عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، عباد بن منصور، مدلس وكان تغير بآخرة. وسرور بن المغيرة، تكلم فيه الأزدي، وذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال " روى عنه أبو سعيد الحداد الغرائب ". والمعروف في الحديث الوقف، كذلك رواه غير واحد، كما تراه في " الدر المنثور ".

 

(4/152)

 

 

1653 - " ائتزروا كما رأيت الملائكة تأتزر عند ربها إلى أنصاف سوقها ".

موضوع.

رواه الطبراني في " الأوسط " من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا، وفيه المثنى ابن الصباح، وثقه ابن معين وضعفه أحمد وجمهو ر الأئمة حتى قيل: إنه متروك، ويحيى بن السكن ضعيف جدا. كذا في " مجمع الزوائد " (5 / 123) . وأورده السيوطي في " الجامع " من رواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وذكر المناوي أنه من حديث عمران القطان عن المثنى بن الصباح عن عمرو به. ثم ذكر أن الديلمي خرجه من طريق الطبراني، فلو عزاه المؤلف إليه كان أولى.

والحديث أورده الغماري في " المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير "، وهو أول حديث فيه، ولوائح الوضع عليه ظاهرة.

ثم وقفت على سند الحديث في " مختصر الديلمي " للحافظ (1 / 1 / 46) ، فإذا هو من طريق ابن السني - لا الطبراني - بسنده عن يحيى بن السكن عن عمران القطان به. وقال الحافظ: " قلت: المثنى ضعيف ". وأقول: إعلاله بيحيى بن السكن - وهو البصري - أولى لأنه لم يوثق، بل قال أبو الوليد (النيسابوري) : " يكذب "، وقال صالح جزرة: " لا يساوي فلسا ". كما في " تاريخ الخطيب " (14 / 146) .

 

(4/153)

 

 

1654 - " بردوا طعامكم يبارك لكم فيه ".

منكر.

رواه ابن عدي (40 / 2) عن بزيع بن عبد الله الخلال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. قلت: كذا وقع في الأصل: " بزيع بن عبد الله الخلال " وابن عدي إنما ساقه في جملة أحاديث ذكرها في ترجمة بزيع بن حسان الخصاف، فلا أدري هل تحرف اسمه في سند هذا الحديث على الناسخ، أم كذلك الرواية فيه؟ والراجح عندي الأول، ثم قال ابن عدي:

 

(4/153)

 

 

" وهذه الأحاديث عن هشام بن عروة بهذا الإسناد مع أحاديث أخر - يروي ذلك كله بزيع أبو الخليل -

مناكير كلها لا يتابعه عليها أحد ". والحديث أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن عدي، ولم يتكلم المناوي على سنده بشيء، فكأنه لم يطلع عليه. وأما في " التيسير " فجزم بضعف إسناده، فكأن ذلك منه بناء على تفرد ابن عدي به، وهو أسوأ مما قال، كما ستعرف من حال راويه، وكما سبق التصريح به تحت الحديث المتقدم (1587) . وبزيع بن حسان هذا أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال: " متروك ".

1655 - " من سره أن ينجوفليلزم الصمت ".

ضعيف.

رواه العقيلي في " الضعفاء " (283) عن سليمان بن عمر بن يسار قال: حدثني أبي عن ابن أخي الزهري قال: حدثنا الزهري عن أنس بن مالك مرفوعا. وقال: " لا يتابع عليه عمر بن سيار، وإنما يعرف بالوقاصي واسمه عثمان بن عبد الرحمن الزهري، ليس هو من حديث ابن أخي الزهري، وقد حدث عمر بن سيار هذا عن ابن أخي الزهري بما لا يعرف عنه ولا يتابع عليه، وقد روي في الصمت أحاديث بأسانيد جياد بغير هذا اللفظ ". قلت: من ذلك حديث: " من صمت نجا ". وهو مخرج في " الصحيحة " (536) .

وانظر إن شئت " الترغيب " (4 / 2 - 11) . وقال الذهبي في عمر هذا: " ليس بالمتين ". قلت: ابنه سليمان لم أعرفه. وحديث الوقاصي أخرجه تمام في " الفوائد " (15 / 1) والقضاعي (30 / 2) عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن عمر بن حفص عنه عن الزهري به.

 

(4/154)

 

 

وأورده ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 239) من هذا الوجه، وقال: " قال أبي: عمر بن حفص مجهول، وهذا الحديث باطل ". قلت: وآفته عثمان بن عبد الرحمن وهو الزهري الوقاصي متهم بالوضع. ونسبه الهيثمي في " المجمع " (10 / 298) لأبي يعلى والطبراني، وأعله بالوقاصي.

1656 - " نهى أن يخصى أحد من بني آدم ".

باطل.

رواه تمام في " الفوائد " (23 / 1) وابن عدي (336 / 2) وابن عساكر (17 / 133 / 1) عن أبي عمران موسى بن الحسن السقلي: حدثنا معاوية بن عطاء بن رجاء ابن بنت أبي عمران الجوني: حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله مرفوعا.

ورواه الطبراني (3 / 68 / 1) : حدثنا أحمد بن داود المكي: أخبرنا معاوية بن عطاء الخزاعي به، وعلقه العقيلي في " الضعفاء " (414) وقال: " وهذا باطل لا أصل له ". وقال في معاوية هذا: " في حديثه مناكير وما لا يتابع على أكثره ". وقال ابن عدي: " وهذا عن الثوري باطل ". وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (6 / 250) وأقره المناوي: " رواه الطبراني، وفيه معاوية بن عطاء الخزاعي، وهو ضعيف ".

 

(4/155)

 

 

1657 - " إن الذي يسجد قبل الإمام ويرفع رأسه قبله، إنما ناصيته بيد الشيطان ".

ضعيف.

أخرجه تمام في " الفوائد " (29 / 1) وعنه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (2 / 186 / 1) من طريق زهير بن عباد: حدثنا أبو عمر حفص بن ميسرة عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.

 

(4/155)

 

 

قلت: وهذا إسناد ضعيف، زهير بن عباد قال ابن حبان: " يخطيء ويخالف ". وقال ابن عبد البر: " ضعيف ". وقد خولف في إسناده، فقال أبو سعد الأشهلي: حدثني محمد بن عجلان عن محمد بن عمرو بن علقمة عن مليح بن عبد الله الخطمي عن أبي هريرة به مرفوعا. أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 31 / 1) . قلت: وأبو سعد هذا لم أعرفه، وكذلك مليح بن عبد الله، ولعلهما في " ثقات ابن حبان "، فقد قال المنذري في " الترغيب " (1 / 181) وتبعه الهيثمي في " المجمع " (2 / 78) : " رواه البزار والطبراني في " الأوسط " وإسناده حسن ".

كذا قالا! وقد أخرجه مالك في " الموطأ " (1 / 92 / 57) عن محمد بن عمرو بن علقمة به موقوفا على أبي هريرة. قال الحافظ في " الفتح " (2 / 146) : " وهو المحفوظ ".

ثم وقفت على إسناد البزار في " كشف الأستار " (475) ، فإذا هو من طريق عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو به. فتأكدت من خطأ زهير في إسناده المتقدم، لمتابعة عبد العزيز - وهو الدراوردي - لابن عجلان، وتبينت أن رواية البزار كرواية الطبراني من حيث إن مدارهما على مليح بن عبد الله، وقد ذكر البزار عقبها أنه ما روى عن أبي هريرة غير هذا. قلت: كأنه يشير إلى قلة حديثه، ولم يذكره ابن أبي حاتم (4 / 1 / 367) إلا برواية محمد بن عمرو هذه، وكذلك ابن حبان في " ثقاته " (5 / 450) الأمر الذي يدل على جهالته، ويمنع من تحسين إسناده، مع وقف مالك إياه.

 

(4/156)

 

 

1658 - " الويل كل الويل لمن ترك عياله بخير، وقدم على ربه بشر ".

موضوع.

رواه القضاعي في " مسند الشهاب " (24 / 1) عن إبراهيم بن أحمد بن بشير العسكري قال: أخبرنا قتادة بن الوسيم أبو عوسجة الطائي قال: أخبرنا عبيد بن آدم العسقلاني قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر مرفوعا.

قلت: وإبراهيم هذا وشيخه قتادة مجهولان، وقد ساق الحديث الذهبي في ترجمة قتادة ابن الوسيم، ثم قال: " هذا وإن كان معناه حقا، فهو موضوع، رواه عن قتادة إبراهيم بن أحمد العسكري، مجهول مثله ". وأقره الحافظ في " اللسان ".

والحديث عزاه في " الجامع الصغير " للديلمي في " مسند الفردوس " عن ابن عمر. وأعله المناوي بما نقلته عن " الميزان " و" اللسان ". وهو خطأ، لأن إسناده غير إسناد القضاعي، فإن الديلمي أخرجه (3 / 144) عن محمد بن الحسين القطان بسنده الصحيح عن عبيد الله بن عمر عن نافع به، لم يرفعه.

قلت: والقطان - وهو ابن شهريار - اتهمه ابن ناجية بالكذب، وقال الدارقطني: " ليس به بأس ": كما في " تاريخ الخطيب " (2 / 232) ودونه من لم أعرفه.

 

(4/157)

 

 

1659 - " أول الأرضين خرابا، يسراها ثم يمناها ".

ضعيف.

رواه تمام في " الفوائد " (48 / 1) وابن جميع في " معجمه " (258) وابن عساكر (15 / 36 / 2 و256 / 2) عن حفص بن عمر بن الصباح الرقي - سنجة -: حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود حدثنا سفيان الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله مرفوعا.

وكذا رواه الطبراني في " الأوسط " (3663 - بترقيمي) . قلت: وهذا إسناد ضعيف، حفص بن عمر هذا فيه ضعف، قال الذهبي في " الميزان ": " شيخ معروف، من كبار مشيخة الطبراني، مكثر عن قبيصة وغيره، قال أبو أحمد

 

(4/157)

 

 

الحاكم: حدث بغير حديث لم يتابع عليه ".

وذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال: " ربما أخطأ ". وبقية رجال الإسناد ثقات رجال البخاري، غير أن أبا حذيفة هذا، قد تكلم فيه من قبل حفظه، ولذلك أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين " وقال: " لينه الإمام أحمد، وقال ابن خزيمة: لا أحدث عنه ". وقال في " الميزان ": " أحد شيوخ البخاري، صدوق إن شاء الله، يهم، تكلم فيه أحمد، وضعفه الترمذي.. ". ولهذا قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، سيء الحفظ، وكان يصحف ". قلت: فهو علة الحديث، إن سلم من الرقي.

والحديث عزاه السيوطي لابن عساكر فقط! فتعقبه المناوي بقوله: " وقضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز، وهو غفلة، فقد رواه الطبراني وأبو نعيم والديلمي وغيرهم باللفظ المزبور عن جرير المذكور ". ولم يتكلم على إسناده بشيء، وقال الهيثمي في " المجمع " (7 / 289) : " رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه حفص بن عمر بن صباح الرقي، وثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح ". كذا قال، ولم يتنبه لما قيل في أبي حذيفة! وقد أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (7 / 112) من طريق الطبراني بلفظ: " أسرع الأرض خرابا يسراها ثم يمناها ". وقال: " غريب من حديث الثوري، لم نكتبه عاليا إلا من حديث أبي حذيفة ".

ثم إن ظاهر الحديث منكر عندي، لأن الأرض كروية قطعا، كما تدل عليه الحقائق العلمية، ولا تخالف الأدلة الشرعية، خلافا لمن يماري في ذلك، وإذا كان الأمر كذلك

 

(4/158)

 

 

فأين يمنى الأرض ويسراها؟! فهما أمران نسبيان كالشرق والغرب تماما.

1660 - " الصلاة نور المؤمن ".

ضعيف.

رواه أبو سعيد الأشج في " حديثه " (215 / 2) : حدثنا أبو خالد (يعني: الأحمر) عن عيسى بن ميسرة عن أبي الزناد عن أنس مرفوعا. ومن طريق الأشج رواه المخلص في " الفوائد المنتقاة " (1 / 24 / 1) وكذا تمام (82 / 1) ورواه أبو عروبة الحراني في " جزئه " (101 / 1) والخطيب في " الموضح " (1 / 83) وكذا أبو يعلى في " مسنده " (178 / 2) والبيهقي في " الشعب " (2 / 286 / 1) وابن نصر في " الصلاة " (30 / 2) عن أبي خالد به. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عيسى بن ميسرة، هو الحناط أبو موسى الغفاري متروك كما في " التقريب ". لكن أخرجه ابن نصر من طريق واقد بن سلامة عن الرقاشي عن أنس. والرقاشي وواقد ضعيفان. والحديث عزاه في " الجامع الصغير " للقضاعي وابن عساكر فقط! وتعقبه المناوي بقوله: " ورواه عنه أبو يعلى والديلمي باللفظ المزبور، فلوعزاه إليهما لكان أولى. قال العامري في " شرح الشهاب ": صحيح ". كذا قال! وكأنه يعني صحيح المعنى، وفي " صحيح مسلم " من حديث أبي مالك الأشعري: " الطهور شطر الإيمان و ... والصلاة نور، والصدقة برهان و ... ".

 

(4/159)

 

 

1661 - " السلطان ظل الله في الأرض ".

منكر.

رواه الخطابي في " غريب الحديث " (155 / 1) من طريق العباس الترقفي: أخبرنا سعيد بن عبد الملك الدمشقي أخبرنا الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس مرفوعا. وقال:

 

(4/159)

 

 

" معنى الظل العز والمنعة ... ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف، سعيد بن عبد الملك الدمشقي، الظاهر أنه أخو سليمان بن عبد الملك ويزيد بن عبد الملك، ترجمه ابن أبي حاتم (2 / 1 / 44 - 45) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. والربيع بن صبيح، ضعيف لسوء حفظه. وذكره ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 409) من طريق أبي عون بن أبي ركبة، وفي رواية: عون بن أبي ركبة عن غيلان بن جرير عن أنس مرفوعا. وقال: " حديث منكر، وابن أبي ركبة مجهول ".

قلت: وأورده السيوطي في " الجامع " من رواية أبي الشيخ عن أنس بزيادة: " فإذا دخل أحدكم بلدا ليس به سلطان، فلا يقيمن به ". وبيض له المناوي فلم يتكلم على إسناده بشيء، والظاهر أنه لا يتعدى أحد السندين

السابقين.

1662 - " السلطان ظل الله في الأرض، فمن أكرمه أكرمه الله، ومن أهانه أهانه الله ".

ضعيف.

رواه ابن أبي عاصم في " السنة " (99 / 2) عن سلم بن سعيد الخولاني: حدثنا حميد بن مهران عن سعد بن أوس عن زياد بن كسيب عن أبي بكرة مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، زياد بن كسيب مجهول الحال كما تقدم (1465) .

وسلم بن سعيد الخولاني لم أجد من ترجمه، وقد توبع من جماعة على رواية الحديث دون طرفه الأول، وقد مضى في المكان المشار إليه. والحديث عزاه السيوطي للطبراني في " الكبير "، والبيهقي في " الشعب " عن أبي بكرة، وقال المناوي: " وفيه سعد بن أوس فإن كان هو العبسي، فقد ضعفه الأزدي، وإن كان البصري،

 

(4/160)

 

 

فضعفه ابن معين. ذكرهما الذهبي في " الضعفاء " ". قلت: هو البصري قطعا، فقد جاء منسوبا في بعض الطرق العبدي، وهو البصري، وهو صدوق له أغاليط كما قال الحافظ، والظن أنه لا دخل له في الحديث وإنما علته من شيخه زياد بن كسيب كما سبق. وقد توبع في الجملة الثانية، فأوردتها في " الصحيحة " (2297) وحسنته

في " الظلال " (1017 - 1018) .

1663 - " السلطان ظل الله في الأرض، يأوي إليه الضعيف، وبه ينتصر المظلوم، ومن أكرم سلطان الله عز وجل في الدنيا، أكرمه الله يوم القيامة ".

ضعيف.

رواه أبو محمد بن يوسف في " جزء من الأمالي " (143 / 1) ومن طريقه ابن النجار (10 / 101 / 2) عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب: حدثني عمي عبد الله بن وهب عن ابن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، إلا أن أحمد بن عبد الرحمن هذا، قد طعنوا فيه، ولذلك أورده الذهبي في " الضعفاء والمتروكين "، وقال: " شيخ مسلم، قال ابن عدي: رأيت شيوخ مصر مجمعين على ضعفه، حدث بما لا أصل له ". وساق له الذهبي في " الميزان " أحاديث أنكرت عليه، منها حديث

له من روايته عن عمه ابن وهب بسنده الصحيح إلى ابن عمر مرفوعا، وقال: " فهذا موضوع على ابن وهب ". والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن النجار فقط، وبيض له المناوي، فلم يتكلم على إسناده بشيء! هذا في " الفيض "، وأما في " التيسير "، فقال: " إسناده ضعيف ".

 

(4/161)

 

 

1664 - " السلطان ظل الله في الأرض، فإن أحسنوا فلهم الأجر وعليكم الشكر، وإن أساءوا فعليكم الصبر وعليهم الإصر، لا يحملنكم إساءته على أن تخرجوا من طاعته، فإن الذل في طاعة الله، خير من خلود في النار، لولاهم ما صلح الناس ".

ضعيف جدا.

رواه أبو نعيم في " فضيلة العادلين من الولاة " (227 / 2) عن عمرو بن عبد الغفار عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن سعيد بن معبد الأنصاري وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي طوالة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال: قلت: يا رسول الله! أخبرني عن هذا السلطان الذي ذلت له الرقاب، وخضعت له الأجساد ما هو؟ قال: " هو ظل الله ... ".

قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، آفته عمرو بن عبد الغفار وهو الفقيمي، قال ابن عدي في " الكامل " (275 / 1) : " ليس بالثبت في الحديث، حدث بالمناكير في فضائل علي وغيره، وهو متهم إذا روى شيئا من الفضائل، وكان السلف يتهمونه بأنه يضع في فضائل أهل البيت، وفي مثالب غيرهم ".

 

(4/162)

 

 

1665 - " أسد الأعمال ذكر الله على كل حال والإنصاف من نفسك ومواساة الأخ في المال ".

ضعيف.

رواه ابن المبارك في " الزهد " (189 / 1 من الكواكب 575 ورقم 744 - طبع الهند) وابن أبي شيبة في " المصنف " (13 / 230 / 16187) وهناد في " الزهد " (2 / 509 / 1048) عن حجاج بن أرطاة عن أبي جعفر مرفوعا. قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإنه مع إرساله، الحجاج مدلس وقد عنعنه.

والحديث أورده السيوطي في " الجامع " بنحوه، من رواية ابن المبارك وهناد والحكيم عن أبي جعفر مرسلا، وأبي نعيم في " الحلية " عن علي موقوفا. ولم يتكلم المناوي على إسناد المرسل بشيء، وأما الموقوف فأعله بقوله: " وفيه إبراهيم بن ناصح، عده الذهبي في " الضعفاء " قال أبو نعيم: متروك الحديث. ومن ثم رمز لضعفه ".

1666 - " بادروا بالأعمال سبعا، هل تنتظرون إلا مرضا مفسدا وهرما مفندا أوغنى مطغيا أوفقرا منسيا، أوموتا مجهزا، أوالدجال، فشر منتظر، أوالساعة، والساعة أدهى وأمر ".

ضعيف.

رواه الترمذي (3 / 257) والعقيلي في " الضعفاء " (425) وابن عدي (341 / 1) عن محرز بن هارون قال: سمعت الأعرج يحدث عن أبي هريرة مرفوعا.

وقال العقيلي: " محرز بن هارون، قال البخاري: " منكر الحديث "، وقد روي هذا الحديث بغير هذا الإسناد من طريق أصلح من هذا ". وقال الترمذي: " هذا حديث غريب حسن ".

كذا قال، ولعله يعني الحسن لغيره للطريق التي أشار إليها العقيلي، وهو ما أخرجه الحاكم (4 / 321) من طريق عبد الله عن معمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما ينتظر أحدكم إلا غنى مطغيا ... " الحديث، مثله دون قوله: " بادروا بالأعمال سبعا ". وقال: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي، وهو كما قالا في ظاهر السند، 

ولكني قد وجدت له علة خفية، فإن عبد الله الراوي له عن معمر هو عبد الله بن المبارك، وقد أخرجه في كتابه " الزهد " وعنه البغوي في " شرح السنة " بهذا الإسناد إلا أنه قال: " أخبرنا معمر بن راشد عمن سمع المقبري يحدث عن أبي هريرة ... ". فهذا يبين أن الحديث ليس من رواية معمر عن المقبري، بل بينهما رجل لم يسم. ويؤيد ذلك أنهم لم يذكروا في شيوخ معمر المقبري ولا في الرواة عن هذا معمرا، ولوكان ذلك معروفا لذكروه لجلالة كل منهما، فهذا الرجل المجهول هو علة هذا السند. والله أعلم.

1667 - " بادروا بالعمل هرما ناغصا، أوموتا خالسا، أومرضا حابسا، أوتسويفا مؤيسا ".

ضعيف.

رواه ابن أبي الدنيا في " قصر الأمل " (2 / 19 / 2) عن يوسف بن عبد الصمد عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي أمامة مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، محمد بن عبد الرحمن هذا ضعيف لسوء حفظه، ولم يدرك أبا أمامة، فلعل بينهما أباه عبد الرحمن بن أبي ليلى. ويوسف بن عبد الصمد مجهول. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع " للبيهقي في " الشعب "، ولم يتكلم المناوي على إسناده بشيء، غير أنه قال: " ورواه الديلمي في " الفردوس " عن أنس ". قلت: أخرجه (2 / 1 / 2) من طريق الحسين بن القاسم عن إسماعيل عن أبان عنه. وهذا إسناد ضعيف جدا، أبان هو ابن أبي عياش، متروك، ومن دونه لم أعرفهما.

1668 - " باكروا في طلب الرزق والحوائج، فإن الغدوبركة ونجاح ".

ضعيف.

رواه المخلص في " الفوائد المنتقاة " (10 / 18 / 1) وابن عدي (11 / 1) وأبو نعيم في " الأمالي " (158 / 2) وكذا البغوي كما في " جزء أبي طالب العشاري عنه  (66 / 1 - 2) والطبراني في " الأوسط " (1 / 134 / 1 - 2) عن إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا. وقال: " لم يروه عن هشام إلا إسماعيل ". وقال ابن عدي: " وعامة ما يرويه منكر ". قلت: قال الهيثمي (4 / 61) : " وهو ضعيف " ومن طريقه

رواه البزار (رقم - 1247) .

1669 - " بحسب امرىء إذا رأى منكرا لا يستطيع له غيرا أن يعلم الله من قلبه أنه له كاره ".

ضعيف.

رواه حرب بن محمد الطائي في " حديثه " (5 / 1) وابن عساكر في " كتاب الدعاء لابن غزوان الضبي " (67 / 1) عن سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن الربيع بن عميلة قال: سمعت من ابن مسعود كلمة ما سمعت بعد آية من كتاب الله أوحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم أعجب إلي منها، سمعته يقول: فذكره.

قلت: وهذا إسناد صحيح، ولكنه موقوف، وقد رواه الربيع بن سهل بن الركين بن الربيع بن عميلة عن سعيد بن عبيد سمع الركين عن أبيه عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم به.

ذكره البخاري في " التاريخ الكبير " (2 / 1 / 254 / 951) وفي " التاريخ الصغير " (188) ووصله الطبراني في " الكبير "، وقال البخاري وقد ذكر الربيع بهذا الحديث: " وروى غير واحد عن الركين وغيره عن أبيه عن عبد الله قوله، يخالف في حديثه ". وحكاه ابن عدي في " الكامل " (134 / 1) عن البخاري. وقال الذهبي في " الضعفاء ": " الربيع بن سهل ضعفوه ".

ونقل المناوي عن الهيثمي أنه قال في إسناد الطبراني: " وفيه الربيع بن سهل، وهو ضعيف ". قلت: ومع ضعفه فقد خولف في رفعه كما تقدم، والصواب الوقف.

1670 - " بحسب امرىء من الشر أن يشار إليه في دينه ودنياه، إلا من عصمه الله ".

ضعيف.

رواه ابن عدي (277 / 2) عن كلثوم بن محمد بن أبي سندرة الحلبي: حدثنا عطاء بن أبي مسلم الخراساني عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " كلثوم هذا يحدث عن عطاء الخراساني بمراسيل، وغيره، بما لا يتابع عليه ".

قلت: وقال أبو حاتم: " يتكلمون فيه ". وعطاء الخراساني، قال الحافظ: " صدوق يهم كثيرا، ويرسل، ويدلس ". والحديث رواه البيهقي في " الشعب " (2 / 337 / 1) من طريقين، هذا أحدهما، والطريق الآخر علقه عن عبد العزيز بن حصين، وضعفه يحيى والناس، وقال البيهقي: " والإسناد ضعيف ". ومن ثم جزم الحافظ العراقي بضعف الحديث، (انظر تخريج الإحياء: 3 / 276) .

قلت: وصله الطبراني في " الأوسط " (7033 - بترقيمي) عن عبد العزيز عن عبد الكريم أبي أمية عن الحسن عن أبي هريرة، وأعله الهيثمي بقوله في " مجمع الزوائد " (10 / 297) : " وفيه عبد العزيز بن حصين، وهو ضعيف ". قلت: وعبد الكريم ضعيف أيضا، والحسن مدلس. وله شاهد من حديث أنس، ولكنه لا يغني فتيلا، أخرجه البيهقي أيضا، قال المناوي:

" وفيه يوسف بن يعقوب، فإن كان النيسابوري، قال أبو علي الحافظ: ما رأيت بنيسابور من يكذب غيره، وإن كان القاضي باليمن فمجهول، وابن لهيعة ضعيف ". وله شاهد آخر من حديث عمران، ولكن فيه متهم أيضا كما سيأتي بيانه برقم (2430) . وقال ابن وهب في " الجامع " (ص 78) : وأخبرني من سمع الأوزاعي يحدث عن يحيى بن أبي كثير أن رسول الله عليه السلام قال: " كفى بالمرء من الشر أن يشير الناس إليه بالأصابع في دين أودنيا، فقيل: وإن يك خيرا؟ فقال: وإن يك خيرا، فهو مزلة إلا ما عصم الله، وإن يك شر فهو شر ". قلت: وهذا مع إعضاله فيه شيخ ابن وهب الذي لم يسم.

1671 - " براءة من الكبر: لبوس الصوف ومجالسة فقراء المسلمين وركوب الحمار واعتقال العنز ".

ضعيف جدا.

رواه أبو نعيم في " الحلية " (3 / 229) عن القاسم بن عبد الله العمري عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعا. وقال: " هذا حديث غريب لم نسمعه مرفوعا إلا من حديث القاسم عن زيد ".

قلت: والقاسم هذا كذاب، يضع الحديث، كما قال أحمد وغيره، وقد خالفه خارجة بن مصعب فقال: عن زيد بن أسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأرسله. أخرجه وكيع بن الجراح في " الزهد " (2 / 68 / 2) وعنه ابن عدي (121 / 1) . وخارجة واه أيضا، قال في " التقريب ": " متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: إن ابن معين كذبه ". وقال السيوطي في " اللآلىء " (2 / 265) بعد أن ذكره من طريق " الحلية ": " وأخرجه البيهقي (يعني في " الشعب ") ، وقال: كذا رواه القاسم من هذا الوجه مرفوعا، وروي أيضا عن أخيه عاصم عن زيد كذلك مرفوعا. وقد قيل: عن زيد عن جابر

مرفوعا. والله أعلم ". قلت: وعاصم أخو القاسم بن عبد الله لم أعرفه، وأخشى أن يكون اشتبه عليه بعاصم بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري، فإنه يروي أيضا عن زيد بن أسلم، وهو ضعيف جدا. والله أعلم.

1672 - " من احتجم أواطلى يوم السبت أوالأربعاء، فلا يلومن إلا نفسه من الوضح ".

ضعيف.

رواه البغوي في " حديث علي بن الجعد " (171 / 2) : حدثنا علي حدثنا عبد العزيز بن عبد الله عن عون مولى أم حكيم عن الزهري مرفوعا.

قلت: وهذا إسناد ضعيف، فإنه مع إرساله، فيه جهالة، عون هذا - وهو مولى أم حكيم ابنة يحيى بن الحكم المديني - قال ابن أبي حاتم (3 / 1 / 386) : " عون مولى أم حكيم امرأة هشام بن عبد الملك، روى عن الزهري. روى عنه الماجشون وابن أبي ذئب وابنه محمد بن عون ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا والحديث علقه البغوي في " شرح السنة " (3 / 364) نحوه، فقال: " وروي عن عون مولى لأم حكيم عن الزهري.. ". وقد مضى موصولا برقم (1524) من طريق أخرى عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعا، دون الطلي يوم السبت.

1673 - " لا قطع في زمن مجاعة ".

ضعيف.

رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 319) عن عامر بن إبراهيم بن عامر بن إبراهيم: حدثنا أبي وعمي عن جدي حدثنا زياد بن طلحة عن مكحول عن أبي أمامة مرفوعا. أورده في ترجمة زياد هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وكذلك بيض له أبو الشيخ

ابن حيان في " طبقات الأصبهانيين " (119 / 95) . وأما عامر بن إبراهيم بن عامر فقال في ترجمته (2 / 38) : إنه ثقة توفي سنة (306) . وجده عامر بن إبراهيم ترجمه (2 / 36) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وعلى كل حال فزياد هذا مجهول، لم أره عند غير أبي نعيم، فهو علة الحديث، ولا يفيده أنه تابعه عبد القدوس عن مكحول به. أخرجه الخطيب (6 / 261) من طريق زيد بن إسماعيل الصائغ: حدثنا أبي حدثنا عبد القدوس عن مكحول به.

أقول: لا يفيده هذا لأنه إسناد مظلم، أورده في ترجمة والد زيد هذا وهو إسماعيل بن سيار بن مهدي، ولم يذكر في ترجمته جرحا ولا تعديلا، ولا أي شيء سوى هذا الحديث، مما يشعر بأنه مجهول. ومثله ابنه زيد، فإني لم أجد له ترجمة. وأما عبد القدوس وهو ابن حبيب الشامي، فهو متهم بالكذب.

1674 - " ابنوا المساجد، واتخذوها جما ".

ضعيف.

رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (1 / 100 / 2) وأبو عثمان النجيرمي في " الفوائد " (19 / 2) والبيهقي (2 / 439) عن هريم عن ليث عن أيوب عن أنس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف، قال عبد الحق في " الأحكام " (35 / 1) : " ولم يتابع ليث على هذا وهو ضعيف، وغيره يرويه عن أيوب عن عبد الله بن شقيق قوله ". قلت: وهريم - بالتصغير - صدوق من رجال الشيخين. وتابعه أبو حمزة السكري عند ابن عدي في " الكامل " (ق 339 / 2) ، والبيهقي.

وتابعه أيضا زياد بن عبد الله البكائي عند أبي نعيم في " حديث الكديمي وغيره " (35 / 2) .

1675 - " ابنوا المساجد، وأخرجوا القمامة منها، فمن بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة، قال رجل: وهذه المساجد التي تبنى في الطريق؟ قال: نعم، وإخراج القمامة منها مهو ر حور العين ".

ضعيف.

رواه الطبراني (1 / 119 / 2) : حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة: أخبرنا أيوب بن علي حدثنا زياد بن سيار عن عزة بنت عياض قالت: سمعت أبا قرصافة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. قلت: وهذا إسناد

مظلم، من دون أبي قرصافة ليس لهم ذكر في شيء من كتب الرجال، حاشا محمد بن الحسن بن قتيبة، فإنه حافظ ثقة ثبت كما في " الشذرات " (2 / 261) وقد تابعه الحافظ ابن جوصا عند ابن عساكر (2 / 27 / 1) وغيره عند أبي بكر الشافعي في " الفوائد " (2 / 23 / 2) وابن منده في " المعرفة " (2 / 259 / 1) . وقال الهيثمي في " المجمع " (2 / 9) بعدما عزاه للطبراني: " وفي إسناده مجاهيل ". وذكره السيوطي في " اللآلىء " (2 / 240) شاهدا لحديث يأتي بلفظ: " كنس المساجد مهو ر الحور العين ". وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى برقم (4147) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فهرس كتاب اعلام الموقعين لابن القيم

إعلام الموقعين/فهرس الجزء الأول [[إعلام الموقعين/الجزء الأول#نوعا التلقي عنه ﷺ|نوعا التلقي عنه ﷺ]] إخراج المتعصب عن زمرة العلماء فصل حفاظ ال...